عناصر الموضوع

مفهوم الكفر

الكفر في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أنواع الكفر

أسباب الكفر

مواقف أهل الكفر

صفات الكافرين

سنة الله في الكافرين

الكفر بعد الإيمان

توبة الكافر

عاقبة الكفر

الكفر

مفهوم الكفر

أولًا: المعنى اللغوي:

جاءت لفظة الكفر في المعاجم اللغوية بمعنى التغطية والجحود، والزرع والستر، قال ابن منظور: «وأصل الكفر تغطية الشيء وكَفَّرَ الرجلَ: نسبه إلى الكفر. وكل من ستر شيئًا، فقد كَفَرَهُ وكَفَّرَهُ. والكافر الزارع لستره البذر بالتراب. والكفار: الزراع. وتقول العرب للزارع: كافر؛ٌ لأنه يكفر البذر المبذور بتراب الأرض المثارة، ومنه قوله تعالى: ( ) [الحديد:٢٠]. سُمِّيَ الكافر كافرًا؛ لأنه ستر نعم الله عز وجل»1.

يقول «الرازي»: «والكفر ضد الإيمان، وجمع (الكافر) (كَفَّارٌ) و (كَفَرَةٌ) و (كِفَارٌ)، وجمع الكافرة (كَوَافِرُ). و (الكفر) أيضًا جحود النعمة وهو ضد الشكر، وقد كفره من باب دخل، وكُفْرانًا أيضًا بالضم، وقوله تعالى: ( ) [القصص:٤٨]. أي: جاحدون» 2.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

عَرَّفه الراغب الأصفهاني بقوله: «الكافر على الإطلاق متعارف فيمن يجحد الوحدانية، أو النبوة، أو الشريعة، أو ثلاثتها»3.

وقد قال: «ابن حزم الظاهري بنفس التعريف السابق للكافر، فقال ما نصه:«جحد الربوبية وجحد نبوة نبي من الأنبياء صحت نبوته في القرآن، أو جحد شيء مما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما صح عند جاحده بنقل الكافة أو عمل شيء قام البرهان بأن العمل به كفر»4.

وعرفه ابن القيم فقال:«الكفر جَحْدُ ما عُلم أن الرسول جاء به، سواءٌ كان من المسائل التي تسمونها علميةً أو عمليةً، فمن جحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بعد معرفته بأنه جاء به فهو كافرٌ في دق الدين وجله»5.

الكفر في الاستعمال القرآني

وردت مادة (كفر) في القرآن الكريم (٥٠٤) مرات 6.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٢٣٠

( ) [البقرة:١٠٢].

( ) [القمر:١٤]

الفعل المضارع

٥٧

( ) [البقرة:٢٨]

الفعل الأمر

٢

( ) [آل عمران:٧٢]

المصدر

٣٧

( ) [البقرة:١٠٨]

مصدر سماعي

١٥

( ) [لقمان:٣٢]

اسم فاعل

١٥٨

( ) [البقرة:٢٥٤].

( ) [آل عمران:٩١]

صيغة مبالغة

٥

( ) [ق:٢٤]

وجاء الكفر في القرآن على خمسة أوجه7:

الأول: الإنكار، ومنه قوله تعالى: ( ) [البقرة:٦]. يعني:أنكروا توحيد الله عز وجل.

الثاني: كفران النعمة، ومنه قوله تعالى: ( ) [البقرة:١٥٢]. يعني:لا تكفروا النعمة.

الثالث: البراءة: ومنه قول الشيطان: ( ) [إبراهيم:٢٢]. يعني:إني تبرأت.

الرابع: الجحود: ومنه قوله تعالى: ( ) [البقرة:٨٩]. يعني:جحدوا به.

الخامس: التغطية: ومنه قوله تعالى: ( ) [الحديد:٢٠]. يعني:الزراع الذين يغطون الحب.

الألفاظ ذات الصلة

الشرك:

الشرك لغة

مأخوذ من شرك، ومنه: أشرك بالله: كفر، أي: جعل له شريكًا في ملكه تعالى الله عن ذلك8، وقد يأتي بمعنى المخالطة والنصيب، لكن المراد هنا هو الكفر.

الشرك اصطلاحًا

تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائصه سبحانه9.

الصلة بين الشرك والكفر

ومن خلال التعريف في اللغة والاصطلاح يتضح مدى التقارب بين اللفظتين، أعني: الكفر والشرك، يقول النووي: «إن الشرك والكفر قد يطلقان بمعنًى واحدٍ وهو الكفر بالله تعالى، وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريشٍ فيكون الكفر أعم من الشرك» 10، فالمراد بالكفر جحود الله سبحانه وتعالى أما الشرك فهو جعل شريك لله سبحانه وتعالى من خلقه، ولذا جاء في القرآن الكريم: ( ) [الأعراف:١٩١-١٩٢].

فالكفر إنكار للربوبية، والشرك تنقيص من الألوهية 11.

الإلحاد

الإلحاد لغة

مادة (ل ح د) تدل على معنى ميل عن استقامة، فيقال:لحد السهم عن الهدف، أي:عدل عنه، ولحد الرجل في الدين:طعن وحاد عنه وعدل وجادل ومارى. ولحد، أي: مال عن طريق القصد، وجار وظلم12.

والملحد: «الطاعن في الدين المائل عنه»13.

الإلحاد اصطلاحًا

هو:«الميل، والجور، والانحراف عن الإسلام، أو الإيمان»14.

الإلحاد المعاصر:الإلحاد المصطلح عليه في هذا العصر، يعني:إنكار وجود الله، والقول بأن الكون وجد بلا خالق، وأن المادة أزلية أبدية، واعتبار تغيرات الكون قد تمت بالمصادفة، أو بمقتضى طبيعة المادة وقوانينها، واعتبار ظاهرة الحياة، وما تستتبع من شعور وفكر عند الإنسان، من أثر التطور الذاتي في المادة 15.

الصلة بين الإلحاد والكفر

إن الإلحاد بمفهومه يعد من صور الكفر؛ فالكافر لا يؤمن بالله، ويميل عن الحق إلى الباطل كذا الملحد.

الردة

الردة لغةً:

«من ردد بمعنى: رجع، وارتد الشخص، أي:رد نفسه إلى الكفر»16.

الردة اصطلاحًا:

«الرجوع من الإسلام إلى الكفر»17.

وقيل: قطع الإسلام بنية كفرٍ أو قول كفرٍ أو فعل مُكَفِّرٍ سواءٌ في القول، قاله استهزاءً أو عنادًا أو اعتقادًا18، ومنه قول الله تعالى: ( ) [البقرة:٢١٧].

الصلة بين الردة والكفر

ومن خلال التعريف فإن لفظة الردة مرادفة للفظة الكفر، فمن ارتد فقد كفر، لكن الاختلاف أن المرتد كان مسلمًا ثم انقلب للكفر، لكن الكافر لم يُسلم أصلًا فبينهما عموم وخصوص، ولذلك فهي (كفر المسلم بقولٍ صريحٍ، أو لفظٍ يقتضيه، أو فعلٍ يتضمنه، أو هي: قطع الإسلام بنية الكفر، أو قول الكفر، أو فعلٍ مُكَفّرٍ، سواءٌ قاله استهزاءً، أم عنادًا، أم اعتقادًا، والردة أفحش الكفر وأغلظه حكمًا)19.

الإيمان

الإيمان لغة

الإيمان في اللغة يراد به معنيان، يظهر معناهما بحسب السياق وهما: الأمن وضده الخوف، والتصديق وضده التكذيب، والمعنيان متداخلان20.

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى معنى لغويًا آخر للإيمان؛ وهو أن يكون الإيمان بمعنى الإقرار لا مجرد التصديق، والإقرار ضمن قول القلب الذي هو التصديق، وعمل القلب الذي هو الانقياد 21.

الإيمان اصطلاحًا

«التصديق الجازم، والاعتراف التام بجميع ما أخبر الله ورسوله عنه في القرآن والسنة، وأمر بالإيمان به؛ والانقياد له ظاهرًا وباطنًا»22.

فهو قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية23؛ «ويشمل عقائد الإيمان، وأخلاقه، وأعماله»24.

الصلة بين الإيمان والكفر

بينهما علاقة تضاد، والمقصود بالكفر هنا الكفر الأكبر المخرج من الملة، الذي يخلد صاحبه في النار.

أنواع الكفر

جاء الكفر في القرآن على قسمين، قسم اشتمل على التكذيب والإباء والشك والنفاق، وهذا هو المسمى بالكفر الأكبر، والكفر الأكبر هو المخرج للملة والموجب للخلود في النار، ثم النوع الثاني وهو الكفر الأصغر وهو غير مُخرِج من الملة وهو المسمى عند العلماء بكفر دون كفر وهذا النوع ينقص من إيمان العبد الذي اقترف شيئًا من هذا النوع.

أولًا: الكفر الأكبر

الكفر الأكبر هو الذي يُخرِج من الملة، ويجعل صاحبه خالدًا في النار يوم القيامة، ومن خلال النظر في آيات القرآن يمكن القول إن الكفر الأكبر ورد في القرآن على عدة أنواع: بيانها على سبيل المثال ما يلي:

١. كفر التكذيب.

وقد يسمى بكفر الجحود.

قال تعالى: ( ﭪﭫ ) [البقرة:٣٩].

وقال تعالى: ( ﮘﮙ ) [العنكبوت:٦٨].

والمعنى: لا أحدٌ أشدَّ عقوبةً ممن كذب على الله فقال: إن الله أوحى إليه شيئًا، ولم يوح إليه شيءٌ. ومن قال: سأنزل مثل ما أنزل الله. وهكذا لا أحدٌ أشدَّ عقوبةً ممن كَذَّبَ بالحق لما جاءه، فالأول مفترٍ، والثاني مكذبٌ؛ ولهذا قال: ( )25.

قال ابن تيمية: «التكذيب أَخَصُّ من الكفر، فكل مكذبٍ لِما جاءت به الرسل فهو كافرٌ. وليس كل كافرٍ مكذبًا.

والخارجون عن هذا الإيمان مشركون أشقياء. فكل من كذب الرسل فلن يكون إلا مشركًا، وكل مشركٍ مكذبٌ للرسل، وكل مشركٍ وكافرٍ بالرسل فهو كافرٌ باليوم الآخر، وكل من كفر باليوم الآخر فهو كافرٌ بالرسل وهو مشركٌ»26.

٢. كفر الإباء أو الاستكبار.

وهذا النوع من الكفر أول من اقترفه إبليس، قال تعالى: ( ) [البقرة:٣٤].

قال تعالى: ( ﯿ ) [الحجر:٣١].

والمعنى: لا شك أن إبليس كان مأمورًا بالسجود إنما منعه من ذلك الاستكبار والاستعظام27.

٣. كفر الشك.

وهذا النوع أيضًا يقوم على عداوة أهل الكفر للرسل، وتشكيك الناس في الله تعالى، وعلى عدم الإيمان بالعقيدة، كإنكار البعث.

كما قال تعالى حكاية عن صاحب الجنتين: ( ﭿ ) [الكهف:٣٥- ٣٨].

يقول: الشنقيطيوقوله في هذه الآية الكريمة: ( )، بعد قوله: ( )، يدل على أن الشك في البعث كفرٌ بالله تعالى.

وقد صرح بذلك في أول سورة «الرعد» في قوله تعالى: ( ﯧﯨ ﯬﯭ ﯱﯲ ﯵﯶ ) [الرعد:٥]28.

٤. كفر النفاق.

وهذا يعد من أشد أنواع الكفر، لاسيما وقد أعد الله تعالى للمنافقين عذابًا في الدرك الأسفل من النار، ولقد بينت سورة البقرة فضائح أهل النفاق.

قال تعالى: ( ﭿ ) [البقرة:٨- ٩].

وقال تعالى: ( ) [المنافقون:٣].

