عناصر الموضوع

مفهوم الميثاق

الميثاق في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أساليب القرآن في الحديث عن الميثاق

أنواع الميثاق

الوفاء بالميثاق

آثار نقض الميثاق

صفات ناقضي الميثاق

الميثاق

مفهوم الميثاق

أولًا: المعنى اللغوي:

قال ابن فارس: «وثق، الواو والثاء والقاف كلمة تدل على عقد وإحكام»1.

ووثقت الشيء: أحكمته، ووثق الرجل: قال: إنه ثقة. ووثق به وثاقة وثقةً أي: ائتمنه، وواثقه: إذا عاهده أو عاقده، والتوثيق: التثبيت والتقوية، وأرض وثيقة: كثيرة العشب موثوق بها، والوثيق: الشيء المحكم2.

ومن خلال النظر في معاني الميثاق في اللغة فإنه يمكن إجمال هذه المعاني فيما يأتي:

  1. العهد المحكم.
  2. العقد والإحكام.
  3. التقوية والتثبيت.
  4. الشد والربط.
  5. الأخذ بالوثاقة والوثيقة.
  6. الاستحلاف واليمين3.

    ثانيا: المعنى الاصطلاحي:

    الميثاق اصطلاحًا: «هو العقد المؤكد إما بوعيدٍ أو بيمينٍ»4.

    وعرف الإمام أبو جعفر الطبري الميثاق بقوله: «الميثاق من الوثيقة، وهي إما بيمين، وإما بعهد أو غير ذلك من الوثائق»5.

    قال صاحب المنار: «العهد ما يتفق رجلان أو فريقان من الناس على التزامه بينهما لمصلحتهما المشتركة، فإن أكداه ووثقاه بما يقتضي زيادة العناية بحفظه والوفاء به سمي ميثاقًا»6.

    الميثاق في الاستعمال القرآني

    وردت مادة (وثق) في القرآن الكريم (٣٤) مرة، يخص موضوع الميثاق منها (٣١)مرة7.

    والصيغ التي وردت، هي:

    الصيغة

    عدد المرات

    المثال

    الفعل الماضي

    ١

    ( ) [المائدة:٧]

    المصدر الميمي

    ٣

    ( ) [يوسف:٦٦]

    اسم التفضيل

    ٢

    ( ) [البقرة:٢٥٦]

    الأسماء

    ٢٥

    ( ) [النساء:٢١]

    وجاء الميثاق في القرآن بمعناها اللغوي وهو: عقد مؤكد بيمين وعهد8.

    الألفاظ ذات الصلة

    العهد:

    العهد لغةً:

    هو الموثق الذي يعطيه الإنسان لغيره، ويقال: عهد إليه، أي: أوصاه. فهو: التزام بين اثنين أو أكثر على شيء يعامل كل واحد من الجانبين الآخر به، وسمي عهدًا لأنهما يتحالفان بعهد الله، أي: بأن يكون الله رقيبًا عليهما في ذلك9.

    العهد اصطلاحًا:

    قال الراغب: حفظ الشيء ومراعاته حالًا بعد حال10.

    وقيل: هو الميثاق واليمين التي يستوثق بها المعاهد ممن عاهده ويلزم مراعاته 11.

    الصلة بين العهد والميثاق:

    • إن العهد أعم من الميثاق، حيث يأتي العهد لمعان غير معنى الميثاق، أما (الميثاق) فهو أخص من العهد، ولفظ (الميثاق) عند المفسرين يأتي بمعنى العهد.
    • إن العهد في القرآن الكريم يأتي بمعنى الميثاق، حيث إن كثيرًا من الآيات التي جاءت بلفظ العهد هي بمعنى الميثاق، كقوله تعالى عن اليهود: ( ﯜﯝ ) [البقرة:١٠٠].

      البيعة:

      البيعة لغة:

      هي العهد على الطاعة، وهي في الأصل: الصفقة من البيع، ثم استعملت في العهد والميثاق، وأصل ذلك كله من الصفق باليد؛ لأن المتعاهدين والمتبايعين يضع أحدهما يده في يد الآخر12.

      البيعة اصطلاحًا:

      هي العقد الذي يعقده الناس على أنفسهم من بذل الطاعة للإمام، وتسليم النظر له في أمور أنفسهم، وعدم منازعته في شيء من ذلك، وطاعته فيما يكلفهم به من الأمر، على المنشط والمكره، والوفاء بالعهد الذي التزموه له13.

      الصلة بين البيعة والميثاق:

      أن البيعة نوع من أنواع الميثاق، وهي تختص بالجوانب السياسية أو الجهاد أو غير ذلك.

      العقد:

      العقد لغة:

      قال ابن فارس: «عقد: العين والقاف والدال أصل واحد يدل على شد وشدة وثوق، وإليه ترجع فروع الباب كلها، من ذلك عقد البناء، والجمع أعقاد وعقود، وهو نقيض الحل، ويأتي بمعنى العهد، ويأتي بمعنى الربط بين أطراف الشيء14.

      العقد اصطلاحًا:

      وهو اتفاق بين طرفين يلتزم بمقتضاه كل منهما تنفيذ ما اتفقا عليه، ويجمع على عقود15.

      الصلة بين العقد والميثاق:

    • إن الميثاق عقد موثق بيمين، لا يجوز نقضه بحال إن كان مع الله تعالى، وإن كان بين الناس فيجب الوفاء به إلا أن ينقضه الطرف الآخر.
    • إن العقد من معانيه العهد والميثاق، وذلك من خلال كونه التزاما لا يجوز نقضه، فهو بهذا المعنى قريب من معنى العقد بالإطلاق العام وأعم منه بالإطلاق الخاص16.
    • إن العقد ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله، أو هو: التزام المتعاقدين وتعهدهما أمرا معينا17، وبذلك يكون العقد ميثاقا وعهدا والتزاما وإلزاما باستيثاق بخلاف العهد فإنه قد يكون باستيثاق وقد لا يكون18.

      أساليب القرآن في الحديث عن الميثاق

      عرض القرآن الكريم قضية الميثاق على عدة أساليب، أهمها ما يأتي:

      أولًا: الخبر:

      جاءت آيات كثيرة بصيغة الخبر مفيدة عاقبة نقض العهد، أو جزاء الوفاء بالميثاق.

      قال تعالى: ( ) [البقرة:٢٦- ٢٧].

      وكما أن الضلال والفسق عاقبة الناقضين لعهد الله تأتي آية أخرى لتقابل معنى هذه الآية حيث جعل التقوى جزاء من أوفى بعهده: ( ) [آل عمران:٧٦].

      وهذا الأسلوب رائع، حيث جعل نقض العهد في الآية الأولى ملازما للفسق، وجعل التقوى في الآية الثانية ملازمة للوفاء بالعهد، وهذا فيه من البيان والبديع ما فيه19.

      وفي آية أخرى يأتي الخبر في سياق التذكير والامتنان: ( ﭿ ) [البقرة:٦٣- ٦٤].

      هذه صيغة تحيي القلوب الميتة، وأسلوب يدعو إلى الشكر والإيمان والوفاء، لمن في قلبه ذرة من كرم أو حياء.

      ونجد أسلوب المقابلة بصيغة خبرية رائعة، والمقابلة نوع من البلاغة بديع، وهذا الأسلوب له أثره الإيجابي في النفس تلاوة واعتبارًا.

      قال تعالى: ( ﭿ ﮕﮖ ﮡﮢ ) [الرعد:٢٠-٢٤].

      ثم يذكر ما يقابل ذلك عملًا وأثرًا.

      قال تعالى: ( ﯘﯙ ) [الرعد:٢٥].

      وتتعدد الصيغ الخبرية، وكلها تعرض بأسلوب جميل، فمرة تأتي بسياق الأمر، وأخرى في معرض النهي وثالثة مسبوقة بجملة استفهامية20.

      ثانيًا: النهي:

      ورد النهي عن نقض الميثاق بصيغة طلبية وبأسلوب خبري.

      يقول تعالى في سورة النحل بعد الأمر بالوفاء بالعهد: ( ﮛﮜ ) [النحل:٩١].

      وقوله تعالى: ( ﭫﭬ ) [النحل:٩٥].

      وهذا نهي صريح عن نقض العهود والمواثيق.

      أما الأسلوب الخبري وهو يحمل معنى النهي فقوله تعالى في سورة الرعد: ( ) [الرعد:٢٠] فمدلوله لا تنقضوا الميثاق لتكونوا من أولي الألباب21.

      ثالثًا: الاستفهام:

      ورد الميثاق بصيغة الاستفهام التوبيخي في عدة آيات، منها قوله تعالى موبخا بني إسرائيل على سوء أفعالهم وخيانتهم الميثاق: ( ) [الأعراف:١٦٩].

      ويبين الله تعالى ما سيوجه للكافرين يوم القيامة من توبيخ وتقريع لتفريطهم بالعهد والميثاق الذي عهده الله إليهم فضيعوه: ( ﭿ ) [يس:٦٠- ٦١].

      وجاء الاستفهام إنكاريًا في قوله تعالى: ( ﮇﮈ ﮑﮒ ) [البقرة:٨٠]22.

      وقوله تعالى: ( ﭞﭟ ﭤﭥ ) [التوبة:٧]23.

      ويستمر عرض موضوع العهد والميثاق بأسلوب الاستفهام، فيأتي الاستفهام بمعنى النفي: ( ﯵﯶ ﯻﯼ ﯿ ) [التوبة:١١١].

      وهكذا يكون الاستفهام بأنواعه أحد الأساليب البلاغية التي عرضت فيها قضية الميثاق توبيخا وإنكارا ونفيا24.

      رابعًا: الإجمال والبيان:

      أجمل القرآن الكريم قضية الميثاق في مواضع، وبين وفصل في مواضع أخر، وهذا أسلوب بلاغي رفيع، ففي الإجمال لا إخلال، وفي البيان لا حشو ولا إسهاب.

      فقد ذكر الله في سورة البقرة أنه قد أخذ الميثاق على بني إسرائيل دون أن يبين أو يفصل في ذلك، قال تعالى: ( ) [البقرة:٦٣].

      فتتشوق النفوس وتتطلع الأفئدة لمعرفة ذلك الميثاق، وسرعان ما يأتي البيان والتفصيل في آية أخرى: ( ) [البقرة:٨٣]25.

      ويأتي زيادة بيان وتفصيل لهذا الميثاق بقوله تعالى: ( ﭾﭿ ﮃﮄ ﮙﮚ ) [المائدة:١٢].

      وكذلك ذكر الله أخذ الميثاق على النبيين ولم يفصل فيه: ( ﭝﭞ ) [الأحزاب:٧].

      ثم فصل وبين ما أجمل بقوله تعالى: ( ﮭﮮ ﯕﯖ ﯘﯙ ) [آل عمران:٨١].

      والمعنى أنه تعالى أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام لمهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة وبلغ أي مبلغ ثم جاءه رسول من بعده ليؤمنن به ولينصرنه في إقامة دين الله تعالى، وإبلاغ رسالته، والتعاون والتناصر والاتفاق مع المبعوث بعده، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته26.

      خامسًا: الترغيب والترهيب والوعد والوعيد:

      إن من أبرز الأساليب القرآنية في قضية الميثاق أسلوب الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، بل إن أغلب الآيات التي وردت في هذا المجال لا تخلو من أحد هذين الأسلوبين، وفي آيات منها يأتي الجمع بين الترغيب والترهيب في آية واحدة، كقوله تعالى: ( ﭿ ﮕﮖ ﮡﮢ ﯘﯙ ) [الرعد:٢٠-٢٥].

      فقد بينت الآيات جزاء الذين يوفون بالميثاق بأن لهم جنات عدن، وأن لهم عقبى الدار، والتي هي الجنة، كما بينت جزاء الذين ينقضون الميثاق بأن لهم اللعنة ولهم سوء الدار، والتي هي النار27.

      ومن الآيات التي جمعت بين الوعد والوعيد وبينت جزاء الوفاء بالميثاق وعاقبة الكفر والعصيان قوله تعالى: ( ﮙﮚ ) [المائدة:١٢].

      وهناك آيات تعرض القضية بأسلوب آخر في معرض الترغيب: ( ﭿ ) [المؤمنون:١-٨].

      فما هو جزاؤهم، وماذا أعد الله لهم؟ ( ) [المؤمنون:١٠- ١١].

      ويأتي الوعيد مخيفًا: ( ﯿ ) [آل عمران:٧٧].

      ولم يقتصر التهديد والوعيد على الآخرة فقط، بل هناك تهديد ووعيد دنيوي؟ لا يدع مجالا للمتلاعبين والخائنين الناقضين مواثيقهم: ( ﮥﮦ ) [الأنفال:٥٦-٥٨]28.

      أنواع الميثاق

      إن الميثاق في القرآن الكريم على نوعين رئيسين: الأول: ميثاق الله مع الخلق، والثاني: الميثاق بين الخلق، والأول على خمسة أنواع، وهي: ميثاق الله مع بني آدم، وميثاق الله مع النبيين، وميثاق الله مع المؤمنين، وميثاق الله مع بني إسرائيل، وميثاق الله مع أولي العلم. والثاني على أربعة أنواع، هي: الميثاق بين الأنبياء وأتباعهم، والميثاق بين الراعي والرعية، والميثاق بين الناس، والميثاق بين الدول، وهذه الأنواع الرئيسة والفرعية يمكن بيانها فيما يأتي:

      أولًا: ميثاق الله مع الخلق:

    1. ميثاق الله مع بني آدم.

