عناصر الموضوع
النور
أولًا: المعنى اللغوي:
النورلغة: الضياء، والجمع أنوارٌ. و(أنار) الشيء و(استنار) بمعنى، أي: أضاء. و(التنوير) الإنارة. وهو أيضًا الإسفار. وهو أيضًا إزهار الشجرة. يقال: (نورت) الشجرة (تنويرًا) و(أنارت) أي أخرجت (نورها)1.
والنور، بالضم: الضوء أيًّا كان، أو شعاعه، جمعه: أنوارٌ ونيرانٌ2.
والنون والواو والراء (نور) أصلٌ صحيح يدل على إضاءة واضطراب وقلة ثبات. ومنه النور والنار، سُمٍّيا بذلك من طريقة الإضاءة، ولأن ذلك يكون مضطربًا سريع الحركة. وتنورت النار: تبصرتها.
ومنه النور: نور الشجر ونواره. وأنارت الشجرة: أخرجت النور. والمنارة: مفعلةٌ من الاستنارة، والأصل منورةٌ. ومنه منار الأرض: حدودها وأعلامها، سميت لبيانها وظهورها3.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
هو الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار، وذلك ضربان: ضرب معقول بعين البصيرة؛ وهو ما انتشر من الأمور الإلهية: كنور العقل، ونور القرآن. ومحسوس بعين البصر؛ وهو ما انتشر من الأجسام النيرة: كالقمرين، والنجوم، والنيرات4.
والنور: كيفية تدركها الباصرة أولًا، وبواسطتها سائر المبصرات5.
والنور: هو الجوهر المضيء، والنار كذلك، غير أن ضوء النار مكدر مغمور بدخان محذور عنه، بسبب ما يصحبه من فرط الحرارة والإحراق، وإذا صارت مهذبة مصفاة كانت محض نور، ومتى نكصت عادت الحالة الأولى جذوة، ولا تزال تتزايد حتى ينطفئ نورها، ويبقى الدخان الصرف6.
وردت مادة (نور) في القرآن بصيغ متعددة، بلغت (١٩٤) مرة، منها (٤٩) مرة تخص موضوع البحث7.
والصيغ التي وردت، هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
المصدر |
٤٣ |
(ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [المائدة:١٥] |
اسم الفاعل |
٣ |
(ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الحج:٨] |
وجاء النور في الاستعمال القرآني على سبعة أوجه8:
الأول: الإسلام والإيمان: ومنه قوله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الصف:٨]. أي: الإسلام، وقوله تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [الأنعام:١٢٢]. أي: إيمانًا.
الثاني: الهدى: ومنه قوله تعالى: ( ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [النور:٣٥]. أي: هادي من في السماوات والأرض.
الثالث: النبي صلى الله عليه وسلم: ومنه قوله تعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [المائدة:١٥]. أي: محمد صلى الله عليه وسلم.
الرابع: ضوء النهار: ومنه قوله تعالى: (ﭗ ﭘ ﭙ) [الأنعام:١]. أي: ضوء النهار.
الخامس: ضوء القمر: ومنه قوله تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [الفرقان:٦١]. أي: مضيئًا لأهل الأرض.
السادس: ضوء المؤمنين على الصراط: ومنه قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [الحديد:١٢]. أي: الضوء الذي يعطي الله المؤمنين على الصراط يوم القيامة.
السابع: القرآن: ومنه قوله تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [التغابن:٨]، أي: القرآن.
الضياء:
الضياء لغة:
أصلها ضوء، قلبت الواو إلى ياء لمناسبة الكسرة قبلها9، والضوء هو الإنارة الناجمة عن مصدر ذاتي الإشعاع 10.
الضياء اصطلاحًا:
هو الإشعاع الشمسي الذي يؤثر في العين فيمكن المبصر من الرؤية 11.
وقال الراغب: «الضوء: ما انتشر من الأجسام النيرة»12.
الصلة بين النور والضياء:
النور والضياء مترادفان لغة.
وقد يفرق بينهما؛ بأن الضوء: ما كان من ذات الشيء المضيء، والنور: ما كان مستفادًا من غيره. وعليه جرى قوله تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [يونس: ٥].
السنا:
السنا لغة:
الضوء الساطع، والسناء: الرفعة، والسانية التي يسقى بها، سميت لرفعتها13.
السنا اصطلاحًا:
ضوء البرق الذي في السحاب.
الصلة بين النور والسنا:
يتفق النور والسنا من حيث شدة ضياء البرق وصفائه ونور لمعانه، إضافة إلى العلو والمجد والشرف والحسب والارتفاع في السنا، والأصل في السنا الإلماع، وهو أصل في النور أيضًا.
المشكاة:
المشكاة لغة:
كل كوةٍ ليست بنافذة، وهي أجمع للضوء، والمصباح فيها أكثر إنارةً في غيرها. وقال مجاهد: المشكاة: العمود الذي يكون المصباح على رأسه14.
المشكاة اصطلاحًا:
لايخرج عن معناه اللغوي.
الصلة بين النور والمشكاة:
الصلة بين المشكاة والنور واضحة فالمشكاة هي مكان الضوء وحابسته حتى يظهر، والصلة بينهما صلة مجاورة.
السراج:
السراج لغة:
(سرج): أصل صحيح يدل على الحسن والزينة والجمال. ومن ذلك السراج؛ سمي لضيائه وحسنه. والجمع: سُرُجٌ. والمسرجة: التي فيها الفتيل. وأسرج السراج: أوقده. وجبين سارج، أي: واضح كالسراج. ويقال: سرج وجهه، أي: حسنه، كأنه جعله له كالسراج15.
