عناصر الموضوع

مفهوم النفاق

النفاق في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أنواع النفاق

صفات المنافقين

مظاهر النفاق

طريقة التعامل مع المنافقين

خطر النفاق والمنافقين على الأمة

وعيد الله عز وجل للمنافقين

النفاق

مفهوم النفاق

أولًا: المعنى اللغوي:

اختلف علماء اللغة في أصل النفاق، فقيل: إن ذلك نسبة إلى النفق وهو السرب في الأرض؛ لأن المنافق يستر كفره ويغيبه، فتشبه بالذي يدخل النفق يستتر فيه. وقيل: سمي به من نافقاء اليربوع، فإن اليربوع له جحر يقال له: النافقاء، وآخر يقال له: القاصعاء، فإذا طلب من القاصعاء قصع فخرج من النافقاء. كذا المنافق يخرج من الإيمان من غير الوجه الذي يدخل فيه1.

يقول ابن منظور رحمه الله: النفاق بالكسر فعل المنافق والنفاق الدخول في الإسلام من وجه والخروج عنه من آخر مشتق من نافقاء اليربوع. وقد نافق منافقةً ونفاقًا، وهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه وإن كان أصله في اللغة معروفًا يقال: نافق ينافق منافقة ونفاقًا وهو مأخوذ من النافقاء لا من النفق وهو السرب الذي يستتر فيه لستره كفره2.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

النفاق في الاصطلاح الشرعي: هو إظهار القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد3.

يقول الجرجاني رحمه الله في تعريف النفاق: هو إظهار الإيمان باللسان وكتمان الكفر بالقلب4.

إذن فالمنافق في الشرع هو الذي يظهر غير ما يبطن. فإن كان الذي يخفيه التكذيب بأصول الإيمان فهو المنافق الخالص، وإن كان الذي يخفيه غير الكفر بالله وكتابه ورسوله، وإنما هو شيء من المعصية لله، فهو الذي فيه شعبة أو أكثر من شعب النفاق.

النفاق في الاستعمال القرآني

وردت مادة (نفق) في القرآن الكريم (١١١) موضعًا، يخص موضوع البحث منها (٣٧) موضعًا5.

والصيغ التي وردت، هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٢

( ) [آل عمران:١٦٧]

المصدر

٣

( ) [التوبة:٧٧]

اسم الفاعل

٣٢

( ) [الحديد:١٣]

وجاءت كلمة النفاق في القرآن بمعناها اللغوي، وهو: إظهار الإيمان وإخفاء الكفر6.

الألفاظ ذات الصلة

الكفر:

الكفر لغة:

الستر والتغطية، يقال لمن غطى درعه بثوب: قد كفر درعه، والمكفر: الرجل المتغطي بسلاحه، وهو ضد الإيمان، لأنه تغطية للحق7.

الكفر اصطلاحًا:

«الجحود بالوحدانية أو النبوة، أو الشريعة، أو بثلاثتها»8.

الصلة بين الكفر والنفاق:

والكفر توأم النفاق، والكفر إذا ذكر مفردا في وعيد الآخرة دخل فيه المنافقون كقوله تعالى: ( ﭿ ﮊﮋ ) [النساء: ١٣٦].

وأمثال هذه النصوص كثير في القرآن.

ثم قد يقترن « الكفر بالنفاق » في مواضع، مثل قوله تعالى: ( ﯻﯼ ﯿﰀ ) [النساء: ١٤٠].

والإيمان والنفاق ضدان لا يجتمعان، وليس بينهما نطاقٌ مشترك، بل يختلفان كل الاختلاف من حيث الأصل والطبيعة والأثر، فإن زادت مادة الإيمان في القلب قل معها أثر النفاق، كالكوب الفارغ يصب فيه الماء، فكلما زادت نسبته خرج الهواء الذي كان يملأ الكوب، حتى يمتلئ تمامًا. كذلك العلاقة بين الإيمان والنفاق، يتزود الإنسان بالعمل الصالح الذي يزكي نفسه، ويطهر روحه، فتخبو جمرة النفاق حتى تنطفئ وتتلاشى.

الرياء:

الرياء لغةً:

يقال: فلانٌ (مراءٍ)، وقومٌ (مراؤون)، والاسم (الرياء) يقال: فعل ذلك رياءً وسمعةً، إظهار غير ما في الباطن 9.

الرياء اصطلاحًا:

العمل لرؤية الناس والسمعة لأجل سماعهم 10.

وقيل الرياء: أن يعمل المرء العمل ظاهره أنه لله؛ ولكنه في الباطن يريد به مدح الناس له.

الصلة بين الرياء والنفاق:

أن النفاق إظهار الإيمان مع إبطان الكفر. والرياء إظهار الطاعة مع إبطان المعصية11.

والرياء مدخل من مداخل الشرك، كما جاء في الحديث القدسي: (قال الله تبارك وتعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)12.

قال النووي: «ومعناه أنا غني عن المشاركة وغيرها، فمن عمل شيئًا لي ولغيري لم أقبله، بل أتركه لذلك الغير. والمراد: أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه، ويأثم به »13.

الإيمان:

الإيمان لغة:

الإيمان في اللغة يراد به معنيان، يظهر معناهما بحسب السياق وهما: الأمن وضده الخوف، والتصديق وضده التكذيب، والمعنيان متداخلان14.

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى معنًى لغويًّا آخر للإيمان؛ وهو أن يكون الإيمان بمعنى الإقرار؛ لا مجرد التصديق، والإقرار ضمن قول القلب الذي هو التصديق، وعمل القلب الذي هو الانقياد 15.

الإيمان اصطلاحًا:

«التصديق الجازم، والاعتراف التام بجميع ما أخبر الله ورسوله عنه في القرآن والسنة، وأمر بالإيمان به؛ والانقياد له ظاهرًا وباطنًا»16.

فهو قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية17؛ «ويشمل عقائد الإيمان، وأخلاقه، وأعماله»18.

الصلة بين الإيمان والنفاق:

لوجود صلة قوية بين الكفر والنفاق والإيمان، من حيث التقارب والتضاد، ذكر الله تعالى في صدر سورة البقرة وصفا مفصلا للمؤمنين والكفار والمنافقين. فذكر في المؤمنين أربع آيات. وفي الكفار آيتين. وفي المنافقين ثلاث عشرة آية. ولذلك أسبابه، فالمؤمن ظاهر الإيمان في نفسه وعمله، مخلص لله ورسوله لا يشك في أمره، والكافر قد جاهر بالعداء معلنا الحرب باليد واللسان من دون مواربة، أما المنافق فهو الذي يشكل أمره على الناس حين يظهر خلاف ما يبطن فتكاد صفاته تعمى على الناظر. فبين الإيمان والنفاق علاقة تضاد.

أنواع النفاق

تتنوع شعب ودروب النفاق، وتكثر مسالك المنافقين، وتتعدد أحوالهم الخبيثة. ومع التحقيق والتدبر ندرك أن ذلك كله يرجع إلى نوعين أساسين، هما: النفاق العقدي، والنفاق العملي. وفيما يأتي نتناولهما بالتفصيل والبيان.

أولًا: النفاق العقدي:

وهو النفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذم أهله وفضح كفرهم19.

والمنافق: يظهر خلاف ما يبطنه، فظاهره مسلم، تجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة في الدنيا، ويعامل معاملة المسلمين؛ لأننا لم نؤمر بالشق عما في القلوب، وهذا في الأصل خارج عن نطاق وقدرة ابن آدم. لأن الإيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا لا يستلزم الإيمان الباطن الذي يكون صاحبه من المؤمنين حقًا20.

ومن الآيات في نفي الإيمان عنهم وبيان مصيرهم في الآخرة قوله تعالى: ( ) [البقرة: ٨].

وقوله عز وجل ( ) [النساء: ١٣٨].

وقوله سبحانه ( ) [النساء: ١٤٥].

وقوله تعالى: ( ﯤﯥ ﯧﯨ ﯪﯫ ) [التوبة: ٦٨].

وقوله تعالى: ( ﭗﭘ ﭚﭛ ﭭﭮ ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮇﮈ ) [التوبة: ٧٣ - ٧٤].

فهذه الآيات الكريمة تؤكد على كفر المنافقين، كما تبين مصيرهم المحتوم في الآخرة، وهو: الدرك الأسفل من النار، لأنهم زادوا على كفرهم، الكذب والمراوغة والخداع للمؤمنين، ولذلك فصل القرآن الحديث حولهم وحول صفاتهم لكي لا يقع المؤمنون في حبائلهم وخداعهم.

والنفاق إذا أطلق ذكره في القرآن فإن المراد به النفاق الأكبر المنافي للإيمان؛ بخلاف الكفر فإنه يأتي - أحيانًا - بمعنى الكفر الأصغر، وكذلك الظلم والفسق والشرك، أما في السنة النبوية فقد ورد النفاق الأصغر21.

