عناصر الموضوع

مفهوم الفقه

الفقه في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

الفقه نعمة ربانية

نسبة الفقه للقلوب

مجالات الفقه

وسائل تحصيل الفقه

موانع الفقه

أثر الفقه الصحيح على الفرد والأمة

الفقه

مفهوم الفقه

أولًا: المعنى اللغوي:

يدل أصل مادة (فقه) على إدراك الشيء والعلم به، تقول: فقهت الحديث أفقهه، وكل علمٍ بشيءٍ فهو فقهٌ، ثم اختص بذلك علم الشريعة، فقيل لكل عالمٍ بالحلال والحرام: فقيهٌ1.

والفقه: العلم في الدين، يقال: فقه الرجل يفقه فقهًا فهو فقيهٌ، وفقه يفقه فقهًا إذا فهم، وأفقهته: بينت له، والتفقه: تعلم الفقه2.

والفقه: العلم بالشيء والفهم له، وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم، كما غلب النجم على الثريا3.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

قال الجرجاني: الفقه: في الاصطلاح: «هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، وقيل: هو الإصابة والوقوف على المعنى الخفي الذي يتعلق به الحكم، وهو علم مستنبط بالرأي والاجتهاد، ويحتاج فيه إلى النظر والتأمل»4، والفقه: هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد، فهو أخص من العلم 5.

الفقه في الاستعمال القرآني

وردت مادة (فقه) في القرآن الكريم (٢٠) مرة 6.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل المضارع

٢٠

( ﯥ ﯦ ) [طه:٢٧-٢٨]

وجاء الفقه في الاستعمال القرآني بمعناه في اللغة، وهو إدراك الشيء والعلم به7.

الألفاظ ذات الصلة

العلم:

العلم لغةً:

نقيض الجهل، والمعرفة، واليقين، والعلامة: النسابة، وهو من العلم8، ويقال: «علمت الشيء أعلمه علمًا:عرفته»9.

العلم اصطلاحًا:

عرفه الجرجاني: «العلم:هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، ونقل عن الحكماء فقال:هو حصول صورة الشيء في العقل»10.

الصلة بين العلم والفقه:

الفقه هو العلم، وهو العلم النافذ الذي يخترق العوائق لإدراك لب الدين11.

الفهم:

الفهم لغة:

العلم بالشيء ومعرفته12.

وفي لسان العرب:الفهم معرفتك الشيء، وهو حسن تصور المعنى13.

الفهم اصطلاحًا:

هو تصور الشيء من لفظ المخاطب، والقدرة على التفسير والشرح وإدراك المعلومات التي تعرض، أو إدراك ما يعنيه شخص بالقول أو بالعمل أو بالاستنباط14.

الصلة بين الفهم والفقه:

الفقه والفهم بمعنى واحد15.

الإدراك:

الإدراك لغةً:

أدرك المعنى بعقله:فهمه وتصوره عقله على الوجه الصحيح16.

الإدراك اصطلاحًا:

قال الجرجاني: « الإدراك:إحاطة الشيء بكماله»17.

الصلة بين الإدراك والفقه:

الإدراك يكون من خلال الإحاطة بالشيء بكماله، ولا يشترط ذلك في الفقه.

الاستنباط:

الاستنباط لغةً:

كلمة تدل على استخراج شيء. واستنبطت الماء:استخرجته18.

الاستنباط اصطلاحًا:

هو استخراج ما خفي من النص بطريق صحيح19.

الصلة بين الاستنباط والفقه:

الاستنباط كالفقه يحتاج إلى فهم وتدبر، إلا أن الإستنباط فيه مبالغة وشدة عنه في الفقه.

الجهل:

الجهل لغة:

ضد العلم، والجهالة:أن تفعل فعلًا بغير علم، وجهلت الشيء:إذا لم تعرفه20.

الجهل اصطلاحًا:

«أن تعتقد الشيء على خلاف ما هو عليه»21.

الصلة بين الجهل والفقه:

الجهل نقيض العلم أي عدم العلم بالشيء، وأما الفقه فيعني العلم به.

الفقه نعمة ربانية

كثير من الناس يعاني من سقم الفهم للقضايا والأحداث والأشخاص، فيقع بسبب ذلك في أخطاء الحكم على الآخرين، أو التفسير للمواقف والأحداث، وإذا كان سوء الفهم سببًا في كثير من الأخطاء
والخلافات، فإن حسن الفهم، وصحته
من أهم أسباب سلامة الموقف، والبعد عن الخلافات.

إن فهم ما يقول غيرنا ضروري لتحديد الموقف الصحيح منهم، وهذا يحتاج إلى عمق التفكير وصدق التأمل، وعدم التسرع في الحكم على الأشياء، وفي حياتنا اليومية مواقف محتدمة لا سبب لاحتدامها إلا سوء الفهم للموقف، أو الرأي، أو الكلمة، مع ما يصحب ذلك ويتبعه من سوء الظن، وعدم سلامة الصدر.

