عناصر الموضوع

مفهوم العذاب

العذاب في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أنواع العذاب

الأسباب الموجبة للعذاب

استعجال العذاب

موانع العذاب

الحكمة من العذاب

العذاب

مفهوم العذاب

أولاً: المعنى اللغوي:

قال ابن فارس في مادة «عذب»: «العين والذال والباء أصل صحيح، لكن كلماته لا تكاد تقاس، ولا يمكن جمعها إلى شيء واحد، العذاب: يقال منه: عذب تعذيبًا، وناس يقولون: أصل العذاب الضرب، واحتجوا بقول زهير:

وخلفها سائق يحدو إذا خشيت نه العذاب تمد الصلب والعنقا

قال: ثم استعير ذلك في كل شدة»1.

وقال ابن منظور: «والعذاب: النكال والعقوبة، يقال: عذبته تعذيبًا وعذابًا، وكسره الزجاج على أعذبة، فقال في قوله تعالى: (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الأحزاب: ٣٠]؛ قال أبو عبيدة: تعذب ثلاثة أعذبة؛ قال ابن سيده: فلا أدري، أهذا نص قول أبي عبيدة، أم الزجاج استعمله، وقد عذبه تعذيبًا، ولم يستعمل غير مزيد»2.

وقال الفيروز آبادي: «والعذاب: النكال، أعذبة وقد عذبه تعذيبًا، وأصابه عذاب عذبين، كبلغين، أي: لا يرفع عنه العذاب»3.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

العذاب: «هو ألمٌ جسديٌ أو نفسيٌ شديد»4.

وقيل: «كل ما شق على النفس احتماله وآلمها»5.

وقيل:« كل مؤلم للنفس إذا كان جزاء على سوء»6.

بعد سرد أقوال علماء اللغة في معنى العذاب، نجد أن معنى العذاب في الاصطلاح لا يبتعد كثيرًا عن المعنى اللغوي، حيث يأتي العذاب بمعنى العقاب والنكال، وكل ما شق على النفس.

العذاب في الاستعمال القرآني

وردت مادة (عذب) الدالة على «العذاب» في القرآن الكريم (٣٧١) مرة7.

والصيغ التي وردت عليها هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٤

( ) [التوبة:٢٦]

الفعل المضارع

٣٧

( ) [العنكبوت:٢١]

اسم الفاعل

٤

( ) [الإسراء:١٥]

اسم المفعول

٤

( ) [الشعراء:٢١٣]

الاسم

٣٢٢

( ) [البقرة:٨٥]

ذكر بعض أصحاب الوجوه والنظائر أن (العذاب) في القرآن على تسعة أوجه8، وأوصلها بعضهم إلى عشرة أوجه9، ولكن بتدبر هذه الأوجه والرجوع إلى كتب التفسير نجد أن العذاب لم يخرج عن معناه اللغوي: وهو النكال والعقوبة10، أو اسمٌ لما استمر ألمه11.

قال الله سبحانه وتعالى: ( ) [المؤمنون: ٧٦].

أي: «ولقد أخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا، وأنزلنا بهم بأسنا وسخطنا، وضيقنا عليهم معايشهم، وأجدبنا بلادهم، وقتلنا سراتهم بالسيف » 12.

الألفاظ ذات الصلة

الألم:

الألم لغة:

أصل مادة (ألم) تدل على الوجع، يقال: وجع أليم13.

الألم اصطلاحًا:

هو الوجع الذي يلحق بالجسد، وينتج عن عقاب، أو مرض وما شابه14.

الصلة بين العذاب والألم:

«أن العذاب أخص من الألم، وذلك أن العذاب هو الألم المستمر، والألم يكون مستمرًا وغير مستمر، ألا ترى أن قرصة البعوض ألم وليس بعذاب، فإن استمر ذلك قلت عذبني البعوض الليلة، فكل عذاب ألم وليس كل ألم عذابًا15.

العقاب:

العقاب لغة:

مادة (عقب) لها أصلان صحيحان: أحدهما: يدل على تأخير شيء وإتيانه بعد غيره. والآخر: يدل على ارتفاع وشدة وصعوبة16.

العقاب اصطلاحًا:

العقاب: جزاء الشر17، أو هو ما يلحق الإنسان بعد الذنب من المحنة18.

الصلة بين العذاب والعقاب:

«أن العقاب ينبئ عن استحقاق، وسمي بذلك؛ لأن الفاعل يستحقه عقيب فعله، ويجوز أن يكون العذاب مستحقًا وغير متسحق 19.

التنكيل:

التنكيل لغة:

قال ابن منظور: «نكل به تنكيلًا إذا جعله نكالًا وعبرة لغيره، ويقال: نكلت بفلان إذا عاقبته في جرم أجرمه عقوبة تنكل غيره عن ارتكاب مثله، وأنكلت الرجل عن حاجته إنكالًا إذا دفعته عنها»20

التنكيل اصطلاحًا:

هو العقاب بما يروع ويردع ويجعله عبرةً ودرسًا لغيره21.

الصلة بين العذاب والتنكيل:

التنكيل هو جزء من العذاب، بل هو ناتج عن العذاب نفسه.

الجزاء:

الجزاء لغة:

المكافأة على الشيء22.

الجزاء اصطلاحًا:

هو الغناء والكفاية والمكافأة بالشيء وما فيه الكفاية من المقابلة إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، ومنه قوله تعالى: ( ) [لقمان: ٣٣]23.

الصلة بين الجزاء والعذاب:

الجزاء هو ما يناله الإنسان على عمله الشر من عذاب، فالعذاب ناتج عن الجزاء.

أنواع العذاب

يمكن تقسيم العذاب إلى نوعين رئيسين:

أولًا: عذاب حسي:

ذكر القرآن الكريم صورًا من العذاب الحسي الذي لحق وسيلحق بالكفار والعصاة، ومن تلك الصور:

١. الغرق والطوفان.

الذين عذبوا بالغرق والطوفان كثر، أذكر بعضًا منهم على سبيل المثال لا الحصر:

  1. قوم نوح.

    فقوم نوح عليه السلام هم أول قوم من الأقوام ينزل بهم هذا النوع من العذاب.

    قال تعالى: ( ) [العنكبوت:١٤].

    لقد مكث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله عز وجل، ولكنهم كذبوه، فأخذهم الطوفان، والحال أنهم كانوا مستمرين على الظلم والكفر، دون أن تؤثر فيهم مواعظ نبيهم ونذره، والطوفان: هو ما يطلق على كثرة وشدة السيل والريح والظلام، وقد غلب إطلاقه على طوفان الماء24.

    وقال تعالى: ( ) [نوح:٢٥].

    قال ابن كثير: «من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم أغرقوا فأدخلوا نارًا»25

  2. فرعون وجنوده.

    قال تعالى: ( ﮤﮥ ) [القصص: ٤٠].

    أي: فأخذنا فرعون وجنوده بالعقاب الأليم أخذًا سريعًا حاسمًا، فأغرقناه هو وجنوده في البحر فكانت عاقبتهم الإغراق الذي أزهق أرواحهم واستأصل باطلهم26.

  3. مملكة سبأ.

    قال تعالى: ( I ﭽﭾ ﭿ ) [سبأ: ١٦-١٧].

    والمعنى: فأعرض أهل سبأ عن شكرنا وطاعتنا، فكانت نتيجة ذلك، أن أرسلنا عليهم السيل الجارف، الذي اجتاح أراضيهم، فأفسد مزارعهم، وأجلاهم عن ديارهم، ومزقهم شر ممزق وبدلناهم بالجنان اليانعة التي كانوا يعيشون فيها، بساتين أخرى قد ذهبت ثمارها الطيبة اللذيذة، وحلت محلها ثمار مرة لا تؤكل، وتناثرت في أماكنهم الأشجار التي لا تسمن ولا تغنى من جوع، بدلا من تلك الأشجار التي كانت تحمل لهم ما لذ وطاب، وعظم نفعه27.

