عناصر الموضوع
السعة
أولًا: المعنى اللغوي:
هي: الغنى والجدة والطاقة، ونقيض الضيق، قال ابن فارس: «(وسع) الواو والسين والعين: كلمة تدل على خلاف الضيق والعسر، يقال: وسع الشيء واتسع، وهو ينفق على قدر وسعه، أي : طاقته وقدرته، قال تعالى: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [الطلاق:٧]»1.
ورجل موسع: وهو المليء، والوسع: الغنى والجدة وقدرة ذات اليد، وأوسع الرجل إذا كثر ماله، قال الله عز جل: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [البقرة:٢٣٦]2.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي الذي يدل على خلاف الضيف والعسر، وتكون في الأمكنة والحال والفعل والجود3.
وردت مادة (السعة) في القرآن بصيغ متعددة، بلغت ثنتين وثلاثين مرة 4.
والصيغ التي وردت، هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
الفعل الماضي |
٦ |
( ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الأعراف:٨٩] |
المصدر |
١١ |
(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة:٢٨٦] |
اسم الفاعل |
١٥ |
(ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [النجم:٣٢] |
ووردت السعة في الاستعمال القرآني بمعناها اللغوي، وهي: كلمة تدل على خلاف الضيق والعسر 5.
القدرة:
القدرة لغة:
الطاقة والقوة على الشيء والتمكن منه، والغنى والثراء، يقال رجل ذو قدرة ذو يسار وغنى 6.
القدرة اصطلاحًا:
الصفة التي تمكن الحي من الفعل وتركه بالإرادة7، والقدرة: صفة تؤثر على قوة الإرادة8.
الصلة بين السعة والقدرة:
أن السعة والقدرة يأتيان بمعنى الغنى وقدرة ذات اليد إلا أن القدرة فيها معنى القوة على الشيء والتمكن منه، والسعة فيها معنى زائد وهو الفسحة واتساع المكان.
الطاقة:
الطاقة لغة:
الوسع، وأطقت الشيء إطاقة: قدرت عليه، والطاقة هي: القدرة وما يستطيع الإنسان أن يفعله بمشقة 9.
الطاقة اصطلاحًا:
غاية مقدرة القادر واستفراغ وسعه في المقدور10.
الصلة بين السعة والطاقة هو:
أن بينهما معنىً مشتركًا وهو القدرة على الشيء، إلا أن في الطاقة استفراغ الوسع في المقدور.
الجهد:
الجهد لغة:
بالفتح، المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وبالضم، الوسع والطاقة؛ وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، ومنه قول الله جل وعز: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [التوبة:٧٩] أي: طاقتهم تقول: هذا جهدي، أي : طاقتي 11.
الجهد اصطلاحًا:
الوسع والطاقة 12.
الصلة بين السعة والجهد:
أن بينهما معنى مشتركًا وهو الوسع والطاقة والقدرة على الشيء إلا أن في الجهد معنى المشقة.
الضيق:
الضيق لغة:
قال ابن فارس: «(ضيق) الضاد والياء والقاف كلمة واحدة تدل على خلاف السعة، وذلك هو الضيق والضيقة: الفقر، يقال: أضاق الرجل: ذهب ماله»13.
الضيق اصطلاحًا:
الفقر وسوء الحال14.
الصلة بين السعة والضيق:
أن الضيق ضد السعة.
إن السعة في حق الله تعالى تتضح من خلال بيان معنى اسم الله: (الواسع)، واسمه: (واسع المغفرة) بالإضافة لبيان سعة رحمة الله تعالى، وسعة علمه سبحانه، واقتران اسم الله الواسع بأسماء الله الحسنى، وذلك في النقاط الآتية:
أولًا: معنى اسم الله (الواسع):
إن من أسماء الله الحسنى اسمه: (الواسع)، وهو على وزن (فاعل)، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم تسع مرات منها قوله تعالى: (ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [البقرة:١١٥].
وقوله تعالى: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة:٢٤٧].
وقوله تعالى: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [النساء:١٣٠].
وقد ذكر المفسرون العديد من معاني هذا الاسم الكريم منها قولهم: الواسع هو: الغني، وقيل: الواسع هو: المحيط بكل شيء، ومنه قوله تعالى: (ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ)، أي أحاط به، وقيل الواسع هو: الجواد الذي يسع عطاؤه كل شيء، وقيل: الواسع هو: واسع الفضل، يوسع على من يشاء من عباده، وقيل: الواسع هو: الذي يسع خلقه كلهم بالكفاية والجود والإفضال، وقيل الواسع هو: واسع الفضل والصفات وعظيمهما، وقيل الواسع هو: العالم، فيرجع معناه إلى صفة، العلم ، أي : أنه يسع علمه كل شيء، كما قال تعالى: (ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [طه:٩٨]15.
ومن المفسرين من فسر قوله تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [البقرة:١١٥]بأنه: واسع الشريعة بالترخيص لهم والتوسعة على عباده في دينهم، لا يضطرهم إلى ما يعجزون عن أدائه16.
قال الإمام ابن جرير: «ومعنى قوله: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ)، يسع خلقه كلهم بالكفاية والجود والإفضال، وهو عليم بأعمالهم ما يغيب عنه منها شيء ولا يعزب عن علمه بل هو بجميعها عليم»17.
واسم الله (الواسع) يجمع هذه المعاني كلها: ويفيد هذا الاسم: الغنى والملك المطلق والعظمة والسلطان، واتساع المكان، فهو تعالى لا يحصر ولا يتحدد، فيصح أن يتوجه إليه فى كل مكان18، وهو عند إجرائه على الذات يفيد كمال صفاته الذاتية وهي: الوجود، والحياة، والعلم، والقدرة، والحكمة 19.
ومن أسمائه تعالى (الموسع): وهو اسم من أسماء الله تعالى على وزن (مفعل) وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم مرةً واحدةً بصيغة الجمع في قوله تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧].
ومعنى اسمه تعالى: (الموسع): أنه تعالى ذو الوسع والسعة، أي: القادر، وقيل الموسع: أي :لأرجاء السماء وأنحائها، أي: أنه لذو سعة، بخلقها وخلق غيرها، لا يضيق عليه شي يريده، وأنه سبحانه: الموسع على عباده بالرزق 20.
وأسماء الله تعالى: (الواسع والموسع) ثابتة بالكتاب والسنة، والدليل من الكتاب: قوله تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [البقرة:١١٥].
وقوله تعالى: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [الأنعام:٨٠].
وقوله تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧].
والدليل من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إنّ أول الناس يقضى يوم القيامة... ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال) 21.
والفرق بين لفظ (الموسع) في حقه تعالى في قوله تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧].
أي: أنه تعالى ذو الوسع والسعة والقدرة والقوة والملك والغنى المطلق، والموسع لأرجاء السماء وأنحائها، بخلقها وخلق غيرها، لا يضيق عليه شي يريده، وأنه سبحانه الموسع على عباده بالرزق والفضل والنعم.
أما لفظ (الموسع) في حق العبد الوارد في قوله تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [البقرة:٢٣٦].
فهي تدل على الغنى والقدرة على الإنفاق النسبي، وذكرت في مقابل المقتر وهو: الفقير الذي يكون في ضيق من وقلة ذات اليد.
ثانيًا: معنى اسمه تعالى (ﮧ ﮨ):
إن من أسماء الله تعالى الحسنى: (واسع المغفرة)، فقد جاء هذا الاسم مضافًا إلى المغفرة مرةً واحدةً في قوله تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [النجم:٣٢].
أي: أن الله تعالى هو الغفور الذي لم يزل يغفر الذنوب، ويتوب عل كل من يتوب، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)22.
ويكون معنى قوله تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ)، أي: رحمته وسعت كل شيء، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها، حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر كقوله تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [الزمر:٥٣]23، وقوله تعالى: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الكهف:٥٨].
فقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه غفور، أي: كثير المغفرة، وأنه ذو الرحمة يرحم عباده المؤمنين يوم القيامة، ويرحم الخلائق في الدنيا.
وبين في مواضع آخر: أن هذه المغفرة شاملة لجميع الذنوب بمشيئته جل وعلا إلا من مات على الشرك لقوله: (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [النساء:٤٨].
وقوله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [النساء:١١٦].
وقوله تعالى: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [المائدة:٧٢].
وقد بين سبحانه أن هذه الرحمة الواسعة، صادرة عن علم شامل للظواهر والبواطن، ثم أكد الله تعالى علمه بالأشياء كلها، بقوله تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [النجم:٣٢].
أي: إن الله بصير بكم، عليم بأحوالكم وأفعالكم وأقوالكم التي ستصدر منكم، حين ابتدأ خلقكم بخلق أبيكم آدم من التراب، واستخرج ذريته من صلبه، وحين صوركم أجنة في أرحام أمهاتكم، وتعهدكم بالنمو والتكوين في أطوار مختلفة. والجنين: هو الولد ما دام في البطن، وفائدة قوله: في بطون أمهاتكم التنبيه على كمال العلم والقدرة، فإن بطن الأم في غاية الظلمة، ومن علم بحال الجنين فيها لا يخفى عليه ما ظهر من حال العباد24.