ثانيًا: الكفر الأصغر

ا وهو كل معصية ورد في الشرع تسميتها كفرًا، ولم يصل إلى حد الكفر الأكبر المخرج عن ملة الإسلام، والذي يخلد صاحبه في النار، والكفر الأصغر لا يخرج صاحبه من الملة، لا يكون صاحبه كافرًا يترتب عليه ما يترتب على الكافر الجاحد أو أحكام الكفر الأكبر، بل هذا النوع من الكفر يعمل على نقص الإيمان عند صاحبه وضعفه، والذي جاء بشيء من الكفر الأصغر له ما للمسلمين من حقوق، وعليه ما عليهم من واجبات.

ولذا قيل في تعريفه: وهو ما لا يناقض أصل الإيمان؛ بل ينقصه ويضعفه، وهو المشهور عند العلماء بقولهم: كفر دون كفر ويكون صاحبه على خطر عظيم من غضب الله عز وجل إذا لم يتب منه؛ وقد أطلقه الشارع على بعض المعاصي والذنوب على سبيل الزجر والتهديد؛ لأنها من خصال الكفر، وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر، وما كان من هذا النوع فمن كبائر الذنوب29.

ومنه قول الله تعالى: ( ﯮﯯ ﯻﯼ ﯿ ) [النحل:٧١].

وقوله تعالى: ( ) [لقمان:١٢].

والمعنى هنا كفران النعمة، قال مقاتل: «ومن كفر النعم فلم يوحد ربه عز وجل فإن الله غنيٌ عن عبادة خلقه حميدٌ»30، وللكفر الأصغر عدة أنواع من أبرزها ما يلي:

١. كفر النعمة.

معناه: جحودها وعدم شكرها، ولقد دلل القرآن على هذا النوع.

قال تعالى: ( ﭲﭳ ) [إبراهيم:٧].

والمعنى: لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، ولئن كفرتم، أي: كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها31.

فكفرهم ليس كفر ملة بل كفر نعمة لم يشكروا ربهم، وكفر النعمة فيه خمس مسائل كما ذكر الفوزان في شرحه لكتاب التوحيد فقال ما نصه:

المسألة الأولى: أن إضافة النعم إلى الله سبحانه وتعالى من الإيمان بالله.

المسألة الثانية: أن إضافة النعم إلى غير الله من الكفر بالله سبحانه وتعالى.

المسألة الثالثة: في الآية وأقوال السلف دليلٌ على عدم جواز نسبة الأشياء إلى أسبابها، وأن ذلك من كفر النعمة، لأنه معلومٌ أن الريح الطيبة سببٌ لجريان السفينة، وأن حذق الملاح سبب لجريان السفينة، ولكن إذا أضاف النتيجة الطيبة إلى هذين السببين صار ذلك من الكفر بنعمة الله.

المسألة الرابعة: فيها اجتماع الضدين في القلب؛ الكفر والإيمان أخذًا من قوله تعالى: ( ) [النحل:٨٣].

ففيها: اجتماع الإقرار والإنكار، والكفر والإيمان في القلب، فأيهما غلب على صاحبه صار من أصحابه.

المسألة الخامسة: أن كفر النعمة يكثر وقوعه في الناس، وهو ما يجري على ألسنة الناس، فهذا مما يوجب الحذر منه، وأن الإنسان لا يجري على العوائد المخالفة للشرع32.

٢. قتال المسلم.

فيقتل المسلم أخاه بغير حق، ويدلل على ذلك ما جاء في القرآن الكريم.

قال تعالى: ( ) [الحجرات:٩].

وفي الحديث عن زبيدٍ، قال: سألت أبا وائلٍ عن المرجئة، فقال: حدثني عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سباب المسلم فسوقٌ، وقتاله كفرٌ)33.

وبالجمع بين الحديث والآية يتضح أن قتال المسلم لا يخرج من الإيمان، كما أن قتال المسلم يعد من الكفر الأصغر، وليس من الكفر المخرج من الملة، فلم يتصفوا بخلاف الإيمان مع اقتتالهم.

٣. الطعان في الأنساب.

ففي القرآن الكريم جاءت سورة تذم هذا الصنف من الناس وهي سورة الهمزة قال الله تعالى: ( ) [الهمزة:١].

والمعنى: ويل لكل طعان قبوح عياب في الناس، ومنه قول مقاتل بن سليمان: «يعني الطعان المغتاب الذي إذا غاب عنه الرجل اعتابه من خلفه، لمزةٍ، يعني: الطاغي إذا رآه طغى عليه في وجهه34.

وبَيَّنتِ السُّنةُ كفر الطعان كما في الحديث عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفرٌ: الطعن في النسب، والنياحة على الميت)35.

قال النووي معلقًا على الحديث: «وفيه أقوالٌ: أصحها أن معناه هما من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية، والثاني أنه يؤدي إلى الكفر، والثالث أنه كفر النعمة والإحسان، والرابع أن ذلك في المستحل، وفي هذا الحديث تغليظ تحريم الطعن في النسب والنياحة»36.

٤. من ادعى إلى غير أبيه.

قال تعالى: ( ) [الأحزاب:٥].

الإسلام جاء لينظم علاقات الأسرة على الأساس الطبيعي لها، ويحكم روابطها، ويجعلها صريحة لا خلط فيها ولا تشويه أبطل عادة التبني، ورد علاقة النسب إلى أسبابها الحقيقية37.

وأسبابها الحقيقة تقوم على البنوة الحقيقة من نحو الزواج والتناسل، فجاء الإسلام ليقضي على عادة التبني كما كان شائعًا في الجاهلية، فكان كل من أعجب بولد نسبه لنفسه، وكل من أعجب بواحد ينسب نفسه إليه ويقول: والدي، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه العادة.

كما في الحديث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفرٌ)38.

والمعنى وليس المراد بالكفر حقيقة الكفر التي يَخْلُدُ صاحبها في النار39.

وعلى ذلك فإنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر -بالعبد- أن يسمى كافرًا، وإن كان ما قام به كفر، وأما الشعبة نفسها فيطلق عليها اسم الكفر40.

وهناك أنواع كثيرة من الكفر الأصغر زيادة على ما سبق، لا يتسع المقام لذكرها.

أسباب الكفر

تعددت أسباب الكفر فمنها ما هو نابع من داخل صاحبه، وهي تتعلق بالقلب وتسمى بالأسباب الاعتقادية، أو أسباب شكية، وتتمثل في إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، وأيضًا جحود الأنبياء، وعدم الإيمان بالكتب المنزلة، ولقد حمل على ذلك عدة أسباب منها التقليد، والاستكبار، والحسد والجهل.

أولًا: التقليد:

عرفه ابن تيمية فقال: هو قبول قول الغير بغير حُجَّةٍ، كالذين ذكر الله عنهم أنهم: ( ) [البقرة:١٧٠].

قال تعالى: ( ) [البقرة:١٧٠].

وقال: ( ) [الصافات:٦٩-٧٠].

ونظائر هذا في القرآن كثيرٌ، فمن اتبع دين آبائه وأسلافه لأجل العادة التي تعودها وترك اتباع الحق الذي يجب اتباعه فهذا هو المقلد المذموم، وهذه حال اليهود والنصارى؛ بل أهل البدع والأهواء في هذه الأمة الذين اتبعوا شيوخهم ورؤساءهم في غير الحق41.

ومن خلال التعريف يتضح أن التقليد يقوم على اتباع الغير دون علم، وهذا النوع كان سببًا لاستمرار أهل الكفر على كفرهم، بدعوى اتباع من سبقهم حتى وإن كانوا على ضلال، فأدى بهم الأمر إلى الركون إلى الكفر، والمقلد الكافر هو الذي قال عنه الله تعالى: ( ﭞﭟ ) [البقرة:١٧٠].

ومعنى (): صادفنا، فعنفهم الله وعاب عليهم تقليدهم آباءهم42.

وبسبب تقليدهم اتبعوا من أضلهم، فكان عاقبتهم الخسران في يوم القيامة، وأن خُلِّدوا في النار، وأصبحت أمنيتُهم أن لو أطاعوا الله والرسول صلى الله عليه وسلم كما أخبرنا القرآن بذلك:

قال تعالى: ( ﭿ ) [الأحزاب:٦٤ - ٦٨].

والمُقَلِّدُ مذموم؛ لأنه انصرف من الحق إلى الباطل، ولم يفسح لعقله مجرد التفكير، فإذا سئل عن سبب كفره كان رده: ( ) [الأنبياء:٥٣].

وقال تعالى: ( ) [الشعراء:٧٤].

وأمثال ذلك مما فيه بيان أن من أطاع مخلوقًا في معصية الله: كان له نصيبٌ من هذا الذم والعقاب. والمطيع للمخلوق في معصية الله ورسوله: إما أن يتبع الظن؛ وإما أن يتبع ما يهواه وكثيرٌ يتبعهما. وهذه حال كل من عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومن أهل البدع والفجور من هذه الأمة.

كما قال تعالى: ( ﯬﯭ ﯴﯵ )43 [النجم:٢٣].

ثانيًا: الاستكبار

الاستكبار هو الركون للهوى، ومنه قول الله تعالى: ( ﯿ ) [يونس:٧٥- ٧٨].

والاستكبار ينتج عنه كفر الإباء، وأول من تزعم وتسربل بهذا الاستكبار كان إبليس، يقول ابن القيم: «وأما كفر الإباء والاستكبار فنحو كفر إبليس، فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار، وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار، ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم ينقد له إباءً واستكبارًا، وهو الغالب على كفر أعداء الرسل، كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه: ( ) [المؤمنون:٤٧]»44.

والاستكبار أو التكبر من أشد الصفات ذمًّا، طُرِدَ إبليس بسببه وأصبح من الصاغرين.

قال تعالى: ( ) [الأعراف:١٣].

وبه خالف أمر ربه، ومن وقتها ناصب العداء لبني آدم، يقول البغوي: ( )أي: من الجنة، وقيل: من السماء إلى الأرض قوله تعالى: ( )، بمخالفة الأمر، ()، أي: في الجنة، ولا ينبغي أن يسكن الجنة ولا السماء متكبرٌ مخالفٌ لأمر الله، ( )، من الأذلاء، والصَّغَاُر: الذل والمهانة»45.

ومن آفات الاستكبار الصد ومحاربة دين الله تعالى، واستحلال المحرمات، قال تعالى: ( ﯝﯞ ) [القصص:٤].

والمعنى: ( )أي: تكبر وتجبر وطغى. ( )أي: أصنافًا، قد صرف كل صنفٍ فيما يريد من أمور دولته. وقوله: ( ) يعني: بني إسرائيل. وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل زمانهم. هذا وقد سلط عليهم هذا الملك الجبار العنيد يستعملهم في أخس الأعمال، ويكدهم ليلًا ونهارًا في أشغاله وأشغال رعيته، ويقتل مع هذا أبناءهم، ويستحيي نساءهم، إهانةً لهم واحتقارًا46، والله تعالى أعد لمن يَتَكَبَّرُ عذابًا أليمًا قال تعالى: ( ﮭﮮ ) [الزمر:٧٢].

ثالثًا: الحسد

والحسد هو تمني زوال نعمة الغير، لعن إبليس بسبب حسده؛ لأنه عندما أمر بالسجود لآدم عليه السلام حسده، قال تعالى: ( ) [الحجر:٣٢- ٣٥].

والمعنى: يذكر تعالى تنويهه بذكر آدم في ملائكته قبل خلقه له، وتشريفه إياه بأمره الملائكة بالسجود له. ويذكر تخلف عدوه إبليس عن السجود له من بين سائر الملائكة، حسدًا وكفرًا، وعنادًا واستكبارًا، وافتخارًا بالباطل، ولهذا قال: ( )، كما قال في الآية الأخرى: ( ) [الأعراف:١٢].

وقوله: ( ) [الإسراء:٦٢]47.

وتوارث هذا الحسد من بعده أهل الكفر، قال تعالى: ( ) [البقرة:١٠٩].

