عناصر الموضوع
التربية
أولًا: المعنى اللغوي:
أصل كلمة التربية: إذا رجعنا إلى معاجم اللغة العربية وجدنا لكلمة التربية أصولًا ثلاثة:
الأول:ربا يربو.
الثاني:ربا يربي على وزن خفى يخفي.
الثالث:ربّ يربّ بوزن مدّ يمدّ1.
وكلمة التربية في المعاجم العربية استخدمت لعدة معان، ويمكن إرجاع تلك المعاني إلى أصول خمسة، وهي:
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
هناك اختلاف في معنى التربية بين القدماء والمعاصرين:
فالتربية في القديم هي وسيلة لتحصيل المعرفة، ولكن التربية عند المعاصرين أخذت معنى أشمل، فالتربية عندهم طريقة لإعداد الإنسان الصحيح والصالح والمتميز بسلوكه الفكري والإنساني والقادر على توظيف مصادر المعرفة لديه في حل مشاكله ومشاكل مجتمعه8.
فالتربية هي: «كل عملية أو مجهود أو نشاط تؤثر في سلوك الإنسان أو تكوينه، أيًّا كان مصدر هذه العملية: سواء أكان الإنسان بنفسه، أم البيئة الطبيعية، أم المجتمع الذي يعيش فيه.فالإنسان خاضع باستمرار لعمليات تغيير في تكوينه الجسمي والعقلي والخلقي والنفسي والاجتماعي، وهذه العمليات هي التربية. فغاية التربية هي مساعدة الإنسان على تنمية ملكاته وقدراته واستعداداته ودوافعه جميعها، وتكييفها، وإيجاد التوازن بينها وبين البيئة التي تعيش بها»9.
وردت (التربية) في القرآن الكريم مرتين10.
والصيغ التي وردت هي:
الصيغة | عدد المرات | المثال |
الفعل المضارع | ١ | (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [الإسراء:٢٤] |
الفعل المضارع | ١ | (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [الشعراء:١٨] |
وجاءت التربية في الاستعمال القرآني بمعناه اللغوي، وهو: الحفظ والرعاية11.
التزكية:
التزكية: لغة:
التزكية في مادتها اللغوية تدور حول: الإصلاح، والتطهير، والثناء الجميل والمدح، والنماء والزيادة12.
التزكية اصطلاحًا:
تخليص النفس الإنسانية من كل ما يتعلق بها من شوائب، ونواقص، وسلبيات، وترسيخ الفضائل والقيم النبيلة والأخلاق السامية فيها، وتوجيهها إلى كل ما فيه الخير والصلاح13.
الصلة بين التزكية والتربية:
عن العلاقة بينهما يقول الشيخ محمد الغزالي: «والتزكية أقرب الكلمات وأدلها على معنى التربية، بل تكاد التزكية والتربية تترادفان في إصلاح النفس، وتهذيب الطباع، وشد الإنسان إلى أعلى؛ كلما حاولت المثبطات والهواجس أن تسفّ به وتعوجّ»14.
الرعاية:
الرّعاية لغةً:
الحفظ؛ يقال: رعاه يرعاه رعيًا ورعاية: حفظه. وكلّ من ولي أمر قوم فهو راعيهم وهم رعيّته. وقد استرعاه إياهم: استحفظه، واسترعيته الشيء فرعاه: حفظه. وفي المثل: من استرعى الذئب ظلم؛ لأنّ من ائتمن خائنًا فقد وضع الأمانة في غير موضعها15.
الرعاية اصطلاحًا:
من معاني الرعاية في مجال التربية والتعليم -كما ذكر أحد الباحثين- المسؤولية والإشراف والحرص والمساعدة والإرشاد والتوجيه ومراقبة الطفل والسهر عليه 16.
الصلة بين الرعاية والتربية:
المربي يشرف على التربية ويرشد ويرعى مراحل التربية.
التأديب:
التأديب لغة:
أصل مادة الكلمة (الهمزة والدال والباء) تدل على (الجمع والدعاء)، يقال: أدبهم على الأمر، أي: جمعهم عليه، ومنه سمي حسن الخلق أدبًا؛ لأنه أمرٌ قد أجمع عليه وعلى استحسانه17.
التأديب اصطلاحًا:
هو التعليم والمعاقبة على الإساءة بقصد الإصلاح، يقال: أدّبه، أي: علّمه الأدب، وعاقبه على إساءته؛ لأنه سبب يدعو إلى حقيقة الأدب، و(التأديب) لفظ يدل على المبالغة والتكثير18.
الصلة بين التأديب والتربية:
وظيفة المؤدب والمربي واحدة.
أضاف الله سبحانه لنفسه كلمة العالمين بقوله:(ﭘ ﭙ)، يقول الطبري: «والعالمون جمع عالم، والعالم: جمعٌ لا واحد له من لفظه، كالأنام والرهط والجيش، ونحو ذلك من الأسماء التي هي موضوعات على جماعٍ لا واحد له من لفظه. والعالم اسم لأصناف الأمم، وكل صنف منها عالمٌ، وأهل كل قرن من كل صنف منها عالم ذلك القرن وذلك الزمان. فالإنس عالم، وكل أهل زمان منهم عالم ذلك الزمان. والجنّ عالم، وكذلك سائر أجناس الخلق، كلّ جنس منها عالم زمانه. ولذلك جمع فقيل: عالمون، وواحده جمعٌ»19.
والله سبحانه هو المربي للخلق، كما يدل عليه كلمة (الرب). يقول ابن الجوزي: «فأما الرب فقيل: هو مأخوذ من التربية، يقال: رب فلان صنيعتها يربها ربًّا: إذا أتمها وأصلحها»20.
يقول الشيخ محمد رشيد رضا: «وقيل: إن ربوبية الله تظهر بتربيته إياهم، وهي تربية خلقية بما يكون به نموهم وكمال أبدانهم وقواهم النفسية والعقلية، وتربية شرعية تعليمية للمحافظة على فطرتهم»21.
ويذكر الرازي في تفسيره أهم الفروق بين تربية الله تعالى وتربية الخلق بعضهم لبعض،منها:
وقد قسم العلماء والمربون هذه التربية إلى قسمين: تربية عامة وتربية خاصة، فإن أطلقت فالمراد بها المعنى الأول، مثل قوله (ﭘ ﭙ) ونحو ذلك.
وحيث قيدت بما يحبه ويرضاه، أو وقع السؤال بها من الأنبياء وأتباعهم. فإن المراد بها النوع الثاني. وهو متضمن للمعنى الأول وزيادة؛ لهذا تجد أدعية الأنبياء وأتباعهم في القرآن باسم الرب غالبًا، فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
أولًا: تربية عامة.
يقول العلامة السعدي رحمه الله حول تربية لله سبحانه العامة لعباده: «وهي خلقه تعالى للمخلوقين، ورزقهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا»23.
فالتربية العامة تشمل نقاطًا ثلاثة:
ويذكر الرازي رحمه الله في تفسيره وجوهًا كثيرة لتربية الله سبحانه للعبد، منها خلقه للإنسان من نطفة فعلقة فمضغة فعظام، ثم خلق السماوات والأرض والشمس والقمر والأرض والجبال والمعادن، والنبات والحيوان، ثم يعلق على كل ذلك بقوله رحمه الله: «واعلم أنك إذا تأملت في عجائب أحوال المعادن والنبات والحيوان وآثار حكمة الرحمن في خلق الإنسان قضى صريح عقلك بأن أسباب تربية الله كثيرة، ودلائل رحمته لائحة ظاهرة»27.
فالتربية العامة تكون بالنعم التي أنعمها الله على عباده من رزق وإرسال الرسل، فيهدي بهدايته العامة من ينيب إليه، بعد أن عرف النعمة وأحس بجميع الدلائل الكونية والشرعية على أن الله تعالى هو رب البرية، فأناب إليه، ثم هداه تعالى ووفقه 28.
ثانيًا: تربية خاصة.
يقول الشيخ السعدي مبينًا التربية الخاصة: «وهي تربية لأوليائه فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له ويكملهم به ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه.
قال تعالى: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ)[الشورى:١٣].
والمعنى: الله يجتبي إليه من يشاء أي: يختار من خلقه من يعلم أنه يصلح للإجتباء برسالته وولايته، ومنه أن اجتبى هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم، واختار لها أفضل الأديان وآخرها»29.
ويقول البيضاوي مفسرًا آية (ﭘ ﭙ): «ثم سمى به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربيه»30.
فالله سبحانه هو الحافظ للخلق لأنه مربيهم وخالقهم.
وقيل في قوله تعالى: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [غافر:٦٦].
أي: المربي لي تربية خاصة، هي أعلى من كل مخلوق سواي، فأنا أعبده عبادة تفوق عبادة كل عابد31.
فالتربية الخاصة لله سبحانه، تكون لأنبيائه والصالحين. يقول الشيخ الشعراوي في تفسير قوله تعالى: (ﯫ ﯬ ﯭ)[طه:١٢]: «أي: ربك أنت بالذات، لا الرب المطلق، لأن الرسل مختلفون عن الخلق جميعا، فلهم تربية مخصوصة، كما قال تعالى: (ﭬ ﭭ ﭮ) [طه:٣٩]. وقال سبحانه: (ﮖ ﮗ) [طه:٤١]. فالحق تبارك وتعالى يربي الرسل تربية تناسب المهمة التي سيقومون بها»32.
ويعرف صاحب تفسير التحرير والتنوير كلمة الاصطناع في الآية بأنها: «صنع الشيء باعتناء، واللام للأجل، أي: لأجل نفسي، والكلام تمثيل لهيئة الاصطفاء لتبليغ الشريعة بهيئة من يصطنع شيئًا لفائدة نفسه، فيصرف فيه غاية إتقان صنعه»33.