      يخبر الله تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم وهم في عالم الأرواح حيث تشعر كل روح بذاتها ووجودها، وأشهدهم على أنفسهم بأنه ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو، وسألهم: ألست بربكم؟ فشهدوا جميعا، وقالوا: بلى أنت ربنا وخالقنا.

      قال تعالى: ( ﭿ ) [الأعراف:١٧٢- ١٧٣]29.

      وما أخذ الله عليه الميثاق من بني آدام هو فطرة الله التي فطر الناس عليها وجبلهم عليه.

      قال تعالى: ( ﯗﯘ ﯞﯟ ) [الروم:٣٠] وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه)30.

      ويذكر الله تعالى العبد بهذا الميثاق يوم القيامة، وذلك فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به؟ قال: فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي)31.

      فهذه الأحاديث دالة على أن الله عز وجل استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل الجنة وأهل النار، ثم أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى. أي: أوجدهم شاهدين بذلك، والشهادة تارة تكون بالقول كقوله:( ﭿ )، وتارة تكون حالا كقوله تعالى: ( ) [التوبة:١٧].

      أي: حالهم شاهد عليهم بذلك لا أنهم قائلون ذلك، وكذا قوله تعالى: ( ) [العاديات:٧].32.

      والذي يترجح في هذه المسألة أن الله أخرج ذريه آدم من ظهره، وأخذ الميثاق عليهم مشهدا بعضهم على بعض، وهذا قول جمهور المفسرين وبعض الصحابة والتابعين، هو الذي يدل عليه سياق الآية، وجاءت به الأحاديث المفسرة للآية، وقد نص الإمام ابن عطية على تواتر الأحاديث على إخراج الذرية من ظهر آدم عليه السلام وأخذ الميثاق منهم33، قال الإمام ابن عطية:«..... وتواترت الأحاديث في تفسير هذه الآية عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وغيرهما أن الله عز وجل لما خلق آدم مسح على ظهره بيمينه، فاستخرج منها أي من المسحة أو الضربة نسم بنيه كالذر أو كالخردل، وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم وأن لا إله غيره، فأقروا بذلك والتزموه، وأعلمهم أنه سيبعث الرسل إليهم مذكرة وداعية، فشهد بعضهم على بعض، فليس من أحد يولد إلى يوم القيامة إلا وقد أخذ عليه العهد في ذلك اليوم والمقام»34.

      وقال ابن عاشور: «ومما يثبت هذه الدلالة أخبار كثيرة رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جمع من أصحابه، متفاوتة في القوة غير خال واحد منها عن متكلم، غير أن كثرتها يؤيد بعضها بعضا»35.

      ومن الآيات العامة التي ذكر بعض المفسرين أحد المعاني المذكورة في الميثاق الذي ذكره الله عز وجل في الآيات هو الميثاق الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم الذي وصفه، قوله تعالى: ( ﯗﯘ ) [البقرة:٢٧].

      وقوله تعالى: ( ﮦﮧ ) [الحديد:٨].

      وقوله سبحانه: ( ﮝﮞ ﮠﮡ ) [المائدة:٧].

      قال الإمام ابن جرير والماوردي والقرطبي وابن كثير: في أحد المعاني المذكورة في الميثاق الذي ذكره الله عز وجل في الآيات هو الميثاق الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم الذي وصفه في قوله: ( ﭳﭴ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭿ ) [الأعراف:١٧٢-١٧٣]36.

    2. ميثاق الله مع النبيين.

      أخذ الله تعالى الميثاق على النبيين عليهم السلام على الوفاء بما حملوا من الرسالة، وأن يصدق بعضهم بعضا، ويبشر بعضهم ببعض، وعلى أن يعبدوا الله، ويدعوا إلى عبادته، وينصحوا لقومهم، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته، فبلغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه وينصروه.

      قال تعالى: ( ) [آل عمران:٨١- ٨٢].

      وقد اختلف المفسرون في الآية: هل كان أخذ الميثاق من النبيين، أو من أممهم؟ على أقوال:

      القول الأول: ذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، منهم: علي وابن عباس رضي الله عنهم وقتادة والحسن وطاوس والسدي وسعيد بن جبير وغيرهم إلى القول بأن الميثاق قد أخذ على الأنبياء أنفسهم، واستدل هؤلاء بظاهر الآية، ويؤيد ذلك قوله تعالى: ( ﭝﭞ ) [الأحزاب:٧]37.

      قال الإمام ابن كثير: «يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام أنه مهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة وبلغ أي مبلغ ثم جاءه رسول من بعده ليؤمنن به ولينصرنه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته، ( )؟ وقال ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس وقتادة والسدي: يعني عهدي. وقال محمد بن إسحاق: (إصري) أي: ثقل ما حملتم من عهدي، أي ميثاقي الشديد المؤكد، ( )، أي: عن هذا العهد والميثاق، ( )»38.

      القول الثاني: ذهب بعض المفسرين إلى أن الميثاق أخذ من أتباع الأنبياء، ولم يؤخذ من النبيين أنفسهم، وتأويل الآية عندهم: وإذا أخذ الله ميثاق أمم النبيين، أو: وإذ أخذ الله ميثاق أتباع النبيين، أو: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين على أممهم، ونحو ذلك، فأضافوا (ميثاق) إلى (النبيين) وقدروا محذوفا كما تقول: عهد الله ويمين الله وميثاق الله، وممن قال بذلك علي وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد والربيع وغيرهم39.

      والراجح هو القول الأول، فإن الله قد أخذ الميثاق على جميع الأنبياء بأن يؤمن بعضهم ببعض، ويصدق بعضهم بعضا، وينصر بعضهم بعضا، وأمرهم بأن يأخذوا ذلك على أممهم، على أن القول الثاني لا يعارض الأول، ولكنه أخص منه، وقد رجح الإمام الطبري القول الأول بقوله: «وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: الخبر عن أخذ الله الميثاق من أنبيائه بتصديق بعضهم بعضا، وأخذ الأنبياء على أممها وأتباعها الميثاق بنحو الذي أخذ عليها ربها من تصديق أنبياء الله ورسله بما جاءتها به؛ لأن الأنبياء عليهم السلام بذلك أرسلت إلى أممها، ولم يدع أحد ممن صدق المرسلين أن نبيا أرسل إلى أمة بتكذيب أحد من أنبياء الله عز وجل»40.

      كذلك قال الإمام ابن كثير: «وما قاله طاووس وقتادة لا يضاد ما قاله علي وابن عباس رضي الله عنهم ولا ينفيه، بل يستلزمه ويقتضيه»41.

      وقد وصف الله هذا الميثاق بأنه ميثاق غليظ.

      قال تعالى: ( ﭝﭞ ) [الأحزاب:٧]42.

      والميثاق الغليظ هو تبليغ الرسالة، وأن يصدق بعضهم بعضا، وأن يعلنوا أن محمدا رسول الله، ويعلن محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا نبي بعده، وفي ذكر من سمى من الأنبياء ونص من بينهم على هؤلاء الخمسة وهم أولو العزم مع دخولهم في ذكر النبيين وجهان: أحدهما: تفضيلا لهم، الثاني: لأنهم أصحاب الشرائع، وهو من باب عطف الخاص على العام 43.

    3. ميثاق الله مع المؤمنين.

      يقول تعالى مذكرا عباده المؤمنين بنعمته عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم، وما أخذ عليهم من الميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته، والقيام بدينه وإبلاغه عنه وقبوله منه، فقال تعالى: ( ﮝﮞ ﮠﮡ ) [المائدة:٧].

      وهذه هي البيعة التي كانوا يبايعون عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إسلامهم، كما قالوا: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله44. وقال الله تعالى: ( ﮦﮧ ) [الحديد:٨]45.

      واختلف المفسرون في الميثاق الذي ذكره الله في هذه الآية على قولين:

      القول الأول: ذهب جمهور المفسرين إلى أنه الميثاق الذي جرى لهم مع النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، إذ قالوا: سمعنا وأطعنا كما جرى ليلة العقبة وتحت الشجرة، وأضافه تعالى إلى نفسه كما قال: ( ) [الفتح:١٠].

      فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم، وأن يرحل إليهم هو وأصحابه، وكان أول من بايعه البراء بن معرور رضي الله عنه، وكان له في تلك الليلة المقام المحمود في التوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والشد لعقد أمره، وهو القائل: والذي بعثك بالحق، لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر46.

      القول الثاني: إنه الميثاق الذي أخذه الله تعالى على عباده حين أخرجهم من صلب آدم صلى الله عليه وسلم وأشهدهم على أنفسهم: ( ﭳﭴ ﭶﭷ )47.

      والقول الأول هو الراجح، وهو الذي اختاره الإمام أبو جعفر الطبري، قال: «وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك قول ابن عباس، وهو أن معناه: واذكروا أيها المؤمنون نعمة الله عليكم التي أنعمها عليكم بهدايته إياكم للإسلام، وميثاقه الذي واثقكم به، يعني: وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة له في المنشط والمكره والعسر واليسر إذ قلتم: سمعنا ما قلت لنا، وأخذت علينا من المواثيق وأطعناك فيما أمرتنا به ونهيتنا عنه. وأنعم عليكم أيضًا بتوفيقكم لقبول ذلك منه بقولكم له: سمعنا وأطعنا.

      يقول: ففوا لله أيها المؤمنون بميثاقه الذي واثقكم به ونعمته التي أنعم عليكم في ذلك بإقراركم على أنفسكم بالسمع له والطاعة فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، يف لكم بما ضمن لكم الوفاء به إذا أنتم وفيتم له بميثاقه، من إتمام نعمته عليكم، وبإدخالكم جنته وإنعامكم بالخلود في دار كرامته، وإنقاذكم من عقابه وأليم عذابه»48.

      ومن الآيات التي تدل على ميثاق الله مع المؤمنين قوله تعالى: ( ) [الحديد: ٨].

      وقد اختلف المفسرون في الميثاق في هذه الآية على أقوال:

      الأول: أن المراد بذلك البيعة للرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ( ﮝﮞ ﮠﮡ ) [المائدة:٧]49.

      الثاني: ما نصب في العقول من الدلائل والحجج الموجبة لقبول دعوة الرسل؛ لأن تلك الدلائل كما اقتضت وجوب القبول فهي أوكد من الحلف واليمين، فلذلك سماه ميثاقا.

      الثالث: يريد حين أخرجهم من ظهر آدم، وقال: ( ﭳﭴ ) [الأعراف:١٧٢].

      وهذا ضعيف، وذلك لأنه تعالى إنما ذكر أخذ الميثاق ليكون ذلك سببا في أنه لم يبق لهم عذر في ترك الإيمان بعد ذلك، وأخذ الميثاق وقت إخراجهم من ظهر آدم غير معلوم للقوم إلا بقول الرسول، فقبل معرفة صدق الرسول لا يكون ذلك سببا في وجوب تصديق الرسول، أما نصب الدلائل والبينات فمعلوم لكل أحد، فذلك يكون سببا لوجوب الإيمان بالرسول، فعلمنا أن تفسير الآية بهذا المعنى غير جائز50.

      والقول الأول هو الراجح في تفسير الآية، وهو القول الذي اختاره الإمام الطبري وابن كثير51.

    4. ميثاق الله مع بني إسرائيل.

      ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تبين أن الله قد أخذ الميثاق على بني إسرائيل، وقد جاءت هذه الآيات بصيغ متعددة ومواضع متفرقة في كتاب الله، وهي على ثلاثة أوجه:

      الأول: آيات مجملة لم يبين فيها إلا أنه أخذ عليهم العهد والميثاق:

      من الآيات المجملة التي لم يبين فيها إلا أنه أخذ عليهم العهد والميثاق على بني إسرائيل قوله تعالى: ( ) [البقرة:٤٠].

      وخطابه إياهم جل ذكره بالوفاء في ذلك خاصة دون سائر البشر ما يدل على أن قوله: ( ﯗﯘ ) [البقرة:٢٧].

      مقصود به كفارهم ومنافقوهم، ومن كان من أشياعهم من مشركي عبدة الأوثان على ضلالهم، غير أن الخطاب - وإن كان لمن وصفت من الفريقين - فداخل في أحكامهم وفيما أوجب الله لهم من الوعيد والذم والتوبيخ كل من كان على سبيلهم ومنهاجهم من جميع الخلق وأصناف الأمم المخاطبين بالأمر والنهي52.

      وكذلك قوله تعالى: ( ﯜﯝ ) [البقرة:١٠٠].

      فالعهد المذكور في الآية هو الميثاق الذي أعطته بنو إسرائيل ربهم ليعملن بما في التوراة مرة بعد أخرى، ثم نقض بعضهم ذلك مرة بعد أخرى، فوبخهم جل ذكره بما كان منهم من ذلك، وعير به أبناءهم إذ سلكوا منهاجهم في بعض ما كان جل ذكره أخذ عليهم بالإيمان به من أمر محمد صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق، فكفروا وجحدوا ما في التوراة من نعته وصفته53.

      الثاني: آيات فيها إشارة موجزة إلى نوع الميثاق:

      قال تعالى: ( ) [البقرة:٦٣].

      وقوله تعالى: ( ﯣﯤ ﯬﯭ ) [البقرة:٩٣].

      فقد بينت الآيات أن الميثاق أخذ على التوراة التي أنزلها الله لبني إسرائيل بأن يعملوا بما فيها من أمره وينتهوا عما نهاهم فيها بجد منكم في ذلك ونشاط54.

