عناصر الموضوع
اليتيم
أولًا:المعنى اللغوي:
اليتيم لغة هو: الذي مات أبوه حتى يبلغ، فإذا بلغ زال عنه اسم اليتيم1.
قال أبو السعادات ابن الأثير:«قد تكرر في الحديث ذكر (اليتم، واليتيم، واليتيمة، والأيتام، واليتامى) وما تصرف منه، واليتيم في الناس: فقد الصبي أباه قبل البلوغ، وفي الدواب: فقد الأم، وأصل اليتم بالضم والفتح: الانفراد، وقيل: الغفلة، وقد يتم الصبي، بالكسر، ييتم فهو يتيم، والأنثى يتيمة، وجمعها: أيتام، ويتامى، وقد يجمع اليتيم على يتامى، كأسير وأسارى، وإذا بلغا زال عنهما اسم اليتم حقيقة، وقد يطلق عليهما مجازًا بعد البلوغ، كما كانوا يسمون النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير: يتيم أبي طالب؛ لأنه رباه بعد موت أبيه»2.
ثانيًا:المعنى الاصطلاحي:
اليتيم اصطلاحًا: الصغير الذي فقد أباه وهو دون سن البلوغ حقيقة3.
وهذا الاسم يزول عن اليتيم بمجرد البلوغ، ولا يطلق عليه بعد البلوغ إلا باعتبار ما كان4.
ولم يعتبر الشرع من فقد أمه يتيمًا إنما قصر صفة اليتم على من فقد أباه؛ لأن الأب هو الذي يعول الصغير ويرعى شؤونه ويقوم بتأديبه وتعليمه5.
وردت (اليتيم) في القرآن الكريم (٢٣) مرة 6.
والصيغ التي وردت، هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
الإفراد |
٨ |
(ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الإنسان:٨] |
التثنية |
١ |
(ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الكهف:٨٢] |
الجمع |
١٤ |
(ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [البقرة:٢٢٠] |
واليتم في أصله بمعنى الانفراد، وورد اليتيم في الاستعمال القرآني بمعناه الشرعي المعروف، وهو: من فقد أباه قبل بلوغ الحنث ذكرًا كان أو أنثى7.
اللقيط:
اللقيط لغة وهو:
ما يلقط، أي: يرفع من الأرض، وقد غلب على الصبي المنبوذ وهو: الصبي الذي تلقيه أمه في الطريق8.
اللقيط اصطلاحًا:
هو اسم لمولود طرحه أهله؛ خوفًا من الفقر أو احترازًا عن تهمة الزنا، وكذلك كل صبي، أو مجنون، ضائع، لا كافل له9.
الصلة بين اللقيط واليتيم:
اللقيط قد يكون يتيمًا حقيقةً وقد لا يكون، أما حكمًا فهو كذلك؛ لأنه فقد معيله وراعيه، ويمكن أن يقاس عليه الأطفال الذين لهم آباء أحياء ولكنهم في حكم الأموات، فهؤلاء يحتاجون للرعاية والعطف والحنان، ويكون لهم حكم الأيتام من حيث الكفالة والرعاية والحنان10.
إن من قدر الله تعالى على الصبي الصغير الذي يموت والده أن يعيش وحيدًا ضعيفًا، بغير أب يقوم بحفظه ورعايته والنفقة عليه، فيعيش الطفل اليتيم منكسر القلب، متألم الضمير، يخشى من الأيام، ومن عدم قدرته على مصارعة تقلبات الحياة.
كما أن من له أطفال صغار قد يخشى من القدر بأن يفاجئه الموت فيضيع أولاده الصغار، وربما يجد اليتيم من أقاربه من لا يقوم برعايته والإحسان إليه، بل ربما من يأكل ماله إن كان له مال.
وكذلك على المجتمع الذي فيه أيتام صغار أن يقدروا المصيبة والكارثة التي حلت بهذا الصغير، من فقده للكافل له، والقائم بشؤونه فيعملوا من أجل جبر مصاب هذا الصغير بكل الوسائل التي من شأنها التخفيف من مصابه والأخذ بيده؛ لأن يصبح فردًا فاعلًا في المجتمع، ويمكن الحديث في هذا المبحث عن اليتيم والقدر من ثلاث زوايا:
أولًا: اليتيم والقدر:
أن موت الأقارب أو أحد الوالدين وخاصة الأب له تأثيرات شديدة على الطفل، فيشعر الطفل المميز بالأسى والحزن العميق، ويصل به الأمر إلى الشعور باليأس والإحباط، أو قد يصل به الأمر إلى الرغبة في الانتقام ويكون حزنه بمستوى سنه واعتقاده، ومدى ارتباطه بوالديه، ويؤثر عليه الموت سلبًا، ويظهر ذلك جليًّا إما بشعور كبير بالنقص لضعف الموارد، وعدم تلبية الرغبات، وإما بالإفراط بالتدليل لتعويضه عمن فقد، وبالتالي تدمير حياة الطفل واضطراب وضعه بشكل عام.
ويعتبر موت الأب - خاصة- خسارة للطفل، ويختلف حجم هذه الخسارة باختلاف السن والإدراك والفهم والذكاء والجنس، مع العلم بأن المحيطين بالطفل قد يكون لهم أكبر الأثر في التخفيف من هذا الشعور11، وهناك بعض الأعراض التي تظهر على الطفل بسبب موت أحد أحبته منها:
الأعراض الحياتية: ومنها: فقدان الشهية والنشاط، سوء التغذية، ذبول الجسم، التوتر، اصفرار البشرة الكآبة، القلق وعدم النوم، التعرض للإصابة بالأمراض.
والأعراض الذهنية والنفسية: والموت له تأثير على ذهن الطفل وذكائه وإمكانية حدوث انخفاض مستوى الذكاء، وهبوط المستوى الدراسي، وتغير في الرؤية والأهداف، ويصاب الطفل بالسلوك غير المتزن، والاختلال النفسي، وظهور أعراض أخرى: كقضم الأظافر ومص الإبهام والتبول اللاإرادي والحسد والخوف والخجل والشعور بعقدة الحقارة والكذب والإحساس بالقلق إلى غير ذلك12.
والأعراض العاطفية وأهمها: الاضطراب، والشعور بانعدام الأمن، الهيجان الشديد، والحساسية المفرطة، وسرعة الغضب، والانطواء على النفس والشعور بالكآبة، والعنف والعدوان.
والأعراض السلوكية: ويظهر ذلك من خلال: عدم الانسجام مع المحيطين به وأفراد أسرته، والعصيان والتمرد، والاضطراب في التعامل والعلاقات، والتكبر والرياء لكي يلفت أنظار الآخرين ويكسب دعمهم، وربما إهمال النظافة وعدم الاهتمام بالشكل والمظهر13.
يقول عبد الله ناصح علوان: «ومن العوامل الأساسية في انحراف الولد: مصيبة اليتم التي تعتري الصغار وهم في زهرة العمر، ومقتبل الحياة، وهذا اليتيم الذي مات أبوه وهو صغير، إذا لم يجد اليد الحانية التي تحنو إليه، والقلب الرحيم الذي يعطف عليه، وإذا لم يجد من الأوصياء المعاملة الحسنة التي ترفق به، والرعاية الكاملة التي ترفع من مستواه، والمعونة التامة التي تسد جوعته، فلا شك أن هذا اليتيم سيدرج نحو الانحراف، ويخطو شيئًا فشيئًا نحو الإجرام، بل سيصبح في المستقبل أداة هدم وتخريب لكيان الأمة، وتمزيقًا لوحدتها وإشاعة الفوضى والانحلال بين أبنائها»14.
ثانيًا: القدر والأب الذي يخشى الموت:
يجب على من له صغار وذرية ضعاف يخشى من ضياعهم بعد موته، أن يعمل على تأمين حياة هؤلاء الصغار بوسائل إلهية، تؤدي إلى حفظ حياة الصغار والضعفاء من الذرية، وهذه الوسائل هي:
إن تقوى الله تعالى والقول السديد من وسائل التأمين على حياة الصغار والضعفاء من الذرية بعد موت الأب، مما يؤدي إلى عدم الخوف من القدر عليهم.
قال تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [النساء:٩].
فالخطاب في الآية جاء مُذكِّرًا الأحياء بالذي هم صائرون إليه هم وأموالهم، عارضًا عليهم في هذا الموقف ما يهز مشاعرهم، ويثير أشجانهم أنهم سيموتون، كما مات هذا الميت الذي تقاسموا تركته، أو تقاسمها ورثته، وهم يشهدون، وأنهم سيتركون من بعدهم أطفالهم، الذين سينضمون إلى موكب الأيتام، كما ترك هذا الميت أطفاله، فانضموا إلى جماعة الأيتام، ممن مات آباؤهم قبله، فهؤلاء عليهم أن يرعوا حق الله وليخشوه فى هؤلاء اليتامى الذين فى أيديهم، وليصونوهم ويصونوا أموالهم، وليعاملوهم كما يرجون أن يعامل أبناؤهم من بعدهم15.
وقد ذكر المفسرون في معنى الآية أربعة أقوال:
أحدها: أن معناه: وليحذر الذين يحضرون ميتًا يوصي في ماله أن يأمروه بتفريق ماله وصية فيمن لا يرثه، ولكن ليأمروه أن يبقى ماله لولده، كما لو كان هو الموصي لآثر أن يبقي ماله لولده، وأن لا يدعهم عالة مع ضعفهم وعجزهم عن التصرف والاحتيال، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه ومجاهد، والسدي16.
والثاني: أن معناه: وليخش الذين يحضرون الموصي وهو يوصي أن ينهوه عن الوصية لأقربائه، وأن يأمروه بإمساك ماله والتحفظ به لولده، وهم لو كانوا من أقرباء الموصي لسرهم أن يوصي لهم، وهو قول مقسم مولى ابن عباس، وسليمان بن المعتمر، وسعيد بن جبير.
والثالث: أن ذلك أمر من الله تعالى لولاة الأيتام، أن يلوهم بالإحسان إليهم في أنفسهم وأموالهم، كما يحبون أن يكون ولاة أولادهم الصغار من بعدهم في الإحسان إليهم، لو ماتوا وتركوا أولادهم يتامى صغارًا، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه 17.
والرابع: أن من خشي على ذريته من بعده، وأحب أن يكف الله عنهم الأذى بعد موته، فليتق الله وليقل قولًا سديدًا، وهو قول أبي بشر بن الديلمي18.
وقال الإمام الرازي: «يحتمل أن تكون الآية خطابًا لمن قرب أجله، ويكون المقصود نهيه عن تكثير الوصية؛ لئلا تبقى ورثته ضائعين جائعين بعد موته، ثم إن كانت هذه الآية إنما نزلت قبل تقدير الوصية بالثلث كان المراد منها أن لا يجعل التركة مستغرقة بالوصية، وإن كانت نزلت بعد تقدير الوصية بالثلث، كان المراد منها أن يوصي أيضًا بالثلث بل ينقص إذا خاف على ذريته، والمروي عن كثير من الصحابة أنهم وصوا بالقليل لأجل ذلك، وكانوا يقولون: الخمس أفضل من الربع، والربع أفضل من الثلث، وخبر سعد يدل عليه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغني ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: (لا)، قال: قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: (لا، الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)»1920.