فالنبي صلى الله عليه وسلم اصطفاه ربه وتولى أمر تربيته حيث صانه عن أفعال الجاهلية المنكرة، فلم يعبد الأصنام، ولم يلهو كأقرانه ولم يسمع لهوًا قط. فهذه تربية ورعاية ربانية خاصة34.
مما سبق عرفنا أن الله سبحانه يربي أوليائه وأصفيائه تربية خاصة، وهذه التربية تكون بتوفيقهم للإيمان والهداية ودفع الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه.
الأنبياء عليهم السلام والتربية
الأنبياء عليهم السلام صفوة الخلق اختارهم الله تعالى لأداء الأمانة وتبليغ الرسالة وتربية الناس. فهم عليهم السلام أكثر الناس حاجة للتربية نظرًا للمسؤلية الثقيلة عليهم. فالله سبحانه رباهم تربية خاصة ليكونوا أهلًا للحمل الثقيل. وهم بدورهم حملوا أمانة تربية الناس وإصلاحهم. ومن هنا قسمنا هذا المبحث إلى:
أولا: تربية الله سبحانه للأنبياء.
قال تعالى لموسى:(ﭬ ﭭ ﭮ)[طه:١٢].
(ﮖ ﮗ ﮘ) [طه:٤١].
يقول شيخ المفسرين الإمام الطبري في معنى هذه الآية: «أنعمت عليك يا موسى هذه النعم، ومننت عليك هذه المنن، اجتباء مني لك واختيارًا لرسالتي والبلاغ عني والقيام بأمري ونهيي»35.
ثانيا: تربية الأنبياء عليهم السلام لأقوامهم.
يقول الدكتور أحمد أبو زيد حول مهمة الأنبياء عليهم السلام في الحياة وكيفية تربيتهم لأقوامهم: «قامت دعوات الأنبياء عليهم السلام على تكوين الإنسان الذي يوحد الله تعالى ويراقبه في سره وعلانيته، ويسارع في الخيرات، لذلك تبدأ بغرس كلمة الإيمان في النفس وتعمل بوسائل شتى على ترسيخها وتثبيت جذورها في القلب، لأن الإيمان إذا تغلغل في القلب كان قوة ذاتية تدفع الإنسان إلى السلوك القويم والتحلي بالأخلاق الحميدة والاستقامة على طريق الصلاح»36.
قال تعالى:(ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾﭿ)[النحل:٣٦].
ومهمة تكوين الإنسان الموحد لله تعالى المسارع إلى الخيرات، ليست مهمة سهلة.
إن تربية الأنبياء ودعوتهم -كما ذكرها الشيخ التويجري في مختصر الفقه الإسلامي- اشتملت على أربعة أمور: تحصيل الإيمان، وحفظ الإيمان، والاستفادة من الإيمان، ونشر الإيمان.
فالاجتهاد لتحصيل الإيمان بالنظر والتفكر في آيات الله ومخلوقاته، والعبادة والتزكية وكثرة ذكر الله. واجتهادهم لحفظ الإيمان، بلزوم الإيمان والبيئات الصالحة والعمل الصالح، والإكثار من ذكر الله، ومواصلة الدعوة إلى الله وبذل كل جهد في سبيل إعلاء كلمة الله.
ثم اجتهدوا لقضاء حاجاتهم وحاجات الدين بالاستفادة من الإيمان، فيرون أن الله معهم حيثما كانوا، ويطلبون منه وحده كل شيء... وهكذا استفادوا من قدرة الله وخزائنه. ثم اجتهدوا على نشر هذا الإيمان وهذا اليقين بين أقوامهم، ومن أرسلوا إليه، ليعبدوا الله وحده لا شريك له37.
والدارس لقصص الأنبياء في القرآن الكريم يجد نماذج عديدة لتربية الأنبياء لغيرهم وتعليمهم بشتى الوسائل. وما عانوه في سبيل أداء مهمتهم على أكمل وجه.
أولًا: التربية الإيمانية:
يقصد بالتربية الإيمانية: «ربط المسلم منذ نعومة أظفاره بأصول الايمان وأركانه وترسيخها في خوالج نفسه ابتداءً بوجود الله تعالى وصفاته، مرورًا بعظمة كلام الله تعالى وإعجازه وبيانه بالسنة المشرفة، وإنتهاءًا بالاعتياد على تطبيق أركان الإسلام، وتمثل مباديء الشريعة الغراء حتى تتسامى روحه إلى الأفق الأعلى بإيمان صادق ويقين ليس بعده كفر. قال تعالى:(ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧ ﯪ ﯫ ﯬ) [الروم:٣٠]»38.
ويراد بأصول الإيمان: الحقائق الإيمانية والأمور الغيبية الثابتة عن طريق الخبر الصادق: كالإيمان بالله سبحانه، والإيمان بملائكته، والإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالرسل، والبعث والحساب والجنة والنار وسائر المغيبات. وأركان الإسلام هي: كل العبادات البدنية والمالية، وهي: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج من استطاع إليه سبيلا. ونعني بمبادىء الشريعة: كل ما يتصل بالمنهج الرباني من عقيدة وعبادة وأخلاق وتشريع وأنظمة39.
فالتربية الإيمانية عملية متدرجة ومقصودة، لتوجيه الإنسان نحو خالقه من خلال مجموعة من المباديء، والقيم المستمدة من الكتاب، والسنة، والتي تعمل على النمو السليم المتوازن بالروح، والعقل، والنفس، والجسم، وتحدث التكيف الاجتماعي40.
والناظر للآيات القرآنية التي تبحث في قضية الإيمان يجد أن هذه الآيات تعمل بشتى الوسائل والأساليب بغرس الإيمان في النفس وترسيخها وتثبيت جذورها في قلب الإنسان، والإيمان يدفع الإنسان إلى التحلي بالأخلاق والاستقامة على الطريق الصحيح.
وقد استخدم القرآن الكريم أساليب عدة لغرس هذا الإيمان في النفس، منها:
١. الأساليب البنائية.
فقد ذكر القرآن الكريم أساليب لتقوية الإيمان وتنميته وغرسه في النفوس، منها:
٢. الأساليب الوقائية.
فالتربية القرآنية لا تقف عند تنمية الإيمان وتقويته، بل تستمر في المحافظة عليه بأساليب أخرى، منها:
٣. الأساليب العلاجية.
بعد الأساليب البنائية والأساليب الوقائية، يعالج القرآن الكريم ضعف الإيمان حين يقع المؤمن في الأخطاء بأساليب، منها:
فالقرآن الكريم -كما رأينا- يولي أهمية خاصة للتربية الإيمانية، مستخدمًا شتى الوسائل والأساليب والطرق. وهذا التنويع في الوسائل كفيل بتحقيق الغاية المنشودة، وهي غرس الإيمان في النفس.
ثانيًا: التربية الأخلاقية:
التربية الأخلاقية هي: «تنشئة الفرد على المباديء الخلقية والفضائل السلوكية والوجدانية التي توجه الفرد من وقت تمييزه، حتى يعتاد الصلاح وترسخ في نفسه القيم، فتكون دافعًا له إلى كل فضيلة وعونًا له على كمال دينه ومروءته وشخصيته، ومنها بر الوالدين واحترامهم والتزام الأدب في التعامل مع الغير ابتداءًا بالأسرة، وانتهاءًا بمختلف المؤسسات الاجتماعية»43.
والمتأمل للقرآن الكريم يرى بوضوح مدى الاهتمام بالتربية الخلقية للإنسان وتوجيهه نحو الخير، وما فيها من توجيهات خير شاهد على ما نقول.
فمن هذه الآيات التي توجه السلوك وترسم خط الاستقامة: قوله تعالى:(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [المؤمنون:١-٧].
وفي التربية على القول الحسن يقول تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الإسراء: ٥٣].
وفي الصدق يقول عزوجل: (ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [التوبة: ١١٩].
وحينما يأمرنا بالتواضع يقول: (ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑﰒ ﰓ ﰔ) [لقمان: ١٨ - ١٩].
ويأمرنا بالعفة والاحتشام بقوله: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [النور: ٣٠]44.
ويأمرنا سبحانه بالابتعاد عن سوء الظن بقوله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [الحجرات: ١٢].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا)45.
فالتربية الأخلاقية أخذت حيزًا كبيرًا من آيات القرآن الكريم.
ثالثًا: التربية العقلية:
العقل هي الأداة التي عن طريقها يسلك الفرد طريق النجاة في الدارين، وعقول الناس تتفاوت في سلوك هذا الطريق. وهذا ما لا خلاف فيه. ولكن العقول قابلة للنماء والتطور والارتقاء حسب استخدامها في مجالها المقدر لها. والارتقاء بها تكون «بتدريبها على ممارسة العمليات العقلية من تفكر وتدبر وتأمل؛ لذلك نجد أن الكثير من الآيات القرآنية تختم بقوله تعالى: (ﮫ)، (ﯪ). وعقول الأفراد مجتمعة تكون عقل المجتمع أو الأمة؛ لذلك كان الاهتمام بالقدرات العقلية ومحاولة تطويرها على النطاق الفردي أو الجماعي عمل في غاية الأهمية»46.
ويدل على أهمية العقل في القران الكريم أنه حث على التعقل والتفكير في مخلوقات الله تعالى، وأن الانحراف والضلال نتيجة لعدم التعقل والنظر بالحكمة في الأمور. قال تعالى: (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الملك:١٠].
وقال تعالى: (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [الأنفال:٢٢].
لذلك نرى الله سبحانه يشبه الذين لا يستخدمون عقولهم بالدواب.
يقول الرازي: «شبههم بالدواب لجهلهم وعدولهم عن الانتفاع بما يقولون، ويقال لهم؛ ولذلك وصفهم بالصم والبكم وبأنهم لا يعقلون. وقيل: بل هم من الدواب؛ لأنه اسم لما دب على الأرض، ولم يذكره في معرض التشبيه، بل وصفهم بصفة تليق بهم على طريقة الذم، كما يقال لمن لا يفهم الكلام: هو شبح وجسد وطلل، على جهة الذم»47.
