عناصر الموضوع

التعريف بمدين

ذكر مدين في القرآن الكريم

رسول الله إلى مدين ورسالته

موقف مدين من رسولهم عليه السلام

نعم الله على مدين وموقفهم منها

عاقبة قوم مدين

اقتران مدين وثمود في القرآن

موسى عليه السلام في مدين

الدروس المستفادة من قصة مدين

مدين

التعريف بمدين

أولًا: المكان:

اتفق المفسرون على أن مدين التي ذكرت في القرآن الكريم هي: اسمٌ لقوم شعيب عليه السلام، وهم قبيلة من العرب، وكانوا يسكنون في شمال غرب الجزيرة العربية وجنوبي الشام، بالقرب من مدينة معان، وتبوك، وبحر القلزم (الأحمر حاليا)، وأن الله تعالى أرسل إليهم شعيبا عليه السلام، وهم من بني مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام على ما ذكره جمهور المفسرين والمؤرخين1.

ولكن اختلف المفسرون وغيرهم من الجغرافيين والمؤرخين في تحديد الموقع الجغرافي لــ(مدين) على ثلاثة أقوال:

القول الأول: ذهب الإمام ابن كثير وابن عاشور وبعض المفسرين إلى أن مدين مدينة تقع بالقرب من مدينة معان في شرقي الأردن، من أطراف الشام مما يلي ناحية الحجاز، وقريبًا من بحيرة قوم لوط 2.

ومدينة معان حاليًا هي: مدينة في المملكة الأردنية الهاشمية، تقع جنوب العاصمة عمان، وتبعد عنها بحوالي (٢١٦) كيلومترًا، وهي أكبر محافظات الأردن مساحة، وأول منطقة دخلها الإسلام في بلاد الشام 3.

القول الثاني: إن مدين تقع شمال خليج العقبة في بلاد فلسطين في قرية تسمى: (كفر مندا)، وهي قرية عربية فلسطينية، تقع في الجليل الأسفل، وتبعد (١٦) كيلومترًا شمال غربي الناصرة المحتلة من قبل الصهاينة 4.

وذلك وفقا لما ذكره المؤرخ الشهير ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان تحت اسم «كفر مندا»، والذي مر بالمكان سنة (١٢٣٠م)، حيث ذكر أنه يوجد في القرية بعض الدلائل التي تشير لذلك، وأهمها البئر الموجودة في ساحة القرية، وقبر بنات شعيب، ولكن يرجح الحموي أن تكون مدين: قرية على بحر القلزم بمحاذاة تبوك 5.

القول الثالث: ذهب الجغرافيون المسلمون في تحديد بلاد مدين بوضوح وبلا اختلاف بينهم، وكذلك جمهور المؤرخين إلى أن: مدين تقع في شمال غرب الجزيرة العربية بين تبوك وبحر القلزم (البحر الأحمر)، على بعد (١٣٢) كيلًا من تبوك، مما يلي جهة الشام قريبًا من مدينة معان وخليج العقبة، من أطراف الشام، وهي كذلك قريبة من بحيرة قوم لوط عليه السلام6.

وتعرف مدين اليوم باسم: (البدع)، وهي بلدة بين تبوك وساحل البحر الأحمر على بعد (١٣٢) كيلًا غرب تبوك، وشرق رأس الشيخ حميد - على البحر - بمسافة (٧٠) كيلًا، وهي تابعة لمنطقة تبوك التي تقع شمال غرب المملكة العربية السعودية7.

ومن خلال الاطلاع والبحث عن موقع مدينة مدين عند المفسرين والجغرافيين القدماء والمعاصرين يمكن القول بأن مدين على الصحيح: كانت تمثل إقليمًا كبيرًا وواسعًا، وكانت تقع في شمال غرب الجزيرة العربية بين تبوك والبحر الأحمر، على بعد (١٣٢) كيلًا غرب تبوك، وكانت عاصمتها ومركزها الرئيس في مدينة البدع السعودية حاليًا، وكان لها منفذ بحري على البحر الأحمر، وكانت ممتدة إلى معان في الأردن، وبئر السبع وكفر مندا في فلسطين، وكانت في فترات ازدهارها تصل إلى طور سيناء في حدود مصر.

ويؤيد هذا ما ترجح لدى الجغرافيين وعلماء الآثار المعاصرين: أن أرض مدين كان مركزها في بلدة «البدع» بين تبوك والساحل، وهي في واد بين الجبال، ويسمى واديها: «عفال»، وأنها كانت ممتدة في أصقاع واسعة، قد تصل إلى معان في شرقي الأردن مما يلي ناحية الحجاز8.

ومما يؤيد ذلك أيضا أن (مغاير شعيب) وآثارهم وبيوتهم وقبورهم تقع حاليا في محافظة البدع، وهي إحدى محافظات منطقة تبوك السعودية، وتبعد عن تبوك (١٣٢) كيلًا إلى الشمال الغربي منها 9.

ثانيًا: التسمية:

سمى الله سبحانه وتعالى قوم شعيب عليه السلام باسمين الأول منهما: وهو مدين، والآخر بأصحاب الأيكة كما يأتي على هذا التفصيل:

أولًا: سمى الله سبحانه وتعالى قوم شعيب عليه السلام بمدين في مواضع في القرآن الكريم.

قال تعالى: ( ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الأعراف:٨٥]، وقوله سبحانه: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [هود:٨٤].

وقوله عز وجل: ( ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [العنكبوت:٣٦].

بالإضافة إلى تسمية مدين في قصة موسى عليه السلام من دون ذكر النبي شعيب عليه السلام: قال سبحانه: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [طه:٤٠].

وقال تقدست أسماؤه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [القصص:٢٢].

وقال عز وجل: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [القصص:٢٣].

وقال جل شأنه لمحمد صلى الله عليه وسلم: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [القصص:٤٥].

وفي تسمية قوم شعيب بمدين قولان:

أحدهما: لأنهم بنو مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام، فقيل مدين، والمراد بنو مدين، كما يقال مضر والمراد بنو مضر.

الثاني: أن مدين اسم مدينتهم، فنسبوا إليها، ثم اقتصر على اسم المدينة تخفيفًا، وعلى اعتبار أنها اسم مدينة فهل هو اسم أعجمي أو عربي، فيه وجهان: أحدهما: أنه اسم أعجمي، والثاني: أنه اسم عربي، وهل هو اسم مشتق أو جامد، فقد ذكر المفسرون أنه اسم مشتق، واختلفوا في مادة اشتقاقه على وجهين: أحدهما: أنه من قولهم مدن بالمكان، إذا أقام فيه، والياء زائدة، وهذا قول من زعم أنه اسم مدينة، والثاني: أنه مشتق من قولهم دينت، أي ملكت والميم زائدة، وهذا قول من زعم أنه اسم رجل 10.

وأما شعيب فتصغير شعب، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه الطريق في الجبل، والثاني: أنه القبيلة العظيمة، والثالث: أنه مأخوذ من شعب الإناء المكسور 11.

ثانيًا: سمى الله سبحانه وتعالى قوم شعيب عليه السلام بأصحاب الأيكة في عدة مواضع من كتابه فقال سبحانه: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [الحجر:٧٨].

وقال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [الشعراء:١٧٦-١٧٨].

وقوله تعالى:(ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [ص:١٢-١٣].

وقوله سبحانه: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [ق:١٤].

والأيكة عند أهل اللغة هي: الشجر الكثير الملتف، وتسمى أيضا الغيضة، وجمعها أيك، وكل شجر ملتف فهو عند العرب أيكة، وقيل: هي الغيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر 12.

ولكن تسمية قوم شعيب عليه السلام بأصحاب الأيكة محل خلاف بين المفسرين على أقوال:

القول الأول: ذهب أكثر المفسرين على أن أصحاب الأيكة هم قوم شعيب عليه السلام.

القول الثاني: ذكر بعض المفسرين عن قتادة: إن شعيبًا عليه السلام أرسل مرتين إلى مدين وإلى أصحاب الأيكة، فأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة، وأما أهل مدين فأخذتهم الصيحة، صاح بهم جبريل صيحة فهلكوا جميعًا13.

القول الثالث: هناك من المفسرين من يجعل أصحاب الأيكة فريقًا من قوم شعيب غير أهل مدين: فأهل مدين عندهم هم سكان الحاضرة، وأصحاب الأيكة هم باديتهم، وقيل: من ساحل البحر إلى مدين، وكان شعيب رسولًا إليهم جميعًا، وفيهم قال تعالى:(ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [الشعراء:١٧٦-١٧٨].

وفي آية أخرى: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)[الحجر:٧٨-٧٩].14.

قال الإمام ابن كثير: « وأصحاب الأيكة: هم أهل مدين على الصحيح،.، والصحيح أنهم أمة واحدة، وصفوا في كل مقام بشيء، ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصة مدين سواء بسواء، فدل ذلك على أنهما أمة واحدة» 15.

وقد كان نبي الله شعيب عليه السلام من أنفسهم، وإنما لم يقل هاهنا: أخوهم شعيب؛ لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة، وهي شجر كثير ملتف، كانوا يعبدونها، فلهذا لما قال: (ﯢ ﯣ ﯤ)، لم يقل: إذ قال لهم أخوهم شعيب، وإنما قال: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)، فقطع نسب الأخوة بينهم، للمعنى الذي نسبوا إليه من عبادة الأيكة، وإن كان أخاهم نسبًا، وبعض المفسرين لم يفطن لهذه النكتة، فظن أن أصحاب الأيكة غير أهل مدين، فزعم أن شعيبًا عليه السلام بعثه الله إلى أمتين، ومنهم من قال: ثلاث أمم16.

وأما موقع الأيكة ومكانها الجغرافي هو ضمن موقع مدين، وعلى وجه التحديد يمكن الاستئناس بما ذكره علامة الجزيرة في التاريخ حمد الجاسر في كتابه: في شمال غربي الجزيرة: « أن الأيكة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم هي قبل تبوك التي غزاها الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر غزواته، وأهل تبوك يقولون ذلك ويعرفونه، ولم أجد هذا في كتب التفسير، بل يقولون الأيكة الغيضة الملتفة بالأشجار، والجمع أيك، والمراد بأصحاب الأيكة أهل مدين، قلت: ومدين وتبوك متجاورتان، وأقول: لا يزال يطلق اسم الأيكة على واد من روافد عفال في المنطقة المعروفة ببلاد مدين، والتي فيها مغاير شعيب عليه السلام »17.

ثالثًا: الزمان:

لقد بين القرآن الكريم الزمن الذي كانت فيه مدين وعاش فيه النبي شعيب عليه السلام، وذلك في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [هود:٨٩].

والمراد بالبعد في الآية هو: بعد الزمن والمكان والنسب، فزمن لوط عليه السلام غير بعيد من زمن شعيب عليه السلام، وكان مدين بن إبراهيم عليه السلام وهو جد قبيلة شعيب المسماة باسمه، وقد ذكر بعض المفسرين أن مدين كان متزوجًا بابنة لوط عليه السلام 18، وقيل: إن المراد بالبعد هو أنهم غير بعيدين في الصفات والأفعال المستقبحات، من قطع الطريق، وأخذ أموال الناس جهرة وخفية، بأنواع الحيل والشبهات، والجمع بين هذه الأقوال ممكن، فإنهم لم يكونوا بعيدين منهم لا زمانًا، ولا مكانًا، ولا صفاتٍ19.

ويعتقد بعض المفسرين أن شعيبًا عليه السلام قد عاش بعد إبراهيم الخليل، وبعد يوسف عليهما السلام20، قال ابن كثير: «كان شعيب قبل زمان موسى عليه السلام بمدة طويلة؛ لأنه قال لقومه: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)، وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل عليه السلام بنص القرآن، وقد علم أنه كان بين الخليل وموسى عليهما السلام مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد» 21.

رابعًا: تاريخ مدين:

يعتقد بعض علماء الآثار المعاصرين أن آثار بلدة قرية البدع التي تقع في شمال تبوك ترجع إلى قوم مدين، وأن مدين كانت معاصرة لعهد موسى عليه السلام، ويرون في هذا دليلًا على قدم وجودها وإمكان نسبتها إلى ما قبل القرن الثالث عشر ق. م على أقل تقدير عندهم.

ويعتقدون أن النبي شعيبًا عليه السلام الذي ذكر في القرآن الكريم رسولٌ لأهل مدين، بأنه يحتمل

توقيت عهده بأوائل فترات ازدهار تاريخها القديم22.

ويرجح بعض الباحثين المعاصرين من علماء الآثار والتاريخ: أن عصر شعيب عليه السلام إنما كان قبل عصر موسى، معتمدين في ذلك على أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر شعيبًا في القرآن الكريم - كما في سورة الأعراف وهود والحج والشعراء والعنكبوت- بعد نوح وهود وصالح ولوط، وقبل موسى23.

