عناصر الموضوع

مفهوم الحجاب

الألفاظ ذات الصلة

القرآن وستر المرأة

المرأة والزينة

ضوابط التعامل بين الجنسين

الأساليب الوقائية لحفظ الأعراض

فوائد الحجاب

حجاب المرأة

مفهوم الحجاب

أولًا: المعنى اللغوي:

قول ابن فارس: «الحاء والجيم والباء أصل واحد، وهو المنع. يقال: حجبته عن كذا، أي منعته»1.فالحجب والحجاب: المنع من الوصول، يقال: حجبه أي: منعه حجبًا وحجابًا، ومنه قيل للستر الذي يحول بين شيئين: حجاب؛ لأنه يمنع الرؤية بينهما، وسمي حجاب المرأة حجابًا لأنه يمنع المشاهدة، وقيل للبواب: حاجب؛ لأنه يمنع من الدخول عليه إلا بإذنه خشية الأذى يصيبه، وكل شيء منع شيئًا فقد حجبه كما تحجب الإخوة الأمّ عن فريضتها، فإنهم يحجبون الأم عن الثلث إلى السّدس.

والحاجبان من الرأس لكونهما كالحاجبين للعينين في الذبّ عنهما، واحتجب الملك عن الناس، وتحجّب: إذا اكتنّ من وراء حجاب2.

وهكذا يبدو لنا أن مادة الحجاب في لغة العرب تدور بين الستر والمنع.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

وردت عدة تعريفات شرعية للحجاب، يدور أغلبها حول جانب معين منه، غير جامع لكل أركانه ومقوماته، ومما يساعد على وضع تعريف جامع للحجاب هو معرفة الغرض منه، فإن الحجاب أحد التدابير الوقائية التي شرعت من أجل منع وقوع الفتنة بين الرجال والنساء من جهة الشهوة.

إذن «فالحجاب لفظ ينتظم جملة من الأحكام الشرعية الاجتماعية المتعلقة بوضع المرأة في المجتمع الإسلامي، من حيث علاقتها بمن لا يحل لها أن تظهر زينتها أمامهم»3.

فالمعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي، فكلاهما يدوران حول الستر المانع من النظر.

الألفاظ ذات الصلة

الخمار:

الخمار لغة:

الخمار من الخمر، وأصله الستر، يقال: خمر الشيء يخمره خمرًا، وأخمره أي ستره، وكل مغطى مخمر، يقال: خمّرت الإناء أي غطّيته، وكل ما يستر شيئًا فهو خماره4.

الخمار اصطلاحًا:

ثوب تتجلل به المرأة فوق ثيابها كلها، تستر به الرأس والصدغين أو العنق5.

قال تعالى: ( ) [النور: ٣١].

الصلة بين الحجاب والخمار:

بالتأمل في مفهوم الحجاب والخمار، يتبين أن الحجاب أعم من الخمار، فالحجاب قد يكون بالثياب وغيرها، والخمار لا يكون إلا بلباس.

الجلباب:

الجلباب لغة:

الجلباب في لغة العرب: يطلق على الثوب المشتمل على الجسد كله، وعلى الخمار، وعلى ما يلبس فوق الثياب كالملحفة والملاءة تشتمل بها المرأة6.

الجلباب اصطلاحًا:

كساء كثيف تشتمل به المرأة من رأسها إلى قدميها، ساتر لجميع بدنها وما عليه من ثياب وزينة.

ويقال له: الملاءة، والملحفة، والرداء، والدثار، والكساء.

وصفة لبسها: أن تضعها فوق رأسها ضاربة بها على خمارها وعلى جميع بدنها وزينتها، حتى تستر قدميها7.

قال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٥٩].

الصلة بين الحجاب والجلباب:

الحجاب أعم من الجلباب، فالحجاب يكون بالجلباب وغيره.

النقاب:

النقاب لغة:

قال ابن فارس: «النون والقاف والباء أصل صحيح يدل على فتح في شيء»8.

وسمي النقاب نقابًا لوجود نقبين في مواجهة العينين لمعرفة الطريق.

النقاب اصطلاحًا:

القناع الذي تضعه المرأة على مارن أنفها بحيث يظهر عينيها ومحاجرهما9، وهو ما يسمى باللفام، فإن كان لا يظهر منه إلا عيناها فقط سمي برقعًا10.

الصلة بين الحجاب والنقاب:

النقاب أخص من الحجاب، فالنقاب يغطي جزءًا من البدن، وهو الوجه، والحجاب يغطي البدن كله، والحجاب قد يكون بالنقاب وغيره. فمهوم الحجاب أشمل وأعم من مفهوم النقاب.

الغطاء:

الغطاء لغة:

تدور مادة (غطى) حول الغشاء والستر. قال ابن فارس: «الغين والطاء والحرف المعتل يدل على الغشاء والستر. يقال: غطيت الشيء وغطيته. والغطاء: ما تغطى به. وغطا الليل يغطو، إذا غشى بظلامه»11.

الغطاء اصطلاحًا:

ما غطّت به المرأة جسدها وزينتها12.

الصلة بين الحجاب والغطاء:

يلاحظ أن الحجاب أعم من الغطاء من ناحيتين:

الغطاء يكون باللباس، والحجاب باللباس وغيره.

الغطاء لا يكون إلا ملاصقًا، والحجاب قد يكون ملاصقًا بالثياب، وقد يكون غير ذلك13.

الستر:

الستر لغة:

قال ابن فارس: «السين والتاء والراء كلمة تدل على الغطاء. تقول: سترت الشيء سترا. والسترة: ما استترت به، كائنًا ما كان. وكذلك الستار»14.

الستر اصطلاحًا:

ما تستر به المرأة نفسها.

الصلة بين الحجاب والستر:

يشترك الحجاب والستر في ما يستر المرأة ويحجبها كائنًا ما كان، ويفترقان في أمور ذكرها أبو هلال العسكري فقال: «تقول: حجبني فلان عن كذا، ولا تقول: سترني عنه، وتقول: احتجبت بشيء كما تقول: تستّرت به. فالحجاب هو المانع والممنوع به، والستر هو المستور به، ويجوز أن يقال: حجاب الشيء ما قصد ستره، ألا ترى أنك لا تقول لمن منع غيره من الدخول إلى الرئيس داره من غير قصد المنع له: أنه حجبه، وإنما يقال: حجبه إذا قصد منعه...، وفرق آخر: أن الستر لا يمنع من الدخول على المستور، والحجاب يمنع»15.

التبرج:

التبرج لغة:

مصدر قولهم: تبرّجت المرأة تتبرّج، وهو مأخوذ من مادّة (ب ر ج) الّتي تدلّ على معنيين:

الأوّل: البروز والظّهور، والثّاني: الوزر والملجأ فمن الأوّل: البرج وهو سعة العين في شدّة سواد وشدّة بياض بياضها، ومن ذلك التّبرّج، وهو إظهار محاسنها، ومن الأصل الثّاني: البرج وهو واحد بروج السّماء، وأصل البروج: الحصون والقصور، وذكر الرّاغب: أنّ التّبرّج مأخوذ من الثّوب المبرّج أي الّذي صوّر عليه البروج، يقال: ثوب مبرّج: صوّرت عليه بروج فاعتبر حسنه، فقيل: تبرّجت المرأة أي تشبّهت به في إظهار المحاسن، وقيل: اشتقاق ذلك من البرج وهو القصر، ومن ثمّ يكون معنى تبرّجت ظهرت من برجها أي قصرها، وقال المبرّد: إنّ التّبرّج مأخوذ من السّعة، يقال في أسنانه برج إذا كانت متفرّقة16.

التبرج اصطلاحًا:

كل زينة أو تجمّل تقصد المرأة بإظهاره أن تحلو في أعين الأجانب، حتى القناع الذي تستتر به المرأة إن انتخب من الألوان البارقة، والشكل الجذّاب لكي تلذّ به أعين الناظرين، فهو من مظاهر تبرج الجاهلية أيضًا17.

قال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٣٣].

الصلة بين الحجاب والتبرج:

التبرج مضاد للحجاب، فهما نقيضان لا يجتمعان، فالحجاب مقصود به الستر، والتبرج ضده.

السفور:

السفور لغة:

السفور: مأخوذ من السّفر، وهو كشف الغطاء، قال ابن فارس: «السين والفاء والراء أصل واحد يدل على الانكشاف والجلاء»18 ويختص بالأعيان، فيقال: امرأة سافر، وامرأة سافرة، إذا كشفت الغطاء والخمار عن وجهها، ولهذا قال سبحانه: ( ) [عبس: ٣٨].

أي: مشرقة19، فخص سبحانه الإسفار بالوجوه دون بقية البدن.

السفور اصطلاحًا:

السفور في الاصطلاح هو: كشف المرأة وجهها20.

وهناك فرق بين التبرج والسفور: أن «التبرج يكون بإبداء الوجه أو غيره من البدن أو من الزينة المكتسبة، فالسفور أخص من التبرج، وأن المرأة إذا كشفت عن وجهها فهي سافرة متبرجة، وإذا كشفت عما سوى الوجه من بدنها أو الزينة المكتسبة فهي متبرجة حاسرة»21.

والبعض من أهل العلم يرى أنهما متقاربان، فقد خرج السفور اليوم عن معناه في أصل اللغة، وتحول إلى التبرج الفاحش والاختلاط المزري بالأجانب22.

الصلة بين الحجاب والسفور:

السفور ضد الحجاب، فهما نقيضان لا يجتمعان.

القرآن وستر المرأة

لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه، ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها، ويحفظ كرامتها، ويحميها من الألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدي الباطشة.

ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أنه ربّاها على الستر، بأن فرض عليها ضوابط في ملبسها وزينتها وعلاقتها بالرجال، وهذه الضوابط التي فرضها عليها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد، وتجفيف منابع الافتتان بها.

ويدور ستر القرآن للمرأة حول أصلين:

الأصل الأول: أمر المرأة بالقرار في بيتها:

الأصل لزوم المرأة بيتها، فهو عزيمة شرعية في حقها، وخروجها من البيت رخصة لا تكون إلا لضرورة أو حاجة.

قال الله تعالى: ( ﭽﭾ ﭿ ﮅﮆ ) [الأحزاب: ٣٣].

حيث أمر سبحانه أمهات المؤمنين -وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت؛ لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد؛ لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى شرور عدة، كالتبرج والخلوة بالأجنبي، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر، وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة، وذلك بأن يكنّ على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة، اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهّرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب.

وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارًا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة، ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها، وخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها، وقلق قلبها، وضيق صدرها، وتعريضها لما لا تحمد عقباه.

والأمر بالقرار في البيوت ليس خاصًّا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهن من النساء؛ لأنه إذا كانت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمرن بالقرار في البيوت مع تقواهن وطهارتهن، فما بال غيرهن من النساء؟! إنهن أولى من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأن يؤمرن بالقرار في البيوت.

قال الإمام القرطبي: «وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى. هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة»23.

وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أن الأصل للنساء هو القرار في البيوت، لأجل هذا ليس على النساء حضور المسجد، لا لصلاة الجماعة أو الجمعة.

وقرّر النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد مع الجماعة، وليس ذلك إلا حرصًا من الشريعة الغراء على إبقاء النساء في البيوت، فعن أم حميد الساعدية أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! إني أحب الصلاة معك. فقال: (قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي)24.

وأمر المرأة بلزوم البيت ليس فيه تعطيل لنصف المجتمع -كما يدعي العلمانيون وغيرهم- فهل تعتبر المرأة عاطلة إذا قرّت في البيت وتفرّغت لتربية الجيل الجديد، الذي يرجى بإصلاحه صلاح الأمم، وبإفساده يتحقق فساد الأمم؟

ولا يخفى أن خروج المرأة من بيتها لغير ضرورة أو حاجة له آثار سيئة على الأسرة والمجتمع.

لكن من الأمور الواجب التنبيه عليها ظهور سماحة الإسلام في إباحته الخروج للمرأة عند الضرورة، كطلب العلم من السنوات الأولى حتى تسنّم أعلى الشهادات العلمية، طالما احتشمت المرأة وأخذت بأسباب التصون، كما أباح الإسلام للمرأة العمل في كل ما يتناسب مع طبيعتها وتكوينها، خاصة إذا احتاجت إلى العمل، أو احتاج إليها العمل النوعي الذي يتفق مع كيانها ومكانتها.

ومن النصوص التي تدل على جواز خروج المرأة عند وجود الحاجة، ما جاء عن عائشة رضي الله عنها، قالت: خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، قالت: فانكفأت راجعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشى وفي يده عرق25، فدخلت فقالت: يا رسول الله، إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه ثم رفع عنه، وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: (إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)26.