    ٢. الريح.

    وهذا النوع من العذاب لحق بقوم عاد لما كفروا بربهم.

    قال تعالى: ( ﮥ ﮦ ) [فصلت:١٥-١٦].

    أي: فأرسلنا على قوم عاد ريحًا شديدة الهبوب والصوت، وشديدة البرودة أو الحرارة في أيام نحسات أو مشؤومات نكدات عليهم بسبب إصرارهم على كفرهم وفعلنا ذلك معهم لنذيقهم العذاب المخزي لهم في الحياة الدنيا28.

    وبنفس المعنى في قوله تعالى: ( ) [الحاقة:٦].

    وقوله تعالى: ( ﮋﮌ ﮏﮐ ﮕﮖ ) [الأحقاف:٢٤].

    وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا رأى ريحًا كرهه وظهر ذلك في وجهه، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعًا ضاحكًا، حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم، قالت: وكان إذا رأى غيما أو ريحا، عرف ذلك في وجهه، فقالت: يا رسول الله أرى الناس، إذا رأوا الغيم فرحوا، رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ قالت: فقال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: ( ) [الأحقاف: ٢٤]29.

    ٣. الحاصب30.

    الذين عذبوا بهذا النوع من العذاب:

  1. قوم لوط.

    قال تعالى: ( ﭢﭣ ) [العنكبوت:٤٠].

    أي: فمن هؤلاء الكافرين من أهلكناه، بأن أرسلنا عليه ريحًا شديدة رمته بالحصباء فأهلكته31.

    قال القرطبي: «قوله: ( ) يعنى: قوم لوط، والحاصب ريح يأتى بالحصباء، وهي الحصى الصغار، وتستعمل في كل عذاب32.

    وبنفس المعنى في قوله تعالى: ( ﭿ ﮁﮂ ) [القمر:٣٤].

  2. أصحاب الفيل.

    قال تعالى: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ d ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ j ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ o ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ t ﮥ ﮦ ) [الفيل:١-٥].

    قوله تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) أي: من طين متحجر محرق، وعن عكرمة: كانت ترميهم بحجارة معها كالحمصة، فإذا أصاب أحدهم حجر منها، خرج به الجدري، وكان ذلك أول يوم رئي فيه الجدري بأرض العرب33.

    وهو الذي حذر الله المشركين منه، قال تعالى: ( ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ) [الملك:١٧].

    أي: بل أأمنتم- أيها الناس- من السماء، وهو الله عز وجل بسلطانه وقدرته، أن يرسل عليكم حاصبًا أى: ريحًا شديدة مصحوبة بالحصى والحجارة التي تهلك، فحينئذ ستعلمون عند معاينتكم للعذاب، كيف كان إنذاري لكم متحققًا وواقعًا وحقًا34، وبهذا المعنى في قوله تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [الإسراء:٦٨].

    ٤. الجوع والعطش وضيق الأرزاق.

    وهو ما عذب به قوم سبأ، قال تعالى: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [النحل:١١٢].

    أي: وجعل الله قرية موصوفة بهذه الصفات مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم بهذه النعم، فكان موقف أهل هذه القرية من تلك النعم الجليلة، أنهم جحدوا هذه النعم، ولم يقابلوها بالشكر، وإنما قابلوها بالإشراك بالله تعالى مسدي هذه النعم، فأذاق سبحانه أهلها لباس الجوع والخوف، بسبب ما كانوا يصنعونه من الكفر والجحود والعتو عن أمر الله ورسله35.

    وقال تعالى: ( ﯿ ) [الروم:٤١].

    قال ابن كثير: «بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي ليذيقهم بعض الذي عملوا»، وقال: «يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختبارًا منه على صنيعهم (ﰋ ﰌ) أي: عن المعاصي»36.

    وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: (أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا معشر المهاجرين خمسٌ إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين، وشدة المئونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم)37.

    ٥. الخسف38.

    وهو العذاب الذي لحق بقارون لما بغى وأفسد في الأرض، قال تعالى: ( ) [القصص:٨١].

    وقوله تعالى: () من الخسف وهو النزول في الأرض، يقال: خسف المكان خسفا- من باب ضرب- إذا غار في الأرض39.

    قال ابن كثير: «لما ذكر الله تعالى اختيال قارون في زينته، وفخره على قومه وبغيه عليهم، عقب ذلك بأنه خسف به وبداره الأرض، كما ثبت في الصحيح عند البخاري من حديث الزهري عن سالم أن أباه حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجلٌ يجر إزاره من الخيلاء، خسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)40»41.

    وهو أحد أنواع العذاب التي تكون في آخر الزمان كما في حديث عمران بن حصين حيث سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (في هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ)، فقال رجلٌ من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذاك؟ قال: (إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور)42.

    وقد حذر الله العصاة من هذا العذاب، فقال: ( ﭿ) [النحل:٤٥].

    وقال تعالى: ( ﭭﭮ ﭹﭺ ﭿ ) [سبأ:٩].

    ومن صور الخسف الزلازل التي تميد بالأرض فتخرب المدن بعد عمارها، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم أن الزلازل تكثر بين يدي الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تقتتل... وتكثر الزلازل)43.

    قال ابن حجر: «وقد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن الذي يظهر أن المراد بكثرتها شمولها ودوامها» 44

    ٦. المسخ.

    المسخ: هو تحويل صورة إلى ما هو أقبح منها45، أو هو كما قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: «تشويه الخلق والخلق، وتحويلهما من صورة إلى صورة، قال بعض الحكماء: المسخ ضربان: مسخ خاص يحصل في الفينة بعد الفينة وهو مسخ الخَلْق، ومسخ قد يحصل في كل زمان ومكان، وهو مسخ الخُلُق؛ وذلك بأن يصير الإنسان متخلقًا بخلق ذميم من أخلاق بعض الحيوانات، نحو أن يصير في شدة الحرص كالكلب، وفي الشره كالخنزير»46.

    وقد عذب الله عز وجل بني إسرائيل بهذا النوع من العذاب عندما اعتدوا في السبت، قال تعالى: ( ﮋﮌ ) [البقرة:٦٥].

    يرى مجاهد أنهم لم تمسخ صورهم ولكن مسخت قلوبهم، أى: إنهم مسخوا مسخًا نفسيًا فصاروا كالقردة في شرورها وإفسادها لما تصل إليه أيديها، و لكن جمهور المفسرين على أنهم مسخوا على الحقيقة ثم ماتوا بعد ذلك بوقت قصير47

    وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحذر أهل الكتاب - إذا كذبوه وخالفوا أمره - أن يحل بهم ما حل بأسلافهم.

    قال تعالى: ( ﭼﭽ ﭿ ﮈﮉ ﮋﮌ ) [المائدة: ٦٠].

    وهذا النوع من العذاب الذي أحله الله بالسابقين؛ توعد الله به اللاحقين المخالفين من هذه الأمة، فقد أخرج البخاري رحمه الله عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري- والله ما كذبني- سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونن من أمتي أقوامٌ، يستحلون الحر48 والحرير، والخمر والمعازف، ولينزلن أقوامٌ إلى جنب علمٍ، يروح عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهم - يعني: الفقير - لحاجةٍ فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردةً وخنازير إلى يوم القيامة)49.

    وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا العذاب يكون في هذه الأمة، ووصف ذنب أولئك الممسوخين والذي بسببه يمسخهم الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (سيكون في أمتي خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ)50.

    ٧. الصيحة51.

    وهي عذاب الله الذي عذب به قوم صالح، قال تعالى: ( ) [هود:٦٧].

    والصيحة هي كما قال القرطبي في تفسيرها: «صيح بهم فماتوا، وقيل: صاح بهم جبريل، وقيل: غيره، وقال أيضًا: كانت صيحة شديدة خلعت قلوبهم»52.

