عناصر الموضوع

مفهوم الترغيب

التّرغيب في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

أساليب عرض الترغيب

مجالات الترغيب

صور الترغيب في القرآن الكريم

أثر الترغيب في سلوك المرء

فوائد الترغيب في التربية والدعوة

الترغيب

مفهوم الترغيب

أولًا: المعنى اللغوي:

يرجع أصل كلمة الترغيب إلى الفعل الثلاثي (رغب)، ويأتي هذا الفعل على معنيين:

الأول: الإرادة، يقول الراغب الأصفهاني: «والرّغبة والرّغب والرّغبى: السّعة في الإرادة»1، يقال: رغب في الشيء رغبًا ورغبةً ورغبى، ورغبًا بالتحريك بمعنى أراده وحرص عليـه، وأرغبني في الشّيء ورغّبني ورغّبه أعطاه ما رغب، أي: ما أراد، والرغبة إرادة الشيء والسعة في الإرادة، فإذا قيل: رغب فيه وإليه؛ اقتضى الحرص عليه إذا أراده، والرغيبة العطاء الكثير لكونه مرغوبًا فيه.

الثاني: ويأتـي بمعنى الترك، يقال: رغب عن الشيء تركه متعمدًا، وزهد فيه ولم يرده، فإذا قيل: رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه والزهد فيه2.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

عرّفه عبد الكريم زيدان: «كل ما يشوّق المدعو إلى الاستجابة وقبول الحق، والثبات عليه»3.

وقال عبد الرحمن النحلاوي: الترغيب: «وعد يصحبه تحبيب وإغراء، بمصلحة أو لذة أو متعة آجلة، مقابل القيام بعمل صالح أو الامتناع عن لذة ضارة أو عمل سيء؛ ابتغاء مرضات الله، وذلك رحمة من الله لعباده»4.

والتعريف المختار هو: «وعد من الله سبحانه و تعالى لعباده فيه تحبيب وإغراء بمصلحة، أو لذة أو متعة عاجلـة أو آجلة، يتبعه حرص وإرادة، مقابل القيام بعمل صالح أو ترك عمل سيء؛ طاعة لله سبحانه وتعالى »5.

فلا يبعد المعنى الاصطلاحي للفظ عن معناه اللغوي الأول، إلا أن المعنى الاصطلاحي فيه زيادة توضيح.

التّرغيب في الاستعمال القرآني

وردت مادة (رغب) في القرآن الكريم (٨) مرات، يخصّ موضوع البحث منها (٥) مرات6.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل المضارع

١

( ) [النساء:١٢٧]

فعل الأمر

١

( ) [الشرح:٨]

المصدر

١

( ) [الأنبياء:٩٠]

اسم الفاعل

٢

( ) [التوبة:٥٩]

وجاء الترغيب في الاستعمال القرآني بمعناه اللغوي، وهو: طلب الشيء، والحرص عليه، والطمع فيه7.

الألفاظ ذات الصلة

الإرادة:

الإرادة لغة:

القصد، يقال: إرادتي بهذا لك، أي: قصدي8.

الإرادة اصطلاحًا:

ميل يعقب اعتقاد النفع9.

الصلة بين الإرادة والترغيب:

الإرادة تعني الميل لتحقيق نفع أو فائدة، والترغيب وعد يصحبه تحبيب وإغراء للحصول على نفع أو فائدة، فكلاهما يحقق النفع والفائدة.

الوعد:

الوعد لغةً:

(الوعد) يستعمل في الخير والشّرّ، يقال: (وعد) يعد بالكسر (وعدًا)، قال الفرّاء: يقال: (وعدته) خيرًا ووعدته شرًّا، فإذا أسقطوا الخير والشّرّ قالوا في الخير10.

الوعد اصطلاحًا:

العهد في الخير11.

الصلة بين الوعد والترغيب:

الوعد أكثر ما يستعمل في الخير، والترغيب وعد يصحبه حرص وإرادة لحصول متعة أو منفعة، وتكون في الخير.

الحث:

الحث لغةً:

السرعة والتّحرّز 12.

الحث اصطلاحًا:

«التحريض على الشيء، والحمل على فعله بتأكيد وإسراع»13.

الصلة بين الحث والترغيب:

الحث يعني: التأكيد على فعل أمر معين والإسراع فيه، والترغيب تحفيز وحث وإسراع لتحقيق منفعة أو لذة في الدنيا أو الآخرة.

الترهيب:

الترهيب لغةً:

رهب الشيء رهبًا ورهبًا ورهبةً خافه14.

الترهيب اصطلاحًا:

وعيد وتهديد من الله سبحانه و تعالى بعقوبة عاجلة أو آجلة؛ لتخويف العباد من اقتراف الذنوب والمعاصي، أو التهاون في أداء الفرائض التي أمر الله بها15.

الصلة بين الترغيب والترهيب:

أنّ الترغيب من الألفاظ المقابلة للترهيب، فالترغيب وعد وتحبيب وإرادة ولذة ومتعة، أما الترهيب فهو وعيد وتهديد وخوف وفزع.

أساليب عرض الترغيب

إنّ المتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أنّ أسلوب الترغيب جاء على ثلاثة أنواع:

أولًا: الجمع بين الترغيب والترهيب في آية واحدة:

جاء هذا الأسلوب في آيات كثيرة من كتاب الله، قال تعالى: ﰕﰖ [الأنعام: ١٦٥].

فهذه الآية الكريمة اشتملت على الترغيب والترهيب معًا، فالترغيب تمثّل في قوله: والترهيب جاء في قوله: ، لأعدائه بإهلاكهم في الدنيا، ثم رغّب من يستحق الترغيب من المسلمين فقال: أي: كثير الغفران لأوليائه عظيم الرحمة بجميع خلقه16.

ثانيًا: الجمع بين الترغيب والترهيب في آيتين منفصلتين متتابعتين:

قال تعالى: ﯿ [الحجر: ٤٩- ٥٠].

فقد جاء الترغيب في آية مستقلة بذاتها ، والترهيب في آية أخرى ﯿ ، يقول السعدي: «ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة من مفعولات الله من الجنة والنار، ذكر ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى، فقال: أي: أخبرهم خبرًا جازمًا مؤيدًا بالأدلة، فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته ومغفرته سعوا في الأسباب الموصلة لهم إلى رحمته، وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها، لينالوا مغفرته»17.

ومثال آخر على هذا الأسلوب: قال تعالى: [البروج: ١٢].

وقوله تعالى: [البروج: ١٤].

فقد اشتملت الآية الأولى على الترهيب من انتقام الله وبشطه، وجاءت الثانية للترغيب في رحمة الله ومغفرته.

ثالثًا: الجمع بين الترغيب والترهيب في مقطع قرآني:

وهذا الأسلوب يأتي ضمن مجموعة من الآيات تشتمل على الترغيب والترهيب، فقد رهّب سبحانه وتعالى من حال الكافرين وهم يساقون جماعات إلى جهنم، ورغّب بحال المتقين، وهم يدخلون الغرفات وبالثواب الذي أعده الله للفائزين بالجنة.

قال تعالى: ﮈﮉ ﮝﮞ ﮭﮮ [الزمر: ٧١- ٧٢].

يقول ابن عاشور في تفسيره: «ابتدئ في الخبر بذكر مستحقّي العقاب؛ لأنّه الأهمّ في هذا المقام؛ إذ هو مقام إعادة الموعظة والتّرهيب للّذين لم يتّعظوا بما تكرّر في القرآن من العظات مثل هذه، فأمّا أهل الثّواب فقد حصل المقصود منهم، فما يذكر عنهم فإنّما هو تكرير بشارةٍ وثناءٍ»18.

وقال تعالى: ﯚﯛ ﯶﯷ [الزمر: ٧٣-٧٤].

ومن الأمثلة على هذا النوع أيضًا: قوله تعالى واصفًا نعيم أهل الجنة: [الواقعة: ٢٧ - ٤٠].

يقول أبو بكر الجزائري في تفسيره: « وهم الذين إذا وقفوا في عرصات القيامة أخذ بهم ذات اليمين وهم أهل الإيمان والتقوى في الدنيا، وقوله تعالى: تفخيم لشأنهم وإعلان عن كرامتهم، ثم بيّن ذلك بقوله: إنهم في هذا النعيم الدائم المقيم، إنهم يتفكّهون بالنبق الذي هو أحلى من العسل، وأنعم من الزبد، شجره مخضود الشوك لا شوك به، ويتفكّهون بالطلح، أي: ثمره وهو الموز، والماء المصبوب الجاري، والفاكهة الكثيرة التي لا تقطع بالفصول الزمانية كما هي الحال في فاكهة الدنيا، يوجد منها في الصيف ما لا يوجد في الشتاء مثلًا، ولا ممنوعة بثمن غال ولا رخيص، وفي فرش مرفوعة عالية علو الدرجات التي هي فيها، وقوله: يعني: الحور العين»19.

وفي المقابل وصف القرآن صور العذاب الذي أعدّه الله لأهل النار جزاء لهم على كفرهم وعدم إيمانهم، فقال تعالى: [الواقعة: ٤١ - ٤٥].

يصف الله سبحانه وتعالى حال أهل النار وعذابهم، وهم أهل النار، الذين يؤخذ بهم ذات الشمال من موقف الحساب إلى النار ماذا لهم، وماذا أعدّ لهم، تهبّ عليهم ريح شديدة الحرارة، وظل من دخان شديد السواد20.

مجالات الترغيب

القرآن الكريم حافل بالآيات القرآنية المتضمنة للترغيب ومجالاته المتعددة، كالترغيب في الإيمان بالله والأعمال الصالحة والأخلاق، وسوف نتحدث عن كل مجال من هذه المجالات.

أولًا: الترغيب في الإيمان:

الإيمان بالله أول واجب على الإنسان، وعليه يقوم الإيمان ببقية أركـان الإيمان؛ إذ لا يصح إيمان أحد بشيء من أركان الإيمان إلا بعد إيمانه بالله؛ حيث إن الله عز و جل هو الذي شرع الأركان الأخرى، وأمر العباد باعتقادها؛ لذا يذكر الإيمان بالله تعالى متقدمًا على بقية الأركان حين يذكر معها، كقوله تعالى: ﭿ ﮊﮋ [النساء: ١٣٦].

وقد رغّب القرآن الكريم بالإيمان في كثير من الآيات، ومن صور الترغيب ما يأتي:

١. نيل رضا الله سبحانه وتعالى.

قال تعالى: ﯝﯞ ﯢﯣ [التوبة: ٧٢].