يخبر تعالى المؤمنين بنفسية كثير من أهل الكتاب، وهي الرغبة الملحة في أن يتخلى المسلمون عن دينهم الحق ليصبحوا كافرين، ومنشأ هذه الرغبة الحسد الناجم عن نفسية لا ترغب أن ترى المسلمين يعيشون في نور الإيمان بدل ظلمات الكفر)48.

ويبين ابن القيم سبب عداء اليهود الدائم للمسلمين، فيقول: «فحملهم الحسد والبغى على الكفر به وتكذيبه»49.

ويذكر ابن القيم أركان الكفر فيقول: «أركان الكفر أربعة: الكبر والحسد والغضب والشهوة، فالكبر يمنعه الانقياد، والحسد يمنعه قبول النصيحة وبذلها، والغضب يمنعه العدل، والشهوة تمنعه التفرغ للعبادة»50.

قال تعالى أيضًا مدللًا على حسد أهل الكفر: ( ) [النساء:٥٤].

وسبب هذا الحسد الدائم فيهم أنهم يعتقدون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم اختصوا بالنبوة دون غيرهم من الناس، وقد بين الله سبحانه أن ذلك وهم، فقال تعالت كلماته: ( ) [النساء:٥٤].

أي: إذا كنتم تحسدون الناس لما توهمتم أن النبوة فيكم، وأنكم أهل الوحي دون غيركم، فقد كذبتم على أنفسكم)51.

فكان وقوع الحسد منهم هو طريقهم للكفر بسبب أضغان قلوبهم.

رابعًا: الجهل

كفر الجهل يقوم على عدم التصديق بسبب جهل صاحبه، ولذلك قال الله تعالى: ( ) [يونس:٣٩].

والمعنى: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وهو القرآن الكريم؛ والناس دائمًا أعداء لما جهلوا52.

والمعنى أنهم سارعوا إلى التكذيب بالقرآن في بديهة السماع قبل أن يفقهوه ويعلموا كنه أمره وقبل أن يتدبروه. وإنما يكون مثل هذا التكذيب عن مكابرةٍ وعداوةٍ لا عن اعتقاد كونه مكذوبًا. ثم إن عدم الإحاطة بعلمه متفاوتٌ: فمنه عدمٌ بحتٌ وهو حال الدهماء، ومنه عدمٌ في الجملة وهو ما يكون بضربٍ من الشبهة والتردد أو يكون مع رجحان صدقه، ولكن لا يحيط بما يؤدي إليه التكذيب من شديد العقاب53.

أمر الله تعالى أن يوضح الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين حقيقة الإسلام، الذين طلبوا الأمن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنهم لا يعلمون عنه شيئًا، فإذا علموا فقد أقيمت عليهم الحجة.

قال تعالى: ( ﯲﯳ ) [التوبة:٦].

ومعنى ( ) الذين أمرتك بقتلهم () طلب منك الأمان من القتل () فاجعله في أمنٍ ( ) القرآن فتقيم عليه حجة الله وتبين له دين الله ( ) إذا لم يرجع عن الشرك لينظر في أمره ( )يفعلون كل هذا؛ لأنهم قومٌ جهلةٌ لا يعلمون دين الله وتوحيده54.

ومن آفات كفر الجهل في الدنيا أنه يزين لصاحبه أنه يفعل خيرًا، وهو في حقيقة الأمر لا يُقَدِّمُ إلا شرًّا، ومن هذه الشرور الإفساد في الأرض، والتهكم على المؤمنين.

قال تعالى مبينًا حال الكافرين المفسدين: ( ) [البقرة:١١- ١٣].

وقد بين اللهُ حالَ هؤلاء الجهلة في يوم القيامة، فكان عقابهم أن يحشروا أفواجًا، ثم يساقون كالأنعام.

قال تعالى: ( ) [النمل:٨٣-٨٤].

والمعنى على ذلك: كذبتم بآياتي غير عالمين بها. يعني: ولم تتفكروا في صحتها بل كذبتم بها جاهلين غير مستدلين، لا عن خبرة ولا عن معرفة ببطلانها، أماذا كنتم تعملون حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا فيها؟55.

مواقف أهل الكفر

تعددت مواقف أهل الكفر من الله تعالى فجحدوا وجوده، وكذبوا بآياته، وكفروا برسله، وأنكروا كتبه المنزلة على أنبيائه، واتخذوا آيات الله هُزوًا، ولم يسلم رسل الله من محاربة أهل الكفر لهم، بل منهم من قتل، ومنهم من هاجر ومنهم من لحقه الأذى بسبب الدعوة، وأنكروا اليوم الآخر، والبعث والنشور، وتهكموا بقولهم: ( ﭶﭷ ﭼﭽ ﭿ ) [الجاثية:٢٤].

كما سجل عليهم القرآن ذلك، وقتلوا وباروزا أهل الإيمان بالحرب الضروس إلى يوم الدين، واتبعوا الشياطين فزينوا لهم أعمالهم، كل هذا من أجل صدهم عن دين الله تعالى.

أولًا: موقفهم من الله تعالى:

من أشد مواقف الكفار موقفهم من الله تعالى خالقهم، ومن أبرز مواقفهم كما حكى القرآن ما يلي:

١. الكفر.

وأهل الكفر يصرون عليه ومن ذلك قوله تعالى: ( ﭿ ) [النساء:١٥٠- ١٥١].

والمعنى: يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلًا طريقًا وسطًا بين الإيمان والكفر، ولا واسطة؛ إذ الحق لا يختلف فإن الإيمان بالله سبحانه وتعالى لا يتم إلا بالإيمان برسله وتصديقهم فيما بَلَّغُوا عنه تفصيلًا أو إجمالًا، فالكافر ببعض ذلك كالكافر بالكل في الضلال56.

٢. التكذيب.

وهو افتراء الكذب على الله تعالى، قال تعالى: ( ) [آل عمران:٧٥].

وقد عبر القرآن عن كذب أهل الكفر بالظلم.

قال تعالى: ( ﮕﮖ ) [الأنعام:٢١].

والمعنى: من أَشَدُّ ظلمًا ممن اختلق على الله قول الباطل، أو جحد آياته وأدلته، إنه لا يفلح الظالمون أي: لا ينجح القائلون على الله الباطل57.

٣. اليأس من رحمة الله.

القنوط صفة لازمة لأهل الكفر.

قال تعالى: ( ) [الحجر:٥٦].

وقال تعالى: ( ) [يوسف:٨٧].

والمعنى ( )يقول: لا يقنط من فَرَجِه ورحمته ويقطع رجاءه منه ( )، يعني: القوم الذين يجحدون قدرته على ما شاء58، ثم جعل اليأس من رحمة الله وتفريجه من صفة الكافرين؛ إذ فيه إما التكذيب بالربوبية، وإما الجهل بصفات الله تعالى59.

٤. جحود النعم.

وهو إنكار نعم الله تعالى، وعدم مقابلتها بالشكر، ومقابلة الجحود بالإهلاك.

قال تعالى: ( ) [النحل:١١٢].

ثانيًا: موقفهم من الأنبياء والرسل:

١. التكذيب.

اعتاد أهل الكفر على محاربة الأنبياء والرسل بعدة أسلحة كان التكذيب أولها، فكانت عادتهم كلما جاءهم الأنبياء أو الرسل يقابلونهم بالتكذيب والأذى فأصبح التكذيب مطيتهم.

قال تعالى: ( ) [آل عمران:١٨٤].

وقال تعالى مخبرًا عن قوم صالح ـ أصحاب الحجر: ( ) [الحجر:٨٠].

٢. الاستهزاء.

التهكم والسخرية من الأنبياء والمرسلين عادة من عادات الكفار.

قال تعالى: ( ﭫﭬ ) [يس:٣٠].

وقال تعالى: ( ) [الزخرف:٦-٧].

والمعنى: وما يأتي شيعَ الأولين من رسول من الله يرسله إليهم بالدعاء إلى توحيده، والإذعان بطاعته، إلا كانوا به يستهزون: يقول: إلا كانوا يسخرون بالرسول الذي يرسله الله إليهم عتوًا منهم وتمردًا على ربهم60، فإن الاستهزاء أو التقليل من شأن الأنبياء والرسل هو كفر مخرج عن الملة، قال السعدي: «فإن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك منافٍ لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة»61.

٣. إيذاء الرسل.

ومن صور الإيذاء الاعتداء عليهم باللسان واليد، فما من نبي جاء إلا وآذاه قومه، ولعل الأذى قد جاءهم من أقرب الناس إليهم.

وذلك قال تعالى: ( ) [آل عمران:١٨٦].

ولقد تنوعت صور الإيذاء بين وصفهم بالسحرة وإلصاق الجنون بهم، قال تعالى: ( ) [ص:٤].

قال تعالى: ( ) [الذاريات:٥٢].

والمعنى: يصبر رسوله صلى الله عليه وسلم على أذاهم بنسبتهم إياه إلى السحر والجنون62.

٤. القتل.

وهذا الأمر كان فاشيًا في الأمم السابقة وخاصة اليهود، ولقد سجل الله تعالى على اليهود ذلك فقال تعالى: ( ﯪﯫ ﯵﯶ ) [البقرة:٦١].

وقال تعالى: ( ) [النساء:١٥٥].

وتعددت صور القتل فقد شُقَّ زكريا بالمنشار نصفين، وقُطعت رأسُ يحيى، وتآمر النصارى على صلب عيسى فنجاه الله ورفعه63.

ثالثًا: موقفهم من الكتب المنزلة:

١. التكذيب.

قال تعالى: ( ﮑﮒ ﮕﮖ ﮚﮛ ) [إبراهيم:٩].

والمعنى: أنهم لما سمعوا كتاب الله عز وجل تعجبوا منه، ووضعوا أيديهم على أفواههم تعجبًا64.

لذلك أعد الله تعالى لمن كذب بشيء من آياته العذاب الأليم، وسماهم بالظالمين.

قال تعالى: ( ﯳﯴ ) [الأنعام:١٥٧].

٢. الاستهزاء بالآيات.

ولقد ذم الله تعالى هؤلاء الذين يتخذون آيات الله هزوًا، فقال تعالى: ( ﮩﮪ ) [الجاثية:٩].

يقول ابن كثير: «أي: إذا حفظ شيئًا من القرآن كفر به واتخذه سخريًا وهزوًا، أولئك لهم عذابٌ مهينٌ، أي: في مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به».

سئل الشافعي عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى فقال: «هو كافر»65.

واستدل بقول الله تعالى: ( )66 [التوبة:٦٥- ٦٦].

٣. التحريف.

وهو بمعنى التبديل والتغيير، أخبرت آيات القرآن عن حال اليهود والنصارى وما فعلوه من تحريف في التوراة والإنجيل، فقال تعالى: ( ) [البقرة:٧٥].

يقول القرطبي: «هم علماء اليهود الذين يحرفون التوراة فيجعلون الحرام حلالًا والحلال حرامًا اتباعًا لأهوائهم.( ) أي: عرفوه وعلموه. وهذا توبيخٌ لهم، أي: إن هؤلاء اليهود قد سلفت لآبائهم أفاعيل سوءٍ وعنادٍ، فهؤلاء على ذلك السنن»67.

ليس هذا بل كتبوا كلامًا بأيديهم وزعموا كذبًا نسبته إلى الله تعالى: ( ﭵﭶ ﭿ ) [البقرة:٧٩].

٤. قولهم أساطير الأولين.

أي: أباطيل قصص من سبق.

قال تعالى: ( ) [الفرقان:٥].

فتحداهم الله تعالى بقوله: ( ﭝﭞ ) [الطور:٣٣-٣٤].

ثم خفف عنهم بأن يأتوا بعشر سور من القرآن فقال تعالى: ( ) [هود:١٣].

فعجزوا، فخفف عنهم التحدي على أن يأتوا بسورة: ( ) [البقرة:٢٣].

فعجزوا عن الإتيان بأقصر سورة من سور القرآن.

رابعًا: موقفهم من المؤمنين:

١. المعاداة والقتل.

يحاول أهل الكفر دائمًا قتال أهل الإسلام، حتى يردوهم عن دينهم.

