عناصر الموضوع

مفهوم اليسر

اليسر في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

اقتران العسر باليسر

اليسر في حق الله تعالى

أسباب جلب اليسر

اليسر في التشريع

اليسر في الجزاء

اليسر

مفهوم اليسر

أولًا: المعنى اللغوي:

تدلُّ كلمة اليسر في اللغة على السهولة واللين والانقياد، والغنى.

ويدلُّ أيضًا على العضو، وهي اليد اليسرى أخت اليمين.

قال في المغرب:«(اليسر) خلاف العسر، (واليسار) اسم من أيسر إيسارًا إذا استغنى»1.

قال في القاموس المحيط: «اليسر، بالفتح ويحرك: اللين، والانقياد، ويَسَرَ يَيْسَرُ، وياسَرَهُ: لاينه»2.

قال الجوهري: «يقال يَسَّّرَهُ الله لليسرى: أي وفقه لها»3.

ويقال: قد أَيْسَرْتَ ويَسَرْتَ،ويسر الرجل تيسيرا: سهلت ولادة إبله وغنمه، وأيسر إيسارًا ويُسْرًا: صار ذا غنى، فهو موسر4.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي ، الدال على لينٍ وسهولةٍ وانقيادٍ، أو هو رفع المشقة والحرج عن المكلف بأمر من الأمور لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم5.

اليسر في الاستعمال القرآني

ورد الجذر (ي س ر) في القرآن الكريم (٤٤) مرة، يخص موضوع البحث منها (٤١) مرة 6.

والصيغ التي وردت، هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

١١

( ) [القمر:١٧]

الفعل المضارع

٣

( ) [الليل:٧]

فعل الأمر

١

( ) [طه:٢٦]

المصدر

٧

( ) [البقرة:١٨٥]

مصدر ميمي

١

( ) [البقرة:٢٨٠]

الصفة المشبهة

١٥

( ) [الحج:٧٠]

اسم

٢

( ) [الأعلى:٨]

اسم المفعول

١

( ) [الإسراء:٢٨]

وجاء اليسر في القرآن على وجهين7:

الأول: السهل: ومنه قوله تعالى: ( ) [مريم: ٩٧]. أي: سهلناه وهوناه.

الثاني: الرخاء: ومنه قوله تعالى: ( ) [الطلاق: ٧]. أي: بعد الفقر غنىً.

الألفاظ ذات الصلة

التخفيف:

التخفيف لغة:

وهو في اللغة ضد الثقل والرزانة. قال ابن منظور: «التخفيف ضد التثقيل، واستخفه خلاف استثقله»8.

التخفيف اصطلاحًا:

رفع مشقة الحكم الشرعي بنسخ، أو تسهيل، أو إزالة بعضه أو نحو ذلك، أي: إن كان فيه في الأصل حرج أو مشقة. والتخفيف أخصُّ من التيسير إذ هو تيسير ما كان فيه عسر في الأصل، ولا يدخل فيه ما كان في الأصل ميسرًا9.

الصلة بين اليسر والتخفيف:

التخفيف في حقيقته صورة من صور اليسر في الشريعة، كما قال الله جلَّ وعلا: ( )[الأنفال:٦٦].

الوسع:

الوسع لغةً:

و س ع: (وَسِعَهُ) الشيء بالكسر يَسَعُهُ (سِعَةً) بالفتح، و (الوسع) و(السعة) بالفتح: الجدة والطاقة، جدة الرجل، أي: على قدر سعته، لا يدخر وسعًا: يفعل أقصى ما يقدر عليه 10.

الوسع اصطلاحًا:

الوسع وهو «قدر ما تسع له القوة، وهو بمنزلة الطاقة، وهو نهاية مقدور القادر، ولا يصحُّ ذلك إلا لله تعالى»11.

الصلة بين اليسر والوسع:

الوسع من صور اليسر، وقد ورد في القرآن الكريم بمعان عدة، منها: الرخاء والطاقة والاستطاعة، والغنى.

العسر:

العسر لغة:

وهو: ما دلَّ على صعوبة وشدة. فالعسر: نقيض اليسر، وأعسر الرجل، إذا صار من ميسرة إلى عسرة، وعسرته أنا أعسره، إذا طالبته بدينك وهو معسر، ولم تنظره إلى ميسرته12.

العسر اصطلاحًا:

المعنى الاصطلاحي للعسر لا يخرج عن المعنى اللغوي له.

الصلة بين اليسر والعسر:

وقد جاء العسر في القرآن الكريم بمعنى: الشدة، والفقر وضيق الحال.

اقتران العسر باليسر

سبق القول بأن العسر كثيرًا ما يأتي مقترنا باليسر، وجاء اليسر أكثر منه، وجاء العسر منفردًا واليسر منفردًا.

وفي اقتران اليسر بالعسر في كثير من الآيات حكم بالغة ذكرها أهل العلم، وقد التمسوا ذلك فذكر كلٌّ منهم بما تيسر له.

قال الله تعالى: ( ) [البقرة:١٨٥].

وقال جل وعلا: ( ) [الطلاق:٧].

وقال الله تعالى: ( ﯛﯜ ) [الشرح:٦].

ويوضح هذا الاقتران لبيان هذه الحكمة آيات أخر، منها:

قوله تعالى: ( ) [البقرة:٢١٤].

وقال جل وعلا: ( ) [يوسف:١١٠].

قال الزمخشري في تفسير سورة الشرح: «فإن قلت: كيف تعلق قوله: ( ) بما قبله؟ قلت: كان المشركون يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالفقر والضيقة، حتى سبق إلى وهمه أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار أهله واحتقارهم، فذكَّرَهُ ما أنعم به عليه من جلائل النعم ثم قال: ( ) كأنه قال: خولناك ما خولناك فلا تيأس من فضل الله، فإن مع العسر الذي أنتم فيه يسرا. فإن قلت: إن (مع) للصحبة، فما معنى اصطحاب اليسر والعسر؟ قلت: أراد أن الله يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فَقَرَّبَ اليسر المترقب حتى جعله كالمقارن للعسر، زيادة في التسلية وتقوية القلوب»13.

قال القرطبي: «والذي في الخبر: (لن يغلب عسر يسرين)14يعني: العسر الواحد لن يغلبهما، وإنما يغلب أحدهما إن غلب، وهو يسر الدنيا، فأما يسر الآخرة فكائن لا محالة، ولن يغلبه شيء. أو يقال: إن مع العسر وهو إخراج أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة يسرًا، وهو دخوله يوم فتح مكة مع عشرة آلاف رجل، مع عزٍّ وشرف»15.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام وقد تألب عليه القوم، فكتب إليه عمر: «سلام عليك، أما بعد، فإنه ما ينزل بعبد مؤمن من منزلة شدة إلا يجعل الله له بعدها فرجًا ولن يغلب عسر يسرين ( ) [آل عمران:٢٠٠16.

وخلاصة ما تقدم: إن الحكمة من اقتران اليسر بالعسر هو لطف من الله تعالى بالمؤمن وإشعاره بقرب اليسر بعد وقوعه في العسر، وأنَّ اليسر لا بد له بعد العسر، وذلك بضمان الله ذلك بقوله: ( ) وجاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تؤيد ذلك من واقع من سلف من المؤمنين.والله أعلم.

اليسر في حق الله تعالى

أولًا: يسر القدرة:

إن الله تعالى بقدرته الظاهرة التي ليس بعدها شيء، ييسر كلَّ ما يراه العبد صعبًا مهما صعب، سواء كانت هذه الصعوبة في البعد فيوجده الله، أو في العدم فَيُنْشِئَهُ الله، أو في البعث بعد الموت أو الحشر، فهما يسران على الله، أو كان في حساب المخلوقات وجزائها فهين على الله تعالى، فهو لا يعزبه شيء في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى.

ومن هذه الهينات على الله مما هو في ركن المستحيل عند الخلق ما يلي:

  1. أمره تعالى بين الكاف والنون، حين يقول للشيء كن فيكون.

    إنَّ كلَّ شيء في هذا الكون يسير وهين على الله تعالى، وذلك أن قدرته تعالى الخارقة واضحة ثابتة بأدنى تأمل، في هذا الكون الذي كان يسيرًا على الله تعالى في إيجاده من العدم، وما من أمر من الأمور في السموات والأرض يقول الله له كن إلا ويكون، وقد دلَّ على ذلك آيات كثيرة، ومن ذلك:

    قول الله تعالى:( )[النحل:٤٠].

    وقول الله عز وجل( )[يس:٨٢].

    وقال الله تعالى: ( ) [القمر:٥٠].

    الله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، بل كلُّ شيء عليه هيِّنٌ ويسير، وإذ يقول للشيء: (كن)، فيكون بلا تأخير 17.

