عناصر الموضوع

مفهوم الشر

الشر في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

حقيقة الشر

ميادين الشر

أنواع الشر

التحصن من الشر

موقف الإنسان إذا مسه الشر

جزاء الأشرار

الشر

مفهوم الشر

أولًا: المعنى اللغوي:

قال ابن فارس: «الشين والراء أصل واحد يدل على الانتشار والتطاير»1.

والشر خلاف الخير، وهو السوء والفساد، ومنه الشرر: وهو ما تطاير من النار ومفردها شررة، وشواء شرشار، أي: يتقاطر دسمًا2، ويقال: فلانٌ شَرَ فلانًا، أي: إذا عابه وشهره في الناس3، وشر الناس: بمعنى أكثرهم شرًا، وأصله أشر: على صيغة أفعل التفضيل ،حذفت منه الهمزة لكثرة الاستعمال، وعند التأنيث يقال: فلانة شرى، أي: أكثرهن شرًا، ورجل شرير، أي : كثير الشر ، والجمع أشرار4.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

لا يختلف المعنى الاصطلاحي للشر عن المعنى اللغوي فقد عبر العلماء عن اصطلاح الشر بقولهم: «هو عدم ملائمة الشيء الطبع»5، أي: أن الشر اسمٌ جامع للرذائل والخطايا، والسوء، والفساد، وكذلك المصائب والبلايا، كما جاء في معاجم اللغة.

الشر في الاستعمال القرآني

وردت مادة (الشر) في القرآن الكريم(٣٠) مرة6.

والصيغ التي وردت، هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

اسم (مفرد)

٢٩

( ) [الإسراء:٨٣]

اسم (جمع)

١

( ) [ص:٦٢]

وجاءت كلمة الشر في القرآن الكريم بمعناها اللغوي، وهو السوء، أو ما ينفر منه كل أحد7.

الألفاظ ذات الصلة

السّوء:

السّوء لغةً:

الشر والفساد وكل آفة، قال الكفوي في معناها: السوء جرى مجرى الشر، ويحمل معنى الشدًة والذنب والضر والفقر والزنا والشرك والهزيمة8.

السوء اصطلاحًا:

كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية والأخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والجارحة من فوات مالٍ وجاه وفقد حميم9.

الصلة بين الشر والسوء:

السوء والشر مترادفان إلى حد كبير؛ فالسوء تأتي بمعنى المنكرات والرذائل، وبمعنى البؤس وبمعنى المصائب والشدائد، وكل ذلك شرٌ بلا ريب. ولكن السوء أشد من الشر.

المصيبة:

المصيبة لغةً:

تعني النائبة وكل أمر مكروه10،وجاء في لسان العرب أنها تعني الشدة11.

المصيبة اصطلاحًا:

هي البلية وكل أمر مكروه12.

الصلة بين الشر والمصيبة:

الشر أعم و أشمل من المصيبة، فكل مصيبة شر، وليس كل شر مصيبة.

الضّر:

الضّر لغة:

الشدة والضيق والنقصان يدخل في الشيء 13.

الضر اصطلاحًا:

هي سوء الحال ، إما في النفس لقلة العلم والفضل والعفة ، وإما في البدن لعدم جارحة ونقص، وإما في حالة ظاهرة من قلة مال وجاه 14. (من باب والشيء بالشيء يذكر. أرى من الانسب هنا أن تتعرض للحديث بإيجاز عن الضر بفتح الضاد وما الفرق بينه وبين الضر بضم الضاد ففيه نكات ظريفة).

الصلة بين الشر والضر:

إن الشر دائمًا فيه الأذى والضرر، بينما الضر قد سيكون فيه خيرًا أحيانًا ، فشرب الدواء المر رجاء العافية ضرر يدخله الإنسان على نفسه وليس بشر.

الخير:

الخير لغة:

الخير ضد الشر15.

الخير اصطلاحًا:

الخير ما يرغب فيه الكل ، كالعقل والعدل والفضل والشيء النافع 16.

الصلة بين الشر والخير:

مما سبق يتضح الفرق واضحٌ جليٌ بين الشر والخير؛ فالشر ضد الخير من كل الوجوه.

حقيقة الشر

كما أن لكل شيء حقيقة، فإن للشر حقيقة أيضًا من حيث علم الله بها، ومن حيث كونها حقيقة أو مظنونة، وفيما يلي بيان ذلك.

أولًا: علم الله بحقيقة الشر:

إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم وحده كل شيء علمًا مطلقًا شاملًا ، وهذه حقيقة من شأنها أن تحدث في النفس رجة وهزة ، كما أنه يسكب في القلب الاستسلام لمن يعرف ظاهر كل شيء وخافيه.

وفي قوله تعالى في آية الكرسي: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [البقرة: ٢٥٥].

إثباتٌ لإحاطة علمه سبحانه وشموله للزمان والمكان للأشياء، وبيان لعجز المخلوقات ونقص علمهم إلا ما شاء الله أن يعلمه.

وإيمان المسلم بهذه الصفة لله عز وجل، واستحضارها في قلبه يجعله مراقبًا لربه دائمًا، مراعيًا لحدوده، سريع التوبة إليه إن أساء، وإدراكه لحقيقة نفسه ونعمة الله عليه فيما يعلمه إياه من الحقائق يجعله دائمًا شديد الشكر لله وبعيدًا عن الكبر والبطر17.

والله تعالى وحده العالم بحقيقة الخير والشر ، قال عز وجل: (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [البقرة: ٢١٦].

فكل إنسان -في تجاربه الخاصة- يستطيع حين يتأمل أن يجد في حياته مكروهات كثيرة كان من ورائها الخير العميم، ولذات كثيرة كان من ورائها الشر العظيم، وكم من مطلوب كاد الإنسان يذهب نفسه حسرات على فوته، ثم تبين له بعد فترة أنه كان إنقاذًا من الله أن فوت عليه هذا المطلوب في حينه، وكم من محنة تجرعها الإنسان تكاد تتقطع لفظاعتها أوصاله ، ثم ينظر بعد فترة فإذا هي تنشئ له في حياته من الخير ما لم ينشئه الرخاء الطويل، إن الإنسان لا يعلم والله وحده يعلم، فماذا على الإنسان لو يستسلم؟ إن هذا هو المنهج التربوي الذي يأخذ القرآن به النفس البشرية لتؤمن وتسلم وتستسلم في أمر الغيب المخبوء بعد أن تعمل ما تستطيع في محيط السعي المكشوف18.

ثانيًا: نسبية الشر:

١. درجته ظنيته.

المقصود بنسبية الشر، ذلك أن الشر الموجود في هذا العالم ليس شرًا مطلقًا، الشر المطلق ليس موجود إنما يوجد شر نسبي، أي : شر موظف للخير المطلق، يوجد فقر، آلام، هموم، أحزان، موت أقارب، هذه الشرور نسبية موظفة للخير المطلق، قال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [السجدة: ٢١].

أي: لعلهم يتوبون إلى الله توبة صادقة فيسعدون بقربه ورحمته.

قال الله تعالى: (ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ) [الأنبياء: ٣٥].

وقد فصل الله تعالى هذا الشر في قوله: (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [البقرة: ١٥٥-١٥٦].

إذن يبتلينا الله بألوان الشرور ليختبرنا أنصبر أم نكفر، أنرضى أم نسخط، فمن رضي فله الرضى ، ومن سخط فعليه السخط.