      الثالث: آيات فيها شيء من التفصيل عما أخذ عليهم من عهود ومواثيق:

      قال تعالى: ( ) [البقرة:٨٣].

      فقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل على الوفاء له بأن لا يعبدوا غيره، وأن يحسنوا إلى الآباء والأمهات، ويصلوا الأرحام، ويتعاطفوا على الأيتام، ويؤدوا حقوق أهل المسكنة إليهم، ويأمروا عباد الله بما أمرهم الله به، ويحثوا على طاعته، ويقيموا الصلاة بحدودها وفرائضها، ويؤدوا زكاة أموالهم55.

      وقال عز وجل: ( ) [البقرة:٨٤].

      أخذ الله ميثاق بني إسرائيل بألا يقتل بعضهم بعضا، وألا يخرجوا غيرهم - من قومهم - من ديارهم56.

      وقال تعالى: ( ﭾﭿ ﮃﮄ ﮙﮚ ) [المائدة:١٢].

      فلما أراد موسى صلى الله عليه وسلم محاربة الجبارين أمره الله بأن يختار من قومه اثني عشر نقيبا - كفلاء على قومهم - وأمرهم بالذهاب إلى الجبارين، وأخذ منهم الميثاق وأعطاهم الموعد بأنه سبحانه معهم وناصرهم على عدوهم إن أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وآمنوا برسل الله وعزروهم ونصروهم وأقرضوا الله قرضا حسنا، مع وعده سبحانه بتكفير ذنوبهم وإدخالهم الجنة بعد ذلك إن وفوا بالعهد والميثاق الذي أخذه عليهم، وكفلهم بذلك نقباؤهم، وهذا معنى الميثاق في الآية57.

      فقد روى الإمام ابن جرير عن الربيع بن أنس: «أن موسى صلى الله عليه وسلم قال للنقباء الاثني عشر: سيروا إليهم- يعني: إلى الجبارين- فحدثوني حديثهم وما أمرهم، ولا تخافوا؛ إن الله معكم ما أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضًا حسنًا»58.

      قال الطبري - معقبًا على هذا القول -: «وليس الذي قاله الربيع ببعيد من الصواب، غير أن قضاء الله في جميع خلقه أنه ناصر من أطاعه، وولي من اتبع أمره وتجنب معصيته وجافى ذنوبه، فإذا كان ذلك كذلك وكان من طاعته إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالرسل وسائر ما ندب القوم إليه كان معلوما أن تكفير السيئات بذلك وإدخال الجنات به لم يخصص به النقباء دون سائر بني إسرائيل وغيرهم، فكان ذلك بأن يكون ندبا للقوم جميعا، وحضا لخاص دون عام»59.

      وقال تعالى: ( ﯯﯰ ﯵﯶ ) [الأعراف:١٦٩].

      وقال جل شأنه: ( ﭢﭣ ) [آل عمران:١٨٧]

      قال الإمام ابن كثير: «أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأن ينوهوا بذكره في الناس، فيكونوا على أهبة من أمره، فإذا أرسله الله تابعوه، فكتموا ذلك وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف والحظ الدنيوي السخيف، فبئست الصفقة صفقتهم، وبئست البيعة بيعتهم »60.

      وقال تعالى: ( ﯿ ) [النساء:١٥٤].

      أخذ الله العهد والميثاق على بني إسرائيل بأن يدخلوا الباب سجدا وألا يعدوا في السبت، وأن يعملوا بما في التوراة، وأخذ عليهم ميثاقا غليظا مؤكدا.

      ومن خلال الآيات السابقة يتضح أن الله أخذ الميثاق على بني إسرائيل بالعمل بما في التوراة ثم جاءت عهود ومواثيق أخرى لتأكيد الميثاق الأول، والنص على مواثيق خاصة لأهميتها والعناية بها، مع أنها كانت داخلة في الميثاق الأول، وهو العمل بما في التوراة، ولا تعارض في ذلك، فهو خاص بعد عام، وكما أخذ الله الميثاق على الناس جميعا ميثاقا عاما، ثم خص منهم بعضهم كالنبيين وبني إسرائيل.

      كما أخذ الله العهد والميثاق على النصارى بأن يطيعوه ويؤدوا فرائضه ويتبعوا رسله ويصدقوا بهم، كما أخذ عليهم العهد والميثاق على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومناصرته ومؤازرته واقتفاء آثاره، وهذا معنى الميثاق الذي ذكره الله بقوله: ( ﭣﭤ ) [المائدة:١٤]61.

    5. ميثاق الله مع أولي العلم.

      قال تعالى: ( ﭢﭣ ) [آل عمران:١٨٧].

      وقد اختلف المفسرون من عني بهذه الآية؟

      أحدها: أنهم اليهود خاصة، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي.

      والثاني: أنهم اليهود والنصارى62.

      والثالث: أنهم كل من أوتى علم شيء من كتاب فقد أخذ أنبياؤهم ميثاقهم.

      قال الحسن البصري: «هذا مثال ميثاق الله تعالى على علماء أهل الكتاب أن يبينوا للناس ما في كتابهم، وفيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام»63.

      وقد فرض الله على علماء القرآن تبيينه تصريحا، كقوله تعالى: ( ) [النحل:٤٤].

      وتعريضًا، كقوله: ( ) [آل عمران:١٨٧].

      فإن هذه الأمة أجدر بهذا الميثاق64.

      وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: ( ﭢﭣ ) [آل عمران:١٨٧].

      وقوله تعالى: ( ﯔﯕ ) [البقرة:١٧٤].

      فهذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم يتضمن تحريم الكتمان والتحريف، وفي آيات أخرى تصريح إيجابي وأمر واضح في الحث على بيان العلم ونشره، وإن لم يذكر الوعيد، مثل قوله تعالى: ( ) [التوبة:١٢٢]65.

      هذه الآيات كلها موجبة لإظهار علوم الدين وتبيينه للناس زاجرة عن كتمانها66.

      وقد تمثل الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه هذا الميثاق وأن المقصود به هو العلماء حيث قال: لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء، ثم تلا هذه الآية ( ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار)67.

      وقيل: عهد الله إلى خلقه ثلاثة عهود:

      العهد الأول: الذي أخذه على جميع ذرية آدم، الإقرار بربوبيته، وهو قوله تعالى: ( ) [الأعراف:١٧٢].

      العهد الثاني: عهد خص به النبيين أن يبلغوا الرسالة ويقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه، وهو قوله تعالى: ( ) [الأحزاب:٧].

      العهد الثالث: عهد خص به العلماء، وهو قوله: ( ) [آل عمران:١٨٧]68.

      هذا توبيخ من الله وتهديد لأهل الكتاب الذين أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن ينوهوا بذكره في الناس، ليكونوا على أهبة من أمره، فإذا أرسله الله تابعوه، فكتموا ذلك وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيفوالحظ الدنيوي السخيف، فبئست الصفقة صفقتهم، وبئست البيعة بيعتهم.

      وفي هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم ويسلك بهم مسالكهم، فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح، ولا يكتموا منه شيئا، فقد ورد في الحديث المروي من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار)69.

      قال بعض المفسرين: إن ثمرة الآية في وجوب إظهار الحق وتحريم كتمانه، فيدخل فيه بيان الدين والأحكام والفتاوى والشهادات وغير ذلك مما يجب إظهاره إذا لم يؤد إلى مفسدة، ويدخل في الكتم منع الكتب المنطوية على علم الدين؛ حيث تعذر الأخذ إلا منها70.

      وقال العلامة الزمخشري: «وكفى به دليلا على أنه مأخوذ على العلماء أن يبينوا الحق للناس وما علموه، وأن لا يكتموا منه شيئا لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة،وتطيب لنفوسهم واستجلاب لمسارّهم».

      ثانيًا: الميثاق بين الخلق:

    1. الميثاق بين الأنبياء وأتباعهم.

      ذكر المفسرون أن الله تعالى أخذ ميثاق النبيين، وأن النبيين أخذوا الميثاق على أممهم وأتباعهم بالسمع والطاعة والإسلام، وقد بين القرآن أن الرسول صلى الله عليه وسلم بايع صحابته في عدة مناسبات، والبيعة عهد وميثاق.

      قال تعالى: ( ﮝﮞ ﮠﮡ ) [المائدة:٧].

      وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن الميثاق المذكور في الآية هو الذي واثق الله به المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايعوه صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة له فيما أحبوا وكرهوا والعمل بكل ما أمرهم الله به ورسوله71.

      قال الإمام ابن عطية: « والميثاق المذكور هو ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في بيعات العقبة وبيعة الرضوان وكل موطن قال الناس فيه: سمعنا وأطعنا. هذا قول ابن عباس والسدي وجماعة من المفسرين، وقال مجاهد: الميثاق المذكور هو المأخوذ على النسم حين استخرجوا من ظهر آدم. والقول الأول أرجح وأليق بنمط الكلام»72.

      ويمكن ذكر المواثيق التي أخذها النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة رضي الله عنهم بصورة موجزة فيما يأتي:

      • بيعتي العقبة الأولى والثانية.

        وقعت بيعة العقبة الأولى في السنة الثانية عشرة من النبوة، وفي السنة الثالثة عشرة من النبوة كانت بيعة العقبة الثانية، والتي هي الكبرى73، وكانت هذه البيعة على ما ورد في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء الله عاقبه، وإن شاء عفا عنه. قال: فبايعناه على ذلك)74.

      • بيعة الرضوان.

        وقعت بيعة الرضوان في غزوة الحديبية في السنة السادسة من الهجرة، واشتهرت هذه البيعة ببيعة الرضوان؛ لأن الله تعالى أخبر أنه قد رضي عن أصحابها.

        قال تعالى: ( ) [الفتح:١٨]75.

      • بيعة الإسلام، البيعة على الجهاد، وعلى السمع والطاعة وغيرها.

        ثبت في السنة أن هناك مبايعات أخرى كبيعة الإسلام وغيرها مما يدخل في عموم قوله تعالى: ( ) [الرعد:٢٠].

        وقوله تعالى: ( ﮛﮜ ) [النحل:٩١].

        وقال سبحانه: ( ﭘﭙ ﭠﭡ ) [الأحزاب:٢٣].

        ويبين العهد والميثاق في الآية ما رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم)76.

      • بيعة النساء.

        كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن بقول الله عز وجل: ( ﭮﭯ ﭳﭴ ) [الممتحنة:١٢].

        فقد روى عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم يمتحنهن عملا بقول الله تعالى: ( ) [الممتحنة:١٠].

        قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انطلقن فقد بايعتكن) لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أمره الله، يقول لهن إذا أخذ عليهن: (قد بايعتكن) كلاما)77.

      • البيعة على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والبيعة على النصح لكل مسلم.

        ويبين هذه البيعة الحديث الذي رواه جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)78.

        يقول ابن القيم مجملا مبايعة الرسول لأصحابه: «وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه في الحرب على ألا يفروا، وربما بايعهم على الموت، وبايعهم على الجهاد، كما بايعهم على الإسلام، وبايعهم على الهجرة قبل الفتح، وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله، وبايع نفرا من أصحابه ألا يسألوا الناس شيئا»79.

        وهذا الميثاق الذي أخذه النبي على أتباعه يشمل جميع أتباع النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا العصر، قال محمد رشيد رضا: «ومجرد قبول الدعوة والدخول في الدين يعد عهدا وميثاقا بالسمع والطاعة، وعهد الله وميثاقه الذي أخذه نبينا صلى الله عليه وسلم على أول هذه الأمة عام يدخل فيه كل من قبل الإسلام ومن نشأ فيه من بعدهم إلى يوم القيامة، فيجب أن نعد هذا التذكير خطابا لنا كما كان سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنه يعدونه خطابًا لهم»80.

        ومن الآيات الواردة في الميثاق بين الأنبياء وأتباعهم قوله تعالى: ( ﭿ ﮃﮄ ) [المائدة:١٢- ١٣].

        يعني: عرفاء على قبائلهم بالمبايعة والسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه81.

        قال الإمام ابن كثير: «لما أمر تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بعهده وميثاقه الذي أخذه عليهم على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالقيام بالحق، والشهادة بالعدل، وذكرهم نعمه عليهم الظاهرة والباطنة فيما هداهم له من الحق والهدى، شرع يبين لهم كيف أخذ العهود والمواثيق على من كان قبلهم من أهل الكتابين: اليهود والنصارى.

        فلما نقضوا عهوده ومواثيقه أعقبهم ذلك لعنا منه لهم، وطردا عن بابه وجنابه، وحجابا لقلوبهم عن الوصول إلى الهدى ودين الحق، وهو العلم النافع والعمل الصالح، وقد ذكر ابن عباس ومحمد بن إسحاق وغير واحد أن هذا كان لما توجه موسى عليه السلام لقتال الجبابرة، فأمر بأن يقيم نقباء من كل سبط نقيب.

        وهكذا لما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار ليلة العقبة، كان فيهم اثنا عشر نقيبا، والمقصود أن هؤلاء كانوا عرفاء على قومهم عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك، وهم الذين تولوا المعاقدة والمبايعة عن قومهم للنبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة»82.

        ومن الآيات الواردة في الميثاق بين الأنبياء وأتباعهم ما كان بين يعقوب عليه السلام وبنيه، قال تعالى: ( ﮑﮒ ) [يوسف:٦٦].

        قال السدي: أنه حلفهم بالله83.

