عناصر الموضوع

مفهوم الكفارات

الكفارات في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أنواع الكفارات

موجبات الكفارات

صور من الكفارات في القرآن وأحكامها

المكفر به

حكم ومقاصد الكفارات

أثر الكفارات على الفرد والمجتمع

الكفارات

مفهوم الكفارات

أولًا: المعنى اللغوي:

الكفارة لغة: من الكَفْرِ وهو التغطية والستر، وسميت الكفارات كفارات؛ لأنها تُكَفِّرُ الذنوب، أي تسترها، مثل كفارة الأيمان، وكفارة الظهار والقتل الخطأ 1.

قال ابن فارس: «(كفر)، الكاف والفاء والراء أصل صحيح يدل على معنى واحد، وهو الستر والتغطية، يقال لمن غطى درعه بثوب: قد كَفَّرَ دِرْعَهُ، والمَُكَّفَّرُ: الرجل المتغطي بسلاحه»2.

وخلاصة التعريف اللغوي: أن الكفارة هي الستر والتغطية، سواء كانت مادية كتغطية الدرع بالثوب، أو معنوية، كتغطية الذنوب، وقد استعمل القرآن الكريم هذا المعنى اللغوي للكفارة، وعلى ذلك وردت أقوال المفسرين في بيان هذه اللفظة كما سيأتي.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

والكفارة اصطلاحًا: ما كفر به من صدقة أو صوم أو نحو ذلك؛ وسميت الكفارات كفارات؛ لأنها تكفر الذنوب، أي: تسترها3.

وعرف المناوي الكفارة بأنها: «ما وجب على الجاني جبرًا لما منه وقع، وزجرًا عن مثله»4.

وخلاصة التعريف الاصطلاحي: أن الكفارة تطلق على ما يشمل المعنى اللغوي، وهو: الستر بعوض، وما يكون جبرًا لخطأ، أو محوًا لإثم أو تقصير، والتعريف الثاني يشمل ذلك.

والمتدبر في المعنيين يجد اتصالًا بينهما، حيث إن المعنى الاصطلاحي يعني: ما كفر به من صدقة أو صوم أو نحو ذلك، وهذا مرتبط بمعنى الكفارة في اللغة، والتي تدل على الستر والتغطية، والذي يترتب عليه محو الذنوب وإزالتها وتغطيتها في الدنيا والآخرة، حتى تصير كأن لم تكن.

الكفارات في الاستعمال القرآني

وردت مادة (كفر) المضعف في الاستعمال القرآني(١٨) مرة5.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٢

( ) [المائدة:٦٥]

الفعل المضارع

١١

( ) [الطلاق:٥]

فعل الأمر(دعائي)

١

( ) [آل عمران:١٩٣]

صيغة المبالغة

٤

( ) [المائدة:٤٥]

وجاءت مادة (كفر) في الاستعمال القرآني بمعناها اللغوي، وهو الستر والتغطية6، ومنه الكفارة، وهي: «ما كفر به من صدقة أو صوم أو نحو ذلك، قال بعضهم: كأنه غُطِّيَ عليه بالكفارة؛ وسميت الكفارات كفاراتٍ؛ لأنها تُكَفِّرُ الذنوب، أي: تسترها، مثل كفارة الأيمان، وكفارة الظهار، والقتل الخطأ»7.

الألفاظ ذات الصلة

الفدية:

الفدية لغة:

اسم للمال الذي يدفع لاستنقاذ الأسير، وجمعها فدًى وفدياتٌ، يقال: فَدَتِ المَرْأَةُ نفسها من زوجها تفدي، وَافْتَدَتْ، أعطته مالا حتى تخلصت منه بالطلاق، وقيل: هو إقامة شيء مقام شيء في دفع المكروه8.

الفدية اصطلاحًا:

وهي: ما يقي الإنسان به نفسه في عبادة يُقَصِّرُ فيها9.

الصلة بين الكفارة والفدية:

أن كلًّا من الكفارة والفدية إنما شرعتا لفداء النفس من المخالفة أو للتكفير عن الذنب10.

الدية:

الدية لغة:

اسم مصدر من وَدَى يَدِي، وأصلها (ودية) على وزن فعلة، والدية واحدة الديات، والهاء عوض عن الواو، ووَدْيُت القتيلَ أَدِيْةِ دية: أعطيت ديته، وَاتَّدَيْتُ: أخذت ديته، وإذا أمرت منه قلت: دِ فلانًا، وللاثنين دِيَا، وللجماعة دوا فلانًا11.

الدية اصطلاحًا:

اسم للضمان المالي الذي يجب بالجناية على الآدمي أو على طرف منه، وقد سمي هذا الضمان بالدية؛ لأنها تؤدى عادة إلى المجني عليه أو وليه، وقلما يرجى فيها العفو لعظم حرمة الآدمي12.

الصلة بين الكفارة والدية:

أن كليهما جزاء، لكن الكفارة حق لله تعالى، والدية حق للآدميين13.

التعزير:

التعزير لغة:

التعظيم والتوقير، ومنه قوله تعالى: ( ) [الفتح: ٩]، والتعزير أيضا: التأديب، ومنه سمي الضرب دون الحد تعزيرا14.

التعزير اصطلاحًا:

هو تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود، أي: هو عقوبة على جرائم لم تضع الشريعة لها عقوبة مقدرة15.

الصلة بين الكفارة والتعزير:

أن كلًّا منهما زواجر؛ لما فيهما من مَشَاق تحمل الأموال وغيرها16.

الحد:

الحد لغة:

المنع والحاجز بين شيئين، وتأديب المذنب، والنهاية التي ينتهي إليها تمام المعنى، وما يوصل إلى التصور المطلوب، وهو الحد المرادف للمعرف عند الأصوليين17.

الحد اصطلاحًا:

العقوبة المقدرة من الشارع، وجبت حقًّا لله تعالى18.

الصلة بين الكفارة والحد:

أن كلًّا منهما زواجر؛ لما فيهما من مَشَاقِّ تحمل الأموال وغيرها19.

أنواع الكفارات

تظهر أنواع الكفارات من خلال ما يلي:

أولًا: كفارات على التخيير:

التخيير: تفويض الأمر إلى اختيار المكلف في انتقاء خصلة من خصال معينة شرعًا، ويوكل إليه تعيين أحدها، بشروط معلومة، كتخييره بين خصال الكفارة، وتخييره بين القصاص والعفو، وتخييره في فدية الحج، وتخييره في التصرف في الأسرى، وتخييره في حد المحارب، وغيرها من الأحكام20.

والتخيير في الكفارات دليل على سماحة الشريعة ويسرها ومراعاتها لمصالح العباد فيما فوضت إليهم اختياره، مما يجلب النفع لهم ويدفع الضر عنهم، والتخيير قد يكون على سبيل الإباحة، أي: بين فعل المباح وتركه، وقد يكون بين الواجبات بعضها على بعض، وهي واجبات ليست على التعيين، كما في خصال الكفارة، وحكم الواجب المخير: أن المكلف تبرأ ذمته بفعل أي واحد من أفراده، فإن تركها جميعًا أثم، فإذا خير الله تعالى بين أشياء، مثل كفارة اليمين خير فيها بين العتق والإطعام والكسوة، فالواجب منها واحد غير معين فأيها فعل فقد فعل الواجب، وإن فعل الجميع سقط الفرض عنه بواحد منها والباقي تطوع21.

وقد ذكر القرآن الكريم كفارات على التخيير وهي:

١. التخيير في كفارة اليمين.

قال تعالى: ( ﯿ ) [المائدة: ٨٩].

فقد طلب الشارع من المكلف أن يكفر عن يمينه بخصلة واحدة من خصال الكفارة الثلاث وهي: الإطعام، أو الكسوةً، أو العتق، فإن لم يجد ما يكفر به من هذه الثلاثة - بأن عجز عن الإطعام والكسوة والعتق - صام ثلاثة أيام، فهي كفارة على التخيير في الثلاثة الأول، وعلى الترتيب بينها وبين الخصلة الرابعة22.

٢. التخيير في جزاء الصيد.

قال تعالى: ( ﯿ ) [المائدة: ٩٥].

فقد طلب الشارع من المكلف أن يكفر عن قتله الصيد في الحرم بخصلة واحدة من خصال الكفارة الثلاث وهي: إما أن يهدي مثل ما قتله من النعم لفقراء الحرم، إن كان الصيد له مثل من الإبل أو البقر أو الغنم، أو أن يقومه بالمال، ويقوم المال طعاما، ويتصدق بالطعام على الفقراء، والخصلة الثالثة التي يخير فيها قاتل الصيد أن يصوم عن كل مد من الطعام يوما23.

٣. التخيير في فدية الأذى.

قال تعالى: ( ) [البقرة: ١٩٦]، فقد أباح الشارع للمحرم أن يحلق رأسه إذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض، ينتفع بحلق رأسه له، أو قروح، أو قمل ونحو ذلك، ولكن يكون عليه فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك ما يجزئ في أضحية، فهو مخير في الخصال الثلاث24.