    والمعنى: وأخذ الذين ظلموا من قوم صالح عليه السلام عن طريق الصيحة الشديدة التي صيحت بهم بأمر الله عز وجل فأصبحوا بسببها في ديارهم جاثمين أي: هلكى صرعى، ساقطين على وجوههم، بدون حركة53، وبهذا المعنى في قوله تعالى: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ)[القمر:٣١].

    وجاء في السنة ما يوضح ذلك، فعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: (لا تسألوا الآيات؛ فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني: الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، فأخذتهم الصيحة فأهمد الله من تحت السماء منهم إلا رجلًا واحدًا كان في حرم الله، قيل من هو؟ قال: أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه)54.

    ٨. القتل والصلب وتقطيع الأعضاء والنفي من الأرض.

    قال تعالى: ( ﭿ ﮋﮌ ﮒﮓ ﮘﮙ ) [المائدة:٣٣].

    والمعنى: إنما جزاء أي: عقاب الذين يحاربون الله ورسوله أي: يخالفونهما ويعصون أمرهما، ويعتدون على أوليائهما ( ) أي: يعملون بسرعة ونشاط في الأرض لا من أجل الإصلاح وإنما من أجل الإفساد فيها عن طريق تهديد أمن الناس، والاعتداء على أموالهم وأنفسهم، جزاء هؤلاء ( ) والتقتيل هو القتل، إلا أنه ذكر بصيغة التضعيف لإفادة الشدة في القتل وعدم التهاون في إيقاعه عليهم، لكونه حق الشرع وللإشارة إلى الاستمرار في قتلهم ما داموا مستمرين في الجريمة فكلما كان منهم قتل قتلوا.

    ( ) والتصليب: وضع الجاني الذي يراد قتله مشدودًا على مكان مرتفع بحيث يرى بعد القتل ليكون عبرة لغيره، وردعًا له عن ارتكاب المعاصي والجرائم، قالوا: ويكون الصلب لمدة ثلاثة أيام وقيل: لمدة يوم واحد. وجيء هنا أيضًا بصيغة التضعيف لإفادة التشديد في تنفيذ هذه العقوبة وإثبات أنه لا هوادة فيها.

    ( ﮋﮌ ) أي: تقطع مختلفة، فلا تكون اليد والرجل المقطوعتان من جانب واحد بل تكونان من جانبين مختلفين.

    (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) أي: يطردوا من الأرض التي اتفقوا فيها على الإجرام إلى أرض أخرى ليتشتت شملهم، ويتفرق جمعهم، مع مراقبتهم والتضييق عليهم. وفسر بعضهم النفي بالحبس في السجون، لأن فيه إبعادا لهم وتفريقا لجمعهم55.

    ثانيًا: العذاب المعنوي :

    وقد ذكر القرآن الكريم صورًا من العذاب المعنوي، والتي منها:

    ١. الخزي والصغار.

    قال تعالى: ( ﭶﭷ ﭼﭽ ﭿ ﮈﮉ ﮋﮌ ﮏﮐ ) [البقرة:٨٥].

    يبين الله عز وجل العقاب الذي سيلحق بالذين يفرقون بين أحكام الله عز وجل بقوله تعالى: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) اسم الإشارة (ذلك) مشار به إلى القتل والإخراج من الديار، اللذين نقضوا بهما عهد الله بغيًا وكفرًا والخزي في الدنيا هو الهوان والمقت والعقوبة ومن مظاهره: ما لحق اليهود بعد تلك الحروب من المذلة بإجلاء بنى قينقاع والنضير عن ديارهم، وقتل بنى قريظة وفتح خيبر، وما لحقهم بعد ذلك من هوان وصغار، وتلك سنة الله في كل أمة لا تتمسك بدينها ولا تربط شئونها بأحكام شريعتها وآدابها56.

    وهو العقاب الذي سيلحق بمن منع الذكر والصلاة في مساجد الله عز وجل.

    قال تعالى: ( ﭿﮀ ﮈﮉ ﮋﮌ ) [البقرة:١١٤].

    قال ابن كثير: «عندما حج النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع لم يجترئ أحد من المشركين أن يحج أو أن يدخل المسجد الحرام، وهذا هو الخزي في الدنيا لهم، المشار إليه بقوله تعالى: لهم في الدنيا خزيٌ لأن الجزاء من جنس العمل»57.

    وهو العقاب الذي سيلحق بالمتكبر المغرور بنفسه، قال تعالى: ( ﭿﮀ ) [الحج:٩]. أي: هوان وذلة وصغار58.

    وهو ما سيلحق الكفار يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، قال تعالى: ( ﮱﯓ ) [آل عمران: ١٩٢]

    قال سيد طنطاوي في تفسير الآية: «وقوله تعالى حكاية عنهم: ( ) في مقام التعليل لضراعتهم بأن يبعدهم عن النار، أي: أبعدنا يا ربنا عن عذاب النار، فإنك من تدخله النار تكون قد أخزيته أى أهنته وفضحته على رؤوس الأشهاد، والخزي: مصدر خزي يخزى بمعنى ذل وهان بمرأى من الناس، وفي هذا التعليل مبالغة في تعظيم أمر العقاب بالنار»59.

    ٢. الفضيحة.

    من أسماء سورة التوبة الفاضحة؛ لأنها فضحت المنافقين وبينت نواياهم الخبيثة، وهذه بعض الآيات من السورة تفضحهم.

    قال تعالى: ( ﭹﭺ ﭿ R ﮉﮊ ﮋﮌ a ﮗﮘ ) [التوبة: ٦٤ -٦٦].

    قال صاحب المنار: «هذه الآيات في بيان شأن آخر من شئون المنافقين التي كشفت سوأتهم فيها غزوة تبوك، أخرج ابن أبى شيبة وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله تعالى: ( ﭴ ﭵ) قال: كانوا يقولون القول فيما بينهم ثم يقولون: عسى أن لا يفشي علينا هذا، وعن قتادة قال: كانت هذه السورة تسمى الفاضحة، فاضحة المنافقين، وكان يقال لها المنبئة، أنبأت بمثالبهم وعوراتهم»60.

    الآيات التي فضحت المنافقين في القرآن الكريم كثيرة، أذكر بعضًا منها:

    قال تعالى: ( G ﭿ R ﮈﮉ ﮋﮌ ` l t ﮰﮱ ª ½ Å ) [البقرة: ٨ -١٦]

    قال الزمخشري: «وصف الله عز وجل حال الذين نافقوا في ثلاث عشرة آية، نعى عليهم فيها خبثهم، ومكرهم، وفضحهم، وسفههم، واستجهلهم، واستهزأ بهم، وتهكم بفعلهم، وسجل طغيانهم، ودعاهم صما بكمًا عميا، وضرب لهم الأمثال الشنيعة»61.

    فالآيات السابقة فضحت المنافقين بشكل واضح وصريح على رؤوس الأشهاد، وأظهرتهم على حقيقتهم.

    وفي موطن آخر يفضح الله المنافقين ويكذبهم، قال تعالى: ( ﮗﮘ r ﮩﮪ ¡ ) [المنافقون:١-٣].

    أي: إذا حضر المنافقون إلى مجلسك يا محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا لك على سبيل الكذب والمخادعة والمداهنة، نشهد أنك رسول من عند الله تعالى، وأنك صادق فيما تبلغه عن ربك، فيفضحهم الله ويكذبهم (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) والله تعالى يشهد إن المنافقين لكاذبون في قولهم: نشهد إنك لرسول الله، لأن قولهم هذا يباين ما أخفته قلوبهم المريضة، من كفر ونفاق وعداوة لك وللحق الذي جئت به62.

    ٣. الإهانة.

    جاء في مادة (هون): «الهون: الخزي، والهون، بالضم: الهوان، والهون والهوان: نقيض العز»63، ورجل فيه مهانة أي ذلٌ وضعف64.

    وأذكر بعض الآيات التي تحدثت عن هذا النوع من العذاب:

    قال تعالى: ( ) [النساء: ٣٧].