        وقال ابن كثير: أي تحلفون بالعهود والمواثيق لتأتنني به( ) إلا أن تغلبوا كلكم ولا تقدرون على تخليصه ( ) أكده عليهم فقال: ( ).

        قال ابن إسحاق: «وإنما فعل ذلك لأنه لم يجد بدًّا من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى لهم عنها، فبعثه معهم» 84.

        والآية الأخرى في المعنى نفسه: ( ﭶﭷ ﭿ ﮂﮃ ) [يوسف:٨٠].

        أي: عهدًا من الله في حفظ ابنه، والموثق في الآية هو العهد المؤكد بالقسم85.

    2. الميثاق بين الراعي والرعية.

      إن الميثاق بين الراعي والرعية يكون بحسب دين الرعية في الدولة الإسلامية، فإن كانوا مسلمين فإن الميثاق يكون على السمع والطاعة والجهاد وعلى كل ما يصلح شأن المجتمع.

      قال تعالى: ( ﮝﮞ ﮠﮡ ) [المائدة:٧]86.

      وتدخل المواثيق التي تجري بين الراعي والرعية في عموم قوله تعالى: ( ) [الرعد:٢٠].

      وقوله سبحانه: ( ﮛﮜ ) [النحل:٩١].

      وإن كان الرعية من أهل الكتاب فيمكن للإمام أن يعقد معهم بعض المعاهدات التي تؤمن لهم الحياة الكريمة، وما يجب عليهم من الواجبات والحقوق العامة في ظل الدولة الإسلامية بحكم أنهم أهل كتاب (أهل الذمة)، ولكن طبيعة اليهود - كما أسلفنا- الغدر والخيانة وعدم الوفاء، ولم يستطيعوا -ولن يستطيعوا لؤما وخسة- أن يتخلوا عن تلك الصفات الذميمة، فنقضوا عهودهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت نهايتهم بما يتلاءم مع تلك الأفعال، حيث أجلى رسول صلى الله عليه وسلم بني قينقاع وبني النضير، وقتل رجال بني قريظة، ولقد أشار القرآن الكريم إلى طبيعة اليهود مع العهود والمواثيق فقال تعالى: ( ) [الأنفال:٥٦].

      والعهد هنا هو ما عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اليهود من عهود ومواثيق بألا يحاربوه ولا يعاونوا عليه، كما بين ذلك المفسرون87.

      فقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا بين المهاجرين والأنصار واليهود، وذلك وثيقة المدينة المنورة أو كما يسميها المعاصرون: دستور المدينة، نظم فيها النبي صلى الله عليه وسلم العلاقات بين سكان المدينة، وحدد حقوق وواجبات والتزامات جميع الأطراف داخل المدينة المنورة88.

      ويتضح من خلال كتب التفسير والسنة والسيرة النبوية أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ عليهم العهد والميثاق أكثر من مرة، حيث أخذه عليهم عندما قدم إلى المدينة، ثم أكده في مناسبات متعددة.

      وهذا معنى قوله سبحانه: ( ﭿ ) [الأنفال:٥٥- ٥٦]89.

      ويمكن أن تكون الدساتير والأنظمة الموافقة للكتاب والسنة وإجماع الأمة من المواثيق التي يجب الالتزام بها من قبل الراعي والرعية في كل ما ورد فيها من بنود لتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونحوها مما ينظم شؤون الأمة.

    3. الميثاق بين الناس.

      أمر الله تعالى المؤمنين عامة بالوفاء بالعقود.

      قال تعالى: ( ) [المائدة:١].

      وهي الربوط في القول، كان ذلك في تعاهد على بر أو في عقدة نكاح أو بيع أو غيره. ولفظ المؤمنين يعم مؤمني أهل الكتاب، إذ بينهم وبين الله عقد في أداء الأمانة فيما في كتابهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ولفظ: (العقود) يعم عقود الجاهلية المبنية على بر، مثل دفع الظلم ونحوه، وأما سائر تعاقدهم على الظلم ونحوه فقد هدمه الإسلام، فإنما معنى الآية أمر جميع المؤمنين بالوفاء على عقد جار على رسم الشريعة. وفسر الناس لفظ (العقود) بالعهود90.

      قال الإمام الرازي: «فدخل في قوله: ( ) كل عقد من العقود، كعقد البيع والشركة، وعقد اليمين والنذر، وعقد الصلح، وعقد النكاح، وحاصل القول فيه أن مقتضى هذه الآية أن كل عقد وعهد جرى بين إنسانين فإنه يجب عليهما الوفاء بمقتضى ذلك العقد والعهد، إلا إذا دل دليل منفصل على أنه لا يجب الوفاء به، فمقتضاه الحكم بصحة كل بيع وقع التراضي به وبصحة كل شركة وقع التراضي بها، ويؤكد هذا النص بسائر الآيات الدالة على الوفاء بالعهود والعقود كقوله: ( ) [البقرة:١٧٧].

      وقوله تعالى: ( ﭿ ) [المؤمنون:٨].

      وقوله تعالى: ( ) [البقرة:٢٧٥].

      وقوله تعالى: ( ) [النساء:٢٩].

      وقوله تعالى: ( ) [البقرة:٢٨٢].

      فجميع هذه الآيات والأخبار دالة على أن الأصل في البيوعات والعهود والعقود الصحة ووجوب الالتزام»91.

      ومما يدل على وجوب الوفاء واحترام المواثيق بين الناس قوله تعالى: ( ﮛﮜ ) [النحل:٩١].

      وعموم قوله تعالى: ( ) [الرعد:٢٠].

      وقد جاء الحث بالوفاء بالعقود واعتبار ذلك ميثاقا وعلى وجه الخصوص عقد النكاح.

      قال تعالى: ( ) [النساء:٢١].

      قال مجاهد وابن زيد: هو عقد النكاح وقول الرجل: نكحت وملكت92. وقال الإمام ابن كثير: «روي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير أن المراد بذلك العقد»93.

      وفي تفسير هذا الميثاق الغليظ وجوه:

      الأول: قال الحسن وابن سيرين وقتادة والضحاك والسدي وغيرهم: هو قوله تعالى: ( ) [البقرة:٢٢٩]94.

      الثاني: قال ابن عباس رضي الله عنه ومجاهد: الميثاق الغليظ هو عقد النكاح المعقود على الصداق، وتلك الكلمة كلمة تستحل بها فروج النساء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)95.

      الثالث: الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة، كأنه قيل: وأخذن به منكم ميثاقا غليظا، أي: بإفضاء بعضكم إلى بعض، ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه، فقد قالوا: صحبة عشرين يوما قرابة، فكيف بما يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج؟!96.

      ومن خلال هذه الآيات يتضح أن العقود المباحة شرعا بكافة أنواعها التي تعقد بين الناس في الشريعة الإسلامية لها مكانة خاصة؛ حيث اعتبرتها الشريعة مواثيقا مؤكدة، لا يجوز نقضها، أو التلاعب بها، أو النقص من وفائها، أو تأخيرها عن موعدها بغير عذر مقبول شرعا، وهذا يؤدي إلى استقرار التعاملات بين الناس؛ ومن ثم تحقيق الازدهار الاقتصادي للمجتمع المسلم.

      [انظر العهد: العهود مع الناس]

    4. الميثاق بين الدول.

      يجوز عقد المعاهدات بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول إذا كان ذلك لدفع ضرر محقق عن المسلمين، أو جلب نفع للإسلام والمسلمين محققا كذلك، ويجب الوفاء بالمعاهدات ذات الآجال إلى أجلها، إلا أن ينقضها المعاهدون.

      وقد بين القرآن الكريم حكم المواثيق والمعاهدات بين الدولة الاسلامية وغيرها من الدول، وأنه يجب الوفاء بما تم التواثق عليه، ولا يجوز للإمام أو نائبة أو لأحد من الرعية أن ينقض هذا الميثاق، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في عدة مواضع.

      قال تعالى: ( ) [التوبة:١].

      وقال تعالى: ( ﮡﮢ ) [التوبة:٤].

      وفي ذلك إيماء إلى أن الوفاء بالميثاق من فرائض الإسلام مادام الميثاق معقودا، وإلى أن العهد المؤقت لا يجوز نقضه إلا بانتهاء وقته، وإلى أن من شروط وجوب الوفاء به محافظة العدو المعاهد على ذلك العهد بحذافيره بنصه وفحواه، فإن نقص شيئا منه وأخل بغرض من أغراضه عد ناقضا للميثاق.

      ويفهم من مفهوم مخالفة هذه الآية أن المشركين إذا نقضوا العهد جاز قتالهم، ونظير ذلك أيضا قوله تعالى: ( ) [التوبة:٧].

      وهذا المفهوم في الآيتين صرح به جل وعلا في قوله: ( ﯓﯔ ) [التوبة:١٢].

      ( )من شروط المعاهدة ( )من عدوكم، أي: لم يعاونوهم بأنفسهم وأبدانهم، لا بسلاح ولا خيل ولا رجال، ولا حتى بمشورة ورأي، فهؤلاء: ( )، أي: مدة أجلهم المحدد بزمن معين، فوفوا لهم ولا تنقضوا لهم عهدا إلى أن ينقضوه هم بأنفسهم، أو تنتهي مدتهم، وحينئذ إما الإسلام وإما السيف؛ إذ لم يبق مجال لبقاء الشرك في دار الإسلام وقبته97.

      ( ) أي: الذين يتقون نقض العهد وخفر الذمم وسائر المفاسد التي تخل بالنظام وتمنع جريان العدل بين الناس، وفى ذلك إيماء إلى أن مراعاة حقوق العهد تدخل فى حدود التقوى، وإلى أن التسوية بين الوفي والغادر منافية لذلك وإن كان المعاهد مشركًا98.

      والمواثيق بين الدول يجب الوفاء بها؛ لأن الله تعالى أوجب نصر المسلمين المقيمين بين ظهراني الكفار ما لم يكن هناك ميثاق بين الدولة المسلمة والكافرة، وذلك في قوله تعالى: ( ﮤﮥ ) [الأنفال:٧٢].

      فقوله تعالى: ( ) أي: عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا ق فلا تعينوهم عليهم؛ لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق99.

      أي أن الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا، أي أن الذين صدقوا برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يهاجروا من مكة إلى المدينة وظلوا مقيمين في أرض الشرك تحت سلطان المشركين، أي: في دار الحرب والشرك، لا يثبت لهم شيء من ولاية (نصرة) المؤمنين الذين في دار الإسلام. أما من أسره الكفار من أهل دار الإسلام فله حكم أهل هذه الدار، إن الولاية منقطعة بين أهل الدارين إلا في حالة واحدة ذكرها تعالى بقوله: ( ) وهي مناصرتهم على الكفار إذا قاتلوهم أو اضطهدوهم لأجل دينهم، إلا إذا كان هؤلاء الكفار معاهدين، فيجب الوفاء بعهدهم؛ لأن الإسلام لا يبيح الغدر والخيانة بنقض العهود، وهذا أصل من أصول أحكام الإسلام وسياسته الخارجية العادلة الرفيعة المستوى. وإن طلب منكم هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا النصرة على أعدائكم في الدين فيجب عليكم أن تنصروهم، لأنهم إخوانكم في العقيدة، بشرط ألا يكون بينكم وبين هؤلاء الأعداء عهد ومهادنة، فإنكم في هذه الحالة يحظر عليكم نصرة هؤلاء المؤمنين الذين لم يهاجروا؛ لأن في نصرتهم على من بينكم وبينهم عهد نقضا لهذا العهد100.

      ووجه ذلك الاستثناء أن الميثاق يقتضي عدم قتال الكفار إلا إذا نكثوا عهدهم مع المسلمين، وعهدهم مع المسلمين لا يتعلق إلا بالمسلمين المتميزين بجماعة ووطن واحد، وهم يومئذ المهاجرون والأنصار، فأما المسلمون الذين أسلموا ولم يهاجروا من دار الشرك فلا يتحمل المسلمون تبعاتهم، ولا يدخلون فيما جروه لأنفسهم من عداوات وإحن؛ لأنهم لم يصدروا عن رأي جماعة المسلمين، فما ينشأ بين الكفار المعاهدين للمسلمين وبين المسلمين الباقين في دار الكفر لا يعد نكثا من الكفار لعهد المسلمين؛ لأن من عذرهم أن يقولوا: لا نعلم حين عاهدناكم أن هؤلاء منكم؛ لأن الإيمان لا يطلع عليه إلا بمعاشرة، وهؤلاء ظاهر حالهم مع المشركين يساكنونهم ويعاملونهم101.

      ولقد أمر القرآن الكريم بأن يحترم الميثاق بالنسبة لأهله، ولمن لهم به صلة قومية أو نسبية أو لمن هرب أو التجئ إليهم.

      قال تعالى: (ﭿ ﮅﮆ ﮏﮐ ﮖﮗ ﮯﮰ ﯗﯘ ﯴﯵ ﯿ ﰁﰂ ) [النساء:٨٩-٩١] 102.

      فهذا النص يدل على ضرورة احترام المواثيق، وكف القتال عن أهل الميثاق، والذين لهم به صلة قومية، ويكون سلمهم سلما لهم وحربهم حربا لهم103.

