عناصر الموضوع

مفهوم الفلاح

الفلاح في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

منزلة الفلاح

أسباب الفلاح

صفات المفلحين

موانع الفلاح، وأسباب حرمانه

ثواب المفلحين

الفلاح

مفهوم الفلاح

أولًا: المعنى اللغوي:

أصل مادة (فلح) تدل على معنيين:

أحدهما: يدل على شقٍ.

والآخر: على فوزٍ وبقاء 1.

فمن إطلاقات المعنى الأول: الفلح: الشق والقطع. والفلح: الشق في وسط الشفة السفلى، فيقال: رجلٌ أفلح، وامرأةٌ فلحاء. وسمي الأكار فلاحا؛ لأنه يشق الأرض، ومنه قولهم: إن الحديد بالحديد يفلح2، والفلح: النجش، وهو زيادة المكتري ليزيد غيره فيغر به3.

ومن إطلاقات المعنى الثاني: الفلاح: البقاء في الخير، وفلاح الدهر: بقاؤه. ومنه (حي على الفلاح) أي: هلم على بقاء الخير4، وقيل: الفوز بالبقاء الدائم5. وقيل: النجاة6.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

الفلاح اصطلاحًا: اسمٌ جامع للظفر بالمطلوب، والنجاة من المرهوب7.

فلفظ الفلاح إذًا يعم كل فلاح في الدنيا والآخرة، ومن ثم لم يكن «في كلام العرب كلمة أجمع لخير الدنيا والآخرة من كلمة الفلاح»8.

الفلاح في الاستعمال القرآني

وردت مادة (فلح) في القرآني الكريم (٤٠) مرة 9.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٤

( ) [المؤمنون:١]

الفعل المضارع

٢٣

( ) [الأنعام:٢١]

اسم الفاعل

١٣

( ) [البقرة:٥]

وجاء الفلاح في الاستعمال القرآني بمعنى البقاء والفوز والسعادة10، قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ) [المؤمنون: ١]. أي: «قد أدرك الذين صدقوا الله ورسوله الخلود في جنات ربهم، وفازوا بطلبتهم لديه»11. وقال ابن كثير: «قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح»12.

الألفاظ ذات الصلة

الفوز:

الفوز لغة:

الفاء والواو والزاء كلمتان متضادتان. فالأولى النجاة والأخرى الهلكة، فمن الأولى قولهم: فاز يفوز، إذا نجا، وهو فائز، وفاز بالأمر: إذا ذهب به وخلص، ويقال هذا لمن ظفر بخير وذهب به، والكلمة الأخرى قولهم: فوز الرجل، إذا مات وهلك 13.

الفوز اصطلاحًا:

«الظفر بالخير مع حصول السلامة» 14.

الصلة بين الفوز والفلاح:

الفوز قريب لمعنى الفلاح، إلا أن لفظ الفلاح يختص بنوع من الفوز: وهو الفوز بالأمر العظيم الذي يغتبط به15، ويتطلب اجتهاد في تحصيله، ويلحظ فيه معنى البقاء والدوام.

النصر:

النصر لغة:

النون والصاد والراء أصلٌ صحيحٌ يدل على إتيان خيرٍ وإيتائه. ونصر الله المسلمين: آتاهم الظفر على عدوهم16.

النصر اصطلاحًا:

العون. ويختص لفظ النصر بأنه إعانة في مقابل العدو المتربص، إما بالظفر عليه، وإما بدفع مضرته17.

وقيل: هو الفوز والغلبة على الأعداء.

الصلة بين النصر والفلاح:

أن النصر أخص من الفلاح؛ فالنصر الظفر على العدو، والفلاح أعم من ذلك.

النجاة:

النجاة لغة:

«أصل النجاء: الانفصال من الشيء، ومنه: نجا فلان من فلان وأنجيته، ونجيته»18. فالنجاة هي الخلاص من كل مخوفٍ مرهوبٍ ونظيرها السلامة19.

النجاة اصطلاحًا:

لا يخرج عن معناه اللغوي.

الصلة بين النجاة والفلاح:

النجاة جزء من معنى الفلاح، المشتمل على الظفر بالمحبوب والسلامة من المرهوب.

منزلة الفلاح

تنوعت أساليب القرآن الكريم في الحديث عن منزلة الفلاح، والترغيب في تحصيله، ومن ذلك:

  1. ذكر الأسباب التي تعين على تحصيل الفلاح.

    قال جل وعز: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [القصص: ٦٧].

    وقوله سبحانه: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [الحج: ٧٧].

  2. التنويه بصفات عباد الله المفلحين.

    قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [المؤمنون: ١ -١١].

  3. التنويه بذكر الثواب العظيم المقارن للفلاح في الدنيا والآخرة.

    قال سبحانه: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة: ٥].

    وقال تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [التوبة: ٨٨].

  4. ذكر نماذج مشرقة ممن اتصفوا بصفات الفلاح.

    كالصحابة رضي الله عنهم عمومًا، ويلحق بهم من صنع صنيعهم ممن جاء بعدهم. قال جل ثناؤه : (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [ا لأعراف: ١٥٧ ].

    وكالأنصار خصوصًا، وذلك في قوله تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [الحشر: ٩].

  5. الترهيب من الأعمال التي تمنع من تحقق الفلاح، وتكون سببًا من أسباب حرمانه.

    قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋﮌ) [الأنعام: ١٣٥].

    وقوله: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [طه: ٦٩].

  6. التخويف من نقيض وصف الفلاح ومقابله وهو الخيبة والخسران في الدنيا والآخرة.

    قال تعالى: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ) [المؤمنون: ١٠٢ -١٠٣].

    وقال جل وعز: (ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [الأعراف: ٨-٩].

  7. التخويف من الآثار السيئة لمخالفة بعض أسباب الفلاح، كالاختلاف والفرقة والتنازع.

    قال سبحانه: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [آل عمران: ١٠٤-١٠٥].

    أسباب الفلاح

    الأسباب: جمع سبب، وهو كل شيء يتوصل به إلى غيره20. والمقصود به هنا الأعمال التي توصل إلى تحقيق الفلاح بإذن الله، وهي على ضربين: أعمال القلوب وأعمال الجوارح.

    أولًا: أعمال القلوب:

    وهي حركة القلب وإرادته الموافقة لما استقر فيه من العلم والتصديق21.

    وضرب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لذلك مثالًا بقوله: «فأما قول القلب: فهو التصديق الجازم بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ويدخل فيه الإيمان بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم... وهذا التصديق يتبعه عمل القلب، وهو حب الله ورسوله، وتعظيم الله ورسوله، وتعزير الرسول، وتوقيره، وخشية الله، والإنابة إليه، والإخلاص له، والتوكل عليه، إلى غير ذلك من الأحوال، فهذه الأعمال القلبية كلها من الإيمان، وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد إيجاب العلة للمعلول»22.

    ومن أعمال القلوب التي جعلها الله جل ثناؤه سببًا في تحقق أصل الفلاح وكماله:

    ١. الإيمان.

    وهو السبب الأعظم في كل فلاح دنيوي وأخروي، فكلما قوي الإيمان في قلب العبد واستحكم، كلما كمل فلاحه، وقد ذكر هذا السبب في موضعين من القرآن الكريم، وجاء ذكره فيهما في سياقين مختلفين:

    السياق الأول: ذكر فيه الإيمان المطلق، والمراد به الدين جميعه، فهو بمعنى الإسلام، ويدخل فيه حينئذ الأعمال الظاهرة والباطنة. وذلك في قوله تعالى: (ﭒ ﭓ) [المؤمنون: ١].

    والسياق الثاني: ذكر فيه الإيمان مقرونًا بالعمل الصالح، في قوله جل ثناؤه : (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [القصص: ٦٧].

    والمراد به أصل الإيمان في القلب، وهو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره23.

    وقد نص الله جل وعز في مواطن من كتابه الكريم على بعض أصول هذا الإيمان بمفردها، وعلق عليها تحقق ذلك الفلاح، ومنها:

  8. الإيمان بالغيب.

    فقال تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة: ٣-٥].

    والمقصود به التصديق بكل ما غاب عن العبد مما لا تدركه الحواس ولا العقول وحدها؛ لأنه لا يعرف إلا بوحي الله إلى رسله، ومن ذلك ما أخبر الله به في كتابه العزيز، من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، والإيمان بالحياة بعد الممات24.

  9. الإيمان بالكتب المنزلة على المرسلين.

    قال تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة: ٤-٥].

    والمعنى أي: يصدقون بما جئت به من الله جل وعز، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم، ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم25.