قال ابن جرير الطبري رحمه الله: «وأما قوله: فإن معناه: ورضى الله عنهم أكبر من ذلك كله، بذلك جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم »21.

وقال ابن كثير رحمه الله: « أي: أعظم مما أعطاهم من النعيم المقيم» 22، فهذا الرضوان لا يكون إلا للمؤمنين كما قال سبحانه وتعالى: ﭜﭝ ﭢﭣ [البينة: ٧-٨].

٢. تحصيل الأجر العظيم.

قال تعالى: ﯩﯪ [آل عمران: ١٧٩].

فإن الله أمـر بالإيمـان بـه سبحانه وتعالى، ووعـد علـى ذلـك الأجـر العظيـم في الآخرة23.

وقد ذكر الله عز و جل ثواب الذين آمنوا به سبحانه و تعالى بأن لهم أجورًا عنده قال تعالى: ﮞﮟ [النساء: ١٥٢].

وذكر الله أجورهم نكرة ليدل على أنها أجورٌ عظيمة، كل حسب حاله؛ ليجتهد المؤمن فيعمل صالحًا، ويتقرّب إليه سبحانه و تعالى؛ كي يحصّل الأجر والثواب الجزيل، وبذلك يستمر المؤمن على طاعة ربه فيستقيم أمره في الدنيا والآخرة.

٣. الهداية والثبات في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: ﭤﭥ ﭪﭫ [التغابن: ١١].

بيـّن الله عز و جل أن من أصابتـه مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فآمن بالله عز وجل وبما كتب له فصبر واحتسب؛ كانت له الهداية القلبية، في جميع أحواله وأقواله وأفعاله وفي علمه وعمله، ويهديه في الآخرة لدخول الجنة، فيستقيم أمره كله24.

وقال عز و جل: ﰕﰖ ، ﰕﰖ [البقرة: ٢٥٦].

فقد بيّن الله أن الذين آمنوا به سبحانه وتعالى فقد استمسكوا بالعروة الوثقى وهي الدين القويم الذي ثبتت قواعده ورسخت أركانه، فمن يؤمن بالله فقد اعتصم من طاعة الله بما لا يخشى مع اعتصامه خذلانه إياه، كالمتمسك بالوثيق من عرى الأشياء التي لا يخشى انكسار عراها25، وشبّه الله عز وجل ثبات المؤمن على إيمانه بالعروة القوية التي لا تنفصم؛ لإحكامها وشدة ربطها، فكان المتمسك بذلك على ثقة من أمره فيثبت على هذا الدين.

٤. الرفعة والعلو في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: [المجادلة: ١١].

فإن الله يكرم المؤمن بالثواب في الآخرة، والكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم 26.

٥. التمكين في الأرض والأمن.

قال تعالى: ﭿ [النور: ٥٥].

إن الله وعـد مـن آمن به سبحانه و تعالى وعمل الأعمال الصالحات، بالاستخلاف في الأرض -أي: يجعلهم خلفاء فيها، ويثبت لهم دينهم ويظهره على جميع الأديان، ويذهب عنهم أسباب الخوف بحيث لا يخشون إلا الله سبحانه وتعالى27.

٦. الحياة الطيبة.

قال تعالى: ﮔﮕ [النحل٩٧].

إن الله وعد من آمن به سبحانه و تعالى وعمل صالحًا، أن يحييه حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمل في الدار الآخرة، واختلف في تفسير الحياة الطيبة: قيل: الرزق الطيب الحلال، وقيل: القناعة، وقيل: السعادة، وقيل: توفيقه إلى الطاعات، وقيل: الحياة في الجنة28، فإنه وإن اختلف في تأويل معنى الحياة الطيبة، فكل المعاني فيها ترغيب للمؤمن بالعمل الصالح؛ حتى يفوز بهذا الوعد، والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتاه)29.

٧. ولاية الله للمؤمنين,

قال تعالى: [آل عمران: ٦٨].

يقول الطبري في تفسيره: «والله ناصر المؤمنين بمحمد، المصدّقين له في نبوّته وفيما جاءهم به من عنده، على من خالفهم من أهل الملل والأديان»30.

٨. دخول الجنة.

قال تعالى: ﯽﯾ ﯿ [الحج: ٢٣].

أكد الله سبحانه و تعالى لأولئك الذين آمنوا به، وصدّقوا بما جاء به، أن يدخلهم جنات وليس جنة واحدة، وفي ذلك ترغيب للمؤمن لتحصيلها، وذكر بعض ما فيها من النعيم مثل الأنهار التي تجري من تحتها، والأساور من الذهب والحرير، التي يلبسها الرجال والنساء ويتنعمون بها 31، وأعظم فوز للمؤمنين دخول الجنة، قال تعالى: ﮰﮱ [آل عمران: ١٨٥].

ثانيًا: الترغيب في الأعمال الصالحة:

الأعمال الصالحة في القرآن الكريم كثيرة، ومن أهم الأعمال الصالحة التي لابد للمسلم أن يحرص عليها: العبادات، كالصلاة والزكاة والحج والصيام؛ لذلك نجد القرآن الكريم حافلًا بالآيات المرغبة بهذه العبادات ومن أهم هذه العبادات:

١. الترغيب في الصلاة.

إن الله ميّز الصلاة عن غيرها من العبادات بمميزات كثيرة، فهي صلة بين العبد وربه، وأول ما يحاسب عليها العبد يوم القيامة، وفرضت في السماء ليلة المعراج؛ لذلـك نجـد أن الله سبحانه وتعالى قـد أمرنـا بإقامتهـا فـي كثير من الآيات؛ وذلك لأهميتهـا وعظـم منزلتهـا، وأمرنـا بالاستعانـة بهـا فـي كـل الأمور، قال سبحانه و تعالى: ﯵﯶ [البقرة: ١٥٣].

وقال سبحانه و تعالى: ﯓﯔ [البقرة: ٤٥].

ولقد رغّب القرآن في الصلاة، ومن صور ترغيبه ما يأتي:

أنها سبب للانتهاء عن المعاصي: قال تعالى: [العنكبوت: ٤٥].

فالصلاة سياج للمؤمن من كل منكر، فجمعت طرفي المقصد شرعًا، وهما العون على الخير والحفاظ من الشر؛ ولذا فقد عني بها النبي صلى الله عليه وسلم كـل العناية، كما هو معلوم إلى الحد الذي جعلها الفارق والفيصل بين الإسلام والكفر، فعن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) 32.

تجلب الرزق: حيـث إن المحافظة على الصلاة من أعظم الأسباب لتحصيل الرزق، قال تعالى: ﯕﯖ ﯙﯚ ﯜﯝ [طه: ١٣٢].

يخاطب الله سبحانه وتعالى محمدًا طالبًا منه أن يأمر قومه بالمداومة على الصلاة، وأن يوجّه أهله بتأدية الصلاة في أوقاتها، فإن أول واجبات المسلم أن يحوّل بيته إلى بيتٍ مسلم، ونحن لا نكلّفك رزق أحد، بل نطلب عملًا نؤتيك عليه أجرًا عظيمًا33.

فهذا الارتباط في الآيـة بيـن الصـلاة والرزق لدليـل على أن إقامة الصلاة، وأمر الأهل بها، باب عظيم من أبواب الرزق.

وقال تعالى: ﯸﯹ ﯿ ﰁﰂ ﰇﰈ ﰍﰎ [آل عمران: ٣٧].

فلولا صلاة مريم في المحراب ومداومتها على الصلاة، لما نالت هذا الرزق الذي دهش له نبي الله زكريا عليه السلام 34.

٣. تكفير السيئات ودخول الجنات.

قال تعالى: [المائدة: ١٢].

لما أخذ الله الميثاق على بني إسرائيل، أمرهم بإقامة الصلاة، فبيّن لهم ثواب تلك العبادة، بأنها سبب لتكفير السيئات ودخول الجنة، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: (الصلـوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر)35.

تحصيل الرحمة: قال تعالى: [النور: ٥٦ ].

يأمر الله سبحانه وتعالى عباده بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وبطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ كي يرحمهـم وينجيهـم من عذابـه يوم القيامة، فالصلاة سبب لتحصيل الرحمة من الله سبحانه و تعالى36.

وللصلاة دور كبير في استقامة الإنسان في الدنيا والآخرة، فهي ترشد إلي الخير، وتساعد على ترك الرذيلة والفاحشة، كما أنها سبب للظفر بثواب الله ودخول جنته، والصلاة بما اشتملت عليه من أقوال وأفعال تعوّد الإنسان أن يقرن العلم بالعمل، كما يظهر ذلك في ركوعه وسجوده، كما أن فيها تعويدًا على الإخلاص في العمل، وعلى النظام في الحياة بما فيها من ضبط للأوقات، وتنسيق لأداء أركانها، كما أن فيها تعويدًا على النظافة بما يشترط لها من طهارة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: (أرأيتم لو أنّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كلّ يومٍ خمس مرّاتٍ هل يبقى من درنه شيء؟)، قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: ( فذلك مثل الصّلوات الخمس يمحو اللّه بهنّ الخطايا)37.

وقد ذمّ الله المتخلفين عنهـا، وتوعّدهم بالوعيد الشديد، قال تعالى: [الماعون: ٤-٥].

أي: مضيّعون لها، تاركون لوقتها، مفوّتون لأركانها وهم المنافقون؛ وهذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات وأفضل القربات، والسهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوم، وأما السهو في الصلاة، فهذا يقع من كل أحد، حتى من النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا وصف الله هؤلاء بالرياء والقسوة وعدم الرحمة38.

٢. الترغيب في الزكاة.

الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام، وفريضة من فرائضه؛ لذلك نجد القرآن الكريم حثّ على فعلها، وأدائهـا فـي كثيـر من الآيات، وهي قرينة الصلاة في مواضع كثيرة من كتاب الله، حيث قرنت الزكاة بالصلاة في اثنتين وثمانين آية، وفي ذلك دلالة على مكانتها عند الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك قوله تعالى: [البقرة: ٤٣].

وقوله تعالى: [البينة: ٥ ].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والحجّ، وصوم رمضان)39، وقد رغّب الله سبحانه وتعالى في أداء الزكاة، فقال تعالى: ﮢﮣ ﮧﮨ [التوبة: ١٠٣ ].

«يقول سبحانه مخاطبًا رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن قام مقامه، آمرًا له بما يطهّر المؤمنين، ويتمّم إيمانهم: وهي الزكاة المفروضة، أي: تطهّرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة» 40.