ثانيًا: كفارات على الترتيب:

الترتيب: جعل الأشياء الكثيرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد، ويكون لبعض أجزائه نسبة إلى البعض بالتقدم والتأخر25.

فإذا أمر الشارع بالكفارة على الترتيب كالمظاهر أمر بالعتق عند وجود الرقبة، وبالصيام عند عدمها، وبالإطعام عند العجز عن الجميع، فالواجب من ذلك واحد معين على حسب حاله، فإن كان موسرًا ففرضه العتق، وإن كان معسرًا ففرضه الصيام، وإن كان عاجزًا ففرضه الإطعام، فإن جمع من فرضه العتق بين الجميع سقط الفرض عنه بالعتق وما عداه تطوع، وإن جمع من فرضه الصيام، بين الجميع ففرضه أحد الأمرين من العتق أو الصيام والإطعام تطوع، وإن جمع من فرضه الإطعام بين الجميع ففرضه واحد من الثلاثة كالكفارة المخيرة26.

وقد ذكر القرآن الكريم كفارات على الترتيب وهي:

١. الترتيب في كفارة الظهار.

قال تعالى: ( ﮍﮎ ﮑﮒ ﮡﮢ ﮨﮩ ﮭﮮ ﮱﯓ ) [المجادلة:٣-٤].

إن الله تعالى أمر بكفارة الظهار مرتبة، فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الإعتاق، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام، فمن لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكينًا لكل مسكين مد من طعام بمد النبي صلى الله عليه وسلم 27.

٢. الترتيب في كفارة التمتع.

قال سبحانه: ( ﯿ ) [البقرة: ١٩٦]، بينت الآية أن دم التمتع الشامل للقران على الترتيب؛ لأن الله بين أنه على الترتيب بقوله: ( ﯿ )، ثم قال مبينا الترتيب: ( ) 28.

٣. الترتيب في كفارة القتل.

قال جل وعلا: ( ﭿ ) [النساء: ٩٢].

وجعل الحق جل جلاله كفارة القتل مرتبة، فعلى القاتل تحرير رقبة، فمن لم يجد عليه صيام شهرين متتابعين29.

موجبات الكفارات

تحدث القرآن الكريم عن مجموعة من الأعمال، يجب على فعلها الكفارة، وهي:

أولًا: ترك واجب:

ذكر القرآن الكريم أن الكفارات تجب بترك واجب من الواجبات الشرعية، وذلك تعويض عن التقصير في بعض العبادات، أو استعمال الرخص، أو العجز الكامل عن أداء الفرض، ومن هذا القبيل رخصة الإفطار للمريض بمرض مزمن، والشيخ الفاني والشيخة إذا عجزا عن الصيام، أو كانا لا يصومان إلا بمشقة فوق الطاقة، وقد ثبتت هذه الفدية بالقرآن الكريم.

قال تعالى: ( ) [البقرة: ١٨٤].

أي: الذين يبلغون في صومهم أقصى الطاقة التي لا يمكن المداومة على تحملها، ولذا قال ابن عباس: «إنها نزلت في الشيخ والشيخة إذا شق عليهما الصوم»30.

ومن الفدية التي تعد كفارة لبعض التقصيرات في العبادات، ترك الهدي في حج التمتع، والتي تعد من الواجبات في الحج، قال تعالى: ( ﯿ ) [البقرة: ١٩٦]، بينت الآية أن الواجب على المتمتع الدم، فإن لم يجد الهدي فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة عند رجوعه إلى بلاده؛ لتركه الهدي الواجب عليه.

ثانيًا: فعل محظور.

ومن الكفارات التي تعد كفارة لعمل بعض المحظورات والتقصيرات في العبادات، كفارة الصيد في الأشهر الحرم.

قال تعالى: ( ﯡﯢ ﯿﰀ ﰄﰅ ﰊﰋ ﭘﭙ ﭠﭡ ) [المائدة:٩٥-٩٦].

لما كان صيد الحرم محظورًا شرعًا فقد وجبت الكفارة على من اعتدى على صيد الحرم عقوبة له، وهكذا نرى أن الكفارات هنا ثابتة بالقرآن الكريم، وهي سد لنقص، أو لاعتداء في عمل ما نهى الله تعالى عنه31.

صور من الكفارات في القرآن وأحكامها

تظهر صور الكفارات وأحكامها في القرآن الكريم من خلال النقاط الآتية:

أولًا: كفارات العبادات:

الحج من العبادات البدنية، وهي فريضة من الفرائض الإسلامية التي أمر الشرع بأدائها على أكمل وجه، وهناك محظورات في الحج توجب الكفارة وهي:

  1. كفارة الصيد للمحرم.

    ذكر القرآن الكريم كفارة الصيد للمحرم، قال تعالى: ( ﯡﯢ ﯿﰀ ﰄﰅ ﰊﰋ ) [المائدة: ٩٥].

    بينت الآية أن الله تعالى حرم الصيد في حال الإحرام، والصيد عامٌّ في كل ما شأنه أن يصاد ويقتل من الدواب والطير لأكله أو الانتفاع ببعضه، ويلحق بالصيد الوحوش كلها، وخص من عمومه ما هو مضر، وهي السباع المؤذية وذوات السموم والفأر وسباع الطير، ودليل التخصيص السنة، ( )، جمع حرامٍ، بمعنى محرم، مثل جمع قذالٍ على قذلٍ، والمحرم أصله المتلبس بالإحرام بحج أو عمرة، ويطلق المحرم على الكائن في الحرم، فأما الإحرام بالحج والعمرة فهو معلوم، وأما الحصول في الحرم فهو الحلول في مكان الحرم من مكة أو المدينة، فأما حرم مكة فيحرم صيده بالاتفاق، وفي صيده الجزاء، وأما حرم المدينة فيحرم صيده ولا جزاء فيه، وحرم مكة معلوم بحدود من قبل الإسلام، وهو الحرم الذي حرمه إبراهيم عليه السلام.

    ووضعت بحدوده علامات في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحدود الحرم الغربية والشرقية تبعد عن البيت قرابة، (٢٠) كم أما الجنوبية فأقل من ذلك، إذ تقع الحدود الجنوبية على الآكام التي تحف بوادي عرنة على قرابة (١٣) كم، جنوبا، أما من جهة الشمال، فالحد مسجد عائشة رضي الله عنها على رأس وادي التنعيم، وعنده ينقسم الماء إلى وادي التنعيم شمالًا في الحل، وتلعة ذات الحنظل جنوبا في الحرم، ويبعد هذا المسجد قرابة (٨) كم، عن المسجد الحرام شمالا، أي: إن حرم مكة يبلغ (٨٨٢) (كم مربع)، بالتقريب.

    وأما حرم المدينة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المدينة حرم ما بين عير أو عائر (جبل) إلى ثور)32 33.

    وقوله تعالى: ( )، أي: ومن قتل شيئا من الصيد وهو محرم قاصد لقتله فجزاؤه، أو فعليه جزاء من الأنعام مماثل لما قتله في هيئته وصورته إن وجد، وإلا ففي قيمته، وقيل: في قيمته مطلقًا، وتعليق حكم الجزاء على وقوع القتل يدل على أن الجزاء لا يجب إلا إذا قتل الصيد، فأما لو جرحه أو قطع منه عضوًا ولم يقتله فليس فيه جزاء، ويدل على أن الحكم سواء أكل القاتل الصيد أو لم يأكله؛ لأن مناط الحكم هو القتل.

    وقوله: ()، قيد أخرج المخطئ والناسي، والفرق بينهما: أن الناسي: هو من يقصد قتل الصيد ناسيا إحرامه، والمخطئ: هو من يرمي غير الصيد، كما لو رمى غرضا فيقتل الصيد من غير قصد لقتله، ولا خلاف بين العلماء أنهما لا إثم عليهما، لقوله تعالى: ( ) [الأحزاب: ٥].

    وجمهور فقهاء الأمصار أن العمد والخطأ في ذلك سواء، وقد غلب مالك فيه معنى الغرم أي: قاسه على الغرم، والعمد والخطأ في الغرم؛ سواء فلذلك سوى بينهما، ومضى بذلك عمل الصحابة، وقال أحمد بن حنبل، وداود الظاهري: لا شيء على الناسي، وقال مجاهد، والحسن، وابن زيد، وابن جريج: إن كان متعمدًا للقتل ناسيًا إحرامه فهو مورد الآية، فعليه الجزاء، وأما المتعمد للقتل وهو ذاكر لإحرامه فهذا أعظم من أن يكفر، وقد بطل حجه، وصيده جيفة لا يؤكل34.

    وقول الجمهور أقرب إلى الصواب؛ لأن تخصيص العمد بالذكر في الآية، لأجل أن يرتب عليه الانتقام عند العود؛ لأن العمد هو الذي يترتب عليه ذلك دون الخطأ، ولأن جزاء الخطأ معروف من الأدلة التي قررت التسوية في ضمان المتلفات، إذ من المعروف أن من قتل صيد إنسان عمدًا أو خطأً في غير الحرم فعليه جزاؤه، فهذا حكم عام في جميع المتلفات، ومادام الأمر كذلك كان الجزاء ثابتًا على المحرم متى قتل الصيد، سواء أكان قتله له عمدًا أم خطأً35.

