عناصر الموضوع
الزينة
أولًا: المعنى اللغوي:
قال ابن فارس: «الزاء والياء والنون: أصل صحيح يدل على حسن الشيء وتحسينه»1، و«الزينة بالكسر: ما يتزين به»2، وفي التهذيب: «اسمٌ جامع لكل شيء يتزين به»3، و«الزّين: خلاف الشّين، وجمعه أزيانٌ»4.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
أما في الاصطلاح فقال ابن الجوزي: «الزّينة: ما يحصل به التحسين للشّيء حتّى تتوق النّفس إليه بالشهوة»5.
ويقال: «الزينة: تحسين الشيء بغيره؛ من لبسة أو حلية أو هيئة»6.
ويقول ابن عاشور: «الزينة: تحسين الذات أو المكان بما يجعل وقعه عند ناظره مسرًّا له، وفي طباع الناس الرغبة في أن تكون مناظرهم حسنة في عين ناظريهم، وذلك في طباع النساء أشد»7.
وردت مادة (زين) في القرآن الكريم (٤٦) مرة 8.
والصيغ التي وردت، هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
الفعل الماضي |
٢٦ |
(ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [فصلت:١٢] |
الفعل المضارع |
١ |
(ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الحجر:٣٩] |
اسم المصدر |
١٩ |
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الكهف:٤٦] |
وجاءت الزينة في القرآن على وجهين9:
الأول: ما يتزيّن به، ويشمل الملابس والحلي وغيرها: ومنه قوله تعالى: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الأعراف:٣١].
الثاني:التحسين والتجميل: ومنه قوله تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الملك:٥].
الريش:
الريش لغة:
كسوة الطائر الواحدة ريشة واللباس الفاخر والحالة الجميلة، والجمع أرياش ورياش. الريش والرياش:ما ظهر من اللباس10.
الريش اصطلاحًا:
قال ابن عاشور: «والريش: لباس الزينة الزائد على ما يستر العورة، وهو مستعار من ريش الطير لأنه زينته، ويقال للباس الزينة رياش»11.
العلاقة بين الريش والزينة:
الريش جزء من الزينة التي يتزين بها، فالزينة:اسمٌ جامع لكل شيء يتزين به.
الزخرف:
الزخرف لغة:
الزينة، فكل زينة زخرف، يقال: زخرف البيت زخرفة، أي: زينه وأكمله. وكل ما زين، فقد زخرف12.
ومنه قوله تعالى:(ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الأنعام:١١٢].
قال الزجاج: «الزخرف:الزينة، والمعنى أن بعضهم يزيّن لبعضٍ الأعمال القبيحة»13.
الزخرف اصطلاحًا:
لا يخرج عن معناه اللغوي، الذي هو الزينة وكمال حسن الشيء14.
العلاقة بين الزخرف والزينة:
زخرف هو حالة اكتمال الزينة وتمامها، وأما الزينة فهي أعم من ذلك.
«من بديع حكمة الله في خلقه:أنه ألبس مطالب الحياة أثواب مطالب الشهوات، لتكون هذه الشهوات بمثابة المحرّض الذاتي على تناول حاجات الجسد، التي تمدّه بالبقاء إلى أمده المقدّر له، أو على ممارسة الغرائز التي تمد النوع بالتكاثر والبقاء، إلى الأمد المقدّر لبقاء النوع، أو لبقاء الحياة على هذه الأرض، أو على السعي لتحقيق حاجاتٍ نفسيّة ترتبط بها مصلحةٌ من المصالح الإنسانية الفردية أو الجماعية.
ولقد أبدع القرآن أيما إبداع؛ إذ اختار لفظة «الزينة» للتعبير عن الخصائص التي أودعها الله في الأشياء، ليكون فيها ملاءمةٌ وجذب للغرائز والطبائع التي فطر الله الأنفس عليها، وتلك نعمةٌ كريمة من نعم الله في الحياة، ولو أن حاجات الحياة مرتبطة بأشياء لا زينة فيها، فلا ملاءمة بينها وبين شهوات الأنفس وغرائزها وطبائعها؛ لكان السعي لاستمرار الحياة مشكلةٌ قد تستعصي على الحل!»15.
سنحاول في النقاط الآتية التأمل في أنواع الزينة في القرآن الكريم بشيء من التفصيل بعون الله تعالى.
أولًا: زينة الكون:
إن الله سبحانه هو أحسن الخالقين، خلق هذا الكون فأبدع خلقه، وزينه وأتقن صنعه، وجعله كالبيت الواحد؛ فالسماء سقفه المحفوظ، والأرض فرشه الممهود، والجبال جدرانه الراسيات، وخلق فيه كل ما تحتاجه المخلوقات في ذلك البيت: من الماء والنبات وأنواع المشروبات والمطعومات، والأعظم من هذا والأجل: أن الله سبحانه خلق كل ذلك في أحسن صورة، وأجمل منظر، وأبدع شكل، فيه من الزخرف والزينة ما عجزت فصاحة البشر أن تفصح عنه، وبلاغتهم أن تبلغ وصفه!
قال الله سبحانه ممتنًا على عباده: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الكهف:٧].
« قال الزمخشري في معنى هذه الآية الكريمة: «ما عليها » يعني ما على الأرض مما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها، من زخارف الدنيا وما يستحسن منها»16.
وقال بعض العلماء: كل ما على الأرض زينة لها من غير تخصيص، وعلى هذا القول فكل الحيات وغيرها مما يؤذي زينة للأرض؛ لأنه يدل على وجود خالقه، واتصافه بصفات الكمال والجلال، ووجود ما يحصل به هذا العلم في شيء زينة له.
فمن أنواع البيان المذكورة في القرآن الكريم: أن يذكر لفظ عام ثم يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام فيه، كقوله تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [الحج:٣٢].
مع تصريحه بأن البدن داخلة في هذا العموم بقوله: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [الحج:٣٦]الآية.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن قوله في هذه الآية الكريمة: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) قد صرح في مواضع أخر ببعض الأفراد الداخلة فيه، كقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الكهف:٤٦].
وقوله: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [النحل:٨].
إلى غير ذلك من الآيات»17.
وطوّف الله تعالى بنا في آيات بديعات لنتأمل زينة هذا الكون، وبديع إتقان الله له، فقال في معرض ردّه على المكذبين بنبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [ق:٦-١١].
«إن هذه السماء صفحة من كتاب الكون تنطق بالحق الذي فارقوه، أفلم ينظروا إلى ما فيها من تشامخ وثبات واستقرار؟ وإلى ما فيها بعد ذلك من زينة وجمال وبراءة من الخلل والاضطراب! إن الثبات والكمال والجمال هي صفة السماء التي تتناسق مع السياق هنا، مع الحق وما فيه من ثبات وكمال وجمال، ومن ثم تجيء صفة البناء وصفة الزينة وصفة الخلو من الثقوب والفروج»18.
وعن بديع لون السماء يقول الرازي رحمه الله: «تفكّر في لون السماء وما فيه من صواب التدبير؛ فإن هذا اللون أشد الألوان موافقة للبصر وتقوية له، حتى أن الأطباء يأمرون من أصابه وجع العين بالنظر إلى الزرقة، فانظر كيف جعل الله تعالى أديم السماء ملونًا بهذا اللون الأزرق، لتنتفع به الأبصار الناظرة إليها، فهو سبحانه وتعالى جعل لونها أنفع الألوان، وهو المستنير ، وشكلها أفضل الأشكال، وهو المستدير»19.