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)27.

الأصل الثاني: آداب يجب على المرأة مراعاتها عند خروجها من بيتها:

حينما قرر الإسلام أن الأصل قرار المرأة في بيتها، فقد سمح لها بالخروج في بعض الأحوال، ولما كان الشيطان يستغل خروج المرأة لنشر الفاحشة والفساد، كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها28 الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها)29.

ومن أجل ذلك فقد شرع الإسلام ضوابط لخروج المرأة؛ حتى لا يتمكن الشيطان من استغلال خروجها لنشر الفاحشة.

ومن هذه الضوابط:

١. الالتزام بالحجاب الشرعي.

حيث يجب شرعًا على جميع نساء المؤمنين التزام الحجاب الشرعي، الساتر لجميع الزينة المكتسبة من ثياب وحلي وغيرها من كل رجل أجنبي.

فعلى المرأة المسلمة ألا تخرج إلا متحجبة بالحجاب الكامل من فوق الرأس، وتغطي القدمين، ويعرف أهمية تغطية القدمين من قوله تعالى: ( ) [النور: ٣١].

قال أبو السعود: «وفي النّهي عن إبداء صوت الحليّ بعد النّهي عن إبداء عينها من المبالغة في الزّجر عن إبداء موضعها مالا يخفى»30.

ويتضح هذا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة). فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن! قال: (يرخينه شبرًا)، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: (فيرخينه ذراعًا، ولا يزدن عليه)31.

فيظهر من قول أم سلمة رضي الله عنها أن وجوب ستر القدمين كان أمرًا شائعًا معروفًا بين المسلمين.

وقد اتفق العلماء على أنه يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها عند وجود الفتنة، ورقة الدين، وفساد الزمان، واختلفوا إذا أمنت الفتنة على قولين:

القول الأول: أكثر أهل العلم على وجوب تغطية الوجه والكفين.

ومن أدلتهم:

الدليل الأول: قوله تعالى: ( ﮮﮯ ﯗﯘ ﯝﯞ ﯥﯦ ﯪﯫ ﯹﯺ ﯿ ) [الأحزاب: ٥٣].

هذه الآية عرفت باسم آية الحجاب؛ لأنها أول آية نزلت بشأن فرض الحجاب على أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين، وكان نزولها في شهر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة32.

وسبب نزولها ما ثبت من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قلت: (يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب)33.

ولما نزلت حجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه عن الرجال الأجانب عنهن، وحجب المسلمون نساءهم عن الرجال الأجانب عنهن، بستر أبدانهن من الرأس إلى القدمين، وستر ما عليها من الزينة المكتسبة، فالحجاب فرض عام على كل مؤمنة مؤبد إلى يوم القيامة، وقد تنوعت دلالة هذه الآيات على هذا الحكم من الوجوه الآتية:

الوجه الأول: لما نزلت هذه الآية حجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، وحجب الصحابة نساءهم، بستر وجوههن وسائر البدن والزينة المكتسبة، واستمر ذلك في عمل نساء المؤمنين، هذا إجماع عملي دال على عموم حكم الآية لجميع نساء المؤمنين، ولهذا قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: «( ) يقول: وإذا سألتم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا، فاسألوهن من وراء حجاب، يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن»34.

الوجه الثاني: في قول الله تعالى في آية الحجاب: ( ﯪﯫ) علة لفرض الحجاب في قوله سبحانه: ( ﯥﯦ) بمسلك الإيماء والتنبيه، وحكم العلة عام لمعلولها هنا؛ لأن طهارة قلوب الرجال والنساء وسلامتها من الريبة مطلوبة من جميع المسلمين، فصار فرض الحجاب على نساء المؤمنين من باب الأولى من فرضه على أمهات المؤمنين، وهن الطاهرات المبرآت من كل عيب ونقيصة رضي الله عنهن .

فاتضح أن فرض الحجاب حكم عام على جميع النساء لا خاصًّا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن عموم علة الحكم دليل على عموم الحكم فيه، وهل يقول مسلم: إن هذه العلة: ( ﯪﯫ) غير مرادة من أحد من المؤمنين؟ فيالها من علة جامعة لم تغادر صغيرة ولا كبيرة من مقاصد فرض الحجاب إلا شملتها35.

الوجه الثالث: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إلا إذا قام دليل على التخصيص، وكثير من آيات القرآن ذوات أسباب في نزولها، وقصر أحكامها في دائرة أسبابها بلا دليل تعطيل للتشريع، فما هو حظ المؤمنين منها؟

الوجه الرابع: زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات لجميع المؤمنين، كما قال الله تعالى: ( ) [الأحزاب: ٦].

ونكاحهن محرم على التأبيد كنكاح الأمهات ( ﯹﯺ) [الأحزاب: ٥٣].

وإذا كانت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، فلا معنى لقصر الحجاب عليهن دون بقية نساء المؤمنين؛ ولهذا كان حكم فرض الحجاب عامًّا لكل مؤمنة، مؤبدًا إلى يوم القيامة، وهو الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم، كما تقدم من حجبهم نساءهم رضي الله عنهن .

الدليل الثاني: قوله تعالى: ( ﮧﮨ ﮮﮯ ) [الأحزاب: ٥٩].

قال السيوطي: «هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن»36.

وقد خصّ الله سبحانه في هذه الآية بالذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته؛ لشرفهن ولأنهن آكد في حقه من غيرهن لقربهن منه، ثم عمم سبحانه الحكم على نساء المؤمنين، وهذه الآية صريحة كآية الحجاب الأولى، على أنه يجب على جميع نساء المؤمنين أن يغطين ويسترن وجوههن وجميع البدن والزينة المكتسبة، عن الرجال الأجانب عنهن، وذلك الستر بالتحجب بالجلباب الذي يغطي ويستر وجوههن وجميع أبدانهن وزينتهن، وفي هذا تمييز لهن عن اللائي يكشفن من نساء الجاهلية؛ حتى لا يتعرضن للأذى ولا يطمع فيهن طامع.

والأدلة من هذه الآية على أن المراد بها ستر الوجه وتغطيته من وجوه، هي:

الوجه الأول: معنى الجلباب في الآية هو معناه في لسان العرب، وهو: اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن، وهو بمعنى: الملاءة والعباءة، فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مدنية ومرخية له على وجهها وسائر جسدها، وما على جسدها من زينة مكتسبة، ممتدًا إلى ستر قدميها37.

فثبت بهذا حجب الوجه بالجلباب كسائر البدن لغةً وشرعًا.

الوجه الثاني: أن شمول الجلباب لستر الوجه هو أول معنى مراد؛ لأن الذي كان يبدو من بعض النساء في الجاهلية هو: الوجه، فأمر الله نساء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بستره وتغطيته، بإدناء الجلباب عليه؛ لأن الإدناء عدّي بحرف على، وهو دال على تضمن معنى الإرخاء، والإرخاء لا يكون إلا من أعلى، فهو هنا من فوق الرءوس على الوجوه والأبدان.

الوجه الثالث: أن ستر الجلباب للوجه وجميع البدن وما عليه من الثياب المكتسبة - الزينة المكتسبة - هو الذي فهمه نساء الصحابة رضي الله عنهم، وذلك فيما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية: ( ) خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها38.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رحم الله تعالى نساء الأنصار، لما نزلت: ( ) الآية شققن مروطهن39، فاعتجرن بها، فصلّين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رءوسهن الغربان40.

والاعتجار: هو الاختمار، فمعنى: فاعتجرن بها، واختمرن بها: أي غطين وجوههن41.

الوجه الرابع: هذا التعليل ( ) راجع إلى الإدناء، المفهوم من قوله: () وهو حكم بالأولى على وجوب ستر الوجه؛ لأن ستره علامة على معرفة العفيفات فلا يؤذين، فهذه الآية نص على ستر الوجه وتغطيته، ولأن من تستر وجهها لا يطمع فيها طامع بالكشف عن باقي بدنها وعورتها المغلظة، فصار في كشف الحجاب عن الوجه تعريض لها بالأذى من السفهاء، فدل هذا على التعليل على فرض الحجاب على نساء المؤمنين لجميع البدن والزينة بالجلباب، وذلك حتى يعرفن بالعفة، وأنهن مستورات محجبات بعيدات عن أهل الخنا، وحتى لا يفتتن ولا يفتن غيرهن فلا يؤذين.

ومعلوم أن المرأة إذا كانت غاية في الستر، لم يقدم عليها من في قلبه مرض، وكّفّت عنها الأعين الخائنة، بخلاف المتبرجة المنتشرة الباذلة لوجهها، فإنها مطموع فيها.

القول الثاني: ذهب عدد من أهل العلم إلى جواز كشف المرأة وجهها وكفيها42.

ومن أدلتهم:

الدليل الأول: قوله تعالى: ( ) [النور: ٣١].

واستدلوا به من وجهين:

الوجه الأول: ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسر قوله: ( ) بالوجه والكفين43.

فابن عباس رضي الله عنهما إنما يشير بتفسيره للآية إلى هذه العادة التي كانت معروفة عند نساء العرب عند نزولها، وأقروا عليها44.

الوجه الثاني: حصل الإجماع على وجوب ستر العورة على كل مصلٍّ في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، فإذ كان ذلك من جميعهم إجماعًا، كان معلومًا بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال ؛ لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره، وإذا كان لها إظهار ذلك كان معلومًا أنه مما استثناه الله -تعالى ذكره- بقوله: ( )

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: (يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا)، وأشار إلى وجهه وكفيه45.

الترجيح:

يرى الباحث وجوب تغطية الوجه والكفين في زمان الفتنة، وليست هناك فتنة أعظم من فتن هذا الزمان.

٢. لا تخرج متبرجة.

ومن حرص الإسلام على ستر المرأة أنه نهى عن التبرج، وحذّر منه تحذيرًا شديدًا، والذي ينظر في قصة آدم عليه السلام وإبليس يلحظ أن الحياء من التعري وانكشاف السوءة شيء مركوز في طبع الإنسان وفطرته، إذ يقول الله سبحانه: ( ) [الأعراف: ٢٠].

وقال سبحانه: ( ﯷﯸ ﯿ ) [الأعراف: ٢٢].

إن قصة آدم وحواء مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله على كشف السوءات، وهتك الأستار، وإشاعة الفاحشة، وأن هذا هدف مقصود له.

ومن ثمّ حذرنا الله عز وجل عن هذه الفتنة خاصة، فقال جل وعلا: ( ) [الأعراف: ٢٧].

ومن هنا فإن إبليس هو رائد الدعوة إلى كشف العورات، وهو مؤسس الدعوة إلى التبرج بدرجاته المتفاوتة، بل هو الزعيم الأول لشياطين الإنس والجن الداعين إلى تحرير المرأة عن قيد الستر والصيانة والعفاف.

فعلى المرأة إذا خرجت من بيتها لحاجة أن تلتزم حجابها الشرعي، وأن تبتعد عن التبرج، فلا تخلع الحجاب، ولا تبدي زينتها للأجانب، ولا تظهر محاسنها.

وقد دلّ الكتاب والسنة والإجماع على تحريم تبرج المرأة، وهو إظهارها شيئًا من بدنها أو زينتها المكتسبة التي حرّم الله عليها إبداءها أمام الرجال الأجانب عنها.

قال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٣٣].

فقد أمر الله سبحانه في هذه الآية نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين، وهن من خير النساء وأطهرهن بلزومهن البيوت، ونهاهن عن تبرج الجاهلية، وهو إظهار الزينة والمحاسن، كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق، ونحو ذلك من الزينة؛ لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة، وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا، وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن فغيرهن أولى، وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة.

والتبرج كبيرة من الكبائر، وسبب من أسباب دخول النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)46.

ومن معاني قوله صلى الله عليه وسلم: (كاسيات عاريات) ما ذكره النووي: «تكشف شيئًا من بدنها إظهارًا لجمالها، فهن كاسيات عاريات»47.

٣. عدم الخضوع بالقول.

إذا خرجت المرأة من بيتها واضطرت إلى معاملة الرجال، فيجب عليها ألا ترقّق الكلام، بل عليها التكلم بوقار واحتشام، يقول الله تعالى: ( ﭦﭧ ) [الأحزاب: ٣٢].

فقد نهى سبحانه في هذه الآية نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين، وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال، وهو تليين القول وترقيقه، لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا، ويظن أنهن يوافقنه على ذلك.

والخطاب في هذه الآية إن كان لنساء النبي صلى الله عليه وسلم لكنه شامل لجميع النساء.

