عناصر الموضوع

مفهوم الحكم

الحكم في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أنواع الحكم

الحكم لله في الدنيا والآخرة

موانع الحكم بالعدل

موقف الناس من الحكم بالعدل

أثر تحكيم الشريعة على المجتمع

الحكم

مفهوم الحكم

أولًا: المعنى اللغوي:

مشتق من حكم يحكم حكمًا، حكم مفرد وجمعها أحكام، والحكم هو المنع، يقال: حكمت الرجل أي: منعته، وسمي الحاكم بهذا الاسم؛ لأنه يمنع الظالم من الظلم، والحكم هو القضاء والفصل بين المتخاصمين بالعدل، وسميت الحكمة بهذا الاسم؛ لأنها تبنى على العلم الذي يمنع من الوقوع في الجهل1.

ثانيًا: الحكم اصطلاحًا:

قال أحمد المراغي: «الحكم هو العلم بالخير والعمل به»2.

قال القشيري: «هو إحكام الفعل على وجه الأمر»3.

قال الجرجاني: «إسناد أمر إلى آخر إيجابًا أو سلبًا»4.

وقيل: «هو القضاء بالشيء بأنّه كذا أو ليس بكذا، سواء ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه»5.

وبالنظر في التعريفات السابقة يمكن تعريف الحكم بأنه: هو العلم بالخبر والعمل به على وجه الإلزام والأمر.

فالمعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي؛ إذ كل منهما ينبني عن العلم والإلزام.

الحكم في الاستعمال القرآني

ورد ذكر (الحكم) في القرآن الكريم (٨٦) مرة6.

والصيغ التي جاءت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٤

( ) [غافر:٤٨]

الفعل المضارع

٣٩

( ) [المائدة:١]

فعل الأمر

٧

( ) [الأنبياء:١١٢]

المصدر

٣٠

( ﭿ ) [المائدة:٤٣]

اسم التفضيل

٢

( ) [التين:٨]

اسم الفاعل

٥

( ) [يونس:١٠٩]

الاسم

٤

( ﭿ ) [النساء:٣٥]

وجاء (الحكم) في القرآن بمعناه اللغوي، وهو: القضاء7.

الألفاظ ذات الصلة

القضاء:

القضاء لغةً:

من قضى يقضي قضاءً، وهو الحكم والأمر، يقال: قضى بين الخصمين أي: حكم بينهما، وأمر بالحق لصاحبه8.

القضاء اصطلاحًا:

«هو تبيين الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الخصومات»9.

الفرق بين الحكم والقضاء:

القضاء يقتضي فصل الأمر على التمام، أما الحكم فيقتضي المنع من الخصومة10.

الفصل:

الفصل لغة:

الفصل أي: القطع، يقال: قطعه فانقطع أي: فصل بين أجزائه، والفصل مفرد وجمعها فصول، والفاصل هو الحاجز بين الشيئين، والفصل في القضاء هو التفريق بين الحق والباطل11.

الفصل اصطلاحًا:

هو التمييز بين المحق والمبطل بعلامة يعرف بواسطتها كل واحد منهما12.

الصلة بين الحكم و الفصل:

الحكم يقتضي المنع من الخصومة، أما الفصل فيقتضي التمييز بين أجزاء الشيء الواحد للتفريق بينهما.

الشهادة:

الشهادة لغةً:

الشهادة من شهد يشهد شهادة، وهي الإخبار، والشهادة مصدر، وهي مفرد وجمعها شهادات، والشاهد هو معطي الخبر13.

الشهادة اصطلاحًا:

قال الجرجاني: «هي إخبار عن عيان بلفظ الشهادة في مجلس القاضي بحق للغير على آخر»14.

الصلة بين الحكم و الشهادة:

الحكم هو إلزام المتخاصمين بالحق لمنع استمرار الخصومة بينهما، أما الشهادة فهي إفادة الحاكم بالأخبار التي تظهر له الحق، ومن ثمّ فإن الشهادة هي البينة التي يستند إليها الحاكم لمنع الخصومات.

الحيف:

الحيف لغةً:

من حاف يحيف حيفًا، وهو الميل والجور15.

الحيف اصطلاحًا:

هو الميل عن الحقّ في الحكم16.

الصلة بين الحكم والحيف:

الحكم الأصل فيه العدل وإعطاء الحق إلى صاحبه، أما الحيف فيه ظلم وجور.

أنواع الحكم

إن الحكم في دين الله نوعان رئيسان، وهي الحكم الشرعي والحكم القدري، وهما كما يأتي:

أولًا: الحكم الشرعي:

١. تعريف الحكم الشرعي.

«هو ما دل عليه خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب فعل، أو ترك، أو تخيير، أو وضع»17.

٢. أنواع الحكم الشرعي.

الحكم الشرعي نوعان: تكليفي، ووضعي.

  1. الحكم التكليفي: «هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير»18.
  2. الحكم الوضعي: «هو خطاب الله المتعلق بجعل الشيء سببًا للشيء، أو شرطًا له، أو مانعًا منه، أو صحيحًا، أو فاسدًا»19.

    ٣. أقسام الحكم التكليفي.

    • الإيجاب:

      الإيجاب لغة: الإلزام20.

      الإيجاب اصطلاحًا: هو خطاب الله تعالى المتعلق بطلب الفعل على سبيل اللزوم والحتمية؛ بحيث يثاب الفاعل ويعاقب التارك21.

      مثاله: قوله تعالى: ( ) [البقرة: ٤٣].

      ويفهم من هذا النص القرآني أنّ مقيم الصلاة مثاب، وتاركها آثم، وكذلك الأمر بالنسبة لكلٍّ من الزكاة، والركوع في الصلاة، لاسيما أنّ كلًّا من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة من أركان الإسلام.

    • الندب:

      الندب لغة: الحث والدعاء22.

      الندب اصطلاحًا: هو خطاب الله تعالى المتعلق بطلب الفعل على سبيل الاستحباب، لا على سبيل الحتمية23.

      مثاله: قوله تعالى: ( ﭿ ) [البقرة: ٢٨٢].

      فأمر الله تعالى هنا للندب، فإن كتب الدين فهذا حسن، وإن لم يكتب فلا إثم24.

    • الإباحة:

      الإباحة لغة: الإطلاق والتحليل25.

      الإباحة اصطلاحًا: هو الخطاب الذي خيّر الشارع فيه المكلف بين الفعل والترك، دون ترتّب ثواب أو عقاب26.

      مثاله: قوله تعالى: ( ) [المائدة: ٢].

      والأمر بالصيد هنا يفيد الإباحة بعد التحريم؛ لزوال السبب الذي حرّم الصيد من أجله، وهو الإحرام27.

    • التحريم:

      التحريم لغة: المنع28.

      التحريم اصطلاحًا: هو خطاب الله تعالى المتعلق بطلب الترك على سبيل اللزوم والحتمية، بحيث يثاب التارك، ويعاقب الفاعل29.

      مثاله: قوله تعالى: ( ﭛﭜ) [الأنعام: ١٥٢].

      فهذه الآية تفيد حرمة التعدي على مال اليتيم بأي صورة من صور التعدي30.