وفي عملية تربية العقل اتبع القرآن الكريم أساليب تربوية عدة، منها:
وقد حرر القرآن الكريم عقل الإنسان من عوائق عدة تعيقه عن مهامه الموكلة له:
فقد حرره من الخرافة والمعتقدات الباطلة التي تتنافى وتكريم الله له «وقدم الإجابات الواضحة للإنسان عن الكون ومفرداته وفلسفته، وحقيقة خلقه، وكيف تتم إدارته وحركة القوة فيه»49. وحرره من التبعية والعبودية لغيرالله تعالى.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [البقرة:١٧٠].
يقول الرازي في تفسير هذه الآية: «إن الله تعالى أمرهم بأن يتبعوا ما أنزل الله من الدلائل الباهرة، فهم قالوا: لا نتبع ذلك، وإنما نتبع آباءنا وأسلافنا، فكأنهم عارضوا الدلالة بالتقليد، وأجاب الله تعالى عنهم بقوله: (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)»50.
لقد حرر القرآن العقل من إتباع الهوى والشهوات بالعلم والمعرفة ودعا إلى التحرر من عبادة غير الله تعالى فكل الخلق في ميزان العبودية سواء، «فإذا تمكنت عبوديته لله من قلبه، وتحرر من عبودية غير الله، كان أهلًا لأن يأمنه الناس على كل شيء؛ لأنه لا يستجيب لرغبة، ولا يخضع لرهبة، ولا يقوده إغراء ولا شهوة، ولا يتبع هوى، وإنما يستجيب لأمر الله، وأمر الله لا يوجد فيه إلا عمل الخير الذي فيه غاية الأمن لكل البشر»51.
والقرآن الكريم دعا من خلال تشريعاته إلى المحافظة على العقل من التلف. «وقد بنى القرآن الكريم تربية العقل على ضرورة ترك كل ما يمكن أن يتلفه أو يضره، فحرم الخمر وجميع المذهبات للعقل، قال تعالى:(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ)[المائدة:٩٠]»52.
والقرآن الكريم يدعو إلى الحوار والإقناع ويبتعد عن الإكراه. قال تعالى: (ﯿﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﰖ ﰗ ﰘ ﰙ) [البقرة:٢٥٦].
قال الزمخشري: «أي: لم يجر الله أمر الإيمان على الإجبار والقسر ولكن على التمكين والإختيار»53.
ومن أجل احترام العقل وتربيته جعل الإيمان على الإقتناع لا الإجبار، «فإذا كان الدين لا إكراه فيه، فلا إكراه فيما سواه وهي دعوة صريحة في غالب آيات القرآن الكريم تدعوا إلى التفكر والتأمل في كل ما يعرض، وعدم الاغترار بالظواهر، فالحقيقة أهم من المظهر، وعليها المعول والحساب»54.
مما سبق عرفنا أهم ملامح التربية القرآنية للعقل، وهي: حثه على التفكر في مخلوقات الله، وتحريره العقل البشري من الخرافات والتبعية والجمود واتباع الهوى.
رابعًا: التربية البدنية:
عنى القرآن الكريم عناية بالغة بجسم الإنسان ووضع له منهاجًا للتربية السليمة، تتجلى مفردات هذا المنهج في التشريعات والتوجيهات المذكورة في القرآن الكريم.
والمقصود بالتربية الجسمية: «أنها التربية التي تهتم ببناء وتنمية الجانب الجسمي وكيفية تفاعله الإيجابي مع غيره من الجوانب الأخرى للشخصية الإنسانية، لأداء وظائفه في الحياة، وتحقيق التكيف اللازم مع ما يحيط بها من كائنات ومكونات أخرى وفق منهج الله سبحانه»55.
والله سبحانه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وصوره في أحسن صورة، وخلقه فسواه فعدله، وجعل له السمع والبصر والفؤاد. كل ذلك ليدلنا على أهمية البدن والجسم للإنسان. يقول العلامة السعدي في تفسير قوله تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ)[التين:٤].
أي: «تام الخلق، مستقيمًا، معتدل القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرًا وباطنًا شيء»56. والقرآن كلام الله سبحانه جاء لتربية الإنسان، عقله وقلبه وروحه وبدنه.
ومن خلال تتبعنا للآيات القرآنية التي تهتم بجسم الإنسان وجدنا ملامح أساسية للتربية البدنية أو الجسمية في القرآن. ومن أبرز تلك الملامح:
من حق الطفل أن يرضع رضاعة طبيعية مدة عامين كاملين، حتى ينشأ نشأة سليمة، قال تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ)[البقرة:٢٣٣].
تناول الحلال من الأطعمة الطيبة لإشباع حاجات الجسم، والبعد عن الحرام.
قال تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ)[المائدة:٨٨].
يقول السعدي: «كلوا من رزقه الذي ساقه إليكم، بما يسره من الأسباب، إذا كان حلالًا لا سرقةً ولا غصبًا ولا غير ذلك من أنواع الأموال التي تؤخذ بغير حق، وكان أيضًا طيبًا، وهو الذي لا خبث فيه، فخرج بذلك الخبيث من السباع والخبائث»57.
وحفاظًا على سلامة الجسم، يجب الابتعاد عن أكل الميتة ولحم الخنزير وكل ما يضر الجسم أكله، قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)[المائدة:٣].
قال سيد قطب: «وسواء وصل العلم البشري إلى حكمة هذا التحريم أم لم يصل، فقد قرر العلم الإلهي أن هذه المطاعم ليست طيبة وهذا وحده يكفي. فالله لا يحرم إلا الخبائث. وإلا ما يؤذي الحياة البشرية في جانب من جوانبها. سواء علم الناس بهذا الأذى أو جهلوه»58.
وإشباع الحاجة الجنسية بالطريقة الشرعية كما أمر الله تعالى والبعد عن اللذة المحرمة.
قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ)[الروم:٢١].
الاهتمام بممارسة التدريبات الرياضية التي تقوي الجسم، تحقيقًا لقوله تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)[الأنفال:٦٠].
الاهتمام بالرعاية الصحية والنظافة في المأكل والمشرب والملبس، لقوله تعالى: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ)[البقرة:٢٢٢].
أولًا: الربانية:
من أهم خصائص التربية في القرآن الكريم: الربانية. فالإنسان من خلق الله سبحانه، وليس هناك أعلم من الله عزوجل به.
قيل في نسبتها أقوال كثيرة ذكرها الراغب الأصفهاني،منها: «إنه منسوب إلى الربان، وقيل: منسوب إلى الرب الذي هو المصدر، وهو الذي يرب العلم كالحكيم، وقيل: منسوب إلى الرب أي: الله سبحانه وتعالى»59. والمعنى المراد هنا: الإنتساب إلى الرب، أي: الله سبحانه، ويطلق على الإنسان أنه رباني إذا كان وثيق الصلة بالله عالمًا بدينه وكتابه، معلمًا له. وفي القرآن الكريم: (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)[آل عمران:٧٩].
قال ابن كثير في تفسير الآية: «ولكن يقول الرسول للناس: كونوا ربانيين. قال ابن عباس وأبو رزين وغير واحد، أي: حكماء علماء حلماء. وقال الحسن وغير واحد: فقهاء، وكذا روي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعطاء الخراساني، وعطية العوفي، والربيع بن أنس. وعن الحسن أيضًا: يعني: أهل عبادة وأهل تقوى»60.
معنى الربانية في التربية:
يراد بالربانية أمران:
فالتربية القرآنية «ربانية في غايتها تهدف إلى تربية الإنسان المسلم الذي يحسن صلته بربه، فيعيش في سعادة ورضا تام، يبعده عن الصراعات النفسية والفكرية، فيعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدًا»61.
فالقرآن الكريم هو المصدر الرئيسي للتربية القرآنية، تستمد منها أصولها وتوجيهاتها.
«وأساس التربية الربانية أنها تنزيل من الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ)[النحل:٨٩].
فهي تقوم على أسس ربانية، فتأتي مبرأة من كل عيب وقصور»62.
ومن معاني الربانية في التربية: تربية الإنسان على التحرر من الأهواء والأشخاص وعدم الخضوع والإنقياد إلا لله وحده، انطلاقًا من قوله تعالى: (ﯓﯔﯕﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ)[الأنعام:١٦٢].
يقول السعدي: «من أخلص في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله. وقوله: (ﯗ ﯘ)أي: ما آتيه في حياتي، وما يجريه الله علي، وما يقدر علي في مماتي، الجميع (ﯙ ﯚ ﯛﯜﯝﯞ ﯟ) في العبادة، كما أنه ليس له شريك في الملك والتدبير، وليس هذا الإخلاص لله ابتداعًا مني، وبدعًا أتيته من تلقاء نفسي، بل (ﯡ ﯢ) أمرًا حتمًا، لا أخرج من التبعة إلا بامتثاله (ﯣ ﯤ ﯥ) من هذه الأمة»63.
ثانيًا: التدرج:
التدرج سنة كونية ابتداءً في إنشاء هذا الكون؛ فالله سبحانه لم ينشأ الكون دفعة واحدة مع القدرة عليه، بل خلق السماوات والأرض في ستة أيام.
ويعرف المختصون التدرج في التربية بأنه: «الارتقاء التصاعدي في إكساب الفرد معالي الأمور»64. أو «البدء بالسهل ثم الصعب والانتقال في التعلم من البسيط إلى المعقد مراعاة للفروق الفردية بين المتعلمين، وللقدرة العقلية على الفهم والاستيعاب، حيث إن فروقًا كثيرة بين الناس في استعداداتهم وقدراتهم النفسية العقلية»65.