فقد شرع الله الزكاة تطهيرًا لنفوس البشرية من الشح والبخل والطمع، ومواساة للفقراء والمساكين والمحتاجين، وتطهيرًا للمال وتنميته، وإحلال البركة فيه، ووقايته من الآفات والفساد، وإقامة المصالح العامة التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها.

ولأهمية الزكاة ومكانتها عند الله سبحانه وتعالى، فقد جعلها إحدى الصفات التي يتميّز بها المؤمنون، عن المنافقين الذين وصفهم الله بقوله: ﮨﮩ ﮰﮱ ﯕﯖ [التوبة: ٦٧].

يقول الطبري في تفسيره: «ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله، ويكفّونها عن الصدقة، فيمنعون الذين فرض الله لهم في أموالهم ما فرض من الزكاة حقوقهم»41.

فهؤلاء المنافقون يقبضون أيديهم حرصًا على المال وشحًّا، فاستحقوا نسيان الله لهم، أما أولئك المؤمنون فيبسطون أيديهم بذلًا وإيمانًا، فاستحقوا أن يرحمهم الله، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتال من يمتنع عن دفع الزكاة، ويرفض أدائها، فعن ابن عمر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدًا رسول الله، ويقيموا الصّلاة، ويؤتوا الزّكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّ الإسلام، وحسابهم على الله)42.

وقد وصى الرسول صلى الله عليه وسلم معاذًا حينما بعثه إلى اليمن أن يأمر أهلها بالزكاة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنّك تأتى قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّي رسول اللّه، فإن هـم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ اللّه افترض عليهم خمس صلواتٍ فى كلّ يومٍ وليلةٍ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ اللّه افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ فى فقرائهم)43.

وقد رغّب الله في الزكاة حيث إيتاء الزكاة ثمرة من ثمرات التمكين، فقال تعالى: ﮑﮒ [الحج: ٤١].

وقد بيّن الله سبحانه وتعالى في سورة الذاريات أن من صفات الأبرار الإحسان، وأن مظهر إحسانهم يتجلى في القيـام من الليل، والاستغفار في السّحر، كما يتجلى في إعطاء الفقير حقه؛ رحمةً وحنوًّا عليه.

قال تعالى: ﭿ ﮄﮅ [الذاريات: ١٥ - ١٩].

حيث بيّنت هذه الآيات صفات المتقين الذين يستحقون دخول الجنة، بأنهم جعلوا في أموالهم جزءًا معيّنًا خصّصوه للسّائل المحتاج، الذي وضّحه الرسول صلى الله عليه وسلم في وصف المسكين في الحديث الذي رواه أبو هريرة، أنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: (ليس المسكين بهذا الطّوّاف الّذي يطوف على النّاس، فتردّه اللّقمة واللّقمتان، والتّمرة والتّمرتان، قالوا: فما المسكين؟ يا رسول الله، قال: الّذي لا يجد غنًى يغنيه، ولا يفطن له، فيتصدّق عليه، ولا يسأل النّاس شيئًا)44.

ويتمثل ترغيب القرآن في الزكاة بما يأتي:

الزكاة تطهر صاحبها من الشّح وتحرّره من عبوديّة المال، وهذان مرضان من أخطر الأمراض النّفسية التي ينحطّ معها الإنسان ويشقى؛ ولذلك قال تعالى: ﯿ [الحشر: ٩].

يقول أبو السعود في تفسيره: « ﯿ الشّح بالضمّ والكسر، وقد قرئ به أيضًا: اللؤم، وإضافته إلى النفس لأنّه غريزةٌ فيها، مقتضيةٌ للحرص على المنع الذي هو البخل، أي: ومن يوق بتوفيق الله تعالى شحّها حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حبّ المال وبغض الإنفاق إشارةٌ إلى ﯿ باعتبار معناها العامّ المنتظم للمذكورين انتظامًا أوليًّا الفائزون بكل مطلوب الناجون عن كل مكروهٍ»45.

  1. الزّكاة تدريبٌ على الإنفاق في سبيل الله، قال تعالى: [المعارج: ٢٤- ٢٥].
  2. قد ذكر الله تعالى الإنفاق في سبيل الله على أنّه صفةٌ ملازمة للمتّقين في سرّائهم وضرّائهم، في سرّهم وعلنهم، وجعلها من أهمّ صفاتهم على الإطلاق، وقد قرنها بالإيمان بالغيب والاستغفار بالأسحار، والصّبر والصدق، والقنوت، ولا يستطيع الإنسـان الوصـول إلى الإنفاق الواسع في سبيل الله، إلا بعد أن يعتاد على أداء الزكاة، وهي الحدّ الأدنى الواجب إنفاقه.
  3. الزّكاة شكرٌ لنعمـة الله، وعلاجٌ للقلـب من حـبّ الدنيـا، وتزكية للنفس، قال تعالى: [التوبة: ١٠٣].
  4. كما أنّها تزكية للمال نفسه ونماءٌ له46، قال تعالى: ﯿ ﰁﰂ [سبأ: ٣٩].
  5. الزكاة تقرّب الفوارق بين طبقات الناس: حيث إنّ الإسلام يقر التفاوت في الأرزاق؛ لأنّه نتيجة للتّفاوت في المواهب والطّاقات، ولكنه يرفض أن يصير الناس طبقتين، إحداهما: تعيش في النعيم، والأخرى: في الجحيم، ويحرص على أن يشارك الفقراء الأغنياء في النعيم، كما يحرص على أن يملّكهم ما يسدّ حاجاتهم، والزّكاة إحدى الوسائل التي يستعملها الإسلام لبلوغ هذه الغاية، لذلك جعلها لأصناف معينة من الناس، كما قال سبحانه: ﮰﮱ ﯕﯖ [التوبة: ٦٠].
  6. للزكاة دور كبير في القضاء على ظاهرة التّسوّل، وفي التّشجيع على إصلاح ذات البين، ولو اضطر المصلحون إلى تحمل أعباء مالية، يمكن أن تؤدى من الزكاة.
  7. الزكاة تنجي العبد من الاتصاف بخصال المنافقين، وهي سبب لسعة الرزق، لا كما يعتقد أصحاب القلوب المريضة، قال تعالى: ﮨﮩ ﮰﮱ ﯕﯖ [التوبة: ٦٧].
  8. الزكـاة سبب لمعية الله عز و جل، قال تعالى: ﯿ [النحل: ١٢٨].

    ٣. الترغيب في الصيام.

    الصيام عبادة من أعظم العبادات، وفريضة من أوجب الفرائض، بل ركن من أركان الإسلام، وقربة من أشرف القربات، وطاعة مباركة، لها آثارها العظيمة والكثيرة العاجلة والآجلة، فالنصوص في فضل الصيام كثيرة، وكلها تحثّ عليه وترغّب فيه، وتبيّن ما للصائم من الثواب عند الله يوم القيامة، فمن ثمرات الصيام ما يأتي:

    • تحصيل التقوى.

      قال تعالى: [البقرة: ١٨٣].

      يخبر تعالى بما منّ به على عباده؛ حيث فرض عليهم الصيام، كما فرضه على الأمم السابقة؛ لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق، و فيه تنشيط لهذه الأمة، بأن تنافس غيرها في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى فعل الخيرات47.

      جمال الفاصلة في قوله تعالى: « جملة تعليلة جيء بها لبيان حكمة مشروعية الصيام، فكأنه سبحانه وتعالى يقول لعباده المؤمنين: فرضنا عليكم الصيام كما فرضناه على الذين من قبلكم، لعلكم بأدائكم لهذه الفريضة تنالون درجة التقوى والخشية من الله، وبذلك تكونون ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه»48.

      فالتقوى تتألف من عنصرين:

      الأول: عنصر إيجابي، وهو القيام بما أمر الله سبحانه وتعالى به من فروض وواجبات، في القول، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي كان مع الإيمان مناط خيرية الأمة، قال تعالى: [آل عمران: ١١٠].

      وكذلك بما أمر الله سبحانه و تعالى في الفعل، كالصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات.

      والثاني: وهو الانتهاء عما نهى الله سبحانه وتعالى، كالغيبة والنميمة والغش ونحوهما. فإذا تحقق التقوى بالصوم، فقد تحققت القيم الروحية التي أحبها الله سبحانه وتعالى، وأراد أن يغرسها في قلب المؤمن49.

    • الصيام من أسباب استجابة الدعاء.

      قال تعالى: ﯮﯯ ﯴﯵ [البقرة: ١٨٦].

    • المغفرة والأجر والعظيم.

      قال تعالى: [الأحزاب: ٣٥].

    • الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة.

      لما روى الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربّ؛ منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان)50.

    • فرح الصائم بما يناله في العاجل والآجل.

      كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه) 51.

      وهذا من الفرح المحمود؛ لأنه فرح بفضل الله ورحمته، ولعل فرحه بفطره لأن الله منّ عليه بالهداية إلى الصيام، والإعانة عليه حتى أكمله، وبما أحله الله له من الطيبات، ويفرح عند لقاء ربه حين يلقى الله راضيًا عنه، ويجد جزاءه عنده كاملًا موفرًا52.

      شرع الصوم ليحصل الإنسان على التقوى، باعتبارها تركيزًا للإرادة في كلّ كيانه وحفظًا للاستقامة بعيدًا عن خط الانحراف، فالصوم يخلق ضميرًا داخليًّا، يؤدي دور الرقيب الدائم والحسيب المسيطر، وبهذه الرقابة الداخلية تتأكد صفة الإنسان المسلم في كلّ الأحوال والأوقات، فيكون مسلمًا حقيقيًّا، يسلم الناس من لسانه ويده، ويجدون فيه ومنه كلّ ما يدلّ على معاني الإسلام؛ المعاني التي تتحقق من عبادة الصوم، فبالصيام تحفظ النفس البشرية من الوقوع في المعاصي، وفيه تنقية لقلب المؤمن من الأحقاد والشرور، وشهر الصيام يذكّرنا بالفقراء والمساكين، بل ويعود المسلم على البذل والعطاء من تقديم الصدقات للفقراء والمحتاجين، وهو أيضًا حمية للبدن، وصحة الجسد، ويمثّل صوم رمضان دورةً تدريبية للمسلم، تتولى تهيئة الإنسان لأن يكون قادرًا على أداء الصوم الكبير، حيث تتصلّب إرادته فيقوى على ترك المحرمات في كل زمان ومكان، وليس في نهار رمضان فقط، فيكون بذلك إنسانًا مالكًا لكلّ إرادته في طاعة الله وترك معاصيه، ومعايشًا لثمرة التقوى في حياته كلها.

      ٤. الترغيب في الحج.

      الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، تجتمع فيه كل شعائر العبادات، ففيه يعلن الناس الشهادة بالوحدانية لله سبحانه و تعالى.

      وفيه تؤدى الصلاة طوعًا لله ورجاء.

      وفيه ينفق الناس المال على حبه ابتغاء مرضات الله.

      وفيه يجاهد الناس بالمال والنفس، وبكل نفيس في سبيل الفوز بالجنة التي وعد الله بها عباده المؤمنين.

      وقد رغّب القرآن الكريم في هذه العبادة؛ لأنها تحقق أهدافًا وغايات عظيمة، ونذكر منها على سبيل المثال ما يأتي:

    • الحج تعويد للنفس على الطاعة والامتثال لأمر الله.

      فرض الحج في العمر مرة على كل مسلم ومسلمة لمن استطاع ذلك، ومن ينكر فرضية الحج فقد كفر، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: [البقرة: ١٩٦].

      وقوله: [آل عمران: ٩٧].

      «يعني: أنه حق واجب لله في رقاب الناس لا ينفكون عن أدائه، والخروج عن عهدته لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا»53.

      ولقد بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضية الحج، فعن أبي هريرة قال: خطب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم النّاس فقال: (إنّ اللّه عز و جل قد فرض عليكم الحجّ، فقال: رجلٌ في كلّ عامٍ؟ فسكت عنه حتّى أعاده ثلاثًا، فقال: لو قلت: نعم، لوجبت، ولما قمتم بها، ذروني ما تركتكم، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بالشّيء فخذوا به ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه)54.

      فنجد أن الحجاج يؤدون المناسك مثل: الطواف، والوقوف بعرفة، والسعي، والحلق والتقصير، والهدى، وغير ذلك من النسك دون نقاش أو جدل، بل طاعة وامتثالًا واستسلامًا لأمر الله سبحانه وتعالى، وفي هذا تعويد للنفس البشرية على طاعة الله والاتحاد على دعوته، ولقد وعد الله سبحانه وتعالى أصحاب هذه النفوس المطيعة والمستسلمة له بالمغفرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: (من حجّ للّه فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمّه)55.

    • الحج تزويد للقلوب بالإيمان والتقوى.

      من منافع الحج الروحية التزود بالتقوى، ولقد بيّن الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله: [الحج: ٣٧].

      وقوله جل شأنه: ﭭﭮ [البقرة: ١٩٧].

      وقال أيضًا: [الحج: ٣٢].

      ولقد ورد في تفسير هذه الآيات أن من أهم مقاصد أداء مناسك الحج هو «استشعار التقوى والتزود منها»، فقد ورد في ظلال القرآن في هذا الشأن: «والتقوى زاد القلوب والأرواح، منه تقتات، وبها تروى وتشرق، وعليها تستند في الوصول والنجاة، وأولوا الألباب هم أول من يدرك التوجيه إلى التقوى وخير من ينتفع بهذا الزاد»56، فالحج مناسبة طيبة ومباركة لتزويد القلوب بالتقوى، وهو خير الزاد يتزود به المسلم.

    • تحصيل المنافع الدنيوية والأخروية.

      قال تعالى: [الحج: ٢٧- ٢٨].

      يقول ابن كثير: «أن للناس في الحج منافع في الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارات»57.

      الحج مدرسة لتربية النفس والسمو بها إلى العلا، فيها يتعلم المسلم كيف يعيش في عبادة خالصة لله سبحانه وتعالى، وأن يكبح جماح الشهوات واللذات، فيها يعوّد الإنسان نفسه على التضحية والجهاد والالتزام بالطريق السوي، وفيها يربّي الإنسان نفسه على حب الله ورسوله والولاء للإسـلام كمنهج حياة، فيها يقتدي الإنسان برسول الله وبأصحابه والمجاهدين، الذين جاهدوا في الله حق جهاده حتى أتاهم اليقين، وتركوا لنا راية الإسلام مرفوعة في ربوع العالم، إن من يتعلم في هذه المدرسة، ويحرص على الاستفادة بما فيها من دروس تربوية؛ يكون جزاؤه الجنة، وقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحج من أفضل الأعمال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أيّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمانٌ بالله ورسوله، قيل: ثمّ ماذا؟ قال: جهادٌ في سبيل الله، قيل: ثمّ ماذا؟ قال: حجٌّ مبرورٌ)58.

      فللحج دور كبير في استقامة الإنسـان على الطاعة والطريق المستقيم، وهو فترة تدريب عملـي على الكف عن الخطايا والآثام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمّه)59.

      ولهذا كان الترغيب في هذه العبادات لما لها من أجر عظيم يناله العبد عند الله تعالى، ولما لها من أثر على سلوكه مع نفسه وأهله ومجتمعه، فلله الحمد والمنة، أن هدانا للعمل بهذا الدين ورغبنا فيه.

      ثالثًا: الترغيب في الأخلاق الحسنة:

      رغّب القرآن الكريم بالأخلاق الحسنة، وجعل لها مكانة رفيعة، حيـث أثنى الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم بحسـن الخلـق، فقال تعالى: [القلم: ٤].

      وبعـث رسوله لكي يتمّم مكارم الأخلاق، من خلال مبادئ الإسلام الحنيف، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)60.

      وأثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق، عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (ما من شيءٍ أثقل في الميزان من حسن الخلق)61.

      والأخلاق الحسنة في القرآن الكريم كثيرة، وسوف نتعرف على بعض هذه الأخلاق كخلق الصبر والرحمة والصدق في القرآن الكريم، وبيان ذلك فيما يأتي:

      ١. الترغيب في الصبر.

      ترجع عناية القرآن البالغة بالصبر لما له من قيمة كبيرة، وأثر في الحياتين الدنيا والأخرى، الصبر من أكثر الأخلاق التي اعتنى بها دين الإسلام؛ لذا تكرر ذكره في القرآن في مواضع كثيرة، قال أبو عبد الله أحمد ابن حنبل: «ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن في تسعين موضعًا»62، فليس هو من الفضائل الثانوية، بل من الضرورات اللازمة التي لا انفكاك للإنسان عنها، فلا نجاح في الدنيا ولا نصر ولا تمكين إلا بالصبر، ولا فلاح في الآخرة، ولا فوز ولا نجاة إلا بالصبر، ولقـد رغّب القرآن الكريم في الصبر في العديد من الآيات القرآنية، وبيان ذلك فيما يلي:

    • الصبر سبب في تحصيل الفلاح.

      قال تعالى: [آل عمران: ٢٠٠].

      يقول السعدي: «حض المؤمنين على ما يوصلهم إلى الفلاح وهو: الفوز والسعادة والنجاح، وأن الطريـق الموصل إلى ذلك لزوم الصبر، الذي هو حبس النفس على ما تكرهه، من ترك المعاصي، ومن الصبر على المصائب، وعلى الأوامر الثقيلة على النفوس، فأمرهم بالصبر على جميع ذلك»63.

    • ظفر الصابرين بمعية الله.

      قال تعالى: [البقرة: ١٥٣].

      قال الشوكاني في تفسيره للآية: «فيها أعظم ترغيب لعباده سبحانه إلى لزوم الصبر على ما ينوب من الخطوب، فمن كان الله معه لم يخش من الأهوال؛ وإن كانت كالجبال»64.

    • الصبر سبب في تحقيق النصر.

      قال تعالى: ﭹﭺ ﭿ [آل عمران: ١٢٥].

      «يعني: تصبروا على مصابرة عدوّكم وتتّقوني وتطيعوا أمري، فيتحقق لكم النصر والظفر بالعدو»65.

    • فوز الصابرين بمحبة الله.

      قال تعالى: [آل عمران: ١٤٦].

      فالله يحب هؤلاء الصابرين؛ لأنهم استجابوا لأمره وطاعته وطاعة رسوله في جهاد عدوه66.

    • فوز الصابرين بالمغفرة والأجر الكبير.

      قال تعالى: [هود: ١١].

      بيّن الله سبحانه و تعالى ثواب أولئك الصابرين فقال: لذنوبهم، يزول بهـا عنهم كل محذور. وهو: الفوز بجنات النعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين67.

    • نجاة الصابرين من الخسران والهلاك.

      قال تعالى: [العصر: ١-٣].

      إن كل إنسان لفي نوع من الخسران؛ لما يغلب عليه من الأهواء والشهوات، إلا الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات، وأقاموا على الطاعات، وأوصى بعضهم بعضًا بالتمسك بالحق اعتقادًا وقولًا وعملًا، وأوصى بعضهم بعضًا بالصبر على المشاق التي تعتـرض لهم، فهؤلاء ناجون من الخسران، مفلحون في الدنيا والآخرة، وإنما ذكر سبب الربح دون الخسران اكتفاء ببيان المقصود؛ فإن المقصود بيان ما فيه الفوز بالحياة الأبدية والسعادة السرمدية68.

      ولما يعلم الإنسان ما أعد الله للصابرين، يحرص على تحصيله، والمداومة عليه، فبالصبر يتغلب الإنسان على شهوات النفس والدنيا، ويمسك عن المعاصي والفتن، ويسارع إلى فعل الطاعات والفوز برضا الله عز و جل، ويشعر بالرضا والطمأنينة بقضاء الله وقدره، فهو يحقّق العزة و والكرامة والاستقامة للفرد والنصر للأمة والمجتمع، وهذه ثمرة عظيمة، وغاية يسعى إليها كل مؤمن صادق، مخلص لله في عبادته؛ لأنه يدرك ما لهذه الثمرة من مكانة عند الله عز و جل.

      ٢. الترغيب في أسباب تحصيل الرحمة.

      الرحمة خلق من الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، وأمرنا بالاتصاف بها، فإن الله سبحانه و تعالى وصف نفسه بها، ووصف بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: [التوبة: ١٢٨].

      وحث القرآن الكريم على تحصيل هذا الخلق؛ لما له من آثار طيبة تنعكس على حياة المسلم.

      ومن أسباب تحصيل الرحمة في القرآن الكريم:

    • الصبر على المصائب.

      قال تعالى: ﭾﭿ [البقرة: ١٥٦-١٥٧].

      أخبر الله سبحانه و تعالى أن المؤمن إذا سلّم لأمر الله تعالى، وصبر على مصيبته، كتب الله تعالى له ثلاث خصال، الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى69.

    • القتال في سبيل الله.

      قال ابن عاشور في تفسيره للآية: [آل عمران: ١٥٧-١٥٨].