    قال ابن كثير: «يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه، وأنه إذا قَدَّرَ أمرًا وأراد كونه، فإنما يقول له: كن. أي: مرة واحدة، فيكون، أي: فيوجد على وفق ما أراد؛ ليسره عليه كما قال تعالى: ( ) [يس:٨٢]، وقوله: ( ) [القمر:٥٠] »18.

  2. بدء الخلق من عدم.

    لقد جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم يذكر الله تعالى فيها بدء الخلق وإعادته، وكثيرًا ما تأتي هذه الآيات في معرض الردِّ على المنكرين لذلك وغالبًا ما تختم تلك الآيات بكون ذلك على الله يسرًا.

    ومعنى بدء الخلق هو: إيجاده من العدم، وهو مصدر مفعول معناه مخلوق19.

    ومن أمثلة ما ذكر الله تعالى فيه سهولة بدء الخلق وإعادته: قوله تعالى: ( ) [مريم:٩].

    قال ابن جرير: «يقول تعالى ذكره وليس خلق ما وعدتك أن أهبه لك من الغلام الذي ذكرت لك أمره منك مع كبر سنك، وعقم زوجتك بأعجب من خلقك، فإني قد خلقتك، فأنشأتك بشرًا سويًّا من قبل خلقي ما بشرتك بأني واهب لك من الولد، ولم تك شيئًا، فكذلك أخلق لك الولد الذي بشرتك به من زوجتك العاقر، مع عتيك ووهن عظامك، واشتعال شيب رأسك»20.

    وقوله: ( )أي: سهل ويسير.

    وقوله تعالى: ( ) [العنكبوت:١٩].

    قال الطبري: يقول تعالى ذكره: أولم يروا كيف يستأنف الله خلق الأشياء طفلًا صغيرًا، ثمَّ غلامًا يافعًا، ثمَّ رجلًا مجتمعًا، ثمَّ كهلًا يقال منه: أبدأ وأعاد وبدأ وعاد، لغتان بمعنى واحد. وقوله: ( ) يقول: ثم هو يعيده من بعد فنائه وبلاه، كما بدأه أول مرةخلقًا جديدًا، لا يتعذر عليه ذلك ( ) سهل كما كان يسيرًا عليه إبداؤه21.

    وكذلك قوله تعالى: ( ﯿ ) [فاطر:١١].

    قال السعدي: «أي: إحاطة علمه بتلك المعلومات الكثيرة، وإحاطة كتابه فيها، فهذه ثلاثة أدلة من أدلة البعث والنشور، كلها عقلية، نبه الله عليها في هذه الآيات: إحياء الأرض بعد موتها، وأن الذي أحياها سيحيي الموتى، وتنقل الآدمي في تلك الأطوار، فالذي أوجده ونقله، طبقًا بعد طبق، وحالًا بعد حال، حتى بلغ ما قدر له، فهو على إعادته وإنشائه النشأة الأخرى أقدر، فإعادته للأموات أيسر وأيسر. فتبارك من كثر خيره، ونبه عباده على ما فيه صلاحهم، في معاشهم ومعادهم»22.

    وبهذا ينتهي الكلام على بدء الخلق، ونبدأ في الكلام على البعث والنشور، وهو الإعادة الذي ذكر في أكثر آيات بدء الخلق حيث يقول الله تعالى: ( ).

  3. البعث بعد الموت.

    إن الله سبحانه وتعالى أخبر أن بعث الناس بعد الموت وإعادتهم أمر في غاية السهولة عليه، وكيف لا يكون عليه سهلًا هينًا، وهو بدأ خلقهم، والإعادة أهون من البدء. وقد ضرب الله على ذلك أمثلة عدة، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقسم على ذلك، فقال تعالى:( ) [التغابن:٧].

    قال الشنقيطي: «وقوله: () قسم بالرب على البعث الذي هو الإحياء بعد الموت، وقد أقسم به عليه في القرآن ثلاث مرات، الأول هذا.

    والثاني قوله: ( ) [يونس:٥٣].

    الثالث قوله:( ﭿ )[سبأ:٣].

    وقوله: ( ) اسم الإشارة راجع إلى البعث ويُسْرُهُ أمرٌ مُسَلَّمٌ؛ لأنَّ الإعادة أهون من البدء23.

    وقال الله تعالى: ( ﭿ ) [الروم:٢٧].

    عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ( ) قال: أيسر.

    وعن مجاهد قال: «الإعادة أهون عليه من البداءة، والبداءة عليه هين»24.

    أخرج البخاري عند تفسير قوله تعالى( ) من حديث الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أراه قال: قال الله تعالى: (يشتمني ابن آدم، وما ينبغي له أن يشتمني، ويكذبني وما ينبغي له، أمَّا شتمه فقوله: إنَّ لي ولدًا، وأما تكذيبه فقوله: ليس يعيدني كما بدأني)25.

    وأخرج عند قوله تعالى: ( ) [البقرة:١١٦].

    من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (قال الله: كذبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأمَّا تكذيبه إياي، فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي، فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدًا)26.

    وقوله تعالى: ( ) كقوله: ( ) [مريم:٩].

    أي: الأمر مستغرب في العادة، وفي سنة الله في الخليقة، ولكنَّ قدرة الله تعالى صالحة لإيجاد الأشياء بدون أسبابها، فذلك هين عليه، ليس بأصعب من إيجاده قبل ولم يكن شيئًا27.

    وقال الله تعالى: ( ) [الأنبياء:١٠٤].

    وقال تعالى: ( ) [يس:٨١].

  4. الحشر.

    الحشر هو: الجمع، وحشر الناس جمعهم؛ ومنه يوم المحشر28.

    والحشر: يقوم الناس من قبورهم على صفة بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا) أي غير مختونين، ثم قرأ قوله تعالى: ( ) [الأنبياء:١٠٤]29.

    فحشر العباد ونشرهم في ذلك اليوم أمر سهل على الله تعالى، بل إنه سبحانه كما خلقهم أول مرة فسهل أن يعيدهم، وقوله جلَّ وعلا: ( ) [ق:٤٤].

    قال ابن كثير: «أي تلك إعادة سهلة علينا، يسيرة لدينا كما قال جلَّ جلاله: ( ) [القمر:٥٠].

    وقال سبحانه وتعالى: ( ) [لقمان:٢٨30.

  5. العرض والحساب.

    قال تعالى: ( ) [الكهف:٤٨].

    قال ابن جرير: «يقول عزَّ ذِكْرُهُ: يقال لهم إذ عرضوا على الله: لقد جئتمونا أيها الناس أحياء كهيئتكهم حين خلقناكم أول مرة، وحذف يقال من الكلام لمعرفة السامعين بأنه مراد في الكلام»31.

    وقال جلَّ وعلا: ( ) [الحاقة:١٨].

    وقد أخرج الإمام أحمد من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «(يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات: فأمَّا عرضتان فجدال ومعاذير، وأمَّا الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخِذٌ بيمينه وآخِذٌ بشماله)32. قال الدارقطني: «يرويه وكيع عن علي بن رفاعة عن الحسن، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا، وغيره يرويه موقوفًا، والموقوف هو الصحيح»33.

    والحساب: تعريف الله عز وجل الخلائق بأعمالهم خيرًا أو شرًّا، وتذكيرهم ما قد نسوه. قال الله تعالى: ( )[المجادلة:٦].

    وقال تعالى: ( ﯵﯶ ) [الغاشية:٢٦].

    ودلت آيات أخرى بطريق الإشارة على يسر الحساب على الله تعالى يوم يعرض عليه الخلق، كقول الله تعالى: ( ) [البقرة:٢٠٢].

    وقوله: ( ) [آل عمران:١٩٩].

    وقوله جلَّ وعز: ( )[الأنعام:١٦٥].

    وقول الله جل وعلا: ( ) [غافر:١٧].

    قال ابن عطية: «لأنه لا يحتاج إلى عقد ولا إلى إعمال فكر، وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف يحاسب الله الخلائق في يوم؟ فقال «كما يرزقهم في يوم»، وقيل: الحساب هنا المجازاة، كأن المجازي يعد أجزاء العمل ثم يجازي بمثلها، وقيل معنى الآية: سريع مجيء يوم الحساب، فالمقصد بالآية الإنذار بيوم القيامة»34.

    وقال البغوي: ( ) أي: «حسابه واقع لا محالة، وكل ما هو واقع لا محالة، فهو سريع، وقيل: سرعة حسابه أنه لا يشغله حساب واحد عن حساب الآخر، ولا يشغله سمع عن سمع، فهو أسرع الحاسبين»35.

    ثانيًا: يسر العلم:

    بعد أن ذكرنا في المطلب السابق، من يسر بعث الناس وحسابهم على الله عز وجل، فإن الحديث في هذا المطلب يكون عن يسر العلم في حق الله تعالى، وإحاطته بجميع المخلوقات، وذلك من خلال ما يأتي:

  1. يسر علم ما في السموات وما في الأرض على الله عز وجل.