    • الكراهة:

      الكراهة لغة: القبح والبغض31.

      الكراهة اصطلاحًا: هو خطاب الله تعالى المتعلق بطلب الترك على سبيل التنفير، لا على سبيل الحتمية32.

      مثاله: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)33.

      وفي رواية أخرى: عن أبي قتادة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: دخلت المسجد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالسٌ بين ظهراني النّاس، قال: فجلست، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟) قال: فقلت: يا رسول الله رأيتك جالسًا والنّاس جلوسٌ، قال: (فإذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتّى يركع ركعتين)34.

      ٤. أقسام الحكم الوضعي.

    1. السببية.

      السببية لغة: العلاقة التي تكون بين السبب والمسبب35.

      السببية اصطلاحًا: هو ما جعله الشارع علامة على مسبّبه، بحيث يلزم من وجود السبب وجود المسبب، ومن عدم وجود السبب عدم وجود المسبب36.

      مثاله: جعل الدلوك سببًا لإيجاب الصلاة، قال تعالى: ( ﭵﭶ ) [الإسراء: ٧٨].

    2. الشرطية.

      الشرطية لغة: من الشرط، وهي إلزام الشيء والتزامه37.

      الشرطية اصطلاحًا: هي ما اعتبره الشرع شرطًا بحيث يتوقف وجود الحكم على وجود الشرط، ويلزم من عدم وجود الشرط عدم وجود الحكم38.

      مثاله: جعل الطهارة شرطًا لصحة الصلاة.

    3. المانعية.

      المانعية لغة: من منع يمنع منعًا، والمنع هو تحجير الشيء، وهو ضد الإعطاء39.

      المانعية اصطلاحًا: هي ما اعتبره الشرع وصف يلزم من وجوده عدم وجود متعلقه، ولا يلزم من عدم وجوده وجود متعلقه أو عدمه40.

      مثاله: جعل النفاس مانعًا من صحة الصلاة والصيام.

    4. كون الشيء صحيحًا أو فاسدًا.

      وذلك من وجهة نظر الشرع، فالصلاة مثلًا إذا أقيمت بكامل أركانها وشروطها فهي صحيحة، وإذا لم تستو أركانها وشروطها فهي فاسدة41.

      ثانيًا: الحكم القدري:

      القدر لغةً: بفتح الدال وسكونها هو القضاء والحكم والمبلغ42.

      القدر اصطلاحًا: هو علم الله السابق بالأشياء قبل وقوعها وكتابته لها في اللوح المحفوظ، ثم خلقه لها43.

      أحكام القدر كلها خاضعة لما أوجده وقدّره وكوّنه الله تعالى، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن ثمّ فلا يصدر شيء من العباد إلا بقدر الله تعالى.

      ومما يؤيد ذلك قوله تعالى: ( ) [المسد: ١-٥].

      فأبو لهب وزوجه وإن لم يلتزما شريعة الله تعالى، فهما خاضعان لحكم القدر فيهما، والذي يتضمن بقاءهما على الكفر والشرك حتى يموتا، ومن ثمّ يكون مصيرهما النار44.

      الحكم لله في الدنيا والآخرة

      إن حكم الله حق ثابت في الدنيا، كما هو حق ثابت في الآخرة.

      قال تعالى: ( ﭿ ﮆﮇ ﮋﮌ ﮑﮒ ) [يوسف: ٤٠].

      ونظرًا لأهمية هذا الأمر كان من الضروري بيانه كما يأتي:

      أولًا: حكم الله تعالى في الدنيا:

      نوّر الله تعالى الدنيا بأحكامه التي هدى بها عباده إلى الحق المبين 45.

      قال تعالى: ( ﮬﮭ ﯓﯔ ﯗﯘ ﯬﯭ ﯰﯱ ﯶﯷ ﯻﯼ ﯿ ) [النور: ٣٥].

      وتسمى أحكام الله تعالى التي سنّها للعباد في الدنيا (الشريعة الإسلامية)، وتتميز الشريعة الإسلامية بعدة ميزات جعلت منها أحسن الشرائع على الإطلاق، ومن هذه الميزات:

    1. الربانية:

      وتعني أن أحكام الشريعة الإسلامية التي تنظم شئون العباد في الدنيا صادرة عن الله تعالى، ويترتب على هذه الميزة أمران، هما:

      الأول: خلوها من النقص والجور والهوى.

      الثاني: أنها ذات قداسة في النفوس، ولا أدل على ذلك من فعل المسلمين حينما نزلت آية التحريم للخمر، فامتلأت شوارع المدينة بالخمر46.

      قال تعالى: ( ) [المائدة: ٩٠].

    2. الشمول:

      حيث شملت أحكام الدين كافة مناحي الحياة المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك 47.

    3. الواقعية:

      وتتجلى في كون أحكام الشريعة تتعامل مع واقع المكلفين عند التشريع، ومثال ذلك: إباحة تناول المحرمات عند الضرورة.

      قال تعالى: ( ﮗﮘ ﮡﮢ ) [البقرة: ١٧٣].

    4. الوسطية:

      ويراد بها الاعتدال في التشريع، ومثال ذلك: أن الله تعالى أباح لعباده الإنفاق شريطة عدم البخل والتبذير48.

      قال تعالى: ( ﯿ ) [الفرقان: ٦٧].

    5. الثبات:

      وتشتمل الشريعة الإسلامية على صنفين من الأحكام هما: أحكام تفصيلية لا تقبل التغيير والتبديل كأحكام العبادات، وأحكام عامة كالشورى والعدل، وهذه مع ثباتها إلا أن آلية تطبيقها تختلف باختلاف العصور49.

    6. التوازن:

      ويقصد به أن أحكام الشريعة الإسلامية وازنت بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، فأباحت الشريعة الإسلامية للفرد حرية التملك حرصًا على مصلحته، وحرّمت عليه إيذاء الآخرين بما يملك حرصًا على مصلحة الجماعة، كما وازنت بين متطلبات الجسد ومتطلبات الروح، فشرّعت تناول الطيبات مراعاة لمتطلبات الجسد، وشرّعت الصوم مراعاة لمتطلبات الروح50.

    7. العموم:

      ويعني بذلك أن أحكام الشريعة الإسلامية جاءت للناس كافة رحمة للعالمين51.

      قال تعالى: ( ) [سبأ: ٢٨].

    8. الجزاء الدنيوي والأخروي:

      وقد انفرد التشريع الإسلامي بالجزاء الأخروي الذي يعزز دور الوازع الديني في نفوس العباد، فيستشعرون مراقبة الله تعالى لهم، وهذا أدعى لاستجابتهم لأحكام الشريعة الإلهية52.

      قال تعالى: ( ) [آل عمرآن: ٣٠].

      كما أن الشريعة الإسلامية قد وضعت العقوبات المناسبة في الدنيا لمن ارتكب الجرائم، سواءً أكانت هذه العقوبات حدودًا أو قصاصًا أو تعزيرًا53.

      ثانيًا: تحريم التحاكم إلى غير شرع الله:

      رعاية من الله تعالى لمصالح عباده في الدنيا حرّم عليهم التحاكم إلى غير شرعه، وتفصيل هذا التحريم كما يأتي:

      قال تعالى: ( ﮆﮇ ﮘﮙ ﮢﮣ ) [المائدة: ٤٤].