والتدرج في التربية أسلوب يدلّ على حكمة صاحبه، وقدرته على التلطف في مخاطبة العقول والأفهام، فينتقل من فكرة إلى فكرة، معتمدًا على المحاكمة العقلية، والحجة المقنعة، والبرهان الواضح.
التدرج في التربية في القرآن الكريم:
نزل القران الكريم منجمًا رحمة للمؤمنين حتى يمكنهم من حفظه وتلاوته وفهمه وإدراك الأمور ويكون ذلك عونًا على ثباته في أنفسهم، قال تعالى: (ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ)[الفرقان:٣٢].
يقول السعدي حول التدرج المشار إليه في الآية الكريمة: «كلما نزل عليه شيء من القرآن إزداد طمأنينة وثباتًا وخصوصًا عند ورود أسباب القلق فإن نزول القرآن عند حدوث السبب يكون له موقع عظيم وتثبيت كثير أبلغ مما لو كان نازلًا قبل ذلك، ثم تذكره عند حلول سببه»66.
والتدرج مظهر من مظاهر التبشير والتيسير المذكور في كثير من الآيات، منها قوله تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ)[البقرة:١٨٥].
ونزول القرآن الكريم منجمًا حوى عدة حكم تربوية، ذكرها الله سبحانه في الآية الكريمة. ومن هذه الحكم:
الحكمة الأولى: تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى:(ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ).
قال القاسمي: «أي: نقوّيه به على القيام بأعباء الرسالة، والنهوض لنشر الحق بين قادة الجهالة. فإن ما يتواتر إنزاله لذلك، أبعث للهمة وأثبت للعزيمة وأنهض للدعوة، من نزوله مرة واحدة»67.
الحكمة الثانية: التدرج في تربية هذه الأمة، وتستمد هذه الحكمة من قوله تعالى: (ﯾ ﯿ) حيث فسر ذلك سيد قطب بقوله: «الترتيل هنا هو: التتابع والتوالي، وفق حكمة الله وعلمه بحاجات تلك القلوب وإستعدادها للتلقي»68.
فلو جاءتهم جملة واحدة لثقلت عليهم؛ لأنه من العسير أن يتحول أمة بين ليلة وضحاها إلى حياة أخرى مختلفة تمامًا عن التي إعتادوها.
الحكمة الثالثة: مراعاة مناسبات الأحداث؛ لقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ)[الفرقان:٣٣].
والمتأمل للقرآن الكريم يجد جوانب من التدرج، نذكر منها:
أولًا: التدرج في الحفظ والفهم.
كما قال تعالى: (ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [الجمعة:٢].
ثانيًا: التدرج في انتزاع الفاسد وتثبيت الصحيح من العقائد والعبادات.
ومن العادات التي علاجها بالقطع الحاسم ما يلي:
ثالثا: التدرج في انتزاع المنكر من العادات والأخلاق وتثبيت المعروف.
يقول الدكتور محمد قطب في كتابه القيم (منهج التربية الاسلامية):
«وقد بدأ الاسلام -وهو ينشأ في الجاهلية- بإزالة العادات السيئة التي وجدها سائدة في البيئة العربية، واتخذ لذلك إحدى وسيلتين: إما القطع الحاسم، وإما التدرج البطيء، حسب نوع العادة التي يعالجها، وطريقة تمكنها في النفس»70.
والقرآن الكريم زاخر بالأمثلة على الأخذ بمبدأ التدرج، منها:
التدرج في تحريم الخمر، والتدرج في تحريم الربا، والتدرج في تعليم الولد الآداب الإجتماعية.
ثالثًا: الشمول والتكامل:
الشمول مصدر شمل، ومعناه العموم، قال ابن فارس: «شمل: شملهم الأمر يشملهم، إذا عمهم»71.
والعموم والإتمام وعدم الاحتياج إلى غيره، من أهم خصائص التربية في القرآن الكريم.
فالشمول في التربية القرآنية تعني: أنها تتناول كل جوانب الحياة، وتهتم بالإنسان ككل، روحه وجسمه وعقله ونفسه. وأنها تشمل كل الأزمنة والأمكنة. فالشمول في التربية تعني:
١. أنها تربية شاملة لجميع جوانب الشخصية الإنسانية للمسلم (الجسم، العقل، الروح).
قال تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [الأنعام:٣٨].
يقول الرازي: «قوله (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) يجب أن يكون مخصوصًا ببيان الأشياء التي يجب معرفتها»72. فالقرآن الكريم عالج كل جوانب الشخصية الإنسانية فاهتم بالجسم ومتطلباته وبالروح وبالعقل. وفي مبجث (مجالات التربية) فصلنا القول في ذلك.
٢. إنها شاملة لجميع فئات المجتمع.
فلا تقتصرعلى فئة دون أخرى. فالقرآن الكريم اهتم بالطفل كاهتمامه بالشاب، واهتم كذلك بالشيوخ والعجائز. تربيته شملت المرأة كالرجل. فحفاظًا على سلامة الأم أثناء الحمل، دعا لتحقيق حاجاتها ومعاملتها بأحسن ما يمكن.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ)[الطلاق:٦].
٣. إنها تربية شاملة لكل الأزمنة والأمكنة.
فالقرآن الكريم ربى بتوجيهاته الجيل الذي عاش في زمن النبوة وما بعدها، ويربي كذلك الإنسان في عصرنا الحاضر والمستقبل. وتنبع شمولية التربية القرآنية من قدرة الواضع لها على إدراك ومعرفة صغائر الأمور وكبائرها، فلم تتخلف قابلية المنهج في التطبيق على زمان دون آخر.
والتربية القرآنية إلى جانب شمولها، متكاملة.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي: «فليست التربية مقصورة الغاية على جانب واحد من جوانب الإنسان، التي يهتم بكل واحدة منها أهلها والمختصون بها. إنها لا تضع كل إهتماماتها في الناحية الروحية أو الخلقية التي يهتم بها الفلاسفة والعقليون. ولا تجعل أكبر همها في التدريب والجندية التي يحرص عليها العسكريون. ولا تحصر نشاطها في التربية الإجتماعية كما يصنع المصلحون الإجتماعيون. إنها في الواقع تهتم بكل هذه الجوانب وتحرص على كل هذه الألوان من التربية»73.
والقرآن الكريم يؤكد على هذا التكامل من خلال استنكاره على المنكرين له عدم تدبر تشريعاته وأحكامه وأوامره. ولو تدبروه لوجدوه متكاملًا يكمل بعضه بعضًا.
قال تعالى: (ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [النساء:٨٢].
يقول سيد قطب: «والتناسق المطلق الشامل الكامل هو الظاهرة التي لا يخطئها من يتدبر هذا القرآن أبدًا.. ومستوياتها ومجالاتها، مما تختلف العقول والأجيال في إدراك مداها. ولكن كل عقل وكل جيل يجد منها -بحسب قدرته وثقافته وتجربته وتقواه- ما يملك إدراكه، في محيط يتكيف بمدى القدرة والثقافة والتجربة والتقوى. ومن ثم فإن كل أحد، وكل جيل، مخاطب بهذه الآية. ومستطيع -عند التدبر وفق منهج مستقيم- أن يدرك من هذه الظاهرة -ظاهرة عدم الاختلاف، أو ظاهرة التناسق- ما تهيئه له قدرته وثقافته وتجربته وتقواه. وتلك الطائفة في ذلك الجيل كانت تخاطب بشيء تدركه، وتملك التحقق منه بإدراكها في حدودها الخاصة»74.
رابعًا: الواقعية:
الواقعية تعني: «مراعاة الطاقة المتوسطة المقدورة لجماهير الناس والإعتراف بالضعف البشري، وبالدوافع البشرية، وبالحاجات الإنسانية؛ نفسية أو مادية»75.
والمتأمل للتوجيهات التربوية للقرآن يجد أنها توافق الفطرة وتنسجم مع الواقع؛ لأن الله تعالى هو صاحب القرآن وهو خالق الإنسان وهو أعلم بمطالبه وحاجاته وطاقاته. قال تعالى: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ)[الملك:١٤].
قال الطبري: «(ﭜ ﭝ) الرب جل ثناؤه (ﭞ ﭟ) من خلقه؟ يقول: كيف يخفي عليه خلقه الذي خلق (ﭠ ﭡ) بعباده (ﭢ) بهم وبأعمالهم»76.
وطاقة الإنسان محدودة، فلم يكلفه الله سبحانه إلا في حدود طاقته. قال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ)[البقرة:٢٨٦].
وقال تعالى: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)[التغابن:٢٦].
والمتأمل في أوامر ونواهي وتوجيهات القرآن الكريم يرى بوضوح هذه الخاصية.
والإنسان ضعيف بطبعه،والله عزوجل يعرف ضعفه إزاء المغريات.
قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ)[آل عمران:١٤].
وللتغلب على هذا الضعف جعل محفزات ومرغبات للعمل الصالح، ومرهبات ومنفرات عن العمل السيء، وهو ما يعرف بمبدأ (الثواب والعقاب).
قال تعالى: (ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ)[آل عمران:١٣٣].
يقول العلامة السعدي: «أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السماوات والأرض، فكيف بطولها، التي أعدها الله للمتقين، فهم أهلها وأعمال التقوى هي الموصلة إليها، ثم وصف المتقين وأعمالهم، فقال: (ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ)[آل عمران:١٣٤].
أي: في حال عسرهم ويسرهم، إن أيسروا أكثروا من النفقة، وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئًا ولو قل»77.
ومظاهر الواقعية في القرآن الكريم كثيرة، منها: اليسر والتيسير، ورفع الحرج، وتحريم الخبائث، وغيرها من الأمور78.
خامسًا: الوسطية:
التربية القرآنية تربية متوازنة، حيث يتميز الإسلام بالوسطية، قال الله تعالى: (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭴ ﭵ)[البقرة:١٤٣].