    سهل على الله تعالى أن يعلم ما في السموات وما في الأرض؛ لأن العلم من صفاته تعالى الذاتية، فهي لا تنفك عنه جل وعلا.

    قال الله تعالى: ( )[الحج:٧٠].

    دلت هذه الآية على أمرين:

    الأول: كمال علم الله بخلقه، وأنه محيط بما في السموات وما في الأرض، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وقد علم الكائنات كلها قبل وجودها، وقد ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)36.

    فالله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية من ظواهر الأمور وبواطنها، خفيها وجليها، متقدمها أو متأخرها، وأنَّ علمه هذا سهلٌ عليه ويسيرٌ لديه، وإن رآه بعض العباد مستحيلًا أو مستبعدًا، أو كان تصور العباد أن ذلك لا يحاط به، فإنَّ ذلك لعجزهم ومحدودية قدراتهم37.

    وقال تعالى: ( ) [الجن:٢٨].

    وبهذا يعلم أنه حتى الأنبياء والرسل لا يعلمون إلا ما علمهم الله تعالى وأطلعهم عليه من علم الغيب، وهذا يعم الرسول الملكي والرسول البشري38.

    ومن علم ما في السموات والأرض أنَّ الله يعلم السرَّ وأخفى، كما قال تعالى: ( ) [طه:٧].

    والسرُّ ما تحدث به نفسك، وأخفى ما لم تحدث به نفسك، وقيل: السرُّ: ما تسره اليوم، وأما ما تُسِرُّ غدا فلا تعلمه، ولكن الله يعلم ما تُسِرُّ اليوم وما تُسِرُّ غدا39.

    وهو سبحانه وتعالى يعلم المخبوء في السموات والأرض، كما قال تعالى: ( ) [النمل:٢٥].

    ولديه سبحانه مفاتيح العلوم كلها، كما قال تعالى: ( ﯿ ) [الأنعام:٥٩].

    فقد أحاط علمه بجميع ما خلق في السموات العلا، وما في الأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى، يعلم السِّرَّ وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم الخطرة والهمة، ويعلم جميع ما توسوس النفوس به، يسمع ويرى، وهو بالنظر الأعلى لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرضين إلا وقد أحاط علمه به40.

    وقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن شهاب الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مفاتيح الغيب خمس: ( ﯿ ) [لقمان:٣٤])41.

    الأمر الثاني: أن ذلك العلم المحيط بما في السموات والأرض قد أثبته الله تعالى في كتاب، وهو اللوح المحفوظ، وقد جاء في الحديث: (إنَّ أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد)42.

    فالله سبحانه وتعالى يسير عليه أَنْ يحيط علمًا بجميع الأشياء، وأن يكتب ذلك في كتاب مطابق للواقع43.

    وقال الله جل وعلا: ( ﭵﭶ ﭿ ) [المجادلة:٧].

    قال ابن كثير: أي: يطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، مع ذلك تكتب ما يتناجون به، مع علم الله وسمعه لهم، كما قال: ( ) [التوبة: ٧٨].

    ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علم الله تعالى ولا شكَّ في إرادة ذلك، ولكن سمعه أيضًا مع علمه محيط بهم، وبصره نافذ فيهم، فهو، سبحانه، مطلع على خلقه، لا يغيب عنه من أمورهم شيء44.

  2. علم الكائنات كلها قبل وجودها.

    الله سبحانه وتعالى قد إحاط بالأشياء وعلمها قبل كونها، ثم كتبها في اللوح المحفوظ، فكلُّ ما يقع في هذا الكون فهو داخل في علم الله سبحانه وتعالى الأزليِّ وفيما كتبه في اللوح المحفوظ، كما قال الله تعالى: ( ) [الحديد:٢٢].

    فكلُّ شيء بقضاء الله وقدره ومشيئته وإرادته، لا يخرج عن ذلك شيء من الأشياء، وهو أيضًا مكتوب في اللوح المحفوظ45.

    قال الحافظ ابن كثير: «هذه الآية الكريمة من أدلِّ دليل على القدرية نفاة العلم السابق قبحهم الله»، وقال في قوله: ( )؛ «أي: إن علمه تعالى الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله عز وجل؛ لأنه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون»46.

    وقال الله عز وجل: ( ) [فاطر:١١].

    وقال جل في علاه( ﭕﭖ ) [فصلت:٤٧].

    قال ابن كثير: أي: لا يعلم ذلك أحد سواه كما قال محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر لجبريل عليه الصلاة والسلام وهو من سادات الملائكة، حين سأله عن الساعة فقال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)47. وكما قال عز وجل: ( ) [النازعات:٤٤]48. والله تعالى أعلم.

    أسباب جلب اليسر

    أولًا: التقوى:

    مما جاء من الآيات الدالة على أنَّ التقوى تجلب التيسير: قول الله تعالى:( ﮠﮡ ) [الطلاق:٣].

    وقول الله جل وعلا: ( )[الطلاق:٤].

    وقوله: ( ) [الطلاق:٧].

    وكلُّ ما جاء في هذه الآيات أفاد التسهيل والتيسير ونفى الضيق والحرج لمن اتقاه، وأن عاقبتهم دائمًا للفرج والمخرج والخفة والتيسير.

    قال ابن كثير: «أي: يسهل له أمره، وييسره عليه، ويجعل له فرجًا قريبًا ومخرجًا عاجلًا».

    ثم قال: ( ﯿ) [الطلاق:٥].

    أي: «حكمه وشرعه أنزله إليكم بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ( ) أي: يذهب عنه المحذور، ويجزل له الثواب على العمل اليسير»49.

    وقال السعدي: «أي: من اتقى الله تعالى، يسر له الأمور، وسهل عليه كلَّ عسيرٍ»50.

    ثانيًا: البذل والعطاء:

    البذل والعطاء سبب لجلب اليسر، ومن اليسر الخُلْفُ لما أنفق، وذلك بصريح القرآن.قال الله تعالى: ( ﯿ ) [سبأ:٣٩].

    ومن الآيات الدالة على تيسير أمور الباذل في سبيل الله تعالى: قوله جل وعلا: ( ﮫﮬ ﮮﮯ ) [الليل:٧].

    قال ابن سعدي رحمه الله: «أي: نسهل عليه أمره، ونجعله ميسرًا له كل خير، ميسرًا له ترك كلِّ شرٍّ، لأنه أتى بأسباب التيسير، فيسرَّ الله له ذلك. ( ) بما أمر به، فترك الإنفاق الواجب والمستحبَّ، ولم تسمح نفسه بأداء ما وجب لله، () عن الله، فترك عبوديته جانبًا، ولم ير نفسه مفتقرة غاية الافتقار إلى ربها، الذي لا نجاة لها ولا فوز ولا فلاح، إلا بأن يكون هو محبوبها ومعبودها، الذي تقصده وتتوجه إليه»51.

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو، إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)52.

    وقد ذكر أهل العلم في معنى النقص والزيادة في الحديث على وجهين:

    أحدهما: معناه أنه يبارك فيه ويدفع عنه المضرات فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية، وهذا مدرك بالحس والعادة.

    والثاني: أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المرتب عليه جبر لنقصه وزيادة إلى أضعاف كثيرة53.

    ثالثًا: الدعاء:

    الدعاء هو العبادة، وقد ندب الله تعالى عباده إلى الدعاء، وأخبر أنه قريب منهم يفرج كرباتهم وييسر أمورهم، ويجيب المضطر إذا دعاه.

    ومن الآيات الدالة على ذلك قول الله تعالى عن دعاء موسى عليه السلام: ( ﯜﯝ ﯠﯡ ﯥﯦ ﯨﯩ ﯮﯯ ﯱﯲ ﯵﯶ ﯹﯺ ﯽﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰅﰆ ) [طه:٣٦].

    فموسى عليه السلام دعا بهذه الدعوات الطيبات وكان مما دعا به تيسير أمره، وقد أجابه الله تعالى فيسر أمره بقوله: ( ) حيث أرسل معه أخاه هارون ليساعده في نشر الدعوة وتبليغ رسالة الله تعالى.

    قال ابن سعدي: فقال الله ( ) أي: أعطيت جميع ما طلبت فسنشرح صدرك، ونيسر أمرك، ونحل عقدة من لسانك يفقهوا قولك، ونشد عضدك بأخيك هارون، وهذا السؤال من موسى عليه السلام يدلُّ على كمال معرفته بالله وكمال فطنته، ومعرفته للأمور وكمال نصحه، ويحتاج مع ذلك أيضًا أن يتيسر له أمره فيأتي البيوت من أبوابها، ويدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، يعامل الناس كلًا بحسب حاله، وتمام ذلك أن يكون لمن هذه صفته أعوان ووزراء يساعدونه على مطلوبه؛ لأن الأصوات إذا كثرت لا بد أن تؤثر؛ فلذلك سأل عليه الصلاة والسلام هذه الأمور فأعطيها54.