والقول السديد الذي تدعو إليه الآية هو: القول العدل والصواب الذي يحمل النصح والتوجيه والتسديد لليتامى، وإعدادهم إعدادا صالحًا للحياة تمامًا، كما يفعل الأب مع أبنائه، وإلا فهو قول غير سديد، وخيانة للأمانة التي اؤتمن الأوصياء عليها في حق اليتامى21.
ويحتمل أن الأمر بالتقوى والقول السديد يكون على عمومه في الوصية، وفي اليتامى، وفي جميع الأقوال، كما قال تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [الأحزاب:٧٠-٧١].
قال الإمام ابن عاشور: «والسديد: الذي يوافق السداد، والسداد: الصواب والحق، فشمل القول السديد: الأقوال الواجبة والأقوال الصالحة النافعة مثل: ابتداء السلام وقول المؤمن للمؤمن الذي يحبه: إني أحبك، ويشمل القول السديد: ما هو تعبير عن إرشاد من أقوال الأنبياء والعلماء والحكماء، وما هو تبليغ لإرشاد غيره من مأثور أقوال الأنبياء والعلماء، فقراءة القرآن على الناس من القول السديد، ورواية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من القول السديد»22.
إن العمل الصالح من وسائل التأمين الإلهي على حياة الصغار والضعفاء التي دل عليها قوله تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [الكهف:٨٢].
فقد بين القرآن الكريم أن الله تعالى يبعث من يقوم بحقوق اليتامى إن كان آباؤهم صالحين، كما بعث الرجل الصالح في استخراج كنز اليتيمين، فهذا قدر الله في ذلك، فينبغي على من يكون صالحًا أن لا يحزن بعد أن عرف قدر الله تعالى، وقد ذكر المفسرون في معنى الكنز المذكور في الآية أقوال هي:
أحدها: صحف علم وحكم، قال ابن عباس رضي الله عنه، وسعيد بن جبير، ومجاهد والحسن:«كان لوحًا من ذهب مكتوبًا فيه: عجبًا لمن أيقن بالموت كيف يفرح! عجبًا لمن أيقن بالقدر كيف يغضب! عجبًا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب! عجبًا لمن أيقن بالحساب كيف يغفل! عجبًا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها! لا إله إلا الله محمد رسول الله»23.
وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنه: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) قال: «ما كان ذهبا ولا فضة، كان صحفًا علمًا»24.
وروى البيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قول الله عز وجل: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) قال:«كان لوح من ذهب مكتوب فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، عجبا لمن يذكر أن الموت حق كيف يفرح! وعجبا لمن يذكر أن النار حق كيف يضحك! وعجبا لمن يذكر أن القدر حق كيف يحزن! وعجبا لمن يرى الدنيا وتصرفها بأهلها حالًا بعد حال كيف يطمئن إليها!»25.
وفي مجمع الزوائد عن أبي ذر رضي الله عنه رفعه قال: «الكنز الذي ذكر الله في كتابه لوح من ذهب مصمت، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم نصب! وعجبت لمن ذكر النار ثم ضحك! وعجبت لمن ذكر الموت ثم غفل! لا إله إلا الله محمد رسول الله»26.
وهذا قول أكثر المفسرين في تفسير الآية بدليل أنه قال: (ﯦ ﯧ ﯨ) والرجل الصالح يكون كنزه العلم لا المال؛ إذ أن كنز المال لا يليق بالصلاح بدليل قوله تعالى: (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [التوبة:٣٤]27.
الثاني: أن الكنز مال مذخور من ذهب وفضة، قاله عكرمة وقتادة. وقال الزجاج: المعروف في اللغة أن الكنز إذا أفرد فمعناه المال المدفون28.
ورجح هذا القول الإمام الرازي بقوله: «اختلفوا في هذا الكنز فقيل: إنه كان مالًا، وهذا هو الصحيح لوجهين، الأول: أن المفهوم من لفظ الكنز هو المال، والثاني: أن قوله: (ﯮ ﯯ) يدل على أن ذلك الكنز هو المال»29.
قال الإمام ابن كثير معلقًا على هذين القولين المذكورين في تفسير الكنز المذكور في الآية: «وهذا الذي ذكره هؤلاء الأئمة، وورد به الحديث المتقدم وإن صح لا ينافي قول عكرمة أنه كان مالًا؛ لأنهم ذكروا أنه كان لوحًا من ذهب، وفيه مال جزيل أكثر ما زادوا أنه كان مودعًا فيه علم، وهو حكم ومواعظ، والله أعلم»30.
وعلى كل حال فإن صلاح الآباء من وسائل تأمين حياة اليتامى، فلا يخش الرجل الصالح من قدر الله تعالى إذا ترك ذرية ضعافًا؛ لقوله تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ) يدل على أن صلاح الآباء يفيد العناية بأحوال الأبناء31.
قال ابن عباس رضي الله عنه: «حفظا بصلاح أبيهما، وقيل: كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء، قال محمد بن المنكدر: «إن الله سبحانه وتعالى يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده وعشيرته وأهل دويرات حوله، فلا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم، وقال سعيد بن المسيب: إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي»32.
وفي الآية دلالة على أن صلاح الآباء يفيد العناية بالأبناء، وأن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة، لتقر عينه بهم، كما جاء في القرآن ووردت به السنة33.
وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [إبراهيم:٣٧].
وهذا كقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [آل عمران:٣٨].
وقد بين الله تعالى أن على الإنسان أن يدعو إذا بلغ أربعين سنة بأن يصلح الله له في ذريته.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الأحقاف:١٥].
والمعنى: أي اجعل الصلاح ساريًا في ذريتي راسخًا فيهم، وعبر بـ(ﭹ) في قوله: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) ليفيد سريان الصلاح فيهم وكونهم كالظرف له لتمكنه فيهم، وإلا فكان الظاهر وأصلح لي ذريتي34.
وقد روى أبو داود في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أن يقولوا في التشهد: (اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتممها علينا)35.
ويدل على أن الدعاء من وسائل تأمين حياة اليتامى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم) وفي رواية: (ودعوة الوالد لولده)36.
ثالثًا: اليتيم والقدر والمجتمع:
إن المصيبة التي حلت بالصبي الصغير هي من قدر الله تعالى الذي لا مفر منه؛ ولهذا اهتمت الشرائع السماوية باليتيم، وبحسن رعايته والمحافظة عليه وعلى حقوقه، ورغبت في إحاطته بالرعاية النفسية والاجتماعية، والتلطف به، وإشعاره بالمودة والرحمة، وجاء في القرآن الكريم أن الله تعالى أخذ الميثاق على بني إسرائيل بالإحسان إلى اليتيم: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [البقرة:٨٣].
وتوضح الآية أنه من جملة بنود الميثاق الإحسان باليتيم.
ومنطلق الشرائع السماوية في الاهتمام باليتيم: هو أن هؤلاء الصغار الأبرياء الذين شاءت الحكمة الإلهية أن يختطف الموت اليد الكفيلة والراعية لهم، فتعوضهم بأيد أخرى محسنة تحوطهم بكل معنى الرعاية والمحبة، فجعلت الرحمة والعناية من جملة القواعد التي يتركز عليها دين الله القويم.
والشريعة الإسلامية هي الأكثر رعاية وعناية باليتيم، والأكثر حرصًا على حماية حقوقه، بل لا يوجد كتاب سماوي اهتم باليتيم وحذر من المساس بحقوقه وتوعد على إيذائه كالقرآن الكريم.
والسبب في ذلك أن المجتمع الجاهلي كان مجتمعًا ظالمًا يهضم فيه حقوق الضعفاء والنساء والعجزة القاصرين؛ بسبب طبيعة المجتمع القائمة على الغزو والغصب، فقد كان الضعيف عرضة للعدوان واغتصاب الحقوق، فكيف باليتيم الذي لا حامي له؟! وهو غرض لكل طامع وخبيث.
ولأن الإنسان عندما يكون شابا فذاتيته تكون هي الموجودة، لكن كلما تقدم الإنسان في السن تقدمت ذاتية أولاده عنده، ويحرم نفسه ليعطي أولاده، وعندما يرى أن عياله ما زالوا ضعافًا، وجاءت له مقدمات الموت، فهو يحزن على مفارقة هؤلاء الضعاف، فيوضح الحق لكل عبد طريق الأمان: إنك تستطيع وأنت موجود أن تعطي للضعاف قوة، قوة مستمدة من الالتحام بمنهج الله وخاصة رعاية ما تحت يدك من يتامى، بذلك تؤمن حياة أولادك من بعدك وتموت وأنت مطمئن عليهم37.
ولأن الله يريد من خلقه أن يستقبلوا قدر الله فيمن يحبون وفي من يحتاجون إليهم برضا، فإذا كان الطفل صغيرًا يرى أباه يسعى في شأنه ويقدم له كل جميل في الحياة وبعد ذلك يموت، فإن كان هذا الصغير قد رأى واحدًا مات أبوه، وكفله المجتمع الإيماني الذي يعيش في كفالة عوضته عن أب واحد بآباء إيمانيين متعددين، فإذا مات والد هذا الطفل فإنه يستقبل قدر الله وخَطْبِهِ بدون فزع.
فالذي يجعل الناس تستقبل الخطوب بالفزع والجزع والهلع أنهم يرون أن الطفل إذا ما مات أبوه وصار يتيمًا فإنه يضيع، ويقول الطفل لنفسه: إنَّ أبي عندما يموت سأصير مضيعًا، لكن لو أن المجتمع حمى حق اليتيم، وصار كلُّ مؤمن أبًا لليتيم، وكلُّ مؤمنة أمًّا لليتيم، لاختلف الأمر، فإذا ما نزل قضاء الله في أبيه، فإنه يستقبل القضاء برضا وتسليم38.
ويقول الحق سبحانه وتعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [النساء:٩].
إنَّ عليهم بالإحسان إلى اليتيم، فلو رأى الواحد منا يتيمًا يكرم في بيئة إيوائية إيمانية لما شغل نفسه، ولما خاف أن يموت ويترك ولدًا صغيرًا، بل يقول الإنسان لنفسه: إنَّ المجتمع فيه خير كثير، وبذلك يستقبل الإنسان قدر الله بنفس راضية، ولا يؤرق نفسه؛ لأنك إن رأيت المجتمع الإيماني قد رعى أيتام غيرك، فستكون على ثقة من أنه يرعى أيتامك، فإن جاء الموت أو لم يأت فلا تشغل نفسك به، لكن إذا رأى الإنسان يتيمًا مضيعًا، فهو يعض على أسباب الحياة ويريد أن يأتي بالدنيا كلها لولده، ونقول لمثل هذا الأب: اعمل لابنك بأن تضع ما تريد أن تدخره له في يد الله؛ لأنَّ الذي خلق آمنُ مِنَ المخلوق39.
وحقيقة التشريع الإلهي الحكيم منذ أربعة عشر قرنًا، تأتي فوق كلِّ ما تتطلع إليه آمال الحضارات الإنسانية كلها، فاهتمام الشخص باليتامى الصغار الذين خاف عليهم من قبله من الضياع يؤدي إلى أن يأتي من يحفظ أولاده الصغار من بعده ،كذلك مما يحقق كمال التكامل الاجتماعي بأبهى معانيه، المنوه عنه في الآية الكريمة: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [النساء:٩].
