عناصر الموضوع

مفهوم الحذر

الحذر في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أنواع الحذر

مجالات المحذور منه في القرآن

نماذج قرآنية من الحذرين

ثمرات الحذر المحمود

الحذر

مفهوم الحذر

أولًا: المعنى اللغوي:

(حذر) الحاء والذال والراء أصل واحد، هو من التحرز والتيقظ، يقال: حذر يحذر حذرًا، ورجل حذرٌ وحذورٌ: أي: متيقظٌ متحرزٌ، وحذار بمعنى: احذر، قال ابن فارس: «حذار من رماحنا حذار... وحذرون» أي: خائفون»1.

قال ابن منظور: الحذر والحذر: الخيفة، ورجل حذرٌ وحذرٌ: متيقظ شديد الحذر والفزع ومتحرز، وحاذرٌ: متأهب معدٌّ، كأنه يحذر أن يفاجأ، والجمع: حذرون وحذارى، والتحذير: التخويف2.

ومن خلال ما سبق تبين أن الحذر يتمركز معناه اللغوي حول التحرز والتيقظ والاستعداد والتأهب.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

قال الكفوي: «اجتناب الشيء خوفًا منه»3.

وجاء في تفسير المنار أنه: الاحتراز والاستعداد؛ لاتقاء شر العدو، وذلك بمعرفة حاله ومبلغ استعداده وقوته، ومعرفة وسائل مقاومته، وأن يعمل بتلك الوسائل4.

وقد يأتي بمعنى: «الاحتراس من الضرر»5.

وخلاصة القول: إن المعنى اللغوي والاصطلاحي يتمثلان في التيقظ والتأهب، وأخذ الحيطة والاحتراس من الضرر.

الحذر في الاستعمال القرآني

ورد الجذر (ح ذ ر) في القرآن(٢١) مرة6.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل المضارع

٨

( ﭿ ) [التوبة: ٦٤]

الفعل الأمر

٦

( ) [المائدة: ٤١]

مصدر سماعي

٥

( ) [البقرة: ١٩]

اسم الفاعل

١

( ﯿ) [الشعراء: ٥٦]

اسم المفعول

١

( ) [الإسراء:٥٧]

وجاء الحذر في القرآن على ثلاثة أوجه7:

الأول: الخوف: ومنه قوله تعالى: ( ) [آل عمران: ٢٨] يعني: يخوّفكم عقابه.

الثاني: الامتناع: ومنه قوله تعالى: ( ) [المائدة: ٤١] يعني: فامتنعوا.

الثالث: الكتمان: ومنه قوله تعالى: ( ﭿ ) [التوبة: ٦٤] يعني: ما تكتمون.

الألفاظ ذات الصلة

الخوف:

الخوف لغةً:

الخاء والواو والفاء أصلٌ واحدٌ يدلّ على الذّعر والفزع8.

الخوف اصطلاحًا:

قال الرّاغب: «الخوف: توقّع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، ويضادّه الأمن، ويستعمل ذلك في الأمور الدّنيويّة والأخرويّة»9.

ويقول الجرجانيّ: «الخوف توقّع حلول مكروه أو فوات محبوب»10. وقيل: اضطراب القلب وحركته من تذكّر المخوف، وقيل: فزع القلب من مكروه يناله أو من محبوب يفوته11.

الصلة بين الحذر والخوف:

أن الخوف توقع الضرر المشكوك في وقوعه، ومن يتيقن الضرر؛ لم يكن خائفًا له، وكذلك الرجاء لا يكون إلا مع الشك، ومن تيقن النفع؛ لم يكن راجيًا له، والحذر: توقي الضرر، وسواء كان مظنونًا أو متيقنًا، والحذر يدفع الضرر، والخوف لا يدفعه، ولهذا يقال: خذ حذرك، ولا يقال خذ خوفك12.

الاحتراز:

الاحتراز لغة:

الحرز: الموضع الحصين، واحترزت من كذا وتحرّزت: توقيته، واحترز13، أي: تحفظ14.

الاحتراز اصطلاحًا:

التحفظ15.

الصلة بين الحذر والاحتراز:

أن الاحتراز هو التحفظ من الشيء الموجود، والحذر هو التحفظ مما لم يكن، إذا علم أنه يكون، أو ظن ذلك16.

الأمن:

الأمن لغة:

ضد الخوف، والفعل منه: أمن يأمن أمنًا17.

الأمن اصطلاحًا:

عدم توقع مكروه في الزمان الآتي18، وأصله: طمأنينة النفس وزوال الخوف19.

الصلة بين الحذر والأمن:

الحذر: توقي الضرر، سواء كان مظنونًا أو متيقنًا، وفيه التحفظ مما لم يكن، إذا علم أنه يكون، أو ظن ذلك، وأما الأمن فهو حالة من الاستقرار وطمأنينة النفس، وعدم توقع مكروه في الزمن الآتي.

أنواع الحذر

أولًا: الحذر المحمود:

الحذر المحمود هو الذي يرضاه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو ما كان معتدلًا بين الإفراط والتفريط؛ لأنه الحذر الذي ترجى ثماره، ويسعد صاحبه في آخرته.

ومن الحذر المحمود:

١. الحذر من الله وعقابه.

قال تعالى: ( ﮙﮚ ) [البقرة: ٢٣٥].

أي: اعلموا أيها الناس أن الله تعالى يعلم ما يجول في نفوسكم من خير أو شر، وما تهجس به خطرات قلوبكم من مقاصد واتجاهات؛ فاحذروا أن تقصدوا ما هو شر، أو تفعلوا ما هو منكر، واعلموا أنه تعالى غفور لمن تاب وعمل صالحًا، حليم لا يعاجل الناس بالعقوبة، ولا يؤاخذهم إلا بما كسبوا.

فالجملة الكريمة تحذير وتبشير، وترغيب وترهيب؛ لكي لا يتجاسر الناس على ارتكاب ما نهى الله عنه، ولا ييأسوا من رحمته متى تابوا وأنابوا20. أي: يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه21.

وقال تعالى: ( ﯵﯶ ) [آل عمران: ٢٨].

أي: يحذركم نقمته، أي: مخالفته وسطوته في عذابه لمن والى أعداءه، وعادى أولياءه22.

٢. المؤمن الحذر من عذابه ونقمته ممدوحا.

فقال: ( ﯱﯲ ﯺﯻ ﯿ) [الزمر: ٩].

٣. الحذر من العدو.

قال تعالى: ( ) [النساء: ٧١].

قال السعدي: «يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين. وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على قتالهم، ويستدفع مكرهم وقوتهم، من استعمال الحصون والخنادق، وتعلم الرمي والركوب، وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك، وما به يعرف مداخلهم، ومخارجهم، ومكرهم، والنفير في سبيل الله»23.

وقد كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على حذر من أعدائهم، فهذا موسى عليه السلام لما قتل قبطيًّا؛ أصبح خائفًا حذرًا من جنود فرعون، قال تعالى: ( ﰋﰌ ) [القصص: ٢١].

أي: فخرج موسى من مدينة فرعون خائفًا على نفسه يتلفّت، ويترقب متابعة أحد له24.

