عناصر الموضوع
الرفعة
أولًا: المعنى اللغوي:
أصل مادة (ر ف ع) تدل على خلاف الوضع، تقول: رفعت الشيء رفعًا إذا جعلته عاليًا.
كما يأتي الرفع بمعنى: تقريب الشيء، قال الله تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ) [الواقعة: ٣٤] أي: مقربة لهم، ومن ذلك قوله: رفعته للسلطان، أي: قربته منه.
ويأتي الرفع كذلك بمعنى: إذاعة الشيء وإظهاره1.
والرفع قد يكون حسيًّا ؛ كرفع البناء ورفع القواعد، ومنه في القرآن قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [البقرة: ١٢٧]. وقوله سبحانه: (ﭭ ﭮ ﭯ) [البقرة: ٦٣].
وقد يكون معنويًّا؛ كارتفاع الدرجة والمنزلة، ومنه قوله تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الزخرف: ٣٢]. وقوله جل وعلا: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الأنعام: ٨٣].
ويقال: رَفُعَ رِفْعَةً، أي: ارتفع قدره2.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
الرفعة: الإعلاء والتشريف ورفع القدر والمنزلة3.
وردت مادة (رفع) في القرآن الكريم (٢٩) مرة، وما جاء منها بمعنى الرفعة (١٣) مرة4.
والصيغ التي وردت هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
الفعل الماضي |
٦ |
(ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [الشرح: ٤] |
الفعل المضارع |
٤ |
(ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الأنعام: ٨٣] |
اسم الفاعل |
١ |
(ﮕ ﮖ ﮗ) [الواقعة: ٣] |
اسم المفعول |
١ |
(ﮇ ﮈ ﮉ) [عبس: ١٤] |
صيغة مبالغة |
١ |
(ﯜ ﯝ) [غافر: ١٥] |
وجاءت الرفعة في القرآن بمعناها اللغوي، وهو: نقيض الذلة، وخلاف الضعة.
وهي تقال تارة في الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرها، وتارة في البناء إذا طوّلته، وتارة في الذكر إذا نوّهته، وتارة في المنزلة إذا شرّفتها5.
العلو:
العلو لغة:
السموّ والارتفاع والشرف، ومنه قوله سبحانه: (ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [القصص: ٨٣]6.
العلو اصطلاحًا:
لا يختلف عن معناه اللغوي، الدال على الارتفاع، ويستعمل في الأمكنة والأجسام أكثر، وفي المحمود والمذموم7.
الصلة بين الرفعة والعلو:
الرفعة والعلو في اللغة بمعنى واحد، وهو الفوقية8.
السمو:
السمو لغة:
هو الارتفاع والعلو فيقال للشريف والملك سمو فلان، والسماء معروفة9.
السمو اصطلاحًا:
لا يختلف عن معناه اللغوي الدال على العلو والشرف والرفعة والعظمة10.
الصلة بين الرفعة والسمو:
الرفعة تقال في الأعيان والمعاني، أما السمو لا يكون إلا في المعاني، والرفع في الأعيان كرفع البناء، والرفع في المعاني كرفع درجة العلم.
المنزلة:
المنزلة لغة:
هي المكانة والمرتبة والدرجة، يقال: له منزلة عند الأمير، وهو رفيع المنزل والمنازل11.
المنزلة اصطلاحًا:
لا يخرج المعنى الاصطلاحي للمنزلة عن المعنى اللغوي له الدال على المكانة.
الصلة بين الرفعة والمنزلة:
الرفعة تقال في الأعيان والمعاني، والمنزلة: تقال في الأمور المعنوية12.
الضعة:
الضّعة لغة:
خلاف الرفعة في القدر، والأصل وضعة، والوضيع: الدنيء من الناس13.
الضعة اصطلاحًا:
هي الذل والهوان والدناءة والخسة، والوضيع: ضد الشريف، وهو المحطوط القدر الدنيء، وهو لا يختلف عن المعنى اللغوي14.
الصلة بين الرفعة والضعة:
يظهر من خلال بيان الفرق بين الرفعة والضعة أن بينهما علاقة تضادّ.
إن الله تعالى هو رفيع الدرجات وهو كناية عن رفعة شأنه وسلطانه عز شأنه، وأخبر سبحانه أنه هو الذي يرفع درجات الخلق في العلم والأخلاق الفاضلة والرزق وغيرها، وإن من لم يرفعه الله فهو موضوع، فهو الخافض الرافع سبحانه، وفي هذا البحث بيان معنى الرفيع.
يقول تعالى مخبرًا عن عظمته وكبريائه، وعلوه على جميع المخلوقات التي أعلاها وأعظمها عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها.
قال تعالى: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [غافر: ١٥].
وقال سبحانه: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [المعارج: ٣-٤].
والرفعة في حق الله تعالى تأتي صفة ذات وصفة فعل، فالأول: اسم الله رفيع الدرجات، والثاني: اسم الله الرافع15.
١. اسم الله رفيع الدرجات.
وصف الله تعالى نفسه بأنه رفيع الدرجات ذو العرش، وهي رفعة الذات على جميع المخلوقات، وفوق كل شيء، وليس فوقه شيء، فذكر العرش عند هذه الصفة من أدلة فوقيته تعالى، ودليل على أنه في السماء على العرش، لأن (ﯓ) نعت، ولا يكون إلا نعت استوائه عليه، وكذا قال في سورة البروج: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [البروج: ١٥].
فهو سبحانه وتعالى الكبير المتعال، ذو العرش والسلطان، المتفرد بهذا المقام العالي، والسلطان العظيم، لا يشاركه أحد، ولا ينازعه سلطان، ورفعة القدر وهي رفعة صفاته وعظمتها، وأنه أرفع الموجودات وأعلاها في جميع صفات الجلال والإكرام، الذي لا أرفع قدرًا منه، وهو المستحق لدرجات المدح والثناء، فلا ريب أنه سبحانه أشرف الموجودات وأجلها رتبة من جهة استغنائه في وجوده وفي جميع صفات وجوده عن كل ما سواه، وافتقار كل ما سواه إليه في الوجود وفي توابع الوجود، فهو سبحانه الرفيع في جميع صفات الكمال والجلال، فله الكمال المطلق في كل صفة وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم الذي هو أول لكل ما سواه، وليس له أول، وآخر لكل ما سواه، وليس له آخر، وهو العالم بجميع الذوات والصفات والكليات والجزئيات، كما قال تعالى: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الأنعام: ٥٩].
وهو أعلى القادرين وأرفعهم، لأنه في وجوده وجميع كمالات وجوده غني عن كل ما سواه، وكل ما سواه فإنه محتاج في وجوده وفي جميع كمالات وجوده إليه، وهو الواحد الذي يمتنع أن يحصل له ضد وند وشريك ونظير16.
والدرجات مستعارة للمجد والعظمة، وجمعها إيذان بكثرة العظمات باعتبار صفات مجد الله التي لا تحصر، والمعنى: أنه حقيق بإخلاص الدعاء إليه، وإجراء وصف ذي المعارج على اسم الجلالة لاستحضار عظمة جلاله، ولإدماج الإشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه، فإن المعارج من خصائص منازل العظماء.
قال تعالى: (ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [الزخرف: ٣٣].
ولكل درجة المعارج قوم عملوا لنوالها، قال سبحانه: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [المجادلة: ١١].
وليكون من هذا الوصف تخلص إلى ذكر يوم الجزاء الذي يكون فيه العذاب الحق للكافرين17.
٢. اسم الله الرافع.
وإن فسرناه بالرافع، كان معناه أن كل درجة وفضيلة ورحمة ومنقبة حصلت لشيء سواه، فإنما حصلت بإيجاده وتكوينه وفضله ورحمته.
قال تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [الأنعام: ٨٣].
أي: رافع درجات الخلق في العلم والأخلاق الفاضلة، كما قال سبحانه: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [المجادلة: ١١].
وكذا في الرزق والأجل، قال جل وعلا: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ) [الأنعام: ١٦٥].
وجعل للملائكة مقامات معينة.
قال جل وعلا: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [الصافات: ١٦٤].
وللأجسام البسيطة العلوية والسفلية درجات معينة كما يشهد به علم الهيئة، أو يراد رافع درجات الأنبياء والأولياء في الجنة، وجعل لكل أحد من السعداء والأشقياء في الدنيا درجة معينة من موجبات السعادة وموجبات الشقاوة، وفي الآخرة آثار لظهور تلك السعادة والشقاء18.
ويجوز أن يكون رفيع من أمثلة المبالغة، أي كثير رفع الدرجات لمن يشاء، وهو معنى قوله تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [يوسف: ٧٦].
وإضافته إلى الدرجات من الإضافة إلى المفعول، فيكون راجعًا إلى صفات أفعال الله تعالى19.
وفي هذه الآيات تثبيت للمؤمنين على عبادة الله تعالى وترغيب لهم بالتعرض إلى الدرجات العالية التي أعدها الله تعالى لعباده المؤمنين.
تأتي الرفعة في القرآن الكريم على أنواع، الأول: الرفعة في الدنيا، والثاني: الرفعة في الآخرة، فالأول رفعة الأنبياء والرسل والعلماء والمؤمنين والأعمال الصالحة والشعائر والملك والحكم والقرآن والبيت الحرام والتفاوت في الدرجات بين الناس، والثاني: الرفعة في الآخرة، وهو درجات الجنة ونعيمها، وسيكون بيان ذلك في النقاط الآتية:
أولًا: الرفعة في الدنيا:
١. رفعة الأنبياء والرسل.
ذكر الله تعالى أن الرسل والأنبياء هم أرفع درجة في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة: ٢٥٣].
وقال سبحانه: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [الأنعام: ٨٣].
وقال جل وعلا: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [الإسراء: ٥٥].
وقال تعالى عن إدريس عليه السلام: (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [مريم: ٥٧].
بينت الآيات فضيلة الرسل والأنبياء عليهم السلام وارتفاع درجاتهم وعلو منزلتهم، وتمجيد سمعتهم، وتعليم المسلمين أن هذه الفئة الطيبة مع عظيم شأنها قد فضل الله بعضها على بعض، وأسباب التفضيل لا يعلمها إلا الله تعالى، غير أنها ترجع إلى ما جرى على أيديهم من الخيرات المصلحة للبشر ومن نصر الحق، وما لقوه من الأذى في سبيل ذلك، وما أيدوا به من الشرائع العظيمة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس)20.