إذن هذا أمرٌ أساسي في العقيدة، يجب أن نعتقد اعتقادًا جازمًا أن الشر المطلق لا وجود له إطلاقًا، لكن هناك شرٌ نسبي، أي : بالنسبة للبشر، ولكنه في ذات الوقت موظف للخير المطلق.

٢. نماذج من القرآن الكريم من الشر المظنون.

  1. الاستعداد بما في الإمكان فريضة تصاحب فريضة الجهاد
  2. لا بد للسلام من قوة ينطلق بها في الأرض لتحرير الإنسان وتكمن أهمية هذه القوة في:
    • أن تؤمن الذين يختارون هذه العقيدة على حريتهم في اختيارها ، فلا يصدوا عنها ولا يفتنوا كذلك بعد اعتناقها.
    • أن ترهب أعداء هذا الدين فلا يفكروا في الاعتداء على «دار الإسلام» التي تحميها تلك القوة.
    • أن يبلغ الرعب بهؤلاء الأعداء أن لا يفكروا في الوقوف في وجه المد الإسلامي.
    • أن تحطم هذه القوة كل قوة في الأرض تتخذ لنفسها صفة الألوهية ،فتحكم الناس بشرائعها هي وسلطانها، ولا تعترف بأن الألوهية لله وحده ومن ثم فالحاكمية لله وحده سبحانه24.

      إذًا المسلمون مكلفون أن يكونوا أقوياء، وأن يحشدوا ما لا يستطيعون من أسباب القوة ، لتكون كلمة الله هي العليا ، ويكون الدين كله لله.

      ثانيًا: ترك الزكاة:

      قال عز وجل: (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [آل عمران: ١٨٠].

      لما بالغ الله تعالى في التحريض على بذل النفس في الجهاد في الآيات السابقة لهذه الآية، شرع هنا في التحريض على بذل المال في سبيل الله ، وذكر الوعيد الشديد لمن بخل بماله 25.

      كما جاء في صحيح البخاري: (من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعًا أقرع - أي: ثعبانًا عظيمًا - له زبيبتان فيأخذ بلهزمتيه -يعني : شدقيه -ثم يقول له: (أنا مالك ، أنا كنزك) ثم تلا صلى الله عليه وسلم الآية) 26.

      نموذج من القصص القرآني عن ترك الزكاة:

      ما جاء في سورة القلم عن قصة أصحاب الجنة ، أي : البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه ، حين منعوا الفقراء حقهم في الزكاة من ثمار بستانهم.

      قال تعالى: (ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ) [القلم: ١٧-٢٠].

      قال المفسرون: كان لرجل مسلم بقرب صنعاء بستان فيه من أنواع النخيل والزروع والثمار ، وكان إذا حان وقت الحصاد دعا الفقراء فأعطاهم نصيبًا وافرًا منه وأكرمهم غاية الإكرام ، فلما مات الأب ورثه أبناءه الثلاثة ، فقالوا : عيالنا كثير والمال قليل ، ولا يمكننا أن نعطي المساكين كما كان يفعل أبونا، فتشاوروا فيما بينهم وعزموا على ألا يعطوا أحدًا من الفقراء شيئًا، وأن يجنوا ثمرها وقت الصباح الباكر خفيةً عنهم، وحلفوا على ذلك، فأرسل الله تعالى نارًا على الحديقة ليلًا أحرقت الأشجار وأتلفت الثمار، فلما أصبحوا ذهبوا إلى حديقتهم فلم يروا فيها شجرًا ولا ثمرًا ، فظنوا أنهم (أخطأوا) الطريق، ثم تبين لهم أنها بستانهم وحديقتهم ، وعرفوا أن الله تعالى عاقبهم فيها بنيتهم السيئة، فندموا وتابوا بعد أن فات الأوان27.

      وقد ساق الله تعالى هذه القصة ليعلمنا أن مصير البخيل ومانع الزكاة إلى التلف ، لأنه يبخل ببعض ماله عن دفع الزكاة في سبيل الله ، فيهلك كل ماله مصحوبًا بغضب الله، هذا عقاب في الدنيا، وعقاب الآخرة أشد وأخزى (ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [القلم: ٣٣].

      وفي ذلك تقرير لسنة الله تعالى في خلقه ، وهي أن يبتليهم بالنعماء كما يبتليهم بالبأساء.

      ثالثًا: ترك الجهاد:

      من المؤكد أنه لا عزة ولا كرامة للأمة الإسلامية بلا جهاد في سبيل الله تعالى، وإذا تركت الجهاد غرقت في الذل والهوان.

      قال الله عز وجل: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [البقرة: ٢١٦].

      هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين أن يكفوا شر الأعداء عن حوزة الإسلام.

      وإنما كان الجهاد كرهًا لأن فيه إخراج المال ومفارقة الأهل والوطن والتعرض لذهاب النفس28.

      فعسى أن تكرهوا ما في الجهاد من المشقة ، وهو خير لكم في أنكم تغلبون وتظفرون وتغنمون وتؤجرون ، ومن مات مات شهيدًا، وعسى أن تحبوا الدعة وترك القتال وهو شر لكم في أنكم تغلبون وتذلون ويذهب أمركم 29.

      والله يعلم الخير والشر ، وأنتم لا تعلمونهما لأن الله يعلم الأشياء على ما هي عليه، والناس يشتبه عليهم العلم ، فيظنون الملائم نافعًا، والمنافر ضارًا 30.

      وردت الآية مع جملة تشريعات منظمة في السورة مثل: ( ﭧ ﭨ) [البقرة: ١٨٣].

      وقوله تعالى: (ﮍ ﮎ) [البقرة: ١٧٨].

      فعلاقة هذه الآية مع ما قبلها من الآيات هو أنه لما ذكر ما مس من تقدم من أتباع الرسل من البلايا، وأن دخول الجنة معروف بالصبر على ما يبتلى به المكلف، ثم ذكر الإنفاق على من ذكر ، فهو جهاد النفس بالمال ، انتقل إلى ما هو أعلى منه ، وهو الجهاد الذي يستقيم به الدين ، وفيه الصبر على المال والنفس31.

      استخلص من هده الآية هدايات ودلالات تتصل بعلم الله تعالى بحقيقة الشر:

    1. الآية خطاب للمسلمين بتكليفهم بالجهاد في سبيل الله ، والكلام فيه تلطف من الله تعالى لرسوله والمؤمنين في قوله: (ﭔ ﭕ ﭖ). فالله تعالى غنيٌ عن البيان والتعليل، لأنه يأمر فيطاع ، ولكن في بيان الحكمة تخفيف من مشقة التكليف، وفيه تعويد للمسلمين بتلقي الشريعة معللة مذللة.
    2. هناك إشارة إلى أن حكمة التكليف تعتمد المصالح ودرء المفاسد، ولا تعتمد ملائمة الطبع ومنافرته، إذ يكره الطبع شيئًا وفيه نفعه ، وقد يحب شيئًا وفيه هلاكه، وذلك باعتبار العواقب والغايات.
    3. قال الماوردي في كونه (كرهًا) تأويلان:
    4. أحدهما: وهو كره لكم قبل التعبد وأما بعده فلا.
    5. الثاني: وهو كره لكم في الطباع قبل الفرض وبعده، وإنما يحتمل بالتعبد32.
    6. الشر المقصود في الآية أن العدو إذا علم ميلكم إلى الدعة والسكون أخذ بلادكم وحاول قتلكم ، فإما أن يأخذكم ويستبيح دماءكم وأموالكم، وإما أن تحتاجوا إلى قتالهم من غير إعداد آلة وسلاح ، وهذا كله شر لكم 33.
    7. أن القتال في سبيل الله فريضة شاقة، ولكنها فريضة واجبة الأداء، وذلك لأن فيها خيرًا كثيرًا للفرد المسلم، وللجماعة المسلمة جمعاء لتحقيق الحق والخير والصلاح.