      «ذكر ترغيبًا وترهيبًا، فجعل الموت في سبيل الله والموت في غير سبيل الله، إذا أعقبتهما المغفرة خيرًا من الحياة وما يجمعون فيها، وجعـل المـوت والقتل في سبيل الله وسيلة للحشر والحساب؛ لحصول المغفرة والرحمة»70.

    • الاستماع والإنصات للقرآن الكريم.

      قال تعالى: [الأعراف: ٢٠٤].

      «هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب اللّه يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصـات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه، وأما الاستماع له، فهـو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب اللّه؛ فإنه ينال خيرًا كثيرًا وعلمًا غزيرًا، وإيمانًا مستمرًّا متجددًا، وهدىً متزايدًا، وبصيرةً في دينه؛ ولهذا رتّب اللّه حصول الرحمة عليهما»71.

    • إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

      قال تعالى: [النور: ٥٦].

      قال الشنقيطي في تفسيره: «هذه الآية الكريمة تدل على أن إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لرحمة الله سبحانه و تعالى »72.

    • الإصلاح بين الناس.

      قال تعالى: ﯡﯢ [الحجرات: ١٠].

      يقول تعالى ذكره لأهل الإيمان: في الدين، إذا اقتتلا بأن تحملوهما على حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وخافوا الله أيها الناس، بأداء فرائضه عليكم في الإصلاح بين المقتتلين من أهل الإيمان بالعدل؛ ليرحمكم ربكم، فيصفح لكم عن سالف إجرامكم، إذا أنتم أطعتموه، واتبعتم أمره ونهيه، واتقيتموه في السر والعلن73.

      للرحمة آثار طيبة تعود على الفرد والمجتمـع، كيـف لا، وقـد اتصف الرسول صلى الله عليه وسلم بها، عن النّعمان بن بشيرٍ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)74.

      فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم من بين صفات المؤمنين التراحم؛ فبالرحمة ترتفع الأحقاد والضغائن، وتختفي الشحناء والبغضاء، ويندحر الشيطان وأعوانه، فيعطف الغني على الفقير، فيقوى فيهم التناصر والتعاون على الخير، ويكونون يدًا واحدةً في الشدائد والمحن، وبذلك تستقيم حياة الإنسان على شرع الله ودينه.

      ٣. الترغيب في الصدق.

      الصدق خلق إسلامي عظيم يدل على إيمان صاحبه بالله، وعلى طهارة قلبه، وسمو أخلاقه، ولما كان الصدق من أشرف السمات الأخلاقية، وأكثرها فضيلة وتكاملًا للنفس الإنسانية؛ كان من البديهـي تركيز القرآن الكريم على هذا الخلق، ولقد أمرنا القرآن بالتزامه مرارًا وتكرارًا.

      فقال الله تعالى: [التوبة: ١١٩].

      وذلك ليسري إلينا صدقهم.

      وبيّن الله عز و جل في كتابه أن من صفات الأنبياء عليهم السلام الصـدق، فأثنى عليهم بهذا الخلق، فقال تعالى: ﭪﭫ [مريم: ٤١].

      وقال تعالى: [مريم: ٥٠].

      وقال تعالى: ﭤﭥ [مريم: ٥٤].

      وقال تعالى: ﭻﭼ ﭿ [مريم: ٥٦].

      ومن ثمرات الصدق في القرآن ما يأتي:

    • تحقيق التقوى.

      قال تعالى: ﭧﭨ [الزمر: ٣٣].

      وقال أبو بكر الجزائري في تفسيره للآية: «هذا إخبار بفريق الفائزين من عباد الله وهم الصادقون في كل ما يخبرون به، والمصدّقون بما أوجب الله تعالى التصديق به، ويدخل في هذا الفريق دخولًا أوليًّا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، ثم سائر الصحابة والمؤمنين إلى يوم الدين»75.

    • المغفرة والأجر العظيم.

      قال تعالى: [الأحزاب: ٣٥].

      قال الشوكاني في تفسير قوله تعالى: «أي: مغفرة لذنوبهم التي أذنبوها، وأجرًا عظيمًا على طاعاتهم التي فعلوها، ووصف الأجر بالعظم للدلالة على أنه بالغ غاية المبالغ»76.

    • الفوز بدخول الجنة.

      قال تعالى: ﯿ ﰂﰃ ﰌﰍ ﰒﰓ [المائدة: ١١].

      قال الطبري في تفسيره: «هذا الذي أعطاهم الله من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها مرضيًّا عنهم وراضين عن ربهم، وهو الظفر العظيم»77.

      قال ابن القيم: «الصدق منزلة القوم الأعظم الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميّز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلًا إلا أرداه، وصرعه، من صال به لم تردّ صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال، ومحكّ الأحوال، والحامل على اقتحـام الأهوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين، وعمود فسطاط اليقين، ودرجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين» 78.

      وهكذا نجد أن القرآن الكريم اهتم بالأخلاق الحسنة اهتمامًا بالغًا؛ لما لها من آثار إيجابية على سلوك المسلم في حياته، وبما يناله من الأجر العظيم يوم القيامة.

      رابعًا: الترغيب في الثواب:

      ورد لفظ الثواب في القرآن بمعان مختلفة، وقد عرّفه الراغب الأصفهاني بقوله: «ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله»79، فيسمى الجزاء ثوابًا، وجعل الله تعالى الجزاء من جنس العمل في قوله: [الزلزلة: ٧].

      ولم يقل جزاءه، والثواب يقال في الخير والشر، لكن الأكثر المتعارف في الخير، وعلى هذا قوله عز وجل: ﭹﭺ [آل عمران: ١٩٥].

      وتستعمل في الشر كقوله تعالى: [المائدة: ٦٠].

      والإثابة تستعمل في المحبوب، قال تعالى: ﭿ [المائدة: ٨٥].

      «الثواب» يعني: «الرجوع»، ويطلق «الثواب» على أفعال العباد وأعمالهم، بمعنى ما يرجع إليهم من جزاء أعمالهم، ولفظ (الثواب)، وإن كان في اللغة يطلق على الجزاء الدنيوي والأخروي، إلا أنه قد اختص في العرف بالجزاء الأخروي على الأعمال الصالحة من العقائد الحقة، والأعمال البدنية والمالية.

      وقد جاء لفظ الثواب في القرآن على خمسة معانٍ:

      الأول: بمعنى الطاعة.

      ومنه قوله تعالى: [الكهف: ٣١].

      أي: نعم الأجر والثواب الجنة جزاء وفاقًا على جميل أعمالهم، وحسنت منزلًا ومقيلًا80.

      الثاني: بمعنى الفتح والظفر والغنيمة.

      قال تعالى: ﯿﰀ [آل عمران: ١٤٨].

      يقول الطبري في تفسيره: «يعني بذلك تعالى ذكره: فأعطى اللّه الّذين وصفهم بما وصفهم من الصّبر على طاعة اللّه بعد مقتل أنبيائهم، وعلى جهاد عدوّهم، والاستعانة باللّه في أمورهم، واقتفائهم مناهج إمامهم، على ما أبلوا في اللّه يعني: جزاء في الدّنيا، وذلك النّصر على عدوّهم وعدوّ اللّه، والظّفر والفتح عليهم، والتّمكين لهم في البلاد؛ ﯿ يعني: وخير جزاء الآخرة، على ما أسلفوا في الدّنيا من أعمالهم الصّالحة، وذلك الجنّة ونعيمها»81.

      الثالث: بمعنى المكافأة.

      قال تعالى: ﭿ ﮃﮄ [المائدة: ٨٥].

      يقول سيد طنطاوي في تفسيره: «أي: فكافأهم الله تعالى بسبب أقوالهم الطيبة الدالة على إيمانهم وإخلاصهم، جنات تجرى من تحت بساتينها وأشجارها الأنهار خالدين فيها، أي: باقين في تلك الجنات بقاء لا موت معه، وذلك العطاء الجزيل الذي منحه الله لهم جزاء المحسنين، أي: المؤمنين المخلصين في أقوالهم وأعمالهم»82.

      الرابع: بمعنى المتاع.

      قال تعالى: ﯿ ﰀﰁ [النساء: ١٣٤].

      أي: متاعها الزائل وحطامها الفاني؛ كالمجاهد الذي يريد بجهاده الغنيمة والفخر، لا الثواب والأجر، والذي يريد بصلاته وحجه الرياء والسمعة، ولا يبتغي بعباداته وجه الله تعالى؛ فقد أخطأوا جميعًا وجه الصواب، فثواب الله أفضل من ثواب الدنيا الزائل83.

      الخامس: الزيادة على الزيادة.

      قال تعالى [آل عمران: ١٥٣].

      يقول السيوطي في تفسيره: «الغم الأوّل الجراح والقتل والغم الآخر حين سمعوا أن النّبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل وما كانوا يرجون من الغنيمة»84.

    صور الترغيب في القرآن الكريم

    • ذكر القرآن الكريم صور وطرقًا عديدة تحفّز المؤمن على حصول المنفعة والأجر العظيم في الدنيا، وترغّب المؤمن بصور النعيم الذي أعده الله له في الآخرة، فمن طريقة القرآن الكريم وأساليبه ترغيب المؤمن بملذات ومنافع دنيوية، وأيضًا بملذت أخروية، وكل ذلك حتى يكون المؤمن على طاعة مستمرة لربه، وبذلك يحصل الفوز في الدنيا والآخرة.

      أولًا: الترغيب بملذات دنيوية:

      رغّب القرآن بملذات دنيوية كثيرة، ومن هذه الملذات ما يأتي:

      ١. الحياة الطيبة.

      قال تعالى: ﮔﮕ [النحل: ٩٧].

      والحياة الطيبة تكون في الدنيا؛ بالراحة والرزق الطيب الحلال والقناعة والسعادة85.

      ٢. الأمن والهداية في الدنيا.

      قال تعالى: [الأنعام٨٢ ].

      يقول السعدي في تفسيره: « أي: يخلطوا الأمن من المخاوف والعذاب والشقاء، والهداية إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقًا، لا بشرك، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة، وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها، ومفهوم الآية الكريمة: أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال والشقاء»86.

      حلول الخيرات والبركات:

      قال تعالى: [الأعراف٩٦].

      يقول ابن كثير في تفسيره: «آمنت قلوبهم بما جاءتهم به الرّسل، وصدّقت به واتّبعته، واتّقوا بفعل الطّاعات وترك المحرّمات، أي: قطر السّماء ونبات الأرض»87.

      الإمداد بالأموال و البنين:

      قال تعالى: ﯿ [نوح:١٠-١٢].