قال الجصاص: «وفيه الدلالة على أن ذلك حكم سائر النساء في نهيهن عن إلانة القول للرجال على وجه يوجب الطمع فيهن، ويستدل به على رغبتهن فيهم»48.

وقال ابن كثير: «( ) قال السدي وغيره: يعني بذلك: ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال؛ ولهذا قال: ( ) أي: دغل، ( ) قال ابن زيد: قولًا حسنًا جميلًا معروفًا في الخير.

ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها»49.

فقد نهيت المرأة عن مخاطبة الأجانب بكلام فيه ترخيم كما تخاطب زوجها، وأمرت أن تتحرى الصوت الجاد العاري عن أسباب الفتنة، وقد سد الإسلام على المرأة كل سبيل للتسيب في هذا الباب، حينما جعل أمهات المؤمنين محلًّا للقدوة، فلم يبق هناك عذر لمعتذر.

٤. عدم الخروج متعطرة.

من الأمور التي تحرّك الشهوات شم الرجال طيب النساء، فستر الإسلام المرأة في هذا الباب بأن نهاها عن الخروج متعطرة، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا من ريحها، فهي زانية)50.

يقول صاحب بذل المجهود: «سماها النبي صلى الله عليه وسلم زانية مجازًا؛ لأنها رغّبت الرجال في نفسها، فأقل ما يكون هذا سببًا لرؤيتها، وهي زنا العين»51.

وعن موسى بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن امرأة مرت به تعصف ريحها، فقال: يا أمة الجبار، المسجد تريدين؟ قالت: نعم، قال: وله تطيبت؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل)52.

وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة. قال ابن دقيق العيد: «وفي حرمة التطيب علي مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال»53.

وإذا كانت المرأة تمنع من الذهاب إلى المسجد إذا استعطرت، فهل يسمح لها بأن تذهب إلى الأسواق مستعطرة، تحرّك الشهوات وتفتن الرجال؟!

٥. عدم إظهار زينتها بالصوت.

من الآداب التي قررتها الشريعة الغراء، وأمرت المرأة بالتزامها، أن لا تظهر زينتها بالصوت، سواء كان صوت الحلي أو غيره.

قال تعالى: ( ) [النور: ٣١].

يقول سيد قطب: «وإنها لمعرفة عميقة بتركيب النفس البشرية وانفعالاتها واستجاباتها. فإن الخيال ليكون أحيانًا أقوى في إثارة الشهوات من العيان. وكثيرون تثير شهواتهم رؤية حذاء المرأة أو ثوبها، أو حليّها، أكثر مما تثيرها رؤية جسد المرأة ذاته، كما أن كثيرين يثيرهم طيف المرأة يخطر في خيالهم، أكثر مما يثيرهم شخص المرأة بين أيديهم- وهي حالات معروفة عند علماء الأمراض النفسية اليوم- وسماع وسوسة الحلي أو شمام شذى العطر من بعيد، قد يثير حواس رجال كثيرين، ويهيج أعصابهم، ويفتنهم فتنة جارفة لا يملكون لها ردًّا.

والقرآن يأخذ الطريق على هذا كله؛ لأن منزّله هو الذي خلق، وهو الذي يعلم من خلق، وهو اللطيف الخبير»54.

وقال الجصاص: «وفيه دلالة على أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام، بحيث يسمع ذلك الأجانب؛ إذ كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها؛ ولذلك كره أصحابنا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت»55.

ومن حرص الشريعة على ستر المرأة أنه ليس لها أن ترفع صوتها بحيث يسمعه الرجال الأجانب، فجعلت لها التصفيق دون التسبيح إذا انتابها شيء في الصلاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء)56.

وليس للمرأة أن ترفع صوتها بالتلبية في الحج والعمرة؛ حتى لا تظهر زينتها بالصوت، قال ابن قدامة: «قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنما عليها أن تسمع نفسها. وإنما كره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها، ولهذا لا يسن لها أذان ولا إقامة، والمسنون لها في التنبيه في الصلاة التصفيق دون التسبيح»57.

فلم تهمل الشريعة المطهرة أي أمر يتحقق به ستر المرأة، ويحفظ كرامتها، ويصون عفتها، ويقطع دابر الشر والفساد عن المجتمع الإسلامي.

المرأة والزينة

عني الإسلام بزينة المرأة عناية عظيمة، فوضع لها القواعد والضوابط التي تجعل الزينة تلبي فطرة المرأة، وتناسب أنوثتها من جهة، وتحفظها في مسارها الصحيح بلا إفراط ولا تفريط من جهة أخرى.

وفيما يلي نتناول في هذا المبحث بعض المسائل المتعلقة بزينة المرأة.

أولًا: شروط لباس المرأة:

لقد حدد الإسلام الشروط والضوابط التي يجب على المرأة المسلمة أن تتقيد بها في موضوع اللباس، وهذه الشروط هي:

١. أن يستوعب اللباس جميع البدن.

وذلك ليكون ساترًا للعورة، وللزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها، فإن القصد الأول من اللباس هو الستر ثم الزينة، ولباس المرأة لابد أن يكون ساترًا لوجهها وكفيها وقدميها وسائر جسمها، إذا كانت خارج الصلاة وبحضرتها أجانب.

قال تعالى: ( ) [النور: ٣١].

والنهي عن إبداء الزينة نهي عن إبداء مواضعها من باب أولى، ولولا اللباس لظهرت مواضع الزينة من الصدر، والذراع، والقدم ونحوها، وعلى هذا فلابد أن تلبس المرأة ما يستر كل جسدها، إذ قد يظهر شيء منه، لا سيما عند ركوبها للسيارة ونزولها منها، أو دخولها أماكن تضطر فيها على صعود سلالم، فتظهر زينتها وتحصل الفتنة بها.

٢. ألا يكون اللباس ضيقًا يصف جسمها.

وذلك أن الغرض من اللباس ستر العورة، ومواضع الزينة، وهذا إنما يكون بالثوب الواسع، أما الثوب الضيق فإنه -وإن كان يستر لون البشرة- يصف جسم المرأة أو بعضه، فالواجب على المرأة أن تهتم بستر بدنها وتقاطيع جسمها، والتساهل في ذلك من أعظم أسباب الفساد ودواعي الفتنة.

يقول أسامة بن زيد رضي الله عنه: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطيّةً58 كثيفة مما أهدى له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال: مالك لم تلبس القبطيّة؟ قلت: كسوتها امرأتي. فقال: (مرها فلتجعل تحتها غلالةً59 فإني أخاف أن تصف حجم عظامها)60.

فالرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أسامة أن يطلب من امرأته أن تضع تحت هذا الثوب الثخين غلالة، ليمنع وصف بدنها وحجم عظامها؛ فهذه القبطية - وإن كانت ثخينة - قد تصف الجسم، ولاسيما إذا كان اللباس الثخين من طبيعته الليونة والانثناء؛ فهذه القبطية ثخينة، ومع ذلك خاف صلى الله عليه وسلم من أن تصف حجم عظامها.

فلابد أن تعلم المرأة أن اللباس الضيق الذي يصف مفاتن الجسم لا يجوز شرعًا، وهو داخل في لباس أهل النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)61.

وقد فسر العلماء - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية62- الكاسيات العاريات بأن من معانيها أن تلبس الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها.

وقد انتشر عند النساء ظاهرة اللباس الذي يكون أسفله ضيقًا لا تكاد المرأة تمشي فيه، ومما يزيد الأمر فتنة وضع فتحات جانبيه تظهر ساقيها وجزءًا من فخذها. والله المستعان!!

وليس للمرأة أن تلبس البنطلون وتظهر به أمام الأجانب؛ لأنه من الثياب الضيقة التي تحدد أجزاء البدن التي تحيط بها، فهو داخل في معنى الحديث.

٣. ألا يكون اللباس زينة في نفسه.

وأعني بذلك الثياب الظاهرة، فالمرأة منهية عن الثياب إذا كانت تلفت أنظار الرجال إليها؛ لعموم قوله تعالى: ( ) [النور: ٣١].

فإذا نهيت عن إبداء الزينة فكيف تلبس ما هو زينة؟ ولأن ذلك داخل في التبرج. ولا ريب أن خروج المرأة بملابسها الجميلة من أكبر أسباب الفتنة وعوامل الفساد، والله يقول: ( ) [الأحزاب: ٣٣].

وعلى هذا فمتى اختارت المرأة ثيابها من الألوان الجذابة لكي تلذّ بها أعين الناظرين من الرجال فهذا من مظاهر التبرج الجاهلي!

يقول المودودي رحمه الله: «إن كلمة التبرج إذا استعملت للمرأة كان لها ثلاثة معانٍ:

  1. قوله تعالى: ( ﮝﮞ) فالمفهوم من الآية أنه لا يباح للمرأة أن تتعمد إظهار الزينة، ويعفى عما لا يمكن إخفاؤه، ولم يتعمد إظهاره، واختيار هذه الألبسة المزينة متعمد فيه إظهار الزينة.
  2. قوله تعالى: ( ) [الأحزاب: ٣٣]. قال الطبري: «التبرج هو إظهار الزينة، وإبراز المرأة محاسنها للرجال»81. فتبين من تعريف التبرج المنهي عنه في الآية، أن زينة الحجاب داخلة تحته؛ وذلك لأن فيه إظهارًا للزينة التي يمكن إخفاؤها.
  3. أن المقصود من الأمر بالحجاب إنما هو ستر زينة المرأة، فلا يسوغ عقلًا أن يكون الحجاب في نفسه زينة، وهذا بيّن لا يخفى على ذي العقل السليم.
  4. أن الزينة في الحجاب مما يلفت النظر إليها، ومما يدعو إلى الافتتان بها، وهي منهية عن ذلك، كما في قوله تعالى: ( ). قال الألوسي: «ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبدائها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن، وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان، وفيه من النقوش الذهبية أو الفضية ما يبهر العيون، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم لهن من الخروج بذلك ومشيهن به بين الأجانب من قلة الغيرة، وقد عمت البلوى بذلك»82.

    ٢. الزينة الظاهرة للمرأة وحكمها.

    وهذه الزينة وردت في قوله تعالى: ( ﮝﮞ) وقد اختلف العلماء في المراد بهذه الزينة على ثلاثة أقوال:

    القول الأول: إن الزينة الظاهرة للمرأة ما لا يمكن إخفاؤه، كالثياب الظاهرة، وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، حيث قال: «الزينة زينتان: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة: الثياب»83.

    ومن أدلتهم: قوله تعالى: ( ) [الأحزاب: ٥٣].

    فالله سبحانه أرشد في الآية إلى كيفية سؤال أمهات المؤمنين عند الحاجة، وذلك بأن يكون من وراء حجاب؛ لئلا ينظر إليهن، والآية وإن كانت في معرض الكلام عن أمهات المؤمنين، إلا أنها عامة لجميع النساء، وإذا ثبت وجوب الحجاب عامة، صح أن الزينة الظاهرة ما لا يمكن إخفاؤه84.

    القول الثاني: الزينة الظاهرة للمرأة الوجه والكفان، وهو قول مروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما فقد جاء عنهما أنهما قالا في تفسير الزينة الظاهرة: إنها الوجه والكفان85.

    ومن أدلتهم: قوله تعالى: ( ﮝﮞ ﮢﮣ ﯰﯱ ﯹﯺ) فالله تعالى أمر النساء بالضرب بالخمار على الجيوب، وهذا نص على ستر العورة والعنق والصدر، وفيه نص على إباحة كشف الوجه، وهو قوله: ( ﯹﯺ) فنص على أن الرجلين والساقين مما يخفى، ولا يحل إبداؤه86

    القول الثالث: الزينة الظاهرة للمرأة: الكحل والسوار والخضاب إلى نصف الذراع. وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما87.

    ومن أدلتهم: أن الذراعين مما يبدو عادة من المرأة، خصوصًا في الخبز وغسل الثياب، وغيرهما88، وإذا كانا كذلك فهما من الزينة الظاهرة.

    القول الراجح:

    القول الأول القائل بأن الزينة الظاهرة للمرأة هي ما لا يمكن إخفاؤه، وهي الثياب الظاهرة، هو الأرجح -والله أعلم-؛ لأن الزينة الظاهرة ما تتزين به المرأة خارجًا عن بدنها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها كظاهر الثياب، فإنها زينة مكتسبة خارجة عن بدن المرأة، وهي ظاهرة بحكم الاضطرار.

    وعلى ذلك فهذه الزينة الظاهرة هي التي يباح للمرأة إبداؤها للأجانب.