فما بالك بمن هدى الله بهم أممًا في أزمان متعاقبة، ومن أجل ذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل، ويتضمن الكلام ثناء عليهم وتسلية للرسول عليه السلام فيما لقي من قومه، وللتفاضل بينهم قال عليه الصلاة والسلام: (فضلت على الأنبياء بست: أوتيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وختم بي النبيون، وأرسلت إلى الناس كافة)2122.
وأجمعت الأمة على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض، وعلى أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين، ثم بعده إبراهيم، ثم موسى على المشهور، وعلى أن الرسل أفضل من بقية الأنبياء، وأن أولي العزم منهم أفضلهم، وهم الخمسة المذكورون في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [الأحزاب: ٧].
وقوله تعالى: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [الشورى: ١٣] 23.
وفي قوله سبحانه: (ﭒ ﭓ) [البقرة: ٢٥٣].
أشار بالبعيد لعلو مرتبتهم في الكمال وسمو درجتهم، وهو إشارة إلى جميع الرسل، فتكون الألف واللام للاستغراق، وقيل: هو إشارة إلى الأنبياء المذكورين في هذه السورة، وقيل: إلى الأنبياء الذين بلغ علمهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بين تفضيلهم، فقال تعالى: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [البقرة: ٢٥٣]، مثل موسى عليه السلام، (ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة: ٢٥٣]، يعني إدريس عليه السلام، كما قال تعالى: (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [مريم: ٥٧].
وجعل بعضهم خليلًا، وبعضهم ملكًا، وسخّر لبعضهم الريح والشياطين، وأحيا ببعضهم الموتى، وأبرأ الأكمه، والأبرص24.
ذكر الفقهاء في هذه الآية الكريمة، أعني قوله تعالى: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ) [البقرة: ٢٥٣] إشكالًا قويًّا معروفًا، ووجهه: أنه ثبت في حديث أبي هريرة المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله)25.
وثبت أيضًا في حديث أبي سعيد المتفق عليه: (لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة)26 الحديث.
وفي رواية: (لا تفضلوا بين أنبياء الله)27.
وفي رواية: (لا تخيروني من بين الأنبياء)28.
والجواب من وجوه:
أحدها: أن هذا كان قبل أن يعلم بالتفضيل. وفي هذا نظر.
والثاني: أن هذا قاله من باب الهضم والتواضع.
والثالث: أن هذا نهي عن التفضيل في مثل هذا الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر.
والرابع: لا تفضلوا بمجرد الآراء والعصبية.
والخامس: ليس مقام التفضيل إليكم، وإنما هو إلى الله عز وجل، وعليكم الانقياد والتسليم له والإيمان به.
وقيل: إن المنع من التفضيل إنما هو من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وإنما التفضيل في زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والألطاف والمعجزات المتباينات، وأما النبوة في نفسها فلا تتفاضل، وإنما تتفاضل بأمور أخر زائدة عليها.
قال الشنقيطي: «وهذا قول حسن، فإنه جمع بين الآي والأحاديث من غير نسخ، والقول بتفضيل بعضهم على بعض، إنما هو بما منح من الفضائل وأعطى من الوسائل، وقد أشار ابن عباس إلى هذا فقال: «إن الله فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على الأنبياء وعلى أهل السماء، فقالوا: بم يا ابن عباس فضله على أهل السماء؟ فقال: إن الله تعالى قال: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الأنبياء: ٢٩].
وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [الفتح: ١-٢].
قالوا: فما فضله على الأنبياء؟ قال: قال الله تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [إبراهيم: ٤].
وقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) [سبأ: ٢٨] فأرسله إلى الجن والإنس»29.
وقال أبو هريرة: «خير بني آدم نوح وإبراهيم وموسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وهم أولو العزم من الرسل»30.
وهذا نص من ابن عباس وأبي هريرة في التعيين، ومعلوم أن من أرسل أفضل ممن لم يرسل؛ فإن من أرسل فضل على غيره بالرسالة، واستووا في النبوة إلى ما يلقاه الرسل من تكذيب أممهم وقتلهم إياهم، وهذا مما لا خفاء به»31.
قال ابن عطية: «ونص الله في هذه الآية على تفضيل بعض الأنبياء على بعض، وذلك في الجملة دون تعيين مفضول، وهكذا هي الأحاديث عن النبي عليه السلام، فإنه قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)32، ولم يعين.
ومنع التفضيل على طريق الخصوص، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تفضلوني على موسى)33، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى)34، وفي هذا نهي شديد عن تعيين المفضول»35.
وقد ذكر القرآن الكريم بعض الأنبياء وخصهم بالرفعة وهم:
لقد أثنى القرآن الكريم على إدريس عليه السلام وبيّن علو مكانه.
قال تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [مريم: ٥٦-٥٧].
إدريس عليه السلام، هو من ذرية آدم الأولين، وهو جدّ أعلى لنوح36، ولهذا اختصّ بالذكر؛ لأنه ليس من الأنبياء الذين جاءوا من ذرية إبراهيم، ووصفه الله تعالى بأمور، أنه كان صديقًا، وأنه كان نبيًّا، وثالثها: قوله تعالى: (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [مريم: ٥٧].
وفيه قولان:
أحدهما: أنه من رفعة المنزلة، كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [الشرح: ٤].
فإن الله تعالى شرفه بالنبوة وأنزل عليه ثلاثين صحيفة.
الثاني: أن المراد به الرفعة في المكان إلى موضع عال.
ثم اختلفوا فقال بعضهم: إن الله رفعه إلى السماء، وإلى الجنة، وهو حي لم يمت.
وقال آخرون: بل رفع إلى السماء وقبض روحه.
وقيل: إن الله جلّ ذكره جعله في السماء الرابعة قاضيًا، كالملك في وسط ملكه، وجعل خزائن السموات بيده.
وقيل: رفع إلى السماء السادسة، واعلم أن الله تعالى إنما مدحه بأن رفعه إلى السماء؛ لأنه جرت العادة أن لا يرفع إليها إلا من كان عظيم القدر والمنزلة، ولذلك قال في حق الملائكة: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [الأنبياء: ١٩]37.
وفي حديث الإسراء عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه رأى إدريس في السماء الرابعة ليلة المعراج)38.
ذكر تعالى أنه خص إبراهيم عليه السلام بالرفعة والاتصال إلى الدرجات العالية الرفيعة.
قال تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [النساء: ١٢٥].
وقال سبحانه: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [الأنعام: ٨٣].
فذكر الله تعالى أنه رفعه بالتوحيد الذي هداه إليه وحاج به قومه، قال بعضهم: هي احتجاجه عليهم بقوله سبحانه: (ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [الأنعام: ٨١].
وحجته في ذلك أن الذي يعبد الله لا يشرك به شيئًا أحق بالأمن من الذي يعبد الله ويشرك به، وقيل: أراد به الحجج الذي حاج به نمروذ، على ما سبق في سورة البقرة، وعبر بالإيتاء، وذلك يدل على أن إيتاء الله تعالى إبراهيم عليه السلام تلك الحجة من أشرف النعم، ومن أجل مراتب العطايا والمواهب، وبهذا استحق إبراهيم أن يلقى من ربّه هذا التكريم، وأن ينعته هذا النعت العظيم بقوله سبحانه: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [النحل: ١٢٠]، فهو أمة وحده، ومجتمعه أشبه بفرد واحد إزاء هذه الأمة العظيمة، أو هو الأمة، وقومه لا شيء، إذ كان هو الإنسان الوحيد فيها، الذي يحمل عقل الإنسان وينتفع به، ومن فضل الله على إبراهيم عليه السلام: النبوة والعلم والفهم والملك والإمامة، وجعله عزيزًا في الدنيا، وذلك لأنه تعالى جعل أشرف الناس وهم الأنبياء والرسل من نسله، ومن ذريته وأبقى هذه الكرامة في نسله إلى يوم القيامة، لأن من أعظم أنواع السرور علم المرء بأنه يكون من عقبه الأنبياء والملوك، والمقصود من هذه الآيات تعديد أنواع نعم الله على إبراهيم عليه السلام جزاء على قيامه بالذب عن دلائل التوحيد39.
وقد ذكر بعضهم الإجماع على أن خير البرية بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو إبراهيم الخليل عليه السلام40، فعن أنس بن مالك، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا خير البرية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذاك إبراهيم عليه السلام)41.
خص الله تعالى نبيه يوسف عليه السلام بالرفعة والاتصال إلى الدرجات العالية الرفيعة، بالنبوة والحكم والعلم والفهم والفضيلة والعقل.
قال سبحانه: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [يوسف: ٢١].
وقال جل وعلا: (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [يوسف: ٢٢].
وقال جل وعلا: (ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [يوسف: ٣٧].
وقال سبحانه وتعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [يوسف: ٥٥].
وقال عز من قائل: (ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [يوسف: ٦٨].
وقال تعالى: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [يوسف: ٧٦].
وقال جلا في علاه: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [يوسف: ١٠١].
لقد منّ الله تعالى على نبيه يوسف عليه السلام بكل درجات الرفعة فآتاه الملك والسلطان والعلم والنبوة وتعليم الأحاديث، وهذه الآية تدل على أن العلم أشرف المقامات وأعلى الدرجات، لأنه تعالى لما هدى يوسف إلى هذه الحيلة والفكرة مدحه لأجل ذلك، فقال تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ)، وأيضا وصف إبراهيم عليه السلام بقوله: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [الأنعام: ٨٣]، عند إيراده ذكر دلائل التوحيد والبراءة عن إلهية الشمس والقمر والكواكب ووصف هاهنا يوسف أيضًا بقوله سبحانه: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) لما هداه إلى هذه الحيلة، وكم بين المرتبتين من التفاوت42.
أخبر الله تعالى نبيه عيسى عليه السلام أنه منجيه من كيد الكافرين المتآمرين على قتله، وأنه سوف يصونه من القتل ويرفعه إليه.
قال سبحانه وتعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [النساء: ١٥٥-١٥٩].
وقال تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [آل عمران: ٥٤-٥٥].