لكن مع هذه المغفرة الواسعة قد بين في مواضع أخر أنه مع سعة مغفرته، شديد العقاب، كقوله: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [الرعد:٦].
وقوله تعالى: (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [غافر:٣] وقوله تعالى: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [الحجر:٤٩-٥٠]. إلى غير ذلك من الآيات25.
ثالثًا: سعة رحمة الله تعالى:
ذكر ربنا جل وعلا أنه رحمته وسعت كل شيء.
قال تعالى: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [الأعراف:١٥٦].
وقال سبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [الأنعام:١٤٧].
وقوله تعالى: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [غافر:٧].
وقد ذكر المفسرون في قوله تعالى: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) أربعة أقوال:
أحدها: أن مخرجه عام ومعناه خاص، وتأويله: ورحمتي وسعت المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: (ﭪ ﭫ ﭬ)، قاله ابن عباس.
والثاني: أن هذه الرحمة على العموم في الدنيا، والخصوص في الآخرة وتأويلها: ورحمتي وسعت كل شيء في الدنيا، البر والفاجر، وفي الآخرة هي للمتقين خاصةً، قاله الحسن، وقتادة، فعلى هذا، معنى الرحمة في الدنيا للكافر أنه يرزق ويدفع عنه، كقوله في حق قارون: (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [القصص:٧٧].
أي: وسعت كل من يدخل فيها لا تعجز عن من دخل فيها، أو يكون يعني الرحمة التي قسمها بين الخلائق يعطف بها بعضهم على بعض حتى عطف البهيمة على ولدها26.
والثالث: أن الرحمة: التوبة، فهي على العموم، قاله ابن زيد.
والرابع: أن الرحمة تسع كل الخلق إلا أن أهل الكفر خارجون منها، فلو قدر دخولهم فيها لوسعتهم، قاله ابن الأنباري، قال الزجاج: «وسعت كل شيء في الدنيا، (ﭪ ﭫ ﭬ) في الآخرة، قال المفسرون: معنى (ﭪ): فسأوجبها، وفي الذين يتقون قولان: أحدهما: أنهم المتقون للشرك، قاله ابن عباس، والثاني: للمعاصي، قاله قتادة» 27.
والآية عظيمة الشمول والعموم، كقوله تعالى إخباراً عن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [غافر:٧]؛ ولما روى سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله عز وجل مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق وبها تعطف الوحوش على أولادها وأخر تسعةً وتسعين إلى يوم القيامة)28؛ لأنه ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع المخلوقات، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، قال تعالى: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الأعراف:١٥٦].
وقال سبحانه: (ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [الأنعام:٥٤]29.
وهذه الآية من العام الذي أريد به الخاص، كقوله: (ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [النمل:٢٣].
فرحمته وسعت في الدنيا البر والفاجر، وهي يوم القيامة للذين اتقوا خاصةً30.
والمعنى: إن رحمة الله مع أنها عامةً شاملةً، تسع الوجود كله، وهي على سعتها، وعمومها وشمولها، لا ينالها إلا أهل طاعته الذين آمنوا واتقوا.. ثم إن العصاة في الدنيا لم يحجب الله عنهم نعمه، ولم يحرمهم رزقه، ولم يصبهم في جوارحهم التي يعيشون بها مثل سائر الناس.
وأصحاب النار وهم فى النار، هم ممن وسعتهم رحمة الله، إذ هناك عذاب فوق هذا العذاب، وبلاء أكبر من هذا البلاء، وقد وقف الله بهم عند هذا الحد من العذاب الذي هم فيه، وذلك رحمة من رحمته، ولولا ذلك لضاعف لهم هذا العذاب الذي هم أهل له بما ارتكبوا من آثام31.
ووجه تعقيب صفة عموم العلم بصفة الرحمة أن عموم العلم يقتضي أن لا يغيب عن علمه شيء من أحوال خلقه وحاجتهم إليه، فهو يرحم المحتاجين إلى رحمته ويمهل المعاندين إلى عقاب الآخرة32.
رابعًا: سعة علم الله تعالى:
إن علم الله واسع وشامل، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء، وما يعرج فيها، وهو بكل شيء عليم، والآيات الدالة على سعة علم الله بكل شيء كثيرة في كتاب الله العزيز، منها قوله تعالى: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ) [الأنعام:٨٠].
وقوله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الأعراف:٨٩].
وقوله تعالى: (ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ) [طه:٩٨]33.
ومما يدل على سعة علم الله تعالى الآيات التي تدل على أن الله بكل شيء عليم: ومن هذه الآيات قوله تعالى: (ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [البقرة:٢٨٢].
وقوله تعالى: (ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ)[الأنعام:١٠١].
وكذلك الآيات التي تدل على أن الله عالم بالغيب والشهادة، ومن هذه الآيات قوله تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [الحشر:٢٢].
وقوله تعالى: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [التوبة:١٠٥]34.
ومما يدل على سعة علم الله الآيات الدالة على إحاطة علم الله بكل شيء، وقد أوضح هذا المعنى في آيات في كتابه العزيز منها قوله تعالى: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [النساء:١٠٨].
وقوله تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [النساء:١٢٦].
وقوله تعالى: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [آل عمران:١٢٠].
والتعبير بالإحاطة استعراض لعظمة الله وسعة ملكه، ومقدار سلطانه، الذي يشمل كل شيء، وينفذ إلى كل شيء! ومن كان هذا شأنه، وتلك صفته، فإن من السفه والضلال أن يولّى الإنسان وجهه إلى غيره، أو يعبد معبودا سواه35.
وإسناد الإحاطة إلى اسم الله تعالى مجاز عقلي، لأن المحيط هو علم الله تعالى فإسناد الإحاطة إلى صاحب العلم مجاز في عدم خفاء شيء من عملهم عن علم الله تعالى، ويلزمه أنه مجازيهم عن عملهم بما يجازي به العليم القدير من اعتدى على حرمه، وتضمن ذلك الوعيد الشديد والتقريع البالغ، وإذ كان تعالى محيطاً بجميع الأقوال والأعمال، فكان ينبغي أن تستر القبائح عنه بعدم ارتكابها36.
خامسًا: اقتران اسم الله الواسع بأسماء الله الحسنى:
اقترن اسم الله الواسع ببعض أسماء الله الحسنى، وهذا الاقتران يتناسب مع هذا الاسم سياقًا ومعنى وهي:
١. اقتران الواسع بالعليم.
إن اسم الله (الواسع) اقترن في سبع آيات، التي ورد فيها باسمه (العليم) ، ومنها قوله تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [البقرة:١١٥].
وقوله: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [البقرة:٢٦١].
وقوله: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [آل عمران:٧٣].
فالله واسع عليم أي: واسع بالعطاء، عليم بالنية، وقيل: واسع القدرة على المجازاة، عليم بمقادير المنفقات وما يرتب عليها من الجزاء37.
وهو كذلك واسع الإحاطة، وواسع الصفات؛ فهو واسع في علمه، وفي قدرته، وسمعه، وبصره، وغير ذلك من صفاته؛ و(ﮏ) أي: ذو علم؛ وعلمه محيط بكل شيء، وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «الواسع الصفات والنعوت ومتعلقاتها، بحيث لا يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، واسع العظمة والسلطان والملك، واسع الفضل والإحسان، عظيم الجود والكرم» 38.
وقد ختم الله تعالى هذه الآيات باسمين من أسمائه الحسنى مطابقين لسياقها وهما : الواسع والعليم، فلا يستبعد العبد هذه المضاعفة ولا يضيق عنها عطنه، فإن المضاعف واسع العطاء واسع الغنى واسع الفضل ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها لكل منفق فإنه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو أهل لها، ومن لا يستحقها ولا هو أهل لها، فإن كرمه وفضله لا يناقض حكمته بل يضع فضله مواضعه لسعته ورحمته ويمنعه من ليس من أهله بحكمته وعلمه39.
ولعل هذا يشير إلى: أن الله سبحانه يعطي من فضله الواسع من يشاء عن كمال العلم بمن يستحق هذا العطاء، سواءً أكان هذا العطاء رحمةً، أو مغفرةً، أو ملكاً، أو مالاً، أو علماً، أو أي نوع من أنواع العطاء، وعطاؤه سبحانه - فضلا عن كونه عن كمال العلم- فهو مع كمال الحكمة، وسعة المغفرة40.
٢. اقتران الواسع بالحكيم.
وجاء اسمه تعالى: (الواسع) مقترنًا باسمه (الحكيم) مرةً واحدةً في قوله تعالى: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [النساء:١٣٠].
إن اقتران اسم الله الواسع بالحكيم ناسب ذلك ذكر السعة؛ لأن اسمه الواسع عام في الغنى والقدرة والعلم وسائر الكمالات، وناسب ذكر وصف الحكمة، وهو وضع الشيء موضع ما يناسب41.