قال ابن القيم: «صحة الفهم وحسن القصد من اعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده بل ما اعطي عبد عطاء بعد الاسلام أفضل، ولا أجل منهما بل هما ساقا الإسلام وقيامه عليهما، وبهما يأمن العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدهم، وطريق الضالين الذين فسدت فهومهم، ويصير من المنعم عليهم الذين حسنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا أن نسأل الله أن يهدينا صراطهم في كل صلاة.

وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، ويمده حسن القصد، وتحري الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية»22.

قال الله تعالى: (ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الأنبياء:٧٩]

لن ينسى التاريخ الإنساني الدور القيادي العظيم والجهاد والتضحيات للرسل والأنبياء عليهم السلام، فلولاهم لكان الناس في حيرة وضلال، ونزاع مستمر واقتتال، ربما أدى إلى انقراض النوع البشري، وكان من فضل الله وإنعامه: أنه أعد هؤلاء الصفوة القادة إعدادا رائعا خاصا، ليكونوا أهلا للقيادة، وأسوة حسنة للبشرية، وأمدهم بنعم كثيرة، فضلا عن نعمة النبوة والرسالة، منها الحكم والقضاء بين الناس، والعلم والمعرفة السديدة، وعزة النفس وقوة الإرادة، ووسائل الكسب الشريف.

ومن هذه النعم على داود وسليمان عليهما السلام قضية الحكم في رعي راع زرع قوم، في جنح الليل، وكان الله عالما تام العلم بالقضاء والمقضي فيه، شاهدًا بما حكم به داود وسليمان، لا تخفى عليه خافية، وكان القضاء صادرا من الأب داوود، والابن سليمان، اللذين كان كل منهما ملكًا عدلًا، نبيًا، يحكم بالحق بين الناس.

واتجه كل من داوود وسليمان في حكمه وجهة معينة من النظر السديد، فإن داوود عليه السلام قضى بتملك الغنم لصاحب الزرع، وسليمان عليه السلام قضى بتسليم الغنم مدة عام إلى صاحب الحرث (الزرع) ينتفع بألبانها وأولادها وأصوافها، وتسليم الزرع للراعي، يستفيد مما تنتجه الأرض، ويتعهدها بالسقاية والخدمة، حتى يعود الزرع إلى ما كان عليه قبل الرعي، وكان قضاء سليمان أولى وأرفق وأحكم23.

وقال الله تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الإسراء:٤٥-٤٦].

يبين المولى عز وجل في هذه الآيات كيف حرم الكفار من نعمة الفهم بسبب كفرهم بالله، وعدم إيمانهم فبين سبحانه أنه يحمي نبيه صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة الذين كانوا يؤذونه، في وقت قراءته القرآن وصلاته في المسجد الحرام، ويريدون مد اليد إليه، فلا تخف أيها النبي، فإنك إذا قرأت القرآن على هؤلاء المشركين الذين لا يصدقون بالآخرة، جعلنا بينك وبينهم حجابًا مستورًا، أي حائلًا حاجزًا، يمنع قلوبهم من فهم القرآن وتدبر آياته، ومستورًا على أعين الخلق، فلا يدركه أحد برؤية كسائر الحجب بقدرة الله وكفايته، وجعلنا على قلوبهم أغطية، بحيث لا يتسرب إليها فهم مدارك القرآن، ومعرفة أسراره وغاياته، وجعلنا في آذانهم ثقلًا، أو صمما يمنع من سماع الصوت، وهذه كلها استعارات للإضلال الذي حفهم الله به، فعبر عن كثرة ذلك وعظمه بأنهم بمثابة من غطي قلبه، وصمت أذنه، والإضلال بسبب الضلال الذي سلكوه، وساروا في فلكه بغيًا وعنادًا24.

وقال الله تعالى: (ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ) [المجادلة:١١].

لا شبهة أن للعالم منزلة عظيمة عند الله لا تكون لغيره، كما قال تعالى: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [الزمر:٩].

ولذلك فإنه يقتدي بالعلم في كل أفعاله، ولا يقتدى بغير العالم؛ لأنه يعلم من كيفية الاحتراز عن الحرام والشبهات، ومحاسبة النفس مالا يعرفه الغير، ويعلم من كيفية الخشوع والتذلل في العبادة مالا يعرفه غيره، ويعلم من كيفية التوبة وأوقاتها وصفاتها مالا يعرفه غيره، ويتحفظ فيما يلزمه من الحقوق مالا يتحفظ منه غيره25.

عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكان منها نقيةٌ، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفةً أخرى، إنما هي قيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تنبت كلًا، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به) 26.

قال الإمام البغوي: «فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل مثل العالم كمثل المطر، ومثل قلوب الناس فيه، كمثل الأرض في قبول الماء، فشبه من تحمل العلم والحديث، وتفقه فيه بالأرض الطيبة، أصابها المطر فتنبت، وانتفع بها الناس، وشبه من تحمله ولم يتفقه بالأرض الصلبة التي لا تنبت، ولكنها تمسك الماء، فيأخذه الناس، وينتفعون به، وشبه من لم يفهم، ولم يحمل بالقيعان التي لا تنبت، ولا تمسك الماء، فهو الذي لا خير فيه» 27.