    وهو قول أكثر العلماء، قال ابن عطية: «ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لابد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك؛ فما ظهر على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه»89.

    وقال شيخ الإسلام بن تيمية في تفسير سورة النور: «فما ظهر من الزينة هو الثياب الظاهرة، فهذا لا جناح عليها في إبدائه - إذا لم يكن هناك محذور آخر - فإن هذه لابد من إبدائها، وهذا قول ابن مسعود وغيره وهو المشهور عن أحمد..»90.

    وقال ابن كثير: «أي لا يظهرن شيئًا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه. قال ابن مسعود: كالرداء والثياب، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه؛ لأن هذا لا يمكن إخفاؤه»91.

    ٣. الزينة الباطنة للمرأة، وحكمها.

    تعددت أمثلة أهل العلم في بيان معنى الزينة الباطنة للمرأة:

    قال ابن مسعود رضي الله عنه: الطوق والقرطان92. وقال أيضًا: الزينة زينتان: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة: الثياب، وأما الباطنة: فالكحل والسوار والخاتم93. وقال أيضًا: القرط، والدملج94، والخلخال، والقلادة95.

    وقال ابن عباس رضي الله عنهما: القرطان، والقلائد، والشنوف96، والأسورة97.

    وقال الزهري: لا تبدو لهؤلاء الذين سمى الله ممن لا تحل له، إلا الأسورة، والأخمرة، والأقرطة من غير حسر98.

    وقال الطبري: «ما خفي، وذلك كالخلخال، والسوارين، والقرطين، والقلائد»99.

    وعند النظر في هذه الأمثلة المذكورة، يمكن أن يقال في معنى الزينة الباطنة: أنها الزينة التي يتضمن إبداؤها رؤية شيء من البدن، كموضع القلادة من العنق، وموضع الخلخال من الساق، ونحو ذلك.

    وهذه الزينة لا يحل للمرأة أن تبديها للأجانب عنها، ويجوز أن تبديها لمحارمها ومن استثناهم الله في آية سورة النور على تفصيل في ذلك. وهو ما يأتي في المطلب الآتي.

    ٤. حكم إبداء زينة المرأة بصوت الخلخال ونحوه.

    يحرم على المرأة إبداء الزينة بصوت الخلخال، وذلك كأن يكون خلخالها صامتًا فتضرب برجلها ليسمع صوته، وبهذا القول قال أكثر أهل العلم100.

    ومما يدل على تحريم ذلك قوله تعالى: ( ﯹﯺ) فقد نهيت المرأة في الآية عن الضرب بالرجل لإسماع صوت الخلخال، والنهي هنا يقتضي التحريم.

    ولأن إسماع صوت الزينة كإبدائها وأشد؛ لأن سماع صوت الزينة أشد تحريكًا للشهوة من إبدائها101.

    ويلحق بضرب الأرجل، كل ما كان مستورًا من زينة المرأة، فأظهرت صوته كالأساور، والأقراط التي لها صوت، ولبس الأحذية المزودة بنعال خشبية ومعدنية تدق الأرض وتظهر صوت الخطو، وغيرها.

    قال ابن كثير: «وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستورًا، فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي، دخل في هذا النهي؛ لقوله تعالى: ( )102.

    ثالثًا :محارم المرأة:

    قد بيّن الله تعالى في آية سورة النور الذين يجوز للمرأة أن تبدي لهم هذه الزينة فقال تعالى: ( ﯰﯱ) [النور: ٣١].

    فهؤلاء ثلاثة:

  1. الزوج.
  2. المحارم وهم سبعة.
  3. غير المحارم وهم أربعة.

    فأما الزوج: فهو المراد بقوله تعالى: ( ) والزوج مقدم على سائر ذوي المحارم؛ لأن المرأة لها أن تتزين لزوجها، ولزوجها أن يرى جميع بدنها.

    قال عكرمة: «فأما الزوج فإنما ذلك كله -أي الزينة- من أجله، فتتصنع له بما لا يكون بحضرة غيره»103.

    وقال القرطبي: «فالزوج والسيد يرى الزينة من المرأة، وأكثر من الزينة، أو كل محل من بدنها حلال له لذة ونظرًا. ولهذا المعنى بدأ بالبعولة؛ لأن إطلاعهم يقع على أعظم من هذا.

    قال الله تعالى: ( ) [المؤمنون: ٥ - ٦]»104.

    وأما المحارم: وذكر الله تعالى منهم سبعة وهم:

  1. الآباء: وكذا الأجداد، وهم آباء الآباء وآباء الأمهات وإن علوا.
  2. آباء الأزواج وآباؤهم: وإن علوا.
  3. الأبناء: والمراد أبناء المرأة من بطنها وأبناؤهم وإن نزلوا.
  4. أبناء البعولة: والمراد أبناء زوجها من امرأة أخرى. ويدخل في الأبناء أولاد الأبناء وأولاد البنات وإن نزلوا.
  5. الإخوة: والمراد إخوة المرأة، سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم.
  6. أبناء الإخوة: سواء كان آباؤهم إخوانهم من الأب أو الأم أو أشقاء، لأنهم في حكم الأخوة.
  7. أبناء الأخوات: سواء منهن من كانت أختًا لهن من الأب أو الأم أو منهما.

    فهؤلاء يجوز للمرأة أن تبدي لهم زينتها وما تلقيه من ثيابها في بيتها غالبًا - كالخمار - وما يظهر من جسدها في شؤون منـزلها - كالغسيل والعجن والكنس - من الذراع والساق؛ وذلك لكثرة مخالطتهم، حيث يكثر دخولهم عليهن، والنظر إليهن بسبب القرابة، ولأنه قلما تتسرب إلى نفوسهم الفتنة؛ لأن النفوس السليمة جبلت في الميل الجنسي على النفرة من القريبات.

    وقد ذكرهم الله في قوله: ( ) [النور: ٣١].

    ومحارم الرضاع كمحارم النسب؛ فإن الرضاع إذا ثبت اقتضى تحرم النكاح، وإباحة النظر والخلوة، والمحرمية في السفر، يدخل في ذلك المرتضع وفروعه، وهم أبناؤه وبناته وإن نزلوا لقوله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)105.

    إلا أن المحارم ليسوا سواء، فالأب والأبناء ليسوا كغيرهم في إظهار الزينة بين أيديهم، لاسيما إن كان المحارم في سن الشباب، أو ليس لهم كثير اختلاط بالمرأة، كالمحارم من الرضاع، فإن السلامة لا يعدلها شيء.

    قال القرطبي: «لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم، ثنى بذوي المحارم، وسوّى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر. فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها»106.

    وأما غير المحارم وهم أربعة:

    ١. ().

    وأكثر العلماء على أن الإضافة هنا للاختصاص - أي المختصات بهن بالصحبة والخدمة - وإضافة النساء إليهن تدل على اختصاص ذلك بالمؤمنات، بخلاف الكافرات، فإنهن لا يتحرجن عن وصفهن للرجال، فيحتجبن عنهن مثل احتجابهن عن الرجال الأجانب؛ فلا يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجهها أمام امرأة غير مسلمة، وهذا قول جماعة من السلف منهم ابن عباس ومجاهد وابن جريج.

    وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالآية العموم: مسلمات أو غير مسلمات من الحرائر، وعلى هذا لا يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجهها أمام غير مسلمة؛ لأن المرأة مع ذلك لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة، وهذا إذا أمنت الفتنة، لكن قد يرد على هذا القول أن الله تعالى قال: ( ) بالإضافة، ولم يقل: (أو النساء) وهذه الإضافة تشعر بشيء.

    ولهذا يرى فريق ثالث أن المراد بنسائهن النساء المختصات بهن بالصحبة والخدمة والتعارف، سواء كن مسلمات أو غير مسلمات107، والغرض من الإضافة إخراج الأجنبيات اللاتي لا يعرف شيء عن أخلاقهن وأدبهن. فليست العبرة بالاختلاف الديني، بل بالاختلاف الخلقي108. وهذا أوسط الأقوال في نظري والله أعلم.

    لكن مما يجب التنبيه له أننا في زمان يجب على المرأة أن تتصون في زيها ولباسها مع بنات أترابها في زمن كل شيء من حولنا يصوّرنا، الهواتف والكاميرات، وغيرها، وقد تختلف المرأة مع المرأة ولديها فيديو في حفل زفاف مثلًا فتظهره للرجال، وأصبح الفيديو في جزء الثانية يطير إلى العالم كله بضغطة، حيث التحميل على الشبكة العنكبوتية.

    ٢. ( ).

    ظاهر الآية العموم، فيشمل العبيد والجواري، فللمرأة المسلمة أن تكشف وجهها لخادمها المملوك، وقال بعض العلماء: أن المراد الجواري دون العبيد109.

    ٣. ( ).

    وهم كل من يتبع أهل البيت كالخادم، ويشعر بالمسكنة والفقر والتبعية، ولا حاجة له في النساء لكبر سنه، أو ذبول جسمه، أو ضعف عقله، أو لأي عرض آخر يمنع من الرغبة في المرأة.

    وأصل الإربة والإرب والمأربة: الحاجة، والجمع مآرب110.

    وعلى هذا فالشرط الأساس ألا يكون هذا التابع له شهوة في النساء، فإن كان له شهوة وميل، حرم إبداء الزينة له؛ لأن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها؛ فإن أمنت لكونه لا شهوة له جاز إبداء الزينة، وإلا فلا.

    ومن هنا نعلم أن استخدام الشباب الأقوياء في البيوت والفنادق: من خادم وسائق وحارس، ودخولهم على النساء ورؤية زينتهن بحجة أنهم من أهل هذه الآية، نقول: هذا جناية على النص القرآني، وفهم سقيم ومنكر عظيم، يجب على فاعله التوبة إلى الله تعالى، وإبعاد دواعي الفتنة وأسباب الفساد عن بيته لئلا يكون ديوثًا!

    ٤. ( ﯰﯱ).

    وهو ما لم يجد في نفسه شعورًا بالشهوة. ومعنى ( ) أي لم يطلعوا من الظهور بمعنى الاطلاع. والمراد بالآية أن الأطفال الذين لا يعرفون الشهوة ولا يثير جسم المرأة وحركاتها عندهم شعورًا بالرغبة، فلا حرج من إبداء الزينة أمامهم، ولا يتحدد ذلك بسن معينة؛ فإن الأطفال يختلفون - وإن كان بعض العلماء يرى أنه إلى اثنتي عشرة سنة على الأكثر وبعضهم إلى عشر - ولكن الفيصل في ذلك أن يكون الطفل صغيرًا لا يفهم شيئًا عن عورات النساء، ولا يجد ميلًا إلى المرأة عند رؤيتها111.

    أما المراهق ومن كان قريبًا منه فليس له هذا الحكم، بل حكمه حكم الرجال، ومن النساء من تتساهل بالمراهق فلا تحتجب منه إذا كان أجنبيًّا، ولاسيما إذا كان معها في منزل واحد، كإخوان زوجها، وهذا لا ينبغي، وسببه الجهل أو التساهل.

    فهؤلاء المذكورون في الآية يجوز للمرأة أن تبدي زينتها الباطنة لهم.

    رابعًا: القواعد من النساء:

    قال الله تعالى: ( ﭶﭷ ﭻﭼ ﭿ) [النور: ٦٠].

    والقواعد جمع قاعد بدون تاء - كحائض وحامل - وهي المرأة الكبيرة التي قعدت عن الحيض والولد، وليس لها رغبة في الزواج112.

    وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: ( ) الآية [النور: ٣١].

    فنسخ واستثنى من ذلك ( ) الآية113.

    والمراد بالنسخ هنا التخصيص؛ لقوله: «واستثنى من ذلك» أي لأن الله تعالى استثنى حكم القواعد من النساء من عموم النساء، والمستثنى منه في الآية الأولى قوله تعالى: ( ) [النور: ٣١].

    والمراد بذلك الخمار الذي تستر به المرأة شعر رأسها إلى نحرها فلا جناح على القواعد أن يضعن ثيابهن الظاهرة التي تلبس عادة للتستر من غير المحارم؛ إذا لم تقصد من وضع ثيابها الظاهرة إظهار زينتها للرجال، وأن يستعففن عن وضع الثياب فيلبسن خمرهن وجلابيبهن خير لهن من وضعها114.

    وشرطت الآية في حق المرأة الكبيرة ألا تكون ممن يرجون نكاحًا، وما ذلك - والله أعلم - إلا لأن رجاءها النكاح يدعوها إلى التجمل والتبرج طمعًا في الأزواج، فإن كانت بهذه الصفة فهي منهية عن وضع ثيابها.

