عناصر الموضوع
العطاء
أولاً: المعنى اللغوي:
أصل مادة (عطو) تدل على أخذ ومناولة، فالعطو: التناول باليد، ومنه اشتق الإعطاء، والمعاطاة: المناولة1.
والعطاء والعطية: اسم لما يعطى، والجمع عطايا وأعطية، وأعطيات جمع الجمع، والاسم العطاء2.
قال الراغب: «والإعطاء: الإنالة، قال تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ) [التوبة: ٢٩].
واختص العطية والعطاء بالصلة، قال تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [ص: ٣٩]» 3.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
قال ابن العربي: «حقيقة العطاء: هي المناولة، وهي في اللغة والاستعمال عبارة عن كل نفع أو ضر یصل من الغیر إلى الغیر»4.
وقال المناوي: «العطاء: التناول، والمعاطاة: المناولة، لكن استعملها الفقهاء في مناولة خاصة»5.
يتبين مما سبق أن المعنى الاصطلاحي لا یخرج عن المعنى اللغوي.
وردت مادة (عطو) في القرآن الكريم(٢٣) مرة6.
والصيغ التي وردت عليها هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
الفعل الماضي |
٦ |
(ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [الليل:٥] |
الفعل المضارع |
٣ |
(ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الضحى:٥] |
المصدر |
٥ |
(ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [هود:١٠٨] |
وجاء (العطاء) في الاستعمال في القرآني بمعناها اللغوي، وهو: الإعطاء والإنالة والمناولة7، ومن ذلك قوله تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ) [التوبة: ٢٩].
الرزق:
الرزق لغة:
الرزق: مصدر رزق يرزق رزقًا «فالرزق بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم» وجمعه أرزاق، والرزق: العطاء، وقد يسمى المطر رزقًا، قال تعالى:(ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الجاثية: ٥]8 .
الرزق اصطلاحًا:
الرزق: هو العطاء الجاري تارةً دنيويًّا كان أم أخرويًّا، وللنصيب تارة، ولما يصل إلى الجوف ويتغذى به تارة، يقال: أعطى السلطان رزق الجند، ورزقت علمًا 9 .
الصلة بين الرزق والعطاء:
نجد أن الرزق عند أهل اللغة مجتمع على أنه ما بين العطاء وما ينتفع به مما يؤكل.
الجود:
الجود لغة خلاف البخل10، وجاد الرجل بماله يجود جودًا بالضم، فهو جوادٌ، وقيل: الجواد هو الذي يعطي بلا مسألة؛ صيانة للآخذ من ذل السؤال11.
الجود اصطلاحًا:
قال الجرجاني: «الجود صفة، هي مبدأ إفادة ما ينبغي لا بعوض»12.
وقيل: هو «صفةٌ تحمل صاحبها على بذل ما ينبغي من الخير لغير عوض»13.
الصلة بين الجود والعطاء:
الجود كثرة العطاء من غير سؤال، من قولك: جادت السماء، إذا جادت بمطر غزير14.
البذل:
البذل لغة:
بذل الشيء: أعطاه وجاد به، والبذل نقيض المنع، وكل من طابت نفسه لشيءٍ فهو باذلٌ، ورجلٌ بذال، وبذول: إذا كثر بذله للمال. يقال: بذل له شيئًا، أي: أعطاه إياه15
البذل اصطلاحًا:
قال المناوي: «البذل: الإعطاء عن طيب نفس»16.
الصلة بين البذل والعطاء:
يظهر من تعريف البذل أنه إعطاء عن طيب نفس، وعليه فالعطاء أعم.
تحدث القرآن الكريم عن العطاء الإلهي، وتكمن محاور هذا الحديث في النقاط الآتية:
أولًا: تفرد الله عز وجل بالعطاء:
قال تعالى عن موسى عليه السلام وهو يصف عطاء الربوبية: (ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ) [طه: ٥٠].
يخبرتعالى أن موسى عليه السلام قال في رده على فرعون: يا فرعون ربنا وربك هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي أعطى كل مخلوق من مخلوقاته، وكل شيء من الأشياء، الصورة التي تلائمه، والهيئة التي تتحقق معها منفعته ومصلحته، ثم هداه إلى وظيفته التي خلقه من أجلها، وأمده بالوسائل والملكات التي تحقق هذه الوظيفة.
فالله عز وجل أعطى الخلائق كل شيء يحتاجون إليه، ثم هداهم إلى طريق استعماله والانتفاع به17.
والله سبحانه هو المتفرد وحده بالعطاء، فهو الذي أعطى خلقه كل شيء يحتاجون إليه في معاشهم، ثم هداهم إلى طرق الانتفاع بما أعطاهم، كما أعطى كل نوع من أنواع خلقه الصورة التي تناسبه، والشكل الذي يتناسب مع جنسه.
ثانيًا: العطاء الدنيوي:
عطاء الله لا يحصى ولا يعد، وفي هذه الأسطر يتم الحديث عن أهم العطاء الدنيوي للإنسان.
١. نعمة الخلق.
قال تعالى: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ¹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [الإنسان: ١-٢].
من أعظم النعم التي أنعم الله عز وجل بها على الإنسان نعمة الخلق، ففي الآيتين السابقتين يذكر الله عز وجل الإنسان بأنه جاء عليه وقت غير محدد من الزمان، لم يكن هذا الإنسان في ذلك الحين من الدهر شيئًا مذكورًا من بين أفراد جنسه، وإنما كان شيئًا غير موجود إلا في علم الله عز وجل، ثم أوجده سبحانه بعد ذلك من نطفة فعلقة فمضغة، ثم أنشأه سبحانه بعد ذلك خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين18.
