عناصر الموضوع

مفهوم الدفع

الدفع في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أسباب الدفع

مجالات الدفع

وسائل الدفع

عواقب ترك الدفع

نتائج الدفع

الدفع

مفهوم الدفع

أولًا: المعنى اللغوي:

دفع: الدال والفاء والعين أصل واحد مشهور، يدل على تنحية الشيء. يقال: دفعت الشيء أدفعه دفعًا، ودافع الله عنه السوء دفاعًا1.

والدفع: الإزالة بقوة2. ومنه يتبين لنا: أن الدفع معناه: الإزالة بقوة لكل ما يعرض من ضرٍ وأذى، كدفع بلية، أو دفع صائل ونحوه، وهي تدل على عموم الإزالة والإزاحة، والدفع لكل ما يدفع أو يندفع، حتى إنهم يقولون: تدفع السيل واندفع، أي: دفع بعضه بعضًا3.

والدفع إما أن يكون من الشخص لصالح نفسه، أي: يدفع الأذى عن نفسه، أو لصالح غيره، أي: يدفع الأذى عن غيره، كقوله تعالى: ( ﭝﭞ ﭧﭨ ﭭﭮ ﭴﭵ ﭻﭼ ﭿ ﮉﮊ ﮋﮌ ) [آل عمران: ١٦٧-١٦٨].

فإنه شمل أمرهم دفع أذى الكافرين عن أنفسهم، وعن إخوانهم من المسلمين بحسب الظاهر، والآية الأخيرة أمرتهم على سبيل التعجيز -إن هم خافوا الموت بامتثال الأمر بالدفع- أن يدفعوا عن أنفسهم الموت إن كانوا صادقين.

وقد يكون الدفع متبادلًا من شخصين أو فريقين؛ فيسمى حينئذ (دفاعًا)، و(تدافعًا)؛ لدلالة الدفاع والتدافع على الاشتراك في الفعل، فالأول فعله (دافع)، والثاني فعله (تدافع) مثل: (قاتل) و(تقاتل)، كلاهما يدل على المشاركة، ففي معنى التشارك ذكروا أن الصيغ (فاعل)، كخاصم، و(افتعل)، كاختصم، و(تفاعل) كتخاصم - تشترك كلها في هذا المعنى4. ومنه تدافعوا الشيء: دفعه كل واحد منهم عن صاحبه. وتدافع القوم: دفع بعضهم بعضًا5.

ومن خلال ما سبق عرضه من كلام أهل اللغة يتبين لنا أن كلامهم في معنى الدفع ومشتقاته يدور حول إزالة الشيء بقوة أو إزاحته بقوة.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

الدفع إذا عدي بإلى اقتضى معنى الإنالة، نحو قوله تعالى: ( ) [النساء: ٦].

وإذا عدي بعن؛ اقتضى معنى الحماية، نحو: ( ﯿ ) [الحج: ٣٨].

وقال: ( ) [الحج: ٤٠].

وقوله: ( ) [المعارج: ٢-٣].

أي: حامٍ6.

تبين لنا مما سبق أن الدلالة اللغوية للدفع تدل على عموم الدفع لكل ما يدفع أو يندفع، أما الدلالة الاصطلاحية للدفع فسوف نقتصر فيها على بعض تلك الدلالة العامة فتكون:

(دفع ما يلحق من الغير مما يعوق المسلم عن العمل للغاية التي خلق لأجلها، من كفر، وطغيان، وفساد، وشر، وإيذاء).

ويمكن أن يسمى ذلك (دفعًا)، كما يمكن تسميته كذلك (دفاعًا، ومدافعةً، وتدافعًا)، باعتبار أن كلًا من فريقي الحق والباطل يدفع الآخر.

وفي قوله تعالى: ( ﭸﭹ ﭽﭾ ﭿ ) [الحج: ٤٠]

قرأ نافع بألف وكسر الدال (دِفَاع)7، على اعتبار أن كلًا من أهل الحق المصلحين، وأهل الباطل المفسدين يقاوم الآخر ويقاتله ويدافعه8.

الدفع في الاستعمال القرآني

وردت مادة (دفع) في القرآن الكريم (١٢) مرة9.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

١

( ) [النساء:٦]

الفعل المضارع

١

( ﯿ ) [الحج:٣٨]

فعل الأمر

٤

( ) [آل عمران:١٦٧]

المصدر

٤

( ) [البقرة:٢٥١]

اسم الفاعل

٢

( ﯕ ﯖ ) [الطور:٧-٨]

وجاء الدفع في الاستعمال القرآني بمعناه اللغوي، وهو: تنحية الشيء10، ومما يجب التنبه له أن الدفع إذا عدي بـ(إلى) اقتضى معنى الإنالة، نحو قوله تعالى: ( ) [النساء:٦].

وإذا عدي بـ(عن) اقتضى معنى الحماية، نحو قوله تعالى: ( ﯿ ) [الحج:٣٨]11.

الألفاظ ذات الصلة

الجهاد:

الجهاد لغة:

الجهاد: المبالغة واستفراغ الوسع في الحرب أو اللسان، أو ما أطاق من شيء، والاجتهاد والتجاهد: بذل الوسع والمجهود12.

الجهاد اصطلاحًا:

بذل الجهد واستفراغه في مدافعة العدو13.

الصلة بين الجهاد والدفع:

جهاد الدفع نوع من أنواع الجهاد، والجهاد أعم صورًا.

قال الراغب: «والجهاد ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس.

وتدخل ثلاثتها في قوله تعالى: ( ) [الحج: ٧٨].

وقوله تعالى: ( ) [التوبة: ٤١].

وقوله تعالى: ( ﭿ ) [الأنفال: ٧٢].

والمجاهدة تكون باليد واللسان14.

المحاجة:

المحاجة لغة:

والتحاج لغة: التخاصم، يقال: «حاجه محاجةً وحجاجًا: نازعه الحجة، وحجه يحجه حجًا: غلبه على حجته. وفي الحديث (فحج آدم موسى)15، واحتج بالشيء: اتخذه حجةً»16.

المحاجة اصطلاحًا:

المحاجة إذا هي: مبادلة الخصم الحجة بالحجة، فهي مفاعلة من: حجه يحجه محاجة، والمفاعلة تكون من طرفين، كالمباراة والمباهاة والمباهلة والملاعنة ونحوها، فهي مبادلة الحجج بين خصمين، كل منهما متمسك بما معه، منافح عنه، ويحاول إقناع خصمه بما معه.

الصلة بين المحاجة والدفع:

المحاجة صورة من صور الدفع، كذلك للباطل وأهله، وهي من نوع التدافع؛ لأن كلًا من الفريقين يحاول أن يدفع حجة الآخر ويبطلها.

أسباب الدفع

تحدث القرآن الكريم عن أسباب الدفع عند المؤمنين وعند الكافرين، وسوف نتناول في النقاط الآتية:

أولًا: أسباب الدفع عند المؤمنين:

لما كانت غاية المؤمنين هي عبادة الله تعالى، وامتثال أوامره كانت تلك الغاية هي المحرك الأول لهم في جميع أمور حياتهم؛ ومن ثم فإن أهم أسباب الدفع لديهم هي:

١. تعبيد الناس لرب العالمين وحده.

وقد كانت هذه الرسالة واضحة في جهاد الصحابة وفتوحاتهم المجيدة، فهذا ربعي بن عامر يحمل دعوة الإسلام للفرس، ويدخل على ملكهم، غير هياب، ولا وجل، «فقال له رستم: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا، وجاء بنا؛ لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله تعالى، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام؛ فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه»17.

٢. نصرة الدين، وأن يكون الدين كله لله.

فالمؤمنون أمرهم الله تعالى أن يدفعوا الكفر وأهله؛ لئلا يكون لهم العلو في الأرض؛ فيعبدوا الخلق لغير خالقهم؛ فأمر المؤمنين أن يجاهدوا الكافرين والمشركين؛ ليكون الدين كله لله، وتكون كلمة الله هي العليا؛ وكلمة الكافرين هي السفلى.

قال تعالى: ( ﭽﭾ ﭿ ) [البقرة: ١٩٣].

وقال تعالى: ( ﯝﯞ ) [الأنفال: ٣٩].

وإذا صار الدين كله لله؛ ترتب على تحقيق ذلك كل الخير للعباد؛ مما سنكشف عنه في نتائج الدفع من حرية المعتقد، وحرية العبادة وأمكنتها، وإحقاق الحق، ورفع الظلم، وتمكين الحق وأهله، وخذلان الباطل وأهله.

ثانيًا: أسباب الدفع عند الكافرين:

إذا كانت أسباب الدفع عند المؤمنين تنطلق من منطلق إيمانهم وطاعتهم لله رب العالمين، وتحقيق عبوديته؛ فإن أسباب الدفع عند الكافرين تنطلق من منطلق كفرهم بالله، وسخطهم، وعداوتهم للمؤمنين به، ومحاولة ردتهم، وصدهم عن سبيل الله، وإفسادهم، وإشاعة الفاحشة بينهم.