وهذا لوط عليه السلام استجاب لأمر الله، لما أمره الله بقوله: ( ) [الحجر: ٦٥].

فكان الأمر للوط أن يسير بقومه في الليل قبل الصبح، وأن يكون هو في مؤخرتهم يتفقدهم، ولا يدع أحدًا منهم يتخلف، أو يتلكأ، أو يتلفت إلى الديار على عادة المهاجرين الذين يتنازعهم الشوق إلى ما خلفوا من ديارهم؛ فيتلفتون إليها ويتلكأون25.

وفعله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم في حياتهم كثيرًا، فقد اختبأ النبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور أثناء هجرته هو وصاحبه أبو بكر26، وأخذ بكل وسائل الحيطة والحذر؛ من أجل أن تنجح الهجرة سرًّا، مع كونه صلى الله عليه وسلم مستشعرًا لمعية الله تعالى ، إلا أنه كان حذرًا من إدراك المشركين.

وكان صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورّى بغيرها27.

والتورية: أن يذكر لفظًا يحتمل معنيين، أحدهما أقرب من الآخر؛ فيسأل عنه وعن طريقه؛ فيفهم السامع بسبب ذلك أنه يقصد المحل القريب، والمتكلم صادق، لكن لخلل وقع من فهم السامع خاصة؛ وذلك لئلا يتفطن العدو فيستعد للدفع والحرب28.

وفي ذلك تعليم لأمته وحثهم على الأخذ بوسائل الحذر الممكنة.

وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن المتيقظ الحذر فقال: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين)29.

ومعنى الحديث: أن المؤمن الممدوح هو الكيِّس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة مرة بعد أخرى وهو لا يشعر، وليكن متيقظًا حذرًا؛ حتى لا يقع في مكروه، وهو لا يشعر30.

والخلاصة: أن الحذر المحمود أمر يحبه الله ويرضاه، ويصب في مصلحة العبد الدينية والدنيوية؛ ولذلك أمر الله به وحض عليه.

ثانيًا: الحذر المذموم:

الحذر أمر محمود، لكن إذا خرج عن هدفه المشروع كان مذمومًا، وهذا النوع من الحذر لا يجوز؛ وذلك لأنه مدعاة لترك العمل.

فالحذر من قوة العدو، وانهزام المسلم من ساحة المعركة؛ خوفًا على نفسه من القتل، وحذرًا من جبروت الأعداء حذر مذموم؛ لأنه جبن وضعف وهوان؛ ولذلك ذم الله تعالى الذين خرجوا من ديارهم على كثرتهم حذرًا من الموت، ويقصدون بهذا الخروج السلامة من الموت، ولكن لا يغني حذر عن قدر، فقال تعالى: ( ﮪﮫ ) [البقرة: ٢٤٣].

والمعنى: قد علمت أيها الرسول الكريم، أو أيها الإنسان العاقل- حال أولئك القوم الذين خرجوا من ديارهم التي ألفوها واستوطنوها، وهم ألوف مؤلفة، وكثرة كاثرة، وما كان خروجهم إلا فرارًا وخوفًا من الموت الذي سيلاقيهم- إن عاجلًا أو آجلًا-.

ومن لم يعلم حالهم فها نحن أولاء نعلمه بها، ونحيطه بما جرى لهم عن طريق هذا الكتاب، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

والمقصود من هذه الآية الكريمة: حض الناس جميعًا على الاعتبار والاتعاظ، وزجرهم عن الفرار من الموت هلعًا وجبنًا، وتحريضهم على القتال في سبيل الله، فقد قال تعالى بعد ذلك: ( ) وإفهامهم أن الفرار من الموت لن يؤدى إلا إلى الوقوع فيه31.

وهذه القصة عبرة وعظة يراد مغزاها، ولا تراد أحداثها وأماكنها وأزمانها، وتحديد الأماكن والأزمان لا يزيد هنا شيئًا على عبرة القصة ومغزاها، إنما يراد هنا تصحيح التصور عن الموت والحياة، وأسبابهما الظاهرة، وحقيقتهما المضمرة، ورد الأمر فيهما إلى القدرة المدبرة. والاطمئنان إلى قدر الله فيهما، والمضي في حمل التكاليف والواجبات دون هلع ولا جزع؛ فالمقدر كائن، والموت والحياة بيد الله في نهاية المطاف.

يراد أن يقال: إن الحذر من الموت لا يجدي، وإن الفزع والهلع لا يزيدان حياة، ولا يمدان أجلًا، ولا يردان قضاء، وإن الله هو واهب الحياة، وهو آخذ الحياة، وإنه متفضل في الحالتين: حين يهب، وحين يسترد، والحكمة الإلهية الكبرى كامنة خلف الهبة، وخلف الاسترداد، وإن مصلحة الناس متحققة في هذا وذاك، وإن فضل الله عليهم متحقق في الأخذ والمنح سواء32.

وقد كان المنافقون يحرصون كل الحرص على إخفاء مخططاتهم وأقوالهم الشنيعة، ويحذرون أن يسمع بها أحد غيرهم، فذم الله هذا الحذر المذموم فقال: ( ﭹﭺ ﭿ ) [التوبة: ٦٤].

أي: يخاف المنافقون ويتحرزون أن تنزل على المؤمنين سورة تكشف أحوالهم، وتفضح أسرارهم، وتبين نفاقهم، وتخبرهم بحقيقة وضعهم، فيفتضح أمرهم، وتنكشف أسرارهم33.

قال السدي: «قال بعض المنافقين: والله وددت لو أني قدمت؛ فجلدت مائة جلدة، ولا ينزل فينا شيء بفضحنا؛ فنزلت الآية»34.

قال القرطبي: ( ) نزلت في شأن المنافقين تخبرهم بمخازيهم ومساوئهم ومثالبهم، ولهذا سميت بالفاضحة والمثيرة والمبعثرة، وقال الحسن: كانوا يسمون هذه السورة الحفّارة؛ لأنها حفرت ما في قلوب المنافقين؛ فأظهرتها35.

مجالات المحذور منه في القرآن

إن الكلام عن مجالات المحذور منه في القرآن الكريم يتطلب بيان الحذر من الله تعالى ونقمته، وعذابه، والحذر من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، والحذر من فتنة الإعراض والصد عن الصراط المستقيم، والحذر من الموت، والحذر من كيد الشيطان والكافرين والمنافقين، والحذر من طاعة الأزواج والأولاد فيما يغضب الله سبحانه ، وتفصيل هذه الأمور فيما يأتي:

أولًا: الحذر من الله تعالى:

حذر الله عباده المؤمنين من عذابه ونقمته في مواضع من كتابه العزيز، وهدد المخالفين المتواطئين على مصلحة الأمة ومصيرها.

فقال تعالى: ( ﯣﯤ ﯱﯲ ﯵﯶ ﯿ ﰄﰅ ﰌﰍ ﭤﭥ ﭨﭩ ) [آل عمران: ٢٨-٣٠].

ومعنى ذلك: لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفار ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلّونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك ( )، يعني بذلك: فقد برئ من الله، وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ( ) إلا أن تكونوا في سلطانهم؛ فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل36.