«فالتربية الإسلامية توازن بين الأشياء، وتميل إلى أن تكون هناك نقطة توازن بين جوانب الحياة المختلفة، فهي توازن مثلًا بين النظرية والتطبيق في التربية، وبين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، كما توازن بين الحياة المادية والحياة الروحية.
قال تعالى: (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ)[القصص:٧٧]»79.
فالقرآن الكريم لا يرضى للمسلم أن يهمل الحياة الدنيا بحجة العمل للأخرى.
قال العلامة الطاهر بن عاشور في تفسير الآية: «اطلب بكنوزك أسباب حصول الثواب بالإنفاق منها في سبيل الله وما أوجبه ورغب فيه من القربان ووجوه البر ولا تنس نصيبك من الدنيا»80.
ما أجمل قول سيد قطب حين يقول: «وفي هذا يتمثل اعتدال المنهج الإلهي القويم، المنهج الذي يعلق قلب واجد المال بالآخرة. ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة، بل يحضه على هذا ويكلفه إياه تكليفا، كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها»81.
التربية في القرآن الكريم تسعى إلى تحقيق غايات ومصالح ومقاصد شتى، نذكر فيما يلي أبرزها:
أولًا: المحافظة على الفطرة من الانحراف:
قال تعالى: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ)[الروم:٣٠].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)82.
وفي معنى الفطرة ذكر العلماء عدة أقوال، منها:
موقف التربية من الفطرة:
من معاني الفطرة الإسلام، وهو يحتاج إلى تنمية ورعاية ومعرفة بأحكام الشريعة. فوظيفة التربية تجاه الفطرة هي تنمية هذه المعارف وتبصيره بأحكام الشريعة، حتى تبقى الفطرة نقية بيضاء.
ومن معانيها السلامة من العيوب، والتربية يبقي الطفل سليمًا من الإنحراف.
واستخلص سيد قطب من الآية الكريمة (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ)[الروم:٣٠].
أن القرآن يربط بين فطرة النفس البشرية وبين طبيعة الإسلام،وأن الله الذي خلق القلب البشري هو الذي أنزل عليه هذا الدين، ليحكمه ويصرفه ويطب له من المرض ويقومه من الإنحراف، وهو أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير. والفطرة ثابتة والدين ثابت (ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ) فإذا انحرفت النفوس عن الفطرة لم بردها إليها إلا هذا الدين المتناسق مع فطرة البشر وفطرة الوجود84.
ثانيًا: تربية العقل على التدبر والتفكر:
في مطلب التربية العقلية من هذا البحث ذكرنا اهتمام القرآن الكريم بالعقل وأهم الوسائل التي يتبعها للارتقاء بالعقل البشري.
فقد شرف الله تعالى العقل بأن خاطبه وجعله مناط التكليف، وحثه على البحث والنظر والتفكير والتدبر، ووجه انتباهه إلى خلق السماوات والأرض وما فيهما من نجوم وأفلاك وبحار وأنهار وما فيهما من عجائب المخلوقات، وسنن الكون وأنظمة الوجود.
قال تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ)[يونس:١٠١].
يقول أبو حيان الأندلسي في تفسيره لهذه الآية: «أمر تعالى بالفكر فيما أودعه تعالى في السموات والأرض؛ إذ السبيل إلى معرفته تعالى هو بالتفكر في مصنوعاته، ففي العالم العلوي في حركات الأفلاك ومقاديرها وأوضاعها والكواكب، وما يختص بذلك من المنافع والفوائد، وفي العالم السفلي في أحوال العناصر والمعادن والنبات والحيوان، وخصوصًا حال الإنسان. وكثيرًا ما ذكر الله تعالى في كتابه الحض على الفكر في مخلوقاته تعالى وقال: ماذا في السموات والأرض تنبيهًا على القاعدة الكلية، والعاقل يتنبه لتفاصيلها وأقسامها»85.
فالعقل هو السبيل الذي يوصلنا إلى وجود الله تعالى وإلى قدرته تعالى.
وقد ذم الله تعالى الذين لا يتفكرون بقوله تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)[يوسف:١٠٥].
يقول أبو حيان: «إنهم لفرط كفرهم يمرون على الآيات التي تكون سببًا للإيمان ولا تؤثر فيهم، وأن تلك الآيات هي في العالم العلوي وفي العالم السفلي»86. ويشير القرطبي إلى القراءات الواردة في الآية، «وقرأ عكرمة وعمروبن فائد (والأرض) رفعًا ابتداء، وخبره (ﭣ ﭤ) وقرأ السدي (والأرض) نصبًا بإضمار فعل، والوقف على هاتين القراءتين على: السماوات وقرأ ابن مسعود: (يمشون عليها)»87.
تهدف التربية القرآنية إلى ترقية عقل الإنسان من خلال تأهيله للإيمان بالله كما تؤهله للبحث عن حقائق الأشياء ومعرفة مكانه من هذا الكون، وترتفع به لإدراك الحق.
ومن الأدلة على أن الهدف من التربية القرآنية تربية العقل:
ما ورد في القرآن الكريم من آيات تعلي من شأن العقلاء حين مدحت أولي الألباب، قال تعالى: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ)[آل عمران:١٩١].
إن آيات القرآن تحمل بشدة على الذين لا يرتقون بعقولهم وتفكيرهم، بل يبقون في مراتب هابطة من التفكير، وقد وصفهم الله تعالى بالأنعام.
إن الإيمان بالله ينبع من احترام العقل وحب العلم وتحري الحقيقة: فالله سبحانه أعطى الإنسان أكبر منحة وأكبر ميزة ألا وهي العقل. بالعقل يصبح الإنسان إنسانًا88.
وقد زخرت الآيات القرآنية ببيان إعمال العقل في التفكير، لتعليمنا الدقة وكيفة الاستنتاج والاستدلال والاستنباط، وهذه العمليات العقلية معنية بتربية العقل والذهن، فالقرآن يربي الإنسان على إعمال عقله في التفكير في مخلوقات الله عزوجل، وذلك ليعلمه الدقة وكيفية الاستدلال والاستنتاج، وهذا هو المعني في تربية العقل والذهن ومطالبته بالتدبر والتفكير والاستنتاج القياسي والاستقرار.
قال تعالى: (ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ)[محمد:٢٤].
وقوله تعالى: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [الزخرف:٣].
«والقرآن يربي الفكر على عدم قبول شيء بغير حجة أو برهان أو علم.
قال تعالى: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)[الحج:٨-٩]»89.
ثالثًا: إعداد الإنسان الصالح:
تهدف التربية القرآنية إلى إعداد الإنسان الصالح الفاضل ذي الخلق القويم والعزيمة القوية، القادر على التلاؤم مع حياة المجتمع الذي ينتمي إليه وممارسة دوره النافع فيه، وهو الذي يكون بحق خليفة الله في هذه الأرض؛ لذا ينبغي أن يكون هذا الإعداد شاملًا لجوانب حياته كافة الخاصة والعامة في الدنيا والاخرة.
يقول الله تعالى: (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ)[القصص:٧٧]90.
وهذا الإنسان كرمه الله تعالى وفضله على غيره بقوله: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ)[الإسراء:٧٠]
وهذا الإنسان سخر الله له جميع الكائنات.
قال تعالى: (ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ)[الجاثية:١٣].
والإنسان المفضل على غيره من الكائنات، له دور مهم في الحياة، وإنه ذو فطرة خيرة.
وقد دعا القرآن الكريم إلى المحافظة على هذه الفطرة وتربيتها، وذلك من خلال: تنمية جسمه وبدنه، من خلال التربية البدنية، وتثقيف عقله وتسديد أفكاره من خلال التربية العقلية، وتوجيه مستمر لأعماله في الحياة، من خلال التربية الأخلاقية.
وقد حدد الله تعالى معيار الإنسان الصالح في سورة العصر، وجمعه في نقاط أربعة:
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ)[العصر:١-٣].
أولًا: القدوة الحسنة:
المراد من القدوة كما يبينه إسماعيل حقي: «هي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره؛ إن حسنًا، وإن قبيحًا، وإن سارًّا، وإن ضارًّا»91.
فالقدوة من حيث هي متابعة من المقتدي للمقتدى به في فعله، ويرادفها في المعنى: الأسوة، والتقليد، والمحاكاة، والتشبه.
والقدوة هي أنجح الوسائل للتربية على الإطلاق وأجداها وأنفعها: لأن من السهل تأليف كتاب أو جملة من الكتب تضل حبرًا على الورق، ما لم يترجم إلى أفعال وتصرفات ومشاعر.
يقول الأديب المبدع مصطفى صادق الرافعي: «لو أقام الناس عشر سنين يتناظرون في معنى الفضائل ووضعوا في ذلك مائة كتاب ثم رأوا رجلًا فاضلًا وخالطوه وصاحبوه لكان الرجل وحده أكبر فائدة من كل المناظرة وأدل على الفضيلة من ألف كتاب. ولهذا أرسل الله رسولًا مع كل كتاب»92.
والقرآن الكريم أبدى اهتمامًا بالقدوة الحسنة مبينًا تأثيرها في الإيمان، وأمر المسلمين بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ)[الأحزاب:٢١].
قال البيضاوي: «قد كان لكم في رسول اللّه أسوةٌ حسنةٌ خصلة حسنة من حقها أن يؤتسى بها كالثبات في الحرب ومقاساة الشدائد، أو هو في نفسه قدوة يحسن التأسي به كقولك في البيضة عشرون منًّا حديدًا، أي: هي في نفسها هذا القدر من الحديد، وقرأ عاصم بضم الهمزة، وهو لغة فيه»93.
ويتجلى هذا الأسلوب في القرآن الكريم بإبراز النماذج الحسنة في التأريخ لكي يقتدي بهم المؤمنون، وكذلك تسليط الضوء على النماذج السيئة من أفراد وجماعات للتحذير منهم ومن أفعالهم.