قال ابن القيم: «ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:

أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما.

والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه، أو على لسان قوله في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر؛ فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرًا؛ فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله، كما توصل شاهد يوسف بشق القميص من دبر إلى معرفة براءته وصدقه28.

وكما توصل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بقوله للمرأة التي حملت كتاب حاطب ما أنكرته: (لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها)29. إلى استخراج الكتاب منها 30.

وعن أبي جحيفة، قال: قلت لعلي بن أبي طالبٍ: هل عندكم كتابٌ؟ قال: (لا، إلا كتاب الله، أو فهمٌ أعطيه رجلٌ مسلمٌ، أو ما في هذه الصحيفة، قال: قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلمٌ بكافرٍ) 31.

وهنالك ضوابط يتحقق بها الفهم الصحيح، حينما يحرص عليها الإنسان سيكون قادرًا على الإفادة من هذه النعمة العظيمة في حياته، ومن تلك الضوابط:

  1. الجهاد فرض كفاية، وليس فرض عين، إذ لو نفر الكل لتعطلت مصالح الأمة، وتضررت الأسر والأولاد، فليخرج فريق من المسلمين للجهاد، وليقم فريق يتفقهون في الدين، ويحفظون الحريم، ويصونون مصلحة البلاد، حتى إذا عاد النافرون أعلمهم المقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع.
  2. وجوب طلب العلم، والتفقه في القرآن والسنة، وهو فرض على الكفاية لا على الأعيان بدليل قوله تعالى: (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [النحل:٤٣]، وعن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضةٌ على كل مسلمٍ)75. والطائفة وإن أطلقت على الاثنين والواحد في اللغة، فلا شك إن المراد بها هنا جماعة لقوله تعالى: (ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) فجاء بضمير الجماعة، ولأن العلم لا يتحصل بواحد في الغالب.
  3. يجب أن يكون المقصود من التفقه والتعلم دعوة الخلق إلى الحق، وإرشادهم إلى الدين القويم والصراط المستقيم لأن الآية أمرت بإنذارهم إلى الدين الحق، وعليهم أن يحذروا الجهل والمعصية، ويرغبوا في قبول الدين، فغرض المعلم الإرشاد والإنذار، وغرض المتعلم اكتساب الخشية.

    وطلب العلم ينقسم قسمين:

    • فرض على الأعيان؛ كالصلاة والزكاة والصيام.
    • وفرض على الكفاية؛ كتحصيل الحقوق وإقامة الحدود والفصل بين الخصوم ونحوه.

      وطلب العلم فضيلة عظيمة، ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل، عن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين) 76.

      وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاءً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافرٍ) 77 78.

      ٢. التفكر والتدبر.

      ومنه قوله تعالى: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [ص:٢٩].

      القرآن فيه خير كثير، وعلم غزير، فيه كل هدى من ضلالة، وشفاء من داء، ونور يستضاء به في الظلمات، وكل حكم يحتاج إليه المكلفون، وفيه من الأدلة القطعية على كل مطلوب، ما كان به أجل كتاب طرق العالم منذ أنشأه الله.

      أنزله الله ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود.

      وأولو العقول الصحيحة، يتذكرون بتدبرهم لها كل علم ومطلوب، فدل هذا على أنه بحسب لب الإنسان وعقله يحصل له التذكر والانتفاع بهذا الكتاب79.

      ٣. الجد والاجتهاد.

      ومنه قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [مريم:١٢].

      أى: يا يحي خذ الكتاب بجد واجتهاد، وتفهم لمعناه على الوجه الصحيح، وتطبيق ما اشتمل عليه من أحكام وآداب، فإن بركة العلم في العمل به، وأعطيناه بقدرتنا وفضلنا فهم الكتاب، والعمل بأحكامه80.

      ومنه قوله تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [العنكبوت:٦٩].

      أي: الذين هاجروا في سبيل الله، وجاهدوا أعداءهم، وبذلوا مجهودهم في اتباع مرضاته، لنرشدهم إلى الطرق الموصلة إلينا.

      دلت الآية على أن أحرى الناس بموافقة الصواب أهل الجهاد، وعلى أن من أحسن فيما أمر به أعانه الله ويسر له أسباب الهداية، وعلى أن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل مطلوبه أمور إلهية، خارجة عن مدرك اجتهاده، وتيسر له أمر العلم، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله، بل هو أحد نوعي الجهاد، الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق، وهو الجهاد بالقول واللسان، للكفار والمنافقين، والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى رد نزاع المخالفين للحق، ولو كانوا من المسلمين81.

      ٤. الدعاء.

      ومنه قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [طه:١١٤].

      ولما كانت عجلته صلى الله عليه وسلم على تلقف الوحي ومبادرته إليه تدل على محبته التامة للعلم وحرصه عليه أمره الله تعالى أن يسأله زيادة العلم، فإن العلم خير وكثرة الخير مطلوبة وهي من الله والطريق إليها الاجتهاد والشوق للعلم وسؤال الله والاستعانة به والافتقار إليه في كل وقت82، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: (اللهم فقهه في الدين) 83.