ثم قال الحق تعالى: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) «وكذلك الأرض صفحةٌ من كتاب الكون القائم على الحق المستقر الأساس، الجميل البهيج، فالامتداد في الأرض، والرواسي الثابتات، والبهجة في النبات؛ تمثّل كذلك صفة الاستقرار والثبات والجمال، التي وجّه النظر إليها في السماء.
وعلى مشهد السماء المبنية المتطاولة الجميلة، والأرض الممدودة الراسية البهيجة؛ يلمس قلوب أولئك المكذبين، ويوجهها إلى جانبٍ من حكمة الخلق، ومن عرض صفحات الكون: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) تبصرة تكشف الحجب، وتنير البصيرة، وتفتح القلوب، وتصل الأرواح بهذا الكون العجيب، وما وراءه من إبداع وحكمة وترتيب.. تبصرة ينتفع بها كل عبد منيب، يرجع إلى ربه من قريب...
إن هذا الكون هو كتاب الحق المفتوح، الذي يقرأ بكل لغة، ويدرك بكل وسيلة، ويستطيع أن يطالعه الساذج ساكن الخيمة والكوخ، والمتحضر ساكن العمائر والقصور، كل يطالعه بقدر إدراكه واستعداده، فيجد فيه زادًا من الحق، حين يطالعه بشعور التطلع إلى الحق»20.
إن إخبار الله تعالى بمنته على خلقه بهذا الكون المزيّن البديع «يجمع الامتنان على الناس والتذكير ببديع صنع الله؛ إذ وضع هذا العالم على أتقن مثال ملائم لما تحبه النفوس من الزينة والزخرف، والامتنان بمثل هذا كثير، مثل قوله: (ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [النحل:٦].
وقال: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [آل عمران:١٤].
ولا تكون الأشياء زينة إلا وهي مبثوثةٌ فيها الحياة التي بها نماؤها وازدهارها، وهذه الزينة مستمرة على وجه الأرض منذ رآها الإنسان، واستمرارها باستمرار أنواعها، وإن كان الزوال يعرض لأشخاصها فتخلفها أشخاصٌ أخرى من نوعها، فيتضمن هذا امتنانًا ببث الحياة في الموجودات الأرضية.
ومن لوازم هذه الزينة: أنها توقظ العقول إلى النظر في وجود منشئها، وتسبر غور النفوس في مقدار الشكر لخالقها وجاعلها لهم، فمن موفٍ بحق الشكر، ومقصّر فيه، وجاحدٍ كافرٍ بنعمة هذا المنعم؛ ناسبٍ إياها إلى غير موجدها!
ومن لوازمها أيضًا: أنها تثير الشهوات لاقتطافها وتناولها، فتستثار من ذلك مختلف الكيفيات في تناولها، وتعارض الشهوات في الاستيثار بها، مما يفضي إلى تغالب الناس بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعض، وذلك الذي أوجد حاجتهم إلى الشرائع لتضبط لهم أحوال معاملاتهم، ولذلك علل جعل ما على الأرض زينة بقوله: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [الكهف:٧]»21، «وتحقيق معنى كونها ابتلاء: أن الله تعالى يختبر بها:
ولو أردنا استقصاء كلّ زينةٍ لله سبحانه وتعالى في هذا الكون لتطلب منا ذلك كتبًا مستقلة! وهي موجودة ولله الحمد لمن أراد مزيد علم في هذا الباب، لكنا اقتصرنا هنا على ما يناسب هذا البحث؛ فذكرنا أمثلة تدل على ما وراءها.
ثانيًا: زينة بني آدم:
لقد خلق الله سبحانه وتعالى هذا الإنسان (ﭞ ﭟ ﭠ) [التين:٤].
وامتن عليه سبحانه فقال: (ﮠ ﮡ ﮢ) [غافر:٦٤].
فـ«جعلهم أحسن الحيوان كلّه وأبهاه، بدليل: أن الإنسان لا يتمنى أن تكون صورته على خلاف ما يرى من سائر الصور، ومن حسن صورته أنه خلق منتصبًا غير منكب، كما قال عز وجل: (ﭞ ﭟ ﭠ) [التين:٤].
فإن قلت: فكم من دميمٍ مشوّه الصورة!
قلت: الحسن كغيره من المعاني؛ على طبقات ومراتب، فلانحطاط بعض الصور عن مراتب ما فوقها انحطاطًا بيّنًا وإضافتها إلى الموفى عليها؛ لا تستملح، وإلا فهي داخلة في حيز الحسن غير خارجة عن حدّه، ألا ترى أنك قد تعجب بصورة وتستملحها، ولا ترى الدنيا بها، ثم ترى أملح وأعلى في مراتب الحسن منها، فينبو -ينصرف- عن الأولى طرفك، وتستثقل النظر إليها بعد افتتانك بها، وتهالكك عليها! وقالت الحكماء: شيئان لا غاية لهما: الجمال، والبيان»23.
«وإن شئت فتأمل عضوًا واحدًا من أعضاء الإنسان، وهو العين:
فخلق الحدقة سوداء، ثم أحاط بذلك السواد بياض العين، ثم أحاط بذلك البياض سواد الأشفار، ثم أحاط بذلك السواد بياض الأجفان، ثم خلق فوق بياض الجفن سواد الحاجبين، ثم خلق فوق ذلك السواد بياض الجبهة، ثم خلق فوق بياض الجبهة سواد الشعر! وليكن هذا المثال الواحد أنموذجًا لك في هذا الباب»24.
ثم كمّل الله هذا الإنسان بزينة خارجة عن ذاته، ويهمّنا هنا أن ندرس ما ذكره القرآن الكريم من تلك الزينة، وعند البحث في القرآن ، نجد أنه ذكر أنواعًا من الزينة لبني آدم، منها:
١. زينة اللباس.
قال الله تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [الأعراف:٢٦] «فالزينة (الإنسانية) هي زينة الستر، بينما الزينة (الحيوانية) هي زينة العري، ولكن (الآدميين) في هذا الزمان يرتدّون إلى رجعية جاهلية! تردهم إلى عالم البهيمة، فلا يتذكرون نعمة الله بحفظ إنسانيتهم وصيانتها!»25.
قال عبد الرحمن بن أسلم: «يتقي الله فيواري عورته، فذاك لباس التقوى»26.
فجمعت هذه الآية بين الزينتين: الحسية (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ)، والمعنوية: (ﭾ ﭿ)، «فهناك تلازم بين شرع الله اللباس لستر العورات والزينة، وبين التقوى، كلاهما لباس، هذا يستر عورات القلب ويزينه، وذاك يستر عورات الجسم ويزينه...والله يذكر بني آدم بنعمته عليهم في تشريع اللباس والستر، صيانة لإنسانيتهم من أن تتدهور إلى عرف البهائم! وفي تمكينهم منه بما يسّر لهم من الوسائل: (ﮇ ﮈ)»27.
«والمراد بإنزال ما ذكر: أن الله تعالى خلق لبني آدم مادّته من القطن والصوف والوبر وريش الطير والحرير وغيرها، كما قال سبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [النحل:٨٠-٨١].
وعلّمهم بما خلق لهم من الغرائز والقوى والأعضاء وسائل صنع اللباس منها كالزراعة والغزل والنسج والخياطة، كما قال جل وعلا: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [الأنبياء:٧٩-٨٠].
وإن مننه تعالى بهذه الصناعات على أهل هذا العصر أضعاف مننه على المتقدمين من شعوب بني آدم؛ فيجب أن يكون شكرهم له أعظم»28.