    وبهذا يعلم أن الدعاء بالتيسير مما يجلبه، وسؤال الله ذلك قد يكون مباشرة أو غير مباشر فالمباشر مثل ما فعل موسى هنا في هذه الآية، وغير المباشر سؤاله ربه لما خرج إلى مدين وخدمته ابنتي الرجل الصالح ثم توليه إلى الظل. وهذا سيأتي في المبحث الذي يليه. والله أعلم.

    رابعًا: مساعدة الخلق:

    ورفع المشقة عن العباد، أي: مساعدتهم ومساندتهم والوقوف معهم وخدمتهم فيما يحتاجون إليه. وهذا مما يجلب التيسير لصاحبه، ذلك أن الجزاء من جنس العمل.

    قال الله تعالى عن موسى عليه السلام حين خرج إلى مدين وخدم المرأتين ثم تولى إلى الظل، حيث قال: ( ﭿ ) [القصص:٢٤].

    قال ابن سعدي: رحمه الله: «أي: إني مفتقر للخير الذي تسوقه إلي وتيسره لي. وهذا سؤال منه بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال، فلم يزل في هذه الحالة داعيًا ربه متملقًا. وأمَّا المرأتان، فذهبتا إلى أبيهما، وأخبرتاه بما جرى. فأرسل أبوهما إحداهما إلى موسى، فجاءته ( ) وهذا يدلُّ على كرم عنصرها، وخلقها الحسن، فإن الحياء من الأخلاق الفاضلة، وخصوصًا في النساء»55.

    فموسى عليه السلام لما قام بخدمة المرأتين ومساعدتهما، قيظ الله له ويسر له الأمن والمأوى والزواج، وهكذا وعد الله كلَّ من أعان أخاه أن الله تعالى ييسر أمره ويعينه.

    فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يَسَّرَ على معسر، يَسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)56.

    اليسر في التشريع

    أولًا: اليسر من مقاصد التشريع:

    ما أنزله الله تعالى من الأحكام إلى عباده كله سهل ميسر، لا عسر فيه ولا شدة، ولا يمكننا حصر الآيات الدالة على ذلك لكثرتها، لكن نذكر بعضا منها:

    قال الله تعالى: ( ) [البقرة:١٨٥].

    وهذه الآية وإن كانت نزلت في سياق قضية خاصة، وهي الرخصة في الصيام، إلا أنها عامة في الشريعة الإسلامية؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وكلُّ الآيات التي وردت في شأن خاصٍّ فإنها تكون عامة، إلا إذا ورد ما يخصصها.

    وقال جل وعلا: ( ) [الأعلى:٨].

    قال ابن كثير: «أي: نسهل عليك يا محمد أعمال الخير، ونشرع لك شرعًا سهلًا سمحًا»57.

    وقال تعالى: ( ) [النساء:٢٨].

    قال القرطبي: «يريد الله أن ييسر عليكم بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولًا لحرة». ( ) يقول: «يَسَّرَ ذلك عليكم إذا كنتم غير مستطيعي الطول للحرائر، لأنكم خلقتم ضعفاء عجزة عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات، عند خوفكم العنت على أنفسكم، ولم تجدوا طولًا لحرة؛ لئلا تزنوا، لقلة صبركم على ترك جماع النساء»58.

    وقال جل وعز: ( ) [الحج:٧٨].

    فقد أفادت هذه الآيات أن الله تعالى أراد بهذه الأمة اليسر والتخفيف، ونفي إرادة العسر والحرج.

    ونفى سبحانه وتعالى أن يكون كلف عباده ما لا يطيقون، فقال تعالى: ( ) [البقرة:٢٨٦].

    وقال جل وعلا: ( ) [الأنعام:١٥٢].

    قال الزمخشري:الوُسْعُ هو ما يَسَعُ الإنسان ولا يضيق عليه ولا يحرج فيه، أي: لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقها، ويتيسر عليها، دون مدى الطاقة والمجهود59.

    ومن هنا قرر الفقهاء أنَّ ما عجز عن أدائه سقط وجوبه، كما صرَّحَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في غير موضع من كتبه بأنَّ الواجبات كلَّها تسقط بالعجز عن أدائها60.

    وقد وردت أحاديث كثيرة لا يمكن حصرها في هذا المبحث تصرح بيسر الدين ورفع الحرج عن المسلمين، ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدين يُسْرٌ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)61.

    والمعنى: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز، وانقطع فيغلب، وقوله: فسددوا، أي: الزموا السداد، وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، قال أهل اللغه: السداد التوسط في العمل62.

    وقال عليه الصلاة والسلام: (إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره) 63.

    وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (إنَّ الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا)64.

    وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (أنَّ أعرابيًّا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوه، وأهريقوا على بوله ذنوبًا من ماء، أو سَجْلًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)65.

    فاليسر من سمات الشريعة الإسلامية، فإنَّ الله تعالى نفى عن هذه الأمة الحرج والعنت وما يشق عليها.

    ثانيًا: اليسر في العبادات:

    إنَّ هذا الدين يُسْرٌ، وليس فيه حرج ولا عسر، وذلك بإرادة الله له ذلك؛تخفيفا على عباد الله، وهناك آيات عدة، وأحاديث كثيرة تفيد بأنَّ هذا الدين مبنيٌّ على التيسير، وعدم التشديد والتعسير، ومن ذلك:

    قوله تعالى: ( ) [النساء:٢٨].

    وقوله: ( ) [الحج:٧٨].

    وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة رضي الله تعالى عنهما أنه قال لها: (ياعائشة! إنَّ الله رفيقٌ يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه)66.

    وعن عائشة أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع عن شيء إلا شانه)67.

    وقال عليه الصلاة والسلام: (يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشروا ولا تنفروا)68.

    ففي هذه الآيات والأحاديث يحثُّ الله سبحانه وتعالى عباده على الرفق، واللين، وأخبر أنه إنما يريد الله أن يخفف على عباده، وأنه لا يريد أن يجعل عليهم من حرج؛ لأن الله تعالى يعلم ضعفهم لذلك خفف عنهم.

    والله سبحانه وتعالى يسر للناس عباداتهم، وقد سبق قوله تعالى: ( ) [الحج:٧٨].

    وكل العبادات إنما هي مبنية على التيسير والتسهيل ورفع الحرج، ومن ذلك:

  1. اليسر في الطهارة.

    فإن الله سبحانه وتعالى قد وجَّهَ عباده إلى أنْ يطهروا قلوبهم وأبدانهم، وأوجب على من أراد الصلاة أن يتطهر لها قبل الدخول فيها، ومع ذلك فإنَّ من يُسْرِ الإسلام أنه يسهل ويخفف أو يعفي من هذه الطهارة، فَشَرَعَ الله تعالى التيمم، وهو العدول عن الماء إلى ضربة أو ضربتين على تراب أو ما صعد على وجه الأرض، وذلك في عدة حالات، منها:

    حالة العجز عن استعمال الماء لمرض وغيره، ومنها: حالة فقدان الماء. وقد رخَّصَ الله سبحانه وتعالى لمن لم يجد الماء أن يتيمم ولو لم يجد الماء عشرين سنة، فإذا وجد الماء فإنه يلزم أن يتوضأ بالماء.

    قال الله تعالى: ( ) [المائدة:٦].

    وقد سبق أنَّ نفيَ الحرج من مرادفات اليسر، وهنا في آية التيمم ينفي الله تعالى أنْ يكون جعل في الدين أدنى حرج، ومن اليسر في الطهارة أنه أباح المسح على الخفين، والجوارب، وذلك بأنْ يتوضأ لليدين والوجه، ويمسح على الرأس، فإذا وصل إلى الرجلين فإنه يمسح عليهما إذا كان لابسًا خفين أو جوربين، وذلك للمشقة التي يجدها لابس الخفين والجوربين، وخفف الله سبحانه وتعالى على الناس كلٌّ بحسبه، فالذي يقيم في بلده رخَّصَ الله له أن يمسح على الخفين والجوربين أربعًا وعشرين ساعة(يوم وليلة) ولكن إذا كان مسافرًا فإنه رخَّص له أن يمسح اثنين وسبعين ساعة(ثلاثة أيام بلياليها).

    أخرج البخاري ومسلم من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما)69.

  2. اليسر في الصلاة.

    قال الله تعالى: ( ) [الإسراء:٧٨].

    وقال جل وعلا: ( ) [هود:١١٤].

    فهذان آيتان ذكر الله تعالى أنه فرض على الناس الصلاة فقط في طرفي النهار وزلفًا من الليل، يعني: وباقي الأوقات لمعاشهم وراحتهم.