ومن خلال تقديرهم لعصر الخليل عليه السلام، والذي كان بين: (١٩٤٠- ١٧٦٥ق. م)، وأن لوطا عليه السلام وقومه إنما كانوا معاصرين لأبي الأنبياء عليه السلام، قال بعض الباحثين المعاصرين: «إن شعيبًا وقومه إنما كانوا يعيشون بعد القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وخاصة أن المصادر التاريخية تذكر أن مدين هو من ولد إبراهيم الخليل عليه السلام، فقدر هؤلاء - حدسًا عن غير يقين- أن القوم إنما كانوا يعيشون في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، على صحة فرض ما ذهب إليه بعضهم من أن يثرون كاهن مدين وصهر موسى، إنما هو شعيب نبي مدين العربي، وذلك لأنهم يقدرون رحلة خروج موسى من مصر متوجهًا إلى مدين، إنما كانت في هذا القرن الثالث عشر ق. م» 24.

ويمكن القول: إن هذا التقدير ربما قد يكون صحيحا أو يقارب الصحة الى حد كبير؛ لأن بعض المفسرين يذكرون أن بين الخليل عليه السلام وموسى عليه السلام أربعمائة عام، وكذلك بين اليوم الذي دخل فيه يوسف مصر واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام25، بالإضافة الى ما يذكر من أن شعيبا عليه السلام كان من المعمرين، فقد ذكرت بعض المصادر أن شعيبًا عليه السلام عمر (٢٤٠) عامًا 26.

ذكر مدين في القرآن الكريم

ورد ذكر مدين في القرآن الكريم (١٠) مرة في (٧) سورة، وقد ذكروا بلفظ (أصحاب الأيكة) (٤) مرات.

وأما قصتهم فقد وردت في السور الآتية:

السورة

الآيات

الأعراف

٨٥-٩٣

هود

٨٤-٩٥

العنكبوت

٣٦-٣٧

الفتح

٢٩

رسول الله إلى مدين ورسالته

أولًا: رسول الله إلى مدين:

ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن الرسول الذي أرسله إلى مدين هو شعيب عليه السلام.

قال تعالى: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ) [الأعراف:٨٥].

وقال سبحانه وتعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [هود:٨٤].

وقوله تعالى أيضًا: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [العنكبوت:٣٦].

و كذلك قوله تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الشعراء:١٧٦-١٧٧]. 27.

واختلف المفسرون في نسب نبي الله شعيب عليه السلام على أقوال:

الأول: أنه شعيب بن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم الخليل عليه عليه السلام، وإن أمه بنت نبي الله لوط، وقال ابن إسحاق هو: شعيب بن ميكائيل بن يزجر بن مدين بن إبراهيم وأم ميكائيل بنت لوط.

الثاني: ما قاله عطاء بأنه: شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام.

الثالث: شعيب بن يثرون بن مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام 28.

قال الإمام ابن عاشور معلقًا على الاختلاف في نسب النبي شعيب: « وشعيب عليه السلام هو رسول الله لأهل مدين، وهو من أنفسهم، اسمه في العربية شعيب عليه السلام واسمه في التوراة: (يثرون)، ويسمى أيضا (رعوئيل)، وهو ابن (نويلى أو نويب) بن (رعويل) بن (عيفا) بن (مدين)، ثم قال: وقد خبط في نسب مدين، ونسب شعيب عليه السلام جمع عظيم من المفسرين والمؤرخين، فما وجدت مما يخالف هذا فانبذه»29.

ويلاحظ من أقول المفسرين أنهم متفقون على أن شعيبًا عليه السلام من ذرية إبراهيم الخليل عليه السلام 30.

وقد ذكر جمهور المفسرين أن شعيبًا عليه السلام من الأنبياء الأربعة العرب اعتمادًا منهم على حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له عند ذكر الأنبياء والرسل:(وأربعة من العرب، هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر)31.

وكان النبي شعيب مشهورًا بالفصاحة وعلو العبارة، وببلاغته في دعوة قومه إلى الإيمان والإسلام، فقد روى ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيبًا قال: (ذاك خطيب الأنبياء)32، يعني: لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته 33.

[انظر شعيب: نبذة عن شعيب عليه السلام ومكانته]

ثانيًا: رسالة النبي شعيب عليه السلام:

قال تعالى: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [الأعراف:٨٥-٨٦].

وقال سبحانه: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [هود:٨٤-٨٦].

وقال عز وجل: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [العنكبوت:٣٦].

فهذه الآيات السابقة تبين المحاور الرئيسة لدعوة النبي شعيب عليه السلام وهي: الأمر بتوحيد الله في العبادة، والنهي عن أشد الرذائل فُشُوًّا فيهم، والأمر بالفضيلة التي تقابلها34، وهذه المحاور هي:

١. الأمر بعبادة الله وتوحيده وتقواه.

إن الأنبياء عليهم السلام يشرعون في أول الأمر بالدعوة إلى التوحيد، ويأمرون بعبادة الله وحده، وينهون عن عبادة غير الله، وهذا أصل معتبر في شرائع جميع الأنبياء، وعليه مدار دعوة الرسل عليهم السلام كلهم، ويدل على ذلك قوله تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [النحل:٢].

كما قال تعالى بخصوص أصحاب الأيكة وهم قوم شعيب:؛ (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الشعراء:١٧٦-١٧٩].

لأن معرفة الله تعالى وتوحيده في صفات العظمة التي هي صفات الألوهية، وعبادته وحده لا شريك له، فهي التي أنزل الله بها كتبه وأرسل رسله، وجعل الشرائع كلها تدعو إليها، وتجاهد من حاربها وقام بضدها.

وهذا هو منهج جميع الأنبياء عليهم السلام: فقد قال الله تعالى عن نوح عليه السلام: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ) [المؤمنون:٢٣].

وقال الله تعالى عن هود عليه السلام: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الأعراف:٦٥].

وقال الله تعالى عن صالح عليه السلام: (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ) [هود:٦١]35.

وكان أهل مدين على دين إبراهيم عليه السلام الذي هو الإسلام، هو دين جميع الأنبياء، ولكنه لم يطل بهم العهد حتى غيروا دينهم الحق، وكفروا بالله، وعبدوا غير الله، وانحرفوا عن الصراط المستقيم، فغرتهم الحياة الدنيا ومتاعها الفاني، فقد كانوا أصحاب تجارة وسلع.

وكانوا على الطريق التجارية الكبيرة بين اليمن والشام، وبين العراق ومصر على ساحل البحر الأحمر، ولكن حب المال سيطر على قلوبهم وأعماهم عن اتباع الحق، فقد كانوا يعبدون الأيكة، وزيادة على كفرهم وضلالهم فقد كانوا ينقصون المكيال والميزان ويطففون فيهما، أي: يأخذون مع الزيادة، ويدفعون مع النقصان، ويأكلون المال الحرام.

ولم يكتفوا بهذه المعاملة السيئة، بل كانوا يقطعون الطريق على المارة، ويتعرضون للقوافل، فيتوعدونها ويخيفونها ويعيثون في الأرض فسادًا36.

٢. الأمر بالفضائل والنهي عن أشد الرذائل فُشُوًّا فيهم.

  1. دعوته إلى الفضيلة.

    وذلك من خلال دعوته إلى الخير والمعروف، فقد أخذ نبي الله شعيب عليه السلام يبسط لقومه في الكلام وهو يدعوهم للمعروف وينهاهم عن المنكر والفساد، فأراد أن يخرجهم من التعلق بالدنيا وزخارفها ويبين لهم أن أخذ المال وجمعه بالحلال خير لهم من أخذه بالظلم والخيانة وبطرق الحرام، فقال لهم برفق وحكمة: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [الأعراف:٨٥-٨٦].

    وقال: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [هود:٨٦].

    و(ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) أي: أي ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم إن كنتم مؤمنين من أخذ أموال الناس بالتطفيف والظلم والخيانة، ويقال (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ)، أي: مراقبة الله خير لكم37.

    وقال الراغب هو: « ما يبقى ثوابه للإنسان من الأعمال، والصحيح أنها كل عبادة يقصد بها وجه الله تعالى»38.

    والقليل من الحلال الطيب خير من الكثير من الحرام الخبيث، وذلك لأن الحلال مبارك فيه وإن قل، والحرام ممحوقٌ لا بركة فيه وإن كثر، كما قال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [البقرة:٢٧٦].

    وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الربا وإن كثر، فإن عاقبته تصير إلى قُلٍّ) 39.

  2. النهي عن أشد الرذائل فُشُوًّا فيهم.

    كانت هناك بعض المنكرات التي يمارسها قوم النبي شعيب عليه السلام والتي نهاهم عنها وهي:

    الأول: النهي عن التلاعب بالمكاييل والموازيين في الأخذ والعطاء.

    من خلال الآيات يلاحظ أن النبي شعيبًا عليه السلام أمر قومه بالوفاء بالمكاييل والموازيين أولًا، وذلك يكون بالاستقامة في الأخذ والإعطاء، ثم نهاهم عن نقصان المكاييل والموازيين زيادة في التأكيد على ذلك، وكانت هذه المعصية قد فشت فيهم في ذلك الزمن وفحشت مع كفرهم الذي نالتهم الرجفة بسببه.

    الثاني: النهي عن بخس الناس أشياءهم.

    والبخس في المعاملة هو: النقص والظلم والتقليل، ومعناه لا تظلموا الناس حقوقهم التي يجب عليكم أن توفوهم إياها، و() أي: أموالهم وأمتعتهم مما يكال أو يوزن، وحقوقهم 40.

    والنهي في قوله تعالى: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ)، عام يتناول كل حق يدخله البخس والنقص سواء أكان ذلك من الأشياء المادية أو المعنوية 41.

    وقد فشا كلٌّ من هذا النوع في هذا العصر، مما أدى الى انهيار الاقتصاد، فكثير من التجار باخسون، مطففون فيما يبيعون وما يشترون، وكثير من المشتغلين بالعلوم والآداب والسياسة بخاسون لحقوق بنى جلدتهم، مُدَّعونَ للتفوق عليهم، منكرون لما خص الله به سواهم من المزايا والخصائص حسدًا عليهم وبغيًا، فيدخلون في عموم حكم الآية وهو تحريم بخس الناس أشياءهم بمختلف أنواعها 42.

    الثالث: النهي عن الفساد في الأرض والعتو فيها.

    ذكر الله تعالى على لسان شعيب عليه السلام أنه نهى قومه عن الفساد في الأرض بقوله: (ﮎ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الأعراف:٨٥].

    وقوله تعالى: (ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [هود:٨٥-٨٦].

    وقوله عز وجل: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [العنكبوت:٣٦].

    (ﮎ ﮏ) لفظ عام يتناول جميع أنواع الفساد دقيقه وجليله، وهو نهي شامل لكل ما يمس نظام المجتمع بالظلم وأكل أموال الناس بالباطل، وإفساد الأخلاق والآداب: بارتكاب الإثم والفواحش، وإفساد العمران بالجهل وعدم النظام 43.

    وكذلك الإصلاح لفظ عام: والمفسرون نَصُّوا على أن الإشارة إلى الكفر بالفساد، وإلى النبوءات والشرائع بالإصلاح 44.

    والمعنى: ولا تعملوا في أرض الله بمعاصيه، وما كنتم تعملونه قبل أن يبعث الله إليكم نبيه، من عبادة غير الله، والإشراك به، وبخس الناس في الكيل والوزن (بعد إصلاحها)، يقول: بعد أن أصلح الله الأرض بالأمر بالعدل وإرسال الرسل وابتعاث النبي شعيب فيكم، ينهاكم عما لا يحل لكم، وما يكرهه الله لكم 45.

    (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ)، فيه إشارة إلى كل ما تقدم من أمر ونهي، أي: هو خير لكم في دينكم ودنياكم، لا تكليف إعنات، فربكم لا يأمركم إلا بما هو نافع لكم، ولا ينهاكم إلا عما هو ضار بكم، وهو على كل حال غني عنكم، ولو شاء لأعنتكم، ولكنه رحيم لا يفعل ذلك، ومعنى الخيرية إما الزيادة مطلقًا أو في الإنسانية وحسن الأحدوثة وجمع المال، وإنما تتحقق لكم خيرية ما ذكر إن كنتم مؤمنين بوحدانيته وصفاته تعالى، وبرسوله وما جاءكم به عنه سبحانه من الدين والشرع، وسيأتي تعليل ذلك بعد بيان ما قيل في هذا الإيمان 46.

    الرابع: النهي عن قطع الطريق.

    قال عليه السلام: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [الأعراف:٨٦].

    نهى النبي شعيب عليه السلام قومه عن قطع الطريق الحِسِّيِّ والمعنوي؛ لأنهم كانوا يتوعدون الناس بالقتل، إن لم يعطوهم أموالهم؛ لأنهم كانوا عشارين، وذلك من قبيل بخسهم ونقصهم الكيل والوزن، وهذا نهي للعشارين ونحوهم من أخذ أموال الناس بالباطل، والسلب وقطع الطريق.