ومن أهم تلك الأسباب:

١. محاولة إطفاء نور الله تعالى بإشاعة الكفر، وإفساد عقيدة المسلمين.

لعل هذا يعد من أعظم أسباب دفع الكافرين المؤمنين، وقد يبدو ذلك مستغربًا؛ إذ قد يظن البعض أنه لا فائدة من ورائه لهؤلاء الكافرين، ولكنه الحقد -أولًا وقبل كل شيء- هو الذي يحرك أعداء المسلمين في قتالهم، ودفعهم، ورغبتهم في القضاء عليهم، ومحاولة إطفاء نور الله، ومحو كل مظاهر الإيمان وسلوكيات الطهر التي تذكرهم بجرائمهم، وتنكبهم عن سواء الصراط؛ ثم تأتي بعد ذلك بقية الأسباب من الاستحواذ على ثرواتهم ومقدراتهم وغير ذلك.

وقد أخبر سبحانه عن مدى عداوة هؤلاء الكافرين للمؤمنين، كاشفًا عن أسباب قتالهم إياهم، مبينًا أن أعظم تلك الأسباب هو إفساد المؤمنين بدفعهم عن الإيمان إلى الكفر، وأن يردوهم عن دينهم حسدًا وبغيًا.

فقال تعالى: ( ﮖﮗ ﮥﮦ ﮩﮪ ) [البقرة: ٢١٧].

وأخبر تعالى عن مكنون صدورهم في ذلك، وأن عداوتهم للمؤمنين ما هي إلا بغي وحسد فقال: ( ﮢﮣ ﮩﮪ ) [البقرة: ١٠٩].

كما بين سبحانه أنهم ما كفروا إلا بعد معرفتهم بالحق واستيقانهم به، وأنهم ما فعلوا ذلك إلا بغيًا على أنبياء الله تعالى وأتباعهم من المؤمنين.

قال تعالى: ( ﭦﭧ ﭿ ﮀﮁ ﮅﮆ ) [البقرة: ٨٩-٩٠].

وهم في ذلك كله يحاولون جاهدين أن يطفئوا نور الله بأفواههم؛ حتى لا يكون ثم إيمان، ولا مؤمنون.

وهذا واضح بينٌ كشف الله تعالى عنه في كتابه، ووضحه للمؤمنين؛ حتى يعرفوا أعداءهم، فقال سبحانه: ( ﭿ ﮋﮌ ﮤﮥ ﮨﮩ ﮯﮰ ﯓﯔ ﯧﯨ ﯬﯭ ) [التوبة: ٢٩-٣٣].

فأمر سبحانه بقتالهم؛ لدفع فسادهم وكفرهم وعقائدهم الباطلة في عبادة غير الله تعالى، كعزير والمسيح عليه السلام حيث يريدون إطفاء نور الإيمان الواضح المبين الذي أرسل الله به رسله أجمعين، ودعوة الناس للكفر الواضح المبين من عبادة غير رب العالمين.

وبين في مقابل ذلك أنه ما بعث رسوله صلى الله عليه وسلم إلا لدفع الكفر وأهله؛ ليظهر دين الحق على الدين كله، ولو كره المشركون.

وجاء نحو ذلك في سورة الصف كذلك، فقال تعالى: ( ﮋﮌ ﯔﯕ ) [الصف: ٨-١١].

حيث أخبر سبحانه عن أسباب وغايات الدفع عند هؤلاء الكافرين، ثم أتبعها بتهييج المؤمنين على دفع منكرهم وباطلهم؛ جهادًا في سبيل الله.

٢. إفساد أخلاق المؤمنين.

من الثابت لدى أهل الإسلام ارتباط الأخلاق بالعقيدة الصحيحة؛ فالإيمان بالله ورسوله هو القاعدة والأساس الذي تنطلق منه جميع الأعمال الصالحة عند المسلم؛ وذلك أن الدين كله عقيدة وشريعة وأخلاقًا وآدابًا تنتظمه منظومة واحدة، هي منظومة العبودية والخضوع لله رب العالمين.

وهذا هو ما يؤكده النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)18.

فنراه صلى الله عليه وسلم يربط ربطًا وثيقًا بين الأخلاق والإيمان بالله واليوم الآخر، ومن ثم إذا ما انهارت العقيدة -وهي الحصن الحصين للإسلام، وهي واسطة عقد نظامه-؛ لا شك ينهار هذا البناء، وينفرط عقد هذا النظام، ومن ثم جهد أعداء الإسلام على إحداث خلل كبير في أمر العقيدة عند كثير من الناس، في كثير من المجتمعات الإسلامية؛ مما يؤدي تلقائيًا إلى تردي أخلاق هؤلاء الذين أصابهم الخلل في عقيدتهم، ومن ثم ينهار بنيان المجتمع بكامله.

وليس عجبًا أن يربط الله تعالى في سورة من قصار السور بين الوصف بالتكذيب بالدين، وبين القسوة على اليتيم والمسكين، ليلفتنا إلى أثر العقيدة في سلامة الخلق.

قال تعالى: ( ﭿ ) [الماعون:٦-٧].

إذن فالإيمان بالدين، وهو الحساب والجزاء، وإكرام اليتيم، والحض على طعام المسكين، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وتقديم الماعون لأهله.. كل ذلك تشمله منظومة واحدة متكاملة، ويرجع إلى أصل واحد، وهو الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر.

ولذلك تجد أغلب الأوامر والنواهي التي تدعو إلى جميل الخصال، وتنهى عن رذيل الأحوال، تصدر كلها بنداء الإيمان ( )، وذلك كما في سورة الحجرات على سبيل المثال.

وقد أصبحت أغلب المجتمعات اليوم -بفعل دفع أعداء الإسلام بكثير من صور الإفساد الأخلاقي- تعج بمظاهر الفظاظة والغلظة والقساوة وسوء الأخلاق، وصار من الأمور المألوفة في شوارع المسلمين وسككهم، ما يؤذي الآذان من السب والقذف والصخب والفحش، وما يؤذي الأعين من مظاهر التبرج والسفور والسكر والعهر والاختلاط المحرم، وكثرة الأذى في سبيل الناس وطرقهم، ورؤية المدمنين من متعاطي الخمور والمخدرات، وما يزكم الأنوف من دخان التبغ وغيره، وما يؤذي الضمائر والأنفس من فساد المعاملات وانتشار الرشوة والربا والميسر، وأكل أموال الناس بالباطل، وما يدمي القلوب من العقوق وقطع الأرحام وتفشي التدابر والتقاطع بين الأهل والجيران وسائر الإخوان.

كل ذلك يستدعي ضرورة المسارعة للدفع المقابل؛ لإنقاذ مجتمعات المسلمين من براثن ذلك الفساد الخلقي، المؤذن بخراب تلك المجتمعات وانهيارها مما أشاعه أعداؤهم في مجتمعات المسلمين، لا يألونهم خبالًا؛ لأنهم دائمًا يودون ما يعنتهم، ويوقعهم في الموبقات والمهالك.

قال تعالى: (ﭿ ﮋﮌ ﮕﮖ ﮚﮛ ﯓﯔ ﯗﯘ ﯧﯨ ﯯﯰ ) [آل عمران: ١١٨-١٢٠].

كما أخبر أن أعظم تلك الأسباب أيضًا هو إفساد المؤمنين بإشاعة الفواحش فيهم، ودعوتهم للميل عن دينهم الحق الذي يأمرهم بزكاة نفوسهم، واستقامة أخلاقهم إلى سبيل الفواحش والشهوات.

فقال تعالى: ( ) [النساء: ٢٧].

ومن ثم توعدهم الله تعالى على ذلك بعذاب أليم، فقال سبحانه: ( ﯿ ﰁﰂ ) [النور: ١٩].

٣. الحرص على التحكم في العباد ومقدرات الشعوب واستحواذ ملذات الحياة الدنيا.

الكافر لا يؤمن بالآخرة؛ ومن ثم فهو لا يطلب إلا الحياة الدنيا، ولا يريد سواها، وفي سبيل ذلك يدافع ويقاتل؛ فقد زينت له بشهواتها وأعراضها الزائلة؛ فتكالب عليها، وقاتل لأجلها، ولم ير لأحد حق فيها سواه.

قال تعالى: ( ﭯﭰ ﭵﭶ ) [البقرة: ٢١٢].

وقال سبحانه: ( ﮯﮰ ﯕﯖ ) [آل عمران: ١٤].

وفي سبيل تحقيق تلك الشهوات والمآرب الدنيئة يطغى ويستكبر، ويعيث في الأرض فسادًا، والله لا يحب الفساد.

