عناصر الموضوع

مفهوم الخشية

الخشية في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أنواع الخشية

أسباب الخشية

الموصوفون بالخشية في القرآن

آثار الخشية

الخشية

مفهوم الخشية

أولًا: المعنى اللغوي:

تدل مادة (خشي) على خوفٍ وذعرٍ، فالخشية الخوف. ورجلٌ خشيان. وخاشاني فلانٌ فخشيته، أي: كنت أشّد خشيةً منه1.

«والخشية: الرجاء، وبه فسّر حديث ابن عمر: قال له ابن عباس: لقد أكثرت من الدعاء بالموت حتى خشيت أن يكون ذلك أسهل لك عند نزوله، أي: رجوت»2.

وجاءت بمعنى علمت، في قوله تعالى: ( ) [الكهف:٨٠] أي: فعلمنا3.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

«الخشية هي تألم القلب بسبب توقع مكروه في المستقبل، يكون تارة بكثرة الجناية من العبد، وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته، وخشية الأنبياء من هذا القبيل»4.

وقيل هي: خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون على علم بما يخشى منه.

«وأصل الخشية خوف من تعظيم، ولذلك خص بها العلماء في آية: ( ) [فاطر:٢٨]»5.

فالمعنيان: اللغوي والاصطلاحي متوافقان؛ إذ كلاهما يدوران حول الخوف إلا أن المعنى الاصطلاحي خص بالخوف من الله.

الخشية في الاستعمال القرآني

وردت مادة (خشي) في القرآن الكريم (٤٨) مرة6.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٦

( ) [النساء:٢٥]

الفعل المضارع

٢٩

( ) [الأنبياء:٤٩]

فعل الأمر

٥

( ) [المائدة:٣]

المصدر

٨

( ) [الإسراء:٣١]

وجاءت الخشية في القرآن بمعناها اللغوي وهو: خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خصّ العلماء بها7.

الألفاظ ذات الصلة

الخوف:

الخوف لغةً:

الخاء والواو والفاء أصلٌ واحدٌ يدلّ على الذّعر والفزع8.

الخوف اصطلاحًا:

قال الرّاغب: «الخوف: توقّع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، ويضادّه الأمن، ويستعمل ذلك في الأمور الدّنيويّة والأخرويّة»9.

ويقول الجرجانيّ: «الخوف توقّع حلول مكروه أو فوات محبوب10. وقيل: اضطراب القلب وحركته من تذكّر المخوف، وقيل: فزع القلب من مكروه يناله أو من محبوب يفوته»11.

الصلة بين الخشية والخوف:

الخشية أشد من الخوف؛ لأنّها مأخوذة من قولهم: شجرة خاشية: أي يابسة، وهو فوات بالكلّيّة، والخوف: النّقص، ولذلك خصت الخشية باللّه، والخشية تكون من عظم المَخْشِيّ وإن كان الخاشي قويًّا، والخوف يكون من ضعف الخائف، وإن كان المخوف أمرًا يسيرًا12.

الوجل:

الوجل لغة:

«الوجل خلاف الطّمأنينة، وجل الرجل يوجل وجلًا، إذا قلق ولم يطمئن»13.

الوجل اصطلاحًا:

«الوجل استشعار الخوف عن خاطر غير ظاهر وليس له أمارة»14، كذلك نجدها في كتاب الله تعالى تستعمل في سياق أخص من الخوف، وهو حالة نفسية تعرض للنفس عند بداية شيء ما15.

الصلة بين الخشية والوجل:

قال السعدي رحمه الله: «الخوف، والخشية، والخضوع، والإخبات، والوجل معانيها متقاربة، فالخوف يمنع العبد من محارم الله، وتشاركه الخشية في ذلك، وتزيد أن خوفه مقرون بمعرفة الله، وأما الخضوع، والإخبات، والوجل، فإنها تنشأ عن الخوف، والخشية، فيخضع العبد لله، ويخبت إلى ربه منيبًا إليه بقلبه، ويحدث له الوجل»16.

الشفقة:

الشفقة لغةً:

أشفقت من الأمر، إذا رققت وحاذرت17، وهي« صرف الهمة إلى إزالة المكروه عن الناس»18. شفق: الشّفق والشّفقة: الاسم من الإشفاق. والشّفق: الخيفة19.

الشفقة اصطلاحًا:

الشفقة هي ضرب من الرقة وضعف القلب ينال الإنسان، وهي عناية مختلطة بخوف20.

«الإشفاق رقة الخوف، وهو خوف برحمة من الخائف لمن يخاف عليه، فنسبته إلى الخوف نسبة الرأفة إلى الرحمة، فإنها ألطف الرحمة وأرقها»21.

الصلة بين الخشية والشفقة:

«إن الشفقة ضرب من الرقة وضعف القلب ينال الإنسان ومن ثم يقال للأم إنها تشفق على ولدها، أي: ترق له، وليست هي من الخشية والخوف في شيء.

قال تعالى: ( ﯿ ) [المؤمنون:٥٧].

ولو كانت الخشية هي الشفقة لما حسن أن يقول ذلك، كما لا يحسن أن يقول يخشون من خشية ربهم»22.

الرهبة:

الرهبة لغة:

رهب: خاف رَهْبَةً ورُهْبًا. ورجلٌ رَهَبوتٌ، أي: مرهوبٌ، يقال: رَهَبُوتٌ خيرٌ من رحموتٍ. أي: لأن تُرْهَب خيرٌ من أن تُرْحَم23.

الرهبة اصطلاحًا:

الرهبة: هي الإمعان في الهرب من المكروه، وهي مخافة مع تحرز واضطراب، وهي ضد الرغبة التي هي سفر القلب في طلب المرغوب فيه24.

الصلة بين الخشية والرهبة:

الرهبة خوف وانزعاج من مكروه، والخشية خوف وسكون في محل الأمل، مقرون بمعرفة 25.

أنواع الخشية

تنقسم الخشية إلى أنواع، منها فطرية خارج التكليف يولد بها الإنسان، مثل: الخوف من الوحوش، ومن الموت، والمجهول، ومنها الخشية المحمودة التي تكون من الله، فتمنع صاحبها من الوقوع في المعاصي، أما الخشية المذمومة التي تكون من الناس، فتجعل صاحبها يقع في المحظورات، وتكون خشيته من الناس أشد من خشيته من الله، وهذا لا يفيده بشيء؛ لأن الله تعالى بيده الخير والنفع وليس البشر، مثل: الخشية من كساد التجارة، والخشية من الفقر، ومن الأعداء، ومن المخالفين، وهذه الخشية مذمومة تودي بصاحبها للتعرض لسخط الله، وعدم توفيقه له، ويكون في الدنيا والآخرة من الهالكين الخاسرين إن لم يتب.

الخشية الفطرية:

الخشية الفطرية تكون: كالخشية من الثعبان أن يلدغه، أو السقوط من مكان مرتفع، أو الخشية من شخص يحمل سكينًا، أو من الزلازل والبراكين، أو الخشية من غضب الوالد أو عقابه، فهذا شيء طبيعي سببي لا يأثم عليه الإنسان؛ لأنه خارج التكليف، فالخشية من الحيوانات الضارية المتوحشة مثل الذئب، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الخشية الفطرية في نفس يعقوب عليه السلام.

ومن الآيات التي تدل على الخشية الفطرية:

قال تعالى: ( ) [يوسف:١٣].

ذكر ابن كثير: «وأخشى أن تشتغلوا عنه برميكم ورعيتكم، فيأتيه ذئب فيأكله وأنتم لا تشعرون»26. وهذا أمر طبيعي خوف الوالد على أبنائه، وكذلك الحاكم على شعبه.

«ولو خافهم لما أرسله معهم، وإنما خاف الذئب؛ لأنه أغلب ما يخاف في الصحاري»27.

«اعتذر إليهم بأن ذهابهم به مما يحزنه؛ لأنه كان لا يصبر عنه ساعة؛ وأنه يخشى عليه من عدوة الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم»28. فهو كان يخاف عليه من إخوته بعدما قص عليه الرؤيا ولكنه لم يصرح لهم. «إن نبي اللّه يعقوب كان ينطق بفطرة الأبوة المحبة، وهو خوفه من أن يأكله الذئب، وهم عنه غافلون»29.

قال تعالى: ( ﮧﮨ ﮯﮰ ﯕﯖ ﯘﯙ ) [يوسف:٦٧].

«فإنه خاف من العين عليهم، والعين حق، أي: أنها سبب حق في الظاهر قد تؤدي إلى الضرر، ولكن بإذن الله وإرادته»30. وهذا لا ينافي كونه نبيًّا، فالحسد أمر مفروغ منه ولابد من الأخذ بأسباب السلامة.

«يا أولادي لا تدخلوا مصر من باب واحد ولكن ادخلوها من أبواب متفرقة حتى لا يحسدكم حاسد أو يكيد لكم كائد فيحل بكم مكروه»31.

أراد أن يأخذ بالأسباب، فطلب منهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، لحاجة في نفسه الله أعلم بها، لكن بعض المفسرين أخذها على محمل الخشية من الحسد والله أعلم.