    كما أنه نهاهم عن القعود على الطرقات التي توصل إليه، مخوفين من يجيئه، ليرجع عنه قبل أن يراه ويسمع دعوته، وصدهم من وصل إليه وآمن به بصرفه عن الثبات على الإيمان والاستقامة على الطريق الموصلة إلى سعادة الدارين، وابتغاؤهم جعل سبيل الله المستقيمة معوجة بالطعن وإلقاء الشبهات المشككة فيها أو المشوهة لها، وهم بعلمهم هذا ارتكبوا ضلالتين: التقليد والعصبية للآباء والأجداد، وضلالة الغلو في الحرية الشخصية التي أباحت لهم الطعن في الأديان حتى بلغوا في ذلك حد الطغيان47.

    ٣. دعوته إلى الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي.

    قام النبي شعيب بدعوة قومه إلى عبادة الله وتوحيده الذي هو الأساس للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي؛ ذلك أن إصلاح الحياة الاجتماعية والاقتصادية يكون بإقامة القسط والعدل في الموازين والمكاييل، والحفاظ على الحقوق، والقيام بحق الأمانة في التعامل، وترك الإفساد في الأرض، واستئصال سبب المنازعات والخلافات بين الناس، وإشاعة المحبة والمودة بينهم48.

    بينه النبي شعيب عليه السلام في قوله تعالى: (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ).

    ذهب جمهور المفسرين إلى أن الله تعالى قد أقام الحجج والبينات على صدق ما جاءهم به شعيب، مما يتبين به الحق من الباطل، ومن المفسرين من فسر البينة بالحجة والبرهان والمعجزة المحسوسة ذهابًا إلى أن النبي لما كان يدعو إلى شرع يوجب قبوله، فلا بد من دليل يعلم صدقه به، وما ذاك إلا المعجزة- قال: إن معجزة شعيب لم تذكر في القرآن، وليست كل آيات الأنبياء مذكورة في القرآن، يعني: دعوته وإرشاده.

    لأنه لا بد لمدعي النبوة من معجزة تشهد له وتصدقه، وإلا لم تصح دعواه، وكان متنبئًا لا نبيًا، غير أن معجزته لم تذكر في القرآن الكريم، كما لم تذكر أكثر معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيه 49.

    يؤيد هذا ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثلها آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيًا أوحاه الله إليًّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة)50.

    أي: إن كل نبي مرسل أعطاه الله من الآيات الدالة على صدقه وصحة دعوته ما شأنه أن يؤمن البشر على مثله 51.

    وقال بعض المفسرين: عني بالبينة مجيء شعيب، وأنه لم تكن له آية إلا النبوة، ولا يخفى أن البينة أعم من المعجزة بعرفهم، فكل من أبطلت شبهة ضلاله، وأظهرت له حجة الحق الذي يدعى إليه فقد جاءته البينة؛ لأن حقيقة البينة كل ما يبين الحق، فتشمل المعجزات الكونية والبراهين العقلية، والأمم القديمة لم تكن تذعن إلا لخوارق العادات 52.

    قال سيد قطب: « ولا يذكر السياق نوع هذه البينة-كما ذكرها في قصة صالح-ولا نعرف لها تحديدًا من مواضع القصة في السور الأخرى، ولكن النص يشير إلى أنه كانت هناك بينة جاءهم بها، تثبت دعواه أنه مرسل من عند الله، ويرتب على هذه البينة ما يأمرهم به نبيهم من توفية الكيل والميزان، والنهي عن الإفساد في الأرض، والكف عن قطع الطريق على الناس» 53.

    [شعيب: معالم نصح شعيب عليه السلام لقومه]

    موقف مدين من رسولهم عليه السلام

    أولًا: جواب مدين وكيف واجهوا دعوته:

    تبين الآيات الآتية جواب قوم شعيب شعيبًا عليه السلام، وكيف واجهوا دعوته.

    قال تعالى: ( ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ)، إلى قوله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [الأعراف:٨٥-٩٠].

    وقال تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) إلى قوله: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [هود:٨٤-٩٣].

    وقال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) إلى قوله: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الشعراء:١٧٦-١٨٨].

    ومن خلال هذه الآيات يتبن أن رد أهل مدين على شعيب عليه السلام عما أمرهم به كان متنوعًا بين رد خطاب بخطاب والرد بالاستهزاء والإهانة والتكذيب، والرد بالتهديد بالطرد والتهجير، والرد بالتهديد بالقتل على النحو الآتي:

    ١. رد خطاب بخطاب.

    يبين القرآن الكريم أن قوم شعيب ردُّوا خطاب النبوة والرحمة والهداية بخطاب فيه السخرية والاستهزاء والتكذيب بما لا يليق بنبي مرسل لقومه على النحو الآتي:

    أما ردهم على أمرهم بعبادة الله وحده، فقالوا:(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ)، أي: هل صلاتك التي تكثر منها تأمرك بترك عبادة آبائنا وأجدادنا، وهي عبادة الأوثان والأصنام، وهذا منهم على سبيل الاستهزاء والسخرية، فهم مصرون على تقليد أسلافهم في الوثنية.

    وأما الرد على ترك البخس (النقصان) في الكيل والميزان فقالوا:(ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ)، أي: وهل صلاتك تأمرك أن نترك فعل ما نريد فعله؟، ومقصودهم أن مطلبه بالعدل وأداء الزكاة منافٍ لسياسة تنمية المال وتكثيره، وهو حَجْرٌ وتقييد لحريتهم الاقتصادية.

    واختلف في معنى «الصلاة» هنا، فقالت فرقة: أرادوا الصلوات المعروفة، وروي أنَّ شعيبًا عليه السلام كان أكثر الأنبياء صلاة، وقال الحسن: لم يبعث الله نبيا إلا فرض عليه الصلاة والزكاة، وقيل: أرادوا قراءتك، وقيل أرادوا: أمساجدك؟ وقيل: أرادوا: أدعواتك، وقيل: دينك الذي تدين به وأمرت باتباعه؛ لأن أصل الصلاة الاتباع، ومنه أخذ المَصْلِي في الخيل.

    قال القاضي أبو محمد: وأقرب هذه الأقوال الأول والرابع، وجعلوا الأمر من فعل الصلوات على جهة التجوز، وذلك أن كل من حصل في رتبة من خير أو شر ففي الأكثر تدعوه رتبته إلى التزيد من ذلك النوع، فمعنى هذا: ألما كنت مصليا تجاوزت إلى ذم شرعنا وحالنا؟ فكأن حاله من الصلاة جَسَّرَتْهُ على ذلك فقيل: أمرته، كما قال تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [العنكبوت:٤٥]54.

    () فيه وجهان: أحدهما: تدعوك إلى أمرنا، الثاني فيها: أن تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا يعني من الأوثان والأصنام.

    (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ)، فيه ثلاثة تأويلات:

    أحدها: ما كانوا عليه من البخس والتطفيف.

    الثاني: الزكاة، كان يأمرهم بها فيمتنعون منها، قاله زيد بن أسلم وسفيان الثوري.

    الثالث: قطع الدراهم والدنانير؛ لأنه كان ينهاهم عنه، قاله زيد بن أسلم 55.

    قال سيد قطب: « ولقد كانت الجاهليات- كما هي اليوم- تفصل بين العقيدة والعبادات، وبين الشرائع والمعاملات من ذلك ما حكاه القرآن الكريم عن قوم شعيب: ( ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) ومن ثم يربط السياق القرآني بين قواعد التعامل في المال والتجارة والبيع والشراء، وبين هذا المعرض الخاص بالعقيدة، للدلالة على طبيعة هذا الدين، وتسويته بين العقيدة والشريعة، وبين العبادة والمعاملة، في أنها كُلَّها من مقومات هذا الدين، المرتبطة كلها في كيانه الأصيل»56.

    أجابهم شعيب بما يحسم أطماعهم بقوله: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [هود:٨٨-٩٠].

    أخبروني يا قوم إن كنت على بصيرة من ربي فيما أدعو إليه، ورزقني منه رزقا حسنا، وهو النبوة والحكمة، ولا أنهاكم عن الشيء وأقع في المنهي عنه، ولا أريد إلا إصلاحكم بمقدار استطاعتي، وليس توفيقي في إصابة الحق فيما أريده إلا بالله وهدايته وعونه، وعليه توكلت في جميع أموري، ومنها تبليغ رسالتي، وإليه أنيب وأرجع. وهذا دليل على ثبات شعيب على المبدأ وإخلاص الدعوة، دون أن يخشى من قومه سوءًا.

    ٢. الرد بالاستهزاء والتكذيب.

    قال تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [هود:٨٧].

    (ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ)، فيه ثلاثة أوجه:

    أحدها: أنهم قالوا ذلك استهزاء به، قاله قتادة.

    الثاني: معناه أنك لست بحليم ولا رشيد على وجه النفي، قاله ابن عباس.

    الثالث: أنهم اعترفوا له بالحلم والرشد على وجه الحقيقة وقالوا أنت حليم رشيد فلم تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ والحلم والرشد لا يقتضي منع المالك من فعل ما يشاء في ماله57.

    (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [هود:٩١]، أي: ما نفهم ما تقول، ومنه سمي علم الدين فقهًا؛ لأنه مفهوم، وفيه وجهان: أحدهما: ما نفقه صحة ما تقول من البعث والجزاء، الثاني: أنهم قالوا ذلك إعراضًا عن سماعه واحتقارًا لكلامه58.

    ولم ينفعهم هذا الأسلوب أيضا، فلجئوا إلى الإهانة والتهديد، قائلين: يا شعيب، ما نفهم كثيرًا من قولك، مع أنه خطيب الأنبياء، وأنت واحد ضعيف، ولولا رهطك أو عشيرتك وقرابتك لرجمناك بالحجارة، وليس لك معزة ولا تكريم.

    ويشبه هذا الذي ردوا به على نبيهم ما قال كفار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [فصلت:٥].

    ( ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [هود:٩١].

    (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) فيه سبعة تأويلات:

    أحدها: ضعيف البصر، قاله سفيان.

    الثاني: ضعيف البدن، حكاه ابن عيسى.

    الثالث: أعمى، قاله سعيد بن جبير وقتادة.

    الرابع: قليل المعرفة وحيدًا، قاله السدي.

    الخامس: ذليلًا مهينًا، قاله الحسن.

    السادس: قليل العقل.

    السابع: قليل المعرفة بمصالح الدنيا وسياسة أهلها.

    ويلاحظ من خلال تعبيرهم بالضعف أنه يحتمل هذه المعاني كلها في نظرهم.

    (ﮀ ﮁ) فيه وجهان:

    أحدهما: عشيرتك، وهو قول الجمهور.

    الثاني: لولا شيعتك، حكاه النقاش.

    () فيه وجهان:

    أحدهما: لقتلناك بالرجم.

    الثاني: لشتمناك بالكلام.

    (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) فيه وجهان:

    أحدهما: بكريم.

    الثاني: بممتنع لولا رهطك 59.

    وتلك سنة متبعة درجت عليها الأمم مع أنبيائها عليهم السلام، فقد استهزأ قوم نوح به عليه السلام.

    قال تعالى: (ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [هود:٣٨].

    واستهزأت عاد بهود: عليه السلام (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [الشعراء:١٨٧].

    واستهزأت ثمود بصالح، عليه السلام.

    قال تعالى: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [الأعراف:٦٦].

    واستهزؤوا بشعيب: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [هود:٨٧].

    واستهزأ فرعون بموسى عليه السلام.

    قال سبحانه: (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الزخرف:٥٢]60.

    أما التكذيب فهو ما جاءت به الآيات الآتية:

    قال تعالى:(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [الشعراء:١٨٥-١٨٦].

    وقال تعالى: ( ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [العنكبوت:٣٦-٣٧]61.

    ٣. الرد بالتهديد بالطرد والتهجير.

    فقد هدد الملأ وهم كبار القوم من قومه شعيبًا عليه السلام بالطرد والتهجير من بلده: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [الأعراف:٨٨-٨٩].

    وهذا النوع من التهديد يفعل مع جميع الأنبياء، ومن بعدهم الدعاة المخلصون، كما قال تعالى عن نبي الله لوط عليه السلام: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [الأعراف:٨٢].

    وقال تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [التوبة:٤٠]62.

    ٤. الرد بالتهديد بالقتل.

    هدد قوم شعيب النبي شعيبًا بالقتل بالرجم، والرجم من شر القتلات، قال الله تبارك وتعالى إخبارًا عن قوم شعيب: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ) [هود:٩١].

    فلم يكتفوا باستكبارهم عن اتباع الحق الذي جاء به نبيهم، بل واجهوه بأنهم لولا عشيرته وقبيلته لرجموه بالحجارة حتى القتل وتخلصوا منه.

    فقال لقومه: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [هود:٩٢].