    المهين؛ هو العذاب الذي يقترن به الخزي والذل، وهو أنكى وأشد على المعذب65.

    وقال تعالى: ( ) [الفرقان:٦٩].

    يعني: أنه يبقى في العذاب والهوان صاغرًا حقيرًا إلى ما لا نهاية66.

    وقال تعالى: ( ﮣﮤ ) [آل عمران:١٧٨].

    أي: عذاب يوقعهم في الذل والمهانة والصغار في الدنيا والآخرة67.

    ٤. الذل.

    وهو العقاب الذي سيلحق بمن اتخذ آلهة أخرى غير الله عز وجل، قال تعالى: ( ﮋﮌ )[الأعراف: ١٥٢].

    والمعنى: إن الذين اتخذوا العجل معبودًا، واستمروا على ضلالتهم سيصيبهم ذل وهوان وصغار في الحياة الدنيا، وبمثل هذا الجزاء في الآخرة أيضًا 68.

    وهو العقاب الذي لحق ببني إسرائيل؛ لأنهم كفروا بآيات الله عز وجل، وقتلوا أنبيائهم فكان الذل والهوان جزاؤهم، قال تعالى: ( ﯪﯫ ﯵﯶ ) [البقرة: ٦١].

    [انظر: الإهلاك: وسائل الإهلاك]

    الأسباب الموجبة للعذاب

    الأسباب التي توجب العذاب على المعذب كثيرة، سنتعرض لأهمها في هذا المبحث.

    أولًا: الشرك والكفر:

    مما يوقفنا على عظم جريمة الشرك والكفر قوله تعالى: ( £ ¨ ¹ ) [مريم:٨٨-٩١].

    وقال تعالى محذرًا من الشرك الذي أحل العقوبة بالأمم السابقة: ( ) [الكهف:٥٩].

    قال ابن كثير: «الأمم السالفة والقرون الخالية أهلكناهم بسبب كفرهم وعنادهم، وكذلك أنتم أيها المشركون: احذروا أن يصيبكم ما أصابهم، فقد كذبتم أشرف رسول وأعظم نبي، ولستم بأعز علينا منهم، فخافوا عذابي ونذر»69.

    لقد جعل الله العقوبة للأمم الكافرة سنة له في خلقه، فقال: ( ﯮﯯ ﯴﯵ ) [فاطر:٤٣].

    قال الإمام الطبري: «يقول تعالى ذكره: فهل ينتظر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد إلا سنة الله بهم في عاجل الدنيا على كفرهم به أليم العقاب، يقول: فهل ينتظر هؤلاء إلا أن أحل بهم من نقمتي على شركهم بي وتكذيبهم رسولي مثل الذي أحللت بمن قبلهم من أشكالهم من الأمم»70.

    وقد جاءت الآيات تتوعد الأمم الكافرة بسنة الله الماضية في أهل الشرك والكفر، قال تعالى: ( ﯿ ﰅﰆ ) [الإسراء:٥٨].

    قال ابن كثير: «هذا إخبار من الله عز وجل بأنه قد حتم وقضى بما قد كتب عنده في اللوح المحفوظ أنه ما من قرية إلا سيهلكها بأن يبيد أهلها جميعهم أو يعذبهم عذابًا شديدًا إما بقتل أو ابتلاء بما يشاء، وإنما يكون ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم كما قال تعالى عن الأمم الماضين: ( ) [هود:١٠١].

    وقال تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠq ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [الطلاق:٨-٩]»71.

    وقال القرطبي: «أجرى الله العذاب على الكفار، وجعل ذلك سنة فيهم، فهو يعذب بمثله من استحقه لا يقدر أحد أن يبدل ذلك ولا أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره»72.

    ثانيًا: الطغيان والظلم:

    ذكر القرآن الكريم أن سبب مصرع كثير من الأمم، الظلم والطغيان، كقوم عاد وثمود وفرعون، فقال تعالى: ( * * * * ﮋﮌ * ) [الفجر:٩-١٤].

    وقال تعالى: ( ) [الأنبياء:١١].

    وقال تعالى: ( ﭞﭟ ) [الأنفال:٥٣].

    قال الطبري: «يقول تعالى ذكره: إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة؟ فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضًا واعتداء بعضهم على بعض، فتحل بهم حينئذ عقوبته وتغييره»73

    والظلم من المعاصي التي يعجل الله عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من ذنبٍ أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)74.

    وقد تتأخر عقوبة الظلم إلى حين وأجل يعلمه الله، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) قال ثم قرأ: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [هود:١٠٢]75.

    ثالثًا: كثرة المعاصي والمنكرات وقلة الأمر بالمعروف:

    من الأسباب التي تحل العذاب العاجل في الأمم فشو المنكرات وشيوعها، وذلك عندما تقصر الأمة بواجبها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى: ( ﯸﯹ ) [الأنفال:٢٥].

    والمراد بالفتنة هنا العذاب الدنيوي، كالأمراض، والقحط، واضطراب الأحوال، وتسلط الظلمة، وعدم الأمان وغير ذلك من المحن والمصائب والآلام التي تنزل بالناس بسبب غشيانهم الذنوب، وإقرارهم للمنكرات، والمداهنة في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر76.

    عن زينب بنت جحشٍ رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل عليها فزعًا يقول: (لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه) وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحشٍ فقلت يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم إذا كثر الخبث)77.

    وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: (أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا معشر المهاجرين خمسٌ إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)78.

    رابعًا: كفران النعم:

    قال تعالى: ( ﭲﭳ ) [إبراهيم:٧].

    قال الإمام الطبري: «ولئن كفرتم أيها القوم نعمة الله فجحدتموها بترك شكره عليها وخلافه في أمره ونهيه وركوبكم معاصيه إن عذابي لشديد، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي»79.

    وقد ذكر القرآن الكريم مصارع الأمم التي كفرت بنعم الله عز وجل فقال: ( ) [النحل:١١٢].

    قال المناوي: «ما زال شيء عن قوم أشد من نعمة لا يستطيعون ردها، وإنما ثبتت النعمة بشكر المنعم عليه للمنعم، وفي الحكم: من لم يشكر النعمة فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها، وقال الغزالي: والشكر قيد النعم، به تدوم وتبقى، وبتركه تتحول»80.

    خامسًا: ترك الصلاة:

    من تهاون بالصلاة وضيعها فهو متوعد بأشد أنواع العذاب في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ( ) [طه: ١٢٤ ].

    والصلاة من أعظم الذكر.

    وقد جاءت آيات عديدة في القرآن الكريم تتحدث عن العذاب الذي أعده الله لتاركي الصلاة، فقال تعالى: ( ﮮﮯ ) [مريم:٥٩].

    وقال أيضًا: ( H ) [الماعون:٤-٥].

    وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالعذاب الذي يلقاه في قبره المتهاون بالصلاة، ففي الصحيح عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ قال: فيقص عليه من شاء الله أن يقص. وإنه قال ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه، فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، قال: قلت لهما سبحان الله! ما هذان؟ قال قالا لي: انطلق انطلق إلى أن قال: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر؛ فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة)81، ومعنى يثلغ رأسه: أي يشقه، ويتدهده: يتدحرج.

    سادسًا: منع الزكاة:

    قاتل الصديق رضي الله عنه من فرق بين الصلاة والزكاة، وأقره على ذلك الصحابة رضوان الله عليهم، وما ذاك إلا لعظيم مكانتها في هذا الدين.

    فإذا كانت الزكاة بهذه المكانة فلا عجب أن رتب الشارع العقوبات العظيمة على من منعها، ومن تأمل العذاب المترتب على منع الزكاة أدرك تمام الحكمة الإلهية في المناسبة بين الذنب وبين العقوبة، فإذا كان من معاني الزكاة البركة والنماء، فإن من عقوبة منعها منع المطر الذي تنمو به الخيرات، وتخرج الأرض بركتها، ومن عقوبتها أيضًا أن يبتلى الناس بالسنين وهي الجدب والقحط، فلما منعوا فضول أموالهم؛ شدد الله عليهم في أرزاقهم.