    قال الشنقيطي رحمه الله: «فأشار بقوله: ( ) وهو زوالها عن كبد السماء على التحقيق إلى صلاة الظهر والعصر وأشار بقوله: ( ) وهو ظلامه إلى صلاة المغرب والعشاء، وأشار بقوله: ( ) إلى صلاة الصبح، وعبر عنها بالقرآن بمعنى القراءة؛ لأنها ركن فيها، من التعبير عن الشيء باسم بعضه»70.

    وتظهر سماحة الإسلام ويسره في الصلاة من عدة أوجه، منها:

    • أصل تشريعها.

      حيث شُرِعَتْ خمسون صلاة في اليوم والليلة، ثم خففت حتى صارت خمسًا، ولكن أداؤها خمس وأجرها خمسون.

      ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (مررت[ليلة المعراج]على موسى فقال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال: فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعت فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى قلت: وضع شطرها، فقال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق، فراجعت، فوضع شطرها، فرجعت إليه فقال: ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته فقال: هي خمس، [يعني في الأداء]. وهي خمسون[يعني في الأجر]لا يبدل القول لديَّ71.

    • مشروعية الجمع والقصر فيها.

      وذلك أثناء السفر أو المطر أو المرض، مراعاة للظروف التي يمر بها الإنسان في هذه الحالات من قلة في الماء أو البرد أو خوف من الطريق أو زيادة في المرض، لذلك جعل الإسلام فيه الصلاة بشكل آخر يتناسب مع هذه الظروف، فأجاز له الجمع والقصر، حيث قصرت الصلوات الرباعية إلى ركعتين فقط.

      عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: (سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة والمدينة لا يخاف إلا الله يقصر الصلاة)72.

      وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة)73.

    • في حال الخوف.

      فإنَّ وضع الصلاة وكيفيتها يتغير في حالة الخوف في الحرب أو هجوم سبعٍ أو سيل أو نحوه، ويسهل أمرها وتقصر، لما في ذلك من مصلحة على المسلمين وحماية لهم من عدوهم الذين قد يغدرون بهم أثناء الصلاة، وتسمى هذه الصلاة بصلاة الخوف، قال تعالى: ( ﯿ ) [النساء:١٠١]. ثم ذكرت في الآية الآتية كيفية أداء هذه الصلاة على دفعتين 74.

    • إمكانية أدائها على كلِّ حال في كلِّ مكان وزمان بما يتناسب مع وضع المصلي.

      إنَّ من يسر الإسلام أنه شرع للمصلي أنْ يصلي على أي بقعة طاهرة من الأرض، فقال عليه الصلاة والسلام: (وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل)75.

      ويمكنه أن يصلي جالسًا أو مستلقيًا على ظهره أو جنبه، فإن استطاع أن يرفع بيديه وإلا يكفي أن يشير ويومئ برأسه، بل إذا لم يستطع الإيماء، فإنه يومئ بعينيه. قال عليه الصلاة والسلام: (صلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب)، 76 فالقيام في الصلاة والقعود فيها ركنان من أركان الصلاة أي من الأصول والواجبات، ولكن إذا لم تسمح ظروف المصلي لمرض أو نحوه من أنواع العجز، فإن الله تعالى خفف عنه بأن يصلي على الحال التي تناسبه.

    • تخفيف الصلاة وعدم الإطالة فيها.

      لأن صلاة الجماعة تجمع بين الصغير والكبير والمريض، وذي الحاجة، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحذر أصحابه من التطويل في الصلاة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء)77، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَ النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي، كراهية أن أشق على أمه)78.

    • إسقاط الصلاة على الحائض والنفساء حال نفاسهما، دون أن تقضي بعد الطهر.

      وهذا يسر ولطف على المرأة، حيث تعاني في فترة الحيض والنفاس آلامًا ودماء، يصعب معها أداء الصلاة، وقد تطول هذه المدة فيشق القضاء، فجاءت الرحمة الربانية على المرأة بهذا التيسير، ولم يطلب منها قضاء تلك الصلوات الفائتة عنها بعد ذلك.

    • مشروعية سجود السهو لجبر الخلل الذي يحصل في الصلاة، ولم تطلب إعادتها.

      كلُّ هذا اليسر وهذه السماحة جاءت في الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة التي هي أعظم الأعمال العملية، وفي هذا شاهد كبير ودليل ناصع على يسر هذا الدين وسماحته في العبادات79. والله تعالى أعلم.

  3. اليسر في الزكاة.

    إنَّ الله سبحانه وتعالى لما طلب من الأغنياء جزءًا يسيرًا من أموالهم يعطونه للفقراء لم يكن ذلك على وجه يضر بالأغنياء ولا لتبديد أموالهم، ولا بالطريقة التي يفعلها أهل الضرائب، وإنما كان ذلك بطريقة سهلة وميسرة ومريحة للغني والفقير معًا.

    ( ﭿ ) [البقرة:٢٦١].

    وقال تعالى: ( ) [الحديد:١١].

    قال ابن سعدي: «وتأمل هذا الحثَّ اللطيف على النفقة، وأن المنفق قد أقرض الله المليء الكريم، ووعده المضاعفة الكثيرة، كما قال تعالى: ( ﭿ )».

    ولما كان المانع الأكبر من الإنفاق خوف الإملاق، أخبر تعالى أنَّ الغنى والفقر بيد الله، وأنه يقبض الرزق على من يشاء، ويبسطه على من يشاء، فلا يتأخر من يريد الإنفاق خوف الفقر، ولا يظن أنه ضائع، بل مرجع العباد كلهم إلى الله، فيجد المنفقون والعاملون أجرهم عنده مدخرًا، أحوج ما يكونون إليه، ويكون له من الوقع العظيم ما لا يمكن التعبير عنه80.

    ولا شكَّ أنَّ تضعيف المال والأجر للمتصدق أنه من تيسير الله تعالى له، وكذلك تطهيره وتنميته كما سبق، كما في قول الله تعالى: ( ) [التوبة:١٠٣].

    وقد سبق ذكر قول الله تعالى: ( ﮫﮬ ﮮﮯ ) [الليل:٧].

    قال ابن سعدي رحمه الله: أي: نسهل عليه أمره، ونجعله ميسرًا له كلَّ خير، ميسرًا له ترك كلِّ شرٍّ، لأنه أتى بأسباب التيسير، فيسر الله له ذلك.

    ( )بما أمر به، فترك الإنفاق الواجب والمستحبَّ، ولم تسمح نفسه بأداء ما وجب لله، () عن الله، فترك عبوديته جانبًا، ولم ير نفسه مفتقرة غاية الافتقار إلى ربها، الذي لا نجاة لها ولا فوز ولا فلاح، إلا بأن يكون هو محبوبها ومعبودها، الذي تقصده وتتوجه إليه81.

    ومن أبرز مواضيع تيسير الزكاة:

    أولًا: أنها لم تأت على جميع الممتلكات والعقارات والأموال، وإنما اقتصرت على بعض الأصناف مثل: بهيمة الأنعام، والأثمان، والزروع، وعروض التجارة.

    ثانيًا: أنه يشترط في الأصناف التي تجب فيها الزكاة أن تبلغ النصاب، وهي في الفضة مائتي درهم، وفي الذهب عشرين مثقالا، وسائمة الإبل عن خمس، والبقر عن ثلاثين، والغنم عن أربعين، والحبوب والزروع والثمار عن خمسة أوسق.

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس ذود صدقة من الإبل، وليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)82.

    ثالثًا: أنه لم يجعل الله تعالى دفع الزكاة إلا مرة واحدة في السنة، وذلك بعد أن يحول عليه الحول.

    رابعًا: أنَّ مقدار المال الواجب دفعه للزكاة قليل جدًّا بالنسبة للمال الذي يوجب فيه الزكاة، بحيث لا يؤثر فيه كثيرًا، ولا يتأثر بذلك صاحبه.والله أعلم.

  4. يسر الصيام.

    قال الله تعالى: ( ) [البقرة:١٨٥].

    قال أبو جعفر الطبري رحمه الله تعالى: يعني تعالى ذكره بذلك: يريد الله بكم، أيها المؤمنون -بترخيصه لكم في حال مرضكم وسفركم في الإفطار، وقضاء عدة أيام أخر من الأيام التي أفطرتموها بعد إقامتكم وبعد برئكم من مرضكم- التخفيف عليكم، والتسهيل عليكم، لعلمه بمشقة ذلك عليكم في هذه الأحوال ولا يريد بكم العسر يقول: ولا يريد بكم الشدة والمشقة عليكم، فيكلفكم صوم الشهر في هذه الأحوال، مع علمه شدة ذلك عليكم، وثقل حمله عليكم لو حملكم صومه83.