قال الراغب الأصفهاني:«والواسع: عام في الغنى، والقدرة، والعلم، وعقبه بالحكم، منبهاً أن السعة ما لم يكن معها الحكمة، والعلم، كان إلى الفساد أقرب منها إلى الصلاح»42.
فقد أخبر الله تعالى أنهما إذا تفرقا فإن الله يغنيه عنها ويغنيها عنه بأن يعوضه الله من هو خير له منها، ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه، (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) أي: واسع الفضل ، عظيم المن ، حكيما ، في جميع أفعاله وأقداره وشرعه، وتدبيره وقضاياه في خلقه43.
٣. إضافة الواسع إلى المغفرة.
جاء اسم الله (الواسع) سبحانه مضافًا إلى المغفرة مرةً واحدةً : (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [النجم:٣٢].
في إضافة اسمه سبحانه وتعالى: (الواسع) إلى المغفرة إشارة إلى أن مغفرة الله تعالى كثيرة ، حيث يكفر الصغائر باجتناب الكبائر، والكبائر بالتوبة، وفي قوله تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) إشارة كذلك إلى أن الكبائر إذا تاب الإنسان منها غفر الله له، وكأنها لم تكن، وإن لم يتب منها فهو تحت المشيئة: إن شاء غفر الله له، وإن شاء عاقبه بما يستحق، ويكون معنى قوله تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ)، أي: رحمته وسعت كل شيء ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها، كقوله تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [الزمر:٥٣].
وفي الآية امتنان من الله تعالى على المذنبين بسعة مغفرته لكل الذنوب، فكأن السامعين لما سمعوا ذلك الامتنان شكروا الله وهجس في نفوسهم خاطر البحث عن سبب هذه الرحمة بهم فأجيبوا بأن ربهم أعلم بحالهم من أنفسهم فهو يدبر لهم ما لا يخطر ببالهم44.
إن السعة نعمة من نعم الله تعالى التي ينعم بها على من يشاء من خلقه، ويمنعها على من يشاء من خلقه، وتجري على نعمة السعة كل الأحكام الشرعية المقررة على النعم، من واجب الشكر عليها وبذلها لمن هو محتاج إليها، وذلك في النقاط الآتية:
أولًا: السعة في المال:
إن السعة في المال نعمة إلهية يمنحها الله تعالى لمن يشاء، ويمنعها عمن يشاء.
قال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الرعد:٢٦].
وقال سبحانه: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الإسراء:٣٠].
وقال جل شأنه: (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [سبأ:٣٦].
فالله سبحانه وتعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر على من يشاء، أي: بحسب ماله في ذلك من الحكمة يبسط على هذا من المال كثيراً، فيبسط لهذا في رزقه، ويضيق ويقتر على هذا في رزقه، وله في ذلك من الحكمة ما لا يدركها غيره، كما قال تعالى: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الإسراء:٢١].
أي: كما هم متفاوتون في الدنيا فهذا فقير، وهذا غني موسع عليه، فكذلك هم في الآخرة هذا في الغرفات في أعلى الدرجات، وهذا في الغمرات في أسفل الدركات، ومع هذا التفضيل بين الناس في الدنيا والآخرة، يكون أطيب الناس في الدنيا من أسلم ورزق كفافًا45، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم:(قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه)46.
وهذا التفضيل في الرزق هو مقتضى خبرة الله بعباده:(ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ): أي: إن ربك ذو خبرة بعباده، ومن الذي تصلحه السعة في الرزق وتفسده؛ ومن الذي يصلحه الإقتار والضيق، (ﭸ): أي : هو ذو بصر بتدبيرهم وسياستهم 47.
وليس المال بدال على رضا الله عن صاحبه، فإن الله يعطي ويمنع ويضيق ويوسع ويخفض ويرفع، وله الحكمة التامة والحجة البالغة، وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعود رضي الله عنه (إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم، وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب)48.
فقد أوسع الله على قارون بالمال الكثير مع كفره وعصيانه.
قال تعالى: (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [القصص:٧٦].
كما أن العادة في نظر الناس القاصر أن السعة في المال من أسباب الملك والسلطان في الأرض، وهذا ما صوره القرآن بقوله تعالى: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة:٢٤٧].
قال الإمام الزمخشري:«والمعنى: كيف يتملك علينا والحال أنه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق بالملك، وأنه فقير ولا بد للملك من مال يعتضد به، وإنما قالوا ذلك؛ لأن النبوة كانت في سبط لاوى بن يعقوب، والملك في سبط يهوذا ولم يكن طالوت من أحد السبطين، ولأنه كان رجلاً سقاءً أو دباغاً فقيراً، وروى أن نبيهم دعا الله تعالى حين طلبوا منه ملكاً، فأتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم، فلم يساوها إلا طالوت: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) يريد أن الله هو الذي اختاره عليكم، وهو أعلم بالمصالح منكم ولا اعتراض على حكم الله، ثم ذكر مصلحتين أنفع مما ذكروا من النسب والمال وهما: العلم المبسوط والجسامة»49.
وكان بنو إسرائيل اعتقدوا أن الملك يستحق بالوراثة وكثرة المال، وكان فيهم أسباط ملوك، فلما أنبأهم نبيهم أن الله بعث لهم طالوت ملكاً، ولم يكن من بيت الملك، ولا كان ذا مال، استعظموا، فراجعوه وقالوا: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)50، فرد الله تعالى عليهم بأنه: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) يريد: أن الملك ليس بالوراثة، وإنما هو بإيتاء الله تعالى واختياره، والله واسع أي: واسع الرزق والفضل، والرحمة وسعت رحمته كل شيء، وهذا كما يقال: فلان كبير عظيم 51.
وهكذا في كل زمان يظن الجهال أن أحق الناس بالزعامة والقيادة أصحاب النفوذ والثروة، كما زعم بنو إسرائيل بقولهم: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ)، مع أن الأجدر بالقيادة أهل العلم والخبرة والمقدرة الشخصية والخلق الكريم كما تدل على ذلك الآية الكريمة 52.
ثانيًا: السعة في العلم:
جعل الله تعالى السعة في العلم من نعمه على عباده التي يمن بها على من يشاء، كما ذكر الله تعالى ذلك في شأن العبد الصالح: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة:٢٤٧]53.
والبسطة: الزيادة في كل شيء، من بسط الشيء بسطاً إذا نشره ووسعه، ومنه قوله تعالى: (ﯯ ﯰ ﯱ) [البقرة:٢٤٥].
وقال تعالى: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [الشورى:٢٧] أي: لو وسعه عليهم لبغوا، قال المفسرون إن المراد بالعلم في الآية: هو العلم بالحروب، والظاهر علم الديانات والشرائع54.
والمعنى: زاده بسطةً في العلم بالحرب، والجسم بالطول، وكان يفوق الناس برأسه ومنكبيه، وإنما سمي طالوت لطوله55، أي: أعطاه من العلم، وقال بعضهم: بسطته في العلم هو أن انتفع هو به ونفع غيره فصار له به بسطة أي : جود56، وبسط له في الجسم قدراً يزيد على ما أعطى أهل زمانه57.
قال الإمام الرازي: «وقدم العلم على الجسم ولا شك أن المقصود من سائر النعم سعادة البدن، فسعادة البدن أشرف من السعادة المالية فإذا كانت السعادة العلمية راجحةً على السعادة الجسمانية فأولى أن تكون راجحةً على السعادة المالية »58.
والعلم الواسع هو: ما أورث الخشية من الله تعالى: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [فاطر:٢٨].
يعني بالعلماء: الذين يخافونه، وقد ذكر المفسرون أقوالا عن السلف بهذا المعنى منها ما قاله الربيع بن أنس: «من لم يخش الله فليس بعالم، قال ابن مسعود: المتقون سادة، والعلماء قادة59، وقال مقاتل: أشد الناس لله خشيةً أعلمهم به، وقال مسروق: كفى بخشية الله علماً وكفى بالاغترار بالله جهلاً، وقال مجاهد والشعبي: العالم من خاف الله تعالى، وروى عكرمة، عن ابن عباس، قال: من خشي الله فهو عالم. وقال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم»60.
وقال الإمام ابن كثير:(ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) أي : إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر»...... ثم قال أيضا:«والعلم الذي فرض الله عز وجل أن يتبع، فإنما هو الكتاب والسنة وما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من أئمة المسلمين، فهذا، لا يدرك إلا بالرواية»61.
ثالثًا: السعة في الخلق:
بين الله تعالى في كتابه الكريم أن الزيادة في خلق المخلوقات من نعمه تعالى التي يمن بها على من يشاء، وذلك في قوله تعالى: (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [فاطر:١].
وذلك زيادته تبارك وتعالى في خلق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء، ونقصانه عن الآخر ما أحب، وكذلك ذلك في جميع خلقه يزيد ما يشاء في خلق ما شاء منه، وينقص ما شاء من خلق ما شاء، له الخلق والأمر وله القدرة والسلطان: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) يقول: إن الله تعالى قدير على زيادة ما شاء من ذلك فيما شاء، ونقصان ما شاء منه ممن شاء، وغير ذلك من الأشياء كلها، لا يمتنع عليه فعل شيء أراده سبحانه وتعالى62.