    وقد أمر الله جل ثناؤه بذلك فقال: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [النساء: ١٣٦].

    وأخبر تبارك وتعالى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين، آمنوا بهذا الأصل العظيم، (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [البقرة: ٢٨٥].

    وفي قرن المؤمنين هنا بالرسول صلى الله عليه وسلم، والإخبار عنهم جميعا بخبر واحد، شرف عظيم للمؤمنين26.

  10. الإيمان باليوم الآخر.

    قال تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة: ٤-٥].

    والآخرة: اسم لما يكون بعد الموت، واليقين: هو العلم التام الذي لا يتطرق إليه شك. والمعنى: يوقنون بكل ما أعده الله لخلقه يوم القيامة، فهم موقنون بالبعث والقيامة، والجنة، والنار، والحساب، والميزان، والثواب والعقاب. وخص الإيمان باليوم الآخر بالذكر مع دخوله في عموم الإيمان بالغيب، والإيمان بما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أحد أركان الإيمان؛ وأعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل27.

  11. الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، ونصرته، وإتباع ما جاء به.

    قال تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [الأعراف: ١٥٧].

    اشتملت هذه الآية على أربعة أفعالٍ، هي من أسباب حصول الفلاح في الدنيا والآخرة، وهي:

    تصديق النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، والإقرار بنبوته، وتوقيره وتعظيمه، ونصرته على من يعاديه، ويلحق به تعظيم سنته صلى الله عليه وسلم ونصرتها، ثم إتباع القرآن وما تضمنه من شرائع الإسلام التي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم.

    وفي هذه الآية أيضًا تنويه بعظيم فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم؛ لأنهم أول وأعظم من تحققت فيهم هذه الصفات، ويلحق بهم من نصر دينه من بعدهم28.

    ويدخل تحت هذا الأصل من أصول الإيمان: التسليم الكلي، والانقياد التام ظاهرًا وباطنًا لحكم الله جل ثناؤه ، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [النور: ٥١].

    فإن من صفات المؤمنين الصادقين، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم، أنهم حين يدعون إلى ما جاء في كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم بذلك، سواء وافق ذلك الحكم أهواءهم، أم خالفها = يقولون: (ﯲ ﯳ)، سمعنا حكم الله ورسوله، وأجبنا من دعانا إليه، وأطعنا طاعة تامة، سالمة من الحرج، وبدون أدنى تردد أو تباطؤ29. وهذا شرط الإيمان، قال جل وعز: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ) [النساء: ٦٥].

    ٢. التقوى.

    وهي أن يجعل العبد بينه وبين ما يخشاه من غضب ربه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك، بفعل كل ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، وترك كل ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم30.

    وقد تكرر هذا السبب خمس مرات، في سياقات متنوعة:

  1. تقوى الله في مجانبة عادات الجاهلية، وخطوات المبتدعين الذين زادوا في الحج ما ليس من شرع إبراهيم عليه السلام31، قال تعالى: (ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [البقرة: ١٨٩].
  2. تقوى الله في مجانبة ما حرمه الله من المعاملات، قال تعالى: ( ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [آل عمران: ١٣٠].
  3. تقوى الله في ملازمة الصبر، والجهاد في سبيل الله، قال تعالى: (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [آل عمران: ٢٠٠].
  4. تقوى الله في ملازمة فعل الطاعات، وترك المحرمات، والجهاد في سبيل الله، قال عز وجل: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [المائدة: ٣٥].
  5. تقوى الله في مجانبة كل ما كان صفته الخبث والرداءة، والخسة والفساد، من الاعتقادات، والأقوال، والأعمال القبيحة، والنفوس الخبيثة، والأموال المحرمة32، قال جل ثناؤه: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [المائدة: ١٠٠].

    وتقوى الله لما كانت جماع كل خيرٍ، وكانت تجمع حقوق الله وحقوق العباد؛ علق الفلاح عليها في جميع هذه الآيات تعلق الـمسبب بسببه؛ إيذانًا بأن تحقق التقوى سببٌ في تحقق الفلاح، وأن العبد كلما جاهد نفسه، واجتهد في تحقيق تقوى مولاه، كان فلاحه أكمل، وسعادته أعظم.

    ٣. الصبر والمصابرة.

    الصبر من خصال الخير عظيمةٌ، التي لا يعلم جزاءها إلا الله، قال تعالى: (ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ) [الزمر: ١٠].

    من هدي إليه فقد هدي إلى خير عظيم، قال جل ثناؤه: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [فصلت: ٣٥].

    وقد جاء في موطنٍ واحدٍ تعليق الفلاح على مجموعة أمورٍ منها الصبر والمصابرة، وذلك في قوله تعالى: (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ)[ آل عمران: ٢٠٠].

    والمراد بالصبر هنا الصبر على جميع معاني طاعة الله جل ثناؤه، فيما أمر به، وفيما نهى عنه، فيدخل فيه الصبر على الجهاد، والصبر على الصلوات وفرائض الإسلام، والصبر على المصائب، والصبر على فعل الخير. فلا يدع ذلك الدين، وتلك الطاعة لشدةٍ تعتريه ولا لرخاء حتى يأتيه اليقين. أما المصابرة فهي مصابرة أعداء الله، أهل الكفر والضلال، مع النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته، حتى يتحقق موعود الله، بإعلاء كلمته ودينه، والظفر والنصر لعباده للمؤمنين، والخزي لأعدائهم33.

    ٤. مطالعة آلاء الله ونعمائه34.

    وهو من الذكر القلبي الذي يدخل تحت عموم قوله سبحانه: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الأعراف: ٦٩].

    إذ علق الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة على تذكر نعم الله والتفكر فيها، وفي ذلك سرٌ لطيفٌ، وهو أن ذكر النعم، وإدامة النظر فيها، واستشعار عظمتها، يبعث في النفس تعظيم الـمنعم سبحانه، ومحبته، والخضوع له، والمداومة على شكره بالقلب واللسان والجوارح، فتقابل تلك النعم حينئذٍ بالطاعات.

    ٥. التوبة.

    وقد علق الفلاح بالتوبة تعلق المسبب بسببه في موضعين اثنين، وتنوع المراد بالتوبة في هاتين الآيتين لتنوع الخطاب والسياق القرآني فيهما:

    أولًا: التوبة من الشرك: وجاء ذلك في آية مكية كان الخطاب فيها للمشركين، قال جل ثناؤه: ( ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ)[القصص: ٦٤-٦٧ ].

    فذكر تعالى في هذه الآية: صورة التوبة التامة، التي يكون فيها الجمع بين ترك القبيح، وتحري الجميل35. فهو جمع بين ترك الشرك، وبين الإيمان وإخلاص العبادة لله، مع قيامه بالعمل الصالح.

    ثانيًا: التوبة من التقصير والغفلة36، التي لا يسلم منها إنسانٌ، وجاء ذلك في آيةٍ مدنية، كان الخطاب فيها لأهل الإيمان، فقال عز من قائل: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [النور: ٣١].

    فخاطب الله تعالى خيار خلقه أن يتوبوا إليه؛ بالرجوع إلى طاعته سبحانه في امتثال ما أمر به، وترك ما نهى عنه، وبالرجوع مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا، إلى ما يحبه الله ظاهرًا وباطنًا. وفي خطاب المؤمنين وأمرهم بالتوبة الدليل على أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة، وفي قوله: (ﯻ ﯼ ﯽ)، الحث على الإخلاص في أن تكون التوبة لله وحده، لا لأجل مقاصد فاسدة كالسلامة من آفات الدنيا، أو رياء وسمعة، أو نحو ذلك37.

    ٦. الإخلاص.

    وقد جاء في سياق آيات الفلاح في القرآن الكريم التنبيه على مثال له: بالإخلاص في النفقة، فقال عز من قائل: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [الروم: ٣٨].

    وذلك بأن يتوخى المسلم بنفقته -يوم يعطي ويطعم- إرضاء الرب جل ثناؤه، والطمع فيما عنده، فلا الرياء مقصده ولا السمعة، ولا الفخر باعثه ولا الشهرة، ولا مكافأة يد سابقة، قال جل ثناؤه: (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [الليل: ١٧- ٢٠].

    إنما يبغي بذلك كله وجه الله، لا يريد جزاءً ولا شكورا، قال جل وعز: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [الإنسان: ٨-٩].

    ٧. الخشوع.

    وقد علق الفلاح عليه في موطن واحد، في قوله جل ثناؤه : (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [المؤمنون: ١-٢].