      إذا اعتقد من يحكم بغير ما أنزل الله تعالى أن أحكامه الوضعية أفضل من أحكام الشريعة الإسلامية، أو حكم بغير ما أنزل الله تعالى جحودًا فهو كافر54.

      قال تعالى: ( ﯞﯟ ﯥﯦ ) [المائدة: ٤٥].

      وذلك لمن ترك الحكم بشريعة الله تعالى اتباعًا للهوى دون جحود لما أنزل الله تعالى من الأحكام55.

      قال تعالى: ( ﭳﭴ ) [المائدة: ٤٧].

      وذلك لمن حكم بغير ما أنزل الله تعالى وهو عالم بحرمة ذلك دون جحود لأحكام الشريعة56.

      ثالثًا: حكم الله تعالى في الآخرة:

      سمّى الله تعالى اليوم الآخر بعدة أسماء، ولكل اسم من تلك الأسماء مدلوله الخاص، ومن هذه الأسماء: يوم الدين، ويوم الحساب، ودلالة هذين الاسمين هي أن الله تعالى سيجمع الخلق يوم القيامة لمحاسبتهم فيكافئ المحسن ويعاقب المسيء.

      وقد جاءت آيات الكتاب العزيز على ذكر محاسبة الله تعالى لعباده في الآخرة، ومن تلك الآيات:

      قال تعالى: ( ) [الزلزلة: ٧-٨].

      وذلك يعني أن العمل مهما كان قليلًا فله اعتبار عند الله تعالى ويحاسب عليه57.

      قال تعالى: ( ﭿ ) [الانشقاق: ٧-١٢].

      ودلالة ذلك أن الله تعالى سيحكم على المحسن بالنعيم وعلى الفاجر بالجحيم58.

      قال تعالى: ( ﯝﯞ ﯣﯤ ) [آل عمرآن: ١٩٩].

      وذلك يعني: أن الله تعالى عالم بكافة أعمال عباده، لا يخفى عليه منها شيء، ومن ثمّ فهو سبحانه سريع في محاسبتهم59.

      قال تعالى: ( ) [غافر: ٤٧].

      ودلالة ذلك أنه لا مجال لمراجعة الله تعالى في أحكامه النهائية التي سيصدرها في الآخرة60.الحكم بين الناس في الدنيا

      إن الحكم بين الناس في الدنيا هو ما بين حكم بشريعة الله تعالى، وحكم بالجاهلية التي لا يرضاها الله، والآيات في كلا النوعين ظاهرة في كتاب الله تعالى، وهي ما بين أمر ونهي، وبيان ذلك فيما يلي:

      رابعًا: الحكم بالشريعة:

      خلق الله تعالى الإنسان وأسند إليه مهمة الخلافة في الأرض التي تقتضي الحكم بشرع الله، قال تعالى: ( ﯿ ﰇﰈ ) [ص: ٢٦].

      وقد أعان الله تعالى عباده على أداء هذه المهمة العظيمة من خلال عوامل أهمها:

    1. العقل:

      وبه يكون التعلم والفهم، وتمييز الحق من الباطل، والغث من السمين، ولعل الهدف من ابتداء الوحي بالأمر بالقراءة هو توجيه العباد إلى توظيف قدراتهم العقلية للتعلم الذي يكون معه التمكين في الأرض، وتحكيم الشريعة الإلهية.

      قال تعالى: ( ﯬﯭ ) [الأحزاب: ٧٢].

      والأمانة هنا تعني: المحافظة على شعائر الدين وتشريعاته61، والمحافظة على الأمور من مهام العقل كما هو معلوم، يؤيد ذلك ما ذهب إليه غير واحدٍ من المفسّرين بأنّ معنى الأمانة في هذه الآية هو العقل62.

    2. القوة:

      وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالسعي لامتلاك القوة قدر المستطاع؛ لإعلاء كلمة الله بتحكيم شرعه في أرضه التي بسط المؤمنون سيطرتهم عليها.

      قال تعالى: ( ﯬﯭ ) [الأنفال: ٦٠].

    3. المنهاج:

      ويتمثل في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.

      قال تعالى: (ﭿ ﮊﮋ ﮐﮑ ﮘﮙ ﮞﮟ ﮪﮫ ﮭﮮ )[المائدة: ٤٨].

      وأما الحكمة من وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية فتكمن في قوله تعالى: ( ﯿ ﰀﰁ ) [المائدة: ٥٠].

      يعني: لا حكم أحسن من حكم الله إن كنتم موقنين أنّ لكم إلهًا عدلًا في أحكامه63.

      وبذلك تكون الحكمة من وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية هي أنّها شريعة الخالق جلّ وعلا للمخلوق، ومن هو الذي يعلم ما يصلح للمخلوق أكثر من خالقه؟! وبما أنّ الخالق هو الله تعالى، فهل من يصدر أحكامًا خيرًا من التي أصدرها للخلق؟!

      وقد وضع الحق جل وعلا للحكم بما أنزل ضوابط، أهمها:

    1. الواجب على العباد أن يوظّفوا هذه العوامل للحكم بما أنزل الله تعالى، والتقصير في ذلك يعد استنكافًا عن أداء الأمانة التي أسندها الله تعالى لعباده، قال تعالى: ( ﯰﯱ ) [النساء: ١٠٥].
    2. حذّر الله تعالى الحكام من العدول عن الحق واتباع الهوى، فقال سبحانه: ( ﯫﯬ ﯶﯷ ) [المائدة: ٤٩].

      والمعنى: وأن الله تعالى نهى محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يتّبع أهواء اليهود وحذّره من أن يتّبع بعض آرائهم فيترك بعض ما أنزل عليه، ولا يعمل به، ويعمل بما اقترحوه عليه، وأعلمه أن اليهود إن أعرضوا عن قبول حكمه وهو الحكم الحق العادل فإنما يريد الله تعالى أن ينزل بهم عقوبة؛ نتيجة ما اقترفوا من الذنوب، وما ارتكبوا من الخطايا، ومن ثمّ ندّد بأعدائه حيث أخبر أن أكثرهم فاسقون، أي: عصاة خارجون عن طاعة الله تعالى ورسله64.

    3. اقتضى العدل الإلهي أن تسري أحكام الشريعة الإسلامية على الناس كافة، فالحاكم والمحكوم أمام أحكام الشرع سواء، وكذا الشريف والوضيع، فلا أحد يعلو فوق الحكم الإلهي في النظام الإسلامي، وقد أرسى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله (إنّما أهلك الّذين قبلكم، أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ، وايم اللّه لو أنّ فاطمة بنت محمّدٍ سرقت لقطعت يدها)65.

      وقد ربط الله تعالى بين تحقق الإيمان في نفس العبد وبين التسليم لأمر الله تعالى وحكمه، قال تعالى: ( ) [النساء: ٦٥].