قال الإمام الماوردي: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) : «فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه حسن الصوت، قاله الزهري وابن جريج، الثاني: أنه الشعر الجعد، حكاه النقاش، الثالث: يزيد في أجنحة الملائكة ما يشاء، قاله الحسن، ويحتمل رابعاً: أنه العقل والتمييز، ويحتمل خامساً: أنه العلوم والصنائع، ويكون معناه على هذين التأويلين: كما يزيد في الخلق ما يشاء كذلك يزيد في أجنحة الملائكة ما يشاء»63.
وقال قتادة: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) هي: الملاحة في العينين، والحسن في الأنف، والحلاوة في الفم، وقيل: الخط الحسن64.
وقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد من قوله تعالى: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) أي: في خلق الملائكة، فقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام ليلة أسري به، وله ستمائة جناح65.
ولهذا قال سبحانه ( ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) أي يزيد في خلق الأجنحة وغيره ما يشاء مما تقتضيه حكمته لأن الله على كل شيء قدير 66.
ومن المفسرين من عمم المعنى، وقال إن المراد بـ(ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ): الوجه الحسن، ومنهم من قال : الصوت الحسن، ومنهم من قال : كل وصف محمود، وهو الأولى، أي: يزيد بعض مخلوقاته على بعض، في صفة خلقها، وفي القوة، وفي الحسن، وفي زيادة الأعضاء المعهودة، وفي حسن الأصوات، ولذة النغمات 67.
قال الإمام الزمخشري: «والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق، من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام في الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة في الرأي، وجرأة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة في اللسان، ولباقة في التكلم، وحسن تأت في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به وصف ، ثم ختم سبحانه- الآية الكريمة بقوله: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) أي: إن الله تعالى لا يعجزه شيء يريده، لأنه قدير على فعل كل شيء، فالجملة الكريمة تعليل لما قبلها من كونه- سبحانه- يزيد في الخلق ما يشاء، وينقص منه ما يشاء»68.
ورأي الأمام الزمخشري هو المختار في تفيسر الآية؛ لأن الأقوال والتفسيرات قبله هو تفسير بالمثال.
والزيادة في الخلق قد تكون لأقوام وأجيال بعينها كما ذكر عن عاد قوم هود عليه السلام: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الأعراف:٦٩].
يذكر الله تعالى عاد قوم هود النعمة التي أنعم الله بها عليهم، يقول: اذكروا أن الله أهلك قوم نوح واستخلفكم بعدهم (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [الأعراف:٦٩].
أي: فضيلة في الطول والأجسام، قال ابن عباس: « يريد : أنكم أجسم وأتم من آبائكم الذين ولدوكم بأن زاد في أجسامكم طولاً وعظماً على أجسام قوم نوح، وفي قواكم على قواهم، نعمةً منه بذلك عليكم، فاذكروا نعمه وفضله الذي فضلكم به عليهم في أجسامكم وقواكم، واشكروا الله على ذلك بإخلاص العبادة له، وترك الإشراك به، وهجر الأوثان والأنداد لعلكم تفلحون، فتدركوا الخلود والبقاء في النعم في الآخرة، وتنجحوا في طلباتكم عنده»69.
قال محمد رشيد رضا: «أي: واذكروا فضل الله عليكم ونعمه إذ جعلكم خلفاء الأرض من بعد قوم نوح، وزادكم في المخلوقات بسطةً وسعةً في الملك والحضارة، أو زادكم بسطةً في خلق أبدانكم؛ إذ كانوا طوال الأجسام أقوياء الأبدان، وقد نص القرآن على قوتهم وجبروتهم وهذه الآيات هي قوله تعالى عن عاد قوم هود عليه السلام: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [هود:٥٢].
وقوله تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الشعراء:١٢٨-١٣١].
وقوله تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [فصلت:١٥]» 70.
وقد تكون الزيادة في الخلق والبسط في الجسم في شخص واحد كما قال تعالى: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة:٢٤٧].
رابعًا: السعة في الذرية:
إن السعة في الذرية من نعمة الله تعالى الواسعة على عباده يهبها لمن يشاء، ويمنع الذرية عمن يشاء، كما قال تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الشورى:٤٩-٥٠].
والذرية أصلها: الصغار من الأولاد، وإن كان قد يقع على الصغار والكبار معاً في التعارف، ويستعمل للواحد والجمع، وأصله الجمع.
قال تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [آل عمران:٣٤].
وقال تعالى: (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الإسراء:٣].
وقال سبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [يس:٤١]71.
وقد بين الله تعالى أنه بسط ذرية آدم، ومن حمل مع نوح، ومن ذرية إبراهيم وجعل فيها النبوة.
قال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [مريم:٥٨].
وقد ذكر الله تعالى أنه بسط ذرية من حمل مع نوح حتى جاء منهم موسى وهارون عليهم السلام من بني إسرائيل في قوله عز وجل: (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الإسراء:٣].
يعني موسى وقومه من بني إسرائيل ذرية من حملهم الله تعالى مع نوح في السفينة وقت الطوفان72.
ويلاحظ من خلال هذه الآية أن من أسباب البسط في الذرية العبادة والشكر حيث علل سبحانه وتعالى بقاء ذرية نوح بكونه عبدًا شكورًا.
كما بين الله تعالى أنه جعل ذرية نوح هم الباقين بعد أن أهلك قومه الكافرين: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الصافات:٧٧].
والمعنى: وجعلنا ذرية نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مهلك قومه، وذلك أن الناس كلهم من بعد مهلك نوح إلى اليوم إنما هم ذرية نوح، فالعجم والعرب أولاد سام بن نوح 73.
وجعل الله تعالى في ذرية نوح وإبراهيم النبوة والكتاب.
قال تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [الحديد:٢٦].
وكذلك قوله تعالى: (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [الأنعام:٨٤-٩٠]74.
فأما نوح عليه السلام: فإن الله تعالى لما أغرق أهل الأرض إلا من آمن به، وهم الذين صحبوه في السفينة، جعل الله ذريته هم الباقين، فالناس كلهم من ذريته، وأما الخليل إبراهيم عليه السلام: فلم يبعث الله عز وجل بعده نبياً ، إلا من ذريته، كما قال تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [العنكبوت:٢٧].
وقال تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الحديد:٢٦].
وقال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [مريم:٥٨].
ويخبر تعالى أنه منذ بعث نوحاً عليه السلام لم يرسل بعده رسولاً ولا نبياً إلا من ذريته ، وكذلك إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن، لم ينزل من السماء كتاباً ولا أرسل رسولاً ولا أوحى إلى بشر من بعده إلا وهو من سلالته، كما قال تعالى في الآية الأخرى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [العنكبوت:٢٧] حتى كان آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى بن مريم الذي بشر من بعده بمحمد صلوات الله وسلامه عليهما، ولهذا قال تعالى: (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ)[الحديد:٢٧].
وهو الكتاب الذي أوحاه الله إليه وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه - وهم الحواريون- رأفة ، أي : رقة ، وهي الخشية ورحمة بالخلق75.
وقد بسط الله في ذريات أمم وشعوب وأقوام نعمةً منه بعد إن كانوا قلةً، قال تعالى في قوم شعيب عليه السلام :(ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [الأعراف: ٨٦].
والآية تدل على أن نبي الله شعيباً عليه السلام ذكرهم بنعمة الله عندهم بأن كثر جماعتهم بعد أن كانوا قليلًا عددهم، وأن رفعهم من الذلة والقلة، يقول لهم: فاشكروا الله الذي أنعم عليكم بذلك، وأخلصوا له العبادة، واتقوا عقوبته بالطاعة، واحذروا نقمته بترك 76.
وقد يبسط الله في ذرية شخص بعينه كما ذكر عن نبيه أيوب عليه السلام كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: (ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [الأنبياء:٨٣-٨٤].
قال ابن عباس:«لما دعا أيوب استجاب الله له، وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين، رد إليه أهله ومثلهم معهم»77.
وقال الإمام الماوردي في تفسير قوله عز وجل: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) «ففي هبتهم له ومثلهم معهم خمسة أقاويل:
أحدها: أن الله تعالى رد عليه أهله وولده ومواشيه بأعيانهم، لأنه تعالى أماتهم قبل آجالهم ابتلاء ووهب له من أولادهم مثلهم، قاله الحسن.
الثاني: أن الله سبحانه ردهم عليه بأعيانهم ووهب له مثلهم من غيرهم قاله ابن عباس.
الثالث: أنه رد عليه ثوابهم في الجنة ووهب له مثلهم في الدنيا، قاله السدي.
الرابع: أنه رد عليه أهله في الجنة، وأصاب امرأته فجاءته بمثلهم في الدنيا»78.
يمكن تقسيم السعة إلى سعة في الحال، وسعة في المكان.