فجعل كافل اليتيم اليوم، إنما يعمل حتى يكفل أيتامه فيما بعد لو ترك ذرية ضعافًا، كما يحبون أن يعامل غيرهم أيتامهم من بعدهم 40.
وصارت قضية اليتم والضعف والفقر بهذا القدر قضية إسلامية عظيمة من حيث إنها أوسع أبواب رحمة الله تعالى وأعظم فضائل العبادة، وأرجاها ولا أعظمها من إعانة اليتيم والضعيف والأرملة والمسكين، والنبي صلى الله عليه وسلم جعل قضية اليتيم شريعة وبابًا واسعًا من أبواب العبادة في هذا الدين، من هنا نقول: النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نتحمل البلاء، وأمرنا أن نشكر الله على النعم.
وبهذا القدر النصر والرزق، فقد روى مصعب بن سعد، قال: رأى سعد رضي الله عنه أنَّ له فضلًا على من دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم)41.
وبهذا القدر لين للقلوب وإدراك للحاجات، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه قال: (أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك)42.
لقد شاء الله عز وجل أن ينشأ الرسول صلى الله عليه وسلم يتيمًا بعيدًا عن تربية أبيه وأمه وجده؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فقد أبويه، وهو صغير؛ لأن أباه توفي وهو حمل، وقيل: بعد ولادته بشهرين، وتوفيت أمه، وهو ابن ست سنين، وكفله جده عبد المطلب، ثم مات جده، وهو ابن ثمان سنين، ثم كفله عمه أبو طالب، وقضى معظم فترة طفولته الأولى ببادية بني سعد بعيدًا عن أسرته كلها43.
ولقد مَنَّ الله تعالى على نبيه بنعمة الإيواء من اليتم، قال سبحانه: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [الضحى:٦].
أي: يتيمًا ليس له أبٌ يرحمه، ولا أمٌّ ترأمه، أي: تحبه وتحنو وتعطف عليه، فجعل لك مأوى، تأوي إليه عند عمك أبي طالب، فكفلك44.
وبعبارة أخرى: ألم يجدك يتيمًا صغيرًا فقيرًا ضعيفًا حين مات أبواك، ولم يخلفا لك مالًا، ولا مأوى، فجعل لك مأوى تأوي إليه، ومنزلًا تنزله، وضمك إلى عمك أبي طالب حتى أحسن تربيتك، وكفاك المؤونة45، فهو لك مأوى لتربيتك، وقَيِّمًا يحنو عليك ويكفلك، ثم جعلك مأوى الأيتام بعد أن كنت يتيمًا، وكفيل الأنام بعد أن كنت مكفولًا، تذكيرًا بنعمه عليه46.
وعن مجاهد في معنى الآية: ألم يجدك واحدا في شرفك لا نظير لك، فآواك الله بأصحاب يحفظونك ويحوطونك، فجعل يتيمًا من قولهم: درة يتيمة، وهو بعيد جدًّا47.
قالت الدكتورة عائشة بنت الشاطىء: «وأمام هذا التتبع، لا نملك إلا أن نستبعد تفسير اليتم بغير ذاك الذي في القرآن، وقد ولد محمد يتيمًا، ثم تضاعف يتمه بموت أمه وجده، لكنه تعالى نجاه من آثار اليتم التي هي بشواهد من آيات الكتاب الكريم: الدع والقهر، والانكسار والجور، مما كان مظنة أنْ يكسر نفسه، فذلك هو قوله تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [الضحى:٦].
ترشيحا بهذا الإيواء الإلهي - غير المقيد بمتعلق - إلى ما بعده من نعمة الهداية بعد حيرة وضلال، وتهيئة لحمل الرسالة الكبرى»48.
الحكمة من يتم النبي صلى الله عليه وسلم:
إن في يتمه صلى الله عليه وسلم حكمًا كبيرة وكثيرة، منها على سبيل المثال:
والناظر في ابتلاءاته صلى الله عليه وسلم باليتم بفقد أبويه، يجد أن فيه تعليمًا وتوجيهًا لأولئك الأيتام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة؛ بأن يحتمل أولئك ابتلاء اليتم ويصبروا عليه، وأن يتذكروا أنهم ليسوا هم الأيتام فقط، فقد كان خير الناس وسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم يتيمًا.
وفي تذكر هذا والنظر فيه ما يخفف الآلام الكثيرة التي يجدها اليتيم في حياته، وما تجده أم اليتامى التي تقوم عليهم في حياتها قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [الضحى:٦].
إن يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا اليتم الذي كان مركبًا ومتعددًا ومتواصلًا، وكان مقصودًا من رب العالمين، لأنه حلقة مهمة في سبيل إعداد النبي صلى الله عليه وسلم للرسالة، وكل الأحداث والحوادث التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو التي مرت به منذ ولادته إلى بعثته كانت جميعًا تصب في خانة إعداده لذلك النبأ العظيم.
هذا اليتم بعد أن رأى ألمه صلى الله عليه وسلم أصبحت له باليتم قاعدة أساسية فطرية جبلية في سجاياه، من حيث تعامله مع الضعفاء والمساكين والأيتام والأرامل والمذنبين وأهل الخطايا، وما من نبي عليه السلام تعامل مع الخطائين والضعفاء كما تعامل معهم صلى الله عليه وسلم بشهادة الله عز وجل في قوله: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [آل عمران:١٥٩].
في هذا العنوان سيتم الحديث عن الحث على الإحسان إلى اليتامى، وعن مخالطة اليتامى، والتحذير من الإساءة إليهم وذلك فيما يلي:
أولًا: الحث على الإحسان إلى اليتامى:
إن الله تعالى جعل الإحسان إلى اليتيم من بنود المواثيق والعهود التي أخذها الله تعالى على الأمم والشعوب، وألزمهم بها، وحرم عليهم نقضها، فقال في بني إسرائيل: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [البقرة:٨٣].
والآية تشير إلى أن الإحسان حق لليتامى، وليس تفضلا من الناس لأمر الله تعالى بذلك، والإحسان هو فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير، والإحسان أعم من الإنعام، والإحسان فوق العدل وذاك أن العدل أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله، أما الإحسان فإنه يعطي أكثر مما عليه، ويأخذ أقل مما له.
فتحري العدل لليتيم واجب، وتحري الإحسان ثواب وتطوع، ولكن في هذه الآية الإحسان إلى اليتيم واجب كوجوب العدل معه كما قال تعالى: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [النساء:١٢٧].
والقسط أن يعطى كل ذي حق منهم حقه، ذكرًا كان أو أنثى، الصغير منهم بمنزلة الكبير، قال ابن عباس رضي الله عنه: يريد بالعدل في مهورهن وفي مواريثهن51.
قال الشنقيطي في قوله تعالى: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [النساء:١٢٧].
«القسط: العدل، ولم يبين هنا هذا القسط الذي أمر به لليتامى، ولكنه أشار له في مواضع أخر كقوله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [الأنعام:١٥٢].
وقوله: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [البقرة:٢٢٠].
وقوله: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الضحى:٩].
وقوله: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [البقرة:١٧٧].
ونحو ذلك من الآيات، فكل ذلك فيه القيام بالقسط لليتامى»52.
والإحسان إلى اليتامى يعم كل إحسان قولي وفعلي مما هو إحسان إليهم، وفيه النهي عن الإساءة إليهم، وللإحسان ضدان: الإساءة، وهي أعظم جرمًا، وترك الإحسان بدون إساءة، وهذا محرم، لكن لا يجب أن يلحق بالأول، وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى والمساكين53.
والإحسان إلي اليتيم يكون كما يحسن الرجل لوالديه ولذي القربى منه، فقد أمر الله تعالى بذلك وقرنه مع الإحسان للوالدين ولذي القربى.
قال تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [النساء:٣٦].
وأمر تعالى كذلك بالإحسان إليهم كما يحسن الرجل لأخيه في حال المخالطة.
قال تعالى: (ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [البقرة:٢٢٠].
وأمر سبحانه تعالى أن ينزلهم الرجل منزلة أولاده في الخشية عليهم من الضياع والاحتياط لهم.
قال تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [النساء:٩]54.
فالإحسان إلى اليتيم بحسن تربيته وحفظ حقوقه من الضياع، والسر في هذا أن اليتيم لا يجد في الغالب من تبعثه العاطفة على تربيته والقيام بشئونه وحفظ أمواله، والأم وإن وجدت تكون في الغالب عاجزة عن تنشئته وتربيته التربية المثلى، إلى أن الأيتام أعضاء في جسم الأمة، فإذا فسددت أخلاقهم وساءت أحوالهم، تسرب الفساد إلى الأمة جمعاء؛ إذ يصبحون قدوة سيئة بين نشئها، فيدب فيها الفساد ويتطرق إليها الانحلال، وتأخذ في الفناء55.
كما ربط الله تعالى بين الإحسان إلى اليتيم وبين الأمر بتوحيده.
قال تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [النساء:٣٦].
وفي هذا دليل على أن عقيدة الأمة لا تكون كاملة وتحت عيونهم يتيم قد أهملوه وحرموه العطف والحنان، وهذا التصرف لا يكون الإ حين نقص العقيدة وضعف الإيمان، وذلك يؤدي إلى نشر الأنانية في الأمة، ويجعل كل فرد يهتم بمصالحه الشخصية دون النظر إلى حقوق الآخرين، فلا يوجد دين عند أمة أساءت معاملة اليتيم وأخذت حقوقه وقهرت قلبه وفؤاده56.
كما أمر الله بالإحسان إلى اليتيم في قربان ماله، وذلك في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الأنعام:١٥٢].
وقوله تعالى: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الإسراء:٣٤]57.
قال عن ابن عباس رضي الله عنه: «يريد: إن كنت وصيًّا فأصلحت ماله، وقمت لله في ضيعته أكلت بالمعروف إن احتجت إليه، وإن كنت غنيًّا عنه فَعَُفَّ عن أكله. وقال الزجاج التي هي أحسن: هو حفظ ماله عليه، وتثميره بما يوجد السبيل إليه»58.
وقال السمعاني في تفسير قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) «معناه: إلا بالعفة التي هي أحسن، واختلفوا في معناه على أقاويل: أحدها: أن القربان بالأحسن هو حفظ الأصول، وتثمير الفروع، والآخر: أن القربان بالأحسن هو التجارة في ماله، وهذا قريب من الأول، والقول الثالث: أن القربان بالأحسن هو أن لا يخالط مال اليتيم بمال نفسه»59.
ومن أفضل الإحسان إلى اليتيم إطعامه والإنفاق عليه.
قال تعالى: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الإنسان:٨].
فقد بين الله تعالى أن من صفات الأبرار إطعام اليتيم، كما تشير الآية إلى أن إطعام اليتيم من واجب المواساة، قال الإمام الرازي: «إنه تعالى ذكر أصناف من تجب مواساتهم، وهم ثلاثة أحدهم: المسكين وهو العاجز عن الاكتساب بنفسه، والثاني: اليتيم وهو الذي مات كاسبه فيبقى عاجزًا عن الكسب لصغره مع أنه مات كسبه، والثالث: الأسير وهو المأخوذ من قومه المملوكة رقبته الذي لا يملك لنفسه نصرًا ولا حيلة، وهؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى هاهنا هم الذين ذكرهم في قوله: «(ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [البلد:١١-١٦] 60.