السراج اصطلاحًا:
لا يخرج عن معناه اللغوي.
الصلة بين النور والسراج:
السراج مصدر من مصادر النور، ولذا قال تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ) [نوح: ١٦].
فالشمس ينتج عن نورها إضاءة كالسراج.
من خلال تتبع الاقتران والمقابلة بين لفظي (النور) و(الظلمات) في آيات عدة من القرآن الكريم، نلحظ الأمور الآتية:
أولًا: تكرر تقابل لفظ النور بالظلمات في أحد عشر موضعًا مختلفًا في القرآن الكريم.
ثانيًا: كل ما ورد في القرآن من أمر الظلمات والنور فالمراد به الكفر مقابل الإيمان، إلا التي في أول سورة (الأنعام) في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [الأنعام: ١].
فإن المراد هناك ظلمة الليل ونور النهار16.
ثالثًا: التآم سياق سائر الآيات الإحدى عشرة على إفراد النور وجمع الظلمات، لتعدد فنون الباطل، واتحاد الحق، فطرق الضلال والكفر المقصودة من الظلمات كثيرة ومتشعبة؛ فهناك ظلمة الجهل، وظلمة العناد، وظلمة التقليد في الباطل، وظلمة الشرك والكفر، كما أن الظلمة متنوعة بتنوع أسبابها؛ فهناك ظلمة الليل، وظلمة المحابس، وظلمة القبور، وظلمة الغمام، وهي تتغير حقائقها بتغير أسبابها. كما أن الظلمات من أجرام متكاثفة، ولها أسباب كثيرة، أما النور فمن جنس متحد. ثم ثمة إشارة إلى أمر معنوي، وهي أن ظلمة الإدراك تتعدد حقائقها، فهناك ظلمة الانحراف، وظلمة الأهواء والشهوات، وظلمة طمس القلوب، أما النور فواحد، وهو الحق لا يتعدد، ومن نتائجه الكشف والظهور، وتعدد أسبابه لا يغير حقيقته.
قال تعالى: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ) [الأنعام: ١٥٣].
فطريق الحق واضحة المعالم لا لبس فيها، ولا تشعب في مسالكها، أما طريق الضلال فهي متعددة متشعبة ملتبسة على من يسلكها17.
رابعًا: تقديم الظلمات على النور. لأنها المخلوقة أولًا.
خامسًا: في جمع الظلمات وإفراد النور لونان من ألوان المحسنات المعنوية في علم البديع من فن البلاغة:
وهو الجمع بين الشيء وضده في الكلام، وهو نوعان: طباق الإيجاب، وهو ما لم يختلف فيه الضدان سلبًا أو إيجابًا، وطباق السلب، وهو ما اختلف فيه الضدان إيجابًا وسلبًا.
والاستعارة من المجاز اللغوي، وهي تشبيهٌ حذف أحد طرفيه، فعلاقتها المشابهة دائمًا، وهي قسمان: تصريحية ومكنية، والتصريحية: هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به، كما في مثالنا هنا، حيث استعار الظلمات، ولا يقصد به إلا الضلال، واستعار النور، ولا يقصد به إلا الهدى والإيمان18.
قال الله تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [النور: ٣٥].
وقوله: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ) أي: مدبر أمرهما بحكمةٍ بالغةٍ وحجَّةٍ نيرة. ثم مَثًّلَ مَثَلَ نوره ذلك في القلوب بأبين النور الذي لم يدرك بالأبصار فقال: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [النور: ٣٥].
فنوره يجوز أن يكون ما ذكرنا من تدبيره، وجائز أن يكون كتابه الذي بَيِّنَ به فقال: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [المائدة: ١٥].
وجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو النور الذي قال (ﮮ ﮯ)، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو المرشد والمبين والناقل عن الله ما هو نيرٌ، بينٌ19.
قال ابن عطية في ثنايا تفسير هذه الآية ما نصُّهُ: (النور) في كلام العرب الأضواء المدركة بالبصر20.
وقال تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الزمر: ٦٩].
قال الإمام الفخر الرازي في ثنايا تفسير هذه الآية ما نصه: قالت المجسمة: إن الله تعالى نورٌ محضٌ، فإذا حضر الله في تلك الأرض لأجل القضاء بين عباده أشرقت تلك الأرض بنور الله، وأكدوا هذا بقوله تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [النور: ٣٥].
واعلم أن الجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول: أنا بينا في تفسير قوله تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) أنه لا يجوز أن يكون الله سبحانه وتعالى نورًا، بمعنى كونه من جنس هذه الأنوار المشاهدة، وبينا أنه لما تعذر حمل الكلام على الحقيقة، وجب حمل لفظ النور ههنا على العدل، فنحتاج ههنا إلى بيان أن لفظ النور قد يستعمل في هذا المعنى، ثم إلى بيان أن المراد من لفظ النور ههنا ليس إلا هذا المعنى، أما بيان الاستعمال فهو أن الناس يقولون للملك العادل: أشرقت الآفاق بعدلك، وأضاءت الدنيا بقسطك، كما يقولون: أظلمت البلاد بجورك، وقال صلى الله عليه وسلم: (الظلم ظلمات يوم القيامة)21.
وأما بيان أن المراد من النور ههنا العدل فقط أنه قال: (ﭯ ﭰ ﭱ) [الزمر: ٦٩].
ومعلوم أن المجيء بالشهداء ليس إلا لإظهار العدل، وأيضًا قال في آخر الآية: (ﭵ ﭶ ﭷ)، فدل هذا على أن المراد من ذلك النور إزالة ذلك الظلم، فكأنه تعالى فتح هذه الآية بإثبات العدل، وختمها بنفي الظلم.