ثم قال رشيد رضا: «فقد بلغ من إتقان صناعات اللباس: أن عاهل ألمانية الأخير (قيصرها) دخل مرة أحد معامل الثياب ليشاهد ما وصلت إليه من الإتقان؛ فجزّوا أمامه عند دخوله صوف بعض أكباش الغنم، ولما انتهى من التجوال في المعمل ومشاهدة أنواع العمل فيه وأراد الخروج؛ قدّموا له معطفًا ليلبسه تذكارًا لهذه الزيارة، وأخبروه أنه صنع من الصوف الذي جزوه أمامه عند دخوله! فهم قد نظفوه في الآلات المنظفة فغزلوه بآلات الغزل، فنسجوه بآلات النسج، ففصلوه فخاطوه في تلك الفترة القصيرة، فانتقل في ساعة أو ساعتين من ظهر الخروف إلى ظهر الإمبراطور»!29.
٢. زينة النساء.
ولعلهن من أعظم زينة بني آدم، فهي إن كانت أمًّا فهي زينة بحنانها وعطفها ورحمتها، وإن كانت بنتًا فهي زينة كونها نعمة يسعى لها كل والدين، وزينة بدلالها لوالديها وتحببها لهما، والتهائهما بها، وإن كانت زوجة فهي زينة بجمالها وحبها ومشاعرها وسكون الزوج إليها، قال الحق سبحانه: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ...) [آل عمران:١٤].
قال ابن عاشور: «وتعليق التزيين بالحب جرى على خلاف مقتضى الظاهر؛ لأن المزين للناس هو الشهوات، أي المشتهيات نفسها، لا حبها، فإذا زينت لهم أحبوها، فإن الحب ينشأ عن الاستحسان، وليس الحب بمزين، وهذا إيجاز يغني عن أن يقال: زينت للناس الشهوات فأحبوها...»30.
وقال ابن عطية: «وإذا قيل: زيّن الله، فمعناه: بالإيجاد والتهيئة لانتفاع وإنشاء الجبلّة عن الميل إلى هذه الأشياء، وإذا قيل: زين الشيطان، فمعناه: بالوسوسة والخديعة، وتحسين أخذها من غير وجوهها، والآية تحتمل هذين النوعين من التزيين»31.
«وأخّر ذكر الذهب والفضة عن النساء والبنين، لأنهما أقوى في الشهوة الجبلية من المال، فإن الطبع يحث على بذل المال فيحصل النكاح، والنساء أقعد من الأولاد في الشهوة الجبلية، والبنون أقعد من الأموال، والذهب أقعد من الفضة، والفضة أقعد من الأنعام، إذ هي وسيلة إلى تحصيل النعم، فلما صدّرت الآية بذكر الحب، وكان المحبوب مختلف المراتب، اقتضت حكمة الترتيب أن يقدّم ما هو الأهم فالأهم في رتبة المحبوبات»32.
٣. زينة البنين.
قال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الكهف:٤٦].
وأنه من زينة بني آدم قال سبحانه: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ...) [آل عمران:١٤].
«وكل ما كان من زينة الدنيا فهو سريع الانقضاء والانقراض، وما كان كذلك فإنه يقبح بالعاقل أن يفتخر به، أو يفرح بسببه، أو يقيم له في نظره وزنًا»33.
وقد جعلهم الله هنا زينة «اعتبارًا بأحوال الناس في تزيّنهم بهم، وسماهم فتنة في قوله: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الأنفال:٢٨] اعتبارًا بما ينال الإنسان من الاختبار بهم، وسمّاهم عدوًّا في قوله: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [التغابن:١٤] اعتبارًا بما يتولّد منهم»34.
فالبنون زينة يهبها الله تعالى لمن يشاء من عباده، (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الشورى:٤٩-٥٠].
فمنهم من يرزقه الله إناثًا فقط، ومنهم من يرزقه ذكورًا فقط، ومنهم من يرزقه الزوجين؛ إناثًا وذكورًا، ومنهم من يجعله الله عقيمًا، فالبنون هبة من الله تعالى يزين بهم حياة من شاء من عباده، فواجب المسلم مع هذه المنّة والهبة الإلهية أن يحوطها بالحفظ والرعاية والتربية الحسنة، فهم رعية سيسأل عنهم يوم القيامة.
٤. زينة المال.
قال الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الكهف:٤٦].
«وإنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا ، لأن في المال جمالًا ونفعًا، وفي البنين قوة ودفعًا؛ فصارا زينة الحياة الدنيا»35.
وهنا تساؤل: لماذا قدّم في سورتي آل عمران والتوبة البنون على الأموال؟
قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [آل عمران:١٤].
وقال سبحانه: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [التوبة:٢٤].
الجواب: لـمّا يذكر سبحانه الحبّ الفطري يؤخّر الأموال، لأن الأموال تترك للأبناء؛ يعمل ويكد ويعلم أنه ميت ويترك الأموال للأبناء.
أما في مواطن الإلهاء قدّم الأموال على الأولاد مع أن حبّ الأولاد أكثر! لكن الالتهاء بالمال يكون أكثر، لذا قدّم الأموال على الأولاد للتحذير.
قال أبو حيان رحمه الله: «ولما كان المال في باب المدافعة والتقرب والفتنة أبلغ من الأولاد؛ قدّم في هذه الآية (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [آل عمران:١٠].
وفي قوله: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [سبأ:٣٧].
وفي قوله: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [الأنفال:٢٨].
وفي قوله: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [الحديد:٢٠].
وفي قوله: (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [الشعراء:٨٨]، بخلاف قوله تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [آل عمران:١٤]؛ فإنه ذكر هنا حبّ الشهوات، فقدّم فيه النساء والبنين على ذكر الأموال»36.
قال حكيم بن حزام رضي الله عنه: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: (يا حكيم! إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى)37.
فيجب على المسلم أن يحذر من فتنة المال وزينته وزخرفه، بل يتق الله تعالى في أخذه وفي إنفاقه؛ فهو مسؤل عن ذلك يوم القيامة.
٥. زينة الحلي.
والحلي: اسم لكل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة، والجمع حليٌّ بضم الحاء وكسرها، كالخلخال، والسّوار، والقرط، والقلادة، والطّوق، ونحو ذلك38.
قال الله تعالى عن قوم موسى أنهم: (ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [طه:٨٧].
وقال سبحانه: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [الزخرف:١٨].
«(ﮧ ﮨ) وهو الحلي الذي لا يليق إلا بالإناث دون الفحول، لتزينهن بذلك لأزواجهن...وفي ذلك إشارة إلى أن الرجل لا يناسب له التزين كالمرأة، وأن يكون مخشوشنًا»39.
ولا يعني هذا أن الرجل لا يتزين بأي زينة لامرأته! بل لقد ؤ قال ابن عباس رضي الله عنه: « إني أحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى ذكره يقول: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)[البقرة:٢٢٨]»40، إنما المحرم تشبه الرجل بالمرأة في زينتها، كالتحلي بالذهب ولبس الحرير...الخ.
ثالثًا: زينة الحياة الدنيا:
كثيرة هي الآيات التي تحدثت عن هذه الحياة الدنيا وزينتها وزهرتها وزخرفها ومتاعها وغرورها وحقيقتها، كقوله تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [الأنعام:٣٢].
وقوله سبحانه: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [التوبة:٣٨].
وضرب لنا فيها الأمثال فقال: (ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ) [الكهف:٤٥].