      ٥. التخلي عن الذنوب والمعاصي.

      ومنه قوله تعالى: (ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [البقرة:٢٨٢].

      أي: واتقوا الله في جميع ما أمركم به ونهاكم عنه، وهو سبحانه يعلمكم ما فيه صلاح حالكم في الدارين وحفظ أموالكم، ولولا هديه لكم لم تعلموا شيئا، وهو العليم بكل شىء، فإذا شرع شيئًا من الأحكام فإنما يشرعه عن علم محيط بأسباب درء المفاسد، وجلب المصالح لمن اتبع شرعه وهداه84.

      جاء في تفسير الماتريدي: « علم الموهبة، ويقصد به العلم اللدني الرباني، قال تعالى: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الكهف:٦٥].

      الذي يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم، ويفتح قلبه لفهم أسراره، قال تعالى: (ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ) [البقرة:٢٨٢].

      فهو ثمرة التقوى والإخلاص، ولا ينال هذا العلم من كان في قلبه بدعة أو كبر أو حب للدنيا أو ميل إلى المعاصي، قال تعالى: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [الأعراف:١٤٦].

      وما أجمل قول الشافعي رحمه الله:قال الإمام الشافعي رضي الله عنه ورحمه:

      شكوت إلى وكيع سوء حفظـي فأرشدني إلى ترك المعاصي

      وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي»85.

      موانع الفقه

      لا شك أن الفقه نعمة من الله عز وجل لا يعطاها إلا من أخلص العبادة لله والتزم الطاعات واجتنب المحرمات، ولهذا ينبغي لمن أراد الحصول على الفقه والفهم أن يبتعد عن كل أسباب وموانع الفقه وهي كثيرة ومتعددة يمكن أن نجملها في الأمور الآتية:

      ١. الكفر.

      إن أعداء الإسلام من كفار ومشركين في كل زمان ومكان قد حرموا من نعمة الفقه والفهم؛ لأنهم يعادون الله ويحاربون أوليائه ظنًا منهم أنهم بهذا يحققون السعادة لأنفسهم من خلال استغلال ثروات بلاد المسلمين واستعمارها، وقد غفل هؤلاء أن الحرب على الله ورسله هي حرب خاسرة وأن معيشتهم ستكون ضنكا، كما قال تعالى: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [طه:١٢٤].

      وقال تعالى: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [الأنفال:٦٥].

      يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال، وحثهم عليه حثًا شديدًا حتى يبذلوا النفس والنفيس في سبيل الله طيبة نفوسهم بهذا، وذلك ببيان فضيلة الجهاد وأنهم ينتظرون في الجهاد إحدى الحسنيين:إما الشهادة، ويا لها من شرف!! وإما الغنيمة والنصر. واعلموا أن الواجب عليكم أن الواحد يقاتل عشرة من الكفار، إذ هناك فرق شاسع بين من يقاتل عن عقيدة ثابتة ونفس مطمئنة، وبين من يقاتل مكرها أو مأجورا أو لغرض دنيوى بسيط.

      إن يكن منكم عشرون صابرون محتسبون أجرهم عند الله يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة صابرة على هذا الشرط يغلبوا ألفًا من الذين كفروا بالله وبرسوله، ولم يؤمنوا بالبعث والجزاء، ذلك بسبب أنهم قوم لا يفقهون الأسرار الحربية ونظامها الذي يكفل النجاح، وهم قوم لا يفقهون عن عقيدة وحجة، ثم هم لا يؤمنون بالبعث86.

      ثم نسخت هذه الآية بقوله تعالى في الآية التي تليها: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [الأنفال:٦٦].فأصبح على المجاهد أن يثبت أمام اثنين.

      وقال تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [المنافقون:٣].

      تبين الآية كيف أن المنافقين حين ارتدوا عن الإيمان وأصبحوا كافرين حرموا من نعمة الفقه، أي:ما نعي عليهم من مساوئهم بأنهم آمنوا، أي:ظاهرًا ثم كفروا، أي:سرًا (فطبع على قلوبهم) أي: ختم عليها بما مرنوا عليه من التلون والتذبذب ورسوخ الهيئات المنكرة، فحجبوا عن الحق فهم لا يفقهون، أي:حقية الإيمان، وحكمة الرسالة والدين87.

      ٢. النفاق.

      إن ظاهرة النفاق من أخبث الظواهر وشرها لما يشكله المنافقون من خطر على الإسلام من حيث مشابهتم للكفار في كفرهم والزيادة عليهم في أنهم يخادعون الله والذين آمنوا، كما قال تعالى: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [البقرة:٨-٩].

      وقال الله تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ) [المنافقون:٧].

      وهذا من شدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين لما رأوا اجتماع أصحابه وائتلافهم، ومسارعتهم في مرضاة الرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا بزعمهم الفاسد:لولا أموال المنافقين ونفقاتهم عليهم، لما اجتمعوا في نصرة دين الله، وهذا من أعجب العجب، أن يدعى هؤلاء المنافقون الذين هم أحرص الناس على خذلان الدين، وأذية المسلمين، مثل هذه الدعوى، التي لا تروج إلا على من لا علم له بحقائق الأمور فبين تعالى أنه يؤتي الرزق من يشاء، ويمنعه من يشاء، وييسر الأسباب لمن يشاء، ويعسرها على من يشاء، ولكن المنافقين لا يفقهون فلذلك قالوا تلك المقالة، التي مضمونها أن خزائن الرزق في أيديهم، وتحت مشيئتهم88.