والوجه الثاني: في الجواب عن الشبهة المذكورة أن قوله تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الزمر: ٦٩].
يدل على أنه يحصل هناك نور مضاف إلى الله تعالى، ولا يلزم كون ذلك صفة ذات الله تعالى؛ لأنه يكفي في صدق الإضافة أدنى سبب، فلما كان ذلك النور من خلق الله، وشَرَّفَهُ، بأن أضافه إلى نفسه، كان ذلك النور نور الله، كقوله: بيت الله، وناقة الله، وهذا الجواب أقوى من الأول، لأن في هذا الجواب لا يحتاج إلى ترك الحقيقة، والذهاب إلى المجاز.
والوجه الثالث: أنه قد يقال: فلان رب هذه الأرض، ورب هذه الدار، ورب هذه الجارية، ولا يبعد أن يكون رب هذه الأرض ملكًا من الملوك، وعلى هذا التقدير فلا يمتنع كونه نورًا22.
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [التوبة: ٣٢].
وقال عز وجل: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ) [الصف: ٨].
علق الشيخ رشيد رضا في تفسيره المنار على لفظ (النور) ما نصه: ما ورد في (النور) من نصوص الكتاب والسنة فقد سمى الله تعالى نفسه نورًا، وورد النور في أسمائه الحسنى المأثورة، وأسند النور إلى اسم الذات في قوله: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [النور: ٣٥].
وأسنده رسوله صلى الله عليه وسلم إلى وجهه تعالى بقوله: (أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات)23، ومثله في آثار أخرى.
والجمهور يفسرون الوجه بالذات، وهذا نوع من استعمال النور، غير إضافته إليه تعالى في قوله: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الزمر: ٦٩].
وقوله: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الصف: ٨].
على أن نوره في الأخيرة كتابه ووحيه وكلامه الذي هو من صفاته، والمراد به في الأظهر ما فيه آيات الهداية، فهو كقوله: (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ) [المائدة: ٤٤].
ومثله إطلاق اسم النور على النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [المائدة: ١٥].
على وجه. وورد مثل هذا في كتب العهد الجديد عند النصارى مرويًّا عن المسيح عليه السلام، كقول يوحنا في رسالته الأولى (١: ٥): وهذه هي البشرى التي سمعناها منه ونبشركم بها: أن الله نور، وليس فيه ظلمة ألبتة. وأطلق النور على المسيح نفسه في موضع من إنجيلي لوقا ويوحنا.
ومن المعلوم أن النور حسي ومعنوي، فالأول يرى بالبصر ويرى به البصر سائر المبصرات، والثاني يدرك بالبصيرة وتدرك به البصيرة الحق والخير والصلاح، كذلك نور الآخرة قسمان: حسي ومعنوي، وأما نور الله تعالى الذي هو صفة من صفاته فقد أضيف إلى وجهه، وأسند إلى ذاته، فهو فوق هذا وذاك، لا يعرف كنهه سواه عز وجل، وهو غير النور الذي هو حجابه المانع من رؤية ذاته، وإدراك كنهه، ولا يكبرنَّ عليك أيها الإنسان المعجب بنفسك هذا العجز عن إدراك نور الله عز وجل، فإن هذا النور الحسي الذي تراه بعينك لا تدرك حقيقته، ولم يدركها أحد من أبناء جنسك إلى الآن، ولم يستطع أحد أن يضع له تعريفًا يحدد هذه الحقيقة، ولم يكن المتقدمون يعرفون منه إلا ما يرونه من نار الأرض ونيرات السماء، ثم عرف المتأخرون هذه الكهرباء والراديو، فدخل بذلك العلم والعمل في طور جديد، إذا قيل: إنه فوق طور العقل والفلسفة والعلم التي انتهى إليها البشر قبله، لم يكن هذا القول مبالغة، وقد كانت الصوفية تقول: إن وراء مدرك عقول البشر علومًا صحيحة منطبقة على حقائق خارجية، لا محض نظريات فكرية، فيقول مدعو الفلسفة والمنطق: إن هذه خرافات خيالية، قال ابن الفارض: فثم وراء العقل علمٌ يدق عن مدارك غايات العلوم الصحيحة.
فأي عقل كان يتصور أنه يمكن لشخص واحد أن يوقد ما لا يحصى من المصابيح في دار، أو مدينة كبيرة في طرفة عين، وأن يطفئها في طرفة عين؟ وأن هذه المصابيح توقد بلا زيت ولا نار، وإنما تشعل بتحريك هنة صغيرة بعيدة عنها، ولكنها متصلة بها بسلك دقيق24.
أولًا: النور الحسي:
ويتجلى في نماذج المحسوسات الآتية:
قال تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [نوح: ١٦].
وقال تعالى أيضًا: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [يونس: ٥].
قال الإمام البغوي في تفسيره: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) بالنهار، (ﯜ ﯝ) بالليل. وقيل: جعل الشمس ذات ضياء، والقمر ذا نور، (ﯞ ﯟ)، أي: قدر له، يعني هيأ له منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها، ولم يقل: قدرهما. قيل: تقدير المنازل ينصرف إليهما، غير أنه اكتفى بذكر أحدهما، كما قال: (ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [التوبة: ٦٢].
وقيل: هو ينصرف إلى القمر خاصة، لأن بالقمر يعرف انقضاء الشهور والسنين لا بالشمس، ومنازل القمر ثمانية وعشرون منزلًا، وأسماؤها: الشرطين، والبطين، والثريا، والدبران، والهقعة، والهنعة، والذراع، والنسر، والطرف، والجبهة، والزبرة، والصرفة، والعواء، والسماك، والغفر، والزباني، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعائم، والبلدة، وسعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، وفرع الدلو المقدم، وفرع الدلو المؤخر، وبطن الحوت.