      والمراد بالمنافقين المذكورين في هذه الآيات المنافقون المظهرون إسلامهم،ولم يهاجروا مع كفرهم، وكان قد وقع بين الصحابة رضوان الله عليهم فيهم اشتباه، فبعضهم تحرج عن قتالهم وقطع موالاتهم بسبب ما أظهروه من الإيمان، وبعضهم علم أحوالهم بقرائن أفعالهم فحكم بكفرهم، فأخبرهم الله تعالى أنه لا ينبغي لكم أن تشتبهوا فيهم ولا تشكوا، بل أمرهم واضح غير مشكل، إنهم منافقون قد تكرر كفرهم، وودوا مع ذلك كفركم وأن تكونوا مثلهم.

      فإذا تحققتم ذلك منهم: ( ) وهذا يستلزم عدم محبتهم؛ لأن الولاية فرع المحبة، ويستلزم أيضا بغضهم وعداوتهم؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده، وهذا الأمر مؤقت حتى هجرتهم، فإذا هاجروا جرى عليهم ما جرى على المسلمين، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري أحكام الإسلام لكل من كان معه وهاجر إليه، وسواء كان مؤمنا حقيقة أو ظاهر الإيمان104.

      وأنهم إن لم يهاجروا وتولوا عنها: ( )أي: في أي وقت وأي محل كان، وهذا من جملة الأدلة الدالة على نسخ القتال في الأشهر الحرم، كما هو قول جمهور العلماء، والمنازعون يقولون: هذه نصوص مطلقة محمولة على تقييد التحريم في الأشهر الحرم105.

      لذا حذر الله المؤمنين من مكائدهم وسعاياتهم هذه، فلا تتخذوا منهم أنصارا يساعدونكم على المشركين الوثنيين حتى يدل الدليل الواضح على إيمانهم ويهاجروا إلى المدينة ويتعاونوا بصدق معكم في قضاياكم، فهذا دليل الصدق في الإيمان.

      فإن أعرضوا عن الإيمان الظاهر بالهجرة في سبيل الله ولزموا أماكنهم خارج المدينة فخذوهم واقتلوهم أنى وجدتموهم في أي مكان وزمان، في الحل أو في الحرم، ولا توالوهم أو تولوهم شيئا من مهام أموركم، ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك.

      ثم استثنى الله من هؤلاء الذين يتصلون بقوم معاهدين للمسلمين ويلجؤون إلى أهل عهدكم بمهادنة أو عقد ذمة، فينضمون إليهم في عهدهم، فاجعلوا حكمهم كحكم المعاهدين.

      لما جاء في صلح الحديبية في صحيح البخاري: (من أحب أن يدخل في صلح قريش وعهدهم دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في صلح محمد وأصحابه وعهدهم دخل فيه)106.

      الوفاء بالميثاق

      في هذا المحور سيكون الكلام عن حكم الوفاء بالميثاق، أدلته الشرعية، وبيان آثار الوفاء بالميثاق في الدنيا والآخرة:

      أولًا: حكم الوفاء بالميثاق:

      دلت آيات القرآن الكريم على وجوب الوفاء بالميثاق، حيث أمر الله تعالى المؤمنين عامة بالوفاء بالعقود الجارية على رسم الشريعة وأصولها وقواعدها.

      قال سبحانه: ( ) [المائدة:١].

      ولفظ (العقود) في الآية بمعنى العهود بإجماع جميع المفسرين، كما يعم اللفظ عقود الجاهلية المبنية على البر، مثل دفع الظلم ونصرة المظلوم ونحوه، وأما في سائر تعاقدهم على الظلم والغارات فقد هدمه الإسلام.

      وقال تعالى: ( ﭲﭳ ) [الأنعام:١٥٢].

      وقال جل شأنه: ( ﮛﮜ ) [النحل:٩١]107.

      ومما يدل على وجوب الوفاء بالمعاهدات والمواثيق أن الله تعالى يسأل ناقض العهد عن نقضه إياه.

      قال عز وجل: ( ﯛﯜ ) [الإسراء:٣٤].

      وقال تعالى: ( ) [الأحزاب:١٥]108.

      كما يدل على وجوب الوفاء بالميثاق بأن نقض الميثاق كبيرة من الكبائر؛ لأن الله تعالى لعن من ينقضه، فكان الوفاء به واجبًا.

      قال تعالى: ( ) [المائدة:١٣].

      قال الإمام ابن كثير: «لما أمر تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بعهده وميثاقه الذي أخذه عليهم على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالقيام بالحق، والشهادة بالعدل، وذكرهم نعمه عليهم الظاهرة والباطنة فيما هداهم له من الحق والهدى، شرع يبين لهم كيف أخذ العهود والمواثيق على من كان قبلهم من أهل الكتابين اليهود والنصارى، فلما نقضوا عهوده ومواثيقه أعقبهم ذلك لعنا منه لهم، وطردا عن بابه وجنابه، وحجابا لقلوبهم عن الوصول إلى الهدى ودين الحق، وهو العلم النافع والعمل الصالح، فقال تعالى: ( )[المائدة:١٢].

      يعني: عرفاء على قبائلهم بالمبايعة والسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه»109.

      نقول: أكد الله تعالى على بني إسرائيل بوجوب الوفاء بالعهود والمواثيق من بين الناس.

      قال تعالى: ( ) [البقرة:٤٠]، قال الإمام ابن جرير الطبري: «وخطابه إياهم جل ذكره بالوفاء في ذلك خاصة دون سائر البشر ما يدل على أن قوله: ( )[البقرة:٢٧].

      مقصود به كفارهم ومنافقوهم، ومن كان من أشياعهم من مشركي عبدة الأوثان على ضلالهم، غير أن الخطاب وإن كان لمن وصفت من الفريقين فداخل في أحكامهم، وفيما أوجب الله لهم من الوعيد والذم والتوبيخ كل من كان على سبيلهم ومنهاجهم من جميع الخلق وأصناف الأمم المخاطبين بالأمر والنهي»110.

      والآيات صريحة الدلالة على وجوب الوفاء بالميثاق، وحرمة الغدر والخيانة، وجميع الآيات التي ورد فيها لفظ الميثاق تدل على ذلك بالمنطوق أو بالمفهوم.

      وقد وردت أحاديث كثيرة في وجوب الوفاء بالعهد وإثم من نقض ميثاقه أو غدر بما عاهد عليه، فقد روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها)111.

      وما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل) 112.

      وكذلك ما رواه أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لكل غادر لواء يوم القيامة)113.

      وما رواه أبو سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لكل غادر لواء عند إسته يوم القيامة)114.

      وكذلك ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الغادر ينصب الله له لواء يوم القيامة، فيقال: ألا هذه غدرة فلان)115.

      وفي رواية:(لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة)116.

      قال الإمام النووي: «قال أهل اللغة: اللواء الراية العظيمة لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش، ويكون الناس تبعا له، قالوا: فمعنى لكل غادر لواء أي: علامة يشهر بها في الناس؛ لأن موضوع اللواء الشهرة، مكان الرئيس علامة له، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة لغدرة الغادر لتشهيره بذلك، وأما الغادر فهو الذي يواعد على أمر ولا يفي به.

      وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين، وقيل: لأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء. والمشهور أن هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر.

      وذكر القاضي عياض احتمالين:

      أحدهما: هذا، وهو نهي الإمام أن يغدر في عهوده لرعيته وللكفار وغيرهم، أو غدره للأمانة التي قلدها لرعيته والتزم القيام بها والمحافظة عليها ومتى خانهم أو ترك الشفقة عليهم أو الرفق بهم فقد غدر بعهده.

      والاحتمال الثاني: أن يكون المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام، فلا يشقوا عليه العصا، ولا يتعرضوا لما يخاف حصول فتنة بسببه، والصحيح الأول، والله أعلم»117.

      وأما عهود المسلمين فيما بينهم فالوفاء بها أشد، ونقضها أعظم إثمًا.

      ومن أعظمها نقض عهد الإمام على من تابعه ورضي به، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) فذكر منهم: (ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه ما يريد وفى له، وإلا لم يف له)118.

      ويدخل في العهود التي يجب الوفاء بها ويحرم الغدر فيها جميع عقود المسلمين فيما بينهم إذا تراضوا عليها من المبايعات والمناكحات وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاء بها، وكذلك ما يجب الوفاء به لله عز وجل مما يعاهد العبد ربه عليه من نذر التبرر ونحوه119.

      كما أمر الله تعالى بوجوب الوفاء بالمعاهدات والمواثيق الدولية المزمنة بمدة معينة، لقوله عز وجل: ( ﮡﮢ ) [التوبة:٤].

      وقد أمر الله تعالى في كتابه الكريم بالوفاء بمواثيق وعهود المشركين إذا أقاموا على عهودهم ولم ينقضوا منها شيئا.

      ويدل على ذلك ما رواه سليم بن عامر، يقول:(كان بين معاوية وبين أهل الروم عهد، وكان يسير في بلادهم، حتى إذا انقضى العهد أغار عليهم، فإذا رجل على دابة أو على فرس وهو يقول: الله أكبر، وفاء لا غدر، وإذا هو عمرو بن عبسة رضي الله عنه، فسأله معاوية عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عهدا ولا يشدنه حتى يمضي أمده أو ينبذ إليهم على سواء) قال: فرجع معاوية بالناس) 120.

      والغدر حرام في كل عهد وميثاق بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهد كافرا، ولهذا جاء في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسا معاهدا بغير حقها لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما)121.

      والأحاديث القاضية بوجوب الوفاء بالميثاق كثيرة جدا، والسنة الفعلية تشهد بذلك، وأن نقضه محرم بصريح الكتاب والسنة.

      ثانيًا: آثار الوفاء بالميثاق:

      رتب الله تعالى على الالتزام بالميثاق آثارا متنوعة ومتعددة، يمكن بيانها على التفصيل الآتي:

      ١. آثار الوفاء بالميثاق في الحياة الدنيا.

      تتمثل آثار الوفاء بالميثاق في الحياة الدنيا فيما يأتي:

    1. الإيمان والسعادة والفلاح.

      فقد وصف الله تعالى الموفين لعهودهم ومواثيقهم بالإيمان والسعادة والفلاح: ( ﭿ ) [المؤمنون:١-٨].

      فرعاية الميثاق من صفات المؤمنين الصادقين، والتخلي عن تلك الصفة إخلال بهذا الوصف وقدح بالموصوف، ورعاية العهد هنا تشمل العهد العام والخاص، فكل ما صدق عليه لفظ العهد فرعايته من الإيمان122.

      كما أن الوفاء بالميثاق هو الذي يحقق الإيمان، وأن الموفين بعهدهم وميثاقهم هم المؤمنون.

      قال تعالى: ( ﮦﮧ ) [الحديد:٨]123.

    2. التقوى.

      لقد جاءت التقوى أثرا من آثار الوفاء بعهد الله، وثمرة من ثمرات الالتزام بميثاقه، ونجد أن الوفاء بالعهد بعد الوعد من صفات المتقين الصادقين قال تعالى: ( ﭸﭹ ﭿﮀ ﮃﮄ ) [البقرة:١٧٧].

      ثم أخبر تعالى على جهة الشرط أن من أوفى بالعهد واتقى عقوبة الله في نقضه، فإنه محبوب عند الله، وأن أهل الوفاء بالعهد والميثاق هم الذين يحبهم الله تعالى لا غيرهم: ( ) [آل عمران:٧٦].

      ويأتي ما يؤكده في سورة التوبة في آيتين متقاربتين: ( ﮡﮢ ) [التوبة:٤].

      وكما أن إتمام العهد والميثاق من التقوى فإن الاستقامة عليه تؤدي إليها: ( ) [التوبة:٧]124.

      وقد أمر الله تعالى بني إسرائيل بتذكر العهود والمواثيق التي أخذت عليهم بالعمل بما فيه لعلهم يتقون: ( ) [البقرة:٦٣]125.

    3. محبة الله ورضاه.

      وهما غاية الغايات ونهاية المقاصد والحاجات فإذا رضي الله على عبد وأحبه أدخله جناته ووقاه عذابه، وأكرمه في دنياه وأخراه، فقد أثبت الله محبته للمتقين الموفين بعهدهم، المستقيمين على عهودهم ومواثيقهم حتى مع أعدائهم ما استقاموا هم على تلك العهود: ( ﭤﭥ ) [التوبة:٧].

      وقبلها بآيتين: ( ﮡﮢ ) [التوبة:٤].

      وكذلك قوله تعالى: ( ) [آل عمران:٧٦].

      وبهذا تكون محبة الله ثمرة من ثمرات الوفاء بالعهد، وأثرا من آثار الالتزام بالميثاق.

    4. حصول الأمن في الدنيا وصيانة الدماء.

      لم تقتصر آثار الوفاء بالميثاق على المسلمين وحدهم، وإنما شمل الكفار الذين لم يدخلوا في دين الإسلام، ولهم عهود مع المسلمين.

      فجاءت الآيات صريحة بوجوب الوفاء لهم وصيانة دمائهم وأكثر من ذلك أن الكافر الذي يطارده المسلمون لقتله عندما يلجأ إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق، ويدخل تحت حكمهم، يعصم دمه ويضع حدا لطلبه.

      يقول تعالى مبينًا حكم بعض المنافقين: (ﭿ ﮅﮆ ﮏﮐ ﮖﮗ ) [النساء:٨٩]ومع هذا النهي الحاسم والأمر الجازم بالقضاء عليهم ومقاطعتهم ينقلنا القرآن نقلة قوية تضع استثناء لما سبق: ( ﮯﮰ ﯗﯘ ) [النساء:٩٠].

      ومن هنا فأن أثر الوفاء بالميثاق لم يقتصر على من عقد معه ووفى به، وإنما تعداه إلى آخرين أرادوا صيانة دمائهم المهدرة، فلم يجدوا بدا من اللجوء إلى هؤلاء126.