    أي: أتخافون من قبيلتي وعشيرتي وتراعونني بسببهم وخوفًا منهم ولا تخافون عذاب الله، وجعلتم أمر الله وراء ظهوركم لجهلكم وتكبركم، والله سبحانه عليم بما تعملونه لا يخفى عليه شيء، محيط بذلك كله وسيجزيكم عليه يوم القيامة63..

    والرهط: الجماعة من الثلاثة إلى العشرة، وقيل: يقال إلى الأربعين، قال: (ﮀ ﮁ ﮂ) [النمل:٤٨] والمراد لولا عشيرتك وقالوا لولا رهطك على سبيل التقليل والاحتقار 64.

    ثانيًا: إنذار شعيب قومه بالعذاب ووقوعه بالفعل:

    لم تجد وسائل الإصلاح اللينة والكلمة الطيبة بقوم شعيب، فتحول أسلوبه من لين القول إلى الإنذار بالعذاب، وطلب المغفرة من الله والتوبة إليه، فازداد تعنتهم وإعراضهم، وأمهلهم ليصلحوا شأنهم أو يترقبوا إنزال العقاب بهم، فلم يبدلوا حالهم، فكانت النتيجة عقابهم بالصيحة التي دمرتهم، وإنجاء المؤمنين، وهذا ما سجله القرآن الكريم في الآيات الآتية:

    (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [هود:٩٣-٩٥]65.

    ولما يئس شعيب عليه السلام من إجابتهم دعوته، حسم الموقف قائلا: يا قوم، اعملوا على طريقتكم، واعملوا كل ما في وسعكم وطاقتكم من إلحاق الشر بي، فإني عامل أيضا على طريقتي بما آتاني الله من القدرة، أي: فأنتم ثابتون على الكفر والضلال، وأنا ثابت على الدعوة إلى عبادة الله والثقة بقدرته، ولسوف تعلمون من ينزل به عذاب يخزيه ويذله في الدنيا والآخرة، ومن هو كاذب في قوله مني ومنكم، وانتظروا ما أقول لكم من إيقاع العذاب، إني معكم رقيب منتظر، وهذا وعيد وتهديد لمن يفهم ويدرك المقال66.

    نعم الله على مدين وموقفهم منها

    أنعم الله تعالى على قوم شعيب عليه السلام بمختلف النعم بصفة عامة، شأنهم في ذلك شأن سائر الأمم السابقة واللاحقة بهم، لقوله تعالى: (ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [النحل:٥٣].

    وقوله تعالى: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [إبراهيم:٣٤].

    وقوله سبحانه: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النحل:١٨]67.

    وذلك لأن نعم الله تعالى على عبيده لا يمكن عدها وحصرها؛ لأن كل ما أودع الله في السماء والأرض والأجسام من المنافع واللذات التي ننتفع بها، وكذلك الجوارح والأعضاء التي نستعملها، وما خلق الله تعالى في العالم هو من نعم الله تعالى 68.

    أما نعم الله الخاصة على قوم شعيب عليه السلام فهي ما ورد في قوله تعالى: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [الأعراف:٨٦]وهذه الآية كقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [الأنفال:٢٦]69.

    فقد ذكرهم نبيهم شعيب عليه السلام بنعم الله عليهم الخاصة بهم حين كانوا قلة فكثروا، وفقراء فاغتنوا، وضعفاء فتقووا، ولفت نظرهم إلى ضرورة الاتعاظ بأحوال من سبقهم أو جاورهم من الأمم والشعوب الخالية، فإنهم حين كذبوا الرسل وكفروا بالله، دمرهم الله واستأصلهم وأبادهم وجعلهم عبرة لمن جاء بعدهم70.

    وقد حكى الإمام الزجاج في قوله تعالى: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) ثلاثة أوجه:

    «أحدها: كثر عددكم بعد القلة، قال ابن عباس رضي الله عنه: وذلك أن مدين بن إبراهيم تزوج زينا بنت لوط وولد آل مدين منها.

    والثاني: كثركم بالغنى بعد الفقر.

    والثالث: كثركم بالقوة بعد الضعف.

    وذكر بعض المفسرين وجهًا رابعًا: أنه كثرهم بطول الأعمار بعد قصرها من قبل»71.

    قال أبو حيان أثير الدين الأندلسي: «المراد مجموع الأقوال الأربعة، فإنه تعالى كثر عددهم وأرزاقهم، وطول أعمارهم، وأعزهم بعد أن كانوا على مقابلاتها»72.

    وصيغة الأمر في قوله: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) في الآية المذكورة تدل على وجوب ذكر النعمة على سبيل الشكر والاعتراف بنعم الله تعالى بأن كثر جماعتهم بعد أن كانوا قليلا عددهم، وأن رفعهم من الذلة والخساسة، وأغناهم بعد أن كانوا فقراء، وقواهم بعد أن كانوا ضعفاء، وما يستوجب ذلك من الإيمان بالله تعالى وطاعته، وكأنه يقول لهم: فاشكروا الله الذي أنعم عليكم بذلك، وأخلصوا له العبادة، واتقوا عقوبته بالطاعة، واحذروا نقمته بترك المعصية73.

    والتذكير بنعمة الله تعالى طريق من طرق مواعظ الرسل.

    قال تعالى حكاية عن هود عليه السلام: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الأعراف:٦٩].

    وقال عن شعيب عليه السلام: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [الأعراف:٨٦].

    وقال الله لموسى عليه السلام: (ﯘ ﯙ ) [إبراهيم:٥].

    وقال عن محمد صلى الله عليه وسلم: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [الأنفال:٢٦]74.

    ويكون المراد من التذكير بالنعم ما يأتي:

  1. أن في جملة النعم ما يشهد بصدق النبي شعيب وبرسالته التي جاء بها.
  2. أن كثرة النعم توجب عظم المعصية، فذكرهم تلك النعم لكي يحذروا مخالفة ما دعوا إليه من الإيمان بالله ورسوله.
  3. أن التذكير بالنعم الكثيرة يوجب الحياء من الله تعالى عن إظهار المخالفة.
  4. أن التذكير بالنعم الكثيرة يفيد أن المنعم خصهم من بين سائر الناس بها، ومن خصَّ أحدًا بنعم كثيرة فالظاهر أنه لا يزيلها عنهم لما قيل: إتمام المعروف خير من ابتدائه، فكأن تذكير النعم السالفة يطمع في النعم الآتية، وذلك الطمع مانع من إظهار المخالفة والمخاصمة 75.

    عاقبة قوم مدين

    لما وصل النبي شعيب عليه السلام مع قومه إلى طريق مسدود، ويئس من إجابتهم، فوض أمره إلى الله تعالى، الذي يعتمد عليه الإنسان في أموره كلها؛ لأنه الكافي لمن توكل عليه قائلًا: ( ﮋ ﮌ) [الأعراف:٨٩].

    ثم فزع عليه السلام إلى ربه بالدعاء على قومه بالهلكة وتعجيل النقمة، إذ أيس من فلاحهم، وانقطع رجاؤه من إذعانهم لله بالطاعة والإقرار له بالرسالة، وخاف على نفسه وعلى من اتبعه من مؤمني قومه من فسقهم، فقال: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الأعراف:٨٩].

    أي: احكم بيننا وبين قومنا وانصرنا عليهم، وأنت خير الفاتحين، أي: خير الحاكمين، فإنك العدل الذي لا يجور أبدًا، فاستجاب الله دعاءه، فأهلكهم بالرجفة، ومنه قوله تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة:٨٩].

    وقوله: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الأنفال:١٩].

    والاستفتاح هو: الإنصاف في الدعاء، والاستنصار، وطلب الحكم بالحق76.

    ومثل ذلك قوله تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [الأنبياء:١١٢].

    وهذا الدعاء كانت تقوله الأنبياء لما أخرجه ابن جرير وابن كثير عن قتادة أنه قال: كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الأعراف:٨٩].

    وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك، وأخرجوا كذلك عن مالك عن زيد بن أسلم: كان رسول الله عليه السلام إذا شهد قتالا قال رب احكم بالحق77.

    فأجابهم شعيب عليه السلام على سبيل التهديد والوعيد لهم بعذاب الله: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [هود:٩٣-٩٤].

    وفي الشعراء قال لهم: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الشعراء:١٨٨].

    يعني: هو عالم بأعمالكم، فإن أراد أن يبقيكم، وإن أراد أن يهلككم أهلككم، وإن شاء عجل لكم العذاب، وإن شاء أخره إلى أجل معلوم، وما علي إلا البلاغ، وأنا مأمور به، فلم أنذركم من تلقاء نفسى، ولا أدعي القدرة على عذابكم78.

    وقد ذكر تعالى صفة عاقبة أهل مدين، وكيف كان هلاكهم في ثلاثة مواطن من كتاب الله تعالى، وذكر تعالى أنهم عذبوا بأنواع مختلفة من العذاب في كل موطن من المواطن الثلاثة بصفة تناسب ذلك السياق الذي وردت فيه، كما تناسب الموقف الصادر من قوم شعيب تجاه نبيهم عليه السلام، ويمكن تفصيل هذه الأنواع من العذاب فيما يأتي:

    أولًا: العذاب بالرجفة:

    قال تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الأعراف:٩٠-٩٣].

    وقال تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [العنكبوت:٣٦-٣٧].

    أي: رجفت بهم أرضهم وزلزلت -بمشيئة الله وقدرته- زلزالًا شديدًا، أزهقت أرواحهم فأصبحت جثثهم جاثيةً، لا أرواح فيها، ولا حركات ولا حواس، فأصبحوا في دارهم جاثمين، أي: ساقطين على ركبهم ووجوههم، وذلك لأنهم قالوا لنبيهم: (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [الأعراف:٨٨].

    فأرجفوا نبي الله عليه السلام ومن اتبعه، فأخذتهم الرجفة، فكانت جزاء على إرجافهم79.

    والرجفة في اللغة: الزلزلة الشديدة، قال الطبري: والرجفة مَيْدُ الأرض بهم وزلزلتها عليهم وتداعيها بهم، وذلكَ نحوٌ من الخسف، ومنه الإرجاف بالأخبار، و «الجثوم» في هذا الموضع تشبيه، أي: كان همودهم على الأرض كالجثوم الذي هو للطائر والحيوان80.

    وقد وصف الله تعالى عذاب قوم شعيب بما وصف به يوم القيامة.

    قال تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [النازعات:٦-٨].

    وكذلك قوله تعالى: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [المزمل:١٤]81.

    ثانيًا: العذاب بالصيحة:

    قال تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [هود:٩٤-٩٥].

    والصيحة: هي الصوت المدوي العالي، الذي يصم الآذان من شدته وعلوه، وهذه الصيحة ناتجة عن الرجفة والزلزلة، فلما انشقت الأرض، حدث انفجار بركاني كبير مدوٍّ، وسمعوا صوت ذلك الانفجار، فأصيبوا بالفزع والهلع82.

    وذلك لأنهم استهزؤوا بنبي الله شعيب عليه السلام في قولهم: ( ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [هود:٨٧].

    قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء، فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم عن آخرهم83.

    ثالثًا: عذاب يوم الظلة:

    قال تعالى: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الشعراء:١٨٥-١٩١].

    وهاهنا قالوا: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) الآية، على وجه التعنت والعناد، فناسب أن يحقق عليهم ما استبعدوا وقوعه فأخذهم عذاب يوم الظلة 84.

    قوله تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ) فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: جانبًا من السماء، قاله الضحاك، الثاني: قطعا، قاله قتادة، الثالث: عذابا، قاله السدي85.

    والظلة: سحابة أظلتهم، فاجتمعوا تحتها مستجيرين بها مما نالهم من حر ذلك اليوم، ثم أطبقت عليهم، فكان أعظم يوم في الدنيا عذابا، وذلك معنى قوله: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الشعراء:١٨٩-١٩٠]86.

    قال ابن عطية: «ويوم الظلة هو يوم عذابهم وصورته فيما روي أن الله امتحنهم بِحَرٍّ شديد، فلما كان في ذلك اليوم غشي بعض قُطْرِهِمْ سحابٌ فجاء بعضهم إلى ظله فأحس فيه بردًا وروحًا فتداعوا إليه، حتى تكاملوا فيه فاضْطَرَمَتْ عليهم تلك السحابة نارًا فأحرقتهم من عند آخرهم، وللناس في حديث يوم الظلة تطويلات لا تثبت، والحق أنه عذاب جعله الله ظلة عليهم، وذكر الطبري عن ابن عباس أنه قال: من حدثك ما عذاب يوم الظلة فقد كذب، وباقي الآية بين.

    ويحتمل أن فرقة من قوم شعيب أهلكت بالرجفة وفرقة بالظلة ويحتمل أن الظلة والرجفة كانتا في حين واحد، وروي أن الله تعالى بعث شعيبا إلى أهل مدين وإلى أصحاب الأيكة، وقيل هما طائفتان وقيل واحدة وكانوا مع كفرهم يبخسون الكيل والوزن فدعاهم فكذبوه فجرت بينهم هذه المقاولة المتقدمة، فلما عتوا وطالت بهم المدة فتح الله عليهم بابا من أبواب جهنم فأهلكهم الحر منه فلم ينفعهم ظل ولا ماء، ثم إنه بعث سحابة فيها ريح طيبة فوجدوا برد الريح وطيبها فتنادوا، عليكم الظلة، فلما اجتمعوا تحت الظلة، وهي تلك السحابة انطبقت عليهم فأهلكتهم»87.