      وقال الله تعالى: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [التوبة:١٢٧].

      وإذا أنزلت سورة قرآنية فيها فضيحة أسرارهم، تعجبوا وتأملوا وتسللوا من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وتلفتوا متغامزين قائلين:هل يراكم الرسول أو المؤمنون إذا خرجتم؟! ثم ينصرفون عن طريق الاهتداء، ويتولون عن الحق، فهذا حالهم في الدنيا لا يثبتون عند الحق ولا يقبلونه ولا يفهمونه، ولا يفهمون شيئًا عن الله ولا عن رسوله، ومن أعرض عن ساحة الإيمان والخير، أعرض الله عنه، وصرف الله قلوبهم عن الحق والإيمان، وعن الخير والنور، وهذا إما دعاء عليهم به، أو إخبار عن أحوالهم، وذلك الصرف الإلهي بسبب أنهم قوم لا يفهمون الآيات التي يسمعونها، ولا يريدون فهمها، ولا يتدبرون فيها حتى يفقهوا، بل هم في شغل عن الفهم ونفور منه89.

      وقال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [التوبة:٨٧].

      وإذا كان أولو الطول والسعة والقوة في أبدانهم قد قالوا (ﰄ ﰅ ﰆ )، ولا تستنفرنا في جهادك الذي بعدت فيه الشقة، وعظمت فيه المشقة، فقد(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)، والخوالف جمع خالفة، وهي المرأة المتخلفة عن الجهاد، ويطلق على ما لا خير فيه، أي أنهم رضوا أن يكونوا كالنساء القاعدات في البيوت، والأشياء التي لا خير فيها ولا منفعة، أي رضوا بحياة الدعة والاسترخاء ولو كان معها الذلة، وتركوا حياة الكد والتعب ولو كان فيها العزة.

      وقال تعالى: (ﭖ ﭗ) أي أنه بهذه الحال وأخواتها، مما فروا فيها من الجهاد فرار الجبناء، فسدت نفوسهم، وأغلقت قلوبهم عن حب الخير والعيش الكريم، وبني للمجهول للإشارة إلى الأسباب المتراكمة التي توالت على نفوسهم، وطبعتها على النفاق، فطبع مع النفاق الذلة والاستهزاء والكذب، وإخلاف الوعد، وإن مدوا أعناقهم للذلة.

      إن النفاق يولد الجبن، والجبن يولد المذلة والكذب وكل قبائح النفس، ولذا قال تعالى: (ﭙ ﭚ ﭛ) و (الفاء) تفيد ترتب ما بعدها على ما قبلها؛ لأن طبع القلب على النفاق يفسد الفكر، فلا ينظر إلى عواقب الأمور، ولا ما تنتهي إليه، وأعيد الضمير في قوله تعالى: () لتأكيد وصفهم، وثبوت حالهم، والفقه كما ذكرنا هو العلم بلباب الأمور وغايتها، فهم لم يعرفوا أن موقفهم لو سلك المؤمنون مسلكه لذلوا، ولذهبت ربحهم، ولم يدركوا أنهم بما يفعلون يقون أنفسهم من مشقة الجهاد، ولكن يكونون مهينين في الدنيا، وتنالهم جهنم وبئس المصير90.

      ٣. الطبع على القلوب.

      قال الله تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [الأنعام:٢٥].

      والمعنى والمقصد من هذه الآية أن مشركي مكة كانوا في أعجز موقف، حين حاولوا رد الحق القرآني بالدعوى المجردة، ومنهم فريق كانوا يستمعون للنبي صلى الله عليه وسلم وهم في أشد حالات الغباء وصمم الآذان، يرون الآيات الناطقة بالحق فلا يؤمنون بها، وإذا جاؤوا للمجادلة أي المقابلة في الاحتجاج، قابلوا بدعوى مجردة فارغة من البرهان المقبول، والعقل السليم لأن الله تعالى-بسبب عنادهم وإصرارهم على شركهم-جعل على قلوبهم أغطية لئلا يفقهوا القرآن، وفي آذانهم ثقلا أو صمما عن السماع النافع لهم.

      فمهما رأوا من الآيات البينات والبراهين الصادعة بالحق لا يؤمنوا بها، وصاروا بلا فهم ولا إنصاف، وإذا جاؤوا يحاجون النبي ويناظرونه في الحق وفي دعوته، قالوا قولًا تافهًا: ما هذا الذي جئت به إلا مأخوذ من أخبار الأولين وأقاصيصهم التي تسطر وتحكى ولا تحقق كالتواريخ، وما هي إلا نوع من خرافات وأباطيل القدماء، وهم بهذا الموقف اللاعقلاني والدعائي بمجرد الأقاويل المبطلة، ينهون الناس عن اتباع الحق الأبلج وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم والانقياد للقرآن، ويبعدون هم عنه، فيجمعون بين الفعلين القبيحين، لا ينتفعون، ولا يتركون غيرهم ينتفع91.