وكان من الآيات الجامعة في هذا الباب هي قوله تعالى: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [آل عمران:١٨٥] «يعني منفعة ومتعة، كالفأس والقدر والقصعة، ثم تزول ولا تبقى، وقال الحسن: كخضرة النبات ولعب البنات؛ لا حاصل له»41.
وأجمع منها قوله تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الحديد:٢٠].
قال ابن عاشور: «واللعب يكثر في أحوال الناس في الدنيا، فهو جزء عظيم من أحوالها، وحسبك أنه يعمر معظم أحوال الصبا.
واللهو: يغلب على أحوال الشباب، فطور الشباب طوره.
والزينة: تحسين الذات أو المكان بما يجعل وقعه عند ناظره مسرًّا له...ويكثر التزين في طور الفتوة، لأن الرجل يشعر بابتداء زوال محاسن شبابه، والمرأة التي كانت غانية تحب أن تكون حالية.
والتفاخر: الكلام الذي يفخر به، والفخر: حديث المرء عن محامده والصفات المحمودة منها فيه بالحق أو الباطل...وأغلب التفاخر في طور الكهولة واكتمال الأشد؛ لأنه زمن الإقبال على الأفعال التي يقصد منها الفخر»42.
وأوضح لنا القرآن الكريم أن زينة الحياة الدنيا ليس شيئًا واحدًا؛ بل: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الكهف:٤٦].
ومجالسة الأغنياء والأشراف زينة الحياة الدنيا43.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [الكهف:٢٨].
«أي لا تكن إرادة الزينة سبب الإعراض عنهم، وهذا الكلام تعريض بحماقة سادة المشركين، الذين جعلوا همّهم وعنايتهم بالأمور الظاهرة، وأهملوا الاعتبار بالحقائق والمكارم النفسية؛ فاستكبروا عن مجالسة أهل الفضل والعقول الراجحة والقلوب النيرة، وجعلوا همّهم الصور الظاهرة»44.
وعند التأمل في أمثال هذه الآيات؛ نجد أن الله تعالى يتبع الحديث عن زينة الدنيا وزخرفها ومتاعها الزائل بثواب الآخرة الدائم الثابت الجليل، فمثلًا:
بعد قوله: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) قال: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)[آل عمران:١٤-١٥]
وبعد قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) قال: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [الكهف:٤٦]45.
وبعد قوله: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [الحديد:٢٠]قال: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [الحديد:٢١].
وغيرها من الآيات الدالة على ذلك.
ولعل من أبرز حكم ذلك: ليعلمنا الله تعالى «أن خيرات الدنيا منقرضة منقضية، وخيرات الآخرة دائمة باقية، والدائم الباقي خير من المنقرض المنقضي، وهذا معلوم بالضرورة، لا سيما إذا ثبت أن خيرات الدنيا خسيسة حقيرة، وأن خيرات الآخرة عالية رفيعة»46.
حذّر الله تعالى المؤمنين في كتابه الكريم من أن يغتروا بهذه الحياة الدنيا أو بشيء من زينتها ، فقال سبحانه: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [لقمان:٣٣].
وقال تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [المنافقون:٩].
لكن: ما هي مظاهر الاغترار بالدنيا وزينتها؟ وما عواقب ذلك؟ في هذا المبحث نريد أن نتعرف على ذلك من خلال آيات القرآن الكريم.
أولًا: مظاهر الاغترار بالزينة:
من مظاهر وصور الاغترار بالزينة ما يأتي:
١. الشرك.
كما في قول الحق سبحانه: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [الكهف:٣٢].
فلما أهلك الله ملكه، وأخذ ما كان معه من زينة هذه الحياة الدنيا، وصف الله حاله فقال: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [الكهف:٤٢]!
فاعترف أخيرًا بالذنب والخطيئة التي أخذ الله ملكه بسببها ، وهي: الشرك، بسبب اغتراره بما أعطاه الله من نعم وزينة وصفها الله بقوله: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [الكهف:٣٢-٣٣].
وفي هذا المثل المضروب «زجر للكفرة من قريش أو غيرهم؛ لئلا تجيء لهم حالٌ يؤمنون فيها بعد نقم تحل بهم»47.
١. الضلال والإضلال.
قال الله تعالى عن نبيه موسى عليه السلام: (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [يونس:٨٨].
«فالزينة تلهيهم عن اتباع المواعظ، وتعظّم شأنهم في أنظار قومهم، والأموال يسخّرون بها الرعية لطاعتهم، وقد كان للفراعنة من سعة الرزق ورفاهية العيش ما سار ذكره في الآفاق، وظهرت مثلٌ منه في أهرامهم ونواويسهم»48.
٣. كفر النعمة.
يبين ذلك هذا المثل الذي ضربه الله تعالى في كتابه: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [النحل:١١٢].
قال الرازي: «قوله: (ﭧ) إشارة إلى الأمن، وقوله: (ﭨ) إشارة إلى الصحة، لأن هواء ذلك البلد لما كان ملائماً لأمزجتهم اطمأنوا إليه واستقروا فيه، وقوله: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) إشارة إلى الكفاية، قال المفسرون: وقوله: (ﭬ ﭭ ﭮ) السبب فيه: إجابة دعوة إبراهيم عليه السلام49 وهو قوله: (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [إبراهيم:٣٧]»50، «(ﭯ ﭰ ﭱ) أي: جحدت آلاء الله عليها، وأعظم ذلك بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم»51.
٤. نسيان ما ذكروا به من مواعظ.
قال الله تعالى: (ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [الأنعام:٤٤].
«أي: تركوا الاتعاظ بما ذكروا به من البأساء والضراء، ولم ينزجروا، (ﰂ ﰃ ﰄ) أي: أعجبوا بما أوتوا من النعم، ولم يزيدوا على البطر والاشتغال بالنعم عن المنعم والقيام بحقه، (ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ)»52، « قال أهل المعاني: « وإنما أخذوا في حال الرخاء والراحة، ليكون أشد لتحسرهم على ما فاتهم من حال السلامة والعافية، وقوله: (ﰉ ﰊ ﰋ) أي آيسون من كل خير»53.
٥. الفرح المذموم.
قال الله سبحانه محذرًا من هذا النوع من الفرح: (ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الحديد:٢٣].
«قال المبرد: «ليس نفي الأسى والفرح على الإطلاق، بل معناه: لا تحزنوا حزنًا يخرجكم إلى أن تهلكوا أنفسكم، ولا تعتدوا بثواب على فوات ما سلب منكم، ولا تفرحوا فرحًا شديدًا يطغيكم حتى تأشروا فيه وتبطروا»54.
٦. البغي والكبر.
كما في قوله تعالى عن قارون الذي اغتر بما آتاه الله من زينة الحياة الدنيا: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ)[القصص:٧٦].
«فتجاوز حدّه في الكبر والتجبّر عليهم»55، والبغي هو الاعتداء56.
وقد «بغى على قومه بأنواع من البغي ، من ذلك: كفره بموسى، واستخفافه به، ومنعه حقوق الفقراء من زكاة ماله، إلى غير ذلك مما يصدر عمن فسد اعتقاده»57.
ثانيًا: آثار الاغترار بالزينة:
لا شك أن الاغترار بالزينة، وعدم شكر الله تعالى عليها، وإيثارها على محبة الله تعالى وطاعته والقيام بحقوقه؛ أنه يجلب على صاحبه آثارًا وخيمة في الدنيا والآخرة، ومن خلال آيات القرآن الكريم سنحاول التعرف على بعض تلك الآثار على الفرد والمجتمع:
١. زوال النعم.