      رابعًا: اقتراف الكبائر:

      إن الشر الذي يصيب العبد لا يخلو من قسمين:

      • شر واقع به من غيره.
      • ذنوب وقعت منه يعاقب عليها، فيكون وقوع ذلك بفعله وقصده وسعيه، ويكون هذا الشر هو الذنوب ، ومنها الكبائر ، وهو أعظم الشرين وأدومهما.

        إن نظرة الإسلام إلى الإنسان بكل معالمها تتمثل في أن هذا الكائن مخلوق مزدوج الطبيعة، مزدوج الاستعداد والاتجاه، ونعني بذلك أنه بطبيعة تكوينه «من طين الأرض ومن نفخة الله فيه من روحه» مزود باستعدادات متساوية للخير والشر، والهدى والضلال، فهو قادر على التمييز بين ما هو خير وما هو شر، كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى الخير وإلى الشر سواء، وأن هذه القدرة كامنة في كيانه، يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة ، كما في قوله تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الشمس: ٧-١٠].

        ويعبر عنها بالهداية تارة أخرى ، كما في قوله تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ) [البلد: ١٠].

        أي: إلى طريقي الخير والشر ، فهي كامنة في صميمه في صورة استعداد، والرسالات والتوجيهات والعوامل الخارجية إنما توقظ هذه الاستعدادات وتشحذها وتوجهها هنا أو هناك. بالإضافة إلى هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة، هناك قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان، هي التي تتعلق وتناط بها التبعة (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ) [المدثر: ٣٨].

        فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها من الموبقات وتنمية استعداد الخير فيها، وتغليبه على استعداد الشر فيها فقد أفلح، أما من أظلم هذه القوة وأضعفها فقد خاب، ولو تساءلنا عن ماهية هذه القوة الواعية فهي تلك الإرادة المحدودة وحرية الاختيار والتي سقفها وإطارها العام هو المشيئة والإرادة الإلهية اللامحدودة. ومن رحمة الله تعالى بالإنسان أنه لم يتركه لاستعداد فطرته الإلهامي ولا لإرادته المحدودة، بل أعانه بالرسالات التي تكشف له عن موحيات ودلائل الهدى في نفسه وفي الآفاق من حوله، وتجلو عنه غواشي الهوى، فيبصر الحق في صورته الصحيحة، و يتضح له الطريق، فتتصرف قوته وإرادته الواعية حينئذ عن بصيرة وإدراك لحقيقة الاتجاه الذي تختاره وتسير فيه34.

        قال الله تعالى: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ) [النساء: ٣١].

        خامسًا: السحر:

        يعد السحر من أكبر الكبائر ، وهو من الشرور التي تقع للإنسان من ظلم الغير له، لذا فإن التحصن من شر السحر يكون بحسن الالتجاء إلى الله تعالى ، كما جاء في سورة الفلق.

        قال تعالى: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الفلق: ١-٥].

        فلا أحد يدفع الشرور عن النفوس إلا الله تبارك وتعالى، ومن مقاصد هذه السورة تعميق وتعزيز التوحيد في النفوس، وقد جاء في الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اصطبح سبع تمرات عجوة، لم يضره ذلك اليوم سم، ولا سحر)35.

        لطائف ودلالات في الآيات:

      • اقترن الحاسد والساحر في السورة لأن مقصدهما الشر للناس ، كما أن الاستعاذة من هذين تعم كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن، فالحسد من شياطين الإنس والجن، والسحر من النوعين أيضًا ؛ إذ إن الشيطان يقارن الحاسد والساحر ويصاحبهما ويحادثهما، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان، أما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ويستعينه.
      • تنكير غاسق وحاسد وتعريف النفاثات؛ لأن كل نفاثة شريرة، فكل غاسق لا يكون فيه الشر، إنما يكون في بعض دون بعض، وكذلك كل حاسد لا يضر، ورب حسد محمود، وهو الحسد في الخيرات36، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الخير، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها بين الناس)37.

        سادسًا: الحسد:

        الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل.

        والحسد غير الغبطة؛ قال الزمخشري: «الغابط: هو الذي يتمنى مثل نعمة صاحبه من غير أن تزول عنه. والحاسد: هو الذي يتمنى أن تكون نعمة صاحبه له دونه ، فمن الغبطة قوله تعالى: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [القصص: ٧٩].

        ومن الحسد: قوله: (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [النساء: ٣٢]»38.

        وقال الخوارزمي: «وحقيقة الحسد أن يكون لواحد نعمة ، فيحب زوال نعمته - وهذا حرام -؛ لأنه كراهية الله سبحانه ، وهذا دليل خبث الباطن ؛ لأن نعمته لا تكون لك ولا هي منتقلة إليك، فمحبة زوالها عن صاحبها لا تكون إلا من الخبث ، أما الغبطة وهي أن تريد أن يكون لك مثل تيك النعمة والدولة والجاه ، ولا تكره ذلك على صاحبه، فلا يكون حسدا بل غبطة ومنافسة»39.

        يكون الحسد شرًا حين يتمنى الحاسد زوال النعمة عن غيره، ولا يرضى بما قسمه الله له، ومن خطورة الحسد أنه يأكل حسنات الحاسد كما تأكل النار الحطب.

        وقد جاءت الاستعاذة من شر الحاسد في الآية الخامسة من سورة الفلق (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ)، وعند تأمل الآية نجد تقيده سبحانه شر الحاسد بقوله (ﭽ ﭾ) لأن الرجل قد يكون عنده حسد، ولكن يخفيه ولا يرتب عليه أذى بوجه ما لا بقلبه، ولا بلسانه، بل يجد في نفسه شيئًا من ذلك، ولكنه لا يعاجل أخاه إلا بما يحبه الله، فهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عصمه الله، ولكنه يجاهد نفسه على دفع ذلك الشعور حياءً من الله وطاعة لله تعالى، بل ويلزم نفسه بالدعاء للمحسود ويتمنى زيادة الخير له، وهذا بخلاف ما إذا حقق ذلك وحسد وترتب على حسده مقتضاه من الأذى بالقلب واللسان والجوارح، وهذا كله شر حسد تمني زوال النعمة عن الغير، فالمؤمن يغبط والمنافق يحسد 40.

        تعتبر سورة الفلق من أكبر أدوية المحسود، فإنها تتضمن التوكل على الله، وصدق الالتجاء إليه، والاستعاذة به من شر حاسد النعمة ، فهو يستعيذ بولي النعم كأنه يقول: يا من أولاني نعمته وأسداها إليه ، أنا عائذ بك من شر من يريد أن يستلبها مني ويزيلها عني ، فهو جل وعلا حسب من توكل عليه وكافي من لجأ إليه.