وقال تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [النحل: ٤].
في هذه الآية يذكر الحق تعالى الإنسان كيف خلقه من نطفه عندما كان في أول أمره، ثم خلق النطفة في الرحم، وتطورت تلك النطفة إلى أن أخرجه بشرًا سويًّا، أخرجه رجلًا كاملًا 19.
وقال تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [الرعد: ١٦].
أي: هو الخالق لكل شيء في هذا الكون، وهو سبحانه الواحد الأحد الفرد الصمد، القهار لكل ما سواه، والغالب لكل من غالبه20.
ومنها أيضًا قوله تعالى: (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ) [الإسراء: ٩٩].
وغيرها من هذه الآيات.
٢. الرزق.
قال تعالى: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ * ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ) [يونس: ٣١-٣٢].
في هاتين الآيتين محاججة للمشركين الذين جعلوا مع الله إلهًا آخر، والاستفهام في الآية تقريري، من فوائده إلجاء المشركين المخاطبين في هذه الآية بما تقره عقولهم، إذ أنهم كانوا يقرون في ضمائرهم، ويقتنعون بقلوبهم أن الرازق هو الله وحده، ولا رازق غيره، والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: من الذي يرزقكم من السماء بالأمطار وما يتولد عنها، ومن الأرض وما يخرج منها من نباتات وأشجار، وغير ذلك مما تخرجه الأرض21.
وقال تعالى: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [هود: ٦].
قال الألوسى: «الدابة اسم لكل حيوان ذي روح، ذكرًا كان أو أنثى، عاقلًا أو غيره، مأخوذ من الدبيب وهو في الأصل المشي الخفيف»22.
والمعنى: وما من شيء يدب على الأرض، إلا على الله تعالى غذاؤه ومعاشه، فضلًا منه سبحانه وكرمًا على مخلوقاته. وقدم سبحانه الجار والمجرور «ﭘ ﭙ» على متعلقه وهو (ﭚ)؛ لإفادة القصر، أي: على الله وحده لا على غيره رزقها ومعاشها23.
وقال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [الذاريات: ٥٨].
أي: إن الله عز وجل هو الرزاق ولا رازق سواه، وكل رزق إنما هو رازقه، وما من عطاءٍ إلا وهو الذي أعطاه24.
[انظر: الرزق: حقيقة الرزق وتنوع صوره]
ثالثًا: العطاء الأخروي:
هناك آيات تحدثت عن عطاء الله عز وجل في الآخرة، في حق النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء بشكل عام، وفي حق المؤمنين.
قال تعالى: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂS ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [الضحى: ٤-٥].
يبشر الحق تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن الدار الآخرة وما أعده الله له فيها من نعيم لا يحيط به وصف، خير له من دار الدنيا التي أعطيناه فيها ما أعطيناه فيها من نبوة وكرامة ومنازل عالية، وخلق كريم، وفضلًا عن كل ذلك فسوف يعطيه ربك من خيرى الدنيا والآخرة كل ما يسعدك ويرضيك من نصر عظيم، وفتح مبين، وتمكين في الأرض، وإعلاء لكلمة الحق على يدك، وعلى أيدى أصحابك الصادقين، ومنازل عظمى في الآخرة لا يعلم مقدارها إلا الله تعالى، كالمقام المحمود، والشفاعة، والوسيلة؛ وبذلك يرضى رضاء تامًا بما أعطاه سبحانه من نعم ومنن25.
وجيء بحرف الاستقبال في قوله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ)؛ لإفادة أن هذا العطاء مستمر غير مقطوع، وحذف المفعول الثاني في قوله: (ﮅ)، ليعم كل وجوه العطاء التي يحبها صلى الله عليه وسلم، أي: ولسوف يعطيك ربك عطاء يرضيك رضاء تاما، والتعبير بقوله (ﮇ) المشتمل على فاء التعقيب؛ للإشعار بأنه عطاء عاجل النفع، وأنه سيأتى إليه صلى الله عليه وسلم في وقت قريب، وقد أنجز سبحانه وعده26.
قال الجمل: « وقوله: (ﮄ ﮅ) هذا وعد شامل لما أعطاه الله تعالى له من كمال النفس، وظهور الأمر، وإعلاء الدين واللام لام الابتداء، والمبتدأ محذوف، أى: ولأنت سوف يعطيك ربك، وليست لام القسم، لأنها لا تدخل على المضارع، إلا مع نون التوكيد 27
وقال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ) [الكوثر: ١].
الكوثر: فوعل من الكثرة، مثل النوفل من النفل، ومعناه: الشيء البالغ في الكثرة حد الإفراط، والعرب تسمي كل شيء كثر عدده، وعظم شأنه: كوثرًا، وقد قيل لأعرابية بعد رجوع ابنها من سفر: بم آب ابنك؟ قالت: آب بكوثر. أي: بشيء كثير28.
قال الإمام القرطبي ما ملخصه: «واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم على ستة عشر قولا: الأول: أنه نهر في الجنة، الثاني: أنه حوض للنبي صلى الله عليه وسلم في الموقف يوم القيامة، الثالث: أنه النبوة والكتاب، الرابع: أنه القرآن، الخامس: الإسلام، ثم قال- رحمه الله- قلت: أصح هذه الأقوال الأول والثاني؛ لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص في الكوثر وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه صلى الله عليه وسلم زيادة على حوضه »29.
وافتتح سبحانه الكلام بحرف التأكيد، للاهتمام بالخبر، وللإشعار بأن المعطى شيء عظيم، أى: إنا أعطيناك بفضلنا وإحساننا- أيها الرسول الكريم- الكوثر، أي: الخير الكثير الذي من جملته هذا النهر العظيم، والحوض المطهر، فأبشر بذلك أنت وأمتك، ولا تلتفت إلى ما يقوله أعداؤك في شأنك30.