    والخشوع في الصلاة إنما يتحصل لـمن فرغ قلبه للصلاة، واشتغل بها عما عداها، فأحضر قلبه بين يدي مولاه، واستحضر قربه وعظمته جل جلاله، وتدبر جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقل التفاته، فتنتفي بذلك الخواطر والأفكار الرديئة38.

    وإنما ذكر الخشوع مع الصلاة؛ لأنه بها أعلق، فهي أولى الحالات بإثارة الخشوع وقوته؛ ولذلك قدم هذا الوصف على بقية أوصاف المؤمنين، وفيه التنويه بشأن الخشوع، ومجيء ذلك في صورة الجملة الاسمية دلالة على ثبات الخشوع لهم ودوامه، وأنه أصبح لهم خلقًا39.

    ٨. موالاة الله ورسوله والمؤمنين، والبراءة ممن حاد الله ورسوله.

    لما كان الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان؛ أخبر الله جل ثناؤه أن الاتصاف بوصف الإيمان مانع من موادة الكفار ومحبتهم ولو كانوا أقرب الناس40، وأنه لا يجتمع في قلب المؤمن محبة الله، ومحبة من حاد الله ورسوله، وخالف أمر الله ونهيه، فقال تعالى: ( ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [المجادلة: ٢٢].

    ومن لوازم نهي المؤمنين عن مودة الكفار وموالاتهم؛ أن يكون ولاء المؤمن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين قال تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ) [المائدة: ٥٥].

    وقال جل وعز: (ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [التوبة: ٧١].

    وعلق سبحانه على تحقق هذه الصفة كل فلاح دنيوي وأخروي، فقال عز من قائل: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [المجادلة: ٢٢].

    وقال سبحانه: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [المائدة: ٥٦].

    ثانيًا: أعمال الجوارح:

    التوبة والإيمان والعمل الصالح، هذه ثلاثة أسباب علق الله جل ثناؤه عليها جميعًا الفلاح، وجمع بينها في آيةٍ واحدة، فقال تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [القصص: ٦٧].

    والمتأمل فيها يتبين مدى الترابط بينها؛ فالإيمان كلما قوي بعث في النفس روح الأمل، فتجد العبد يعيش روحانية عالية تجذبه جذبًا إلى المبادرة للتوبة، والمسابقة في الأعمال الصالحات. فهو يعيش بين لحظات ندمٍ على ما مضى، يكفرها بتوبةٍ وضراعة لمولاه، ويعيش فرحة أملٍ تدفعه لحياةٍ أفضل، يغتنم فيها عمره.

    والعمل الصالح هو أن يعمل بما أمره الله بعمله في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم 41، فيؤدي الفرائض، ويكثر من النوافل، ويجتنب المعاصي، وكلما كانت حاله أكمل، كان فلاحه وفوزه وسعادته في الدنيا والآخرة أكبر. وقد اشتملت آيات القرآن الكريم على أفعال للجوارح علق الله جل وعز عليها معاقد الفلاح، وفيما يلي ذكرها:

    ١. الصلاة.

    وهي من أعظم مباني الإسلام، التي علق عليها الفلاح، وقد جاء ذلك في خمسة مواضع من القرآن الكريم، وتنوعت أساليبه في ذلك:

  6. علق الفلاح على إقامة الصلاة.

    قال جل ثناؤه : (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ) [البقرة: ٣-٥].

    وقوله تعالى: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [لقمان: ٤-٥].

    وإقامة الصلاة؛ إقامتها ظاهرًا وباطنًا، إقامتها ظاهرا: بأداء حدودها، وفروضها، والواجب فيها، على ما فرضت عليه42. وإقامتها باطنا: بحضور القلب فيها، وتدبر ما يقوله ويفعله منها، وهي التي يترتب عليها الثواب، فلا ثواب للإنسان من صلاته، إلا ما عقل منها43.

    وقد جاء التنبيه على أن هذه الإقامة الظاهرة والباطنة للصلاة هي من أسباب تحقق الفلاح وذلك في قوله جل وعز: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [المؤمنون: ١-٢].

  7. علق الفلاح على ا لركوع والسجود.

    قال جل ثناؤه : (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [الحج: ٧٧].

    وخصا بالذكر من بين سائر أعمال الصلاة؛ لأنهما أعظم أركانها وأشرفها؛ إذ بهما إظهار الخضوع والعبودية، وتخصيص الصلاة بالذكر قبل الأمر ببقية العبادات في قوله: (ﮚ ﮛ) تنبيه على أن الصلاة أهم العبادات، فهي عماد الدين44.

  8. علق الفلاح على تعلق القلب بالصلاة واهتمامه بها.

    وهذا من الرباط الذي يدخل تحت قوله تعالى: (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [آل عمران: ٢٠٠].

    وقد فسر الرباط في قولٍ بأنه انتظار الصلاة بعد الصلاة؛ لأن كل من صبر على أمرٍ، ولازمه وثبت عليه، يقال: ربط قلبه عليه، وربط نفسه45. ويدل له ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات)؟. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط)46.

    ٢. النفقة في سبيل الله.

    وعلق الفلاح عليها في موضعين من القرآن الكريم، في قوله جل ثناؤه : (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة: ٣-٥].

    ولفظ النفقة في الآية عامٌ في جميع النفقات الممدوح بها، والمحمود عليها47، ويشمل ذلك النفقات الواجبة والمستحبة، التي تبذل احتسابا وتقربًا إلى الله جل وعلا، على قدر ميسورهم وجهدهم. وأعلى تلك النفقة قدرًا الزكاة، فإن أحب الأعمال إلى الله الفرائض.

    وقد بين سبحانه ذلك في سورة لقمان فقال تعالى: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ).

    وإنما علق الفلاح على الزكاة والنفقة في سبيل الله؛ لما اجتمع فيها من تزكية للنفس وتطهيرها من الصفات الرذيلة، والإحسان إلى الخلق، وبها يتبين أن العبد يؤثر محبة الله على محبته للمال، فيخرج محبوبه من المال، لما هو أحب إليه، وهو طلب مرضاة الله48.

    ٣. ذكر الله تعالى.

    وقد علق الفلاح على ذكر الله في أربعة مواضع من القرآن الكريم، ثلاثة منها جاء ذكره فيها مقرونًا بعبادات هي من أعظم العبادات في الإسلام، فقد جاء مقرونًا بالجهاد في قوله جل وعز: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [الأنفال: ٤٥].

    وبالصلاة في قوله تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الجمعة: ١٠].

    ومقرونًا بالإيمان وطهارة النفس من الشرك وبالصلاة معًا في قوله جل ثناؤه: (ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [الأعلى: ١٤- ١٥].

    وكثرة الذكر جاء بيانها في القرآن الكريم بأن يذكر العبد ربه في كل أحواله، كما في قوله تعالى: ( ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ) [آل عمران: ١٩١].

    وقوله تعالى: (ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [النساء: ١٠٣].

    والذكر تربية للروح، به تتصل بخالقها، وفيه تظهر قوتها، وبسببه يتنزل المدد من خالق الأرض والسماء، وبأخذ الأسباب المادية والروحية يتحقق النصر والظفر على الأعداء، والإنسان المسكين إذا فقد حظه من ربه خسر كل شيءٍ من أمره49.

    وكثرة الذكر سببٌ في انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، وزوال الهم والغم، قال تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ) [الرعد: ٢٨].

    والموطن الرابع الذي علق فيه الفلاح على ذكر الله، كان الذكر فيها خاصًا، وهو ذكر آلاء الله ونعمه، قال سبحانه: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الأعراف: ٦٩].

    إذ يستشعر العبد بقلبه عظيم منن الله عليه، فيعظم حبه ورجاءه له، وينطلق لسانه بالثناء على النعماء، وتقبل جوارحه على الطاعة، فهو يذكر فيشكر، ويتحدث بفضل الله تعالى عليه، كما في قوله: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [الضحى: ١١].

    ٤. الجهاد في سبيل الله.

    وهو من أجل الطاعات وأفضل القربات؛ لما فيه من المصالح العاجلة، والمنافع الآجلة؛ إذ فيه محقٌ لأعداء الله، وإعزاز للدين، وصون لدماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، مع ما فيه من المشقة العظيمة، من بذل للنفوس والأموال، ومفارقة للأهل والأوطان50.