قال ابن عباس: كان الحجاج بن عمرو وكهمس بن أبي الحقيق وقيس بن زيد -وهؤلاء كانوا من اليهود يباطنون37 نفرًا من الأنصار؛ ليفتنوهم عن دينهم- فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود، واحذروا لزومهم ومباطنتهم؛ لا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال الكلبي: نزلت في المنافقين: عبد الله بن أبي وأصحابه، كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ونهى المؤمنين عن مثل فعلهم.

وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري، وكان بدريًّا نقيبًا، وكان له حلفاء من اليهود، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، قال عبادة: يا نبي الله إن معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو؛ فأنزل الله تعالى: ( ) الآية38.

وأتبع النهي بالتهديد والوعيد، فقال: ( )، يقول سيد قطب: «فقد تضمن التهديد تحذير المؤمنين من نقمة الله وغضبه في صورة عجيبة من التعبير حقًّا»39.

وبعد التحذير المفهوم من السياق يورد تحذيرًا صريحًا، وذلك بقوله: ( ) وهذا تهديـد عظيم لمن تعرض لسخطه بموالاة أعدائه؛ لأن شدة العقاب بحسب قوة المعاقب وقدرته40.

وهذا التحذير فيه ما فيه من التهديد والتخويف من موالاة الكافرين؛ لأن التحذير من ذات الله، يقتضى الخوف ووقوع الرهبة في النفس من الذات العلية41.

وما يزال التحذير مستمرًّا متجددًا مع السياق القرآني حتى يصل قوله تعالى: ( ﯿ ﰄﰅ ﰌﰍ ) [آل عمران: ٢٩].

يخبر تبارك وتعالى عباده أنه يعلم السرائر والضمائر والظواهر، وأنه لا يخفى عليه منهم خافية، بل علمه محيط بهم في سائر الأحوال والآنات واللحظات وجميع الأوقات، وبجميع ما في السموات والأرض، لا يغيب عنه مثقال ذرة، ولا أصغر من ذلك في جميع أقطار الأرض والبحار والجبال42.

و«قوله: ( ) إتمامًا للتحذير، وذلك لأنه لما بين أنه تعالى عالم بكل المعلومات كان عالمًا بما في قلبه، وكان عالمًا بمقادير استحقاقه من الثواب والعقاب، ثم بين أنه قادر على جميع المقدورات، فكان لا محالة قادرًا على إيصال حق كل أحد إليه، فيكون في هذا تمام الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب»43.

ثم يتابع السياق الحملة على القلب البشري، فيكـرر تحذيـر الله للنـاس من نفسه: ( ) ويذكرهم برحمته في هذا التحذير، والفرصة متاحة قبل فوات الأوان ( ) ومن رأفته هذا التحذير وهذا التذكير، وهو دليل على إرادة الخير والرحمة للعباد44.

والحكمة من تكرار قوله تعالى: ( ) مرتين في ثلاث آيات، ذكرها ابن حيان في البحر المحيط، فقال: «كرر التحذير للتوكيد والتحريض على الخوف من الله بحيث يكونون ممتثلي أمره ونهيه، ( ) لما ذكر صفة التخويف وكررها، كان ذلك مزعجًا للقلوب، ومنبها على إيقاع المحذور مع ما قرن بذلك من اطلاعه على خفايا الأعمال وإحضاره لها يوم الحساب، وهذا هو الاتصاف بالعلم والقدرة اللذين يجب أن يحذر لأجلهما، فذكر صفة الرحمة ليطمع في إحسانه، وليبسط الرجاء في أفضاله، فيكون ذلك من باب ما إذا ذكر ما يدل على شدة الأمر، ذكر ما يدل على سعة الرحمة، كقوله تعالى: ( ) [ الأنعام: ١٦٥]»45.

والتحذير في قوله تعالى: ( ﭨﭩ ) [آل عمران: ٣٠].

رحمة من الله سبحانه ؛ لئلا يغتروا به، فيعاملوه بما لا تحسن معاملته. قال غير واحد من السلف: من رأفته بالعباد: حذرهم من نفسه؛ لئلا يغتروا به46.

وفي هذه التحذير دليل على الابتعاد عن الكفار وعن معاشرتهم وصداقتهم، والميل إليهم والركون إليهم، وأنه لا يجوز أن يولى كافر ولاية من ولايات المسلمين، ولا يستعان به على الأمور التي هي مصالح لعموم المسلمين47.

ومن الآيات الدالة على الحذر من الله تعالى قوله سبحانه: ( ﭹﭺ ﭿ ﮇﮈ ﮋﮌ ﮐﮑ ﮙﮚ ) [البقرة: ٢٣٥].

فبعد أن بين الله سبحانه وتعالى جملة من الأحكام المتعلقة بقضايا الأسرة، حذر من مخالفتها ومخالفة أمره، وهذا رصد لما في النفوس من وساوس وخواطر، ونيات منعقدة على الخير أو الشر، ومبيتة للإخلاص أو الخداع، فالله سبحانه وتعالى مطلع على كل شيء، مجاز على كل شيء؛ فليحذره أولئك الذين يدبرون السوء، وينوون الغدر48.

قال الطبري: «واعلموا، أيها الناس، أن الله يعلم ما في أنفسكم من هواهن ونكاحهن وغير ذلك من أموركم، فاحذروه. يقول: فاحذروا الله واتقوه في أنفسكم أن تأتوا شيئًا مما نهاكم عنه، من عزم عقدة نكاحهن، أو مواعدتهن السر في عددهن، وغير ذلك مما نهاكم عنه في شأنهن في حال ما هن معتدات، وفي غير ذلك»49

وقد جاء هذا التحذير عقب ذكر الأحكام السابقة على سنن القرآن من القرن بين الأحكام بالمواعظ؛ ترغيبًا وترهيبًا، وتشجيعًا على التزام أوامر الله وترك نواهيه50.

قال الألوسي: «( ) من العزم على ما لا يجوز أو من ذوات الصدور التي من جملتها ذلك () ولا تعزموا عليه أو- احذروه- بالاجتناب عن العزم ابتداء أو إقلاعًا عنه بعد تحققه»51.

وهذا الربط بين التشريع وخشية الله، المطلع على السرائر؛ نظرًا للمشاعر المكنونة والعلاقات الحساسة العالقة بالقلوب، الغائرة في الضمائر، فالقضية بين رجل وامرأة، وخشية الله والتحذير مما يجول ويحيك في الصدور هي الضمانة الأخيرة لتنفيذ التشريع.

فإذا هز الضمير البشري هزة الخوف والحذر؛ فصحا وارتعش رعشة التقوى عاد؛ ليملأ بالطمأنينة والثقة بعفو الله وحلمه ومغفرته52.

وبعد أن أمر الله تعالى بالحذر قال: ( ) أي: ولولا مغفرته وحلمه؛ لعنتّم غاية العنت؛ فإنه سبحانه مطلع عليكم، يعلم ما في قلوبكم، ويعلم ما تعملون، فإن وقعتم في شيء فما نهاكم عنه؛ فبادروا إليه بالتوبة والاستغفار. فإنه هو الغفور الحليم53.