وفي موضع آخر نجد التعبير القرآني قد تحدث عما أعده الله عز وجل لأنبيائه أيضًا.
قال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [مريم: ٥٨].
أي: ومن جملة من أنعم الله عليهم، أولئك الذين هديناهم إلى طريق الحق واجتبيناهم واخترناهم لحمل رسالتنا ووحينا، فهنا نرى أن الله تعالى قد جمع لهؤلاء المنعم عليهم جملة من المزايا منها: أعمالهم الصالحة، ومناقبهم الحميدة التي سبق الحديث عنها، ومنها: كونهم من نسل هؤلاء المصطفين الأخيار، ومنها أنهم ممن هداهم الله تعالى واصطفاهم لحمل رسالته31.
وقد بين سبحانه في سورة النساء من أنعم عليهم بصورة أكثر شمولًا، فقال: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [النساء: ٦٩].
والمعنى: ومن يطع الله بالانقياد لأمره ونهيه، ويطع الرسول في كل ما جاء به من ربه فأولئك المطيعون مع الذين أنعم الله عليهم بالنعم التي تقصر العبارات عن تفصيلها وبيانها، وأولئك المتصفون بتمام الطاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، يكونون يوم القيامة في صحبة الأنبياء الذين أرسلهم الله مبشرين ومنذرين فبلغوا رسالته ونالوا منه سبحانه أشرف المنازل32.
وقال تعالى: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ) [هود: ١٠٨].
قال الطبري: «قال أبو جعفر: واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والحجاز والبصرة وبعض الكوفيين: «وأما الذين سعدوا»، بفتح السين، وقرأ ذلك جماعة من قراء الكوفة: (ﯼ ﯽ ﯾ)، بضم السين، بمعنى: رزقوا السعادة.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصواب، فإن قال قائل: وكيف قيل: (ﯾ)، فيما لم يسم فاعله، ولم يقل: «أسعدوا»، وأنت لا تقول في الخبر فيما سمي فاعله: «سعده الله»، بل إنما تقول: «أسعده الله»؟
قيل: ذلك نظير قولهم: «هو مجنون » و«محبوب»، فيما لم يسم فاعله، فإذا سموا فاعله قيل: «أجنه الله »، و«أحبه»، والعرب تفعل ذلك كثيرًا، وتأويل ذلك: وأما الذين سعدوا برحمة الله، فهم في الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض»33.
فالذين سعدوا هم أهل السعادة، وهم أتباع الرسل، فمأواهم الجنة، (ﰁ ﰂ)، أي: ماكثين فيها أبدًا، مدة دوام السماء والأرض، بمشيئة الله تعالى، عطاءً غير منقطع ولا ممنوع، ولكنه ممتد إلى غير نهاية34.
ينقسم العطاء الإلهي إلى قسمين، عطاء عام لجميع الخلائق، وعطاء خاص يكون لبعض الناس كالأنبياء والمرسلين والمؤمنين، وسيتم الحديث عن ذلك في النقاط الآتية:
أولًا: العطاء العام:
وهذا العطاء یكون للخلائق جميعًا.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [الإسراء:١٨-٢٠].
قال الطبري: «يمد ربك يا محمد كلا الفريقين من مريدي العاجلة، ومريدي الآخرة، الساعي لها سعيها وهو مؤمن في هذه الدنيا من عطائه، فيرزقهما جميعا من رزقه إلى بلوغهما الأمد، واستيفائهما الأجل ما كتب لهما، ثم تختلف بهما الأحوال بعد الممات، وتفترق بهما بعد الورود المصادر، ففريق مريدي العاجلة إلى جهنم مصدرهم، وفريق مريدي الآخرة إلى الجنة مآبهم.
(ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) يقول: وما كان عطاء ربك الذي يؤتيه من يشاء من خلقه في الدنيا ممنوعا عمن بسطه عليه لا يقدر أحد من خلقه منعه من ذلك، وقد آتاه الله إياه، وإن الله عز وجل قسم الدنيا بين البر والفاجر، والآخرة خصوصا عند ربك للمتقين»35.
فالعطاء هنا هو تمكين العبد من الفعل ومنحه القدرة والاستطاعة، كل على حسب رزقه وقضاء الله وقدره، وإن الله تبارك وتعالى یمد بعطائه في الدنيا أهل طاعته، وأهل معصیته، حتى الكافرین به والجاحدین له، فهذا النص یفسر الظاهرة المشهودة في دنیا الناس، فبین أن الله تبارك وتعالى یمد عباده بالعطاء غیر المحظور، أي: الذي لا تستطیع منعه قوة غیر قوة الله. فهو یمد أهل الدنیا الذین یریدون العجلة، ولكن مالهم في الآخرة من نصیب، بل لهم فیها العذاب جزاء كفرهم وعصیانهم، ویمد بعطائه طلاب الآخرة، ویدخر لهم العطاء الأَجَلَّ الأعظم یوم القیامة، فیمنحهم بذلك عطاء الدنیا وعطاء الآخرة، فضلًا منه وكرمًا36.
أما عطاء الدنیا فمشمول بقانون الابتلاء، الذي یخضع له المؤمنون والكافرون على سواء، وأما عطاء الآخرة فهو عطاء الفضل العظیم، الذي یحرم من یحرم منه ضمن قانون الجزاء.
قال تعالى: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ) [هود: ١٠٨] (ﰍ ﰎ) أي: غیر مقطوع، والجذ في اللغة القطع37.