      فمن أساليب القرآن في ترغيبه للمؤمنين ترغيبهم بالأعمال الصالحة في الدنيا كالاستغفار الذي هو سبب للمتاع والإمداد بالأموال والبنين في الدنيا، يخبر الله سبحانه وتعالى عن نوح في دعوته لقومه من ترغيبه إياهم بالتوبة والاستغفار.

      يقول ابن كثير في تفسيره: «أي: إذا تبتم إلى اللّه واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرّزق عليكم، وأسقاكم من بركات السّماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزّرع، وأدرّ لكم الضّرع، وأمدّكم بأموالٍ وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنّاتٍ فيها أنواع الثّمار، وخلّلها بالأنهار الجارية بينها، وهذا مقام الدّعوة بالتّرغيب»88.

      ثانيًا: الترغيب بملذات الآخرة:

      أعد الله سبحانه و تعالى لعباده المؤمنين في الجنة ملذات وصورًا من النعيم؛ وذلك ليرغب المؤمن بالأجر والثواب الذي أعده الله له في الآخرة، ولقد جاءت الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، لتصف لنا هذا النعيم، الذي أعده سبحانه وتعالى لمن أطاعه، وتظهر عظمة هذا النعيم في قوله تعالى: [السجدة: ١٧].

      فأهل الجنة في سعادة دائمة وفرح مستمر، قال تعالى: [عبس: ٣٨- ٣٩ ].

      فمهمـا طال نعيـم الدنيـا فهـو زائـل لا محالة، أما نعيـم الآخرة فهو سرمدي دائم، لا يكتنـف صاحبه سـقم ولا ألـم ولا ملـل.

      وقد وصف الله تبارك وتعالى هذا النعيم بقوله تعالى: ﯘﯙ [الدخان: ٥١ - ٥٦].

      وسنتحدث عن بعض ملذات الآخرة وصور النعيم الذي أعده الله لعباده، كالنظر لوجه الله الكريم، و درجات الجنة وغرفها، وطعام أهلها وشـرابهم، وكل ذلك شحذًا للهمم، وإيقاظًا للغافلين، المتمسكين بنعيم الدنيا الزائل، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهلها، إنه ولى ذلك والقادر عليه، وبيان ذلك فيما يأتي:

      ١. النظر لوجه الله الكريم.

      إن أعظم نعيم أعده الله سبحانه وتعالى لعباده في الجنة، التمتع برؤية وجه الله الكريم، الذي يغمر الوجوه نضارة وإشراقًا، وقد رغّب الله سبحانه في القرآن الكريم بهذا النعيم، قال تعالى: [القيامة: ٢٢- ٢٣].

      قال الخازن في تفسيره: «هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة»89.

      وقد بيّن الله سبحانه وتعالى ثواب المؤثرين الآخرة على الدنيا، فقال سبحانه وتعالى: أي: حسنة بهية، لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح، أي: تنظر إلى ربها، على حسب مراتبهم، فمنهم من ينظر كل يوم بكرة وعشيًا، ومنهم من ينظر كل جمعة مرة واحدة، فيتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وجماله الباهر، الذي ليس كمثله شيء، فإذا رأوه نسوا ما هم فيه من النعيم، وحصل لهم من اللذة والسرور، ما لا يمكن التعبير عنه، ونضرت وجوههم، فازدادوا جمالًا إلى جمالهم 90.

      وقال تعالى: [يونس: ٢٦].

      قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: «يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح: الحسنى في الدار الآخرة، كقوله تعالى: [الرحمن: ٦٠].

      وقوله: هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وزيادة على ذلك أيضًا.

      ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان، من القصور، والحور، والرضا عنهم، وما أخفاه لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك، وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه لا يستحقونها بعملهم؛ بل بفضله» 91.

      فالحسنى هي الجنة.

      عن أبي بكرٍ الصّدّيق، في قوله: [يونس: ٢٦].

      قال: «الزّيادة: النّظر إلى وجه اللّه عز وجل »92.

      وقال البغوي في تفسير قوله تعالى: : «يعني: الزيادة لهـم فـي النعيم ما لم يخطـر ببالهم وقال جابر وأنس: هو النظر إلى وجه الله الكريم»93.

      ٢. الترغيب في درجات الجنة.

      لقد رغّب القرآن الكريم في الجنة ودرجاتها، وبيّن أن الناس في الجنة يتفاضلون، كما يتفاضلون في الدنيا، كل بحسب إيمانه وعمله، وابتعاده عن المعاصي.

      قال تعالى: ﭿ ﮄﮅ [الإسراء: ٢١ ].

      قال السعدي: «ﭿ في الدنيا بسعة الأرزاق وقلتها، واليسر والعسر، والعلم والجهل، والعقل والسفه، وغير ذلك من الأمور التي فضّل الله العباد بعضهم على بعض بها، فلا نسبة لنعيم الدنيا ولذاتها إلى الآخرة بوجه من الوجوه، فكم بين من هو في الغرف العاليات واللذات المتنوعات، والسرور والخيرات، والأفراح، ممن هو يتقلب في الجحيم، ويعذّب بالعذاب الأليم، وقد حل عليه سخط الرب الرحيم، وكل من الدارين بين أهلها من التفاوت ما لا يمكن أحد عده»94.

      وبيّن الله سبحانه و تعالى أن الذي يفوز بالدرجات العلى في الجنة: [طه: ٧٥].

      يقول الشنقيطي: «ذكر جلّ وعلا في هذه الآية الكريمة: يوم القيامة في حال كونه أي: في الدنيا حتى مات على ذلك عند الله والعلى: جمع عليا وهي تأنيث الأعلى، وقد أشار إلى هذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: ، وقوله: ونحو ذلك من الآيات»95.

      وقد وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بصفات عديدة، وبيّن ما لهم من الدرجات عند ربهم.

      قال تعالى: ﭿ ﮃﮄ [الأنفال: ٢ - ٤ ].

      قال الطبري « أي: لهؤلاء المؤمنين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم ، وهي مراتب رفيعة في الجنة»96.

      وفضّل الله سبحانه وتعالى المجاهدين على القاعدين درجة.

      قال تعالى: ﭞﭟ ﭧﭨ ﭬﭭ ﭹﭺ [النساء: ٩٥-٩٦].

      فنفى سبحانه وتعالى التسوية بين المؤمنين القاعدين عن الجهاد، وبين المجاهدين في سبيله، و أخبر عن تفضيل المجاهدين على القاعدين درجة، ثم أخبر عن تفضيلهم عليهم درجات، باعتبار المنازل الرفيعة بعد دخول الجنة، والمغفرة باعتبار ستر الذنب، والرحمة باعتبار دخول الجنة97.

      يقول ابن القيم: «ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق؛ عبودية لربه، وأعلمهم به، وأشدهم له خشية، وأعظمهم له محبة، كانت منزلته أقرب المنازل إلى الله، وهي أعلى درجة في الجنة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أمتـه أن يسـألوها له لينالوا بهذا الدعاء زلفى من الله وزيادة الإيمان»98.

      ٣. الترغيب في غرف الجنة.

      أعد الله في الجنة لعباده غرفًا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، متألقة كأنها النجوم، ولقد ورد لفظ «غرف» في القرآن الكريم مرتين في سورة الزمر، وورد لفظ «غرفًا» مرة واحدة في سورة العنكبوت، وورد لفظ «الغرفات» مرة واحدة في سورة سبأ.

      وبيّن الله سبحانه وتعالى صفات من يستحق دخول هذه الغرف وهم:

    • المؤمنون الذين يعملون الصالحات لهم في الجنة غرف.

      قال تعالى: ﮓﮔ [العنكبوت: ٥٨ ].

      يقول ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: « أي: لنسكننهم منازل عالية في الجنة، تجري من تحتها الأنهار، على اختلاف أصنافها، من ماء، وخمر، وعسل، ولبن، يصرفونها ويجرونها حيث شاءوا أي: ماكثين فيها أبدًا، لا يبغون عنها حولًا نعمت هذه الغرف أجرًا على أعمال المؤمنين»99.

      ووصف الله سبحانه وتعالى حال المؤمنين في غرف الجنة بأنهم آمنون، قال تعالى: [سبأ: ٣٦].

      يخبر سبحانه وتعالى عن حال المشركين المغترين بالمال، والولد، فيقول لهم: وما أموالكم ولا أولادكم بالحال التي تقربكم منا، وتجعلنا نرضى عنكـم، وندنيكـم منا زلفى، أي: قربى.

      أي: لكن من فعلوا الواجبات والمندوبات.

      أي: المذكورون لهم جزاء الضعف، أي: جزاء تضاعف لهم حسناتهم فيه، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، وذلك بسبب عملهم الصالح.

      أي: في منازل الجنة العالية، آمنون من الموت، ومن كل بأس، ومكروه، ومنغص لسعادتهم، ومن كل شر وخوف وحزن100.

    • المتقون لربهم لهم غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار.

      قال تعالى: ﯲﯳ ﯵﯶ [الزمر: ٢٠ ].

      وعد الله سبحانه و تعالى عباده السعداء، الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه، واجتناب محارمه، أن لهم غرفًا في الجنة، وهي قصور شاهقة من فوقها غرف مبنية مزخرفات عاليات101.

    • الذين يطعمون الطعام، ويفشون السلام، ويصلّون بالليل والناس نيام.

      فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة غرفًا، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل، والناس نيام)102.

      فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم، أصناف الناس الذين يدخلون هذه الغرف في الجنة، وهم الذين يطعمون الطعام، ويمدون يد العون والمساعدة للمحتاجين، وكذلك الذين يفشون السلام على من يعرفون ومن لا يعرفون، ومن يصلّون بالليل، والناس نيام.

      فهؤلاء أكرمهم الله سبحانه و تعالى بهذا الثواب، جزاءً على أعمالهم الصالحة التي قدموها في دنياهم.

      ٤. الترغيب في ثمار الجنة وطعام أهلها.

      قال تعالى: ﭜﭝ ﭣﭤ ﭪﭫ ﭮﭯ ﭳﭴ [البقرة: ٢٥].

      أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبشّر المؤمنين المستقيمين بما رزقهم من جنات تجري من تحتها الأنهار، كما أخبر عنهم بأنهم إذا قدّم لهم أنواع الثمار المختلفة، قالوا: هذا الذي رزقنا مثله في الدنيا، فهو يشـبه طعام الدنيا في اللون، غير متشابه في الطعم، زيادة في حسنه وكماله، وعظيم الالتذاذ به، فدلت الآية على كمال النعيم والسرور الذي أعده سبحانه و تعالى لعباده المؤمنين 103.

      وقال تعالى: ﮊﮋ ﮠﮡ [محمد: ١٥].