وهذه المنازل مقسومة على البروج، وهي اثنا عشر برجًا: الحمل والثور والجوزاء، والسرطان والأسد والسنبلة، والميزان والعقرب والقوس، والجدي والدلو والحوت، فلكل برج منزلان وثلث منزل، فينزل القمر كل ليلة منزلًا منها، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين، وإن كان الشهر تسعًا وعشرين فليلة واحدة، فيكون انقضاء الشهر بنزول تلك المنازل، ويكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يومًا وثلث يوم، فيكون انقضاء السنة من انقضائها.
قوله تعالى: (ﯠ ﯡ ﯢ)، أي: قدر المنازل لتعلموا عدد السنين دخولها وانقضاءها، (ﯣ)، يعني: حساب الشهور والأيام والساعات. (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ)، رده إلى الخلق والتقدير، ولولا رده إلى الأعيان المذكورة لقال تلك، (ﯪﯫ)، أي: لم يخلقه باطلًا، بل إظهارًا لصنعه، ودلالة على قدرته. (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ)25.
قال الله تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [الأعراف: ١٥٧].
وقد ذهب المفسرون في تعيين النور في الآية بالقرآن الكريم في قوله تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)، أي: واتبعوا القرآن المنزل إليه، مع إتباعه بالعمل بسنته، مما يأمر به، وينهى عنه. أو اتبعوا القرآن مصاحبين له في اتباعه. وسمى القرآن نورًا، لأن به يستنير قلب المؤمن فيخرج به من ظلمات الشك والجهالة إلى ضياء اليقين والعلم26.
قال تعالى: (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ) [المائدة: ٤٤].
استئناف يتضمن تعظيم التوراة وتفخيم شأنها، وأنَّ فيها الهدى والنور، وهو بيان الشرائع والتبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم وإيجاب اتباعه27.
وقال تعالى: (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ) [الأنعام: ٩١].
أي: قل يا محمد لهؤلاء المنكرين لإنزال شيء من الكتب من عند الله، في جواب سؤالهم العام، بإثبات قضية جزئية موجبة، (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) وهو التوراة التي قد علمتم، وكلُّ أحد قد علم أن الله قد أنزلها على موسى بن عمران، (ﭨ ﭩ ﭪﭫ)، أي: ليستضاء بها في كشف المشكلات، ويهتدى بها من ظلم الشبهات. وقوله تعالى: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ)، أي تجعلون جملتها قراطيس، أي: قطعًا تكتبونها من الكتاب الأصلي، الذي بأيديكم، وتحرفون منها ما تحرفون، وتبدلون وتتأولون، وتقولون هذا من عند الله، أي في كتابه المنزل، وما هو من عند الله، ولهذا قال تعالى: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ)28.
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [المائدة: ٤٦].
ثانيًا: النور المعنوي:
ويتجلى في نماذج المعاني الثلاثة الآتية:
ومثله إطلاق اسم النور على النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [المائدة: ١٥].
فالنور: هو محمد صلى الله عليه وسلم، والهدى، أو النور الذي يبين الأشياء، ويري الأبصار حقيقتها، فمثل ما أوتي به النبي صلى الله عليه وسلم في القلوب في بيانه، وكشفه الظلمات كمثل النور. وقيل: الإسلام، والكتاب المبين: القرآن، فإنه المبين29.
ومثله في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [الشورى: ٥٢].
قال ابن عباس: يعني الإيمان، وقال السدي: يعني القرآن30.
ومثله أيضًا قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [التحريم: ٨].
فقد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية، ووعد عليها بتكفير السيئات، ودخول الجنات، والفوز والفلاح، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته، ويشفقون إذا طفئت الأنوار، التي لا تعطى المنافقين، ويسألون الله أن يتمم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم، ويوصلهم ما معهم من النور واليقين إلى جنات النعيم، وجوار الرب الكريم، وكل هذا من آثار التوبة النصوح31.
فقد أطلق القرآن الكريم لفظ النور على معنى الهداية واليقين، والعلم والإيمان، كما في قوله تعالى: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [الحديد: ٩].
أي: حججًا واضحات، ودلائل باهرات، وبراهين قاطعات ظاهرات تدل أهل العقول على صدق كل ما جاء به، وأنه حق اليقين، (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ)، أي: من ظلمات الجهل والكفر والآراء المتضادة، إلى نور الهدى واليقين، ومن ظلمات الجهل والكفر، إلى نور العلم والإيمان، وهذا من رحمته بكم ورأفته، حيث كان أرحم بعباده من الوالدة بولدها32.
وذكر الشعراوي رحمه الله في خواطره عند قوله تعالى: (ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [النور: ٣٥].
فقال: لم يتركنا الحق سبحانه وتعالى في النور الحسي فقط، إنما أرسل إلينا نورًا آخر على يد الرسل، هو نور المنهج الذي ينظم لنا حركة الحياة، كأنه تعالى يقول لنا: بعثت إليكم نورًا على نور، نور حسي، ونور قيمي معنوي، وإذا شهدتم أنتم بأنَّ نوري الحسي ينير لكم السموات والأرض، وإذا ظهر تلاشت أمامه كل أنواركم، فاعلموا أن نور منهجي كذلك يطغى على كل مناهجكم، وليس لكم أن تأخذوا بمناهج البشر في وجود منهج الله.