عيسى عليه السلام آخر أنبياء بني إسرائيل، وليس بينه وبين النبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي آخر، وهو من آل عمران، ومن نسل داود، ولذلك اضطهده اليهود، وآذوه، وحاولوا قتله، دعا الإسرائيليين إلى شريعة موسى عليه السلام وبشر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين من بعده، وهو أحد أولي العزم من الرسل، الذين أبلوا بلاء حسنًا، وصبروا على ما كذبوا، وأوذوا حتى أتاهم نصر الله المبين، وإن الذي يجب اعتقاده بنص القرآن: أن المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يصلب، وأن الله رفعه إليه بروحه وجسده، ولما علم الله أن من الناس من يخطر بباله أن الذي رفعه الله هو روحه لا جسده ذكر هذا الكلام ليدل على أنه عليه الصلاة والسلام رفع بتمامه إلى السماء بروحه وبجسده.
وقوله تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [آل عمران: ٥٥].
فيه أربعة أقاويل:
أحدها: معناه: إني قابضك برفعك إلى السماء من غير وفاة بموت.
والثاني: متوفيك وفاة نوم للرفع إلى السماء.
والثالث: متوفيك وفاة بموت.
والرابع: أنه من المقدم والمؤخر بمعنى رافعك ومتوفيك بعده.
وفي قوله تعالى: (ﭩ ﭪ)، قولان:
أحدهما: رافعك إلى السماء.
والثاني: معناه رافعك إلى كرامتي43.
قال ابن عطية: «وأجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى عليه السلام في السماء حي، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويقتل الدجال ويفيض العدل ويظهر هذه الملة ملة محمد صلى الله عليه وسلم44، ويحج البيت ويعتمر، ويبقى في الأرض أربعًا وعشرين سنة، وقيل أربعين سنة، ثم يميته الله تعالى»45.
وفي هذه الآية دليل على علو الله تعالى واستوائه على عرشه حقيقة، كما دلت على ذلك النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تلقاها أهل السنة بالقبول والإيمان والتسليم، وسينزل عيسى ابن مريم، في آخر هذه الأمة حكمًا عدلًا، يقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويتبع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ويعلم الكاذبون غرورهم وخداعهم، وأنهم مغرورون مخدوعون46.
أجمعت الأمة على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء.
قال تعالى: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة: ٢٥٣].
قال الزجاج: «جاء في التفسير أنه أراد محمدًا صلى الله عليه وسلم، لأنه أرسله إلى الناس كافة، وليس شيء من الآيات التي أعطاها الله الأنبياء عليهم السلام إلا والذي أعطى محمدًا صلى الله عليه وسلم أكثر، لأنه قد كلمته الشجرة، وأطعم من كفّ من التمر خلقًا كثيرًا، وأمرّ يده على شاة أم معبد فدرّت لبنًا كثيرًا بعد الجفاف، ومنها انشقاق القمر، فذلك قوله تعالى: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الزخرف: ٣٢] يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم »47.
وقوله تعالى: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [الشرح: ٤] رفعة ذكر وجلال قدر وشرف وتعظيم ومحبة، رفعة ذكر في الدنيا، ورفعة ذكر في الآخرة، ورفعة في السماء، ورفعة في الأرض، ورفعة النبوة، رفعة لم ينلها أحد من قبل ولا من بعد في هذا الوجود.
ورفع الذكر مجاز في إلهام الناس لأن يذكروه بخير، وذلك بإيجاد أسباب تلك السمعة حتى يتحدث بها الناس، واستعير الرفع لحسن الذكر؛ لأن الرفع جعل الشيء عاليًا لا تناله جميع الأيدي ولا تدوسه الأرجل، فقد فطر الله رسوله صلى الله عليه وسلم على مكارم يعز وجود نوعها ولم يبلغ أحد شأو ما بلغه منها حتى لقب في قومه بالأمين، ومن عظيم رفع ذكره أن اسمه مقترن باسم الله تعالى في كلمة الإسلام وهي كلمة الشهادة، والأذان، والإقامة والتشهد، ويوم الجمعة على المنابر، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق، ويوم عرفة، وعند الجمار، وعلى الصفا والمروة، وفي خطبة النكاح، وفي مشارق الأرض ومغاربها، ولو أن رجلًا عبد الله جل ثناؤه، وصدق بالجنة والنار وكل شيء، ولم يشهد أن محمدًا رسول الله، لم ينتفع بشيء وكان كافرًا، ومن عظيم رفع ذكره، أن الله تعالى ذكره في كتب الأنبياء قبله، حتى عرف للأمم الماضية قبل مجيئه، وأمرهم بالبشارة به، ولا دين إلا ودين محمد صلى الله عليه وسلم يظهر عليه48.
وفيه يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه يمدح النبي صلى الله عليه وسلم49:
أغـرّ عليـــه للنّبـوّة خاتمٌ
من اللّه مشهودٌ يلوح ويشهد
وضمّ الإله اسم النّبيّ مع اسمه
إذا قال في الخمس المؤذّن أشهد
وشـقّ له من اسمه ليجلّه
فـذو العرش محمودٌ وهـذا محمّـد
٢. رفعة العلماء.
إن العلم هو أجل نعم الله على عباده، وهو الذي ترجح به موازين الناس، وترتفع به منازل بعضهم على بعض، وإنه ليكفي العلم قدرًا وجلالًا، أن يرفع الله قدر أهله، وينزلهم منازل رضوانه، بقدر ما حصّلوا من علم، وما حققوا من إيمان، فيقول سبحانه: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [الزمر: ٩].
وقال تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [المجادلة: ١١].
وقوله تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [يوسف: ٧٦].
وقوله سبحانه: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [الأنعام: ٨٣].
وقوله تعالى: (ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [النمل: ١٥].
بل يكفى بأن عطف الله سبحانه وتعالى العلماء على الملائكة، فقال سبحانه: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [آل عمران: ١٨].
فهذه كلها درجات العلم والحجة، وإن العلماء هم أرفع درجة بعد الأنبياء، فهم ورثة الأنبياء، وإن العلم يرفع الله به صاحبه فوق العباد درجات، لأن العلم أشرف المقامات، وأعلى الدرجات، خصوصًا العالم العامل المعلم، فإنه يجعله الله إمامًا للناس، ودرجة كل واحد منهم بقدر ما أصلح من نفسه ومن غيره، وبحسب حاله ترمق أفعاله، وتقتفى آثاره، ويستضاء بنوره، ورفعة الدرجات تدل على الفضل إذ المراد به كثرة الثواب، وبها ترتفع الدرجات، ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة.
وقيل: في قوله تعالى: (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [طه: ١١٤].
أي: بالقرآن، وكان كلما نزل شيء من القرآن ازداد به النبي صلى الله عليه وسلم علمًا.
وقيل: ما أمر الله رسوله بزيادة الطلب في شيء إلا في العلم، وقد طلب موسى عليه السلام الزيادة فقال: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الكهف: ٦٦] 50.
وفي قوله تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) تعميم ثم تخصيص، وتفصيل ذلك: أن الجزاء برفع الدرجات هنا مناسبة للعمل؛ لأن المأمور به تفسيح المجالس كيلا يتنافسوا في القرب من المكان الرفيع حوله صلى الله عليه وسلم فيتضايقوا، وذلك لا يليق بآداب المجلس التي من أولويَّاتها تفادي إزعاج المجالسين وترنيق صفوهم، واجتناب ما يكدّر صفاءهم وينغص بالهم، ولما كان المتمثّل لذلك الأمر يخفض نفسه عمّا يتنافس فيه من الرفعة امتثالًا وتواضعًا جوزي على تواضعه برفع الدرجات، ثم لما علم سبحانه أن أهل العلم بحيث يستوجبون عند أنفسهم وعند الناس ارتفاع مجالسهم خصهم بالذكر عند الجزاء ليسهل عليهم ترك ما لهم من الرفعة في المجلس تواضعًا لله عز وجل، وفي هذا التخصيص إلماع إلى فضل العلم.
وقيل: إنه تعالى خص أهل العلم ليسهل عليهم ترك ما عرفوا بالحرص عليه من رفعة المجالس وحبهم للتصدير، وهذا من مغيبات القرآن لما ظهر من هؤلاء في سائر الأعصار من التنافس في ذلك 51.
وفي الآيات دليل على شرف العلم وتقدم حملته وأهله، وأن نعمة العلم من أجل النعم، وأجزل القسم، وأن من أوتيه فقد أوتى فضلًا على كثير من عباد الله، وما سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (ورثة الأنبياء)، إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة، لأنهم القوام بما بعثوا من أجله، وفيها تحريض للعلماء على أن يحمدوا الله على ما آتاهم من فضله، وأن يتواضعوا ويعتقدوا أن من عباد الله من يفضلهم فيه، وفيها التحريض على طلب العلم52.
وقد وردت أحاديث كثيرة تبين فضل العلم ومنها:
وعن قيس بن كثير قال: (قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء، وهو بدمشق، فقال: ما أقدمك يا أخي؟ قال: حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما جئت لحاجة غيره، قال: لا، قال: أما قدمت في تجارة؟ قال: لا، قال: ما جئت إلا في طلب هذا الحديث، قال: نعم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورّثوا العلم، من أخذه فقد أخذ بحظ وافر)53.
وعن أبي أمامة الباهلي، قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم)54.
٣. رفعة المؤمنين.
ذكر الله تعالى علو درجات المؤمنين وارتفاع شأنهم ورفعة قدرهم ومكانهم، فقال تعالى: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [الأنفال: ٢-٤].
وقال سبحانه: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ) [الأنعام: ١٦٥].
وقال جل وعلا: (ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [طه: ٧٥].
وقال جل وعلا: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [المجادلة: ١١].
وقد أشار إلى هذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ) [الإسراء: ٢١].
وقوله جل وعلا: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [الأنعام: ١٣٢] ونحو ذلك من الآيات.
يخبر الله تعالى أن أهل الإيمان هم الذين لهم الرفعة في الدنيا والآخرة، وذلك بطاعتهم لله ورسوله واتباع أوامره، ومن سواهم فإنهم موضوعون بحسب بعدهم عن الإيمان، وكم من إنسان في الدنيا رفيع الجاه، معظَّمٌ عند الناس يكون يوم القيامة من أحقر عباد الله، وكلما ازداد الإيمان كلما ارتفعت درجة المؤمن، فكانت له الدرجات العلا بالنصر وحسن الذكر في الدنيا، والإيواء الى غرف الجنان في الآخرة، وتنكير درجات للإشارة إلى أنواعها من درجات الدنيا ودرجات الآخرة، والدرجات مستعارة للكرامة؛ فإن الرفع في الآية رفعًا مجازي، وهو التفضيل والكرامة، وجيء للاستعارة بترشيحها بكون الرفع درجات، وهو أفضل ما اشتغل بعلمه إنسان، كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (إيمان بالله ورسوله)55 56.