    وقوله تعالى: ( )، أي: يحكم بالجزاء من النعم وكونه مثل المقتول من الصيد رجلان من أهل العدالة والمعرفة من المؤمنين، ووجه الحاجة إلى حكم العدلين أن المماثلة بين النعم والصيد مما يخفى على أكثر الناس، وما لا مثل له بوجه من الوجوه يحكمان فيه بالقيمة، والهدي: ما يذبح أو ينحر في منحر مكة، والمنحر: منى والمروة، ولما سماه الله تعالى هديًا فله سائر أحكام الهدي المعروفة.

    ومعنى: ( )، أنه يذبح أو ينحر في حرم الكعبة، وليس المراد أنه ينحر أو يذبح حول الكعبة36.

    وقوله تعالى: ( )، أو ما يعادل ذلك من الطعام، وسمى الإطعام كفارة؛ لأنه ليس بجزاء، إذ الجزاء هو العوض، وهو مأخوذ فيه المماثلة، وأما الإطعام فلا يماثل الصيد، وإنما هو كفارة تكفر به الجريمة، وقد أجمل الكفارة فلم يبين مقدار الطعام ولا عدد المساكين، فأما مقدار الطعام فهو موكول إلى الحكمين، وقد شاع عن العرب أن المد من الطعام هو طعام رجل واحد؛ فلذلك قدره مالك بمد لكل مسكين، وهو قول الأكثر من العلماء.

    وعن ابن عباس: تقدير الإطعام أن يُقَوَّمَ الجزاء من النعم بقيمته دراهم، ثم تُقَوَّمَ الدراهم طعامًا، وأما عدد المساكين فهو ملازم لعدد الأمداد، قال مالك: «أحسن ما سمعت فيه أنه يقوم الصيد الذي أصاب وينظر كم ثمن ذلك من الطعام، فيطعم مدًّا لكل مسكين، والأحسن أن ذلك موكول إلى الحكمين»37 38.

    وقوله تعالى: ( )، أي: عليه مثل ذلك الطعام صيامًا يصومه ، وأجملت الآية الصيام كما أجملت الطعام، وهو موكول إلى حكم الحكمين، وقال أبو حنيفة: يصوم عن كل مدَّين من الطعام يومًا.

    وقال مالك والشافعي: يصوم عن كل مدٍّ يومًا، واختلفوا في أقصى ما يصام، فقال مالك والجمهور: لا ينقص عن أعداد الأمداد أياما ولو تجاوز شهرين، وقال بعض أهل العلم: لا يزيد على شهرين؛ لأن ذلك أعلى الكفارات، وعن ابن عباس: يصوم ثلاثة أيام إلى عشرة 39.

    و()، في قوله تعالى: ( )، هو تخيير فيما يجبر به هذا الذنب، ويقع كفارة له، فالكفارة إما أن تكون هديًا يساق إلى الكعبة، أي: البيت الحرام، مقدرًا قيمته بقيمة الحيوان الذي قتل، وإما أن يكون بإطعام مساكين بقدر هذه القيمة، وإما بصيام يعدل ما كان يمكن أن يطعم من مساكين، من قيمة هذا الصيد المقتول، والقول بالتخيير هو قول الجمهور، ثم قيل: الخيار للمحكوم عليه لا للحكمين، وهو قول الجمهور من القائلين بالتخيير، وقيل: الخيار للحكمين40.

    وقوله تعالى: ( ﯿ)، الوبال: هو الشيء الثقيل الذي يخاف ضرره وعاقبتة، وسمي وبالًا؛ لأن الإنسان حين يدفع من ماله ثمن شراء المثل لما قتل سيعز عليه ماله، وأيضًا إن أطعم مساكين فهو سيشتري الطعام بمال يعز عليه، وكذلك يسبب له الصيام الإرهاق، إن هذا اللون من الكفارة يذيق الإنسان وبال ما فعل، وأراد الحق بذلك ألا يجعل الإحساس مجرد أمر شكلي، أو أن تظل الإساءة أمرًا شكليًّا، وشاء سبحانه أن يرتب النفع للإحسان والضر للإساءة، حتى تستقيم الأمور في الكون 41.

    وقوله تعالى: ( )، أي: من قتل الصيد قبل التحريم، ( )، أي: ومن عاد إلى قتل الصيد وهو محرم فينتقم الله منه في الآخرة، ( )، أي: غالب في أمره منتقم ممن عصاه42.

    وأجمع العلماء على وجوب الجزاء في قتل الصيد.

    وذلك لقوله تعالى: ( ﯡﯢ ﯿﰀ ﰄﰅ ﰊﰋ ) [المائدة: ٩٥].

    واختلفوا في قتل الصيد خطأً هل فيه جزاء أم لا؟ فالجمهور على أن فيه الجزاء، وقيل: لا جزاء عليه43.

  2. كفارة الحلق للمحرم.

    من الكفارات التي ذكرها القرآن الكريم في العبادات كفارة حلق الرأس للمحرم.

    قال سبحانه: ( ﯿ ) [البقرة: ١٩٦].

    أمر الله تعالى بإتمام الحج والعمرة لمن بدأ بالشروع فيهما، ( )، أي: صُدِدْتُمْ عن الوصول إلى البيت ومنعتم من إتمامهما، بمرض أو عدو ونحوهما، ( )، أي: فاذبحوا ما استيسر من الهدي، وهو سبع بدنة، أو سبع بقرة، أو شاة يذبحها المحصر، ويحلق ويحل من إحرامه بسبب الحصر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لما صدهم المشركون عام الحديبية، فإن لم يجد الهدي، فليصم بدله عشرة أيام كما سيأتي في المتمتع ثم يحل44.

    وقوله تعالى: ( ).

    بينت الآية أن المتمتع إذا ساق الهدي، لم يتحلل من عمرته قبل يوم النحر، فإذا طاف وسعى للعمرة، أحرم بالحج، ولم يكن له إحلال بسبب سوق الهدي، وإنما منع تبارك وتعالى من ذلك، لما فيه من الذل والخضوع لله والانكسار له، والتواضع الذي هو عين مصلحة العبد، وليس عليه في ذلك من ضرر، فإذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض، ينتفع بحلق رأسه له، أو قروح، أو قمل ونحو ذلك فإنه يحل له أن يحلق رأسه، ولكن يكون عليه فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك ما يجزئ في أضحية، فهو مخير.

    والنسك أفضل، فالصدقة، فالصيام، ومثل هذا، كل ما كان في معنى ذلك، من تقليم الأظفار، أو تغطية الرأس، أو لبس المخيط، أو الطيب، فإنه يجوز عند الضرورة، مع وجوب الفدية المذكورة؛ لأن القصد من الجميع إزالة ما به يَتَرَفَّهُ، وقد بينت السنة ما أطلق هنا من الصيام والصدقة والنسك.

    فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: (كان بي أذى من رأسي، فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: (ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ منك ما أرى، أتجد شاة) ؟ قلت: لا، فنزلت الآية: ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، قال: (هو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين نصف صاع نصف صاع طعاما لكل مسكين)45 46.

    وقوله تعالى: ( ﯿ ) [البقرة: ١٩٦].

    بينت الآية حكم المتمتع، وهو الذي أحرم بالعمرة في وقت الحج، ثم تحلل من الإحرام واستمتع بما يستمتع به غير المحرم من الطيب والنساء وغيرهما فعليه ما تيسر من الهدي، وهو ما يجزئ في أضحية، وهذا دم نسك، مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة، ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة بعد فراغ العمرة، وقبل الشروع في الحج، ومثلها القران لحصول النسكين له.

    فمن لم يجد الهدي أو ثمنه فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة، وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر، أيام رمي الجمار، والمبيت بـمنى، ولكن الأفضل منها، أن يصوم السابع، والثامن، والتاسع، ( )، أي: فرغتم من أعمال الحج، فيجوز فعلها في مكة، وفي الطريق، وعند وصوله إلى أهله47.

    ثم بين سبحانه أن التمتع بالعمرة مضمومة إلى وقت الإحرام بالحج وما يتبعه من الأحكام خاصٌّ بالآفاقيين دون أهل الحرم.

    قال تعالى: ( )، أي: إن أهل الآفاق هم الذين يحتاجون إلى هذا التمتع، لما يلحقهم من المشقة بالسفر إلى الحج وحده، ثم السفر إلى العمرة وحدها، أما أهل الحرم فليسوا في حاجة إلى ذلك، فلا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام.

    ( )، أي: اخشوا الله وحافظوا على امتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه، واحذروا أن تعتدوا في ذلك، واعلموا أنه تعالى شديد العقاب لمن انتهك حرماته، وركب معاصيه48.

    وأجمع الفقهاء على وجوب الكفارة على من حلق رأسه كله وهو محرم، وهي على التخيير من صيام أو صدقة أو نسك49.

    ثانيًا: كفارة اليمين:

    ذكر القرآن الكريم كفارة اليمين بالله تعالى إذا حنث فيها وهي منعقدة.

    قال تعالى: ( ﯿ ) [المائدة: ٨٩].