      قال الطبري في تفسير قوله تعالى: « ولهؤلاء المتقين في هذه الجنة من هذه الأنهار التي ذكرنا من جميع الثمرات التي تكون على الأشجار»104، فرزق الجنة متتابع التدفق على المؤمنين، فكما قال الله سبحانه وتعالى لآدم عندما وضعه في الجنة: [طه: ١١٨، ١١٩].

      هكذا سيكون حال جميع أهل الجنة الموعودة.

      وقد أباح الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين في الجنة أن يتناولـوا من خيراتهـا، وألوان طعامها ما يشتهون، قال تعالى: [الحاقة: ٢٤ ].

      وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس من المآكل والمشارب.

      قال تعالى: ﯟﯠ ﯦﯧ [الزخرف: ٧١].

      وسيأكل أهل الجنة أنواعًا من اللحوم.

      قال تعالى: [الطور: ٢٢].

      وقد خص لحم الطير بالذكر، فقال سبحانه وتعالى: [الواقعة: ٢١لأن لحـوم الطيـر أطيب اللحوم وألذها، وقد يتبادر إلى الذهن أن طعـام الجنـة، ينتج عنه ما ينتج عن طعـام أهل الدنيا، من البول والغائط، فالأمر ليس كذلك، فالجنة دار خالصة من الأذى، وأهلها مطهرون من أوشاب الدنيا105.

      وحينما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن بقايا الطعام والشراب، أفاد أنها تتحول إلى رشح كرشح المسك، يفيض من أجسادهم.

      فعن جابر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أهل الجنة يأكلون فيها، ويشربون، ولا يتفلون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح كرشح المسك...)106.

      وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أن أول طعام يتحف به أهل الجنة، زيادة كبد الحوت، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلًا لأهـل الجنـة، قـال: فأتـى رجل من اليهود، فقال: بارك الرحمن عليك أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: بلى، قال: تكون الأرض خبزة واحدة - كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه، قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: بلى، قال: إدامهم بالام ونون107، قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفًا)108.

      ٥. الترغيب في شراب الجنة.

      أكرم الله سبحانه وتعالى أهل الجنة إلى جانب الطعام الكثير، بأنواع من الشراب اللذيذ، من ماءٍ ولبنٍ وخمرٍ وعسل.

      قال تعالى: ﮊﮋ ﮠﮡ [محمد: ١٥].

      مثل الجنة التي أعدّها الله لعباده، الذين اتقوا سخطه، واتبعوا رضوانه، أي: نعتها وصفتها أنّ: أي: غير متغير الطعم والرائحة، لا بمرارة، ولا بكدورة، بل هو أعذب المياه وأصفاها، وأطيبها ريحًا، وألذها شربًا، بحموضة ولا غيرها، أي: لذيذة الطعم، طيبة الشرب، لا كخمر الدنيا الذي يكره مذاقه، ويصدع الرأس، ويذهب العقل.

      قال الشنقيطي: «وقد بيّن تعالى من صفات خمر الجنة، أنها لا تسكر شاربها، ولا تسبّب له الصداع، الذي هو وجع الرأس في آيات من كتابه، كقوله تعالى: [الواقعة: ١٩]. وقوله: [الصافات: ٤٧]»109.

      قال الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية: «أهل الجنة يسقون في الجنة كأسًا من الخمر ممزوجة بالزنجبيل، وقد كانت العرب تستلذ مزج الشراب بالزنجبيل لطيب رائحته»110.

      وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم نهر الكوثر في الجنة، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، والماء يجري على اللؤلؤ، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج)111.

      ومن خلال ما سبق تبين لنا أن الله سبحانه وتعالى استخدم أساليب كثيرة ترغّب المؤمن بالثواب العظيم والأجر الكبير الذي أعدّه الله لعباده، سواء في الدنيا أو الآخرة، وهذا يدل على كرم الله لعباده المؤمنين الموحدين.

    أثر الترغيب في سلوك المرء

    • إنّ المتأمل في القرآن الكريم أمرًا أو نهيًا أو قصصًا عن الأمم الماضية، يجد أن من أهم مقاصده وغاياته العظمى تهذيب سلوك المسلم وأخلاقه، وتزكية نفسه والرقي بها إلى معالي الأمور، ومكارم الأخلاق؛ حتى يصير من أفضل الناس سلوكًا، وأنبلهم أخلاقًا، وأحسنهم سيرةً وتعاملًا، وأكرمهم شيمًا ومروءة.

      قال الله جل وعلا: [الإسراء: ٩].

      ومن أجل ذلك بعث الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم لعباده ليخرجهم من الظلمات إلى النور وليتمم لهم مكارم الأخلاق، ويزكيهم لأحسن الأقوال والأفعال.

      والمسلم إذا تدبر كتاب الله وما اشتملت آياته من الترغيب التي لا تكاد سورة تخلو منه، وعمل بما في هذه الآيات، فاجتنب طريق الضالين المفسدين والمنافقين، واتبع طريق أولياء الله المتقين، وتقرّب إلى الله في السر والعلن بصالح العمل، وأدى العبادات من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج كما شرع الله كاملة بأركانها وواجباتها مخلصًا بذلك وجهه لله تعالى، وأحسن معاملته للناس، واقتدى بأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن نفسه تسمو، وهمته تعلو، وتتطلع إلى معالي الأمور ومكارم الأخلاق، وتعزف عن سفساف الأمور ورذائل الأخلاق، وينعكس ذلك على سلوكه وأخلاقه، ويكون ذلك سببًا لاستقامته ظاهرًا وباطنًا.

      قال تعالى: [فصلت: ٣٠].

      يقول السعدي في تفسيره: «اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى، واستسلموا لأمره، ثم استقاموا على الصراط المستقيم، علمًا وعملًا فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة»112.

      فإذا استقام المرء على الطاعة، ينال بذلك رضا المولى جل وعلا ومحبته والقرب منه، ويفوز بالدرجات العلا من الجنة.

    فوائد الترغيب في التربية والدعوة

    • لاشك أن الترغيب في القرآن له فوائد كثيرة على جميع المناحي ومختلف الأصعدة، لاسيما في التربية والدعوة إلى الله، وسوف نقتصر في هذا المبحث على الحديث عن فوائد الترغيب في التربية والدعوة إلى الله.

      أولًا: فوائد الترغيب في التربية:

      الترغيب منهج تربوي قرآني، يجب على المربّين اعتماده وأن لا يهملوه، خاصة إذا كان الأمر المراد بيانه أمرًا شرعيًّا دينيًّا، وردت فيه نصوص شرعية صريحة ترغّب فيه أو ترهّب منه؛ ذلك أن النفس البشرية بطبعها تميل إلى الثمرات الطيبة للأعمال وتطمع في الثواب، وتكره النتائج السيئة وتخاف من العقاب.

      وبمثل هذا الأسلوب ينشّأ المرء على محبة الله تعالى والحرص على طاعته، ويغرس في قلبه الخوف منه والرجاء فيه سبحانه وتعالى، فهذا الأسلوب يغرس الفضائل الإسلامية والقيم النبيلة.

      وأما من نشأ بعيدًا عن هذه المعاني فإنه من العسير جدًّا التحكم في أخلاقه وتقويم سلوكه إذا ما وقع في بعض الانحراف.

      وإنّ التربية الحقة إنّما تكون في تدريب الفرد وترغيبه على أعمال الخير وإرشاده إلى الصّراط المستقيم، وتعليمه الأخلاق الطّيبة، وذلك كله لا يتحقّق إلّا بالإيمان باللّه وحده وعدم الشّرك به تعالى؛ ولذلك كان أول نصائح لقمان لابنه البعد عن الشرك والإيمان بالله وحده.

      قال تعالى: ﭯﭰ [لقمان: ١٣].

      فمن الآية الكريمة يتبيّن أن الأصل الأول لهذه التربية الإيمان باللّه وعدم الشّرك به تعالى؛ ولهذا يجب أن تكون عظة لقمان لابنه نبراسًا يستضيء به الآباء في توجيه أبنائهم وسراجًا يقودهم من الظّلمات إلى النّور.

      ثانيًا: فوائد الترغيب في الدعوة:

      إنّ الترغيب في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى من أجلّ الأفعال، وأعظم الأعمال التي يؤديها المسلم في دنياه، فالدعاة إلى الله يقومون بمهمة بالغة الشأن، عظيمة الأهمية، ولما كانت الدعوة إلى الله أمرًا عظيمًا، فقد تولاها الله سبحانه وتعالى بنفسه.

      قال تعالى: [يونس: ٢٥].

      وأرسل بها رسله مبشرين ومنذرين، يدعون الناس إلى كل خير وينهونهم عن كل شر، يبلّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدًا إلا الله، وأقام من بعدهم عباده الصالحين من ورثة الأنبياء الصادقين، الذين جعلهم حجة على الناس في كل وقت وحين، ينشرون دين الله بين الأنام ويدعونهم إلى الجنة دار السلام.

      فكم من أرض أناروها بنور الإسلام، وكم من أمم أخرجوها من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

      وأعظم فضائل الدعوة على هذه الأمة هي الخيرية المطلقة التي نالت بها السبق على كل الأمم.

      قال تعالى: [آل عمران: ١١٠].

      أي: عند الله في اللّوح المحفوظ، يعني: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثمّ مدحهم بما فيهم من خصال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم خير الأمم وأنفع الناس للناس، وهذا شرف لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم قاموا بتبليغ الرسالة المحمدية للناس113.

      ويكفي الدعاة شرفًا أن قولهم من أحسن الأقوال، قال تعالى: ﭿ [فصلت: ٣٣].

      ومن صور الدعوة إلى الله تحبيب العبد في ربه، بذكر تفاصيل نعمه، وسعة جوده، وكمال رحمته، وأوصاف كماله، ونعوت جلاله، ومن الدعوة إلى الله: الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله وسنة رسوله، والحث على ذلك، بكل طريق موصل إليه.

      ومن ذلك: الحث على مكارم الأخلاق، والإحسان إلى عموم الخلق، ومقابلة المسيء بالإحسان، والأمر بصلة الأرحام، وبر الوالدين.

      ومن ذلك الوعظ لعموم الناس، في أوقات المواسم، والعوارض، والمصائب، بما يناسب ذلك الحال، إلى غير ذلك، مما لا تنحصر أفراده، مما تشمله الدعوة إلى الخير كله114.

      فالحاجة ماسة إلى الدعوة في هذه الأزمان بسبب كثرة التضليل، وانتشار الذنوب والمعاصي، وأمراض القلوب والشبهات والشهوات.