    وهذا من جنس ما سألوه من إسقاط الكسف عليهم، فإن الله سبحانه وتعالى جعل عقوبتهم أن أصابهم حر عظيم مدة سبعة أيام، لا يكنهم منه شيء، ثم أقبلت إليهم سحابة أظلتهم، فجعلوا ينطلقون إليها يستظلون بظلها من الحر، فلما اجتمعوا كلهم تحتها، أرسل الله تعالى عليهم منها شررا من نار ولهبا ووهجا عظيما، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم صيحة عظيمة أزهقت أرواحهم، ولهذا قال تعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) 88.

    قال الحافظ ابن كثير: « ذكر تعالى صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن، كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق، ففي (الأعراف) ذكر أنهم (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [الأعراف:٩١].

    وذلك لأنهم قالوا: (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [الأعراف:٨٨].

    فأرجفوا نبي الله ومن اتبعه فأخذتهم الرجفة وفي سورة هود قال: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [هود:٩٤].

    ذلك لأنهم استهزءوا بنبي الله في قولهم: (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [هود:٨٧].

    قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء، فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم فقال: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) وههنا قالوا: فأسقط علينا كسفا من السماء الآية، على وجه التعنت والعناد، فناسب أن يحقق عليهم ما استبعدوا وقوعه فأخذهم عذاب يوم الظلة89.

    ومن هنا يعلم أن هناك سببا مشتركا في عقاب الأمم المتقدمة وإهلاكهم، وهو الكفر بالله كفر تحد وعناد، مع الإفساد، في الأرض بالمعاصي الكبائر.

    فقوم مدين: « رفضوا دعوة نبيهم شعيب عليه السلام الذي قال لهم: إن الله تعالى واحد فاعبدوه، والحشر كائن، فارجوه، والفساد بالكفر والظلم والمعصية محرم فلا تقربوه، فكذبوه فيما دعاهم إليه وأخبرهم به»90. فعاقبهم الله كما ذكر هنا، وفي الأعراف بالرجفة، وفي هود بالصيحة، والأمر واحد، فإن الصيحة كانت سببا للرجفة، أي زلزلة الأرض، إما بسبب صيحة جبريل، وإما بسبب رجفة الأفئدة التي ارتجفت منها، ولما كانت الصيحة عظيمة أحدثت الزلزلة في الأرض، فأصبحوا جاثمين ميتين في ديارهم.

    وأما ثمود قوم صالح عليه السلام فكذبوا رسولهم، وأعلنوا كفرهم، وهددوا نبيهم بالطرد والإخراج من بلدهم، وعقروا الناقة التي أرسلها الله إليهم معجزة لنبيهم صالح، وكان عقابهم كعقاب أهل مدين بالصيحة أو الزلزلة أو الطاغية، وبقيت آثار ثمود وعاد بالحجر والأحقاف شاهدة على ظلمهم، وآية بينة مؤثرة للمعتبرين المتعظين 91.

    أما عاد قوم هود عليه السلام فقد أهلكهم الله تعالى بظلمهم حين فقالوا: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [فصلت:١٥]؟ فأنكروا وجود الإله الخالق القادر، وعتوا وبغوا وتعالوا على الناس، فدمر الله ديارهم بمن فيها: (ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [الحاقة:٦-٧].

    وفي إسناد الأخذ إلى الرجفة والصيحة وعذاب يوم الظلة تهويل لما أنزله الله بالكافرين المكذبين رسلهم وكيف كان عقابهم، ومبالغة في تصوير المعنى الذي لا يخفى أثره في النفوس 92.

    اقتران مدين وثمود في القرآن

    إن من حكم اقتران مدين وثمود في السياق القرآني هو: في التشابه في الجنس حيث إنهم من العرب وفي أنهم متجاورون في البلدان وفي التشابه في الهلاك، واللعنة والمصير الواحد.

    قال تعالى في قصة قوم شعيب عليه السلام: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [هود:٨٩-٩٥].

    وقال تعالى في قصة قوم صالح عليه السلام: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [هود:٦٦-٦٨]. 93.

    وأوجه التشابه بينهم فيما يأتي:

    ١. التشابه في الجنس والكفر، وقطع الطريق.

    إن الله تعالى قرن بين ثمود قوم صالح، ومدين قوم شعيب لأنهم كانوا من جنس واحد وهو أنهم من العرب، وكانوا جيرانهم في البلدان، ويشبهونهم في الكفر وقطع الطريق.

    قال الإمام ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [هود:٩٥].

    أي: كأن لم يعيشوا في دارهم قبل ذلك، ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود، وكانوا جيرانهم قريبا منهم في الدار، وشبيها بهم في الكفر، وقطع الطريق وكانوا عربا مثلهم»94.

    ٢. التشابه في الهلاك والسحق والبعد.

    قال تعالى في قصة قوم شعيب عليه السلام: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [هود:٩٤-٩٥].

    وقال تعالى في قصة قوم صالح عليه السلام: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [هود:٦٦-٦٨].

    وأما قوله: (ﯬ ﯭ ﯮ) فهو تشبيه: البعد الذي هو انقراض مدين بانقراض ثمود، ووجه الشبه: التماثل في سبب عقابهم بالاستئصال، وهو عذاب الصيحة، ويجوز أن يكون المقصود من التشبيه: الاستطراد بذم ثمود لأنهم كانوا أشد جرأة في مناوأة رسل الله، فلما تهيأ المقام لاختتام الكلام في قصص الأمم البائدة ناسب أن يعاد ذكر أشدها كفرا وعنادا فشبه هلاك مدين بهلاكهم لأن هذه تربية لقوم نبي في حضرته، وتلك صاعقة كانت عذاب خزى لمشركين ظالمين معاندين أنجى الله نبي كل منهما ومؤمنيهما قبلها 95.

    روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يعذب الله تعالى أمتين بعذاب واحد إلا قوم شعيب وقوم صالح، فأما قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم، وقوم شعيب أخذتهم من فوقهم96.

    والبعد أكثر ما يقال في الهلاك، نحو: (ﯭ ﯮ) [هود:٩٥].

    وكذلك يكون البعد بمعنى اللعنة، فيكون أبعده الله في معنى لعنه الله، ومنه قوله تعالى: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ)، وقوله تعالى: (ﰆ ﰇ ﰈ) [المؤمنون:٤١].

    وقوله تعالى (ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [المؤمنون:٤٤].

    وقوله سبحانه: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [سبأ:٨].

    أي: الضلال الذي يصعب الرجوع منه إلى الهدى تشبيها بمن ضل عن محجة الطريق بعدا متناهيا، فلا يكاد يرجى له العود إليها، وقوله عز وجل: ( ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [هود:٨٩].

    أي: تقاربونهم في الضلال، فلا يبعد أن يأتيكم ما أتاهم من العذاب97، والظاهر من السياق الكريم أن المراد الزمن وبعد المسافة، وهكذا قال قتادة: (إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود).

    وقال الطبري: « ويحتمل وما دار قوم لوط منكم ببعيد، ولا مانع من إرادة ذلك كله»98.

    ٣. التشابه في المصير.

    قال تعالى: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ)[الأعراف:٩٢].

    أي: أهلك الذين كذبوا شعيبا فلم يؤمنوا به، فأبادهم، فصارت قريتهم منهم خاوية خلاء كأن لم يغنوا فيها، أي: الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها، أي: لم يعيشوا ولم ينزلوا ولم يقيموا ولم ينعموا، وأصله من قولهم: غنية بالمكان إذا أقمت به والمغاني: المنازل99.

    قال الماوردي عند تفسير قوله عز وجل: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) «فيه أربعة تأويلات:

    أحدها: كأنهم لم يقيموا فيها، قاله ابن قتيبة.

    والثاني: كأن لم يعيشوا فيها، قاله الأخفش.

    والثالث: كأن لم ينعموا فيها، قاله قتادة.

    والرابع: كأن لم يعمروا فيها، قاله ابن عباس»100.

    موسى عليه السلام في مدين

    تناول القرآن الكريم قصة موسى في مدين من خلال المحاور الآتية:

    أولًا: خروج موسى عليه السلام إلى مدين وأسبابه:

    ذكر القرآن الكريم قصة خروج موسى عليه السلام من مصر إلى مدين هاربا من فرعون وملائه بسبب قتل القبطي، وذلك في قوله تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ) [القصص:١٥-٢١].

    يقول تعالى مخبرًا عن موسى عليه السلام لما قتل ذلك القبطي، إنه أصبح في المدينة خائفا من معرة ما فعل يترقب، أي: ينتظر ويتوقع ما يكون من ذلك الأمر، ثم إنهم طلبوه وبعثوا وراءه ليحضروه لذلك، فخرج موسى من مدينة فرعون خائفا من قتله النفس أن يقتل به بعد ما أخبره ذلك الرجل بما تمالئ عليه فرعون ودولته في أمره، وخرج من مصر وحده، ولم يألف ذلك قبله بل كان في رفاهية ونعمة ورئاسة، فخرج منها خائفا يترقب أي: يتلفت، (ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ) أي: من فرعون وملئه 101.

    واتجه موسى عليه السلام جهة مدين تاركا مدينة فرعون؛ لأنه كما وقع في نفسه أن بينهم وبينه قرابة؛ لأنهم من ولد مدين بن إبراهيم عليه السلام، وهو كان من بني إسرائيل من ولد يعقوب بن إبراهيم102.

    خرج موسى عليه السلام فارا بنفسه منفردا حافيا لا شيء معه، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر، ولما رأى حاله وعدم معرفته بالطريق وخلوه من الزاد وغيره، فأسند أمره إلى الله تعالى وقال: (ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [القصص:٢٢].

    فقد كان عارفا بالله تعالى عالما بالحكمة والعلم الذي آتاه الله تعالى، وتوجه ناحية مدين، ولم تكن في سلطان فرعون، وبينها وبين مصر مسيرة ثمان أيام وكان موسى لا يعرف إليها الطريق103.

    قال سيد قطب -واصفا حال موسى- في ظلال قوله تعالى:(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) «ونلمح شخصية موسى عليه السلام فريدا وحيدا مطاردا في الطرق الصحراوية في اتجاه مدين في جنوبي الشام وشمالي الحجاز. مسافات شاسعة، وأبعاد مترامية، لا زاد ولا استعداد، فقد خرج من المدينة خائفا يترقب، وخرج منزعجا بنذارة الرجل الناصح، لم يتلبث، ولم يتزود ولم يتخذ دليلا. ونلمح إلى جانب هذا نفسه متوجهة إلى ربه، مستسلمة له، متطلعة إلى هداه: «عسى ربي أن يهديني سواء السبيل»104.

    وكانت هذه هجرة نبوية تشبه هجرة إبراهيم الخليل عليه السلام إذ قال: (ﮊ ﮋ ﮌ ) [العنكبوت:٢٦].

    وقد ألهم الله موسى عليه السلام أن يقصد بلاد مدين إذ يجد فيها نبيئا يبصره بآداب النبوءة، ولم يكن موسى يعلم إلى أين يتوجه ولا من سيجد في وجهته كما دل عليه قوله (ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ)105.

    ثانيًا: موسى عليه السلام عند ماء مدين وقصته مع الفتاتين:

    بين القرآن الكريم قصة موسى عليه السلام عند ماء مدين، وقصته مع الفتاتين في الآيات الآتية:

    قال تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [القصص:٢٣-٢٥].

    وجد موسى جماعة كثيرة من الناس على ماء مدين وهم يصفون حال المجتمع الذي يعيشون فيه، يشرب الأقوياء أولًا من الماء الصافي ويسقون أنعامهم ومواشيهم، ثم يشرب الضعيف بقية الماء وهذا شأن الضعيف مع القوي دائما 106.

    ووجد في مكان أسفل من مكانهم امرأتين تمنعان غنمهما من ورود الماء مع الرعاة الآخرين، لئلا يؤذيا وتختلط أغنامهما مع غيرها، فلما رآهما موسى عليه السلام رق لهما ورحمهما، فسألهما: ما شأنكما وما خبركما لا تردان الماء مع هؤلاء؟ قالتا: لا نسقي غنمنا، أي: لا نتمكن من سقي الغنم إلا بعد فراغ هؤلاء القوم من السقي، وأبونا شيخ كبير هرم لا يستطيع الرعي والسقي بنفسه، مما ألجأنا إلى الحال التي ترى، وفي هذا اعتذار لموسى عن مباشرتهما السقي بأنفسهما وتنبيه على أن أباهما لا يقدر على السقي لشيخوخته وكبره، واستعطاف لموسى في إعانتهما.