ثانيًا: النفاق العملي:

وهو النفاق الأصغر، واختلاف السر والعلانية في الواجبات، وذلك بعمل شيء من أعمال المنافقين؛ مع بقاء أصل الإيمان في القلب وصاحبه لا يخرج من الملة، ولا ينفي عنه مطلق الإيمان، ولا مسمى الإسلام، وهو معرض للعذاب كسائر المعاصي، دون الخلود في النار، وصاحبه ممن تناله شفاعة الشافعين بإذن الله.

وهذا النوع من النفاق مقدمة وطريق للنفاق الأكبر؛ لمن سلكه وكان ديدنه. وأمثلة ذلك: الكذب في الحديث، وإخلاف الوعد، وخيانة الأمانة، والفجور في الخصومة، والغدر بالعهود، وكالرياء الذي لا يكون في أصل العمل، وإظهار المودة للغير والقيام له بالخدمة مع إضمار عكسه في النفس22.

وقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) 23.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)24.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (كان منافقًا خالصًا) معناه شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال، قال بعض العلماء هذا فيمن كانت هذه الخصال غالبة عليه، فأما من يندر ذلك منه فليس داخلًا فيه، فهذا هو المختار في معنى الحديث25.

ولما تقرر عند الصحابة رضي الله عنهم أن النفاق هو اختلاف السر والعلانية خشي بعضهم على نفسه أن يكون إذا تغير عليه حضور قلبه ورقته وخشوعه عند سماع الذكر برجوعه إلى الدنيا والاشتغال بالأهل والأولاد والأموال أن يكون ذلك منه نفاقًا، كما في صحيح مسلم عن حنظلة الأسدي أنه مر بأبي بكر وهو يبكي، فقال: (ما لك ؟ قال: نافق حنظلة يا أبا بكر، نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين، فإذا رجعنا، عافسنا الأزواج والضيعة فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فالله إنا لكذلك، فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مالك يا حنظلة ؟ قال: نافق حنظلة يا رسول الله، وذكر له مثل ما قال لأبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي، لصافحتكم الملائكة في مجالسكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة26.

ومما ورد في هذا المعنى - أي خوف الصحابة من النفاق - ما قاله ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم، بل ذلك على سبيل المبالغة منهم في الورع والتقوى رضي الله عنهم27.

وخلاصة القول في النفاق الأصغر: أنه نوع من الاختلاف بين السريرة والعلانية مما هو دون الكفر، وذلك كالرياء الذي لا يكون في أصل العمل وكإظهار مودة الغير والقيام بخدمته مع إضمار بغضه والإساءة إليه، كالخصال الواردة في حديث شعب النفاق ونحو ذلك؛ فعلى المسلم الحذر من الوقوع في شيء من ذلك.

وقد حذر الله تعالى عباده المؤمنين من الوقوع في بعض السلوكيات الداخلة في أفعال المنافقين، مثل مخالفة القول للفعل؛ فقال جل شأنه ( ) [الصف: ٢ - ٣].

أي: لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه ؟ وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به. فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة ؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟28.

قيل: إن سبب نزولها ما روي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: (قعدنا نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا، فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملنا؛ فأنزل الله تعالى: ( ) [الصف ١-٢].

قال عبد الله بن سلام: فقرأها علينا رسول الله قال أبو سلمة: فقرأها علينا ابن سلام، قال يحيى: فقرأها علينا أبو سلمة، قال ابن كثير: فقرأها علينا الأوزاعي، قال عبد الله: فقرأها علينا ابن كثير)29.

وقال المفسرون: إن المؤمنين قالوا: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لعلمناه ولبذلنا فيها أموالنا وأنفسنا فأنزل الله عز وجل: ( ) [الصف:٤].

وأنزل الله: ( ) [الصف:١٠] الآية. «فابتلوا بذلك يوم أحد، فولوا مدبرين، وكرهوا الموت وأحبوا الحياة؛ فأنزل الله تعالى: ( )

وقيل: لما أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بثواب أهل بدر قالت الصحابة: لئن لقينا قتالًا لنفرغن فيه وسعنا، ففروا يوم أحد، فعيرهم الله بهذه الآية. وقيل: نزلت في شأن القتال، كان الرجل يقول: قاتلت ولم يقاتل وأطعمت ولم يطعم وضربت ولم يضرب. فنزلت هذه الآية. 30

وهناك فروق بين النفاق الأكبر والنفاق الأصغر منها:

  1. أن النفاق الأكبر يخرج من الملة، والنفاق الأصغر لا يخرج من الملة.
  2. أن النفاق الأكبر اختلاف السر والعلانية في الاعتقاد، والنفاق الأصغر اختلاف السر والعلانية في الأعمال دون الاعتقاد.
  3. أن النفاق الأكبر لا يصدر من مؤمن، وأما النفاق الأصغر فقد يصدر من المؤمن.

    فالنفاق الأصغر هو المانع والمعوق للعمل الصالح الذي ينبغي على المسلم تجنبه ليقبل على الخيرات وفعل الصالحات وهو كما سبق النفاق العملي، فصاحبه يتصف ببعض صفات أهل النفاق الأكبر.

    صفات المنافقين

    التعرف على صفات المنافقين أمر في غاية الأهمية وذلك حتى ينكشف هذا الصنف الخبيث من البشر، وحتى يحذر المؤمنون من أحوالهم ومكرهم.

    يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: (نبه الله سبحانه وتعالى على صفات المنافقين؛ لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون، فيقع بذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم وهم كفار في نفس الأمر، وهذا من المحذورات الكبار أن يظن بأهل الفجور خيرًا) 31.

    وللمنافقين صفات كثيرة يمكن تقسيمها إلى صفات اعتقادية وصفات سلوكية على ما يأتي:

    أولًا: صفات اعتقادية:

  1. الكفر بالله.

    قال الله تعالى: ( ﮰﮱ ) [البقرة: ١٣].

    يقول الله تعالى: وإذا قيل للمنافقين: ( ) أي: كإيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنة والنار وغير ذلك، مما أخبر المؤمنين به وعنه، وأطيعوا الله ورسوله في امتثال الأوامر وترك الزواجر ( ) يعنون -لعنهم الله-أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: أنصير نحن وهؤلاء بمنزلة واحدة وعلى طريقة واحدة وهم سفهاء!!

    وقد تولى الله سبحانه، جوابهم في هذه المواطن كلها، فقال: ( ) فأكد وحصر السفاهة فيهم. ( ) يعني: ومن تمام جهلهم أنهم لا يعلمون بحالهم في الضلالة والجهل، وذلك أردى لهم وأبلغ في العمى، والبعد عن الهدى32.

  2. مرض القلب.

    قال جل شأنه: ( ﮈﮉ ) [البقرة: ١٠].

    أي: في قلوبهم شك ونفاق. وأصل المرض الضعف. وسمي الشك في الدين مرضا لأنه يضعف الدين كالمرض يضعف البدن. ( ) لأن الآيات كانت تنزل تترى، آية بعد آية، كلما كفروا بآية ازدادوا كفرا ونفاقا33.

  3. الظن السيئ بالله.

    كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ﮟﮠ ﮣﮤ ﮫﮬ ) [الفتح:٦].

    فهم دائما يتهمون الله في حكمه، ويظنون بالرسول وأصحابه أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية؛ وقد جعل الله صفة المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات هي ظن السوء بالله. فالقلب المؤمن حسن الظن بربه، يتوقع منه الخير دائمًا. يتوقع منه الخير في السراء والضراء. ويؤمن بأن الله يريد به الخير في الحالين. وسر ذلك أن قلبه موصول بالله. وفيض الخير من الله لا ينقطع أبدًا. فمتى اتصل القلب به لمس هذه الحقيقة الأصيلة، وأحسها إحساس مباشرة وتذوق.

    فأما المنافقون والمشركون فهم مقطوعو الصلة بالله. ومن ثم لا يحسون تلك الحقيقة ولا يجدونها، فيسوء ظنهم بالله؛ وتتعلق قلوبهم بظواهر الأمور، ويبنون عليها أحكامهم. ويتوقعون الشر والسوء لأنفسهم وللمؤمنين، كلما كانت ظواهر الأمور توحي بهذا؛ على غير ثقة بقدر الله وقدرته، وتدبيره الخفي اللطيف34.

    ثانيًا: صفات سلوكية:

  1. العداوة والحسد للمؤمنين.

    كما قال سبحانه: ( ﭷﭸ ﭿ ) [التوبة:٥٠]

    وهذا نوع آخر من كيد المنافقين ومن خبث بواطنهم، والمعنى: إن تصبك في بعض الغزوات حسنة سواء كان ظفرًا، أو كان غنيمة، أو كان انقيادًا لبعض ملوك الأطراف، يسؤهم ذلك، وإن تصبك مصيبة من نكبة وشدة ومصيبة ومكروه يفرحوا به، ويقولوا: قد أخذنا أمرنا الذي نحن مشهورون به، وهو الحذر والتيقظ والعمل بالحزم35.