    فإن كانت المرأة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا، فإنه يباح لها أن تضع ثيابها الظاهرة التي لا يؤدي خلعها إلى كشف العورة، وهذا قول أكثر المفسرين في المراد بالثياب المذكورة في الآية وأنه الجلباب، وبه قال ابن عباس وابن مسعود وغيرهما115.

    وعلى ذلك فلا مانع شرعًا أن تكشف وجهها ويديها؛ لأمن المحذور منها وعليها بانصراف الأنفس عنها، وعدم رغبة الرجال فيها.

    ولما كان قد يفهم من قوله تعالى: ( ) ارتفاع الجناح عن كل شيء من هذا القبيل، فجاءت الجملة التالية وهي قوله تعالى: ( ) لدفع هذا الفهم، فبيّنت أن التي قصدت إظهار الزينة والتبرج بوضع ثيابها ليس لها أن تضع ثيابها عن وجهها ويديها وغير ذلك، كأن تضرب الأرض ليعلم ما تخفي من زينتها، وأنها آثمة بهذا الصنيع؛ لأن مجرد الزينة على المرأة فتنة، ولو مع تسترها ولو كانت لا تشتهى، فلكل ساقطة لاقطة، فإذا كان في يديها خضاب أو في معصمها أساور أو في رجليها خلاخل ونحو ذلك، لم يجز لها أن تضع خمارها أو غطاء وجهها أو عباءتها، ونحو ذلك مما يؤدي إلى ظهور الزينة116.

    وبيّنت الآية أن المرأة الكبيرة خير لها أن تحرص على العفاف وعدم وضع الثياب، وحسبها أن تختار ما اختاره الله لها، وهو لن يكون إلا خيرًا.

    قال تعالى: ( ) أي وأن يطلبن العفة بترك وضع ثيابهن خير لهن من وضع الثياب؛ لبعده عن التهمة والفتنة، فعلى المرأة المسلمة الكبيرة أن تختار ذلك.

    وهكذا كان ديدن نساء السلف، فعن عاصم الأحول قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به، فنقول لها: رحمك الله، قال الله تعالى: ( ﭶﭷ) هو الجلباب. قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: ( ) فتقول: هو إثبات الحجاب117.

    ثم ختم الله الآية بقوله: ( ﭿ) فالجملة مسوقة «مساق التذييل؛ للتحذير من التوسع في الرخصة، أو جعلها ذريعة لما لا يحمد شرعًا، فوصف «السميع» تذكير بأنه يسمع ما تحدثهن به أنفسهن من المقاصد، ووصف «العليم» تذكير بأنه يعلم أحوال وضعهن الثياب وتبرجهن ونحوها»118.

ضوابط التعامل بين الجنسين

  1. إذا دعت الحاجة أو الضرورة للتعامل بين الرجال والنساء الأجانب، فإن هناك ضوابط وضعها الشرع الحكيم، ويجب على كل من الرجال والنساء امتثالها، وهذه الضوابط تتمثل في الآتي:

    ١. غض البصر.

    فالشريعة الإسلامية تحرص على عدم ظهور زينة النساء أمام الأجانب؛ تفاديًا لما يترتب على ظهورها من إثارة الشهوات، فشرعت للنساء التستر والتحجب، وأمرت الرجال والنساء بغض البصر.

    قال تعالى: ( ﭿ ﮄﮅ ﮈﮉ ) [النور: ٣٠ - ٣١].

    فالله سبحانه يعلم مدى تأثير النظرة المحرمة في القلب، وما تحدثه من تحويل النفس إلى بركان، وما تحركه من الاندفاع نحو المرأة، والواقع يصدّق ذلك.

    قال القرطبي: «البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله»119.

    وقال ابن تيمية: «فالنظر داعية إلى فساد القلب...، فلهذا أمر الله بحفظ الفروج، كما أمر بغض الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك»120.

    وقد قرن الله عز وجل الأمر بغض البصر بالأمر بحفظ الفرج؛ لأن غض البصر هو السبيل لحفظ الفرج.

    وقد بيّن رب العالمين العلة من الأمر بغض البصر وحفظ الفرج فقال: ( ﮈﮉ) أي «أطهر وأطيب، وأنمى لأعمالهم، فإن من حفظ فرجه وبصره، طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش، وزكت أعماله، بسبب ترك المحرم، الذي تطمع إليه النفس وتدعو إليه، فمن ترك شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه، ومن غض بصره عن المحرم، أنار الله بصيرته، ولأن العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته، مع داعي الشهوة، كان حفظه لغيره أبلغ، ولهذا سماه الله حفظًا، فالشيء المحفوظ إن لم يجتهد حافظه في مراقبته وحفظه، وعمل الأسباب الموجبة لحفظه، لم ينحفظ، كذلك البصر والفرج، إن لم يجتهد العبد في حفظهما، أوقعاه في بلايا ومحن»121.

    فالشريعة الإسلامية أمرت بغض الأبصار؛ لكي يظل الجو الإسلامي الطاهر سائدًا في المجتمع.

    ٢. التزام المرأة بالحجاب الشرعي، وعدم التبرج، وعدم إبداء زينتها للأجانب، وعدم الخضوع بالقول.

    فعلى المرأة إذا اضطرت للتعامل مع الأجانب أن تلتزم هذه الأوامر الإلهية؛ حفاظًا عليها، وصيانة لعفتها وكرامتها، وحسم كل أسباب الفساد.

    قال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٥٣].

    أى: وإذا طلبتم- أيها المؤمنون- من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا يتمتع به، سواء أكان هذا الشيء حسيًّا كالطعام، أم معنويًّا كمعرفة بعض الأحكام الشرعية، إذا سألتموهن شيئًا من ذلك فليكن سؤالكم لهن من وراء حجاب ساتر بينكم وبينهن؛ لأن سؤالكم إياهن بهذه الطريقة، أطهر لقلوبكم وقلوبهن، وأبعد عن الوقوع في الهواجس الشيطانية التي قد تتولد عن مشاهدتكم لهن، ومشاهدتهن لكم122.

    والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالآية عامة لكل النساء، بما فيهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٣٢]

    يقول السعدي: «( ) أي: في مخاطبة الرجال، أو بحيث يسمعون فتلنّ في ذلك، وتتكلمن بكلام رقيق يدعو ويطمع ( ) أي: مرض شهوة الزنا، فإنه مستعد، ينظر أدنى محرك يحركه؛ لأن قلبه غير صحيح، فإن القلب الصحيح ليس فيه شهوة لما حرم الله، فإن ذلك لا تكاد تميله ولا تحركه الأسباب؛ لصحة قلبه، وسلامته من المرض.

    بخلاف مريض القلب، الذي لا يتحمل ما يتحمل الصحيح، ولا يصبر على ما يصبر عليه، فأدنى سبب يدعوه إلى الحرام، يجيب دعوته.

    ولما نهاهن عن الخضوع في القول، فربما توهم أنهن مأمورات بإغلاظ القول، دفع هذا بقوله: ( ) أي: غير غليظ، ولا جاف كما أنه ليس بليّنٍ خاضع.

    وتأمل كيف قال: ( ) ولم يقل: «فلا تلنّ بالقول» وذلك لأن المنهي عنه القول اللين، الذي فيه خضوع المرأة للرجل، وانكسارها عنده، والخاضع، هو الذي يطمع فيه، بخلاف من تكلم كلامًا لينًا، ليس فيه خضوع، بل ربما صار فيه ترفع وقهر للخصم، فإن هذا لا يطمع فيه خصمه»123.

    ٣. عدم المصافحة بين الرجال والنساء الأجانب.

    حرّم الإسلام مصافحة الرجال للنساء الأجانب؛ لما فيه من إثارة الشهوات.

    وإذا كان الإسلام يطارد الحرام أنى وجد، ويترصد المنكر حيثما كان ليقضي عليه، فلمس المرأة باليد يحرّك كوامن النفس، ويفتح أبواب الفساد، ويسهّل مهمة الشيطان، من أجل ذلك توعد الله من يفعل ذلك بصارم عقابه، وشديد عذابه.

    فعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)124.

    وإذا كان هذا في مجرد المس إذا كان بغير شهوة، فما بالك بما فوقه؟!

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوي ويتمنى، ويصدّق ذلك الفرج ويكذّبه)125.

    ٤. عدم الخلوة بالمرأة الأجنبية.

    وحقيقة الخلوة أن ينفرد رجل بامرأة في غيبة عن أعين الناس.

    إن الخلوة بالأجنبية من أعظم الذرائع، وأقرب الطرق إلى اقتراف الفاحشة الكبرى.

    وقد صرح القرطبي بأن الخلوة بغير محرم من الكبائر126.

    وقد ذكر بعض السلف في قوله تعالى: ( ) [الممتحنة: ١٢].

    أي: لا تخلو المرأة بالرجال. ذكره البغوي عن مجاهد، وسعيد بن المسيب، والكلبي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم127.

    وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالأجنبية، وشدّد في ذلك، والأحاديث في ذلك كثيرة، منها:

    حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)128.

    وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم علة تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية حيث قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان)129.

    يقول الشوكاني: «وعلة التحريم ما في الحديث من كون الشيطان ثالثهما، وحضوره يوقعهم في المعصية»130.

    وقد تكون القرابة إلى المرأة أو زوجها سبيلًا إلى سهولة الدخول عليها أو الخلوة بها، كابن العم وابن الخال مثلًا، ولذلك حذّرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك؛ لأنه من مداخل الشيطان، ومسارب الفساد.

    فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء)، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو الموت)131.

    والحمو هو قريب الزوج الذي لا يحل للمرأة132. فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفسد الحياة الزوجية كما يفسد الموت البدن.

    ٥. عدم الاختلاط.

    والمقصود بالاختلاط: هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر، أو الإشارة، أو الكلام، أو البدن من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد133.

    فمن الآداب التي تجب على المرأة مراعاتها عدم الاختلاط بالرجال درءًا لانتشار الفساد والفحشاء.

    وقد حذر القرآن الكريم من هذا الاختلاط كما في قوله تعالى: ( ) [الأحزاب: ٣٣].

    وقال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٥٣].

    وبيّن سبحانه الحكمة من ذلك فقال: ( ) [الأحزاب: ٥٣].

    «فلا يقل أحد غير ما قال الله. لا يقل أحد: إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك، إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين. لا يقل أحد شيئًا من هذا والله يقول: ( ) يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات، أمهات المؤمنين، وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولًا ويقول خلق من خلقه قولًا، فالقول لله- سبحانه- وكل قول آخر هراء، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله، وكذب المدعين غير ما يقول الله. والتجارب المعروضة اليوم في العالم مصدقة لما نقول. وهي في البلاد التي بلغ الاختلاط الحر فيها أقصاه أظهر في هذا وأقطع من كل دليل»134.

    يقول ابن القيم: «ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال: أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة»135.

    وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجال عن منع النساء من الذهاب إلى المساجد، فقد أوجب على النساء - من ناحية أخرى- عدم الاختلاط بالرجال، وأمرهن بأن يمشين في جزء مخصوص من الطريق، فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول- وهو خارج من المسجد، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: (استأخرن، فليس لكن أن تحققن136 الطريق، عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به137.

    كما قرّرت الشريعة أن خير صفوف النساء في الصلاة أبعدها عن صفوف الرجال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)138.

    كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم بألا تختلط النساء بالرجال عند العودة إلى بيوتهن بعد الصلاة، فعن أم سلمة رضي الله عنها (أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلّمن قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال)139.

    قال ابن قدامة: «إذا كان مع الإمام رجال ونساء فالمستحب أن يثبت هو والرجال بقدر ما يرى أنهن قد انصرفن، ويقمن هن عقيب تسليمه...؛ لأن الإخلال بذلك من أحدهما يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء»140.

    وهذا كله في حالة العبادة والصلاة التي يكون فيها المسلم أو المسلمة أبعد ما يكون عن وسوسة الشيطان وإغوائه، فماذا يقال عن الاختلاط في كراسي الدراسة، الاختلاط في مكان العمل، في المستشفيات، في الطائرات، في أسواق البيع والشراء؟!

    وبهذا يتبين لنا حرص الشريعة الغراء على التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه، لكن هناك من يحاول تحطيم هذه الموانع والفواصل بين المرأة والرجل بدعوى التقدم والحضارة، أو تأثرًا بالغرب ودعاة الإباحية، ونجح القوم في غياب الوعي الديني أن يخترقوا هذه الحواجز، ويزيلوا هذه الموانع، ويتسوّروا السياج، فكان الاختلاط والذي يبدأ في رياض الأطفال مرورًا بالمدارس والكليات وانتهاء بالاختلاط في العمل. فضلًا عن الاختلاط في وسائل المواصلات وشتى مناحي الحياة.