«وقال السدي: أراد الطرق لا الأبواب، يعني: من طرق متفرقة، وإنما أمرهم بذلك؛ لأنه خاف عليهم العين؛ لأنهم كانوا قد أعطوا جمالًا وقوة وامتداد قامة وكانوا أولاد رجل واحد، فأمرهم أن يتفرقوا في دخولهم المدينة؛ لئلا يصابوا بالعين فإن العين حق، وهذا قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وجمهور المفسرين»32.

قال تعالى: ( ) [مريم:٥].

ذكر ما يخشاه، وعرض ما يطلبه، إنه يخشى من بعده، يخشاهم ألا يقوموا على تراثه بما يرضاه، وتراثه هو دعوته التي يقوم عليها، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل البارزين، وأهله الذين يرعاهم، ومنهم مريم التي كان قيمًا عليها وهي تخدم المحراب الذي يتولاه، وهو يخشى الموالي من ورائه على هذا التراث كله، ويخشى ألا يسيروا فيه سيرته33.

رأى أن قومه كانوا مهملين لأمر الدين، فخاف أن يضيع الدين بموته، فطلب وليًّا يقوم به بعد موته34.

قال تعالى: ( ) [مريم:٢٣].

قالت مريم: يا ليتني مت قبل هذا الوقت، وتمنت الموت؛ لأنها خافت أن يظن بها السوء في دينها، أو لئلا يقع قوم بسببها في البهتان35. وهذا أمر طبيعي خوف الإنسان على سمعته وسمعة أهله وشرفهم، وكان ما قالته وهي تعلم ما جرى بينها وبين جبريل عليه السلام من الوعد الكريم استحياء من الناس وخوفًا من لائمتهم أو حذرًا من وقوع الناس في المعصية بما تكلموا فيها أو جريًا على سنن الصالحين عند اشتداد الأمر عليهم36.

وذكر بأنها تمنت الموت؛ خشية الاتهام الظالم، وهي البريئة الطاهرة التي اصطفاها رب العالمين37.

وقالت استحياء من الناس: يا ليتني مت قبل هذا الكرب الذي أنا فيه، فاشتد بها الأمر هنالك، واحتضنت الجذع؛ لشدة الوجع، وولدت عيسى عليه السلام، فقالت عند ولادتها لما رأته من الآلام والتغرب وإنكار قومها وصعوبة الحال من غير ما وجه: يا ليتني مت قبل هذا. وتمنت مريم الموت من جهة الدين؛ إذ خافت أن يظن بها الشر في دينها وتعير فيغبنها ذلك، وهذا مباح38.

قال تعالى: ( ﭣﭤ ﭮﭯ ) [القصص:٧].

فلما حملت أم موسى به، عليه السلام، لم يظهر عليها مخايل الحمل كغيرها، ولم تفطن لها الدايات، ولكن لما وضعته ذكرًا ضاقت به ذرعًا، وخافت عليه خوفًا شديدًا، وأحبته حبًّا زائدًا، وكان موسى عليه السلام لا يراه أحد إلا أحبه، وأُلهمت في سرها، وألقي في خلدها، ونفث في روعها، كما قال الله تعالى: ( ﭣﭤ ﭮﭯ ) [القصص:٧].

وذلك أنه كانت دارها على حافة النيل، فاتخذت تابوتًا، ومهدت فيه مهدًا، وجعلت ترضع ولدها، فإذا دخل عليها أحد ممن تخاف جعلته في ذلك التابوت، وسيرته في البحر، فذهب مع الماء واحتمله، حتى مر به على دار فرعون، فالتقطه الجواري فاحتملنه، فذهبن به إلى امرأة فرعون، ولا يدرين ما فيه، فلما كشفت عنه إذا هو غلام من أحسن الخلق وأجمله وأحلاه وأبهاه، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه، وذلك لسعادتها وما أراد الله من كرامتها وشقاوة بعلها39.

وها هي ذي أمه حائرة به، خائفة عليه، تخشى أن يصل نبأه إلى الجلادين، وترجف أن تتناول عنقه السكين. ها هي ذي بطفلها الصغير في قلب المخافة، عاجزة عن حمايته، عاجزة عن إخفائه، عاجزة عن حجز صوته الفطري أن ينم عليه عاجزة عن تلقينه حيلة أو وسيلة.. ها هي ذي وحدها ضعيفة عاجزة مسكينة. هنا تتدخل يد القدرة، فتتصل بالأم الوجلة القلقة المذعورة، وتلقي في روعها كيف تعمل، وتوحي إليها بالتصرف ( ﭣﭤ ﭮﭯ ) مشهد الأم الحائرة الخائفة القلقة الملهوفة تتلقى الإيحاء المطمئن المبشر المثبت المريح، وينزل هذا الإيحاء على القلب الواجف المحرور بردًا وسلامًا40.

ثانيًا: الخشية الممدوحة:

إن القلوب لا تحيا إلا بقربها من الله تعالى والخشية منه، حيث إن الخشية تكون سببًا لبعد الإنسان عن المعاصي، ونجاته من النار، والفوز بالنعيم والراحة في الدنيا والآخرة، ومن أنواع الخشية الممدوحة:

١. الخشية من الله تعالى.

الخشية من الله أعلى مراتب الإيمان، حيث إن الإنسان يبلغ مرتبة الإحسان حين يعبد الله كأنه يراه، ويشعر بمراقبة الله له في كل لحظة، وكلما تمكنت الخشية من القلب كان الإنسان لله أعبد، وكان مراقبًا لله في السر والعلن، وفي الغيب والشهادة.

قال تعالى: ( ) [الأنبياء:٤٨-٤٩].

قال ابن رجب: «فأما خشية الله في الغيب والشهادة، فالمعني بهما: أن العبد يخشى الله سرًّا وعلانيةً، وظاهرًا وباطنًا، فإن أكثر الناس يرى أنه يخشى الله في العلانية وفي الشهادة، ولكن الشأن في خشية الله في الغيب إذ غاب عن أعين الناس، وقد مدح الله من يخافه بالغيب»41.

٢. خشية العذاب الدنيوي والأخروي.

الخشية من الله تعالى تجعل الإنسان دائم الذكر لله تعالى، مبتعدًا عن ارتكاب المعاصي و المحرمات، حريصًا على عمل الخير، مبادرًا في الأعمال الصالحة، مسرعًا في التوبة والرجوع إلى الله تعالى، خشيةً من العقاب وطلبًا للنجاة من النّار وطمعًا في الجنة، بينما الذين لا يخشون الله تعالى نجد قلوبهم متعلقة بحب الدنيا وزخارفها، لا يلقون بالًا للعبادات والأعمال الصالحة التي ترضي الله عنهم، ويعيشون وقلوبهم بعيدة عن الله، نسأل الله السلامة.

قال تعالى: ( ) [الرعد:٢١].

( )، «خشية جلالٍ وهيبة ورهبة فلا يعصونه فيما أمر به»42.

٣. الخشية من الوقوع في الفاحشة.

يجوز للمسلم أن يعدد بشرط العدالة، كذلك أباح الله تعالى تعدد الزوجات إذا كانت الزوجة مريضة أو عقيمًا أو إذا خشي على نفسه الوقوع في الفاحشة.

قال تعالى: ( ﮑﮒ ﮕﮖ ﮙﮚ ﮦﮧ ﯔﯕ ﯚﯛ ﯟﯠ ) [النساء:٢٥].

قال أبو الليث السمرقندي: «وهو رخصة نكاح الأمة ( ) يعني الإثم في دينه»43.

«( ) أي: لمن خاف وقوعه في الإثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة، وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر يعتري الإنسان، ولا ضرر أعظم من مواقعته المآثم بارتكاب أفحش القبائح، وقيل: أريد به الحد؛ لأنه إذا هويها يخشى أن يواقعها فيحد، والأول هو اللائق بحال المؤمن دون الثاني؛ لإبهامه أن المحذور عنده الحد لا ما يوجبه»44.

٤. الخشية من التقصير في الاسترشاد إلى الحق.

كلما تمكنت الخشية من قلب الإنسان كلما كان أشد خشية من التقصير في جنب الله، فيكون دائمًا يقظًا محاسبًا لنفسه خوفًا من العذاب والعقاب.

قال تعالى: ( ﯗﯘ ) [يس:١١].

«( ) أي: ما غاب من عذابه وناره، قاله قتادة. وقيل: أي: يخشاه في مغيبه عن أبصار الناس وانفراده بنفسه. ( ) أي: لذنبه ( ) أي: الجنة»45.

٥. الخشية من محبة الذرية المضرة.

أحيانًا يكون المال والولد فتنة شديدة للإنسان، فربما يرده عن دينه أو يرتكب جريمة، أو يظلم أحدًا، أو يسرق بسبب توفير الأموال لأبنائه.

قال تعالى: ( ) [الكهف:٨٠].

() أي: خفنا والخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون عن علم بما يخشى منه. وقيل: معناه: فخشينا أن يحملهما حبه على أن يتبعاه على دينه.

( ) [الكهف:٨١]. الإبدال: رفع الشيء ووضع آخر مكانه ( ) أي: صلاحًا وتقوى46.

وقال البيضاوي: «أو يعديهما بعلته فيرتدا بإضلاله، أو بممالأته على طغيانه وكفره حبًّا له»47.

٦. الخشية من التفرق والتشرذم.