  2. الفساد في الأرض.

    قال تعالى: ( ) [البقرة: ١١ - ١٢].

    ومعنى الآيتين الكريمتين:

    ( ) بالنفاق وموالاة الكفرة، وتفريق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، فإنكم إذا فعلتم ذلك فسد ما في الأرض بهلاك الأبدان وخراب الديار.

    ولما نهاهم الله عن الفساد الذي هو دأبهم أجابوا بهذه الدعوى العريضة، ونقلوا أنفسهم من الاتصاف بما هي عليه حقيقة وهو الفساد إلى الاتصاف بما هو ضد لذلك وهو الصلاح، ولم يقفوا عند هذا الكذب البحت والزور المحض حتى جعلوا صفة الصلاح مختصة بهم خالصة لهم، فرد الله عليهم ذلك أبلغ رد... وردهم إلى صفة الفساد التي هم متصفون بها في الحقيقة ردا مؤكدا مبالغا فيه بزيادة على ما تضمنته دعواهم الكاذبة36.

  3. البهتان والكذب.

    كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ) [التوبة: ٥٦]

    أي: ( ) لكم أيها المؤمنون هؤلاء المنافقون كذبا وباطلا ( ) في الدين والملة ( ) أي: ليسوا من أهل دينكم وملتكم، بل هم أهل شك ونفاق ( ) يقول: ولكنهم قوم يخافونكم، فهم خوفا منكم يقولون بألسنتهم إنهم منكم؛ ليأمنوا فيكم فلا يقتلوا37.

  4. الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والبخل بالمال.

    كما أخبر الله عنهم بقوله ( ﮨﮩ ﮰﮱ ﯕﯖ ) [التوبة: ٦٧].

    أي: هم على دين واحد. وقيل: أمرهم واحد بالاجتماع على النفاق، ( ) بالشرك والمعصية، ( ) أي عن الإيمان والطاعة، ( ) أي: يمسكونها عن الصدقة والإنفاق في سبيل الله ولا يبسطونها بخير، ( ) تركوا طاعة الله، فتركهم الله من توفيقه وهدايته في الدنيا، ومن رحمته في الآخرة، وتركهم في عذابه38.

  5. الكسل في العبادات.

    كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ﭿ ) [النساء: ١٤٢].

    وهذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها، وهي الصلاة إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها؛ لأنهم لا نية لهم فيها، ولا إيمان لهم بها ولا خشية، ولا يعقلون معناها.

    فقوله تعالى: ( ﭿ ) هذه صفة ظواهرهم، كما قال: ( )[التوبة:٥٤].

    ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم الفاسدة، فقال: ( ) أي: لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله بل إنما يشهدون الناس تقية من الناس ومصانعة لهم؛ ولهذا يتخلفون كثيرا عن الصلاة التي لا يرون غالبًا فيها كصلاة العشاء وقت العتمة، وصلاة الصبح في وقت الغلس، كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال، معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)39.

    ولذلك ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان، ولكن يقوم إليها طلق الوجه، عظيم الرغبة، شديد الفرح، فإنه يناجي الله تعالى. وإن الله أمامه يغفر له ويجيبه إذا دعاه، ثم يتلو ابن عباس هذه الآية: ( ﭿ ) 40.

  6. الحذر من انكشاف ما هم عليه.

    قال تعالى: ( ﭹﭺ ﭿ ) [التوبة: ٦٤].

    وهنا يخبر جل شأنه أن المنافقين يحذرون أن ينزل الله سورة تفضحهم وتبين ما تنطوي عليه ضمائرهم من الخبث، فهم يقولون القول بينهم، ثم يقولون: عسى الله ألا يفشي علينا سرنا هذا. وقال سبحانه في هذه الآية: ( ﭿ ) أي: إن الله سينزل على رسوله ما يفضحكم به ويبين له أمركم41.

  7. الطمع والجشع.

    كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ﭿ ) [التوبة: ٥٨].

    وهنا يصف الله قوما من المنافقين بأنهم عابوا النبي صلى الله عليه وسلم في تفريق الصدقات، وزعموا أنهم فقراء ليعطيهم. قال أبو سعيد الخدري: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مالا إذ جاءه حرقوص بن زهير أصل الخوارج، ويقال له ذو الخويصرة التميمي، فقال: اعدل يا رسول الله. فقال: (ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل) فنزلت الآية.. وعندها قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أقتل هذا المنافق. فقال: (معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية)42.

  8. الاهتمام بالمظهر و فساد المخبر.

    كما قال الله عنهم ( ﯢﯣ ﯧﯨ ﯫﯬ ﯰﯱ ﯴﯵ ﯷﯸ ) [المنافقون: ٤].

    والمعنى: وإذا رأيت هؤلاء المنافقين تعجبك صورهم، وإذا تكلموا تعجبك أقوالهم لأنهم ذوو صور متناسقة، وذوو لسن وفصاحة، ولكنهم في الحقيقة أشباح بلا أرواح، وقلوبهم فارغة من الإيمان فكأنهم خشب جوفاء قد نخر السوس داخلها، وهم في غاية الهلع والجزع، يحسبون كل صوت يقع أن البلاء قد جاءهم، وأن أمرهم قد افتضح، وأنهم هالكون لا محالة.

    وهؤلاء هم الأعداء الحقيقيون للإسلام والمسلمين فلا تأمنهم على سر، لأن قلوبهم متحرقة حسدًا وبغضًا، لعنهم الله وطردهم من رحمته، فما أقبح حالهم، وما أشد غفلتهم، فكيف يصرفون عن الحق إلى الباطل، وعن الإيمان إلى الكفر ؟43.

  9. التستر ببعض الأعمال المشروعة للإضرار بالمؤمنين.

    كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ﭟﭠ ﭥﭦ ) [التوبة: ١٠٧].

    وقد نزلت هذه الآية في جماعة من المنافقين بنوا مسجدًا يضارون به مسجد قباء ضرارًا يعني: مضارة للمؤمنين () بالله ورسوله ( ) لأنهم كانوا جميعا يصلون في مسجد قباء فبنوا مسجد الضرار ليصلي فيه بعضهم فيؤدي ذلك إلى الاختلاف وافتراق الكلمة ( ) أي: انتظارًا وإعدادًا لمن حارب الله ورسوله. يقال: أرصدت له إذا أعددت له، وهو أبو عامر الفاسق أرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، وابنوا لي مسجدًا فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآت بجند من الروم، فأخرج محمدًا وأصحابه من المدينة، فبنوا مسجد الضرار إلى جنب مسجد قباء، فذلك قوله تعالى: ( ) وهو أبو عامر الفاسق ليصلي فيه إذا رجع من الشام44.

  10. اللدد في الخصومة.

    قال جل شأنه: ( ﭿ ) [البقرة: ٢٠٤].

    والمقصود: أن هناك أناسا منافقين تعجب المرء حلاوة ألسنتهم، ويتظاهرون بالورع وطيب السريرة، ويشهدون الله على صدق طويتهم وقلوبهم، وقلوبهم في الحقيقة هي أمر من الصبر، فهم يقولون حسنا ويفعلون سيئا، وهم شديدو الجدل، لا يعجزهم أن يغشوا الناس بما يظهر عليهم من الميل إلى الإصلاح45.

  11. موالاة الكافرين.

    قال تعالى: ( ﯜﯝ ) [النساء: ١٣٨ - ١٣٩].

    وهنا يقول الله لنبيه: يا محمد، بشر المنافقين الذين يتخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني () يعني: أنصارًا وأخلاء ( )، يعني: من غير المؤمنين ( ) يقول: أيطلبون عندهم المنعة والقوة، باتخاذهم إياهم أولياء من دون أهل الإيمان بي؟ ( ) يقول: فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزة عندهم، هم الأذلاء الأقلاء، فهلا اتخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمسوا العزة والمنعة والنصرة من عند الله الذي له العزة والمنعة، الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، فيعزهم ويمنعهم؟46.

  12. التربص بالمؤمنين.

    كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ﭨﭩ ﭮﭯ ) [النساء: ١٤١].

    وهنا يخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء، بمعنى ينتظرون زوال دولتهم، وظهور الكفر عليهم، وذهاب ملتهم ( ) أي: نصر وتأييد وظفر وغنيمة ( ) أي: يتوددون إلى المؤمنين بهذه المقالة ( ) أي: إدالة على المؤمنين في بعض الأحيان، كما وقع يوم أحد، فإن الرسل تبتلى ثم يكون لها العاقبة ( ) أي: ساعدناكم في الباطن، وما ألوناهم خبالا وتخذيلا حتى انتصرتم عليهم. وهذا أيضًا تودد منهم إليهم، فإنهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء؛ ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم، وما ذاك إلا لضعف إيمانهم، وقلة إيقانهم.