وقد زاد الله في فضله وٕإكرامه، فسمى هذا العطاء أجرًا، مع أنه في الحقیقة والواقع من محض فضله وجوده، فقال الله تعالى: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [فصلت: ٨]. (ﮜ ﮝ) أي: غیر مقطوع38.
ونظیره قوله تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [التين: ٤-٦].
ثانيًا: العطاء الخاص:
ومن ذلك:
١. تسخير الرياح والجن لسليمان عليه السلام.
قال تعالى: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ¬ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ¶ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ¼ﯫ ﯬ ﯭ ﯮÁ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [ص: ٣٥ -٣٩].
من العطاء الخاص لسليمان عليه السلام أن الله تعالى سخر له الريح تجري بأمره حيث يريدها؛ لأنها تحمل بساطه أو سفينته الهوائية التي غدوها شهر ورواحها شهر (ﯢ) أي: لينة (ﯣ ﯤ) أي: أراد، كما سخر له شياطين الجن منهم البناء الذي يقوم بالبناء للدور والمصانع، ومنهم الغواص في أعماق البحر لاستخراج اللآلئ، ومنهم من إذا عصاه وتمرد عليه جمع يديه إلى عنقه بصفد ووضعه تحت الأرض.
وقوله تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) أي: أعطيناه ما طلب منا وقلنا له: هذا عطاؤنا لك (ﯲ) أي: أعط ما شئت لمن شئت وامنع ما شئت عمن شئت بغير حساب منا عليك، وفوق هذا وإن لك عندنا يوم القيامة للقربة وحسن المرجع39.
٢. استجابة دعوة زكريا عليه السلام برزقه الولد.
وكذلك في دعاء نبي الله زكریا عليه السلام فحقق الله مطلبه وأعطاه ما یتمناه في قوله تعالى: (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺK ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄU ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [مريم: ٥ -٧].
يجتهد زكريا عليه السلام في الدعاء بأن يرزقه الله الولد، لا من أجل شهوة دنيوية، وإنما من أجل مصلحة الدين والخوف من تضييعه وتبديله والحرص على من يرثه في علمه ونبوته، ويكون مرضيًّا عنده عز وجل، والمعنى: وإني- يا إلهى- قد خفت ما يفعله أقاربي (ﭱ ﭲ) أي: من بعد موتى، من تضييع لأمور الدين، ومن عدم القيام بحقه.
(ﭳ ﭴ ﭵ) لا تلد قط في شبابها ولا في غير شبابها.
(ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) أي: من عندك (ﭺ) أي: ولدًا من صلبي، هذا الولد يرثني في العلم والنبوة ويرث أيضًا من آل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم العلم والنبوة والصفات الحميدة، واجعله يا رب رضيًّا.
وفي قوله: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) اعتراف عميق بقدرة الله تعالى؛ لأن مثل هذا العطاء لا يرجى إلا منه عز وجل، بعد أن تقدمت بزكريا السن، وبعد أن عهد من زوجه العقم وعدم الولادة40.
٣. عطاء المؤمنين في الآخرة.
قال تعالى: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [النبأ: ٣٦].
بعد أن سرد الله عز وجل ما أعده لعباده المتقين من نعيم، يبين أن هؤلاء المتقين كوفئوا مكافأة صادرة من ربك على سبيل العطاء، أي: الإحسان والتفضل، حتى شبعوا واكتفوا، فقوله: (ﭩ) صفة للعطاء وهو بمعنى كاف، فهو مصدر أقيم مقام الوصف، من قولهم: أحسبه الشيء، إذا كفاه حتى قال حسبي، أى: كافينى41.
قال الزمخشري: «و(ﭩ) صفة بمعنى كافيًا، من أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال: حسبي، ويصح أن يكون قوله حسابًا معناه محسوبًا، أي: كافأهم الله تعالى على أعمالهم الحسنة في الدنيا مكافأة محسوبة، على قدر أعمالهم الطيبة»42
تتنوع المجالات التي يشملها العطاء، ففي هذا المبحث سنتطرق إلى أهم المجالات التي يدخل فيها العطاء في النقاط الآتية:
أولًا: النفس:
قال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ)[التوبة: ١١١].
تدل على أن هناك صفقة- عملیة شراء وبیع- وٕان كان هذا ملكا لله، فالله هو المشتري، والله هو البائع، فلابد أن لهذا الأمر رمزیة، وهذه الرمزیة یلحظها الإنسان في الولي على الیتیم أو السفیه، فقد یصح أن یكون عندي شيء وأنا ولي على یتیم، فأشتري هذا الشيء بصفتي، ثم أبیعه بصفتي الأخرى، فالشخص الواحد یكون هو الشاري وهو البائع.
فكأن الله یضرب لنا بهذا المثل: «إنكم بدون منهج الله سفهاء، فدعوا الله یبیع ودعوا الله یشتري»، وما الثمن ؟: یأتي التحدید من الحق (ﯞ ﯟ ﯠ) هذا هو الثمن الذي لا یفنى ولا یبلى، ونعیمك فیها على قدر إمكانیات الله التي لا نهایة لها، أما نعیمك في حیاتك فهو على قدر إمكانیاتك أنت في أسباب الله، وهكذا یكون الثمن غالیًا43.
قال أبو السعود: «الآية الكريمة ترغيب للمؤمنين في الجهاد، وقد بولغ في ذلك على وجه لا مزيد عليه، حيث عبر عن قبول الله تعالى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم التي بذلوها في سبيله تعالى وإثابته إياهم بمقابلتها الجنة بالشراء على طريقة الاستعارة التبعية. ثم جعل المبيع - الذي هو العمدة والمقصد في العقد - أنفس المؤمنين وأموالهم، والثمن - الذي هو الوسيلة في الصفقة - الجنة.