        سابعًا: نشر الأخبار الكاذبة:

        من صور الشر أيضًا في المجتمع فيكون له ما له من تأثير سلبي ، ومثاله حادثة الإفك في القرآن الكريم، وسبب الإفك أن عائشة رضي الله عنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق سنة ست من الهجرة حين ضاع عقد لها، وقد توجهت لحاجتها فعادت في طلبه، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزله فرفع هودجها ، ولم يشعر بها أنها ليست فيه لخفتها وعادت فلم تر في المنزل أحدًا، فأدركها صفوان بن المعطل ، فحملها على راحلته وألحقها برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتكلم فيها وفي صفوان من تكلم حيث أثار هذا الإفك ، رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، وقدمت المدينة وانتشر الإفك وهي لا تعلم به ثم علمت، فأخذها من ذلك شيءٌ عظيم من الهم والحزن إلى أن أنزل الله براءتها بعد سبعة وثلاثين يومًا من قدوم المدينة41، في عشر آيات من سورة النور من قوله عز وجل: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [النور: ١١] حتى قوله تعالى: (ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ) [النور: ٢٠].

        هدايات قوله تعالى: (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ):

      • الخير حقيقته: ما زاد نفعه على ضره، والشر: ما زاد ضره على نفعه. وإن خيرًا لا شر فيه هو الجنة، وشرًا لا خير فيه هو جهنم. فأما البلاء النازل على الأولياء فهو خير ؛ لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا وخيره هو الثواب الكثير في الآخرة، فالخطاب في الآية لعائشة وأهلها وصفوان رضي الله عنهم، لينبههم الله تعالى على أن الخير في هذه الحادثة أكبر من شرها 42.
      • أتى بالإضراب (بل) لإبطال أن يحسبوه شرًا، وإثبات أنه خير لهم ؛ لأن فيه منافع كثيرة، إذ تميز به المؤمنون الخلص من المنافقين، وتشرع لهم بسببه أحكام تردع أهل الفسق عن فسقهم، وتتبين منه براءة فضلائهم، ويزداد المنافقون غيظًا، ويصبحون محقرين مذمومين، ولا يفرحون بظنهم حزن المسلمين، فإنهم لما اختلقوا هذا الخبر ما أرادوا إلا أذى المسلمين. وقد عطف الخير على الشر بحرف (بل) في الآية فكان ما بعد(بل) جملة اسمية للدلالة على الثبات والدوام43.

        أنواع الشر

        الشر حقيقة ما زاد ضره على نفعه، كما أن الخير ما زاد نفعه على ضره، وإن خيرًا لا شر فيه هو الجنة، وإن شرًا لا خير فيه هو جهنم، الشر نوعان: شرٌ دنيوي، وشرٌ أخروي، وبيان ذلك فيما يأتي:

        أولًا: الشر الدنيوي:

        إن الشر الدنيوي المتمثل في الأمراض والابتلاءات له فائدة عظيمة وحكم جليلة، يمن بها الله على من أحب من عباده، ومن هذه الحكم: تكفير السيئات ورفع الدرجات، والتمحيص والتنقية والتهيؤ لحمل أعباء الدعوة.

        فقد ينزل الشر على العباد رفعًا للدرجات، أو وضعًا للآصار وتكفيرًا للخطايا والسيئات؛ فمما يكون لرفع درجات العباد، ويراد لهم الخير به : ما رواه البخاري في صحيحه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (من يرد الله به خيرًا يصب منه)44، أي: يبتليه بالمصائب والمحن ليرفع درجاته ويزيد في حسناته على ما يكون من صبره واحتسابه.

        قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ)[الصافات: ١٠٣ -١٠٧].

        قال ابن القيم: «ليس المراد أن يعذب، ولكن يبتلى ليهذب ، ليس العجب من أمر الخليل بذبح الولد ، إنما العجب من مباشرة الذبح بيده، ولولا الاستغراق في حب الأمر لما هان مثل هذا المأمور، فلذلك جعلت آثارها مثابة للقلوب تحن إليها أعظم من حنين الطيور إلى أوكارها»45.

        وقال تعالى: (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [آل عمران: ١٤٢].

        قال الرازي: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة بمجرد تصديقكم الرسول قبل أن يبتليكم الله بالجهاد وتشديد المحنة ، والله أعلم»46.

        ومما يكون لتكفير السيئات ما جاء في الحديث المتفق على صحته عند الشيخين أن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله: (ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها)47.

        قال الإمام المناوي شارحًا هذا الحديث في فيض القدير: (ما من مصيبة) أي: نازلة، وأصلها الرمي بالسهم ، ثم استعيرت لما ذكر (إلا كفر الله بها عنه) ذنوبه، أي : محي خطيئاته بمقابلتها48.

        وقال الإمام الغزالي: قال عيسى عليه السلام: لا يكون عالمًا من لم يفرح بدخول المصائب والأمراض عليه لما يرجوه من ذلك من كفارة خطاياه49.

        قال تعالى: ( ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [الشورى: ٣٠].

        قال الزحيلي: «والقصد من الابتلاء رفع الدرجات ؛ لأن الأنبياء معصومون عن الذنوب والآثام، ويكون حصول المصيبة من باب الامتحان في التكليف، لا من باب العقوبة»50.

        ثانيًا: الشر الأخروي:

        ١. الجزاء من جنس العمل.

        إن الله تعالى عدل لا يظلم مثقال ذرة، جعل الجزاء من جنس العمل، (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [الزلزلة: ٧-٨].

        فمن يفعل مقدار ذرة من التراب خيرًا يجده في صحيفته يوم القيامة ويلق جزاءه، ومن يفعل من الشر مقدار ذرة من التراب يجده كذلك ويلق جزاءه عليه.

        وقوله: (ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ) [ص: ٥٥-٥٦].

        إن للكافرين الذين كذبوا الرسل لشر منقلب يصيرون إليه في الآخرة، ثم فسر هذا المصير بقوله () يذوقونها ويصلون سعيرها، قال الطبري: في الآية تقديم وتأخير ، أي : هذا حميم وغساق فليذوقوه، والحميم هو الذي أغلى حتى انتهى حره، والغساق ما يسيل من جلودهم من الصديد والدم، وعذاب آخر من مثل هذا العذاب المذكور كالزمهرير، والسموم وأكل الزقوم لهم منه أنواع وأصناف51.

        ٢. شر أهوال يوم القيامة.

        قال تعالى: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [الإنسان: ٧].

        قال القرطبي: «استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض»52.

        وقال ابن عباس: «يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرق كالقطران يومًا تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، اليوم القمطرير أي : الشديد الصعب أو أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء»53.

        وقوله تعالى: (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [الإنسان: ١١].

        دفع عنهم شره بسبب خوفهم منه وإطعامهم لوجهه أعطاهم بدل العبوس في الكفار نضرة في الوجوه وسرورًا في القلوب، والنضرة البياض والنقاء في وجوههم والحسن والبهاء 54.

        خوفهم اليوم مجاز عقلي جرى في تعليق اليوم بالخوف، لأنهم إنما يخافون ما يجري في ذلك اليوم من الحساب والجزاء على الأعمال السيئة بالعقاب.

        وانتصب () على المفعول به لـ() ولا يصح نصبه على الظرفية؛ لأن المراد بالخوف خوف في الدنيا من ذنوب تجر إليهم العقاب في ذلك اليوم، وليس المراد أنهم يخافون في ذلك اليوم فإنهم في ذلك اليوم آمنون، إنهم يخافون شر ذلك اليوم فيتجنبون ما يفضي بهم إلى شره من الأعمال المتوعد عليها بالعقاب، وصيغة () الفعل دالة على تجدد خوفهم شر ذلك اليوم55.