وفي هذا التحذير قرن الأحكام بالموعظة ترغيبًا وترهيبًا؛ لتأكيد المحافظة عليها54، وهذا نهاية التحذير من الوقوع فيما نهى عنه؛ لأن الله توعدهم على ما يقع في ضمائرهم من أمور النساء، وأرشدهم إلى إضمار الخير دون الشر، ثم لم يؤيّسهم من رحمته، ولم يقنطهم من عائدته55. وفي الآية دليل على وجوب مراقبة الله تعالى في السر والعلن واتقاء الأسباب المفضية بالعبد إلى فعل محرم.

ثانيًا: الحذر من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم:

أمر الله سبحانه أن يبجّـل نبيه صلى الله عليه وسلم ويعظّـم، فلا يدعى باسمه بأن يقال: يا محمد، ولكن يقال: يا نبي الله، يا رسول الله، ولا يقاس دعاؤه كدعاء بعضنا بعضًا في جواز الإعراض والتساهل في الإجابة، والانصراف من مجلسه بغير إذن، فإن المبادرة إلى إجابته صلى الله عليه وسلم واجبة، والرجوع عن مجلسه بغير إذن محرم، ثم حذر سبحانه وتوعد المخالفين لتلك الأوامر والآداب.

فقال تعالى: ( ﭿ ﮃﮄ ﮋﮌ ) [النور: ٦٣].

أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله: ( ) قال: هم المنافقون كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة - ويعني بالحديث الخطبة - فيلوذون ببعض الصحابة حتى يخرجوا من المسجد، وكان لا يصلح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بعدما يأخذ في الخطبة، وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل؛ لأن الرجل منهم كان إذا تكلم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بطلت جمعته56.

وذكر البغوي أنها نزلت في ظروف حفر الخندق ووقعة الأحزاب، حيث كان المنافقون ينسحبون تسللًا وخفية من المعسكر، ولا ينفذون أوامر النبي صلى الله عليه وسلم57.

وهذا الحكم يعم كل من خالف أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وليست خاصة بالمنافقين فقط58.

يقول الألوسي في معنى هذه الآية: «أي: لا تقيسوا دعاءه عليه الصلاة والسلام إياكم على دعاء بعضكم بعضًا في حال من الأحوال، وأمر من الأمور، التي من جملتها المساهلة فيه، والرجوع عن مجلسه عليه الصلاة والسلام بغير استئذان؛ فإن ذلك من المحرمات، وإلى نحو هذا ذهب أبو مسلم واختاره المبرد والقفال. وقيل: المعنى لا تحسبوا دعاءه عليكم كدعاء بعضكم على بعض؛ فتعرضوا لسخطه ودعائه عليكم عليه الصلاة والسلام بمخالفة أمره والرجوع عن مجلسه بغير استئذان ونحو ذلك، وهو مأخوذ مما جاء في بعض الروايات عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-، وروي عن الشعبي، وتعقبه ابن عطية بأن لفظ الآية يدفع هذا المعنى، وكأنه أراد أن الظاهر عليه على بعض. وقيل: إنه يأباه بينكم وهو في حيز المنع، وقيل: المعنى: لا تجعلوا دعاءه عليه الصلاة والسلام ربه عز وجل كدعاء صغيركم كبيركم وفقيركم وغنيكم، يسأله حاجته فربما أجابه وربما رده، فإن دعاءه صلى الله عليه وسلم مستجاب لا مرد له عند الله عز وجل، فتعرضوا لدعائه لكم بامتثال أمره، واستئذانه عند الانصراف عنه إذا كنتم معه على أمر جامع، وتحققوا قبول استغفاره لكم، ولا تتعرضوا لدعائه عليكم بضد ذلك»59.

يقول المراغي: «فليتق الله من يفعلون ذلك منكم، فينصرفون عن رسول الله بغير إذنه، أن تصيبهم محنة وبلاء في الدنيا، أو يصيبهم عذاب مؤلم موجع في الآخرة، بأن يطبع الله على قلوبهم؛ فيتمادوا في العصيان ومخالفة أمر الرسول، فيدخلهم النار وبئس القرار.

والآية تعم كل من خالف أمر الله، وأمر رسوله، وجمد على التقليد من بعد ما تبين له الهدى، وظهر له الصواب من الخطأ»60.

«فلا بد من امتلاء القلوب بالتوقير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حتى تستشعر توقير كل كلمة منه وكل توجيه، وهي لفتة ضرورية، فلا بد للمربي من وقار، ولابد للقائد من هيبة، وفرق بين أن يكون هو متواضعًا هينًا لينًا، وأن ينسوا هم أنه مربيهم؛ فيدعوه دعاء بعضهم لبعض.. يجب أن تبقى للمربي منزلة في نفوس من يربيهم يرتفع بها عليهم في قرارة شعورهم، ويستحيون هم أن يتجاوزوا معها حدود التبجيل والتوقير»61.

«وهذه الآية تحكم الصلة التي بين المؤمنين وبين النبي صلوات الله وسلامه عليه بعد أن جاءت الآية السابقة؛ لتحكم الصلة بين أفراد المجتمع الإسلامي، وأنها صلة وثيقة العرى، ملاكها السمع والطاعة لرسول الله من كل مؤمن ومؤمنة»62.

وفي هذه الآية تأديب للمؤمنين إزاء مجالس الرسول ودعائه، وتنويه بالذين يتصرفون في ذلك بما يليق بمركزه ومقامه، فلا يتركون مجالسه إلّا لعذر وبعد الاستئذان منه وإذنه. فهم المؤمنون حقًّا بالله ورسوله. وتنديد بالذين يتصرفون في ذلك تصرفًا غير لائق فيتسللون من مجالسه. وإنذار دنيوي وأخروي لهم63.

وبهذه الآية احتج الفقهاء على أن الأمر على الوجوب، ووجهها أن الله تبارك وتعالى قد حذر من مخالفة أمره، وتوعد بالعقاب عليها بقوله: ( ) فتحرم مخالفته، فيجب امتثال أمره64.

عن قتادة، في قوله: «( ﭿ ﮃﮄ) [النور: ٦٣].

قال: أمرهم الله أن يفخموه ويشرفوه صلى الله عليه وسلم»65.

وهذه الآيات تدل على أن من رد شيئًا من أوامر الله والرسول؛ فهو خارج عن الإسلام، سواء رده من جهة الشرك، أو من جهة التمرد، وذلك يوجب صحة ما ذهبت إليه الصحابة رضي الله عنهم من الحكم بارتداد مانعي الزكاة، وقتلهم، وسبي ذراريهم66.

ثالثًا: الحذر من العذاب:

من صفات المؤمن التقي: الحذر من عذاب الله وغضبه؛ فالله تعالى يعلم كل شيء، ولا تخفى عليه خافية، وقد أخبرنا ربنا سبحانه أن عذابه هو الذي يجب أن يحذر، فلا يبلغه أي عذاب، فقال: ( ﯱﯲ ) [الإسراء: ٥٦-٥٧].