    قال الله تعالى: ( ) أي: بما يعلمه منكم -أيها المنافقون-من البواطن الرديئة، فلا تغتروا بجريان الأحكام الشرعية عليكم ظاهرًا في الحياة الدنيا، لما له تعالى في ذلك من الحكمة، فيوم القيامة لا تنفعكم ظواهركم، بل هو يوم تبلى فيه السرائر ويحصل ما في الصدور47.

  13. المخادعة.

    قال تعالى: ( ﭿ ) [البقرة:٩].

    والمراد من مخادعتهم لله أنهم صنعوا معه صنع المخادعين وإن كان العالم الذي لا يخفى عليه شيء لا يخدع وصيغة فاعل تفيد الاشتراك في أصل الفعل فكونهم يخادعون الله والذين آمنوا يفيد أن الله سبحانه والذين آمنوا يخادعونهم.

    والمراد بالمخادعة من الله: أنه لما أجرى عليهم أحكام الإسلام مع أنهم ليسوا منه في شيء فكأنه خادعهم بذلك كما خادعوه بإظهار الإسلام وإبطان الكفر، مشاكلة لما وقع منهم بما وقع منه والمراد بمخادعة المؤمنين لهم: هو أنهم أجروا عليهم ما أمرهم الله به من أحكام الإسلام ظاهرا وإن كانوا يعلمون فساد بواطنهم كما أن المنافقين خادعوهم بإظهار الإسلام وإبطان الكفر.

    والمراد بقوله تعالى: ( ﭿ) الإشعار بأنهم لما خادعوا من لا يخدع كانوا مخادعين لأنفسهم، لأن الخداع إنما يكون مع من لا يعرف البواطن، وأما من عرف البواطن فمن دخل معه في الخداع فإنما يخدع نفسه وما يشعر بذلك48.

  14. الإفساد بين المؤمنين.

    قال تعالى عن مجموعة من المنافقين أرادوا الخروج مع النبي في غزوة تبوك: ( ﯧﯨ ) [التوبة: ٤٧].

    والقلوب الحائرة تبث الخور والضعف في الصفوف، والنفوس الخائنة خطر على الجيوش؛ ولو خرج أولئك المنافقون ما زادوا المسلمين قوة بخروجهم بل لزادوهم اضطرابًا وفوضى. ولأسرعوا بينهم بالوقيعة والفتنة والتفرقة والتخذيل. وفي المسلمين من يسمع لهم في ذلك الحين. ولكن الله الذي يرعى دعوته ويكلأ رجالها المخلصين، كفى المؤمنين الفتنة، فترك المنافقين المتخاذلين قاعدين49.

  15. الحلف الكاذب.

    قال الله تعالى عنهم: ( ) التوبة: ٥٦].

    والمعنى: يتظاهر هؤلاء المنافقون بأنهم منكم، ليأمنوا بأسكم، ويحلفون بالله كذبا أنهم منكم في الدين والملة، وهم في الحقيقة ليسوا من أهل دينكم، بل هم أهل شك ونفاق، وإنهم إنما يفعلون ذلك، ويحلفون لكم، خوفا منكم وفرقا، فهم خوفًا منكم يقولون بألسنتهم: «إنا منكم»، ليأمنوا فيكم فلا يقتلوا50.

  16. الغدر وعدم الوفاء بالعهود مع الله.

    كما أخبر الله تعالى عنهم: ( ) [التوبة: ٧٥ - ٧٧].

    وهذا صنف من المنافقين قد عاهد الله تعالى لئن أغناهم من فضله وأصبحوا ذوي ثروة ومال كثير ليصدقن منه ولينفقنه في طريق البر والخير، فلما أعطاهم الله ما سألوا وكثر مالهم شحوا به وبخلوا، وتولوا عما تعهدوا به وما كانوا عليه من تقوى وصلاح، وهم معرضون. فأورثهم هذا البخل وخلف الوعد والكذب ( ) لا يفارقهم حتى يلقوا ربهم51.

  17. الفرح بالتخلف عن الجهاد.

    قال الله تعالى: ( ﭿﮀ ﮅﮆ ) [التوبة: ٨١].

    والسياق هنا في الحديث عن المنافقين، فقال تعالى مخبرًا عنهم: ( ) أي: سر المتخلفون ( ) أي: بقعودهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ( ) في سبيله، وكرههم هذا للجهاد هو ثمرة نفاقهم وكفرهم وقولهم: ( ﭿ) لأن غزوة تبوك كانت في شدة الحر، قالوا هذا لبعضهم بعضًا وهنا أمر الله تعالى رسوله أن يرد عليهم قولهم هذا فقال: ( ) فلماذا لا يتقونها بالخروج في سبيل الله كما يتقون الحر بعدم الخروج.

    وقوله تعالى: ( ) أي: لما تخلفوا عن الجهاد لأن نار جهنم أشد حرًا، ولكنهم لا يفقهون. وقوله تعالى: ( ) أي: في هذه الحياة الدنيا بما يحصل لهم من المسرات ( ) أي يوم القيامة لما ينالهم من الحرمان والعذاب، وذلك كان ( ) من الشر والفساد52.

  18. التخذيل والتثبيط و الإرجاف.

    كما أخبر الله تعالى عنهم: ( ﯕﯖ ﯡﯢ ) [الأحزاب: ١٣].

    فهم يحرضون أهل المدينة على ترك الصفوف، والعودة إلى بيوتهم، بحجة أن إقامتهم أمام الخندق مرابطين هكذا، لا موضع لها ولا محل، وبيوتهم معرضة للخطر من ورائهم.. وهي دعوة خبيثة تأتي النفوس من الثغرة الضعيفة فيها، ثغرة الخوف على النساء والذراري.

    والسياق هنا يرسم صورة نفسية لهؤلاء المنافقين والذين في قلوبهم مرض. صورة نفسية داخلية لوهن العقيدة، وخور القلب، والاستعداد للانسلاخ من الصف غير مبقين على شيء، ولا متجملين لشيء53.

  19. عدم الانتفاع بالقرآن.

    قال جل شأنه: ( ﭭﭮ ﭿ ) [التوبة: ١٢٤ - ١٢٥].

    وهذا من جملة شقائهم أن ما يهدي القلوب يكون سببا لضلالهم ودمارهم، كما أن سيئ المزاج لو غذي بما غذي به لا يزيده إلا خبالًا ونقصًا54.

  20. الاستخفاء من الناس.

    قال الله تعالى عنهم: ( ﭹﭺ ﭿ ) [النساء: ١٠٨].

    وهنا يبين الله أحوال هؤلاء الخائنين، وينعي عليهم أفعالهم، فقال الله تعالى إن من شأن هؤلاء الخائنين أنهم يستترون من الناس عند اجتراح السيئات والآثام، إما حياء، وإما خوفا من العقاب، ولا يستخفون من الله، ولا يستترون منه بترك ارتكابها، لضعف إيمانهم، لأن الإيمان يمنع من الإصرار، ومن تكرار الذنب، فمن يعلم أن الله يراه في حالك الظلمة، لا بد له من أن يترك الذنب حياء من الله. ويقول تعالى: إنه مشاهدهم حين يتفقون ليلًا على ما لا يرضي الله من القول تبرئة لأنفسهم، ورميا لغيرهم بجريمتهم، والله حافظ لأعمالهم (محيطا) لا يعزب عن عمله مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض، فلا سبيل إلى نجاتهم من عقابه55.

    وهكذا تتضح صفات المنافقين في كتاب الله تعالى وهي صفات لا تخطئها عين المؤمن ولا بصيرته.

    مظاهر النفاق

    أبرز القرآن الكريم مظاهر النفاق في عدد من آياته الكريمة، حتى يجلي للمؤمنين حال المنافقين، ويهتك سترهم. وليحدد - كذلك - المعالم الأساسية لهذه الظاهرة الخبيثة، حتى لا تتوه بين دروب المجتمع المسلم. والمتدبر في كتاب الله تعالى يجد أن أهم هذه المظاهر ما يأتي:

    أولًا: التكذيب والتشكيك:

    قال الله تعالى: ( ) [الأحزاب: ١٢].

    ذكر الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة عن قتادة قال: ذلك أناس من المنافقين، قد كان محمد يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا هاهنا، حتى ما يستطيع أحدنا أن يبرز لحاجته، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا.

    كما ذكر الطبري رواية أخرى في هذا السياق عن ابن زيد، قال: (قال رجل يوم الأحزاب لرجل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: يا فلان أرأيت إذ يقول رسول الله: (إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله) فأين هذا من هذا، وأحدنا لا يستطيع أن يخرج يبول من الخوف (ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) فقال له: كذبت، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرك، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فدعاه فقال: (ما قلت ؟) فقال: كذب علي يا رسول الله، ما قلت شيئًا، ما خرج هذا من فمي قط، قال الله في ذلك: ( ﭭﭮ ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮇﮈ ) [التوبة: ٧٤] 56.

