عناصر الموضوع
السّجود
أولًا: المعنى اللغوي:
أصل مادة (س ج د) على تطامن وذل. يقال سجد، إذا تطامن. وكل ما ذل فقد سجد1.
ومنه سُجودُ الصلاة، وهو وضع الجَبْهة على الأَرْضِ ، والاسْمُ السِجْدَةُ بالكسر2.
وفلان ساجد المنخر: ذليلٌ خاضعٌ ، والساجدة: مؤنث ساجد ، والسّجّاد: كثير السجود. والسّجّادة: الطنفسة، والبساط الصغير الذي يصلى عليه، وأثر السجود في الجبهة ، والمسجدة: السجادة3.
والمسجد: «بيت الصلاة، وأيضًا موضع السجود من بدن الإنسان، والجمع: مساجد»4.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
قال الراغب: «السُّجُودُ أصله: التّطامن والتّذلّل، وجعل ذلك عبارة عن التّذلّل لله وعبادته، وهو عامّ في الإنسان، والحيوانات، والجمادات، وذلك ضربان:
سجود باختيار، وليس ذلك إلا للإنسان، وبه يستحقّ الثواب ، نحو قوله: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [النجم:٦٢]، أي: تذللوا له.
وسجود تسخير، وهو للإنسان، والحيوانات، والنّبات، وعلى ذلك قوله: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الرعد:١٥]»5.
«ومنه سجود الصلاة: وهو وضع الجبهة على الأرض، ولا خضوع أعظم منه»6.
وردت مادة (سجد) في القرآن الكريم (٩٢) مرة7.
والصيغ التي وردت، هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
الفعل الماضي |
٨ |
(ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [الحجر:٣٠] |
الفعل المضارع |
١٥ |
(ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [آل عمران:١١٣] |
فعل الأمر |
١٢ |
(ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [النجم:٦٢] |
المصدر |
٤ |
( ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الفتح:٢٩] |
اسم فاعل |
٤ |
(ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [الأعراف:١٢٠] |
اسم مكان |
٢٨ |
(ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [الأعراف:٢٩] (ﭷ ﭸ ﭹ) [الجن:١٨] |
وجاء السجود في القرآن على وجهين8:
الأول: السجود الشرعي، وهو وضع الجبهة على الأرض: ومنه قوله تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [ النمل:٢٥].
الثاني: الركوع الشرعي: ومنه قوله تعالى: (ﭐﭛ ﭜ ﭝ) [البقرة:٥٨] أي: ادخلوه ركعًا.
العبادة:
العبادة لغةً:
من الفعل عبد يعبد، عبادةً وعبوديةً، والمفعول: معبود، وعبد الله بمعنى وحّده وأطاعه، وانقاد وخضع وذلّ له، والتزم شرائع دينه، وأدّى فرائضه9.
العبادة اصطلاحًا:
قال المناوي: «العبادة فعل المكلف على خلاف هوى نفسه؛ تعظيمًا لربه، وقيل: هي الأفعال الواقعة على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع المتجاوز لتذلل بعض العباد لبعض، ولذلك اختصّت بالرب، وهي أخص من العبودية التي تعني مطلق التذلل»10.
وقال الراغب: «العبودية: إظهار التّذلل، والعبادة أبلغ منها؛ لأنها غاية التّذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو الله تعالى»11.
الصلة بين العبادة والسجود:
العبادة أعم من السجود، فالسجود نوع من أنواع العبادات التي شرعها الله تعالى.
الركوع:
الركوع لغة:
يأتي بمعنى الخضوع والافتقار والانحناء12.
الركوع اصطلاحًا:
هو الانحناء لذي قدر ومكانة في نفس فاعله؛ تعظيمًا وإجلالًا؛ للدلالة على الخضوع والاستسلام والطاعة تعبدًا.
الصلة بين الركوع والسجود:
إن كلًا من الركوع والسجود يدل على الانحناء13، غير أن السجود يكون بانحناءٍ أشد، ويجوز أن يفعل خارج الصلاة تعبدًا لله، وقد ورد ذكره في القرآن من فعل الكفار لآلهتهم، ولم يرد ذكر الركوع بذلك فيه، يقول الله تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [النمل: ٢٤].
وقد ورد ذكر جواز السجود لغير الله في القرآن على سبيل التقدير والاحترام، ولم يرد ذكر الركوع بذلك فيه، يقول تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [يوسف: ١٠٠].
الخشوع:
الخشوع لغة:
خشع في اللغة: خضع وذل وخاف، والخشوع: الخضوع والسكون والتذلل والخوف.
الخشوع اصطلاحًا:
إقبال المرء بقلبه على الله في دعائه وصلاته؛ خوفًا وانقيادًا، مع خضوع الجوارح والأعضاء14.
الصلة بين الخشوع والسجود:
السجود عمل يقوم به المرء ظاهرًا على هيئة مخصوصة، بانحناء القامة والأعضاء ووضع الجبهة والأنف على الأرض، بينما الخشوع يكون محله القلب، ويظهر أثره بهيئة مغايرة على أعضاء الإنسان بسكونها، وعلى الصوت فيخفت، وعلى البصر فيخضع.
وردت (ما) و (من) في أربع آيات من آيات السجود لتخص جميع مخلوقات الله عزّ جلّ في السموات والأرض طوعًا أوكرهًا، وهي: الآية/١٥ في سورة الرعد، والآيتان/٤٨ و٤٩ في سورة النحل، والآية/١٨ في سورة الحج، ولبيان تفسير كلٍ منهما، والفروق بينهما إذا وجدت، نسير ببيانها كالآتي:
أولًا: تفسير مجيء (ما): وقد وردت في (آيتين) بموضعين اثنين متتابعين في سورة النحل:
قال تعالى: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [النحل:٤٨].
يعني: «يخبر الله عن عظمته وجلاله وكبريائه بأن كل ما له ظلٌ يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال، بكرة وعشيًّا فإنه ساجد بظله لله تعالى ، و(ﮟ) حال من الظلال، أي: كل شيءٍ له ظله»15.
وقال مجاهد رحمه الله: «إذا زالت الشمس سجد كل شيءٍ لله عزّ وجلّ. وقال: سجود كل شيءٍ فيؤه».
وقال أبو غالب الشيباني: «أمواج البحر صلاته، ونزلهم منزلة من يعقل إذ أسند السجود إليهم».
وقوله: «(ﮜ ﮝ)، أفرد الله (ﮝ) للجنس، وجمع في (ﮞ)؛ لأن لفظ اليمين واحدٌ لكن معناه معنى الجمع، أي: عن يمين ما خلق، ثم رجع إلى معناه في الشمائل بالجمع»16.
والمعنى: «أولم يروا إلى ما خلق الله من الأجرام التي لها ظلال متفيئةٌ عن أيمانها وشمائلها عن جانبي كل واحد وشقّيه، منقادة غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيؤ، وهذا استعارة من يمين الإنسان وشماله لجانبي الشيء».
وفي قوله: «(ﮢ)، جمع بالواو هنا؛ لأن المصدر الدّخور، من أوصاف العقلاء، أو لأن في جملة ذلك من يعقل فغلب»17.
قال تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨﮩﮧﮫﮬﮭﮮﮯ ﮰﮱ) [النحل: ٤٩].
يقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسيرها: «فوالله يخضع ويخشع ويستسلم لأمره ما في السموات والأرض من دابة تدبّ عليها، والملائكة التي في السموات، وهم لا يستكبرون عن التذلل له بالطاعة، والذين لا يؤمنون بالآخرة تتفيأ ظلالهم عن اليمين والشمائل سجدًا لله وهم صاغرون. وقال بعض نحاة البصرة: اجتزيء بذكر الواحد من الدّواب عن ذكر الجميع، بتقدير: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ)، كما يقال: ما أتاني من رجلٍ. بمعنى: ما أتاني من الرجال.