قال تعالى: ( ) [البقرة:٢١٧].

والمعنى:إخبار عن دوام عداوة الكفار لهم، وإنهم لا ينفكون عنها حتى يردوهم عن دينهم68.

٢. الاستهزاء والسخرية.

قال تعالى: ( ﭯﭰ ﭵﭶ ) [البقرة:٢١٢].

والمعنى: ويسخرون من ضعفاء المسلمين، يوهمونهم أنهم على حق، والمراد بذلك علماء اليهود، أو مشركو العرب، والذين اتقوا فوق الكفار 69.

وقال تعالى: ( ﯿ ) [المطففين:٢٩-٣٦].

الغمز: الإشارة بالجفن والحاجب، أي يشيرون إليهم بالأعين استهزاءً. ( ﯿ) -يعني الكفار- ( ﯿ )، معجبين بما هم فيه يتفكهون بذكرهم70.

٣. الحسد وكراهية الخير.

فأهل الشرك لا يحبون أن يصاب المؤمن بخير أبدًا من ربه، ولذلك قال تعالى فاضحًا إياهم: ( ﯰﯱ ﯶﯷ ) [البقرة:١٠٥].

وقال تعالى: ( ﮢﮣ ﮩﮪ ) [البقرة:١٠٩].

الحسد: كراهية نعمة على مستحق لها، وعدت من عظائم الذنوب، إذ هو معاندة الله في إرادته، وهو شر من البخل، فإن الحسد بخل على الغير بنعمة من لا تنفد العطايا نعمه، والعفو ترك العقوبة على المذنب، وفي الآية تنبيه أن كثيرًا من أهل الكتاب يتمنون ارتدادكم بعد إيمانكم حسدًا، وقوله: ( ) أي: من عند هواهم71.

٤. الصد عن الحق.

قال تعالى: (ﭿ ) [النساء:٨٩].

(ﭿ ) أي: في الكفر شرعا سواء72.

خامسًا: موقفهم من اليوم الآخر:

تعددت مواقف أهل الكفر من أصول العقيدة، فقابلوا البعث والحساب بالتكذيب والإنكار والكفر.

١. الكفر والتكذيب.

قال تعالى: ( ) [الأعراف:٤٥].

والمعنى على ذلك ( ) وهم على ضلالهم وإضلالهم كافرون بالآخرة كفرًا متأصلًا فى نفوسهم، فلا يخافون عقابًا على جرمهم، ولا ذمًّا ولومًا على إنكارهم يوم البعث والجزاء73.

وقد سجل الله تعالى عليهم تكذيبهم وعدم تصديقهم في كثير من الآيات منها قول الله تعالى: ( ) [المدثر:٤٢-٤٧].

( ) أي: بيوم الجزاء، والثواب، والعقاب)74.

ومن ذلك ما جاء عن مسروقٍ، عن عائشة، قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال: (لا ينفعه، إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) 75.

وفسر النووي معنى هذا الحديث: بـ«أن ما كان يفعله من الصلة والإطعام ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة لكونه كافرًا، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (لم يقل: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) أي: لم يكن مصدقًا بالبعث، ومن لم يصدق به كافرٌ، ولا ينفعه عملٌ. قال القاضي عياضٌ رحمه الله تعالى: وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيمٍ ولا تخفيف عذابٍ»76.

٣. التشكيك والاستهزاء.

لم تسلم الأمور الغيبية أيضًا من سخرية واستهزاء القوم الكافرين.

قال تعالى: ( ) [سبأ:٧-٨].

والمعنى: كلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بأمر البعث كان أهل الكفر يستنفرون الناس استنفار تشويش واستنكار واستهزاء قائلين لهم تعالوا ندلكم على الرجل الذي ينبىء الناس أنهم سيخلقون خلقًا جديدًا بعد أن يموتوا وتبلى أجسادهم وعظامهم وتتفتت وتنتثر في الأرض، وكانوا يتساءلون على سبيل الاستنكار77.

سادسًا: موقفهم من الشياطين:

انكب أهل الكفر على اتباع الشياطين فسول لهم الشيطان وأملى لهم، فاتبعوه فكانت الموالاة والاستهواء، ولقد بينت كثير من آيات القرآن الكريم ذلك، منها ما يلي:

١. الموالاة.

قال تعالى: ( ) [البقرة:٢٥٧].

فموالاة الكفار تعني التقرب إليهم، وإظهار الود لهم بالأقوال والأفعال والنوايا، ومعنى ( ) أي الشياطين. وهذا مما يدل على أن الطاغوت جمع78.

٢. التحاكم إلى الشياطين.

قال تعالى: ( ) [النساء:٦٠].

والمعنى على ذلك: يريدون أن يتحاكموا ويتراجعوا في الخطوب والوقائع إلى الطاغوت المضل عن مقتضى الإيمان والكتب، والحال أنهم قد أمروا في الكتب المنزلة أن يكفروا به، أي: بالطاغوت، وما ذلك إلا أن يريد الشيطان الذي هو رئيس الطواغيت أن يضلهم عن طريق الحق ضلالًا بعيدًا، فالتحاكم إلى الطاغوت كفرٌ بالله تعالى.

ولذلك قال «الفخر الرازي»: «يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، فجعل التحاكم إلى الطاغوت يكون إيمانًا به، ولا شك أن الإيمان بالطاغوت كفرٌ بالله، كما أن الكفر بالطغوت إيمانٌ بالله»79.

وعقب الفخر الرازي على قوله بآية أخرى تعقب آية التحاكم، وهي قول الله تعالى: ( ) [النساء:٦٥].

فقال: «وهذا نصٌ في تكفير من لم يرض بحكم الرسول عليه الصلاة والسلام»80.

٣. أستحواذ الشيطان على أهل الكفر.

قال تعالى: ( ﯽﯾ ﯿ ﰁﰂ ) [المجادلة:١٩].

والمقصود بالاستحواذ: (الاستيلاء عليهم، من حاذ الإبل يحوذها إذا ساقها سوقًا عنيفًا)81.

سابعًا: موقفهم من بعضهم بعضًا:

يقف أهل الكفر صفًّا إلى صفٍّ، فعقيدتهم الموالاة والتبعية لبعضهم البعض، وفيما يلي بعض مواقفهم تجاه بعضهم البعض:

١. الموالاة.

ومعناها محبة أهل الكفر واتباعهم، قال تعالى: ( ) [الأنفال:٧٣].

حذر الله تعالى أهل الإيمان أن يتخذوا من اليهود والنصارى أولياء، فقال تعالى: ( ﭙﭚ ﭝﭞ ﭣﭤ ) [المائدة:٥١].

وعلى ذلك فلا يجوز للمسلم أن يوالي كافرًا، لكن يجب على المسلم أن يبرأ إلى الله تعالى من أهل الكفر، وأن يوالي أهل الإيمان.

وقد أمر الله تعالى بالبراءة من عبادة الكفار، فقال تعالى: ( ) [الكافرون:١-٦].

والله تعالى قد أخبر عن البراءة من المشركين والكافرين فقال تعالى: ( ) [التوبة:١].

٢. التقليد.

قال تعالى: ( ﯿ ) [الزخرف:٢٢-٢٣].

ومعنى () أي: دين82، فيه دلالة على إبطال التقليد، لذمه إياهم على تقليد آبائهم، وتركهم النظر فيما دعاهم الرسول عليه الصلاة والسلام إليه83، لأن أصل الأمة الجماعة، والصنف، كقوله: ( ) [الأنعام:٣٨].

(ثم يستعار في أشياء منها: الدين. كقوله: إ( ﯿ ) أي: على دين، لأن القوم كانوا يجتمعون على دين واحد، فتقام الأمة مكان الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم على ملة واحدة، وهي الإسلام)84.

وسبب تقليد أهل الكفر الألفة والعادة واتباع الهوى والجهل.

يقول ابن كثير معلقًا على الآية: ( ﯿ )«أي: ليس لهم مستندٌ فيما هم فيه من الشرك سوى تقليد الآباء والأجداد، بأنهم كانوا على أمةٍ، والمراد بها الدين هاهنا»85.

صفات الكافرين

أخبر القرآن الكريم في كثير من آياته عن صفات الكافرين، ولعل من أبرزها الضلال والغرور، فلا يريدون السير في الطريق المستقيم، وظنهم أنهم على الحق وما سواهم على الباطل، أنعم الله تعالى عليهم بالجوارح فلم ينتفعوا بها، بل سخروها في محاربة الإسلام وأهله، فظلموا مَنْ تمسَّكَ بدينه، كل هذا بسبب الحسد والهوى الذي تمكن من قلوبهم، بل كانوا يتبعون الباطل ويجادلون به، فركنوا إلى هواهم، ولقد دلت آيات القرآن كما سأبين فيما يلي.

أولًا: الضلال والإضلال:

يُقَسِّمُ الراغب الأصفهاني الضلال إلى قسمين فيقول:

  1. الشرك بالله تعالى، قال تعالى: ( ) [النساء:١١٦].
  2. اتباع قرين السوء والشيطان، قال تعالى: ( ﮰﮱ ) [الفرقان:٢٧-٢٩].
  3. عبادة الأصنام، قال تعالى على لسان الخليل إبراهيم عليه السلام: ( ﭶﭷ ﭻﭼ ﭿ ) [إبراهيم:٣٦].
  4. التقليد دون تفكير، قال تعالى: ( ) [الصافات:٦٩-٧٠].
  5. الصد عن الحق، واستحباب الدنيا على الآخرة، قال تعالى: ( ﭿ ) [إبراهيم:٢-٣].

    ثانيًا: الغرور:

    مدار الغرور الجهل، يقول العز بن عبدالسلام: «ومدار الغرور كله على الجهل، فما اغتر الكفار بعبادتهم إلا جهلًا منهم بحبوطها، وما اغتر المبتدعة ببدعهم إلا جهلًا منهم ببطلانها، وما اغتر الأغنياء بغناهم إلا جهلًا منهم بأنه فتنة ومحنة، وظنًّا منهم أنه كرامة ونعمة، وكذلك اغترار العابد بعبادته والزاهد بزهادته، والعارف بمعرفته، وربما أقدم هؤلاء على معصية ربهم ظنًّا منهم أن الله عز وجل لا يؤاخذهم بقربهم إليه وكرامتهم عليه»88.

    وأسباب غرور الكفار:

  1. شدة إعجابهم بالدنيا، وحرصهم عليها، قال تعالى: ( ﭴﭵ ﭿ ﮁﮂ ﮊﮋ ) [الحديد:٢٠].والمعنى: (أراد الكفار بالله، وخصهم بالذكر؛ لأنهم أشد إعجابًا بالدنيا، وأكثر حرصًا عليها)89.
  2. الاستكبار والإعجاب بالنفس، قال تعالى: ( ) [فصلت:١٥]. والمعنى(استكبروا عن أمر ربهم وتجبروا، وأعجبهم بطشهم وقوتهم، وما أعطاهم الله من عظم الخلق وشدة البطش، ونسوا أن الذي خلق ذلك فيهم وأعطاهم إياه هو أشد منهم قوة، فجحدوا بآيات الله عز وجل وكفروا بها)90.
  3. عدم تعجيل العذاب للكافرين في الدنيا، فيجعلهم يتمادون في الغرور قال تعالى: ( ) [الأنفال:٣٢].
  4. كثرة المال والعطاء، يجعل الكافر في غرور شديد، ولا ينسب العطاء لله تعالى، قال تعالى: ( ) [مريم:٧٧-٧٨].

    ثالثًا: عدم الانتفاع بالعقل والجوارح:

    إن الكافر لا يشغل عقله بما ينفعه، ولا يستخدم جوارحه إلا في الذي يضره، وفي تقليد الأنعام.

    قال تعالى: ( ) [محمد:١٢].