وبيانها في النقاط الآتية:
أولًا: السّعة في الحال:
إن المراد من السعة في الحال هو حال الشخص في قدرته على الإنفاق الواجب والمندوب، مع مراعاة يساره وفقره، فلكل حالة أحكامها، ويتضح هذا في الفقرتين الآتيتين:
١. السّعة في الإنفاق على المطلقات.
اعتبر القرآن الكريم السّعة في الإنفاق على المطلقات وهي: الاستطاعة والقدرة في الإنفاق، وذلك بأن تكون النفقة بقدر حالة الطرفين بالنسبة لليسار والإعسار وأمثالهما، بحيث يكون ذلك بلا ضرر فيه ولا إضرار ، وذلك في الأمور الآتية:
أولًا: نفقة الرضاع.
قال تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [البقرة:٢٣٣].
قال أبو جعفر الطبري: «لا تحمل نفس من الأمور إلا ما لا يضيق عليها، ولا يتعذر عليها وجوده إذا أرادت، وإنما عنى الله تعالى ذكره بذلك: لا يوجب الله على الرجال من نفقة من أرضع أولادهم من نسائهم البائنات منهم، إلا ما أطاقوه ووجدوا إليه السبيل، كما قال تعالى ذكره: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [الطلاق:٧]»79.
والمعنى: أي: على والد الطفل نفقة أمه المطلقة مدة الإرضاع، أي : طعامهن ولباسهن بالمعروف، وهو قدر الميسرة كما فسره قوله تعالى: ( ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) ، يعني : طاقتها، ومن كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على مقدار ذلك، ونظيره: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [البقرة:٢٣٦].
وقوله تعالى: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ)أي : ما أعطاها من الرزق، فلا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني، وقوله: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) أي : بعد ضيق وشدة غنى وسعة ورخاء ، وكان الغالب في ذلك الوقت الفقر والفاقة، فأعلمهم الله تعالى أن يجعل بعد عسر يسراً وهذا كالبشارة لهم بمطلوبهم80.
ثم نهى تعالى عن المضارة بكل أنواعها وأشكالها وممن صدرت: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [البقرة:٢٣٣] بأن يكلف أن يعطيها أكثر من أجر مثلها أو خارجاً عن وسعه وطاقته واعتبار الوسع في النفقة مبني على العرف والعادة81.
فلا يكلف أبو الولد في الإنفاق عليه وعلى أمه إلا قدر ما تتسع به مقدرته، ولا يبلغ إسراف القدرة لا تضار والدة بولدها، أي: يأخذ ولدها منها بعد رضاها بإرضاعه ورغبتها في إمساكه وشدة محبتها له ولا مولود له، يعني الأب بولده، بطرح الولد عليه يعني: لا تلقي المرأة الولد إلى أبيه وقد ألفها، تضاره بذلك82.
ولهذا قال سبحانه: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [البقرة:٢٣٣] أي: لا يحل أن تضار الوالدة بسبب ولدها، إما أن تمنع من إرضاعه، أو لا تعطى ما يجب لها من النفقة، والكسوة أو الأجرة، (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ)بأن تمتنع من إرضاعه على وجه المضارة له، أو تطلب زيادةً عن الواجب، ونحو ذلك من أنواع الضرر83.
وقوله تعالى: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) أي: أن عليه مثل ما على والد الطفل من الإنفاق على والدة الطفل والقيام بحقوقها وعدم الإضرار بها، وهو قول الجمهور وقيل: في عدم الضرار لقريبه، قاله مجاهد والشعبي والضحاك 84.
كما يعتبر الشرع الحكيم الحال سعةً ويساراً وإعساراً وفقراً في الإنفاق على الأقارب الواجب الإنفاق أو المندوب من غير المذكورين في الآيات كالوالدين والأولاد: فقد استدل بالآية من ذهب من الحنفية والحنبلية إلى وجوب نفقة الأقارب بعضهم على بعض، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وجمهور السلف، ويرجح ذلك بحديث الحسن عن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ملك ذا رحم محرم، عتق عليه)85.
ثانيًا: نفقة السكنى.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الطلاق:٦-٧].
أي: اسكنوا مطلقات نسائكم من الموضع الذي سكنتم (ﭕ ﭖ): يقول: من سعتكم وعلى قدر طاقتكم التي تجدون؛ وإنما أمر الرجال أن يعطوهن مسكناً يسكنه مما يجدونه، حتى يقضين عددهن86.
والوجد هو: المقدرة ويكون المعنى: اسكنوا مطلقات نسائكم من الموضع الذي سكنتم (ﭕ ﭖ) يقول: من سعتكم التي تجدون، حتى يقضين عددهن87.
(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [الطلاق:٦].
نهى الله تعالى عن مضارتهن، بالتضييق عليهن في المسكن والنفقة، (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [الطلاق:٦].
لأن عدتها تكون بوضع الحمل، فلها النفقة إلى أن تضع حملها، وإن كانت مطلقةً ثانيةً أو ثالثةً، فإنها تستحق النفقة إذا كانت حاملاً، (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [الطلاق:٦]. يعني: حق الرضاع وأجرته بالتراضي88.
ثالثًا: متعة الطلاق.
قال تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [البقرة:٢٣٦].
حيث أباح تبارك وتعالى طلاق المرأة بعد العقد عليها، وقبل الدخول بها، بل ويجوز أن يطلقها قبل الدخول بها والفرض لها، إن كانت مفوضةً وإن كان في هذا انكسار لقلبها، ولهذا أمر تعالى بإمتاعها وهو تعويضها عما فاتها بشيء تعطاه من زوجها بحسب حاله، على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره89.
قال الإمام ابن عاشور: «والمتعة هي: عطية يعطيها الزوج للمرأة إذا طلقها»90، «وأصل المتعة والمتاع: ما ينتفع به الإنسان من مال أو كسوة أو غير ذلك، ثم أطلقت المتعة على ما يعطيه الرجل للمرأة من مال أو غيره عند طلاقها منه لتنتفع به، جبراً لخاطرها، وتعويضاً لما نالها بسبب هذا الفراق»91.
والموسع هو: الغنى الذي يكون في سعة من غناه. يقال: أوسع الرجل إذ كثر ماله، واتسعت حاله، والمقتر هو: الفقير الذي يكون في ضيق من فقره. أقتر الرجل أى: افتقر وقل ما في يده92.
وقد اختلف العلماء: هل تجب المتعة لكل مطلقة أو إنما تجب المتعة لغير المدخول بها التي لم يفرض لها، والراجح من تلك الأقوال: إن المتعة حق للمطلقة سواءً سمى لها الزوج الصداق أم لم يسم، وقد جعل الله التمتيع جبرًا لخاطر المرأة المنكسر بالطلاق بحكم آية سورة الأحزاب: (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الأحزاب:٤٩]93.
«لأن الله أمر بالتمتيع للمطلقة قبل البناء مطلقاً فكان عمومها في الأحوال كعمومها في الذوات، وليست آية البقرة بمعارضة لهذه الآية إذ ليس فيها تقييد بشرط يقتضي تخصيص المتعة بالتي لم يسم لها صداق لأنها نازلة في رفع الحرج عن الطلاق قبل البناء وقبل تسمية الصداق، ثم أمرت بالمتعة لتينك المطلقتين فالجمع بين الآيتين ممكن»94.
وظاهر هذه الآية وجوب المتعة لكل المطلقات عملاً بظاهر قوله تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [البقرة:٢٤١].
ولكن قوله تعالى في سورة البقرة: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [البقرة:٢٣٧].
لم يجعل للتي طلقت قبل الدخول وقد فرض لها مهر إلا نصف ما فرض لها، ولم يجعل لها متعةً، لأن وروده في مقابلة قوله تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [البقرة:٢٣٦].
يجعله كالبيان لمفهوم القيد الذي هو عدم الفرض، فيكون كالصريح في أن التي طلقت قبل الدخول ولم يفرض لها مهر ليس لها متعة 95.
٢. السّعة في الإنفاق على الأقارب والمساكين والمجاهدين.
اعتبر القرآن الكريم السّعة في الإنفاق على الأقارب والمساكين والمجاهدين حيث نهى الله تعالى أولي الفضل والسعة، وأولوا الفضل هم: أهل الطول والصدقة والإحسان، والسعة: أي : الجدة أن يحلفوا بأن لا يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله لقوله تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [النور:٢٢].
أي: لا تحلفوا 96 أن لا تصلوا قراباتكم المساكين والمهاجرين، وهذا في غاية الترفق والعطف على صلة الأرحام، ولهذا قال تعالى: (ﮈ ﮉ) أي: عما تقدم منهم من الإساءة والأذى؟ وهذا من حلمه تعالى وكرمه ولطفه بخلقه مع ظلمهم لأنفسهم، وهذه الآية نزلت في الصديق رضي الله عنه حين حلف أن لا ينفع مسطح ابن أثاثة بنافعة بعد ما قال في عائشة ما قال97.
ونزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق، وكان حلف أن لا يفضل على مسطح بن أثاثة، وكان ابن خالته بسبب سبه عائشة رضي الله عنها فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة، وكان ابن خالة الصديق، وكان مسكيناً لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله، وقد تاب الله عليه منها وضرب الحد عليها، وكان الصديق رضي الله عنه معروفاً بالمعروف، فأنزل الله تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) إلى قوله: (ﮓ ﮔ)، فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه98.