    ولما كان الجهاد في سبيل الله كذلك وعد بالفلاح وعلق عليه في القرآن الكريم وعلى بعض أحواله وصفاته، في أربعة مواضع منه، وتنوعت الأساليب في ذلك:

  1. علق الفلاح على الرباط في سبيل الله، وذلك في قوله تعالى: (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [آل عمران: ٢٠٠]. والمرابطة في الآية: «مرابطة الغزو في نحور العدو، وحفظ ثغور الإسلام وصيانتها عن دخول الأعداء إلى حوزة بلاد المسلمين»51، وقد وردت الأخبار في بيان ثوابه، والترغيب فيه، فروى البخاري في صحيحه، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها) 52. وروى مسلم، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان) 53.
  2. علق الفلاح على فعل الجهاد في سبيل الله مقرونا بغيره من الأعمال الصالحة، وذلك في قوله تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [المائدة: ٣٥]. والجهاد: بذل الجهد في قتال الأعداء من الكفار والمشركين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي التام في نصر دين الله بكل ما يقدر عليه العبد54. ويدخل تحت لفظ الجهاد بذل الجهد واستفراغ الوسع في مجاهدة الشيطان وخطواته، ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء لحملها على فعل الطاعة وترك المعصية55.
  3. علق الفلاح على الثبات عند لقاء الأعداء، وهو من عوامل الظفر والفوز في الدنيا، وقد جاء ذكـر هذا السبب في موضعٍ واحدٍ، مقـرونًا بالإكثار من ذكر الله تعالى، فقال سبحانه: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [ الأنفال: ٤٥].
  4. وعد الله المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، بكل خير وفلاح في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [التوبة: ٨٨].

    ٥. فعل الخير والدعوة إليه.

    وقد جاء عد ذلك من أسباب تحقق الفلاح في الدنيا والآخرة، في قوله جل ثناؤه : (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [آل عمران: ١٠٤].

    وقوله سبحانه: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [ الحج: ٧٧].

    والخير «اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله ويبعد من سخطه»56، وروي عن مقاتل بن حيان تفسير الدعوة إلى الخير بالدعوة إلى الإسلام57، ومراده بالدعوة إليه: الدعوة إلى خصال الإسلام وشرائعه التي شرعها الله لعباده58.

    وفعل الخير والدعوة إليه صورة من صور تكاتف الأمة وتلاحمها في السعي إلى الرقي بأبنائها في مدارج الكمال، وتكميل جوانب النقص والحرمان، والجمع بينهما سبيل الأنبياء والمصلحين.

    قال تعالى: (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [فصلت: ٣٣].

    ٦. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    وقد جاء في موضع واحد عده من أسباب تحقق الفلاح في الدنيا والآخرة، وذلك في قوله تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [آل عمران: ١٠٤].

    فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علامة لأهل الخير والطاعة، وتركه مع القدرة سبب في حلول العقاب، ومنع إجابة الدعاء، والسؤال عنه يوم القيامة.

    وهو صفة الأنبياء ومن تبعهم من المؤمنين، قال جل ثناؤه: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [الأعراف: ١٥٧].

    وقال سبحانه: (ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [التوبة: ٧١].

    «والمعروف: اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه، والمنكر: ما ينكر بهما»59.

    والمقصود به الأمر بكل ما يقرب العباد إلى الجنة، ويبعدهم من النار، والنهي عن كل ما يقربهم إلى النار ويبعدهم من الجنة.

    ومن أعظم الأمر بالمعروف: الدعوة إلى الله وحده، وعبادته لا شريك له، والدعوة إلى اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ودينه الذي جاء به من عند الله. وأعظم النهي عن المنكر: النهي عن الكفر بالله، والتكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من عند الله، ثم الأمر بعد ذلك درجات، فيؤمر بكل ما هو طاعة لربهم، وينهى عن كل ما هو معصية لربهم60.

    صفات المفلحين

    أولًا: زكاة النفس، ووقايتها من الشح:

    من صفات المفلحين أن أنفسهم أنفس زكية؛ لأنهم يسعون في تهذيبها وتزكيتها، قال جل ثناؤه : (ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الأعلى: ١٤].

    وقال سبحانه: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الشمس: ٩-١٠].

    ومادة زكى في اللغة تدل على النماء والطهارة61.

    ولفظ التزكية في الآيات عامٌ يدخل فيه تزكية النفس وتطهيرها بالإيمان الذي هو ضد الكفر، وبالطاعة التي هي ضد المعصية، وبالأخلاق الحميدة التي هي ضد الأخلاق الرذيلة، ويدخل فيه تزكية العمل بمتابعة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.

    ومن الصفات التي لها آثارٌ ذميمة، وجاءت النصوص بذمها، والثناء على من زكى نفسه فتطهر منها، وتحلى بضدها صفة الشح؛ وقد جاء التصريح بأن توقي شح النفس من صفات المفلحين.

    قال عز وجل: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [التغابن: ١٦].

    وفي إضافة الشح إلى النفس، دلالة على أنه من طباع النفوس وغرائزها، ويدل لذلك قوله سبحانه: (ﭤ ﭥ ﭦ) [النساء: ١٢٨].

    وفي قول: (ﯿ ﰀ) إشارة إلى إمكان التوقي منه62، ودفعه بمجاهدة النفس.

    و«الشح هو شدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه»63.

    ويترتب على ذلك ضيق النفس وعدم إرادتها بل وكراهتها وصول الخير إلى الغير. وهذا أساس الشر والهلاك الظاهر والباطن؛ إذ يحمل صاحبه على البخل؛ بامتناعه عن نفع غيره، وعلى الظلم بإلحاق الضرر بالـمنعم عليه في نفسه وماله وعرضه، ويحمل على الحسد وهو كراهة ما اختص به الغير وتمني زواله، والذي يجمع بين سيئتي البخل والظلم، فإذا كان الحال كذلك بين الأقارب كانت قطيعة الرحم64.

    وأعظم نفوسٍ برئت من هذه الصفة، هي نفوس الأنصار أهل الدار، أنصار النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد زكاهم الله جل ثناؤه في كتابه الكـريم بذلك، فقال عز من قائلٍ: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [الحشر: ٩].

    ثانيًا: المسارعة إلى الخيرات:

    حث الله عزو جل عباده المؤمنين على فعل الخير، والسعي في طلب كل وسيلة تقرب إليه سبحانه، من الإيمان به، ومحبته، وطاعته، والعمل بما يرضيه، وعلق على هذا تحقق الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [المائدة: ٣٥].

    وقال عز من قائلٍ: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [الحج: ٧٧].

    وجاء الحث فيهما بصورة الأمر في قوله: () وقوله: ()، الذي يتضمن معنى المسارعة والسابقة إلى فعل الطاعات والاستكثار من الخيرات65.

    وفي هذا دلالة أن من صفات المؤمنين المفلحين: المسابقة والمسارعة إلى ثواب الله وجنته بالأعمال الصالحة. وقد ندب الله جل وعلا إلى هذه الصفة، فقال: (ﭯ ﭰ) [البقرة: ١٤٨].

    وأثنى الله جل ثناؤه على أنبياءه عليهم السلام، فقال: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الأنبياء: ٩٠].

    وأثنى سبحانه على عباده المؤمنين من أهل الكتاب بهذه الصفة فقال: (ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [آل عمران: ١١٤].

    وعلى المؤمنين من هذه الأمة فقال: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [المؤمنون: ٦١].

    ومن لازم هذه المسارعة في الخيرات الاستكثار من الأعمال الصالحة، قال جل ثناؤه : في وصف عباده المفلحين: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [الأعراف: ٨].

    ثالثًا: أداء الأمانات والحقوق:

    عظم الله جل ثناؤه شأن الحقوق وأمر بالقيام بها، ومن ذلك قوله جل وعز: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [الإسراء: ٢٣].

    وقوله بعد ذلك: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الإسراء: ٢٦].

    وعظم سبحانه شأن من يرعى هذه الحقوق ويقوم بحقها، وجعل ذلك مناطًا للمدح في كتابه الكريم، فجاء في موطنين وصف المؤمنين المستحقين للفلاح بهذه الصفة.

    الآية الأولى: قوله تبارك وتعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ) [المؤمنون: ١].

    ثم ذكر من صفاتهم: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [ المؤمنون: ٨].

    فاشتملت هذه الآية على صفتين من صفات عباد الله المفلحين:

  1. أداء الأمانة.

    وهذا عام في جميع الأمانات التي هي حق لله، من فرائضه التي ائتمن الناس عليها، قال تعالى: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [الأحزاب: ٧٢]66، «وهي أمانة التكليف وقبول الأوامر والنواهي بشرطها، وهو أنه إن قام بذلك أثيب، وإن تركها عوقب، فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه، إلا من وفق الله»67. فجميع ما أوجبه الله على عبده فهو أمانة.