في الاتحاد قوة وفي التفرق ضعف، لذا ينبغي على المسلمين أن يكونوا متحدين على كلمة الحق (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) خشية أن يتسلل الخور إلى صفوفهم، ويصبحوا أحزابًا وشيعًا، فيطمع بهم عدوهم ويصبحوا لقمة سائغة ويستبيح بيضتهم.

قال تعالى: ( ﮛﮜ ) [طه:٩٤].

«يعني خشيت إن فارقتهم واتبعتك أن يصيروا أحزابًا فيتقاتلون، فتقول: فرقت بني إسرائيل ( )، يعني: لم تحفظ وصيتي حين قلت لك: اخلفني في قومي، أصلح وأرفق بهم»48.

ثالثًا: الخشية المذمومة:

١. الخشية من الناس.

قال تعالى: ( ) [البقرة:١٥٠].

«أي: لا تخشوا شبه الظلمة المتعنتين، وأفردوا الخشية لي، فإنه تعالى هو أهل أن يخشى منه»49.

وقال أبو حيان: «ونهى عن خشيتهم فيما يزخرفونه من الكلام الباطل، فإنهم لا يقدرون على نفع ولا ضر، وأمر بخشيته هو في ترك ما أمرهم به من التوجه إلى المسجد الحرام»50.

قال تعالى: ( ﭿ ) [الأحزاب:٣٧].

«أي: تخفي ما سيبديه الله وتخشى الناس من إبدائه. والخشية هنا كراهية ما يرجف به المنافقون، والكراهة من ضروب الخشية»51.

٢. الخشية من الأعداء.

قال تعالى: ( ﯧﯨ ﯩﯪ ) [التوبة:١٣].

«في الآية إيماء إلى أن المؤمن يجب أن يكون أشجع الناس وأعلاهم همة ولا يخشى إلا الله»52.

وقال أبو بكر الجزائري: «أتتركون قتالهم خشية منهم وخوفًا إن كان هذا ( )؛ لأن ما لدى الله تعالى من العذاب ليس لدى المشركين فالله أحق أن يخشى»53.

قال تعالى: ( ) [المائدة:٣].

«إن الكافرين من المشركين وغيرهم قد يئسوا من أن يردوكم عن دينكم كما كان ذلك قبل فتح مكة ودخول ثقيف وهوازن في الإسلام، وظهوركم عليهم في كل معركة دارت بينكم وبينهم؛ إذًا فلا تخشوهم بعد الآن أن يتمكنوا من قهركم وردكم إلى الكفر واخشوني أنا بدلهم، وذلك بطاعتي وطاعة رسولي ولزوم حدودي والأخذ بسنتي في كوني حتى لا تتعرضوا لنقمتي بسلب عطائي، فإن نصرتي لأهل طاعتي وإذلالي لأهل معصيتي»54.

٣. الخشية من الفقر.

قال تعالى: ( ﭾﭿ ﮂﮃ ) [الإسراء:٣١].

«وذلك أن أهل الجاهلية، كانوا يئدون بناتهم خشية الفاقة أو يخافون عليهم من النهب والغارات، أو أن ينكحوهن لغير أكفاء لشدة الحاجة وذلك عار شديد عندهم، فنهاهم الله عن قتلهن، وقال: ( )، يعني: أن الأرزاق بيد الله؛ فكما أنه فتح أبواب الرزق على الرجال فكذلك يفتحه على النساء»55. قال تعالى: ( ﮣﮤ ) [الإسراء:١٠٠].

«قيل: لأمسكتم عن الإنفاق خشية الفقر»56.

على الإنسان أن يتوكل على الله مع الأخذ بالأسباب فهو الرزاق لا تنفد خزائنه سبحانه.

٤. الخشية من المخالفين.

قال تعالى: ( ﮡﮢ ﮭﮮ ) [النساء:٧٧].

«وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كانوا بمكة استأذنوا في قتل كفار مكة سرًّا، لما كانوا يلقون منهم من الأذى، فقال لهم النبيّ صلّى الله عليه وسلم: مهلًا كفوا أيديكم عن قتالهم وأقيموا الصلاة فإني لم أؤمر بقتالهم، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمره الله تعالى بالقتال، فكره بعضهم فنزلت هذه الآية: ( ) أي: أتموها ( ) يعني: أقروا بها وأعطوها إذا وجبت عليكم ( ) أي: فرض عليهم القتال بالمدينة ( ) أي: يخشون عذاب الكفار ( ) أي: كخشيتهم من عذاب الله ( ) أي: بل أشد خشية، ويقال: معناه أو أشد خشية، يعني: أكثر خوفًا ( ) أي: لم فرضت علينا القتال؟! ( ) أي: يقولون: هلاّ أجلتنا ( ) وهو الموت، فبيّن الله تعالى لهم أن الدنيا فانية، فقال: ( ) أي: منفعة الدنيا قليلة؛ لأنها لا تدوم»57. الخشية التي لا تكون من الله، أو لله، مذمومة ربما تنقص من إيمان صاحبها، وربما تؤدي إلى انضمامه لقائمة المتصفين بالنفاق والكفر والعياذ بالله.

٥. الخشية من كساد التجارة.

قال تعالى: ( ﭿ ﮖﮗ ) [التوبة:٢٤].

«( ) يعني: اكتسبتموها بمكة، ( ) يعني: تخشون أن تبقى عليكم فلا تنفق»58.

«وفي قوله تعالى: ( ) قولان: أحدهما: أنه فتح مكة، قاله مجاهد والأكثرون، ومعنى الآية: إن كان المقام في أهاليكم، وكانت الأموال التي اكتسبتموها ( ) لفراقكم بلدكم ( ) من الهجرة، فأقيموا غير مثابين، حتى تفتح مكة، فيسقط فرض الهجرة. والثاني: أنه العقاب، قاله الحسن»59.

٦. الخشية على الأولاد بعد موت العائل.

قال تعالى: ( ﭿ ) [النساء:٩].

«أمر للأوصياء بخشية الله تعالى ويتقوه في أمر اليتامى فيفعلوا بهم ما يحبون أن يفعل بذراريهم الضعاف بعد وفاتهم، أو للحاضرين المريض عند الإيصاء بأن يخشوا ربهم، أو يخشوا على أولاد المريض ويشفقوا عليهم شفقتهم على أولادهم فلا يتركوه يضرّ بهم بصرف المال عنهم، أو للورثة بالشفقة على من حضر القسمة من ضعفاء الأقارب واليتامى والمساكين متصورين أنهم لو كانوا أولادهم بقوا خلفهم ضعافًا مثلهم هل يجوزون حرمانهم، أو للموصين بأن ينظروا للورثة فلا يسرفوا في الوصية ولو بما في حيزه»60. و«كما كنتم تخشون على ورثتكم وذريتكم بعدكم، فكذلك فاخشوا على ورثة غيركم وذريتهم»61.

أسباب الخشية

للخشية أسباب عدة، تختلف باختلاف نوع الخشية، وبيان ذلك في النقاط الآتية:

أولًا: أسباب الخشية الممدوحة:

١. تعظيم الله تعالى.

الخشية من الله تكون مرتبطة بتعظيم الله سبحانه وتعالى، فالخاشي لله تكون خشيته نابعة من تعظيمه لله عز وجل.

قال تعالى: ( ﭿ ) [الأنبياء:٢٨].

«( ) لا تخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا، وهو كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده، فإنهم لإحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم ويراقبون أحوالهم. ( ) أن يشفع له مهابة منه، ( ﭿ ) عظمته ومهابته () مرتعدون، وأصل الخشية خوف مع تعظيم ولذلك خص بها العلماء»62.

قال تعالى: ( ) [الرعد:٢١].

وذكر أبو حفص الحنبلي أن معنى قوله: «( ) أنّ العبد، وإن قام بكلّ ما جاء عليه من تعظيم الله، والشفقة على خلق الله إلا أنه لا بد وأن تكون الخشية من الله عزّ وجلّ والخوف منه مستويان، ثم ذكر أن الخوف: هو مخافة الهيبة والجلال والتعظيم»63.

«( ) خشية جلالٍ وهيبة ورهبة فلا يعصونه فيما أمر به»64.

قال تعالى: ( ) [الحشر:٢١]. «أي: من شأنه، وعظمته»65.

٢. العلم.

لقد مدح الله العلماء وخصهم بخشيته، وذلك لأنهم عارفون بالله تعالى؛ بأسمائه وصفاته وقدرته.

قال تعالى: ( ﯣﯤ ) [فاطر:٢٨].

إنما يخشاه سبحانه بالغيب العالمون به، وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة، قال مجاهد: إنما العالم من خشي الله عز وجل.

وقال مسروق: كفى بخشية الله علمًا وكفى بالاغترار جهلًا، فمن كان أعلم بالله كان أخشاهم له.

قال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم.

وقال الشعبي: العالم من خاف الله66.

«وقال ابن عباس في تفسير الآية: كفى بالزهد علمًا. وقال ابن مسعود: كفى بخشية الله علمًا، وبالاعتذار جهلًا. وفي الحكم: خير علم ما كانت الخشية معه، وقال في التنوير: اعلم أن العلم حيثما تكرر في الكتاب والسنّة فإنما المراد به العلم النافع، الذي تقارنه الخشية، وتكتنفه المخافة، قال تعالى: ( )، بيّن سبحانه أن الخشية تلازم العلم، وفهم من هذا أن العلماء إنما هم أهل الخشية »67.