      والمعنى: ليس الأمر كما يزعم الناس بأنهم يؤمنون بما أنزل إليك، وهم يتحاكمون إلى الطاغوت، ويصدّون عن حكمك يا محمد، فلا يصح إيمانهم حتى يجعلوك حكمًا بينهم فيما اختلط بينهم من أمورهم، فالتبس عليهم حكمه واختلفوا بسببه، ثم لا تحرج أنفسهم مما قضيت، ويسلّموا أمرهم إليك أتم التسليم66.

      خامسًا: الحكم الجاهلي:

      على الرغم من أنه لا أحد من العقلاء والمنصفين ينكر تفوق أحكام الشريعة الإسلامية على ما عداها من الأحكام الوضعية الأخرى، إلا أن فساد قلوب الكثيرين من أتباع الهوى يرغبون في تحكيم شريعة غير الله لضمان عدم المساس بأشخاصهم مهما عاثوا في الأرض فسادًا وخرابًا.

      لذا نجد أن الله تعالى أنكر على مريدي الحكم بغير ما أنزل الله بقوله: ( ﯿ ﰀﰁ )[المائدة: ٥٠].

      والمراد: أيبغي هؤلاء اليهود الذين احتكموا إليك يا محمد، فلم يرضوا بحكمك، إذ حكمت فيهم بالقسط حكم عبدة الأوثان من أهل الشرك، وعندهم كتاب الله فيه بيان حقيقة الحكم الذي حكمت به فيهم، وأنه الحق الذي لا يجوز خلافه، ثم وبّخ الله تعالى هؤلاء الذين أبوا قبول حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم من اليهود، ومستجهلًا فعلهم ذلك منهم بالاستفهام الإنكاري: ومن هذا الذي هو أحسن حكمًا، أيها اليهود، من الله تعالى عند من كان يوقن بوحدانية الله، ويقرّ بربوبيته؟67.

      ومن الأمثلة على الأحكام الجاهلية التي تجاهلت مصالح العباد مراعاة لمصالح الطغاة والمفسدين في الأرض:

      • وأد البنات.

        قال تعالى: ( ﭿ ﮂﮃ ﮊﮋ ) [النحل: ٥٩].

        والمعنى: إذا وهب الله تعالى أحدًا من أهل الجاهلية بنتًا فإنه يستخفي من قومه لسوء ما بشّر به، ومن أجل ما يلحقهم من العار فإما يمسك ما بشّر به على هون وذل أم يئده، حيث يجعلون الولد الذي هذا محله عندهم لله، ويجعلون لأنفسهم من هو على عكس هذا الوصف68.

      • تقسيم الأنعام قسمة جائرة.

        قال تعالى: ( ﭷﭸ ﭾﭿ ﮁﮂ ) [الأنعام: ١٣٩].

        والمعنى: أنهم كانوا يجعلون ما في بطون بعض الأنعام من الحمل لذكورهم، ويحرمون منه إناثهم، إلا إذا نزل الحمل ميتًا فعندئذ يشترك فيه الذكور والإناث! ثم توعدهم الله تعالى لنسبتهم هذه الشريعة المضحكة إليه جل وعلا 69.

      • تأخير الشهر الحرام.

        قال تعالى: ( ﭕﭖ ﭧﭨ ﭬﭭ ) [التوبة: ٣٧].

        والمعنى: إن تأخير حرمة شهرٍ حرّمه الله إلى شهرٍ آخر لم يحرّمه زيادة في الكفر حيث إنه إحلال ما حرّم الله وتحرّيم ما أحلّ الله، والله تعالى بذلك التأخير يضل الذين كفروا حيث إنهم إذا قاتلوا في أحد الأشهر الحرم أحلّوه وحرّموا مكانه شهرًا آخر، وإذا لم يقاتلوا في الشهر المحرم حرّموه؛ ليوافقوا عدّة ما حرم الله من الأشهر، وهو أنّهم لم يحلّوا شهرًا من الحرم إلاّ حرّموا مكانه شهرًا من الحلال، ولم يحرّموا شهرًا من الحلال إلاّ أحلّوا مكانه شهرًا من الحرم ليكون الحرم في العدد أربعة، كما حرّم الله فتكون موافقة للعدد، وقد زيّن لهم الشّيطان ذلك العمل الفاسد، والله سبحانه لا يرشد الكافر لما سبق له في الأزل أنه من أهل الجحيم70.

        هذه طائفة من أحكام الجاهلية التي لا تدع مجالًا لعاقل إلا أن يفر منها فراره مما يفزعه؛ وذلك لما اشتملت عليه من ترهات وخرافات تجعل من الحياة كابوسًا لا يطاق.

        موانع الحكم بالعدل

        إن للحكم بالعدل موانع ومعوقات وصوارف، تحاول الحيلولة من كون حكم الله واقعًا في حياة البشرية، وبيان هذه الموانع فيما يأتي:

        أولًا: الكفر والنفاق:

        ١. الكفر:

        الكفر لغةً: من كفر يكفر كفرًا فهو كافر، والكفر هو الستر والجحود، وضده الإيمان71.

        الكفر شرعًا: يعني إنكار الخالق جل وعلا وجحود شريعته72.

        علاقة الكفر بالحكم العادل:

        يشكّل الكفر بالله تعالى حجر عثرة أمام تحكيم الشريعة الإسلامية العادلة، ويرجع ذلك إلى عدم تسليم الكافر بالحاكمية لله تعالى وحده، وجحوده للشريعة الإسلامية.

        وقد عد القرآن الكريم عدم تحكيم الشريعة الإسلامية جحودًا لها كفرًا أكبر، يخرج صاحبه بموجبه من الملة.

        قال تعالى: ( ﮆﮇ ﮘﮙ ﮢﮣ ) [المائدة: ٤٤].

        والمعنى: أن الذي يحكم بغير حكم الله مستهينًا به جاحدًا له، وقد بلغ به الاستنكار لشريعة الله درجة التهكم عليه يعدّ كافرًا خارجًا من ملة الإسلام؛ لأن ذلك جحود وإنكار أو استهزاء بآيات الله مع العلم أنها من عند الله تعالى، واستنكار مؤداها، ومن جحد أحكام القرآن فقد كفر كفرًا أكبر73.

        كما عدّ القرآن الكريم عدم تحكيم الشريعة الإسلامية من غير جحود لها ظلمًا أو فسقًا.

        قال تعالى: ( ﯞﯟ ﯥﯦ ) [المائدة: ٤٥].

        وقال تعالى: ( ﭳﭴ ) [المائدة: ٤٧].

        والمعنى: أن الذين لا يجدون في أحكام الشريعة الإسلامية التي لا تأمر إلا بالعدل والحق ما يتفق مع ظلمهم، ويدعم بغيهم، فيحكمون بغير شريعة الله تعالى فهم ظالمون، وأما الذين لا تقع أيديهم في شريعة الله على أي سند يبيح لهم الفجور والفسوق، والاستهتار والعقوق والشذوذ فهم فاسقون74.

        يقول الشيخ محمد الناصري عن الأصناف الثلاثة سابقة الذكر: «فهؤلاء الأصناف الثلاثة هم خصوم شريعة الله، وعليهم ألقى كتاب الله أضواءه الكشافة حتى تسفل كلمتهم في الأرض، ولا تعلو فيها إلا كلمة الله»75.