    قال ابن القيم رحمه الله: «وتأمل حكمة الله في حبس الغيث عن عباده وابتلائهم بالقحط إذا منعوا الزكاة وحرموا المساكين؛ كيف جوزوا على منع ما للمساكين قبلهم من القوت بمنع الله مادة القوت والرزق وحبسها عنهم، فقال لهم بلسان الحال: منعتم الحق فمنعتم الغيث، فهلا استنزلتموه ببذل ما لله قبلكم»82.

    أما العذاب الذي سيلحق مانعي الزكاة في الآخرة يتضح من خلال قول الحق تعالى: ( ﮋﮌ ^ ﮙﮚ ) [التوبة: ٣٤-٣٥ ].

    سابعًا: ترك الجهاد في سبيل الله:

    بين النبي صلى الله عليه وسلم مكانة الجهاد في سبيل الله بأنه ذروة سنام هذا الإسلام؛ وبين أيضًا العاقبة المترتبة على تركه، وهذا على سبيل المقابلة، فلما كان الجهاد سبيل العز والسؤدد؛ كان تركه سبيل الذلة والمسكنة.

    فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا تبايعتم بالعينة83، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)84.

    وقال تعالى: ( ﮝﮞ ) [التوبة: ٣٩ ].

    قال نجدة بن نفيع رضي الله عنه: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن قول الله عز وجل: ( ) قال: استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًا من أحياء العرب فتثاقلوا؛ فأمسك عنهم المطر، وكان عذابهم85.

    [انظر: الإهلاك: أسباب الإهلاك]

    استعجال العذاب

    أخبر تعالى في آيات كثيرة من القرآن الكريم أن المشركين استعجلوا العذاب في الدنيا من باب الاستهزاء والسخرية فنزل بهم العذاب سريعًا.

    قال تعالى: ( ) [الأنفال: ٣٢].

    قال الزمخشري: «وهذا أسلوب من الجحود بليغ، يعنى: إن كان القرآن هو الحق فعاقبنا على إنكاره بالسجيل كما فعلت بأصحاب الفيل، أو بعذاب آخر، ومرادهم نفي كونه حقًا، وإذا انتفى كونه حقًا لم يستوجب منكره عذابًا، فكان تعليق العذاب بكونه حقًا، مع اعتقاد أنه ليس بحق كتعليقه بالمحال في قولك: إن كان الباطل حقًا فأمطر علينا حجارة من السماء، فإن قلت: ما فائدة قوله: من السماء والأمطار لا تكون إلا منها؟، قلت: كأنهم يريدون أن يقولوا: فأمطر علينا السجيل وهي الحجارة المسومة للعذاب، فوضع حجارة من السماء موضع السجيل»86.

    وقال تعالى: ( ) [المعارج: ١].

    قال الألوسى: «قوله: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) أي: دعا داع به، فالسؤال بمعنى الدعاء، والمراد: استدعاء العذاب وطلبه، والسائل هو النضر بن الحارث- كما روى النسائي وجماعة وصححه الحاكم- حيث قال إنكارًا واستهزاءً: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)، وقيل السائل: أبو جهل، حيث قال: ( )87.

    قال طنطاوي: «وعلى أية حال فسؤالهم عن العذاب، يتضمن معنى الإنكار والتهكم، كما يتضمن معنى الاستعجال، كما حكته بعض الآيات الكريمة، ومن بلاغة القرآن، تعدية هذا الفعل هنا بالباء، ليصلح لمعنى الاستفهام الإنكاري، ولمعنى الدعاء والاستعجال»88.

    ولما توعد الله عز وجل الكفار بالعذاب في الآخرة في قوله: ( ) [يونس: ٨].

    استعجلوا ذلك العذاب، وقالوا: متى يحصل ذلك كما قال تعالى: ( ) [الشورى: ١٨].

    وقال تعالى: ( ¾ ﯲﯳ ) [يونس: ٥٠-٥١].

    والمعنى: أخبروني أيها الجاهلون الحمقى: أي دافع جعلكم تستعجلون نزول العذاب؟ سواء أكان بالليل أم بالنهار لا يمكن دفعه، ولا يمكن أن يتعجله عاقل، لأنه كما قال الزمخشري: «أن العذاب كله مكروه، مر المذاق، موجب للنفار منه، فكيف ساغ لكم أن تستعجلوا نزول شيء فيه هلاككم ومضرتكم؟!!»89.

    فالآية الكريمة توبيخ لهم على استعجالهم وقوع شيء من شأن العقلاء أنهم يرجون عدم وقوعه، ولذا قال القرطبي: «قوله: «ماذا يستعجل منه المجرمون» استفهام معناه التهويل والتعظيم، أي: ما أعظم ما يستعجلون به، كما يقال لمن يطلب أمرا تستوخم عاقبته: ماذا تجنى على نفسك؟!»90.

    وقال تعالى: ( ) [الرعد: ٦].

    أي: أن هؤلاء المشركين بلغ بهم الحال في الطغيان، أنهم كانوا إذا هددهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعقاب الله إذا ما استمروا في كفرهم، سخروا منه، وتهكموا به وقالوا له على سبيل الاستهزاء: ائتنا بما تعدنا به من عذاب إن كنت من الصادقين91.

    قال طنطاوي: «والجملة الكريمة تحكي لونا عجيبا من ألوان توغلهم في الجحود والضلال، حيث طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم تعجيل العقوبة التي توعدهم بها، بدل أن يطلبوا منه الدعاء لهم بالسلامة والأمان والخير والعافية»92.

    وقال تعالى: ( ﭒﭓ . ) [العنكبوت: ٥٣ -٥٤].

    يخبر الله تعالى عن جهل المشركين وحماقتهم في استعجالهم إيقاع عذاب الله بهم، ولولا كون العذاب محددا بوقت معلوم، ولولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة؛ لجاءهم العذاب قريبًا سريعا كما استعجلوه، وسوف يأتيهم بالتأكيد فجأة، وهم لا يحسون بمجيئه، بل يكونون في غفلة عنه، ثم أكد تعالى طلبهم نزول العذاب بقوله: ( ) أي: يطلبون منك حدوث العذاب، وهو واقع بهم لا محالة، وإن جهنم ستحيط بهم من كل جانب93.

    موانع العذاب

    يستطيع المرء أن يدفع العذاب عن نفسه من خلال أمور كثيرة، منها:

    أولًا: التوبة:

    التوبة مانع شامل يمنع من إنفاذ وعيد جميع الذنوب، الكفر فما دونه من المعاصي، فليس شيء يغفر الله به جميع الذنوب إلا التوبة النصوح.

    قال الله تعالى: ( ﮮﮯ ﯕﯖ ) [الزمر: ٥٣].

    قال الإمام الشوكاني: «واعلم أن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله، لاشتمالها على أعظم بشارة، فإنه أولا: أضاف العباد إلى نفسه لقصد تشريفهم، ومزيد تبشيرهم، ثم وصفهم بالإسراف في المعاصي، ثم عقب على ذلك بالنهي عن القنوط من الرحمة، ثم جاء بما لا يبقى بعده شك ولا يتخالج القلب عند سماعه ظن فقال: ( ) ثم لم يكتف بما أخبر به عباده من مغفرة كل ذنب، بل أكد ذلك بقوله: () فيا لها من بشارة ترتاح لها النفوس، وما أحسن تعليل هذا الكلام بقوله: ( )»94.

    وقال الله تعالى: ( ﭷﭸ ) [المائدة: ٣٩].