      كما يعطي أمانًا صريحًا لمن لهم ميثاق في حقن دمائهم وصيانة أهلهم وأموالهم، فالذين آمنوا ولم يهاجروا إن استنصروا المؤمنين في الدين فتجب نصرتهم وحمايتهم إلا في حالة واحدة، إذا كان هذا الاستنصار موجهًا ضد مَنْ للدولة المسلمة معهم عهد وميثاق، فهنا لا نصرة ولا مساعدة، وحق أولئك المعاهدين أولى من حق هؤلاء المؤمنين لقوله تعالى: ( ﮤﮥ ) [الأنفال:٧٢]127.

      وقد ساوى القرآن بين دية الكافر الذي يقتل خطأ، وهو من قوم معاهدين، بدية المسلم المقيم في دار الإسلام.

      قال تعالى: ( ﭘﭙ ﭧﭨ ﭳﭴ ﭿ ﮂﮃ ﮌﮍ ) [النساء:٩٢].

      وإن كان من قوم بينهم وبين المسلمين عهد فتحرير رقبة وتسليم الدية إلى ذوي الميثاق؛ لئلا تقع ضغينة بين أهل الميثاق والمؤمنين 128.

    5. سلامة العقول وصدق اللسان.

      وردت في عدة آيات من كتاب الله، كوصفهم بأنهم أصحاب العقول السليمة: ( ) [الرعد:١٩- ٢٠].

      ووصفهم بالصدق في قوله تعالى: ( ﭸﭹ ﭿﮀ ﮃﮄ ) [البقرة:١٧٧].

      بعد ذكر الموفين بعهدهم إذا عاهدوا، وأن عملهم من البر فهم أبرار.

      ٢. آثار الوفاء بالميثاق في يوم القيامة.

    1. تكفير السيئات وإدخال الجنات.

      ذكر الله سبحانه أنه أخذ ميثاق بني إسرائيل، ثم بين هذا الميثاق وذكر الجزاء على الوفاء به: ( ) [المائدة:١٢].

      ولما ذكر صفات أولي الألباب ذكر منها أنهم يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، ثم بين عاقبة هؤلاء فقال: ( ﮕﮖ ﮡﮢ ) [الرعد:٢٢-٢٤].

      من الآثار التي وردت في أكثر من آية جزاء لمن وفى بعهده والتزم بميثاقه الوعد بدخول الجنة وتكفير السيئات، نجد هذا في قوله تعالى: ( ) [البقرة:٤٠].

      قال الإمام ابن جرير: «وعهده إياهم أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة 129.

    2. الجزاء الحسن والأجر العظيم.

      أمر الله سبحانه في سورة النحل بالوفاء بالميثاق، ونهى عن نقض الإيمان بعد توكيدها، وحث على الصبر على ذلك، ثم أكد على العهود مرة أخرى بين عاقبة الصابرين، وما أعده لهم من جزاء حسن.

      ثم جاء بأسلوب بديع يشير إلى جزاء من عمل صالحا والوفاء بالعهد من العمل الصالح حيث وعده بالحياة الطيبة في الدنيا والجزاء الحسن في الآخرة: ( ﮛﮜ ﯗﯘ ﯜﯝ ﯳﯴ ﭠﭡ ﭫﭬ ﭹﭺ ﭾﭿ ﮔﮕ ) [النحل:٩١-٩٧].

      ويعد الله الموفين بعهدهم بجزاء عظيم يجمله سبحانه ولا يفصله زيادة في التشويق وبيانا لعظم الأجر: ( ) [الأحزاب:٢٣- ٢٤].

    3. وراثة الفردوس.

      جعل الله تعالى وراثة الفردوس والإكرام في الجنات للمؤمنين الذين من صفاتهم الوفاء بالمواثيق والعهود ورعايتها والقيام بها بكل صورها وأشكالها: ( ﭿ ) [المؤمنون:٨].

      ذكر مآلهم فقال: ( ) [المؤمنون:١٠- ١١].

      وقوله تعالى: ( ) [المعارج:٣٢-٣٥].

      ويبين جنة الفردوس ومنزلتها الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن)130.

      وكذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا له منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات، فدخل النار، ورث أهل الجنة منزله) فذلك قوله تعالى: ( ) [المؤمنون:١٠]131.

      وهذه الآية كقوله تعالى: ( ﯿ ) [مريم:٦٣].

      وكقوله: ( ) [الزخرف:٧٢].

      آثار نقض الميثاق

      يترتب على نقض الميثاق بعض الآثار، منها:

      أولًا: الإفساد في الأرض:

      إن نقض الميثاق يكون سببًا للإفساد في الأرض، ويكون ذلك من خلال أن الإفساد في الأرض صفة من صفات الناقضين لمواثيقهم: ( ﯗﯘ ) [البقرة:٢٧].

      وقال تعالى: ( ﯘﯙ ) [الرعد:٢٥].

      وفسادهم فيها هو: عملهم بمعاصي الله، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، وذلك أن التقاطع بين الناس يحصل من رفض المحبة والعداية، ورفضهما سبب كل فساد، فإن القوم إذا أحبوا وعدلوا تواصلوا، وإذا تواصلوا تعاونوا، وإذا تعاونوا عمروا وإذا عمروا عمروا 132.

      وهذه الصفات صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين، كما قال تعالى: ( ﭜﭝ ) [الرعد:١٩-٢١].

      إلى أن قال: ( ﯘﯙ ) [الرعد:٢٥]133.

      لأن الفساد في الأرض من خصال المنافقين فإذا كانت فيهم الظهرة على الناس، أظهروا هذه الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظهرة عليهم، أظهروا الخصال الثلاث: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا 134.

      كما أن نقض الميثاق المبرم مع الإمام كالبيعة على السمع والطاعة، وكذلك نقض الميثاق من قبل الحاكم بعدم الوفاء لرعيته بالمواثيق التي قطعها على نفسه لهم، يكون سببا للإفساد في الأرض وخاصة في الخروج على الحاكم، فقد روى البخاري عن مصعب بن سعد، «قال: سألت أبي: ( ) [الكهف:١٠٣]: هم الحرورية؟ قال: لا هم اليهود والنصارى، أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم، وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا: لا طعام فيها ولا شراب، والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، وكان سعد يسميهم الفاسقين»135.

      وروى الحاكم عن مصعب بن سعد، قال: «كنت أقرأ على أبي حتى إذا بلغت هذه الآية: ( ) [الكهف:١٠٣].

      قلت يا أبتاه أهم الخوارج؟ قال: لا يا بني اقرأ الآية التي بعدها ( ) [الكهف:١٠٥].

      قال: «هم المجتهدون من النصارى كان كفرهم بآيات ربهم بمحمد ولقائه» وقالوا: ليس في الجنة طعام ولا شراب، ولكن الخوارج هم الفاسقون الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون» 136.

      والصحيح أن الآية عامة الشمول، وفي الآية التي تأتي بعدها تفسير صريح عن المقصودين، وهم الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه واتخذوا آياته ورسله هزوا، وهذا تعبير شامل ليس فيه أي محل لجعله وصفا لطائفة معينة 137.

      ويشير قوله تعالى: ( )[البقرة:٨٤] إلى أن نقض العهد والميثاق يؤدي إلى سفك الدماء والتهجير من البلدان وذلك أن أهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة كما قال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)138.

      فقد أخذ الله العهد على بني إسرائيل: لا يريق بعضكم دم بعض، ولا يخرج بعضكم بعضا من ديارهم وأوطانهم، وقد جعل غير الرجل كأنه نفسه، ودمه كأنه دمه إذا اتصل به دينا أو نسبا، إشارة إلى وحدة الأمة وتضامنها، وأن ما يصيب واحدا منها فكأنما يصيب الأمة جمعاء، فيجب أن يشعر كل فرد منها بأن نفسه نفس الآخرين ودمه دمهم، فالروح الذي يحيا به والدم الذي ينبض في عرقه هو كدم الآخرين وأرواحهم، لا فرق بينهم في الشريعة التي وحدت بينهما في المصالح العامة.

      ويجوز أن يكون المعنى: لا ترتكبوا من الجرائم ما تجازون عليه بالقتل قصاصا، أو بالإخراج من الديار فتكونون كأنكم قد قتلتم أنفسكم؛ لأنكم فعلتم ما تستحقون به القتل، كما يقول الرجل لآخر قد فعل ما يستحق به العقوبة: أنت الذي جنى على نفسه.

      فقد كان سفك الدماء وتقاتل اليهود وطرد بعضهم بعضا من ديارهم ظاهرة شائعة فيهم، وظلت هذه الظاهرة إلى عصر التنزيل القرآني، فكان يهود بني قريظة حالفوا الأوس، ويهود بني النضير حالفوا الخزرج، فإذا نشبت الحرب بينهم، كان كل فريق من اليهود يقاتل مع حلفائه، فيقتل اليهودي يهوديا آخر، ويخرب بعضهم ديار بعض، ويخرجونهم من بيوتهم، وينهبون ما فيها من الأثاث والمال، مع أن ذلك محرم عليهم بنص التوراة، وإذا أسر بعضهم فدوهم بالمال، وكانوا إذا سئلوا، لم تقاتلونهم وتفدونهم، قالوا: أمرنا- أي في التوراة- بالفداء، فيقال: فلم تقاتلونهم؟ فيقولون: حياء أن تستذل حلفاؤنا، فأنزل الله: ( ) 139.

      ثانيًا: الكفر لمن ينقض ميثاقه مع الله تعالى:

      قرن الله تعالى بين الكفر ونقض العهد معه تعالى في أكثر من موضع في القرآن الكريم، قال تعالى مخاطبا بني إسرائيل مذكرا لهم بالميثاق الذي أخذه عليهم ومبينا الحال التي آلوا إليها: ( ﯣﯤ ﯬﯭ ) [البقرة:٩٣].

      وينفي القرآن الإيمان عن النابذين لعهودهم وهم أكثر من الموفين، ولذلك فغير المؤمنين أكثر من المؤمنين، وهذا أحد وجهي تأويل الآية: ( ﯜﯝ ) [البقرة:١٠٠]140.

      ويأمر الله تعالى أمرا حاسما لا تردد فيه بقتال ناقضي الميثاق بسبب كفرهم.

      قال تعالى: ( ﯓﯔ ) [التوبة:١٢].

      وتستمر الآيات مبينة كفر من كذب بعهد الله وميثاقه: ( ) [الأحزاب:٧- ٨].

      وبأسلوب الاستفهام يأتي قوله تعالى: ( ﮦﮧ ) [الحديد:٨]141.

      ثالثًا: الفسق:

      جاءت الآيات القرآنية مبينة فسق من نقض الميثاق، ووردت بمعنى الكفر، وذلك تأكيد لما سبق من بيان كفر من تخلى عن العهد والميثاق، ففي أول آية جاء فيها لفظة: الميثاق حكم الله على الناقضين بالفسق فقال: ( ) [البقرة:٢٦- ٢٧].

      والفسوق هو: الترك لأمر الله والخروج عن طاعته، وقال الفراء: الفسق: الخروج عن الطاعة، والعرب تقول: فسقت الرطبة عن قشرها، إذا خرجت، وقد يكون الفسوق شركا، ويكون إثما، والذي أريد به ههنا: الكفر142.

      وكذلك قوله تعالى: ( ﮭﮮ ﯕﯖ ﯘﯙ ) [آل عمران:٨١-٨٢].

      وكذلك قوله تعالى: ( ﯘﯙ ) [الأعراف:١٠٢].

      وتؤكد هذه الآيات شناعة فعل الناقضين لعهودهم، وسوء جريرتهم، وأنهم فاسقون لخروجهم عن أمر الله وميثاقه.

      والضلال في سواء السبيل، وهذا ما حل ببني إسرائيل لما كفروا بالله وخانوا مواثيقه: ( ﭾﭿ ﮃﮄ ﮙﮚ ) [المائدة:١٢].

      وهذه الآيات تبين فسوق وضلال وخسران ناقض الميثاق مع الله تعالى، وإن مصير ذلك إلى الكفر والنفاق وما يترتب على ذلك من العذاب الأليم في الآخرة143.

      رابعًًا: الخسران:

      قرر القرآن الكريم أن الخسران عاقبة من نقض ميثاقه ونكث بعهده.

      قال تعالى: ( ﯗﯘ ) [البقرة:٢٧].

      ويؤكد القرآن الكريم أن الخسران مآل من تولى عن أخذ الميثاق كما أمر به الله، مبينا نعمة الله على بعض عباده حيث رحمهم من أن يكونوا من الخاسرين.

      قال تعالى: ( ﭿ ) [البقرة:٦٣- ٦٤].

      خامسًا: اللعن وقسوة القلوب والطبع عليها:

      لما نقض بنوا إسرائيل عهودهم كانت العاقبة شديدة والأثر أليم، فقد لعنهم الله وجعل قلوبهم قاسية، وتبعا لذلك ضلوا وانحرفوا عن سواء السبيل: ( ﮫﮬ ﮰﮱ ﯗﯘ ﯡﯢ ﯥﯦ ) [المائدة:١٣].

      وكما يبين سبحانه أنه طبع على قلوبهم جزاء لهم على كفرهم ونقضهم لميثاقهم: ( ﭝﭞ ) [النساء:١٥٥].

      وفي آية أخرى يقول تعالى: ( ﯘﯙ ) [الرعد:٢٥]144.