    بينت الآية أن الله تعالى لا يؤاخذكم بالأيمان التي تحلفونها بلا قصد، كما يقول الرجل في كلامه بدون قصد لا والله، وبلى والله، فلا مؤاخذة على مثل هذه بكفارة في الدنيا، ولا عقوبة في الآخرة، ( )، أي: ولكن يؤاخذكم باليمين المقصودة، التي يعقدها القلب ويقصدها ويتعمدها، إذا أنتم حنثنم فيها، قال مالك: «أحسن ما سمعت في هذا، أن اللغو حلف الإنسان على الشيء، يستيقن أنه كذلك، ثم يوجد على غير ذلك فهو اللغو».

    وقال مالك: «وعقد اليمين، أن يحلف الرجل أن لا يبيع ثوبه بعشرة دنانير، ثم يبيعه بذلك، أو يحلف ليضربن غلامه، ثم لا يضربه، ونحو هذا، فهذا الذي يكفر صاحبه عن يمينه، وليس في اللغو كفارة»، وقال مالك: «فأما الذي يحلف على الشيء، وهو يعلم أنه آثم، ويحلف على الكذب، وهو يعلم، ليرضي به أحدًا، أو ليعتذر به إلى معتذر إليه، أو ليقطع به مالًا، فهذا أعظم من أن تكون فيه كفارة»50 51.

    وقوله تعالى: ( )، أي: إطعام عشرة مساكين، وجبة واحدة لكل منهم من الطعام الغالب الذي يأكله أهلوكم في بيوتكم، وفي تقديم الإطعام على العتق مع أن العتق أفضل تنبيه على التخيير، وأن الأمر مبني على التخفيف.

    ويمكن أن يقال: الإطعام أفضل؛ لأن الحر الفقير قد لا يجد الطعام أو لا يكون هناك من يعطيه فيقع في الضر، أما العبد فيجب على مولاه طعامه وكسوته، فالعتق يحتمل التأخير، والإطعام قد لا يحتمل ذلك، وقدره الحنفية بما يجب في صدقة الفطر، نصف صاع من بر أو صاع من شعير أو تمر، وقدره مالك مدٌّ لكل مسكين إن كان بالمدينة، وقدره الشافعية بمد لكل مسكين، وأجاز أبو حنيفة إطعام مسكين واحد عشرة أيام.

    واشترط الفقهاء أن يكون العشرة المساكين من المسلمين، وجوز أبو حنيفة صرفها إلى أهل الذمة، وتجب كفارة الإطعام على المستطيع، ولا يجوز أن يطعم غنيًّا ولا ذا رحم تلزمه نفقته 52.

    وأما الكسوة: فهي اللباس، وهي فوق الإطعام ودون العتق، ولم يقل فيها مما تكسون أهليكم أو من أوسطه، فيجزئ إذن كل ما يسمى كسوة، وأدناه ما يلبسه المساكين عادة، وهى تختلف باختلاف البلاد والأزمنة كالطعام، يدفع لكل مسكين ما يصح أن يصلي فيه إن كان رجلًا أو امرأه كل بحسبه، وقيل غير ذلك، وأقل الكسوة القميص مع السروال53.

    وأما تحرير الرقبة: فهي إعتاق رقيق، وغلب استعمال الرقبة في المملوك والأسير، وقد يعبر أحيانًا عن ذلك بفك الرقبة، كقوله تعالى: ( ) [البلد: ١٣].

    ولا يشترط أبو حنيفة أن تكون الرقبة مؤمنة، فيجزئ عنده عتق الكافرة، واشترط الجمهور أن تكون الرقبة مؤمنة، ( )، أي: فمن لم يستطع واحدًا من الثلاثة المتقدمة فعليه أن يصوم ثلاثة أيام متتابعات، واشترط التتابع الحنفية والحنابلة، فإن عجز عن ذلك لمرض، صام عند القدرة، فإن لم يقدر يرجى له عفو الله ورحمته إذا صحت نيته وصدقت عزيمته54.

    ثم إن هذه الثلاثة التي خير الله الناس فيها مترتبة على طريقة الترقي، فالإطعام أدناها، والكسوة أوسطها، والإعتاق أعلاها، ( )، بالله أو بأحد أسمائه وحنثتم، أو أردتم الحنث باليمين، ( )، فلا تبذلوها في أتفه الأمور وأحقرها، ولا تكثروا من الأيمان الصادقة، فضلًا عن الأيمان الكاذبة.

    قال تعالى: ( ) [البقرة: ٢٢٤].

    وإذا حلفتم فلا تنسوا ما حلفتم عليه ولا تحنثوا فيه إلا لضرورة تعرض، أو مصلحة تجعل الحنث رابحًا.

    ( ﯿ )، أي: وعلى هذا النحو الشافي الوافي يبين الله لكم أعلام شريعته وأحكام دينه، ليعدكم ويؤهلكم بذلك55.

    ولا ينعقد اليمين إلا باسم الله تعالى أو بصفة من صفاته، فمن حلف باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته ولم يبر بيمينه فعليه الكفارة، ومن حلف بغير ذلك فهو آثم؛ لأنه عظم المخلوق به وهو غير معظم تعظيم من يحلف به، ولهذا فلا كفارة عليه إهانة للمحلوف به، روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر رضي الله عنهما وهو يسير في ركب ويحلف بأبيه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)56 57.

    واتفق الفقهاء في وجوب كفارة اليمين بالله تعالى إذا حنث فيها، على التخيير بين الإطعام وبين الكسوة وتحرير الرقبة، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام، ثم اختلفوا هل يجب التتابع في الصوم؟ فقال أبو حنيفة وأحمد: يجب، وقال مالك والشافعي: لا يجب، وهو الأصح58.

    ثالثًا: كفارة الظهار:

    ومن الكفارات التي ذكرت في القرآن حفاظًا على الأسرة، ولمنع الظلم عن المرأة كفارة الظهار.

    قال تعالى: ( ﮍﮎ ﮑﮒ ﮡﮢ ﮨﮩ ﮭﮮ ﮱﯓ ) [المجادلة:٣-٤].

    بينت الآية أن المظاهر من زوجته يحرم عليه وطؤها، وإذا عزم على إصابتها وإمساكها فقد وجبت عليه الكفارة، وهي تحرير رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، وهو قول الجمهور، وقال أبو حنيفة: أي رقبة كانت، ( )، المراد بالتماس هنا: الجماع، وبه قال الجمهور، فلا يجوز للمظاهر الوطء حتى يكفر، وقيل: المراد به الاستمتاع بالجماع أو اللمس أو النظر إلى الفرج بشهوة، وبه قال الحنفية ومالك، وهو أحد قولي الشافعي، ( )، أي: ذلكم الحكم، أو ذلكم التغليظ توعظون به؛ لأن الحكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية، فيجب أن تتعظوا بهذا الحكم حتى لا تعودوا إلى الظهار وتخافوا عقاب الله عليه، ( )، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم فهو مجازيكم عليها59.

    ثم ذكر سبحانه حكم العاجز عن الكفارة، فقال: ( )، أي: فمن لم يجد الرقبة في ملكه ولم يتمكن من قيمتها، فعليه صيام شهرين متواليين لا يفطر فيهما، فإن أفطر يستأنف إن كان الإفطار لغير عذر، وإن كان لعذر من سفر أو مرض، فقال أبو حنيفة: إنه يستأنف، وهو مروي عن الشافعي، وقال مالك والشافعي: يبني ولا يستأنف، وهو أصح، وقال أبو حنيفة ومالك: إذا وطئ ليلًا أو نهارًا عمدًا أو خطأ استأنف، وقال الشافعي: لا يستأنف إذا وطئ ليلا؛ لأنه ليس محلا للصوم، وهو أصح60.

    وقوله تعالى: ( )، أي: فإن عجز عن الصوم، لمرض، أو كبر، أو فرط شهوة لا تمكنه من الصبر على الجماع، يجب عليه إطعام ستين مسكينًا، كلُّ مسكين مدٌّ من غالب قوت البلد من حنطة أو شعير أو أرز أو ذرة أو تمر، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لكل مسكين مدان، وهما نصف صاع، وأجاز أبو حنيفة دفع الستين صاعًا لمسكين واحد، ولم يجزئ ذلك عند الجمهور لظاهر الآية، والظاهر من الآية أنه يطعمهم حتى يشبعوا مرة واحدة، أو يدفع إليهم ما يشبعهم، ولا يلزمه أن يجمعهم مرة واحدة، بل يجوز له أن يطعم بعض الستين في يوم وبعضهم في يوم آخر61.

    وقوله تعالى: ( )، أي: ذلك الذي وصفناه من التغليظ في الكفارة لتكونوا مطيعين لله تعالى، واقفين عند حدود الشرع لا تتعدونها، لئلا تعودوا للظهار الذي هو منكر شرعًا وزور وبهتان؛ لأنه يؤدي إلى انفصام عرى الزوجية، والشرع حريص كل الحرص عليها، وسمى التكفير إيمانًا، لأنه طاعة، وتلك حدود الله التي تبين معصيته من طاعته، فالظهار معصية بلا شك، والكفارة له طاعة، وللكافرين بأحكام الشرع عذاب أليم في جهنم، ( )، فلا تجاوزوا حدوده التي حدها لكم، فإنه قد بين لكم أن الظهار معصية، وأن كفارته المذكورة توجب العفو والمغفرة، ()، الذين لا يقفون عند حدود الله ولا يعملون بما حده الله لعباده وسماه كفرًا تغليظًا وتشديدًا، ( )، هو عذاب جهنم 62.