وهذه القدوة ليست محصورة في زمن النبوة، بل هي باقية ما بقيت السماوات والأرض، قال تعالى: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ)[الأنبياء:١٠٧].
«إن شخصية الرسول هي القدوة الحسنة الدائمة المتجددة على مر الأجيال والعصور. تظل حيويتها دافعة شاخصة ولا تتحول إلى خيال مجرد. حقًّا كان رسول الله بشحصيته وشمائله وسلوكه وتعامله مع الناس ترجمة عملية بشرية حية لحقائق القرآن وتعاليمه وأدابه وتشريعاته، ولما فيه من أسس تربوية إسلامية وأساليب تربوية قرآنية»94.
ثانيًا: الحوار:
الحوار هو مبادلة الكلام بين شخصين أو أكثر في صورة سؤال وجواب أو غيره، دون وجود دليل على خصومة بينهما.
وهناك مصطلحات قريبة من معنى الحوار مثل: الجدل والجدال والمجادلة. وفي معنى هذه المصطلحات.
يقول النووي: «الجدل والجدال والمجادلة مقابلة الحجة بالحجة، وتكون بحق وباطل، وأصله الخصومة الشديدة، ويسمى جدلًا؛ لأن كل واحد يحكم خصومته وحجته إحكامًا بليغًا على قدر طاقته تشبها بجدل الحبل، وهو إحكام فتله»95.
ولكن يبدو أن هناك فروقًا بين هذه المصطلحات، فالجدال يفيد معنى الصراع، لكن الحوار تتسع للصراع ولغيره96.
الحوار أوسع مدلولًا من الجدال الذي يفيد معنى الصراع بينما تتسع كلمة الحوار للصراع ولغيره مما يراد منه إيضاح الفكرة. فحيثما وجد الجدال وجد الحوار، وليس كلما وجد الحوار وجد الجدال، لأن الجدال ومعه المحاجة يعطيان الحوار قوة العناد للفكرة والإصرار عليها.
وقد وردت مادة حوار في ثلاثة مواضع:
قال تعالى: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ)[الكهف:٣٤].
قال تعالى: (ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ)[الكهف:٣٧].
والحوار هنا وما قبله، يدور بين صاحبين: أحدهما: غني طاغ، والآخر: فقير صابر مؤمن.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ)[المجادلة:١].
يقول شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي حول تفسير هذه الآية: «وقوله- سبحانه-: (ﭜ ﭝ ﭞ) جملة حالية، والتحاور: مراجعة الكلام من الجانبين. يقال:حاور فلان فلانا في الكلام إذا راجعه فيما يقوله، أي: والحال أن اللّه تعالى يسمع ما يدور بينك- أيها الرسول الكريم- وبين تلك المرأة، من مراجعة في الكلام،ومن أخذ ورد في شأن قضيتها، والمقصود بذلك: بيان الاعتناء بشأن هذا التحاور، والتنويه بأهميته، وأنه تعالى قد تكرم وتفضل بإيجاد التشريع الحكيم لحل هذه القضية. وعبر- سبحانه- بصيغة المضارع، لزيادة التنويه بشأن ذلك التحاور، واستحضار صورته في ذهن السامع، ليزداد عظةً واعتبارًا»97.
والقرآن الكريم استخدم في آياته ولأغراض تربوية عدة أسلوب الحوار والجدال، منها: تنبيه الغافل أو إرشاد لمسترشد، أو إفحام لمعاند .
وفي القرآن الكريم كثير من نماذج الحوار في قصص الأنبياء مع أقوامهم، وقصص الأقوام السابقين، والحوار بين الله سبحانه وإبليس، والحوار مع الملائكة حول خلق آدم والسجود له، وكل ذلك يدلنا على أهمية الحوار واستخدامه في الحياة.
ثالثًا: القصص:
اهتم القرآن الكريم بالقصة، ونظرًا للأثر الكبير للقصة على أفهام سامعيها، وكونها وسيلة ناجحة وتربوية، وللميل الفطري للقصة لما لها من تأثير كبير، وذكرها بأساليب متنوعة مستخدمًا كل أنواعها.
يقول محمد قطب: «يدرك الاسلام الميل الفطري إلى القصة ويدرك ما لها من تأثير ساحر على القلوب فيستغلها لتكون وسيلة من وسائل التربية والتقويم.. وهو يستخدم كل أنواع القصة»98.
وكون القرآن الكريم كتاب هداية، فقد استخدم أسلوب القصة لهداية الناس وتحذيرهم وتنبيههم من الغفلة ومن مخاطر الدنيا وويلاتها ومصائبها. وأغلب القصص القرآنية من حوادث الغيب المتعلق بالماضي، والمؤمن عليه الإيمان بالغيب. فالقصة تربينا على الإيمان بها. قال تعالى معلقًا على قصة كفالة زكريا لمريم: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [آل عمران:٤٤].
قال الرازي: «كان معلومًا عندهم علمًا يقينيًّا أنه ليس من أهل السماع والقراءة، وكانوا منكرين للوحي، فلم يبق إلا المشاهدة، وهي وإن كانت في غاية الاستبعاد إلا أنها نفيت على سبيل التهكم بالمنكرين للوحي مع علمهم بأنه لا سماع ولا قراءة، ونظيره (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [القصص:٤٤].
(ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [القصص:٤٦].
(ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ)[يوسف:١٠٢].
(ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩ ﮪ) [هود:٤٩]»99.
وقد أبرز القرآن الكريم أهمية القصص الإيجابية، وتأثيرها النفسي والأخلاقي في التربية وتهذيب النفس البشرية.
قال تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ)[يوسف:٣].
فقد سمى الله سبحانه قصة يوسف بأحسن القصص لما اشتملت عليه من مواعظ ودروس وعبر في كيفية التعامل الأب مع الأولاد، ومواجهة النفس والشيطان وغيره من العبر.
يقول السعدي: «(ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) وذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها، (ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) أي: بما اشتمل عليه هذا القرآن الذي أوحيناه إليك، وفضلناك به على سائر الأنبياء، وذاك محض منة من الله وإحسان»100.
والقرآن مليء بالقصص الهادفة كقصة يوسف ونوح وإبراهيم وأصحاب الكهف ومريم وغيرها. وقد ركزت القصة في القرآن الكريم على الجوانب الروحية والخلقية التي تعمل على تزكية الروح والنفس، وترقية الوجدان وترسيخ الفضائل، وهي تهدف أيضا إلى تثبيت الفؤاد والتفكر والإعتبار101.
يقول الشيخ محمد عبدة: «إن قصص الأنبياء والأمم الواردة في القرآن الكريم لم يقصد بها سرد الوقائع مرتبة حسب أزمنتها، وإنما المراد بها: الاعتبار والعظة ببيان النعم متصلة بأسبابها لتطلب لها وبيان النقم بعللها لتتقي من وجهتها، ومتى ما كان هذا هو الغرض من السياق، فالواجب أن يكون ترتيب الوقائع في الذكر على الوجه الذي يكون أبلغ في التربية وأدعى إلى التأثير»102.
رابعًا: الترغيب والترهيب:
آيات الترغيب والترهيب في القرآن الكريم أكثر من أن تحصى.
فقد استخدم القرآن الكريم لكل عمل صالح ترغيبًا فيه بيان ثوابه، وعلى فعل كل سيئة ترهيبًا يتضمن بيان عقابه، سواء كان العقاب في الدنيا أو في الآخرة.
ففي الترغيب في العمل الصالح، قال تعالى: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [الأنعام:١٦٠].
ما أجمل قول سيد قطب في تفسير الآية حين يقول: «وبمناسبة الحساب والجزاء قرر الله سبحانه ما كتبه على نفسه من الرحمة في حساب عباده، فجعل لمن جاء بالحسنة وهو مؤمن- فليس مع الكفر من حسنة!- فله عشر أمثالها. ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها، لا يظلم ربك أحدًا ولا يبخسه حقه»103.
وفي الترهيب من ترك الصلاة، قال تعالى: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ)[الماعون:١-٧].
قال سيد قطب: «إنه دعاء أو وعيد بالهلاك للمصلين (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ) ، فمن هم هؤلاء الذين هم عن صلاتهم ساهون!
إنهم (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) .
إنهم أولئك الذين يصلون، ولكنهم لا يقيمون الصلاة.
الذين يؤدون حركات الصلاة، وينطقون بأدعيتها، ولكن قلوبهم لا تعيش معها، ولا تعيش بها، وأرواحهم لا تستحضر حقيقة الصلاة وحقيقة ما فيها من قراءات ودعوات وتسبيحات. إنهم يصلون رياء للناس لا إخلاصًا لله. ومن ثم هم ساهون عن صلاتهم وهم يؤدونها»104.
خامسًا: ضرب الأمثال:
ضرب المثل من الأساليب التربوية الناجحة، فهو «يعتمد على تصوير المعاني وتحليلها بضرب الأمثلة والتشبيهات، وهذا الأسلوب له دور في التربية أبلغ أثرًا من مجرد التلقين المباشر، لأنه يثير عواطف المتلقي ويحرك مشاعره، ويجسد المعاني مما يجعله تسهل في الفهم وترسخ في الذهن»105.
وقد أطلق علماء البلاغة على الأمثال بالمصطلح القرآني عبارة (التشبيه التمثيلي).
يقول محمد أبو زهرة: «يعرف علماء البلاغة التشبيه التمثيلي بأنه جعل أحد الشيئين في مقام الشيء الآخر لأمر مشترك بينهما، والأمثال القرآنية باب من أبواب التشبيه التمثيلي، وقد جعلها الله من ينابيع الاستدلال في القرآن»106.