      وقال تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [الإسراء:٤٦].

      أي: صيرنا وأنشأنا أكنة تكون غلافا مانعا قلوبهم عن أن تدرك وتصل إلى النور، وفي آذانهم صمما وثقلا فيها يمنعها من أن تستمع إلى القرآن الحق، فالأكنة تمنع أن يفقهوه؛ لأن غلافا وضع بينها وبين النور، فلم تفقه أي لم تدرك وتتدبر في بلاغته، ومعانيه، وقصصه، وعبره، وما فيه من نور الحق فلا تراه، وجعلنا في آذانهم وقرا عن سماع القرآن وتذوق ألفاظه ونغمه، وجمال عباراته ونسق بيانه.

      وإذا ذكرت ربك الذي خلقك وخلقهم وربهم وحده من غير ذكر آلهتهم على أنه المتفرد وحده بالألوهية اعتراهم إعراض أشد، فأعرضوا سائرين على أدبارهم نافرين من الحق، يسارعون بالتولي والإعراض نافرين مدبرين، سائرين بظهورهم لا بإقبالهم، وهذا النص يصور شخصًا رأى شيئًا فهاله ما رأى فولى مدبرًا، رجع مدبرًا نافرًا كأنه رأى شيئًا مخيفًا، اقشعر له بدنه، وهذا يصور مقدار نفورهم من التوحيد الحق، وإقبالهم على الوثنية الباطلة، فالأوهام التي استكنت في نفوسهم صورت لهم الحق مخوفا مرهوبا، والباطل طيبا حسبوا فيه السلامة وما وراءه إلا الحسرة والندامة وساء ما كانوا يصنعون92.

      وقال الله تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [الكهف:٥٧].

      أي: لا أحد أشد ظلمًا ممن وعظ بآيات ربه الواضحة، فانصرف عنها إلى باطله، ونسي ما قدمته يداه من الأفعال القبيحة فلم يرجع عنها، إنا جعلنا على قلوبهم أغطية، فلم يفهموا القرآن، ولم يدركوا ما فيه من الخير، وجعلنا في آذانهم ما يشبه الصمم، فلم يسمعوه ولم ينتفعوا به، وإن تدعهم إلى الإيمان فلن يستجيبوا لك، ولن يهتدوا إليه أبدًا93.

      ٤. عجمة اللسان.

      قال الله تعالى: (ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [الكهف:٩٣].

      قال المفسرون: ذهب ذو القرنين متوجهًا من المشرق، قاصدًا للشمال، فوصل إلى ما بين السدين، وهما سدان، كانا سلاسل جبال معروفين في ذلك الزمان، سدًا بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، وجد من دون السدين قومًا، لا يكادون يفقهون قولًا لعجمة ألسنتهم، واستعجام أذهانهم وقلوبهم، وقد أعطى الله ذا القرنين من الأسباب العلمية، ما فقه به ألسنة أولئك القوم وفقههم، وراجعهم، وراجعوه، فاشتكوا إليه ضرر يأجوج ومأجوج، وهما أمتان عظيمتان من بني آدم94.

      قال الشعراوي في تفسيره: « أي:لا يعرفون الكلام، ولا يفقهون القول؛ لأن الذي يقدر أن يفهم يقدر أن يتكلم، وهؤلاء لا يقولون كلامًا، ولا يفهمون ما يقال لهم، ومعنى: (ﯟ ﯠ) لا يقربون من أن يفهموا، فلا ينفي عنهم الفهم، بل مجرد القرب من الفهم، وكأنه لا أمل في أن يفهمهم، لكن يكف نفى عنهم الكلام، ثم قال بعدها مباشرة: (ﯤ ﯥ ﯦ) [الكهف:٩٤]. فأثبت لهم القول؟

      يبدو أنه خاطبهم بلغة الإشارة، واحتال على أن يجعل من حركاتهم كلامًا يفهمه وينفذ لهم ما يريدون، ولا شك أن هذه العملية احتاجت منه جهدًا وصبرًا حتى يفهمهم ويفهم منهم، وإلا فقد كان في وسعه أن ينصرف عنهم بحجة أنهم لا يتكلمون ولا يتفاهمون، فهو مثال للرجل المؤمن الحريص على عمل الخير، والذي لا يألو جهدًا في نفع القوم وهدايتهم.

      والإشارة أصبحت الآن لغة مشهورة ومعروفة، ولها قواعد ودارسون يتفاهمون بها، كما نتفاهم نحن الآن مع الأخرس»95.

      ولهذا ينبغي على الداعية أن يحسن الكلام، وأن يكون الكلام مطابقًا لواقع الحال كما هو مفهوم البلاغة.

      ولهذا نجد أن نبيينا صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم كما جاء في الحديث عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فضلت على الأنبياء بستٍ: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأرسلت إلى الخلق كافةً، وختم بي النبيون) 96.