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قومك الذين يعبدون من دون الله من خلقه، ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم أرباب وآلهة من دونه عند ضرّ ينزل بكم، فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك عنكم، أو تحويله عنكم إلى غيركم، فتدعوهم آلهة؛ فإنهم لا يقدرون على ذلك، ولا يملكونه، وإنما يملكه ويقدر عليه خالقكم وخالقهم. وقيل: إن الذين أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول، كانوا يعبدون الملائكة وعزيرًا والمسيح، وبعضهم كانوا يعبدون نفرًا من الجنّ.

وهؤلاء الذين يدعوهم هؤلاء المشركون أربابًا ( ) أي: يبتغي المدعوّون أربابًا إلى ربهم القربة والزّلفة؛ لأنهم أهل إيمان به، والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله ( ) أيهم بصالح عمله واجتهاده في عبادته أقرب عنده زلفة () بأفعالهم تلك () ويخافون أمره (ﯱﯲ ) يا محمد ( ) متقى67.

وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال: «كان ناس من الإنس يعبدون ناسًا من الجن، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم، فأنزل الله عز وجل: ( ﯱﯲ ) [الإسراء: ٥٦-٥٧]68.

وعلى الرغم من هذه الرواية؛ فقد اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية على أقوال:

أحدها: أنها نزلت في نفر من الجن كان يعبدهم قوم من الإنس؛ فأسلم الجن ابتغاء الوسيلة عند ربهم، وبقي الإنس على كفرهم؛ قاله عبد الله بن مسعود.

الثاني: أنهم الملائكة، كانت تعبدهم قبائل من العرب، وهذا مروي عن ابن مسعود أيضًا .

الثالث: هم وعيسى وأمّه، قاله ابن عباس ومجاهد. وهم المعنيّون بقوله تعالى: ( )69.

وفي الجملة: هذه الآيات في عبادة غير الله عز وجل70.

وقوله تعالى: ( ) تذييل قصد به التعليل لما قبله وهو خوف العذاب71، الذي ينبغي أن يحذر منه، ويخاف من وقوعه وحصوله72.

قال أبو السعود: «حقيقًا بأن يحذره كلّ أحدٍ، حتى الملائكة والرسل عليهم الصلاة والسلام وهو تعليلٌ لقوله تعالى: ( ﯱﯲ) وتخصيصه بالتعليل؛ لما أن المقام مقام التحذير من العذاب، وأن بينهم وبين العذاب بونًا بعيدًا»73.

وتقديم الرجاء على الخوف؛ لما أن متعلقه أسبق من متعلقه، ففي الحديث القدسي: (سبقت رحمتي غضبي)74، وفي اتحاد أسلوبي الجملتين إيماء إلى تساوي رجاء أولئك الطالبين للوسيلة إليه تعالى بالطاعة والعبادة وخوفهم، وقد ذكر العلماء أنه ينبغي للمؤمن ذلك ما لم يحضره الموت فإذا حضره الموت ينبغي أن يغلّب رجاءه على خوفه75.

وفي الآيات بيان حقيقة عقلية، وهي: أن دعاء الأولياء والاستغاثة بهم، والتوسل إليهم بالذبح والنذر أمر باطل ومضحك في نفس الوقت؛ إذ الأولياء كانوا قبل موتهم يطلبون الوسيلة إلى ربهم بأنواع الطاعات والقربات، ومن كان يعبد لا يعبد. ومن كان يتقرب لا يتقرّب إليه، ومن كان يتوسّل لا يتوسل إليه، بل يعبد الذي كان يعبد، ويتوسل إلى الذي كان يتوسل إليه، ويتقرب إلى الذي كان يتقرب إليه، وهو الله سبحانه وتعالى76.

ومن الآيات الدالة على الحذر من العذاب: ما وصف الله به عبده المؤمن بأنه حذر من عذاب الآخرة.

قال تعالى: ( ﯚﯛ ﯟﯠ ﯱﯲ ﯺﯻ ﯿ) [الزمر: ٨ - ٩].

هذه مقابلة بين العامل بطاعة الله وغيره، وبين العالم والجاهل، وأن هذا من الأمور التي تقرر في العقول تباينها، وعلم علمًا يقينًا تفاوتها، فليس المعرض عن طاعة ربه، المتبع لهواه، كمن هو قانت أي: مطيع لله بأفضل العبادات وهي الصلاة، وأفضل الأوقات وهو أوقات الليل، فوصفه بكثرة العمل وأفضله، ثم وصفه بالخوف والرجاء، وذكر أن متعلق الخوف عذاب الآخرة، على ما سلف من الذنوب، وأن متعلق الرجاء رحمة الله، فوصفه بالعمل الظاهر والباطن77.

يقول سيد قطب: الآية الأولى عرضت الصورة النكدة من الإنسان، مقابل صورة أخرى، صورة القلب الخائف الوجل، الذي يذكر الله، ولا ينساه في سراء ولا ضراء، والذي يعيش حياته على الأرض في حذر من الآخرة، وفي تطلع إلى رحمة ربه وفضله، وفي اتصال ينشأ عنه العلم الصحيح المدرك لحقائق الوجود.

هذه صورة مشرقة مرهفة؛ فالقنوت والطاعة والتوجه وهو ساجد وقائم، وهذه الحساسية المرهفة وهو يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه، وهذا الصفاء وهذه الشفافية التي تفتح البصيرة، وتمنح القلب نعمة الرؤية والالتقاط والتلقي، هذه كلها ترسم صورة مشرقة مضيئة من البشر تقابل تلك الصورة النكدة المطموسة التي رسمتها الآية السابقة، فلا جرم يعقد هذه الموازنة78.

رابعًا: الحذر من الفتن:

أعظم فتنة قد تصيب العبد: فتنة الإعراض والصد عن الصراط المستقيم، ولقد حذر الله نبيه صلى الله عليه وسلم من هذه الفتنة، فقال تعالى: ( ﯫﯬ ﯶﯷ ) [المائدة: ٤٩].

وذكر الواحدي في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس قال: إن جماعة من اليهود منهم كعب بن أسيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد عليه الصلاة والسلام ؛ لعلنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم، وأنا إن اتبعناك؛ اتبعنا اليهود ولن يخالفونا، وإن بيننا وبين قوم خصومة ونحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم، ونحن نؤمن بك ونصدقك، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله تعالى فيهم: ( ) 79.

«والمعنى: وأنزلنا إليك الكتاب -يا محمد- فيه حكم الله، وأنزلنا إليك فيه أن أحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود الذين اتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، واحذرهم أن يضلوك أو يصدوك عن بعض ما أنزلناه إليك -ولو كان أقل قليل-؛ بأن يصوروا لك الباطل في صورة الحق، أو بأن يحاولوا حملك على الحكم الذي يناسب شهواتهم، وقد كرر سبحانه على نبيه صلى الله عليه وسلم وجوب التزامه في أحكامه بما أنزل الله؛ لتأكيد هذا الأمر في مقام يستدعى التأكيد؛ لأن اليهود كانوا لا يكفون عن محاولتهم فتنته صلى الله عليه وسلم وإغرائه بالميل إلى الأحكام التي تتفق مع أهوائهم، ولأنه قد جاء في الآية السابقة ما قد يوهم بأن لكل قوم شريعة خاصة بهم ( ) وأن حكم القرآن ليس له صفة العموم فأراد سبحانه أن ينفى هذا الوهم نفيًا واضحًا وأن يؤكد أن شريعة القرآن هي الشريعة العامة الخالدة، التي يجب أن يتحاكم إليها الناس في كل زمان ومكان؛ لأنها نسخت ما سبقها من شرائع»80.