    ومنها الاستجابة التامة، والسمع والطاعة المطلقة لحكم الله، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [النور: ٥١].

    ويدخل في الأمانة أيضًا حفظ الجوارح من كل ما لا يرضي الله تعالى68. ومنها حفظ ما أؤتمن عليه من أمانات الناس الحسية كالأموال، والمعنوية كالأسرار، وتعاهدها بالرعاية، والمحافظة وعدم التضييع، قال تعالى: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [النساء: ٥٨]69.

  2. الوفاء بالعهد.

    وهو «حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال، وسمي الموثق الذي يلزم مراعاته عهدًا»، والوفاء به إتمامه وعدم نقض حفظه70.

    ولفظ الآية عام في جميع ما أخذ على الإنسان العهد بحفظه من حقوق الله -جل وعلا-، قال سبحانه: (ﭰ ﭱ ﭲ) [الأنعام: ١٥٢].

    «وذلك أن يطيعوه فيما أمرهم به ونهاهم، وأن يعملوا بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم »71، ومن الوفاء بالعهد حفظ ما بينه وبين الناس من حقوق والتزامات، يجب عليه مراعاتها والوفاء بها، ويحرم عليه إهمالها والتفريط فيها72.

    الآية الثانية: قال تبارك وتعالى: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ) [الروم: ٣٨].

    فجعل الله جل ثناؤه من صفات عباده المفلحين القيام بحق القريب في الصلة والإحسان إليه بوجوه البر المتنوعة، وحق المحتاج والغريب المنقطع به الطريق في الزكاة والصدقة. فإن لم يكن عنده مالٌ يؤتيه للقريب والمحتاج فلا أقل من أن يرفق بهم بفعله وقوله، بكلام لين سهل، فيقول لهم معروفًا، ويعدهم خيرًا.

    قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [الإسراء: ٢٨].

    رابعًا: البعد عن المحرمات، وحفظ الفروج:

    ١. البعد من المحرمات.

    وقد تنوعت الأساليب التي سلكها القرآن الكريم في التنبيه والدلالة على هذه الصفة:

    • جعل التقوى من أسباب حصول الفلاح للعبد، وتقوى الله «هو الامتناع عن المحارم، وتحري الواجبات»73، وذكر الله في كتابه الكريم صورًا لبعض تلك المحرمات، منها: اتباع خطوات المبتدعين في الدين، كحال أهل الجاهلية الذين زادوا في الحج ما ليس من شرع إبراهيم عليه السلام، ومقارفة الخبيث والرديء من الاعتقادات، والأقوال، والأعمال، ومجانبة ما حرمه الله من المعاملات كالربا.
    • جاء التصريح بنفي أصل الفلاح أو كماله عمن ارتكب بعض المحرمات، كالكفر والردة عن الدين، والخمر، والميسر، والربا، والزنا. وفي هذا دلالة على أن من أخص صفات المفلحين البعد عن المحرمات.
    • أن الله جل ثناؤه أثنى على المؤمنين بهذه الصفة فقال سبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [المؤمنون: ١-٣]. «واللغو في كلام العرب هو كل كلام أو فعل باطل لا حقيقة له ولا أصل، أو ما يستقبح»74، فيدخل فيه الشرك، والمعاصي، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال75. والإعراض عن اللغو هو بالبعد عنه، بأن لا يفعله، ولا يرضى به، ولا يخالط من يأتيه، كما قال -عز من قائل-: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الفرقان: ٧٢]76، وقال أيضًا: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ) [القصص: ٥٥].
    • جاءت هذه الصفة في سياق شرطي، وأنه كلما تحققت هذه الصفة؛ عظم الفلاح في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: (ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [الحشر: ٩]. ويدخل تحت معنى هذه الآية، أن النفس جبلت على التطلع والحرص على ما تهواه وتشتهيه، فمن تابع نفسه في هواها، ولم يحجزه إيمانه، يوشك أن يقع في الحرام، فتزين له نفسه الزنا، والسرقة، وأكل أموال الناس ظلمًا77. ومن وفقه الله ووقاه حرص نفسه، فألجمها بلجام الإيمان، لم يحمله ذلك الشح على فعل الحرام، بل كان هو أشد مباعدة له، وتحقق له موعود الله، (ﰃ ﰄ ﰅ)

      ٢. حفظ الفروج.

      فقد أمر الله جل ثناؤه بحفظ الفروج، فقال جل وعز: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [النور: ٣٠].

      وأثنى سبحانه على الحافظين لها، فقال: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [الأحزاب: ٣٥].

      «ولما كانت هذه الشهوة أغلب الشهوات على الإنسان، وأعصاها عند الهيجان على العقل»78، ضمن النبي صلى الله عليه وسلم لمن حفظ فرجه الجنة، فروى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من توكل لي ما بين رجليه، وما بين لحييه، توكلت له بالجنة)79. وأعظم الناس حفظًا لفروجهم هم الـمفلحون من عباد الله؛ لذلك وصفهم الله جل وعز به، فقال: (ﭑ ﭒ ﭓ) وذكر من صفاتهم: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [المؤمنون: ٥ - ٧].

      ومفهوم الآية يتضمن أن من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين، وأنه من الملومين، ومن العادين. ففاته الفلاح، واستحق اسم العدوان، ووقع في اللوم. فمقاساة ألم الشهوة ومعاناتها أيسر من بعض ذلك80، فكيف بجميعه.

      وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنا، كما قال: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [ المعارج: ٢٩ -٣٠].

      وتارة يكون بحفظه من النظر إليه81، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (احفظ عورتك، إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)82.

      موانع الفلاح، وأسباب حرمانه

      نفي مطلق الفلاح عن الحي المعين مهما بلغ في ظلمه وكفره، ومشاقته لله ورسوله صلى الله عليه وسلم حق لله وحده جل ثناؤه ؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا هو سبحانه، وهو يعلم خاتمة كل أحدٍ، ورحمته وسعت كل من أقبل إليه بالإيمان.

      ويدل لهذا المعنى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه، ويقول: (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله)؟ فأنزل الله عز وجل: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [آل عمران: ١٢٨]83.

      وبالتتبع والاستقراء لآيات الفلاح في القرآن الكريم يمكن حصر موانع الفلاح وأسباب حرمانه، وتصنيفها فيما يلي:

      أولًا: الكفر والردة:

      ١. الكفر.

      وقد جاء التصريح بعده من موانع الفلاح في موضعين من القرآن الكريم، في قوله تعالى: (ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [المؤمنون: ١١٧].

      وقوله جل ثناؤه : (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [القصص: ٨٢].

      وإنما كان الكفر من موانع الفلاح؛ لأنه أعظم ما ينافي الإيمان وتوحيد الله الذي من أجله خلق الخلق، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب. ولفظ الكفر في هاتين الآيتين يشمل شرك من يدعو مع الله إلهًا آخر، لا برهان له به، والتكذيب بالرسل عليهم السلام، وبما وعدوا من ثواب الآخرة كما هو شأن قارون، وهذا أعظم الكفر. ويشمل كذلك الكفران بنعمة الله وجحودها84.

      وقد بين الله تعالى في موطن آخر أن هذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي من عمل الشيطان، وعلق سبحانه الفلاح والفوز على البعد عن هذه المعبودات واجتنابها، وصرف العبادة له وحده، فقال: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [المائدة: ٩٠].

      ٢. الردة.

      وهي الرجوع من الإسلام إلى الكفر85، وجاء التصريح بنفي الفلاح عمن ارتد عن دينه في موضع واحدٍ، قال الله جل ثناؤه في قصة الفتية الذين آمنوا بالله، وفروا بدينهم: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [ الكهف: ٢٠]. أي ولن تدركوا السعادة والفوز في الدنيا والآخرة إن عدتم إلى الكفر بعد إذ أنقذكم الله منه؛ لأن الكفر يحبط العمل ويوجب الخلود في النار، قال سبحانه: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [البقرة: ٢١٧].

      ثانيًا: ارتكاب الكبائر:

      الكبائر: جمع كبيرة، وهي كل ذنب ترتب عليه حدٌ في الدنيا، أو وعيدٌ في الآخرة86. والتلبس بهذه الكبائر من أعظم الموانع التي تحرم العبد كمال الفلاح في الدنيا والآخرة، وفيما يلي ذكر لتلك الكبائر:

      ١. الخمر والميسر.

      الخمر: كل مسكر خامر العقل وغطاه، من أي نوع كان. والميسر: كل المغالبات القولية أو الفعلية التي يكون فيها العوض من الطرفين87. وقد علق الفلاح على اجتناب الخمر والميسر في قوله جل ثناؤه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [المائدة: ٩٠].