    وفي ظلال هذه الآية الكريمة يقول سيد قطب رحمه الله: وجد هؤلاء المنافقون في الكرب المزلزل، والشدة الآخذة بالخناق فرصة للكشف عن خبيئة نفوسهم وهم آمنون من أن يلومهم أحد؛ وفرصة للتوهين والتخذيل وبث الشك والريبة في وعد الله ووعد رسوله، وهم مطمئنون أن يأخذهم أحد بما يقولون. فالواقع بظاهره يصدقهم في التوهين والتشكيك. وهم مع هذا منطقيون مع أنفسهم ومشاعرهم؛ فالهول قد أزاح عنهم ذلك الستار الرقيق من التجمل، وروع نفوسهم ترويعًا لا يثبت له إيمانهم المهلهل. فجهروا بحقيقة ما يشعرون غير مبقين ولا متجملين! ومثل هؤلاء المنافقين والمرجفين قائمون في كل جماعة؛ وموقفهم في الشدة هو موقف إخوانهم هؤلاء. فهم نموذج مكرر في الأجيال والجماعات على مدار الزمان57.

    ثانيًا: إيذاء المؤمنين والاستهزاء بهم:

    قال الله تعالى: ( ﮤﮥ ) [الأنفال:٤٩].

    أما المنافقون فهم قوم من الأوس والخزرج. وأما الذين في قلوبهم مرض فهم قوم من قريش أسلموا وما قوي إسلامهم في قلوبهم ولم يهاجروا.. ثم إن قريشًا لما خرجوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أولئك: نخرج مع قومنا فإن كان محمد في كثرة خرجنا إليه وإن كان في قلة أقمنا في قومنا قال محمد بن إسحق ثم قتل هؤلاء جميعًا مع المشركين يوم بدر.

    وقوله: ( )58.

    قال ابن عباس: معناه أنه خرج بثلاثمائة وثلاثة عشر يقاتلون ألف رجل وما ذاك إلا أنهم اعتمدوا على دينهم. وقيل: المراد إن هؤلاء يسعون في قتل أنفسهم رجاء أن يجعلوا أحياء بعد الموت ويثابون على هذا القتل.

    ومن يسلم أمره إلى الله ويثق بفضله ويعول على إحسان الله فإن الله حافظه وناصره؛ لأنه عزيز لا يغلبه شيء حكيم يوصل العذاب إلى أعدائه والرحمة والثواب إلى أوليائه59.

    ومن صور إيذائهم للمؤمنين: الانتقاص منهم والسخرية بهم، كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ﯴﯵ ) [التوبة: ٧٩].

    قال ابن كثير رحمه الله: (وهذه أيضًا من صفات المنافقين، ألا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا هذا مراء !! وإن جاء بشيء يسير قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا) 60.

    كما جاء في البخاري عن أبي مسعود قال: (لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل فجاء أبو عقيل بنصف صاع وجاء إنسان بأكثر منه فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا وما فعل هذا الآخر إلا رئاء فنزلت ( . )الآية 61.

    ثالثًا: خذلان المؤمنين:

    قال تعالى: ( ﭝﭞ ﭧﭨ ﭭﭮ ﭴﭵ ﭻﭼ ﭿ ﮉﮊ ) [آل عمران: ١٦٦ - ١٦٨].

    وهذا دأب المنافقين في كل زمان ومكان وموقف: خذلان المؤمنين والتخلي عنهم في المحن والشدائد. وهذه الآيات الكريمة السابقة في شأن غزوة أحد حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل من أصحابه وحتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة، انخذل عنهم عبد الله بن أبى ابن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم، أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج وعصاني. والله ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا أيها الناس؟ فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق والريب، فاتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام - أخو بني سلمة - يقول لهم: يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكننا لا نرى أن يكون قتالا.

    فلما استعصوا عليه، وأبوا إلا الانصراف عن المؤمنين قال لهم: أبعدكم الله يا أعداء الله فسيغني الله رسوله عنكم، ثم مضى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم62.

    هذا هو موقف المنافقين فى غزوة أحد، وهو موقف يدل على فساد قلوبهم، وخبث نفوسهم، وجبنهم عن لقاء الأعداء.

    هذا وقد أصدر سبحانه حكمه العادل على أولئك المنافقين فقال: ( ﭴﭵ ﭻﭼ ﭿ ).

    أي: هم يوم أن قالوا هذا القول الباطل قد بينوا حالهم، وهتكوا أستارهم وكشفوا عن نفاقهم لمن كان يظن أنهم مؤمنون، لأنهم قبل أن يقولوا: ( ) كانوا يتظاهرون بالإيمان، وما ظهرت منهم أمارة تؤذن بكفرهم، فلما انخذلوا عن عسكر المؤمنين وقالوا ما قالوا تباعدوا بذلك عن الإيمان المظنون بهم واقتربوا من الكفر.

    أو المعنى: هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان؛ لأن تقليلهم سواد المسلمين بالانخذال فيه تقوية للمشركين63.

    رابعًا: النهي عن الإنفاق على المؤمنين:

    قال تعالى: ( ﭿﮀ ) [المنافقون: ٧].

    جاء في صحيح البخاري عن زيد بن أرقم قال: (كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي أو لعمر، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فحدثته فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا. فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه؛ فأصابني همٌ لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك ؟ فأنزل الله تعالى: ( ) [المنافقون:١]. فبعث إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله قد صدقك يا زيد) 64.

    وهكذا يفضح الله تعالى خطة المنافقين الدنيئة، كما تحكيها هذه الآية لينفض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه تحت وطأة الضيق والجوع ! وهي خطة الشيوعيين في حرمان المتدينين في بلادهم من بطاقات التموين، ليموتوا جوعًا أو يكفروا بالله، ويتركوا الصلاة ! وهي خطة غيرهم ممن يحاربون الدعوة إلى الله بالحصار والتجويع ومحاولة سد أسباب العمل والارتزاق.

    خامسًا: الإعراض عن التحاكم لله ورسوله:

    قال تعالى: ( ﭿ) [النساء: ٦٠ - ٦١].

    وهنا يبين الله تعالى أن هذه صفة المنافقين، وأن من فعل ذلك أو طلبه فإنه في غاية البعد من الإيمان. وأن هناك فرقا واضحا وبونا شاسعا بين موقف المؤمنين وموقف المنافقين عند تحاكمهم إلى شرع رب العالمين، فموقف أهل الإيمان السمع والطاعة والإذعان، وموقف أهل النفاق الإعراض والنشوز والعصيان، ويتخذون من الأيمان الكاذبة الفاجرة وسيلة لخداع المؤمنين.

    « إن المقتضى الفطري البديهي للإيمان، أن يتحاكم الإنسان إلى ما آمن به، وإلى من آمن به. فإذا زعم أنه آمن بالله وما أنزل، وبالرسول وما أنزل إليه. ثم دعي إلى هذا الذي آمن به ليتحاكم إلى أمره وشرعه ومنهجه؛ كانت التلبية الكاملة هي البديهية الفطرية. فأما حين يصد ويأبى فهو يخالف البديهية الفطرية، ويكشف عن النفاق، وينبئ عن كذب الزعم الذي زعمه من الإيمان!»65.

    سادسًا: التحالف مع الأعداء ضد المسلمين:

    قال تعالى: ( ﭿ )[الحشر: ١١].

    المنافقون دائما يمدون أيديهم بالتحالف مع كل عدو للإسلام والمسلمين، وذلك منذ نشأتهم حتى آخر الزمان، لا يكفون عن ذلك ولا ينتهون.

    ووصل تآمرهم - في عصر النبي صلى الله عليه وسلم- إلي حد الاتصال بأعداء المسلمين من المشركين واليهود، والتآمر على المسلمين، وقد فضح القرآن ذلك.

    يقول تعالي عن اتصالهم بالمشركين وقت الحرب: ( ﭨﭩ ﭮﭯ ) [النساء: ١٤١].

    وعن تحالفهم مع اليهود يقول تعالي: ( ﭷﭸ ﭿ ) [المائدة: ٥٢].

    ويقول سبحانه عن تحالفهم مع يهود بني النضير: ( ﭿ )[الحشر:١١].

    قال الطبري في وقعة جلاء بني النضير: «... فأرسل إليهم عبدالله بن أبي يقول لا تخرجوا فإن معي من العرب وممن انضوى إلي من قومي ألفين فأقيموا فهم يدخلون معكم وقريظة تدخل معكم فبلغ كعب بن أسد صاحب عهد بني قريظة فقال: لا ينقض العهد رجل من بني قريظة وأنا حي، فقال سلام بن مشكم لحيي بن أخطب: حيي أقبل هذا الذي قال محمد فإنما شرفنا على قومنا بأموالنا قبل أن تقبل ما هو شر منه. قال: وما هو شر منه. قال: أخذ الأموال وسبي الذرية وقتل المقاتلة فأبى حيي فأرسل جدي بن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إنا لا نريم دارنا فاصنع ما بدا لك قال فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر المسلمون معه وقال حاربت يهود»66.