        ٢. النفاق:

        النفاق لغةً: النفق سرب في الأرض، مشتق إلى موضع آخر، والنفقة والنافقاء، جحر الضبّ واليربوع، ونفق (بالفتح) وأنفق: خرج. ونفق: أخفى، ومنه اشتقاق المنافق في الدين76.

        والنفاق نوعان:

        الأول: سلوكي، وهو المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: (أربعٌ من كنّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلةٌ منهنّ كانت فيه خصلةٌ من النّفاق حتّى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)77.

        الثاني: عقائدي، وهو الموضّح في تعريف النفاق شرعًا.

        النفاق شرعًا: إظهار الإيمان وإبطان الكفر، ومخالفة القول الفعل، والسر العلن، والظاهر الباطن78.

        علاقة النفاق بالحكم العدل:

        تعدّ ظاهرة النفاق من أكبر ما يعيق الحكم بالشريعة العادلة؛ وذلك أن المنافق يظهر ولاءه للعدل ورغبته فيه، وفي باطنه يخفي حقده على العدل وأهله، فالعدل لا يحقق له طمعه في الحصول على ما لا يحق له، يؤيد ذلك:

        قوله تعالى حكاية عن المنافقين: ( ﮘﮙ m y ¢ ﯞﯟ µ) [النور:٤٧-٥٠].

        والمعنى: يَقُولُ المنافقون بألسنتهم: آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِه وَأَطَعْنا حكمهما من غير اعتقاد منهم بذلك، ثُمَّ تُعرِضُ جماعةٌ مِنْهُمْ عن طاعة الله ورسوله بالتزام حكمهما مِنْ بَعْدِ ذلِكَ الادعاء بالألسنة، ويطلبون حكم غيرهما، وهؤلاء ليسوا بِالْمُؤْمِنِينَ، وإذا علموا مسبقًا أن الْحَقُّ لهم يُذْعِنوا وينقادوا لحكم الله ورسوله، ومشكلة هؤلاء أن في قُلُوبِهِمْ مَرَضَ الكفر والنفاق والريبة من حكم الله تعالى ورسوله، وبالتالي فقد ظلموا أنفسهم لإعراضهم عن حكم الله تعالى ورسوله، سواءً أكان الحكم لهم أو عليهم79.

        وقال تعالى حكاية عن المنافقين أيضًا: ( ) [النساء:٦٠].

        والمعنى: يخاطب الله تعالى نبيه محمدًا، موجهًا الأمر إليه للنظر في حال الذين يزعمون أنهم صدّقوا بما أُنزل إليك من القرآن، وإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل من قبلك من الكتب، ويريدون أن يتحاكموا في خصوماتهم إلى الطواغيت التي يعظمونها، ويرضون بحكمها من دون حكم الله ورسوله، على الرغم من أنهم أمروا أن يكفروا بها، ويؤمنوا بالله وحده، ويريد الشيطان أن يصدَّ هؤلاء المتحاكمين إلى طواغيتهم عن سبيل الحق والرشاد الذي يكون في الرضا بحكم الله تعالى ورسوله80.

        ونظرًا لعظم إجرام الكافرين والمنافقين في تركهم للحكم بما أنزل الله تعالى فقد جعل الله تعالى من جهنم مرتعًا ومقامًا لهم.

        قال تعالى: ( ﯻﯼ ﯿﰀ ) [النساء:١٤٠].

        وحرصًا من الله تعالى على فلاح المؤمنين في الدنيا، ونجاتهم من عذاب الله في الآخرة حذرهم من الركون إلى الظالمين المفسدين في الأرض بتحكيمهم غير شريعة الله تعالى، والأخذ بآرائهم ونصائحهم؛ فقال تعالى: ( x ﮯﮰ ﯕﯖ ª) [هود:١١٣- ١١٤].

        والمعنى: ولا تميلوا، أيها الناس، إلى قول الذين كفروا بالله، فتأخذوا منهم وتوافقوا أعمالهم؛ فلا تنصرون في الدنيا ويتسلط عليكم عدوّكم، وتكون النار مثواكم في الآخرة بفعلكم هذا وحينها لا يكون لكم من دون الله من مؤيد يؤيدكم، أو وليّ يلي أمركم81.

        ثانيًا: اتباع الهوى:

        عبد الناس عبر التاريخ كثيرًا من الطواغيت، وفي كل مرة كانوا يعبدون فيها طاغوتًا جديدًا، كانت أهواؤهم تبتكر لهم إلهًا آخر ليعبدوه من دون الله تعالى، ولعل من أبرز ما يدعو الناس إلى اتباع الأهواء على الرغم من علمهم بأنها تقودهم إلى الفساد والهلاك هو الرغبة في التحرر من التكاليف التي تترتب على الإيمان بالله تعالى، وإرضاء الشهوات، وتقديم العاجل على الآجل.

        ومراعاة لمصالح العباد حذّر الحق جل وعلا من اتباع الهوى، والوقوع في حبائله، نجد ذلك واضحًا جليًّا في:

        قوله تعالى: ( )[الجاثية: ٢٣].

        والمعنى: أنه مطواع لهوى النفس يتّبعها في كل ما تدعوه إليه، فهو يعبدها من دون الله تعالى، فضلّ بذلك على علم منه، واختار الضلال وفعله، فهو لا يقبل وعظًا، ولا يعتقد حقًّا، ولا يبصر سبيلًا، فمن ذا الذي بعد ذلك يذكّره بالحق وينفعه به82.

        وقوله تعالى: ( ﯮﯯ ﯸﯹ ﯿ)[القصص: ٥٠].

        والمعنى: ( ) عن طريق الهدى والرّشاد، ( ) هوى نفسه بغير حجةٍ من اللّه، والله ( ) قومًا يتبعون أهواءهم دون أن يكون عندهم برهان ودليل83.

        الصلة بين اتباع الهوى والحكم بالعدل في القرآن:

        وقد بيّن القرآن الكريم الصلة بين اتباع الهوى، والحكم بالعدل من خلال العديد من الآيات، والتي منها:

        قوله تعالى: ( )[النساء: ١٣٥].

        والمعنى: يا أيها المؤمنون كونوا على جاهزية تامة للقيام بما أمر الله تعالى به من الإقساط عند الشهادة حتى وإن كانت على أنفسكم، أو على الوالدين أو الأقارب، فقولوا الحق، ولا تميلوا لغنيٍّ لغناه على فقير، ولا لفقير لفقره على غنيّ، فتظلموا بذلك، فإن الله الذي سوّى بين الغنيّ والفقير عند القضاء هو الأولى في الحكم بينهما، وهو أعلم بما فيه مصلحة كلّ واحد منهما منكم، فلذلك أمركم بالتسوية بينهما في الشهادة لهما وعليهما، وإياكم أن تتبعوا أهواء أنفسكم في الميل في شهادتكم إذا قمتم بها فتقولوا غير الحق، ولكن قوموا فيها بالقسط، وأدّوا الشهادة كما أمركم الله بأدائها، بالعدل لمن شهدتم له وعليه84.

        وقوله تعالى: (ﭿ ﮊﮋ ﮐﮑ ﮘﮙ ﮞﮟ ﮪﮫ ﮭﮮ ) [المائدة: ٤٨].