    إنَّ الله سبحانه وتعالى أراد من تشريعاته التخفيف على للناس، وعدم إحراجهم، وأنه سبحانه وتعالى لم يشرع لهم إلا ما ينفعهم في الدنيا أو في الآخرة، وغالبًا ما يكون النفع فيهما، فكان مما شرعه الله تعالى لعباده فريضة الصوم، وهو الإمساك عن الأكل والشرب، وشهوة الفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مدة شهر كامل ثلاثين يومًا، أو تسعة وعشرين يومًا.

    وذلك في كلِّ سنة في شهر رمضان، وهذه الفريضة الربانية التي طلبها الله من العباد ظهرت فيها سماحة الإسلام جلية في أحوال عدة، ومن ذلك:

    • الصغير: فإن الله تعالى لم يوجب على الصغير الذي لم يبلغ أي شيء من العبادات، ومن ذلك فريضة الصيام، فإنه أسقط الصيام عن المريض حتى يبلغ.
    • المسافر والمريض: رخص الله سبحانه وتعالى للمسافر والمريض أن يفطرا في نهار رمضان، ثم يقضيا ذلك اليوم إذا رجعا إلى بلديهما واستقر حالهما، وذلك مراعاة لذلك المسافر والمريض وتخفيفا عليهما.وقد سبق في الآية قوله تعالى: ( ).
    • الحائض والنفساء: إن الله سبحانه وتعالى لما علم ضعف هاتين المرأتين أسقط عنهما الصوم حال الحيض وحال النفاس، وتظهر سماحة الإسلام في مراعاة حال هاتين المرأتين حين أظهر الطبُّ الحديث أنَّ المرأة حال الحيض تمر بحالة ضعف شديدة جسدية ونفسية، كما أنَّ حال النفساء لا يخفى على أحد أضف إلى مراعاة صغيرها الذي يحتاج إليها ولا تستطيع كفايته لو كانت صائمة. فالمشروع في حقهما أنهن يفطرن ويقضين من أيام أخر.
    • الحامل والمرضع: فإنَّ الله تعالى أسقط عنهنَّ الصوم إذا خافتا على نفسيهما وعلى ولديهما أبيح لهما الفطر وعليهما القضاء. ويختلف الحكم هنا بأنهما إذا خافتا على ولديهما القضاء، والإطعام عن كلِّ يوم مسكينًا.
    • العاجز عن الصوم: لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، فإن الله تعالى رخص لهما أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينا، ولا يقضيان.

      ويلاحظ أن الصيام المسقط عن الحائض والنفساء، والمريض يقضي حال زوال العذر بخلاف الصلاة فإنها لا تقضى بالنسبة للحائض والنفساء، وذلك رفعًا للحرج، فإن الصلاة تكرر خمس مرات في اليوم، فالحائض إذا اجتمع لها حوالي عشرة أيام تزيد أو تقل، فإنه يشق عليها القضاء، والنفساء يشق عليها أكثر بخلاف الصيام، فإنه بالنسبة للحائض يتراوح بين خمسة أيام وخمسة عشر يوما أو يوم أو يومين، فإنه يمكن قضاؤه دون مشقة، وأما بالنسبة للنفساء فأقصى ما يصل ثلاثون يوما وهذا أيضًا يمكن أداؤه؛ لأنه لا يزاحمه صيام آخر، بخلاف الصلاة فإنها في كلِّ يوم حتى في وقت قضاء الفائتة، يكون أداء الحاضرة.

  5. اليسر في الحج.

    لما كان السفر إلى بيت الله الحرام لأجل الحج،يحتاج إلى قوة بدنية، وقوة مالية، فإنَّ الله تعالى علم ضعف كثير من عباده في هاتين القوتين أظهر الله يسره وسماحته فخفف عنهم في هذه الفريضة، فقال الله تعالى: ( ) [آل عمران:٩٧].

    وقال جل وعلا: ( ﯿ ) [البقرة:١٩٦].

    فقد ذكر في الآيتين الأولى التيسير في أصل الحج، والثانية التيسير في أعمال الحج، وتتمثل جوانب التيسير فيما يلي:

    أولًا: أنَّ الحج، وهو قصد بيت الله الحرام، لا يجب إلا مرة في العمر، فيسر الإسلام في هذه الفريضة ظاهرة، كما أوضحته الآية.

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكلُّ عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)84.

    ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الرؤوف الرحيم بالأمة، خاف أن يفرض على أمته كل عام، فلا يستطيعوه.

    ثانيًا: أنَّ الحجَّ يسقط عن من لم يستطيع، فمن فقد قوة البدن أو قوة المال فلا يجب عليه الحج بل يسقط عنه.

    ثالثًا: التخيير بين المناسك الثلاثة: التمتع، والقران، والإفراد. فأيُّ نسك من هذه الأنساك أهلَّ بها الحاجُّ قبلها الله تعالى منه، وكذلك: التخيير في الترتيب بين الأعمال الثلاثة يوم العيد، الرمي والحلق والطواف، وهذا فيه تيسير على الحاج الذي يعاني من زحمة الناس والمواصلات والأسفار.

    قال ابن عباس رضي الله عنهما: (قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم زرت قبل أن أرمي، قال: لا حرج. قال آخر: حلقت قبل أن أذبح قال: لا حرج. قال آخر: ذبحت قبل أن أرمي، قال: لا حرج)85.

    وكلُّ خلل في واجبات الحجِّ من غير قصد يجبر بفدية، وحجه صحيح إذا كان القصور من هذا الوجه فقط، ولم يكن من الأركان الأربعة، وهي الإحرام، والطواف والسعي، والوقوف بعرفة.

    رابعًا: من اليسر في هذا الركن المبارك، أنَّ الله تعالى جعله سببًا لمغفرة الذنوب والخطايا، وقد وعد الرسول صلى الله عليه وسلم الحاجَّ بالجنة وأنه يرجع من حجه كيوم ولدته أمه، خاليًا من الذنوب، صفحته بيضاء ناصعة خالية من السيئات والذنوب. قال عليه الصلاة والسلام: (من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)86.

    وقد جعله الله تعالى من الأعمال الفاضلة التي تلي الإيمان بالله والجهاد في سبيله، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله). قيل: ثم ماذا؟. قال: (ثم جهاد في سبيل الله). قيل: ثم ماذا؟ قال: (حجٌّ مبرور)8788.

    ثالثًا: اليسر في المعاملات:

    أمر الله تعالى عباده بالتعامل باليسر في عدة آيات، بعضها بلفظ اليسر أو ما تصرف منه، وبعضها بلفظ يرادف اليسر.

    قال الله تعالى في اليسر في معاملة الوالدين وخفض الجناح عندهما: ( ﮱﯓ ) [الإسراء:٢٤].

    في هذه الآية يأمر الله تعالى عباده بعبادته، ثم ثنى ببر الوالدين، ثم بين كيفية برهما، وبين أدنى ما يسيء إليهما تنبيهًا على الأعلى.

    قال الله تعالى بعد هذه الآية: ( ) [الإسراء:٢٨].

    قال ابن باديس رحمه الله تعالى: «إن أعرضت عنهم فلا تعطهم؛ لأنك لم تجد ما تعطيهم- وهي الحالة التي تكون فيها تطلب رحمة من ربك راجيًا رزقه- فقل لهم قولًا لينًا سهلًا، فتواسيهم بالقول عند عدم السؤال، ولا تتركهم في ساحة الإهمال، وتردهم الرد الجميل عند السؤال، فتقول لهم: يرزق الله، ونحوه من لين الكلام»89.

    وقد وردت أحاديث عدة في ذلك ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أبوك)90.

    ومعنى الحديث: من أولى الناس بمعروفي وبري ومصاحبتي المقرونة بلين الجانب وطيب الخلق وحسن المعاشرة.

    قال النووي: «وسبب تقديم الأم كثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاقِّ في حمله، ثم وضعه، ثم إرضاعه، ثم تربيته وخدمته وتمريضه وغير ذلك ونقل الحارث المحاسبي إجماع العلماء على أنَّ الأمَّ تفضل في البرِّ على الأب. وحكى القاضي عياض خلافًا في ذلك فقال الجمهور بتفضيلها، وقال بعضهم: يكون برهما سواء»91.

    ومن اليسر في المعاملة:

  1. التعامل مع المدين.

    قال الله تعالى: ( ) [البقرة:٢٨٠].

    قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك:«وإن كان» ممن تقبضون منه من غرمائكم رؤوس أموالكم ( ) يعني: معسرًا برؤوس أموالكم التي كانت لكم عليهم قبل الإرباء، فأنظروهم إلى ميسرتهم92

  2. اليسر والتسامح مع المطلقة، والإحسان إليها.

    قال الله تعالى: ( ﭺﭻ ﭿ ) [الطلاق:٧].

  3. اليسر مع كلِّ المؤمنين وخفض الجناح لهم.

    قال الله تعالى: ( ) [المائدة:٥٤].