كما أن الإنفاق عليهم من خير ما ينفقه المنفق، قال تعالى: (ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ) [البقرة:٢١٥]61.
قال الواحدي: «إن الإنفاق في هذه الآية لا يراد به الصدقة عند الموت، إنما يراد به النفع في الدنيا، والإيثار بما يتقرب به الإنسان إلى الله تعالى، فأخبر الله تعالى أن من قصد ذلك ينبغي له أن يبر بذلك المذكورين في هذه الآية»62.
وأن ذلك من البر قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [البقرة:١٧٧].
والمراد بالبر في اليتامى هو معاملتهم بالإحسان، وبفعل الواجبات والمندوبات وجميع الطاعات الظاهرة والباطنة، وكل ما يتقرب به إلى الله من الإيمان به وصالح الأعمال؛ لأن اليتامى لا كاسب لهم، وليس لهم قوة يستغنون بها، وهذا من رحمته تعالى بالعباد، الدالة على أنه تعالى أرحم بهم من الوالد بولده، فالله قد أوصى العباد، وفرض عليهم في أموالهم الإحسان إلى من فقد آباؤهم؛ ليصيروا كمن لم يفقد والديه؛ ولأن الجزاء من جنس العمل فمن رحم يتيم غيره، رحم يتيمه63.
ثانيًا: مخالطة اليتامى:
بين الله تعالى حكم مخالطة اليتيم، بقوله تعالى: (ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [البقرة:٢٢٠].
وكان أهل الجاهلية قد اعتادوا الانتفاع بأموال اليتامى، وربما تزوجوا باليتيمة طمعًا في مالها، أو يزوجها من ابن له؛ لئلا يخرج مالها من يده، ثم إن الله تعالى أنزل قوله: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [النساء:١٠].
وأنزل في آيات أخرى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [النساء:٣].
وقوله: (ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [النساء:١٢٧].
وقوله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [الأنعام:١٥٢].
فعند ذلك ترك القوم مخالطة اليتامى، والمقاربة من أموالهم، والقيام بأمورهم، فعند ذلك اختلت مصالح اليتامى وساءت معيشتهم، فثقل ذلك على الناس، وبقوا متحيرين إن خالطوهم وتولوا أمر أموالهم استعدوا للوعيد الشديد، وإن تركوا وأعرضوا عنهم اختلت معيشة اليتامى، فتحير القوم عند ذلك فأنزل الله: (ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [البقرة:٢٢٠].
فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم.
وهذا هو سبب نزول الآية كما رواه ابن عباس، قال: (لما نزلت: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الإسراء:٣٤]. وقوله: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [النساء:١٠].
انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: (ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [البقرة:٢٢٠]. فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم)64.
وقد ذكر المفسرون في المراد بمخالطة اليتيم وجوه:
أحدها: المراد: وإن تخالطوهم في الطعام والشراب والمسكن والخدم فإخوانكم، والمعنى: أن القوم ميزوا طعامه عن طعام أنفسهم، وشرابه عن شراب أنفسهم ومسكنه عن مسكن أنفسهم، فالله تعالى أباح لهم خلط الطعامين والشرابين، والاجتماع في المسكن الواحد كما يفعله المرء بمال ولده، فإن هذا أدخل في حسن العشرة والمؤالفة، والمعنى وإن تخالطوهم بما لا يتضمن إفساد أموالهم فذلك جائز.
وثانيها: أن يكون المراد بهذه المخالطة أن ينتفعوا بأموالهم بقدر ما يكون أجره مثل ذلك العمل؛ والقائلون بهذا القول منهم من جوز ذلك سواء كان القيم غنيًّا أو فقيرًا، ومنهم من قال: إذا كان القيم غنيا لم يأكل من ماله لأن ذلك فرض عليه وطلب الأجرة على العمل الواجب لا يجوز، واحتجوا عليه بقوله تعالى: ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف، وأما إن كان القيم فقيرًا فقالوا: إنه يأكل بقدر الحاجة ويرده إذا أيسر، فإن لم يوسر تحلله من اليتيم65.
القول الثالث: أن يكون معنى الآية أن يخلطوا أموال اليتامى بأموال أنفسهم على سبيل الشركة بشرط رعاية جهات المصلحة والغبطة للصبي.
والقول الرابع: أن المراد بالخلط المصاهرة في النكاح، على نحو قوله: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [النساء:٣]وقوله عز من قائل: (ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [النساء:١٢٧].
وفي هذه الآية دليل على جواز أنواع المخالطات، في المآكل والمشارب، والعقود وغيرها، وهذه الرخصة لطف من الله تعالى وإحسان، وتوسعة على المؤمنين66.
ويمكن القول بأن الأقوال الأربعة مرادة من تفسير الآية، ولا مانع من العمل بها أو بأحدها بشرط نية الإصلاح والعمل بمقتضى الأخوة في النظر في مصالح اليتيم بالتقويم والتأديب وغيرهما؛ لكي ينشأ على علم وأدب وفضل؛ لأن هذا الصنع أعظم تأثيرًا فيه من إصلاح حاله بالتجارة، ويدخل فيه أيضًا إصلاح ماله كي لا تأكله النفقة من جهة التجارة، ويدخل فيه أيضًا معنى قوله تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النساء:٢].
ومعنى قوله: (ﭜ) يتناول حال المتكفل، أي: هذا العمل خير له من أن يكون مقصرًا في حق اليتيم، ويتناول حال اليتيم أيضًا، أي: هذا العمل خير لليتيم من حيث إنه يتضمن صلاح نفسه، وصلاح ماله، فهذه الكلمة جامعة لجميع مصالح اليتيم والولي67.
ولهذا قال: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) أي: يعلم من قصده ونيته الإفساد أو الإصلاح، وقوله: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ)أي: ولو شاء الله لضيق عليكم وأحرجكم، ولكنه وسع عليكم، وخفف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن، قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الأنعام:١٥٢].
بل جوز الأكل منه للفقير بالمعروف، إما بشرط ضمان البدل لمن أيسر، أو مجانا68.
ثالثًا: التحذير من الإساءة لليتامى:
نهى الله سبحانه وتعالى صراحة عن الإساءة إليهم كما في قوله جل شأنه: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الضحى:٩].
والمعنى: قال مجاهد: «لا تحقر اليتيم، فقد كنت يتيما. فلا تظلمه ولا تأخذ حقه وتتقوى به، وقال الفراء والزجاج: لا تقهره على ماله، فتذهب بحقه لضعفه، وكذا كانت العرب تفعل في أمر اليتامى: تأخذ أموالهم، وتظلمهم حقوقهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسن إلى اليتيم ويبره، ويوصي باليتامى69.
ودلت الآية على اللطف باليتيم، وبره والإحسان إليه، حتى قال قتادة: «كن لليتيم كالأب الرحيم70.
قالت عائشة بنت الشاطىء: «ونرى الإيحاء النفسي للكلمة القرآنية (ﮘ ﮙ)أعمق وأدق من أن يضبط بهذه التفسيرات المحدودة، فلا الظالم، ولا التسلط بما يؤذى، ولا منع الحق، ببالغ في التأثير ما يبلغه قوله تعالى: (ﮘ ﮙ) إذ يجوز أن يقع القهر مع إنصاف اليتم، وإعطائه ماله، وعدم التسلط عليه بالأذى؛ لأن حساسية اليتم بحيث تتأثر بالكلمة العابرة، واللفتة الجارحة عن غير قصد، والنبرة المؤلمة بلا تنبه، وإن لم يصحبها تسلط بالأذى أو غلبة على ماله وحقه»71.
ويبين لنا الله سبحانه وتعالى حقيقة مزعجة للغاية تغيب عن بعض الناس، حيث أخبرنا بأن إذلال اليتيم والاشتداد عليه من الكفر والتكذيب بالدين؛ لقوله تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [الماعون:١-٢]. يدفعه عن حقه دفعًا بعنف وجفوة72.
أي: إن الذي يكذب بالدين هو الذي يدفع اليتيم دفعًا بعنف أي: الذي يهين اليتيم ويؤذيه. والذي لا يحض على طعام المسكين ولا يوصي برعايته. فلو صدق بالدين حقًا، ولو استقرت حقيقة التصديق في قلبه ما كان ليدع اليتيم، وما كان ليقعد عن الحض على طعام المسكين73.
وقد أخبر تعالى أنه يهين من لم يكرم اليتيم.
قال تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الفجر:١٥-١٧].
قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسير الآية: «يقول تعالى ذكره: بل إنما أهنت من أهنت من أجل أنه لا يكرم اليتيم، فأخرج الكلام على الخطاب، فقال: بل لستم تكرمون اليتيم، فلذلك أهنتكم»74.
فأخبر أن الإكرام والإهانة لا تدور على المال وسعة الرزق، ولكن الفقر والغنى بتقديره فيوسع على الكافر لا لكرامته، ويقدر على المؤمن لا لهوانه، إنما يكرم المرء بطاعته ويهينه بمعصيته، وأن سبب ذلك عدم إكرام اليتيم75.
قال الإمام الرازي: «واعلم أن ترك إكرام اليتيم على وجوه أحدها: ترك بره، وإليه الإشارة بقوله: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) والثاني: دفعه عن حقه الثابت له في الميراث وأكل ماله، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) والثالث: أخذ ماله منه وإليه الإشارة بقوله: (ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) أي: تأخذون أموال اليتامى وتضمونها إلى أموالكم»76.
يمكن القول بأن النهي عن الإساءة إلى اليتامى يفهم بطريق غير مباشر من كل ما سبق ذكره بشأنهم: من الأمر برحمتهم والإحسان إليهم، وكفالتهم، وإعطائهم من الصدقة، وإصلاحهم ومخالطتهم، وكذلك صون أموالهم والاتجار فيها وتزكيتها.
سيتناول هذا العنوان أمورًا تتعلق بمال اليتيم وهي: حق اليتيم في التملك، ومصادر أموال اليتامى، وحفظ ماله، التحذير من أكل ماله، اختبار اليتامى في حسن التصرف وإيتاؤهم أموالهم، وذلك فيما يأتي:
أولًا: حق اليتيم في التملك:
قرر القرآن الكريم حق اليتيم في تملك المال، وبين وشدد في أحكام هذا المال في عدد من الآيات الكريمة.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الأنعام:١٥٢].
وقال سبحانه: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الإسراء:٣٤].
وقال عز وجل: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [النساء:٦].
وفي تفسير هذه الآيات تعرض المفسرون لمال اليتيم وأحكامه من وجوب حفظه وصونه، وتثميره ودفعه لليتيم عند بلوغه، وتحريم أكله، مما يدل على أن اليتيم له حق تملك مال77.
ثانيًا: مصادر أموال اليتامى:
هناك مصادر متعددة لأموال اليتيم أهمها:
وهذا أكثر أسباب التملك للمال عند اليتيم، وأوسعها انتشارًا، وأساس ذلك قوله تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [النساء:١١].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [النساء:٧].
وهذه الآيات تبين أن لليتيم نصيبه في ميراث من مات وخلف ورثة منهم اليتيم، وأخبر الله تعالى أن ما خلفه الميت بين ورثته، على حد سواء صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم، للذكر مثل حظ الأنثيين78.
وتعتبر الصدقة على اليتيم من أفضل وجوه البر.