        والمعنى: ولقد أنزلنآ إليك يا محمد القرآن موافقًا لأصول ما جاء في الكتب السماوية قبله، () عليها ( ) بما شرع الله فيه من الأحكام دون الأخذ بما في التوراة والإنجيل، فقد جعل الله تعالى لكل أمة من الأمم شريعة خاصة بها، ولو شاء الله تعالى لجمعكم على منهج واحد، وشريعة واحدة، ولكنه لم يفعل ذلك؛ لاختبار مدى استجابة الناس لأمر الله تعالى الذي يقتضي اتباع الناسخ، وترك المنسوخ85.

        وقوله تعالى: ( ﯿ ﰇﰈ ) [ص: ٢٦].

        والمعنى: يخاطب الله تعالى نبيه داود قائلًا: ( ) لمن كان قبلك من الأنبياء القائمين بالحق ( ﯿ) بحكم الله تعالى العادل، ولا تتبع هوى نفسك في قضائك فتضلّ عن سبيل الله تعالى وشرعه، وإنّ الله تعالى سيعذّب ( ) تعالى وحكمه، بسبب تناسيهم يوم الحساب والعرض على الله عز وجل 86.

        موقف الناس من الحكم بالعدل

        إن الناس أمام الحكم بالعدل صنفان، صنف يسعى لتطبيق حكم الله، وعلى ذلك فإنه يسمع ويطيع، وينقاد ويستسلم، وينشرح صدره، وصنف يتولى ويعرض ويصد عند تحكيم شريعة الله تعالى، وبيان هذين الصنفين فيما يأتي:

        أولًا: موقف المؤمنين:

        مما لا شك فيه أن موقف المؤمنين سيكون إيجابيًّا من أي قضية ربانية، وبالأخص إذا كانت تشتمل على الأوامر والنواهي التي تشكّل بمجموعها المنهاج الذي ينبغي للمؤمن أن يسير عليه في الدنيا؛ لينال رضا الرحمن في الآخرة، ومن المظاهر الإيجابية التي يجب أن يكون عليها المؤمنون في التعامل مع الأحكام الإلهية ما يأتي:

      1. السمع والطاعة.

        يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﮞﮟ ﮫﮬ ﮯﮰ ) [البقرة: ٢٨٥].

        والمعنى: لقد آمن وصدّق الرسول صلى الله عليه وسلم بما أوحى إليه من ربه من القرآن، وما فيه من تشريعات، وغير ذلك من سائر ما فيه من المعاني التي حواها، وقد تابعه المؤمنون في ذلك الإيمان اعتقادًا في قلوبهم، وإقرارًا بألسنتهم87.

      2. التسليم والانقياد.

        يدل على ذلك قوله تعالى: ( ) [الأحزاب: ٣٦].

        والمعنى: أنه لا يجوز للمؤمنين بحال من الأحوال إذا صدر الأمر الإلهي بالفعل، أو الترك، أن يختاروا ما يشاؤون على وفق رغباتهم؛ فإن من يخالف شرع الله تعالى وحكمه قد حاد عن الصراط السوي وابتعد88.

      3. انشراح الصدر.

        ويؤيد ذلك قوله تعالى: ( ) [النساء: ٦٥].

        والمعنى: إنه لا يصح إيمان العبد حتى يقبل بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يعرض لهم من الأمور، ثم لا يجد في قلوبهم ضيقًا من حكم الله ورسوله، ويسلّم لحكم الله ورسوله89.

        ثانيًا: موقف الكافرين:

        معلوم أن الكافر جاحد لما أنزل الله تعالى على الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي، ومن ثمّ فهو منكر لأحكام الشريعة الإسلامية التي جاءت ضمن الوحي الإلهي، ومن مظاهر هذا التنكّر ما يأتي:

      1. التولي عن حكم الله.

        يؤيد ذلك قوله تعالى: ( ﯫﯬ ﯶﯷ ) [المائدة: ٤٩].

        والمعنى: أنزلنا إليك القرآن وفيه حكم الله تعالى الحق، فاحكم بما جاء من الأحكام، واحذر أن يصرفك الفاسدون عن بعض هذه الأحكام ولو كان أقلّ قليلٍ، بتصوير الباطل بصورة الحق، فإن رفضوا الحكم بما أنزل الله تعالى وأرادوا غيره، فاعلم أن الله تعالى يريد أن يحملهم جريرة ذنوبهم المتمثلّة في تولّيهم عن حكم الله عزّ وجلّ، ( ) متمرّدون في الكفر، متشبّثون به، خارجون عن طاعة الله تعالى الآمر العدل90.

      2. الإعراض.

        يؤيد ذلك قوله تعالى: ( ) [آل عمرآن: ٢٣].

        والمعنى: انظر يا محمد وتعجّب من حال هؤلاء الذين ( ) التوراة وفيه البشارة بك، ومع ذلك يعرضون عن القرآن وما فيه من الأحكام الواضحة البينة الموافقة لما جاء مكتوبًا عندهم في التوراة؛ إرضاءً لأهوائهم وأباطيلهم91.

      3. الصّدود.

        يؤيد ذلك قوله تعالى: ( ﭿ)[النساء: ٦٠-٦١].

        المعنى: ( ) أوحي إليك من المنافقين الذين يريدون تحكيم الطواغيت من كهنة اليهود وسحرتهم فيما يعرض لهم من القضايا التي تحتاج للحكم فيها، مع أنهم () بتكذيب تلك الطواغيت، ( ) عن الهدى وعن الحق ( )، وفي المقابل إذا دعي هؤلاء المنافقون إلى حكم الله تعالى الوارد في كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تراهم يعرضون إعراضًا92.

        فإن قيل: ما الفرق بين الإعراض، والصدود، والتولي؟ فالجواب: أنّ الإعراض هو أخذ جانب بعيد عن المعرض عنه93، أمّا الصدود فهو من الصدّ وهو الصّرف، ومن ثمّ يكون معنى صدّ عن الشيء أي: صرف عنه، وقد يكون الصّرف بالإقناع أو بالإكراه، أمّا التولي فهو عدم الانتفاع94.

        أثر تحكيم الشريعة على المجتمع

        أحكام الشريعة إلهية المصدر، فالذي خلق يعلم مخلوقه وما يحتاجه، فمما لا ريب فيه أن لتحكيم الشريعة الإسلامية أثرًا بالغًا في رفعة الأمة، وتقدّمها وازدهارها، ويرجع هذا الفضل العظيم للشريعة الإسلامية على الأمة المنقادة لها إلى عدة عوامل، منها:

      1. أحكام الشريعة الإسلامية تفضّ النزاعات بين المتخاصمين على أساس العدل.
      2. أحكام الشريعة الإسلامية تنصف المظلوم، وتعيد له حقوقه المنزوعة.
      3. أحكام الشريعة الإسلامية تردع الظالم مهما كان منصبه، وتنزل بحقه العقوبة المناسبة.
      4. أحكام الشريعة الإسلامية تعتمد ميزان التقوى كأساس للتفاضل بين الناس في المجتمع.