ولم يجعل الأمر على العكس بأن يقال: إن الله باع الجنة من المؤمنين بأنفسهم وأموالهم؛ ليدل على أن المقصد في العقد هو الجنة، وما بذله المؤمنون في مقابلتها من الأنفس والأموال وسيلة إليها، إيذانا بتعليق كمال العناية بهم وبأموالهم، ثم إنه لم يقل «بالجنة» بل قال: (ﯞ ﯟ ﯠ) مبالغة في تقرر وصول الثمن إليهم واختصاصه بهم، فكأنه قيل: بالجنة الثابتة لهم، المختصة بهم44.
ومن الأمور العظيمة في هذا المجال من العطاء هو إيثار الغير على نفسك مصداقًا لقول الحق تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ) [الحشر: ٩].
والإيثار معناه: أن يؤثر الإنسان غيره على نفسه، على سبيل الإكرام والنفع. والخصاصة: شدة الحاجة، وأصلها من خصاص البيت، وهو ما يبقى بين عيدانه من الفرج والفتحات، أى: إن من صفات الأنصار أنهم كانوا يقدمون في النفع إخوانهم المهاجرين على أنفسهم، ولو كانوا في حاجة ماسة، وفقر واضح إلى ما يقدمونه لإخوانهم المهاجرين45.
ثانيًا: العلم:
المعطاء في هذا المجال هو الذي لا یدخر عنده علمًا ولا معرفة عمن یحسن الانتفاع بذلك، والبخیل هو الذي یحتفظ بمعارفه وعلومه لنفسه، فلا ینفق منها لمستحقیها، ضَنًّا بها ورغبة بالاستئثار.
قال تعالى: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [المائدة: ٦٧].
وبعض البخلاء بعطاء العلم إذا بذلوا منه شیئا فإنما یبذلون منه بقدر، كأنهم یخشون النفاد، مع أن المعارف والعلوم تربو بالعطاء، فهي تزید ولا تنقص؛ إلا أن دافع البخل في نفوسهم یجعلهم یضنون حتى في الأمور التي تزید ولا تنقص، فسوابق أوهام نفوسهم - التي سیطر علیها أن العطاء ینقص من الأشیاء التي یمتلكونها - هي التي جعلت نفوسهم تمتنع عن عطاء العلم وتبخل به، دون أن تنیر أجواء نفوسهم المظلمة بصیرة واعیة، أو تخفف من غواء أنانیتهم الضیقة أخلاق كریمة فاضلة 46.
قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة: ١٥٩].
أي: إن الذين يخفون عن قصد وتعمد وسوء نية ما أنزل الله على رسله من آيات واضحة دالة على الحق، ومن علم نافع يهدى إلى الرشد، من بعد ما شرحناه وأظهرناه للناس في كتاب يتلى، أولئك الذين فعلوا ذلك (ﮱ ﯓ) بأن يبعدهم عن رحمته (ﯔ ﯕ) أى: ويلعنهم كل من تتأتى منه اللعنة- كالملائكة والمؤمنين- بالدعاء عليهم بالطرد من رحمة الله لكتمانهم لما أمر الله بإظهاره47.
ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كامل الخلق، ومن كمال خلقه أنه جواد بعطاء ما یختصه الله به من معارف غیبیة لم یأمره بكتمها، وصفه الله بخلق الجود في هذا المجال، فقال تعالى: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜm ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣt ﮥ ﮦ ﮧx ﮩ ﮪ ﮫ| ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ¢ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [التكوير: ١٩- ٢٤].
ففي وصف الله لرسوله بأنه لیس بضنین على الغیب، أي:لیس بشحیح ولا بخیل بعطاء المعارف والعلوم الغیبیة التي یصطفیه الله بها، وإثبات لصفة جوده صلى الله عليه وسلم بعطاء العلم الذي یملك معرفته، ویسمح له ببذله48.
ثالثًا: المال:
المال هو كل ما یمتلك الإنسان من أشیاء ینتفع بها، كالذهب والفضة، والخیل، والأنعام، والحرث، وكل مأكول، أو مشروب، أو ملبوس، أو مركوب، أو مسكون، إلى غیر ذلك من أشیاء یصعب إحصاؤها.
قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [آل عمران: ١٤].
فالعطاء من المال في سبيل الله من أعظم القربات إلى الله عز وجل، ولقد امتدح الله تعالى الذين يجودون بأموالهم في سبيل الله تعالى في آيات كثيرة من القرآن الكريم.
قال تعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [البقرة: ٢٦١].
مثل صدقة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، كمثل حبة ألقيت في أرض طيبة، أصابها الغيث، فخرجت الحبة على هيئة زرع قوي جميل فأنبتت في الوقت المناسب لإنباتها سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، فهنا نرى أن الله عز وجل قد شبه حال الصدقة التي يبذلها المؤمن في سبيل الله فيكافئه الله تعالى عليها بالثواب العظيم، بحال الحبة التي تلقى في الأرض النقية فتخرج عودًا مستويًا قائمًا قد تشعب إلى سبع شعب، في كل شعبة سنبلة، وفي كل سنبلة مائة حبة.
وفي هذا التشبيه ما فيه من الحض على العطاء في وجوه الخير، ومن الترغيب في فعل البر ولا سيما النفقة في الجهاد في سبيل الله49.
وقال تعالى: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ * ﮬ ﮭ * ﮯ ﮰ) [الليل: ٥-٧].