٣. النجاة من العذاب في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: ( ) [الرعد:٢١].

«ويخشون ربهم وعيده عمومًا. ويخافون سوء الحساب خصوصًا فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا»68.

وقال سيد قطب: «فهي خشية الله ومخافة العقاب الذي يسوء في يوم لقائه الرهيب. وهم أولو الألباب الذين يتدبرون الحساب قبل يوم الحساب»69.

وقال أبو بكر الجزائري: «أي: خافه فلم يعصه وهو لا يراه، كما لم يعصه عندما يخلو بنفسه ولا يراه غيره، فمثل هذا بشره بمغفرة منا لذنوبه، وأجر كريم على صالح عمله؛ وهو الجنة دار المتقين»70.

قال تعالى: ( ) [عبس:٨-٩].

«جاءك مسرعًا يجري وراءك يناديك بأحب الأسماء إليك: يا رسول الله، والحال أنه يخشى الله تعالى ويخاف عقابه؛ فلذا هو يطلب ما يزكي به نفسه ليقيها العقاب والعذاب»71.

٤. الرغبة في المغفرة والثواب.

الهدف الأسمى الذي يسعى إليه المسلمون، هو نيل رضا الله سبحانه وتعالى والفوز بجنته، وذلك يتأتى بإذن الله لمن شاء فهو غفار الذنوب، والمكافئ بالثواب الجزيل.

قال تعالى: ( ﯗﯘ ) [يس:١١].

معنى ( ) أي: خاف عقابه وهو غائب عنه، أو خافه في سريرته ولم يغتر برحمته؛ فإنه منتقم قهار كما أنه رحيم غفار72.

فبشر من اتبعك وانتفع بك بمغفرة واسعة وجنة عرضها السماوات والأرض، وبأجر على ذلك كريم73.

( ) خاف عقابه قبل حلوله ومعاينة أهواله، أو في سريرته ولا يغتر برحمته؛ فإنه كما هو رحمن، منتقم قهار. ( )74.

ثانيًا: أسباب الخشية المذمومة:

١. ضعف الإيمان.

ضعيف الإيمان يخلو قلبه من الخشية، فتجده لاهيًا في صلاته أو مضيعًا لها، قاسيًا في معاملته للآخرين، فالمؤمن الذي يخشى الله يكون حريصًا على كسب رضا الله، رحيم القلب، قلبه وجلًا من خشية الله، فهو يرى ذنبه كالجبل فيداوم على الذكر والاستغفار، بينما ضعيف الإيمان والمنافق دائم الطمأنينة، قاسي القلب، لا يوجل ولا يخشى الله، تكون خشيته من الناس وليس من الله، وذلك بسبب جهله وعدم معرفته بقدر الله وعظمته وجلاله سبحانه.

قال تعالى: ( ﮡﮢ ﮭﮮ ) [النساء:٧٧].

قال المراغي: الخطاب لجماعة المسلمين وفيهم المنافقون والضعفاء، أمرهم الله بحقن الدماء وكف الأيدي عن الاعتداء، وإقامة الصلاة والخشوع لله، وإيتاء الزكاة التي تمكن الإيمان في القلوب، وتشد أواصر التراحم بين الخلق، وقد كانوا من قبل ذوي إحن وأحقاد وتخاصم وتلاحم وحروب مستمرة.

فلما جاء الإسلام أحبوا أن يكتب عليهم القتال ليسيروا على ما تعودوه، ولكن حين كتب عليهم كرهه الضعفاء منهم وخافوا أن يقاتلهم الكفار وينزلوا بهم النكال والوبال، كما خافوا أن ينزل الله بهم بأسه وعقابه، بل رجحوا خوفهم من الناس على خوفهم من الله، وقالوا: ربنا لماذا كتبت علينا القتال في هذا الوقت؟

هلا أخرتنا حينًا من الدهر نموت حتف أنوفنا موتًا طبيعيًّا، فبيّن الله تعالى أن طلبهم للإنظار إنما هو خشية الموت والرغبة في متاع الدنيا ولذاتها، مع أن كل ما يتمتع به في الدنيا فهو قليل بالنسبة إلى متاع الآخرة؛ لأنه محدود فان، ومتاع الآخرة كثير باق ولا يناله إلا من اتقى الله وابتعد عن الأسباب التي تدنس النفس بالشرك والأخلاق الذميمة، فحاسبوا أنفسكم واعلموا أنكم ستجزون بأعمالكم، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر75.

٢. محبة الذرية.

من الناس من يفني حياته في سبيل توفير الراحة والحياة الرغيدة لأولاده، فيجتهد في كنز الأموال ويصبح الشح والبخل صفة ملازمة له، وينسى أن يقدم لآخرته ببذل الصدقات ولو بأقل القليل، كذلك يخشى على نفسه الموت، فيتقاعس عن الجهاد في سبيل الله، وذلك نتيجة جهلهم أن أولادهم وأموالهم لا تغني عنهم من الله شيئًا، وأن الأعمار والأرزاق بيد الله سبحانه.

قال تعالى: ( ﯚﯛ ﯞﯟ ) [المجادلة:١٧].

كان عبد الله بن أبي ابن سلول مهيأ لأن يملكوه على المدينة قبيل إسلام الأنصار، فكانوا يفخرون على المسلمين بوفرة الأموال وكثرة العشائر وذلك في السنة الأولى من الهجرة، ومن ذلك قول عبد الله بن أبي ابن سلول: ( ) [المنافقون:٨].

يريد بالأعز فريقه وبالأذل فريق المسلمين، فآذنهم الله بأن أموالهم وأولادهم لا تغني عنهم مما توعدهم الله به من المذلة في الدنيا والعذاب في الآخرة»76.

قال تعالى: ( ﭿ ) [التوبة:٢٣-٢٤].

نجد في الآيات تحذيرًا من العلائق التي قد تفضي إلى التقصير في القيام بواجبات الإسلام، ومن الأسباب التي تتعلق بها نفوس الناس فيحول تعلقهم بها بينهم وبين الوفاء ببعض حقوق الإسلام، فلذلك ذكر الأبناء هنا؛ لأن التعلق بهم أقوى من التعلق بالإخوان.

ثم تحذير من التهاون بواجبات الدين مع الكناية عن جعل ذلك التهاون مسببًا على تقديم محبة تلك العلائق على محبة الله، وفيه إيقاظ إلى ما يؤول إليه ذلك من مهواة في الدين.

وهذا من أبلغ التعبير، وجعل التفضيل في المحبة بين هذه الأصناف وبين محبة الله ورسوله والجهاد؛ لأن تفضيل محبة الله ورسوله والجهاد يوجب الانقطاع عن هذه الأصناف، فإيثار هذه الأشياء على محبة الله يفضي موالاة إلى الذين يستحبون الكفر، وإلى القعود عن الجهاد، ووصفهم الله تعالى حين تقاعسهم بالفاسقين77.

٣. حب الدنيا.

إنّ حب الدنيا وتقديمها على الآخرة من أعظم البلايا التي تصيب الأمة في دينها ودنياها، والناظر إلى تاريخ الأمة يجد أنّه لا يمكن أن تستباح أراضيها وأعراضها وحرماتها إلا عندما تتخلى عن دينها، ولا تتخلى عن دينها إلا إذا رغبت في دنياها.

قال تعالى: ( ) [القيامة:٢٠-٢١].

«كلا: معناه حقًّا، أي: حقًّا تحبون العاجلة وتذرون الآخرة، أي: أنهم يحبون الدنيا ويعملون لها، ويتركون الآخرة ويعرضون عنها»78.

قال تعالى: ( ) [الأعلى:١٦-١٧].

«قوله عز وجل: بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى، يعني: أن الدنيا فانية والآخرة باقية، والباقي خير من الفاني، وأنتم تؤثرون الفاني على الباقي»79.

٤. النفاق.

قال الجرجانيّ: النّفاق: «إظهار الإيمان باللّسان وكتمان الكفر بالقلب»80.

والنفاق كالكفر والشرك والفسق، على مراتب ومنه ما هو مخرج من الملة، وهو النفاق الاعتقادي، ومنه ما ليس مخرجًا من الملة، وهو النفاق العملي.

قال ابن رجب: ومن أعظم خصال النّفاق العمليّ، أن يعمل الإنسان عملًا ويظهر أنّه قصد به الخير، وإنّما عمله ليتوصّل به إلى غرض له سيء، فيتمّ له ذلك ويتوصّل بهذه الخديعة إلى غرضه، ويفرح بمكره وخداعه وحمد النّاس له على ما أظهره، ويتوصّل به إلى غرضه السيء الّذي أبطنه»81.

ومن صفاتهم: مظاهرة الأعداء على المسلمين.

قال تعالى: ( ) [النساء:١٣٨-١٣٩].

قال الطبري: إن الله تعالى يطلب من نبيه أن يخبر المنافقين الذين يوالون الكفار ويناصرونهم على المسلمين بأنّ لهم عذابًا أليمًا، فهل هم يطلبون منهم العزة والمنعة، لكن العزة والمنعة لله جميعًا، فهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزة عندهم، هم الأذلاء الأقلاء، فهلا اتخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمسوا العزّة والمنعة والنصرة من عند الله الذي له العزة والمنعة، الذي يعزّ من يشاء ويذل من يشاء82.