الأغراض التربوية للأمثال في القرآن الكريم:
نزل القرآن الكريم بلغة العرب، ولكن ذكر مسائل صعبة الإدراك على الناس، فاحتاج إلى التوضيح لتقريب هذه المعاني إلى أذهان الناس. يقول الباحث يزيد الحمزاوي: «كانت أغلب الأمثال القرانية في العقائد والإيمانيات، أما المعاملات والسلوكيات فقد كثرت أمثالها في السنة النبوية، فالأمثال تلعب دورًا هامًّا في تحويل الغيبيات إلى مشاهد حاضرة أمام العيان، حتى لا يشرد الخيال بعيدًا في إدراك الحقائق كما هي»107.
القرآن الكريم كتاب هداية للناس، عندما يريد استثارة التفكير للتأمل يستخدم لذلك الأمثال، «فالأمثال ساقها الله في القرآن للناس لتكشف الغامض أمامهم وتقنعهم بما يساق لهم من الدليل الواضح الناتج عن الموازنة الحسية، أو المعنوية الدقيقة التي لا تدع مجالًا للشك»108.
ومن خلال التفكر في معنى المثل يصل الإنسان إلى معرفة الله بمعرفة آثاره الدالة عليه، فالعقلاء العالمون هم الذين يصلون ببصيرتهم إلى هذه المعرفة، عندئذ يخشونه حق خشيته ويتعظون بالحوادث والأمثال وينتفعون بما فيها من عبر وأحكام، قال تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)[العنكبوت:٤٣].
ومن الأمثلة عليه قوله تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ)[الأنعام:١٢٢].
والنسيان من طبيعة الإنسان، والمثل يعمل على ترسيخ الأفكار في الذاكرة وصعوبة نسيانها. قال تعالى: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ)[هود:٢٤].
المتأمل لآيات الترغيب والترهيب يجد في بعضها ضربًا للأمثال، وذلك لكي يتأكد وقوعه في القلب.
يقول الشيخ مناع القطان: «يضرب المثل في الترغيب في الممثل، حيث يكون الممثل به مما ترغب فيه النفوس، ويضرب المثل للتنفير أو الترهيب ويكون الممثل به مما تكرهه النفوس»109.
ومثال ذلك: قوله تعالى:(ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [البقرة:٢٦١].
استخدم معنى المثل لغرض إبراز نموذج ما، للاقتداء به أو للنفور منه في عدة آيات من القرآن الكريم:
قال تعالى: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [النحل:١١٢].
وقال تعالى: (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [محمد:٣].
يقول سيد قطب: «وكذلك يضع لهم القواعد التي يقيسون إليها أنفسهم وأعمالهم. فيعلمون المثل الذي ينتمون إليه ويقاسون عليه.ولا يحتارون في الوزن والقياس! ذلك الأصل الذي قررته الآية الأولى في السورة، يرتب عليه توجيه المؤمنين لقتال الكافرين. فهم على الحق الثابت الذي ينبغي أن يتقرر في الأرض، ويستعلي ويهيمن على أقدار الناس والحياة ليصل الناس بالحق وليقيم الحياة على أساسه. والذين كفروا على الباطل الذي ينبغي أن يبطل وتذهب آثاره من الحياة»110.
مما سبق عرفنا مدلول المثل وأهميته وتوظيف القرآن الكريم له بأساليب شتى لخدمة أغراض تربوية.
سادسًا: العبر والمواعظ:
اهتم القرآن الكريم بأسلوب الموعظة كعامل محفز وباعث على أعمال الخير:
يقول الدكتور عبدالله ناصح علوان عن هذا الأسلوب: «من أهم الأساليب التي يسلكها القرآن الكريم في نصائحه ومواعظه، وهي أساليب متنوعة لها إيحاءاتها المؤثرة وحساسياتها البالغة واهتزازاتها الضاربة على أوتار القلوب»111. وقد راعى القرآن الكريم في أسلوب الموعظة، عدة أمور منها:
التربية بين القرآن والمناهج البشرية
بعد أن سلطنا الضوء على التربية القرآنية وعرفنا خصائصها ووسائلها، استكمالًا للفائدة نبحث عن نقاط الاختلاف والاتفاق بينها وبين التربية في المناهج البشرية قديمها وحديثها، وذلك من حيث النقاط التالية:
١. المصدر.
فالتربية القرآنية مصدرها الله تعالى خالق الكون وخالق الإنسان، فهي بذلك مبرأة من كل عيب ونقصان يعتري المناهج التربوية البشرية. (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ )[الملك:١٤].
٢. المبادئ العامة.
يتجلى المبدأ الواضح للتربية في القرآن في قوله تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ) [النحل: ٣٦].
فالتربية القرآنية تعرف الإنسان بخالقه وتنظم العلاقة بينهما على أساس من ربانية الخالق وعبودية المخلوق. بينما التربيات والأفكار الأخرى تتخبط في أفكارها:
«مبدأ الفلسفة الطبيعية هو أن الطبيعة الذاتية هي التي ترعى وتهذب السلوك للأفراد، أما المثالية فأمنت بوجود أفكار عامة ثابتة مطلقة مستقلة من عالم الخبرات اليومية ومقرها العالم المثالي، والحقيقة النهائية توجد في عالم الأفكار أو عالم الحقيقة المطلقة، ومبدأ الواقعية هو أن الواقع يشمل الحقائق جميعها وهو عالم مستقر وثابت، في حين نظرت البراجماتية إلى أن العالم نسبي غير ثابت وفي حالة تغيير مستمر»112.
٣. النظرة إلى التربية.
تربية القرآن الكريم للإنسان تربية شاملة لروحه وعقله وجسده ونفسه، بحيث تخلق التوازن المسمى بالتكامل، بخلاف التربيات الأخرى:
تقول الدكتورة ليلى البيومي: «فالتربية اليونانية مثلًا قد اهتمت اهتمامًا بالغًا بالجانب العقلي للإنسان في الوقت الذي أهملت فيه بقية الجوانب الأخرى، في حين أن التربية الرومانية ركزت اهتمامها على الجانب الجسمي مقابل إهمال غيره من الجوانب. أما التربية المسيحية فقد عنيت كثيرًا بالجانب الروحي للإنسان على حساب غيره من الجوانب الأخرى، وهكذا»113.
فالتربية التي ركزت على القوة والجسم وحدها، ولم توازن بين طاقة الجسم وطاقة العقل وطاقة الروح، كانت وبالًا على قومها وشرًّا أصاب غيرها 114.
٤. النظرة إلى القيم.
المقصود بالقيم والمباديء الإسلامية: «توجيهات الإسلام في مختلف شؤون الحياة، والتي تقوم أساسًا على التعامل مع الفرد والجماعة والجماد والحيوان. فمن ذلك: الإخلاص والإتقان في العمل، الصدق، الأمانة، الشفقة، الرحمة، الرفق»115. فالقيم القرآنية لا تتغير بتغير الزمان والمكان: فقيم الصدق والأمانة والوفاء ثابتة لا تتغير ولا تتبدل.
بينما ترى الفلسفة الطبيعية أن القيم متغيرة، والفلسفة المثالية ترى أن القيم لا تتغير، والفلسفة البراجماتية ترى أن قيم الحق تتغير بتغير الزمان والمكان 116.
٥. أساليب التربية.
رأينا في مبحث أساليب التربية في القرآن تنوعًا وتجددًا في الأساليب من التربية بالقدوة إلى أسلوب القصة والعظة والترغيب والترهيب. وهو ما يميز التربية القرآنية عن غيرها من التربيات.
فالأساليب والوسائل التربوية التي أشار إليها القرآن الكريم متعددة ومتنوعة وترك اختيار الأسلوب المناسب لتنفيذها لحكمة المربي وخبرته بما يتوافق والحالة التي يتعامل معها والبيئة المحيطة به والظروف المتغيرة على مر الزمن ووفق قواعد وأسس تقوم على ركائز (العقيدة - العبادات - الأخلاق)117.
٦. الهدف من التربية.
التربية القرآنية تدعو الإنسان إلى أن يرتبط بخالقه وتسلك سلوكًا يتفق مع عقيدة الإسلام، وهذا معناه اشتمال التربية على العملية التربوية والتعليمية معًا، سواء في البيت أو المدرسة أو المجتمع. ولكن المناهج التربوية الأخرى تفصل بين التربية والتعليم.
تتميز التربية القرآنية عن غيرها في أنها: «تسعى إلى ايجاد الإنسان الصالح بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني الإنسانية، فهي تنمي في الإنسان المسلم حسن التعامل مع كل الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأوطانهم على أنهم بشر خلقهم الله عزوجل، وأن مقياس التفاضل بينهم ما قرره الله عزوجل في كتابه العزيز (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)[الحجرات:١٣]»118.
فالهدف من التربية في المناهج البشرية هو إعداد المواطن الصالح، أي: الصالح لوطنه ولمجتمعه فقط، وليس صالحًا للمجتمعات الأخرى، بينما يهدف منهج القرآن الكريم إلى إعداد الإنسان الصالح.وفي مبحث الغاية من التربية، تكلمنا عن الإنسان الصالح واهتمام القرآن الكريم بتربيته.
موضوعات ذات صلة: |
التربية، الدعوة، الترهيب، النصيحة |
1 انظر: الخلاصة في أصول التربية الإسلامية، علي الشحود،ص ٧-٨، أصول التربية الإسلامية، خالد الحازمي ص ١٧-١٨.
2 لسان العرب، ابن منظور ١/ ٣٩٩.
3 المصدر السابق ١٤/ ٣٠٤.
4 تيسير الكريم الرحمن، ١٩/ ٣٦٧.
وانظر: مقاييس اللغة، ابن فارس، ٢/ ٣٨٢.
5 المخصص، ابن سيده ٣/١٠.
6 الفروق اللغوية ١/ ٢٤٧.
7 لسان العرب، ١/٤٠٠.
8 انظر: المباديء التربوية في القرآن الكريم، محمد صالح، ص ٤.