وقوله تعالى: (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) أي: لنوره المعنوي نور المنهج ونور التكاليف، والكفار لم يهتدوا إلى هذا النور، وإن اهتدوا إلى النور الحسي في الشمس والقمر وانتفعوا به، وأطفأوا له مصابيحهم، لكن لم يكن لهم حظ في النور المعنوي، حيث أغلقوا دونه عيونهم وقلوبهم وأسماعهم، فلم ينتفعوا به. وكان عليهم أن يفهموا أن نور الله المعنوي مثل نوره الحسي لا يمكن الاستغناء عنه، لذلك جاء في أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهد في غيره أضله الله). والعجيب أن العبد كلما توغل في الهداية ازداد نورًا على نور، كما قال سبحانه: (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [الأنفال: ٢٩].
وقال تعالى: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [محمد: ١٧]33.
مهمة أنبياء الله ورسله، وورثتهم في الأمة من الأئمة والدعاة والعلماء، إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
قال الله تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الأحزاب: ٤٥-٤٦].
قال سيد قطب رحمه الله: (ﭣ ﭤ ﭥ)، لا إلى دنيا، ولا إلى مجد، ولا إلى عزة قومية، ولا إلى عصبية جاهلية، ولا إلى مغنم، ولا إلى سلطان أو جاه. ولكن داعيا إلى الله، في طريق واحد يصل إلى الله (ﭦ)، فما هو بمبتدع، ولا بمتطوع، ولا بقائل من عنده شيئًا. إنما هو إذن الله له، وأمره لا يتعداه. (ﭧ ﭨ)، يجلو الظلمات، ويكشف الشبهات، وينير الطريق، نورًا هادئًا هاديًا كالسراج المنير في الظلمات. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من النور. جاء بالتصور الواضح البين النير لهذا الوجود، ولعلاقة الوجود بالخالق، ولمكان الكائن الإنساني من هذا الوجود وخالقه، وللقيم التي يقوم عليها الوجود كله، ويقوم عليها وجود هذا الإنسان فيه؛ وللمنشأ والمصير، والهدف والغاية، والطريق والوسيلة. في قول فصل، لا شبهة فيه، ولا غموض. وفي أسلوب يخاطب الفطرة خطابًا مباشرًا، وينفذ إليها من أقرب السبل، وأوسع الأبواب، وأعمق المسالك والدروب34.
وقد سعى الأعداء لإطفاء نور الله تعالى.
قال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ) [الصف: ٨].
وقال أيضًا: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [التوبة: ٣٢].
قال الرازي: اعلم أن المقصود منه بيان نوع ثالث من الأفعال القبيحة الصادرة عن رؤساء اليهود والنصارى، وهو سعيهم في إبطال أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وجدهم في إخفاء الدلائل الدالة على صحة شرعه وقوة دينه، والمراد من النور: الدلائل الدالة على صحة نبوته، وهي أمور كثيرة جدًّا.
أحدها: المعجزات القاهرة التي ظهرت على يده، فإنَّ المعجز إمَّا أن يكون دليلًا على الصدق أو لا يكون، فإن كان دليلًا على الصدق، فحيث ظهر المعجز لا بد من حصول الصدق، فوجب كون محمد صلى الله عليه وسلم صادقًا، وإن لم يدلَّ على الصدق قدح ذلك في نبوة موسى وعيسى عليهما السلام.
وثانيها: القرآن العظيم الذي ظهر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم مع أنه من أول عمره إلى آخره ما تعلم وما طالع، وما استفاد، وما نظر في كتاب، وذلك من أعظم المعجزات.
وثالثها: أن حاصل شريعته تعظيم الله والثناء عليه، والانقياد لطاعته، وصرف النفس عن حبَِّ الدنيا، والترغيب في سعادات الآخرة. والعقل يدلُّ على أنه لا طريق إلى الله إلا من هذا الوجه.
ورابعها: أنَّ شرعه كان خاليًا عن جميع العيوب، فليس فيه إثبات ما لا يليق بالله، وليس فيه دعوة إلى غير الله، وقد ملك البلاد العظيمة، وما غير طريقته في استحقار الدنيا، وعدم الالتفات إليها، ولو كان مقصوده طلب الدنيا لما بقي الأمر كذلك.
فهذه الأحوال دلائل نيرة وبراهين قاهرة في صحة قوله، ثم إنهم بكلماتهم الركيكة وشبهاتهم السخيفة، وأنواع كيدهم ومكرهم، أرادوا إبطال هذه الدلائل، فكان هذا جاريًا مجرى من يريد إبطال نور الشمس بسبب أن ينفخ فيها، وكما أن ذلك باطل وعمل ضائع، فكذا ههنا، فهذا هو المراد من قوله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ).
ثم إنه تعالى وعد محمدًا صلى الله عليه وسلم مزيد النصرة والقوة وإعلاء الدرجة وكمال الرتبة فقال: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ).
فإن قيل: كيف جاز أبى الله إلا كذا، ولا يقال كرهت أو أبغضت إلا زيدًا؟ قلنا: أجرى (أبى) مجرى لم يرد، والتقدير: ما أراد الله إلا ذلك، إلا أن الإباء يفيد زيادة عدم الإرادة وهي المنع والامتناع، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (وإن أرادوا ظلمنا أبينا) فامتدح بذلك، ولا يجوز أن يمتدح بأنه يكره الظلم، لأن ذلك يصح من القوي والضعيف، ويقال: فلان أبى الضيم، والمعنى ما ذكرناه، وإنما سمى الدلائل بالنور؛ لأن النور يهدي إلى الصواب. فكذلك الدلائل تهدي إلى الصواب في الأديان35.
أولًا: سعي نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم:
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [التحريم: ٨].