ومن صفاتهم: كراهية ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حث على الجهاد، والفرح بالقعود مع الخوالف.

قال تعالى: ( ﭿﮀ ﮅﮆ ) [التوبة:٨١].

فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله، وهم من المنافقين، فأذن لهم، وخلفهم بالمدينة في غزوة تبوك، أو الذين خلفهم الله وثبطهم، أو الشيطان، وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، سبب ذلك الشح بالأموال والأنفس، وعدم وجود باعث الإيمان وداعي الإخلاص ووجود الصارف عن ذلك، وهو ما هم فيه من النفاق، ( ﭿ) أي: قال المنافقون لإخوانهم هذه المقالة تثبيطًا لهم، وكسرًا لنشاطهم: وتواصيًا بينهم بالمخالفة لأمر الله ورسوله، ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: ( ﮅﮆ )83.

قال تعالى: ( ﭷﭸ ﭿ ) [المائدة:٥٢].

«قال المفسرون: نزلت في المنافقين، ثم لهم في ذلك قولان: أحدهما: أن اليهود والنصارى كانوا يميرون المنافقين ويقرضونهم فيوادونهم، فلما نزلت: (ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) قال المنافقون: كيف نقطع مودة قوم إن أصابتنا سنة وسعوا علينا، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وممن قال: نزلت في المنافقين، ولم يعين: مجاهد، وقتادة»84.

الموصوفون بالخشية في القرآن

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أصناف الذين يخشونه وأوصافهم، منهم: الملائكة والأنبياء والعلماء والصالحون، حتى الجمادات تخشى الله عز وجل، فكل شيء يسبح بحمد الله عز وجل، كما ذكر بعد ذلك الذين لا يخشون الله، وهم: المنافقون والمشركون والكفار.

أولًا: الملائكة:

قال تعالى: ( ﭤﭥ ﭿ ) [الأنبياء:٢٦-٢٨].

( ) قال ابن عباس: يريد من الملائكة، ( ﭿ ) أي: من خشيتهم منه () خائفون لا يأمنون مكره85. والمراد بالولد: الملائكة، وكذلك المراد بقوله: ( )، والمعنى: بل عباد أكرمهم الله واصطفاهم، ( ﭿ )أي: من خشيتهم منه، فأضيف المصدر إلى المفعول، () أي: خائفون86.

ثانيًا: الرسل والأنبياء:

قال تعالى: ( ﯡﯢ ) [الأحزاب:٣٩].

لقد وصف الله عز وجل الأنبياء بأنهم لا يخشون إلا الله87. «فقال: إنّ ( ) كانوا أيضًا رسلًا مثلك، ثم ذكر حالهم بأنهم جرّبوا الخشية ووجدوها، فيخشون الله ولا يخشون أحدًا سواه»88. «ونبينا صلى الله عليه وسلم من جملتهم ومن أشرفهم، ( ) للمخاوف، أو: محاسبًا، فينبغي ألا يخشى إلا منه تعالى»89.

ثالثًا: العلماء:

قال تعالى: ( ﯜﯝ ﯣﯤ ) [فاطر:٢٨].

«قال مجاهد: إنما العالم من خشي الله عز وجل.

وقال مسروق: كفى بخشية الله علمًا وكفى بالاغترار جهلًا، فمن كان أعلم بالله كان أخشاهم له.

قال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم»90.

«قيل: عظموه وقدروا قدره وخشوه حق خشيته ومن ازداد به علما ازداد به خشية»91.

وقال ابن عباس: العلماء بالله الذين يخافونه.

وعن ابن مسعود قال: ليس العلم من كثرة الحديث، لكن العلم من الخشية.

وعن حذيفة: بحسب المؤمن من العلم أن يخشى الله92.

قال تعالى: ( ﮆﮇ ﮘﮙ ﮢﮣ ) [المائدة:٤٤].

«وأما أهل العلم فكما أنهم مطالبون بالقيام بما عليهم، فإنهم مطالبون أن يعلموا الناس وينبهوهم على ما يحتاجون إليه من أمور دينهم، خصوصًا الأمور الأصولية والتي يكثر وقوعها وأن لا يخشوا الناس بل يخشون ربهم»93.

«قال ابن زيد: الربانيون: الولاة، والأحبار: العلماء. وقوله: ( ) هذا خطاب للربانيين والأحبار، أمرهم ألا يخشوا الناس في تنفيذ حكمه وإمضائه على ما في كتابه، وأن يخشوه في ذلك، قاله السدي وغيره»94.

رابعًا: الصالحون:

قال تعالى: ( ) [الرعد:٢١].

«إن أولي الألباب هم الذين يخافون ربّهم فيما يأتون، وفيما يتركون من أعمال، ويراقبون الله في السّر والعلن، يخلصون النّية والقصد لوجه الله، ويحذرون من شدّة العذاب، وسوء الحساب في الآخرة؛ لأن عاقبة ذلك وخيمة، وهي الزّج في نيران جهنم»95. والعياذ بالله.

قال تعالى: ( ) [الأنبياء:٤٨-٤٩].

«أما أوصاف المتقين فهي واحدة قديمًا وحديثًا، ذكر تعالى منها هنا وصفين: خشية الله تعالى في السر وفي العلن، والخوف من يوم القيامة وأهوالها، وما يجري فيها من الحساب والسؤال قبل التوبة»96.

الصفة الأولى للمتقين: يخشون الله في حال الغيب والخلوة، حيث لا يطلع عليهم أحد، ويخافون عذاب ربهم، وخشية الله في السر كخشيته في العلن من أصول الإيمان وثوابته، والصفة الثانية للمتقين: الخوف الشديد من الساعة، أي: القيامة، والإشفاق على النفس من أهوالها، وسائر ما يحدث فيها من الحساب والسؤال، والإشفاق: أشد الخشية97.

خامسًا: الجمادات:

قال تعالى: ( ﮡﮢ ﮩﮪ ﮱﯓ ﯚﯛ ) [البقرة:٧٤].

القساوة عبارة عن الغلظ مع الصلابة، كما في الحجر، وأن الحجارة تتأثر وتنفعل؛ فإن منها ما يتشقق فينبع منه الماء، وتنفجر منه الأنهار، ومنها ما يتردى من أعلى الجبل انقيادًا لما أراد الله تعالى به، وقلوب هؤلاء لا تتأثر ولا تنفعل عن أمره تعالى، والتفجر التّفتح بسعة وكثرة، والخشية مجاز عن الانقياد98.

«وقيل: المراد به حقيقة الخشية على معنى أنه يخلق فيها الحياة والتمييز، وليس شرط خلق الحياة والتمييز في الجسم أن يكون على بنية مخصوصة عند أهل السنة»99.

وقال الخازن: «( ) أي: ينزل من أعلى الجبل إلى أسفله، وخشيتها عبارة عن انقيادها لأمر الله، وأنها لا تمتنع عما يريد منها، وقلوبكم يا معشر اليهود لا تلين ولا تخشع. فإن قلت: الحجر جماد لا يعقل ولا يفهم فكيف يخشى؟ قلت: إن الله تعالى قادر على إفهام الحجر والجمادات فتعقل وتخشى بإلهامه لها، ومذهب أهل السنة إن الله تعالى أودع في الجمادات والحيوانات، علمًا وحكمة لا يقف عليهما غيره فلها صلاة وتسبيح وخشية يدل عليه قوله: ( ) [الإسراء:٤٤].

وقال تعالى: ( ﯞﯟ ) [النور:٤١].

فيجب على المرء الإيمان به، ويكل علمه إلى الله تعالى»100.

قال تعالى: ( ﮔﮕ ) [الحشر:٢١].

«من شأن القرآن وعظمته أنه لو جعل في الجبل تمييز، وأنزل عليه القرآن، لخشع، أي: لخضع وتطأطأ وتصدع، أي: تشقق من خشية الله»101.

«ولو كان المخاطب بالقرآن جبلًا، وكان الجبل يفهم الخطاب لتأثر بخطاب القرآن تأثرًا ناشئًا من خشية لله خشية تؤثرها فيه معاني القرآن»102.

و«للقرآن عظمته البالغة ومواعظه المؤثرة، فلو أنزلنا هذا القرآن على جبل من الجبال، لرأيته مع كونه بالغ الصلابة، في غاية الخشوع والخضوع والانقياد لأمر الله، يكاد يتشقّق من خوف الله وخشية عذابه»103.

وقد جعل الله عز وجل القرآن مرشدًا عظيمًا وإمامًا هاديًا، يجب أن تخشع لهيبته القلوب، وتتصدع لدى سماع عظاته الأفئدة؛ لما فيه من وعد ووعيد، وبشارة وإنذار، وحِكَم وأحكام، فلو كان للجبل عقلٌ، وفهم القرآن وتدبر ما فيه لخشع وتصدع من خوف الله عز وجل، فكيف بكم أيها البشر لا تلين قلوبكم، ولا تخشع وتتصدع من خشيته؟ وقد فهمتم عن الله أمره، وتدبرتم كتابه104.