    فسقى لهما غنمهما لأجلهما من بئر مغطى بصخرة، لا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، ثم انزوى إلى ظل شجرة للراحة، فناجى ربه قائلا: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) أي: إني لمحتاج إلى الخير القليل أو الكثير وهو الطعام، لدفع غائلة الجوع، وفي الآية دلالة على أنه: سقى لهما في حر من الشمس، وعلى كمال قوة موسى عليه السلام، وعلى أنه رغم نعومة عيشه في بلاط فرعون كان مخشوشنًا جلدًا صابرًا.

    ويؤيد هذا ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة بسنده عن عمر بن الخطاب: رضي الله عنه « أن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين، وجد عليه أمة من الناس يسقون قال: فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر، ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان قال: ما خطبكما؟ فحدثتاه، فأتى الحجر فرفعه، ثم لم يستق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم» 107.

    ثم فرج الله عن موسى عليه السلام بعد الشدة التي عاناها والرحلة الطويلة التي قطعها: فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا أي: لما رجعت المرأتان سريعا بالغنم إلى أبيهما استغرب وسألهما عن خبرهما، فقصتا عليه ما فعل موسى عليه السلام، فبعث إحداهما إليه لتدعوه إلى أبيها، فجاءت إحداهما تمشي مشي الحرائر، مستحية، متخمرة بخمارها، ساترة وجهها بثوبها، ليست جريئة على الرجال، فقالت في أدب وحياء: إن أبي يطلبك ليكافئك على إحسانك لنا، ويعطيك أجر سقيك لغنمنا108.

    ولما وصل موسى عليه السلام إلى الشيخ الكبير، وأخبره عن قصته مع فرعون وقومه في كفرهم وطغيانهم، وظلمهم بني إسرائيل، وتآمرهم على قتله وسبب خروجه من بلده مصر، أمنه ودفع عنه الخوف، وقال له: (ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) أي: لا تخف واطمئن وطب نفسا، فإنك نجوت من سطوة الظالمين، وخرجت من مملكتهم، ولا سلطان لهم في بلادنا، فاطمأن موسى وهدأت نفسه من القلق والخوف، وبدأ موسى عليه السلام حياة جديدة في مجتمع جديد 109.

    ثالثًا: مكث موسى عليه السلام في مدين سنين وأسبابه:

    بين القرآن الكريم المدة التي مكث فيها موسى أنها ثمان أو عشر سنين وسبب ذلك في قوله تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ) [القصص:٢٦-٢٨].

    ولكن بينت السنة المدة التي مكث فيها موسى في مدين في ما رواه سعيد بن جبير، قال: سألني يهودي من أهل الحيرة أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أدري، حتى أقدم على حبر العرب فأسأله، فقدمت، فسألت ابن عباس، فقال: « قضى أكثرهما، وأطيبهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل»110.

    وقال وهب بن منبه: لبث موسى عليه السلام عند شعيب عليه السلام ثمانيا وعشرين سنة منها عشر سنين مهر امرأته.

    والآية تدل على أنه عليه السلام لبث عنده عشر سنين وليس فيها ما ينفي الزيادة على العشر، واعلم أن قوله: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) بعد قوله: (ﮈ ﮉ)كالدلالة على أن لبثه في مدين من الفتون، وكذلك كان، فإنه عليه السلام تحمل بسبب الفقر والغربة محنا كثيرة، واحتاج إلى أن آجر نفسه111.

    أما سبب مكث موسى عليه السلام في مدين فهناك سبب رئيسي هو: هروبه من مصر بسبب قتله للقبطي، بالإضافة إلى أنه عمل أجيرا مع شعيب عليه السلام وارتبط بعقد عمل مع أبي الفتاتين عندما طلبت إحدى الفتاتين ذلك: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [القصص:٢٦]؛ لأنه القوي على حفظ الماشية والقيام بشؤونها، المؤتمن الذي لا تخاف خيانته، ومصدر هاتين الصفتين ما شاهدت من حاله، قال لها أبوها: وما علمك بذلك؟ قالت له: إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، وإني لما جئت معه تقدمت أمامه، فقال لي: كوني من ورائي، فإذا اختلف علي الطريق، فاقذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه.

    مصاهرة موسى لشعيب: قال: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) أي: إن شعيب اقتنع بأن موسى رجل قوي أمين، فقال له: أريد مصاهرتك وتزويجك إحدى هاتين البنتين، فاختر ما تشاء، وهما صفوريا وليا، والمهر: أن ترعى غنمي ثماني سنين، فإن تبرعت بزيادة سنتين، فهو إليك، وإلا ففي الثماني كفاية.

    وقد اختلف المفسرون في هذا الرجل من هو؟ على أقوال:

    أحدها: أنه شعيب النبي عليه السلام الذي أرسل إلى أهل مدين.

    وقد ذهب إلى ذلك الجمهورمن المفسرين - وهو المشهور عند كثير من العلماء- على أن الداعي أباهما هو شعيب عليه السلام الذي أرسل إلى أهل مدين، وهما ابنتاه، وليس في ذلك شيء يأباه الدين، كما قال الإمام الرازي112.

    وقال القرطبي: «وأكثر الناس على أنهما ابنتا شعيب عليه السلام وهو ظاهر القرآن»113.

    وروى ابن أبي حاتم بسنده عن مالك بن أنس أنه بلغه أن: شعيبًا هو الذي قص عليه موسى القصص، قال: لا تخف نجوت من القوم الظالمين114.

    وروى الطبراني عن سلمة بن سعد العنزي رضي الله عنه أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (مرحبًا بقوم شعيب وأختان موسى)115116.

    ورجح ابن عاشور بأنه شعيب النبي عليه السلام بقوله: « واسم المرأتين (ليا) و(صفورة)، وفي سفر الخروج: أن أباهما كاهن مدين، وسماه في ذلك السفر أول مرة رعويل ثم أعاد الكلام عليه فسماه يثرون ووصفه بحمي موسى، فالمسمى واحد.

    وقال ابن العبري في «تاريخه»: يثرون بن رعويل له سبع بنات خرج للسقي منهما اثنتان، فيكون شعيب هو المسمى عند اليهود يثرون، والتعبير عن النبي بالكاهن اصطلاح؛ لأن الكاهن يخبر عن الغيب، ولأنه يطلق على القائم بأمور الدين عند اليهود، وللجزم بأنه شعيب الرسول عليه السلام جعل علماؤنا ما صدر منه في هذه القصة شرعا سابقا، ففرعوا عليه مسائل مبنية على أصل: أن شرع من قبلنا من الرسل الإلهيين شرع لنا ما لم يرد ناسخ» 117.

    القول الثاني: إنه كان ابن أخي شعيب، وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب، وعن ابن عباس هو يثري صاحب مدين، رواه ابن جرير وذكر أن رجاله ثقات إلا شيخه سفيان بن وكيع، وعن الحسن: هو سيد أهل مدين، وعن ابن إسحاق: أنه حبر أهل مدين وكاهنهم، وعن أبي عبيدة: أنه يترون ابن أخي شعيب 118..

    القول الثالث: كان شعيب قبل زمان موسى عليه السلام بمدة طويلة؛ لأنه قال لقومه: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)، وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل عليه السلام بنص القرآن، وهذا ما رجحه الإمام ابن كثير بقوله: وقد علم أنه كان بين الخليل وموسى عليهما السلام مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد، وما قيل إن شعيبا عاش مدة طويلة، إنما هو- والله أعلم- احتراز من هذا الإشكال، ثم من المقوي لكونه ليس بشعيب أنه لو كان إياه لأوشك أن ينص على اسمه في القرآن ههنا، وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة موسى لم يصح إسناده، كما سنذكره قريبا إن شاء الله، ثم من الموجود في كتب بني إسرائيل أن هذا الرجل اسمه ثيرون، والله أعلم»119.

    وممن رجح أن أبا المرأتين صاحب مدين المذكور في سورة القصص ليس شعيبًا الشيخ عبد الرحمن السعدي حيث قال: «وهذا الرجل أبو المرأتين صاحب مدين، ليس بشعيب النبي المعروف كما اشتهر عند كثير من الناس، فإن هذا قول لم يدل عليه دليل وغاية ما يكون أن شعيبا عليه السلام قد كانت بلده مدين وهذا قضية جرت في مدين، فأين الملازمة بين الأمرين، وأيضا فإنه غير معلوم أن موسى عليه السلام أدرك زمان شعيب عليه السلام فكيف بشخصه ولو كان ذلك الرجل شعيبًا لذكره الله تعالى، ولسمته المرأتان، وأيضًا فإن شعيبًا عليه السلام قد أهلك الله قومه بتكذيبهم إياه، ولم يبق إلا من آمن به، وقد أعاذ الله المؤمنين أن يرضوا لبنتي نبيهم بمنعهما عن الماء وصد ماشيتهما حتى يأتيهما رجل غريب فيحسن إليهما ويسقي ماشيتهما، وما كان شعيب ليرضى أن يرعى موسى عنده، ويكون خادما له وهو أفضل منه وأعلى درجة، إلا أن يقال هذا قبل نبوة موسى فلا منافاة، وعلى كل حال لا يعتمد على أنه شعيب النبي بغير نقل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم» 120.

    وكذلك سيد قطب في الظلال حيث قال: « كنت أعتقد أن هذا الرجل هو شعيب. وقلت مرة: إنه قد يكون النبي شعيبا أو لا يكون وأنا الآن أميل إلى ترجيح أنه ليس هو وإنما هو شيخ آخر من مدين. والذي يحمل على هذا الترجيح أن هذا الرجل شيخ كبير، وشعيب شهد مهلك قومه، المكذبين له، ولم يبق معه إلا المؤمنون به، فلو كان هو شعيب - النبي- بين بقية قومه المؤمنين، ما سقوا قبل بنتي نبيهم الشيخ الكبير، فليس هذا سلوك قوم مؤمنين، ولا معاملتهم لنبيهم وبناته من أول جيل! يضاف إلى هذا أن القرآن لم يذكر شيئا عن تعليمه لموسى صهره، ولو كان شعيبا النبي لسمعنا صوت النبوة في شيء من هذا مع موسى وقد عاش معه عشر سنوات»121.

    القول الرابع: التوقف عن الجزم بأنه شعيب أو غيره.

    وهذا ما ذهب إليه ابن جرير الطبري حين ذكر الاختلاف المذكور في الرجل الذي قص عليه موسى القصص، بعد أن ذكر الخلاف في أسماء بنات شعيب عليه السلام بقوله: « وكان اسم إحداهما صفورا، واسم الأخرى ليا، وقيل: شرفا كذلك، قال: اسم الجاريتين ليا، وصفورا، وامرأة موسى صفورا ابنة يثرون كاهن مدين، والكاهن: حبر عن ابن إسحاق، قال: إحداهما صفورا ابنة يثرون وأختها شرفا، ويقال: ليا، وهما اللتان كانتا تذودان.

    وأما أبوهما ففي اسمه اختلاف، فقال بعضهم: كان اسمه يثرون، وعن أبي عبيدة، قال: الذي استأجر موسى يثرون ابن أخي شعيب عليه السلام، وقال آخرون: بل اسمه: يثرى، قال ذلك ابن عباس قال: الذي استأجر موسى: يثرى صاحب مدين، وقال آخرون: بل اسمه شعيب، وقالوا: هو شعيب النبي صلى الله عليه وسلم.

    قال أبو جعفر: وهذا مما لا يدرك علمه إلا بخبر، ولا خبر بذلك تجب حجته، فلا قول في ذلك أولى بالصواب 122.

    ويستدل بعض الفقهاء والمفسرين بهذه القصة على جواز مباشرة المرأة الأعمال والسعي في طرق المعيشة، ووجوب استحيائها، وولاية الأب في النكاح، وجعل العمل البدني مهرا، وجمع النكاح والإجارة في عقد واحد، ومشروعية الإجارة123.

    قال ابن عاشور: «وفي أدلة الشريعة الإسلامية غنية عن الاستنباط مما في هذه الآية إلا أن بعض هذه الأحكام لا يوجد دليله في القرآن ففي هذه الآية دليل لها من الكتاب عند القائلين بأن شرع من قبلنا شرع لنا.

    وفي إذنه لابنتيه بالسقي دليل على جواز معالجة المرأة أمور مالها، وظهورها في مجامع الناس، إذا كانت تستر ما يجب ستره، فإن شرع من قبلنا شرع لنا إذا حكاه شرعنا ولم يأت من شرعنا ما ينسخه، وأما تحاشي الناس من نحو ذلك فهو من المروءة والناس مختلفون فيما تقتضيه المروءة والعادات متباينة فيه وأحوال الأمم فيه مختلفة وخاصة ما بين أخلاق البدو والحضر من الاختلاف»124.

    رابعًا: قصة موسى عليه السلام في مدين من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم:

    إن الآيات التي تبين أن قصة موسى عليه السلام في مدين من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هي قوله تعالى:( ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [القصص:٤٤-٤٦].