وقال بعض نحويي الكوفة: إنما قيل: (ﮬ ﮭ)؛ لأن (ما) وإن كانت قد تكون على مذهب «الذي» - فإنها غير مؤقتة، فإذا أبهمت غير مؤقتة أشبهت الجزاء، والجزاء يدخل «من» فيما جاء من اسم بعده من النكرة، فيقال: من ضربه من رجل فاضربوه.
ولا تسقط «من» من هذا الموضوع، كراهية أن تكون حالًا لــــ: (من) و (ما) فجعلوه بــــ: «من» ليدلّ على أنه تفسير لـــ: (ما) و(من)؛ لأنهما غير مؤقتتين، فكان دخول «من» فيما بعدهما تفسيرًا لمعناها، وكان دخول «من» أدلّ على ما لم يؤقّت من (من) و (ما)، فلذلك لم تلقيا» 18.
وذكر الإمام الزمخشري رحمه الله في تفسير هذه الآية «عدة أقوال:
ثانيًا: تفسير مجيء (من): وقد وردت في (آيتين) بموضعين اثنين:
قال تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ)[الرعد:١٥].
والمعنى: «أن جميع المخلوقات مما احتوت عليه السموات والأرض كلها خاضعة لربها تسجد له، حتى ظلال هذه المخلوقات تسجد أول النهار وآخره، كما قال سبحانه: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ)[الإسراء: ٤٤]»20.
«ومن هنا تقع على الملائكة عمومًا وسجودهم طوعًا بلا خلاف، أما أهل الأرض فالمؤمنون منهم داخلون في سجودهم طوعًا، أما سجود الكفرة فهو الكره، وذلك على نحوين من هذا المعنى.
فإن جعلنا السجود هنا الهيئة المعهودة؛ فالمراد من الكفرة من يضمه السيف إلى الإسلام فيسجد كرهًا، وإما نفاقًا، وإما أن الكره أول حاله فتستمر عليه الصفة وإن صح إيمانه بعد.
وإن جعلنا السجود الخضوع والتذلل فيدخل الكفار أجمعون في (من)؛ لأنه ليس من كافر إلا ويلحقه من التذلل والاستكانة بقدرة الله أنواع أكثر من أن تحصى بحسب رزاياه واعتباراته.
وقال النحاس والزجاج رحمهما الله: «إن الكره يكون في عصاة المسلمين وأهل الكسل منهم»21.
ويقول الفيروز آبادي رحمه الله: «السجود ضربان:
١- سجود اختيار (طاعة): وليس ذلك إلا للإنسان22، قال تعالى: (ﮧ ﮨ ﮩ) [النجم: ٦٢].
٢- سجود تسخير (اضطرار): وهو للإنسان والحيوان والنباتات ولكل مخلوق، قال تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الرعد: ١٥]» 23.
وقال تعالى: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ)[الحج: ١٨].
«يذكر الله سبحانه وتعالى : بأن جميع المخلوقات في السماء -من الملائكة-، والأرض -من جنٍّ وإنس وغيرهم-، والشمس والقمر- في السماء-، والجبال والشجر والدّواب في الأرض، وسجود ذلك ظلاله، وكثير من الناس - من يهود ونصارى ومجوس ومشركين-، وهؤلاء يسجد ظلهم أيضًا.
فإذا كانت المخلوقات كلها ساجدة لربها، خاضعة لعظمته، دلّ على أنه الربّ المعبود، من عدل عنه إلى سواه فقد ضلّ وخسر. وهذا مذهب حسن موافق لمذهب أهل السنة.
وروي عن أبي العالية الرياحي رحمه الله قوله: «ما في السماء نجمٌ، ولا شمسٌ، ولا قمرٌ، إلا يقع ساجدًا لله حين يغيب، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه.
وقد أدخلت المخلوقات غير العاقلة من شمس وقمر ونجوم وجبال وشجر ودواب تشبيهًا لأفعال المكلفين بالسجود والانقياد والطاعة لله تعالى.
وقال مجاهد رحمه الله في قول الله: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ)، « إن هؤلاء رغم استحقاقهم للعذاب بكفرهم فإن ظلهم يسجد لله الخالق سبحانه»24.
وقال ابن كثير رحمه الله: «إنما ذكر الله سبحانه (ﭿ ﮀ ﮁ)، على التنصيص؛ لأنها عبدت من دون الله، فبين أنها تسجد لخالقها، وأنها مربوبة مسخرة، وأنها خلق فاعلٍ عظيمٍ؛ لذلك قال سبحانه: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [فصّلت: ٣٧]»25.
ثانيًا: الاتفاق والاختلاف بين ورود (من) و(ما) في سياق الآيات:
تأتي كلٌ من: (من) و(ما) للاستفهام، أو الشرط، أواسم الموصول المشترك، أو غير ذلك مما يفهم من سياق الكلام العربي.
وفي هذه الآيات الأربع التي وردت فيها «من» و«ما»؛ فهي من أسماء الموصول المشتركة، يظهر معناهما جليًا إذا كان في الجملة صلة الموصول.
وقد تتنوع دلالات اسم الموصول حسب السياق والسباق الوارد في الآية، ومنها: تعظيم الموصوف به بما يدل على أمرٍ عظيم ؛ إذ فيها تعظيم للخالق بالخضوع والسجود له من جميع مخلوقاته، المنتشرة في كل ملكه السماوي والأرضي، وهذا تعظيم لله وعبادة وخضوع للمولى سبحانه تعالى.
والأصل في المعنى اللغوي بين (من) و(ما):أن (من) يؤتى بها في جملة الصلة للدلالة على العاقل، أما (ما) فيؤتى بها للدلالة على غير العاقل، وقد تغلّب إحداهما على الأخرى لوجود قرينة، أو تحلّ إحداهما محل الأخرى بوجود إشارة واضحة26.
وبإمعان النظر في آيات السجود الأربعة التي وردت فيها (من) و(ما) نجد ما يلي:
أولًا: أنه لا فرق بين مجيء (من) و(ما)، إذ كلٌ منهما تأخذ نفس المعنى.
يفهم هذا من كلام الإمام ابن كثير رحمه الله إذ يقول: « بعد أن فسّر قوله تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الرعد: ١٥]-، «هذه كقوله تعالى:(ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ)[النحل: ٤٨] أي: (من) الواردة في سورة الرعد مثل (ما) الواردة في سورة النحل»27.
ويقول الإمام ابن عطية رحمه الله: في تفسير الآية: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ)[النحل: ٤٩].
«وقعت (ما) في هذه الآية لما يعقل، ثم نقل كلام الزّجّاج ، فظاهر كلامه أنها حلّت محلها في المعنى»28.
وبهذا المعنى أولّ ابن عباس رضي الله عنهما قول الله تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)[ص: ٢٤].
فقال: (ﯝ ﯞ ﯟ) أي: «قليل من يتقي، و (ما) على هذا القول بمعنى (من)، ومن ذلك قوله تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ)[الليل:٣] بمعنى: من خلق الذكر والأنثى»29.
ثانيًا: تغليب الكلام للعاقل على غير العاقل؛ لأن السجود مما يختص به العقلاء.
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: في قول الله تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الرعد: ١٥] ، وبين قوله تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [النحل: ٤٩].
«فنزّل هنا مخلوقات السموات والأرض منزلة من يعقل إذا أسند السجود إليهم وهو من فعل العقلاء»30.
كما نجد ذلك واضحًا في تفسير قوله تعالى: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ)[الحج: ١٨].
«وقد أدخلت المخلوقات غير العاقلة من شمس وقمر ونجوم وجبال وشجر ودواب تشبيهًا لأفعال المكلفين بالسجود والانقياد والطاعة لله تعالى»31.