آثار الخشية

للخشية المحمودة آثار كثيرة، منها: الانتفاع بالدعوة، البعد عن الغفلة، حيث نجد المسلم الحق يستغل كل دقيقة في طاعة الله ويحرص على عدم إضاعة وقته دون الانتفاع به، تاليًا لكتاب الله تعالى، منتفعًا بآياته مطبقًا لها، يحل حلاله ويحرم حرامه، واصلًا لرحمه، مبادرًا للجهاد، باذلًا نفسه وماله في سبيل الله، ويقوم بالدعوة إلى الحق لا يخشى في الله لومة لائم، بينما الخشية المذمومة من آثارها: موالاة الأعداء، والإمساك عن الإنفاق، والفرار من الزحف، وقتل الذرية، والحكم بغير الحق.

آثار الخشية الممدوحة:

١. الانتفاع بالدعوة.

قال تعالى: ( ﭿ ) [طه:١-٣].

( ﭿ ) أي: أنزلنا عظة لمن يخشى، وخص من يخشى بالتذكرة؛ لأنهم هم المنتفعون بها105. «وفيه وجهان: أحدهما: إلا إنذارًا لمن يخشى الله. والثاني: إلا زجرًا لمن يتقي الذنوب»106.

قال تعالى: ( ) [الأعلى:٩-١٠].

«( ) يعني: يتعظ بالقرآن من يخشى الله تعالى ويسلم، ويقال: معناه سيتعظ ويؤمن ويعمل صالحًا من يخشى قلبه من عذاب الله تعالى»107. و«يخشى الله، وقد يتذكر من يرجوه، إلا أن تذكرة الخاشي أبلغ من تذكرة الراجي»108.

٢. خشية الله وحده في تبليغ الحق.

فهؤلاء يقولون الحق، ولا تمنعهم سطوة أحد عن تبليغ أمر الله، وكفى بالله ناصرًا ومعينًا.

قال تعالى: ( ﯡﯢ ) [الأحزاب:٣٩].

تحول خشيتهم من الله بينهم وبين المعصية، لا يخشون قالة الناس ولائمتهم فيما أحل الله لهم109. وقد وصف الأنبياء بأنهم لا يخشون إلا الله.

كما «أثنى الله على الأنبياء بقوله: ( ) يعني: فرائض الله وسننه وأوامره ونواهيه إلى من أرسلوا إليهم () يعني: يخافونه ( ) يعني: لا يخافون قالة الناس ولائمتهم فيما أحل الله لهم وفرض عليهم ( ) أي: حافظًا لأعمال خلقه ومحاسبهم»110.

٣. المبادرة إلى الطاعات.

قال تعالى: ( ﯿ ) [المؤمنون:٥٧-٦١].

«يرغبون في الطاعات فيبادرونها»111.

( ) فيه معنيان: أحدهما: أنهم يبادرون إلى فعل الطاعات، والآخر: أنهم يتعجلون ثواب الخيرات112.

إنّ المؤمنين بما هم عليه من خشية الله خائفون من عقابه، يعملون ما عملوا من أعمال البر، قال الحسن: عملوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم113.

«وهم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح، مشفقون من الله خائفون منه، وجلون من مكره بهم»114.

٤. التأثر بالقرآن.

قال الله تعالى: ( ﭻﭼ ﭿ ﮃﮄ ) [الزمر:٢٣].

«هذا نعت أولياء الله، نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم، وتبكي أعينهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله»115.

«والمستحب من التالي للقرآن أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات، فيكون له بحسب كل فهم حال يتصف به قلبه من الحزن والخوف والرجاء وغير ذلك، ومهما تمت معرفته كانت الخشية أغلب الأحوال على قلبه»116.

و« هذا نعت أولياء الله نعتهم الله تعالى، قال: تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى»117.

والمعني أنهم إذا سمعوا القرآن وقوارع آيات وعيده أصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم وإذا ذكروا رحمة الله تعالى تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة، ثم تصبح ساكنة مطمئنة إلى ذكر رحمته118.

٥. المبادرة إلى الجهاد.

إذا وجدت أسباب القتال فلا خوف ولا خشية من العدو؛ لأن الخشية لا تكون إلا من الله وحده، ولكن ضعاف الإيمان يخشون الناس.

قال تعالى: ( ﯿ ) [آل عمران:١٧٣].

يقول الحق جل جلاله: الذين قال لهم الناس وهم ركب عبد قيس حيث قالوا للمسلمين: إن الناس، يعني: أبا سفيان ومن معه، قد جمعوا لكم ليرجعوا ليستأصلوكم فاخشوهم، وارجعوا إلى دياركم؛ فزادهم ذلك إيمانًا ويقينًا وتثبيتًا في الدين، ولما قال لهم الركب ذلك ليخوفهم، قالوا: حسبنا الله، أي: كافينا الله وحده، فلا نخاف غيره، ونعم الوكيل، أي: نعم من يتوكل عليه العبد، وهي كلمة يدفع بها ما يخاف ويكره، فانقلبوا راجعين من حمراء الأسد، متلبسين بنعمة من الله وهي العافية والسلامة، وفضل، وهي: زيادة الإيمان وشدة الإيقان، لم يمسسهم سوء من جراحة وكيد عدو، واتبعوا رضوان الله، الذي هو مناط الفوز بخير الدارين، والله ذو فضل عظيم؛ فقد تفضل عليهم بالتثبيت وزيادة الإيمان، والتوفيق إلى المبادرة إلى الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي هو موجب الرضوان119.

«لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد إلى المدينة، وسمع أن أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة، ندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا، على ما بهم من الجراح، استجابة لله ولرسوله، وطاعة لله ولرسوله، فوصلوا إلى حمراء الأسد، وجاءهم من جاءهم وقال لهم: ( ) وهموا باستئصالكم؛ تخويفًا لهم وترهيبًا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانًا بالله واتكالًا عليه، ( ) أي: كافينا كل ما أهمنا ( ) المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم»120.

قال تعالى: ( ﯧﯨ ﯩﯪ ) [التوبة:١٣].

حرضهم الله تعالى أبلغ تحريض، فقال: () أي: أيمنعكم من قتالهم أنكم تخشونهم؟ أي: تخافونهم فزعين من قتالهم. والله أحق أن تخافوه وتفزعوا من غضبه، فإن المؤمن لا يخشى إلا الله، ولا يبتغي في أموره كلها إلا رضا الله والخوف من غضبه وعذابه121.

٦. البعد عن الفواحش.

الخشية هي التي تحول بين الإنسان وبين معصية الله، ونجد صاحبها دائم الدعاء: اللهم ارزقنا من خشيتك ما يجنبنا معصيتك.

قال تعالى: ( ﯣﯤ ﯱﯲ ﯺﯻ ﯿ ﰀﰁ ) [فاطر:١٨].

«إنما تنذر يا رسولنا ويقبل إنذارك وينتفع به من يخشون ربهم ويخافون عذابه بالغيب وأقاموا الصلاة، أما غيرهم من أهل الكفر والعناد والجحود فإنهم لا يقبلون إنذارك ولا ينتفعون به لظلمة جهلهم وكفرهم وقساوة قلوبهم، ومع هذا فأنذر ولا عليك في ذلك شيء، فإن من تزكى بالإيمان والعمل الصالح مع ترك الشرك والمعاصي فإنما يتزكى لنفسه لا لك ولا لنا، ومن أبى فعليه إباؤه، وإلينا مصير الكل وسنجزي كلًّا بما كسب من خير وشر»122.

«إنما يهتدي بك ويسمع لك الذين يخشون ربهم بالغيب، وهم الذين يؤمنون بالغيب»123.

قال تعالى: ( ﯿ ) [الملك:١٢].

أي: يخافونه وهم لا يرونه، وكذا وهم في غيبة عن الناس فيطيعونه ولا يعصونه، هؤلاء لهم مغفرة لما فرط من ذنوبهم وأجر كبير عند ربهم، أي: الجنة»124.

إن الذين يخشون ربهم فيخافون عذابه، ويعبدونه كأنهم يرونه، مع أنهم لا يرونه بأعينهم، وهذه الصفات تدل على قوة الإيمان، وعلى طهارة القلب، وصفاء النفس125.

٧. الفوز في الدنيا والآخرة.

الفوز برضا الله سبحانه وتعالى ومحبته، والفوز بالجنة ثمرة من ثمار الخشية.

يقول تعالى: ( ﰗﰘ ) [ق:٣١-٣٥].

هذا هو الثواب الذي وعدتم به على ألسنة الرسل، لكل من خشي وخاف عقاب ربه، مخلص مقبل على طاعة الله، وهذا الثواب هو الجنة للمتقين التائبين من ذنوبهم ويلقون الله بقلوب منيبة إليه، خاضعة له126.

قال أبو السعود: إشارة إلى أنهم مع خشيتهم عقابه راجون رحمته تعالى، ووصف القلب بالإنابة لما أن العبرة برجوعه إلى الله تعالى، ثم يقال لهم: ادخلوها ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم، أو بسلام من جهة الله تعالى وملائكته127.

قال تعالى: ( ﭜﭝ ﭢﭣ ) [البينة:٧-٨].

«فإن الخشية التي هي من خصائص العلماء بشؤون الله عز وجل مناط لجميع الكمالات العلمية والعملية المستتبعة للسعادة الدينية والدنيوية»128.

فنجد أن رضا الله عن العبد يكون مقرونًا بهذه الخشية، التي تكون سببًا في التوفيق في الدنيا والآخرة والنصر على الأعداء، والنجاة من النار، والفوز برضا الله والجنة.