    واتفق الفقهاء على أنه إذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي، فإنه مظاهر لا يحل له وطؤها حتى يقدم الكفارة، وهي عتق رقبة إن وجد، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا63.

    رابعًا: كفارة القتل:

    ومن الكفارات التي نص عليها القرآن الكريم كفارة القتل الخطأ.

    قال تعالى: ( ﭿ ) [النساء: ٩٢].

    أخبر الله تعالى أنه ليس من شأن المؤمن ولا من خلقه أن يقتل أحدًا من المؤمنين، إذ

    الإيمان وهو صاحب السلطان على النفس، والحاكم على الإرادة، والمصرف لها يمنعه أن يجترح هذه الكبيرة عمدًا، لكنه قد يفعل ذلك خطأ، والخطأ ما لا يقارنه قصد إلى الفعل أو الشخص أو لا يقصد به زهوق الروح غالبًا، فهذا هو الاحتمال الوحيد في الحس الإسلامي، وهو الاحتمال الحقيقي في الواقع، فإن وجود مسلم إلى جوار مسلم مسألة كبيرة، ونعمة عظيمة، ومن العسير تصور أن يقدم مسلم على إزالة هذه النعمة عن نفسه والإقدام على هذه الكبيرة عن عمد وقصد64.

    وقد ذكرت الآية ثلاث حالات من القتل الخطأ وهي:

    الحالة الأولى: أن يقع القتل على مؤمن أهله مؤمنون في دار الإسلام.

    قال تعالى: ( ) يعني: ويجب في هذه الحالة تحرير رقبة مؤمنة، ودية تسلم إلى أهله، فأما تحرير الرقبة المؤمنة، فهو تعويض للمجتمع المسلم عن قتل نفس مؤمنة باستحياء نفس مؤمنة، وهي في مال القاتل، وأما الدية فتسكين لثائرة النفوس، وشراء لخواطر المفجوعين، وتعويض لهم عن بعض ما فقدوا من نفع المقتول، والدية: هي المال الواجب بالجناية على الحر في النفس أو فيما دونها ويعطى إلى ورثة المقتول عوضا عن دمه ( ) مؤداة إلى ورثته يقتسمونها كما يقتسمون الميراث، لا فرق بينها وبين سائر التركة في كل شيء، يقضى منها الدين، وتنفذ الوصية وإن لم يبق وارثٌ فهي لبيت المال؛ لأن المسلمين يقومون مقام الورثة، وقد بينتها السنة وحددتها على الوجه الذي كان مقبولا عند العرب.

    فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط، والعصا، مائة من الإبل: منها أربعون في بطون أولادها)65.

    ودية المرأة نصف دية الرجل؛ لأن المنفعة التي تفوت أهل الرجل بفقده أعظم من المنفعة التي تفوت بفقدها، والدية على العاقلة ( ) فيه تلويح لأهل القتيل بالعفو- إذا اطمأنت نفوسهم إليه- لأنه أقرب إلى جو التعاطف والتسامح في المجتمع المسلم66.

    والحالة الثانية: أن يقع القتل على مؤمن وأهله محاربون للإسلام في دار الحرب، قال سبحانه: ( )،يعني: إن كان المقتول خطأ مؤمنا وقومه كفار، فعلى قاتله تحرير رقبة مؤمنة، وليس فيه دية؛ لأن ورثته كفار فلا يرثونه، وحتى لا يستعينون بها على قتال المسلمين، ولا مكان هنا لاسترضاء أهل القتيل وكسب مودتهم، فهم محاربون، وهم عدو للمسلمين67.

    والحالة الثالثة: أن يقع القتل على مؤمن قومه معاهدون عهد هدنة أو عهد ذمة.

    قال جل وعلا: ( ﭿ )، أي: فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة، فلهم دية قتيلهم، فإن كان مؤمنا فدية كاملة، وكذا إن كان كافرًا أيضًا عند طائفة من العلماء، وقيل: يجب في الكافر نصف دية المسلم، وقيل: ثلثها، كما هو مفصل في كتب الأحكام، ويجب أيضًا على القاتل تحرير رقبة مؤمنة، قال ابن عباس: «هذا الرجل يكون معاهدًا ويكون قومه أهل عهد، فتسلم إليهم دية ويعتق الذي أصابه رقبة»، وقدم الدية هنا على تحرير الرقبة على العكس مما جاء في صدر الآية، للإشعار بوجوب المسارعة إلى تسليم الدية حتى لا يتردد القاتل في دفعها إلى غير المسلمين الذين بينهم وبين المسلمين عهد يمنع عدم الاعتداء 68.

    وقوله تعالى: ( ) أي: فمن لم يجد رقبه مؤمنة يعتقها فعليه في هذه الحالة صيام شهرين متواصلين في أيامهما، لا يفرق بينهم فطر، بحيث لو أفطر يوما فيها استأنف من جديد ابتداء الشهرين، إلا أن يكون الفطر بسبب حيض أو نفاس أو مرض يتعذر معه الصوم ( ) أي: قد شرعها لكم، ليتوب عليكم ويطهر نفوسكم من التهاون وقلة التحري التي تفضي إلى القتل الخطأ ( ) أي: وكان الله عليمًا بأحوال النفوس وما يطهرها، حكيما فيما شرعه من الأحكام والآداب التي بها هدايتكم وإرشادكم إلى ما فيه سعادتكم في الدنيا والآخرة 69.

    واتفق الفقهاء أن على المسلم العاقل البالغ قاتل المسلم خطأ الكفارة واجبة على الترتيب، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز عنها صام شهرين متتابعين70.

    المكفر به

    المكفر به في القرآن الكريم ثلاثة أنواع وهي ما يأتي:

    أولًا: الكفارة بالعتق:

    ذكر القرآن الكريم العتق في كفارة القتل واليمين والظهار:

  1. كفارة العتق بالقتل.

    قال تعالى: ( ﭿ ) [النساء: ٩٢].

  2. كفارة العتق باليمين.

    قال سبحانه: ( ﯿ ) [المائدة: ٨٩].

  3. كفارة العتق بالظهار.

    قال جل وعلا: ( ﮍﮎ ﮑﮒ ﮡﮢ ﮨﮩ ﮭﮮ ﮱﯓ ) [المجادلة:٣-٤].

    فيجب إعتاق رقبة مؤمنة في جميع الكفارات عند الجمهور، وأجاز أبو حنيفة إعتاق الرقبة الكافرة في جميع الكفارات إلا كفارة القتل فإن الله قيد الرقبة بالإيمان في كفارة القتل، ومذهب الجمهور: أن المطلق يحمل على المقيد، ولا يجوز إعتاق المرتد في الكفارات بالإجماع، ويشترط أن تكون الرقبة سليمة الرق حتى لو أعتق في الكفارة مكاتبا أو أم ولد أو عبدا اشتراه بشرط العتق أو اشترى قريبه الذي يعتق عليه فكل هؤلاء لا يجزى في إعتاق الكفارة.

    وجوز أصحاب الرأي عتق المكاتب في الكفارة إذا لم يؤد من نجوم الكتابة شيئًا، وجوزوا عتق القريب في الكفارة، ويشترط أن تكون الرقبة سليمة من كل عيب يضر بالعمل، فلا يجزى مقطوع اليد أو الرجل ولا الأعمى ولا الزمن ولا المجنون المطبق ويجوز عتق الأعور والأصم ومقطوع الأذنين والأنف؛ لأن هذه العيوب كلها لا تضر بالعمل، وعند أبي حنيفة كل عيب يفوت جنسا من المنفعة يمنع الجواز، فيجوز عتق مقطوع إحدى اليدين، ولا يجوز عتق مقطوع الأذنين في الكفارة71.

    وهي أغلظ الكفارات وهي قسمان:

    الأولى: واجب حتم على القادر على العتق بملك الرقبة أو ثمنها، ككفارة قتل النفس خطأ، وكفارة الظهار.

    والثانية: واجب مخير فيه وهو كفارة اليمين، فمن حلف يمينا وحنث فيها فكفارته إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة كما قال الله تعالى، وحكمة التخيير ظاهرة72.

    واليوم وقد بطل الرق في العالم كله تقريبًا يجب على من وجب عليه عتق رقبة أن يتصدق بقيمتها إن وجد قيمتها فاضلة عن حاجته73.

    ثانيًا: الكفارة بالمال:

    والمال في الكفارة قد يكون طعامًا أو كسوة، كما في كفارة الحنث في اليمين، أو إطعاما، كما في كفارة الظهار، أو صدقة أو نسك يذبح، كما في كفارة انتهاك محظور من محظورات الإحرام74.

  1. الإطعام في كفارة حلق الرأس للمحرم.