    قال الشنقيطي رحمه الله تعالى: «أخبر تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة أنهم إن ارتد بعضهم فإنَّ الله يأتي عوضًا عن ذلك المرتد بقوم من صفاتهم الذلُّ للمؤمنين، والتواضع لهم، ولين الجانب، والقسوة والشدة على الكافرين، وهذا من كمال صفات المؤمنين، وبهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فأمره بلين الجانب للمؤمنين، بقوله: ( ) [الحجر:٨٨].

    وقوله: ( ) [الشعراء:٢١٥].

    وأمره بالقسوة على غيرهم بقوله: ( ) [التحريم:٩].

    وأثنى تعالى على نبيه باللين للمؤمنين في قوله: ( ) [آل عمران:١٥٩].

    وصرَّحَ بأنَّ ذلك المذكور من اللين للمؤمنين، والشدة على الكافرين، من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، بقوله: ( ) [الفتح:٢٩93.

    وقد أجاد الشيخ رحمه الله تعالى حيث ساق بعض آيات اليسر في التعامل مع المؤمنين بلفظ مرادف لليسر، ثم ساق أضداد ذلك بأنَّ ذلك اليسر واللين لا يكون مع الكفار. والله أعلم.

    وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باليسر في المعاملة، وقد سبق بعضًا منها، من ذلك: قوله عليه الصلاة والسلام: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا)94.

    وقوله: (رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى)95.

    ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحثُّ الناس في البيع والشراء ورد الديون إلى استعمال اللين واليسر، ويكون رحيمًا بمن يعامله سمحًا معه، يرفق به إذا باع له، ويرفق به إذا اشترى منه.

    قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: قوله (رحم الله رجلًا) يحتمل الدعاء ويحتمل الخبر، قوله (سمحًا) أي: سهلًا، وهي صفة مشبهة تدلُّ على الثبوت، والسمح: الجَوَادُ، يقال: سمح بكذا إذا جاد، والمراد هنا المساهلة، قوله: (إذا اقتضى) أي: طلب قضاء حقه بسهولة وعدم إلحاف، وفيه الحضُّ على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو منهم96.

    وهناك صور عدة في مجال التجارة يظهر فيها يسر الإسلام في مراعاة الناس في هذا المجال ومن ذلك:

    • الخيار في البيع:وذلك أنَّ الشارع حثَّ الطرفين أن يتسامحا أثناء البيع، ومن هذا التسامح أنَّ البائع يقبل رجوع المشتري، وكذا البائع حال البيع قبل التفرق، حتى ولو اتفقا قبولًا وإيجابًا فما دام أنهما لم يفترقا فإنَّ الدين الإسلاميَّ أعطى لكلِّ واحد منهما الخيار في التراجع، فيقول البائع: لا أبيع، بعد أن قال: بعت، وبقول المشتري: لا أشتري، بعد أن يقول: اشتريت، ولكن قبل التفرق، فهذا حقٌّ لكلٍّ منهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال:حتى يتفرقا - فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)97.وأضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنَّ كلًّا من البائع والمشتري يبارك لهما إذا كانا صادقين ناصحين لم يغش أحدهما الآخر.
    • الإقالة في البيع: الإقالة في البيع أن يقبل البائع من المشتري الرجوع في شرائه، وذلك بعد أن تفرقا وبطل الخيار، والعكس صحيح، وهو أن يقبل المشتري من البائع الرجوع في بيعه فيرد عليه سلعته، وذلك بعد التفرق وبطلان الخيار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أقال مسلمًا أقال الله عثرته)98.

      رابعًا: اليسر في قراءة القرآن:

      لا يخفى على كلِّ قارئ تيسير الله حفظ كتابه وتيسير تلاوته، قال تعالى: ( ) [القمر: ١٧].

      قال ابن كثير: «أي: سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس، كما قال: ( ) [ص:٢٩]».

      وقال تعالى: ( ) [الدخان:٥٨]. قال مجاهد: ( ) يعني: هونا قراءته، وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن، وقال الضحاك عن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل.

      قال ابن كثير: «ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر)»99100.

      اليسر في الجزاء

      أولًا: اليسر في الجزاء الدنيوي:

      سبق في يسر المعاملة ذكر التيسير على عباد الله فيما أعوزوا فيه، وهنا يذكر التيسير بمعنى الجزاء الدنيوي، وهو ما جاء في قوله تعالى: ( ) [الإسراء:٢٨].

      وقال جلَّ وعلا: ( ) [الكهف:٨٨].

      فقد أفادت هاتان الآيتان التيسير على عباد الله تعالى في الدنيا، وذلك بالقول والعمل.

      قال ابن سعدي رحمه الله: «أي: وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدلُّ على كونه من الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، حيث وافق مرضاة الله في معاملة كلِّ أحد، بما يليق بحاله»101.

      وهذا من اليسر في التعامل، وقد سبق. والله أعلم.

      ثانيًا: اليسر في الآخرة:

      الله سبحانه وتعالى كما أن الحساب يسير عليه، فهو ييسره أيضًا على المؤمنين ويجعله عسيرا على الكافرين، فقال الله تعالى: ( ﭿﮀ ) [الانشقاق:٧].

      وقال في شأن الكافر: ( ﯬﯭ ) [المدثر:١٠].

      أثبت الله تعالى في آية المدثر العسر للكفار ونفى عنهم اليسر، وأثبت اليسر للمؤمنين في آية الانشقاق.

      وقد جاء في صحيح البخاري ومسلم ما يبين كيفية تيسير الحساب على المؤمن، وذلك من حديث ابن أبي مليكة، (أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حوسب عذب) قالت عائشة: فقلت أوليس يقول الله تعالى: ( ) قالت: فقال: (إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك)102.

      وأما قوله تعالى: ( ) [المدثر:١٠].

      فقد قال القرطبي رحمه الله تعالى: «أي: فذلك اليوم يوم شديد ( ) أي: على من كفر بالله وبأنبيائه صلى الله عليهم وسلم ( ) أي: غير سهل ولا هين، وذلك أن عقدهم لا تنحل إلا إلى عقدة أشد منها، بخلاف المؤمنين الموحدين المنيبين فإنها تنحل إلى ما هو أخف منها حتى يدخلوا الجنة برحمة الله تعالى»103.

      والحمد لله على تيسير الأمور وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


1 المغرب في ترتيب المعرب ٢/٣٦٩.

2 القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص ٤٩٩.

3 الصحاح ٢/٤٢٢.

4 المصدر السابق.

5 تاج العروس، الزبيدي ٦/٤٨٤، محاسن التأويل ٣/٤٢٧.

6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٧٧٢.

7 انظر: الوجوه والنظائر، الدامغاني، ص٤٧٩.

8 لسان العرب ٩/٨١.

9 الموسوعة الفقهية الكويتية ١٤/٢١١.

10 انظر: مختار الصحاح، الرازي، ص ٣٣٨، العين، الفراهيدي ٢/٢٠٣، معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٣/٢٤٤٠.

11 الفروق اللغوية، العسكري، ص ٥٦٧.

12 مقاييس اللغة ٤/٣٢٠.

13 الكشاف ٤/٧٧٢.

14 أخرجه عبد الرزاق في تفسيره، ٣/٤٣٨، رقم ٣٦٤٤ عن إبراهيم النخعي، يقول: قال ابن مسعود: «لو كان العسر في جحر لتبعه اليسر، حتى يستخرجه، لن يغلب عسر يسرين، لن يغلب عسر يسرين. وهو موقوف على ابن مسعود.

15 الجامع لأحكام القرآن ٢٠/١٠٨.

16 أخرجه مالك في الموطأ، ٢/٤٤٦، رقم ٦، كتاب الجهاد، باب الترغيب في الجهاد، والحاكم في المستدرك، ٢/٣٢٩، رقم ٣١٧٦.

17 أضواء البيان ٢/٣٧٧.

18 تفسير القرآن العظيم ١/٣٩٩.

19 انظر: التحرير والتنوير ٢٠/٢٢٨.

20 جامع البيان ١٨/١٥١.

21 جامع البيان ٢٠/٢٠.

22 تيسير الكريم الرحمن ص ٦٨٦.

23 أضواء البيان ٨/٢٠٠.

وانظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٨/١٣٥.

24 انظر: الدر المنثور، السيوطي ٦/٤٩١.

25 أخرجه البخاري في صحيحه، ٤/١٠٦، رقم ٣١٩٣، كتاب بدء الخلق، باب قول الله تعالى: (وهو أهون عليه).

26 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب (وقالوا اتخذ الله ولدا)، ٦/١٩، رقم ٤٤٨٢.

27 تيسير الكريم الرحمن ص ٤٩٠.

28 لسان العرب ٤/١٩٠.

29 أخرجه البخاري في صحيحه، ٤/١٣٩، رقم ٣٣٤٩، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: (واتخذ الله أبراهيم خليلا)، ومسلم في صحيحه، ٤/٢١٥٠، رقم ٢٧٩٠، كتاب صفة القيامة.