قال تعالى: (ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ) [البقرة:٢١٥]79.
وكذلك الهبات والوصايا والوقف تعتبر من مصادر اليتيم المالية، سواء أكان ذلك من الأفراد أو المؤسسات أو الجمعيات أو الدولة.
قال تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [النساء:٨]80.
إن اليتامى يدخلون في الفقراء دخولا أوليا، بل هم الفقراء الصغار الذين يقدمون على الفقراء البالغين؛ لكونهم عاجزين عن التكسب والعمل، فيكون نصيب اليتامى داخلًا في سهم الفقراء والمساكين.
قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [التوبة:٦٠]81.
فلليتامى نصيبهم من الفيء، وهو عند الفقهاء: هو ما يحل أخذه من أموال الكفار بلا قتال كالخراج والجزية وهو لكافة المسلمين ولا يخمس.
قال تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الحشر:٧]82.
وكذلك نصيبهم من الغنيمة بعد تخميسها وهي المال الذي يناله المسلمون من عدوهم بالسعي وإيجاف الخيل والركاب.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [الأنفال:٤١].
أي: أن الخمس الذي للإمام يكون خمسه لليتامى بنص هذه الآية83.
وذلك بأن ينفق قريب على اليتيم، أو شخص متبرع على اليتيم، ومن الصور المعاصرة كفالة اليتيم من الأشخاص أو المؤسسات، وتعتبر هذه الكفالة من مصادر اليتيم المالية.
وتعتبر كفالة اليتيم من مسؤوليات المجتمع المسلم كله في أي مكان وأي زمان، وهو فرض كفاية على الأمة فإن تركت الأمة كفالة اليتيم أثمت جميعها 84.
وتعتبر كفالة اليتامى من المسلمين وغير المسلمين في البلاد الفقيرة نوعًا من التعاون على البر والتقوى، الذي أمر به الله تعالى ﻓﻲ كتابه العزيز.
قال تعالى: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [المائدة:٢]85.
[انظر: التبني: كفالة اليتامى]
ثالثًا: حفظ مال اليتيم:
أمر الله تعالى بحفظ مال اليتيم، وصيانته وتنميته وتكثيره، بكل الوسائل التي تؤدي إلى حفظ ماله وتمنع من هلاكه بمرور الزمن عليه.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [الأنعام:١٥٢].
وقال تعالى: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الإسراء:٣٤].
فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وهي بالعفة، واختلفوا في معناه على أقاويل:
أحدها: أن القربان بالأحسن هو حفظ الأصول، وتثمير الفروع، قال القرطبي:«أي: بما فيه صلاحه وتثميره، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه، وهذا أحسن الأقوال في هذا»86.
والثاني: أن التي هي أحسن التجارة له بماله، وهذا قريب من الأول.
والقول الثالث: أن القربان بالأحسن هو أن لا يخالط مال اليتيم بمال نفسه إلا على سبيل الإصلاح87.
وهذا نهي عن القرب الذي يعم وجوه التصرف، وفيه سد الذريعة، ثم استثنى ما يحسن وهو التثمير والسعي في نمائه، بالتجارة فيه88.
رابعًا: التحذير من أكل مال اليتيم:
إن أكل مال اليتيم جريمة من أرذل الجرائم، لا يتجرأ عليها إلا الأنذال الذين قست قلوبهم، ونزعت منها عاطفة الرحمة والإنسانية؛ لما يترتب عليها من الأضرار البالغة بحق اليتيم الذي لا ناصر ولا كافي له؛ ولذلك حرم القرآن أكل مال اليتيم، وتوعد من يأكله بالعذاب الأليم، ليس في الآخرة فحسب، بل هم يتجرعون نارًا محرقة في بطونهم.
قال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [النساء:١٠].
أي: إن الذي أكلوه نارا تتأجج في أجوافهم، وهم الذين أدخلوها في بطونهم، (ﮐ ﮑ) أي: نارًا محرقة متوقدة، وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب، يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها، وأنها موجبة لدخول النار، فدل ذلك أنها من أكبر الكبائر89.
والآية تشير إلى أن مال اليتيم نار تحرق كل من يمد إليه يدًا خائنة، أو يدسه في بطن شرهة، فمن أكل منه احترق به في الدنيا، وصَلَى به عذاب جهنم في الآخرة90.
وأكل مال اليتيم كبيرة من الكبائر، وموبقة من الموبقات فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات) قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)91.
وقد اتفق العلماء أن الآية شملت في النهي عن أكل أموال اليتامى كل ما فيه إتلاف أو تفويت، سواء كان بأكل حقيقة، أو باختلاس، أو بإحراق، أو إغراق، إذ لا فرق في ضياع مال اليتيم عليه بين كونه بأكل أو إحراق بنار أو إغراق في ماء حتى الإهمال فيه، فهو تفويت عليه وكل ذلك حفظًا لماله92.
وفي آية أخرى بين سبحانه أن أكل مال اليتيم إثم عظيم ووزر جسيم، وأن ذلك استبدال للطيب بالخبيث قال تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [النساء:٢].
قال ابن عباس: «أي: إثمًا كبيرًا عظيمًا»93.
قال الماوردي: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) «فيه أربعة تأويلات:
أحدها: الحرام بالحلال، وهو قول مجاهد.
والثاني: هو أن يجعل الزائف بدل الجيد، والمهزول بدل السمين وهو قول ابن المسيب والزهري والضحاك والسدي.
والثالث: هو استعجال أكل الحرام قبل إتيان الحلال، وهو معنى قول مجاهد.
والرابع: أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون الصغار والنساء ويأخذه الرجل»94.
وينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية إسرافًا وبدارًا، أي: مبادرة قبل بلوغهم.
قال تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [النساء:٦]95.
وأصل الإسراف: تجاوز الحد المباح إلى ما ليس بمباح، وأما البدار فهو: أكل مال اليتيم قبل أن يكبر، فيحول بين الآكل وبين ماله96، والمعنى: لا تأكلوا أموال اليتامى أكل إسراف وأكل مبادرة لكبرهم، أو: لا تأكلوا لأجل السرف، ولأجل المبادرة، أو: لا تأكلوها مسرفين ومبادرين لكبرهم، وتقولوا: ننفق أموال اليتامى فيما نشتهي قبل أن يبلغوا فينتزعوها من أيدينا97.
وفي الجملة ففي الآية نهي للأغنياء من الأولياء أن لا يأخذوا لأنفسهم من أموال اليتامى شيئًا، وللفقراء منهم أن لا يأخذوا منها شيئًا بغير المعروف، كما أن قوله: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) يدل على أنه نهي للفريقين عن أكلها إسرافًا ومبادرة لكبرهم.
وقد رخص القرآن الكريم للوصي أن يأكل من مال اليتيم من غير إسراف ولا تبذير، إن كان فقيرًا وقيد هذا الأكل بالمعروف، فيجوز في حال الحاجة والاعتدال بمثابة أجر له بقدر عمله وخدمته، فإن كان الوصي غنيًّا فلا يأكل منه، وعليه أن يتعفف، وإن كان فقيرًا محتاجًا فليأكل الوصي بالمعروف شرعًا وعرفًا بلا إسراف ولا تبذير، قال عمر رضي الله عنه: «إني أنزلت نفسي من مال الله (أي: مال الأمة) منزلة والي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت»98.
وهذا القول رجحه الإمام ابن جرير، حيث قال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: المعروف الذي عناه الله تبارك وتعالى في قوله: ( ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ)، أكل مال اليتيم عند الضرورة والحاجة إليه، على وجه الاستقراض منه فأما على غير ذلك الوجه، فغير جائز له أكله»99.
وقال الإمام الشوكاني: «واختلف أهل العلم في الأكل بالمعروف ما هو؟ فقال قوم: هو القرض إذا احتاج إليه ويقضي متى أيسر الله عليه، وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عباس، وعبيدة السلماني، وابن جبير، والشعبي، ومجاهد، وأبو العالية، والأوزاعي، وقال النخعي وعطاء والحسن وقتادة: لا قضاء على الفقير فيما يأكل بالمعروف، وبه قال جمهور الفقهاء، وهذا بالنظم القرآني ألصق فإن إباحة الأكل للفقير مشعرة بجواز ذلك له من غير قرض.
والمراد بالمعروف: المتعارف به بين الناس، فلا يترفه بأموال اليتامى، ويبالغ في التنعم بالمأكول، والمشروب، والملبوس، ولا يدع نفسه عن سد الفاقة وستر العورة، والخطاب في هذه الآية لأولياء الأيتام القائمين بما يصلحهم، كالأب والجد ووصيهما. وقال بعض أهل العلم: المراد بالآية: اليتيم إن كان غنيًّا وَسِّعَ عليه وَعُفَّ من ماله، وإن كان فقيرًا كان الإنفاق عليه بقدر ما يحصل له»100.
(ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) أي: فليستعفف بماله عن مال اليتيم فإذا كان الولي فقيرًا يأكل من مال اليتيم بقدر الحاجة، وإلى هذا ذهب قوم من العلماء، أن له أن يأكل بقدر ما يسد به الخلة، وقال الشعبي وجماعة: يأكل من مال اليتيم على سبيل القرض، وقال مجاهد: لا يأكل أصلًا، لا قرضًا، ولا غير قرض101.
والراجح: أن للولي أو الوصي إن كان فقيرا أن يأكل بالمعروف بحسب العرف والعادة في ذلك، أو على قدر نفعه ومثل أجرته102.
خامسًا: اختبار اليتامى في حسن التصرف وإيتاؤهم أموالهم:
أمر الله تعالى الأولياء باختبار اليتامى في حسن التصرف وإيتاؤهم أموالهم.
قال تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [النساء:٦].
والمعنى: أيها الأولياء ابتلوا اليتامى إلى ابتداء البلوغ وهو الحد الذي يبلغون فيه سن النكاح، فإن آنستم منهم بعد البلوغ رشدا فادفعوا إليهم أموالهم، وإلا فاستمروا على الابتلاء حتى تأنسوه منهم 103.
والابتلاء: هو الاختبار والامتحان، وذلك بأن يدفع لليتيم المقارب للرشد، الممكن رشده شيئًا من ماله، ويتصرف فيه التصرف اللائق بحاله، فيتبين بذلك رشده من سفهه، فإن استمر غير محسن للتصرف لم يدفع إليه ماله، بل هو باق على سفهه، ولو بلغ عمرًا كثيرًا، فإن تبين رشده وصلاحه في ماله وبلغ النكاح (ﯯ ﯰ ﯱ) كاملة موفرة وأشهدوا على ذلك أهل الثقة والأمانة.
وقوله: (ﯬ) أي: تبينتم وشاهدتم وأحسستم ووجدتم بمعنى واحد.
وفي هذه الآية يدعو سبحانه القومة على اليتامى من أولياء وأوصياء أن يضعوهم دائمًا تحت التجربة والاختبار؛ لسياسة أموالهم، وتدبيرها بأنفسهم، وذلك بأن يشركوهم معهم في بعض التصرفات، ويطلعوهم على طرق الأخذ والعطاء بين الناس، وذلك بتتبع أحوالهم في الاهتداء إلى ضبط الأمور، وحسن التصرف في الأموال وبتمرينهم على ما يليق بأحوالهم حتى لا يجيء وقت بلوغهم إلا وقد صار في قدرتهم أن يصرفوا أموالهم تصريفًا حسنًا، فإن شاهدتم وأحسستم منهم رشدًا أي: صلاحًا في عقولهم، وحفظًا لأموالهم، فادفعوها إليهم من غير تأخير أو مماطلة104.