قال سبحانه في المنافقين الذين أظهروا الإيمان، ويبطنون الكفر والعداوة للمؤمنين، ويمالئون عليهم أعداءهم: ( ﭿ ﮊﮋﮌ ﮘﮙ ﮛﮜ ) [البقرة: ٢٠٤-٢٠٦].

وقال تعالى مبينًا سبب إفساد الكافرين في الأرض، وأنه يرجع إلى طغيانهم واستكبارهم: ( ﭿ ﮋﮌ ) [الفجر: ٦-١٤].

وهؤلاء الكافرون يرون أنه ليس لأحد حق في هذه الحياة الدنيا وطيباتها سواهم، ومن ثم فهم يزاحمون المؤمنين فيها ويدفعونهم عنها، والله تعالى ما أحل هذه الطيبات إلا للمؤمنين؛ ولذا يجعلها خالصة لهم يوم القيامة.

قال تعالى: ( ﭭﭮ ﭸﭹ ) [الأعراف: ٣٢].

مجالات الدفع

أولًا: الكفر والإيمان:

لا يزال الصراع والتدافع بين الكفر والإيمان منذ بدء الخليقة مستمرًا حتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ وذلك منذ نشأت العداوة بين إبليس وآدم، وقد حذر الله آدم وزوجه، ومن ثم ذريتهما من بعدهما من عداوة إبليس؛ فقال سبحانه: ( ﭿ ﮋﮌ ﮯﮰ ﯡﯢ ﯥﯦ ) [طه: ١١٥-١٢٣].

فمن ثم تأسست العداوة في الأرض بين إبليس وذريته، ومن أعانه من شياطين الإنس والجن من جهة، وبين آدم وذريته ممن أطاع الله تعالى، واتبع سبيل المرسلين من جهة أخرى.

لا جرم من أن يعين إبليس وجنده أهل الكفر والضلال من بني آدم المفسدين في الأرض، من الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله، من نعتهم الله بشياطين الإنس فقال سبحانه: ( ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮋﮌ ) [الأنعام: ١١٢-١١٣].

ومن ثم صار الناس حزبين لا ثالث لهما: حزب الله، وحزب الشيطان، وقد وصف الله حال الفريقين بقوله: ( ﯽﯾ ﯿ ﰁﰂ ﰗﰘ ﭥﭦ ﭮﭯ ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ ) [المجادلة: ١٩-٢٢].

ودارت رحى الحرب بين الفريقين؛ فاقتتلوا حيث تدافع الفريقان و( ﭿ) [البقرة: ٢٥٣].

قال تعالى: ( ﭗﭘ ﭜﭝ ﭠﭡ ﭩﭪ ﭿﮀ ) [البقرة: ٢٥٣].

وأخبر تعالى أن قتال هؤلاء الأعداء الكافرين لا يزال مستمرًا متجددًا إلى يوم القيامة، كما أخبر عن غاية هؤلاء من قتالهم المؤمنين فقال تعالى: ( ﮖﮗ ﮥﮦ ﮩﮪ ) [البقرة: ٢١٧].

كما أيأس الله تعالى المؤمنين من أن يبلغوا رضا أعدائهم، أو أن يسالموهم؛ فيكفوا دفعهم وأذاهم الدائم لهم؛ فهم لا يرضون عن المؤمنين أبدًا حتى يتبعوا ملتهم الباطلة، ولا يزالون يقاتلونهم حتى يردوهم عن دينهم إن استطاعوا.

قال تعالى: ( ﭙﭚ ﭠﭡ ﭩﭪ ) [البقرة: ١٢٠].

ثانيًا: الخير والشر:

لقد خلق الله الإنسان، وركب فيه نوازع الخير والشر، وخيره بين اتباع أي منها؛ ولكنه رتب الفلاح والنجاح على تزكية المرء لنفسه إذا عمل بالخير ودعا إليه، ورتب الخيبة والخسران على تدنيس النفس بالشر إذا عمل به ودعا إليه؛ فقال سبحانه: ( ) [الشمس: ٧-١٠].

وكما يتصارع ويتدافع أهل الإيمان وأهل الكفر منذ بداية الخليقة؛ يتصارع كذلك دعاة الخير ودعاة الشر كذلك، ودعاة الخير الحقيقيون هم المؤمنون، كما أن دعاة الشر هم الكافرون.

قال تعالى: ( ﭿ ﮋﮌ ) [المعارج: ١٩-٣٥].

فالمؤمنون المصلون هم أهل الخير ( )، ( )، وأنهم ( )، وأنهم ( ).

والكافرون المكذبون بيوم الدين بعكس ذلك، هم أهل الشر ترى أحدهم ( ﭿ ) [المعارج: ١٩-٢١]، ( ) [الماعون: ٢-٣].

ومن ثم توعد الله أهل الخير المؤمنين المصلين أن يتصفوا ببعض صفات أهل الشر المكذبين فقال: ( ﭿ ) [الماعون: ٤-٧].

ولما كان المؤمنون هم أهل الخير؛ دعاهم الله تعالى ليس إلى مجرد فعله؛ بل أمرهم مع ذلك بدعوة الناس إليه، فقال تعالى مخاطبًا المؤمنين: ( ﮠﮡ ) [آل عمران: ١٠٤].

فالمؤمنون هم دعاة الخير الحقيقيون، أو هم الجديرون بذلك؛ لأن الإيمان بالله تعالى يأخذ بيد العبد إلى الخير كله، ولا يزال المرء على خصلة من الخير؛ حتى تأخذ بناصيته إلى البر كله، ولا يزال المرء على خصلة من الشر؛ حتى تأخذ بناصيته إلى الشر كله.

وعن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)19.

ويتصارع الفريقان أهل الخير وأهل الشر في إرادة الخير أو الشر بالناس، ونشره بينهم؛ فالمؤمنون أهل الخير ممتثلون أمر ربهم لهم في ذلك بدعوة الناس إلى الخير، وحثهم عليه ونشره بينهم، والكافرون أهل الشر عبيد الشهوات، همهم ورغبتهم أن يحولوا المجتمعات إلى مجتمعات تائهة، ينسلخ فيها الأفراد حتى من ثوب الإنسانية؛ لينحطوا إلى درك من البهيمية، مطلق من كل عقال ديني أو أخلاقي أو اجتماعي، متدثرين بشعارات خداعة من الحرية والتمدن والتحضر وغيرها من شعاراتهم الكاذبة، والتي هي في حقيقتها ليست سوى أسماء أخرى للشهوة المرادة في الآية20.

قال تعالى: ( ) [النساء: ٢٧].

وهم لا يريدون سوى إشاعة الفواحش والفجور في مجتمع المؤمنين بشتى الصور والوسائل؛ ومن ثم توعدهم الله تعالى على ذلك بعذاب أليم، فقال سبحانه: ( ﯿ ﰁﰂ ) [النور: ١٩].

وانظر كيف صور سبحانه حال عباد الرحمن، وأثنى عليهم، ووعدهم على ذلك الجنة، بادئًا في الثناء عليهم بحسن أخلاقهم مع الخلق، وجميل أوصافهم في معاملاتهم وسلوكهم، مقارنًا بينهم وبين أهل الشر الكافرين، الذين أبوا السجود لأرحم الراحمين، فقال سبحانه: ( ﭿ ﮁﮂ ﮋﮌ ) الآيات، إلى قوله تعالى: ( ﯝﯞ ) [الفرقان: ٦٠- ٧٦].

فعباد الرحمن هم خير الناس للناس، هينون لينون، بعيدون عن كل لغو ولغط وجدال وشقاق، قال سبحانه: ( ) [الفرقان: ٦٣].

ويتصارع الفريقان إلى يوم القيامة: فريق يحب الخير للناس ويدعو إليه، وهم الرسل وأتباع الرسل، وفريق يريد الشر للناس ويدعو إليه، وهم أولياء الشيطان وأعداء الرسل.

قال تعالى: ( ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮋﮌ ) [الأنعام: ١١٢-١١٣].

ثالثًا: الحق والباطل:

قضى الله بحكمته وعدله أن يخلق الناس فريقين: أهل حق، وأهل باطل، أهل هدى، وأصحاب ضلالة ( ﯽﯾ ﯿ ) [الأعراف: ٣٠].

والقضية محسومة، أهل الإيمان هم أهل الحق؛ ( ﭟﭠ ) [محمد: ٢].

والذين كفروا هم أهل الباطل، وقد كتب الله الفوز والسعادة وصلاح البال للمؤمنين أهل الحق، وكتب الخزي والضلال وحبوط الأعمال للباطل وأهله، وأوجب على المؤمنين مدافعتهم بكل ما أوتوا من قوة؛ حتى إذا لقوهم في الحرب فليس لهم إلا القتال وضرب الرقاب، ثم شد الوثاق.

قال تعالى: ( ﭦﭧ ﭺﭻ ﭿ ﮋﮌ ﮕﮖ ﮠﮡ ) [محمد: ١-٩].

