عناصر الموضوع

مفهوم الاستغفار

الاستغفار في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

منزلة الاستغفار وحكمه وصيغه

أوقات الاستغفار وأحواله

دواعي الاستغفار

أصناف المستغفرين

آثار الاستغفار

الاستغفار

مفهوم الاستغفار

أولًا: المعنى اللغوي:

الاستغفار مصدر قولهم: استغفر يستغفر، وهو مأخوذ من مادة (غ ف ر) التي تدل على الستر في الغالب، فالغفر: الستر1، يقال: غفره يغفره غفرًا: ستره، وغفر المتاع في الوعاء غفرًا: أدخله وستره2، وتأتي كلمة (غفر) بمعنى ترك المؤاخذة بالذنب3.

قال ابن منظور: أصل الغفر التغطية والستر.

و(استغفر): أي طلب المغفرة، واستغفر الله ذنبه: طلب منه غفره4.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

المعنى الاصطلاحي للاستغفار هو ذات المعنى اللغوي؛ إذ إن الاستغفار بالمعنى الاصطلاحي: هو الطلب من الله سبحانه أن يستر الذنوب، وأن لا يعاقب عليها5.

وبهذا فإن الاستغفار في معناه الاصطلاحي يتمثل في طلب أمرين في آنٍ واحد، هما: ستر الذنوب، وعدم العقوبة عليها.

قال ابن تيمية: «المغفرة شيء زائد عن الستر؛ لأن المغفرة معناها: وقاية شر الذنب؛ بحيث لا يعاقب عليه العبد، وأما مجرد ستر الذنوب فهذا لا يستلزم إسقاط العقوبة، فالله سبحانه قد يستر على من يعاقب ومن لا يعاقب»6.

الاستغفار في الاستعمال القرآني

وردت مادة (غفر) في القرآن الكريم (٢٣٤) مرة 7.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٩

( ) [النساء:٦٤]

الفعل المضارع

٦٠

( ) [الأنفال:٣٣]

الفعل الأمر

٣٦

( ) [يوسف:٩٧]

اسم الفاعل

٣

( ) [آل عمران:١٧]

صيغة المبالغة

٩٦

( ) [البقرة:١٧٣]

مصدر سماعي

١

( ) [البقرة:٢٨٥]

مصدر ميمي

٢٨

( ) [البقرة:٢٦٨]

مصدر

١

( ﭿ ) [التوبة:١١٤]

وجاء الاستغفار في القرآن بمعناه في اللغة وهو طلب المغفرة، وأصل الغفر: التغطية والستر، وغفر الله ذنوبه أي: سترها8.

الألفاظ ذات الصلة

التوبة:

التوبة لغةً:

مأخوذة من (توبالتاء والواو والباء: كلمة واحدة تدل على الرجوع، وتاب إلى الله سبحانه من كذا وعن كذا يتوب توبًا وتوبة ومتابًا: أناب ورجع عن المعصية إلى الطاعة، فهو تائب وتواب9.

التوبة اصطلاحًا:

التوبة في الشرع: ترك الذنب لقبحه، والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كملت شرائط التوبة10.

الصلة بين التوبة والاستغفار:

هما بنفس المعنى؛ فإذا ذكر أحدهما عني به الآخر، فالاستغفار إذا أطلق وحده أريد به التوبة، والتوبة إذا أطلقت وحدها أريد بها الاستغفار.

أما إذا قرن بينهما في الكلام فإن لكل منهما معنىً مختلفًا.

قال ابن القيم: «فالاستغفار يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار، وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق، وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى، فالاستغفار: طلب وقاية شر ما مضى، والتوبة: الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله»11.

العفو:

العفو لغةً:

العفو مصدر عفا يعفو عفوًا، والعفو يطلق على معنيين أصليين: أحدهما: ترك الشيء، والآخر: طلبه12.

العفو اصطلاحًا:

هو التجافي عن الذنب، ومن ذلك قولهم في الدعاء: أسألك العفو والعافية. أي: أسألك ترك العقوبة، وأسألك السلامة13.

وقيل: كف الضرر مع القدرة عليه، وكل من استحق عقوبة فتركها، فقد عفا14.