    ولقد ذم القرآن الكريم أهل الكفر بسبب عدم تعقلهم وتدبرهم، ومن أمثلة ذلك كما جاء في القرآن ما يلي:

  1. عدم تعقلهم، قال تعالى: ( ﭗﭘ ) [الأعراف:١٧٩].يقول البغوي: «لأن العقل يمنع صاحبه من الكفر والجحود» 91.
  2. عدم إبصارهم رغم وجود أعينهم، قال تعالى: ( ) [الأعراف:١٧٩].
  3. عدم سماعهم رغم وجود آذانهم، قال تعالى: ( ﭧﭨ ﭭﭮ ) [الأعراف:١٧٩]. والمعنى: (وصفهم بأنهم لا يبصرون بعيونهم ولا يعقلون بقلوبهم. جعلهم في تركهم الحق وإعراضهم عنه، بمنزلة من لا يبصر ولا يعقل. ثم قال جل وعز ( ). وذلك أن الأنعام تبصر منافعها ومضارها، فتلزم بعض ما لا تبصره)92.
  4. عدم استخدام حواسهم إلا في خدمة أغراضهم، قال تعالى: ( ﭴﭵ ) [البقرة:١٧١]. وعدم استخدام الحواس في الطاعة والتفكر والتدبر يدل على عدم عمل العقل، مما لا ينتفع الكفار به.
  5. عدم عظة الكافر ممن كان قبله، قال تعالى: ( ﯰﯱ ) [الحج:٤٦].وعدم الاعتبار أو العظة يدل بالحال على فساد العقل، والمعنى (فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها، يعني: فتصير لهم قلوب بالنظر والعبرة لو كانوا يعقلون بها، أو آذانٌ يسمعون بها التخويف. ( )، أي: النظرة بغير عبرة، ويقال: كلمة الشرك. ( )، يعني: العقول التي في الصدور، وذكر الصدر للتأكيد)93 والدليل على أن الكافرين لم يجعلوا للعقل حظًّا من التفكير، ولم يجعلوا لجوارحهم نصيبًا من النظر والسمع قوله تعالى: ( ) [الملك:١٠]. نسمع سماع من يميز ويتفكر، ونعقل عقل من يتدبر وينظر ( ) والمعنى: إنَّا لم نسمع الحق ولم نعقله، أي: لم ننتفع بأسماعنا وعقولنا)94.

    رابعًا: الظلم:

    الظلم في اللغة معناه: (الجور ومجاوزة الحد، وأصل الظلم، وضع الشيء في غير موضعه)95.

    وعرف الظلم في الاصطلاح بأنه: (وضع الشىء فى غير موضعه المختص به، إما بنقصان أو زيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه)96.

    وفسر الشرك بالظلم، قال تعالى: ( ) [لقمان:١٣].

    تفسير الظلم بالشرك على إطلاقه، وإن فسر بما هو أعم فيحمل كلٌّ على ما يليق به97.

    ويدلل على هذا المعنى ما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت ( ) [الأنعام:٨٢]. قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟ قال: (ليس كما تقولون ( ) [الأنعام:٨٢]. بشركٍ، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلمٌ عظيمٌ)98.

    وأسباب الظلم:

    دلت آيات القرآن الكريم على كثير من أسباب الظلم منها:ـ

  1. الكفر، قال تعالى: ( ) [البقرة:٢٥٤]. دليل على أن كل كافر ظالم لنفسه99
  2. الكبر والغرور، ويتجلى ذلك في قصة النمروذ، عندما قال لنبي الله إبراهيم عليه السلام ( ﭿ ﮃﮄ ﮓﮔ ) [البقرة:٢٥٨]. فحمله غروره وكبره على مجادلة نبي الله إبراهيم، فنسب لنفسه الموت والحياة، وبأنه يقدر على فعل ما يفعله الله تعالى100.
  3. الكذب على الله تعالى، قال تعالى: ( ﮕﮖ ) [الأنعام:٢١]. والمعنى: (لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا، كمن زعم أن له ولدًا أو شريكًا، أو أن غيره يَدَّعي معه أو من دونه أو يتخذ وليًّا له يقربه إليه زلفى ويشفع للناس عنده، أو زاد فى دينه ما ليس منه، أو من كذب بآياته المُنَزَّلَةِ كالقرآن، أو آياته الكونية الدالة على وحدانيته)101.
  4. موالاة أعداء الله تعالى، والمقصد اتباع أرباب الكفر، قال تعالى: ( ﭲﭳ ) [التوبة:٢٣].
  5. السخرية من المرسلين، قال تعالى: ( ﯿ ) [الإسراء:٤٧].

    خامسًا: اتباع الباطل والمجادلة به:

    والباطل ضد الحق، ومقصوده هنا الكفر والانحراف، ولقد جاءت آيات القرآن الكريم كثيرة في هذا المعنى تبين أساليب الكافرين، في المجادلة الباطلة عن عقيدتهم بغية الانتصار للنفس، دلت آيات القرآن الكريم على كثير من أسباب الباطل والمجادلة به، فجاءت الآيات مبينة ومؤكدة لحال الكافرين في الصد عن دين الله تعالى، وفي اقترافهم للسبل التي اتخذوها ليكذبوا الرسل، ومن هذه الآيات القرآنية ما يلي:

  1. المجادلة في الدين، وهو بمعنى الخصام في الدين، ومن ذلك قول الله تعالى: ( ﯦﯧ ﯰﯱ ﯸﯹ ﯿ ) [الأنعام:٢٥]. والمعنى: ( )، علامة تدل على صدقك( ) هذا حالهم في البعد عن الإيمان ( ) مخاصمين معك في الدين)102.
  2. جحود الحق، ومن ذلك قول الله تعالى: ( ) [الأنفال:٦]. والمعنى: جحود الحق بعد وضوح برهانه علم لاستكبار صاحبه، وهو- فى الحال- فى وحشة غَيِّه معاقب بالصد وتنغص العيش، يَمَلُّ حياته ويتمنى وفاته103، ومنه قول الله تعالى: ( ) [غافر:٦٩]. يعني: يجحدون بآيات الله104.
  3. إيحاء الشياطين للكافرين بالجدال، قال تعالى: ( ) [الأنعام:١٢١]. والمعنى(أي يوسوس الشيطان لوليه فيلقي في قلبه الجدال بالباطل)105.
  4. خصام الرسل وتكذيبهم، ومنه أيضًا قول الله تعالى: ( ﭺﭻ ﭿ ﮂﮃ ) [الكهف:٥٦]. وقوله تعالى: ( ﮒﮓ ﮘﮙ ﮟﮠ ) [غافر:٥]. والمعنى () أي: خاصموا رسولهم () من القول () أي: ليزيلوا ( ﮟﮠ ) ومنه مكان دحض، أي: مزلقة، ومزلة أقدام، والباطل داحض؛ لأنه يزلق ويزول فلا يستقر، جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان 106.

    سنة الله في الكافرين

    أرسل الله الأنبياء والرسل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فإذا أطاعوهم فقد اهتدوا، وإن تولوا فقد أقيمت عليهم الحجة، قال تعالى: ( ﭿ ﮈﮉ ) [النساء:١٦٥].

    وقد أمهلهم الله تعالى عساهم أن يتوبوا وأن يأخذوا العظة والعبرة ممن سبقهم، وتارة تكون سنة الله تعالى الاستدراج، ولعلها أيضًا تفتح لهم طريق الهداية، فلما أصروا على كفرهم وعنادهم أمر الله تعالى بمجاهدتهم، ولقد جاءت آيات القرآن الكريم تبين عدم التسوية بين المؤمن والكافر أبدًا، فالمؤمن في معية الله تعالى يأتمر بما أمره الله به، وينتهي بنهيه، والله تعالى ترك بابًا لا يغلق هو باب التوبة، فالكافر لو تاب إلى الله توبة نصوحة بَدَّلَ ما كان عليه من سيئات وذنوب إلى حسنات، ولا أدل على ذلك من رحمة الله تعالى بعباده، فالله تعالى لا يرضى لعباده الكفر، لكنهم لما اتبعوا أهواءهم حل ما حل بهم من الركون إلى الشياطين.

    أولًا: إقامة الحجة عليهم:

    أخبر سبحانه وتعالى بأنه غني عن العباد جميعًا، وتعددت إقامة الحجة في القرآن على الكافرين منها:

  1. إرسال الرسل، قال تعالى: ( ﭿ ﮈﮉ ) [النساء:١٦٥]والمعنى( ﭿ ) أي: يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب. وقوله: ( ﮈﮉ )أي: أنه تعالى أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة، وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه؛ لئلا يبقى لمعتذرٍ عذرٌ)107.
  2. الدعوة إلى التوحيد، قال تعالى: ( ﭿ ﮂﮃ ) [آل عمران:٦٤].
  3. المجادلة بالتي هي أحسن، قال تعالى: ( ﮬﮭ ﮱﯓ ﯛﯜ ) [النحل:١٢٥]. هدف الدعوة الأول هو إدخال الناس في الإسلام؛ ولذا فإن الدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، وأما الهدف الأول للجدال والمحاججة، فهو دفع الخصوم وإقامة الحجة، وبعدها يأتي هدف اقتناع المجادل بالحق؛ ألا ترى - رحمك الله - أن المسلمين يفرحون عند إفحام خصومهم من الكفار ولو لم يهتد منهم أحد؛ لأنهم حققوا الهدف الأول من الجدال)108،كما قال تعالى: ( ) [العنكبوت:٤٦]. فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر موسى وهارون، عليهما السلام، حين بعثهما إلى فرعون فقال: ( ) [طه:٤٤]109.
  4. بيان عاقبة الأمم الكافرة، حَفَلَ القرآن الكريم ببيان عاقبة المكذبين في الدنيا، ومن ذلك قوم نوح وقوم عاد وثمود وغيرهم، قال تعالى: ( ) [الحج:٤٢-٤٤]. فأقام الله تعالى عليهم الحجج بعد إخبارهم بعاقبة من كفر قبلهم.

    ثانيًا: الإملاء والإمهال:

    والمقصود من الإملاء: التأخير.

    قال تعالى: ( ﮖﮗ ) [الأعراف:١٨٣].

    والمعنى قوله تعالى: ( ) أي: أمهل لهم وأؤخر لهم)110.

    فعلى ذلك فإن المقصود بالإملاء إطالة المدة، يقول الواحدي معلقًا على قوله تعالى «( ): أي: أطيل لهم مدة عمرهم ليتمادوا في المعاصي» 111.

    لذلك وقت الله تعالى العذاب بأجل مسمى، قال تعالى: ( ) [العنكبوت:٥٣].

    وقال تعالى: ( ) [فصلت:٤٥].

    والإملاء والإمهال له عدة أسباب في القرآن الكريم منها:

  1. بيان عاقبة الطغاة، وسوء مصيرهم، قال تعالى: ( ) [الأعراف:١٠٣]. وفي موضع آخر: ( ) [القصص:٤٠]. وفي موضع ثالث: ( ) [النمل:٦٩]. وفي الحديث عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) قال: ثم قرأ: ( ﮔﮕ ) [هود:١٠٢]112.
  2. ليميز الله الخبيث من الطيب، قال تعالى: ( ) [آل عمران:١٧٩].
  3. الإضلال والشقاء ليزدادوا إثمًا، قال تعالى: ( ﭕﭖ ) [التوبة:٥٥]. وقال تعالى: ( ﮝﮞ ﮣﮤ ) [آل عمران:١٧٨]. وقال تعالى: ( ) [الطارق:١٧]. والمعنى ( ) أي: قليلا فسيعلمون عاقبة أمرهم، حين ينزل بهم العقاب)113.

    ثالثًا: الاستدراج:

    استدرج الله المرء: جره قليلًا قليلًا إلى العذاب. قال تعالى: ( ) [الأعراف:١٨٢، القلم:٤٤].

    (كلما جدَّدوا خطيئة جَدَّدْنا لهم نعمة وأنسيناهم شكر النعمة واستغفار الذنب)114.

    ولقد بينت آيات القرآن الكريم الهدف من الاستدراج، فتارة يكون الهدف التوبة، فيذكرهم الله تعالى بحال السابقين قبلهم وأن الله تعالى أهلكهم لما كذبوا الرسل، قال تعالى: ( ) [يونس:١٣].