ثانيًا: آثار الخشية المذمومة:

١. موالاة الأعداء.

قال تعالى: ( ﭙﭚ ﭝﭞ ﭣﭤ ﭷﭸ ﭿ ) [المائدة:٥١-٥٢].

ينهى تعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، الذين هم أعداء الإسلام وأهله، لأنهم إذا اتخذوهم أولياء في النصر والمعونة صاروا أمثالهم، فهم إذا نصروا الكفار على المسلمين وأعانوهم فقد كفروا، ومضمون الآيات أن الله تعالى ينهى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى الذين هم أعداء الإسلام وأهله.

ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض، ثم تهدد وتوعد من يواليهم. ومن ينصرهم أو يعينهم أو يستنصر بهم، فإنه في الحقيقة منهم، أي: من جملتهم، وليس من صف المؤمنين الصادقين.

وهذا تغليظ من الله وتشديد على المنافقين، الذين يتصادقون مع اليهود والنصارى المخالفين في الدين؛ لأن موالاتهم تستدعي الرضا بدينهم، وأن من يوالي هؤلاء في شؤون الدين وقضاياه ومقتضيات الدعوة ونشاطها، فينصرهم أو يستنصرهم بهم، فهو ظالم لنفسه بوضعه الولاية في غير موضعها، والله لا يهديه إلى خير أو حق بسبب موالاة الكفر.

وسبب موالاة هؤلاء المنافقين لأعداء الإسلام: أنهم يتأولون في مودتهم أنهم إلى خير أو حق بسبب موالاة الكفر، وذلك لأنهم يخشون انتصار الكافرين على المسلمين، فتكون لهم أيادٍ عند اليهود والنصارى، فينفعهم ذلك. وهذا شأن المنافقين المستضعفين في كل زمان ومكان، يتخذون صداقات ومودات عند زعماء الكفر لتأييدهم ودعمهم أثناء الأزمات، وقد أثبت الواقع تخليهم عنهم وقت المحنة الشديدة وبيع صداقتهم بثمن بخس129.

ويقول الخازن في معنى الآية: ( ) يعني: شك ونفاق يسارعون في مودة اليهود وموالاتهم ومناصحتهم؛ لأنهم كانوا أهل ثروة ويسار، فكانوا يغشونهم ويخالطونهم؛ لأجل ذلك يقول المنافقون: إنما نخالط اليهود؛ لأنا نخشى أن يدور علينا الدهر بمكروه، ويعنون بذلك المكروه الهزيمة في الحرب والقحط والجدب والحوادث المخوفة، فعسى الله أن يأتي بالنصر والفتح لرسوله صلى الله عليه وسلم فيصبح المنافقون على ما أسروا في أنفسهم من الكفر والنفاق، ومن مظاهرة اليهود نادمين130.

٢. الإمساك عن الإنفاق.

قال تعالى: ( ﭾﭿ ﮂﮃ ) [الإسراء:٣١].

خطاب للموسرين، نهاهم الله سبحانه عن أن يقتلوا أولادهم خشية الفقر، حاصله: أن قتل الأولاد إن كان لخوف الفقر فهو من سوء الظن بالله، فإن الله سبحانه هو الرازق لعباده، يرزق الأبناء كما يرزق الآباء، فقال: ( )، ولستم لهم برازقين حتى تصنعوا بهم هذا الصنع، ونهى سبحانه عن قتل الأولاد المستدعي لإفناء النسل131.

قال تعالى: ( ﮣﮤ ) [الإسراء:١٠٠].

«قال الزجاج: أعلمهم الله أنهم لو ملكوا خزائن الأرزاق لأمسكوا شحًّا وبخلًا، وهو ( )، أي: خشية أن ينفقوا فيفتقروا»132.

٣. الفرار من الزحف.

قال تعالى: ( ﮡﮢ ﮭﮮ ) [النساء:٧٧].

«هذا السياق اشتمل على أمور تدل على أنها مختصة بالمنافقين؛ لأنه تعالى قال في وصفهم: ( ) ولا يكون هذا الوصف إلا لكافر أو منافق. وحكى تعالى عنهم أنهم قالوا: ( ) ولم يعهد هذا عن المؤمنين، بل المحفوظ مبادرتهم للجهاد»133.

ترى المنافقين الذين اعتل إيمانهم ولم يصل إلى مرتبة اليقين؛ كعبد الله بن أبى وغيره من المنافقين يمتون إلى اليهود بالولاء والعهود، ويسارعون في هذه السبيل التي سلكوها، وكلما سنحت لهم الفرصة لتوثيق ولائهم وتأكيده ابتدروها ليزيد تمكنًا وثباتًا. يقولون بألسنتهم: نحن نخشى أن تقع بنا مصيبة من مصائب الدهر فنحتاج إلى نصرتهم لنا، فعلينا أن نتخذ لنا أيادي عندهم في السراء، ننتفع بها إذا مستنا الضراء وهكذا شأن المنافقين في كل زمان ومكان، فكثير من وزراء بعض الدول الضعيفة يتخذ له يدًا عند دولة قوية يلجأ إليها إذا أصابته دائرة فتغلغل نفوذ هذه الدول في أحشاء هذه الدولة، وضعف استقلالها في بلادها بعملهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد134.

( ) بالمدينة أي: فرض ( ) يعني: مشركي مكة ( ).

واختلفوا في قوله تعالى: ( )، فقال قوم: نزلت في المنافقين؛ لأن قوله: ( ) أي: لم فرضت، لا يليق بالمؤمنين، وكذلك الخشية من غير الله135.

٤. كتمان الحق.

قال تعالى: ( ﭗﭘ ﭣﭤ ﭭﭮ ﭰﭱ ﭸﭹ ﭿ ﮈﮉ ﮍﮎ ﮜﮝ ) [البقرة:١٤٦-١٥٠].

والمعنى: أن علماء اليهود والنصارى يعرفون أن القبلة التي صرفتك إليها هي قبلة إبراهيم وقبلة الأنبياء قبلك؛ كما يعرفون أبناءهم لا يشكون في ذلك. ( )، أي: من علماء أهل الكتاب ( )، يعني: صفة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: أمر القبلة، ( )، يعني: أن كتمان الحق معصية136.

قال تعالى: ( ﭿ ﮈﮉ ) [البقرة:٤٠-٤٢].

«قوله: ( ) الآية: أي لا تلبسوا بأمر الدنيا أمر الآخرة. وأراد لا يحل لأهل الحق كتمان الحق عن أهله خاصة، عمن يرجون هدايته إلى الله عزّ وجلّ، فأما أهله فإنهم يزدادون بصيرة به، وأما من كان من غير خاصة أهله فإن قول الحق لهم هداية وإرشاد إلى الله تعالى»137.

وقوله تعالى: ( ) أي: فاخشون، يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت مصدقًا لما معكم، يقول: لأنهم يجدون محمدًا صلى الله عليه وسلم مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل.

ومعنى قوله: ( ) أنه تعالى يتوعدهم فيما يتعمدونه من كتمان الحق وإظهار خلافه ومخالفتهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه.

عن ابن عباس: ( ) أي: لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به، وأنتم تجدونه مكتوبًا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم.

ويجوز أن يكون المعنى: وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس، من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار، إن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروجوه عليهم138.

٥. قتل الذرية.

قال تعالى: ( ﭾﭿ ﮂﮃ ) [الإسراء:٣١].

« كان أهل الجاهلية يقتلون البنات خشية الفاقة فوعظهم الله في ذلك وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم على الله فقال: ( ﮂﮃ ) أي: إثمًا كبيرًا»139.

ولا تقتلوا أولادكم خوف الفقر، فنحن نرزقهم لا أنتم، ونرزقكم أيضًا، إن قتلهم خوف الفقر أو العار كان إثمًا وذنبًا عظيمًا، وخطأ جسيمًا. وقدم الإخبار برزق الأولاد هنا؛ لأنه خاطب الموسرين منهم وذكر العناية برزقهم، وقدم الإخبار برزق الآباء في ( ) [الأنعام:١٥١].

لأنه خاطب الفقراء، ونهاهم عن قتلهم من فقر، فالأرزاق للآباء والأولاد بيد الله، وقتل الأولاد خوف الفقر من سوء الظن بالله، وإن كان خوفًا على البنات، فهو سعي في تخريب العالم، والآية دالة على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالد بولده لأنه نهى عن قتل الأولاد140.

٦. الحكم بغير الحق.

قال تعالى: ( ﮆﮇ ﮘﮙ ﮢﮣ ) [المائدة:٤٤].

قال مجاهد: من ترك الحكم بما أنزل الله ردًّا لكتاب الله فهو كافر ظالم فاسق. وقال عكرمة: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق. وهذا قول ابن عباس أيضًا، وقال ابن مسعود والحسن والنخعي: هذه الآيات الثلاث عامة في اليهود وفي هذه الأمة؛ فكل من ارتشى وبدل الحكم فحكم بغير حكم الله فقد كفر وظلم وفسق، وإليه ذهب السدي؛ لأنه ظاهر الخطاب، وقيل: هذا فيمن علم نص حكم الله ثم رده عيانًا عمدًا وحكم بغيره141.

و«نهي للحكام عن خشيتهم غير الله في حكوماتهم وإمضائها على خلاف ما أمروا به من العدل خشية سلطان ظالم أو خيفة أذية أحد، ولا تستبدلوا بآيات الله وأحكامه، وهو الرشوة وابتغاء الجاه ورضا الناس»142.