والحق هو سلاح المؤمنين في دعوتهم إلى الله، كما أن الباطل هو حجة الكافرين الداحضة، يجادلون بها؛ ليدحضوا الحق.

قال تعالى: ( ﭿ ﮋﮌ ﮒﮓ ﮘﮙ ﮟﮠ ) [غافر: ٤-٥].

هكذا قضت سنته سبحانه أن يتصارع الحق والباطل، ويتدافعان إلى يوم القيامة، ولكنه كتب الغلبة والنصر والبقاء للحق وأهله، وضرب لكل مثلًا؛ فقال سبحانه: ( ﯙﯚ ﯥﯦ ﯫﯬ ﯰﯱ ﯸﯹ ) [الرعد: ١٧].

فالباطل لا يبقى ولا يدوم، بل الحق هو الذي يدفعه ويدمغه ويقضي عليه، فهو لا يثبت أمام الحق، وصدق سبحانه القائل: ( ﮝﮞ ) [الإسراء: ٨١].

وقال سبحانه: ( ﮚﮛ ) [الأنبياء: ١٨].

وقال سبحانه: ( ) [سبأ: ٤٨-٤٩].

سنة ثابتة إذًا أن تكون الغلبة للحق وأهله، وأن يندحر الباطل وأهله، ولم لا، و(ﮪﮫﮬ) [الحج: ٦٢].

و( ) و( )؟!

( ) [الحج: ٦٢].

ومن ثم فلا بد من خسران الباطل وأهله، ولو كان ذلك في الجولة الأخيرة؛ فهم خاسرون لا محالة، بهذا قضت سنة الله تعالى: ( ﯬﯭ ﯲﯳ ) [العنكبوت: ٥٢].

رابعًا: الظلم والعدل:

صراع الظلم والعدل ليس مقصورًا على صراع الكافرين مع أهل الإيمان -وإن كانوا هم أكثر الناس ظلمًا-، وإنما قد يقع من بعض الفسقة والمبتدعة والعصاة من أهل الإيمان.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: «إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره، ممن ضربه وحبسه، واستغفر لهم، وحللهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام؛ لم يجز الاستغفار لهم؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع»21.

والحق أن الظلم مذموم من جميع الخلق -مؤمنهم وكافرهم-، بل يلحق المؤمن بذلك أعظم الذم؛ لأن الإيمان ينافي الظلم ويناقضه؛ إذ مبناه على الحق والعدل، و«جماع الحسنات العدل، وجماع السيئات الظلم»22.

وإذا دب الظلم في ملك؛ أفسده وأذهبه، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: «وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل، الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق -وإن لم تشترك في إثم-، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام، فالباغي يصرع في الدنيا -وإن كان مغفورًا له مرحومًا في الآخرة-، وذلك أن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل؛ قامت -وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق-، ومتى لم تقم بعدل؛ لم تقم -وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة-، فالنفس فيها داعية الظلم لغيرها بالعلو عليه والحسد له، والتعدي عليه في حقه»23.

وليس معنى ذلك أن يخرج الناس على حكامهم إذا ما أقاموا فيهم كتاب الله وسنة رسوله، أو دون نظر في العواقب، وما يتبع ذلك من المفاسد العظام، «وقد قيل: ستون سنةً بإمامٍ ظالمٍ، خيرٌ من ليلةٍ واحدةٍ بلا إمامٍ»24.

ولما كان الظلم والبغي قد يقع من أهل الإيمان؛ حتى يحصل الاقتتال بين الطائفتين من المؤمنين أمر الله تعالى أهل العدل والإصلاح دفع هذا الظلم والبغي، بالعمل على الإصلاح بين الطائفتين، (ﮡﮢ ﮣﮤﮥ) [الحجرات: ٩]؛ فقد أمر بقتال (ﮧﮨ ﮭﮮ )؛ وجب الإصلاح ( ) والقسط.

قال تعالى: ( ﮟﮠ ﮭﮮ ﯕﯖ ) [الحجرات: ٩].

وقد تكلم العلماء في أحكام دفع البغي ومقاتلة البغاة تفصيلًا في كتب الأحكام -وليس هذا مقامه-، وتكلموا في حكم دفع الصائل الباغي، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: «وأما دفع الصائل على النفس الذي يريد قتل المعصوم بغير حق إذا لم يكن القتال في فتنة فهل يجب دفعه؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد: أن الممكن ليس بفاعل، بل ولو أراد مريد قتله؛ وجب عليه ذلك، كما يجب عليه الأكل من الميتة عند المخمصة، فكما يحرم عليه قتل نفسه؛ يجب عليه فعل ما لا تبقى النفس إلا به من طعام وشراب ودفع ضرر بلباس ونحو ذلك، فإذا أمكنه الهرب ونحوه؛ وجب عليه ذلك، وأما إذا كان دفع الصائل عن نفسه يحتاج إلى قتال الصائل فهنا فيه محذور آخر -وإن كان جائزًا- وهو قتل الآخر؛ فلهذا خرج الخلاف في وجوب دفعه عن نفسه»25.

وقد أمر الحق سبحانه بإقامة العدل والحق والقسط والميزان في كل شيء؛ فقال سبحانه: ( ﭛﭜ ﭩﭪ ) [الحديد: ٢٥].

وقال تعالى: ( ﭩﭪ ) [الشورى: ١٧].

وقال تعالى: ( ﭠﭡ ) [الأنعام: ١٥٢].

وقال سبحانه: ( ﮋﮌ ) [الرحمن: ٧-٩].

وقد أمر بذلك الرسل أقوامهم.

قال سبحانه: ( ﭵﭶ ﭿﮀ ﮅﮆ ﮋﮌ ﮓﮔ ) [الأعراف: ٨٥].

وقد توعد المطففين في الكيل والميزان ظلمًا وبغيًا؛ ليأخذوا ما ليس له بحق، قال تعالى: ( ) [المطففين: ١-١١].

فتوعدهم ربهم بعذاب عظيم على ذلك الظلم المبين، وأتبع ذلك ببيان جزاء الذين يكذبون بيوم الدين، لما كانوا هم أكثر الناس ظلمًا لغيرهم.

خامسًا: الفساد والصلاح:

أمر الله عباده بطاعته التي فيها صلاح دنياهم وآخرتهم، ونهاهم عن الإفساد في الأرض بالعمل بغير شريعته، فقال سبحانه: ( ﮫﮬ ﯛﯜ ) [الأعراف: ٥٥-٥٦].

وقال تعالى: ( ﯭﯮ ﯳﯴ ﯹﯺ ﯿﰀ ) [القصص: ٧٧].

وامتدح الذين يصلحون، وينهون عن الفساد في الأرض فقال: ( ﯴﯵ ﯿ ) [هود: ١١٦-١١٧].

التدافع والصراع بين الفساد والصلاح صورة من صور سنة التدافع، وهو ليس مقصورًا على التدافع بين الكافرين والمؤمنين؛ إذ إن صدور الفساد ليس مقصورًا على الكافرين؛ بل قد يقع من بعض المسلمين وممن يندس فيهم من المنافقين كذلك، وإن كان أكثر ما يقع إنما يقع من الكافرين ومن تولاهم من المنافقين.

وقضت سنة الله الكونية والشرعية أن يقع التدافع بين أنبياء الله ورسله وأتباعهم من جهة، وبين أقوامهم من الكافرين المعاندين المحادين لله ورسله من جهة أخرى، وهذا ما حكاه لنا القرآن عن سائر رسل الله وأنبيائه.

قال تعالى عن التدافع بين شعيب وقومه: ( ﭬﭭ ﭶﭷ ﭻﭼ ﭿ ﮋﮌ ﮝﮞ ﯔﯕ ﯧﯨ ﯰﯱ ﯷﯸ ﯼﯽ ﯿ ) [هود: ٨٤-٨٨].

فقد أمرهم بترك الإفساد في الأرض بنقص المكيال والميزان، وبخس الناس أشياءهم، ونهاهم أن يعيثوا في الأرض مفسدين، وبين لهم أنه ما يريد بذلك إلا الإصلاح بفعل ما فيه نفعهم وصلاح أمرهم، لكنهم أبوا إلا شقاقه ومدافعته عن دعوته، وتبليغ رسالة ربه؛ فحذرهم مغبة ذلك الشقاق بقوله: (ﭑﭒﭓ ﭡﭢ ﭭﭮ ) [هود: ٨٩-٩٠].

ولكن ما زادهم ذلك إلا شقاقًا وتعنتًا ومدافعة لشعيب عن تبليغ رسالة ربه، وتهديده بالرجم لولا رهطه: ( ﭾﭿ ﮂﮃ ) [هود: ٩١].

فذكرهم شعيب بالله، وقد نسوه واتخذوه وراءهم ظهريًا، وبين لهم أنه ثابت على دعوته غير آبه بتهديدهم، متوكل على ربه:( ﮋﮌ ﮒﮓ ﮟﮠ ﮩﮪ ) [هود: ٩٢-٩٣].