    أي: فمن تاب إلى الله عز وجل توبة صادقة من بعد ظلمه لنفسه بسبب إيقاعها في المعاصي التي من أكبرها السرقة وأصلح عمله بالطاعات التي تمحو السيئات فإن الله يتوب عليه أي: يقبل توبته، ويغسل حوبته، إن الله واسع المغفرة والرحمة ومن مظاهر ذلك أنه سبحانه فتح لعباده باب التوبة والإنابة، فالآية الكريمة ترغب العصاة من السراق وغيرهم في التوبة إلى الله، وفي الرجوع إلى طاعته حتى ينالوا مغفرته ورحمته95.

    وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل يبسط يده بالليل، ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار، ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)96.

    ثانيًا: الاستغفار:

    قال الله تعالى: ( ) [النساء: ١١٠].

    أي: ومن يعمل عملًا سيئًا يؤذي به غيره، أو يظلم نفسه بارتكاب الفواحش، التي يعود معظم ضررها على نفسه كشرب الخمر، وترك فرائض الله التي فرضها على عباده ثم بعد كل ذلك يستغفر الله، فيتوب إليه توبة صادقة نصوحًا يجد الله بفضله وكرمه غفورًا رحيمًا97.

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقومٍ يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)98.

    والاستغفار لا يمكن أن يمنع العذاب لمن مات على الشرك، قال تعالى: ( ﮮﮯ ) [النساء: ٤٨].

    والمعنى: إن الله لا يغفر لكافر مات على كفره، ويغفر ما دون الكفر من الذنوب والمعاصي لمن يشاء أن يغفر له إذا مات من غير توبة، فمن مات من المسلمين بدون توبة من الذنوب التي اقترفها فأمره مفوض إلى الله، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة، وإن شاء عذبه ثم أدخله الجنة99.

    ثالثًا: دعاء المؤمنين:

    يسن للمؤمن الدعاء لإخوانه المؤمنين بالمغفرة والرحمة، وهذا يدل قطعًا على انتفاع المدعو له بدعاء إخوانه المؤمنين، واستغفارهم له.

    قال الله تعالى: ( ﰓﰔ ) [محمد: ١٩].

    قوله: ( ) أي: واستغفر أيها الرسول الكريم لذنوب أتباعك وأمتك، بالدعاء للمؤمنين والمؤمنات بالمغفرة عما فرط من ذنوبهم، وهذا فيه تعليم للصحابة وللمؤمنين أن يدعوا لإخوانهم المؤمنين100، وبهذا المعنى في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الحشر: ١٠].

    أي: يا ربنا اغفر لنا ذنوبنا، واغفر لإخواننا في الدين الذين سبقونا بالإيمان فهم أسبق منا إلى الخير والفضل101.

    وعن عوف بن مالكٍ رضي الله عنه قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازةٍ، فحفظت من دعائه وهو يقول: (اللهم اغفر له وارحمه وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر) قال: (حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت)102.

    وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ميتٍ تصلي عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائةً، كلهم يشفعون له، إلا شفعوا فيه)103

    والدعاء بالمغفرة والرحمة لا يجوز لمن لقي الله كافرًا، ولا يمنع إنفاذ وعيد الله فيه.

    قال تعالى: ( ﭫﭬ ) [المنافقون: ٦].

    قال طنطاوي: «أي: إن هؤلاء الراسخين في الكفر والنفاق، قد استوى عندهم استغفارك لهم وعدم استغفارك، فهم لتأصل الجحود فيهم صاروا لا يفرقون بين الحق والباطل، ولا يؤمنون بثواب أو عقاب، ولذلك فلن يغفر الله تعالى لهم مهما حرصت على هدايتهم وصلاحهم»104.

    وبهذا المعنى قوله تعالى: ( ﭟﭠ ﭥﭦ ) [التوبة: ٨٠].

    رابعًا: وجود النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته:

    قال تعالى: ( ﯰﯱ ) [الأنفال: ٣٣].

    سبب نزول الآية: عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال أبو جهلٍ: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ، فنزلت الآية105.

    والمعنى: وما كان الله مريدًا لتعذيب هؤلاء الذين دعوا بهذا الدعاء الغريب تعذيب استئصال وإهلاك، وأنت مقيم فيهم- يا محمد- بمكة، فقد جرت سنته سبحانه ألا يهلك قرية مكذبة وفيها نبيها والمؤمنون به حتى يخرجهم منها ثم يعذب الكافرين، واللام في قوله: () لتأكيد النفي، وللدلالة على أن تعذيبهم والرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم غير مستقيم في الحكمة106.

    والشفاعة التي تمنع أو تخفف من العذاب وخصوصًا في الآخرة، وهي على ثلاثة أنواع:

  1. الشفاعة العظمى.

    وهي شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف ليفصل الله بينهم، وهي المقام المحمود له، قال تعالى: ( ﭿ ) [الإسراء: ٧٩].

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة، وفيه أن بعض الناس يقول: (ائتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيأتوني فأسجد تحت العرش، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، واشفع تشفع، وسل تعطه)107.

  2. الشفاعة في أهل الجنة.

    وهي ثلاثة أنواع:

    • شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة ليدخلوها.
    • شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات أهل الجنة.
    • شفاعته صلى الله عليه وسلم في بعض المؤمنين ليدخلوا الجنة بلا حساب ولا عذاب.
  3. الشفاعة لأهل الكبائر.

    وهي نوعان:

    • شفاعته صلى الله عليه وسلم فيمن استحق النار من أهل الكبائر أن لا يدخلها.
    • شفاعته صلى الله عليه وسلم فيمن دخل النار من أهل الكبائر أن يخرج منها.

      فعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (لكل نبيٍ دعوةٌ دعاها لأمته، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة)108.

      إذن فالشفاعة خاصة بأهل التوحيد ولا تكون للكفار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: (لقد ظننت، يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، خالصًا من قبل نفسه)109.

      الحكمة من العذاب

      لا يخلو شيء في الوجود من حكمة لله عز وجل منه، وكذلك العذاب له حكم جليلة، منها:

      أولًا: الفتنة والامتحان للمؤمنين والمحق للكافرين:

      قال تعالى: (r { ﯓﯔ ) [العنكبوت: ١-٣].

      والمعنى: أظن الناس أن يتركوا بدون امتحان، واختبار، وابتلاء، وبدون نزول المصائب بهم؛ لأنهم نطقوا بكلمة الإيمان؟ إن ظنهم هذا ظن باطل، ووهم فاسد؛ لأن الإيمان ليس كلمة تقال باللسان فقط، بل هو عقيدة تكلف صاحبها الكثير من ألوان الابتلاء والاختبار، عن طريق التعرض لفقد الأموال والأنفس والثمرات، حتى يتميز قوي الإيمان من ضعيفه110.

      قال القرطبي: «والمراد بالناس قوم من المؤمنين كانوا بمكة، وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام، كسلمة بن هشام، وعياش بن ربيعة، والوليد بن الوليد فكانت صدورهم تضيق بذلك، وربما استنكروا أن يمكن الله الكفار من المؤمنين. قال مجاهد وغيره: فنزلت هذه الآية مسلية ومعلمة أن هذه هي سيرة الله في عباده، اختبارًا للمؤمنين وفتنة111.

      قال ابن عطية: «وهذه الآية وإن كانت نزلت بهذا السبب أو ما في معناه من الأقوال، فهي باقية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، موجود حكمها بقية الدهر»112.

      وقال تعالى: ( ﯟﯠ ﯭﯮ ) [البقرة: ٢١٤].

      «أظننتم أيها المؤمنون أنكم تدخلون الجنة بمجرد الإيمان دون أن يصيبكم ما أصاب الذين سبقوكم من شدائد في الأنفس والأموال، ومن مخاوف أزعجتهم وأفزعتهم حتى بلغ الأمر برسولهم وبالمؤمنين معه أن يقولوا وهم في أقصى ما تحتمله النفوس البشرية من آلام: متى نصر الله؟!!»113

      ويأتي هذا الامتحان في شدته على قدر الإيمان، فعن سعد رضي الله عنه قال: (قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاءً: قال: (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)114.