    والثاوي هو: المقيم أي: ماكنت مقيما في أهل مدين 125.

    وهذه الآيات تبين الأحوال الثلاثة العظيمة التي اتفقت لموسى عليه السلام:

    وأولها: إنزال التوراة عليه حتى تكامل دينه واستقر شرعه.

    والثاني: مكثه وإقامته في مدين.

    ثالثها: ليلة المناجاة.

    ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الأحوال حاضرًا لهذه الأحوال، وبين الله تعالى أنه بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم وعرفه هذه الأحوال فكان الإخبار بها وبتفاصيلها من الدلائل الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم ومعجزة من معجزاته الشاهدة بصدق رسالته من غير أن يكون حاضرًا أو مشاهدًا أو مقيمًا في مدين مع موسى صلى الله عليه وسلم 126.

    قال الإمام ابن كثير في تفيسر هذه الآيات: « يقول تعالى منبها على برهان نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بالغيوب الماضية خبرا كأن سامعه شاهد وراء لما تقدم، وهو رجل أمي لا يقرأ شيئا من الكتب، نشأ بين قوم لا يعرفون شيئا من ذلك، وقال ههنا بعد ما أخبر عن قصة موسى من أولها إلى آخرها، وكيف كان ابتداء إيحاء الله إليه وتكليمه له وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر، يعني: ما كنت يا محمد بجانب الجبل الغربي الذي كلم الله موسى من الشجرة التي هي شرقية على شاطئ الوادي، وما كنت من الشاهدين لذلك، ولكن الله سبحانه وتعالى أوحى إليك ذلك، وأرسلك إلى الناس رسولا؛ ليكون حجة وبرهانا على قرون قد تطاول عهدها، ونسوا حجج الله عليهم وما أوحاه إلى الأنبياء المتقدمين» 127.

    فالإخبار عن الغيب من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومن معجزاته الباهرة الدالة على صدق نبوته، لأنه صلى الله عليه وسلم ما طالع الكتب، ولم يتتلمذ لأحد، ولم يكن حاضرا معهم، فإخباره بهذه القصة الطويلة من غير تحريف ولا غلط، إعجاز، ومن أوضح الأدلة على أنه صلى الله عليه وسلم رسول كريم، وإن كانت المعجزات الباهرة الدالة على ذلك أكثر من الحصر؛ ليبين بذلك صدق نبوته، لأنه أمي لا يكتب، ولا يقرأ الكتب، ولم يتعلم أخبار الأمم وقصصهم، فلولا أن الله أوحى إليه ذلك لما علمه، كما قال تعالى عن إخباره بغيب آخر يتعلق بمريم وما حصل لها في قوله: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [آل عمران: ٤٤].

    أي: فلولا أن الله أوحى إليك ذلك لما كان لك علم به، وقوله تعالى بعد ذكر الإخبار بالغيب عن الأنبياء والمرسلين: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [هود:٤٩].

    وقوله أيضا: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [هود:١٢٠].

    وقوله تعالى بعد تمام قصة يوسف بطولها وأحداثها: (ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [يوسف:١٠٢].

    وقوله سبحانه: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [يوسف:٣].

    إلى غير ذلك من الآيات128.

    وفي الإخبار بالغيب من قصص الأنبياء السابقين عليهم السلام إيناس لصاحب الرسالة المحمدية بأخبار إخوانه من المصطفين الأخيار، فقد كانت تلك الأخبار الصادقة غيبًا لم يشاهدها محمد ولا يعلمها هو ولا قومه، ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم مقيما بين أصحابها حتى يخبر قومه بها ولم يتعلمها من غيره ولكن الله تعالى هو الذي أوحى بها لمحمد صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى الناس رسولا، وجعل هذه الإخبار دليلا على صدق نبوته، فقد جاءت هذه الأحداث التي جاء القرآن الكريم بقصصها، صادقة وثابتة في الصادق من أخبار النبيين في كتبهم التي يتداولها أهل الكتاب، ولم يتناولها التحريف129.

    الدروس المستفادة من قصة مدين

    يمكن بيان الدروس المستفادة من قصة مدين في القرآن من خلال النقاط الآتية:

  1. إن دعوة الرسل عليهم السلام واحدة في العقيدة؛ إذ كلها تقوم على أساس التوحيد لله تعالى والطاعة الخالصة له سبحانه، وأن ذلك أول ما يبدؤون به أولًا، ثم بعد ذلك الأهم فالأهم.
  2. إن وظيفة الرسل عليهم السلام، وسنتهم في إرادة الإصلاح العام والشامل بحسب القدرة والإمكان، فيأتون بتحصيل المصالح وتكميلها، أو بتحصيل ما يقدر عليه منها وبدفع المفاسد وتقليلها ويراعون المصالح العامة على المصالح الخاصة.
  3. إن من قام بما يقدر عليه من الإصلاح، لم يكن ملوما ولا مذموما في عدم فعله ما لا يقدر عليه، فعلى العبد أن يقيم من الإصلاح في نفسه وفي غيره ما يقدر عليه وبذلك يكون قد أدى الواجب الذي عليه 130.
  4. حرمة نقص الكيل والوزن، وأن نقص المكاييل والموازين من كبائر الذنوب، وتخشى العقوبة العاجلة على من تعاطى ذلك، وأن ذلك من سرقة أموال الناس، وإذا كان سرقتهم في المكاييل والموازين، موجبة للوعيد، فسرقتهم - على وجه القهر والغلبة بقطع الطريق وأخذ العشور- من باب أولى وأحرى.
  5. حرمة بخس الناس في جميع حقوقهم المادية: كالكيل والوزن وأجور العمال، وأسعار البضائع ونحو ذلك، وحرمة بخس الناس في حقوقهم المعنوية: كحق التأليف والمبتكرات والشهادات العلمية ونحوها.
  6. حرمة السعي بالفساد في الأرض، بأي نوع من الفساد، وأعظمه تعطيل شرائع الله تعالى والصد عن سبيل الله بمنع الناس من التدين والالتزام بالشريعة ظاهرا وباطنا، والسعي في الأرض بالمعاصي، لاسيما البلاد التي طهرها الله بالإسلام وأصلحها بشرائعه.
  7. حرمة التلصص وقطع الطرق وتخويف المارة.
  8. أن على العبد أن يقنع بما آتاه الله، ويقنع بالحلال عن الحرام وبالمكاسب المباحة عن المكاسب المحرمة، وأن ذلك خير له لقوله: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) ففي ذلك، من البركة، وزيادة الرزق ما
  9. ليس في التكالب على الأسباب المحرمة من المحق، وضد البركة 131.
  10. لا يصح إيمان عبد يؤمن ببعض الرسل ويكفر ببعض، كما لا يصح إيمان عبد يؤمن ببعض ما أنزل الله تعالى على رسله ويكفر ببعض.
  11. مشروعية الدعاء وسؤال الله تعالى الحكم بين أهل الحق وأهل الباطل؛ لأن الله تعالى يحكم بالحق وهو خير الحاكمين.
  12. التحذير من الطغيان، وهو الإسراف في الشر والفساد، فإنه موجب للهلاك والدمار في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
  13. تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والتخفيف عنه إذ كذبت قبل قريش ثمود وغيرها من الأمم كأصحاب مدين وقم لوط وفرعون.
  14. بيان سنة بشرية وهي: أن الظلمة والمتكبرين يجادلون بالباطل حتى إذا أعياهم الجدال وأفحموا بالحجج بدل أن يسلموا بالحق ويعترفوا به ويقبلوه، فيستريحوا ويريحوا، يفزعون إلى القوة بطرد أهل الحق ونفيهم أو إكراههم على قبول الباطل بالعذاب والنكال.
  15. الجزاء من جنس العمل، فمن بخس أموال الناس، يريد زيادة ماله، عوقب بنقيض ذلك، وكان سببا لزوال الخير الذي عنده من الرزق لقوله: (ﭽ ﭾ ﭿ) أي: فلا تسببوا إلى زواله بفعلكم.
  16. المال الذي يرزقه الله الإنسان - وإن كان الله قد خوله إياه - فليس له أن يصنع فيه ما يشاء، فإنه أمانة عنده، عليه أن يقيم حق الله فيه بأداء ما فيه من الحقوق، والامتناع من المكاسب التي حرمها الله ورسوله، لا كما يزعمه الكفار، ومن أشبههم، أن أموالهم لهم أن يصنعوا فيها ما يشاءون ويختارون، سواء وافق حكم الله، أو خالفه.
  17. الترهيب بأخذات الأمم، وما جرى عليهم، وأنه ينبغي أن تذكر القصص التي فيها إيقاع العقوبات بالمجرمين في سياق الوعظ والزجر كما أنه ينبغي ذكر ما أكرم الله به أهل التقوى عند الترغيب والحث على التقوى.
  18. الحياء من الرجال الأجانب، وأن ذلك سنة المؤمنات من عهد قديم، وليس كما يقول المبطلون هو عادة جاهلية، فبنتا شعيب عليه السلام نشأتا في دار النبوة والطهر والعفاف وغطت إحداهما وجهها عن موسى حياء وتقوى.
  19. تجلى كرم شعيب عليه السلام ومروءته وشهامته في تطمين موسى وإكرامه وإيوائه.
  20. بيان أن الكفاءة شرط في العمل، ولا أفضل من القوة وهي القدرة البدنية والعلمية والأمانة.
  21. مشروعية عرض الرجل ابنته على من يرى صدقه وأمانته ليزوجه بها.
  22. مشروعية إشهاد الله تعالى على العقود بمثل: (ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ).
  23. فضيلة موسى عليه السلام بإيجار نفسه على شبع بطنه وإحصان فرجه 132.
  24. قصة موسى عليه السلام في مدين من دلائل نبوة محمد لأن الإخبار بالغيب من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم، لأن الله نفى أن يكون النبي محمد في مدين حتى يخبر بهذه القصة بتفاصيلها مما يدل على أن القرآن كلام الله تعالى.

1 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/٦٥٢، النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٤، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٥٠٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٥٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠١، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٨/٢٤٠.

2 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠١، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٨/٢٤٠، معجم البلدان، ياقوت الحموي ٥/٧٧، الإشارات إلى معرفة الزيارات، الهروي ص٨١، آثار البلاد وأخبار العباد، القزويني ص ٢٤٩، مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، القطيعي ٣/١٢٤٦، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، المقريزي ١/٣٤٥.

3 انظر: معجم البلدان، ياقوت ٥/١٥٣، معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، عاتق البلادي ص ٣٠٠.

4 انظر: معجم البلدان ٤/٤٧١، التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ١٠/٣٣١، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٦١٤، التفسير المنير، الزحيلي ٢٠/٨٣.

5 انظر: معجم البلدان ٤/٤٧١، تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة، عبدالعزيز بن صالح ص ١٣٥، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، جواد علي ١/٤٥٥، دراسات في تاريخ العرب القديم، محمد بيومي مهران ص١٧١.

6 انظر: معجم البلدان، ياقوت الحموي ٤/٤٧١، آثار البلاد وأخبار العباد، زكريا القزويني ص ٢٤٩، المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمد حسن شراب ص٢٤٣، أطلس القرآن، شوقي أبو خليل ص٧١.

7 انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة، عاتق البلادي ص ٢٨٤، أطلس تاريخ الأنبياء والرسل، سامي الملغوث ص١٣٩.

8 انظر: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمد حسن شراب ص ٢٤٣، معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، عاتق البلادي ص ٢٨٤.

9 انظر: معجم البلدان، ياقوت الحموي ٥/٧٧، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، المقريزي ١/٣٤٥.

10 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٧/٢٤٣، النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٤، معالم التنزيل، البغوي ٢/٢١٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/٢٦١.

11 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٤، الكشف والبيان، الثعلبي ٧/٢٤٣، معالم التنزيل، البغوي ٢/٢١٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٣، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٧/٢٤٧، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/٢٦١.

12 انظر: غريب القرآن، ابن قتيبة ص ٣٢٠، مقاييس اللغة، ابن فارس ١/١٦٥، لسان العرب، ابن منظور ١٠/٣٩٤.

13 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٤ /٢٦٠، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٩، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٩/٨٥.

14 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/١٢٤، التفسير الوسيط، الواحدي ٣ /٥٠، النكت والعيون، الماوردي ٣ /١٦٨، الكشف والبيان، الثعلبي ٤ /٢٦٠، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٩، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٤، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٩/٨٥، لباب التأويل، الخازن ٢/٢٢٦، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٤/٧١.

15 انظر: تفسير القرآن العظيم ٦/١٤٣.

16 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٣٩٠، النكت والعيون، الماوردي ٣/١٦٨، مفاتيح الغيب، الرازي ١٩/١٥٧، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٤/٧١.

17 انظر: أطلس تاريخ الأنبياء والرسل، سامي الملغوث ص١٤١.