    فأصبح الاختلاط ظاهرة اجتماعية مألوفة، وأن الدعوة إلى عدم الاختلاط يعدّ تخلفًا ورجعية!!

الأساليب الوقائية لحفظ الأعراض

  1. لقد جاءت هذه الشريعة بحفظ الضرورات التي لا تستقيم الدنيا ولا الآخرة إلا بحفظها، وهي: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال، وعلى هذا الترتيب رتّبها العلماء من حيث الأهمية، فمدار أحكام الدين وخلاصة هذه الشريعة حماية هذه الضرورات الخمس.

    وجعلت الشريعة لكل واحدة من هذه الضرورات الخمس أحكامًا لحمايتها، وتوفيرها، وإيجادها، وتنميتها؛ وفي المقابل، جاءت بأحكام لمنع العدوان عليها، وإنقاصها، والعبث بها.

    والعِرْض يعرّفه العلماء بأنه موضع المدح والذم للإنسان، بمعنى أن عرضك هو ما يسرّك لو ذكرت بخير فيما يتعلق به، ويسوؤك لو ذكرت بشرٍّ فيما يتعلق به.

    وقد وضع الإسلام أساليب وقائية لحفظ الأعراض؛ لمنع وقوع الفواحش، ومن هذه الأساليب:

    ١. ترسيخ الإيمان في القلوب.

    تحرص الشريعة الغراء على ترسيخ الإيمان في قلوب المؤمنين، وأن عليهم الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه، وتزرع في قلوبهم مراقبة الله.

    فالشريعة الإسلامية تربي نفوس المؤمنين مع إرشادهم إلى الأساليب الوقائية، بحيث يكون لكل منهم وازع في نفسه وضميره، فيحول بينه وبين الانغماس في الشهوات وارتكاب المحرمات.

    فترسيخ الإيمان في القلوب صمام الأمان لصيانة الأعراض، وعدم انتهاكها.

    ولذلك نلحظ في أغلب الآيات التي تناولت الأساليب الوقائية أنها اشتملت على أسلوب الإقناع بتعليل الأحكام، وهذا التعليل إما بأمر ديني كمحبة الله وخوفه ورجائه ومراقبته وعلمه، وإما بأمر دنيوي من السعة في الرزق وحصول الخير وغير ذلك.

    ففي الأمر بغض الأبصار وحفظ الفروج نجد نهاية الآية ( ﭿ ﮄﮅ ﮈﮉ ) [النور: ٣٠].

    وفي الأمر بالاستئذان نجد ختام الآيات ( ﯻﯼ ﯿ ﭚﭛ ﭠﭡ ﭤﭥ ) [النور: ٢٧ - ٢٨].

    وفي الأمر بالحجاب نجد التعليل بقوله: ( ) [الأحزاب: ٥٣].

    وهكذا في بقية الآيات التي تحدثت أو أشارت إلى الأساليب الوقائية لحفظ وصيانة الأعراض.

    ٢. الأمر بغض البصر وحفظ الفروج.

    قال تعالى: ( ﭿ ﮄﮅ ﮈﮉ ) [النور: ٣٠ - ٣١].

    فقدّم سبحانه غض البصر على حفظ الفرج ؛ لأن النظر بريد الزنا، وغض البصر من أجلّ الأدوية لعلاج القلب141.

    وقد غايرت الآيتان بين الأبصار والفروج، فالأولى فعلها «يغضوا»، والثانية فعلها «يحفظوا»، والإغضاء صرف المرء بصره عن التحديق وتثبيت النظر، فهو أغلبي وليس تامًّا، بخلاف الحفظ، ثم جيء بـ«من» التي للتبعيض مع الغض دون الحفظ.

    يقول ابن القيم عن غض البصر: «ولما كان تحريمه تحريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة، ويحرم إذا خيف منه الفساد، ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة، لم يأمر سبحانه بغضه مطلقًا، بل أمر بالغض منه، وأما حفظ الفرج فواجب بكل حال، لا يباح إلا بحقه؛ فلذلك عمّ الأمر بحفظه»142.

    ٣. تحريم الزنا والوسائل المفضية إليه.

    أجمعت الشرائع السماوية على تحريم الزنا، واعتبرته من أكبر الآثام، وأعظم الجرائم التي تدنس النفس البشرية، وتحول بينها وبين سعادتها وكمالها، ووضعت له أقصى عقوبة في باب العقوبات وأشنعها، وهي الرجم بالحجارة حتى الموت، وتوعدت فاعليها بالعقوبات العاجلة، والعذاب الأليم في الآخرة، واتفقت المذاهب الأخلاقية على تحريم الزنا واستقبحته، وحكمت عليه بالشناعة القبيحة، وجعلته في عداد الجرائم الكبرى.

    قال سبحانه وتعالى: ( ) [الإسراء: ٣٢]

    فلم ينه سبحانه عن الفعل فقط، بل نهى عن قربانه؛ ليحرّم جميع وسائله ودواعيه المفضية إليه، من مصافحة المرأة الأجنبية ومسّها، والخلوة بها، والاختلاط معها، وخضوع المرأة بالقول، وإظهار صوت زينتها، وخروجها متبرجة متعطرة، بدون حجاب شرعي، وغير ذلك مما سبق بيانه قبل ذلك.

    ولقد جعل الله سبحانه وتعالى التعفف عن الزنا، والتصون منه من صفات المؤمنين المفلحين.

    قال تعالى: ( ) [المؤمنون: ١ - ٧].

    وقد شدد الله عز وجل عقوبة الزاني الأثيم المادية والمعنوية، فالعقوبة المادية: العذاب الأليم بالجلد أو الرجم، والمعنوية: أن لا نرأف به، ولا نشفق عليه حتى يبرأ من جريرته، ويتوب منها.

    قال تعالى: ( ﭢﭣ ﭰﭱ ) [النور: ٢].

    وقد زادت السنة على الحكم بجلد الزاني البكر والزانية البكر مائه جلدة أن يغربا عامًا، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خذوا عنى، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا: البكر بالبكر، جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم)143.

    ٤. حرمة الظن السيء بالمؤمن.

    وأوجب على المؤمن إذا سمع عن أخيه سوءًا أن يظن به البراءة من الإثم، والطهارة من السوء، كما هو طاهر وبريء.

    قال الله تعالى: ( ﭽﭾ ﭿ ﮃﮄ ) [النور: ١٢ - ١٣].

    والقصد من وراء هذا عدم السماح للفاحشة أن تظهر، ولو على ألسنة المتكلمين، أو في أذهان السامعين تركيزًا للطهارة وتثبيتًا لها في جو البلاد والعباد، وفي هذا من معنى محاربة الفاحشة بالوقاية مالا يخفى على عاقل.

    ٥. حرمة قذف المؤمن والمؤمنة بالفاحشة.

    حرّم الإسلام قذف العفيفين والعفيفات، ووضع لذلك عقوبة زاجرة، وهي الجلد ثمانين جلدة، مع إسقاط عدالته حتى يتوب توبة نصوحًا، مالم يحضر أربعة شهود على صحة ما قاله.

    قال تعالى: ( ﮛﮜ ) [النور: ٤].

    إلى جانب هذا يستحق القاذف اللعنة في الدنيا والآخرة.

    قال تعالى: ( ) [النور: ٢٣].

    يقول سيد قطب في بيان حكمة حد القذف: «أن اطراد سماع التهم يوحي إلى النفوس المتحرجة من ارتكاب الفعلة أن جو الجماعة كله ملوث، وأن الفعلة فيها شائعة، فيقدم عليها من كان يتحرج منها، وتهون في حسه بشاعتها بكثرة تردادها، وشعوره بأن كثيرين غيره يأتونها!»144.

    ٦. حرمة إشاعة الفاحشة في البلاد والعباد.

    قال تعالى: ( ﯿ ﰁﰂ ) [النور: ١٩].

    قال ابن تيمية في تفسيرها: «وهذا ذم لمن يحب ذلك. وذلك يكون بالقلب فقط، ويكون مع ذلك باللسان والجوارح. وهو ذم لمن يتكلم بها أو يخبر بها. محبة لوقوعها في المؤمنين، إما حسدًا أو بغضًا، أو محبة للفاحشة. فكل من أحب فعلها، ذكرها. وكره العلماء الغزل من الشعر الذي يرغّب فيها»145.

    فنبّه إلى أن مجرد حب الفاحشة عمل على إيجادها وانتشارها، وأن الفاحشة البغيضة يجب أن تطرد من القلوب والنفوس، قبل أن تطرد من العضلات والحركات.

    ٧. تشريع الاستئذان.

    من حرمة البيوت في الإسلام أنه لا يجوز دخولها إلا بعد الإذن.

    قال تعالى: ( ﯻﯼ ﯿ ﭚﭛ ﭠﭡ ﭤﭥ ) [النور: ٢٧ - ٢٨].

    يقول الجصاص: «روي عن ابن عباس وابن مسعود وإبراهيم وقتادة قالوا: الاستئناس: الاستئذان. فيكون معناه: حتى تستأنسوا بالإذن، وإنما سمّي الاستئذان استئناسًا لأنهم إذا استأذنوا أو سلّموا أنس أهل البيت بذلك، ولو دخلوا عليهم بغير إذن لاستوحشوا»146.

    ويقول أبو السعود: «إثر ما فصل عن الزّنا وعن رمي العفائف عنه شرع في تفصيل الزّواجر عمّا عسى يؤدّي إلى أحدهما، من مخالطة الرجال والنساء ودخولهم عليهنّ في أوقات الخلوات»147.

    ويجب الاستئذان ولو كان الباب مفتوحًا، فيجب الاستئذان على من يريد دخول البيت سواء كان الباب مغلقًا أو مفتوحًا؛ لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول، حتى يفتحه الإذن من ربه148.

    والاستئذان واجب على كل بالغ يريد الدخول، سواء كانت في البيت أمه أو أخته أو ابنته، إلا الزوج فليس عليه أن يستأذن للدخول وليس في البيت إلا زوجته.

    قال تعالى: ( ) [النور: ٥٩].

    ووضحّت السنة الهدف من الاستئذان، وهو خشية أن تقع عين آثمة على عورة غافلة، فتلد تلك النظرة الخاطفه فاحشة فاضحة، لا قبل بتحملها.

    فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر)149.

    وهده طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في الاستئذان:

    فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، فيقول: (السلام عليكم.. السلام عليكم) ذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور)150.

    فهذه الآداب تبرز لنا مدى عناية الإسلام بحرمة البيوت، وكيف أعطاها التشريع الإلهي من القداسة ما يجعلها في مأمن من الشكوك والريب، وفي حصانة من جراثيم الفساد، وعوامل الانهيار.

    ٨. تحريم سفر المرأة بدون محرم.

    فإن المرأة مظنة الشهوة والطمع، وهي لا تكاد تقي- نفسها، لضعفها ونقصها، ولا يغار عليها مثل محارمها، الذين يرون أن النيل منها نيل من شرفهم وعرضهم، وسفرها بدون محرم يعرضها إلى الخلوة بالرجال ومحادثتهم، وقد يطمع فيها من في قلبه مرض، وربما سهل خداع المرأة، وربما يعتريها مرض، وإذا سلمت من كل هذا فلن تسلم من القيل والقال إذا سافرت بدون محرم يصونها ويرعاها.

    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، يقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: (انطلق فحج مع امرأتك)151.

    قال النووي: «المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كبيرة، وقد قالوا: «لكل ساقطة لاقطة»، ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطتهم من لا يترفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته وحيائه»152.

    ومما ينبغي التنبيه له أن سفر المرأة في صحبة آمنة من النساء مسموح به شرعًا، خاصة أن قوالب السفر تغيرّت عن الماضي وسيلة وأغراضًا، وأمنًا وسيطرة على الطريق والمطارات والمواني وخلاف ذلك، وخاصة إذا كانت كبيرة مسنة.

    ومما يدل على ذلك ما ورد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: أذن عمر رضي الله عنه، لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجّها، فبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف153.

    ووجه الدلالة أن الصاحبين الجليلين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما لم يكونا محرمين لأمهات المؤمنين، وقد سافر الصحابيان الجليلان بهنّ من غير نكير من باقي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فلا مانع من سفر المرأة مع نسوة ثقات أو وجود الأمن.

    قال ابن حجر: «ومن الأدلة على جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق أول أحاديث الباب154 لاتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك»155.

    وقال ابن تيمية: «وتحج كل امرأة آمنة مع عدم محرم، قال أبو العباس: وهذا متوجه في سفر كل طاعة»156.