      وهذه الآيات بيان من الله للمصير الذي ينتظر الناكثين لعهودهم الناقضين لمواثيقهم، وهو إنذار وتحذير للمؤمنين بل وللناس أجمعين.

      سادسًا: الإغراء بالعداوة والبغضاء:

      أخذ الله الميثاق على النصارى كما أخذه على اليهود، ولكنهم سلكوا مسلكهم وأخذوا طريقهم، فنقضوا الميثاق وبدلوا في دينهم، وضيعوا أمر الله، فأورثهم الله العداوة والبغضاء وجعلها ملاصقة لهم لا تنفك عنهم، واستحكمت فيهم الخلافات والأهواء، فاختلفوا في نبيهم، وحرفوا كتابهم، وكانوا ضالين في دينهم.

      قال تعالى: ( ﭣﭤ ) [المائدة:١٤]145.

      سابعًا: القتل والتشريد:

      من الآثار الدنيوية العاجلة التي تحل بالخائنين، الناقضين للعهود والمواثيق، أمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم إن لقي هؤلاء الخائنين وتمكن منهم، أن يعاقبهم عقوبة يؤدب بها من خلفهم، عقوبة قاسية تتعدى آثارها هؤلاء المجرمين إلى ما يقف خلفهم وبتربص بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الدوائر، يكون من آثارها تشريد أولئك المتربصين وتفريق كلمتهم وتشتيت شملهم: ( ) [الأنفال:٥٦- ٥٧].

      وهذا ما فعله رسول صلى الله عليه وسلم عندما ظفر ببني قريظة، تنفيذا لأمر الله من فوق سبع سماوات وأي عقوبة دنيوية أشد من هذه العقوبة، إن أخذه أليم شديد146.

      ثامنًا: الخزي في الدنيا:

      لما ذكر الله تعالى المواثيق التي أخذها على بني إسرائيل، ذكر خيانتهم وغدرهم ونكثهم للعهود والمواثيق، ثم هددهم قائلا: ( ﭿ ) [البقرة:٨٥].

      وتأتي الآية التي بعدها مباشرة مؤكدة هذه النهاية المفجعة التي تنتظر هؤلاء الغادرين: ( ﮜﮝ ) [البقرة:٨٦]

      والخزي هو: الذل والصغار، يقال منه: «خزي الرجل يخزى خزيا»، في الحياة الدنيا، يعني: في عاجل الدنيا قبل الآخرة، وذلك هو حكم الله الذي أنزله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من أخذ القاتل بمن قتل، والقود به قصاصا، والانتقام للمظلوم من الظالم، وأخذ الجزية منهم ما أقاموا على دينهم، ذلة لهم وصغارا، كما أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير من ديارهم لأول الحشر، وقتل مقاتلة قريظة وسبي ذراريهم، فكان ذلك خزيا في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم147.

      وبين الله سبحانه ما أعده للكافرين الذين لم يصدقوا مع الله فيما أخذه على النبيين من عهد وميثاق، من العذاب الأليم الذي يليق بمكانتهم: ( ) [الأحزاب:٧- ٨]148.

      تاسعًا: الموقف المخزي يوم القيامة والعذاب الشديد:

      ما ذكره سبحانه عن حال الذين يشرون بعهد الله وإيمانهم ثمنا بخسا زهيدا في الدنيا، حالتهم يوم القيامة شر حالة، ومآلهم شر مآل، ومصيرهم أسوء مصير، فلا خلاق لهم ولا حجة ولا نصيب ولا قوام149 وأشد من ذلك أن الله لا يكلمهم كلاما يسرهم، ولا ينظر إليهم نظر رحمة وعطف، بل ولا يزكيهم ويطهرهم من ذنوبهم وسيئاتهم في موقف ينتظر كل إنسان رحمة الله وعفوه ومغفرته، ونهايتهم في العذاب الأليم: ( ﯿ ) [آل عمران:٧٧]150.

      كما يترتب على نقض العهد السؤال في الآخرة حيث يقف ناقض العهد أمام الباري عز وجل ليسأله عن جريرة اقترفها وذنب عمله: ( ﯿﰀ ) [الأحزاب:١٥].

      أما السؤال عن نقض العهد في الدنيا: فإن الظاهر من أقوال المفسرين أن السؤال عن الميثاق يكون في الآخرة لكن يمكن أن يكون المعنى عاما يتناول السؤال عن الميثاق أيضا في الدنيا من خلال المطالبة بالوفاء ممن هو له أو من قبل الحاكم، قال الماوردي: «( ) يحتمل وجهين: أحدهما مسئولا عنه للجزاء عليه، الثاني: للوفاء به»151.

      وأما سوء الدار فإنه المصير السيئ ينتظر الناقضين لعهد الله، والنهاية المهلكة مآلهم ومستقرهم، والدار دار سوء لا دار سعادة وفلاح، ولقد حقت عليهم لعنة الله ومقته، قال عز وجل: ( ﯘﯙ ) [الرعد:٢٥].

      عاشرًا: الجناية على النفس:

      ذكر الله تعالى عاقبة نقض الميثاق: ( ﭚﭛ ﭡﭢ ) [الفتح:١٠].

      والنكث هو: نقض ما تعقده، وما تصلحه، ومن نكث بيعته إياك يا محمد، ونقضها فلم ينصرك على أعدائك، وخالف ما وعد ربه ( ) يقول: فإنما ينقض بيعته، لأن البيعة مع الله ولا إلى الله، لأنه لا يتضرر بشيء، فضرره لا يعود إلا إليه، ولأنه بفعله ذلك يخرج ممن وعده الله الجنة بوفائه بالبيعة، فلم يضر بنكثه غير نفسه، ولم ينكث إلا عليها152.

      وقال محمد بن كعب القرظي: «ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به: من مكر أو بغي أو نكث، وتصديقها في كتاب الله تعالى: ( ) [فاطر:٤٣].

      وقال تعالى: ( ) [يونس:٢٣].

      وقال تعالى: ( ) [الفتح:١٠]»153.

      صفات ناقضي الميثاق

      ذكر القرآن صفات للناقضين لعهودهم، والخائنين لمواثيقهم:

    1. نفى العقل عن الذين يأخذون كل ما عرض لهم حلالا كان أو حراما، مخالفين بذلك ميثاق الكتاب الذي أخذ عليهم، وجاء نفي العقل بصيغة الاستفهام: ( ﯯﯰ ﯵﯶ ) [الأعراف:١٦٩].
    2. ومن الصفات التي وصفهم الله بها أنهم شر الدواب: ( ﭿ ) [الأنفال:٥٥- ٥٦] أي: أن الذين ينقضون مواثيقهم شر ما دب على الأرض عند الله، الذين كفروا بربهم، فجحدوا وحدانيته، وعبدوا غيره فهم لا يصدقون رسل الله، ولا يقرون بوحيه وتنزيله، فيكونون في ترك القبول بمنزلة من لم يسمع ولم يعقل154.
    3. ومن صفات هؤلاء، أنهم خائنون: ( ) [الأنفال:٥٧- ٥٨].
    4. وختام تلك الصفات وأعظمها وصفهم بالنفاق، والكذب، والكذب مطية النفاق: ( ) [التوبة:٧٥-٧٧].

1 انظر: مقاييس اللغة ٦/٥٤٤.

2 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٠/٣٧١، تاج العروس، الزبيدي ٢٦/٤٥٠.

3 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٦/٥٤٤، لسان العرب، ابن منظور ١٠/ ٣٧١، تاج العروس، الزبيدي ٢٦ /٤٥٠.

4 أحكام القرآن، الجصاص ١/٤٧.

5 انظر: جامع البيان ٢/١٥٦.

6 تفسير المنار، محمد رشيد رضا ١٠/١٦٧.

7 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبدالباقي ص ٧٤١.

8 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٦/٨٥، المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٨٥٣، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٥/١٥٨، عمدة الحفاظ ٤/٢٨٢-٢٨٣.

9 التحرير والتنوير ١/٢٨٩.

10 المفردات ص٥٩١.

11 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ١٥٩، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ٢٤٨.

12 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٨/ ٢٦، تاج العروس، الزبيدي ٢٠/٣٧٠، تحرير ألفاظ التنبيه، النووي ص ٢٧٦، المطلع على ألفاظ المقنع، البعلي ص٤٧٢، جامع البيان، الطبري ٧/٤٠٦.

13 انظر: تحرير ألفاظ التنبيه، النووي ص ٢٧٦، التراتيب الإدارية، الكتاني ١/ ١٩٨، السياسة الشرعية في الشؤون الدستورية والخارجية والمالية، عبد الوهاب خلاف ص٦٠، الخلافة، محمد رشيد رضا ص٣٢.

14 انظر: مقاييس اللغة ٤/ ٨٦، لسان العرب، ٣/٣٦٣.

15 التعريفات، ص ١٥٥.

16 انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين ٢/٣٥٥، المنثور في القواعد الفقهية، الزركشي ٢/٣٩٧، الموسوعة الفقهية الكويتية ٣٠/١٩٩.

17 انظر: التعريفات، الجرجاني ص١٥٣.

18 انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين ٢/٣٥٥، المنثور في القواعد الفقهية، الزركشي ٢/٣٩٧، المدخل الفقهي العام، مصطفى الزرقا ١/٢٩١، الموسوعة الفقهية الكويتية ٣٠/١٩٩.

19 انظر: الميثاق في القرآن، بلقاسم أميري ص٤٤ رسالة ماجستير من جامعة المدينة العالمية، كلية العلوم الإسلامية، ماليزيا، ١٤٣٤هـ - ٢٠١٢م.

20 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٤١٣، البحر المحيط، أبو حيان ١/٢٠٥، الميثاق في القرآن، بلقاسم أميري ص٤٤.

21 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٣/ ٨٠، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٠/٢٦٣، اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ١٢/١٤٧، فتح القدير، الشوكاني ٣/٢٢٧، روح المعاني، الألوسي ٧/٤٥٧، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٤/٢٦٢، الميثاق في القرآن، بلقاسم أميري ص٤٢.

22 انظر: الكشاف، الزمخشري ٤/٢٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٤٥٨، مفاتيح الغيب، الرازي ٤/٣٨، البحر المحيط، أبو حيان ٩ /٧٥، الميثاق في القرآن، بلقاسم أميري ص٤٢.

23 انظر: جامع البيان، الطبري ١٤/١٤١، الكشف والبيان، الثعلبي ٥/١٣، الوجيز، الواحدي ص ٤٥٤، الكشاف، الزمخشري ٢/٢٤٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٨، الميثاق في القرآن، بلقاسم أميري ص٤٢.

24 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/٣١٣، مفاتيح الغيب، الرازي ٣/٤٧٨، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٩/٣٢٣.

25 انظر: جامع البيان، الطبري ٢/٢٩٣، أضواء البيان، الشنقيطي ٨/١٠٨، الميثاق في القرآن، بلقاسم أميري ص٤٣.

26 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٥٥٤، التفسير الوسيط، الواحدي ١/٤٥٨، الكشاف، الزمخشري ٢/٣١٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٨٦، البحر المحيط، أبو حيان ٥/٥٠٨، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١/٣٧٠.

27 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/٤٢٢، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/١٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٨٦، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١/٣٧٠.

28 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٥٥٤، التفسير الوسيط، الواحدي ١/٤٥٨، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٨٦، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١/٣٧٠.

29 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٢٢٢، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/١٤٧، تفسير السمعاني ٢/٢٢٩، الكشاف، الزمخشري ٢/١٧٦، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٧٣، مفاتيح الغيب، الرازي ١٥/٤٠١.

30 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه؟وهل يعرض على الصبي الإسلام؟ رقم ١٣٥٨، ٢/٩٤، ومسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، رقم ٢٦٥٨، ٤/٢٠٤٧.

31 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا، رقم ٢٨٠٥، ٤/٢١٦٠.

32 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٥٥.

33 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٥٢، الكشاف، الزمخشري ٤/١١٤، لباب التأويل، الخازن ٢/٢٦٧، البحر المحيط، أبو حيان ٩/١٨٥.

قال أبو بكر الجزائري: «لقد حاول كثيرون التخلص من قضية أخذ الرب تعالى من ظهر آدم ذريته وإشهادهم على أنفسهم، ونطق الأرواح وشهادتها، ولا داعي لهذا أبدا ما دامت الأحاديث والآثار كثيرة، وقدرة الله صالحة لكل شيء ولا يعجزها شيء، ما هي النملة؟! وقد أنطقها الله فنطقت وأفصحت، إن الحيوان المنوي الذي منه تكون الذرية قال العلماء: لو جمعت الحيوانات المنوية كلها من آدم إلى اليوم ووضعت في فنجان ما ملأته، أمع هذا يحاول إبطال الأحاديث وتأويل الآية على غير ظاهرها رجل من أهل العلم؟!».

انظر: أيسر التفاسير، الجزائري ٢/٢٦١.

34 انظر: المحرر الوجيز ٢/٤٧٤.

35 انظر: التحرير والتنوير ٩/١٦٦.

36 انظر: جامع البيان، الطبري ١/١٨٣، النكت والعيون، الماوردي ١/٨٢، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١/٢٤٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٦٦.

37 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٥٥٠، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٤٣٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٢٧٤، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣/٢٩٨.

38 انظر: تفسير القرآن العظيم ٢/٥٨.

39 انظر: تفسير الراغب الأصفهاني ٢/٦٨١، النكت والعيون، الماوردي ٤/٣٧٧، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٥/١٥٩، البحر المحيط، أبو حيان ٣/٢٣٦.