    وهذا الدور الخبيث الذي لعبه المنافقون في عصر النبوة، هو نفس الدور الذي يلعبه المنافقون اليوم، فحيث وجدت الخيانة ففتش عن المنافقين، وحيث وجدت الهزيمة فتش عن المنافقين، وحيث وجدت الدعوة إلى خذلان المجاهدين، أو المستضعفين فتش عن المنافقين. نسأل الله تعالى أن يحبط كيدهم، ويكشف سترهم، ويحفظنا والمسلمين أجمعين من شرهم.

    طريقة التعامل مع المنافقين

    حدد القرآن الكريم في عدد من آياته الكريمة طرقا واضحة للتعامل مع طائفة المنافقين، وهذه الطرق التي أرشد إليها القرآن الكريم هي - بلا شك - أنجع الطرق وأقواها، وأقربها وصولا إلى الهدف المنشود، وهو حصار طائفة المنافقين، وتحجيم خطرهم، وكسر شوكتهم. والمتدبر في كتاب الله تعالى يجد أن أهم هذه الطرق ما يأتي:

    أولًا: النهي عن طاعتهم وموالاتهم:

    قال الله تعالى: ( ﭻﭼ ﭿ ) [الأحزاب: ٤٨].

    وقال جل شأنه: (ﭿ ﮕﮖ ﮚﮛ ) [آل عمران: ١١٨].

    وهنا ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يتخذوا بطانة من المنافقين من أهل الكتاب وغيرهم، يظهرونهم على سرائرهم أو يولونهم بعض الأعمال الخاصة بأهل الإسلام، وذلك أنهم هم الأعداء الذين امتلأت قلوبهم من العداوة والبغضاء فظهرت على أفواههم: ( ) مما يسمع منهم، فلهذا: ( ) أي: لا يقصرون في حصول الضرر عليكم والمشقة، وعمل الأسباب التي فيها ضرركم ومساعدة الأعداء عليكم. قال الله للمؤمنين: ( ) أي: التي فيها مصالحكم الدينية والدنيوية: لعلكم تعقلون فتعرفونها وتفرقون بين الصديق والعدو، فليس كل أحد يجعل بطانة، وإنما العاقل من إذا ابتلي بمخالطة العدو أن تكون مخالطة في ظاهره ولا يطلعه من باطنه على شيء ولو تملق له وأقسم أنه من أوليائه67.

    كما جاء النهي عن موالاة المنافقين في قول الله جل شأنه: ( ﭮﭯ ﭵﭶ ﭿ ﮅﮆ ﮏﮐ ﮖﮗ ) [النساء: ٨٨ - ٨٩].

    وذلك أن قومًا كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد عليه السلام فليس علينا منهم بأس، وأن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم، فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم، وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله أو كما قالوا تقتلون قومًا قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا، ويتركوا ديارهم، تستحل دماؤهم وأموالهم لذلك، فكانوا كذلك فئتين... فنزلت الآية تقرر نفاقهم وكفرهم وأن الله تعالى أركسهم أي: ردهم إلى أحكام أهل الشرك في إباحة دمائهم وسبي ذراريهم68.

    ثانيًا: الحذر منهم:

    قال الله تعالى في المنافقين: ( ﯢﯣ ﯧﯨ ﯫﯬ ﯰﯱ ﯴﯵ ﯷﯸ ) [المنافقون: ٤].

    وقد أفاضت نصوص الوحي ـ كتابًا وسنة ـ في تحذير المؤمنين من النفاق وأهله، بعد إسهاب طويل في كشف خباياهم وفضح نواياهم وهتك أسرارهم وطواياهم، حتى إن آيات الكتاب قد صرحت بذكر النفاق والمنافقين في نحو سبع وثلاثين آية، وفصلت وفرعت في الكلام عنهم في أضعاف ذلك من الآيات موزعة على إحدى عشرة سورة، هذا في الحديث عن المنافقين باسمهم ووصفهم الصريح (النفاق).

    يضاف إلى هذا حديث آخر مطول عمن وصفوا في القرآن بـ ( ) وهم الرديف والمدد، والمخزون الطويل الأمد لمعلومي المنافقين؛ فقد ذكر القرآن مرضى القلوب في اثنتي عشرة آية ضمن اثنتي عشرة سورة، وكل آية ذكر فيها ذلك تتعلق بها آيات أخر.

    والمتأمل في حديث القرآن عن مرضى القلوب يمكنه أن يستنتج أن هؤلاء لديهم الاستعداد لأن يكونوا منافقين معلومي النفاق بما لديهم من أمراض الشهوة أو الشبهة؛ فهم قوم ضعاف الإيمان إلى أدنى حد، حتى إن أحوالهم تكاد تتقلب أو تنقلب إلى معسكر النفاق الصريح، لفرط قنوطهم وقلة يقينهم، ولشدة تعلقهم بالدنيا وحرصهم على الجاه، أو لمزيد شحهم الخالع وجبنهم الهالع الذي يجعلهم كلما خيروا بين الانتصار للدين والقيم أو الانتصار للناس أو النفس ما ترددوا في الانحياز إلى ما يخدم مصالحهم العجلى فقط؛ ولذلك قرن الله مرض القلوب بالمنافقين في أكثر مواضع القرآن.

    يقول الفخر الرازي: أعلم الله تعالى رسوله بعداوتهم فقال: ( ) أن تأمنهم على السر ولا تلتفت إلى ظاهرهم فإنهم الكاملون في العداوة بالنسبة إلى غيرهم69.

    وقال ابن عاشور رحمه الله في تفسير تلك الآية: والتعريف في () تعريف الجنس الدال على معين، لكمال حقيقة العدو فيهم، لأن أعدى الأعادي: العدو المتظاهر بالموالاة وهو مداح، وتحت ضلوعه الداء الدوي، وعلى هذا المعنى رتب عليه الأمر بالحذر منهم70.

    ولم يجاف ابن عاشور الحقيقة عندما أرجع وصف القرآن للمنافقين بـ () إلى « كمال حقيقة العدو فيهم »، وكيف لا تكمل حقيقة العداء في هؤلاء وهم كما قال ابن الجوزي رحمه الله: « عيون الأعداء على المسلمين » 71.

    لا بل إن هؤلاء ليسوا فقط عيون الأعداء بل قلوبهم وألسنتهم، كما ذكر الإمام الطبري في تفسير ( ) حيث قال: « هم العدو يا محمد فاحذرهم؛ فإن ألسنتهم إذا لقوكم معكم وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهم أعين لأعدائكم عليكم» 72.

    ثالثًا: النهي عن مجالستهم:

    قال الله جل شأنه: ( ﯻﯼ ﯿﰀ ) [النساء: ١٤٠].

    والمعنى: ( ): يا معشر المسلمين بمكة ( ): يعني: القرآن ( ) أي: يأخذوا في حديث غير الاستهزاء بمحمد وأصحابه والقرآن. وذلك إن المنافقين كانوا يجلسون إلى أحبار اليهود فيستهزئون بالقرآن ويكذبون به ويحرفونه عن مواضعه فنهى الله تعالى المسلمين عن مجالستهم ومخالطتهم، والذي نزل في الكتاب قوله تعالى: ( ) [الأنعام:٦٨]73.

    وقد كان بعض المسلمين في المدينة يجلسون في مجالس كبار المنافقين - ذوي النفوذ - وكان ما يزال لهم ذلك النفوذ. وجاء المنهج القرآني ينبه في النفوس تلك الحقيقة.. حقيقة أن غشيان هذه المجالس والسكوت على ما يجري فيها، هو أولى مراحل الهزيمة. وأراد أن يجنبهم إياها.. ولكن الملابسات في ذلك الحين لم تكن تسمح بأن يأمرهم أمرًا بمقاطعة مجالس القوم إطلاقًا. فبدأ يأمرهم بمقاطعتها حين يسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها.. وإلا فهو النفاق.. وهو المصير المفزع، مصير المنافقين والكافرين: ( ﯻﯼ ﯿﰀ ) [النساء: ١٤٠].

    والذي تحيل إليه الآية هنا مما سبق تنزيله في الكتاب، هو قوله تعالى في سورة الأنعام وهي مكية: ( ﯿ ﰃﰄ ) [الأنعام: ٦٨]74.

    رابعًا: جهادهم والغلظة عليهم:

    قال تعالى: ( ﭗﭘ ﭚﭛ ) [التوبة: ٧٣].

    وهنا يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين، والإغلاظ عليهم في ذلك، وهذا شامل لجهادهم بإقامة الحجة عليهم، ودعوتهم بالموعظة الحسنة، وإبطال ما هم عليه من أنواع الضلال، وجهادهم بالسلاح والقتال، لمن أبى أن يجيب دعوة الله، وينقاد لحكمه، فإن هذا، يجاهد ويغلظ عليه75.