وفي آيات أخرى حتى يبلغ اليتيم الأشد.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [الأنعام:١٥٢].
وقال سبحانه: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الإسراء:٣٤].
وكذلك قوله تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الكهف:٨٢].
والمراد بالأشد في شأن اليتيم في هذه الآيات هو: بلوغ الحلم مع حسن التصرف، وهو المبين في قوله تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [النساء:٦].
وبلوغ الحلم هو بلوغ النكاح، لكنه مشروط بإيناس الرشد، فكم من كبير غير رشيد ولا يحسن التصرف.
وهذا ما رجحه الإمام الشوكاني حيث قال: «والأولى في تحقيق بلوغ الأشد أنه البلوغ إلى سن التكليف مع إيناس الرشد، وهو أن يكون في تصرفاته بماله سالكًا مسلك العقلاء، لا مسلك أهل السفه والتبذير، ويدل على هذا قوله تعالى في سورة النساء: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) فجعل بلوغ النكاح، وهو بلوغ سن التكليف مقيدا بإيناس الرشد»105.
وقال الإمام ابن العربي في أحكام قوله تعالى: (ﯖ ﯗ ﯘ) [الإسراء:٣٤] «يعني: قوته، والأشد كما قلنا في القوة، وقد تكون في البدن، وقد تكون في المعرفة والتجربة، ولا بد من حصول الوجهين، فإن الأشد هاهنا وقعت مطلقة، وجاء بيان اليتيم في سورة النساء مقيدًا، قال تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [النساء:٦].
فجمع بين قوة البدن ببلوغ النكاح، وبين قوة المعرفة بإيناس الرشد، وعضد ذلك المعنى فإنه لو اقتضت الآية تمكين اليتيم من ماله قبل حصول المعرفة له وبعد حصول قوة البدن لأذهبه في شهواته، وبقي صعلوكا لا مال له، وخص اليتيم بهذا الشرط في هذا الذكر لغفلة الناس عنه، وافتقاد الآباء لبنيهم، فكان الإهمال لفقيد الأب أولى»106.
سادسًا: البلوغ في حق اليتيم:
البلوغ في حق اليتيم يكون بأحد الأمور الآتية:
والراجح من هذه الأقوال هو: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن البلوغ يكون بمضي خمس عشرة سنة، وهو الوقت الذي يجب فيه على الأولياء أن يدفعوا إلى اليتيم ماله، إلا أن يشعر الولي بأن اليتيم غير مؤهل لتسلم المال بعد مضي خمس عشرة سنة، فيمكن الانتظار به حتى يبلغ ثماني عشرة سنة؛ عملًا بقول الحنفية والمالكية.
وقد أمر الله تعالى بتوثيق دفع مال اليتيم إليه، قال تعالى: (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [النساء:٦]112.
أي: فإذا دفعتم أيها الأولياء والأوصياء إلى اليتامى أموالهم فأشهدوا عليهم بقبضها وبراءة ذممكم منها، كى لا يكون بينكم نزاع.
وهذا الإشهاد واجب عند الشافعية والمالكية، إذ أن تركه يؤدى إلى التخاصم والتقاضي كما هو مشاهد، وجعله الحنفية مندوبًا لا واجبًا113.
والراجح من هذه الأقوال: إن الإشهاد عند دفع مال اليتيم إليه واجب، ويمكن كذلك توثيق هذا الدفع بكلِّ الوسائل الممكنة وخاصة بالكتابة من خلال تحرير اليتيم سندات استلام للمال وبحضور الشهود؛ لأن ذلك أدعى لقطع الخصومات والشكوك والدعاوى في المستقبل.
قال الإمام الرازي: «واعلم أنَّ الأمة مجمعة على أنَّ الوصي إذا دفع المال إلى اليتيم بعد صيرورته بالغًا، فإنَّ الأولى والأحوط أن يشهد عليه لوجوه:
أحدها: أن اليتيم إذا كان عليه بينة بقبض المال كان أبعد من أنْ يدعي ما ليس له.
وثانيها: أن اليتيم إذا أقدم على الدعوى الكاذبة أقام الوصي الشهادة على أنه دفع ماله إليه.
ثالثها: أن تظهر أمانة الوصي وبراءة ساحته، فأمره بالإشهاد لتظهر أمانته وتزول التهمة عنه، فثبت بما ذكرنا من الإجماع والمعقول أنَّ الأحوط هو الإشهاد»114.
ثم ختم الله تعالى هذه الآية بقوله: (ﰌ ﰍ ﰎ): أي: وكفى الله رقيبًا وشهيدًا عليكم يحاسبكم على ما تسرون وما تعلنون، وقد جاء هذا بعد الأمر بالإشهاد ليرشد المسلمين إلى أنَّ الإشهاد وإنْ أسقط الدعوى بالمال عند القاضي فهو لا يسقط الحقَّ عند الله إذا كان الولي خائنًا، فإنَّ الله لا يخفى عليه ما يخفى على الشهود والحكام115.
بيَّنَ القرآن الكريم أحكام نكاح يتامى النساء في آيتين وهما:
قوله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [النساء:٣].
وقوله تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [النساء:١٢٧].
ومعنى الآية: وإن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا فيهن إذا نكحتموهن، بإساءة العشرة أو بنقص الصداق، فانكحوا غيرهن من الغريبات، فإنهن كثير، ولم يضيق الله عليكم، فالآية للتحذير من التورط في الجور والأمر بالاحتياط، وإنَّ في غيرهن متسعًا إلى الأربع116.
وقد ورد في تفسير هذه الآيات أحاديث صحيحة منها ما رواه الإمام البخاري بسنده عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ)، قالت:(يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أنْ يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهنَّ إلَّا أنْ يقسطوا إليهن. ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن، قال عروة: قالت عائشة: وإنَّ الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فأنزل الله (ﮱ ﯓ ﯔ)، قالت عائشة: وقول الله في الآية الأخرى (ﯨ ﯩ ﯪ) رغبة أحدكم عن يتيمته إذا كانت قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهنَّ إذا كنَّ قليلات المال والجمال)117118.
قال الإمام ابن كثير: «والمقصود أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزويجها، فتارة يرغب في أن يتزوجها، فأمره الله أن يمهرها أسوة بأمثالها من النساء، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء، فقد وسَّعَ الله عز وجل، وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة، وتارة لا يكون له فيها رغبة لدمامتها عنده أو في نفس الأمر، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية، وهي قوله: (ﯟ ﯠ ﯡ) الآية، كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدًا فإن كانت جميلة وهويها، تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت، فإذا ماتت ورثها، فحرم الله ذلك ونهى عنه»119.
فبين الله تعالى في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال أو مال، رغبوا في نكاحها ولم يلحقوها بسنتها بإكمال الصداق، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها والتمسوا غيرها من النساء، قال: فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها، إلا أن يقسطوا لها الأوفى من الصداق ويعطوها حقها، فنهوا أنْينكحوهنَّ إلا أنْ يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن120.
قال الحسن البصري: «كان الرجل من أهل الجاهلية يكون عنده الأيتام وفيهن من يحل له نكاحها، فيتزوجها لأجل مالها وهي لا تعجبه كراهية أن يدخل غريب فيشاركه في مالها، ثم يسيء صحبتها ويتربص أن تموت ويرثها، فعاب الله تعالى ذلك، وأنزل الله هذه الآية»121.
ومن خلال ما سبق من الآيات والأحاديث وأقوال المفسرين يمكن تلخيص أحكام نكاح يتامى النساء فيما يأتي:
حقوق اليتيم على المجتمع والدولة
إنَّ الإسلام بمنهجه القويم وتشريعاته الغراء وتوجيهاته السديدة، اعتنى عناية فائقة باليتيم، فأمر بإكرامه ورعايته، وكفالته والقيام بشؤونه، فأعاد له إنسانيته وكرامته، وأمر بإيصال حقوقه من غير مَنٍّ ولا أذىً، كما أمر بالقسط معه وعدم ظلمه، فحفظ له حقوقه ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ مثل: حقوقه المتعلقة بالولادة، وحقه في الحياة، وحقه في النسب والرضاعة والوصاية، وحقه في الرحمة والحب والإشباع العاطفي، وحقه في التربية والتأديب والتعليم واللعب واللهو وغيرها من الحقوق 124.
وكذلك حقوقه المدنية والمالية، كحقه في النفقة والرعاية الصحية والعلاج، وحقه في الجنسية الوطنية، وحقه في حمايته في الحروب والكوارث وغيرها.
وقد اعتنى المسلمون أفرادًا وجماعات بالأيتام، وقامت في بلاد المسلمين مؤسسات ترعى شؤونهم عامة وتحضنهم، وأمر من يقوم عليه بتربيته وتعليمه وبإشباعه بالحب والعطف والحنان، كلُّ هذا أعاد لليتيم وضعه اللائق به إنسانيًّا125.
وهذه الحقوق تتوزع بين المجتمع المسلم والدولة على التفصيل الآتي:
أولًا: حقوق اليتيم على المجتمع:
يعتبر القيام برعاية ﺍﻟﻴﺘﻴﻡ والمحافظة على حقوقه وتوفيته إياها من ﻤﺴﺅﻭليات ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ كله ﻓﻲ ﺃﻱ ﺯﻤﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﺃﻱ مكان، ﻭﻫﻭ ﻓﺭﺽ كفاية ﻋﻠﻰ الأمة، ﻓﺈﻥ تركت الأمة كفالة اليتامى أثمت جميعها.
ولقد جند الإسلام المسلمين جميعًا للقيام بحقوق اليتامى والتقرب إلى الله تعالى بالعطف عليهم.
ﻗﺎل تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [النساء:٣٦].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [البقرة:١٧٧].
وقوله تعالى: (ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ) [البقرة:٢١٥].
وقوله عز وجل: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الإنسان:٨]وقوله جل شأنه: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [النساء:٨].
ويلاحظ من خلال الآيات السابقات أن الخطاب للجماعة والمجتمع المسلم بلفظ الجمع بالقيام بحقوق اليتيم، مما يدلُّ على المسؤولية الجماعية في الإسلام، فالمجتمع كله مسؤول عن حقوق اليتامى والضعفاء126.
والأساس الذي يقوم عليه وجوب حق الأيتام هو الإجماع، وقال إمام الحرمين:«وأجمع المسلمون أجمعون على أنه إذا اتفق في الزمان مضيعون فقراء مملقون تعين على الأغنياء أن يسعوا في كفايتهم»127.
وقال الإمام أحمد بن تيمية: «فعلى المسلمين جميعًا أن يطعموا الجائع ويكسوا العاري ولا يَدَعوا بينهم محتاجًا»128.
ثانيًا: حقوق اليتيم على الدولة:
إنَّ رعاية الدولة الإسلامية لليتامى من الواجبات الشرعية التي تقوم من أجلها الدول، فيجب على الدول القيام بحقوق اليتامى ورعايتهم والإحسان إليهم ودمجهم في المجتمع، وتوفير فرص العمل لهم بعد تأهيلهم في جميع جوانب الحياة، ويدلُّ على هذا أن ﺍﻟﻤﻭﻟﻰ جلت قدرته جعل للأيتام نصيبًا في الخمس من الغنائم.