وأعاد الإفضال على مسطح وعلى من حلف أن لا يفضل عليه وكفر عن يمينه وقال: والله لا أنزعها منه أبداً، في مقابلة ما كان99.
ويمكن القول بالقاعدة الأصولية إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وعليه فتعتبر السعة في الإنفاق على الأقارب والمساكين والمجاهدين.
ثانيًا: السّعة في المكان:
أثبت القرآن الكريم سعة المكان الدالة على عظمة الله جل وعلا والغنى المطلق له سبحانه من خلال ما يأتي:
١. سعة كرسي الله تعالى.
أثبت الله سبحانه وتعالى سعة كرسيه في أعظم آية من كتابه الكريم.
قال تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [البقرة:٢٥٥].
وقوله:(ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) : بمعنى شمل واتسع وأحاط، يعني: أن كرسيه محيط بالسماوات والأرض، وأكبر منها، لأنه لولا أنه أكبر ما وسعها.
وفيها إثبات عظيم قدرة الرب جل وعلا حيث ذكر سعة كرسيه السماوات والأرض وأنه سبحانه: (ﯷ ﯸ ﯹ) [البقرة:٢٥٥].
أي: لا يكرثه ولا يثقل عليه 100.
قال ابن منظور: «الكرسي: معروف واحد الكراسي، والكرسي في اللغة الشيء الذي يعتمد عليه ويجلس عليه، فهذا يدل على أن الكرسي عظيم دونه السماوات والأرض، والكرسي في اللغة والكراسية إنما هو الشيء الذي قد ثبت ولزم بعضه بعضا»101.
والكرسي ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع جمهور السلف، القول الراجح في معناه هو: إن الكرسي شيئ عظيم يضبط السموات والأرض، نسلم به بدون بحث فى تعينه، ولا كشف عن حقيقته، ولا كلام فيه بالرأي دون نص عن المعصوم102، إلا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهم بأن الكرسي موضع قدمي الرب عز وجل103.
وليس هو العرش، بل العرش أكبر من الكرسي وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن السماوات والسبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة)104.
وما روي في ذلك عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض)105.
من ذلك وغيره يتبين أن القول الفصل في هذه المسألة هو: ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الكرسي هو موضع قدمي الرب عز وجل، وبهذا القول جزم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى وغيرهما من أئمة العلم وأهل التحقيق106 .
٢. سعة السموات.
يخبر الله تعالى بأنه بنى السماء بأيدٍ، أي: بقوة وقدرة تتناسب مع عظم هذا المخلوق، وأن السماء في اتساع دائم.
قال تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧]107.
وقد ذكر المفسرون في معنى الآية أوجه:
أحدها: لموسعون في الرزق بالمطر، قاله الحسن.
الثاني: لموسعون السماء، قاله ابن زيد.
الثالث: لقادرون على الاتساع بأكثر من اتساع السماء.
الرابع: لموسعون بخلق سماء مثلها، قاله مجاهد.
الخامس: لذو سعة لا يضيق علينا شيء نريده108.
وفي الآية إشارة إلى امتداد السماء واتساعها، كما يبدو ذلك لأي ناظر ينظر إليها، حيث لا يبلغ الإنسان لها حداً، فحيث كان من عالم الأرض، فإن السماء تظله على امتداد الآفاق حوله، ولعل هذا من بعض ما يشير إليه قوله تعالى: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [فاطر:١]109.
وهذه الآية تصف سعة الكون أو أن نظرية تمدد الكون تتوافق مع هذه الآية؟ من الناحية الأولى نرى أن (أينستين) يتخيل سعة هذا الكون بأنه يتسع لبلايين من السدم وكل سديم منها يحتوي على مئات من النجوم المكهربة.
أما نظرية تمدد الكون، فقد لاحظ علماء الفلك في أقصى ما يدركه المنظار علامات تدل على حركة السدم الخارجية حركات نظامية، واستدلوا منها على أن جميع السدم الخارجية أو (الجذر الكونية) تبدو على أنها تتباعد عن مجموعتنا الشمسية بل إنها تتباعد عن بعضها البعض، وعلى هذا الأساس فإن الكون ليس ساكناً إنما يتمدد كما تتمدد فقاعة الصابون أو كما يتمدد البالون ولكن الأجسام المادية هي تحافظ على أحجامها110.
وقد تقدم عدد من العلماء الكونيين بنظريات تشرح لغز الكون المتمدد، منهم: الدكتور: هابل، رائد الباحثين في السدم فقد لاحظ أن هناك نزعة واحدة تسود هذه المجموعات النجمية الواسعة الشاسعة البعد، وهي أنها أميل إلى الإدبار منها إلى الإقبال كما لاحظ أن سرعة الإدبار تزيد بازدياد أبعاد هذه الجزر الكونية111.
قال محمد إسماعيل إبراهيم: «ويقرر العلم الحديث أن ملكوت الله العظيم والممتد بلا نهاية والمتسع باستمرار فيه بلايين النجوم ذات الأقدار المختلفة حجماً ولمعاناً وكل واحد من هذه النجوم يتفجر كما انفجرت شمسنا مكونةً مجموعاتها من الكواكب الدائرة حولها، وبهذه الانفجارات الكثيرة للنجوم يتسع نطاق ملك الله، ثم إن هذه النجوم كانت أجزاء من سدم هائلة هي السحب الكونية التى كانت متصلةً ثم انفصل بعضها عن بعض بسبب هذه الانفجارات التي حدثت بصورة دقيقة ومحكمة وتركت ما تناثر منها في حركة منتظمة بلا خلل ولا تصادم بينها، وهذا مصداق قوله تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧].
والحقائق الثابتة والمشاهدة بأجهزتنا الدقيقة في الصور الفوتغرافية العديدة التي حصلنا عليها تدلنا دلالةً واضحةً على أن جميع ما في الكون الشاسع من حجم الذرة إلى حجم أكبر النجوم لا تتحرك أو تدور أو تسبح في أفلاكها إلا بحكمة فائقة وتقدير متناه في الدقة حيث لا شيئ مطلقاً في ملك الله يتحرك حركةً عشوائيةً لانه سبحانه قدر كل شيئ تقديراً وأحكمه إحكاماً»112.
وتحدثت الآية الكريمة عن حقيقة البناء الكوني في قوله تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧].
وقد ثبت يقينًا أن البناء الكوني منظم ومعقد ومحكم، وأن في الكون هندسة مبهرة فالكون يحوي أعمدة، ويحوي جسورًا من المجرات، ويحوي كذلك خيوطًا عظمى كل خيط يتألف من آلاف المجرات ويمتد لمئات البلايين من السنوات الضوئية، فسبحان من أحكم هذا البناء وحدثنا عنه قبل أن يكتشفه علماء الغرب بقرون طويلة.
وهنا يتفوق القرآن على العلم من جديد، فالعلم يتحدث عن (فضاء)، والقرآن يتحدث عن (بناء)، وكلمة (بناء) هي الكلمة الأنسب علميًا لوصف السماء، فسبحان القائل: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [الفرقان:٣٣].
والقائل سبحانه: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الزمر:٢٣].
والقائل: (ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [النساء:٨٧].
ويفهم من الآية الكريمة أن هذه الكون يتسع باستمرار من بداية خلقه إلى يومنا هذا، فقال تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧].
وعبر عن هذا الاتساع باسم الفاعل (موسع)، واسم الفاعل يكون في الأزمنة الثلاثة (الماضي والحال والاستقبال) كما يقرر ذلك علماء اللغة العربية، أي : أن هذا الاتساع بدأ في الماضي وهو مستمر في عصر نزول الآية وسيستمر إلى ما شاء الله تعالى، وتوسع الكون حقيقةً لم يتمكن الإنسان من إدراكها إلا في الثلث الأول من القرن العشرين، ودار حولها الجدل حتى سلّم بها أهل العلم أخيراً، وقد سبق القرآن الكريم بإقرارها قبل أربعة عشر قرنًا أو يزيد، ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرًا لتلك الإشارة القرآنية الباهرة غير الله الخالق تبارك وتعالى، فسبحان خالق الكون الذي أبدعه بعلمه وحكمته وقدرته، والذي أنزل لنا في خاتم كتبه، وعلى خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم عددًا من حقائق الكون الثابتة، ومنها تمدد الكون وتوسعه فقال عز من قائل: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الذاريات:٤٧].
لتبقى هذه الومضة القرآنية الباهرة مع غيرها من الآيات القرآنية، شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله، وأن سيدنا ونبينا محمداً صلى الله عليه وسلم كان موصولًا بالوحي، معلمًا من قبل خالق السماوات والأرض، وأن القرآن الكريم هو معجزته الخالدة إلى قيام الساعة113.
٣. سعة الأرض.
أخبر الله تعالى أن أرضه واسعةً للمهاجرين في سبيله ، والذين قد يظنون أن في الهجرة بعد عن الأوطان وربما يحصل ضيق في العيش.