      وإنما كانت الخمر والميسر مانعة من تحقق كمال الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة لما اشتملت عليه من الآثار السيئة والآثام الكبيرة.

      قال تعالى: (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [البقرة: ٢١٩].

      ففيها فتح لأبواب الشر والفساد بوقوع العداوة والبغضاء، والفرقة والاختلاف، وربما آلت بأصحابها إلى القتل والنهب والعقوق والقطيعة، وهذا عنوان الشقاء، وفيهما أيضًا صدٌ عن سبل الفلاح، وعن أبواب الخير العظيمة، وهذا عنوان الحرمان والخيبة.

      قال سبحانه: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [المائدة: ٩١].

      ٢. الربا.

      وهو الزيادة في أشياء مخصوصة، والزيادة على الدين مقابل الأجل88، وهو من كبائر الذنوب التي تحول بين العبد وبين الفلاح.

      قال تعالى: (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [آل عمران: ١٣٠].

      أي: واتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، ومنه ترك الربا، كي تنجو من عقابه، وتظفروا بالخلود في جناته. وفيه إشارة إلى أن من لم يترك الربا لم يحصل له كمال الفلاح في الدنيا والآخرة. وإنما كان الربا من موانع كمال الفلاح؛ لأن المتعامل به فاته الاتباع والانقياد لأمر الله، وهذا أعظم خصال أهل الإيمان.

      قال سبحانه: ( ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [البقرة: ٢٧٨].

      وصاحب الربا على خطرٍ من شؤم مخالفته لأمر الله جل ثناؤه، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم.

      قال تعالى: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [النور: ٦٣].

      فهو متوعد في الدنيا بنقص المال وذهاب بركته.

      قال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ) [البقرة: ٢٧٦].

      ومتوعد في الآخرة بحرمان نعيم الجنان ودخول النار.

      قال جل وعز: ( ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ) [البقرة: ٢٧٥].

      ٣. التعدي على أعراض الناس بالزنا والفجور.

      الزنا من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: (ﮋﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الإسراء: ٣٢].

      ومانع من موانع كمال الفلاح في الدنيا والآخرة، قال سبحانه في قصة يوسف عليه السلام: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [يوسف: ٢٣].

      وقوله تعالى: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ)، جملة تعليليةٌ، وهي التعليل الثاني الذي يعلل به يوسف عليه السلام سبب امتناعه عما تطلبه منه امرأة العزيز.

      ونفي الفلاح عن الظالمين يعم كل ظالمٍ، وأولى من يدخل تحته في هذا السياق من قابل الإحسان بالإساءة، فخان من أحسن إليه، وتعدى على عرضه وشرفه. وسمي ذلك ظلمًا؛ لأنه فعل ما ليس له فعله، فتجاوز ما أحله الله إلى ما حرمه، ووضع الشيء في غير موضعه.

      قال جل وعز: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [البقرة: ٢٢٩].

      وقال جل ثناؤه : (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الطلاق: ١].

      وإنما كان الزنا من موانع كمال الفوز والسعادة في الدنيا والآخرة؛ لأنه بفعله لهذه الفاحشة قد تعدى حدود الله، وانتقص من إيمانه بقدر هذه المعصية، ولأن الله جل ثناؤه قد رتب على الزنا أنواع العقوبات الدنيوية والأخروية، فقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [الفرقان: ٦٨-٦٩].

      وعقوبته مغلظة، فيقتل بأشنع القتلات، الرجم حتى الموت، أو الجلد بمشهدٍ من المؤمنين في موقف لا تأخذهم الرحمة له من إقامته عليه، قال سبحانه: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [النور: ٢].

      ثالثًا: الظلم، افتراء الكذب على الله، الاجرام:

      ١. الظلم.

      وهو وضع الشيء في غير موضعه المختص به، إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدولٍ عن وقته أو مكانه، والظالم هو الذي أزال الحق عن جهته وأخذ ما ليس له، ويطلق الظلم على كثير التجاوز وقليله89.

      وهو من أعظم موانع الفلاح في القرآن الكريم، وقد جاء التصريح به في أربعة مواضع:

      ثلاثة منها أطلق فيها الظلم وأريد به الكفر بالله، وهو أعظم الظلم على الإطلاق. وذلك في قوله سبحانه: ( ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الأنعام: ٢١].

      وقوله: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ) [الأنعام: ١٣٥].

      وقوله: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [القصص: ٣٧].

      وأما الموطن الرابع فأطلق الظلم فيه وأريد به فاحشة الزنا، وذلك في قوله جل ثناؤه : (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [يوسف: ٢٣].

      وتنوع المراد بالظلم في هذه الآيات؛ إيذانٌ بأن الفلاح المنفي عن الظالم تتفاوت درجته بتفاوت الظلم نفسه، فالكافر المتصف بأعظم أفراد الظلم ينفى عنه أصل الفلاح المقتضي للخلود في النار، والحرمان من دخول الجنة، بينما نفي الفلاح عن أفراد الظلم التي هي دون الكفر هو من باب نفي كمال الفلاح الدنيوي والأخروي.

      وعموم نفي الفلاح عن الظالم سنة ربانية لا تتخلف ولا تتبدل أبدًا، فالظالم وإن تمتع في دنياه بما تمتع به، فنهايته فيه الاضمحلال والتلف90، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته)91.

      ٢. افتراء الكذب على الله.

      «الفري: قطع الجلد للخرز والإصلاح، والإفراء للإفساد، والافتراء فيهما معًا، وفي الإفساد أكثر، وكذلك استعمل في القرآن الكريم في الكذب والشرك والظلم»92.

      وافتراء الكذب على الله تعالى والتكذيب بآياته من أعظم صور الظلم؛ لذا قال سبحانه: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [الأنعام: ٢١].

      وقال: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [الأنعام: ٣٣].

      وقد جاء التصريح بعده من موانع الفلاح في موضعين اثنين من القرآن الكريم:

      الأول: في قوله تعالى: ( ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [يونس: ٦٩].

      وافتراء الكذب على الله في الآية عامٌ يشمل جميع صوره، وأقربها من جهة السياق من اختلق على الله الكذب في نسبة الولد له سبحانه ، وفي ادعاء الشريك والشفيع له.

      والموضع الثاني: قوله تعالى: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [النحل: ١١٦].

      وافتراء الكذب على الله هو بتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله، ثم نسبة ذلك إليه سبحانه.

      وهذا كقوله تعالى: (ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ) [المائدة: ١٠٣].

      وقوله: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [يونس: ٥٩].

      والخطاب في هاتين الآيتين للكفار، والفلاح المنفي عنهم هو مطلق الفلاح الدنيوي والأخروي، والمقتضي للخلود في النار، والحرمان من دخول الجنة.

      قال تعالى: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [العنكبوت: ٦٨].

      وقد ذكر الله جل ثناؤه بعض وجوه نفي الفلاح الدنيوي عن المفترين الكذب عليه سبحانه، فهم متوعدون بالغضب والذلة.

      قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الأعراف: ١٥٢].

      وهم أيضًا متوعدون بعذاب يستأصلهم، قال سبحانه: (ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [طه: ٦١].

      ولما كان نفي الفلاح الدنيوي عن الذين يفترون على الله الكذب عامٌ، بين جل ثناؤه أن ما قد يحصل لبعضهم من صور التنعم الظاهر في الدنيا، هو متاعٌ قليلٌ على سبيل الاستدراج والإملاء93، فقال جل وعز: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [يونس: ٦٩-٧٠].

      وقال: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [النحل: ١١٦-١١٧].

      ونظير هذه الآية قوله سبحانه: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [لقمان: ٢٣-٢٤].

      ٢. الإجرام.

      الجيم والراء والميم أصلٌ واحد بمعنى القطع، ومنه قولهم: جرم، أي كسب؛ لأن الشيء الذي يحوزه كأنه يقتطعه94. ثم أطلق الفعل على كل اكتسابٍ مكروه، ولا يكاد يستعمل في الكسب المحمود95.

      وقد جاء عده من موانع الفلاح في موضع واحد، في قوله جل ثناؤه: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [يونس: ١٧].

      والمراد بالمجرمين هنا الكفار96 الذين اكتسبوا الإثم بكفرهم بالله. ولفظ افتراء الكذب على الله والتكذيب بآياته في الآية عام، ومنه تحريف كلام الله ثم نسبته إليه سبحانه، وادعاء النبوة والوحي من الله97، والتكذيب بآيات القرآن التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.