    ويذكرهم بحال الأخسرين أعمالًا حتى يستفيقوا من غفلتهم، قال تعالى: ( ) [الكهف:١٠٣-١٠٤].

    وتارة يكون الهدف الإغواء والضلال، قال تعالى: ( ﯿ ) [الأنعام:٤٤].

    والمعنى(وقوله: ( ﯿ ) أي: استدرجناهم بالنعم التي كنا متعناهم إياها)115.

    وفي الحديث عن عقبة بن عامرٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراجٌ) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ﯿ ) [الأنعام:٤٤]116.

    المستدرجون في القرآن: أهل الكفر المكذبون بآيات الله تعالى ورسله، والمتكبرون، والظالمون، والله تعالى قد يغدق عليهم العطايا فيمتعهم بعض السنيين، ثم يأتيهم العذاب فما أغني عنهم ما تمتعوا به من ملذات الدنيا.

    قال تعالى: ( ) [الشعراء:٢٠٥-٢٠٧].

    (أي: إنهم وإن طال تمتعهم بنعم الدنيا، فإذا أتاهم العذاب لم يغن طول التمتع عنهم شيئًا، ويكون كأنهم لم يكونوا في نعيم قط)117.

    وقال تعالى: ( ﯿ ) [الأنعام:٤٢-٤٥].

    والمعنى: إن الله تعالى إذا أغدق النعم على العبد المعرض عن طاعته المقيم على معصيته فهذا استدارج من الله تعالى، والمعنى تؤيده السنة النبوية كما في الحديث عن عقبة بن عامرٍ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا رأيت الله يعطي العبد، وهو في ذلك مقيمٌ على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراجٌ. ثم تلا قول الله: ( ﯿ ) 118.

    رابعًا: الأمر بمجاهدتهم:

    أمر الله تعالى نبيه بمجاهدة الكافرين، فقال تعالى: ( ﭗﭘ ﭚﭛ ) [التوبة:٧٣].

    ولذلك فإن أصل القتال المشروع هو الجهاد، حتى يكون الدين كله لله تعالى، يقول «ابن تيمية»: «أصل القتال المشروع هو الجهاد، ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين»119، ولذلك كان الأمر بمجاهدة الكفار لأسباب كثيرة منها ما يلي:

  1. أن يكون الجهاد تنفيذًا لأمر الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ( ﮖﮗ ) [النساء:٨٩].
  2. أن يكون الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى، قال تعالى: ( ﭽﭾ ﭿ ) [البقرة:١٩٣].والمعنى: (حتى لا يكون شركٌ بالله، وحتى لا يعبد دونه أحدٌ، وتضمحل عبادة الأوثان والآلهة والأنداد، وتكون العبادة والطاعة لله وحده دون غيره من الأصنام والأوثان)120، وفي الحديث عن أبي موسى، قال: (جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حميةً، فرفع إليه رأسه، قال: وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائمًا، فقال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله عز وجل)121.
  3. أن يكون دفاعًا عن النفس، وردًّا لاعتداء الكفار، قال تعالى: ( ﯖﯗ ﯚﯛ ﯟﯠ ﯦﯧ ) [التوبة:٣٦].
  4. إذا تقابل الصفان، فلا يجوز التولي بل يجب مجاهدة الكفار، قال تعالى: ( ) [الأنفال:١٥-١٦]. والمعنى: (إذا التقى الزحفان في صف القتال، وتزاحف الرجال، واقتراب بعضهم من بعض، فلا تولوهم الأدبار بل اثبتوا لقتالهم، واصبروا على جلادهم، فإن في ذلك نصرة لدين الله)122.

    خامسًا: غنى الله تعالى عنهم:

    إن الله تعالى غني عن الخلق أجمعين، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا يضره كفر الكافرين، ولقد جاءت الآيات القرآنية تبين ذلك، وتوضح أن الله تعالى لا يبالي بخلقه إن لم يعبدوه، قال تعالى: ( ﯩﯪ ) [الفرقان:٧٧].

    والمعنى( ) أي: لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه؛ فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرةً وأصيلًا، لولا إيمانكم)123.

    بين الله سبحانه وتعالى أن له ملك السماوات والأرض، ولقد أخذ العهد والميثاق على الأمم السابقة أن يعبدوه ولا يكفروا به، فإن كفروا فإنه سبحانه وتعالى غني عن الخلق أجمعين، قال تعالى: ( ﮞﮟ ﮪﮫ ﯖﯗ ) [النساء:١٣١].

    والمعنى: (وإن تكفروا كما كفر أهل الكتاب فإن لله ما في السموات وما في الأرض إنه لا يضره كفرهم؛ إذ له كل شيء، كما لم يضره ما فعل أهل الكتاب في مخالفتهم أمره، ( ) أي: غني عن خلقه، فأخبرنا في هذه الآية بغناه عنا)124.

    أخبر الله تعالى على لسان بعض الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أنه غني عن جميع الخلائق إنسهم وجنهم، قال تعالى على لسان موسى عليه السلام: ( ﭿ ) [إبراهيم:٨].

    والمعنى: إن تكفروا وجميع الخلق من الثقلين نعمته تعالى ولم تشكروها، ( ) سبحانه () عن شكركم لا يحتاج إليه، ولا يلحقه بذلك نقص ()أي: مستوجب للحمد لذاته؛ لكثرة إنعامه وإن لم تشكروه، أو يحمده غيركم من الملائكة، وتنطق بنعمه ذرات الكائنات)125.

    إن الله سبحانه وتعالى غني عن جميع خلقه مسلمهم وكافرهم، فكيف حال أهل الكفر والجحود، فإن الله تعالى أرسل الرسل بالبيانات والهدى من أجل الخلق جميعًا، فمنهم من صد وجحد فاستغنى الله عنهم.

    قال تعالى: ( ) [التغابن:٥-٦].

    ولذا قال تعالى: ( ) [آل عمران:٩٧].

    سادسًا: لا يستوي المؤمن والكافر:

    فرق الله تعالى بين الظلمات والنور، فالظلمات هي الكفر، والنور هو الإيمان، والكفر هو العمى، والإيمان هو البصر.

    قال تعالى: ( ﮔﮕ ﮘﮙ ) [هود:٢٤].

    ولذلك يقول ابن القيم: «فإنه سبحانه ذكر الكفار، ووصفهم بأنهم ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، ثم ذكر المؤمنين، ووصفهم بالإيمان والعمل الصالح والإخبات إلى ربهم، فوصفهم بعبودية الظاهر والباطن، وجعل أحد الفريقين كالأعمى والأصم من حيث كان قلبه أعمى عن رؤية الحق أصم عن سماعه؛ فشبهه بمن بصره أعمى عن رؤية الأشياء، وسمعه أصم عن سماع الأصوات، والفريق الآخر بصير القلب سميعه، كبصير العين وسميع الأذن؛ فتضمنت الآية قياسين وتمثيلين للفريقين، ثم نفى التسوية عن الفريقين بقوله: ( ) [هود:٢٤]126.

    وأهل الإيمان هم أهل الهداية، قال تعالى: ( ) [البقرة:٥].

    وأهل الكفر هم أهل الضلال، قال تعالى: ( ) [الروم:٤٤].

    وأهل الإيمان هم أهل الفلاح، الذين آمنوا بالله ورسله.

    قال تعالى: ( ﮜﮝ ) [الأعراف:١٥٧].

    وأهل الكفر هم أهل الخسران.

    قال تعالى: ( ﭺﭻ ﭿ ) [الأعراف:٥٣].

    وأهل الإيمان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

    قال تعالى: ( ) [البقرة:٦٢].

    وأهل الكفر عليهم ذلة ومسكنة وغضب من الله ومن الناس.

    قال تعالى: ( ﯪﯫ ﯵﯶ ) [البقرة:٦١].

    وتارة أخرى يصف الله تعالى حال أهل الكفر والجحود بأهون البيوت بيت العنكبوت.

    قال تعالى: (ﭿ ﮉﮊ ﮏﮐ ) [العنكبوت:٤١].

    (ﭿ )يعني: (الأصنام يرجون نصرها ونفعها عند حاجتهم إليها ( ) لنفسها كيما يكنها، فلم يغن عنها بناؤها شيئًا عند حاجتها إياه، فكما أن بيت العنكبوت لا يدفع عنها بردًا ولا حرًّا، كذلك هذه الأوثان لا تملك لعابديها نفعًا ولا ضًًّا ولا خيرًا ولا شرًا) 127، وأهل الإيمان يثبتهم الله تعالى في الدنيا والآخرة.

    قال تعالى: ( ) [إبراهيم:٢٧].

    الكفر بعد الإيمان

    الدخول في الإيمان ثم الخروج منه يطلق على الرِّدَّةِ، والرِّدَّةُ لها ركن أساسي وهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد الدخول في الإيمان، يقول «الكاساني الحنفي»: «أما ركنها، فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان، إذ الرِّدَّةُ عبارةٌ عن الرجوع عن الإيمان، فالرجوع عن الإيمان يسمى رِدَّةً في عرف الشرع128.

    وأهل الكفر دائمًا يتربصون بأهل الإيمان ليردوهم عن دينهم، قال الله تعالى حكاية عن قوم شعيب عليه السلام ( ﭢﭣ ) [الأعراف:٨٨].

    والمعنى: (لنخرجنك يا شعيب ومن آمن بك من بين أظهرنا، أو لترجعن أنت وهم إلى ديننا، قال شعيب مجيبًا لهم قال: ( ) أي: أتجبروننا على الخروج من الوطن، أو العودة في ملتكم، ولو كنا كارهين لذلك؟ والاستفهام للإنكار)129.

    وللكفر بعد الإيمان عدة صور في القرآن الكريم منها:

  1. الكفر الصريح بعد الدخول في الإيمان والاستمرار عليه، قال تعالى: ( ) [النساء:١٣٧].(يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان ثم رجع عنه، ثم عاد فيه ثم رجع، واستمر على ضلاله وازداد حتى مات، فإنه لا توبة بعد موته، ولا يغفر الله له، ولا يجعل له مما هو فيه فرجًا ولا مخرجًا، ولا طريقًا إلى الهدى) 130.
  2. الاستهزاء بالله أو بشيء من آياته أوبالرسول، قال تعالى: ( ) [التوبة:٦٥-٦٦].
  3. إنكار السنة، فمن آمن بالله واتبع رسوله، ثم فرق بين القرآن والسنة، فقد كفر، قال تعالى: ( ﭿ ) [النساء:١٥٠-١٥١].
  4. من انتقص من مقدار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفر، قال تعالى: ( ) [الأحزاب:٥٧].

    توبة الكافر

    جعل الله تعالى بابًا لا يغلق، أسماه باب التوبة، يغفر فيه الذنوب جميعًا، حتى من أشرك بالله وتاب إليه قبله.

    قال تعالى: ( ) [الزمر:٥٣].

    (هذه الآية عامة في جميع الناس إلى يوم القيامة في كافر ومؤمن، أي: إن توبة الكافر تمحو ذنوبه، وتوبة العاصي تمحو ذنبه)131.

    وقال تعالى: ( ﯞﯟ ) [البقرة:١٦٠].

    والمعنى: ( ): من الكفر، (): أسلموا أو أصلحوا الأعمال فيما بينهم وبين ربهم، ( ): ما كتموا، ( ): أتجاوز عنهم جميع سيئاتهم وأقبل توبتهم، ( ): الرجاع بقلوب عبادي) 132.

    إذا تاب الكافر أو المشرك توبة نصوحة، غفر الله له، والمقصود بالشرك أن يجعل لله ندًّا - أي: مثلًا في عبادته أو محبته أو خوفه أو رجائه أو إنابته، فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه.

    قال تعالى: ( ) [الأنفال:٣٨].

    وهذا هو الذي قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب؛ لأنهم أشركوا في الإلهية.