قال الله تعالى عن الرجل الذي دخل بستانه وهو ظالم لنفسه وهو يقول في كبر وغرور: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [الكهف:٣٥-٣٦].
فقال الله عن خاتمته كما سبق ذكرها: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [الكهف:٤٢].
وقال تعالى: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [القصص:٥٨].
٢. الخسف.
قال سبحانه عن قارون بعد أن اغتر بما أعطاه الله من زينة الحياة الدنيا، وبعد أن قال له قومه: (ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [القصص:٧٦-٧٧].
فقال في كبر وغرور: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [القصص:٧٨]!
فكانت العاقبة الإلهية: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [القصص:٨١].
«لما ذكر تعالى اختيال قارون في زينته، وفخره على قومه وبغيه عليهم؛ عقّب ذلك بأنه خسف به وبداره الأرض»58، «والخسف: انقلاب بعض ظاهر الأرض إلى باطنها، وعكسه، يقال: خسفت الأرض، وخسف الله الأرض فانخسفت، فهو يستعمل قاصرًا ومتعديًا، وإنما يكون الخسف بقوة الزلزال، وأما قولهم: (خسفت الشمس) فذلك على التشبيه»59.
٣. الخسران.
قال الله تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [المنافقون:٩].
«لا تشغلكم (ﮢ) والتصرف فيها، والسعي في تدبير أمرها، والتهالك على طلب النماء فيها بالتجارة والاغتلال، وابتغاء النتاج والتلذذ بها، والاستمتاع بمنافعها، (ﮣ ﮤ) وسروركم بهم، وشفقتكم عليهم، والقيام بمؤنهم، وتسوية ما يصلحهم من معايشهم في حياتكم وبعد مماتكم، وقد عرفتم قدر منفعة الأموال والأولاد، وأنه أهون شيء وأدونه في جنب ما عند الله (ﮥ ﮦ ﮧ) وإيثاره عليها، (ﮩ ﮪ ﮫ) يريد الشغل بالدنيا عن الدين (ﮬ ﮭ ﮮ) في تجارتهم؛ حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني!»60.
فبما أن الأموال والأولاد من زينة الحياة الدنيا؛ فحذّر الله تعالى عباده المؤمنين أن تسوقهم تلك الزينة إلى الخسار في الدنيا والآخرة؛ بعدم استغلال تلك الزينة فيما أمر الله تعالى، أو باستخدامها فيما يغضب الله تعالى، أو الالتهاء بها عن ذكر الله سبحانه.
٤. النار والعذاب.
كما قال الحق سبحانه: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵﯶﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ) [الأعراف:٥٠-٥١].
«(ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) أي: مما زيّنه لهم الشيطان، واللهو: كل ما صدّ عن الحق، واللعب: كل أمر باطل، أي: ليس دينهم في الحقيقة إلا ذلك، إذ هو دأبهم وديدنهم (ﯼ ﯽ ﯾ) بزخارفها العاجلة، فلم يعملوا»61.
فانظر كيف ساقتهم زينة الحياة وزخرفها إلى نسيان دين الله تعالى، فاغتروا بها؛ حتى كانت لهم تلك العاقبة المؤلمة في نار جهنم!
أولًا: حكم الزينة:
بعد تتبع آيات الزينة في القرآن الكريم؛ وجدنا أنه يقسّم حكمها إلى قسمين:
١. زينة مباحة.
والزينة هنا يدخل فيها جميع أنواع الزينة؛ كتنظيف البدن، وزينة المركوب، والطّيب، والسواك، والثياب الحسنة غير الحرير للرجال، والنعل الحسنة، وتسريح شعر اللحية، وقص الشارب، وكل ما وجد استحسانه في الشريعة ولم يقصد به مستعمله الخيلاء، ولا تعدى به إلى الإسراف62.
قال الله تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الأعراف:٣٢].
«فدل هذا النص القرآني أن تمتع المؤمنين بالزينة والطيبات من الرزق في الحياة الدنيا لم يمنعهم من اختصاصهم بالتنعم بذلك يوم القيامة... ولا ينافي هذا أن من كان يعاني شدة الفقر في الدنيا -كأصحاب الصّفّة- يكون لهم أجر زائد على ذلك؛ لأن المؤمنين يؤجرون بما يصيبهم في الدنيا من المصائب والشدائد، كما هو معلوم»63.
قال ابن بطال: «(ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) فدخل فيه كل زينة مباحة»64.
ومن الزينة المباحة التي ذكرها القرآن الكريم: زينة الأنعام، كما في قوله تعالى: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [النحل:٨].
ومنها قوله تعالى: (ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [طه:٨٧] وهي: الحلي.
٢. زينة واجبة.
كما في قوله تعالى: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الأعراف:٣١].
فهذا أمر، والأمر في الشريعة للوجوب، والزينة هنا هي: ستر العورة، يرجح ذلك أمران:
الأول: أن سبب نزول الآية كما سبق طواف المشركين بالبيت عراة، فنزلت هذه الآية التي توجب على المسلم ستر عورته عند العبادة.
الثاني: نقل بعض العلماء الإجماع أن مقصود الآية هنا هو: ستر العورة، قال ابن حزم رحمه الله عند هذه الآية: «فاتفق على أنه ستر العورة»65.
وتبويب البخاري رحمه الله في صحيحه يشير لذلك، حيث قال: «باب وجوب الصلاة في الثياب، وقول اللّه تعالى: (ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ)»66.
قال ابن عبد البر عن القول بالوجوب: «والقول الأول أصح في النظر، وأصح أيضًامن جهة الأثر، وعليه الجمهور»67.
ثانيًا: مواطن الزينة:
ورد في القرآن الكريم ذكر المواطن التي يباح أو يجب على المسلم أن يبدي فيها زينته، وهي كما يلي:
١. التزين عند ارتياد المساجد.
كما في قول الله سبحانه: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الأعراف:٣١].
قال ابن عطية: «عند كل موضع سجود...ويدخل مع الصلاة : مواطن الخير كلها، ومع ستر العورة ما ذكرناه من الطيب للجمعة وغير ذلك»68.
قال ابن كثير: «ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة: يستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة، والسواك لأنه من تمام ذلك، ومن أفضل الثياب : البياض»69.
تزين الزوجين لبعضهما: قال تعالى في حق الزوج: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [البقرة:٢٢٨].
وقال في حق الزوجة: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [النور:٣١].
«عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى ذكره يقول: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)»70.
ولاشك أن الزينة التي يظهرها الزوجان لبعضهما ليست هي التي يظهرانها لأقاربهما أو الأجانب عنهما.
ثالثًا: إظهار الزينة:
أما بالنسبة لإظهار الزينة كما ورد في القرآن الكريم؛ فنقسمها كما يلي:
١. زينة الرجل.
كاللباس الحسن، والمظهر الحسن، والمركب الحسن، فهذا ذكر القرآن الكريم أن الرجل يظهره بلا كبر أو خيلاء في المساجد ،كما في الآية السابقة: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الأعراف:٣١].
وفي مجامع الناس كما مرّ أيضًا في قوله تعالى: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [النحل:٨].
ثم الزينة التي يتزين بها الرجل لزوجته كما يدل لذلك قوله تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [البقرة:٢٢٨].
فهذه مواطن يجوز للرجل إظهار زينته فيها، وفي كل موطن بحسبه.
٢. زينة المرأة.