قال ابن عاشور: ضمير (ﭮ) عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه. وإضافة (نور) إلى ضمير (هم) مع أنه لم يسبق إخبار عنهم بنور لهم ليست إضافة تعريف، إذ ليس المقصود تعريف النور وتعيينه، ولكن الإضافة مستعملة هنا في لازم ضمير نورهم عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه. وإضافة (نور) إلى ضمير (هم) مع أنه لم يسبق إخبار عنهم بنور لهم ليست إضافة تعريف إذ ليس المقصود تعريف؛ النور وتعيينه ولكن الإضافة مستعملة هنا في لازم معناها وهو اختصاص النور بهم في ذلك اليوم، بحيث يميزه الناس من بين الأنوار يومئذ.
وسعي النور: امتداده وانتشاره. شبه ذلك باشتداد مشي الماشي وذلك أنه يحف بهم حيثما انتقلوا تنويها بشأنهم، كما تنشر الأعلام بين يدي الأمير والقائد، وكما تساق الجياد بين يدي الخليفة. وإنما خُصَّ بالذكر من الجهات الأمام واليمين؛ لأن النور إذا كان بين أيديهم تمتعوا بمشاهدته وشعروا بأنه كرامة لهم، ولأن الأيدي هي التي تمسك بها الأمور النفيسة وبها بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإيمان والنصر. وهذا النور نور حقيقي يجعله الله للمؤمنين يوم القيامة. والباء للملابسة، ويجوز أن تكون بمعنى (عن).
وقد تقدم نظير هذا في سورة الحديد وما ذكرناه هنا أوسع. وجملة (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) إلى آخرها حال من ضمير (ﭮ)، وظاهره أن تكون حالًا مقارنة، أي: يقولون ذلك في ذلك اليوم، ودعاؤهم طلب للزيادة من ذلك النور، فيكون ضمير يقولون عائد إلى جميع الذين آمنوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ، أو يقول ذلك من كان نوره أقل من نور غيره ممن هو أفضل منه يومئذ، فيكون ضمير يقولون على إرادة التوزيع على طوائف الذين آمنوا في ذلك اليوم. وإتمام النور إدامته أو الزيادة منه على الوجهين المذكورين آنفا، وكذلك الدعاء بطلب المغفرة لهم هو لطلب دوام المغفرة، وذلك كله أدب مع الله وتواضع له، مثل ما قيل في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم سبعين مرة. ويظهر بذلك وجه التذييل بقولهم: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) المشعر بتعليل الدعاء كناية عن رجاء إجابته لهم36.
ثانيًا: تمني المنافقين الاقتباس من نور المؤمنين:
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [الحديد: ١٢-١٣].
قال الرازي: المراد من هذا اليوم هو يوم المحاسبة، واختلفوا في هذا النور على وجوه:
أحدها: قال قوم: المراد نفس النور على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن كل مثاب فإنه يحصل له النور على قدر عمله وثوابه في العظم والصغر. فعلى هذا مراتب الأنوار مختلفة؛ فمنهم من يضيء له نور كما بين عدن إلى صنعاء، ومنهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من لا يضيء له نور إلا موضع قدميه، وأدناهم نورًا من يكون نوره على إبهامه ينطفئ مرة ويتقد أخرى، وهذا القول منقول عن ابن مسعود، وقتادة وغيرهما، وقال مجاهد: ما من عبد إلا وينادي يوم القيامة: يا فلان ها نورك، ويا فلان لا نور لك، نعوذ بالله منه. واعلم أنا بينا في سورة النور، أن النور الحقيقي هو الله تعالى، وأن نور العلم الذي هو نور البصيرة أولى بكونه نورًا من نور البصر، وإذا كان كذلك ظهر أن معرفة الله هي النور في القيامة، فمقادير الأنوار يوم القيامة على حسب مقادير المعارف في الدنيا.
والمراد من النور ما يكون سببًا للنجاة. وإنما قال: (ﭗ ﭘ ﭙ)، لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم، ووراء ظهورهم. والمراد بهذا النور الهداية إلى الجنة، كما يقال ليس لهذا الأمر نور، إذا لم يكن المقصود حاصلًا، ويقال: هذا الأمر له نور ورونق، إذا كان المقصود حاصلًا37.
وذكر ابن أبي حاتم روايات في تفسيره للآية: منها: عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: (ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم. يمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، وأدناهم نورًا من نوره على إبهامه يطفأ مرة ويوقد أخرى).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه، فأنظر إلى بين يدي، فأعرف أمتي من بين الأمم، ومن خلفي مثل ذلك، وعن يميني مثل ذلك، وعن شمالي مثل ذلك)، فقال الرجل: يا رسول الله، كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك؟ قال: (هم غرٌ محجلون من أثر الوضوء، ليس أحد كذلك غيرهم، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم يسعى بين أيديهم ذريتهم)38.
وعن سليم بن عامر قال: خرجنا على جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: أيها الناس، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر، وهو هذا يشير إلى القبر- بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع الله، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم في بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس في أمر من الله، فتبيض وجوه، وتسود وجوه.
ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر تغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورًا، ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئًا وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه، قال: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [النور: ٤٠].
فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير، و (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ)، وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال تعالى: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [النساء: ١٤٢].
فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور. فلا يجدون شيئًا، فينصرفون إليهم وقد ضرب (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) الآية.
يقول سليم بن عامر: فما يزال المنافق مغترًّا حتى يقسم النور، ويميز الله بين المؤمن والمنافق. وبسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (تبعث ظلمة يوم القيامة، فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه، حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم، فيتبعهم المنافقون فيقولون: (ﭰ ﭱ ﭲ)39.