ويورد الإمام الزمخشري في تفسير الآية/٤٩ من سورة النحل تساؤلًا ويجيب عنه بقوله: «فإن قلت: فهلا جيء بمن تغليبًا للعقلاء من الدواب على غيرهم؟ قلت: لأنه لو جيء بمن لم يكن فيه دليل على التغليب، فكان متناولًا للعقلاء خاصةً، فجيء بما هو صالح للعقلاء وغيرهم إرادة للعموم»32.
لقد أثنى الله عزّ وجلّ على عباده الطائعين الساجدين له في مواضع من كتابه.
ونرى في هذا الثناء منه سبحانه تشجيعًا وحثًّا على الاقتداء بهم، واغتنام هذه الأزمنة ليلحق المرء مع ركب الساجدين.
وإذا استعرضنا آيات السجود نجد أن هذا الثناء اتصل بأزمنة محددة، نبينها في النقاط الآتية:
أولًا: الثناء على الساجدين لله في الليل:
وقد وردت في أربع آيات هي:
قال تعالى: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [آل عمران:١١٣].
ففي شرح هذه الآية يرجح الإمام الطبري رحمه الله قول من قال: «عني بذلك تلاوة القرآن في صلاة العشاء؛ لأنها صلاة لا يصليها أحدٌ من أهل الكتاب، وفيها مدحٌ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم يصلونها دون أهل الكتاب...»33.
وقال تعالى: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [الفرقان:٦٤].
أي: «الذين يبيتون لربهم يصلون له، ويراوحون بين سجود في صلاتهم وقيام، وقالوا: من قرأ شيئًا من القرآن في صلاته وإن قلّ فقد بات ساجدًا وقائمًا»34.
ويقول الإمام القرطبي رحمه الله: «ناقلًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: «من صلّى بعد العشاء الآخرة ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجدًا وقائمًا»35.
وقال تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ)[الزمر:٩].
فمعناها: «أمّن هو يقنت آناء الليل ساجدًا طورًا، وقائمًا طورًا، ونصبت: (ﯫ ﯬ) على الحال من قانت»36.
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ) [الإنسان:٢٦].
يخاطب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم قائلًا: «ومن الليل فاسجد له في صلاتك، وسبحه أكثر الليل. وقد كان هذا أول شيءٍ فرضه الله ؛ أي: الصلاة والتسبيح، ثم نسخ فرض قيام الليل وأصبح نافلة37.
ثانيًا: الثناء على الساجدين لله عند تلاوة القرآن:
وقد وردت في ثلاث آيات هي:
قال تعالى: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الإسراء:١٠٧].
يعني: «أن أهل العلم - من مؤمني أهل الكتابين- إذا يتلى عليهم هذا القرآن؛ يخرون لأذقانهم سجدًا بالأرض تعظيمًا له وتكريمًا، وعلمًا منهم بأنه من عند الله»38.
و قال تعالى: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ)[مريم:٥٨].
يعني: «إذا تتلى على هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين أدلة ذكره، وحججه التي أنزلها الله عليهم في كتبهم، خرّوا سجدًا وهم باكون.
وفي إضافة الآيات إلى اسم (ﮠ) دلالة على أن من آياته رحمته بعباده، وإحسانه إليهم، حيث هداهم بها إلى الحق»39.
وقال تعالى: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ)[السجدة: ١٥].
أي: «ما يصدّق بحججنا وآيات كتابنا إلا القوم الذين إذا ذكروا بها ووعظوا (ﮊ) لله (ﮋ) لوجوههم؛ تذللًا له، واستكانة لعظمته، وإقرارًا له بالعبودية»40.
ثالثًا: الثناء على الساجدين لله عند الاستغفار من الذنب:
وقد وردت في آية واحدة هي:
قوله تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [ص:٢٤].
يعني: «علم داوود عليه الصلاة والسلام أن الله ابتلاه ليختبره، فسأل ربه المغفرة، (ﯧ ﯨ) وخرّ ساجدًا لله، (ﯩ) وتاب من خطيئته، فغفر له ذنبه»41.
رابعًا: الثناء على الساجدين لله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم:
وردت في آية واحدة هي:
قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ) [الفتح:٢٩].
أخبر الله سبحانه عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم «ركعًا أحيانًا لله، سجدًا له أحيانًا، وهذا دليلٌ على كثرة صلاتهم، ومداومتهم عليها؛ والتي من أجلّ أركانها الركوع والسجود» 42.
لقد ذكر الله جلّ وعلا عباده المؤمنين بأنهم ساجدون له طواعيةً وعبادةً، طمعًا في المغفرة، وزيادةً في الإحسان، غير مستكبرين عن عبادة ربهم في الليل والنهار، مسبحين له في كل وقت، يخرون سجدًا باكين متذللين عند تلاوة آيات القرآن الكريم، يرجون رحمته ويخافون عذابه.
وسنرى هذه الصفات للساجدين واضحة جليّة في الموضعين التاليين:
الموضع الأول: قال تعالى: (ﭑ ﭒﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ)[التوبة:١١٢].
لقد عدّ الله سبحانه وتعالى في هذه الآية صفات للمؤمنين، فكانت صفة السجود السادسة من بين هذه الصفات التسع الآتية:
فمن اتصف بهذه الصفات فهو مؤمن ببشارة الله له، وقد جمعت هذه الصفات كل وجوه العبادة والخير والسعادة في الدارين.
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله: «لم يذكر الله ما يبشرهم به، ليعم جميع ما رتب على الإيمان من ثواب الدنيا والدين والآخرة، فالبشارة متناولة لكل مؤمن. أما مقدارها وصفتها؛ فإنها بحسب حال المؤمنين، وإيمانهم (قوةً، وضعفًا)، وعملًا بمقتضاه»43.
الموضع الثاني: قال تعالى: (ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [آل عمران:١١٣و١١٤].
فقد وصف الله الساجدين في هاتين الآيتين بست صفاتٍ هي:
تحدث القرآن الكريم عن أصناف من الساجدين.
نتحدث عنهم في النقاط الآتية:
أولًا: الساجدون لله تعالى وحده:
١. المخلوقات الساجدة لله تعالى طواعية وعبادة.
أولًا: سجود المؤمنين:
قال تعالى: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [البقرة: ١٢٥].
قصد بهذه الآية: «جماعة القوم الراكعين والساجدين في البيت الحرام لله تعالى»45.
«وقدّم الطواف في الآية لاختصاصه بالمسجد الحرام، ثم الاعتكاف؛ لأنه من شرط المسجد مطلقًا، ثم الصلاة؛ لأن القيام والركوع والسجود هيئة المصلي، مع أنها الأفضل لهذا المعنى»46.
وقال تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [الحج: ٢٦].
«قرن الله الطواف بالصلاة لأنهما لا يشرعان إلا مختصين بالبيت، فالطواف عنده، والصلاة إليه في أغلب الأحوال»47.
وقال تعالى: (ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [آل عمران:١١٣].
وقد وردت عدة أقوال في المراد بالسجود هنا:
«تلاوة القرآن في صلاة العشاء ؛ لأنها صلاة لا يصليها أحد من أهل الكتاب، فوصف الله جلّ ثناؤه أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم يصلونها دون أهل الكتاب الذين كفروا بالله ورسوله، وهذا الذي رجحه الإمام الطبري رحمه الله.
ونقل عن الفراء رحمه الله: أن معنى السجود في هذه الآية، اسم للصلاة لا للسجود؛ لأن التلاوة لا تكون في السجود ولا في الركوع، فكأن معنى الكلام كان عنده: يتلون آيات الله آناء الليل وهم يصلون.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه وسلم - يقصد: بإقامة صلاة العشاء-.