أما المرأة فكونها محط فتنة للرجال، والفتنة بها أشد من غيرها؛ فقد كان من حكمة الشريعة أن سدّت كل الذرائع التي تدعو للافتتان بالمرأة؛ حتى لا يغرق المجتمع في مستنقع الرذيلة والفاحشة، ولتحفظ الأنساب، فأمر الشرع الرجل بأن يغض بصره عن النساء، وأمر النساء بأن لا يظهرن زينتهن لكل أحد.
ومن خلال آيات القرآن الكريم؛ نجد أنه حدّد المواضع التي يجوز للمرأة فيها أن تظهر زينتها، وقد جمعت أغلب تلك المواضع في آية واحدة.
وهي قوله تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [النور:٣١].
وقبل الشروع في التفصيل ؛ نبدأ بتعريف الزينة في هذه الآية، يقول الشنقيطي: «الزينة في لغة العرب: هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها -كالحلي، والحلل-»، ثم قال رحمه الله: «فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه، إلا بدليل يجب الرجوع إليه...»71 وذكر ما يرجح قوله، فليراجع ذلك من أراد مزيد تفصيل.
أولًا: ما ظهر منها:
قال تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ)، «...عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: هي الثياب»72، «أي: الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها، إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها»73، فهذه لا حرج على المرأة في إظهارها.
ثانيًا: الزوج:
قال سبحانه: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) و«البعولة: جمع بعل، وهو الزوج، وسيد الأمة...وأصل البعل الرب والمالك (وسمي الصنم الأكبر عند أهل العراق القدماء بعلًا، وجاء ذكره في القرآن في قصة أهل نينوى ورسولهم إلياس)، فأطلق على الزوج لأن أصل الزواج ملك وقد بقي من آثار الملك فيه: الصّداق؛ لأنه كالثمن»74.
فللزوج أن ينظر لكل بدن امرأته، كما للزوجة أن تنظر لكل بدن زوجها، وقد ثبت في الصحيحين أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تغتسل هي وزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام من إناء واحد75.
أما حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها: (ما نظرت -أو ما رأيت- فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط)76 فقد ضعف.
ثالثًا: المحارم:
قال جل وعلا: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) « عن ابن عباس رضي الله عنه قال: « الزينة التي يبدينها لهؤلاء: قرطاها، وقلادتها، وسوارها، فأما خلخالاها ومعضداها ونحرها وشعرها؛ فإنه لا تبديه إلا لزوجها»77.
رابعًا: النساء المسلمات:
قال تعالى: (ﯜ ﯝ) قال ابن كثير: «يعني: تظهر زينتها أيضًا للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة؛ لئلا تصفهن لرجالهن، وذلك -وإن كان محذورًا في جميع النساء- إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد؛ فإنهن لا يمنعهن من ذلك مانع، وأما المسلمة فإنها تعلم أن ذلك حرام فتنزجر عنه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تباشر المرأة المرأة، تنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها) أخرجاه في الصحيحين78، عن ابن مسعود»79.
خامسًا: ملك اليمين:
قال سبحانه: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) قال ابن عطية: «يدخل فيه الإماء الكتابيات ويدخل فيه العبيد عند جماعة من أهل العلم، وهو الظاهر من مذهب عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وقال ابن عباس وجماعة من العلماء : لا يدخل العبد على سيدته فيرى شعرها ونحو ذلك إلا أن يكون وغدا، فمنعت هذه الفرقة الكشف بملك اليمين وأباحته بأن يكون من (ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ)»80.
سادسًا: الرجال التابعين من غير أولي الإربة:
قال الله تعالى: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) التابعين أي: «كونهم من أتباع بيت المرأة وليسوا ملك يمينها، ولكنهم يترددون على بيتها لأخذ الصدقة أو للخدمة»81.
ويكون هؤلاء الرجال من الذين «لا إربة لهم في هذه الشهوة؛ كالمعتوه الذي لا يدري ما هنالك، وكالعنّين الذي لم يبق له شهوة، لا في فرجه، ولا في قلبه، فإن هذا لا محذور من نظره»82، «مع السلامة الغالبة من تطرق الشهوة وآثارها من الجانبين»83.
سابعًا: الأطفال غير المميزين:
قال جل وعز: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) «يعني: لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن؛ من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية وحركاتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك؛ فلا بأس بدخوله على النساء، فأما إن كان مراهقًا أو قريبًا منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء؛ فلا يمكّن من الدخول على النساء»84.
ثامنًا: القواعد من النساء:
و«هن اللواتي قعدن عن الحيض والولد؛ من الكبر، ولا مطمع لهن في الأزواج»85.
فهؤلاء يجوز لهن وضع ثيابهن الظاهرة.
قال الله تعالى: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [النور:٦٠].
أي: حرج وإثم، (ﭱ ﭲ ﭳ) [النور:٦٠].
أي: الثياب الظاهرة، كالخمار ونحوه، الذي قال الله فيه للنساء: (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ) فهؤلاء: يجوز لهن أن يكشفن وجوههن؛ لأمن المحذور منها وعليها، ولما كان نفي الحرج عنهن في وضع الثياب، ربما توهم منه جواز استعمالها لكل شيء؛ دفع هذا الاحتراز بقوله: (ﭴ ﭵ ﭶ) [النور:٦٠]»86.
أي: «غير مظهرات زينةً، يريد: الزينة الخفية التي أرادها في قوله: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ)، أو غير قاصدات بالوضع التبرج، ولكن التخفف إذا احتجن إليه ، والاستعفاف من الوضع (ﭺ ﭻ) [النور:٦٠].
لما ذكر الجائز عقّبه بالمستحب، بعثًا منه على اختيار أفضل الأعمال وأحسنها، كقوله: (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [البقرة:٢٣٧].
(ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [البقرة:٢٨٠]»87.
«التزيين: تصيير الشيء زينًا أي حسنًا، فهو تحسين الشيء المحتاج إلى التحسين، وإزالة ما يعتريه من القبح أو التشويه، ولذلك سمّي الحلاق مزيّنًا»88، وللتزيين في القرآن الكريم صور متعددة، بيانها فيما يلي:
أولًا: تزيين محمود:
وهو: تزيين الإيمان:
دليل ذلك قول الحق سبحانه: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الحجرات:٧-٨].
فقوله سبحانه: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) «أي: حبّبه إلى نفوسكم، وحسّنه في قلوبكم»89.
إن من يحب شيئًا قد يمل منه حين يجده ثم يطول مكثه عنده! إلا الإيمان بالله تعالى؛ فإنه «كل يوم يزداد حسنًا، ولكن من كانت عبادته أكثر، وتحمله لمشاق التكليف أتم؛ تكون العبادة والتكاليف عنده ألذ وأكمل، ولهذا قال في الأول: حبّب إليكم، وقال ثانيًا: وزينه في قلوبكم، كأنه قرّبه إليهم ثم أقامه في قلوبهم»90.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه هو الذي حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان؛ جاء موضحًا في آيات كثيرة، مصرح فيها بأنه تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، كقوله تعالى: (ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [الأعراف:١٧٨].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الإسراء:٩٧].
وقوله سبحانه: (ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [الأعراف:٤٣].
والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، نرجو الله الرحيم الكريم أن يهدينا وألا يضلنا91.
ثانيًا: تزيين مذموم:
وبتتبع آيات التزيين في القرآن نجد أن هذا النوع من التزيين له صور، منها:
١. تزيين الكفر والضلال.
قال الله تعالى عن إبليس: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الحجر:٣٩].
أي: لأزينن لهم المعاصي والكفر في الدنيا92.