        يخافون عذاب يوم هو يوم القيامة كانت شدائده وأهواله فاشية منتشرة في كل جهة وعامة على كل الناس إلا ما رحم الله، وإنما سميت الأهوال شرًا لكونها مضرة بمن تنزل عليه ولكونها صعبة عليه ، كما تسمى الأمراض وسائر الأمور المكروهة شرورًا56.

        كان شر ذلك اليوم فاشيًا في السماوات، فانشقت وتناثرت الكواكب، وكورت الشمس والقمر وفزعت الملائكة وفي الأرض، فنسفت الجبال وغارت المياه ، وتكسر كل شيء على الأرض من جبل وبناء57.

        التحصن من الشر

        لقد بين الله لنا في كتابه العزيز وسنته المطهرة حقيقة الشر، كما بين لنا أسبابه ومسبباته، والتي أهمهما شياطين الإنس والجن بأشكالهم المختلفة، مصداقًا لقوله تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الأنعام: ١١٢].

        فلقد ناصبت تلك الشياطين العداء للأنبياء، فضلًا عن أتباعهم ومن رحمة الله بنا؛ فقد بين لنا كيفية التحصن منهم ، ألا وهي الإيمان، والذكر والدعاء، وأخيرًا الصحبة الصالحة، وفيما يلي تفصيلًا لذلك:

        أولًا: الإيمان:

        إن الإيمان مصدر لاطمئنان القلب؛ فمن كان قلبه عامرًا بالإيمان فقد حصن نفسه من شر شياطين الإنس والجن.

        قال تعالى: ( ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [النحل: ١٠٦].

        فقد اقترنت الطمأنينة في القلب بالإيمان، حتى عند نزول البلاء والعذاب على عمار رضي الله عنه، فقد كان يعذب كي ينطق كلمة الكفر، وقد نطقها تحت وطأة العذاب بلسانه، لكن قلبه كان مطمئنًا بالإيمان متحصنًا به من الزلل والانزلاق في وحل الشرك والكفر.

        قال الزمخشري: «وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان، منهم عمار، وأبواه -ياسر وسمية- وصهيب، وبلال، وخباب، وسالم: عذبوا، فأما سمية فقد ربطت بين بعيرين وجيء في قبلها بحربة، وقالوا: إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت، وقتل ياسر ، وهما أول قتيلين في الإسلام، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها، فقيل : يا رسول الله، إن عمارًا كفر، فقال: كلا، إن عمارًا مليء إيمانًا من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه»58.

        لقد أخبرنا الله تعالى: أن من الجن والإنس شياطين يريدون أن يضلونا وأن يبعدونا عن صراط الله المستقيم، ويريدون أن يسببوا لنا الأذى النفسي والبدني، فهم يوسوسون، وينفثون سمومهم الكفرية بين بني آدم، ويرسلون عليهم أعوانهم ليؤذوهم وليلبسوا عليهم دينهم.

        قال تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الأنعام: ١١٢].

        وقد بين الله تعالى لنا في كتابه في آيات كثيرة عداوة إبليس لنا، وأنه حريص على إضلالنا وصرفنا عن صراط الله المستقيم، فقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النور: ٢١].

        وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [النساء: ٦٠].

        وقال تعالى: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [المائدة: ٩١].

        وقال تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [الأعراف: ٢٧].

        فكل هذه الآيات تبين شدة عداوة الشيطان لبني آدم وخصوصًا عباد الله المؤمنين، فهو حريص على كل ما يضرهم من الكفر، والبدع، والمعاصي، وتعليق قلوبهم بغير الله، والاستعانة بغيره، وغير ذلك مما يقدح في إيمانهم وعقيدتهم، ولكن الله تعالى رحمة بعباده المؤمنين أنار لهم الطريق بالبرهان الساطع والكلام الواضح المبين، فحذر العباد منه ومن أعوانه، فقال تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [فاطر: ٦].

        وقد أكدت الآيات أن الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون؛ قال السمعاني: «يعني: أن الشياطين يوالون الكفار»59، أي: بمفهوم المخالفة أن الإنسان الذي يتحصن بالإيمان يكون بعيدًا عن موالاة الشياطين.

        وعلى الإنسان أن يؤمن بأن الله سبحانه لا يقدر شرًا محضًا ليس فيه خير، بل كل ما قدر وإن ظهر لنا أنه شر كله فإن من وراءه من الخير مالا يعلمه إلا الله ، كتكفير السيئات، ورفعة الدرجات وتمحيص المؤمنين وتبصيرهم بعيوبهم وكشف ما يخطط لهم، أو دفع شر أعظم مما حل بهم ، كحفظ دينهم ولو ذهب شيء من دنياهم، ونحو ذلك من المصالح التي لا تخطر على البال، وقد جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لربه (والشر ليس إليك)60.

        وهذا إبليس أساس الشر في العالم خلقه الله سبحانه وقدر وجوده في الكون، ليختبر العباد ويعلم الصادق من الكاذب وغيرها من الحكم التي ظهر فيها الخير للعباد، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

        ثانيًا: الذكر والدعاء:

        للذكر والدعاء أثرٌ عظيم في طمأنة القلوب، مصداقًا لقوله تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ) [الرعد: ٢٨].

        قال القشيري: «قوم اطمأنت قلوبهم بذكرهم الله، وفي الذكر وجدوا سلوتهم، وبالذكر وصلوا إلى صفوتهم، وقوم اطمأنت قلوبهم بذكر الله ، فذكرهم الله سبحانه بلطفه، وأثبت الطمأنينة في قلوبهم على وجه التخصيص لهم»61.

        وفي قوله تعالى: (ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ) إشارة إلى أن من علامات أهل الإيمان، أنهم إذا ذكروا الله، أو ذكروا به، اطمأنت قلوبهم، واشتملت عليهم السكينة، وغشيهم الأمن والسلام62.

        وقد ذكر ابن القيم في كتابه مائة فائدة للذكر صدرها بقهر الشيطان فقال: «وفي الذكر أكثر من مائة فائدة: إحداها: أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره، والثانية: أنه يرضي الرحمن عز وجل، والثالثة: أنه يزيل الهم والغم عن القلب، والرابعة: أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط»63.

        وقد جاء في كتاب السنن والمبتدعات: أن الذكر كما قال تعالى: (ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ)، فلا تهمه زعازع الدنيا ولا آفاتها بل (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [النمل: ٨٩].

        وقوله: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الأنبياء: ١٠٣].

        ذلك لأن قلوبهم سكنت بذكره وآمنت بآياته وسننه، وعرفت نعمه فقدرتها وشكرتها؛ فقلوبهم عن ربهم راضية»64.

        ومن فوائده أيضًا: أنه يقوي القلب ويجرئه في مواجهة أعتى المواقف؛ ولذلك ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم في قتال فارس والروم مع أنهم أعظم أجسامًا وأقوى أسلحة وأكثر عددًا وعدة ثباتهم أمامهم، ومع الكفار الفيلة، ومعهم أنواع من المنجنيقات، وآلات الحرب لم يكن العرب يعرفونها أو يعرفون مثل عظمها، لكنهم ثبتوا بتحصنهم بذكر الله.

        قال تعالى: (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الأنفال: ٤٥].