      (جوامع الكلم): القرآن، جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني97.

      أثر الفقه الصحيح على الفرد والأمة

      ما من شك في أن للفقه الصحيح أثرًا كبيرًا وفعالًا على الفرد والأمة، ولهذا نجد أن أول آيات القرآن نزولًا، كانت دعوة صريحة للقراءة والعلم والتعلم، كما قال تعالى (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [العلق:١-٥].

      وما يستتبع ذلك من تطبيق لما نتعلمه ونتوصل إليه، وآثار ذلك على الفرد والأمة.

      ومن هذه الآثار:

    1. الاستقام والمسؤلية الفردية، قال الله تعالى: (ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [الإسراء:١٥].
    2. عدم الاغترار بالدنيا والركون إليها، قال الله تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الحديد:٢٠]
    3. تبني مجتمعًا موحدًا ومتماسكًا ومستقيمًا، قال الله تعالى: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [الإسراء:٤٤].
    4. الفقه الصحيح يشعر الإنسان أن الكون كله مسبح لله مما يدفعه إلى التمسك بهذا الدين، قال الله تعالى: ( ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [الإسراء:٤٤]
    5. ترسخ مفهوم القضاء والقدر، كما قال تعالى: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ) [النساء:٧٨].
    6. الفقه الصحيح يشعر الإنسان أن ما أخطأه لم يكن يصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطؤه فلا يجزع، قال الله تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [التوبة:٥١]
    7. ترسخ مفهوم المساواة، كما قال تعالى: ( ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [الأنعام:٩٨].
    8. الفقه الصحيح يرسخ مفهوم المساواة بين الشعوب من حيث الإنسانية فكلنا خلقنا من آدم عليه السلام، قال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [النساء:١]
    9. الصبر والثبات عند ملاقاة الأعداء، كما قال تعالى: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [الأنفال:٦٥].
    10. الفقه الصحيح يزرع في نفس الإنسان الشجاعة والصبر والثبات عند ملاقاة الأعداء، قال الله تعالى: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [الأنفال:١٥]
    11. الفقه الصحيح يحذر من التخلف، والتقاعس عن فريضة الجهاد، ومحاربة أعداء الله، كما قال تعالى: (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [التوبة:٨١]، وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [التوبة:٨٧].
    12. البذل والعطاء بلا خوف ولا وجل، كما قال تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [المنافقون:٧].
    13. الفقه الصحيح يدفع صاحبه إلى البذل والعطاء في سبيل الله دون خشية من فقر أو عوز، كما قال تعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [البقرة:٢٦١]
    14. نشر العلم بين أبناء المجتمع، كما قال تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [التوبة:١٢٢].
    15. الفقه الصحيح يدعو إلى العلم والتعلم، وبيان فضل العلماء وعظيم أجرهم عند الله، كما قال تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [المجادلة:١١].

      موضوعات ذات صلة:

      الجاهلية، الحكمة، السؤال، العلم


1 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/ ٤٤٢.

2 انظر: العين، الفراهيدي ٣/ ٣٧٠، تهذيب اللغة، الأزهري ٥/ ٢٦٣

3 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٣/ ٥٢٢، الصحاح، الجوهري ٦/ ٢٢٤٣، المخصص، ابن سيده ١/ ٢٦٠، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ٢/ ٦٩٨.

4 التعريفات، الجرجاني ص ١٦٨.

وانظر: الإبهاج في شرح المنهاج، البيضاوي ١/ ٢٨، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، تاج الدين السبكي ص ٢٤٤.

5 انظر: المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصبهاني ص ٦٤٢- ٦٤٣.

6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٥٢٥.

7 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس، ٤/٤٤٢.

8 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٢/٤١٨، لسان العرب، ابن منظور ٤/٣٠٨٣.

9 الصحاح، الجوهري ٥/١٩٩٠.

10 التعريفات ص ١٩١.

11 انظر: زهرة التفاسير ٧/ ٣٤٨٤.

12 انظر: المعجم العربي الأساسي، ص ٩٥٣.

13 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٢/٤٥٩.

14 مفاتيح الغيب، الرازي ١/٤٢٠.

15 انظر: الصحاح، الجوهري ٦/ ٢٢٤٣.

16 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ١/ ٧٤٠.

17 التعريفات ص ١٤.

18 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/٣٨١.

19 انظر: مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر، مساعد الطيار ص١٦٠.

20 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١١/١٢٩، النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٣/٣٢٢.

21 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٢٠٩.

وانظر: العين، الفراهيدي ٣/٣٩٠.

22 انظر: إعلام الموقعين، ابن القيم ١/ ٦٩.

23 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي ٢/ ١٦٠٢.

24 انظر: المصدر السابق ٢/ ١٣٥٣.

25 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٩/ ٤٩٤.

26 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب فضل من عَلِم وعَلم، ١/ ٢٧، رقم ٧٩، ومسلم في صحيحه، كتاب القضائل، باب مثل ما بغث به النبي صلى الله عليه وسلم، رقم ٢٢٨٢، ٤/ ١٧٨٧.

27 انظر: شرح السنة ١/ ٢٨٩.