      ومن هنا تظهر فوائد الدعوة إلى الله بأنها تقوّم السلوك، وتربي النفس على حب الطاعة لله والابتعاد عن المعصية، فقد بيّن سبحانه وتعالى أنّ من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة الدعوة إلى الله.

      قال تعالى: ﮠﮡ [آل عمران: ١٠٤].

      والخير المذكور في الآية هو كل شيء يرغب فيه من الأفعال الحسنة، وقيل: هو هنا كناية عن الإسلام.

      والمعنى: لتكن أمة، أي: جماعة دعاة إلى الإسلام وإلى كل فعل حسن يستحسن في الشرع والعقل، وقيل: الدعوة إلى فعل الخير يندرج تحتها نوعان:

      أحدهما: الترغيب في فعل ما ينبغي، وهو الأمر بالمعروف.

      والثاني: الترغيب في ترك ما لا ينبغي وهو النهي عن المنكر.

      فذكر الحسن وهو الخير، ثم أتبعه بنوعيه مبالغة في البيان، والمعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنه، والمنكر ضد ذلك، وهو ما عرف بالعقل والشرع قبحه115.

      يقول السعدي في تفسير قوله: : «الفائزون بالمطلوب، الناجون من المرهوب»116.

      فمن خلال ما سبق ظهر لنا أنّ الترغيب له فوائده التربوية، التي تعود على الفرد بالنفع والخير والصلاح في الدنيا والآخرة، وكذلك أهمية الترغيب في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فهي مهنة الأنبياء، والدعاة إلى الله موعودون بالفلاح في الدنيا والآخرة.

      موضوعات ذات صلة:

      التربية، الترهيب، الدعوة، النصيحة


1 المفردات، ص ٣٥٨.

2 انظر: مختار الصحاح، الرازي، ١/٢٦٧،لسان العرب، ابن منظور، ١/٤٢٢، المصباح المنير، الفيومي، ١/٢٣١.

3 أصول الدعوة، ص٤٣٧.

4 أصول التربية الإسلامية وأساليبها، ص٢٥٧.

5 الترغيب والترهيب ودورهما في استقامة الإنسان ص ٣.

6 انظر: المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، باب الراء، ص٥٩١.

7 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٤١٥، المفردات، الراغب الأصفهاني، ص٣٥٨، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٣/٨٩.

8 لسان العرب، ابن منظور، ٣/ ١٨٨.

9 التعريفات، الجرجاني، ص ١٦.

10 مختار الصحاح، الرازي، ص ٣٤٢.

11 التوقيف، المناوي، ص ٣٣٩.

12 المفردات، الراغب، ص٢١٨.

13 التوقيف، المناوي، ص ١٣٥.

14 انظر: المفردات، ص٣٦٧.

15 الترغيب والترهيب ودورهما في استقامة الإنسان، أحمد رزق، ص ٣.

16 انظر: فتح البيان، القنوجي، ٤/ ٢٩٥.

17 تيسير الكريم الرحمن، ص٤٣٢.

18 التحرير والتنوير، ٢٤/ ٦٩.

19 أيسر التفاسير، ٥/ ٢٤٤.

20 انظر: جامع البيان، الطبري، ٢٣/ ١٢٨.

21 جامع البيان، ١٤/ ٣٥٥.

22 تفسير القرآن العظيم، ٤/ ١٧٧.

23 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص١٥٨.

24 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٤/٣٧٤، تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٨٦٧.

25 انظر: جامع البيان، الطبري، ٣/١٥.

26 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ١٧/٢٥١.

27 انظر: تفسير القران العظيم، ابن كثير، ٦/ ٧٧.

28 انظر: جامع البيان، الطبري، ٧/٦٤١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٢/٢٧٢.

29 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب في الكفاف والقناعة، ٢/٧٣٠، رقم ٢٤٧٣.

30 جامع البيان، ٦/ ٤٩٧.

31 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٥٣٦.

32 أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك الصلاة، ٤/٣٦٥، رقم ٢٦٢١.

قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب»، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي ٦/١٢١.

33 انظر: معالم التنزيل، البغوي، ٥/ ٣٠٤.

34 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص١٢٨.

35 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما، ١/١٤٤، رقم ٥٧٢.

36 انظر: جامع البيان، الطبري، ١٩/٢١٠.

37 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب المشي إلى الصلاة تمحي به الخطايا، ٢/١٣١، رقم ١٥٥٤.

38 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٩٣٥.

39 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم، ١/١١، رقم ٨.

40 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٣٥٠.

41 جامع البيان، ١٤/ ٣٣٨.

42 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الحياء من الإيمان، ١/ ١٤، رقم ٢٥.

43 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين، ١/٣٧، رقم ١٣٠.

44 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ما جاء في المسألة، ٣/ ٩٥، رقم ٢٣٥٧.

45 إرشاد العقل السليم ٨/٢٢٩.

46 انظر: العبادة أحكام وأسرار، عبد الحليم محمود، ٢/١١.

47 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٨٦.

48 الوسيط، محمد سيد طنطاوي، ١/٣٠٠.

49 انظر: العبادة أحكام وأسرار، عبد الحليم محمود، ٢/ ٨٥.

50 أخرجه أحمد في مسنده، ٢/١٧٤، رقم ٦٦٢٦، والحاكم في المستدرك، ١/٥٥٤، والبيهقي في شعب الإيمان، رقم ١٩٩٤.

وصححه الحاكم على شرط مسلم، ولم يتعقبه الذهبي.

51 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، باب هل يقول: إني صائم إذا شتم، ٣/٢٦، رقم ١٩٠٤، ومسلم في صحيحه، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، ٣/١٥٨، رقم ٢٧٦٣.

52 انظر: تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام، عبدالله القصير، ص٧٠.

53 البحر المحيط، أبو حيان، ٣ /١٢.

54 أخرجه النسائي في سننه، كتاب المناسك، باب وجوب الحج، ٥/١١٦، رقم ٢٦١٨.

وصححه الألباني في كتاب صحيح وضعيف سنن النسائي ١/٥٤.

55 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب فضل الحج، ٢/ ١٣٣، رقم ١٥٢١.

56 في ظلال القرآن، سيد قطب، ١/١٧٣.

57 تفسير القرآن العظيم، ١٠/ ٤٤.

58 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، ٢ / ١٣٣، رقم ١٥١٩.

59 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة، ٤/١٠٧، رقم ٣٣٥٧.

60 أخرجه أحمد في مسنده، ١٤/٥١٢، رقم ٨٩٥٢.

صححه الألباني في الأدب المفرد ١ /١٢٢.

61 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب حسن الخلق ٤/ ٢٥٣.

وصححه الألباني.

62 عدة الصابرين، ابن القيم، ص ٧١.

63 تيسير الكريم الرحمن، ص١٦٢.

64 فتح القدير، ١/ ٢٤٦.

65 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٣/١٧٥.

66 انظر: جامع البيان، الطبري، ٧/٢٧٠.

67 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٣٧٨.

68 انظر: روح البيان، إسماعيل حقي، ١٠/ ٣٩١.

69 انظر: مفاتيح الغيب، للرازي، ٤/١٤١.

70 التحرير والتنوير، ٤/١٤٣.

71 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣١٤.

72 أضواء البيان، ٥/٥٥٤.

73 انظر: جامع البيان، الطبري، ٢٢/٢٩٧.

74 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، ٨/٢٠، رقم ٦٧٥١.

75 أيسر التفاسير، ٤ / ٤٨٧.

76 فتح القدير، ٤ / ٤٠١

77 جامع البيان، ١١ / ٢٤٥.

78 مدارج السالكين، ٢ /٢٦٨.

79 جامع البيان، ١١ / ٢٤٥.

80 انظر: تفسير المراغي، ١٥/ ١٤٥.

81 جامع البيان، ٦/ ١٢٣.

82 الوسيط ، ٤/ ٢٥٨.

83 انظر: أوضح التفاسير، الخطيب ص١١٦.

84 الدر المنثور، ٢/ ٣٥١.

85 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٥٨٧.

86 تيسير الكريم الرحمن، ص ٢٦٣.

87 تفسير القرآن العظيم، ٣ / ٤٥١.

88 المصدر السابق ٨/ ٢٣٣.

89 لباب التأويل، ٢/١٦٧.

90 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٨٩٩.

91 تفسير القرآن العظيم، ٧/ ٣٥٤.

92 أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده ، ٣/٧٩٣، رقم ١٤٢٤

93 معالم التنزيل، ٧/ ٣٦٣.

94 تيسير الكريم الرحمن، ص٤٥٥.

95 أضواء البيان، ٤ / ٦٨.

96 جامع البيان، ١٣ / ٣٨٩.

97 انظر: البحر المحيط، أبو حيان، ٣ / ٣٤٧.

98 حادي الأرواح، ص٥٨.

99 تفسير القرآن العظيم، ١٠/٥٢٥.

100 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ١١/ ٢٩٢، أيسر التفاسير، الجزائري، ٤/٣٢٦.

101 انظر: جامع البيان، الطبري، ٢١/ ٢٧٦، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ١٢/١١٩.

102 أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب البر والإحسان، باب وصف الغرف لمن أطعم الطعام، ٢/ ٢٦٢، رقم ٥٠٩.

103 انظر: اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل، ١/٤٤٦، أيسر التفاسير، الجزائري، ١/٣٦.

104 جامع البيان، الطبري ، ٢٢/ ١٦٨.

105 انظر: الجنة والنار، عمر الأشقر، ص٢٢٣.

106 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في صفات الجنة وأهلها، ٨/١٤٧، رقم ٧٣٣١ .

انظر: الجنة والنار، عمر الأشقر، ص٢٢٣، والجشاء: تنفس المعدة من الامتلاء.

107 بالام: الثور معربة عن العبرانية، النون: الحوت.

انظر: شرح صحيح مسلم، النووي ١٧/١٣٥.

108 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة الجنة والنار، باب نزل أهل الجنة، ٨/١٢٨، رقم ٧٢٣٥.

109 أضواء البيان، ٧ / ٢٥٣.

110 فتح القدير، ٥ / ٤٩٣.

111 أخرجه أحمد في مسنده ٩/٥٢٧، رقم ٥٣٥٥.

وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ٣/٢٦١، رقم ٣٧١٩.

112 تيسير الكريم الرحمن، ص ٧٤٨.

113 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٢/ ٩٣.

114 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٧٤٩.

115 انظر: لباب التأويل، الخازن، ١/ ٢٨١.

116 تيسير الكريم الرحمن، ص ١٤٢.