        إن ذكر الله يجعل للعبد الذاكر صلوات عليه من ربه ورحمة وتحصينًا.

        قال تعالى: (ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ) [الأحزاب: ٤١-٤٣].

        يقول المراغي: «أي: إن ربكم الذي تذكرونه الذكر الكثير وتسبحونه بكرة وأصيلا، هو الذي يرحمكم ويثنى عليكم في الملإ من عباده، وتستغفر لكم ملائكته، وفي هذا من التحريض على ذكره والتسبيح له مالا يخفى»65.

        والذكر والدعاء متلازمان، فلفظ الدعاء والدعوة في القرآن الكريم يتناول معنيين: الأول: دعاء العبادة، والآخر: دعاء المسألة.

        ودعاء المسألة: هو طلب ما ينفع الداعي، وطلب كشف ما يضره ودفعه.

        وكل من يملك الضر والنفع فإنه هو المعبود بحق، أما دعاء العبادة فهو الذي يتضمن الثناء على الله بما هو أهله ويكون مصحوبا بالخوف والرجاء، والدعاء في القرآن يراد به هذا تارة، وهذا تارة، ويراد به مجموعهما وهما متلازمان، فالعبد يدعو للنفع أو دفع الضر دعاء المسألة ويدعو خوفًا ورجاءً دعاء العبادة؛ فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة، وقد ورد المعنيان جميعًا في قوله سبحانه: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ) [الأعراف: ٥٥-٥٦]66.

        ثالثًا: الصحبة الصالحة:

        لقد حذر الإسلام من الصحبة السيئة، لاسيما رفقاء السوء، الذين يجاهرون بالمعاصي ، وحث على اختيار الصحبة الصالحة، قال تعالى: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [الزخرف: ٦٧].

        قال الجزائري: « أي: الأحباء في الدنيا يوم إذ تأتي الساعة بعضهم لبعض عدو فتنقطع تلك الخلة والمودة وتصبح عداء؛ لأنها كانت على معصية الله تعالى وقوله (ﮡ ﮢ) أي : الله عز وجل بفعل أوامره وترك نواهيه فإن مودتهم وخلتهم لا تنقطع ، لأنها كانت محبة في الله وما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل»67.

        قال تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [الفرقان: ٢٧-٢٨].

        قال الزمخشري: «فكل من اتخذ من المضلين خليلًا كان لخليله اسم علم لا محالة»68.

        وقال المراغي: «أي: يا هلكتي احضري فهذا أوانك، ليتني لم أتخذ فلانا الذي أضلني وصرفني عن طريق الهدى خليلًا وصديقًا، ومن الأخلاء الشياطين، ولا فارق بين شياطين الإنس وشياطين الجن»69.

        فالصحبة الصالحة حصنٌ حصينٌ للمرء من الانزلاق في مزالق الشيطان وشروره، فلقد حثنا الله والنبي صلى الله عليه وسلم على اختيار وملازمة الصحبة الصالحة؛ فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو خير خلق الله على الإطلاق، يأمره الله بأن يلزم أصحابه.

        قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [الكهف: ٢٨].

        والرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو معلم البشرية الخير، وهو الذي هداها الله عز وجل به، وهو الذي أرشدهم إلى طريق الصواب ، ومع ذلك فهو يحتاج إلى أن يصبر نفسه معهم، ولا يعني ذلك أنه لا يلتزم بدونهم، ولكن رفقة الصالحين مطلوبة ولو كانوا أقل منزلة، فالمرء يحتاج إلى أصحاب في الخير وإخوان في الله، ولو كان أفضل منهم.

        ويدعو ابراهيم عليه الصلاة والسلام قائلًا: (ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [الشعراء: ٨٣].

        ويؤكد عليها يوسف عليه السلام قائلًا: (ﯲ ﯳ ﯴ) [يوسف: ١٠١]؛ ذلك أن صحبة الصالحين نعيم في الدنيا والآخرة، وصحبة الظالمين والفاسقين والكافرين عذاب في الدنيا والآخرة، فصحبة أهل الفساد عذاب للإنسان، ومجرد النظر في وجوه الظلمة أو سماع كلامهم، أو النظر في وجوه الفسقة والفجرة يصيب الإنسان بالهم والكرب.

        ومن فضل الصحبة الصالحة جلب المغفرة من الذنوب.

        روى البخاري في صحيحه: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله ملائكة يطوفون في الطرق، يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم، وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قالوا: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا ، والله ما رأوك؟ قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدًا وتحميدًا، وأكثر لك تسبيحًا، قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يسألونك الجنة ، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا ، والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلبًا، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا ، والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا، وأشد لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم)70.

        موقف الإنسان إذا مسه الشر

        الشر المقصود في هذا المبحث هو الشدائد والابتلاءات ؛ لذا ينقسم الناس في موقفهم من الشدائد إلى قسمين: موقف مذموم وموقف محمود.

        أولًا: الموقف المذموم:

        ١. الإنسان الكافر.

        والموقف المذموم عند الشدائد يصدر عن الكافرين.

        قال الله تعالى: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الإسراء: ٨٣].

        والإنسان الكافر إذا أصابته النعمة بطر وتكبر، وإن أصابته الشدة يئس وقنط، وكل إنسان يعمل على نهجه وطريقته في الهدى والضلال، فإن نفس الإنسان مشرقة صافية تسير في طريق الهدى صدرت منه أفعال كريمة فاضلة، وإن كانت نفسه فاجرة كافرة تتخبط في الضلال صدرت عنه أفعال سيئة شريرة، وسيجزي الله كل عامل بعمله71.

        قال الزمخشري: «وإذا أنعمنا على الإنسان بالصحة والسعة أعرض عن ذكر الله، كأنه مستغن عنه مستبد بنفسه ونأى بجانبه تأكيد للإعراض، لأن الإعراض عن الشيء أن يوليه عرض وجهه، والنأي بالجانب: أن يلوى عنه عطفه ويوليه ظهره، وأراد الاستكبار، لأن ذلك من عادة المستكبرين وإذا مسه الشر من فقر أو مرض أو نازلة من النوازل كان يؤوسًا شديد اليأس من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون»72.

        ٢. الإنسان الذي يعبد الله على حرف.

        إذا أصابه الضر من مرض أو فقر أو نحوه دعا الله في جميع الحالات مضطجعًا أو قاعدًا أو قائمًا لكشف ذلك الضر عنه، فلما أزال الله ما به من ضر استمر على عصيانه، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء أو تناساه، وهو عتاب لمن يدعو الله عند الضر، ويغفل عنه عند العافية 73.

        قال تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [يونس: ١٢].

        قال تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [الحج: ١١].

        قال الزمخشري: «(ﮛ ﮜ) على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه، وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة، كالذي يكون على طرف من العسكر، فإن أحس بظفر وغنيمه قر واطمأن، وإلا فر وطار على وجهه، قالوا: نزلت في أعاريب قدموا المدينة، وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا، وولدت امرأته غلامًا سويا، وكثر ماله وماشيته قال: ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلا خيرا، واطمأن، وإن كان الأمر بخلافه قال: ما أصبت إلا شرا، وانقلب»74.

        وقال المراغي: « أي : فإن أصابه رخاء وسعة في العيش سكن واستبشر بهذا الخير والدين فعبد الله، وإن أصابه شر وبلاء في جسمه أو ضيق في معيشته ارتد ورجع إلى الكفر.