وقال سبحانه: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الأنعام:١١٢]ومعناه أنهم يغرّون به المضلّلين، ويوهمون لهم أنهم على شيء والأمر بخلافه!93، قال السدي: أما «شياطين الإنس»: فالشياطين التي تضل الإنس، «وشياطين الجن»: الذين يضلون الجن، يلتقيان فيقول كل واحد منهما: «إني أضللت صاحبي بكذا وكذا، وأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا»، فيعلّم بعضهم بعضًا»94.
٢. تزيين الشيطان للأعمال السيئة.
كما في قوله سبحانه وتعالى: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [الأنعام:٤٣].
وقوله جل وعلا: (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [النحل:٦٣].
وقوله تعالى:(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [النمل:٢٤].
والأعمال في كل هذه الآيات يقصد بها الأعمال الخبيثة والسيئة، التي تصدهم عن سبيل الله ورضوانه.
«فإن قلت: قد أسند الله هنا التزيين إلى الشيطان وأسنده إلى نفسه في قوله: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [الأنعام:١٠٨].
فهل هو حقيقة فيهما أو في أحدهما؟
قلت: وقع التزيين في النظم في مواضع كثيرة، فتارة أسنده إلى الشيطان، وتارة إلى نفسه، وتارة إلى البشر كقوله: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [الأنعام:١٣٧].
وتارة مجهولًا غير مذكور فاعله كقوله: (ﯖ ﯗ) [يونس:١٢] ؛ لأنّ التزيين له معان يشهد بها الاستعمال واللغة:
أحدها: إيجاد الشيء حسنًا مزينًا في نفس الأمر، كقوله: (ﭧ ﭨ ﭩ) [الصافات:٦].
والثاني: جعله مزينًا من غير إيجاد، كتزيين الماشطة العروس.
والثالث: جعله محبوبًا للنفس، مشتهى للطبع، وإن لم يكن في نفسه كذلك، فهذا إن كان بمعنى خلق الميل في النفس والطبع فلا يسند إلا إلى الله، كقوله: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [النمل:٤] أي: زينا لهم أعمالهم القبيحة، بأن جعلناها مشتهاة بالطبع محبوبة للنفس، -وذلك عقوبة لهم لعدم إيمانهم بالآخرة، وهذا مثل قوله تعالى: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [التوبة:١١٥].
فإذا بيّن لهم ما يتقون فلم ينقادوا له؛ عاقبهم بالإضلال جزاء لهم على ردهم الحق المبين»95.
وقال سبحانه: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [الصف:٥].
وإن كان تزيين الباطل بمجرّد تزويره وترويجه بالقول وما يشبهه، كالوسوسة والإغواء كما أفصح عنه تعالى في حكايته قول إبليس: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الحجر:٣٩] فهذا يسند إلى الشيطان أو البشر»96.
٣. تزيين قتل المشركين لأولادهم.
قال تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [الأنعام:١٣٧].
تأتي هذه الآية بعد أن حكى لله تعالى شيئًا من سفه المشركين وضلالهم، وطاعتهم العمياء لشياطين الإنس والجن، فبين الله تعالى في هذه الآية أن من سفه المشركين وضلالهم أيضًا: «أنه زيّن لكثير من المشركين شركاؤهم -أي: رؤساؤهم وشياطينهم- قتل أولادهم، وهو: الوأد، الذين يدفنون أولادهم الذكور خشية الافتقار، والإناث خشية العار.
وكل هذا من خدع الشياطين، الذين يريدون أن يردوهم بالهلاك، ويلبسوا عليهم دينهم، فيفعلون الأفعال التي في غاية القبح، ولا يزال شركاؤهم يزينونها لهم، حتى تكون عندهم من الأمور الحسنة والخصال المستحسنة».
فهذه كلها أنواع من التزيين المذموم، الذي يفتن العباد ويصرفهم عن ما خلقهم الله تعالى له من عبادته وتوحيده، وصاحب هذا التزيين المذموم متوعد بعذاب الله تعالى في نار جهنم إن لم يتب إلى ربه قبل موته، بل هو ومن اتبعه في تزيينه ذلك يتلاومون في نار جهنم! كما قال سبحانه: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الصافات:٢٧-٣٣].
« عن السدي، في قوله: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) قال: « تأتوننا من قبل الحق تزينون لنا الباطل، وتصدوننا عن الحق»97.
وفي ختام هذا النوع المذموم من التزيين، نورد كلامًا قيمًا لابن عاشور رحمه الله، وهو قوله: «وقد استقريت مواقع التزيين المذموم فحصرتها في ثلاثة أنواع:
الأول: ما ليس بزينٍ أصلًا -لا ذاتًا ولا صفة- لأن جميعه ذمٌّ وأذى، ولكنه زيّن للناس بأوهام وخواطر شيطانية، وتخييلات شعرية (كالخمر).
الثاني: ما هو زين حقيقة، لكن له عواقب تجعله ضرًّا وأذى (كالزنا).
الثالث: ما هو زين لكنه يحف به ما يصيره ذميمًا (كنجدة الظالم)»98.
ثالثًا: تزيين كوني قدري:
وهو: تزيين الحياة الدنيا ومتاعها:
وهذه الزينة أو التزيين سماه بعض العلماء: (الزينة الحيادية)! وهي تزيين الله تعالى متاع الدنيا للناس ؛ التي يمكن للإنسان أن يستخدم ذلك التزيين في طاعة الله تعالى، ويمكنه أن يستخدمه في المعصية، كما قال سبحانه: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ)[آل عمران:١٤].
وحسن المآب يكون لمن استقام في الدنيا على الصراط الذي رسمه الله للمتقين، وكما قال سبحانه: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ)[النحل:٨].
وعن الحكمة من هذا التزيين يقول سبحانه: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الكهف:٧] فهذا النوع من التزيين إنما هو: ليبتلي الله عباده، فيكشف المطيعين والعاصين عن طريقه.
فحبّ الشهوات من النساء، وحبّ البنين، وحبّ المال، وحبّ المآكل والمشارب، وحبّ المراكب، وحبّ الخيل المسوّمة والأنعام والحرث، إلى غير ذلك ممّا جعل الله فيه زينة للناس، فالزينة في كلّ ذلك من خلق الله، ومن فطرته التي فطر المزيّنات والنفوس عليها؛ ليمتحن إرادات الناس بها.
فإن استخدمت هذه الزينة في حدود ما أذن الله، دون عدوان، ولا ظلم، ولا بغي، ولا إسراف، ولا تبذير، ولا تجاوز إلى مواطن الضرر؛ كانت منّة من الله تعالى وإكرامًا لعبده، كما قال سبحانه: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الأعراف:٣١-٣٢].
أمّا إن استخدمت هذه الزينة في غير ما أذن الله وأحلّ؛ فإنّها تكون إمهالًا من الله تعالى واستدراجًا لصاحبها ، كما قال سبحانه: (ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [الأنعام:٤٤]99.
وبعد: فقد ذكرنا في صور التزيين أن الأولى: تزيين محمود، لأنه يعود على الإنسان بالخير والرحمة، فحري بالمسلم أن يسعى قدر مستطاعه لتزيين الأعمال الصالحة لنفسه ولغيره، فمن فعل ذلك فهو محمود ممدوح، وهو داخل في الدعوة إلى الله تعالى، وقد قال سبحانه: (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [فصلت:٣٣].