18 ذكر جمهور المؤرخين والمفسرين أن شعيبًا يتصل نسبه بمدين بن إبراهيم الخليل، ولا يعني ذلك أن لإبراهيم ولدان فقط وهو إسماعيل وإسحاق فقط، إذ لا يوجد دليل شرعي يحصر أبناء إبراهيم في اثنين.

انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي ١/٣٢٤، البداية والنهاية، ابن كثير ١/٤٢٨، جامع البيان، الطبري ١٤/٣٤٥، النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٤، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، الكشاف، الزمخشري ٢/١٢٨، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠١ فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٩.

19 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ١٨/٣٨٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٩٧، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٩، التفسير الوسيط، طنطاوي ٧/٢٦٢، التفسير المنير، الزحيلي ٨/٢٨٨.

20 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ١٨/٣٨٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٩٧، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٩.

21 انظر: تفسير القرآن العظيم ٦/٢٠٥.

22 انظر: تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة، عبدالعزيز بن صالح ص ١٣٥، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي ١/٤٥٥، دراسات في تاريخ العرب القديم، محمد بيومى مهران ص ١٧١.

23 انظر: دراسات في تاريخ العرب القديم، محمد بيومى مهران ص ١٧٢.

24 انظر: تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة، عبد العزيز بن صالح ص ١٣٥، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي ١/٤٥٥، دراسات في تاريخ العرب القديم، محمد بيومي مهران ص ١٧١.

25 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/١٣٨، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٢٩، مدارك التنزيل، النسفي ١/٥٩١، التفسير المنير، الزحيلي ٩/٣٧.

26 انظر: البداية والنهاية، ابن كثير ١/٢١٤، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٥.

27 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٤، لباب التأويل، الخازن ٢/٢٢٦.

28 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٧، الكشف والبيان، الثعلبي ٤/٢٦٠، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، معالم التنزيل، البغوي ٢/٢١٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠١، محاسن التأويل، القاسمي ٥/١٥٦.

29 انظر: التحرير والتنوير ٨/٢٤١.

30 ويلاحظ هذا الاتفاق من خلال ذكر نسب مدين في كتبهم.

انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٧، الكشف والبيان، الثعلبي ١٠/١٨٦، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١١/٢٧٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٤١٨، الدر المنثور، السيوطي ٢/٧٤٨، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٨/٤٦٦.

31 أخرجه ابن حبان في صحيحه، رقم ٣٦١، ٢/٧٦.

قال ابن كثير في تفسيره ٢/٤١٨: وقد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم بن حبان البستي في كتابه الأنواع والتقاسيم، وقد وسمه بالصحة، وخالفه أبو الفرج بن الجوزي فذكر هذا الحديث في كتابه الموضوعات، واتهم به إبراهيم بن هشام هذا، ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث والله أعلم.

وقال السيوطي في الدر المنثور ٢/٧٤٦: أخرجه ابن حبان في صحيحه، وابن الجوزي في الموضوعات، وهما في طرفي نقيض، والصواب أنه ضعيف لا صحيح ولا موضوع.

32 أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، رقم ٤٠٧١، ٢/٦٢٠، والطبري في تفسيره ١٢/٥٦٧.

33 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٧، الكشف والبيان، الثعلبي ١٠/١٨٦، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١١/٢٧٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٤١٨، الدر المنثور، السيوطي ٢/٧٤٨، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٨/٤٦٦.

34 انظر: تفسير المنار، محمد رشيد رضا ١٢/١١٦.

35 انظر: معاني القرآن، الفراء ٢/٢٥، غريب القرآن، ابن قتيبة ص ٢٠٨، جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٥، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، تفسير السمعاني ٢/١٩٧، الكشاف، الزمخشري ٢/١٢٧.

36 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٨، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٥١، في ظلال القرآن، سيد قطب ٤/١٩١٧.

37 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٥، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، تفسير السمعاني ٢/١٩٧، الكشاف، الزمخشري ٢/١٢٧.

38 انظر: المفردات ص ١٣٩

39 أخرجه أحمد في مسنده رقم ٣٧٥٤، ٦/٢٩٧، عن ابن مسعود، والحاكم المستدرك على الصحيحين رقم ٢٢٦٢، ٢/٤٣.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.

40 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ١٨/٣٨٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦.

41 انظر: جامع البيان، الطبري ١٥/٤٤٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، تفسير السمعاني ٢/١٩٧.

42 انظر: تفسير المراغي ٨/٢١٠.

43 انظر: المصدر السابق ٨/٢٠٧.

44 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦.

45 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٥٤ التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، تفسير السمعاني ٢/١٨٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦.

46 انظر: أنوار التنزيل، البيضاوي ٣/٢٣ البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٥ تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠١، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٨/٤٧٠.

47 تفسير المراغي ٨/٢١٢.

وانظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، الكشاف، الزمخشري ٢/١٢٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٢٦، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٤.

48 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠١، التفسير الوسيط، الزحيلي ١/٦٩٠.

49 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٥، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، الكشاف، الزمخشري ٢/١٢٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠١، محاسن التأويل، القاسمي ٥/١٤٦ التحرير والتنوير، ابن عاشور ٨/٢٣٩، أضواء البيان، الشنقيطي ٦/٩٥.

50 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي، وأول ما نزل، رقم ٤٩٨١، ٦/١٨٢.

51 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/١٢٧.

52 انظر: تفسير المراغي ٨/٢٠٩.

53 انظر: في ظلال القرآن ٣/١٣١٧.

54 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠.

55 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٨، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٨٧.

56 انظر: في ظلال القرآن ٤/١٨٤٢.

57 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٦، الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣ معالم التنزيل، البغوي ٤/١٩٧، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٨، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٨٧.

58 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٩.

59 انظر: النكت والعيون الماوردي ٢/٤٩٩، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣، معالم التنزيل، البغوي ٤/١٩٧.

60 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٦، الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩ المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣ معالم التنزيل، البغوي ٤/١٩٧، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٨، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٨٧.

61 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٨.

62 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٦، الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩ المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣، معالم التنزيل، البغوي ٤/١٩٧، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٨، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٨٧.

63 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٥٨٧، النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٦، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣، معالم التنزيل، البغوي ٤/١٩٧.

64 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٦، الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩ المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٦٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣.

65 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٦، الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩ المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣، معالم التنزيل، البغوي ٤/١٩٧.

66 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٩٦، الكشاف، الزمخشري ٢/٤١٩ المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٢٠٠، تفسير السمعاني ٢/٤٥٣ معالم التنزيل، البغوي ٤/١٩٧، فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٨٨، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٨٧.

67 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٠، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٥٥، تفسير السمعاني ٢/١٩٨، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٥، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨.

68 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٣/٤٧٥.

69 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٣٩، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠٢، لباب التأويل، الخازن ٢/٢٢٧، محاسن التأويل، القاسمي ٥/١٤٨، التفسير الوسيط، طنطاوي ٥/٣٢٢، التفسير المنير، الزحيلي ٨/٢٩٦.

70 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٥٥.

71 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٥٥، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٣٩، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠٢.

72 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨.

73 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٠، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٣٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠٢، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨، أضواء البيان، الشنقيطي ٤/٣٩٢.

74 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٤/٣٢، أيسر التفاسير، الجزائري ٢/٢٠٢.

75 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٠، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٥٥، تفسير السمعاني ٢/١٩٨، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٥، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨.

76 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٣١٩، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٥٧، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٤٠، الكشف والبيان، الثعلبي ٤/٢٦٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠٢.

77 انظر: جامع البيان ١٨/٥٥٤، تفسير القرآن العظيم ٥/٣٤٠.

78 انظر: تفسير السمعاني ٤/٦٥، الوجيز الواحدي ص ٧٨٦، تفسير المراغي ١٩/١٠١.

79 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٦.

80 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٣١٦.

81 انظر: معاني القرآن، النحاس ٣/٤٩، المفردات، الراغب ص ٣٤٤.

82 القرآن ونقض مطاعن الرهبان، صلاح الخالدي ١/٤٩١.

انظر: معاني القرآن، النحاس ٣/٣٧٧، المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٤٩٦.

83 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٥٩.

84 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/١٤٤، أضواء البيان، الشنقيطي ٢/٣٦.

85 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٤/١٨٦.

86 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٣٩٣، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٩٨.

87 انظر: المحرر الوجيز ٤/٢٤٢.

88 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٣٢٢، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٩.

89 انظر: تفسير القرآن العظيم ٣/٤٠٢، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٠/٢٤٧، التفسير القرآني للقرآن ٥/٤٣٣.

90 مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٣١٩.

91 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٣٢٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠٢، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٠/٢٤٧، التفسير القرآني للقرآن ٥/٤٣٣، التفسير المنير، الزحيلي ٢٠/٢٤١.

92 انظر: خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية، عبد العظيم المطعني ٢/٣٥٦.

93 انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ٦/١١٩٤.

94 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٩٨.

وانظر: جامع البيان، الطبري ١٥/٤٦٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٣/٧٦.

95 انظر: جامع البيان، الطبري ١٥/٤٦٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٣/٧٦، مفاتيح الغيب، الرازي ١٨/٣٩٢، أنوار التنزيل، البيضاوي ٣/١٤٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٩٨، مفاتيح الغيب، الرازي ١٨/٣٩٢، تفسير المراغي ١٢/٧٨.

96 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ١٨/٣٩٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٩٨.

97 انظر: غريب القرآن، ابن قتيبة ص ٢٠٩، غريب القرآن، السجستاني ص ١٢٣، المفردات، الراغب الأصفهاني ص ١٣٣.

98 جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٩.

99 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٩، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٣/٦٠، الكشف والبيان، الثعلبي ٤/٢٦٣.

100 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٤١.

101 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٤٨، معالم التنزيل، البغوي ٦/١٩٩، الكشاف، الزمخشري ٣/٣٩٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢٨١، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/٢٦٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٣.

102 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٤٨، تفسير السمعاني ٤/١٣٠، معالم التنزيل، البغوي ٣/٥٢٨، أنوار التنزيل، البيضاوي ٤/١٧٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢٨٣، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٣، لباب التأويل، الخازن ٣/٣٦١، محاسن التأويل، القاسمي ٧/٥١٧.

103 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٤٨، تفسير السمعاني ٤/١٣٠، معالم التنزيل، البغوي ٣/٥٢٨، أنوار التنزيل، البيضاوي ٤/١٧٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢٨٣، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٣، لباب التأويل، الخازن ٣/٣٦١.

104 انظر: في ظلال القرآن ٥/٢٦٨٥.

105 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٧/٢٣٩، الكشاف، الزمخشري ٣/٤٠٠.

106 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٤٨، معالم التنزيل، البغوي ٦/١٩٩، الكشاف، الزمخشري ٣/٣٩٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢٨١، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/٢٦٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٣.

107 انظر: صنف ابن أبي شيبة، رقم ٣١٨٤٢، ٦/٣٣٤.

قال ابن كثير في تفسيره ٦/٢٠٤: إسناد صحيح.

108 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٤٨، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢٨١، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/٢٦٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٣.

109 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٤٨، معالم التنزيل، البغوي ٦/١٩٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢٨١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٣.

110 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد، رقم ٢٦٨٤، ٣/١٨١.

111 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٣/٢٦٢، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٢/٥٠.

112 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٦١، الكشاف، الزمخشري ٣/٤٠٠، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٢/٥٠، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٦، البحر المحيط، أبو حيان ٨/٢٩٨، روح المعاني، الألوسي ٨/٥٠٦.

113 الجامع لأحكام القرآن ١٣/٢٧٠.

114 انظر: تفسير ابن أبي حاتم ٩/٢٩٦٦.

115 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، رقم ٦٣٦٤، ٧/٥٥.

وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، رقم ٦٢٢٩، ١٣/٤٩٧.

116 وانظر: الدر المنثور، السيوطي ٦/٤٠٧، فتح القدير، الشوكاني ٤/١٩٧.

117 انظر: التحرير والتنوير ٢٠/١٠١.

118 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٦١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٥، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٠/١٠١، التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ١٠/٣٣١، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٦١٤، في ظلال القرآن، سيد قطب ٥/٢٦٨٦.

119 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٠٦.

120 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٦١٥.

121 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٥/٢٦٨٧.

122 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٦١.

123 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٠/١٠١، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٦١٤، في ظلال القرآن، سيد قطب ٥/٢٦٨٦، التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ١٠/٣٣١.

124 انظر: التحرير والتنوير ٢٠/١٠١.

125 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٥٨٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/١٤٧، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٤٠١، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٤/٦٠٣.

126 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٤/٦٠٤، أنوار التنزيل، البيضاوي ٤/١٧٩، لباب التأويل، الخازن ٣/٣٦٦.

127 انظر: تفسير القرآن العظيم ٦/٢١٥.

128 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي ٤/٩٤.

129 انظر: المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ١٤٠.

130 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٨٩.

131 انظر: المصدر السابق.

132 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٨٩، أيسر التفاسير، الجزائري ٤/٦٨.