وقد ردّ على الفرّاء بأن المعنى ليس ما ذهب إليه؛ وإنما معنى الكلام: «من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل في صلاتهم، وهم مع ذلك يسجدون فيها، فالسجود هنا هو السجود المعروف بالصلاة»48.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: «هي الصلاة بين المغرب والعشاء»49.
وقال الشيخ ابن السعدي رحمه الله: «هذا بيان لصلاتهم في أوقات الليل وطول تهجدهم وتلاواتهم لكتاب الله ، وإيثارهم الخضوع والركوع والسجود له سبحانه وتعالى»50.
ولعل هذا الرأي الأخير أشمل وأقرب إلى ظاهر نص الآية التي تفيد العموم لكل صلاة تكون في الليل، من الصلاة النافلة (بين العشائين)، أو صلاة الفرض (العشاء)، أو قيام الليل (التهجد).
وقال تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)[النساء: ١٠٢].
هذا يكون في تعليم صلاة الخوف أثناء الجهاد في سبيل الله تعالى، «والضمير في: (ﭞ) يعود للطائفة المصلية، والمعنى: فإذا سجدوا معك الركعة الأولى فلينصرفوا»51.
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ)[التوبة:١١٢].
«أي: المكثرون من الصلاة المشتملة على الركوع والسجود»52،
وقال ابن عطية رحمه الله: «هم المصلون الصلوات الخمس، ويدخل في وصف (ﭕ ﭖ) الذي يكثر من النوافل أيضًا»53.
وقال تعالى: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [الفرقان:٦٤].
يقول تعالى ذكره بأن من صفات المؤمنين أنهم: «يبيتون لربهم يصلون لله، يراوحون بين سجود في صلاتهم وقيام»54.
وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: «يكثرون من صلاة الليل مخلصين فيها لربهم، متذللين له ، والبيتوته هي: خلاف الظلول، بأن يدركك الليل نمت أو لم تنم. وقالوا: من قرأ شيئًا من القرآن في صلاته وإن قلّ فقد بات ساجدًا وقائمًا»55.
وقال ابن عباس: «من صلّى بعد العشاء الآخرة ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجدًا وقائمًا»56.
وقال تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ)[الزمر: ٩].
يعني: «أن المؤمن مطيع لله، يقنت آناء الليل ساجدًا طورًا، وقائمًا طورًا، خوفًا من عذاب اليوم الآخر»57.
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الفتح:٢٩].
يعني: أن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، تراهم ركعًا وسجدًا لله في صلاتهم58.
وقال تعالى: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [السجدة:١٥].
أي: «أن المؤمنين بآيات الله تعالى إذا وعظوا بها لا يستكبرون عن السجود والتسبيح لله، ويخرون ساجدين له ، غير مستنكفين عن التذلل لربهم»59.
ثانيًا: سجود سحرة فرعون:
قال الله تعالى: (ﰄ ﰅ ﰆ) [الأعراف:١٢٠].
قال الإمام الطبري رحمه الله: «وألقي السحرة عندما عاينوا من عظيم قدرة الله في معجزته لموسى عليه الصلاة والسلام، ساقطين على وجوههم، سجدًا لربهم قائلين: (ﭒﭓﭔ) [الأعراف:١٢١].
أي: صدقنا بما جاءنا به، (ﭗ ﭘ) [الأعراف: ١٢٢ ].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: لما رأت السحرة ما رأت، عرفت أن ذلك أمر السماء وليس بسحرٍ، فخروا سجدًا لله، وقالوا: (ﭒ ﭓ ﭔﭖ ﭗ ﭘ) [الأعراف:١٢١-١٢٢]60.
وزاد صاحب الكشاف قائلًا: «وخروا سجدًا كأنما ألقاهم ملقٍ لشدة خرورهم، وقيل: لم يتمالكوا ما رأوا فكأنهم ألقوا.
وعن قتادة رحمه الله: «كان السحرة أول النهار كفارًا سحرة، وفي آخره شهداء بررة»61.
وقال عزّ وجلّ: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [طه:٧٠].
يقول الإمام الطبري رحمه الله: «وفي هذا الكلام متروك قد استغني بدلالة ما ذكر عليه، وهو: فألقى موسى عصاه فتلقفت ما صنعوا، فألقي السحرة سجدًا، وقالوا: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [طه:٧٠].
وذكر أن موسى لما ألقى ما في يده تحوّل ثعبانًا، فالتهم كل ما كانت السحرة ألقته من الحبال والعصي، ثم جاء إليها فقبض عليها، فإذا هي عصا، فخرّ السحرة سجدًا»62.
وقال سبحانه: (ﮈ ﮉ ﮊ) [الشعراء:٤٦].
«فألقى موسى عصاه حين ألقت السحرة حبالهم وعصيهم، (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [الشعراء: ٤٥].
فإذا عصا موسى تزدرد ما يأتون به من الفرية والسحر الذي لا حقيقة له، وإنما هو مخاييل وخدعة، وتبين للسحرة أن الذي جاءهم به موسى حقٌ لا سحرٌ.
وعن عكرمة رحمه الله تعالى، أن الفرق بين الإلقاءين هو لما خروا سجدًا، أراهم الله في سجودهم منازلهم التي يصيرون إليها في الجنة»63.
ثالثًا: سجود الملائكة:
قال تعالى: (ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ)[الأعراف:٢٠٦].
وتعتبر هذه الآية أول سجدة تلاوة في القرآن الكريم بالإجماع64.
(ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ)، أي: «لا تستكثر أيها المستمع المنصت للقرآن عن عبادة ربك، واذكره إذا قريء القرآن تضرعًا وخفية ودون الجهر من القول، فإن الذين عند ربك من ملائكته لا يستكبرون عن التواضع والتخشّع له سبحانه وتعالى.
(ﯻ)، يعني: يعظمون ربهم بتواضعهم له وعبادتهم، (ﯼ ﯽ)، ولله يصلون، وهو سجودهم ، فصلوا أنتم أيضًا- أيها المؤمنون- له وعظموه بالعبادة كما يفعله من عنده من الملائكة. وهذا تعريض بمن سواهم من المكلفين»65.
وقال تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [ص:٧٣].
لما خلق الله عزّ وجلّ أبو البشر آدم عليه الصلاة والسلام ونفخ فيه من روحه، امتثلت الملائكة كلهم أمر الله بالسجود له، منفذين لأمر الله تعالى، إلا إبليس لم يسجد تكبرًا وحسدًا، وأكّد الله سجود الملائكة لآدم عليه الصلاة والسلام بمؤكّدين اثنين (كلهم، أجمعون)؛ لقطع أي احتمال أو شك66.
رابعًا: سجود المخلوقات عامة:
قال تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ)[الرعد:١٥].
ومعنى ذلك: فإن امتنع هؤلاء -المشركون- من إفراد الطاعة وإخلاص العبادة لله، فلله يسجد من في السموات من الملائكة الكرام طوعًا بلا خوفٍ، ومن في الأرض من المؤمنين به طوعًا، أما المنافقون فيسجدون كرهًا.
وعن سفيان الثوري رحمه الله قال: كان الربيع بن خثيم (أبو يزيد الثوري الكوفي) رحمه الله، إذا تلا هذه الآية: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ)[الرعد:١٥].
قال: بلى يا رباه، أو طوعًا ربنا، بلى طوعًا67.
وعن الحسن البصري رحمه الله تعالى، قال: «يسجد من في السموات طوعًا، ومن في الأرض طوعًا وكرهًا»68.
وقال عزّ شأنه: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [النحل:٤٨].
يقول الإمام الطبري نقلًا عن ابن جريج رحمهما الله، في قوله تعالى: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ)، قال: « فإذا فاءت الظلال - ظلال كل شيءٍ- بالغدو سجدت لله، وإذا فاءت بالعشي سجدت لله.
وقال الضحاك رحمه الله: تسجد الظلال لله غدوة إلى أن يفيء الظل، ثم تسجد لله تعالى إلى الليل...