    قال الله تعالى( ﭿ ﮇﮈ ) [البقرة:١٦٥]133.

    فإذا أحسن العبد بعد إسلامه لم يؤاخذ بفعاله قبل الإسلام، بل تبدل للحسنات.

    قال تعالى: ( ﭽﭾ ﭿ ) [الفرقان:٧٠].

    وفي الحديث عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر134.

    ومن أدلة مضاعفة الحسنات مكان السيئات التي كانت في الجاهلية بعد إسلام العبد.

    في الحديث الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أحسن أحدكم إسلامه: فكل حسنةٍ يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ، وكل سيئةٍ يعملها تكتب له بمثلها135.

    عاقبة الكفر

    جاء القرآن الكريم مبينًا لحال أهل الكفر في الدنيا، فبين أنهم لن يهتدوا لاتباعهم الهوى وسيرهم في ركاب من سبقهم من أهل الكفر، فاستحقوا اللعن والخذلان، والضيق والخسران، والعذاب المستأصل لهم في الدنيا، وشدة التنكيل بهم عند الاحتضار، والعذاب الدائم في القبر، والأمر لا ينتهي بعد، فعقاب الآخرة أشد وأبقى.

    أولًا: عاقبته في الدنيا:

    تعددت أصناف العقوبات للكفار في الدنيا، ولقد ذكرت آيات القرآن الكثير من هذه العقوباتما يلي:

  1. حرمانهم من الهداية، قال تعالى: ( ) [النساء:١٣٧].
  2. اللعن، قال تعالى: ( ﯨﯩ ) [البقرة:٨٨]. وقال تعالى: ( ) [الأحزاب:٦٤]. ويفهم من الآية أن الله تعالى لعن الكافرين، ومِنْ لَعْنِ اللهِ لهم طردُهُمْ مِنْ رحمته، وأعدَّ لهَم في الآخرة نارًا موقدة شديدة الحرارة136
  3. الغضب الشديد، قال تعالى: ( ﭿ ﮀﮁ ﮅﮆ ) [البقرة:٩٠]. والمعنى: (فلما جاءهم هذا الكتاب والنبي الذي عرفوا، كفروا به، بغيًا وحسدًا، أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فلعنهم الله، وغضب عليهم غضبًا بعد غضب، لكثرة كفرهم وتوالي شكهم وشركهم)137.
  4. الحسرة على إنفاق أموالهم، قال تعالى: ( ﭿﮀ ﮇﮈ ) [الأنفال:٣٦]. وهم يكثرون من الإنفاق لصد الناس عن دين الله تعالى، لكن ينقلب الأمر عليهم فتصبح هذه الأموال حسرة عليهم، يقول:السمرقندي: ( ﭿﮀ) يعني: ليصرفوا الناس عن دين الله وطاعته، ( ) يعني: تكون نفقاتهم عليهم حسرة وندامة، لأنها تكون لهم زيادة العذاب«138.
  5. الضيق والحرج الشديد، قال تعالى: ( ﭘﭙ ﭥﭦ ) [الأنعام:١٢٥]. والمعنى: ( ﭘﭙ) يوسع قلبه ويفتحه ليقبل الإسلام ( )شديد الضيق ( )إذا كلف الإيمان لشدته وثقله عليه () مثل ما قصصنا عليك ( ) العذاب ( )139.
  6. إغواء الشيطان لهم، فإن الشيطان قد سول ـ أي: مناهم وأغواهم ـ حتى يفتح لهم طرق الشر، فاقترفوا الكبائر، وهذا بسبب صدهم عن سبيل الله تعالى، واتباع الشيطان، قال تعالى: ( ﮣﮤ ) [محمد:٢٥]. والمعنى: ( ) أي: إلى ما كانوا عليه من الكفر. ( ﮣﮤ) بالدلائل الواضحة والمعجزات الظاهرة. ( ) سهل لهم اقتراف الكبائر، من السول وهو الاسترخاء،وقيل: حملهم على الشهوات من السول وهو التمني)140.
  7. العذاب المستأصل لهم في الدنيا، والمستأصل ـ أي: العذاب الذي يهلكهم جميعًا ـ فلا يبقيهم، بل يهلكهم بسبب كفرهم ـ وقد كان في الأمم السابقة، قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ( ﮒﮓ ﮘﮙ ﮟﮠ ) [غافر:٥]. أي: (فأهلكتهم واستأصلت شأفتهم، فلم أبق منهم ديارًّا ولا نافخ نار، وصاروا كأمس الدابر)141.
  8. إلقاء الرعب في قلوبهم في الحروب، من أشد العقوبات التي تلحق بالكافرين في الدنيا الهزيمة التي تقع عليهم من المسلمين، وعدم تمكينهم من أهل الإسلام، قال تعالى: ( ) [الأنفال:١٢].
  9. حرمانهم من الاستغفار لهم، قال تعالى: ( ﭟﭠ ﭥﭦ ) [التوبة:٨٠]. وقال تعالى: ( ﭿ ) [التوبة:١١٣-١١٤]. والمعنى: (عن ابن عباسٍ قوله: م( ) وكانوا يستغفرون لهم حتى نزلت هذه الآية، فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار، ولم ينتهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا، ثم أنزل الله: ( ﭿ ) يعني: استغفر له ما كان حيًّا، فلما مات أمسك عن الاستغفار)142.
  10. شدة حالهم عند الاحتضار وإهانة الملائكة لهم عند قبض أرواحهم، وتكون الإهانة بضرب الملائكة لأدبارهم ووجوههم لإذلالهم، قال تعالى: ( ﯟﯠ ) [الأنعام:٩٣]. والمعنى ( ) أي: شدائده وأهواله الفظيعة، وكُرَبِهِ الشنيعة -لرأيت أمرًا هائلًا، وحالة لا يقدر الواصف أن يصفها. ( ) إلى أولئك الظالمين المحتضرين بالضرب والعذاب، يقولون لهم عند منازعة أرواحهم وقلقها، وتعصيها للخروج من الأبدان: ( ﯟﯠ ) أي: العذاب الشديد، الذي يهينكم ويذلكم، والجزاء من جنس العمل)143، وقال تعالى: ( ﯕﯖ ) [الأنفال:٥٠].
  11. العذاب الدائم في القبر، قال تعالى حكاية عن حال فرعون وجنوده: ( ﮢﮣ ) [غافر:٤٦]. والمعنى: هم في العذاب المقيم ليل نهار، وتفسير قوله تعالى: ( ﮢﮣ) - أي: يعرضون على هذه النار فى الغدو، أي: أول النهار، وفى العشي، أي: آخر النهار.. وهذا العرض على النار هو فى حياتهم البرزخية، الواقعة بين الموت والبعث.. فهم فى هذه الفترة يفزعون بالنار التي سيصيرون إليها يوم القيامة، فيردونها صبحًا وعشيًّا؛ ليروا بأعينهم المنزل الذي سينزلونه يوم القيامة)144.

    ثانيًا: عاقبة الكفر في الآخرة:

    كما تعددت أنواع العقوبات للكافرين في الدنيا، تنوعت أيضًا أنواع العقوبات للكافرين في الآخرة، ومن هذه العقوبات المدخرة للكافرين يوم القيامة ما يلي:

  1. حبط الأعمال، قال تعالى: ( ﮖﮗ ﮥﮦ ﮩﮪ ) [البقرة:٢١٧].
  2. الحسرة والندامة، في مشهد من مشاهد يوم القيامة يتمنى الكافر بعد ندمه أن لو كان من المهتدين، وقد سجل القرآن الكريم هذا الموقف، فقال تعالى: ( ﯿ ) [الزمر:٥٦-٥٩].
  3. سواد الوجه، ومن العقوبات التي تتعلق بالكافرين في يوم القيامة سواد وجوههم، فيفتضح أمرهم، وينظر إليهم جميع الخلق، قال تعالى: ( ﭻﭼ ﭿ ) [الزمر:٦٠]. والمعنى( ) أي: بكذبهم وافترائهم. وقوله: ( ﭿ ) أي: أليست جهنم كافيةً لهم سجنًا وموئلًا، لهم فيها دار الخزي والهوان، بسبب تكبرهم وتجبرهم وإبائهم عن الانقياد للحق)145.
  4. خروجهم من القبور أذلاء مسرعين، قال تعالى: ( ﭿ) [المعارج:٤٣-٤٤].
  5. شخوص أعينهم، أعين الكفار في يوم القيامة لا تقوى على ثباتها، بل تتقلب لعدم قدرتها على الثبات من هول ما ترى، قال تعالى: ( ﯼﯽ ﯿ ) [إبراهيم:٤٢]. والمعنى: ( ) أي: أبصارهم لا تقر في أماكنها من هول ما ترى)146.
  6. سوقهم كالبهائم، إن أهل الكفر في يوم القيامة يساقون كالبهائم كما أخبر بذلك القرآن، قال تعالى: ( ) [مريم:٨٦]. والمعنى: () يدل على أنهم يساقون إلى النار بإهانةٍ واستخفافٍ كأنهم نعمٌ عطاشٌ تساق إلى الماء، والورد اسمٌ للعطاش، لأن من يرد الماء لا يرده إلا للعطش. وحقيقة الورود السير إلى الماء، فسمي به الواردون)147.
  7. جَرُّهُم بالسلاسل والأغلال، عبر القرآن الكريم عن حال أهل الكفر في يوم القيامة وهم يجرون بالسلاسل إلى نار جهنم، قال تعالى: ( ) [غافر:٧٠-٧٢]. وفي آية أخرى يبين الله تعالى حال أهل الكفر، حيث يغلون بالسلاسل، قال تعالى: ( ﯿ ) [الحاقة:٣٠-٣٤].
  8. الخلود الأبدي في النار، قال تعالى: ( ) [الأحزاب:٦٤-٦٥].
  9. شرابهم الحميم ـ أي: الماء شديد السخونة الذي يقطع أمعائهم ـ، قال تعالى: ( ) [محمد:١٥]. و(الحميم: هو الماء الذي تناهى في الحر، وفي التفسير: إنه ماء سعرت عليه نيران جهنم منذ خلقت، فإذا قربه الكافر إلى وجهه للشرب شوى وجهه، وسقطت جلدة وجهه وفروة رأسه)148.
  10. أكلهم الزقوم، قال تعالى: ( ) [الصافات:٦٢]. والمعنى(الزقوم: شجرةٌ مسمومة يخرج لها لبنٌ، متى مس جسم أحدٍ تورم فمات. والتزقم: البلع بشدة وجهدٍ للأشياء الكريهة)149، وبيان معنى هذه الآية: (قال تعالى مخبرًا عما يعذب به الكافرين الجاحدين للقائه: ( ﭯ ﭰ ) والأثيم: أي: في قوله وفعله، وهو الكافر)150.
  11. ثيابهم من النار، قال تعالى: ( ) [الحج:١٩]. والمعنى (نيران تحيط بهم إحاطة الثياب، والحميم: الماء الحار يصهر به ما في بطونهم والجلود، أي: يؤثر من فرط حرارته في باطنهم تأثيره في ظاهرهم، فتذاب به أحشاؤهم كما تذاب به جلودهم)151.
  12. عدم قبول الفدية منهم، قال تعالى: ( ﯲﯳ ) [المائدة:٣٦]. والفدية إعطاء شيء للإنقاذ152، ومعنى الآية(أخبر أن الكافر لو ملك الدنيا كلها ومثلها معها، ثم فدى بذلك نفسه من العذاب لم يقبل منه ذلك الفداء، ولهم عذابٌ أليمٌ)153.
  13. الحرمان من النصير، قال تعالى: ( ﭨﭩ ) [غافر:١٨]. ويوم الآزفة هو يوم القيامة، وسمي بذلك لقُرْبِهِ، والمعنى ( ) محب مشفق ( ) أي: يشفع، وهو مجاز عن الطاعة؛ لأن الطاعة حقيقة لا تكون إلا لمن فوقك، والمراد نفي الشفاعة والطاعة) 154.