    قال تعالى: ( ) [البقرة: ١٩٦].

    وهو مطلق غير محدد وقد بينته السنة، من حديث كعب رضي الله عنه (إطعام ستة مساكين نصف صاع نصف صاع طعاما لكل مسكين)75.

  2. الإطعام في كفارة اليمين.

    وقدره إطعام عشرة مساكين من وسط طعام الأهل.

    قال سبحانه: ( ﯿ ) [المائدة: ٨٩].

  3. الإطعام في كفارة الظهار.

    ومقداره إطعام ستين مسكين.

    قال جل جلاله: ( ﮍﮎ ﮑﮒ ﮡﮢ ﮨﮩ ﮭﮮ ﮱﯓ ) [المجادلة:٣-٤].

    قال ابن قدامة: «وجملة الأمر، أن قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين، أو نصف صاع من تمر أو شعير، وممن قال: مد بر، زيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، حكاه عنهم الإمام أحمد، ورواه عنهم الأثرم، وعن عطاء، وسليمان ابن موسى، وقال سليمان بن يسار: أدركت الناس إذا أعطوا في كفارة اليمين مدًا من حنطة بالمد الأصغر، مد النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقال أبو هريرة: يطعم مدًا من أي الأنواع كان، وبهذا قال عطاء، والأوزاعي، والشافعي؛ لما روى أبو داود بإسناده عن عطاء، عن (أوس ابن أخي عبادة بن الصامت، أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه- يعني: المظاهر- خمسة عشر صاعا من شعير، إطعام ستين مسكينًا)76.

    وروى الأثرم بإسناده عن أبي هريرة في حديث المجامع في رمضان (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بعرق فيه خمسة عشر صاعًا، فقال: خذه وتصدق به)77.

    وإذا ثبت في المجامع بالخبر، ثبت في المظاهر بالقياس عليه، ولأنه إطعام واجب، فلم يختلف باختلاف أنواع المخرج، كالفطرة وفدية الأذى، وقال مالك: لكل مسكين مدان من جميع الأنواع» 78.

  4. الكسوة في كفارة اليمين.

    والكسوة لا تدخل في غير كفارة اليمين حيث لم ينص عليها إلا في كفارة اليمين، ولا يجزئ في الكفارة أقل من كسوة عشرة مساكين.

    قال سبحانه: ( ﯿ ) [المائدة: ٨٩]79.

  5. الذبح في كفارة انتهاك محظور من محظورات الإحرام.

    قال تعالى: ( ) [البقرة: ١٩٦].

    النسك: جمع نسيكة وهي الذبيحة، أعلاها بدنة وأوسطها بقرة وأدناها شاة 80.

    ثالثًا: الكفارة بالصيام:

    وهي كفارة لانتهاك محظور من محظورات الحج، وكفارة للحنث في اليمين، والقتل الخطأ، والظهار كما يأتي81.

  1. الصوم في كفارة القتل، ومقداره شهران متتابعان.

    قال تعالى: ( ﭿ ) [النساء: ٩٢]82.

  2. الصوم في كفارة الظهار، ومقداره شهران متتابعان.

    قال سبحانه: ( ﮍﮎ ﮑﮒ ﮡﮢ ﮨﮩ ﮭﮮ ﮱﯓ ) [المجادلة:٣-٤].

  3. الصوم كفارة اليمين، ومقداره ثلاثة أيام.

    وذلك بعد العجز عن إعتاق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم.

    قال تعالى: ( ﯿ ) [المائدة: ٨٩].

  4. الصوم في كفارة قتل الصيد وهو محرم.

    قال عز من قائل: ( ﯿ ﰄﰅ ) [المائدة: ٩٥].

    ومقدار الصيام في هذه الكفارة مطلق غير مقيد، ولم يرد بتحديده وتعيينه نص شرعي، وبناء على هذا اختلفت أقوال أهل العلم في تقديره كما سبق في الكلام عن كفارة الصيد.

    قال الشنقيطي: «واعلم أن ظاهر الآية الكريمة أنه يصوم عدل الطعام المذكور، ولو زاد الصيام عن شهرين أو ثلاثة، وقال بعض العلماء: لا يتجاوز صيام الجزاء شهرين، لأنهما أعلى الكفارات، واختاره ابن العربي، وله وجه من النظر، ولكن ظاهر الآية يخالفه»83.

    حكم ومقاصد الكفارات

    من الحكم والمقاصد التي تظهر في الكفارات ما يأتي:

    أولًا: حكم ومقاصد كفارة العتق:

    ومن مقاصد الشريعة الإسلامية حرصها على تعميم الحرية في الإسلام بكيفية منتظمة، فإن الله تعالى لما بعث رسوله بدين الإسلام كانت العبودية متفشية في البشر، وأقيمت عليها ثروات كثيرة.

    وكانت أسبابها متكاثرة: وهي الأسر في الحروب، والتصيير في الديوان، والتخطف في الغارات، وبيع الآباء والأمهات أبناءهم، والرهائن في الخوف، والتداين، فأبطل الإسلام جميع أسبابها عدا الأسر، وأبقى الأسر لمصلحة تشجيع الإبطال، وتخويف أهل الدعارة من الخروج على المسلمين؛ لأن العربي ما كان يتقي شيئا من عواقب الحروب مثل الأسر.

    ثم داوى تلك الجراح البشرية بإيجاد أسباب الحرية في مناسبات دينية جمة: منها واجبة، ومنها مندوب إليها، ومن الأسباب الواجبة الكفارات فقد أوجبه في كفارة القتل الخطأ وكفارة الظهار وكفارة اليمين وغير ذلك كما سبق ذكره، وأوجب سراية العتق، وأمر بالكتابة في قوله تعالى: ( ) [النور: ٣٣].

    ورغب في الإعتاق ترغيبًا شديدًا 84.

    ومن الحكمة في تحرير رقبة مؤمنة، جعل هذا التحرير بدلا من تعطيل حق الله في ذات القتيل، فإن القتيل عبد من عباد الله ويرجى من نسله من يقوم بعبادة الله وطاعة دينه، فلم يخل القاتل من أن يكون فوت بقتله هذا الوصف، وقد نبهت الشريعة بهذا على أن الحرية حياة، وأن العبودية موت فمن تسبب في موت نفس حية كان عليه السعي في إحياء نفس كالميتة وهي المستعبدة85.

    كما أن من الحكمة في تحرير الرقبة المؤمنة، هو تعويض لجماعة المؤمنين؛ لأنه بقتله لمؤمن قد نقص عدد المؤمنين، فكان الواجب أن يعوض ما نقص بعتق رقبة مؤمنة؛ لأن العتق إعطاء الحرية، والحرية كالحياة86.

    ثانيًا: حكم ومقاصد كفارة اليمين:

    من حكم ومقاصد كفارة اليمين أن هذه الكفارة شرعت لمعنى خلقي، وهو صيانة الألسنة عن كثرة الأيمان وإخلافها، والتعرض للمهانة، قال تعالى: ( ) [القلم: ١٠].

    وأيضًا لكيلا يتخذ المؤمنون يمين الله حاجزًا بينهم وبين فعل الخير إن حلفوا، وبدا الخير في غير ما حلفوا عليه، فشرع لهم تلك الكفارة تحلة لأيمانهم، كما جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليأتها، وليكفر عن يمينه) 87 88.

    ثالثًا: حكم ومقاصد كفارة الظهار:

    ومن الحكم والمقاصد في كفارة الظهار أن هذه الكفارة شرعت علاجًا للأسرة، ولمنع الظلم عن المرأة، وهي كفارة من يحرم امرأته على نفسه، ويجعلها كإحدى محارمه من غير إرادة طلاق، وما كان لشريعة القرآن أن تترك المرأة المظلومة فريسة لكلمات ينطق بها اللسان إيذاء وظلمًا، ولا يترك المتكلم بها من غير عقاب لغوًا عابثًا، بل لا بد من رد الحق، وعقاب العابث، فكانت الكفارة.

    وتثبت بقوله تعالى: ( ﮍﮎ ﮑﮒ ﮡﮢ ﮨﮩ ﮭﮮ ﮱﯓ ) [المجادلة:٣-٤].

    كما أن هذه الكفارة فيها إقامة للحياة الزوجية على دعائم من المودة والأنس النفسي من غير إيحاش ولا إعنات؛ لأن النطق بهذه الكلمات وأشباهها يلقي بالجفوة في قلب الزوجة فلا تطمئن إلى زوجها، ولا إلى الحياة الزوجية الكريمة المتوادة؛ ولهذا كانت تلك الكفارة محافظة على هذه المعاني89.

    كما أن من الحكمة في الكفارات أنها زواجر عن مباشرة ما يوجبه، قال تعالى: ( ) [المجادلة: ٣].

    () إشارة إلى الحكم بالكفارة والخطاب للمؤمنين الموجودين عند النزول، أو لهم ولغيرهم من الأمة.

    ( ) أي: تزجرون به عن ارتكاب المنكر، فإن الغرامات مزاجر عن تعاطي الجنايات، والمراد بيان أن المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعريضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذي هو علم في استتباع الثواب العظيم، بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة ما يوجبه 90.