وقال آخرون: بل الذي وصف الله بالسجود في هذه الآية ظلال الأشياء، فإنما يسجد ظلالها دون التي لها الظلال.
ورجح الإمام الطبري رحمه الله قول من قال: «إن ظلال الأشياء هي التي تسجد، وسجودها ميلانها ودورانها من جانب إلى جانب، ومن ناحية إلى ناحية، كما قال به ابن عباس رضي الله عنهما، ويقال في اللغة: سجدت النخلة، إذا مالت. وسجد البعير، وأسجد، إذا ميّل للركوب»69.
وزاد ابن كثير رحمه الله: «أنزلهم منزلة من يعقل إذ أسند السجود إليهم»70.
وقال عزّ وجلّ: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [النحل:٤٩].
معنى الآية: «ولله يخضع ويخشع ويستسلم لأمره ما في السموات وما في الأرض من دابة تدبّ عليها، والملائكة التي في السموات، وهم لا يستكبرون عن التذلل له بالطاعة، والذين لا يؤمنون بالآخرة، قلوبهم منكرة، وهم لا يستكبرون، وظلالهم تتفيأ عن اليمين والشمائل سجدًا لله، وهم داخرون.
وكان بعض نحويي البصرة يقول: اجتزئ بذكر الواحد من الدواب عن ذكر الجميع، وعليه فإن معنى الكلام: ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من الدواب والملائكة، كما يقال: ما أتاني من رجلٍ، بمعنى: ما أتاني من رجالٍ»71.
وقال سبحانه: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ)[الحج:١٨].
يقول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: ألم تر يا محمد بقلبك وعقلك، فتعلم أن الله يسجد له (ﭹ ﭺ ﭻ) من الملائكة، (ﭼ ﭽﭾ) من الخلق، من الجنّ والإنس وغيرهما، (ﭿ ﮀ ﮁ) في السماء، (ﮂ ﮃ ﮄ) في الأرض، وسجود ذلك ظلاله حين تطلع الشمس، وحين تزول، إذا تحول ظلّ كل شيءٍ فهو سجوده، (ﮅﮆ ﮇﮈ) أي: ويسجد كثير من بني آدم ، وهم: المؤمنون بالله، يسجدون لله سجود طاعة وعبادة، (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) أي: وكثيرٌ أبى السجود فلم يوفقه الله للإيمان؛ فاستحق العذاب بذلك.
وعن أبي العالية الرياحي رحمه الله، قال: « ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع ساجدًا حين يغيب، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه.
وقيل سجودها: بمعنى الطاعة، فإنه ما من جماد إلا وهو مطيع لله، يسبح له» 72.
قال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ)[الرحمن:٦].
أي: «ما قام على ساقٍ- كالشجر ونحوه- وما لم يقم على ساقٍ -مما ينبت من الأرض- يسجدان ، وسجودهما: انقيادهما لله فيما خلقا له ، وأنهما لا يمتنعان تشبيهًا بالساجدين المكلفين في انقياده، وقيل سجودهما: سجود ظلهما»73.
وقال مجاهد رحمه الله: «النجم هو الكوكب، وسجوده طلوعه»74.
خامسًا: سجود الأنبياء:
قال تعالى: (ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ)[مريم:٥٨].
أخبر الله في هذه الآية: «إذا تليت على هؤلاء الأنبياء الذين أنعم الله عليهم آيات الله خروا لله سجدًا، استكانة له، وتذللًا وخشوعًا لأمره وانقيادًا له، وهم باكون»75.
«و(ﮢ): جمع ساجد، وتعرب حالًا. (ﮣ): جمع باكٍ، أخبر الله أن الأنبياء كانوا إذا سمعوا بآيات الله سجدوا وبكوا»76.
«وأجمع العلماء على شرعية السجود هنا اقتداءً بالأنبياء، واتباعًا لمنوالهم»77.
و قال تعالى : (ﮜ ﮝ ﮞ) [الشعراء:٢١٩].
يعني: «أن الله يرى تقلبك في صلاتك حين تقوم، ثمّ حين تركع، وحين تسجد، وقال آخرون: يرى تصرفك في أحوالك، كما كانت الأنبياء من قبلك تفعله»78.
وقال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [ص: ٢٤].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «خرّ داوود ساجدًا؛ شكرًا لله تعالى، وقال في سجدة (ص): ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها»79.
سادسًا: سجود أهل الكتاب:
قال الله عزّ وجلّ: (ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [آل عمران:١١٣].
قال ابن مسعود في تفسير هذه الآية: «لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه وسلم - بأداء صلاة العشاء - أي: يصلونها ولا يصليها من سواهم من أهل الكتاب» 80.
وقال سفيان الثوري: «المقصود هنا الصلاة بين المغرب والعشاء»81.
ويفسر الشيخ ابن السعدي قوله تعالى: «(ﯚ ﯛ)، بأن هذا بيان لصلاتهم في أوقات الليل وطول تهجدهم وتلاوتهم لكتاب الله وإيثارهم الخضوع والركوع والسجود له»82.
وقال سبحانه وتعالى: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ)[الإسراء:١٠٧].
يقول الله تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: «قل يا محمد لهؤلاء القائلين لك: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الإسراء:٩٠].
آمنوا بهذا القرآن أو لا تؤمنوا به، فإن إيمانكم به لن يزيد في خزائن رحمة الله، ولا ترككم الإيمان به ينقص ذلك، وإن تكفروا به، فإن الذين أوتوا العلم بالله وآياته من قبل نزوله من مؤمني أهل الكتابين، إذا يتلى عليهم هذا القرآن يخرون- تعظيمًا له، وتكريمًا، وعلمًا منهم بأنه من عند الله- لأذقانهم سجدًا بالأرض»83.
وقد اختلف أهل التفسير في معنى: (ﭶ ﭷ ﭸ).
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: «يخرون للوجوه سجدًا»84.
وقال الحسن البصري رحمه الله: «عني بذلك اللحى»85.
وهذا هو الذي رجحه الإمام الطبري رحمه الله؛ لأن الذقن في كلام العرب هو مجمع اللحيين، وهذا هو الأشبه بظاهر التنزيل، أي: خروا للأذقان سجدًا عند سماعهم القرآن يتلى عليهم، تنزيهًا لربنا وتبرئةً له مما يضيف إليه المشركون به»86.
وقال تعالى: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [الإسراء: ١٠٩].
أي: «يخرّ هؤلاء الذين أوتوا العلم من مؤمني أهل الكتابين من قبل نزول الفرقان، إذا يتلى عليهم القرآن؛ لأذقانهم يبكون، ويزيدهم ما في القرآن من المواعظ والعبر (ﮇ)، يعني: خضوعًا لأمر الله وطاعته، واستكانة له.
ويقول الإمام الطبري رحمه الله في موضع آخر نقلًا عن ابن زيد: بأن هذه الآية جواب وتفسير للآية التي في سورة مريم ﭧ ﭨ (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [مريم:٥٨]»87.
وقال الزمخشري رحمه الله: «خرورهم في حال كونهم ساجدين، وخرورهم في حال كونهم باكين»88.
واستخلص البغوي من هذه الآية: «أن البكاء مستحب عند قراءة القرآن»89.
٢. المخلوقات التي أمرت بالسجود لله وحده.
أولًا: أمر الله لبني إسرائيل بالسجود له:
قال تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ) [البقرة: ٥٨ ].
وقال تعالى: (ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)[النساء:١٥٤].
وقال تعالى: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ)[الأعراف:١٦١].
هذه الآيات الثلاث: أمر الله بني إسرائيل بأن يدخلوا الباب في بيت المقدس سجدًا شاكرين ومتواضعين لله، فلم يسجدوا، ودخلوا على أدبارهم على غير الجهة التي أمروا أن يدخلوا بها90.