    فتبًّا لهؤلاء المستغربين، وسحقًا سحقًا لعبيد المدنية الزائفة الذين أطلقوا لبناتهم ونسائهم العنان يسافرن دون محرم، ويخلون بالرجال الأجانب، مدّعين أن الظروف تغيرت، وأن ما اكتسبته المرأة من التعليم، وما أخذته من الحرية يجعلها موضع ثقة أبيها وزوجها، فما هذا إلا فكر خبيث دلف إلينا ليفسد حياتنا، وما هي إلا حجج واهية ينطق بها الشيطان على ألسنة هؤلاء الذين انعدمت عندهم غيرة الرجولة والشهامة فضلًا عن كرامة المسلم ونخوته157.

فوائد الحجاب

  1. الحجاب له فوائد وثمرات لا تحصى، تعود على الأفراد -نساء ورجالًا- وعلى المجتمعات، وهذه الفوائد يمكن بيانها كالآتي158:

    ١. الحجاب طاعة لله عز وجل وطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم.

    أوجب الله طاعته وطاعة رسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( ﭠﭡ ) [الأحزاب: ٣٦]

    وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب فقال تعالى: ( ) [النور: ٣١].

    وقال سبحانه: ( ) [الأحزاب: ٣٣].

    وقال تعالى: ( ) [ الأحزاب: ٥٣].

    وقال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٥٩].

    والله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات، فقد قال سبحانه: ( ).

    وقال عز وجل: ( ).

    ٢. الحجاب عفة.

    فقد جعل الله تعالى التزام الحجاب عنوان العفة، فقال تعالى: ( ﮧﮨ ) [الأحزاب: ٥٩].

    لتسترهن بأنهن عفائف مصونات ( ) فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله سبحانه ( ) إشارة إلى أن معرفة محاسن المرأة إيذاء لها ولذويها بالفتنة والشر.

    والله عز وجل فرض الحجاب على المرأة محافظة على عفة الرجال أيضًا الذين قد تقع أبصارهم عليها؛ لأن بلاء الرجال بما تقع عليه أبصارهم من مغريات النساء وفتنتهن هو المشكلة التي أحوجت المجتمع إلى حلّ، فكان في شرع الله ما تكفّل به على أفضل وجه.

    ٣. الحجاب طهارة.

    بيّن الله سبحانه الحكمة من تشريع الحجاب، وأجملها في قوله تعالى: ( ﯥﯦ ) [الأحزاب: ٥٣].

    فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات؛ لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر؛ لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب: ( ) [الأحزاب: ٣٢].

    ٤. الحجاب ستر.

    عن يعلى بن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى حيي ستير، يحب الحياء والستر)159.

    قال سبحانه ممتنًّا على عباده: ( ﭼﭽ ﭿ ) [الأعراف: ٢٦].

    قال عبد الرحمن بن أسلم: يتقى الله فيواري عورته، فذاك لباس التقوى160.

    وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره)161؛ لأن الجزاء من جنس العمل.

    ٥. الحجاب تقوى.

    قال سبحانه: ( ﭼﭽﭾ ﭿ ) [الأعراف: ٢٦].

    ويستفاد من الآية أن هناك تلازمًا بين ستر ما أوجب الله ستره، وبين التقوى، كلاهما لباس، هذا يستر عورات القلب ويزينه، وذاك يستر عورات الجسم ويزينه، وهما متلازمان، فمن شعور التقوى لله والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح التكشف والحياء منه.

    وقد قال عبد الرحمن بن أسلم: يتقى الله فيواري عورته، فذاك لباس التقوى162.

    ٦. الحجاب إيمان.

    فالله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقال تعالى: ( ) [النور: ٣١].

    وقال تعالى: ( ) [الأحزاب: ٥٩].

    ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عليهن ثياب رقاق قالت: «إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتين غير مؤمنات فتمتعن به»163.

    ٧. الحجاب حياء.

    الحياء من أبرز الصفات التي تنأى بالمرء عن الرذائل، وتحجزه عن السقوط إلى سفساف الأخلاق، وحمأة الذنوب، كما أن الحياء من أقوى البواعث على الفضائل وارتياد معالي الأمور.

    عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير)164.

    «والحياء نوعان: أولهما: نفسي، وهو الذي خلقه الله تعالى في جميع النفوس، كحياء كل شخص من كشف عورته والوقاع بين الناس، والآخر: إيماني، وهو خصلة تمنع المؤمن من ارتكاب المعاصي خوفا من الله تعالى، وهذا القسم من الحياء فضيلة يكتسبها المؤمن، ويتحلى بها، وهي أم كل الفضائل الأخرى.

    فلذلك وجب على المسلمين أن يعودوا بناتهم على الحياء، والتخلق بهذا الخلق الذي اختاره الله تعالى لدينه القويم؛ لأن عدم الحياء علامة لزوال الإيمان، ولا يخفى ما يتولد عن ذلك من العواقب الوخيمة»165

    فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الحياء والإيمان قرنا جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)166.

    إن التجرد من خلق الحياء مدرجة الهلاك، والسقوط من درك إلى درك إلى أن يصبح الإنسان صفيق الوجه، وينزع منه خلق الإسلام، فيجترئ على المخالفات، ولا يبالي بالمحرمات، وهناك تلازم بين ستر ما أوجب الله ستره، وبين التقوى، كلاهما لباس، هذا يستر عورات القلب ويزينه، وذاك يستر عورات الجسم ويزينه، وهما متلازمان، فمن شعور التقوى لله والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح التكشف والحياء منه.

    إن مسارعة آدم وحواء إلى ستر عوراتهما بأوراق الشجر دليل على أن الحياء عنصر أصيل مركوز في فطرة الإنسان، فعليه أن يهتم به، ويحافظ عليه، ويصونه من أن يثلم، ففي صيانته، وسلامته سلامة للفطرة عن أن تمسخ أو تحرّف.

    ففي محافظة المرأة على حجابها دليل على حيائها، وفي تركها لحجابها علامة على قلة حيائها.

    ٨. الحجاب يناسب الغيرة.

    إن الحجاب يتناسب مع الغيرة التي جبل عليها الإنسان السوي، والغيرة غريزة تستمد قوتها من الروح، والتحرر عن القيود غريزة تستمد قوتها من الشهوة، فهذه تغري بالسفور، وتلك تبعث على الاحتجاب.

    وقد نزلت آية الحجاب بسبب غيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضي الله عنه قال عمر رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب167.

    فالغيرة على الحريم رمز الإسلام، ومن فقدها من أبناء البلاد الإسلامية، فإنما فقدها بعد اندماجه في أمم لا يغارون على نسائهم، ولا يرون أي بأس في مخاصرة زوجاتهم لرجال آخرين، في مرأى منهم ومشهد.

    إن الحجاب يتناسب مع الغيرة المحمودة، وإن التبرج والاختلاط والخلوة المحرمة، وسائر أسباب الافتتان بالمرأة إنما تنتج عن عدم الغيرة وضعف الحمية.

    ولو أن المرأة التزمت درجة الحجاب المثلي وقرّت في بيتها، ولو أنها إذا احتاجت للخروج فخرجت، حجبت كل بدنها عن الأجانب، لما كان لهذه الفتن مكان في حياتنا.

    ٩. الحجاب فيه حفظ للمجتمعات من انتشار الجرائم والفواحش.

    فالله سبحانه ما أمر بالحجاب إلا حفظًا وصيانة للمرأة والرجل كأفراد يتكون منهم المجتمع بأسره، وقطعًا لدابر الفتنة الناتجة عن التبرج والانحلال، ومن يتأمل نصوص الشرع، وعبر التاريخ يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا، لا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر.

    فمن هذه العواقب الوخيمة: تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة لأجل لفت الأنظار إليهن، مما يجعل المرأة كالسلعة المهينة الحقيرة المعروضة لكل من شاء أن ينظر إليها.

    ومنها: الإعراض عن الزواج، وشيوع الفواحش، وسيطرة الشهوات.

    ومنها: انعدام الغيرة، واضمحلال الحياء.

    ومنها: كثرة الجرائم.

    ومنها: فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب والمراهقين، ودفعهم إلى الفواحش المحرمة بأنواعها.

    ومنها: تحطيم الروابط الأسرية، وانعدام الثقة بين أفرادها، وتفشي الطلاق.

    ومنها: المتاجرة بالمرأة، كوسيلة دعاية، أو ترفيه في مجالات التجارة وغيرها.

    ومنها: الإساءة إلى المرأة نفسها، والإعلان عن سوء نيتها، وخبث طويتها، مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء.

    ومحافظة المرأة على حجابها فيه قطع لدابر كل هذه الجرائم والرذائل الأخلاقية؛ فالشريعة المحكمة ترمي من وراء تشريع الحجاب إلى منع الفتنة، ابتداء من مجرد الاستحسان والتلذذ بالنظر الذي هو زنا العين، وانتهاء بالفاحشة الكبرى وهي الزنا.

    موضوعات ذات صلة:

    البيوت، بيوت النبوة، النساء


1 مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/١٤٣.

2 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/١٤٣، لسان العرب، ابن منظور ١/٢٩٨، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٧٢، تاج العروس، الزبيدي ٢/٢٣٩.

3 عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم ٣/٧٧.

4 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٢١٥، مختار الصحاح، الرازي ص٩٧.

5 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٩٨، الكليات، الكفوي ص٤١٤، التوقيف، المناوي ص١٦٠.

6 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٢٧٣.

7 انظر: تفسير يحيى بن سلام ٢/٧٣٨، جامع البيان، الطبري ١٩/١٨٠.

8 مقاييس اللغة ٥/٤٦٥.

9 محجر العين: هو ما دار بالعين من العظم الذي هو أسفل الجفن، وهو يظهر من نقاب المرأة، فكل ما بدا من النقاب محجر.

انظر: لسان العرب، ابن منظور ٢/٢٩٥.

10 انظر: المصباح المنير، الفيومي ص٢٣٧، فتح الباري، ابن حجر ٤/٥٣.

11 مقاييس اللغة ٤/٤٢٩.

وانظر: لسان العرب، ابن منظور ١٥/١٣٠، تاج العروس، الزبيدي ٣٩/١٧٥.

12 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص١٧٦، التوقيف، المناوي ص٢٥٢.

13 انظر: شمس العلوم، الحميري ٨/٤٩٦٩، الفروق اللغوية، العسكري ص٢٧٢.

14 مقاييس اللغة ٣/١٣٢.

وانظر: مختار الصحاح، الرازي ص١٤٢، لسان العرب، ابن منظور ٤/٤٤٣.

15 الفروق اللغوية ص١٧٦ بتصرف.

16 انظر: الصحاح، الجوهري ١/ ٢٩٩، مقاييس اللغة ١/ ٢٣٨، المفردات ، الراغب الأصفهاني ص٣٨، لسان العرب، ابن منظور ١/ ٢٤٣.

17 الحجاب، المودودي ص١٣٢.

18 مقاييس اللغة ٣/ ٨٢.

19 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/ ٨٢، مختار الصحاح، الرازي ص١٤٨.

20 معجم لغة الفقهاء، محمد قلعجي وحامد قنيبي ص٢٤٥،

21 حراسة الفضيلة، بكر أبو زيد ص٥٠.

22 عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم ٣/٧٧.

23 الجامع لأحكام القرآن، ١٤/١٧٩.

24 أخرجه أحمد في مسنده، ٤٥/٣٧، رقم ٢٧٠٩٠، وابن خزيمة في صحيحه، ٢/٨١٥، رقم ١٦٨٩.

وحسنه محقق المسند.

25 عرق: هو العظم الذي عليه بقية لحم.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٣/٢١٩.

26 أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب التفسير، باب قوله تعالى: (لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلّا أن يؤذن لكم)، ٦/١٢٠، رقم ٤٧٩٥، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان، ٤/١٧٠٩، رقم ٢١٧٠.

27 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم؟، ٢/٦، رقم ٩٠٠، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، ١/٣٢٧، رقم ٤٤٢.

28 الاستشراف: رفع البصر للنظر إلى شيء. والمعنى: أن المرأة إذا خرجت أمعن الشيطان في الإغواء بها.

انظر: تحفة الأحوذي، المباركفوري ٢/٢٠٨.

29 أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الرضاع، باب ١٨، ٢/٤٦٧، رقم ١١٧٣.

وصححه الألباني في إرواء الغليل، ١/٣٠٣، رقم ٢٧٣.

30 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٦/١٧١.