40 انظر: جامع البيان ٦/٥٥٧.

41 انظر: تفسير القرآن العظيم ٢/٥٨.

42 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٥٥٨، معاني القرآن، النحاس ٥/٣٢٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٤٦٤، معالم التنزيل، البغوي ٦/٣٢٠.

43 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٤/٣٧٧، تفسير السمعاني ٤/٢٦١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٣٤٢.

44 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، رقم ٧١٩٩، ٩/٧٧، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، رقم ١٧٠٩، ٣/١٤٧٠.

45 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٩٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٥٥.

46 انظر: حدائق الأنوار، الحضرمي ص٦٢، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٦/١٠٨.

47 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٩١، الكشاف، الزمخشري ١/٦١٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١٦٥، أنوار التنزيل، البيضاوي ٢/١١٧.

48 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٩٣، تفسير السمعاني ٢/١٩، تفسير الراغب الأصفهاني ٤/٢٩٠، معالم التنزيل، البغوي ٢/٢٨.

49 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٤٥.

50 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٩/٤٥٠، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٧/٢٣٨.

51 انظر: جامع البيان ٢٣/١٧٢، تفسير القرآن العظيم ٣/٥٥.

52 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٤١٣.

53 انظر: المصدر السابق ٢/٤٠٠.

54 انظر: جامع البيان، الطبري ٢/٣٥٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/١٤٨، التفسير الوسيط، الواحدي ١/١٥١.

55 انظر: معاني القرآن، الأخفش ١/١٣٣، جامع البيان، الطبري ٢/١٥٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/١٦٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/١٧٢.

56 انظر: جامع البيان، الطبري ٢/١٥٦، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/١٧٢.

57 انظر: معاني القرآن، الأخفش ١/١٣٣، جامع البيان، الطبري ٢/١٥٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/١٦٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/١٧٢.

58 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/١١٩.

59 انظر: المصدر السابق ١٠/١١٩.

60 انظر: تفسير القرآن العظيم ٢/١٥٩.

61 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/١٦٦، معالم التنزيل، البغوي ٣/٣٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٥٨، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٦.

62 انظر: جامع البيان، الطبري ٧/٤٦٠.

63 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ١/٥٣١، النكت والعيون، الماوردي ١/٤٤١.

64 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٧/١٨٩.

65 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢/٥٤.

66 انظر: أحكام القرآن، الجصاص ١/١٢١، روح المعاني، الألوسي ٢/٣٦٥.

67 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب العلم، باب كراهية منع العلم، ٣/٣٢١، رقم ٣٦٥٨، والترمذي في سننه، أبواب العلم، باب ما جاء في كتمان العلم، ٥/ ٢٩، رقم ٢٦٤٩، وابن ماجه في سننه، كتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب من سئل عن علم فكتمه، ١/ ٩٦، رقم ٢٦١.

قال الترمذي: «حديث حسن».

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/١٠٧٧، رقم ٦٢٨٤.

68 انظر: الكشاف، الزمخشري ١/١٢٠.

69 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب العلم، باب كراهية منع العلم، رقم ٣٦٥٨، ٣/٣٢١، والترمذي في سننه، أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في كتمان العلم، رقم ٢٦٤٩، ٥/٢٩، وابن ماجه في سننه، كتاب في الإيمان والعلم، باب من سئل عن علم فكتمه، رقم ٢٦٤، ١/٩٧.

وصححه ابن حجر في إتحاف المهرة، رقم ١١٩٢٤، ٩/٥٦٦، والألباني في صحيح الجامع، رقم ٢٧١٤، ١/٥٢٧.

70 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٢/٤٧٦.

71 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٩١، تفسير السمعاني ٢/ ١٩، الكشاف، الزمخشري ١/٦١٢.

72 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١٦٥، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٦/١٠٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٥٥، فتح القدير، الشوكاني ٢/٢٤.

73 انظر: تاريخ الخميس، حسين الديار ١/٣١٧، السيرة الحلبية ٣/٥٢١، الرحيق المختوم، المباركفوري ص١٣٣.

74 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب علامة الإيمان حب الأنصار، رقم ١٨، ١/١٢.

75 انظر: السيرة النبوية، ابن هشام ٢ /٣٠٨، تاريخ الخميس، حسين الديار ٢ /٢٠، السيرة الحلبية ٣/٢٥، الرحيق المختوم، المباركفوري ص ٣١٢.

76 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، رقم ٧١٩٩، ٩/٧٧، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، رقم ١٧٠٩، ٣/١٤٧٠.

77 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق، باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي، رقم ٥٢٨٨، ٧/٤٩، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب كيفية بيعة النساء، رقم ١٨٦٦، ٣/١٤٨٩.

78 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، رقم ٥٦، ١/٧٥.

79 انظر: زاد المعاد ٣/ ٩٥.

80 انظر: تفسير المنار ٦/٢٢٥.

81 انظر: تفسير القرآن العظيم ٣/٥٨.

82 انظر: تفسير القرآن العظيم ٣/٥٨.

83 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/١٦٣، النكت والعيون، الماوردي ٣/٥٨.

84 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٣٤٢.

85 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/٢٠٨، النكت والعيون، الماوردي ٣ /٦٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤ /٣٤٦.

86 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٩١، تفسير السمعاني ٢/١٩، الكشاف، الزمخشري ١/٦١٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١٦٥.

87 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٨/٣٠، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/ ٤٨.

88 انظر: السيرة النبوية، ابن هشام ١/٥٠١، وثيقة المدينة المضمون والدلالة، أحمد الشعيبي، كتاب الأمة، صادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، العدد ١١٠ السنة ٢٥ ذو القعدة، ١٤٢٦هـ، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، د. مهدي رزق الله أحمد ص٣٠٦، أهمية دراسة السيرة النبوية والعناية بها في حياة المسلمين، محمد العواجي ص٣٤.

وقد صحح هذه الوثيقة بطولها، وقال بأنها تصل بمجموع طرقها إلى مرتبة الحديث الحسن لغيره كل من: د. أكرم ضياء العمري في كتابه: السيرة النبوية الصحيحة ١/٢٧٥، د. علي الصلابي في السيرة النبوية ١/٦١٤، د. خالد سليمان الفهداوي في بحثه الفقه السياسي للوثائق النبوية ص٩٤، د. مهدي رزق الله أحمد في السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ص٣١٢.

89 انظر: جامع البيان، الطبري ١٤/٢١، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤٦٧، تفسير السمعاني ٢/٢٧٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٥٤١.

90 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٤٤٧، النكت والعيون، الماوردي ٢/٥، تفسير السمعاني ٢/٥، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١٤٣.

91 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٠/٣٣٧.

92 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٣٠، تفسير السمعاني ١/٤١٠.

93 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٢١٤.

94 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١٢٨، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٢، تفسير السمعاني ١/٤١٠، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٠.

95 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم ١٢١٨، ٢/٨٨٦.

96 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١٢٨، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٣٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٠، مفاتيح الغيب، الرازي ١٠/١٦.

97 انظر: جامع البيان، الطبري ١٤/١٣٢، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٤٣٠، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤٧٩، أضواء البيان، الشنقيطي ٢/١١٤.

98 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٢/٣٨٤، تفسير المراغي ١٠/٥٥، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ٥/٧٠٠.

99 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٢٧.

100 انظر: أحكام القرآن، ابن العربي ٢/٤٣٩، التفسير المنير، الزحيلي ١٠/٨٣، التفسير الوسيط، طنطاوي ٦/١٦٨، تفسير المراغي ١٠/٤٣.

101 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/٨٦.

102 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١٩، النكت والعيون، الماوردي ١/٥١٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٨٩.

103 انظر: المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ٣٦٢.

104 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١٩، النكت والعيون، الماوردي ١/٥١٤، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٢٧.

105 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٨٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٢٧، التفسير المنير، الزحيلي ٥/١٩٣.

106 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، من حديث عروة بن الزبير، رقم ٤١٨٠، ٥/١٢٦.

107 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٤٤٧.

108 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٣/٢٤٢، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/١٠٧، تفسير السمعاني ٣/٢٤٠.

109 انظر: تفسير القرآن العظيم ٣/٥٨.

110 جامع البيان ١/٤١٣.

وانظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ١/١٣٣، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١/٣٣٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/١٤٧، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١/٤٥٣.

111 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، رقم ٣٤، ١/١٦، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، رقم ٥٨، ١/ ٧٨.

112 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب حرم المدينة، رقم ١٨٧٠، ٣/٢٠.

113 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجزية، باب إثم الغادر للبر والفاجر، رقم ٣١٨٦، ٤/١٠٤.

114 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، رقم ١٧٣٨، ٣/١٣٦١.

115 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجزية، باب إثم الغادر للبر والفاجر، رقم ٣١٨٨، ٤/١٠٤، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، رقم ١٧٣٥، ٣/١٣٥٩.

116 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، من حديث أبي سعيد الخدري، رقم ١٧٣٨، ٣/١٣٦١.

117 انظر: شرح صحيح مسلم، النووي ١٢/٤٣.

118 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المساقاة، باب إثم من منع ابن السبيل من الماء، رقم ٢٣٥٨، ٣/١١٠، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية، وتنفيق السلعة بالحلف، وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رقم ١٠٨، ١/١٠٣.

119 انظر: جامع العلوم والحكم، ابن رجب الحنبلي ٢/٤٨٧.

120 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه، رقم ٢٧٥٩، ٣/٨٣، والترمذي في سننه، أبواب السير، باب ما جاء في الغدر، رقم ١٥٨٠، ٤/١٤٣.

قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٦٤٨٠، ٢/١١٠٥.

121 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب إثم من قتل ذميا بغير جرم، رقم ٦٩١٤، ٩/١٢.

122 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٧، النكت والعيون، الماوردي ٦/٩٥، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/١٣٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٢٤١.

123 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٩/٤٥٠، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٥٥.

124 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٥٢٥، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٤٥٩، مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٢٦٤.

125 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٢١٧.

126 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٨٩ مفاتيح الغيب، الرازي ١٠/١٧١، أنوار التنزيل، البيضاوي ٢/٨٩، لباب التأويل، الخازن ١/٤٠٧.

127 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٤٢، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٩١، النكت والعيون، الماوردي ١/٥١٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤٧٣.

128 هذا على الراجح من أقوال المفسرين، حيث ذهب بعضهم إلى أنه لا بد أن يكون مسلما عند قوم معاهدين، وذهب آخرون إلى أنه لا يشترط أن يكون مسلما، لأن الآية سكتت عن ذلك في الوقت الذي صرحت بكونه مسلما في الحالتين السابقتين، وهذا ما اختاره الطبري ورد على المخالفين.

انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٤٢، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٩١، النكت والعيون، الماوردي ١/٥١٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤٧٣.

129 انظر: جامع البيان ١/٥٥٧.

130 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب درجات المجاهدين في سبيل الله، رقم ٢٧٩٠، ٤/١٦.

131 أخرجه ابن ماجه في سننه، رقم ٤٣٤١، ٢/١٤٥٣.

قال البوصيري في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه، رقم ١٥٥١، ٤/٢٦٦: « هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين».

وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم ٢٢٧٩، ٥/٣٤٨.

132 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/٤٢٨، تفسير الراغب الأصفهاني ١/١٣١، أنوار التنزيل، البيضاوي ١/٦٥.

133 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/١١٧.

134 انظر: المصدر السابق ٤/٣٨٩.

135 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا)، رقم ٤٧٢٨، ٦/٩٣.

136 أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ٢/٤٠٢.

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». ولم يتعقبه الذهبي.

137 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/٤٢٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٣١١.

138 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٢١٠.

139 انظر: تفسير المراغي ١/١٦٠، أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٢٥، التفسير المنير، الزحيلي ١/٢١٤.

140 انظر: جامع البيان، الطبري ١/ ٤٤٣.

141 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/١٧٢، التفسير الوسيط، الواحدي ٤/٢٤٥، المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٢٥٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٥٥.

142 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٤١٠، التفسير الوسيط، الواحدي ١/١٠٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/١١٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/١١٧.

143 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٤١٠، التفسير الوسيط، الواحدي ١/١٠٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/١١٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/١١٧.

144 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/ ١١.

145 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/١٦١، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/١٦٦، تفسير الراغب الأصفهاني ٤/٣٠٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١٧٠.

146 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/ ٢٥.

147 انظر: جامع البيان، الطبري ٢/٣١٤، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/١٦٥، التفسير الوسيط، الواحدي ١/١٧٠، النكت والعيون، الماوردي ٤/٣٧٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٣٤٢.

148 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٢١٣، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٢١٦، النكت والعيون، الماوردي ٤/٣٧٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٣٤٢.

149 الخلاق هو: النصيب الوافر من الخير والصلاح، يقال: رجل لا خلاق له، أي: لا رغبة له في الخير ولا صلاح في الدين، وفي الآخرة لا نصيب له في الخير.

انظر: جامع البيان، الطبري ٢/٤٥٢، معاني القرآن، النحاس ١/٤٢٦، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٤٣٤، لسان العرب، ابن منظور ١٠/٩٢.

150 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/ ٣٢٠.

151 النكت والعيون ٤/٣٨٤.

وانظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٢٢٨، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٤٦٣، تفسير السمعاني ٤/٢٦٧.

152 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٢/٢١٠، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/٢٢، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٨/٧٣.

153 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٩٦.

154 انظر: جامع البيان، الطبري ١٤/٢١ معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٤٠٩.