وقال تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ)[آل عمران:٤٣].
«أمر الله مريم ابنة عمران عليها السلام بأن تصلي له، وعبّر عن ذلك بذكر القنوت والسجود، فهما من هيئات الصلاة وأركانها، ثم أمرها بأن تكون مع جماعة المصلين لله تعالى، ففعلت ما أمرت به»91.
ثانيًا: أمر الله لعبدة الكواكب بالسجود له.
وقال تعالى: (ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ)[فصلت:٣٧].
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية، أي: «لا تشركوا به، فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره، فإنه لا يغفر أن يشرك به.
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يسجد بآخر الآيتين من (حم السجدة)، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يسجد بالأولى منهما»92.
وإنما قال سبحانه: (ﯥ ﯦ)، بصيغة التأنيث؛ لأنه أجراها على طريق جمع التكسير، ولم يجرها على التغليب للمذكر على المؤنث93.
ثالثًا: أمر الله لرسوله بالسجود له:
قال تعالى: (ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ)[الحجر:٩٨].
يخاطب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم: «بأن يفزع إليه فيما يصيبه من أمر يكرهه ، يسبح الله ويكثر من السجود له سبحانه، فيكفيه ما أهمه»94.
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ)[الإنسان:٢٦].
يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم: «ومن الليل فاسجد له وسبحه أكثر الليل، وقد كان هذا أول شيءٍ فرضه الله، ثم جعل سبحانه قيام الليل نافلةً، ومن تفيد هنا التبعيض»95.
وقال تعالى: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ)[العلق:١٩].
«لا تطع - يا محمد صلى الله عليه وسلم- أبا جهل في ترك الصلاة والسجود لربك عند الكعبة المشرفة، بل (ﯴ ﯵ)، اسجد لربك وتقرّب إليه بالطاعة، ولن يقدر أبو جهل على إيذائك، والله مانعه من ذلك»96 .
وقد أمر الله هنا نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله: (ﯴ) ولم يقل: (وصلّ)؛ لأن السجود من أهم أركان الصلاة، ويكون العبد فيه أقرب إلى ربه، كما ورد في الحديث: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)97.
رابعًا: أمر الله لعامة خلقه بالسجود له:
قال تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ)[الفرقان:٦٠].
«الخطاب لكل مشرك بأن يجعلوا سجودهم خالصًا لله عزّ وجلّ، والذي من أسمائه وصفاته الحسنى (ﮏ)، فأنكروا ذلك الاسم أن يكون لله تعالى!» 98 .
وقال تعالى : (ﮧ ﮨ ﮩ)[النجم:٦٢].
أي: «أيها الناس اسجدوا لله في صلاتكم دون سواه من الآلهة والأنداد، وأخلصوا له العبادة والسجود»99.
وقال الشيخ السعدي رحمه الله: «الأمر بالسجود لله خصوصًا، ليدل ذلك على فضله، وأنه سرّ العبادة ولبّها، فإن لبّها الخشوع لله، والخضوع له. والسجود: أعظم حالة يخضع بها العبد بقلبه وبدنه، جاعلًا أشرف أعضائه على الأرض»100.
٢. المخلوقات التي أمرت بالسجود من الله لغيره.
وقد وقع ذلك مع صنف واحد:
ولا نجد ذلك إلا في قصة خلق آدم عليه الصلاة والسلام، إذ أمر الله ملائكته بالسجود له، سجود تحية وتكريم لهذا المخلوق الذي خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وعلمه علومًا تفوق بها على الملائكة، وقد ذكر ذلك في تسعة مواضع، منها:
قوله تعالى: (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [البقرة:٣٤].
وقوله تعالى: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [الكهف:٥٠].
ثانيًا: الساجدون لغير الله تعالى:
ورد ذكر الساجدين لغير الله تعالى في ثلاثة مواضع، اثنان جائزان، والثالث شرك، وهي على النحو الآتي:
١. سجود إخوة يوسف وأبويه له.
قال يوسف عليه السلام: (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ)[يوسف:٤].
رؤيا الأنبياء وحيٌ من الله تعالى، ورؤيا المؤمن صادقة بعد ختم الرسل، وانقطاع الوحي، والرؤيا هنا رمزية، حيث رمز بالشمس والقمر لأبويه، وبالكواكب الأحد عشر لإخوته، وقد عبّر الله عن الكواكب والشمس والقمر بجمع المذكر السالم؛ لأن السجود من أفعال العقلاء.
«وكان السجود في عصرهم جاريًا مجري التحية والتكرمة، كالقيام والمصافحة، وتقبيل اليد ونحو ذلك، مما جرت عليه عادة الناس لمن اشتهر بالتعظيم والتوقير.
وقيل: ما كانت إلا انحناء دون تعفير للجباه، لأن سجودهم يأباه يوسف عليه الصلاة والسلام.
وقيل: خروا لأجل يوسف شكرًا لله على ما اجتباه به، واتمام نعمته عليه بالعلم والحكمة والتمكين في الأرض»101.
وقال تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ)[يوسف:١٠٠].
قال قتادة رحمه الله تعالى: «خرّ يعقوب عليه الصلاة والسلام وزوجه وولده ليوسف عليه الصلاة والسلام سجود تحية كانت معروفة في زمنهم، يحيي بعضهم بعضًا بها، احترامًا وتوقيرًا.
ولكن الله أبدل هذه الأمة الإسلامية بتحية أهل الجنة «السلام» كرامة من الله تبارك وتعالى، عجّلها لهم في الدنيا نعمة منه وفضلًا»102.
٢. سجود الملائكة لآدم عليه الصلاة والسلام.
وقد ذكر أنها بأمر الله تعالى، على سبيل التحية والتكريم، وهي امتثالٌ لأمر الله جلّ جلاله، فسجدوا طاعة لله وتنفيذًا لأمره.
٣. سجود عبدة الكواكب لها.
وهو سجود شركي محرم.
قال هدهد سليمان: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ)[النمل:٢٤].
يقول الهدهد مخبرًا سليمان عليه الصلاة والسلام: «وجدت هذه المرأة ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس؛ فيعبدونها من دون الله، بتزيين الشيطان لهم عبادة الشمس وسجودهم لها»103.
ونقل ابن عطية قول زيد وابن إسحاق رحمهم الله: بأن قول الله تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)[النمل:٢٥-٢٦].
هو من كلام الهدهد موضحًا وحاثًّا لهم بالسجود لله الخالق لكل شيءٍ، ورب العرش العظيم.
ويحتمل أن يكون هذا من كلام سليمان عليه الصلاة والسلام لما أخبره الهدهد عن القوم104.
قال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ [فصلت:٣٧].
«يخاطب الله سبحانه الناس ناهيًا لهم عن عبادة الكواكب عمومًا، وعن الشمس والقمر خصوصًا، فهما يجريان في الفلك بمنافعكم؛ بإجراء الله إياها لكم، طائعين له في جريهما ومسيرهما...، فالله هو خالق الليل والنهار والشمس والقمر، وهذه من مخلوقات الله تعالى، بينما الخالق هو الأحق بالعبادة ، وكانت الصابئة تزعم أنهم يقصدون بسجودهم للكواكب - ومنها الشمس والقمر- أنهم يسجدون لله؛ فنهوا عن هذه الواسطة، وأمروا أن يقصدوا بسجودهم وجه الله تعالى خالصًا؛ إن كانوا إياه يعبدون»105.
السجود لله عز وجل من أعظم العبادات وأجلها، وله ثمرات جليلة، منها:
أولًا: إظهار العبودية لله وطاعته:
يقرر الله عزّ وجلّ أن كل المخلوقات طائعة خاضعة له، ساجدة لخالقها طوعًا أو كرهًا.
قال تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [النحل:٤٩].
حتى ظلال المخلوقات تسجد لله تعالى، (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ)[الرعد: ١٥].