ثالثًا: مقام الشهداء عند ربهم بما يتمتعون به من أجر ونور:
قال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [الحديد: ١٩].
قال السعدي في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ): الإيمان عند أهل السنة: هو ما دل عليه الكتاب والسنة، وهو قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، فيشمل ذلك جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة، فالذين جمعوا بين هذه الأمور (ﭕ ﭖ ﭗﭘ) أي: الذين مرتبتهم فوق مرتبة عموم المؤمنين، ودون مرتبة الأنبياء.
وقوله تعالى: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ) كما ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة مائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله)40.
وهذا يقتضي شدة علوهم ورفعتهم، وقربهم من الله تعالى.
وقوله تعالى: (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ).
فهذه الآيات جمعت أصناف الخلق، المتصدقين، والصديقين، والشهداء، وأصحاب الجحيم، فالمتصدقون الذين كان جُلُّ عملهم الإحسان إلى الخلق، وبذل النفع إليهم بغاية ما يمكنهم، خصوصا بالنفع بالمال في سبيل الله. والصديقون هم الذين كملوا مراتب الإيمان والعمل الصالح، والعلم النافع، واليقين الصادق، والشهداء هم الذين قاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله تعالى، وبذلوا أنفسهم وأموالهم فقتلوا، وأصحاب الجحيم هم الكفار الذين كذبوا بآيات الله تعالى41.
يتنوع المثل في القرآن الكريم إلى أنواع ثلاثة مختلفة، ويمكننا أن نطبقها على لفظ (النور):
أولًا: المثل الظاهر:
وهو المصرح به بلفظ المثل أو التشبيه، كما في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [البقرة: ١٧].
فقد ضرب فيها للمنافقين مثلين: مثلًا بالنار، ومثلًا بالمطر.
أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء، فلما ماتوا سلبهم الله العزَّ كما سلب صاحب النار ضوءه (ﭝ ﭞ ﭟ) يقول: في عذاب، (ﭪ ﭫ) هو المطر، ضرب مثله في القرآن (ﭮ ﭯ) يقول: ابتلاء (ﭰ ﭱ) تخويف (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) يقول: يكاد محكم القرآن يدلُّ على عورات المنافقين (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) يقول: كلما أصاب المنافقون في الإسلام عزًّا اطمأنوا، فإن أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر، كقوله: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [الحج: ١١]42.
ومثله أيضًا: قوله تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [النور: ٣٥].
ثانيًا: المثل الكامن:
وهو الذي لا يذكر فيه لفظ المثل صراحة، وإنما يفهم من السياق، وتدل ألفاظه على معنى المثل، كما في قوله تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [الأنعام: ١٢٢].
فقد مثل المؤمن بالحيِّ مقابل الكافر بالميت، وبين أنَّ هدي هذا الدين كالنور يضيء للمارة في درب مظلم. فالمثل هنا مفهوم من دلالة النص ومكنونه.
ثالثًا: المثل المرسل:
وهو الذي لم يصرح فيه بلفظ التشبيه، بل هي ألفاظ من القرآن، جارية مجرى المثل، كما في قوله تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الأحزاب: ٤٦].
فقد شبه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ودعوته بالسراج المنير43.
ونختم باستعراض ما استجمعه الإمام الفيروزآبادي في بصائره المميزة من خصائص مختلفة جامعة لمفردة (النور)، جاء فيها:
النور: الضياء والسناء الذى يعين على الإبصار، وذلك ضربان: دنيوي وأخروي، فالدنيوي ضربان: معقول بعين البصيرة، وهو ما انتشر من الأنوار الإلهية: كنور العقل، ونور القرآن، ومحسوس بعين البصر، وهو ما انتشر من الأجسام النيرة: كالقمرين، والنجوم، والنيرات.
فمن النور الإلهي، قوله تعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [المائدة: ١٥].
وقوله: (ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ) [النور: ٣٥].
ومن النور المحسوس الذى يرى بعين البصر نحو قوله: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [يونس: ٥].
وتخصيص الشمس بالضوء، والقمر بالنور، من حيث إن الضوء أخص من النور، وقوله: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [الفرقان: ٦١]. أي: ذا نور.
ومما هو عامٌّ فيهما قوله: (ﭗ ﭘ ﭙﭚ) [الأنعام: ١].
وقوله: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الزمر: ٦٩].
ومن النور الأخروي قوله: (ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الحديد: ١٢].
وسمى الله نفسه نورًا، من حيث إنه المنور، فقال: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ)، وتسميته تعالى بذلك لمبالغة فعله، وقيل: النور هو الذي يبصر بنوره ذو العماية، ويرشد بهداه ذو الغواية، وقيل: هو الظاهر الذي به كل ظهور، فالظاهر في نفسه المظهر لغيره يسمى نورًا. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ فقال: (نور أنى أراه!)44، أي: هو نور كيف أراه!. وسئل عنه الإمام أحمد فقال: ما زلت منكرًا له، وما أدري ما وجهه. وقال ابن خزيمة: في القلب من صحة هذا الحديث شيء.
وقال بعض أهل الحكمة: النور جسم وعرض، والله تعالى ليس بجسم ولا عرض، وإنما حجابه النور، وكذا روي في حديث أبي موسى، والمعنى: كيف أرى وحجابه النور! أي: النور يمنع من رؤيته. وفي الحديث: (اللهم اجعل في قلبي نورًا)45، وذكر سائر الأعضاء، والمعنى: استعمل هذه الأعضاء مني في الحق، واجعل تصرفي وتقلبي فيها على سبيل الصواب والخير.