ﻗﺎل تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [الأنفال:٤١].
أما حصتهم من الفيء فهو عام، فتؤخذ من مجمله لا من خمس الله ورسوله.
ﻗﺎل تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الحشر:٧].
والغنائم والفيء لا يحصلان إلا بوجود دولة، ولهذا كان الواجب عليها القيام بحقوقهم ورعايتهم وتنشئتهم وإعدادهم إعدادًا جيدًا؛ ليخوضوا غمار الحياة بشجاعة وقوة، مثلهم مثل بقية المواطنين.
فإنَّ الدولة معنية بإقامة مؤسسات عامة لكفالة الأيتام، مزودة بأفضل وأحدث وسائل الرعاية والحضانة والتربية والتعليم، يشرف عليها مربون ومربيات متخصصون من الحائزين على المؤهلات التعليمية والتربوية العالية، وذلك لتهيئة وسط اجتماعي وتعليمي وتربوي مليء بالدفء والحنان في جوٍّ أسريٍّ تعويضيٍّ مناسب.
وينبغي على المجتمعات والدول الإسلامية أن لا تترك اليتامى حتى تأتي المؤسسات الأجنبية التي ترعى وتقدم الدعم لرعاية الأيتام؛ لأن تلك المؤسسات قد تحمل في طياتها غايات كثيرة قد تكون منها ما لا ينسجم مع أصولنا الإسلامية، واليتيم طفل من أبناء المسلمين يحتاج إلى من يتحدث إليه ويشكو إليه مشكلاته، وما يدور في مشاعره وآماله وآلامه، متأملًا أنْ يجد صدورًا رحيمة وقلوبًا عامرة برحمة الله والإيمان به؛ ولأن في ذلك ضررًا على هؤلاء اليتامى فيتربوا على المبادئ الغربية ويشعروا بأن الغرب يقدم لهم الرعاية أفضل من المسلمين، مما قد يؤدي بهم إلى اعتناق المبادئ والأفكار الغربية المتعارضة مع الدين الإسلاميِّ الحنيف.
إنَّ الأساس الذي قام عليه وجوب حقِّ اليتامى على الدولة الإسلامية هو ما رواه البخاريُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [الأحزاب:٦]. فأيما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينا أو ضياعا، فليأتني فأنا مولاه)129.
وكذلك ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفس محمد بيده، إنْ على الأرض من مؤمن إلا أنا أولى الناس به، فأيكم ما ترك دينا، أو ضياعا فأنا مولاه، وأيكم ترك مالا، فإلى العصبة من كان)130.
والمراد: بمن ترك(ضياعًا)، أي: عيالًا محتاجين يضيعون إن تركوا131.
قال الإمام النووي معناه: «أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته، وأنا وليه في الحالين، فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء، وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئًا، وإن خلف عيالا محتاجين ضائعين فعلي نفقتهم ومؤنتهم»132.
والذي يقوم بمهام النبي في كل وقت وحين هو الحاكم المسلم والدولة المسلمة بمختلف مؤسساتها، فيجب عليها القيام بكفالة ورعاية اليتيم.
وأهم حقوق اليتيم التي يجب أن يقوم بها المجتمع والدولة لليتيم على حد سواء هي:
قال تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [النساء:٢].
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الأنعام:١٥٢].
وقال سبحانه: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [الإسراء:٣٤].
قال تعالى: (ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الفجر:١٧].
يقول تعالى: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الإنسان:٨].
وقال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [البلد:١٥].
يقول تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [الضحى:٦].
قال تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [النساء:٣٦].
وقال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [البقرة:٨٣].
قال تعالى: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [النساء:١٢٧].
اليتامى بين القرآن والقوانين الدولية
تميزت الشريعة الإسلامية بإعطاء اليتامى عناية ورعاية خاصة، ورغبت القادرين من أهل الخير والبر والإصلاح في كفالة اليتامى والإحسان إليهم والعطف والحنان بهم، والعمل على إعدادهم جسميًّا ونفسيًّا وعقليًّا حتى يصيروا رجالًا صالحين يقدمون الخير والنفع لبلدهم وأمتهم.
ولقد اهتم القرآن الكريم مكيِّه ومدنيِّه باليتامى من حيث الإحسان إليهم ورعايتهم والقيام بحقوقهم والمحافظة على أموالهم، والأمر بإكرامهم ومراعاة نفسياتهم، والحث على إطعامهم والإنفاق عليهم، والتحذير من أكل أموالهم، وكذلك جاءت السنة النبوية مؤكدة ومفصلة لما جاء في القرآن الكريم.
فالقرآن الكريم والسنة النبوية لم يتركا شيئًا يتعلق باليتيم في جميع الجوانب إلا وتعرضًا له بالبيان والتفصيل، حتى إنهما لم يتركا شيئا لمستدرك أو معقب.
ولقد سبق القرآن الكريم بذلك الاتفاقيات الدولية التي لم تأت إلا بقليل من كثير، وفيض من غيظ، وقاصر من عام ٍّوشامل، مما جاء به القرآن.
ﻭاليتيم ﻓﻲ الإسلام يتمتع بكافة الحقوق الممنوحة للطفل العاديِّ من غير نقصان، بل إنَّ القرآن أولى اليتامى مزيدًا من الاهتمام في الرعاية والكفالة والإحسان.
ونصَّ القرآن الكريم على حقوق اليتيم في أربع وعشرين موضعًا منه بين فيها حقوق اليتيم وأوجب الإحسان إليه.
قال تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [النساء:٣٦].
وأخذ بذلك العهود والمواثيق قبل أن تقرر في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بآلاف السنين.
قال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [البقرة:٨٣].
وقد سبقت تلك الآيات المبينة حقوق اليتيم بما يغني عن إعادتها في هذا المقام
والاتفاقيات الدولية الخاصَّة بالطفل اقتصر النصُّ صراحة على حقوق اليتيم ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻼﻥ جنيف ﻟﻌﺎﻡ (١٩٢٤م)، وذلك في المادة الثانية منه، حيث نصَّ على وجوب إيواء وانقاذ اليتامى، أما إعلان حقوق الطفل لعام (١٩٥٩م) فلم ينصَّ صراحة على حقوق اليتامى، واكتفى بنصوص مجملة يفهم منها أنها تشمل حقوق الأطفال اليتامى.
ولم تنصَّ اتفاقيات حقوق الطفل على حقوق اللقطاء واليتامى، كما نصت على ذلك الشريعة الإسلامية 133.
كما أن الاتفاقيات الدولية رغم أنها صدَّعَت الرؤوس بكثرة الإعلانات والمواثيق المتعلقة بحقوق الطفولة لم تول عناية كبيرة باليتيم، ولم يذكر حقه إلا في إعلان جنيف، حيث نصَّ في مادته الثانية على وجوب إيواء وإنقاذ اليتامى، وأما إعلانات حقوق الطفل فليس فيها شيء يختصُّ باليتامى، مع أن هذه الإعلانات والمواثيق عُدِّلَتْ وطُوِّرتْ وأقرت في أوج تطور الحضارة والمدنية واهتمامها بتدوين الحقوق، ووضع القوانين.
في مقابل ذلك؛ نجد عشرات النصوص من الكتاب والسنة تعرض لليتامى، وتبين حقوقهم، وتلزم المجتمع برعايتهم، وتأتي على الدقيق مما يجب لهم، وفي القرآن فقط ذكر اليتيم وحقه في أربعة وعشرين موضعًا، عدا ما في السنة من عشرات الأحاديث في ذلك.
ولقد كانت الأديان السماوية وبخاصة الإسلام سباقة إلى إقرار حقوق الأطفال، وتميزت الشريعة الإسلامية وبخاصة الإسلام سباقة إلى إقرار حقوق الطفل، وتميزت الشريعة الإسلامية بالاهتمام بحقوق الطفل من قبل أن يولد، وقبل أن يكون جنينًا في بطن أمه عندما أرشد الزوجين إلى إحسان الاختيار، كما تميزت بفكرة وجوبية هذه الحقوق على الوالدين ثم المجتمع ثم الدولة 134.
موضوعات ذات صلة: |
الأبوة، الأسرة، الأمومة، البنوة، التبني، الحقوق، المال، النساء |
1 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ١٤/٢٤١، مقاييس اللغة، ابن فارس ٦/١٥٤، لسان العرب، ابن منظور ١٢/٦٤٥، تاج العروس، الزبيدي ٣٤/١٣٤.
2 النهاية في غريب الحديث والأثر ٥/٢٩١.
3 انظر: المفردات ص ٨٨٩، الكشاف، الزمخشري ١/٤٦٣، مفاتيح الغيب، الرازي ٣/٥٨٧، لباب التأويل، الخازن ١/٥٨، أحكام القرآن، الجصاص ٣/٨٥.
4 انظر: أحكام القرآن، الجصاص ٣/٨٥، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص٣٤٦.
5 انظر: أحكام القرآن ٣/٨٥، مفاتيح الغيب، الرازي ٣/٥٨٧، لباب التأويل، الخازن ١/٥٨.
6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٧٧٠، المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، باب الياء ص ١٤٥٣.
7 انظر: عمدة الحفاظ، السمين الحلبي، ٤/٣٥٠-٣٥١، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٥/٣٨٠.
8 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٧/٣٩٢.
9 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ١٩٣، أنيس الفقهاء، القونوي ص ٦٧، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ٢٩١، معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم، السيوطي ص ٥٥.
10 انظر: حقوق اليتيم في الفقه الإسلامي، تسنيم استيتي ص١٥.
11 انظر: دور الأب في التربية، علي القائمي ص ٣١١، حل مشكلة الأيتام ضمن تعاليم الإسلام، فايزة أحمد يوسف ص٣-٤.
12 انظر: حل مشكلة الأيتام ضمن تعاليم الإسلام، فايزة أحمد يوسف ص٣-٤.
13 انظر: دور الأب في التربية، علي القائمي ص ٣١١.
14 تربية الأولاد في الإسلام، عبدالله ناصح علوان ص١٣٦.
15 انظر: التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ٢/٧٠٧.
16 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/١٩.
17 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٢٢، مفاتيح الغيب، الرازي ٩/٥٠٥.
18 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٢٤، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/١٧، النكت والعيون، الماوردي ١/٤٥٧.
19 أخرجه البخاري في صحيحه، رقم ٢٧٤٤، ٤/٣ كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، ومسلم في صحيحه، رقم ١٦٢٨، ٣/١٢٥٠ كتاب الهبات، باب الوصية بالثلث.
20 مفاتيح الغيب ٩/٥٠٥.
21 انظر: تفسير السمعاني ١/٤٠٠، تفسير الراغب الأصفهاني ٣/١١١٤، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٥/٥١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٩٥، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٦٥.
22 انظر: التحرير والتنوير ٢٢/١٢٢.
23 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/١٧٤.
24 أخرجه الحاكم في المستدرك، رقم ٣٣٩٦، ٢/٤٠٠
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ولم يتعقبه الذهبي.
25 شعب الإيمان، البيهقي رقم ٢٠٩، ١/٣٨٦.