وقوله تعالى: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [النحل: ٤٨].
وقوله تعالى: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الحج: ١٨].
وإذا أمعنا النظر في نتائج وثمرات السجود، نجد أن إظهار العبودية لله وطاعته تأتي في مقدمتها، ونرى ذلك جليًّا في ختم الآيات بقوله سبحانه: (ﯚ ﯛ) [آل عمران: ١١٣] عبودية وطاعة لله,
وقوله تعالى: (ﯼ ﯽ) [الأعراف: ٢٠٦] عابدين وطائعين له.
وقوله تعالى: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [الإسراء:٦١] طاعة وامتثالًا لأمر الله لهم بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام، (ﭶ ﭷ ﭸ)[الإسراء:١٠٧].
وقوله: (ﮡ ﮢ ﮣ)[مريم: ٥٨] أي: يخرون سجدًا باكين طائعين عابدين لله عزّ وجلّ.
وقوله: (ﮋ ﮌ ﮍ) [طه: ٧٠] عابدين طائعين لما رأوا المعجزة التي أعطيت لموسى عليه الصلاة والسلام.
وقوله: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [الفرقان: ٦٤] يقومون الليل عبادة وطاعة لله.
وقوله: (ﮏ ﮐ ﮑ) [السجدة: ١٥] لا يستكبرون عن السجود طاعة له سبحانه.
وقوله: (ﭝ ﭞ ﭟ)[الفتح: ٢٩].
ترى محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، راكعين ساجدين طاعة لله تعالى، لذا أمر الله عباده المؤمنين وغيرهم بالطاعة والسجود له، فقال: (ﮧ ﮨ ﮩ)[النجم:٦٢].
وقوله: (ﯧ ﯨ ﯩ)[ص:٢٤]لمعرفة داوود عليه الصلاة والسلام، أن السجود قربة لله استغفر ربه من ذنبه، ثم سجد له عبودية وطاعة وطمعًا بالمغفرة، فاستجاب الله له وغفر له ذنبه.
وقد اعتبر سبحانه أن بيات المؤمنين لربهم سجدًا وقيامًا جعلتهم يدخلون تحت وصف عباد الرحمن، فأضافهم لنفسه، تشريفًا لهم وتكريمًا.
قال تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [الفرقان: ٦٣-٦٤].
بما سبق يتبين أن السجود هو خضوع لله، وطاعة له، وعبودية وتذللٌ للخالق جلّ وعلا.
ثانيًا: نيل رضوان الله وثنائه عليهم ومغفرته لهم:
من ثمرات السجود لله تعالى: أن العبد يكسب عدة أمور أوجزها بالآتي:
١. المغفرة من الذنوب والزيادة في الإحسان.
كما قال تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [البقرة: ٥٨ ].
فجعل سبحانه وتعالى المغفرة وزيادة الإحسان إليهم جزاءً ونتيجةً لطاعتهم لله بدخول بيت المقدس سجدًا، ونرى ذلك أيضًافي قوله تعالى: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ)[ص: ٢٥].
فكان نتيجة استغفار داوود عليه الصلاة والسلام من الذنب، وسجوده لله، -كما ورد في الآية٢٤ التي قبل هذه الآية- أن غفر له ذنبه، ورفعه منزلة عالية، وقربه منه، وجعل رجوعه عن الذنب حسنًا، فضلًا منه وكرمًا. البشارة بفضل الله ورضوانه: كما جاء في ختم هذه الآية: (ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [التوبة: ١١٢].
وبشارة الله تكون برضاه عنهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، والبشارة في الجنة، لمن اتصفوا بهذه الصفات، ونجد ذلك الفضل والرضوان مطلبًا رئيسًا من مطالب الـّركّع السجود من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لدخول الجنة، كما في هذه الآية: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ) [الفتح: ٢٩].
٢. الوصف بأنهم من الصالحين.
وقد جاء هذا الوصف لهم في هاتين الآيتين: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ)[آل عمران: ١١٣-١١٤].
٣. المسارعة بالسجود عند تلاوة القرآن عليهم.
وهذا ورد في قول الله تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الإسراء:١٠٧].
أي: يسارعون إلى السجود لله عند تلاوة آياته.
٤. نيل الفلاح في الدارين.
وهذا ما وعد الله عباده الساجدين العابدين له.
قال تعالى: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ)[الحج: ٧٧].
ووعد الله نافذٌ لا محالة؛ بأنهم سيكونون يوم القيامة من المفلحين، الفائزين بجنات النعيم.
ثالثًا: ظهور السيما على وجوه الساجدين:
لقد وردت لفظة: (السيما) بأنها علامة ظاهرة على وجوه أمة خاتم الأنبياء والمرسلين؛ تمييزًا لهم عن بقية الأمم.
تعريف(السيما): هي بياضٌ ونورٌ ظاهر في جبهة السّجّاد يوم القيامة، وسمتٌ حسنٌ وصلاحٌ وخشوعٌ وتواضعٌ تظهر على وجوههم في الدنيا، من أثر سجودهم لله.
(ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الفتح: ٢٩].
«المراد بها : السمة التي تحدث في جبهة السّجّاد من كثرة السجود، أي: من التأثير الذي يؤثّره السجود - في وجوههم-»106.
و قد لخص ابن كثير رحمه الله تعالى أقوال أهل العلم في تفسير لفظة: (السيما) نذكرها كما يلي:
«قال تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ)قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: يعني: السمت الحسن.
وقال مجاهد، وسفيان الثوري، وغير واحد رحمهم الله: هي الخشوع والتواضع.
وقال السدي رحمه الله: الصلاة تحسن وجوههم. وبهذا أخذ الشيخ ابن السعدي رحمه الله، وبرّر أخذه بهذا التفسير: بأنه لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت بالجلال ظواهرهم.
وعن الحسن البصري رحمه الله: السيما مواضع السجود من وجوههم يكون أشد وجوههم بياضًا يوم القيامة. وقال بعض السلف رحمهم الله: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار.
وقال بعضهم: إن للحسنة نورًا في القلب، وضياءً في الوجه، وسعةً في الرزق، ومحبةً في قلوب الناس»107.
وزاد الطبري رحمه الله معاني أخرى ، ومنها : قول الحسن بن علي رضي الله عنهما: بأنها الصفرة ؛ التي تظهر من سهر الليل. ولكنه- الطبري- رجح القول: بأنها ظهور آثار الإسلام عليهم في الدنيا، وبياض الوجوه من أثر السجود - في الآخرة-»108.
رابعًا: استحقاق جنات الخلد والنعيم:
ومن آخر ثمرات السجود لله تعالى، الفوز بالنعيم الدائم في جنات الخلد يوم القيامة، كما أرى في المقابل الجزاء والعقاب لمن رفض السجود لله عزّ وجلّ.
١. المغفرة والأجر العظيم للساجدين.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ)[الفتح: ٢٩].
فالأجر العظيم المذكور هو: مكافأة الله لهم بالنعيم الدائم في جنة الخلد.
٢. الفوز بالجنة دار الخلود.
قال تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ)[الزمر:٩].
ورجاء رحمة الله، هي: طلب الجنة التي فيها النعيم الدائم، والله لا يرد رجاء عبده المؤمن.
وفي قصة سجود السحرة وإيمانهم برسالة موسى عليه الصلاة والسلام، قام فرعون بتهديدهم بالتنكيل والعذاب، فلم يأبهوا لذلك طمعًا بما عند الله من النعيم المقيم، فكان جزاء الله لهم: (ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ)[طه:٧٦].
وفي سورة مريم رتّب الله سبحانه وتعالى الجزاء لمن خروا سجدًا وبكيًّا، ولكل من تاب وآمن وعمل صالحًا فلهم: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [مريم:٦١].