وفي الآيات إشارة إلى أن الرفعة يؤتيها الله تعالى للمؤمن الذي يبتغي بعمله وجه الله تعالى، وقبول عمل المؤمن، أما ما عداهم من أهل النفاق والكفر، فليس لأعمالهم قبول عند الله، وفيها دعوة للمؤمن أن يسارع الى تكميل الدرجات، والوصول إلى أحسن الحالات، (ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ)، أي والله بأعمالكم ذو خبرة لا يخفى عليه المطيع منكم من العاصي، وهو مجازيكم جميعًا بأعمالكم، فالمحسن بإحسانه، والمسيء بالذي هو أهله أو يعفو57.
٤. رفع الأعمال الصالحة.
يخبر الله تعالى أنه إليه يصعد الكلم الطيب، قال سبحانه: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [فاطر: ١٠].
والكلم الطيب، هو التوحيد الصادر عن عقيدة طيبة، وقيل: هو التحميد والتمجيد، وذكر الله والدعاء، ونحوه من القرب، وأن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، وهو العمل بطاعته، وأداء فرائضه والانتهاء إلى ما أمر به، والأعمال الخبيثة لا يقبلها الله تعالى58.
قوله: (ﯪ ﯫ ﯬ) [فاطر: ١٠]، على معنى: يرفعه الله، أو يرفع صاحبه، ويجوز أن يكون المعنى: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، والصعود هو الحركة إلى فوق، وهو العروج أيضًا، ولا يتصور ذلك في الكلام لأنه عرض، لكن ضرب صعوده مثلًا لقبوله، لأن موضع الثواب فوق، وموضع العذاب أسفل، يقال ارتفع الأمر إلى القاضي أي علمه، فهو بمعنى العلم، وخص الكلام والطيب بالذكر لبيان الثواب عليه، وقوله: (ﯦ) أي: إلى الله يصعد، وقيل: يصعد إلى سمائه والمحل الذي لا يجري فيه لأحد غيره حكم، وقيل: أي يحمل الكتاب الذي كتب فيه طاعات العبد إلى السماء59.
قال ابن بطّال: «والكلمة الّتي ترفع بها الدّرجات ويكتب بها الرّضوان هي الّتي يدفع بها صاحبها عن المسلم مظلمة، أو يفرّج بها عنه كربة، أو ينصر بها مظلومًا»60.
٥. رفعة الشعائر.
إن الله تعالى أمر برفع الشعائر وتعظيمها، فقال تعالى: (ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [النور: ٣٦].
بيوت الله هي المساجد، وقد أمر الله برفعها وتعظيمها، وصيانتها عن الأقذار، والأوساخ، والصبيان، والمخاط، والخنا من الأقوال وغيرها.
وقوله سبحانه: (ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [النور: ٣٦]، فيه أقوال: قال مجاهد: تبنى، وقال الحسن: تعظم، يعني: أنه لا يذكر فيها الخنا من القول، وعن بعضهم: تطهر.
قال الرازي «والقول الثاني: أولى؛ لأن قوله: في بيوت أذن الله أن ترفع ظاهره أنها كانت بيوتًا قبل الرفع فأذن الله أن ترفع». وقال الجصاص عند تفسير قوله تعالى: (ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [النور: ٣٦].
حيث قال: «يجوز أن يكون المراد الأمرين جميعًا من رفعها بالبناء ومن تعظيمها جميعًا لأنها مبنية لذكر الله والصلاة، وهذا يدل على أنه يجب تنزيهها من القعود فيها لأمور الدنيا، مثل: البيع والشراء وعمل الصناعات، ولغو الحديث الذي لا فائدة فيه والسفه وما جرى مجرى ذلك»61.
٦. رفعة الملك والحكم.
إن رفعة الملك والحكم والسلطان من أعظم الدرجات التي يرفع الله تعالى إليها من يشاء من عباده، كما قال تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ) [الأنعام: ١٦٥].
وقال تعالى: (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [آل عمران: ٢٦].
وقال جل وعلا: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة: ٢٤٧].
وقال سبحانه: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [النساء: ٥٤].
وقال جل وعلا: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [يوسف: ١٠١].
ذكرت الآيات أن درجة الخلافة من أعظم الدرجات التي يرفع الله تعالى إليها من يشاء من عباده، وأن الملك بيد الله تعالى يؤتيه من يشاء. وقوله تعالى: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [البقرة: ٢٥١]، بين تعالى أنه جمع لداود عليه السلام الملك والحكمة والنبوة، وهي أعظم فضيلة، إذ لم تخص بمجموعها إلا بعض الأنبياء، وجعل لبعضهم النبوة دون الملك، وإن لم يخل أحد منهم من نصرته؛ لقوله تعالى: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [غافر: ٥١].
وقال لموسى عليه الصلاة والسلام: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [القصص: ٣٥].
وقال سبحانه: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [النساء: ٥٤].
وذكر الملك ثم الحكمة ثم النبوة بعد من باب الترقي، والملك صاحب رسالة دنيوية، يعالج بها شئون الناس في الحياة، ويقيمهم على صراط مستقيم، فهو بهذا الوصف مكمل لرسالة الرسول، ومطبّق للشرع الإلهي الذي جاء به الرسول، وهو أن الفصل في الخصومات بين الناس أمر خطير، يحتاج إلى علم واسع، وبصيرة نافذة، ونفس تجردت من كل هوى، وإلا كان الخطأ والزلل، الذي من شأنه إن غلب أفسد حياة الناس، وأغرى بعضهم ببعض، وإيتاء الملك درجة عظيمة يمن الله تعالى بها على من يشاء.
وقد دل القرآن الكريم على ذلك، إذ عبر عنه بما يفيد ذلك من خلال التعبير بلفظ الإيتاء، فلا يستعمل إلا في الشيء العظيم، قال تعالى: (ﮨ ﮩ ﮪ) [البقرة: ٢٥١].
وقال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [سبأ: ١٠] 62.
وذكر الغزالي أن الملك والسلطان يأتي في المرتبة الثالثة بعد أن ذكر أن الأنبياء هم أعلى رتبة ويليهم العلماء حيث قال: «ثم يليهم السلاطين بالعدل؛ لأنهم أصلحوا دنيا الخلق كما أصلح العلماء دينهم، ولأجل اجتماع الدين والملك والسلطنة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان أفضل من سائر الأنبياء، فإنه أكمل الله به صلاح دينهم ودنياهم، ولم يكن السيف والملك لغيره من الأنبياء»63.
٧. رفعة القرآن الكريم.
رفعة القرآن من جهة أنه قرآن مكتوب معتنىً به:
ذكر الله تعالى أن القرآن مكرم عنده مرفوع في اللوح المحفوظ، مطهر، وقد أشار القرآن إلى هذا المعنى في قوله تعالى: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الزخرف: ٤].
ونحو الآية قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [الواقعة: ٧٧-٨٠].
وقال جل ذكره: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [البروج: ٢١-٢٢].
وقال جل في علاه: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [عبس: ١١-١٤].
يخبر سبحانه وتعالى عن منزلة القرآن وعلوه ورفعته وشرفه، وإنه عليٌّ في ذاته، وأنه مودع في أم الكتاب عند الله، مكتوب في اللوح المحفوظ في السماء السابعة، ومكتوب أيضًا في صحف عند الملائكة، وحسبه بهذا علوًّا وشرفًا، وكونه عاليًا على جميع الكتب بسبب كونه معجزًا باقيًا على وجه الدهر64.
والقرآن الكريم رفيع من حيث كونه كلام رفيع الدرجات جل جلاله، وهل هناك أمجد وأرفع وأعرق من قول الله العظيم؟ وهو في لوح محفوظ، وهو رفيع في الأخلاق الرفيعة التي يدعوا إليها، ورفيع في القضاء العادل الذي يأمر به65.
رفعة القرآن لمن يعمل به:
يخبر الله تعالى أن اتباع آياته والعمل بما جاء فيها سببًا للهداية والتزكية والرفعة، قال تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [الأعراف: ١٧٦].
أي: أن من شأن من أوتي آيات الله تعالى أن ترتقي نفسه، وترتفع في مراقي الكمال درجته، لما فيها من الهداية والإرشاد والذكرى، وإنما يكون ذلك لمن أخذ هذه الآيات وتلقاها بالقبول، وعمل بما جاء فيها، وأخلص في عمله.
والرفع يشمل معاني كثيرة، منها الرفع في المنزلة عنده، والرفع في شرف الدنيا ومكارمها، والرفع في الذكر الجميل والثناء الرفيع، والرفعة مستعارة لكمال النفس وذكائها، لأن الصفات الحميدة تخيل صاحبها مرتفعًا على من دونه، أي لو شئنا لاكتسب بعمله بالآيات فضلًا وذكاءً وتميزًا بالفضل، فمعنى لرفعناه ليسرنا له العمل الذي يشرف به66.
(ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ)، أي: سكن إلى الحياة الدنيا في الأرض، ومال إليها، وآثر لذتها وشهواتها على الآخرة، فحططناه ووضعنا منزلته، وجاء الاستدراك هنا تنبيهًا على السبب الذي لأجله لم يرفع ولم يشرف كما فعل بغيره ممن أوتي الهدى فآثره واتبعه، والكلام تمثيل لحال المتلبس بالنقائص والكفر بعد الإيمان والتقوى، بحال من كان مرتفعًا عن الأرض فنزل من اعتلاء إلى أسفل، فبذكر الأرض علم أن الإخلاد هنا ركون إلى السفل، أي: تلبس بالنقائص والمفاسد67، (ﮱ ﯓ)، ورفض طاعة الله وخالف أمره، واتباع الهوى ترجيح ما يحسن لدى النفس من النقائص المحبوبة، على ما يدعو إليه الحق والرشد، فالاتباع مستعار للاختيار والميل، والهوى شاع في المحبة المذمومة الخاسرة عاقبتها، وموافقة الهوى تنزل صاحبها من سماء العزّ إلى تراب الذّل، وتلقيه في وهدة الهوان، ومن لم يصدّق علمًا فعن قريب يقاسيه وجودًا، والأرض في هذه الآية عبارة عن الدنيا، وذلك أن الدنيا هي الأرض، لأن ما فيها من العقار والرياع والضياع كلها أرض وسائر متاعها يستخرج منها68.