أما الصورة الثانية: فتزيين مذموم ؛ لأنه يعود على الإنسان بالشر والعذاب، فعلى المسلم أن يسعى لاجتناب تزيين الشر لنفسه أو لغيره؛ فقد قال تعالى ماقتًا ومحذرًا الذين يزخرفون ويزينون الباطل: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الأنعام:١١٢].
أما الصورة الثالثة: التزيين القدري، فعلى المسلم أن يعلم ذلك ثم يسعى لاغتنام ذاك التزيين فيما يعود عليه بالخير والفلاح.
موضوعات ذات صلة: |
حجاب المرأة، الحياة، العفة، النساء |
1 مقاييس اللغة.ابن فارس ٣/٤١.
2 مختار الصحاح، الرازي ص ١٣٩.
3 تهذيب اللغة، الأزهري ١٣/١٧٥.
4 لسان العرب، ابن منظور ١٣/٢٠١.
5 نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي ص ٣٣٩.
6 التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ١٨٨.
7 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٧/٤٠٢.
8 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص٣٣٥-٣٣٦، المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم ص٦٠٧.
9 انظر: الوجوه والنظائر، الدامغاني، ص٢٥١-٢٥٢، نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي، ص٢٣٩، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٣/١٥٥-١٦٠، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي، ٢/١٥٨-١٥٩.
10 انظر: لسان العرب ٦/٣٠٨- ٣٠٩.
11 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٨-ب/٧٥.
12 انظر: لسان العرب ٩/١٣٢.
13 المصدر السابق ٢/٢٨٤ بتصرف.
14 انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/٣٩١.
15 أجنحة المكر الثلاثة، عبدالرحمن حبنكة ص ٥٠٥.
16 الكشاف، الزمخشري ٢/٧٠٤.
17 أضواء البيان، الشنقيطي ٣/٢٠٣ بتصرف يسير.
18 في ظلال القرآن، سيد قطب ٦/٣٣٥٩.
19 مفاتيح الغيب، الرازي ٢/٣٤٠.
20 في ظلال القرآن، سيد قطب ٦/٣٣٥٩.
21 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٥/٢٥٧.
22 المنار، محمد رشيد رضا ٨/٣٢٠.
23 الكشاف، الزمخشري ٤/٥٤٦-٥٤٧بتصرف يسير.
24 مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٣٧٣.
25 في ظلال القرآن، سيد قطب ٣/١٢٧٨.
26 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن أبي حاتم ٥/١٤٥٨.
27 في ظلال القرآن، سيد قطب ٣/١٢٧٨.
28 المنار، محمد رشيد رضا ٨/٣١٩.
29 المصدر السابق ٨/٣٢٠.
30 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣/١٧٩.
31 المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٤٠٨.
32 البرهان في علوم القرآن، الزركشي ٣/٢٤٨.
33 مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٤٦٧ بتصرف.
34 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٦٢٤ بتصرف.
35 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٠/٤١٣.
36 البحر المحيط، أبو حيان ٣/٣٤.
37 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا المال خضرة حلوة)، رقم ٦٤٤١، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن اليد العليا هي المنفقة وأن السفلى هي الآخذة، رقم ١٠٣٥.
38 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ١/٤٣٥، أضواء البيان، الشنقيطي ٢/٣٥٢.
39 البحر المحيط، أبو حيان ٩/٣٦٣.
40 جامع البيان، الطبري ٤/٥٣٢.
41 معالم التنزيل، البغوي ٢/١٤٥.
42 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٧/٤٠٢-٤٠٣ بتصرف.
43 معالم التنزيل، البغوي ٥/١٦٦.
44 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٥/٣٠٥ بتصرف يسير.
45 فتح القدير، الشوكاني ٣/٣٤٤.
46 مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٤٦٨.
47 المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٥١٩.
48 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١١/٢٦٩.
49 على القول بأن هذه القرية هي مكة، كما رجح ذلك الطبري في تفسيره ١٧/٣٠٩.
50 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٠/٢٧٩.
51 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٦٠٨.
52 البحر المديد، الفاسي ٢/١١٨.
53 مفاتيح الغيب، الرازي ١٢/٥٣٥.
54 المصدر السابق ٢٩/٤٦٨.
55 جامع البيان، الطبري ١٩/٦١٦.
56 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٠/١٧٦.
57 المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢٩٨ بتصرف.
58 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٥٦.
59 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٠/١٨٥.
60 الكشاف، الزمخشري ٤/٥٤٤.
61 محاسن التأويل، القاسمي ٥/٦٤-٦٥.
62 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٩٢، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/٢٣٠.
63 أضواء البيان، الشنقيطي ٧/٢٣٠، وانظر: الموسوعة الفقهية الكويتية ٢/٣٢١.
64 شرح صحيح البخاري، ابن بطال ٢/٣٩.
65 المحلى بالآثار، ابن حزم ٢/٢٤٠.
66 انظر: صحيح البخاري، كتاب الصلاة ١/٧٩.
67 الاستذكار، ابن عبدالبر ٢/١٩٧.
68 المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٩٢.
69 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٠٦.
70 جامع البيان، الطبري ٤/٥٣٢.
71 أضواء البيان، الشنقيطي ٥/٥١٦.
72 جامع البيان، الطبري ١٩/١٥٦.
إسناد رواية ابن جرير هذه هو: «حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني الثوري، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أبي الأحوص، عن عبد الله...»، قال المقدّم: «إسناده في غاية الصحة وأورد هذا الأثر الإمام ابن كثير في تفسيره» عودة الحجاب.المقدّم ٣/٢٨٧.
73 إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب، سعيد القحطاني ص ١٠٧.
وانظر: عودة الحجاب، محمد المقدّم٣/٢٨٣.
74 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٨/٢٠٩.
75 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الغسل، باب غسل الرجل مع امرأته، رقم ٢٥٠، ومسلم في صحيحه كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة، وغسل أحدهما بفضل الآخر، رقم ٣٢١.
76 أخرجه أحمد في مسنده، مسند عائشة رضي الله عنها، ٤٢/٣٦٧، رقم ٢٥٥٦٨، وابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة وسننها، باب النهي أن يرى عورة أخيه، رقم ٦٦٢.
وضعفه الألباني في الإرواء، ٦/٢١٣، رقم ١٨١٢.
77 جامع البيان، الطبري ١٩/١٦٠.
78 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها، رقم ٢٤٠.وليس الحديث في مسلم كما وهم ابن كثير رحمه الله.
79 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٧.
80 المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/١٧٩.
81 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٨/٢١١.
82 إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب، سعيد القحطاني ص ١٠٨.
83 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٨/٢١١.
84 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٩.
85 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٤/٤٢٠.
قال ابن قتيبة: «ولا أراها سميت قاعدًا، إلا بالقعود.لأنها إذا أسنّت: عجزت عن التّصرّف وكثرة الحركة، وأطالت القعود».
انظر: غريب القرآن ص ٣٠٨.
86 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٥٧٤.
87 الكشاف، الزمخشري ٣/٢٥٥.
88 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣/١٧٩.
89 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٧/٣٧٢.
90 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٨/١٠٢.
91 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي ٧/٤١٢.
92 البحر المديد، ابن عجيبة ٣/٨٨.
93 المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٣٦.
94 جامع البيان، الطبري ١٢/٥٢.
95 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٥٤.
96 حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي ٤/٥٩ بتصرف يسير.
97 جامع البيان، الطبري ٢١/٣٢.
98 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٢٩٥.
99 أجنحة المكر الثلاثة ص ٥٠٧ بتصرف.