موضوعات ذات صلة:

التقوى، الحذر، الخوف، الرجاء


1 انظر: العين، الفراهيدي ٤/٢٨٤، تهذيب اللغة، الأزهري ٧/١٩٤، مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/١٨٤، مختار الصحاح، الرازي ص٩١.

2 تاج العروس، الزبيدي ٣٧/٢٨٣، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/٢٣٧.

3 انظر: معاني القرآن، الفرّاء ٢/١٥٧، المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٥/٢٤١.

4 التعريفات، الجرجاني ١/٩٨.

5 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٨٣، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص١٥٥.

6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبدالباقي ص ٢٣٣-٢٣٤.

7 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٨٣، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي ١/٥٠٥، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/٥٤٤.

8 مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٢٣٠.

9 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٠٣.

10 التعريفات، الجرجاني، ص ١٠١.

11 دليل الفالحين، البكري ٤/٢٨٣.

12 انظر: الكليات، الكفوي ١/٤٢٨.

13 المصدر السابق ص ٢٤٣.

14 الذريعة إلى مكارم الشريعة، الراغب الأصفهاني ص ٢٣٤.

15 انظر: الذريعة إلى مكارم الشريعة، الراغب الأصفهاني ص ٢٣٤، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٥/١٦٥.

16 تيسير اللطيف المنان ٢/٣٦٢.

17 المصباح المنير، الفيومي ص٣١٧.

18 انظر: التعريفات، الجرجاني ص١٢٧.

19 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٠/١٧٩.

20 انظر: مدارج السالكين، ابن القيم ١/٥١٤، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٣/٣٣١.

21 مدارج السالكين، ابن القيم ١/٥١٤.

22 الفروق اللغوية، العسكري ١/٢٤١.

23 مختار الصحاح، الرازي ١/١٣٠.

24 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ١/٣٦٦، مدارج السالكين، ابن القيم ١/٥٠٨.

25 انظر: مدارج السالكين، ابن القيم ١/٥٠٨.

26 تفسير القرآن العظيم ٤/٣٧٣.

27 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٩/١٤٠.

28 مدارك التنزيل، النسفي ٢/٩٨.

29 زهرة التفاسير، محمد أبو زهرة ٧/٣٨٠٨.

30 التفسير المنير، وهبة الزحيلي ١٣/٣٥.

31 التفسير الواضح، محمد الحجازي ٢/١٩٢.

32 لباب التأويل، الخازن ٢/٥٤٠.

33 انظر: نظم الدرر، البقاعي ١٢/١٦٢.

34 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٣/٣٨٠.

35 انظر: المصدر السابق ٣/٣٣٨.

36 انظر: الجواهر الحسان، الثعالبي ٤/١٢.

37 انظر: زهرة التفاسير، محمد أبو زهرة ٩/٤٦٢٧.

38 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٧/٢٥٢.

39 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٦١٢.

40 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٥/٢٦٧٩.

41 الجامع لتفسير ابن رجب ١/٧٠٢.

42 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٥/١٧.

43 تفسير السمرقندي ١/٢٦٩.

44 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٢/١٦٨.

45 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٥/١١.

46 انظر: لباب التأويل ٣/ ١٧٤.

47 أنوار التنزيل ٣/ ٢٩٠.

48 لباب التأويل، الخازن ٣/ ٢١١.

49 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٦٤.

50 البحر المحيط ٢/٤٣.

51 التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٢٢/٣٤.

52 تفسير المراغي ١٠/ ٦٨.

53 أيسر التفاسير ٢/ ٣٤٦.

54 أيسر التفاسير ١/ ٥٩١.

55 لباب التأويل، الخازن ٣/ ١٢٩.

56 معالم التنزيل، البغوي ٥/ ١٣٣.

57 تفسير السمرقندي ١ / ٣١٩.

58 المصدر السابق، ٢ / ٤٨.

59 زاد المسير، ابن الجوزي ٢/٢٤٥.

60 أنوار التنزيل، البيضاوي،٢/٦٢.

61 المحرر الوجيز، ابن عطية، ٢/١٤.

62 أنوار التنزيل، البيضاوي ٤/ ٥٠.

63 انظر: اللباب في علوم الكتاب ١١/ ٢٩٤.

64 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٥/ ١٧.

65 فتح القدير ٥/ ٢٤٦.

66 انظر: المصدر السابق ٤/ ٣٩٩.

67 البحر المديد، ابن عجيبة ٤/ ٥٣٧.

68 أنوار التنزيل، البيضاوي ٣/ ١٨٦.

69 في ظلال القرآن ٤/ ٢٠٧٥.

70 أيسر التفاسير ٤/ ٣٦٧.

71 المصدر السابق ٥/ ٥١٨.

72 انظر: إرشاد العقل السليم ٧/١٦١، تفسير المراغي ٢٢/ ١٤٥.

73 انظر: التفسير الواضح، محمد الحجازي ٣/١٧٦.

74 أنوار التنزيل ٤/ ٢٤٦.

75 انظر: تفسير المراغي ٥/ ٩٥.

76 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/٥١.

77 انظر: المصدر السابق، ١٠/ ١٥٠.

78 مفاتيح الغيب، الرازي ٣٠/٧٣٠.

79 لباب التأويل، الخازن ٤/ ٤١٨.

80 التعريفات ص٢٤٥.

81 جامع العلوم والحكم ٢/ ٣٤٩.

82 جامع البيان ٩ / ٣١٩.

83 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٢/٤٤١.

84 زاد المسير، ابن الجوزي ١/ ٥٥٨.

85 انظر: الوسيط، الواحدي ٣/ ٢٣٥.

86 انظر: زاد المسير، ابن الجوزي ٣/ ١٨٨.

87 انظر: مدارك التنزيل، النسفي ٣/٣٤.

88 اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ١٥/٥٥٧.

89 البحر المديد، ابن عجيبة ٤/ ٤٣٨.

90 فتح القدير، الشوكاني ٤/٣٩٩.

91 لباب التأويل، الخازن ٣ / ٤٥٦.

92 انظر: فتح البيان، القنوجي ١١/٢٤٥.

93 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٢٣٢.

94 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٣/ ١٧٣٠.

95 التفسير الوسيط، وهبة الزحيلي ٢/ ١١٦٢.

96 التفسير المنير، وهبة الزحيلي ١٧/٧١.

97 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي ٢/١٥٨٨.

98 انظر: أنوار التنزيل، البيضاوي ١/ ٨٨.

99 مدارك التنزيل، النسفي، ١/ ١٠٢.

100 لباب التأويل، الخازن ١/٥٥.

101 مدارك التنزيل، النسفي، ٣ / ٤٦٣.

102 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/ ١١٦.

103 التفسير الوسيط، وهبة الزحيلي ٣/٢٦٣١.

104 انظر: تفسير المراغي ٢٨/٥٧.

105 لباب التأويل، الخازن ٣/ ٢٠٠.

106 النكت والعيون، الماوردي ٣/٣٩٣.

107 تفسير السمرقندي ٣/ ٥٧١.

108 النكت والعيون، الماوردي ٦/٢٥٤.

109 انظر: الوسيط، الواحدي ٣/٤٧٤.

110 لباب التأويل، الخازن ٣/٢٤٩.

111 مدارك التنزيل، النسفي ٢/٤٧٣.

112 التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي ٢/٥٣.

113 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/٢٧٣.

114 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/ ٤٨٠.

115 المصدر السابق، ٧/ ٩٥.

116 الجواهر الحسان، الثعالبي ٥/ ٨٩.

117 الدر المنثور، السيوطي ٧/٢٢١.

118 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٧/٢٥١.

119 انظر: البحر المديد، ابن عجيبة ١/٤٣٨، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٤/١٦٩.

120 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٥٧.

121 انظر: زهرة التفاسير، محمد أبو زهرة ٦/٣٢٤٦.

122 أيسر التفاسير، الجزائري ٤/٣٤٨.

123 التفسير الواضح، الحجازي ٣/١٦٢.

124 أيسر التفاسير، الجزائري ٥/٣٩٨.

125 انظر: الوسيط، طنطاوي ١٥ / ١٧.

126 انظر: تفسير المراغي ٢٦ / ١٦٧.

127 انظر: إرشاد العقل السليم ٨/١٣٣.

128 المصدر السابق، ٩/ ١٨٧.

129 انظر: التفسير المنير، وهبة الزحيلي، ٦/ ٢٢٦.

130 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/٥٣.

131 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٣/ ٢٦٥.

132 انظر: المصدر السابق ٣/٣١٠.

133 محاسن التأويل، القاسمي ٣/٢٢٨.

134 انظر: تفسير المراغي ٦/ ١٣٧.

135 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٣/٣٤٥.

136 لباب التأويل، الخازن ١/٩٠.

137 تفسير التستري ١/٣١.

138 مختصر تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، الصابوني ١/٥٨.

139 الدر المنثور، السيوطي ٥/ ٢٧٨.

140 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/ ١٢٩، التفسير المنير، وهبة الزحيلي ١٥/٦٨.

141 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/ ٤٨، النكت والعيون، الماوردي ٢/٤٣.

142 مدارك التنزيل، النسفي ١/٤٤٩.