فأما من أعطى حق الله تعالى، بأن أنفق من ماله في وجوه الخير: كإعتاق الرقاب، ومساعدة المحتاجين واتقى المحارم والمعاصي، وأيقن بالخصلة الحسنى، وهي الإيمان بكل ما يجب الإيمان به، أو أيقن بالملة الحسنى، وهي ملة الإسلام، أو بالمثوبة الحسنى وهي الجنة، فسنهيئه للخصلة التي توصله إلى اليسر والراحة وصلاح البال، بأن نوفقه لأداء الأعمال الصالحة التي تؤدي إلى السعادة50.
الأمور التي تبطل العطاء كثيرة في هذا المبحث، سنتعرف على أهم الأشياء التي تبطل العطاء كالمن والأذى والرياء وغيرها.
قال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [البقرة: ٢٦٤ ].
هذا نداء من الله تعالى للمؤمنين ينهاهم عن المن والأذى، لأنهما يؤديان إلى ذهاب الأجر من الله تعالى وإلى عدم الشكر من الناس، ثم أكد سبحانه هذا النهي عن المن والأذى بذكر مثلين فقال في أولهما: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ).
والمعنى: يا من آمنتم بالله تعالى لا تبطلوا صدقاتكم بأن تحبطوا أجرها، وتمحقوا ثمارها، بسبب المن والأذى، فيكون مثلكم في هذا الإبطال لصدقاتكم بسبب ما ارتكبتم من آثام، كمثل المنافق الذي ينفق ماله من أجل أن يرى الناس منه ذلك ولا يبغي به رضاء الله ولا ثواب الآخرة؛ لأنه كفر بالله، وكفر بحساب الآخرة.
وفي هذا التشبيه تنفير شديد من المن والأذى؛ لأنه سبحانه شبه حال المتصدق المتصف بهما في إبطال عمله بسببهما بحال هذا المنافق المرائي الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر 51.
وأما المثال الثاني فقال سبحانه: (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ).
والمعنى: يا أيها المؤمنون لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى فيكون مثلكم كمثل المنافق الذي ينفق ماله من أجل الرياء لا من أجل رضا الله، وإن مثل هذا المنافق في انكشاف أمره وعدم انتفاعه بما ينفقه رياء وحبًّا للظهور كمثل حجر أملس لا ينبت شيئا، ولكن عليه قليل من التراب الموهم للناظر إليه أنه منتج فنزل المطر الشديد فأزال ما عليه من تراب، فانكشف حقيقته، وتبين للناظر إليه أنه حجر أملس صلد لا يصلح لإنبات أي شيء عليه.
فالتشبيه في الآية الكريمة بين الذي ينفق ماله رياء وبين الحجر الكبير الأملس الذي عليه قدر رقيق من التراب ستر حاله، ثم ينزل المطر فيزيل التراب وتنكشف حقيقته ويراه الرائي عاريًا من أي شيء يستره، وكذلك المنافق المرائي في إنفاقه يتظاهر بمظهر السخاء أمام الناس ثم لا يلبث أن ينكشف أمره؛ لأن ثوب الرياء يشف دائما عما تحته، وإن لم يكشفه فإن الله كاشفه52.
ومن المفسرين من يرى أن التشبيه في الآية الكريمة بين المنفق الذي يبطل صدقته بالمن والأذى وبين الحجر الأملس، وأن الضمير في قوله: (ﯴ ﯵ ﯶ) يعود إلى هذا المبطل لصدقته بالمن والأذى. فيكون المعنى: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى فيكون مثلكم كمثل الحجر الأملس الذي عليه تراب كان يرجى أن يكون منبتا للزرع فنزل المطر فأزال التراب فبطل إنتاجه، فالمن والأذى يبطلان الصدقات ويزيلان أثرها النافع، كما يزيل المطر التراب الذي يؤمل منه الإنبات من فوق الحجر الأملس53.
ثم قال تعالى: (ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) أي: إن الذين يبطلون صدقاتهم بالمن والأذى، والذين يتصدقون رياءً ومفاخرة لا يقدرون على تحصيل شيء من ثواب ما عملوا؛ لأن ما صاحب أعمالهم من رياء ومن أذى محق بركتها، وأذهب ثمرتها، وأزال ثوابها.
والذي ينظر في هذه الآيات الكريمة يرى أن الله تعالى قد حذر المنفقين من المن والأذى في ثلاث آيات متواليات، كما حذرهم من الرياء، وساق أكثر من تشبيه لتقبيح الصدقات التي لا تكون خالصة لوجه الله، فلماذا كل هذا التشديد في النهى؟ والجواب عن ذلك: أن المن والأذى في الإنفاق كثيرًا ما يحصلان بسبب استعلاء كاذب، أو رغبة في إذلال المحتاج وإظهاره بمظهر الضعيف: وكلا الأمرين لا يليق بالنفس المؤمنة المخلصة، ولا يتلاقى مطلقًا مع الحكم التي من أجلها شرعت الصدقات.
بل إنه ليتنافر معها تنافرًا تامًّا؛ لأن الصدقات شرعها الله لتهذيب النفوس وتطهير القلوب، ولتربط بين الأغنياء والفقراء برباط المحبة والمودة والإخاء، فإذا ما صاحبها المن والأذى أثمرت نقيض ما شرعت له، لأنها تثير في نفس المعطي بسبب ذلك الكبر والخيلاء وغير ذلك من الصفات الذميمة، وتثير في نفس الآخذ شعورًا بالحقد والانتقام ممن أعطاه ثم آذاه وبذلك تنقطع الروابط، ويتمزق المجتمع، وتتحول المحبة إلى عداوة54.