        هذه العوامل جعلت لهذه الشريعة الغراء أطيب الأثر على المجتمع المسلم، ويتمثل هذا الأثر فيما يأتي:

        • انتشار العدل في المجتمع.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﮯﮰ ﯘﯙ ﯝﯞ ﯠﯡ ) [المائدة: ٨].

          فهذه الآية الكريمة تأمر المؤمنين بأن يكونوا على أتم الجاهزية لتطبيق كل ما يأمرهم به، والابتعاد عن كل ما ينهاهم عنه، وألّا تدفعهم كراهيتهم لقوم على ظلمهم، أو ظلم غيرهم، ثم تبين أن التزام العدل في الأقوال والأفعال هو الأقرب إلى تحقيق التقوى في النفوس، وبعد ذلك تحذّر الآية من مخالفة التعليمات الواردة فيها من خلال التأكيد على مراقبة الله تعالى لسلوك عباده95.

        • سيادة الأمن داخل المجتمع.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ) [النساء: ٧٥].

          تحث هذه الآية الكريمة المؤمنين على الجهاد في سبيل الله تعالى نصرة للمستضعفين في الأرض، ورفعًا للظلم والجور عنهم، وتوفيرًا للأمن لهم، فهم أحوج ما يكونون لذلك، لاسيما وأن الظّلمة يستأسدون في حملاتهم الشرسة ضد الضعفاء من النساء والشيوخ والأطفال، الذين لا حول ولا قوة لهم إلا بالله العظيم96.

        • تعزيز الوحدة بين أفراد المجتمع.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﭶﭷ ﭿ ﮌﮍ ) [آل عمرآن: ١٠٣].

          يأمر الله تعالى عباده بالالتفاف ليكونوا جماعة واحدة حول شريعة الله تعالى التي بفضلها منّ الله تعالى على عباده بالألفة والمحبة، بعد الفرقة والعداوة، فصاروا إخوانًا يرحم بعضهم بعضًا، ويؤازر بعضهم بعضًا، بعد أن كادت عداوتهم تتسبب في هلاكهم، ثم بيّن سبحانه أن الغاية من البيان السابق هي هداية المجتمع، والحفاظ على وحدته97.

        • ترسيخ مبدأ المساواة في المجتمع.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﭿﮀ ﮅﮆ ) [الحجرات: ١٣].

          والمعنى: يبيّن الله تعالى لعباده في هذه الآية الكريمة أن ميزان التفاضل بينهم هو التقوى فقط، وليس شيئًا سوى التقوى، كما يؤكد سبحانه على علمه بأحوال عباده، وقدرته على التمييز بينهم بحسب مراقبتهم له سبحانه، وخشيتهم منه98.

        • إيجاد مجتمع متكافل.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﮰﮱ ) [البقرة: ٢٧٣-٢٧٤].

          والمعنى: يحث الله تعالى المؤمنين في هاتين الآيتين على تحقيق التكافل الاجتماعي من خلال مدّ يد العون لإخوانهم المحتاجين غير القادرين على كسب ما يسدّ حاجتهم، والذين تمنعهم العفة عن طلب المساعدة من الآخرين، ويأتي هذا الحث من خلال سبيلين، الأول: التشجيع على تقديم يد العون للمحتاجين سواءً أكانت المعونة قليلة أم كثيرة، الثاني: التشجيع على المداومة على الإنفاق لضمان استمرارية انتفاع المحتاجين بما يقدّم لهم من نفقات99.

        • إيجاد مجتمع متعلم.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﯱﯲ ﯺﯻ ﯿ) [الزمر: ٩].

          يبرز الحق جل وعلا في هذه الآية علو شأن العالمين العابدين من العلماء، وطلبة العلم الذين هم دائمو التذكر لعظمة الخالق من خلال التفكر في إبداع الخلق؛ فيكون ذلك دافعًا لهم للزوم طاعة الله تعالى 100.

        • إيجاد مجتمع طاهر.

          ويقصد بالطهارة ما يأتي:

        1. الطهارة النفسية.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﭿ ﮄﮅ ﮈﮉ ﮝﮞ ﮢﮣ ﯰﯱ ﯹﯺ ﯿ ) [النور: ٣٠-٣١].

          والمعنى: في هاتين الآيتين الكريمتين يأمر الله تعالى عباده المؤمنين رجالًا ونساءً بما يحفظ المجتمع المسلم عفيفًا طاهرًا، من غضٍّ للبصر عن النظر إلى ما حرم الله تعالى، وحفظٍ للفرج عن قضاء الشهوة في ما حرّم، ثم يخص النساء بالأمر بإخفاء ما يثير الفتنة من الزينة، وبارتداء الحجاب الذي يسترها ويصونها، وألّا يظهرن ما عندهن من الزينة إلّا لأزواجهن، أو آبائهن، أو آباء أزواجهن، أو أبنائهن، أو أبناء أزواجهن، أو إخوانهن، أو أبناء إخوانهن، أو أبناء أخواتهن، أو النساء المؤمنات، أو ما ملكن من العبيد، أو البله من الرجال الذين لا حاجة لهم في النساء، أو الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم من الذين لا علم لهم بعورات النساء.

          ثم نهاهن عمّا كان سائدًا في الجاهلية من ضرب النساء عند سيرهن بأرجلهن ليسمع صوت ما يخفين من الزينة كالخلاخيل وغيرها، ثم يعمم الله تعالى الأمر للمؤمنين والمؤمنات بالتوبة إلى الله تعالى من كل ما قد يكون بدر منهم من المخالفات خصوصًا ما يتعلق بخدش الحياء والعفة101.

        2. الطهارة البدنية.

          يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﭜﭝ ) [الأعراف: ٣١].

          والمعنى: يأمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة العباد بما يحفظهم طاهرين أصحّاء، من المحافظة على النظافة الشخصية، وعدم الإسراف في تناول الأطعمة والأشربة، ثم علل الحق جل وعلا هذه الأوامر بأنه يبغض المتجاوزين لحدود الاعتدال في سائر الأمور102.

          • إيجاد مجتمع قوي عزيز مسالم.

            يدل على ذلك قوله تعالى: ( ﯬﯭ ﯿ ﰃﰄ ) [الأنفال: ٦٠-٦١].

            والمعنى: يأمر الله تعالى عباده المؤمنين في هاتين الآيتين أن يكونوا على أتم الاستعداد والجاهزية لحماية أنفسهم ممّا يهددهم من الأخطار القادمة من ناحية أعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان وزمان، ودلّهم على الوسيلة التي يحقّقون من خلالها الأمن لأنفسهم، وهي امتلاك القوة بكافة أنواعها ووسائلها، وحثّ على الإنفاق في سبيله لتيسير ذلك، ثم وضّح الموقف الذي ينبغي على المؤمنين أن يتخذوه في حالة طلب أعدائهم للسّلام معهم، وهو الموافقة شريطة أن تكون مبادئ السلم محقّقةً العزة للمؤمنين، متفقةً مع أحكام الشريعة الإسلامية103.