26 مجمع الزوائد، الهيثمي، رقم ١١١٥١، ٧/٥٣.
قال الهيثمي: أخرجه البزار من طريق بشر بن المنذر عن الحارث بن عبد الله اليحصبي، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.
27 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٣/١٦٢، الكشف والبيان، الثعلبي ٦/١٨٨، لباب التأويل، الخازن ٣/١٧٤، اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ١٢/٥٤٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/١٦٧.
28 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٦/١٨٨، لباب التأويل، الخازن ٣/١٧٤، اللباب في علوم الكتاب ١٢/٥٤٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/١٦٧.
29 مفاتيح الغيب ٢١/٤٩٢.
30 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/١٦٨.
31 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٤٩٢، أنوار التنزيل، البيضاوي ٣/٢٩٠.
32 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/١٧٤.
33 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٣/٣٣٦، الكشاف، الزمخشري ٢/٧٤٢، روح المعاني، الألوسي ٨/٣٣٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/١٦٨.
34 روح المعاني، الألوسي ١٣/١٧٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٤٤٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/٢٥٩، محاسن التأويل، القاسمي ٨/٤٤٥، التفسير الوسيط، طنطاوي ١٣/١٩٢.
35 أخرجه أبو داود في سننه، رقم ٩٦٩، ١/٢٥٤، كتاب الصلاة، باب التشهد.
وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري رقم ٦٣٠، ص ٢٣٥.
36 أخرجه أبو داود في سننه، رقم ١٥٣٦، ٢/٨٩، كتاب الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب، وابن ماجه في سننه، رقم ٣٨٦٢، ٢/١٢٧٠، كتاب الدعاء، باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم، والترمذي في سننه، رقم ١٩٠٥، ٤/٣١٤، أبواب البر والصلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في دعوة الوالدين.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٣٠٣١، ١/٥٨٢.
37 انظر: تفسير الشعراوي ٤/٢٠٢١.
38 انظر: المصدر السابق ٤/٢٠٢١.
39 انظر: المصدر السابق ٤/٢٠٢١.
40 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٥٦٩.
41 أخرجه البخاري في صحيحه، رقم ٢٨٩٦، ٤/٣٦، كتاب الجهاد والسير، باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب.
42 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ٩٠١٨، ١٤/٥٥٨.
وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم ٢٥٤٤، ٢/٣٤١.
43 انظر: جوامع السيرة، ابن حزم ص ٦، الروض الأنف، السهيلي ٢/١١٨.
44 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢٠/٩٦، فتح القدير، الشوكاني ٥/٥٥٨.
45 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٤/٤٨٧، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/٣٣٩، الكشف والبيان، الثعلبي ١٠/٢٢٥.
46 النكت والعيون الماوردي ٦/٢٩٣.
47 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٤/٤٨٧، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/٣٣٩، الكشف والبيان، الثعلبي ١٠/٢٢٥، المفردات، الراغب ص ٨٨٩، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٥/٣٨٠.
48 التفسير البياني للقرآن الكريم ١/٤٣.
49 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣٠/٤٠١، أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٥٥٩، التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ١٦/١٦٠٨.
50 أخرجه مسلم في صحيحه، رقم ٢٩٨٣، ٤/٢٢٨٧، كتاب الزهد والرقائق، باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم.
51 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٢٦٥، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/١٢٤.
52 أضواء البيان ١/٣١٦.
53 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١/٥٨٣، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٥٧.
54 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٥٦٧.
55 انظر: نظم الدرر، البقاعي ١/١٥٧، محاسن التأويل، القاسمي ١/٣٤٢.
56 آداب معاملة اليتيم، محمد مجاهد طبل، وإبراهيم بن محمد ص١٤.
57 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١/٥٨٣، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٢٦١، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٧٨.
58 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٣/٢٣٨، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٣٧.
59 تفسير السمعاني ٣/٢٣٩.
60 انظر: مفاتيح الغيب ٣٠/٧٤٧.
61 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٤١٦، أضواء البيان ٨/٥٦٧.
62 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ١/٣١٨.
63 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٤/٧، نظم الدرر، البقاعي ٢/٥٣، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٨٣.
64 أخرجه أبو داود في سننه رقم ٢٨٧١، ٣/١١٤ كتاب الوصايا، باب مخالطة اليتيم في الطعام، والنسائي في سننه رقم ٣٦٦٩، ٦/٢٥٦ كتاب الوصايا، باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه، والحاكم في المستدرك، رقم ٢٤٩٩، ٢/١١٣.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
65 انظر: تفسير السمعاني ١/٢٢١، تفسير الراغب الأصفهاني ١/٤٥٣، معالم التنزيل، البغوي ١/٢٨٣، الكشاف، الزمخشري ١/٢٦٣، مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٤٠٤ تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٣٥.
66 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٤٠٥.
67 انظر: المصدر السابق ٦/٤٠٦.
68 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/٢٨٠، أحكام القرآن، ابن العربي ١/٢١٥، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٣٥٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٣٥، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٩٩.
69 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٤/٤٨٨، التفسير الوسيط، الواحدي ٤/٥١١.
70 انظر: تفسير السمعاني ٦/٢٤٦ مفاتيح الغيب الرازي ٣١/٢٠٠، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢٠/١٠٠، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٤١٣.
71 انظر: التفسير البياني للقرآن الكريم ١/٥٢.
72 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٤/٦٢٩، التفسير الوسيط، الواحدي ٤/٥٥٨، أنوار التنزيل، البيضاوي ٥/٣٤١.
73 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٦/٣٩٨٥.
74 انظر: جامع البيان ٢٤/٤١٣.
75 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٥/٢٥١.
76 انظر: مفاتيح الغيب ٣١/١٥٧.
77 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٢٢٤، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٣/٢٣٨، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٣٧، تفسير الراغب الأصفهاني ٣/١١٠٨، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٦٢.
78 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٣١، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/١٥، النكت والعيون، الماوردي ١/٤٥٨، مفاتيح الغيب، الرازي ٩/٥٠٨.
79 انظر: جامع البيان، الطبري ٤/٢٩١، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٤١٦، الكشاف، الزمخشري ١/٢٥٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٢٨٨. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٢٨.
80 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٣٠/٧٤٧، تفسير السمعاني ٦/٢٣٠، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٣٥٥.
81 انظر: أحكام القرآن، الجصاص ٣/٨٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/١٣١.
82 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ١٥/٤٨٥.
83 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٥٢، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٨/١.
84 القواعد، ابن رجب الحنبلي ص٢٢٨.
85 انظر: حقوق اليتيم في الفقه الإسلامي، تسنيم جمال استيتي ص٦٥.
86 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٧/١٣٤.
87 انظر: النكت والعيون الماوردي ٣/٢٤١.
88 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٣٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٦٢.
89 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٦٦.
90 انظر: التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ٢/٧٠٨.
91 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا)، رقم ٢٧٦٦، ٤/١٠، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، رقم ٨٩، ١/٩٢.
92 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٩/٥٠٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٧، أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٥٦٥.
93 انظر: تفسير السمعاني ١/٣٩٥، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٨٢، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٦٣.
94 النكت والعيون ١/٤٤٧.
95 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٨٩.
96 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/٤٥٣.
97 انظر: فتح القدير، الشوكاني ١/٤٩١.
98 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، رقم ٣٢٩١٤، ٦/٤٦٠، والبيهقي في السنن الكبرى، رقم ١١٠٠١، ٦/٧.
99 جامع البيان ٧/٥٩٣.
100 انظر: فتح القدير، الشوكاني ١/٤٩١.
101 انظر: تفسير السمعاني ١/٣٩٨.
102 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٢٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/١٧، النكت والعيون، الماوردي ١/٤٥٧.
103 انظر: نظم الدرر ٤/١٨٨.
104 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٦٤، التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ٢/٧٠٣، التفسير الوسيط، طنطاوي ٣/٤٣.
105 فتح القدير ٢/٢٠٢.
106 أحكام القرآن، ابن العربي ٣/١٩٨- ١٩٩.
107 أخرجه أبو داود في سننه، رقم ٢٨٧٣، ٣/١١٥، كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم.
وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٧٦٠٩، ٢/١٢٦١.
108 أخرجه أبو داود في سننه، رقم ٤٣٩٨، ٤/١٣٩، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًا، والترمذي في سننه، ١٤٢٣، ٤/٣٢، أبواب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد.
وصححه ابن الملقن في البدر المنير ٣/٢٢٦، والألباني في صحيح الجامع، رقم ٣٥١٣، ١/٦٥٩.
109 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/١٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١٠، مفاتيح الغيب، الرازي ٩/٤٩٧، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٥/٣٤.
110 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٨٨.
111 انظر: أحكام القرآن، ابن العربي ٣/١٩٨، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٥/٣٥. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٨٩.
112 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٨٩.
113 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/١٤، النكت والعيون الماوردي ١/٤٥٥، تفسير السمعاني ١/٣٩٩، الكشاف، الزمخشري ١/٤٧٦، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١١.
114 مفاتيح الغيب ٩/٥٠٠
115 انظر: نظم الدرر ٤/١٨٩، أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٥٦٤.
116 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٥٣١، محاسن التأويل، القاسمي ٣/١٢.
117 أخرجه البخاري في صحيحه، رقم ٤٥٧٤، ٦/٤٣، كتاب تفسير القرآن، باب (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى)، ومسلم في صحيحه، رقم ٣٠١٨، ٤/٢٣١٣، كتاب التفسير، باب (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى).
118 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٨٣.
119 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٧٦.
120 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٥٣١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٧٦.
121 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٧، تفسير السمعاني ١/٣٩٥، معالم التنزيل، البغوي ١/٥٦٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٤٠٤، البحر المحيط، أبو حيان ٣/٥٠٣، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٧٦، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/٢١٣، أضواء البيان، الشنقيطي ١/٢٢١.
122 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٧، تفسير السمعاني ١/٣٩٥، معالم التنزيل، البغوي ١/٥٦٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٤٠٤، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٧٦، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/٢١٣.
123 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٥٣١، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٧، تفسير السمعاني ١/٣٩٥، معالم التنزيل، البغوي ١/٥٦٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٤٠٤، البحر المحيط، أبو حيان ٣/٥٠٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/٢١٣.
124 انظر: حقوق اليتيم، تسنيم جمال استيتي ص١.
125 انظر: حقوق اليتيم، تسنيم جمال استيتي ص١.
126 انظر: آداب معاملة اليتيم، محمد مجاهد طبل، ومحمد بن إبراهيم ص١٥.
127 غياث الأمم في التياث الظلم، الجويني ص٢٥٩.
128 مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٨/٥٧٦.
129 أخرجه البخاري في صحيحه، رقم ٢٣٩٩، ٣/١١٨، كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب الصلاة على من ترك دينا.
130 أخرجه مسلم في صحيحه، رقم ١٦١٩، ٣/١٢٣٧، كتاب المساقاة، باب من ترك مالا فلورثته.
131 فتح الباري، ابن حجر ٥/٦١.
132 شرح صحيح مسلم، النووي ١١/٦١.
133 انظر: حقوق الطفل في الاسلام والاتفاقيات الدولية، سمير خليل محمود ص٢٠١.
134 انظر: حقوق اليتيم، تسنيم جمال استيتي ص٨.