ثم ضرب الله له مثلًا فقال: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [الأعراف: ١٧٦].
ولو شئنا لرفعناه ولكنا لم نشأ، فمثله كمثل الكلب، فصفته التي هي مثل في الخسة والضعة كصفة الكلب في أخس أحواله وأذلها، وهي حال دوام اللهث به واتصاله، سواء حمل عليه أو ترك غير متعرض له بالحمل عليه، ومحل الجملة الشرطية النصب على الحال، كأنه قيل: كمثل الكلب ذليلًا دائم الذلة لاهثًا في الحالتين، وقيل: لما دعا بلعم على موسى عليه السلام خرج لسانه فوقع على صدره، وجعل يلهث كما يلهث الكلب، ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا من اليهود بعد ما قرءوا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة69.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: (ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [البقرة: ٢] : «من فوائد الآية: بيان علوّ القرآن؛ لقوله تعالى: (ﭓ)، فالإشارة بالبعد تفيد علوّ مرتبته؛ وإذا كان القرآن عالي المكانة والمنزلة، فلا بد أن يعود ذلك على المتمسك به بالعلوّ والرفعة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [التوبة: ٣٣]، وكذلك ما وصف به القرآن من الكرم، والمدح، والعظمة فهو وصف أيضًا لمن تمسك به»70.
وخلاصة ذلك: إن من شأن من يؤتى الآيات أن تسمو نفسه وتصعد في سلم الكمال؛ لما فيها من الهداية إلى سبيل الخير الحاضة على عمل النافع وما فيه فائدة روحية له، على شريطة أن يتلقاها بعزيمة ونية صادقة كما جاء في الحديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)71، أما من تلقاها بغير قصد أو بنية كسب المال والجاه وفى نفسه ما يصرفه عنها فلن يستفيد منها شيئًا وسرعان ما ينسلخ منها72.
وقد ورد في هذا المعنى من حديث عامر بن واثلة، أن نافع بن عبد الحارث، لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي، فقال: ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين)73.
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)74.
وعند النظر في عدد آيات القرآن نجد أن الرفعة عظيمة جدًّا، فإن عدد آيات القرآن ست وثلاثون ومائتان وستة آلاف، على اختلاف في ذلك، فسبحان من أعطى هذه الدرجات75.
٨. رفعة البيت الحرام.
ذكر الله تعالى أن أول من بنى المسجد الحرم ورفع أساسه هو إبراهيم الخليل عليه السلام، وولده إسماعيل عليه السلام.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة: ١٢٧] 76.
وقيل: إن إبراهيم عليه السلام كان يبني وإسماعيل يرفع إليه الأحجار ويناوله، والرفع يقال في الأجسام، وفي الشرف، وعبر عنه بالمضارع وخولف الأسلوب الذي يقتضيه الظاهر في حكاية الماضي أن يكون بالفعل الماضي بأن يقول وإذ رفع إلى كونه بالمضارع (يرفع) لاستحضار الحالة وحكايتها كأنها مشاهدة؛ لأن المضارع دال على زمن الحال فاستعماله هنا استعارة تبعية، شبه الماضي بالحال لشهرته ولتكرر الحديث عنه بينهم، فإنهم لحبهم إبراهيم عليه السلام وإجلالهم إياه لا يزالون يذكرون مناقبه، وأعظمها بناء الكعبة، فشبه الماضي لذلك بالحال، ولأن ما مضى من الآيات في ذكر إبراهيم، من قوله تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [البقرة: ١٢٤] إلى قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [البقرة: ١٢٧]، مما يوجب امتلاء أذهان السامعين بإبراهيم وشؤونه حتى كأنه حاضر بينهم، وكأن أحواله حاضرة مشاهدة، وكلمة (إذ) قرينة على هذا التنزيل؛ لأن غالب الاستعمال أن يكون للزمن الماضي، وهذا معنى قول النحاة أن إذ تخلص المضارع إلى الماضي77.
وذكر القرآن الكريم الحالة التي كان عليها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، في حالة رفعهما القواعد من البيت الأساس، واستمرارهما على هذا العمل العظيم، وكيف كانت حالهما من الخوف والرجاء، حتى إنهما مع هذا العمل دعوا الله أن يتقبل منهما عملهما، حتى يحصل فيه النفع العميم، ودعوا لأنفسهما، وذريتهما بالإسلام الذي حقيقته خضوع القلب، وانقياده لربه المتضمن لانقياد الجوارح78.
وقيل: ليس المراد برفعهما قواعد البناء فقط، بل رفع مكانة البيت وإظهار شرفه ودعاء الناس إلى حجّه، ودعاء الله بحفظه، وصح نسبة ذلك إليهما وإن كان الله تعالى في الحقيقة شرفه من حيث أنهما من الأسباب المتأخرة لتشريفه79.
والأكثرون من أهل الأخبار على أن هذا البيت كان موجودًا قبل إبراهيم عليه السلام، واحتجوا بقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [البقرة: ١٢٧].
فإن هذا صريح في أن تلك القواعد كانت موجودة متهدمة إلا أن إبراهيم عليه السلام رفعها وعمرها80.
ومن خلال ما سبق يتبين أن أول من دله الله تعالى على مكان البيت إبراهيم عليه السلام، وهو أول من بناه مع ولده إسماعيل، وأول من حجه، ويجب على العبد أن يخلص بعمله ويقصد به وجه الله تعالى، وأن يكون أشد حرصًا على طلب القبول من الله تعالى لهذا العمل، ويلح بالدعاء كما فعل إبراهيم الخليل وولده إسماعيل عليهما السلام.
٩. التفاوت في الدرجات بين الناس.
ذكر القرآن الكريم التفاوت في الدرجات بين الناس في الدنيا في آيات عدة منها:
قوله تعالى: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الزخرف: ٣٢].
وقوله سبحانه: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ) [الأنعام: ١٦٥].
وقوله جل جلاله: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الإسراء: ٢١].
ذكرت الآيات أن الله تعالى هو الذي يقسم فضله بين أهل الفضل، على حسب علمه بمواقع الاختيار، ومن يصلح له ممن لا يصلح، وهو الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات، وقسم بينهم معايشهم ودرجات التفضيل، فهو القاسم ذلك وحده لا غيره، وهو الذي جعل لكل واحد من عباده درجة معينة في الأرزاق والأخلاق، والمحاسن والمساوي، والمناظر والأشكال والألوان، وجعل لكل واحد من السعداء والأشقياء في الدنيا درجة معينة من موجبات السعادة وموجبات الشقاوة، ومنهم من يعيش بالحلال، ومنهم من يعيش بالحرام، وجعل الله تعالى هذا التفاوت بين العباد لحكمة؛ لأنه لو سوى بينهم في كل هذه الأحوال لم يخدم أحد أحدًا، ولم يصر أحد منهم مسخرًّا لغيره، وحينئذ يفضي ذلك إلى خراب العالم وفساد نظام الدنيا، وهذا التفاوت ليس لأجل العجز والجهل والبخل فإنه تعالى متعال عن هذه الصفات، وإنما هو لأجل الابتلاء والامتحان، وهو المراد من قوله تعالى: (ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [الأنعام: ١٦٥].
وقوله تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [الزخرف: ٣٢].
أي: أن الله تعالى إذا خص بعض عبيده بنوع فضله ورحمته في الدين، فهذه الرحمة خير من الأموال التي يجمعها؛ لأن الدنيا على شرف الانقضاء والانقراض، وفضل الله ورحمته تبقى أبد الآباد81.
وفي هذا التفاوت الذي بين الناس، وفي درجات التفاضل المقسومة بينهم، يتحرك الناس، فيلحق المتأخر بالمتقدم، ويسعى المتقدم ليلحق بمن تقدم عليه وفضله، أو ينزل عن مكانه الذي هو فيه ليأخذه غيره، وهكذا يتحرك الناس في الحياة صعودًا وهبوطًا، ويتبادلون المواقف، ويتنازعون منازل الفضل، وبهذا تظل ريح الحياة في حركة دائمة مجدّدة، يتنفس فيها الناس أنفاس الأمل، والقوة، والحياة82.
وقوله تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ) [الأنعام: ١٦٥]، فيه عبرة وعظة، لعدم الاغترار بالقوة والرفعة، ولجعل ذلك وسيلة لشكر تلك النعمة، والسعي في زيادة الفضل لمن قصر عنها، والرفق بالضعيف وإنصاف المظلوم، ولذلك عقبه بقوله تعالى: (ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [الأنعام: ١٦٥].
أي: ليخبركم فيما أنعم به عليكم من درجات النعم حتى يظهر للناس كيف يضع أهل النعمة أنفسهم في مواضعها اللائقة بها وهي المعبر عنها بالدرجات، والدرجات مستعارة لتفاوت النعم، وهي استعارة مبنية على تشبيه المعقول بالمحسوس لتقريبه، والإيتاء مستعار لتكوين الرفعة في أربابها تشبيهًا للتكوين بإعطاء المعطي شيئًا لغيره.
والبلو: الاختبار، والمراد به ظهور موازين العقول في الانتفاع، والنفع بمواهب الله فيها وما يسره لها من الملائمات والمساعدات، فالله يعلم مراتب الناس، ولكن سمى ذلك بلوى؛ لأنها لا تظهر للعيان إلا بعد العمل، أي ليعلمه الله علم الواقعات بعد أن كان يعلمه علم المقدرات، فهذا موقع لام التعليل83.
ثانيًا: الرفعة في الآخرة.
لا منزلة ولا درجة أرفع من الجنة، وقد ذكر القرآن الكريم أن التفاضل في درجات الآخرة أكبر من التفاضل في درجات الدنيا، فالدرجات أكبر، والتفاضل أعظم؛ لأن الآخرة ثواب وأعواض وتفضل وكلها متفاوتة، فأهل النار في دركات سفلى متفاوتة، وأهل الجنة في درجات عليا متفاضلة، وأن المجاهدين والمهاجرين أعظم درجة عند الله.