وقد فصل الله تعالى فسادهم وإفسادهم في الأرض وصدهم من آمن عن سبيل الله في سورة الأعراف فقال: ( ﭵﭶ ﭿﮀ ﮅﮆ ﮋﮌ ﮓﮔ ﮩﮪ ﮯﮰ ) [الأعراف: ٨٥-٨٦].

ومن أعظم الناس فسادًا المنافقون، وقد أطال القرآن في بيان أحوالهم وفسادهم في عديد من سوره، فقال سبحانه في سورة البقرة: ( ﭿ ﮈﮉ ﮋﮌ ) [البقرة: ٨-١٢].

وأمر الله نبيه والمؤمنين بدفعهم بما يناسب حال الدولة الإسلامية، وواقع المسلمين من القوة والضعف وغير ذلك، ففي بداية العهد المدني أمر الله تعالى رسوله بدفع أذاهم بالإعراض عنهم تارة، أو بالإعراض عنهم مع الموعظة لهم.

قال تعالى: ( ﭪﭫ ﭯﭰ ﭵﭶ ) [النساء: ٨١].

وقال تعالى: ( ) [النساء: ٦٣].

وقد اختلف الحال بعد استقرار دولة المسلمين وظهورها في المدينة آخر الأمر؛ فجاء الأمر بمدافعتهم بقتالهم وجهادهم جهادًا كبيرًا بكل وسائل الدفع والمجاهدة، وجعل ذلك سنة ماضية إلى يوم القيامة.

قال تعالى: ( ﯫﯬ ﯹﯺ ﯿ) [الأحزاب: ٦٠-٦٢].

وقال تعالى: ( ﮇﮈ ﮊﮋﮌ ) [التحريم: ٩].

وسائل الدفع

تختلف صور الدفع ووسائله بين المؤمنين والكافرين والمنافقين؛ فيعتمد الكافرون والمنافقون كل وسيلة من الوسائل غير متقيدين لله بطاعة ولا شريعة؛ فيستبيحون إثارة الفتن والقلاقل، وإثارة الشهوات، وإشاعة الفواحش، ورذيل الأخلاق، واستباحة القتل والدماء وصنوف التعذيب بغير جريرة من المؤمنين مما فصله القرآن في مواضع كثيرة.

أما المؤمنون فمتقيدون بشرع ربهم، منطلقون في كل أعمالهم من قاعدة إيمانهم، فلا فحش ولا غدر ولا رذيلة، ولا يأتون إلا ما شرع الله وشرع رسوله صلى الله عليه وسلم.

أولًا: وسائل الدفع لدى الكافرين والمنافقين:

١. الدفع بإثارة اللغط والتشويش.

إثارة اللغط والتشويش على الدعوة الإسلامية هي دأب الكافرين والمنافقين في كل زمان ومكان، إما بالتشويش باللغو الساذج المتعمد قديمًا، وإما بالتشويش باللغو الذي تفنن فيه أعداء الإسلام في تقديمه في صور عديدة حديثًا للتشويش على صوت الحق، إما في صورة الفن الهابط الرخيص الذي يؤجج الشهوات، أو البرامج المشككة في الدين التي تثير الشبهات في صور ووسائل عديدة، يتفنن أعداء الإسلام في اختراعها يومًا بعد يوم.

قال تعالى: ( ) [فصلت: ٢٦].

وهم في ذلك يحاولون عبثًا ( ) [التوبة: ٣٢- ٣٣].

ونستطيع القول: إن أعداء الإسلام قد كشروا عن أنيابهم بكل صور العداوة للإسلام وأهله منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.

«قال أبو عبيدة، عن عبد الله بن مسعود: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيًا، حتى نزلت: ( ) [الحجر: ٩٤]. فخرج هو وأصحابه»26.

كانت هذه الصيحة من النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة الإعلان عن هذه الدعوة، فبدأ ضعفاء الناس يتسللون إليها، ومنذ ذلك اليوم أعلنت العداوة السافرة بين حزب الموحدين وحزب المشركين، فعملت قريش على مجابهة هذه الدعوة بأساليب شتى، منها:

  1. لزوم الإيمان والتقوى والمحافظة على الإسلام والتمسك به والموت عليه.
  2. الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بالتمسك بهما وعدم الحيدة عنهما إلى ما سواهما من سبل البدعة والضلالة.
  3. الاجتماع ونبذ الفرقة؛ وذلك بالاجتماع حول أصول الدين وثوابته، التي أسسها الكتاب والسنة؛ ولذا جعل الله تعالى التمسك بكتابه، وسنة نبيه هما مناط الاجتماع والاعتصام.
  4. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أعظم برهان على صدق الاعتصام والتمسك بالكتاب والسنة، ولا ينجع ولا يأتي بأثره ويكون له قوة في الدفع، ونكاية في العدو، إلا باجتماع الكلمة؛ لذا تأخر بعد الوصية بها.

    قال تعالى: ( ﭘﭙ ﭚﭛ ) [الأنفال: ٤٥-٤٦].

    ومن المعلوم أن تغيير الفساد والمنكر أصل عظيم من أصول هذا الدين له أثره الماضي في صلاح المجتمع، ودفع صور الفساد التي يبثها أعداء الإسلام في مجتمعاتنا؛ ولذا فهو أحد أربعة أسس يقوم عليها بناء المجتمع المسلم.

    ونستطيع أن نتبين ذلك إذا تأملنا سورة قصيرة من سور القرآن كسورة العصر؛ حيث تبين أن معالم الفلاح والنجاح للفرد والمجتمع المسلم إنما ترجع إلى أربعة أركان أساسية، هي: الإيمان بالله، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.

    والتواصي بالحق إنما هو لزوم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الذي هو عماد التغيير والإصلاح، وهو قرين الإيمان بالله تعالى، ودليل عليه؛ ولذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم في علاقة مطردة مع الإيمان بالله تعالى قوة وضعفًا؛ فجعل قوته من قوة الإيمان وضعفه من ضعف الإيمان.35

    ولعظم هذا الأمر ولأهميته وخطورته؛ قدمه الله تعالى في وصف هذه الأمة على وصفهم بالإيمان بالله تعالى؛ وذلك لما ناط الله تعالى بهذه الأمة من مهمة التغيير والإصلاح ودفع الفساد والمنكر في العالم كافة، وأعظم المنكر كفر بالله تعالى.

    قال تعالى: ( ﭩﭪ ﭱﭲ ) [آل عمران: ١١٠].

    فجعل الله تعالى خيرية الأمة منوطة بالقيام بهذا الواجب العظيم، الذي هو أساس دفع كل فساد وظلم، ولعل هذه الآية توضح أن المراد بمن في قوله: (ﮖﮗﮘ) في الآية الأخرى ليس هو التبعيض، كما ذهب إليه أحد الفريقين في تفسير الآية.

    ولذا فإن البحث يرجح أن تكون مهمة الدفع والإصلاح بوسيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خطاب موجه لكل مسلم بالشروط الواجب مراعاتها في الأمر والنهي، بحسب ما يملك كل امرئ من العلم والحكمة، وعلى قدر ما يستطيع، وليس مقتصرًا على العلماء والمحتسبين المنتصبين لذلك؛ ففي مسائل الدين كالصلاة والصيام ما هو معلوم بالضرورة لكل مسلم، ويستطيع أن يأمر بذلك من ولي عليه من أهله، أو رعيته بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فإن لم يستطع ذلك لعيٍ أو عجز أو ضعف أو جهل؛ حث غيره من القادرين على ذلك وأعانهم عليه.

    وذلك على أرجح القولين في قوله تعالى: ( ﮠﮡ ) [آل عمران: ١٠٤].

    ولذا نجد النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على خطورة إهمال تغيير المنكر فيقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره بإسناده: «عن إسماعيل، عن قيسٍ، قال: قال أبو بكرٍ: بعد أن حمد الله، وأثنى عليه: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية، وتضعونها على غير مواضعها: ( ﭯﭰ )[المائدة: ١٠٥].

    قال: عن خالدٍ، وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقابٍ)، وقال عمرٌو: عن هشيمٍ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يغيروا، ثم لا يغيروا، إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقابٍ)، قال أبو داود: ورواه كما قال خالدٌ أبو أسامة: وجماعةٌ، وقال شعبة فيه: (ما من قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي هم أكثر ممن يعمله)»36.

    ٥. الدفع بالتي هي أحسن.

    لعل من أجمل ما يتميز به أهل الإيمان في دفعهم للباطل وأهله أنهم يدفعون بالتي هي أحسن ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا؛ فما أمكن دفعه من الفساد بأخف الوسائل؛ لم يجز تعد هذه الوسيلة إلى ما هو أعظم منها فتكًا وإهلاكًا، كما هو مشاهد من فعل أهل الباطل من إسرافهم في استعمال القوة المفرطة والميل إلى الإبادة العامة للإسلام وأهله.