31 أخرجه البخاري في صحيحه.كتاب اللباس، باب من جر إزاره من غير خيلاء، ٧/١٤١، رقم ٥٧٨٤، ومسلم في صحيحه،كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء، ٣/١٦٥٢، رقم ٢٠٨٥.

32 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٥١.

33 أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب اللباس، باب (لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلّا أن يؤذن لكم)، ٦/١١٨، رقم ٤٧٩٠.

34 جامع البيان، الطبري ١٩/١٦٦.

35 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي ٦/٥٨٤.

36 عون المعبود، العظيم آبادي ١١/١٠٦.

37 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٢٧٣، شمس العلوم، الحميري ٢/١١٣٩.

38 أخرجه أبو داود في سننه،كتاب اللباس، باب في قوله تعالى: (يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ)، ٦/١٩٧، رقم ٤١٠١.

وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود، رقم ٤١٠١.

39 المرط: هو الكساء، ويكون من صوف وغيره.

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٤/٣١٩.

40 عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/٦٦٠ لابن مردويه.

41 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٣/١٨٥.

42 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٢٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٥، أضواء البيان، الشنقيطي ٥/٥١١.

43 انظر: تفسير ابن أبي حاتم ٨/٢٥٦٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٢٨٤.

44 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٤٦، أضواء البيان، الشنقيطي ٥/٥١٧، جلباب المرأة المسلمة، الألباني ص٥١.

45 انظر: جلباب المرأة المسلمة، الألباني ص٥٣.

46 أخرجه مسلم في صحيحه،كتاب اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات، ٣/١٦٨٠، رقم ٢١٢٨.

47 المنهاج شرح صحيح مسلم ١٧/١٩١.

48 أحكام القرآن، الجصاص ٣/٣٥٩.

49 تفسير القرآن العظيم، ٦/٤٠٩.

50 أخرجه أحمد في مسنده، ٤/٤١٤، رقم ١٩٧١١ ، والنسائي في سننه،كتاب الزينة، باب ما يكره للنساء من الطيب، ٨/١٥٣، رقم ٥١٢٦، والحاكم في المستدرك، ٢/٣٩٦، رقم ٣٤٩٧.

قال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» ولم يتعقبه الذهبي.

51 بذل المجهود، السهارنفوري ١٧/٦٠.

52 أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، ٢/٨١٢، رقم ١٦٨١، والبيهقي في السنن الكبرى، ٣/٣٤٨، رقم ٥٩٧٣.

53 فيض القدير، المناوي ٣/١٣٧.

54 في ظلال القرآن، سيد قطب ٤/٢٥١٤.

55 أحكام القرآن، الجصاص ٥/١٧٧.

56 أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب العمل في الصلاة، باب التصفيق للنساء، ٢/٦٣، رقم ١٢٠٣، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، ١/٣١٨، رقم ٤٢٢.

57 المغني ٣/٣٠٥.

وانظر: الاستذكار، ابن عبد البر ٤/٥٧.

58 القبطية: هي ثياب من كتّانٍ رقيقٍ كانت تعمل بمصر، نسبة إلى القبط على غير قياس فرقًا بينها وبين الإنسان.

انظر: المصباح المنير، الفيومي ٢/٤٨٨.

59 غلالة: شعار يلبس تحت الثوب للبدن خاصّة.

انظر: تاج العروس، الزبيدي ٣٠/١٢٠.

60 أخرجه أحمد في مسنده، ٣٦/١٢٠، رقم ٢١٧٨٦، والبيهقي في معرفة السنن والآثار، ٣/١٤٦، رقم ٤٠٦٥

وحسنه الألباني في الثمر المستطاب، ١/٣١٨.

61 سبق تخريجه.

62 مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٢/١٤٦.

63 تفسير آيات الحجاب، المودودي ص١٣.

64 سبق تخريجه.

65 التمهيد ١٣/٢٠٤.

66 مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٢/١٤٦.

67 أخرجه ابن سعد في الطبقات ٨/ ٤٩- ٥٠، ومالك في الموطأ ٣/ ١٠٣ بنحوه، ومداره على أم علقمة مرجانة، ذكرها ابن حبان في الثقات ١/ ٢٣٦، وقال الذهبي: «لا تعرف»، قال الألباني: فمثلها لا يحتج بها، وإنما يستشهد بروايتها. انظر: جلباب المرأة المسلمة، الألباني ص٥٧.

68 سبق تخريجه.

69 سبق تخريجه.

70 جلباب المرأة المسلمة ص٦٥.

71 فيض القدير، المناوي ٣/١٣٧.

72 انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر، ابن حجر الهيتمي ٢/٣٧.

73 أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، ٧/١٤١، رقم ٥٧٨٧.

74 سبق تخريجه.

75 أخرجه أحمد في مسنده، ١٤/٦١ ، رقم ٨٣٠٩، وأبو داود في سننه،كتاب اللباس، باب في لباس النساء، ٦/١٩٥، رقم ٤٠٩٨.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/٩٠٧، رقم ٥٠٩٥.

76 أخرجه أبو داود في سننه،كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، ٦/١٤٤، رقم ٤٠٣١.

وجوّد ابن حجر إسناده في فتح الباري ١٠/٢٢٢.

77 اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية ص٨٣.

78 انظر: المصدر السابق.

79 أخرجه أبو داود في سننه،كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، ٦/١٤٣، رقم ٤٠٢٩، وابن ماجه في سننه، كتاب اللباس، باب من لبس شهرة من الثياب، ٢/١١٩٢، رقم ٣٦٠٦.

وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ٢/١١١٣، رقم ٦٥٢٦.

80 جامع الأصول، ١٠/٦٥٨.

81 جامع البيان، ٢٢/٤.

82 روح المعاني ١٨/١٤٦.

83 أخرجه الطبري في تفسيره ١٨/١١٧.

84 انظر: أحكام الزينة، عبير المديفر ٢/٨١٢.

85 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/١١٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٥٣.

86 انظر: المحلى، ابن حزم ٣/٢١٦-٢١٧.

87 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٢٨.

88 انظر: المبسوط، السرخسي ١٠/١٥٣.

89 المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/١٧٨.

90 تفسير سورة النور، ص٩٧.

91 تفسير القرآن العظيم، ٦/٤٧.

92 أخرجه الطبري في تفسيره ١٨/١٢٠.

93 أخرجه الطبري في تفسيره ١٨/١١٧.

94 الدملج: المعضد من الحلي.

انظر: النهاية، ابن الأثير ٢/١٣٤.

95 انظر: الدر المنثور، السيوطي ٦/١٧٩.

96 الشنوف: جمع شنف، وهو من حلي الأذن.

انظر: لسان العرب، ابن منظور ٩/١٨٣.

97 أخرجه الطبري في تفسيره ١٨/١٢٠.

98 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٤٥٤.

99 جامع البيان، ١٨/١١٧.

100 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٣٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٥٧.

101 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٣٧.

102 تفسير القرآن العظيم، ٣/٤٥٧.

103 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٤٥٥.

104 الجامع لأحكام القرآن، ١٢/٢٣١.

105 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب، والرضاع المستفيض، والموت القديم، ٥/٢٥٣، رقم ٢٦٤٥، ومسلم في صحيحه، كتاب الرضاع، باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل، ١٠/٢٧٥، رقم ١٤٤٥.

106 الجامع لأحكام القرآن، ١٢/٢٣٢.

107 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٢٦٥، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٣٣، تفسير سورة النور، المودودي ص١٦٦.

108 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٣٤.

109 انظر: المصدر السابق.

110 انظر: المصدر السابق.

111 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٥٣، فتح القدير، الشوكاني ٤/٢٤.

112 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/١٠٨، لسان العرب، ابن منظور ٣/٣٦١.

113 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٩٠.

114 انظر: المصدر السابق.

115 انظر: المصدر السابق ٦/٩١.

116 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤١٧.

117 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٧/٩٣.

118 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٨/٢٩٩.

119 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٢٣.

120 تفسير سورة النور، ابن تيمية ص١٢٣ بتصرف.

121 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٦٦.

122 انظر: التفسير الوسيط، طنطاوي ١١/٢٣٨.

123 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٦٦٣.

124 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ٢٠/٢١١، رقم ٤٨٦.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٥٠٤٥.

125 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب قدّر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره، ٤/٢٠٤٧، رقم ٢٦٥٧.

126 الجامع لأحكام القرآن، ١٨/٧٤.

127 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٨/١٠١.

128 أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب الحج، باب حج النساء، ٤/٨٦، رقم ٣٠٠٦، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، ٢/٩٧٨، رقم ١٣٤١.

129 أخرجه أحمد في مسنده، ٢٣/١٩، رقم ١٤٦٥١، والترمذي في سننه، أبواب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، ٢/٤٦٥، رقم ١١٧١.

وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٦/٢١٥، رقم ١٨١٣.

130 نيل الأوطار، الشوكاني ٦/١٢٦.

131 أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، ٩/٢٤٢، رقم ٥٢٣٢، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب تحريم الخلوة بأجنبية والدخول عليها، ٤/١٧١١، رقم ٢١٧٢.

132 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٥/١٧٦.

133 عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم ٣/٥٧.

134 في ظلال القرآن، سيد قطب ٥/٢٨٧٨.

135 الطرق الحكمية، ابن القيم ص٣٧٩.

136 تحقق الطريق: تمشين في وسطه.

انظر: تاج العروس، الزبيدي ٢٥/١٦٩.

137 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب مشي النساء مع الرجال في الطريق، ٤/٣٦٩، رقم ٥٢٧٢.

وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ١/٢٢١، رقم ٩٢٩.

138 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، ١/٣٢٦، رقم ٤٤٠.

139 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس، ١/١٧٢، رقم ٨٦٦.

140 المغني، ١/٤٠١-٤٠٢ بتصرف.

141 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٧/٣٧١.

142 روضة المحبين، ابن القيم ص٩٢.

143 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب باب حد الزنا، ٣/١٣١٦، رقم ١٦٩٠.

144 في ظلال القرآن ٤/٢٤٩١.

145 تفسير سورة النور، ابن تيمية ص٦٥.

146 أحكام القرآن، الجصاص ٥/١٦٤.

147 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٦/١٦٨.

148 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٢٢٠.

149 أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب الديات، باب من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه فلا دية له، ١٢/٢٥٣، رقم ٦٢٤١، ومسلم في صحيحه، كتاب الأدب، باب تحريم النظر في بيت غيره، ٣/١٦٩٨، رقم ٢١٥٦.

150 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، ٧/٤٨٤، رقم ٥١٨٦.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/٨٤٩، رقم ٤٦٣٨.

151 سبق تخريجه.

152 المنهاج شرح صحيح مسلم ٤/٥٠٠.

153 أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب الحج، باب حج النساء، ٣/١٩، رقم ١٨٦٠.

154 يقصد الحديث السابق.

155 فتح الباري، ابن حجر ٤/٧٦.

156 الفتاوى الكبرى، ابن تيمية ٥/٣٨١-٣٨٢.

157 عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم ٣/٥٤.

158 انظر: عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم ٣/٩٧، نضرة النعيم، مجموعة باحثين ٤/١٥٢٨.

159 أخرجه وأحمد في مسنده، ٤/٢٤٤، رقم ١٧٩٧٠، وأبو داود، كتاب الحمام، باب النهي عن التعري، ٦/١٣٠، رقم ٤٠١٢، والنسائي في سننه، كتاب الغسل، باب الاستتار عند الاغتسال، ١/٢٠٠، رقم ٤٠٦.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ١/٣٦١، رقم ١٧٥٦.

160 انظر: الدر المنثور، السيوطي ٣/٧٦.

161 أخرجه أحمد في مسنده، ٤٤/١٩٤، رقم ٢٦٥٧٠، وأبو يعلى في مسنده، ١٢/٤٦٠، رقم ٧٠٣١، والطبراني في المعجم الكبير ٢٣/٣١٤، رقم ٧١٠.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ١/٥٢٦، رقم ٢٧٠٨.

162 انظر: الدر المنثور، السيوطي ٣/٧٦.

163 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٤/٢٤٤.

164 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب الحياء، ٨/٢٩، رقم ٦١١٧، ومسلم في صحيحه،كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، ١/٦٤، رقم ٣٧.

165 عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم ٣/١١٤.

166 أخرجه الحاكم في المستدرك، ١/ ٢٢، وقال: «هذا حديث صحيح على شرطهما» ولم يتعقبه الذهبي.

وصححه الألباني في صحيح الجامع، ١/٦٠٩، رقم ٣٢٠٠.

167 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم)، ٨/٣٨٧، رقم ٤٧٩٠.