قال تعالى: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [النساء:١٠٠].
قال الإمام الماوردي: «في المراغم خمسة تأويلات:
أحدها: أنه المتحول من أرض إلى أرض، وهذا قول ابن عباس والضحاك.
والثاني: مطلب المعيشة، وهو قول السدي.
والثالث: أن المراغم المهاجر، وهو قول ابن زيد.
والرابع: يعني بالمراغم مندوحة عما يكره.
والخامس: أن يجد ما يرغمهم به، لأن كل من شخص عن قومه رغبةً عنهم فقد أرغمهم، وهذا قول بعض البصريين، وأصل ذلك الرغم وهو الذل. والرغام: التراب لأنه ذليل، والرغام بضم الراء ما يسيل من الأنف.
والظاهر: أنه المنع الذي يتحصن به ويراغم به الأعداء . قوله (ﯥ) يعني: الرزق، قاله غير واحد منهم قتادة حيث قال: في قوله : (ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ )أي : من الضلالة إلى الهدى، ومن القلة إلى الغنى114.
وفي قوله تعالى: (ﯥ) ثلاث تأويلات:
أحدها: سعة في الرزق، وهو قول ابن عباس.
والثاني: يعني من الضلالة إلى الهدى ومن العيلة إلى الغنى، وهو قول قتادة.
والثالث: سعة في إظهار الدين»115.
وقد بين الله تعالى ظلم من لم يهاجر من أرض الشرك إلى أرض الإسلام.
قال تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [النساء:٩٧].
والآية توجب المهاجرة إلى المدينة مع المسلمين، وذلك أن الله تعالى لم يرض بإسلام أهل مكة حتى يهاجروا، روى البخاري قال: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حيوة، وغيره، قالا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود، قال: قطع على أهل المدينة بعث، فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة، مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس: «أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم، فيقتله - أو يضرب فيقتل» فأنزل الله: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [النساء:٩٧]116.
وذلك أنهم خرجوا مع المشركين يكثرون سوادهم فقتلوا معهم117.
وروى أبو داود عن سمرة بن جندب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله)118.
واستثنى الله تعالى من هؤلاء: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [النساء:٩٨-٩٩].
وهذه الآية عذر من الله لهؤلاء في ترك الهجرة، وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين، ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق، ولهذا قال: (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) ، قال مجاهد وعكرمة والسدي: يعني طريقًا 119.
والأمر بالهجرة من أرض الشرك والمعاصي عام يشمل جميع المؤمنين.
قال تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [العنكبوت:٥٦].
وقال سبحانه: (ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ) [الزمر:١٠].
فقال تعالى مخاطباً المؤمنين: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) إن تعذرت العبادة عليكم في بعضها فهاجروا ولا تتركوا عبادتي بحال، وبهذا علم أن الجلوس في دار الحرب حرام، والخروج منها واجب 120.
وفي الآية دليل على أن الهجرة من أكبر الواجبات، وتركها من المحرمات، بل من الكبائر121.
وفي الآيات تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة فأخبرهم الله تعالى بسعة أرضه، وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب، بل الصواب أن يتلمس عبادة الله في أرضه مع صالحي عباده، أي: إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنها واسعة، لإظهار التوحيد بها.
قال الزجاج: «أمروا بالهجرة من الموضع الذي لا يمكنهم فيه عبادة الله، وكذلك يجب على من كان في بلدة يعمل فيها بالمعاصي، ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ له أن يعبد الله حق عبادته»122.
وقال ابن جبير وعطاء: «إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية، وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق. وقاله مالك، وقال مجاهد: إن أرضي واسعة فهاجروا وجاهدوا»123.
وقال سفيان الثوري: «إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزًا بدرهم، وقيل: المعنى: إن أرضي التي هي أرضى الجنة واسعة، فاعبدون حتى أورثكموها فإياي فاعبدون»124.
ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها، خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة ليأمنوا على دينهم هناك، فوجدوا خير المنزلين هناك: أصحمة النجاشي ملك الحبشة، فآواهم وأيدهم بنصره، وجعلهم آمنين في بلاده، ثم بعد ذلك هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الباقون إلى المدينة النبوية المطهرة125.
وفي بيان سعة الأرض للمؤمنين تطمين لهم في كل وقت وحين بأن أرض الله واسعة للهجرة في كل عصر، وعلى هذه الآيات يستند المؤمنون الذين يضايقون وينكل بهم في بعض بلدان الأرض بسبب عقيدتهم ودينهم بأن لهم متسعًا في الأرض يمكنهم من الفرار بدينهم إلى بلدان أخرى بحيث تكون لهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية والبعد من البلدان التي يضيق عليهم فيها.
موضوعات ذات صلة: |
الإسراف، الاقتصاد، الإنفاق، البخل، الرزق، الكسب، المال، اليسر |
1 انظر: مقاييس اللغة ٦/١٠٩.
2 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٣/٦١، النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٥/١٨٤، لسان العرب، ابن منظور ٨/٣٩٣، تاج العروس، الزبيدي ٢٢/٣٢٥.
3 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٨٧٠.
4 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي ص ٧٥١، المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، باب الواو ص١٤١١-١٤١٢.
5 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس، ٦/١٠٩، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ٢/١٠٣١، المخصص، ابن سيده، ٣/٣٤١، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي، ٤/٣١٠-٣١١.
6 تهذيب اللغة، الأزهري ٩/٤٠، مختار الصحاح، الرازي ص ٢٤٨، المصباح المنير، الفيومي ٢/٤٩٢.
7 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ١٧٣، الكليات، الكفوي ص ١٠٨.
8 التعريفات، الجرجاني١٧٣.
9 انظر: المصباح المنير، الفيومي ٢/٣٨١، تاج العروس، الزبيدي ٢٦/١٠٤، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ٢/٥٧١.
10 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص ٣٣٦.
11 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٦/٢٦، لسان العرب، ابن منظور ٣/١٣٣، المصباح المنير، الفيومي ١/١١٢، تاج العروس، الزبيدي ٧/٥٣٤.
12 انظر: التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ١٣٣ ١١٢.
13 انظر: مقاييس اللغة ٣/٣٨٣.
14 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٠/٢٠٨، تاج العروس، الزبيدي ٢٦/٤٥.
15 انظر: جامع البيان، الطبري ٢/٥٣٧، مدارك التنزيل، النسفي ١/١٢٣.
16 انظر: تفسير القرآن، السمعاني ١/١٣٠، مفاتيح الغيب، الرازي ٤/٢٠، مدارك التنزيل، النسفي ١/١٢٣.
17 انظر: جامع البيان ٢/٥٣٧.
18 انظر: تفسير المراغي ١/١٩٩.
19 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٥١٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٣٢٩، النكت والعيون، الماوردي ٤/٩٨، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٧/١٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٥٠٧.
20 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٢/٤٣٨، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/٥٧، النكت والعيون، الماوردي ٥/٣٧٣، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٧/٥٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/٣٩٥.
21 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، رقم ١٩٠٥، ٣/١٥١٣.
22 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله بعباده، رقم ٣٥٤٠، ٥/٥٤٨.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٤٣٣٨، ٢/٧٩٩.
23 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٢/٥٣٩، الكشاف، الزمخشري ٤/٤٢٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/٤٢٩.
24 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢٧/١٢١.
25 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي ٣/٣١٦.
26 انظر: معانى القرآن، الأخفش ١/٣٤٠، جامع البيان، الطبري ١٣/١٥٩، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤١٥.
27 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/١٥٨، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٦٧، معالم التنزيل، البغوي ٣/٢٨٨.
28 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم ٢٧٥٣، ٤/٢١٠٨.
29 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤١٥، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٦٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٦١، مفاتيح الغيب، الرازي ١٥/٣٧٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٣٣.
30 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤١٥، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٦٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٦١، مفاتيح الغيب، الرازي ١٥/٣٧٩، مدارك التنزيل، النسفي ١/٦٠٩، البحر المحيط، أبو حيان ٤/٦٠٤.
31 انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ٥/٤٩١، ٤٩٣.
32 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/١١٩.
33 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٤/٢٠، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٥/٢١٢، روح المعاني، الألوسي ٨/٥٦٧، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٦/٣٠١.
34 انظر بحث: مفهوم الأسماء والصفات، سعد ندا، منشور في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد ٤٦ العام ١٤٠٠، ١٤٠١هـ ص ٦١.
35 انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ٣/٩١٢.
36 انظر: جامع البيان، الطبري ١١/٢٦١، البحر المحيط، أبو حيان ٤/٥٨، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/٣٤.
37 البحر المحيط، أبو حيان ٢/٦٥٨.
38 تيسير الكريم الرحمن ص ٩٤٩.
39 انظر: طريق الهجرتين، ابن القيم ص ٣٦٤.
40 انظر: المصدر السابق.
41 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٤/٩٠.
42 انظر: تفسير الراغب الأصفهاني ٤/١٨٦.