ولقد تحدث الإمام الرازي عن الآثار السيئة للمن والأذى فقال: «وإنما كان المن مذموما لوجوه:
الأول: أن الفقير الآخذ للصدقة منكسر القلب لأجل حاجته إلى صدقة، فإذا أضاف المعطي إلى ذلك إظهار الإنعام زاد ذلك في انكسار قلبه فيكون في حكم المضرة بعد المنفعة، وفي حكم المسيء إليه بعد أن أحسن إليه.
والثاني: أن إظهار المن يبعد أهل الحاجة عن الرغبة في صدقته إذا اشتهر من طريق ذلك.
الثالث: أن المعطي يجب أن يعتقد أن هذه النعمة من الله تعالى عليه- وأن يعتقد أن لله عليه نعمًا عظيمة حيث وفقه لهذا العمل، ومتى كان الأمر كذلك امتنع عن أن يجعل ما ينفقه منة على الغير.
الرابع: أن المعطي في الحقيقة هو الله، ومتى اعتقد العبد ذلك استنار قلبه، أما إذا اعتقد غير ذلك فإنه يكون في درجة البهائم الذين لا يترقى نظرهم عن المحسوس إلى المعقول، وعن الآثار إلى المؤثر وأما الأذى فيتناول كل ذلك وغيره مما يسيء إلى الفقير بأن يقول له: فرج الله عنى منك، وأنت أبدا تأتى إلي بما يؤلم. إلخ»55
وجاء في الحديث عن أبى ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرارا قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)56.
والمنان: هو الذي لا يعطي شيئا إلا منه كما في رواية، وقيل: أي يمن بما يعطيه لغيره بأنه يذكر ولو لواحد، فالمبالغة غير شرط كأعطيت فلانا كذا وفلان يكره ذلك القول، فهي من المنة التي هي الاعتداد بالصنيعة، وهي إن وقعت في الصدقة أبطلت المثوبة، وإن وقعت في المعروف كدرت الصنيعة57.
ثمرات العطاء على الفرد والمجتمع
للعطاء فوائد وثمرات فردية واجتماعية عظيمة، ذكر الباحث أهمها:
١. تطهير النفس وتزكيتها من الأنانية.
قال تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ;ﭬ ﭭ ﭮ? ﭰ ﭱ ﭲ ﭳD ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الشمس: ٧ -١٠ ].
أي: أفلح من طهر نفسه من أدناس الرذائل الخلقية والسلوكية، وخاب من غمسها في هذه الأدناس، ومن هذه الرذائل المدنسة للنفس الإنسانية الشح والأنانية المفرطة المقيتة، ولذلك سميت الزكاة بهذا الاسم، فهي مطهرة للنفوس من دنس الشح والبخل والأنانية المفرطة، وهي أيضًا مطهرة للمال من الحقوق المتعلقة به للفقراء والمساكين58.
ولما في العطاء من تزكية للنفس، قال تعالى: (ﯮ ﯯ ﯰÃ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [الليل: ١٤ -١٨].
وهذه التزكية لا تكون إلا بمخالفة أهواء النفس وشهواتها، وقضية مخالفة أهواء النفوس يمكن أن تكون بتحويل ذكي فيه ارتقاء وشيء من المشقة عند الصعود، ولكن في هذا الارتقاء الشاق لذات لا يظفر بها من اتبعوا أهواء نفوسهم، المنحدرين إلى أدناس الأخلاق وقبائح السلوك، مما يجدون فيه بعض متع زائلة منغصة بالأكدار والآلام59.
٢. يعود الفرد على الإيثار.
ويتضح ذلك من خلال قوله تعالى: (ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [الحشر: ٩].
إن تربية النفوس على حب العطاء إقامة سد واق يمنع الأنفس عن الجنوح الخطير في مجال حب التملك والأثرة، فإنه متى جنحت النفس هذا الجنوح الخطير كان حب التملك غاية بنفسه، وليس مجرد وسيلة لتحقيق منافع الحياة ومصالحها، وعندئذ يستأثر بالإنسان داء الجمع والمنع، حتى يعيش حياته كلها جَمَّاعًا للمال، دون أن ينتفع بما يجمع منه، ثم تأخذ يد المنون فتعزله عن وظيفة حارس صندوق أو خازن مال، ليلقى حسابه العسير على ما جمع ومنع، فلا هو انتفع ولا هو نفع60.
٣. التعاون على البر والتقوى.
قال تعالى: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [ المائدة: ٢].
قال القرطبي: «ندب الله تعالى إلى التعاون بالبر، وقرنه بالتقوى له، لأن في التقوى رضا الله، وفي البر رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته»61، فالعطاء هو أحد أنواع البر بين الناس.
إن اكتساب العطاء يولد في الفرد شعورًا بأنه جزء من الجماعة وحب التعاون، وليس فردًا منعزلًا عنهم إلا في حدود مصالحه ومسئولياته الشخصية، فهو بهذا الشعور النبيل يجد نفسه مدفوعًا إلى مشاركتهم في عواطفهم مشاركة وجدانية ومشاركة مادية، فيفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ويتألم عندما يتألمون، وينشرح صدره إذا وجدهم منشرحين، ويساهم معهم في الأعمال العامة، ويعين منهم ذا الحاجة بجسمه، أو ماله، أو شفاعته في الحق، أو عواطفه ومشاعره وتعبيراتها62.
ومتى كان هذا المعنى متبادلًا بين أفراد الجماعة استطاعت أن تمثل في واقعها معنى الجسدية الواحدة للجماعة، التي إذا اشتكى عضو منها تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، كما جاء في الحديث الصحيح من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه شيءٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)63
أبرز النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عنصرين رئيسين، وهما:
الأول: التواد، أي: التحابب، وهذا العنصر بمثابة الروح التي تسري في الأجساد المادية، فتعقد الصلة التامة بين أعضاء الجسد السارية فيه، حتى يشعر كل عضو بأنه جزء لا يتجزأ من وحدة كلية.