28 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٣٩٦.

29 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس، ٤/ ٥٩، رقم ٣٠٠٧، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أهل بدر، ٤/ ١٩٤١، رقم ٢٤٩٤.

30 انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم ١/ ٦٩.

31 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب كتابة العلم، رقم ١١١، ١/ ٣٣.

32 انظر: التفسير الميسر، مجمع الملك فهد، ص١٧٤.

33 تفسير المراغي ٩/ ١١٣- ١١٤.

34 الكشاف ٢/ ١٧٩.

35 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٩/ ١٧١.

36 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/ ٣٩٤.

37 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٩/ ٢٣٥.

38 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٥٩٣.

39 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من استبرأ لدينه، ١/ ٢٠، رقم ٥٢، ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم ١٥٩٩، ٢/١٢١٩.

40 انظر: شرح صحيح البخارى، ابن بطال ١/١١٧.

41 جامع العلوم والحكم، ابن رجب ١/ ٢١٠.

42 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/ ٤٥٥.

43 انظر: المنتخب في تفسير القرآن الكريم، لجنة من علماء الأزهر ص ٦١.

44 في ظلال القرآن، سيد قطب ٤/ ٢٢١٥.

45 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي ١/ ٥٣٩.

46 المصدر السابق ١/ ٩٣٤.

47 انظر: زهرة التفاسير، أبو زهرة ٨/ ٤٣٩٣- ٤٣٩٤.

48 انظر: التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص ٣٠٠.

49 تفسير الشعراوي ١٤/ ٨٩٤٤.

50 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التعبير، باب المفاتيح في اليد، ٩/٣٦، رقم ٧٠١٣، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، ، ١/ ٣٧١، رقم ٥٢٣.

51 انظر: أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي ٣/ ١٤٦.

52 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٥٠٤.

53 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/ ٢٨٢.

54 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٢٩٣.

55 انظر: التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص ٢٢٨.

56 انظر: المنتخب في تفسير القرآن الكريم ص ٦٢.

57 مفاتيح الغيب، الرازي ٩/ ٤٥٨.

58 أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب الرقائق، باب التوبة، رقم ٦٢٠، ٢/ ٣٨٦.

وجود إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة، ١/١٤٧.

59 انظر: التفسير الحديث، عزة دروزة ٤/ ٤٣٣.

60 انظر: نظم الدرر، البقاعي ٧/ ١٤٣- ١٤٥.

61 انظر: أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي ٢/ ١٧٤.

62 التفسير الواضح، محمد حجازي ٣/ ٧٥٤- ٧٥٥.

63 انظر: التفسير الوسيط، طنطاوي ١٤/ ١٣٦.

64 انظر: في ظلال القرآن ٦/ ٣٤٥٢- ٣٤٥٣.

65 انظر: التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص٥٨٤.

66 انظر: المصدرالسابق ص ٤٠١.

67 انظر: أوضح التفاسير ص ٣٣.

68 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٩٢.

69 انظر: التفسير الميسر ص ١٢٢.

70 انظر: زهرة التفاسير، أبو زهرة ١٠/ ٥١٧٥.

71 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب الإستئذان، ٣/١٦٩٦، رقم ٢١٥٤.

72 انظر: صفوة التفاسير، الصابوني ١/ ٤٦١.

73 انظر: التفسير الواضح، حجازي ٢/ ٣٠.

74 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٥٥.

75 أخرجه ابن ماجه في سننه، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم ٢٢٤، ١/٨١.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/٧٢٧، رقم ٣٩١٣.

76 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، رقم ١٠٣٧، ٢/ ٧١٨.

77 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب العلم، باب ما جاء في فضل العلم على العبادة، رقم ٢٦٨٤، ٥/ ٤٨.

78 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ١١/ ٧٨-٨٠.

79 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٧١٢.

80 انظر: التفسير الوسيط، الطنطاوي ٩/ ٢٠.

81 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٦٣٦.

82 انظر: المصدر السابق ص ٥١٤.

83 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء، باب وضع الماء عند الخلاء، ١/ ٤١، رقم ١٤٣.

84 انظر: تفسير المراغي ٣/ ٧٧.

85 تأويلات أهل السنة، الماتريدي ١/ ٢٧٥.

86 انظر: التفسير الواضح، حجازي ١/ ٨٤٣.

87 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٩/ ٢٣٥.

88 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٨٦٥.

89 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي ١/ ٩٣٤.

90 انظر: زهرة التفاسير، أبو زهرة ٧/ ٣٤٠٣.

91 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي ١/ ٥٣٩.

92 انظر: زهرة التفاسير، أبو زهرة ٨/ ٤٣٩٣.

93 انظر: التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص ٣٠٠.

94 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٤٨٦.

95 تفسير الشعراوي ١٤/ ٨٩٨٨.

96 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التعبير، باب المفاتيح في اليد، ٩/٣٦، رقم ٧٠١٣، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، ، ١/ ٣٧١، رقم ٥٢٣.

97 انظر: شرح النووي على مسلم ٥/ ٥.