قال تعالى: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الإسراء: ٢١].
وقال سبحانه: (ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [التوبة: ٢٠].
وقال جل وعلا: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [آل عمران: ١٦٣].
ومنها قوله في ربط درجات العمل بدرجات الجزاء: (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [النساء: ٩٥-٩٦].
وقوله عز وجل: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [الأنعام: ١٣٢].
وقوله سبحانه: (ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [طه: ٧٥] 84.
فهذه الآيات تبين أن درجات الآخرة أعظم من درجات الدنيا ومن تفضيلها، فإنّ نسبة التفاضل في درجات الآخرة إلى التفاضل في درجات الدنيا كنسبة الآخرة إلى الدنيا، فإن كان الإنسان تشتدّ رغبته في طلب فضيلة الدنيا فبأن تقوى رغبته في طلب الآخرة أحرى؛ لأنها دار المقامة، فلا نسبة لنعيم الدنيا ولذاتها إلى الآخرة بوجه من الوجوه، فكم بين من هو في الغرف العاليات واللذات المتنوعات والسرور والخيرات والأفراح ممن هو يتقلب في الجحيم ويعذب بالعذاب الأليم، وقد حل عليه سخط الرب الرحيم، وكل من الدارين بين أهلها من التفاوت ما لا يمكن أحدًا عده، والجنات نفسها متنوعة، فهناك جنات الفردوس، وجنات عدن، وجنات نعيم، وهناك دار الخلد، ودار السلام، وجنة المأوى، وهناك عليون الذي هو أعلى وأفضل الجنات، وأعلى ما فيها التمتع برؤية الحق تبارك وتعالى، وهو نعيم يعلو كثيرًا عن أي نعيم في الطعام والشراب في الدنيا، ودرجات الجزاء في الآخرة على حسب الأعمال والنوايا، وحسب درجات الارتقاء بالعلم والعمل في الدنيا، وأن هذه الدرجات لا يعلمها إلا من أحاط بكل شيء علمًا85.
وفي الآيات تعظيم شأن يوم القيامة، والترغيب والترهيب، ليخاف الناس في الدنيا من أسباب الخفض في الآخرة فيطيعوا الله ويرغبوا في أسباب الرفع فيطيعوه أيضًا، وأن عطاء الدنيا غير منوط بصلاح الأعمال ألا ترى إلى ما فيه من تفاضل بين أهل العمل المتحد، وقد يفضل المسلم فيه الكافر، ويفضل الكافر المسلم، ويفضل بعض المسلمين بعضًا، وبعض الكفرة بعضًا، وكفاك بذلك هاديًا إلى أن مناط عطاء الدنيا أسباب ليست من وادي العمل الصالح ولا مما يساق إلى النفوس الخيرة86.
قال الضحاك في تفسير قوله تعالى: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الأنفال: ٤]: أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه، ولا يرى الذي هو أسفل منه أنه فضل عليه أحد، ولهذا جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهل عليين ليراهم من أسفل منهم، كما ترون الكوكب الغابر في أفق من آفاق السماء) قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء، لا ينالها غيرهم، فقال: (بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين)87.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أهل الجنة ليتراءون أهل الدرجات العلى، كما تراءون الكوكب الغابر في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم، وأنعما)88.
لقد خص الله تعالى بالرفعة في الحياة الدنيا والآخرة من يشاء من عباده، وجعل أرفع درجة في الحياة الدنيا النبوة، واصطفى من عباده من يشاء لهذه الدرجة الرفيعة، وخصهم بالأخلاق الرفيعة التي تؤهلهم لحمل هذه الرسالة التي سوف يحملونها للعالم، وجعل الله تعالى للرفعة أسباب أخرى، ترفع صاحبها في الدنيا ولآخرة، ومن هذه الأسباب، الإيمان والعلم والجهاد في سبيل الله تعالى واتباع الحق والعمل به، وسوف أذكر هذه الأسباب في النقاط الآتية:
١. النبوة والرسالة.
ذكر الله تعالى أن النبوة والرسالة هي أرفع الدرجات التي يصطفي إليها من يشاء من عباده، ويخصهم بهذه المرتبة العالية، وليس لأحد سبب اختيار هذه الدرجة، أو اعتراض عليها، ولكنه سبحانه وحده الذي له اختيار ذلك، قال تعالى: (ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الأنعام: ١٢٤].
أي: هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه، كما قال تعالى: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الزخرف: ٣١].
يعنون: لولا نزل هذا القرآن على رجل عظيم كبير مبجل في أعينهم (ﯕ ﯖ)، أي: مكة والطائف، وذلك لأنهم -قبحهم الله- كانوا يزدرون بالرسول، صلوات الله وسلامه عليه، بغيًا وحسدًا، وعنادًا واستكبارًا، كما قال تعالى مخبرًا عنهم: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [الأنبياء: ٣٦].
وقال سبحانه: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [الفرقان: ٤١].
وقال جل وعلا: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [الأنعام: ١٠]89.
٢. الإيمان.
قال تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [المجادلة: ١١].
من أسباب الرفعة التي ذكرها القرآن الكريم هو الإيمان، والإيمان أصل الأسباب كلها؛ لأن الإيمان أصل الدين، وبه تقبل الأعمال، وتزكو الخصال، فالإيمان بمنزلة السماء، محفوظة مرفوعة، ومن ترك الإيمان، بمنزلة الساقط من السماء، عرضة للآفات والبليات، فإما أن تخطفه الطير فتقطعه أعضاء، كذلك المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطفته الشياطين من كل جانب، ومزقوه، وأذهبوا عليه دينه ودنياه.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الحج: ٣١].
أمرهم أن يكونوا (ﭑ ﭒ) أي: مقبلين عليه وعلى عبادته، معرضين عما سواه، (ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ)، فمثله (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) أي: سقط منها (ﭞ ﭟ)، بسرعة (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ)، أي: بعيد، كذلك المشرك، وإن خير الدنيا والآخرة من ثمرات الإيمان الصحيح، وبه يحيا العبد حياة طيبة في الدارين، وبه ينجو من المكاره والشرور، وبه تخف الشدائد، وهو السبب الوحيد للقيام بكل شرائع الدين من صلاة وزكاة وصيام وحج وصدقة وأمر بمعروف ونهي عن منكر وجهاد في سبيل الله، فكلما قوي إيمان العبد علمًا ومعرفةً وإرادةً وعزيمةً، زاد قربًا من الله وطاعته، وقام بكل ما يقدر عليه بحسب حاله ومرتبته، فنال الدرجة العالية والمنزلة الرفيعة، وإذا ضعف الإيمان تكاسل عن الطاعات وقلة درجاته ورفعته بحسب ضعف إيمانه، وهذا كله من ثمرات الإيمان ومن تمامه وكماله؛ وبالجملة فخير الدنيا والآخرة كله فرع عن الإيمان ومترتب عليه، والهلاك والنقص إنما يكون بفقد الإيمان ونقصه؛ والله المستعان90.
٣. العلم.
من أسباب الرفعة التي ذكرها القرآن الكريم العلم، وهو خير ما سعى له الإنسان فالعلم أصل كل شيء ومنبع كل خير منه؛ لأنه لا يمكن أن يجاهد المجاهد ولا أن يصلي المصلي ولا أن يزكي المزكي ولا أن يصوم الصائم ولا أن يحج الحاج ولا أن يعتمر المعتمر ولا أن يأكل الآكل ولا أن يشرب الشارب ولا أن ينام النائم ولا أن يستيقظ المستيقظ إلا بالعلم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)9192.
قال تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) [المجادلة: ١١].
ولم يعين عز وجل الدرجات؛ لأن هذه الدرجات بحسب ما مع الإنسان من الإيمان والعلم كلما قوي الإيمان وكلما كثر العلم وانتفع الإنسان به ونفع غيره كان أكثر درجات، فإن الله تعالى: (ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [المجادلة: ١١]93.
٤. الجهاد.
بين القرآن الكريم درجة المجاهدين، قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [النساء: ٩٥].
من أسباب الرفعة التي ذكرها القرآن الكريم الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، فلا رفعة ولا عزة ولا مكانة للأمة إلا بالجهاد بالنفس والمال، وإن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الدين، الذي به يحفظ الدين الإسلامي ويتسع، وينصر الحق ويخذل الباطل، فأمة بلا جهاد لا تساوي شيء، ولا مكانة لها بين الأمم، وعيش المذلة والمهانة والدون، ومن يقبل بالمذلة والمهانة في الحياة الدنيا فليس له في الآخرة إلا الدركات السفل جزاء وفقا، فدين الإسلام دين العزة والكرامة والشموخ والإباء لا يرضى بالضيم والمذلة أبدًا.
قال تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [النساء: ٩٧-٩٩].
ولما كان المجاهد في سبيل الله قد رغب عن الدنيا وأقبل على الله كانت درجته في الآخرة أعلى الدرجات، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم هم الذين ترتفع بهم كرامة الأمة ويحمونها، ولذلك كان الجزاء من جنس العمل، وهو ارتفاع درجتهم وقدرهم في الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل ودفع شر الأعداء عن الأمة والبلاد، وكذلك عند الله تعالى لهم أجر عظيم، ثم بين هذا الأجر العظيم بما فضلهم به من الدرجات، في غرف الجنات العاليات، ومغفرة الذنوب والزلات، وأحوال الرحمة والبركات، إحسانًا منه وتكريمًا؛ ولهذا قال سبحانه: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [النساء: ٩٦]94.
وفي الآيات الحض على الجهاد والترغيب فيه وتنشيط المجاهدين ليرغبوا، وتبكيت القاعدين ليأنفوا.
٥. اتباع الحق وإيثاره.
ذكر القرآن الكريم أن اتباع الحق وإيثاره سبب من أسباب الرفعة، فقال تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [الأعراف: ١٧٦].
فأخبر سبحانه أن الرفعة عنده ليست بمجرد العالم، فإن هذا كان من العلماء، وإنما هي باتباع الحق وإيثاره، وقصد مرضاة الله، فإن هذا كان من أعلم أهل زمانه، ولم يرفعه الله بعلمه، ولم ينفعه به، نعوذ بالله من علم لا ينفع95.
أسباب الحرمان من الرفعة في الآخرة
كما أن للرفعة أسباب ينال بها الشخص المنزلة الرفيعة والمكانة العالية كذلك هناك أسباب للحرمان من الرفعة في الآخرة وهي:
١. الكفر.