      وكما أن العقاب يكون امتحان للمؤمنين، يكون في المقابل محق للكافرين قال تعالى: ( ) [آل عمران: ١٤١].

      قوله: () من المحق وهو محو الشيء والذهاب به، والمعنى: ولقد فعل سبحانه ما فعل في غزوة أحد، لكي يطهر المؤمنين ويصفيهم من الذنوب، ويخلصهم من المنافقين المندسين بينهم، ولكي يهلك الكافرين ويمحقهم بسبب بغيهم وبطرهم115.

      ثانيًا: تكفير الذنوب ورفع الدرجات للمؤمنين:

      قال تعالى: ( ﭩﭪ ) [البقرة: ١٥٥].

      الابتلاء عندما ينزل يكون للكفار محق وعذاب، وللمؤمنين الصابرين المحتسبين تكفير لذنوبهم ورفعة لدرجاتهم، والمعنى: ولنصيبنكم بشيء من الخوف وبشيء من الجوع، وبشيء من النقص في الأنفس والأموال والثمرات، ليظهر هل تصبرون أو لا تصبرون، فنرتب الثواب ورفع الدرجات على الصبر والثبات على الطاعة، ونرتب العقاب على الجزع وعدم التسليم لأمر الله عز وجل، وبهذا المعنى جاء قوله تعالى: ( ) [محمد: ٣١]

      وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه)116.

      وقد تصيب المؤمن المصيبة فترفع درجته في الآخرة إذا صبر واحتسب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل لتكون له المنزلة عند الله تبارك وتعالى فما يبلغها بعملٍ، فلا يزال يبتليه حتى يبلغه ذلك)117.

      ومن هذا الباب، المرض فقد يكفر الله ذنوب عبد بمرض يصيبه فعن جابر بن عبدالله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: «ما لك؟ يا أم السائب أو يا أم المسيب تزفزفين؟» قالت: الحمى، لا بارك الله فيها، فقال: (لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم، كما يذهب الكير خبث الحديد)118.

      إذًا فتعجيل العقوبة في الدنيا للعبد الصالح إنما هو خيرٌ له، فعليه ألا يقنط أو ينحرف عن الطريق لأن عذاب الآخرة أشد وأبقى بينما عذاب الدنيا مهما كانت شدته فإنه يزول بعد فترة أو تعقبه السعادة الأبدية بإذن الله تعالى، بشرط أن يكون صاحبه مؤمنًا صالحًا، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عليه ذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة)119.

      ثالثًا: التحذير من التمادي في المعصية:

      فتأتي مصائب الدنيا بمثابة إشارات وتنبيهات من الله تعالى للعبد أنه غارق في معصيته ويجب الرجوع قبل فوات الأوان كما قال الله تعالى: ( ) [السجدة: ٢١].

      أي: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى الأهون والأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا، عن طريق ما ننزله بهم من أمراض وأسقام ومصائب متنوعة، دون العذاب الأكبر أي: الأشد والأعظم والأبقى، وهو عذاب الآخرة، لعلهم يرجعون عما هم فيه من شرك وكفر وفسوق وعصيان120.

      وقال تعالى: ( ) [الأنعام: ٤٣].

      يؤكد الله تعالى الحض على التضرع فقال: فهلا تضرعوا إلينا خاشعين تائبين حين جاءهم بأسنا وظهرت بوادر العذاب، ولكن لم يفعلوا وقست قلوبهم، أي: ما رقت ولا خشعت، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، فلم يعتبروا، وزين لهم الشيطان أفعالهم من الشرك والفجور والمعاندة والمعاصي، ووسوس لهم بأن يبقوا على ما كان عليه آباؤهم121.

      وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض الذنوب أجدر بوقوع عذاب الدنيا فقال: (ما من ذنبٍ أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)122.

      رابعًا: العبرة والعظة:

      قد يأتي العذاب عقوبة لصاحب المعصية أو لأهلها ليكونوا عبرة وعظة لمن بعدهم كما فعل الله بالأمم السابقة، قال تعالى: ( ﯿ ﰄﰅ ) [الإسراء: ١٧].

      أي: أن هذه القرية المدمرة بسبب فسوق أهلها، وعصيانهم لأمرنا، ليست هي القرية الوحيدة التي نزل بها عذابنا، بل إننا قد أهلكنا كثيرا من القرى من بعد زمن نوح عليه السلام كقوم عاد وثمود وغيرهم ممن استحبوا العمى على الهدى، وآثروا الكفر على الإيمان والغي على الرشد.

      ثم ختم سبحانه الآية الكريمة بالتهديد الشديد لمن يخالف أمره فقال تعالى: ( ) فهذه الآية الكريمة بجانب أنها تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم فهي أيضًا تهديد للمشركين، وإنذار لهم بأنهم إذا ما استمروا على كفرهم، ومعاداتهم للحق، وتطاولهم على من جاء به وهو الرسول صلى الله عليه وسلم فسيكونون محلًا لغضب الله تعالى وسخطه، ولنزول عذابه الذي أهلك به أمثالهم في الشرك والكفر والجحود123.

      وقال تعالى: ( ﯺﯻ ﯾﯿ ) [محمد: ١٠]

      أي: جلسوا في مساكنهم فلم يسيروا في جنبات الأرض، فيشاهدوا كيف كانت عاقبة المكذبين من قبلهم كقوم عاد وثمود ولوط وغيرهم، فكان الجواب: دمر الله تعالى عليهم مساكنهم وأموالهم، وقوله: ( ) وعيد وتهديد لهؤلاء الكافرين المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم أي: هكذا كانت عاقبة المجرمين السابقين، وللكافرين المعاصرين لك -أيها الرسول الكريم- السائرين على درب سابقيهم في الكفر والضلال والطغيان، أمثال تلك العاقبة السيئة124.

      [انظر: الإهلاك: حكم الإهلاك]

      موضوعات ذات صلة:

      الإهلاك، الجزاء، الجنة، النار، اليوم الآخر


1 مقاييس اللغة ٤/٢٦٠.

2 لسان العرب ١/٥٨٥.

3 القاموس المحيط ص ١١٣

4 معجم اللغة العربية المعاصرة، د.أحمد مختار، ٢/١٤٧٤.

5 معجم لغة الفقهاء، قلعجي ١/٣٠٧.

6 التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص٢٣٩.

وانظر: الفروق اللغوية، العسكري ص٢٣٩

7 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي ص٢٧٦.

8 الوجوه والنظائر، الدامغاني، ص٣٤٣-٣٤٤.

9 نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي، ص٤٤٨- ٤٥١.

10 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٥٨٣.

11 نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي، ص٤٤٨.

12 جامع البيان، الطبري ١٧/٩٢.

13 مقاييس اللغة، ابن فارس ١/١٢٦.

14 انظر: مختار الصحاح، الرازي ص٢٠.

15 الفروق اللغوية، العسكري ص٢٣٩.

16 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/٧٧.

17 الكليات، الكفوي ص٦٥٤.

18 كشاف اصطلاحات الفنون ٢/١١٩٢.بتصرف

19 الفروق اللغوية، العسكري ص٢٤٠.

20 لسان العرب، ابن منظور ١١/٦٧٧.

21 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار، ٣/٢٢٨٤.

22 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٤/١٤٣، الكليات، الكفوي ص ٣٥٦، تاج العروس، الزبيدي ٣٧/٣٥١.

23 انظر: المفردات، الراغب ص ١٩٥، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/٣٨٠.

24 انظر: الكشاف، الزمخشري، ٣/٤٤٥.

25 تفسير القرآن العظيم، ٨/٢٣٦.

26 انظر: لباب التأويل، الخازن، ٣/٣٦٤.

27 انظر: تفسير السمرقندي، ٣/٨٤.

28 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٥/٧.

29 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة الاستسقاء، باب التعوذ عند رؤية الريح، رقم ٨٩٩، ٢/٦١٦.