وقوله تعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [المائدة: ١٥]. يعني سيد المرسلين محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ) [الأعراف: ١٥٧] أي: القرآن.
وقوله: (ﭗ ﭘ ﭙﭚ) [الأنعام: ١]. قيل: أي: الليل والنهار.
وقوله: (ﮉ ﮊ ﮋ) [الصف: ٨]. يعني به الإسلام.
وقوله: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [الحديد: ١٣].
وقوله: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [التحريم: ٨]. المراد به نور العناية.
والنار تقال للهيب الذي يبدو للحاسة نحو قوله تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [الواقعة: ٧١].
وللحرارة المجردة؛ ولنار جهنم المذكورة في قوله تعالى: (ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﰉ) [الحج: ٧٢].
وفي حديث شجر جهنم: (فتعلوهم نار الأنيار)46.
يحتمل أن يكون معناه نار النيران، فجمع النار على أنيار، وأصلها أنوار، كما جاء في ريح وعيد رياح وأعياد، وأصلهما واو. ولنار الحرب المذكورة في قوله تعالى: (ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ) [المائدة: ٦٤].
وقال بعضهم: النار والنور من أصل واحد، وهما كثيرًا ما يتلازمان، لكن النار متاع للمقوين في الدنيا، والنور متاع للمتقين في الدنيا والآخرة، ولأجل ذلك استعمل في النور الاقتباس، فقال: (ﭰ ﭱ ﭲ) [الحديد: ١٣]. وتنورت نارًا: أبصرتها47.
موضوعات ذات صلة: |
الآيات الكونية، الشمس، الظلمات، القمر، الليل، النجوم، النهار |
1 مختار الصحاح، الرازي ص ٦٨٤.
2 القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص ٦٢٨.
3 مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/٣٦٨.
4 المفردات، الأصفهاني ص ٥٢٧.
5 التعريفات، الجرجاني ص ٣١٦.
6 الكليات، الكفوي ص ٩٠٨.
7 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبدالباقي ص ٧٢٣-٧٢٦.
8 انظر: الوجوه والنظائر، الدامغاني ص ٤٤٥، ٤٤٧، نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي ص ٥٩٩، ٦٠١، الوجوه والنظائر، أبو هلال العسكري ص ٤٨٦، ٤٨٨، الوجوه والنظائر، مقاتل بن سليمان ص ١٣١- ١٣٣.
9 انظر: جمهرة اللغة، ابن دريد ٢/١٠٧٨.
10 انظر: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، محمد بن علي التهانوي ٢/١١٠٩.
11 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٢/١٣٧٣، الأمثال القرآنية القياسية المضروبة للإيمان بالله، عبد الله الجربوع ٢/٧٤٧.
12 المفردات، ص٥١٤.
13 المفردات، الأصفهاني ص ٢٦٢، الكليات، الكفوي ص ٥١٥.
14 تاج العروس، الزبيدي ٣٨/٣٩١، لسان العرب، ابن منظور ٨/١٢٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ١٠/٥٠٩.
15 مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/١٥٦، لسان العرب، ابن منظور ٧/١٦٣.
16 الكليات، الكفوي ص ٥٨٨.
17 فتح القدير، الشوكاني ٤/٤٥٦، صفوة التفاسير، الصابوني ١/١٤٨، زهرة التفاسير، أبو زهرة ٥/٢٤٣١، وإعراب القرآن وبيانه، درويش ٣/٦٢.
18 البلاغة الواضحة، الجارم وأمين ص ٣٢٧.
19 تهذيب معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٣٥.
20 المحرر الوجيز، ابن عطية ١٠/٥٠٤.
21 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، رقم ٢٥٧٨.
22 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٨/٢٠.
23 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، كتاب الدعاء، رقم ١٠٣٦ بهذا الإسناد.
وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، ٦/٤٨٦، رقم ٢٩٣٣.
24 تفسير المنار، رضا ٩/١٥٠.
25 معالم التنزيل، البغوي ٢/٤١٠.
26 فتح القدير، الشوكاني ٢/٣٦، لباب التأويل، الخازن ٢/٧٠.
27 فتح القدير، الشوكاني ٢/٦٠.
28 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٦٠.
29 تهذيب معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/١٢٣، فتح القدير، الشوكاني ٢/٣٤.
30 معالم التنزيل، البغوي ٤/١٥٣.
31 تيسير الكريم الرحمن ص ٨٧٤.
32 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٩٨، تيسير الكريم الرحمن ص ٨٣٨.
33 تفسير خواطر الشعراوي ١٧/١٠٢٧٥.
34 في ظلال القرآن، سيد قطب ٥/٢٨٧٢.
35 مفاتيح الغيب، الرازي ١٦/٤١.
36 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/٣٧٠.
37 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٩/٢٢٣.
38 أخرجه أحمد في مسنده رقم ٢١٧٣٧، وإسناده صحيح.
39 تفسير ابن أبي حاتم ١٠/٣٣٣٧.
40 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، رقم ٧٤٢٣.
41 تيسير الكريم الرحمن ص ٨٤٠.
42 الإتقان في علوم القرآن، السيوطي ٤/٧٧٠.
43 مباحث في علوم القرآن، القطان ص ٢٩٠.
44 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قوله صلى الله عليه وسلم: (نور أنى أراه)، رقم ١٧٨.
45 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه بالليل، رقم ٦٣١٦، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم ٧٦٣.
46 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ٦٦٧٧، والترمذي في سننه، أبواب صفة القيامة، ٤/٦٥٥، رقم ٢٤٩٢.
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ٢/١٣٣٥، رقم ٨٠٤٠.
47 النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٥/١٠٦، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٥/١٣٣.