وإنما حذره وهو رسول مأمون؛ لقطع أطماع القوم81.

وقد جاء هذا التحذير مسبوقًا بأمرين، سبق بمقدمةٍ له وهذه المقدمة جاءت بأسلوبين:

أحدهما أمر، وهو ()، والآخر نهي وهو ( ). وهذا فيه تأكيد لأهمية المحذّر منه.

قال سيد قطب: فالتحذير هنا أشد وأدق، وهو تصوير للأمر على حقيقته، فهي فتنة يجب أن تحذر، والأمر في هذا المجال لا يعدو أن يكون حكمًا بما أنزل الله كاملًا، أو أن يكون اتباعًا للهوى وفتنة يحذر الله منها... فإن تولوا فلا عليك منهم، ولا يفتنك هذا عن الاستمساك الكامل بحكم الله وشريعته، ولا تجعل إعراضهم يفت في عضدك أو يحولك عن موقفك؛ فإنهم إنما يتولون ويعرضون؛ لأن الله يريد أن يخزيهـم على بعض ذنوبهم، فهم الذين سيصيبهم السوء بهذا الإعراض، لا أنت ولا شريعة الله ودينـه، ولا الصـف المسلم المستمسك بدينه، ثم إنها طبيعة البشر ( ) فهم يخرجـون وينحرفون؛ لأنهم هكذا، ولا حيلة لك في هذا الأمر، ولا ذنب للشريعة، ولا سبيل لاستقامتهم على الطريق82.

وفي الآية دليل على جواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه قال: ( ) وإنما يكون ذلك عن نسيان لا عن تعمد83.

وفي هذه الآية تحذير شديد من اتباع أهواء الناس خشية الإضلال عن الحق، ووجوب الحكم في كل القضايا بما أنزل الله، ولا يجوز الاحتكام إلى أية شريعة، أو قانون غير الوحي الإلهي، المتمثل في الكتاب والسنة.

فليحذر المسلم من الانزلاق إلى متابعة الهوى، وترك الحق بحجة تكثير السواد، أو بحجة قبول الدعوة وانتشارها؛ فإنّ دعوة الله ليست بحاجة إلى تكثير سواد أتباعها من طريق الخيانة، وإرضائهم بالباطل وبما يسخط الله تعالى .

خامسًا: الحذر من الموت:

حذر الله سبحانه وخوف من الموت كثيرًا؛ لكي يبتعد الإنسان عن المعاصي، ويقترب من الطاعات، إلا أن لفظ الحذر من الموت لم يرد في القرآن الكريم بصورته الصريحة إلا في موضعين في القرآن الكريم:

١. حذر الموت من شدة الصواعق.

ذكر الله تعالى حال المنافقين ومن أي شيء يحذرون، فقال تعالى: ( ﭹﭺ ) [البقرة: ١٩].

فمثّل الله تعالى بهذا المثل المائي؛ لبيان مدى الاضطراب والحيرة الذي يعيشه المنافقون، بسبب اختلاف المواقف، والخوف والحذر من تعرضهم للموت والهلاك؛ بانكشاف أمرهم وافتضاح حالهم.

المعنى: مثلهم كصاحب صيب من السماء، وهو المطر الذي يصوب، أي: ينزل بكثرة، ( ) ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمات المطر، () وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، () وهو الضوء اللامع المشاهد مع السحاب، ( ) البرق في تلك الظلمات ( ﮋﮌ) أي: وقفوا.

فهكذا حال المنافقين، إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده؛ جعلوا أصابعهم في آذانهم، وأعرضوا عن أمره ونهيه ووعده ووعيده، فيروعهم وعيده وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم، ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد، ويجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت، فهذا تمكن له السلامة. وأما المنافقون فأنى لهم السلامة، وهو تعالى محيط بهم، قدرة وعلمًا فلا يفوتونه ولا يعجزونه، بل يحفظ عليهم أعمالهم، ويجازيهم عليها أتم الجزاء.

ولما كانوا مبتلين بالصمم، والبكم، والعمى المعنوي، ومسدودة عليهم طرق الإيمان، قال تعالى: ( ) أي: الحسيّة، ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبة الدنيوية؛ ليحذروا، فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، ( ) فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه إذا شاء شيئًا فعله من غير ممانع ولا معارض84.

وقال البقاعي في معنى الآية: أو مثلهم في سماع القرآن الذي فيه المتشابه والوعيد والوعد كأصحاب صيب، أي: مطر عظيم نازل من السماء، ومثّل القرآن بهذا؛ لمواترة نزوله وعلوه وإحيائه القلوب كما أن الصيّب يحيي الأرض، ثم أخبر عن حاله بقوله: فيه ظلمات؛ لكثافة السحاب واسوداده، ورعد، أي: صوت مرعب يرعد عند سماعه، وبرق، أي: نور مبهت، والظلمات مثل ما لم يفهموه، والرعد ما ينادي عليهم بالفضيحة والتهديد، والبرق ما يلوح لهم معناه، ويداخلهم رأي في استحسانه، ولما تم المثل القرآني استأنف الخبر عن حال الممثّل لهم، فقال: يجعلون أصابعهم، أي: بعضها، ولو قدروا لحشو الكل؛ لشدة خوفهم من الصواعق؛ لأن هولها يكاد أن يصم، ثم علل ذلك بقوله: ( ) والحال أنه لا يغنيهم من قدره حذر85.

فالحركة التي تغمر المشهد كله: من الصيب الهاطل، إلى الظلمات والرعد والبرق، إلى الحائرين المفزعين فيه، إلى الخطوات المروعة الوجلة، التي تقف عندما يخيم الظلام ترسم حركة التيه والاضطراب والقلق والأرجحة التي يعيش فيها أولئك المنافقون، بين لقائهم للمؤمنين، وعودتهم للشياطين، وبين ما يقولونه لحظة ثم ينكصون عنه فجأة، وبين ما يطلبونه من هدى ونور وما يفيئون إليه من ضلال وظلام، فهو مشهد حسي يرمز لحالة نفسية ويجسم صورة شعورية، وهو طرف من طريقة القرآن العجيبة في تجسيم أحوال النفوس كأنها مشهد محسوس86.

٢. حذر الموت لا يمنع قدر الله.

قال تعالى: ( ﮪﮫ ) [البقرة: ٢٤٣].

أي: ألم تسمع بهذه القصة العجيبة الجارية على من قبلكم من بني إسرائيل، حيث حل الوباء بديارهم، فخرجوا بهذه الكثرة؛ فرارًا من الموت، فلم ينجهم الفرار، ولا أغنى عنهم من وقوع ما كانوا يحذرون؛ فعاملهم بنقيض مقصودهم، وأماتهم الله عن آخرهم، ثم تفضل عليهم، فأحياهم87.