    رابعًا: حكم ومقاصد كفارة القتل الخطأ:

    ومن مقاصد الشريعة الإسلامية في كفارة القتل الخطأ الحفاظ على النفس البشرية، وتربية النفس على الاحتراز من الخطأ، والاحتياط له.

    قال سبحانه: ( ﭿ ) [النساء: ٩٢].

    وقوله تعالى: ( ) أي: كامل العلم كامل الحكمة، ومن حكمته أن أوجب في القتل الدية ولو كان خطأ؛ لتكون رادعة وكافة عن كثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك91.

    ومن حكمته أن وجبت على العاقلة في قتل الخطأ، بإجماع العلماء؛ لكون القاتل لم يذنب فيشق عليه أن يحمل هذه الدية الباهظة، فناسب أن يقوم بذلك من بينه وبينهم المعاونة والمناصرة والمساعدة على تحصيل المصالح وكف المفاسد، ولعل ذلك من أسباب منعهم لمن يعقلون عنه من القتل حذرًا من تحميلهم ويخف عنهم بسبب توزيعه عليهم بقدر أحوالهم وطاقتهم، وخففت أيضا بتأجيلها عليهم ثلاث سنين.

    ومن حكمته أن أوجب الدية تطييبًا لقلوب أهل القتيل حتى لا تقع عداوة ولا بغضاء بينهم وبين القاتل، وتعويضًا عما يفوتهم من المنفعة بقتله، فإذا هم عفوا فقد طابت نفوسهم وانتفى المحذور وكانوا هم ذوي الفضل على القاتل، وقد سمى الله هذا العفو تصدقًا ترغيبًا فيه 92.

    وفي الجملة فإن الكفارات كلها التي جاء بها القرآن فيها معنى العبادة، وفيها صلاح، وفيها تعاون اجتماعي إنساني93.

    أثر الكفارات على الفرد والمجتمع

    تظهر آثار الكفارات في تقويم الفرد والمجتمع على النحو الآتي:

    أولًا: أثر الكفارات على الفرد:

    إن الكفارات لها أثر كبير في ارتباط العبد مع الله تعالى ومراقبته والخوف منه وخشيته في السر والعلانية، وهذه الكفارات تعمل على حماية الفرد من ارتكاب الجريمة والوقوع فيها؛ لأنه دائما يستشعر الجزاء والعقوبة من خلال هذه الكفارة، فتمنع الخوض في الأيمان بالله، وتحافظ على العلاقة الأسرية الحميمة، وتحفظ النفس البشرية، وتؤدى العبادات كما أمر الله تعالى بالقيام بها.

    وقد أدرك الصحابة رضي الله عنهم هذا الأثر العظيم فكانوا يضعون كفارات تمنعهم من التقصير في الواجبات والإخلال فيها، فيذكر أن عمر رضي الله عنه خرج إلى ماله بثمغ ففاتته العصر فقدم المسلمون رجلا فصلى بهم، وأقبل عمر يريد الصلاة فتلقاه الناس راجعين فسألهم، مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: شغلتني ثم شغلتني، لا تكون لي في مال أبدا، أشهدكم أنها صدقة لله94.

    وقد ذكر الله تعالى هذا الأثر العظيم للكفارات.

    قال تعالى في كفارة الظهار: ( ﮍﮎ ﮑﮒ ﮡﮢ ﮨﮩ ﮭﮮ ﮱﯓ ) [المجادلة:٣-٤].

    فقوله تعالى: ( ﮑﮒ ) أي: ذلكم الحكم، أو ذلكم التغليظ توعظون به؛ لأن الحكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية، فيجب أن تتعظوا بهذا الحكم حتى لا تعودوا إلى الظهار وتخافوا عقاب الله عليه، ومن آثار الكفارات: زيادة الإيمان وتقويته.

    قال سبحانه: ( ) [المجادلة: ٤] أي: لتؤمنوا إيمانا كاملًا بتوحيد الله والامتثال لما أمركم الله ورسوله، وتنتهوا عن قول الزور والكذب، وتتبعوا ما حده الدين من حدود، وبينه لكم من فرائض، فلا تشوبوا أعمال الإيمان بأعمال أهل الجاهلية، وهذا زيادة في تشنيع الظهار، وتحذير للمسلمين من إيقاعه فيما بعد، أو ذلك النقل من حرج الفراق بسبب قول الظهار إلى الرخصة في عدم الاعتداد به وفي الخلاص منه بالكفارة؛ لتيسير الإيمان عليكم.

    فهذا في معنى قوله تعالى: ( ) [الحج: ٧٨] وسمى الله تعالى التكفير إيمانا لأنه طاعة، وتلك حدود الله التي تبين معصيته من طاعته، فالظهار معصية بلا شك والكفارة له طاعة، وللكافرين بأحكام الشرع عذاب أليم في جهنم 95.

    ومن آثار الكفارات: أنها رادعة وكافة عن كثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك96.

    ثانيًا: أثر الكفارات على المجتمع:

    ومن آثار الكفارة: أنها تعمل على إحياء روح التكافل الاجتماعي لما فيها من حقوق تكفل الفقراء والمساكين وتسد كثيرًا من احتياجاتهم اليومية كالطعام والكسوة، وهذا يعمق روح المحبة والأخوة في المجتمع المسلم، وتقوي الروابط الاجتماعية من حيث كونها حقا من حقوق المساكين، وذلك لكونها متنوعة، ككفارة الظهار، وكفارة اليمين، وكفارة صيد الحرم، كما أنها تعد ضمانًا اجتماعيًا وموردًا اقتصاديًا لا ينقطع لهذه الشريحة الفقيرة من المجتمع.

    كما أنها عملت على القضاء على الرق بصورة طبيعية مع الزمن، لأن إلغاءه دفعة واحدة كان يؤدي إلى هزة لا ضرورة لها، وإلى فساد في المجتمع أمكن اتقاؤه، وقد ذكر القرآن الكريم أهمية ذلك في آيات أخر، قال تعالى: ( ) [البلد: ١١ - ١٦] وفي الجملة فإن الكفارات كلها التي جاء بها القرآن فيها معنى العبادة، وفيها صلاح، وفيها تعاون اجتماعي إنساني97.

    ومن آثار الكفارة: محو الذنب وتغطيته، كما أنها تجبر ما لحق بالعبادة من نقص كما في كفارة الحج فالحلق من محظورات الحج فجاءت الكفارة لجبر هذا الخلل، ومن آثار الكفارة: أنها تعمل على صيانة الأسرة في المجتمع الإسلامي من التفكك وحماية للأبناء من التشرد، كما أن الصوم وهو نوع من الكفارة، يعد مدرسة تهذب الخلق، وتربي النفس، وتُقَوِّم ما أعوج من تربية الفرد، ومن الآثار في كفارة القتل: أنها توقظ في نفس الإنسان كرامة الإنسان وقدره وقيمته الدينية.

    قال تعالى: ( ) [الإسراء: ٧٠] وهكذا تنتقل خصال الكفارة بين فائدة المجتمع، وفائدة الرجل نفسه 98.

    موضوعات ذات صلة:

    الحج، الحدود، الصيام، القسم، الوفاء


1 انظر: مختار الصحاح، الرازي ص ٢٧١، الكليات، الكفوي ص ٧٦٣، تاج العروس، الزبيدي ١٤/٥٠.

2 مقاييس اللغة ٥/١٩١.

3 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٥/١٤٨، تاج العروس، الزبيدي ١٤/٦٢.

4 التوقيف على مهمات التعاريف ص ٢٨٢.

5 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص٦١٠- ٦١٣.

6 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/١٩١.

7 لسان العرب، ابن منظور ٥/١٤٤ بتصرف يسير.

8 انظر: الصحاح، الجوهري ٦/٢٤٥٣، مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/٤٨٣، تاج العروس، الزبيدي ٣٩/٢٢٣.

9 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٦٢٧، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٤/١٧٧، التعريفات، الجرجاني ص ١٦٥، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ٢٥٨.

10 انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع، ابن عثيمين ٧/٢٠٠.

11 انظر: الصحاح، الجوهري ٦/٢٥٢١، لسان العرب، ابن منظور ١٥/٣٨٣، تاج العروس، الزبيدي ٤٠/١٧٨.

12 انظر: الجنايات في الفقه الإسلامي، عبد القادر عودة ص ٣٣٧.

13 انظر: المنتقى شرح الموطأ، الباجي ٧/١٠٧.

14 انظر: الصحاح، الجوهري ٢/٧٤٤، مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/٣١١، الكليات، الكفوي ص ٣١٤.

15 انظر: التشريع الجنائي الإسلامي، عبد القادر عودة ١/٦٨٥.

16 انظر: أنوار البروق في أنواء الفروق، القرافي ٢/٢٠٦.

17 انظر: الكليات، الكفوي ص ٣٩١، تاج العروس، الزبيدي ٨/٦.

18 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ٨٣، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ١٣٧.

19 انظر: أنوار البروق في أنواء الفروق، القرافي ٢/٢٠٦.

20 انظر: القاموس الفقهي، سعدي أبو جيب ص ١٢٥.