    موضوعات ذات صلة:

    الإسلام، الإيمان، الشكر، النصارى، النفاق، اليهود


1 انظر لسان العرب، ابن منظور، ٥/١٤٥ ـ١٤٧ بتصرف.

2 مختار الصحاح، الرازي، ص ٢٧١.

3 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٧١٤، ٧١٥.

4 الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم ٣/١١٨.

5 مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ابن القيم، اختصره الموصلي، ص٥٩٦.

6 انظر: المعجم المفهرس الشامل لألفاظ القرآن الكريم، عبد الله إبراهيم جلغوم، ص ١٠٢٣-١٠٣٣.

7 انظر: نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي، ص٥١٦-٥١٧.

8 تاج العروس، الزبيدي، ٢٧/٢٢٤.

9 أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة، نخبة من العلماء، ص ٥٨.

10 المنهاج، شرح صحيح مسلم بن الحجاج، النووي، ٢/٧١.

11 انظر: موسوعة الفقه الإسلامي، التويجري، ٤/٤٦١.

12 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/١٩٠، المفردات، الراغب الأصفهاني ص٤٩٥، مختار الصحاح، الرازي ص٢٤٧، لسان العرب، ابن منظور، ٣/٣٣٨، المصباح المنير، الفيومي ص٣٢٧، المعجم الوسيط، ٢/٨٥٠.

13 المعجم الوسيط، ٢/٨٥٠.

14 انظر: التفسير المنير، الزحيلي، ٩/١٧٢.

15 مراجع كلمة الإلحاد: غريب القرآن، ابن قتيبة ص ٢٤٨، مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/٢٣٦، جامع البيان، الطبري ٢١/٤٧٦، التعريفات الاعتقادية، سعد آل عبد اللطيف ص ٥٨، الألفاظ والمصطلحات المتعلقة بتوحيد الربوبية، آمال العمرو ص ٣٢٧.

16 المصباح المنير، الفيومي ص١٣٧.

17 المفردات، الأصفهاني ص٢١٣.

18 حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح العلامة جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين، الشيخ محيي الدين النووي أحمد سلامة القليوبي، وأحمد البرلسي عميرة، ٤/١٧٥.

19 الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف ٤٢/٣٥٠.

20 انظر: الصحاح، الجوهري ٥/٢٠٧١، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص١٥١٨، لسان العرب، ابن منظور، ١٣/٢١.

21 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٧/٢٩١، الإيمان، عبد الله بن عبدالحميد، ص١٩-٢١.

22 التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، السعدي، ص٤١.

23 انظر: العقيدة الواسطية، ابن تيمية ص١٦١.

24 التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، السعدي ص٤١.

25 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٦/٢٩٥ - ٢٩٦.

26 مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢/٧٩، ٩/٣٢.

27 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ١٠/٢٥.

28 أضواء البيان، الشنقيطي، ٣/٢٧٧.

29 الإيمان، عبدالله بن عبدالحميد ص ٢٤٩.

30 تفسير مقاتل بن سليمان، ٣/٤٣٤.

31 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٤/٤٧٩.

32 إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد، الفوزان، ٢/١٥٣.

33 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، ١/١٩، رقم ٤٨، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ)، ١/٨١، رقم ٦٤.

34 تفسير مقاتل بن سليمان، ٤/٨٣٧.

35 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة على الميت، ١/٨٢، رقم ٦٧.

36 المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، النووي، ٢/٥٧.

37 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب، ٥/٢٨٢٥.

38 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من ادعى إلى غير أبيه، ٨/١٥٦، رقم ٦٧٦٨، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، ١/٨٠، رقم ٦٢.

39 فتح الباري، ابن حجر العسقلاني ١٢/٥٥.

40 انظر ضوابط وأصول في التكفير، عبداللطيف آل الشيخ، ص ٤٥.

41 مجموع فتاوى ابن تيمية، ٤/١٩٧ - ١٩٨.

42 معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٢٤١.

43 مجموع فتاوى ابن تيمية، ٤/١٩٨.

44 مدارج السالكين، ابن القيم ١/٣٤٦.

45 معالم التنزيل، البغوي، ٢/١٨٢.

46 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٦/٢٢٠.

47 المصدر السابق، ٤/٥٣٤.

48 انظر أيسر التفاسير، الجزائري، ١/٩٨.

49 إغاثة اللهفان، ابن القيم، ٢/٣٦٦.

50 الفوائد، ابن القيم، ص ١٥٧.

51 زهرة التفاسير، أبو زهرة، ٤/١٧١٨.

52 انظر: أوضح التفاسير، محمد عبداللطيف الخطيب، ٢٥٢.

53 التحرير والتنوير، ابن عاشور، ١١/١٧٢.

54 الوجيز، الواحدي ص ٤٥٤.

55 التفسير البسيط، الواحدي ١٧/٣٠٧.

56 أنوار التنزيل، البيضاوي، ٢/١٠٦.

57 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٣/١٩٨٢ ـ١٩٨٣.

58 جامع البيان، الطبري، ١٦/٢٣٢.

59 الجواهر الحسان، الثعالبي، ٣/٣٤٨.

60 جامع البيان، الطبري، ١٧/٦٩.

61 تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٣٤٢ - ٣٤٣.

62 تأويلات أهل السنة، أبو منصور الماتريدي، ٩/٣٩٢.

63 انظر: تاريخ دمشق، ابن عساكر، ١٩/٥٦.

64 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن طالب ٥/٣٧٨٠.

65 الصارم المسلول، ابن تيمية، ص٥١٣.

66 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/٢٦٥.

67 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ٢/٣.

68 أنوار التنزيل، البيضاوي، ١/١٣٧.

69 تفسير القرآن، العز بن عبدالسلام، ١/٢٠٦.

70 معالم التنزيل، البغوي، ٥/٢٢٧.

71 تفسير الراغب الأصفهاني ١/٢٩١.

72 تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين ١/٣٩٤.

73 تفسير المراغي ٨/١٥٨.

74 التفسير البسيط، الواحدي ٢٢/٤٥٦.

75 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عملٌ، ١/١٩٦، رقم ٢١٤.

76 المنهاج شرح صحيح مسلم، النووي، ٣/٨٧.

77 التفسير الحديث، محمد عزت، ٤/٢٦٨.

78 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب المالكي، ١/٨٥٥.

79 مفاتيح الغيب، الفخر الرازي، ١٠/١٢١.

80 المصدر السابق.

81 بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/٥٠٦.

82 انظر: جامع البيان، الطبري ٢١/٥٨٤، الكشف والبيان، الثعلبي ٨/٣٣٢، الوجيز، الواحدي، ص ٩٧٢، تفسير القرآن،، السمعاني، ٥/٩٧.

83 أحكام القرآن، الكيا الهراسي، ٤/٣٦٩.

84 انظر تفسير السمرقندي، ٣/٢٥٥.

85 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/٢٢٤.

86 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٥١٠.

87 انظر: بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٣/٤٨٢،٤٨٣ بتصرف.

88 مقاصد الرعاية لحقوق الله عز وجل، العز بن عبدالسلام ص ١٥٦.

89 التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي الكلبي، ٢/٣٤٧.

90 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ١٠/٦٤٩٨.

91 معالم التنزيل، البغوي، ١/١١٠.

92 معاني القرآن، الزجاج، ٢/٣٩٢.

93 تفسير السمرقندي، ٢/٤٦٣.

94 انظر تفسير القرآن، السمعاني، ٦/١٠.

95 انظر: النهاية، ابن الأثير، ٣/١٦١، القاموس المحيط، الفيروزآبادي، ص ١١٣٤، المصباح المنير، الفيومي، ص ١٤٦.

96 بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٣/٥٤١.

97 فتح الباري، ابن حجر ٨/٣٥٥.

98 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلًا)، ٤/١٤١، رقم ٣٣٦٠.

99 فتح البيان، صديق خان ٢/٨٨.

100 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ١١١.

101 انظر: تفسير المراغي ٧/٩٥.

102 الوجيز، الواحدي، ص ٣٤٨.

103 لطائف الإشارات، القشيري، ١/٦٠٤.

104 تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين ٤/١٤٢.

105 معاني القرآن وإعرابه، الزجاج، ٢/٢٨٧.

106 فتح البيان، صديق خان ١٢/١٦٢.

107 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٤٧٥.

108 التفسير البياني لما في سورة النحل من دقائق المعاني، سامي القدومي ص ٢٥١.

109 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٤/٦١٣.

110 انظر تفسير القرآن، السمعاني ٢/٢٣٦.

111 انظر الوجيز، الواحدي، ١/٤٢٣.

112 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ إن أخذه أليمٌ شديدٌ)، ٦/٤٧، رقم ٤٦٨٦، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، ٤/١٩٩٧، رقم ٢٥٨٣.

113 تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٩١٩.

114 بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/٥٩٢.

115 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٣/٢٠٢٢.

116 أخرجه أحمد في مسنده، ٢٨/٥٤٧، رقم ١٧٣١١، والطبراني في الأوسط، ٩/١١٠، وفي الكبير، ١٧/٣٣٠.

وحسنه العراقي في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين، ٥/٢١٧٢، رقم ٣٤٢٧، وصححه الألباني في صحيح الجامع ١/١٥٨، رقم ٥٥٦.

117 اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل، ١٥/٨٨.

118 الحديث أخرجه أحمد في مسنده، ٢٨/٥٤٧، وابن جرير في تفسير ٧/١١٥.

وحسنه العراقي في تخريج الإحياء، ٤/١٦٢، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٥٦١.

119 مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٨/٣٥٤.

120 جامع البيان، الطبري، ٣/٥٧٠.

121 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من سأل، وهو قائمٌ، عالمًا جالسًا،١/٣٦ رقم ١٢٣، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، ٣/١٥١٢، رقم ١٩٠٤.

122 تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٣١٧.

123 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٦/١٣٤.

124 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٢/١٤٩١.

125 فتح البيان، صديق خان ٧/٨٨.

126 إعلام الموقعين، ابن القيم،ـ ١/١١٩.

127 انظر الكشف والبيان، الثعلبي، ٧/٢٧٩.

128 انظر بدائع الصنائع، الكاساني ٧/١٣٤.

129 صفوة التفاسير، الصابوني، ص ٤٢٥.

130 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٢/٤٣٤.

131 المحرر الوجيز، ابن عطية، ٤/٥٣٦.

132 معالم التنزيل، البغوي ١/١٩٤.

133 مجموع فتاوى ابن تيمية، ١/٩١.

134 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب إثم من أشرك بالله، وعقوبته في الدنيا والآخرة، ٩/١٤، رقم ٦٩٢١، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية، ١/١١١، رقم ١٢٠.

135 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب حسن إسلام المرء، ١/١٧، رقم ٤٢، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنةٍ كتبت، وإذا هم بسيئةٍ لم تكتب، ١/١١٧، رقم ١٢٩.

136 انظر: التفسير الميسر، مجمع الملك فهد، ص ٤٢٧.

137 تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٥٨.

138 تفسير السمرقندي ٢/٢٠.

139 الوجيز، الواحدي، ص ٣٧٤.

140 أنوار التنزيل، البيضاوي، ٥/١٢٣.

141 تفسير المراغي ٢٤/٤٥.

142 تفسير ابن أبي حاتم ٦/١٨٩٣.

143 تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٢٦٤.

144 التفسير القرآني للقرآن، عبدالكريم الخطيب، ١٢/١٢٤١.

145 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/١١١.

146 مدارك التنزيل، النسفي ٢/١٧٨.

147 مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٥٦٥.

148 تفسير القرآن، السمعاني، ٥/١٧٤.

149 الدر المصون، السمين الحلبي، ٩/٣١٤.

150 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/٢٣٩.

151 انظر أنوار التنزيل، البيضاوي، ٤/٦٨.

152 بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٤/١٧٧.

153 معالم التنزيل، البغوي ٢/٤٦.

154 مدارك التنزيل، النسفي ٣/٢٠٥.