    قال تعالى: ( ﮓﮔ ) [المؤمنون: ٩٦].

    وقال تعالى: ( ﮋ ﮌ ﮎﮏ ) [فصلت: ٣٤- ٣٥].

    وذلك في حال السلم، أما في حال الحرب؛ فقد نهى رسولنا الكريم عن قتل الطفل أو المرأة أو الشيخ الكبير أو من لا يقاتلنا:

    عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيشٍ، أو سريةٍ، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: (اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصالٍ -أو خلالٍ- فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيءٌ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم)37.

    عن ابن عباسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال: (اخرجوا بسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع)38.

    فنرى كيف ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغدر، والتشفي بالأعداء، والتمثيل بجثثهم، وعن قتال من لا يقاتل من الضعفاء كالنساء والأطفال والعجزة، وانظر كيف يجعل النبي صلى الله عليه وسلم الدفع بالقتال آخر الدواء، وكأنه لا يقدم عليه إلا مضطرًا؛ فأين ذلك مما يشوه به أعداء الإسلام صورة النبي صلى الله عليه وسلم وصورة الإسلام والمسلمين.

    فإن لم يكن بد من القتال والقتل؛ فقد نهى رسولنا الكريم عن التعذيب والتمثيل، وأمر بإحسان القتل حتى في الحيوان، فما بالنا بالإنسان الذي كرمه الله على العموم في قوله تعالى: ( ) [الإسراء: ٧٠].

    بل حث على دفع باطلهم العقدي والفكري بالجدال بالتي هي أحسن كذلك، حيث ينبني منهج الحوار في الإسلام على أسس أخلاقية قويمة، تلتزم الصدق والعدل والإنصاف، وتحترم الآخر، وتعطيه حقوقه في الحوار كاملة، وتعترف بإنسانيته، وتجعله هو والطرف الآخر على حدٍ سواء، ولا تبيح سبه، أو إهانته أو السخرية منه -إلا أن يبدأ هو بذلك-، وترغب في العفو عن إساءته، وعدم مقابلة السيئة بمثلها؛ بل ترغب في دفعها بالتي هي أحسن، مع التزام كل ما هو متقرر من آداب الحديث والحوار والمجادلة.

    وجماع ذلك في قوله تعالى: ( ﮬﮭ ﮱﯓ ﯛﯜ ) [النحل: ١٢٥].

    قال ابن جرير رحمه الله: «( ) يقول: وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها، أن تصفح عما نالوا به عرضك من الأذى، ولا تعصه في القيام بالواجب عليك من تبليغهم رسالة ربك»39.

    وقال تعالى: ( ﭝﭞ ) [العنكبوت: ٤٦].

    «قال قتادة وغير واحد: هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولم يبق معهم مجادلة، وإنما هو الإسلام أو الجزية أو السيف، وقال آخرون: بل هي باقية أو محكمة لمن أراد الاستبصار منهم في الدين، فيجادل بالتي هي أحسن؛ ليكون أنجع فيه، كما قال تعالى: ( ﮬﮭ ﮱﯓ ﯛﯜ ) [النحل: ١٢٥].

    وقال تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون: ( ) [طه: ٤٤].

    وهذا القول اختاره ابن جرير، وحكاه عن ابن زيد.

    وقوله: ( ﭝﭞ) أي: حادوا عن وجه الحق، وعموا عن واضح المحجة، وعاندوا وكابروا، فحينئذ ينتقل من الجدال إلى الجلاد، ويقاتلون بما يردعهم ويمنعهم، قال مجاهد: ( ﭝﭞ) يعني: أهل الحرب، ومن امتنع منهم عن أداء الجزية.

    وقوله: ( )، يعني: إذا أخبروا بما لا يعلم صدقه ولا كذبه، فهذا لا نقدم على تكذيبه؛ لأنه قد يكون حقًا، ولا على تصديقه، فلعله أن يكون باطلًا»40.

    فالصواب أن جدال أهل الكتاب وغيرهم بالتي هي أحسن ثابت ومحكم غير منسوخ، وهو يقتضي حسن معاملتهم؛ بل والعفو عن أذاهم، وحسن الأدب في حوارهم، وعدم تكذيبهم فيما لم يرد في شرعنا ما يشهد لاعتباره أو إلغائه، وإن كنا لا نعتقد بالضرورة صدقه، ولكن الإنصاف يقتضي عدم تكذيبهم فيه كذلك، وهذا غاية الأدب والإنصاف في المحاورة.

    فمقتضى قوله تعالى: ( ﮱﯓ) التزام كل خلق حسن جميل مع المحاور، واجتناب كل خلق رذيل، وهذا مع كل محاور -وقيد أهل الكتاب هنا لا مفهوم له- بعموم دلالة الآية الأولى؛ فالمسلم أولى بلا خلاف من الكتابي بإحسان معاملته، وخصوصية الكتابي في إحسان محاورته لا تنفي أحقية غيره من الكفار والمشركين والملحدين في إحسان حوارهم ومجادلتهم.

    قال تعالى: ( ﯲﯳ ) [التوبة: ٦].

    «قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن استأمنك، يا محمد، من المشركين، الذين أمرتك بقتالهم وقتلهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، أحدٌ؛ ليسمع كلام الله منك -وهو القرآن الذي أنزله الله عليه- ()، يقول: فأمنه حتى يسمع كلام الله وتتلوه عليه ( )، يقول: ثم رده بعد سماعه كلام الله -إن هو أبى أن يسلم، ولم يتعظ لما تلوته عليه من كلام الله فيؤمن- إلى مأمنه، يقول: إلى حيث يأمن منك وممن في طاعتك، حتى يلحق بداره وقومه من المشركين ( )، يقول: تفعل ذلك بهم، من إعطائك إياهم الأمان ليسمعوا القرآن، وردك إياهم إذا أبوا الإسلام إلى مأمنهم، من أجل أنهم قوم جهلة، لا يفقهون عن الله حجة، ولا يعلمون ما لهم بالإيمان بالله لو آمنوا، وما عليهم من الوزر والإثم بتركهم الإيمان بالله»41.

    فأوجب إجارته ممن يتعرض له بسوء، وتأمينه حتى يستطيع أن يسمع ويعقل كلام الله بأمان تام، بل أوجب تأمينه -بعد إسماعه ومحاورته- إلى المكان الذي يأمن فيه على نفسه، ويلحق بديار أهله من المشركين.

    ٦. الدفع عن طريق رد الشبه وكشف حقيقة الباطل عن طريق وسائل الإعلام المختلفة والحوار والمحاجة والمناظرة.

    معرفة سبيل المجرمين بهدف الحذر منها، وكشفها وبيانها وإبطالها من أوجب الواجبات لمن انتصب للدفع عن الإسلام وأهله.

    قال تعالى: ( ) [الأنعام: ٥٥].

    «قال: لتعرفها»42.

    وإذا كانت استبانة سبيل المجرمين من واجبات الدين، ومن مهمات الدفع؛ وجب على المسلمين الإفادة من كل وسيلة صالحة لذلك، سواء عن طريق الكلمة المكتوبة، أو المسموعة، أو المرئية، سواء بكتاب أو جريدة أو مجلة أو إذاعات وفضائيات ومواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من الوسائل الإعلامية العديدة التي يعج بها العصر الحديث، وبرع أعداء الإسلام في استخدامها والإفادة منها؛ لمدافعة الدين الحق وأهله.

    وقد بينا فيما سبق في التعريف بمصطلح الدفع والمصطلحات القريبة، ما هو قريب من مصطلح الدفع، كالحوار والمجادلة والمحاجة والمناظرة، وذكرنا الفروق بينها، وبعض ما يستدل به على ذلك من كتاب الله تعالى.

    والمقصود هنا بيان أن هذه الوسائل هي من وسائل الدفع المهمة، بل لعلها تكون هي وسيلة الدفع الوحيدة المتاحة حينما تعجز الآلة العسكرية؛ لضعف الإمكانات، أو لعدم تهيؤ الظروف لها.

    وقد امتدح القرآن الشعراء الذين ينتصرون بشعرهم لدين الله تعالى؛ حيث استثناهم من الذم الذي ألحقه بالشعراء، حيث نعتهم بالغواية والضلال والإضلال، ( )، أي: انتصروا لدينهم وعقيدتهم وأعراض المسلمين بشعرهم.

    قال تعالى: ( ﯶﯷ ) [الشعراء: ٢٢٤-٢٢٦].

    وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قد أنزل في الشعر ما أنزل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونه به نضح النبل)43.

    عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرًا في المسجد يقوم عليه قائمًا، يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ينافح، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح أو فاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم )44.

    ٧. الأخذ بما أمكن من أسباب القوة البشرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية.