وقد جاء هذا في صنفين اثنين:
الأول: إبليس؛ لرفضه أمر الله بالسجود لآدم: فكان جزاءه في أمرين اثنين:
١. دمغه بالكفر.
قال تعالى: (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [البقرة:٣٤].
وقول الله: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [ص:٧٤].
٢. اللعن والطرد من رحمة الله.
قال الله تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ;ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [الحجر:٣٤-٣٥].
وقوله تعالى: (ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [ص:٧٧].
الثاني: الكافرون الرافضون السجود لله.
فجازاهم الله بعدة أمور، هي:
١. قلوبهم قاسية.
فهم لا يتعظون بما يتلى عليهم من القرآن الكريم.
قال الله تعالى: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)[الانشقاق:٢١].
٢. الذلة والصغار يوم القيامة.
لأنهم دعوا للسجود لله، وهم في صحة وعافية طيلة حياتهم، فأبوا ذلك.
قال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [القلم: ٤٣].
٣. فضحهم يوم القيامة أمام الخلائق.
قال الله تعالى: (ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ ﰤ ﰥ)[القلم: ٤٢].
وذلك بتيبس فقرات ظهورهم فلا يقدرون على السجود.
موضوعات ذات صلة: |
آدم، الركوع، الصلاة، العبادة، الوجه |
1 مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/١٣٣.
2 الصحاح، الجوهري ٢/٤٨٣.
3 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٣/٢٠٥، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٣٦٦، والمعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/ ٤١٦.
4 المصباح المنير، الفيومي ص ٢٢٠.
5 المفردات ص ٣٩٦.
6 النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٢/٣٤٢.
7 انظر: المعجم المفهرس الشامل لألفاظ القرآن، عبد الله جلغوم، مركز تفسير ص٦٠٧-٦٠٨.
8 انظر: نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي ص ٣٤٨.
9 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ٢/١٤٤٨.
10 التوقيف على مهمات التعاريف ص ٢٣٤.
11 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣١٨.
12 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٨/١٣٣، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/٣٧٠.
13 انظر: جامع البيان، الطبري ١/٧١٤، معالم التنزيل، البغوي ١/٢٦.
14 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٨٣، الفروق اللغوية، العسكري ص٢٤٨، التعريفات، الجرجاني ص ٩٨.
15 الكشاف، الزمخشري ص٥٧٤.
16 جامع البيان، الطبري ١٤/٢٤٣.
17 الكشاف، الزمخشري ص٥٧٤.
18 جامع البيان، الطبري ١٤/٢٤٥.
19 الكشاف، الزمخشري ١٤/٥٧٤.
20 جامع البيان، الطبري ١٣/٤٩١و٤٩٢، وانظر تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٧٥.
21 جامع البيان، الطبري ١٣/٤٩١.
22 حصر الإمام الفيروزآبادي سجود الاختيار على: أنه خاص بالإنسان فيه قصور عن المكلفين من المخلوقات، وقد وضّحها وعمّمها الشيخ السعدي بقوله: «وسجود اختيار يختص بأوليائه وعباده المؤمنين من الملائكة وغيرهم من المخلوقات».
انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٤٢.
23 انظر بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٣/١٨٨.
24 جامع البيان، الطبري ١٦/٤٨٧.
25 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٢٥٦.
وانظر: بصائر ذوي التمييز ٣/١٨٩.
26 انظر البلاغة العربية، عبد الرحمن حبنكه ١/٤٢٨، البلاغة العربية، فضل عباس ص٣٠٧.
27 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٦٠٤.
28 المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٣٦٦.
29 جامع البيان، الطبري ٢٠/٦٣.
30 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٦٨١.
31 جامع البيان، الطبري ١٤/٢٤٥.
32 الكشاف، الزمخشري ص٥٧٤.
33 جامع البيان، الطبري ٥/٦٩٨.
34 جامع البيان، الطبري ١٧/٤٩٥.
35 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/٤٩.
36 جامع البيان، الطبري ٢٠/١٧٦.
37 المصدر السابق ٢٣/٥٧٣.
38 المصدر السابق ١٥/١٢٠.
39 المصدر السابق ١٥/٥٦٦.
40 المصدر السابق ١٨/٦٠٧.
41 المصدر السابق ٢٠/٦٣.
42 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٦/١٩٣.
43 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٣٥٣.
44 انظر: المصدر السابق.
45 جامع البيان، الطبري ٢١/٣٢١-٣٢٦.
46 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٧٩٥.
47 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٢٦٢.
48 جامع البيان، الطبري ٥/٦٩٨.
49 تفسير سفيان الثوري ص٧٩.
50 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٤٤.
51 المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/١٣.
52 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٣٥٣.
53 المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٤١٩.
54 جامع البيان، الطبري ١٧/٤٩٥.
55 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٨٦.
56 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/٤٩.
57 جامع البيان، الطبري ٢٠/١٧٦.
58 انظر: المصدر السابق ٢١/٣٢١-٣٢٦.
59 المصدر السابق ١٨/٦٠٧.
60 المصدر السابق ١٠/٣٦١.
61 الكشاف، الزمخشري ٣/٣٧٩.
62 جامع البيان، الطبري ١٦/١١٣.
63 الكشاف، الزمخشري ٣/٦٦١.
64 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٤٣.
65 الكشاف، الزمخشري ٣/٤٠١.
66 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٨٢-٨٥، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٤/١٤٨.
وعلى هذا التفسير تندرج كل آيات سجود الملائكة الواردة في سورة الأعراف: ٢٠٦، والرعد:٣٠، والإسراء:٦١، والكهف:٥٠ وغيرها.
67 جامع البيان، الطبري ١٣/٤٩١.
68 تفسير الحسن البصري ٢/٧١.
69 جامع البيان، الطبري ١٣/٢٤٠-٢٤٢.
70 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٦٨١.
71 جامع البيان، الطبري ١٤/٢٤٥.
72 المصدر السابق ١٦/٤٨٧.
73 المصدر السابق ٢٢/١٧٥.
74 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢١٣.
75 جامع البيان، الطبري ١٥/٥٦٦.
76 مختصر تفسير البغوي ٢/٥٦٠.
77 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١٥٦.
78 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/٩٧.
79 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٣٨.
80 جامع البيان، الطبري ٥/٦٩٨.
81 تفسير سفيان الثوري ص٧٩.
82 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٦٨.
83 جامع البيان، الطبري ١٥/١٢٠.
84 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٦٨.
85 تفسير الحسن البصري، ٢/١٠٧.
86 جامع البيان، الطبري ١٥/١٢٠.
87 جامع البيان، الطبري ١٥/١٢٢.
88 الكشاف، الزمخشري ص٦١١.
89 مختصر تفسير البغوي ١/٥٢٨.
90 انظر جامع البيان، الطبري ١/٧١٢-٧١٥، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١/٢٧٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/١٣٤.
91 جامع البيان، الطبري ٥/٤٠٠.
92 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٤٣٦.
93 مختصر تفسير البغوي ٢/٨٣٠.
94 جامع البيان، الطبري ١٣/١٥٤.
95 المصدر السابق ٢٣/٥٧٣.
96 المصدر السابق ٢٤/٥٤٠.
97 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم ٢١٥.
98 جامع البيان، الطبري ١٧/٨٢.
99 المصدر السابق ٢٢/١٠٢.
100 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٨٢٣.
101 جامع البيان، الطبري ١٣/١٠-١٣.
102 المصدر السابق ١٣/٣٥٤-٣٥٦.
103 المصدر السابق ١٨/٤٠.
104 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٦/٥٣١-٥٣٤.
105 جامع البيان، الطبري ٢٠/٤٣٦.
106 الكشاف، الزمخشري ص١٠٣٠.
107 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٣٥.
108 جامع البيان، الطبري ٢١/٣٢١-٣٢٦.