9 مدخل إلى أصول التربية الإسلامية، محمد الدخيل،ص ١٢.
10 انظر: المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، باب الراء، ص٥٦٣.
11 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس، ٢/ ٣٨٢.
12 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/ ١٨، مختار الصحاح، الرازي ١/ ١٣٦، لسان العرب، ابن منظور ١٤/ ٣٥٨.
13 مفهوم التزكية، نايف الشريف ص ٢١٩.
14 نظرية التربية الإسلامية للفرد والمجتمع، ص١.
15 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٣/ ١٦٢ - ١٦٤، لسان العرب، ابن منظور ٤/ ١٨١ - ١٨٣.
16 انظر: مدخل إلى التربية الإسلامية،الغامدي، ص ٦.
17 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ١/٧٤، أساس البلاغة، الزمخشري، ١/٣.
18 انظر: المصباح المنير، الفيومي ١/٩، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٧٥.
19 جامع البيان، ١/ ١٤٣.
20 زاد المسير، ابن الجوزي، ١/ ١٨.
21 تفسير المنار، محمد رشيد رضا، ١/ ٥١.
22 انظر: مفاتيح الغيب، ١/ ١٩٩.
23 تيسير الكريم الرحمن، ص ٤١٤.
24 تفسيرالقرآن الكريم، سورتي الفاتحة والبقرة، ١/١٠.
25 مفاتيح الغيب، ١/ ٢٠٠.
26 تفسير الراغب الأصفهاني، ١/ ٥٤.
27 مفاتيح الغيب، ١/ ٢٠٠.
28 انظر:أصول التربية الإسلامية، خالد الحازمي، ص ٢١.
29 تيسير الكريم الرحمن، ٤/ ٤١٤.
30 أنوار التنزيل، ١/ ٢٨.
31 انظر: السراج المنير، الشربيني، ٣/ ٤٩٥.
32 تفسير الشعراوي، ١٥/ ٩٢٣١.
33 التحرير والتنوير، ابن عاشور، ١٦/ ٢٢٣.
34 انظر: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، مهدي رزق الله أحمد، ص ١٢٥-١٢٦.
35 جامع البيان، ١٦/ ٧٢.
36 الأبعاد التربوية للعبادة في الإسلام، أحمد أبو زيد، ص٧٧.
37 نقل بتصرف من: مختصرالفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة،محمد بن إبراهيم التويجري، ١/٧٩-٨٠.
38 التربية وأساليبها في التشريع الاسلامي، سناء هدلة، مجلة جامعة النجاح للأبحاث، عدد ٢٥٨، سنة ٢٠١١، ص ٢٠٣١.
39 انظر: تربية الأولاد في الإسلام، عبدالله ناصح علوان، ١/١٤٤.
40 انظر: من أساليب التربية في القرآن الكريم، زينب بشارة يوسف، ص ٢٤.
41 أخرجه في سننه، باب في الإيمان، ١/٣٧-٣٨.
42 انظر: الفكر التربوي عند بديع الزمان سعيد النورسي، سعيد القرني، ص ١٨٣-٢٢٤.
43 التربية وأساليبها في التشريع الاسلامي، سناء هدلة، ص ٢٠٣١-٢٠٣٢.
44 انظر: أصول التربية الإسلامية، الحازمي، ص ٢٢٢-٢٢٣.
45 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب ما ينهى من التحاسد والتدابر، رقم ٦٠٦٦.
46 من أساليب التربية في القرآن الكريم، زينب بشارة يوسف، ص ١٨.
47 مفاتيح الغيب، ١٥/٤٦٩.
48 انظر: منهاج التربية الاسلامية في بناء الشخصية، أحمد الغامدي، ص٤٢.
49 أثر التربية القرآنية في آمن المجتمع، عبد الله قادري الأهدل، ص٨٥.
50 مفاتيح الغيب، ٥/ ١٨٨.
51 أثر التربية القرآنية في آمن المجتمع، عبد الله قادري الأهدل، ص٨٥.
52 من أساليب التربية في القرآن الكريم، زينب بشارة يوسف، ص ٢١.
53 الكشاف، ١/ ٣٣١.
54 من أساليب التربية في القرآن الكريم، زينب بشارة يوسف، ص ٢١.
55 مقومات التربية الجسمية في الإسلام، صالح بن علي أبو عراد الشهري، ص ٥٠.
56 تيسير الكريم الرحمن ص ٩٢٩.
57 المصدر السابق ص ٢٤٢.
58 في ظلال القرآن، ٢/ ٨٤٠.
59 مفردات ألفاظ القرآن، ص ١٨٤.
60 تفسير القرآن العظيم، ٢/ ٦٦.
61 فصول في تدريس التربية الإسلامية، حسن جعفر الخليفة وكمال الدين محمد، ص ٦.
62 المصدر السابق.
63 تيسير الكريم الرحمن، ١/ ٢٨٢.
64 أصول التربية الإسلامية، خالد الحازمي، ص ٢٧٣.
65 منهاج التربية الاسلامية في بناء الشخصية، أحمد الغامدي، ص٤٢٣.
66 تيسير الكريم الرحمن، ١/ ٥٨٢.
67 محاسن التأويل، ٧/ ٤٢٧.
68 في ظلال القرآن، ٥/ ٢٥٦٣.
69 انظر: منهج التربية الإسلامية، محمد قطب ١/ ٢٠١.
70 المصدر السابق.
71 مجمل اللغة، ١/ ٥١٢.
72 مفاتيح الغيب، ١٢/ ٥٢٦.
73 التربية الإسلامية، ص ٣٢.
74 في ظلال القرآن، ٢/ ٧٢١.
75 الوسطية في القرآن الكريم، علي الصلابي، ٣/ ٨٥.
76 جامع البيان، ٢٢/ ٥١١.
77 تيسير الكريم الرحمن، ١/ ١٤٨.
78 انظر: فصول في تدريس التربية الإسلامية، حسن جعفر الخليفة و كمال الدين محمد هاشم، ص ٧ -٨.
79 فصول في تدريس التربية الإسلامية، حسن جعفر الخليفة وكمال الدين محمد هاشم، ص٧.
80 التحرير والتنوير، ٢٠/ ١٧٨.
81 في ظلال القرآن، ٥/ ٢٧١١.
82 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم ١٣٨٥، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
83 انظر: نظرات في التربية الإسلامية، عزالدين التميمي وبدر إسماعيل سمرين، ص٨٩.
84 انظر: في ظلال القرآن، ٦/ ٤٥٤.
85 البحر المحيط، ٦ / ١٠٩.
86 المصدر السابق ٦ / ٣٩١.
87 الجامع لأحكام القرآن، ٩/ ٢٧٢.
88 انظر: نظرات في التربية الاسلامية، عزالدين التميمي وبدر اسماعيل سمرين، ص ٦٨.
89 التربية الإسلامية وأثرها في الفرد والمجتمع، محمد خلف عساف، ص١٩٢.
90 انظر: التربية وأساليبها في التشريع الإسلامي، سناء هدلة، ص ٢٠٢٦.
91 روح البيان، ٩/ ٣٨٥.
92 وحي القلم، ٣/ ٣٨.
93 أنوار التنزيل، ٤/ ٢٢٨.
94 منهج القرآن الكريم في تربية الإنسان، رؤية منظومية، مصطفى محمود حوامدة، ص ٦٩.
95 تهذيب الاسماء واللغات، ٣/ ٤٥.
96 انظر: منهجية الحوار في القرآن الكريم، محمد عبداللطيف ص ١٨٤.
97 الوسيط ١٤/ ٢٤٥.
98 منهج التربية الإسلامية، ١/ ١٩٣.
99 مفاتيح الغيب، ٨/ ٢١٩.
100 تيسير الكريم الرحمن، ١/ ٣٩٣.
101 انظر: فصول في تدريس التربية الإسلامية. حسن جعفر الخليفة وكمال الدين محمد هاشم، ص ٣١.
102 طرق تعليم التربية الإسلامية، محمد عبدالقادر أحمد، ص٦٢ -٦٣.
103 في ظلال القرآن، ٣/ ١٢٤٠.
104 المصدر السابق ٦/ ٣٩٨٥.
105 فصول في تدريس التربية الإسلامية، حسن جعفر خليفة وكمال الدين محمد هاشم، ص٢٧.
106 القرآن المعجزة الكبرى، ص٢٦٠.
107 المدولات التربوية للأمثال القرآنية، ص٤٥-٤٦.
108 الأمثال في القرآن الكريم خصائصها التربوية وسماتها التربوية،سامي عطا حسن، ص ١٨.
109 مباحث في علوم القرآن، ص٢٨٨.
110 في ظلال القرآن، ٦/ ٣٢٨١.
111 تربية الأولاد في الإسلام، ٢/ ٣.
112 التربية من وجهة نظر الفلسفات الفكرية والتربية الإسلامية، المعتصم بالله الجوارنة، بحث منشور في موقع تربيتنا بتأريخ ١٤/١/١٤٣١هـ.
113 نموذج التميز بين التربية الإسلامية والغربية، ليلى البيومي، مقال منشور على موقع المسلم بتأريخ ٢٠/٧/ ١٤٢٧هـ.
114 انظر: تربية المسلم في عالم معاصر، يوسف عبدالمعطي، ص ٤١.
115 التوجيه الإسلامي لأصول التربية، عبدالرحمن الحازمي، ص ٢٠٤.
116 انظر: التربية من وجهة نظر الفلسفات الفكرية والتربية الإسلامية، المعتصم بالله الجوارنة، بحث منشور في موقع تربيتنا بتأريخ ١٤/١/١٤٣١هـ.
117 انظر: إعداد الإنسان الصالح في ضوء التربية القرآنية، داود درويش حلّس، ص ٢٦.
118 الخلاصة في أصول التربية الإسلامية، علي بن نايف الشحود، ص ٢٣-٢٤.