43 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٥٧٧، أنوار التنزيل، البيضاوي ٢/١٠١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٨٢.
44 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور٢٧/١٢٤.
45 الكفاف لغة هو: ما كف عن الناس وأغنى، واصطلاحًا هو: ما يكون بقدر الحاجة ولا يفضل منه شيء، ويكف عن السؤال.
انظر: لسان العرب، ابن منظور ٩/٣٠٦، تاج العروس، الزبيدي ٢٤/٣٢٣، التعريفات، الجرجاني ص ١٨٥.
46 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الكسوف، باب في الكفاف والقناعة، رقم ١٠٥٤، ٢/٧٣٠.
47 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٤٣٥.
48 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ٣٦٧٢، ٦/١٨٩.
وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم ٢٧١٤، ٦/٤٨٢.
49 الكشاف ١/٢٩٢.
50 انظر: تفسير الراغب الأصفهاني ١/٥٠٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٥٠٧، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٤٩١.
51 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٣٢٨، التفسير الوسيط، الواحدي ١/٣٥٧.
52 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢/٤٣٤.
53 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ١/٣٥٧، تفسير القرآن، السمعاني ١/٢٥٠، تفسير الراغب الأصفهاني ١/٥٠٧.
54 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٨٦، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/٢١٨، البحر المحيط ٢/٥٧٥.
55 انظر: المصادر السابقة.
56 انظر: الموسوعة القرآنية، الخطيب ٨/٥٢.
57 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٨٦، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/٢١٨.
58 انظر: مفاتيح الغيب ٢/٤١٨.
59 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٣١٣، البحر المحيط، أبو حيان ٢/٥٧٥، أنوار التنزيل، البيضاوي ١/١٥٠.
60 النكت والعيون، الماوردي ٤/٤٧١، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٥٠٤.
61 تفسير القرآن العظيم ٦/٤٨٢.
62 جامع البيان، الطبري ٢٠/٤٣٦.
63 النكت والعيون، الماوردي ٤/٤٦٢.
64 الكشاف، الزمخشري ٣/٥٩٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٦/٢٢٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٤٢٩.
65 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء، آمين فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه، رقم ٣٢٣٢، ٤/١١٥، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى، رقم ١٧٤، ١/١٥٨، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
66 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٦/٢٢٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٤٢٩.
67 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٠٥، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٢، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٦/٢٢٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٤٢٩.
68 الكشاف ٣/٥٩٦.
69 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٠٥، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٢.
70 المنار، محمد رشيد رضا ٨/٤٤٣.
71 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٢٧.
72 النكت والعيون، الماوردي ٣/٢٢٨، تفسير القرآن، السمعاني ٣/٣٠١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٤٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٥/٢٦.
73 منها : ما أخرجه أحمد في مسنده رقم ٢٠٠٩٩٣، ٣/٢٩٢، والترمذي في سننه، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ومن سورة الصافات، رقم ٣٢٣٠، ٥/٣٦٥، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الصافات:٧٧] قال: «حام، وسام، ويافث» بالثاء.يقال: يافت، ويافث بالتاء والثاء«وفي رواية: «سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش» ويقال: يافث ويافت ويفث».
قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن بشير.
وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، ٨/١٦٠.
74 جامع البيان، الطبري ٢٣/٢٠٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٢٦٦.
75 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٦٠.
76 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٥٦٠، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢٣٩، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٨٧، البحر المحيط، أبو حيان ٥/١٠٨.
77 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/٥٠٦.
78 النكت والعيون ٥/١٠٢.
79 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٤٥.
80 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٣٠/٥٦٤، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٨/١٧٠، البحر المحيط، أبو حيان ١٠/١٩٩.
81 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٤٥، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٣١١، لباب التأويل، الخازن١/١٦٦، البحر المحيط، أبو حيان ٢/٥٠١.
82 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٤/٣١٥، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٤٣٢، محاسن التأويل، القاسمي ٢/١٥٤، التفسير المنير، الزحيلي ٢/٣٦٠.
83 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٠٤.
84 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٤/٣١٥، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٤٣٢، محاسن التأويل، القاسمي ٢/١٥٤.
85 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب العتق باب فيمن ملك ذا رحم محرم، رقم ٣٩٤٩، ٤/٢٦، والترمذي في سننه، أبواب الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم، رقم ١٣٦٥، ٣/٦٣٨.
وصححه الألباني في الإرواء، رقم ١٧٤٦، ٦/١٦٩.
86 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/٤٥٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/١٨٧، الكشف والبيان، الثعلبي ١/٢٦٣.
87 انظر: معاني القرآن، الأخفش ٢/٥٤٤، جامع البيان، الطبري ٢٣/٤٥٦.
88 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٤/٣١٥، النكت والعيون، الماوردي ٦/٣٣، معالم التنزيل، البغوي ٥/١١١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/١٧٤.
89 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٨٥.
90 التحرير والتنوير ٢/٤٦٢.
91 التفسير الوسيط، طنطاوي ١/٥٤١.
وانظر: تاج العروس، الزبيدي ٢٢/١٨٤، المطلع على ألفاظ المقنع، البعلي ص ٣٩٨.
92 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/١٢٠، تفسير الراغب الأصفهاني ١/٤٨٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٤٦٢.
93 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٤٦٢.
94 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٢/٦٢.
95 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٤٧٧، فتح القدير، الشوكاني ١/٢٨٩.
96 معنى تأتلي: تحلف، هو مأخوذ من الألية، والألية اليمين، ومعنى أن يؤتوا: أن لا يؤتوا أولي القربى، والمعنى: ولا يحلف أولو الفضل منكم والسعة أن لا يعطوا أولي القربى والمساكين.
انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/١٣٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٣٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٣١٣، أحكام القرآن، ابن العربي ٣/٣٦٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٩.
97 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/١٣٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٣٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٣١٣، تفسير القرآن، السمعاني ٣/٥١٤، أحكام القرآن، ابن العربي ٣/٣٦٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٩، أضواء البيان، الشنقيطي ١/٤٢٥.
98 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/١٣٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٣٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٣١٣، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٩.
99 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب تعديل النساء بعضهن بعضاً، رقم ٢٦٦١، ٣/١٧٣، ومسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، رقم ٢٧٧٠، ٤/٢١٢٩.
100 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٣٩٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٣٤١، مفاتيح الغيب، الرازي ١/٢٣٧، تفسير القرآن العظيم ابن كثير ١/٥٢٠، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣/٢٣.
101 لسان العرب ٦/١٩٤.
102 تفسير المراغي ٣/١٤.
103 أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة ٥٨٦، وابن أبي شيبة في كتاب العرش ٦١، وابن خزيمة في التوحيد ٢٤٨، والحاكم في المستدرك ٢/٢٨٢ وقال: صحيح عن شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأخرجه الدارقطني في كتاب الصفات ٣٦ عن ابن عباس موقوفاً عليه، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد ٦/٣٢٣ للطبراني، وقال: رجاله رجال الصحيح، وقال الألباني في مختصر العلو٤٥: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
104 سبق تخريجه قريبًا.
105 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٣٤١، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣/٢٣.
106 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٥/٦٠، اجتماع الجيوش الإسلامية، ابن القيم ٢/١٥١.
107 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٢/٤٣٨، التفسير الوسيط، الواحدي ٤/١٨٠، تفسير القرآن، السمعاني ٥/٢٦٢، الجامع لحكام القرآن، القرطبي ١٧/٥٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/٣٩٥.
108 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٤/١٨٠، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/٥٧، النكت والعيون، الماوردي ٥/٣٧٣، محاسن التأويل، القاسمي ٩/٤٤، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٨١١.
109 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢٧/٤١، التفسير الوسيط، طنطاوي ١٤/٢٦، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ١٤/٥٣٠.
110 انظر: معجزات القرآن العلمية، حامد حسين قدير، منشورات مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، السنة الرابعة عشرة، العددان الخامس والخمسون والسادس والخمسون، رجب، ذو الحجة ١٤٠٢هـ ص ١٧٩.
111 انظر: المصدر السابق ص ١٨٠.
112 انظر: القرآن وإعجازه العلمي ص ١٧٢.
113 انظر بحث: الإعجاز العلمي في قوله تعالى: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُون}، عادل الصعدي، منشور في موقع جامعة الإيمان اليمنية.
114 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٤٥
115 النكت والعيون ١/٥٢٢.
وانظر: تفسير القرآن، السمعاني ١/٤٧٠ الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٥/٣٤٧.
116 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) رقم٤٥٩٦، ٦/٤٨
117 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/١٠٥، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٤٣.
118 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد باب في الإقامة بأرض الشرك، رقم ٢٧٨٧، ٣/٩٣.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٦١٨٦، ٢/١٠٦٤.
119 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٤٤.
120 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٥/٦٩.
121 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٩٦.
122 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٥٥، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٤٢٤.
123 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/٣٥٧.
124 انظر: المصدر السابق ١٣/٣٥٨.
125 انظر: جامع البيان، الطبري ٢١/٢٦٩، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٣٤٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٦٢.