    ونحن عندما نقرأ السيرة النبوية. نجد أنه صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة، ظل فترة طويلة يلاين المنافقين، ويغض الطرف عن رذائلهم، ويصفح عن مسيئهم.. إلا أن هذه المعاملة الحسنة لهم زادتهم رجسا إلى رجسهم.. لذا جاءت هذه السورة - وهى من أواخر ما نزل من القرآن - لتقول للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد آن الأوان لإحلال الشدة والحزم، محل اللين والرفق، فإن للشدة مواضعها وللين مواضعه..

    قال الإمام ابن كثير: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين، كما أمره أن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين.. وقد ورد عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب أنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف. سيف للمشركين ( )[التوبة:٥].

    وسيف للكفار أهل الكتاب ( ﭿ )[التوبة:٢٩].

    وسيف للمنافقين ( )[التوبة: ٧٣].

    وسيف للبغاة ( )[الحجرات:٩].

    وهذا يقتضى أنهم يجاهدون بالسيوف إذا أظهروا النفاق، وهو اختيار ابن جرير76.

    وقال ابن مسعود في قوله: ( ) قال: بيده، فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه - أي: فليلق المنافق بوجه عابس لا طلاقة فيه ولا انبساط. وقال ابن عباس: أمره الله تعالى بجهاد المنافقين باللسان وأذهب الرفق عنهم.

    وقد يقال: إنه لا منافاة بين هذه الأقوال، لأنه تارة يؤاخذهم بهذا، وتارة بهذا على حسب الأحوال77.

    خطر النفاق والمنافقين على الأمة

    حذر القرآن الكريم من النفاق وصفات المنافقين في آيات كثيرة، فكان الحديث عن النفاق والمنافقين في القرآن في سبع عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة، واستغرق ذلك قرابة ثلاثمائة وأربعين آية، وبشتى الصيغ والأساليب، وفي كل مواقفهم الصغيرة والكبيرة، وفي كل أحوالهم الظاهرة والباطنة. حتى قال ابن القيم رحمه الله: (كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم)78.

    وقد تولى الله تعالى حماية المسلمين من هذا العدو الخفي المخادع؛ فأنزل في كتابه الكريم بيانًا شاملًا لأحوالهم وأوصافهم، وكشف أقوالهم وأفعالهم، وفضح مؤامراتهم، واستخرج مكنونات صدورهم التي تغلي بها نفوسهم.

    وخطر المنافقين على الأمة في القديم والحديث كبير، وفتنتهم شديدة؛ فما تمكن الكفار من بلدان المسلمين سواءً من الناحية العسكرية أو الفكرية إلا عن طريقهم.

    وخطر المنافقين ينطلق من الداخل بين صفوف المسلمين، بينما يجيء خطر الكفار الظاهرين من الخارج، وخطر الخارج لا يستفحل دائمًا إلا بمساندة من الداخل.

    وبلية الإسلام بالمنافقين شديدة جدًا؛ لأنهم منسوبون إليه، وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد. فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد اقتلعوا أساسه وخربوه، وكم من علم له قد طمسوه، وكم ضربوا بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، يزعمون أنهم بذلك مصلحون ( ) [البقرة: ١٢]79.

    وتصرفات المنافقين تدور مع مصالحهم فإذا لقوا المؤمنين أظهروا الإيمان والموالاة غرورًا منهم للمؤمنين، ومصانعة، وتقية، وطمعًا فيما عندهم من خير ومغانم.. وإذا لقوا سادتهم وكبراءهم قالوا: نحن معكم على ما أنتم عليه من الشرك، والكفر كما قال سبحانه عنهم: ( ) [البقرة: ١٤].

    والمنافقون لفساد قلوبهم أشد الناس إعراضًا عن دين الله كما أخبر الله عنهم بقوله: ( ﭿ) [النساء: ٦١].

    وأعداء الأمة كثر، ولكن حصر العداوة في المنافقين يراد به إثبات الأولوية والأحقية للمنافقين في هذا الوصف، ولا يراد منه أنه لا عدو لكم سواهم، بل على معنى أنهم أحق أن يكونوا لكم عدوًا من الكفار المجاهرين بكفرهم، فإن الحرب مع هؤلاء ساعة أو أيامًا ثم تنقضي ويعقبها النصر أو الظفر، أما هؤلاء فهم معكم في الديار والمنازل صباحًا ومساءً، يدلون العدو على العورات، ويتربصون بالمؤمنين الدوائر، ولا يمكن بل تصعب مناجزتهم80.

    ومثل هذا اللفظ يقتضي الحصر، والمراد: إثبات الأولوية والأحقية لهم في هذا الوصف، لا على معنى أنه لا عدو لكم سواهم، بل على معنى أنهم أحق بأن يكونوا لكم عدوًا من الكفار المجاهرين، فإن الحرب مع أولئك ساعة أو أيامًا، ثم ينقضي ويعقبه النصر والظفر، وهؤلاء معهم في الديار والمنازل، صباحًا ومساءً، يدلون العدو على عوراتهم، ويتربصون بهم الدوائر، ولا يمكنهم مناجزتهم.

    وإنما كانت هذه الطبقة في الدرك الأسفل من النار لغلظ كفرهم، فإنهم خالطوا المسلمين وعاشروهم، ووصل إليهم من معرفة الإيمان ما لم يصل إلى المنابذين بالعداوة، فإذا كفروا مع هذه المعرفة والعلم كانوا أغلظ كفرًا، وأخبث قلوبًا، وأشد عداوة لله ولرسوله وللمؤمنين من البعداء عنهم.

    قال تعالى عن المنافقين: ( ) [المنافقون: ٣].

    والسر في أن عداوة المنافقين أشد وأخطر من عداوة الكافرين: أن عداوة المنافقين شاملة لا تقتصر على جانب دون جانب، فهي تبدأ من الكلمة همزًا ولمزًا وسخرية وغمزًا، وتنتهي إلى الخيانة العظمى بالقتال في صف الكفار وتحت راياتهم والتآمر معهم على المسلمين وكشف أسرارهم.

    وأن جهاد الكفار قد يكون عينيًا أو يكون كفائيًا، وقد يسقط بالأعذار أو الإعذار، أما جهاد المنافقين فهو غير قابل للسقوط إذا وجدت مسوغاته، فهو واجب على كل مكلف بحسبه، ففي الحديث عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسننه ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) 81.

    لهذا فإن جهاد المنافقين المأمور به في قوله تعالى: ( ﭗﭘ ﭚﭛ ) [التوبة: ٧٣]. يبدأ بالقلب حتى ينتهي إلى السيف.

    وفي هذا المنعطف الخطير من تاريخ الأمة الإسلامية وفي هذا الوقت العصيب الذي تداعت عليها الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها.. يدرك المتأمل في واقع المسلمين أن أعظم معوق لإحراز النصر لأمة الإسلام هم المنافقون.

    والملاحظ لأحوال المنافقين يدرك كيف يتزلفون لأهل الكفر، ينفذون مخططاتهم ويقومون بما يعجز الأعداء عن القيام به بل ويكفونهم في كثير من الأحيان مئونة الاقتتال، يستجلبون عطفهم ورضاهم ويطلبون منهم العون لقتل ذويهم وبني قومهم، ويوالون ويعادون عليهم ويحبون ويكرهون لأجلهم، ولا نبالغ إذا قلنا: أنهم في سبيل جلب رضاهم يساهمون بشكل فعال في تخريب بلادهم وتدمير اقتصادهم وإهلاك حرثهم ونسلهم، ناهيك عن دورهم في حجب نور الله وإقامة دينه. والتمكين في مقابل ذلك لأعداء الإسلام82.

    وعيد الله عز وجل للمنافقين

    جاء وعيد الله تعالى للمنافقين في مواضع عديدة من كتاب الله، وبصور متنوعة ومعبرة.

    من ذلك قول الله جل شأنه: ( ﯤﯥ ﯧﯨ ﯪﯫ ) [التوبة: ٦٨].

    وقوله تعالى: ( ) [النساء: ١٣٨].

    وهنا يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر المنافقين بلفظ البشارة؛ لأن المخبر به يسوء وجوههم وهو العذاب الأليم، وقد يكون في الدنيا بالذل والمهانة والقتل، وأما في الآخرة فهو أسوأ العذاب وأشده، وهو لازم لهم لخبث نفوسهم وظلمة أرواحهم83.

    والغالب في استعمال البشارة أن تكون في الإخبار بما يسر، فهي إذا مأخوذة من انبساط بشرة الوجه، كما أن السرور مأخوذ من انبساط أساريره، وعلى هذا يقولون: إن استعمالها فيما يسوء - كما هنا - يكون من باب التهكم، وقيل: إن البشارة تستعمل فيما يسر وفيما يسوء استعمالا حقيقيا؛ لأن أصلها الإخبار بما يظهر أثره في بشرة الوجه في الانبساط والتمدد، أو الانقباض والتغضن، والأليم: الشديد الألم84.

    وقد قضى الله أن مصير الكافرين والمنافقين إلى جهنم: ( ) [النساء: ١٤٠].