            موضوعات ذات صلة:

            الحرية، الخلافة، السياسة، الشورى، العدل


1 انظر: جمهرة اللغة، ابن دريد ١/٥٦٤، تهذيب اللغة، الأزهري ٤/٦٩، مختار الصحاح، الرازي، ص٧٨، معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ١/٥٣٩.

2 تفسير المراغي ١٩/٧٣.

3 تفسير لطائف الاشارات ٢/٤٢٢.

4 التعريفات، ص٩٢.

5 المفردات، الراغب الأصفهاني ص١٢٦.

6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبدالباقي ص ٢١٢- ٢١٥.

7 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٢٤٨.

8 انظر: مختار الصحاح، الرازي، ص٢٥٥.

9 مختصر الفقه الإسلامي، التويجري ص١٠٠١.

10 انظر: الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري ١/١٩٠.

11 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٨/٣٢٩، مختار الصحاح، الرازي ص٢٤٠.

12 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٣/٥٢٤، تفسير الشعراوي، ٢/١٠٥٢.

13 انظر: مجمل اللغة، ابن فارس ١/ ٥١٤، معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ٢/١٢٤١.

14 التعريفات، ص١٢٩.

15 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٣/٤٥٠.

16 انظر: متخير الألفاظ، ابن فارس ص١٨٤.

17 موسوعة الفقه الإسلامي، محمد التويجري ٢/٢٦٥.

18 الموجز في أصول الفقه، عبد الجليل القرفشاوي وآخرون، ص٢٠.

19 المصدر السابق، ص٢٣.

20 انظر: معجم لغة الفقهاء، محمد قلعجي وحامد قنيبي، ص٩٨.

21 انظر: قواطع الأدلة في الأصول، أبو المظفر التميمي ١/٦٤.

22 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٧٥٤.

23 انظر: بيان المختصر، أبو القاسم الأصفهاني ٢/٦٨.

24 انظر: الوسيط، الواحدي ١/٤٠١.

25 انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ص٧٥.

26 انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف، الكويت ٢/٣٧٦.

27 انظر: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، محمد صديق خان ص٢٢٨.

28 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ١/٤٨١.

29 انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف، الكويت ١٧/٣١٩.

30 انظر: تفسير آيات الأحكام، السايس ص٢٢٧.

31 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ٣/١٩٢٤.

32 انظر: الموجز في أصول الفقه، عبد الجليل القرفشاوي وآخرون ص٢٠.

33أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس، ١/٩٦، رقم ٤٤٤.

34 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، ١/٤٩٥، رقم ٧١٤.

35 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ٢/١٠٢٢.

36 انظر: علم أصول الفقه، عبد الوهاب خلاف، ص١١٧.

37 انظر: تاج العروس، الزبيدي ١٩/٤٠٤.

38 انظر: علم أصول الفقه، عبد الوهاب خلاف، ص١١٨.

39 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٢/٢٠٣، مختار الصحاح، الرازي، ص٢٩٩.

40 انظر: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، عياض السلمي، ص٥٨.

41 انظر: الموجز في أصول الفقه، عبد الجليل القرفشاوي وآخرون، ص٢٣.

42 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/٦٢.

43 انظر: شرح مسائل الجاهلية، محمد بن عبد الوهاب، صالح الفوزان، ص١٥٣.

44 انظر: زاد المسير، ابن الجوزي ٤/٥٠٣.

45 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٣٠٠.

46 انظر: السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، محمد أبو شهبة ٢/٣٥٤.

47 انظر: الفقه الإسلامي وأدلته، وهبة الزحيلي ١/٣٣.

48 انظر: علم المقاصد الشرعية، نور الدين الخادمي، ص٨.

49 انظر: روضة الناظر، ابن قدامة المقدسي ١/٦١٥.

50 انظر: التشريع الإسلامي صالح للتطبيق في كل زمان ومكان، محمد فهمي، ص١١٠.

51 انظر: رسالة لطيفة جامعة، أصول الفقه المهمة، السعدي ص٦١.

52 انظر: الفقه الإسلامي وأدلته، وهبة الزحيلي ١/٣٧.

53 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٩٦٥.

54 انظر: مدارك التنزيل، النسفي ١/٤٤٩.

55 انظر: تأويلات أهل السنة، الماتردي ٣/٥٣٢.

56 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٦/١٩٠.

57 انظر: تأويلات أهل السنة، الماتردي ٦/٥٤٣.

58 انظر: الهداية، مكي بن أبي طالب١٢/٨١٥٩.

59 انظر: لباب التأويل، الخازن١/٣٣٦.

60 انظر: جامع البيان، الطبري٢١/٣٩٩.

61 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٣٣٦.

62 انظر: روح البيان، إسماعيل حقي ٧/٢٤٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٢/١٢٧.

63 انظر: تفسير السمرقندي ١/٣٩٧.

64 انظر: أيسر التفاسير، أبو بكر الجزائري ١/٦٣٩.

65 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، رقم ٣٤٧٥.

66 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/٥١٨.

67 انظر: المصدر السابق ١٠/٣٩٤.

68 انظر: مدارك التنزيل، النسفي ٢/٢١٨.

69 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٣/١٢١٤.

70 انظر: الوجيز، الواحدي، ص٤٦٣.

71 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٧/٣.

72 انظر: موسوعة الفقه الإسلامي، التويجري ٤/٤٦١.

73 انظر: زهرة التفاسير، أبو زهرة ٤/٢٢٠٤.

74 انظر: التيسير في أحاديث التفسير، محمد مكي الناصري ٢/٦١.

75 المصدر السابق ٢/٦١.

76 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/٤٥٤.

77 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق١/١٦، رقم ٣٤.

78 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/١٧٦، تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٤٢

79 انظر: التفسير المنير، وهبة الزحيلي ١٨/٢٧٢.

80 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/٥٠٧.

81 انظر: المصدر السابق ١٥/٥٠٠.

82 انظر: مدارك التنزيل، النسفي ٣/٣٠٣.

83 انظر: تأويلات أهل السنة، الماتريدي ٨/١٧٧.

84 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٣٠٢.

85 انظر: الهداية، مكي بن أبي طالب ٣/١٧٧١، تفسير القرآن العزيز، العز بن عبدالسلام ١/٣٩٠.

86 انظر: مدارك التنزيل، النسفي٣/١٥٢.

87 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/١٢٤.

88 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٣٧٧.

89 انظر: تفسير السمرقندي ١/٣١٥.

90 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٣/٤٧.

91 انظر: التفسير الواضح، محمد محمود حجازي ١/٢١٩.

92 انظر: تفسير السمرقندي ١/٣١٣.

93 انظر: المصباح المنير، الفيومي ٢/٤٠٢.

94 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٨/٢٦١، الكليات، الكفوي ص٣٠٩.

95 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/٢٠.

96 انظر: أوضح التفاسير، محمد الخطيب، ص١٠٤، التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص٩٠.

97 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٤/٣١.

98 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٨/١٢٣.

99 انظر: التفسير المنير، د. وهبة الزحيلي ٣/٧١.

100 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٧/٢٤٥.

101 انظر: المصدر السابق ٦/١٧٠، التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص٣٥٣.

102 انظر: التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص ١٥٤.

103 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٣٢٤-٣٢٥.