30 تفسير القرآن العظيم ٧/٣٨٥.

31 جامع البيان ١٨/٣٧.

32 أخرجه أحمد في مسنده، ٣٢/٤٨٦، رقم ١٩٧١٥.

33 علل الدارقطني ٧/٢٥١.

قال محققو المسند: وتبقى علة الانقطاع بين الحسن وأبي موسى، وعلي بن علي بن رفاعة، قال أحمد: لا بأس به، إلا أنه رفع أحاديث.

34 المحرر الوجيز ١/٢٧٧.

35 شرح السنة ١٥/١٣١.

36 أخرجه مسلم في صحيحه، ٤/٢٠٤٤، رقم ٢٦٥٣، كتاب القدر.

37 انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٣٣٥.

38 تفسير القرآن العظيم ٤/٤٣٤.

39 تفسير القرآن العظيم ٣/١٤٤.

40 الإبانة الكبرى، ابن بطة ٧/١٤١.

41 أخرجه البخاري في صحيحه ٩/١١٦، رقم ٧٣٧٩، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا).

42 أخرجه الترمذي في سننه، ٥/٣٩٤، رقم ٣٣١٩، كتاب التفسير، باب ومن سورة القلم..

وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ٣/١٢٣، رقم ٢٦٤٥.

43 انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٢٣٥.

44 تفسير القرآن العظيم ٦/٤٢.

45 انظر: إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ٢/٢٤٨.

46 تفسير القرآن العظيم ٨/٥٩.

47 أخرجه البخاري في صحيحه، ٦/١١٥، رقم ٤٧٧٧، كتاب التفسير، باب قول الله تعالى: (إن الله عنده علم الساعة)، ومسلم في صحيحه، ١/٣٦ رقم ٨، كتاب الإيمان.

48 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/١٦٩.

49 تفسير القرآن العظيم ٨/١٥٢.

50 تيسير الكريم الرحمن ص ٨٧١.

51 تيسر الكريم الرحمن ص ٩٢٦.

52 أخرجه مسلم في صحيحه، ٤/٢٠٠١، رقم ٢٥٨٨، كتاب البر والصلة، من حديث أبي هريرة.

53 انظر: دليل الفالحين ٤/٥٣٨.

54 تيسير الكريم الرحمن ص ٥٠٤.

55 تيسير الكريم الرحمن ص ٦١٤.

56 أخرجه مسلم في صحيحه، ٤/٢٠٧٤، رقم ٢٦٩٩، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار.

57 تفسير القرآن العظيم، ٨/٣٨٠.

58 الأنوار الساطعات لآيات جامعات ١/٣٤٨.

59 الكشاف، الزمخشري ١/١٧٢.

60 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٦/٢٠٣-٢٠٤.

61 أخرجه البخاري في صحيحه ١/١٦، رقم ٣٩، كتاب الإيمان، باب الدين يسر.

62 فتح الباري، ابن حجر ١/٩٥.

63 أخرجه أحمد في مسنده، ٣/٤٧٩، رقم ١٥٩٣٦، والبخاري في الأدب المفرد، ١/١٢٤، رقم ٣٤١.

وحسنه الألباني.

64 أخرجه مسلم في صحيحه، ٢/١١٠٤، رقم ١٤٧٨، كتاب الطلاق.

65 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/٦٥، رقم ٢٢٠، كتاب الإيمان، باب الدين يسر.

66 أخرجه البخاري في صحيحه، ٨/١٤، رقم ٦٠٢٤، كتاب الأدب، باب الرفق في الأمر كله، ومسلم في صحيحه، ٤/٢٠٠٣، رقم ٢٥٩٣، كتاب البر والصلة والأدب.

67 أخرجه مسلم في صحيحه، ٤/٢٠٠٤، رقم ٢٥٩٤، كتاب البر والصلة والأدب.

68 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/٢٧، رقم ٦٩، كتاب الإيمان، باب الدين يسر، ومسلم في صحيحه، ٣/١٣٥٨، رقم ١٧٣٢، كتاب الجهاد والسير.

69 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/٦٢، رقم ٢٠٦، كتاب الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان، ومسلم في صحيحه، ١/٢٢٨، رقم ٢٧٤، كتاب الطهارة.

70 أضواء البيان ١/٢٨٠.

71 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/٩٨، رقم ٣٤٩، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء، ومسلم في صحيحه، ١/١٤، رقم ١٦٣، كتاب الإيمان.

72 أخرجه أحمد في مسنده، ١/٣٥٥، رقم ٣٣٣٤.

73 أخرجه أحمد في مسنده، ٣/٢٩٥، رقم ١٤١٧٢، وأبو داود في سننه، ٢/١١، رقم ١٢٣٥.

وصححه الألباني في الإرواء، ٣/٢٣، رقم ٥٧٤.

74 انظر: اليسر والسماحة، فالح ص ٢٨.

75 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/٩٥، رقم ٤٣٨، كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا)، ومسلم في صحيحه، ١/٣٧٠، رقم ٥٢١، كتاب المساجد ومواضع الصلاة.

76 أخرجه البخاري في صحيحه، ٢/٦٠، رقم ١١١٧، أبواب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب.

77 أخرجه مسلم في صحيحه، ١/٣٤١، رقم ٤٦٧، كتاب الصلاة.

78 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/١٨١، رقم ٧٠٧، كتاب الصلاة، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي.

79 انظر: اليسر والسماحة، فالح ص ٣٠.

80 تيسير الكريم الرحمن ص ٩٥٢.

81 المصدر السابق ص ٩٢٦.

82 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/١٤٩، رقم ١٤٤٧، كتاب الزكاة، باب زكاة الورق، ومسلم في صحيحه، ٢/٦٧٤، رقم ٩٧٩، كتاب الزكاة.

83 جامع البيان ٣/٤٧٥.

84 أخرجه مسلم في صحيحه، ٢/٩٧٥، رقم ١٣٣٧، كتاب الحج.

85 أخرجه البخاري في صحيحه، ٢/٢١٤، رقم ١٧٣٥، كتاب الحج، باب إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يرمي.

86 أخرجه البخاري في صحيحه، ٢/١٦٤، رقم ١٥٢١، كتاب الحج، باب إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يرمي، ومسلم في صحيحه، ٢/٩٨٣، رقم ١٣٥٠، كتاب الحج.

87 أخرجه البخاري في صحيحه، ٢/١٦٤، رقم ١٥١٩، كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، ومسلم في صحيحه، ١/٨٨، رقم ٨٣، كتاب الإيمان.

88 انظر: كتاب اليسر والسماحة، فالح ص ٢٥-٢٦.

89 تفسير ابن باديس ص ٨٣.

90 أخرجه البخاري في صحيحه، ٨/٢، رقم ٥٩٧١، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، ومسلم في صحيحه، ٤/١٩٧٤، رقم٢٥٤٨، كتاب البر والصلة والآداب.

91 شرح صحيح مسلم، النووي ١٦/١٠٢.

92 جامع البيان ٦/٢٨.

93 أضواء البيان ١/٤١٥.

94 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/٢٧، رقم ٦٩، كتاب العلم، باب ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من تخويلهم بالموعظة والعلم، ومسلم في صحيحه، ٣/١٣٥٨، رقم ١٧٣٢، كتاب الجهاد والسير.

95 أخرجه البخاري في صحيحه، ٣/٧٥، رقم ٢٠٧٦، كتاب البيوع، باب السهولة والسماح في الشراء والبيع.

96 فتح الباري، ابن حجر ٤/٢٠٧.

97 أخرجه البخاري في صحيحه، ٣/٧٦، رقم ٢٠٧٩، كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما، ونصحا، ومسلم في صحيحه، ٣/١١٦٣، رقم ١٥٣١، كتاب البيوع، واللفظ للبخاري.

98 أخرجه ابن حبان في صحيحه، ١١/٤٠٤، رقم ٥٠٢٩، والحاكم في المستدرك، ٢/٥٢، رقم ٢٢٩١.

99 أخرجه البخاري في صحيحه، ٣/١٢٢، رقم ٢٤١٩، كتاب الخصومات، باب كلام الخصوم بعضهم في بعض، ومسلم في صحيحه، ١/٥٦٠ رقم ٨١٨، كتاب صلاة المسافرين.

100 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/٤٤٢.

101 تيسير الكريم الرحمن ص ٤٨٦.

102 أخرجه البخاري في صحيحه، ١/٣٢، رقم ١٠٣، كتاب فضل العلم، باب من سمع شيئا فلم يفهمه فراجع فيه، ومسلم في صحيحه، ٤/٢٢٠٤، رقم ٢٨٧٦، كتاب الجنة وصفاتها ونعيمها وأهلها.

103 الجامع لأحكام القرآن ١٩/٧٠.