      وقوله سبحانه: ( ﮞ ﮟ ﮠ) تذييل للوعيد يتنزل منزلة التعليل، أي لا ينجح ولا يفوز بحاجته من اتصف بصفة الإجرام. وهذا النفي للفلاح يختلف بحسب حال الفاعل للإجرام، فإن كان كافرًا، قد اكتسب بكفره وتكذيبه الآثام كما في سياق هذه الآية، فالمراد بنفي الفلاح عنه؛ نفي أصله، وإن كان من اتصف بصفة الإجرام قد اكتسب من الذنوب واجترح من السيئات التي لم تبلغ درجة الكفر والتكذيب، فهو على خطر الوعيد، وحقيق بأن يدخل تحت هذا القدر من الآية، ويكون المراد بنفي الفلاح عنه نفي كماله.

      رابعًا: السحر:

      السحر في اللغة صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، ويطلق على كل ما لطف مأخذه ودق98. والسحر أنواعٌ فمنه ما هو تخييل، ومنه ما له حقيقة وتأثير، وهو محرمٌ بالإجماع99، وما كان منه من نوع السحر الحقيقي فهو من الكفر البين؛ لأنه لا يتحقق إلا بالوقوع في الشرك، كمعاونة الشياطين للساحر مقابل ما يقدمه لهم من طاعة وخضوع في مخالفة الشرع100. والسحر من موانع تحقق الفلاح الدنيوي والأخروي، وقد جاء التصريح بذلك في موضعين من القرآن الكريم:

      الأول: في قوله تعالى: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [يونس: ٧٧].

      وذلك في سياق الرد على فرعون وملئه المكذبين بما أوتي موسى عليه السلام من الآيات، والقائلين له: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [يونس: ٧٦].

      (ﯭ ﯮ) منكرًا عليهم: (ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ) وضمن ذلك معنى التكذيب والتوبيخ والتجهيل لقولهم101، ثم لما نفى موسى عليه السلام عن آيات الله أن تكون سحرًا، ارتقى فأبان لهم فساد السحر نفسه، وسوء عاقبة معالجيه تحقيرًا لهم؛ لأنهم كانوا يعظمون شأنه، فقال: (ﯶ ﯷ ﯸ) 102.

      والموضع الثاني: في قوله سبحانه: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [طه: ٦٩].

      أي: لا يظفر الساحر ولا يحصل له مقصوده بالسحر أينما كان، وقيل عدم فلاحه: بأن يقتل الساحر حيث وجد، وهو من التفسير باللازم103.

      ونفي الفلاح في هاتين الآيتين يعم نفي جميع أنواع الفلاح عن الساحر، وأكد سبحانه ذلك بالتعميم في كل الأمكنة بقوله: (ﮈ ﮉ)، وذلك دليل على كفره؛ لأن الفلاح لا ينفى بالكلية نفيًا عامًا إلا عمن لا خير فيه، وهو الكافر104.

      وإنما كان السحر الحقيقي من موانع الفلاح؛ لأنه قد انتفى عنه بسحره هذا أصل الإيمان الموجب لكل فوز وسعادة في الدنيا والآخرة، فليس للسحرة في الآخرة حظ ولا نصيب، قال تعالى: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [البقرة: ١٠٢].

      وأما حظهم في الدنيا فالذلة والصغار، وعدم تحقق ما يسعون إليه ويهدفون، قال سبحانه عن حال سحرة فرعون قبل إيمانهم وسجودهم لرب العالمين: (ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الأعراف: ١١٨ - ١١٩].

      ثواب المفلحين

      أثنى الله تبارك وتعالى على عباده الذين قاموا بأسباب الفلاح، واتصفوا بصفات المفلحين، وبين في مواطن من كتابه الكريم عظم ذلك الثواب الذي ظفروا بطرف منه وهم أحياء في الدنيا، وينتظرون الفوز الأكبر به في الآخرة، ويمكن النظر إلى ماهية ذلك الثواب من خلال ما يلي:

      أولًا: ثواب المفلحين في الدنيا:

      ١. الاهتداء إلى الطريق المستقيم.

      من أعظم النعم التي امتن الله بها على عباده المؤمنين نعمة الهداية إلى الصراط المستقيم. قال سبحانه: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [الحج: ٥٤].

      وسؤال هذه الهداية من الله عز وجل من أعظم مطالب العباد، واضطرارهم إليها فوق كل ضرورة105.

      وقد أكرم الله جل ثناؤه المتقين من عباده والمحسنين؛ القائمين بأسباب الفلاح الظاهرة والباطنة على الكمال، أن وفقهم للهداية التامة فقال جل وعلا: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [البقرة: ١-٥].

      فمن الهداية التامة: هداية الدلالة والبيان المتضمنة تعليم المؤمن ما لا يعلم من الحق إجمالًا وتفصيلًا، قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [العنكبوت: ٦٩].

      والمعنى: «لنبصرنهم سبلنا، أي: طرقنا في الدنيا والآخرة»106.

      ومن الهداية التامة: هداية التوفيق والإلهام، والمتضمنة إلهامه الحق، والتوفيق لإتباعه، والعمل بعلمه، والثبات عليه إلى الممات107. قال تعالى: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [محمد:١٧]. «والذين قصدوا الهداية وفقهم الله لها فهداهم إليها، وثبتهم عليها وزادهم منها (ﯵ ﯶ) أي: ألهمهم رشدهم»108.

      ٢. الحصول على الخيرات والذكر الحسن.

      أثنى الله جل وعز على عباده المؤمنين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح في الجهاد بالمال والنفس، ووصفهم بأنهم المفلحون الفلاح المطلق، الذي تكاملت فيه أسبابه، وتحققت صفاته، فهم الذين ظفروا وفازوا بكل مطلوب لهم في الدنيا والآخرة، ومنه الحصول على الخيرات الكثيرة المتتابعة، كما في قوله جل وعلا: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [التوبة: ٨٨-٨٩].

      والخيرات جمع خيرة، وهو المستحسن من كل شيء109، واللام فيه للاستغراق؛ للدلالة على كثرة وتنوع ما يمنحون من المحاسن والفضائل في الدنيا والآخرة، وأولًاها بالذكر والدخول تحت عموم هذا اللفظ تلكم الخيرات المتعلقة بالإيمان والجهاد في سبيل الله، كالعزة، والنصر على الأعداء، وإقامة الحق والعدل بدين الله، والتمتع بالغنائم، والسيادة في الأرض، ومنها الذكر في الدنيا، والثناء الحسن، وسلوك الناس طريقهم110.

      ثانيًا: ثواب المفلحين في الآخرة:

      ١. ثقل الموازين يوم القيامة.

      تجازى الخلائق في الآخرة بأعمالها إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، فمن ثقلت موازينه بالأعمال الصالحة، ورجحت حسناته على سيئاته، فهو من تحقق له الفوز بالنجاة من النار ودخول الجنة، كما قال سبحانه: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ) [آل عمران: ١٨٥].

      وقد أخبر الله جل ثناؤه في موضعين اثنين من كتابه الكريم أن ثقل الموازين بالحسنات يوم القيامة وما ترتب عليه، هو من الفلاح الذي ظفر به المفلحون من عباده فقال عز من قائل: (ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [الأعراف: ٨-٩].

      وقال سبحانه: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [المؤمنون: ١٠٢-١٠٣].

      ٢. وراثة الفردوس.

      وعد الله جل ثناؤه عباده المؤمنين الذين حققوا أسباب الفلاح في الدنيا بالظفر والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة، فقال: (ﮋﮌ) [المؤمنون: ١٠]. أي: هم الأحقاء بأن يسموا وراثًا دون من عداهم ممن لم يتصف بتلك الصفات من المؤمنين111.

      ثم بين الله جل وعز ما يرثونه على سبيل التفخيم والتأكيد112، فقال: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ) [المؤمنون: ١١].

      والفردوس هو البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر113. وهو أوسط الجنة وأعلاها منزلًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة)114. ووراثة عباد الله المفلحين لجنة الفردوس بأن يرثوا منازل أهل النار في الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا له منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار، ورث أهل الجنة منزله) فذلك قوله عز وجل: (ﮊ ﮋﮌ)115.

      موضوعات ذات صلة:

      الخسران، الصلاح، النجاة، النصر


1 مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/٤٥٠.

2 انظر: العين، الفراهيدي ٣/٢٣٣، جمهرة اللغة، ابن دريد ١/٥٥٥.

3 تهذيب اللغة، الأزهري ٥/٤٧.

4 العين، الفراهيدي ٣/٢٣٣.

5 تهذيب اللغة، الأزهري ٥/٤٦.