        والثبات في الدين إنما يكون إذا كان الغرض منه إصابة الحق وطاعة الرب والخوف من عقابه، أما إذا كان المقصد منه الخير المعجل فإنه يظهر في السراء ويختفى لدى الضراء، وهذا هو النفاق بعينه كما يرشد إلى ذلك قوله في المنافقين: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النساء: ١٤٣].

        وقوله: (ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [النساء: ١٤١].

        وخلاصة ذلك أن من الناس من ليس له ثبات في أمر دينه، بل هو متأرجح مضطرب مذبذب، يعبد الله على وجه التجربة انتظارا للنعمة، فإن أصابه خير بقي مؤمنا، وإن أصابه شر من سقم أو ضياع مال أو فقد ولد ترك دينه وارتد كافرًا75.

        ثانيًا: الموقف المحمود:

        وهذا الموقف لا يصدر إلا من أهل الإيمان فهم يتلقون هذه الشدائد والابتلاءات بقلوب صابرة مطمئنة وعامرة بالإيمان بقضاء الله وقدره راضية عن الله تعالى، فالمؤمن يراقب نفسه ويوجهها إلى ما يحب الله ويرضى.

        قال تعالى: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ)[المعارج: ١٩-٢٢].

        قال ابن كيسان: خلق الله الإنسان على طبيعة تحب ما يسره وتهرب مما يكرهه، ثم تعبده بإنفاق ما يحب، والصبر على ما يكره76.

        قال السعدي: «وهذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية، أنه هلوع، وفسر الهلوع بأنه: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) فيجزع إن أصابه فقر أو مرض، أو ذهاب محبوب له، من مال أو أهل أو ولد، ولا يستعمل في ذلك الصبر والرضا بما قضى الله، (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ)فلا ينفق مما آتاه الله، ولا يشكر الله على نعمه وبره، فيجزع في الضراء، ويمنع في السراء، (ﮊ ﮋ) الموصوفين بتلك الأوصاف فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله، وأنفقوا مما خولهم الله، وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا»77.

        مواقف محمودة من القصص القرآني:

      • موقف إبراهيم عليه السلام.

        لقد ابتلي إبراهيم عليه السلام في أبيه الذي كان يصنع أصنامًا تعبد من دون الله، وابتلي في جسمه فقذف في النار، وابتلي إلى ذلك بابتلاء من نوع خاص، وهو تحميله أمانة الإمامة، حيث قال تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة: ١٢٤].

        وابتلي في ولده و فلذة كبده فأمر بذبحه، قال تعالى: (ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الصافات: ١٠٢-١٠٦].

        فلقد ابتلى الله إبراهيم ابتلاءً شديدًا، أمره بأن يذبح ولده الحبيب، «وكان ذلك الولد عزيزا على أبيه لأنه فلذة كبده وإنسان عينه، وقد جاء من الله بعد الدعاء وبشارة الملائكة به ، فكان له مزيد فضل، وعلو كعب، ومع ذلك فقد صدع إبراهيم لأمر ربه»78، وقد كان هذا الابتلاء ابتلاءً بالشر والمكروه.

        قال القرطبي: « قال أبو زيد: هذا من البلاء الذي نزل به في أن يذبح ابنه، قال: وهذا من البلاء المكروه»79.

      • موقف يوسف عليه السلام.

        حين تعرض للعديد من الشدائد والابتلاءات ، فصبر على تآمر إخوته عليه وهو صغير ، فعانى الحرمان من حنان والده، وصبر على محاولة امرأة العزيز إغواءه بارتكاب الفاحشة، وصبره على السنوات التي قضاها في السجن.

        قال الله تعالى على لسانه بعد أن اجتمع بأخيه الشقيق بعد فراق طويل: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [يوسف: ٩٠].

      • موقف أيوب عليه السلام.

        ابتلي أيوب عليه السلام بأنواع البلاء فصبر، وكان قد أصيب في ماله وأهله وبدنه، أذهب ماله فصبر، ثم أهلك أولاده وهم سبعة من الذكور وسبعة من الإناث فصبر، ثم سلط البلاء والمرض جسمه فصبر، بقي في البلاء ثماني عشرة سنة، فمر عليه ملأ من قومه ذات يوم فقالوا: ما أصابه هذا إلا بذنب عظيم ، فعند ذلك تضرع إلى الله تعالى فكشف عنه ضره80.

        قال تعالى: (ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [الأنبياء: ٨٣].

        وفي قصته عليه السلام عبرة لنا يا أهل فلسطين للصبر على المحن والابتلاءات، ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين بشرنا بقوله: (عجبًا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له)81.

        جزاء الأشرار

        الله عز وجل حكمٌ عدل جعل الجزاء من جنس العمل؛ إنه يمهل الظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه لم يفلته ، بل يأخذه أخذ عزيز مقتدر، وفي هذا المبحث سنتناول شيئًا من جزاء الأشرار في الدنيا والآخرة.

        أولًا: جزاء الأشرار في الدنيا:

        ولنا في قصص الأنبياء مع أقوامهم العبرة في مصير الأشرار الذين ازداد طغيانهم وعقابهم في الدنيا والآخرة.

        قال الله تعالى: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الفجر: ٦-١٤].

        حيث عددت الآيات أقوامًا عتاة متمردين جبارين خرجوا عن طاعة الله تعالى، كذبوا رسلهم، وجاوزوا الحد في الشر والظلم والطغيان، وأكثروا من المعاصي والآثام فأنزل الله عليهم ألوانًا شديدة من العذاب، فأهلكت عادٌ بالريح، وثمود بالصيحة، وفرعون وجنوده بالغرق.

        وقوله تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [الفجر: ١٣].

        تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط وشدته حين يذكر الصب، حيث يجتمع الألم اللاذع والغمرة الطاغية على هؤلاء الطغاة الأشرار ، كما قال الله تعالى: (ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [العنكبوت: ٤٠].

        ففي قوله تعالى: ( ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) قال القرطبي: «(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) يعني : قوم لوط، والحاصب ريح يأتي بالحصباء وهي الحصى الصغار، وتستعمل في كل عذاب، (ﭩ ﭪ ﭫ) يعني : ثمودا وأهل مدين، (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) يعني : قارون، (ﭲ ﭳ ﭴ) قوم نوح وقوم فرعون، (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) لأنه أنذرهم وأمهلهم وبعث إليهم الرسل وأزاح العذر82.

        وقال الله تعالى: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [الأنعام: ٩٣].

        ما أعظمه من مشهد هؤلاء الظلمة وهم في سكرات الموت وشدائده ، وملائكة العذاب يضربون وجوههم وأدبارهم لتخرج أرواحهم من أجسادهم ، قائلين لهم :خلصوا أنفسكم من العذاب، وهاتوا أرواحكم وأخرجوها إلينا من أجسادكم، وفي ذلك معنى العنف في النسيان والإلحاح الشديد في الإزهاق من غير إمهال وتنفيس فاليوم تجزون العذاب الذي به الهوان الشديد مع الخزي الأكيد بافترائكم على الله وتكبركم على الإيمان بآيات الله تعالى 83.

        ثانيًا: جزاء الأشرار في الآخرة:

        وإذا كان ذلك حال عذابهم في الدنيا فما بال العذاب الذي ينتظرهم في الآخرة، لا شك أنه أشد وأخزى لقوله عز وجل: (ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [القلم: ٣٣].