الصلة بين طلب العفو والاستغفار:

الاستغفار أعم وأشمل من طلب العفو؛ إذ أن طلب العفو هو طلب ترك العقوبة فقط، أما الاستغفار فهو يشمل مع طلب ترك العقوبة طلب الستر على الذنب.

وقد بين المفسرون أن من الفروق بين العفو والمغفرة في الآية أن العفو أن يسقط الله سبحانه عن العبد العقاب، أما المغفرة فهي أن يستر عليه جرمه صونًا له من عذاب التخجيل والفضيحة، كأن العبد يقول: أطلب منك العفو، وإذا عفوت عني فاستره علي، فإن الخلاص من العذاب إنما يطيب إذا حصل عقبه الخلاص من عذاب الفضيحة15.

الرحمة:

الرحمة لغةً:

قال ابن فارس: الراء والحاء والميم أصلٌ واحدٌ يدل على الرقة والعطف والرأفة. يقال من ذلك: رحمه يرحمه، إذا رق له وتعطف عليه16.

«ورحمة الله: عطفه وإحسانه ورزقه»17.

الرحمة اصطلاحًا:

صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد، وإن كرهتها نفسه، وشقت عليها، فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأرحم الناس بك من شق عليك في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك18.

والرحمة هي السبب الذي بين الله وبين عباده؛ بها أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبها هداهم، وبها أسكنهم دار ثوابه، وبها رزقهم وعافاهم، وبها أنعم عليهم19.

الصلة بين طلب الرحمة والاستغفار:

مما سبق يتبين أن طلب الرحمة يشمل معانٍ أوسع وأعم من الاستغفار، إذ من مقتضيات رحمة الله سبحانه للعبد أن يغفر له ذنبه؛ فالرحمة أوسع من المغفرة.

وقد ذكر بعض المفسرين فرقًا آخر بين الرحمة والمغفرة، وهو: أن المغفرة ترك العقوبة على ما مضى من الذنب، والرحمة أن يعصمه من الوقوع في الذنب في المستقبل.

قال ابن كثير: «الغفر: هو الستر وترك المؤاخذة بالذنب، والرحمة إذا قرنت مع الغفر يراد بها أن لا يوقعه في مثله في المستقبل»20.

التكفير:

التكفير لغةً:

مشتق من (كفر) بمعنى ستر وغطى، والكفر في اللغة: التغطية، والكافر ذو كفر: أي ذو تغطية لقلبه بكفره، ومن ذلك: الكافر بمعنى الزراع؛ لستره البذر بالتراب، والكفار الزراع، وسميت الكفارات بذلك لأنها تكفر الذنوب: أي تسترها، مثل كفارة الأيمان، وكفارة الظهار والقتل الخطإ21.

التكفير اصطلاحًا:

تكفير الله سبحانه لذنوب العباد معناه سترها ومحو أثرها، وعدم مؤاخذتهم عليها22.

الصلة بين الاستغفار وطلب التكفير:

ذهب بعض المفسرين إلى أن تكفير السيئات هو نفسه مغفرة الذنوب، وأن العطف في الآية للمبالغة والتأكيد. قال القرطبي: «تأكيد ومبالغة في الدعاء. ومعنى اللفظين واحد؛ فإن الغفر والكفر: الستر»23.

وذهب بعض العلماء إلى أن لفظ المغفرة يتضمن الوقاية والحفظ، ولفظ التكفير يتضمن الستر والإزالة، وعند الإفراد: يدخل كل منهما في الآخر24.

منزلة الاستغفار وحكمه وصيغه

بين الوحي الإلهي أهمية الاستغفار ومنزلته، وسوف نتناول ذلك بالبيان في النقاط الآتية:

أولًا: أهمية الاستغفار ومنزلته في ضوء القرآن الكريم:

تنوعت دلالات نصوص القرآن المبينة لأهمية الاستغفار؛ فجاء في بعضها الاقتران بالتوحيد وشعائر الدين العظام، وفي بعضها الأمر به، والحث عليه، وفي بعضها الثناء على أهله ومدحهم، وفي بعضها الآخر بين الله مدى ضرورته للعبد وعدم استغنائه عنه، وإليك تفصيل ذلك:

١. اقترانه بالتوحيد وشعائر الدين العظام.