    لكن المنافقين لعظيم ضررهم في أسفل النار كما قال سبحانه: ( ) [النساء: ١٤٥].

    وهنا يخبر جل شأنه، عن مآل المنافقين، أنهم في أسفل الدركات من العذاب، وأشر الحالات من العقاب. فهم تحت سائر الكفار، لأنهم شاركوهم بالكفر بالله، ومعاداة رسله. وزادوا عليهم المكر والخديعة، والتمكن من كثير من أنواع العداوة للمؤمنين، على وجه لا يشعر به ولا يحس. ورتبوا على ذلك جريان أحكام الإسلام عليهم، واستحقاق ما لا يستحقونه. فبذلك ونحوه، استحقوا أشد العذاب. وليس لهم منقذ من عذابه، ولا ناصر يدفع عنهم بعض عقابه. وهذا عام لكل منافق85.

    ومعنى الدرك الأسفل: أي: البطن ( ) أي: لأن ذلك أخفى ما في النار وأستره وأخبثه كما أن كفرهم أخفى الكفر وأخبثه وأستره. وسميت طبقات النار دركات؛ لأنها متداركة متتابعة إلى أسفل كما إن الدرج متراقية إلى فوق86.

    إنه مصير يتفق مع ثقلة الأرض التي تلصقهم بالتراب، فلا ينطلقون ولا يرتفعون، ثقلة المطامع والرغائب، والحرص والحذر، والضعف والخور! الثقلة التي تهبط بهم إلى موالاة الكافرين ومداراة المؤمنين، والوقوف في الحياة ذلك الموقف المهين: ( )[النساء:١٤٣].

    فهم كانوا في الحياة الدنيا يزاولون تهيئة أنفسهم وإعدادها لذلك المصير المهين في ( ) بلا أعوان هنالك ولا أنصار وهم كانوا يوالون الكفار في الدنيا، فأنى ينصرهم الكفار؟ 87.

    نسأل الله العظيم أن يرزقنا الصدق والإخلاص، وأن يجنبنا الشرك والنفاق، وأن يختم لنا بالخير. وبالله التوفيق.


1 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٥٠٢، النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير ٥/٩٨، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ٣/٢٨٦.

2 لسان العرب ١٠/٣٥٧ .

3 انظر عارضة الأحوذي ١٠/٩٧.

4 التعريفات، الجرجاني ص ٣١١.

5 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص٧١٦-٧١٧.

6 انظر: الوجوه والنظائر، مقاتل بن سليمان، ص١٧٧، نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي، ص٣٠٨، الوجوه والنظائر، الدامغاني، ص٢٢٧-٢٢٩.

7 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/١٩١.

8 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٤٧٩، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ٢/٧٩١.

9 انظر: مختار الصحاح، الرازي ص ١١٥، لسان العرب، ابن منظور ١٠/٣٥٩.

10 انظر: تيسير العزيز الحميد، سليمان بن عبدالله ص ٤٥٢.

11 لباب التأويل، الخازن ٣/٣٩ .

12 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك فى عمله غير الله. عن أبي هريرة رضي الله عنه،رقم ٢٩٨٥.

13 شرح صحيح مسلم، النووي ٩/٣٧٠.

14 انظر: الصحاح، الجوهري ٥/٢٠٧١، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص١٥١٨، لسان العرب، ابن منظور ١٣/٢١، المفردات، الأصفهاني ص ٩٠.

15 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٧/٢٩١، الإيمان، حقيقته، خوارمه، نواقضه، عند أهل السنة والجماعة، عبد الله بن عبد الحميد ص١٩-٢١.

16 التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، السعدي ص٤١.

17 انظر: العقيدة الواسطية، ابن تيمية ص١٦١.

18 التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، السعدي ص٤١.

19 جامع العلوم والحكم ص٤٠٣.

20 أشار لذلك الشوكاني في فتح القدير ١/٦٥ تفسير الآية التاسعة من سورة البقرة.

وانظر: الإيمان الأوسط، ابن تيمية ص١٦٦.

21 انظر: الإيمان حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة ١/١٤١ ، إعداد عبدالله بن عبد الحميد الأثري، مراجعة وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود.

22 انظر: الجواهر المضية، محمد بن عبد الوهاب، ص ١٣، الوجيز في عقيدة السلف الصالح، عبدالله بن عبدالحميد ص١٠٣.

23 أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، رقم ٣٣، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، ١/٧٨، رقم ٥٩.

24 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان باب علامة المنافق، رقم ٣٤، ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، ١/٧٨، رقم ٥٨.

25 شرح صحيح مسلم، النووي ٢/٤٧.

26 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الأرض، رقم ٢٧٥٠.

27 فتح الباري، ابن حجر ١/١١١.

28 تيسير الكريم الرحمن ص ٨٥٨.

29 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الصف، ٥/٤١٢، رقم ٣٣٠٩.

وصححه الألباني.

30 لباب التأويل، الخازن ٧/٨٣.

31 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٧.

32 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/١٨١.

33 معالم التنزيل، البغوي ١/٦٦.

34 في ظلال القرآن، سيد قطب ٦/٤٧٣.

35 مفاتيح الغيب، الرازي ١/٢٣١.

36 فتح القدير، الشوكاني ١/٦٧.

37 تفسير المنار ١٠/٤١٩.

38 معالم التنزيل، البغوي ٤/٧١.

39 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجماعة والإمامة، باب وجوب صلاة الجماعة، ١/٢٣١.

40 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٤٣٨.

41 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/١٧١، أضواء البيان ١٠/٦٣.

42 الجامع لأحكام القرآن ٨/١٦٦.

والحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب من ترك قتال الخوارج للتألف ولئلا ينفر الناس عنه، ٣/١٢٩٦، رقم ٦٥٣٤، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، ٢/٧٤٠، رقم ١٠٦٣.

43 أيسر التفاسير، أسعد حومد ص ٥٠٧٠.

44 معالم التنزيل، البغوي ٣/٤٣٣.

45 أيسر التفاسير، أسعد حومد ص ٢١١ بتصرف يسير جدا.

46 جامع البيان، الطبري ٩/٣١٩ بتصرف يسير.

47 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٤٣٦.

48 فتح القدير ١/٦٥.

49 في ظلال القرآن ٤/٣٥.

50 جامع البيان، الطبري ١٤/٢٩٧، أيسر التفاسير، أسعد حومد ص ١٢٩٢.

51 أيسر التفاسير ٢/٤٠١بتصرف يسير.

52 المصدر السابق ٢/٤٠٥.

53 في ظلال القرآن ٦/٥٧ بتصرف.

54 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٣٩.

55 أيسر التفاسير، أسعد حومد ص ٦٠١.

56 جامع البيان ٢٠/٢٢٣.

وأخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الخمس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لكم الغنائم)، رقم ٢٩٥٢، ونصه: (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله).

57 في ظلال القرآن ٦/٥٦.

58 مفاتيح الغيب، الرازي ١٥/١٤١.

59 المصدر السابق.

60 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/١٨٤.

61 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، تفسير سورة براءة، ٤/١٧١٤، رقم ٤٣٩١.

62 انظر: تاريخ الأمم والرسل والملوك، الطبري ٢/٦٠.

63 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٣٧٨.

64 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، تفسير سورة المنافقين، ٤/١٨٥٩، رقم ٤٦١٧.

65 في ظلال القرآن ٢/١٦٧ بتصرف يسير.

66 في ظلال القرآن ٢/١٦٧ بتصرف يسير. وروى ابن أبي حاتم عن السدي نحو ذلك مختصرا يراجع الدر المنثور للسيوطي ١٤/٣٨٦ ومعالم التنزيل، البغوي ٥/٥١.

67 تيسير الكريم الرحمن ص ١٤٤ بتصرف يسير جدا.

68 تفسير ابن أبي حاتم ٣/١٠٢٣.

69 مفاتيح الغيب، الرازي ٩/٤٤٧.

70 التحرير والتنوير ٢٨/٢٤١.

71 زاد المسير، ابن الجوزي ٨/٢٨٦.

72 جامع البيان، الطبري ٢٣/٣٩٦.

73 الكشف والبيان ٣/٤٠٣.

74 في ظلال القرآن ٢/٢٦٤.

75 تيسير الكريم الرحمن ص ٨٧٤.

76 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/١٧٨.

77 التفسير الوسيط، سيد طنطاوي ٤/٢٠٠٠.

78 مدارج السالكين، ١/٣٤٧.

79 المصدر السابق.

80 الغارة على العالم الإسلامي ص ١٢٦.

81 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهى عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبان، ١/٥٠.

82 انظر: الغارة على العالم الإسلامي ص ١٢٥.

83 أيسر التفاسير ١/٥٥٨.

84 تفسير المنار ٥/٣٧٦.

85 فيض الرحمن تفسير جواهر القرآن ٢/١١٦.

86 السراج المنير ١/٢٧٢.

87 في ظلال القرآن ٢/٢٦٩.