    مما لا شك فيه أن الأخذ بأسباب القوة المختلفة، لا سيما القوة العسكرية من أهم آلات الدفع في معركة الإسلام مع قوى الشر المختلفة، ولا نكون مغالين إذا قلنا: إن كثيرًا من صور الانحراف الفكري لدى كثير من مفكري المسلمين إنما يرجع سببه إلى الهزيمة النفسية، التي ترجع إلى انبهارهم بالقوة المادية والعسكرية التي عليها أعداء الإسلام.

    وقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ بكل ما نستطيعه، ويمكن أن تصل إليه أيدينا من وسائل القوة.

    قال تعالى: ( ﯬﯭ ) [الأنفال: ٦٠].

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)45.

    والقوة تشمل القوة المادية، والقوة العسكرية، وسائر أنواع القوة؛ لعدم الدليل على التقييد بنوع دون آخر.

    ٨. التحالفات السياسية.

    لا يستطيع المسلمون مدافعة أعدائهم على قوتهم واجتماعهم إلا بتحالفهم واجتماعهم، وموالاة بعضهم بعضًا؛ فقد أوجب الله على أهل الإيمان الموالاة في الدين والاجتماع والتآلف والتحالف عليه، ونهاهم عن التفرق والتخالف.

    قال تعالى: ( ﭿ ﮈﮉﮊ)[الأنفال: ٧٢].

    وهيجهم على فعل هذه الولاية؛ بحرص أعدائهم عليها فقال تعالى: ( ﮯﮰ ) [الأنفال: ٧٣].

    كذلك يجوز لهم بحسب المصلحة عقد المعاهدات مع غيرهم، بحسب ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم يهود المدينة46.

    ٩. القتال.

    القتال كما هو معلوم من أعظم وسائل الدفع، وقد أخر الله تشريع القتال كوسيلة للدفع من المسلمين لأعدائهم، وأمر قبل ذلك بالعفو والصفح.

    قال تعالى: ( ) [المزمل: ١٠].

    والآيات في ذلك كثيرة، ثم نسخت تلك الآيات بآية السيف، والآيات المشابهة لها، مثل قوله تعالى: ( ﯶﯷ ) [البقرة: ١٩٠].

    وقوله تعالى: ( ﭕﭖ ) [الحج: ٣٩].

    وقوله تعالى: ( ﭿ ﮋﮌ ) [التوبة: ٢٩].

    ورغم قوة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة فكان يعمل قاعدة الحكمة والموازنة بين المصالح والمفاسد في التعامل مع المناوئين من اليهود والمنافقين والعرب؛ حتى تستوي قوة الدولة في المدينة، وذلك عملًا بتوجيهات القرآن الكريم حيث أمره بالعفو عن المنافقين في بادئ الأمر والإعراض عنهم: (ﮘﮙﮚﮛﮜ ﮝﮞﮟﮠ) [النساء: ٦٣].

    أما بعد تمكن الدولة؛ فقد جاء الأمر بتتبعهم وقتالهم وقطع دابرهم والإغلاظ لهم: ( ﯫﯬ ) [الأحزاب: ٦٠-٦١].

    وصالح النبي صلى الله عليه وسلم اليهود، وعاهدهم في بادئ الأمر، ثم لما نقضوا عهدهم؛ قاتلهم وأجلاهم عن المدينة.

    وهكذا كان أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بأسباب القوة؛ حماية للدعوة الإسلامية، وتمكينًا لها، مع العمل بميزان الحكمة في ذلك، وإعمال قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد.

    وقد أنزل الله تعالى في سورة الحج الإذن بالدفع بالوسيلة القتالية؛ فقال تعالى: (ﭑﭒﭓ ﭕﭖ ﭧﭨ ﭸﭹ ﭽﭾ ﭿﮀﮁﮂ) [الحج: ٣٩-٤٠].

    فأذن تعالى للمظلومين في قتال الظالمين ومدافعتهم بالقوة؛ لئلا يستشري الفساد في الأرض، وتنتهك الحرمات، وتضيع معالم الخير، بضراوة أهل الظلم والطغيان، وتعديهم على مواضع العبادة وتخريبها، وذلك عنوان على أقبح صور الإفساد في الأرض؛ لأنه هتك لسياج الحرمات الفردية والجماعية في أقدس مقدساتها47.

    هذا والدعوة الإسلامية مأمورة بإعداد القوة والأخذ بأسبابها في جميع المراحل بحسب الاستطاعة، وهذا لا ينافي الأمر بالصبر، واحتمال الأذى من أعداء الدعوة في مرحلة البيان؛ حتى تكسب تعاطف الناس، وحتى تتمحص رسالتها للكشف عن الحقيقة والدعوة إلى الحق، وحتى لا يظن بها الظنون بابتغاء نوع من المنافع الدنيوية المادية العاجلة، ومع ذلك فهي مأمورة بالأخذ بأسباب القوة في جميع الأحوال لقوله تعالى: ( ) [الأنفال: ٦٠].

    ولكن في مرحلة البيان لا يزيد الأمر عن إعداد القوة دون استخدامها، أو إظهارها، بخلاف مرحلة التمكن، واستقرار الدولة الإسلامية؛ فإنها يشرع لها استخدام القوة للدفاع عن الدعوة الإسلامية في وجه أعدائها والتمكين لها، وصد ودحر كل من يقف في سبيل إيصالها إلى الناس، كل ذلك بما لا يتناقض مع قواعد الحكمة، والنظر في ميزان المصالح والمفاسد، وعدم التعجل لكسب أي مكاسب سياسية أو مادية، بل المقياس الأول هو هداية الناس، وتبليغ هذا الدين.

    ١٠. المقاطعة الاقتصادية.

    يتخذ المؤمنون المقاطعة الاقتصادية سلاحًا ووسيلة من أهم وسائل الدفع لأعدائهم، بحسب ما تقتضيه الحاجة والمصلحة؛ فمعلوم أن المال قوام الحياة، كما قال تعالى:( ) [النساء: ٥].

    فهذا ثمامة بن أثال -ذلك الصحابي الجليل- بعدما أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة؛ ها هو يسن للمسلمين بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له سنة المقاطعة الاقتصادية للمشركين والكافرين المحاربين للإسلام؛ وذلك أنه: (لما قدم مكة قال له قائلٌ: صبوت، قال: لا، ولكن أسلمت مع محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطةٍ، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم)48.

    ١١. المقاطعة الاجتماعية.

    من أهم الأسس التي يقوم الدفع عليها عند المؤمنين، براءتهم من الكافرين، ومما هم عليه من اعتقاد فاسد ينبني على الكفر بالله واليوم الآخر.

    قال تعالى: ( ﭥﭦ ﭮﭯ ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ ) [المجادلة: ٢٢].

    فبين الله تعالى أن الإيمان بالله واليوم الآخر لا يجتمع مع موادة من حاد الله ورسوله، ولو كان من الأصول أو الفروع أو ذوي الأرحام المقربين.

    قال تعالى: ( ﭲﭳ ) [التوبة: ٢٣].

    والآيات في ذلك كثيرة.

    عواقب ترك الدفع

    أولًا: الخذلان:

    إذا ترك المسلمون القيام بواجبهم في الدفاع عن عقيدتهم ومقدساتهم فإنهم بذلك يقضون بالغلبة لأعدائهم على أنفسهم.

    لكن لا بد أن يقوموا نصرة لله تعالى ولدينه، لا حمية لجنس أو قومية أو أي شيء غير نصرة دين الله تعالى؛ فحينئذ يأتي نصر الله.

    قال تعالى: ( )[محمد: ٧].

    فإذا نصر المسلمون دينهم وشريعتهم بالقيام بما افترضه الله عليهم والحمية له والذود عنه نصرهم الله، وإلا فالخذلان المبين بأن يكلهم لأنفسهم، وإن خذلهم فمن ذا الذي يملك لهم نصرًا من بعده سبحانه.

    قال تعالى: ( ﭿ ﮁﮂ ﮊﮋﮌ ) [آل عمران: ١٦٠].

    ثانيًا: الذلة والهوان بعلو الكافرين على المؤمنين:

    من المعلوم أن قيام المسلمين بواجبهم في الدفع إزاء الكافرين يحقق نوعًا من توازن القوى؛ فلا يتمادى أهل الكفر في فسادهم وطغيانهم واستضعافهم واستذلالهم للمؤمنين، وإلا يأتي الله بأمره، وتمضي سنته في معاقبة الفاسقين وضرب مذلة الأسر والهوان عليهم.

    قال تعالى: ( ﭿ ﮋﮌ ﮖﮗ ) [التوبة: ٢٤].

    ( )، أي: تستطيبونها، يعني: القصور والمنازل، ( ﮋﮌ )، فانتظروا، ( ) قال عطاءٌ: بقضائه، وقال مجاهدٌ ومقاتلٌ: بفتح مكة، وهذا أمر تهديدٍ، ( ) لا يوفق ولا يرشد ( )، الخارجين عن الطاعة»49.