        ١. جزاء الأشرار في الحياة البرزخية (القبر).

        القبر أول منازل الآخرة، فالقبر إما روضة من رياض الجنة على الصالحين، وإما حفرة من حفر النار على الأشرار الظالمين.

        قال الله تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [غافر: ٤٦].

        جاءت هذه الآية بعد آية تصف ما نزل بفرعون وجماعته وهو أسوأ العذاب وهو الغرق في الدنيا والحرق في الآخرة ثم بينا أن هذه النار يحرقون بها صباحًا ومساءًا، قال المفسرون: المراد بالنار هنا نار القبر وعذابهم في القبور ، بدليل قوله بعده: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) أي : ويوم القيامة يقال للملائكة: أدخلوا فرعون وقومه نار جهنم التي هي أشد من عذاب الدنيا84.

        وجاء في الحديث الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه، فيقولان: ما كنت تقول في الرجل، لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة فيراهما جميعًا ، وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا درينا، ولا تلين، فيضرب بمطارق من حديد ضربة ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين)85.

        ٢. جزاء الأشرار يوم القيامة.

        يحشر الأشرار يوم القيامة شر محشر، فهؤلاء الكفار المكذبين بالقرآن يسحبون ويجرون إلى النار على وجوههم ، وهم أضل طريقًا، وشر منزلًا ونصيرًا86.

        وفي الحديث الذي رواه أنس بن مالك: (أن رجلا قال: يا رسول الله، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ قال: أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ؟) 87.

        قال تعالى: (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [الفرقان: ٣٤].

        جاء في أوضح التفاسير: «يجرون عليها؛ وفي هذا منتهى الإذلال والتعذيب»88، كما توعد الله الأشرار بألوان من العذاب في نار جهنم في قوله: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الحج: ١٩].

        قال الزمخشري: «كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم فخرجوا أعيدوا فيها، ومعنى الخروج: ما يروى عن الحسن أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم، حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع ،فهووا فيها سبعين خريفا وقيل لهم : ذوقوا عذاب الحريق ، والحريق: الغليظ من النار المنتشر العظيم الإهلاك »89.


1 مقاييس اللغة، ٣/١٨٠.

2 انظر: مختار الصحاح، الرازي ص٣٥٤.

3 انظر: لسان العرب، ٤/٤٠٠.

4 انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٥٣٢.

5 انظر: التعريفات، الجرجاني ص١٠٩، جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، القاضي نكري ٢/١٥١.

6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص٣٧٨.

7 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٤/٤٠٠، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي ٢/٢٥٩.

8 انظر: الكليات، الكفوي ص٥٠٣.

9 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٣٣.

10 انظر: المصدر السابق ص٣٧٧.

11 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٥٣٤.

12 انظر: المصدر السابق.

13 انظر: المصدر السابق ٤/٤٨٢.

14 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٨٢.

15 انظر: تاج العروس، الزبيدي ١١/٢٣٨.

16 روح البيان، إسماعيل حقي ٧/٣٤٨.

17 انظر: الإيمان، محمد ياسين ص٢٧.

18 انظر: في ظلال القرآن، قطب ١/٢١٩.

19 انظر: في ظلال القرآن، قطب ١/٢١٧.

20 التفسير المنير ١٦/١٢.

21 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٤٤٤.

22 جامع البيان ١٣/٤٥٩.

23 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١٥/١٦٢.

24 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٣/١٥٤٣.

25 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٣/١٢٩.

26 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، رقم ١٤٠٣، ٢/١٠٦.

27 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي٣٠/٨٧.

28 انظر: فتح القدير، الشوكاني ١/٢٨٨.

29 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٣/٣٩.

30 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٣٠٦.

31 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٢/٣٧٩.

32 انظر: النكت والعيون ١/٢٧٣.

33 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٣٨٥.

34 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٦/٣٩١٧.

35 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأطعمة، باب العجوة، ٧/٨٠، رقم ٥٤٤٥، ومسلم في صحيحه، كتاب الأشربة، باب فضل تمر المدينة، ٢/١٦١٨، رقم ٢٠٤٧.

36 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٨/٣٩٧.

37 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب لا حسد إلا في اثنتين، رقم ١٨٤٨، ٢/٢٠١.

38 الكشاف ٣/٤٣٢.

39 مفيد العلوم ومبيد الهموم ص٢٣١.

40 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢٠/٢٥٨.

41 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٤/٧٩.

42 انظر: التفسير المنير، وهبة الزحيلي ١٨/١٦٩.

43 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٨/٨٣٨.

44 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرضى، باب ما جاء في المرض رقم ٥٦٤٥، ٧/١١٥.

45 فيض القدير، المناوي ٤/٤٦٨.

46 مفاتيح الغيب ٩/٣٧٦.

47 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرض، باب كفارة المرض، رقم ٥٦٤٠، ٧/١١٤، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، رقم ٢٥٧٢، ٤/١٩٩٢.

48 انظر: فيض القدير ٥/٥٠١.

49 انظر: المصدر السابق ٤/٤٦٨.

50 التفسير المنير ٢٥/٧٦.

51 انظر: جامع البيان ٢٣/١١٣.

52 الجامع لأحكام القرآن ١٩/١٢٨.

53 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ١٠/٣٦٢.

54 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٧/٣٧٧.

55 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٩/٣٥٥.

56 انظر: التفسير المنير، الزحيلي٢٩/٢٨٩.

57 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٨/٦٥.

58 الكشاف ٢/٦٣٦.

59 تفسير القرآن ٢/١٧٦.

60 أخرج مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم ٢٠١، ١/٥٣٤.

61 لطائف الإشارات ٢/٢٢٩.

62 انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ٧/١٠٩.

63 الوابل الصيب من الكلم الطيب ص ٤١.

64 السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات، محمد الحوامدي ص٣٢٠.

65 تفسير المراغي ٢٢/١٨.

66 انظر: نضرة النعيم، مجموعة مؤلفين ٥/١٩٠٢.

67 أيسر التفاسير ٤/٦٥٤.

68 الكشاف ٣/٢٧٧.

69 تفسير المراغي ١٩/٨.

70 أخرج البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب فضل ذكر الله عز وجل، رقم ٦٤٠٨، ٨/٨٦.

71 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٢٣.

72 الكشاف ٢/٦٩٠.

73 انظر: جامع البيان، الطبري ١١/٩١.

74 الكشاف ٣/١٤٦.

75 تفسير المراغي ١٧/٩٤

76 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٤/١٥١.

77 تيسير الكريم الرحمن ص٨٨٧.

78 التفسير الواضح ٣/٢١٥.

79 الجامع لأحكام القرآن ١٥/١٠٦.

80 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١١/٣٢٧.

81 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الرقاق، باب المؤمن أمره كله خير، رقم ٧٦١٠، ٨/٢٢٧.

82 الجامع لأحكام القرآن ١٣/٣٤٤.

83 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/٣٦.

84 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٥/٣١٨.

85 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال، رقم ١٣٣٨، ٢/٩٠.

86 انظر: أنوار التنزيل، البيضاوي ٢/٦٨.

87 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب يحشر الكافر على وجهه، رقم ٧١٨٩، ٨/١٣٥.

88 أوضح التفاسير، محمد بن الخطيب ١/٤٣٨.

89 الكشاف ٣/١٥٠.