لما كان أعز الأشياء الموجبة للرفعة في درجات الآخرة هو الإيمان، فإن أذل الأشياء الموجبة للمذلة المانعة من الرفعة هو الكفر، وهو سبب الحرمان من دخول الجنة ونيل الرفعة فيها.
وقد ذكر القرآن الكريم هذا الحرمان ووصف الكافرين أنهم هم الذين كانوا سبب هذا الحرمان، هو أنهم اتخذوا في دينهم أعمالًا لا تزكي الأنفس، فتكون أهلًا لدار الكرامة، بل هي إما لهو: وهو ما يشغل الإنسان عن الجد والأعمال المفيدة بالتلذذ بما تهوى النفس، وإما لعب: وهو ما لا تقصد منه فائدة صحيحة كأعمال الأطفال، وغرتهم بذلك الحياة الدنيا فكان كل همهم التمتع بشهواتها ولذاتها -حرامًا كانت أو حلالًا- لأنها مطلوبة عندهم لذاتها.
وأما أهل الجنة فهم الذين سعوا لها سعيها بأعمال الإيمان التي تزكي الأنفس وترقيها فلم يغتروا بالحياة الدنيا، بل كانت الدنيا عندهم مزرعة الآخرة لا مقصودة لذاتها؛ لذلك كانوا يقصدون بالتمتع بنعم الله فيها الاستعانة بها على ما يرضيه من إقامة الحق وعمل الخير والاستعداد للحياة الأبدية.
قال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ) [الأعراف: ٥٠-٥١].
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من تحريم الجنة ونعيمها على من كفر بالله تعالى وخلوده في نار جهنم، وأنه لا يرجى له خلاص، جاء موضحًا في مواضع أخر كقوله سبحانه: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) [المائدة: ٧٢].
وقوله جل وعلا: (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [النساء: ٤٨].
ومنه قوله تعالى: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [الحج: ٣١].
بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن من أشرك بالله غيره أي ومات ولم يتب من ذلك فقد وقع في هلاك، لا خلاص منه بوجه، ولا نجاة معه بحال؛ لأنه شبهه بالذي خرّ، أي: سقط من السماء إلى الأرض، فتمزقت أوصاله، وصارت الطير تتخطفها وتهوي بها الريح فتلقيها في مكان سحيق، أي: محل بعيد لشدة هبوبها بأوصاله المتمزقة، ومن كانت هذه صفته فإنه لا يرجى له خلاص ولا يطمع له في نجاة، فهو هالك لا محالة، لأن من خر من السماء إلى الأرض لا يصل الأرض عادة إلا متمزق الأوصال، فإذا خطفت الطير أوصاله وتفرق في حواصلها، أو ألقته الريح في مكان بعيد فهذا هلاك محقق لا محيد عنه96.
٢. اتباع الدنيا.
إن من أذل الأشياء الموجبة للمذلة المانعة من الرفعة هو حب الدنيا، وهو سبب الحرمان من دخول الجنة ونيل الرفعة فيها، وقد ذكر القرآن الكريم هذا الحرمان وذم من غرتهم الحياة الدنيا، فكان كل همهم التمتع بشهواتها ولذاتها؛ لأنها مطلوبة عندهم لذاتها، (ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ) [الأعراف: ٥١].
يعني: وخدعهم عاجل ما هم فيه من خصب العيش ولذته، وشغلهم ما هم فيه من ذلك عن الإيمان بالله ورسله وعن الأخذ بنصيبهم من الآخرة حتى أتتهم المنية على ذلك، والغرة غفلة في اليقظة وهو طمع الإنسان في طول العمر وحسن العيش وكثرة المال والجاه ونيل الشهوات، فإذا حصل ذلك صار محجوبًا عن الدين وطلب الخلاص؛ لأنه غريق في الدنيا بلذاته وما هو فيه من ذلك.
ولما وصفهم الله تعالى بهذه الصفات الذميمة قال سبحانه: (ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [الأعراف: ٥١].
يعني: فاليوم نتركهم في العذاب المهين جياعًا عطاشًا كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا97.
والجانب المذموم في حب الدنيا هو التعلق بها الذي يبعد صاحبه عن دين الله وطاعته وتشغله عنها، ويترك ما أوجب الله عليه ويؤثر الحياة الدنيا، ومن ذلك حب الدنيا وعدم المبالاة بما حرم الله، فلا فرق بين حلال وحرام، وطيب وخبيث.
وقد نبه سبحانه عباده المؤمنين من حال الحياة الدنيا وصفتها التي تمتاز بها فأعلم بذلك ليجتنبوها ويحذروا غرورها، وليعملوا إلى الرفعة الحقيقية وهي الدار الآخرة، فقال تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الأنعام: ٣٢].
وقال سبحانه: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [محمد: ٣٦].
وقال جل وعلا: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الحديد: ٢٠]98.
٣. اتباع الهوى.
إن من أذل الأشياء الموجبة للمذلة المانعة من الرفعة هو اتباع الهوى، وهو سبب الحرمان من دخول الجنة ونيل الرفعة فيها، وقد ذكر القرآن الكريم هذا الحرمان وذم اتباع الهوى فإن الهوى يهوي بصاحبه إلى أسفل الدركات، وبالهوى تندفع النفوس إلى الشهوات الضارة المهلكات، وموافقة الهوى تنزل صاحبها من سماء العزّ إلى تراب الذّل، وتلقيه في وهدة الهوان، ومن لم يصدّق علمًا فعن قريب يقاسيه وجودًا كما يقال، والهوى مصدر هواه إذا أحبه، ثم سمي بالهوى المشتهى محمودًا كان أو مذمومًا، ثم غلب على غير المحمود.
وتدلّ المادّة الّتي اشتقّ منها على الخلوّ والسّقوط، ومن ذلك: الهواء بين السّماء والأرض سمّي بذلك لخلوّه، وكلّ خال هواء.
قال تعالى: (ﭙ ﭚ) [إبراهيم: ٤٣]، أي: خالية لا تعي شيئًا، ويقال: هوى الشّيء يهوي أي سقط، والهاوية جهنّم؛ لأنّ الكافر يسقط فيها، قال تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [الأعراف: ١٧٦].
والسبب الذي لأجله لم يرفع ولم يشرف كما فعل بغيره ممن أوتي الهدى فآثره واتبعه، هو اتباع الهوى99.
موضوعات ذات صلة: |
الذل، العزة |
1 انظر: تفسير الراغب الأصفهاني ١/٣١٤، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ١٧٩، القاموس المحيط لإبراهيم مصطفى ص ٧٢٢، تاج العروس، الزبيدي ٢١/١١١، الكليات، الكفوي ص ٤٧٧.
2 الصحاح، الجوهري ٣/١٢٢١.
3 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٦٠، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ١٧٩.
4 انظر: المعجم المفهرس الشامل لألفاظ القرآن، عبدا لله جلغوم، ص٥٩٠-٥٩١.
5 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني، ص٣٦٠-٣٦١.
6 انظر: العين، الفراهيدي ٢/٢٤٥، مقاييس اللغة، ابن فارس ٤/١١٣، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ٢/٦٢٥.
7 انظر: التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ٢٤٦.
8 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص ٢٥٨.
9 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/٩٨، لسان العرب، ابن منظور ١٤/٣٩٧.
10 انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٢/٤٠٥، غريب الحديث، ابن قتيبة ١/٤٧٣، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ١٩٧، المصباح المنير، الفيومي ١/٢٩٠.
11 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٩/٤٦، لسان العرب، ابن منظور ١١/٦٥٨، تاج العروس، الزبيدي ٣٠/٤٨٢، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ٢/٩١٥.
12 انظر: تاج العروس، الزبيدي ٣٠/٤٨٢.
13 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٣/٤٨، لسان العرب، ابن منظور ٨/٣٩٧.
14 انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ٢/١٠٤٠.
15 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٧/٢٧٠، فتح القدير، الشوكاني ٤/٥٥٦.
16 انظر: تفسير السمرقندي ٣/٢٠٠، النكت والعيون، الماوردي ٥/١٤٧، تفسير القرآن، السمعاني ٥/١٠، الكشاف، الزمخشري ٤/١٥٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٧/٤٩٧، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٥/٢٩٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٤/١٠٦.
17 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٤/١٠٦، ٢٩/١٥٦.
18 انظر: تفسير السمرقندي ٣/٢٠٠، النكت والعيون، الماوردي ٥/١٤٧، تفسير القرآن، السمعاني ٥/١٠، الكشاف، الزمخشري ٤/١٥٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٧/٤٩٧، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٥/٢٩٩.
19 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٤/١٠٦.
20 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب فضل من أسلم على يديه رجل، رقم ٣٠٠٩، ٤/٦٠، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم ٢٤٠٦، ٤/١٨٧٢.
21 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، رقم ٥٢٣، ١/٣٧١.
22 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/٣٢٢، التفسير الوسيط، الواحدي ١/٣٦٣، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٣٣٤، تفسير السمرقندي ١/١٦٦، تفسير الراغب الأصفهاني ١/٥١٧.
23 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٦/٥٢١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٨٨.
24 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/٣٢٢، التفسير الوسيط، الواحدي ١/٣٦٣، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٣٣٤، تفسير السمرقندي ١/١٦٦.
25 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهود، رقم ٢٤١١، ٣/١٢١، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم، رقم ٢٣٧٣، ٤/١٨٤٤.
26 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهود، رقم ٢٤١٢، ٣/١٢١، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم، رقم ٢٣٧٤، ٤/١٨٤٥.
27 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (وإن يونس لمن المرسلين)، رقم ٣٤١٤، ٤/١٥٩، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم، رقم ٢٣٧٣، ٤/١٨٤٤.
28 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه)، رقم ٤٦٣٨، ٦/٥٩.
29 أخرجه الدارمي في سننه، كتاب دلائل النبوة، باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الفضل، رقم ٤٧، ١/١٩٤، والطبراني في المعجم الكبير، رقم ١١٦١٠، ١١/٢٣٩.
30 أخرجه البزار في مسنده، رقم ٩٧٣٧١، ٧/١٤١، والخلال في السنة، رقم ٣٢٤، ١/٢٦٤، وابن الأعرابي في معجمه، رقم ٨٨، ١/٦٤.