    وعن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلًا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)50.

    فقضت سنة الله تعالى على عباده إذا تركوا ما كلفهم به من الدفع، والجهاد لأعدائهم؛ أن يضرب عليهم ذلًا، لا ينزعه حتى يرجعوا إلى دينهم.

    ثالثًا: الاستبدال:

    ومن السنن المترتبة على ترك الدفع كذلك استبدال الله تعالى بمن ترك الدفع والجهاد في سبيله من يقيم دينه، ويعطي ولاءه ومحبته للإسلام وأهله.

    قال تعالى: ( ﯘﯙ ﯟﯠ ) [المائدة: ٥٤].

    نتائج الدفع

    أولًا: حرية المعتقد و حرية العبادة:

    إن من أهم ثمرات الدفع المأمور به شرعًا استقامة العقيدة وسلامتها، وخلوها من الآفات التي تشوبها من التوجه بالدعاء أو القصد أو الاستعانة إلى غير الله تعالى، أو التحاكم إلى غير شرعه، أو جحود شيء مما أنزل، أو وجود تصورات واعتقادات تخالف العقيدة الصحيحة التي تركنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

    وإن مجتمعًا مثل هذا تسوده عقيدة إيمانية راسخة، ويقوم على توحيد الله تعالى، وإخلاص القصد له، لا شك أنه مجتمع تتنزل عليه رحمات الله وبركاته، ويستخلف أهله، ويمكنون في الأرض، كما وعد الله تعالى حيث قال: ( ﭿ ﮅﮆ ﮋﮌ ) [النور: ٥٥].

    فتأمل قوله تعالى: (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ)؛ تعلم أن تلك الجائزة إنما هي ثمرة التوحيد وعاقبته الحميدة.

    وكذلك قوله تعالى: ( ﭭﭮ ﭱﭲ ) [المائدة: ٦٦].

    وكذلك قوله تعالى: ( ) [الأعراف: ٩٦].

    وكذلك قوله تعالى: ( ) [الجن: ١٦].

    وكذلك قوله تعالى: ( ﮋﮌ ﮔﮕ ) [النحل: ٩٧].

    فهذه الآيات وأمثالها كثير يدل على العاقبة الحسنة، والثمرة اليانعة للتوحيد، وسلامة الاعتقاد الناتجين عن دفع المؤمنين الكفر والكافرين، وسائر صور الفساد في الأرض.

    ثانيًا: حرية العبادة وتحصين أماكنها:

    من أعظم الظلم الذي يمارسه أعداء الإسلام -إذا تسلطوا على ديار الإسلام- أن يمنعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه أو يهدموها بالكلية.

    قال تعالى: ( ﭿﮀ ﮈﮉ ﮋﮌ )[البقرة: ١١٤].

    ولعل من أهم آثار الدفع وعواقبه الحميدة أن يأمن الناس على دينهم وعقيدتهم، ويتمكنوا من أداء عباداتهم وشعائرهم دون خوف أو وجل أن يمنعوا منها، أو تهدم دور عبادتهم؛ إذ إن هذا الدفع لأعدائهم هو الذي يمنع ذلك كله.

    قال تعالى: ( ﭸﭹ ﭽﭾ ﭿ ) [الحج: ٤٠].

    فبالجهاد والدفع تعود للمساجد هيبتها وعزتها، كما أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

    قال تعالى: ( ﭝﭞ ) [النور: ٣٦-٣٧].

    ثالثًا: إحقاق الحق ورفع الظلم، وخذلان الباطل وأهله:

    من أهم آثار الدفع كذلك أن يحق الحق، ويبطل الباطل؛ فتعود الحقوق لأصحابها، ويرفع الظلم عن العباد والبلاد، وقد بين القرآن أن من أهم مقاصد الدفع إحقاق الحق وإبطال الباطل.

    قال تعالى: ( ) [الأنفال: ٥-٨].

    فأخبر سبحانه أنه ما أخرج رسوله من بيته، ولا عرض المؤمنين لهذه الفتنة الشديدة -مع قلة عددهم وعتادهم-، ولا أغرى الفريقين بالقتال؛ إلا لهذه الغاية العظيمة، وهي إحقاق الحق، وإبطال الباطل.

    ولعمر الله إنها لسنة ماضية، أن يقضي الحق على الباطل؛ فتكون الغلبة له في النهاية، وذلك أن الباطل لا يثبت أمام الحق.

    قال سبحانه: ( ﮚﮛ ) [الأنبياء: ١٨].

    فالحق هو الذي يبقى، وهو ما ينفع الناس، والباطل يذهب جفاء.

    قال سبحانه: ( ﯙﯚ ﯥﯦ ﯫﯬ ﯰﯱ ﯸﯹ ) [الرعد: ١٧].

    رابعًا: شفاء صدور المؤمنين:

    ومن نتائج الدفع الحميدة كذلك شفاء صدور المؤمنين مما حل بهم من كيد أعدائهم وظلمهم لهم، والنيل من نفوسهم وأعراضهم وأموالهم.

    قال تعالى: ( ﭟﭠ ﭥﭦ ) [التوبة: ١٤-١٥].

    موضوعات ذات صلة:

    الأذى، الإصلاح، التغيير، الجهاد، السياسة، الضر


1 مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٢٨٨.

2 انظر: لسان العرب، ابن منظور، ٥/٢٧٤.

3 انظر: المصدر السابق.

4 نزهة الطرف في علم الصرف، الميداني ص١١١-١١٢.

5 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٥/٢٧٤.

6 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣١٦.

7 الكشف عن وجوه القراءات السبع، مكي بن أبي طالب ١/٣٠٤.

8 تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٢/٤٩١.

9 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبدالباقي ص ٢٦٠.

10 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٢٨٨.

11 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٢٦٠، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي ٢/١٨-١٩.

12 لسان العرب، ابن منظور ٣/١٣٤.

13 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٠٨.

14 المصدر السابق ص ٢٠٨.

15 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب القدر، باب تحاج آدم وموسى عند الله، رقم ٦١٢٤، ومسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، رقم ٤٧٩٣.

16 المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٢/٤٨٢.

17 الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء، الحميري، ٢/٤٥٨.

18 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ٨/١١، رقم ٥٧٨٥.

19 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب قوله تعالى: (يا أيها الذين أمون اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، ٨/٢٥، رقم ٦٠٩٤، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، ٤/٢٠١٣، رقم ٢٦٠٧.

20 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/٦٣١.

21 الحيدة ، عبد العزيز الكناني ص ١٥.

22 مجموع فتاوى ابن تيمية ١/٨٦.

23 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ابن تيمية ص ٢٩.

24 شرح الطحاوية، ابن أبي العز ٢/٥١٨.

25 الاستقامة، ابن تيمية ٢/٣٢٧.

26 أخرجه الطبري في تفسيره ١٤/٤٧.

27 انظر: الرحيق المختوم ص ١٠٠-١٤٠.

28 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٤/١٠٥.

29 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٥٣.

30 جامع البيان، الطبري ١/ ٢٩٣.

31 روح المعاني، الألوسي ١٦/٢٦٠.

32 جامع البيان، الطبري ١٩/٣٥٠.

33 المصدر السابق ٢٠/٢١٧.

34 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦/٥٩٤، وأصله في صحيح البخاري رقم ١٥١٣، وصحيح مسلم رقم ١٣١٤، عن أبي هريرة.

35 وذلك في حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، ١/٦٩، رقم ٤٩.

36 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، ٤/١٢٢، رقم ٤٣٣٨.

وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم ١٩٧٣.

37 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الأمراء على البعوث، رقم ١٧٣١، ٣/١٣٥٧.

38 أخرجه أحمد في مسنده، ٤/٤٦١، رقم ٢٧٢٨.

وحسنه المحقق.

39 جامع البيان، الطبري ١٧/٣٢١.

40 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٢٨٣.

41 جامع البيان، الطبري ١٤/ ١٣٨.

42 جامع البيان، الطبري ١١/٣٨١.

43 أخرجه أحمد في مسنده ٤٥/١٤٧، رقم ٢٧١٧٤.

وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم ١٦٣١.

44 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الأدب، باب ما جاء في إنشاد الشعر رقم ٢٨٤٦.

قال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب».

وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ١٨٦٥.

45 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، رقم ٢٦٦٤.

46 انظر: السيرة النبوية، ابن هشام ١/٥١٣، السيرة النبوية، ابن كثير ٢/٣٤٢.

47 انظر: القرآن العظيم هداية وإعجاز، محمد صادق عرجون ص٣٠٨.

48 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة، ٥/١٧٠، رقم ٤١١٤.

49 معالم التنزيل، البغوي ٢/٣٢٨.

50 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب البيوع، باب في النهي عن العينة ٣/٢٧٤، رقم ٣٤٦٢.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٤٢٣.