قال ابن عاشور: وقد اختلف في المراد من هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم، والأظهر أنهم قوم خرجوا خائفين من أعدائهم فتركوا ديارهم جبنًا، وقرينة ذلك عندي قوله تعالى: ( ) فإنه الجملة حال، وهي محل التعجب، وإنما تكون كثرة العدد محلًّا للتعجب، إذا كان المقصود الخوف من العدو، فإن شأن القوم الكثيرين ألا يتركوا ديارهم خوفًا وهلعًا، والعرب تقول للجيش إذا بلغ الألوف: لا يغلب من قلة، فقيل: هم من بني إسرائيل خالفوا على نبي لهم في دعوته إياهم للجهاد، ففارقوا وطنهم؛ فرارًا من الجهاد، وهذا الأظهر، فتكون القصة تمثيلًا لحال أهل الجبن في القتال بحال الذين خرجوا من ديارهم بجامع الجبن88.

فهذا هو الخوف والحذر الذي يولده الجبن في أنفس الجبناء، فيخيل إليهم أن الفرار من القتال هو الواقي من الموت، وما هو إلا وسيلة تدنـي إليه، فهو يمكن العدو من الرقاب، ويحفزه إلى الفتك بهم، استهانة بأمرهم89.

وفي هذه الآية دليل على أن الأسباب لا تنفع مع القضاء والقدر، وخصوصًا الأسباب التي تترك بها أوامر الله. وفيها: آية عظيمة بإحياء الموتى عيانًا في هذه الدار90.

سادسًا: الحذر من العدو:

خاطب الله المؤمنين، وأمرهم بجهاد الكفار والخروج في سبيل الله وحماية الشرع، وأمرهم أن لا يقتحموا على عدوهم على جهالة؛ حتى يتحسسوا ما عندهم ويعلموا كيف يردون عليهم، فذلك أثبت لهم، فقال تعالى: ( ﯡﯢ ) [النساء: ٧١-٧٣ ].

قال السعدي: «يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين، وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على قتالهم، ويستدفع مكرهم وقوتهم، من استعمال الحصون والخنادق، وتعلم الرمي والركوب، وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك، وما به يعرف مداخلهم، ومخارجهم، ومكرهم، والنفير في سبيل الله.

ولهذا قال: ( ) أي: متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش، ويقيم غيرهم ( ) وكل هذا تبع للمصلحة والنكاية، والراحة للمسلمين في دينهم، وهذه الآية نظير قوله تعالى: ( ).

ثم أخبر عن ضعفاء الإيمان المتكاسلين عن الجهاد فقال: ( ) أي: أيها المؤمنون ( ) أي: يتثاقل عن الجهاد في سبيل الله ضعفًا وخورًا وجبنًا، هذا الصحيح.

وقيل معناه: ليبطئن غيره، أي: يزهده عن القتال، وهؤلاء هم المنافقون، ولكن الأول أولى لوجهين:

أحدهما: قوله () والخطاب للمؤمنين.

والثاني: قوله في آخر الآية: ( ).

فإن الكفار من المشركين والمنافقين قد قطع الله بينهم وبين المؤمنين المودة، و أيضًا فإن هذا هو الواقع، فإن المؤمنين على قسمين:

نماذج قرآنية من الحذرين

ثمرات الحذر المحمود


1 مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٣٧.

2 لسان العرب، ابن منظور ٤/١٧٦.

3 الكليات، الكفوي ص٤٠٩.

4 تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٥/٢٠٤.

5 مرقاة المفاتيح، الملا على القاري ٨/٣١٦٢.

6 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ١٩٦.

7 انظر: الوجوه والنظائر، الدامغاني، ص١٩١.

8 مقاييس اللغة، ابن فارس، ٢/٢٣٠.

9 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٠٣.

10 التعريفات، الجرجاني، ص ١٠١.

11 دليل الفالحين، البكري، ٤/٢٨٣.

12 الفروق اللغوية، العسكري ص ٢٤٠.

13 انظر: الصحاح، الجوهري ٣/٨٧٣، مختار الصحاح، الرازي، ص ٧٠.

14 مجمل اللغة، ابن فارس ص ٢٢٥.

15 التوقيف، المناوي، ص ٤٠.

16 الفروق اللغوية، العسكري ص ٢٤٠.

17 العين، الفراهيدي ٨/٣٨٨.

18 التعريفات، الجرجاني، ص ٣٧.

19 التوقيف، المناوي، ص ٦٣.

20 التفسير الوسيط، طنطاوي ١/٥٤٠.

21 التفسير المنير، الزحيلي ٥/٣٣٠.

22 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣١.

23 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٨٦.

24 التفسير المنير، الزحيلي ٢٠/ ٧٧.

25 في ظلال القرآن، سيد قطب ٤/٢١٤٩.

26 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، ٥/٥٨، رقم ٣٩٠٥.

27 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب من أراد غزوة فورى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس، ٤/٤٨، رقم ٢٩٤٨، ومسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، ٤/٢١٢٨، رقم ٢٧٦٩.

28 فيض القدير، المناوي ٥/٩٧.

29 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ٨/٣١، رقم ٦١٣٣، ومسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ٤/٢٢٩٥، رقم ٢٩٩٨.

30 شرح السنة، البغوي، ١٣/ ٨٨.

31 التفسير الوسيط، طنطاوي ١/٥٥٥.

32 في ظلال القرآن، سيد قطب، ١/٢٦٤.

33 التفسير المنير، الزحيلي ١٠/٢٨٩.

34 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ٨/١٩٥.

35 المصدر السابق ٨/١٩٦.

36 جامع البيان، الطبري ٦/٣١٣.

37 أي: يألفونهم ويوالونهم.

38 انظر: أسباب النزول، الواحدي ص ١٠٢.

39 في ظلال القرآن، سيد قطب، ١/٣٨٦.

40 تفسير المراغي ٣/١٣٨.

41 التفسير الوسيط، طنطاوي ٢/ ٧٦.

42 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣١.

43 مفاتيح الغيب، الرازي ٨/١٩٥.

44 في ظلال القرآن، سيد قطب، ١/٣٨٦.

45 البحر المحيط، أبو حيان، ٣/١٠٢.

46 إغاثة اللهفان، ابن القيم ٢/١٧٥.

47 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٢٧.

48 التفسير القرآني للقرآن، عبدالكريم الخطيب، ١/٢٨٣.

49 جامع البيان، الطبري ٥/١١٧.

50 تفسير المراغي، ٢/١٩٥.

51 روح المعاني، الألوسي ١/٥٤٥.

52 في ظلال القرآن، سيد قطب ١/٢٥٦.

53 التفسير القيم، ابن القيم ص ١٥٠.

54 التفسير المنير، الزحيلي ٢/٣٧٩.

55 المصدر السابق ٢/٣٨٢.

56 أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، ٨/٢٦٥٦، رقم ١٤٩٣٤.

57 معالم التنزيل، البغوي، ٣/٤٣٣.

58 التفسير المنير، الزحيلي ١٨/٣١٦.

59 روح المعاني، الألوسي ٩/٤١٤.

60 تفسير المراغي ١٨/١٤١-١٤٢.

61 في ظلال القرآن، سيد قطب ٤/٢٥٣٥.