6 الصحاح، الجوهري ١/٣٩٢.

وانظر: معاني القرآن، الفراء ٢/١٨٦.

7 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ١١/٣٥٠، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١/١٨٢.

8 شرح السنة، البغوي ١٣/٩٤.

9 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص٥٢٦.

10 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/ ٤٥٠.

11 جامع البيان، الطبري ١٧/ ٥.

12 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/ ٤٦١.

13 مقاييس اللغة ٤/٣٦٧.

14 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٨٧.

15 معاني القرآن، الزجاج ١/٤٣٥.

16 مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/ ٤٣٥.

17 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٨٠٨، الفروق اللغوية، العسكري ص١٨٩، الكليات، الكفوي ص ٩٠٩.

18 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٧٩٢.

19 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص٢١٠.

20 لسان العرب، ابن منظور ١/٤٥٨.

21 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٧/٥٢٨، ٦٧٢، ١٠/٢٧١، ٧٣٦.

22 المصدر السابق ٧/٦٧٢.

23 المصدر السابق ٧/٥٥١ وما بعده.

24 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٢٤٢.

25 روي هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما، انظر: جامع البيان، الطبري ١/٢٥٠.

26 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٩٦١.

27 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٢٥٢، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٠.

28 التحرير والتنوير ٥/٤٨٣.

29 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٧٢.

30 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٧/٣٩، جامع العلوم والحكم، ابن رجب ١/٣٩٨.

31 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٢٦٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/١٦٧.

32 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٢٠٥.

33 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٣٣٦، تفسير ابن أبي حاتم ٣/٨٤٧.

34 مجموع فتاوى ابن تيمية ١/٩٥.

35 المصدر السابق.

36 معالم التنزيل، البغوي ٦/٣٦.

37 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٦٧.

38 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٤٦١، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٤٧.

39 انظر: روح المعاني، الألوسي ١٨/٤، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٨/١٠.

40 أضواء البيان، الشنقيطي ٢/١١٥.

41 جامع البيان، الطبري ١٨/٢٩٨.

42 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٢٤٧.

43 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤١.

44 انظر: التحرير والتنوير ٩/٣٢٥.

45 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ١/٥٣٩، مفاتيح الغيب، الرازي ٩/٤٧٤.

46 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، رقم ٢٥١، ١/٢١٩.

47 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٢٥٠.

48 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٦٤٦.

49 انظر: العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير ١/٥٤٧، ٥/٧٨.

50 أحكام الجهاد وفضائله، العز بن عبد السلام، ص٥٣، ٥٤، ٥٨

51 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/١٩٧.

52 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل الله، رقم ٢٧٣٥، ٣/١٠٥٩.

53 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب فضل الرباط في سبيل الله، رقم ١٩١٣، ٣/١٥٢٠.

54 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٢٣٠.

55 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٠٨.

56 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٤٢.

57 انظر: تفسير ابن أبي حاتم ٣/٧٢٧. ونقل ابن الجوزي في زاد المسير ١/٣١٢ قول أبي سليمان الدمشقي في تفسير الخير: بالعمل بطاعة الله. وهو من قبيل اختلاف العبارة والمعنى واحد، فطاعة الله في أمره ونهيه هو امتثال لشرائع الإسلام.

58 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٦٦١، التحرير والتنوير ٤/٤٠.

واستدل ابن عاشور رحمه الله على أن الخير اسمٌ يجمع خصال الإسلام، بقول حذيفة اليمان رضي الله عنه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشرٍ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟» الحديث. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، رقم ٦٦٧٣، ٦/٢٥٩٥. ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن، رقم ١٨٤٧، ٣/١٤٧٥.

59 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٥٦١.

60 انظر: جامع البيان، الطبري ٥/٦٦١، تفسير ابن أبي حاتم ٣/٧٢٧، محاسن التأويل القاسمي ٥/١٩٤، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٤٢.

61 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/١٧، غريب القرآن، ابن قتيبة ص٣١.

62 فتح الباري، ابن حجر ١١/٢٥٦.

63 الوابل الصيب، ابن القيم ص٧٥.

64 مجموع فتاوى ابن تيمية ١٨/٣٣٤، ٢٨/١٤٤. ويدل لذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، رقم ٢٥٧٨، ٤/١٩٦٦ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم).

65 انظر: تفسير السمرقندي ٢/٤٧١.

66 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/٢٧٧، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٤٧.

67 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٨٩.

68 أضواء البيان، الشنقيطي ٥/٣١٩.

69 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٤٧.

70 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٥٩١، ٨٧٨.

71 جامع البيان، الطبري ٩/٦٦٦.

72 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/٢٧٧، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٥٤٨، أضواء البيان، الشنقيطي ٥/٣١٩.

73 تفسير الراغب الأصفهاني ٤/٣٣٨.

74 جامع البيان، الطبري ١٧/٥٢٥.

75 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٤٦٢.

76 غرائب القرآن، النيسابوري ٥/١٠٩.

77 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٢/٥٢٨، محاسن التأويل، القاسمي ٩/١٨٨.

78 الكاشف عن حقائق السنن، الطيبي ١٠/٣١٢١.

79 أخرجه البخاري في صحيحه، كناب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، رقم ٦٤٢٢، ٦/٢٤٩٧.

80 الداء والدواء، ابن القيم ص٣٤٦.

81 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٢.

82 أخرجه أحمد في مسنده ٣٣/٢٣٥، وأبو داود في سننه، كتاب الحمام، باب النهي عن التعري، رقم ٤٠١٧، ٦/١٣٤، والترمذي في سننه، أبواب الأدب، باب ما جاء في حفظ العورة، رقم ٢٦٧٠، ٥/٩٧، وابن ماجه في سننه، كتاب أبواب النكاح، باب التستر عند الجماع، رقم ١٩٢٠، ٣/١٠٦.

قال الترمذي: «هذا حديث حسن».

83 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد، رقم ١٧٩١، ٣/١٤١٧.

84 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/١٣٤، تفسير البيضاوي ٤/١٨٦.

85 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٤٩.

86 مجموع فتاوى ابن تيمية ١١/٦٥٠.

87 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٩٨ وذكر أنه استثني من ذلك مسابقة الخيل والإبل والسهام، فهي مباحة؛ لكونها معينة على الجهاد؛ ولهذا رخص فيها الشارع.

88 الربا في المعاملات المصرفية، عمر المترك ص٤٣.

89 انظر: غريب القرآن، ابن قتيبة ص٢٨، المفردات، الراغب الأصفهاني ص٥٣٧.

90 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٢٧٤.

91 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب قوله: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة)، رقم ٤٤٠٩، ٤/١٧٢٦، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم ٢٥٨٣، ٤/١٩٩٧.

92 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٦٣٤.

93 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٨٣.

94 مقاييس اللغة، ابن فارس ١/٣٩٧.

95 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص١٩٢، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/٣٥٦.

96 جامع البيان، الطبري ١٢/١٤١.

97 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٥٤، محاسن التأويل، القاسمي ٦/١٣.

98 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٤/١٧٠، لسان العرب، ابن منظور ٤/٣٨٤.

99 انظر: المغني، ابن قدامة ١٢/٣٠٠، شرح صحيح مسلم، النووي ١٤/١٧٦.

100 تيسير العزيز الحميد، سليمان بن عبد الله آل الشيخ ص٣٨٤، السحر، أحمد الحمد ص١٨٤.

101 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٩/٧٣، إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٤/١٦٨.

102 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١١/٢٥٠.

103 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/٢٠٥، المحرر الوجيز، ابن عطية ١١/٨٧.

104 أضواء البيان، الشنقيطي ٤/٣٩.

105 مدارج السالكين، ابن القيم ١/٣٢.

106 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٩٦.

107 انظر: مدارج السالكين، ابن القيم ١/٣٢، الوعد الأخروي، عيسى السعدي ١/٨٠.

108 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/٣١٥.

109 المحرر الوجيز، ابن عطية ٨/٢٤٩.

110 انظر: تفسير المنار، محمد رشيد رضا ١٠/٥٠٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/٢٩١.

111 روح المعاني، الألوسي ١٨/١٢.

112 أنوار التنزيل، البيضاوي ٤/٨٣.

113 الكشاف، الزمخشري ٣/١٧٨.

114 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء)، رقم ٦٩٨٧، ٦/٢٧٠٠.

115 أخرجه ابن ماجه في سننه، أبواب الزهد، باب صفة الجنة، رقم ٤٣٤١، ٥/٣٨٩.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/١٠١٠، رقم ٥٧٩٩.