30 الحاصب: الريح الشديدة تحمل التراب والحصباء.

انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/١٧٧.

31 انظر: معالم التنزيل، البغوي، ٦/٢٤٣.

32 الجامع لأحكام القرآن، ١٣/٣٤٥.

33 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٩٣٤.

34 انظر: التفسير المنير، الزحيلي، ٢٩/٢٤.

35 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٣٠٩.

36 تفسير القرآن العظيم، ٦/٣٢٠.

37 أخرجه ابن ماجه، رقم ٤٠١٩، ٢/١٣٣٢، والحاكم في المستدرك، ٤/٥٤٠.

قال الحاكم: «صحيح الإسناد» ولم يتعقبه الذهبي.

38 الخسف: هو الذاهب بالشئ، ومنه خسفت الأرض، أي: غارت بما عليها واختفى بداخلها.

انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/٢٣٤.

39 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٦٢٣.

40 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، رقم ٣٤٨٥، ٤/١٧٧.

41 تفسير القرآن العظيم، ٦/٢٥٥.

42 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الفتن، باب ما جاء في الخسف، رقم ٢٢١٢ ٤/٤٩٥.

وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، ٤/٣٩٣.

43 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب خروج النار، رقم ٧١٢١، ٩/٥٩.

44 فتح الباري، ١٣/٨٧.

45 التعريفات، الجرجاني، ص ٢٢٥.

46 المفردات، ص ٤٦٨

47 انظر: جامع البيان، الطبري، ٢/١٧٤، التفسير الوسيط، طنطاوي ١/١٦٠.

48 الحر بكسر الحاء هو الفرج، جاء في الحديث كناية عن الزنا.

انظر: شرح صحيح البخاري، ابن بطال، ٦/٥١.

49 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر،.رقم ٥٥٩٠، ٧/١٠٦.

50 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الفتن، باب ما جاء في الخسف، رقم ٢١٥٢، ٤/٤٥٦.

وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، ٤/٣٩٣.

51 الصياح: الصوت، وهو صوت كل شيء إذا اشتد، والصيحة هي العذاب، كعذاب قوم صالح.

انظر: لسان العرب، ابن منظور ٢/٥٢١.

52 الجامع لأحكام القرآن، ٧/٤٢، ٩/٦١.

53 انظر: المصدر السابق.

54 أخرجه الحاكم في المستدرك، رقم ٣٢٤٨، ٢/٣٥١.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

55 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ٦/١٤٧، فتح القدير، الشوكاني ٢/٣٨.

56 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود، ١/١٢٦.

57 تفسير القرآن العظيم، ١/٣٨٧.

58 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي، ٢/١٦٢٨.

59 التفسير الوسيط، ٢/٣٧٤.

60 تفسير المنار، محمد رشيد رضا ١٠/٤٥٣.

61 الكشاف، ١/٥٣.

62 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٨٦٤.

63 لسان العرب، ابن منظور، ١٣/٤٣٨.

64 انظر: تاج العروس، الزبيدي، ٣٦/٢٩٠.

65 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٥٢.

66 انظر: تفسير السمرقندي، ٢/٢٤٥.

67 انظر: جامع البيان، الطبري، ٢/٣٤٧.

68 انظر: الدر المصون، السمين الحلبي ٥/٤٧٠.

69 تفسير القرآن العظيم، ٤/١٦٩.

70 جامع البيان، ٢٠/٤٨٤.

71 تفسير القرآن العظيم، ٣/٤٧.

72 الجامع لأحكام القرآن، ١٤/٣٦٠.

73 جامع البيان، ١٦/٣٨٢.

74 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ٢٠٣٧٥، ٣٤/١٠، والترمذي في سننه، رقم ٢٥١١، ٤/٦٦٤.

وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، ٢/٥٨٨.

75 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (وكذلك أخذ ربك)، رقم ٤٦٨٦، ٦/٧٤.

76 انظر: تفسير الشعراوي، ٨/٤٦٥٤.

77 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، رقم ٣٣٤٦، ٤/١٣٨.

78 أخرجه ابن ماجه في سننه، رقم ٤٠١٩، ٢/١٣٣٢، والحاكم في المستدرك، ٤/٥٤٠.

قال الحاكم: «صحيح الإسناد» ولم يتعقبه الذهبي.

79 جامع البيان، ١٣/١٨٦.

80 فيض القدير ٣/٤١٨.

81 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التعبير، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، رقم ٧٠٤٧، ٩/٤٤.

82 مفتاح دار السعادة، ١/٣١٥.

83 العينة: أن يبيع سلعة بثمن لأجل ثم يشتريها منه بأقل منه.

انظر: التيسير بشرح الجامع الصغير، المناوي ١/٨٤.

84 أخرجه أبو داود في سننه، أبواب الإجارة، باب في النهي عن العينة، ٣/٢٧٤.

وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ١/١٦.

85 أخرجه الحاكم في المستدرك، رقم ٢٥٠٤، ٢/١١٤.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

86 الكشاف، ٢/٢١٦.

87 روح المعاني، ١٥/٦٢.

88 التفسير الوسيط، ١٥/٩٢.

89 الكشاف، ٢/٣٥١.

90 الجامع لأحكام القرآن، ٨/٣٥٠.

91 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤١٣.

92 التفسير الوسيط، ٧/٤٤٧.

93 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي، ٢٥/.

94 فتح القدير، ٤/٥٣٨.

95 انظر: محاسن التأويل، القاسمي، ٤/١٣٦.

96 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب قبول التوبة، رقم ٢٧٥٩، ٤/٢١١٣.

97 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٥/١٩٥.

98 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب سقوط الذنوب بالاستغفار، رقم٢٧٤٩، ٤/٢١٠٦.

99 انظر: الوسيط، الزحيلي، ١/٣٢٨.

100 انظر: روح المعاني، الألوسي، ٨/٥١٠.

101 انظر: المصدر السابق.

102 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت في الصلاة، رقم٩٦٣، ٢/٦٦٢.

103 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنائز، باب من صلوا عليه مائة شفعوا فيه، رقم٩٤٧، ٢/٦٥٤.

104 التفسير الوسيط، ١٤/٤٠٩.

105 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب قوله تعالى: (وما كان الله معذبهم)، رقم٢٧٩٦، ٤/٢١٥٤.

106 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٢/٥٢١.

وانظر: لباب التأويل، الخازن، ٢/٣٠٨.

107 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: (إنا أرسلنا نوحًا)، رقم ٣٣٤٠، ٤/١٣٤.

108 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم، رقم ٢٠٠، ١/١٩٠.

109 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب الحرص على الحديث، رقم ٩٩، ١/٣١.

110 انظر: تفسير السرقندي، ٢/٦٢٤.

111 الجامع لأحكام القرآن، ١٣/٣٢٣.

112 المحرر الوجيز، ٤/٣٠٥.

113 التفسير الوسيط، طنطاوي، ١/٤٦٢.

114 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ١٦٠٧، ٣/١٥٩.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ١/٢٣٠، رقم ٩٩٢.

115 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٥٠.

116 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، رقم ٥٦٤١، ٧/١١٤.

117 أخرجه البيهقي في الآداب، رقم ٧٣٥، ١/٢٩٩.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ١/٣٣٥، رقم ١٦٢٥.

118 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض، ٤/١٩٩٣، رقم ٢٥٧٥.

119 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، رقم ٢٣٩٦، ٤/٦٠١.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ١/١١٨، رقم ٣٠٨.

120 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٢١/٢٣٣.

121 انظر: الوسيط، الزحيلي، ١/٥٤٨.

122 أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الزهد، باب البغي، رقم ٤٢١١، ٢/١٤٠٨.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/٩٩٤، رقم ٥٧٠٤.

123 انظر: جامع البيان، الطبري، ١٧/٤٠٦.

وانظر: مفاتيح الغيب، الرازي، ٢٠/٣١٣.

124 انظر: فتح القدير، الشوكاني، ٥/٣٥.