21 انظر: البحر المديد، ابن عجيبة ٧/٣٣٦، اللمع في أصول الفقه، الشيرازي ص ١٨، المهذب في علم أصول الفقه المقارن، النملة ١/١٦٢، الموسوعة الفقهية الكويتية ١/١٢٨.

22 انظر: أحكام القرآن، الجصاص ٢/٥٩٥، أحكام القرآن، ابن العربي ٢/١٥٧.

23 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١٩٤، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٧/٨٨.

24 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٩١.

25 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ٥٥، الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة، زكريا الأنصاري ص ٦٩.

26 انظر: اللمع في أصول الفقه، الشيرازي ص ١٨.

27 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٤١، اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ١٨/٥٢٨.

28 انظر: معالم التنزيل، البغوي ١/٢٥٠، أضواء البيان، الشنقيطي ٥/١٢١.

29 انظر: البحر المديد، ابن عجيبة ٧/٣٣٦.

30 انظر: المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ٣١٢.

31 انظر: المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ٣١٢.

32 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفرائض، باب إثم من تبرأ من مواليه، رقم ٦٧٥٩، ٨/١٥٤، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب فضل المدينة، رقم ١٣٧٠، ٢/٩٩٥.

33 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٤٢، معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية عاتق الحربي ص ٥١.

34 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٦٧، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٦/٣٠٧، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٧/٨٦، تفسير المراغي ٧/٣٢، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٤٢، أضواء البيان، الشنقيطي ١/٤٣٨.

35 انظر: التفسير الوسيط، طنطاوي ٤/٢٩٥.

36 انظر: تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٧/٨٨، تفسير المراغي ٧/٣٢، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٤٢.

37 موطأ مالك، كتاب الحج، باب الحكم في الصيد، ١/٣٥٦.

38 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/٧٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١٩٤، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٤٢.

39 انظر: التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي ١/٢٤٤، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١٩٤، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٤٢.

40 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١٩٤، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٧/٨٨، تفسير المراغي ٧/٣٢ التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٤٢، التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ٤/٤٠.

41 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/٧٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٧/٤٢، تفسير الشعراوي ٦/٣٤٠٢.

42 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/٧٩، صفوة التفاسير، الصابوني ١/٣٣٧.

43 انظر: الإجماع، ابن المنذر ص ٥٣، اختلاف الأئمة العلماء، ابن هبيرة ١/٣٠٦، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ابن رشد ٢/١٢٣، المجموع شرح المهذب، النووي ٧/٣٢٠، المغني، ابن قدامة ٣/٤٣٧.

44 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٥/٢٩٦، أنوار التنزيل، البيضاوي ١/١٢٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٥٣٠، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٩٠.

45 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب الإطعام في الفدية نصف صاع، رقم ١٨١٦، ٣/١٠، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، رقم ١٢٠١، ٢ /٨٦١.

46 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٩١.

47 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٩١، التفسير الوسيط، طنطاوي ١/٤٢٣، التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية، علي صبح ص ١٠٦.

48 انظر: تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٢/١٨٠، تفسير المراغي ٢/٩٨.

49 انظر: الإجماع، ابن المنذر ص ٥٢، مراتب الإجماع، ابن حزم ص ٤٤.

50 موطأ مالك، ٢/٤٧٧، كتاب النذور والأيمان، باب اللغو في اليمين.

51 انظر: تفسير المراغي ٧/١٥.

52 انظر: أحكام القرآن، الجصاص ٢/٥٧٣، لباب التأويل، الخازن ٢/٧٤، غرائب القرآن، النيسابوري ٣/١٠، تفسير المراغي ٧/١٥، تفسير آيات الأحكام، السايس ص ٣٨٨.

53 انظر: مدارك التنزيل، النسفي ١/٤٧١، لباب التأويل، الخازن ٢/٧٤، تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٧/٣٢، تفسير المراغي ٧/١٥.

54 انظر: المصادر السابقة.

55 انظر: تفسير المراغي ٧/١٦.

56 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، رقم ٦٠٨، ٨/٢٧، ومسلم في صحيحه، كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، رقم ١٦٤٦، ٣/١٢٦٦.

57 انظر: بيان المعاني، العاني ٥/١٨٦.

58 انظر: اختلاف الأئمة العلماء، ابن هبيرة ٢/٣٨٣.

59 انظر: الكشاف، الزمخشري ٤/٤٨٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٣٩، نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، محمد صديق ص ٤٣٣، تفسير آيات الأحكام، السايس ص ٧٣٥.

60 انظر: روح المعاني، الألوسي ١٤/٢٠٩، نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، محمد صديق ص ٤٣٤.

61 انظر: أحكام القرآن، الطحاوي ٢/٤٠٣، نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، محمد صديق ص ٤٣٤، الجدول في إعراب القرآن، محمود صافي ٢٨/١٦٦.

62 انظر: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، محمد صديق ص ٤٣٤، التفسير الواضح، محمد حجازي ٣/٦٣٠.

63 انظر: اختلاف الأئمة العلماء، ابن هبيرة ٢/١٨٦.

64 انظر: تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٥/٢٧٠، تفسير المراغي ٥/١٢٠، في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٧٣٥.

65 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الديات، باب في دية الخطأ شبه العمد، رقم ٤٥٤٧، ٤/١٨٥، والنسائي في سننه، كتاب القسامة،كم دية شبه العمد، رقم ٤٧٩١، ٨/٤٠، وابن ماجه في سننه، كتاب الديات، باب دية شبه العمد مغلظة، رقم ٢٦٢٧، ٢/٨٧٧.

وصححه الألباني في الإرواء ٧/٢٥٦.

66 انظر: تفسير السمرقندي ١/٣٢٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٩٥، الكشاف، الزمخشري ١/٥٤٩، تفسير المراغي ٥/١٢٠، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/١٦٠، في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٧٣٥.

67 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٩٥، تفسير المراغي ٥/١٢١، في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٧٣٦.

68 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/٥١٩، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٩٥، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٧٦، في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٧٣٦، التفسير الوسيط، طنطاوي ٣/٢٥٩.

69 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٥٥، تفسير المراغي ٥/١٢٢، التفسير الوسيط، طنطاوي ٣/٢٦٠.

70 انظر: مراتب الإجماع، ابن حزم ص ١٤٠، اختلاف الأئمة العلماء، ابن هبيرة ١/٢٥١.

71 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/٧٣، تفسير آيات الأحكام، السايس ص ٧٣٥.

72 انظر: تفسير المنار، محمد رشيد رضا ١١/٢٣٨، توفيق الرحمن في دروس القرآن، فيصل النجدي ٤/٣١٤.

73 انظر: التشريع الجنائي الإسلامي، عبد القادر عودة ١/٦٨٤.

74 انظر: الإعجاز التشريعي في الكفارات، مازن هنية ص ٥١.

75 انظر: سبق تخريجه.

76 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطلاق، باب في الظهار، رقم ٢٢١٨، ٢/٢٦٧، والبيهقي في السنن الكبرى، رقم ١٥٢٨٦، ٧/٦٤٣.

وصححه الألباني في صحيح أبي داود، الأم ٦/٤٢٠.

77 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصوم، باب كفارة من أتى أهله في رمضان، رقم ٢٣٩٣، ٢/٣١٤، وأحمد في مسنده، رقم ٦٩٤٤، ١١/٥٣٣.

وصححه الألباني في صحيح أبي داود، الأم ٧/١٥٨.

78 المغني، ابن قدامة ٨/٣٠.

79 انظر: التشريع الجنائي الإسلامي، عبد القادر عودة ١/٦٨٤.

80 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٢/١٠١، التفسير الوسيط، الواحدي ١/٢٩٨

81 انظر: الإعجاز التشريعي في الكفارات، مازن هنية ص ٥١.

82 انظر: التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ونماذج منه، أحمد الزهراني ص ١١٢.

83 أضواء البيان ١/٤٤٤.

84 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/١٥٨، أضواء البيان، الشنقيطي ٣/٣٠.

85 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/١٥٨.

86 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٧٣٥، المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ٣١٤.

87 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها، أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه، رقم ١٦٥٠، ٣/١٢٧١.

88 انظر: المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ٣١٤.

89 انظر: المصدر السابق.

90 انظر: روح المعاني، الألوسي ١٤/٢٠٧.

91 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٩٣.

92 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٩٣، في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٧٣٥، المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ٣١٤، تفسير المراغي ٥/١٢١.

93 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٧٣٥، المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ٣١٤.

94 انظر: الزهد، أبو داود ص ٧٩.

95 انظر: تفسير المراغي ٢٨/٨ التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/٢٢، التفسير الواضح، محمود حجازي ٣/٦٣٠.

96 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٩٣.

97 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ١/٢٣٠، الموسوعة القرآنية خصائص السور، جعفر شرف الدين ٢/١١٣، الإعجاز التشريعي في الكفارات، مازن هنية ص ٥٦.

98 انظر: دراسات في علوم القرآن، فهد الرومي ص ١٤٠، روائع البيان، الصابوني ٢/٥٣٥.