قال المناوي: إسناده صحيح.
انظر: التيسير بشرح الجامع الصغير ١/٥٢٤.
31 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٣٣٨، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٣/٢٦٢، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٦٧١، أضواء البيان، الشنقيطي ١/١٥٦.
32 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ١٠٩٨٧، ١٧/١٠، والترمذي في سننه، أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة بني إسرائيل، رقم ٣١٤٨، ٥/٣٠٨، وابن ماجه في سننه، كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، رقم ٤٣٠٨، ٢/١٤٤٠.
وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ١٤٦٨، ١/٣٠٩.
33 سبق تخريجه.
34 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (وهل أتاك حديث موسى)، رقم ٣٣٩٥، ٤/١٥٣، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب في ذكر يونس عليه السلام، رقم ٢٣٧٦، ٤/١٨٤٦.
35 المحرر الوجيز ١/٣٣٨.
36 وقد جزم البخاري في صحيحه ٤/١٣٥، في كتاب أحاديث الأنبياء بأن إدريس جد نوح أو جد أبيه، فقال: وهو جد أبي نوح، ويقال جد نوح عليهما السلام.
37 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٣/٣٧٧، تفسير القرآن، السمعاني ٣/٣٠٠، تفسير الراغب الأصفهاني ٤/٢٢١، معالم التنزيل، البغوي ٣/٢٣٨، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٢١، مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٥٥٠، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١١/١١٧، محاسن التأويل، القاسمي ٧/١٠٤.
38 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم ٣٢٠٧، ٤/١٠٩، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات، وفرض الصلوات، رقم ١٦٤، ١/١٥٠.
39 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ١٣/٥١، الجامع لأحكام القرآن القرطبي ٧/٣٠، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم يونس ٤/٢٢٨.
40 انظر: التيسير بشرح الجامع الصغير، المناوي ١/٥٢٤.
41 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، رقم ٢٣٦٩، ٤/١٨٣٩.
42 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٥/٢٤٢، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٦٢٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣١٦، مفاتيح الغيب، الرازي ١٨/٤٨٩.
43 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٣٧٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٤٧، الجواهر الحسان، الثعالبي ٢/٣٢٧، محاسن التأويل، القاسمي ٢/٣٢٤، النكت والعيون، الماوردي ١/٣٩٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٤٤٤، مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٢٣٧، التحرير والتنوير ٦/٢٢.
44 وهو ما أخرجه أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد».
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب قتل الخنزير، رقم ٢٢٢٢، ٣/٨٢، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، رقم ١٥٥، ١/١٣٦.
45 المحرر الوجيز ١/٤٤٤.
46 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٢/٣٢٤، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ١٣٢، ٩٦٧.
47 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٣٣٤.
48 انظر: تفسير السمرقندي ٣/٥٩٤، الكشف والبيان، الثعلبي ١٠/٢٣٣، النكت والعيون، الماوردي ٦/٢٩٧، المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٤٩٧، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢٠/١٠٦، تفسير المراغي ٣٠/١٨٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣٠/٤١١، أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٥٧٨.
49 انظر: ديوان حسان ص ٤٢.
50 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٣/٣٣، تفسير المراغي ١٣/٢٢، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٢٦٣.
51 انظر: حاشيه الشهاب على تفسير البيضاوي ٨/١٧٠، تفسير المراغي ٢٨/١٧، روح المعاني، الألوسي ١٤/٢٢٣.
52 انظر: الكشاف، الزمخشري ٣/٣٥٣، مدارك التنزيل، النسفي ٢/٥٩٥، تفسير المراغي ١٩/١٢٧.
53 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم ٣٦٤١، ٣/٣١٧، وابن ماجه في سننه، كتاب الإيمان وفضائل الصحابة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم ٢٢٣، ١/٨١.
وصححه الألباني في صحيح الجامع ٢/١٠٧٩.
54 أخرجه الترمذي في سننه، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم ٢٦٨٥، ٥/٥٠.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ١/١٩.
55 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من قال إن الإيمان هو العمل، رقم ٢٦، ١/١٤، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، رقم ٨٣، ١/٨٨.
56 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/٢٤٦، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٧/٢٩٩، مدارك التنزيل، النسفي ٣/٤٤٩، أنوار التنزيل، البيضاوي ٥/١٩٥، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٤٨، اللباب في علوم الكتاب ١٨/٥٤٥، روح البيان، إسماعيل حقي ٩/٤٠٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/٤٠- ٤٢.
57 انظر: روح البيان، إسماعيل حقي ٢/١١٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/٤٠، ٤٢.
58 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٤٤٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٤٣١.
59 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٢٦٥، تفسير السمرقندي ٣/١٠٢، الكشف والبيان، الثعلبي ٨/١٠١، النكت والعيون، الماوردي ٤/٤٦٤، تفسير القرآن، السمعاني ٤/٣٤٩، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٤/٣٢٩، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٢/٢٧٢.
60 انظر: فتح الباري، ابن حجر ١١/٣١١.
61 انظر: أحكام القرآن، الجصاص ٥/١٨٨، تفسير القرآن، السمعاني ٣/٥٣٤، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٤٥، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٤/٣٩٦.
62 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٣/١٢٩، تفسير الراغب الأصفهاني ١/٥١٣، البحر المحيط، أبو حيان ٢/٥٩٣، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم يونس الخطيب ٩/٩٢٤، التحرير والتنوير ٣/٣٢.
63 إحياء علوم الدين ٤/٩٨.
64 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٥/٢١١، مفاتيح الغيب، الرازي ٣١/٥٥.
65 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٦/٣٨٧٦.
66 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٢٦٩، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤٢٧.
67 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٥/٢٢٣، تفسير المراغي ٩/١٠٨، التحرير والتنوير ٩/١٧٦.
68 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٢٦١، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤٢٧، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٩/١٧٦.
69 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/١٧٨، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٤٧٨.
70 تفسير القرآن الكريم، ابن عثيمين، الفاتحة والبقرة ١/٢٨.
71 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدأ الوحي، باب كيف كان بدأ الوحي، رقم ١، ١/٦.
72 انظر: تفسير المراغي ٩/١٠٨، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٩/١٧٦.
73 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل من يقوم بالقرآن، ويعلمه، وفضل من تعلم حكمة من فقه، أو غيره فعمل بها وعلمها، رقم ٨١٧، ١/٥٥٩.
74 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، رقم ١٤٦٤، ٢/٧٣، والترمذي في سننه، أبواب فضائل القرآن، رقم ٢٩١٤، ٥/١٧٧، والنسائي في السنن الكبرى، كتابة القرآن، باب الترتيل، رقم ٨٠٠٢، ٧/٢٧٢.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وصححه الألباني في صحيح أبي داود، الأم ٥/٢٠٥.
75 انظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري، الغنيمان ١/٤٠٣.
76 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/١٩٠، مفاتيح الغيب، الرازي ٤/٥١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٢٧.
77 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١/٧١٧.
78 انظر: تفسير الراغب الأصفهاني ١/٣١٤، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٦٦.
79 انظر: تفسير الراغب الأصفهاني ١/٣١٤، إرشاد العقل السليم، أبو السعود ١/١٥٩.
80 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٤/٥١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٣٣.
81 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي ٨/٣٣٣، الوجيز، الواحدي ص ٩٧٣، معالم التنزيل، البغوي ٤/١٥٩، الكشاف، الزمخشري ٤/٢٤٨، مفاتيح الغيب، الرازي ٢٧/٦٣٠، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٧/١٥٨، لباب التأويل، الخازن ٢/١٧٩.
82 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٢٨٨، الكشف والبيان، الثعلبي ٤/٢١٣، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٣٧١، مفاتيح الغيب، الرازي ١٤/١٩٢، الكشاف، الزمخشري ٢/٨٤، لباب التأويل، الخازن ٢/١٧٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٣٨٤، التفسير القرآني للقرآن ٤/٣٥٩، تفسير المراغي ٢٥/٨٥.
83 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٨/٢١١.
84 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٢/٤٣٨، الكشاف، الزمخشري ٢/٦٥٦، مفاتيح الغيب، الرازي ٩/٤١٦، تفسير المراغي ١٥/٢٩، المنار، محمد رشيد رضا ٤/١٨٠، التفسير المنير، الزحيلي ١٥/٤٥.
85 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٤٥٥، المنار، محمد رشيد رضا ٤/١٨٠، تفسير الشعراوي ١/٢٠٧.
86 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٥/٦٣، أضواء البيان، الشنقيطي ٧/٥١٠.
87 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم ٣٢٥٦، ٤/١١٩، ومسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف، كما يرى الكوكب في السماء، رقم ٢٨٣١، ٤/٢١٧٧.
88 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقائق، باب صفة الجنة والنار، رقم ٦٥٥٥، ٨/١١٥، ومسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف، كما يرى الكوكب في السماء، رقم ٢٨٣٠، ٤/٢١٧٧.
89 انظر: جامع البيان، الطبري ٢١/٥٩٥، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/٣٢٢، النكت والعيون، الماوردي ٥/٢٢٣، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٣٣٢.
90 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٨/١٨٩، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٣٣٢.
91 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، رقم ٧١، ١/٢٥، ومسلم في صحيحه، كتاب الكسوف، باب النهي عن المسألة، رقم ١٠٣٧، ٢/٧١٨.
92 انظر: تفسير القرآن، السمعاني ٥/٣٨٩، مراح لبيد، الجاوي ٢/٥٠٣.
93 انظر: شرح رياض الصالحين، ابن عثيمين ٥/٤٢٠.
94 انظر: فتح القدير، الشوكاني ١/٥٨٠، المنار، محمد رشيد رضا ٩/٤٩٥، تفسير المراغي ٥/١٢٩.
95 انظر: التفسير القيم، ابن القيم ص ٢٩٢.
96 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٨/١٨٩، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٥٣٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٣٢٦، المنار، محمد رشيد رضا ٨/٣٩١، أضواء البيان، الشنقيطي ٥/٢٥٦.
97 انظر: جامع البيان، الطبري ١٠/٢٣٧، لباب التأويل، الخازن ٢/٢٠٥، البحر المحيط، أبو حيان ٤/٥٤٩.
98 انظر: ملاك التأويل، الثقفي ١/١٥٦.
99 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٢٦١، تفسير الراغب الأصفهاني ١/٣٠٦، التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٤٢٧.