62 التفسير القرآني للقرآن، عبدالكريم الخطيب ٩/١٣٣٤.

63 التفسير الحديث، محمد عزت دروزة، ٨/٤٥٤.

64 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٣٢٢.

65 أخرجه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة، ٢/٦٦٤، رقم ٧٢٠.

66 اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل، ٦/٤٥٦.

67 جامع البيان، الطبري ١٧/٤٧١.

68 أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: (قل ادعوا الذين زعمتهم من دونه)، ٦/٨٥، رقم ٤٧١٤.

69 النكت والعيون، الماوردي ٣/٢٥٠.

70 التفسير الوسيط، الزحيلي ٢/١٣٦١.

71 التفسير الوسيط، طنطاوي ٨/٣٧٧.

72 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٥/٨٩.

73 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٥/١٧٩.

74 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (في لوح محفوظ)، ٩/١٦٠، رقم ٧٥٥٣، ومسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، ٤/٢١٠٨، رقم ٢٧٥١.

75 روح المعاني، الألوسي ٨/٩٥.

76 أيسر التفاسير، الجزائري ٣/ ٢٠٨.

77 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٧٢٠.

78 في ظلال القرآن، سيد قطب، ٥/٣٠٤٢.

79 أسباب النزول ص ١٩٨.

80 التفسير الوسيط، طنطاوي ٤/١٨٥.

81 مدارك التنزيل، النسفي ١/٤٥٢.

82 في ظلال القرآن، سيد قطب، ٢/٩٠٤.

83 التفسير المنير، الزحيلي ٦/٢٢١.

84 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٤٤.

85 نظم الدرر، البقاعي ١/١٢٢.

86 انظر: في ظلال القرآن ١/٤٦.

87 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٩٥١.

88 التحرير والتنوير، ٢/٤٧٧.

89 تفسير المراغي ٢/٢٠٧.

90 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٠٧.

91 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٨٦.

92 أحكام القرآن، ابن العربي، ١/٥٨١.

93 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٥/ ١١٧.

94 في ظلال القرآن ٢/٧٠٥.

95 التفسير الوسيط، الزحيلي ١/٣٤٤.

96 أسباب النزول ص ١٨٠.

97 التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي ١/ ٢٧٩.

98 الكشاف، الزمخشري ١/٥٦٠.

99 مفاتيح الغيب، الرازي ١١/٢٠٦.

100 في ظلال القرآن، سيد قطب، ٢/٧٤٨.

101 التفسير الواضح، الحجازي ١/٤٢٢.

102 أنوار التنزيل، البيضاوي ٢/٩٤.

103 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ٤/١٨٥٤، رقم ٢٣٨١.

104 التفسير القرآني للقرآن، عبدالكريم الخطيب، ٤/٢١- ٢٢.

105 أسباب النزول ص ٢٠٧.

والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، ٤/١٨٧٧، رقم ١٧٤٨.

106 أخرجه النسائي، كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر قال الله تبارك وتعالى: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكما العداوة والبغضاء في الخمر والميسر)، ٨/٢٨٦، رقم ٥٥٤٠.

107 التفسير المنير، الزحيلي، ٧/٤٦

108 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٢٤٣.

109 التفسير الوسيط، طنطاوي ٤/٢٧٩.

110 التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٧/٣٠.

111 لباب التأويل، الخازن ٢/٧٦.

112 التفسير المنير، الزحيلي ٢٨/ ٢١٧.

113 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٨٦٤.

114 التفسير الوسيط، الواحدي ٤/٣٠٣.

115 في ظلال القرآن، ٦/٣٥٧٤.

116 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٨/١٢٦.

117 أضواء البيان، الشنقيطي ٨/١٩٢.

118 روح المعاني، الألوسي ١٤/٣٠٦.

119 التفسير الوسيط، الزحيلي ٣/٢٦٧٥.

120 أسباب النزول ص ٤٣٤.

وأخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة التغابن ٥/٤١٩، رقم ٣٣١٧.

121 جامع البيان، الطبري ٢٣/٤٢٤.

122 أحكام القرآن، ابن العربي ٤/٢٦٤.

123 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب، ٦/٣٥٨٩.

124 زاد المسير، ابن الجوزي ٤/٢٩٤.

125 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٨٦٨.

126 أسباب النزول، الواحدي، ص ٢٦٣.

127 إعراب القرآن، النحاس ٢/١٣٧.

128 اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ١٠/ ٢٣٩.

129 جامع البيان، ١٤/٥٧٣.

130 في ظلال القرآن، ٣/١٧٣٤.

131 فتح القدير، الشوكاني ٢/٤٧٤.

132 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١١/٦٢.

133 فتح القدير، الشوكاني ٢/٤٧٤.

134 اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ٦/٥٢٢.

135 روح البيان، إسماعيل حقي ٣/٥٣٥.

136 التفسير المظهري ٤/٣٢٥.

137 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٥٥.

138 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ٨/١٢٤.

139 جامع البيان، الطبري ١٤/٣٣١.

140 أسباب النزول ص ٢٥٠.

141 التفسير المنير، الزحيلي ١٠/٢٨٩.

142 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، ٣/١٣٢٧، رقم ١٧٠٠.

143 التفسير المنير، الزحيلي ٦/١٩٥.

144 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٦/٢٠٠.

145 التفسير الوسيط، طنطاوي ٤/١٥٧.

146 في ظلال القرآن، سيد قطب، ٢/٨٩٢.

147 جامع البيان، الطبري ١٩/٥١٨.

148 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/ ٢٢١.

149 في ظلال القرآن، سيد قطب، ٥/٢٦٧٤.

150 التفسير المنير، الزحيلي، ١٩/١٥٨.

151 في ظلال القرآن، سيد قطب، ٥/٢٥٩٨.

152 التفسير الوسيط، طنطاوي، ١٠/٢٥٠.

153 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة، ٤/٢٢١٧، رقم ٢٨٩٢.

154 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، ٣/١٣٤٣، رقم ١٧١٨.

155 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٨٩-٩٠.

156 في ظلال القرآن، سيد قطب، ٢/٩٧٦.

157 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ٩/٥١، رقم ٧٠٨١، ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب نزول الفتن كمواقع القطر، ٤/٢٢١١، رقم ٢٨٨٦.

158 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب التواضع، ٨/١٠٥، رقم ٦٥٠٢.

159 التفسير الوسيط، طنطاوي ١١/١٥١.

160 التفسير المنير، الزحيلي ٢٣/٢٥٨.

161 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٥٧.

162 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٥/٢٧٣.

163 فتح القدير، الشوكاني ١/٥٨٧.

164 روح المعاني، الألوسي ٣/١٣١.

165 تفسير المراغي ٥/١٤١.

166 روح المعاني، الألوسي ١/٥٤٥.

167 معالم التنزيل، البغوي، ١/٣١٩.

168 المحرر الوجيز، ابن عطية ١/ ٣١٨.

169 فتح القدير، الشوكاني ١/٣٨١.

170 أخرجه الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، ٤/٦٣٣، رقم ٢٤٥٠.

171 مرقاة المفاتيح، الملا علي القاري ٨/٣٣٥١.