الثاني: التراحم، وهذا العنصر يبرز بالمشاركة الوجدانية والمادية في الآلام والمسرات، والأحزان والأفراح، وهذه المشاركة صورتها العطاء، وحقيقتها الانفعال العاطفي النبيل نحو الآخرين.
وإذا كان التواد بمثابة الروح التي تسري في الأجساد، فإن عنصر التراحم بمثابة الأغذية التي تمد الأجساد بشروط الحياة للمحافظة على بقاء الروح فيها 64.
٤. التعود على نيل درجة البر ورضا الرحمن عز وجل.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [ آل عمران: ٩٢].
فالعطاء بشتى أنواعه - لاسيما العطاء مما يحب الإنسان - يوصله إلى رضا الرحمن تبارك وتعالى، والمعنى: لن تنالوا حقيقة البر، ولن تبلغوا ثوابه الجزيل الذي يوصلكم إلى رضا الله، وإلى جنته التي أعدها لعباده الصالحين، إلا إذا بذلتم مما تحبونه وتؤثرونه من الأموال وغيرها في سبيل الله65.
موضوعات ذات صلة: |
الإنفاق، البر، التطوع، الخير، الرزق، الزكاة، العلم، المَنّ |
1 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/٣٥٤.
2 لسان العرب ١٥/٦٩.
3 المفردات ص ٥٧٢.
4 أحكام القرآن ٤/٤٠٥.
5 التوقيف على مهمات التعاريف ص ٢٤٣.
6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبدالباقي ص ٤٦٤.
7 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٥٧٢.
8 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٠/١١٥، مختار الصحاح، الرازي ١/١٢١.
9 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٥١.
10 مجمل اللغة، ابن فارس ص ٢٠٢.
11 انظر: الصحاح في اللغة، الجوهري ٢/٤٦١، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص١٤٨٩، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ٢/٧٨٤.
12 التعريفات ص٧٩.
13 المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ص ١٤٦.
14 الفروق اللغوية، العسكري ص٣٥٣.
15 العين، الفراهيدي ٨/١٨٧، تهذيب اللغة، الأزهري ١٤/٣١٢، مختار الصحاح، الرازي ص ٣١.
16 التوقيف على مهمات التعاريف ص ٧٣.
17 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/٣١٦، الكشاف، الزمخشري ٣/٦٧.
18 انظر: تفسير السمرقندي، ٣/٥٢٥، معالم التنزيل، البغوي ٨/٢٨٩.
19 انظر: الوجيز، الواحدي ص١٢٥٧.
20 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٤٠٨.
21 انظر: تفسير الوسيط، الزحيلي ٢/٩٦٨.
22 روح المعاني، ٦/٢٠٣.
23 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٢/٥.
24 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٨١٣.
25 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي، ٣١/١٩٣، زاد المسير، ابن الجوزي ٤/٤٥٧.
26 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٩/٤٩٠.
27 حاشية الجمل على الجلالين، ٤/٥٥١.
28 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٤/٦٤٥.
29 الجامع لأحكام القرآن، ٢٠/٢١٦.
30 انظر: الكشاف، الزمخشري ٤/٨٠٦، إيجاز البيان، النيسابوري ٢/٨٩٣.
31 انظر: التفسير المنير، الزحيلي، ١٦/١٢٦، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٩٦.
32 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/١١٦.
33 جامع البيان، ١٥/٤٨٧.
34 انظر: التفسير الوسيط، طنطاوي ٧/٢٧٩، أيسر التفاسير، الجزائري ٢/٥٨٠.
35 جامع البيان، ١٧/٤١١.
36 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٦٢.
37 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٩/٩٤.
38 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٤/٢٤٠.
39 انظر: التفسير الوسيط، طنطاوي ١٢/١٥٧.
40 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ١٦/٤٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٢١١.
41 انظر: تفسير المراغي، ٣٠/١٥.
42 الكشاف، ٤/٦٩٠.
43 انظر: تفسير الشعراوي، ٩/٥٥٠٩.
44 إرشاد العقل السليم، ٤/١٠٥.
45 انظر: نظم الدرر، البقاعي ١٩/٤٣٤، لباب التأويل، الخازن ٤/٢٧١.
46 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/٢١٤.
47 انظر: الدر المصون، السمين الحلبي ٢/١٩٣.
48 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٣٣٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٧/٤٧٤.
49 انظر: الكشاف، الزمخشري ١/٣١٠، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٦٩١.
50 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٩٢٦، التفسير الوسيط، الزحيلي ٣/٢٨٨٦.
51 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٥٢١، تفسير السمرقندي ١/١٧٦.
52 انظر: تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين ١/٢٥٨، الكشف والبيان، الثعلبي ٢/٢٥٨.
53 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٣٥٧.
54 انظر: الكشاف، الزمخشري ١/٣١٢، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٣/٣١١.
55 مفاتيح الغيب، ٧/٤٣.
56 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، رقم١٠٦، ١/١٠٢.
57 انظر: شرح صحيح مسلم، النووي ٢/١١٤، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، الملا علي القاري ٥/١٩٠٩.
58 انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها ٢/٣٧٧.
59 انظر: زهرة التفاسير، أبو زهرة ١/٤٢٦٣.
60 انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها ٢/٣٧٧.
61 الجامع لأحكام القرآن، ٦/٤٧.
62 انظر: ظلال القرآن، سيد قطب ١/٧٤.
63 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين، رقم ٢٥٨٦، ٤/١٩٩٩.
64 انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها ٢/٣٧٦.
65 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٣/٣٠٥.