  1. ما ذكره الله سبحانه عن آدم وزوجه عليهما السلام بعد وقوعهما في المعصية ومسارعتهما بطلب المغفرة والرحمة. قال تعالى: ( ) [الأعراف: ٢٣].
  2. ذكر سبحانه تضرع نبيه نوح عليه السلام مستغفرًا بقوله: ( ) [نوح: ٢٨].
  3. أخبر الله سبحانه عن استغفار إبراهيم عليه السلام. وهكذا من يتأمل القرآن الكريم يجد فيه من استغفار الأنبياء ومسارعتهم إلى طلب المغفرة في جميع أحوالهم -عليهم صلوات الله وسلامه- شيئًا كثيرًا.

    ٣. جعله الله شعارًا لعباده المتقين، وأثنى عليهم به.

    ورد ثناء الله على عباده المتقين به في عدة مواضع من كتابه الكريم، وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار تلويح بالأمر به؛ كما قيل: إن كل شيء أثنى الله على فاعله فهو آمر به، وكل شيء ذم فاعله فهو ناهٍ عنه34؛ ومن ذلك:

  1. قال تعالى: ( ) [آل عمران: ١٧].
  2. قال تعالى: ( ) [الذاريات: ١٧-١٨].

    فأثنى الله سبحانه في هاتين الآيتين على عباده المتقين الذين من أجل صفاتهم وأرفعها: طلبهم لمغفرة الله؛ وخاصة وقت السحر، مما يدلنا على أهمية الاستغفار، ومزيد فضله في هذا الوقت؛ حيث يكون التنزل الإلهي، وإجابة السائلين، وحصول المغفرة للمستغفرين، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلةٍ إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له)35.

    ٤. ضرورته للعبد وعدم استغنائه عنه طرفة عين.

    إن العبد دائمًا دائر بين نعمة من الله سبحانه يحتاج معها إلى شكر، وذنب منه يحتاج فيه إلى الاستغفار، وكل من هذين الأمرين من الأمور اللازمة للعبد36.

    قال بعض العلماء: العبد بين ذنب ونعمة؛ لا يصلحها إلا الحمد والاستغفار37.

    قال ابن تيمية: «والعارف بالله في كل يوم؛ بل في كل ساعة؛ بل في كل لحظة يزداد علمًا بالله وبصيرة في دينه وعبوديته؛ بحيث يجد ذلك في طعامه وشرابه ونومه ويقظته وقوله وفعله، ويرى تقصيره في حق ربه سبحانه ؛ سواء في القيام بعبادته حق القيام، أم في شكر نعمته؛ ولهذا كان محتاجًا إلى الاستغفار آناء الليل وأطراف النهار؛ بل هو مضطر إليه دائمًا في الأقوال والأفعال وسائر الأحوال؛ لما فيه من المصالح، وجلب الخيرات، ودفع المضرات»38.

    وليس لأحد أن يظن استغناءه عن التوبة إلى الله والاستغفار من الذنوب؛ بل كل أحد محتاج إلى ذلك دائمًا.

    فالإنسان ظالم جاهل، وغاية المؤمنين والمؤمنات التوبة والاستغفار، فهي من أسباب حصول المغفرة من العزيز الغفار39.

    وقد أمر الله في كتابه بالمسارعة إليها.

    قال عز من قائل: ( ) [آل عمران: ١٣٣].

    والمسارعة إليها تكون بالإتيان بأسبابها، ومن أعظم أسبابها التوبة والاستغفار.

    فهؤلاء الملائكة عليهم السلام الذين يحملون عرش الرحمن عز وجل كان من بين مهامهم التي لا يغفلون عنها: استغفارهم للمؤمنين، وهذا أمر له دلالته وأبعاده التي تدل على أن خير ما يعطاه المؤمن المغفرة من ربه؛ لأنها سبيل إلى كل نجاة، وإذا صحت المغفرة للعبد فما بعدها أيسر منها.

    فحري بالمسلم إذا عرف أهمية الاستغفار وعظيم مكانته عند الله أن يكثر منه، وألا يقنط من رحمة ربه؛ وإن عظمت ذنوبه وكثرت وتنوعت؛ فإن باب التوبة والمغفرة والرحمة واسع.

    ثانيًا: حكم الاستغفار:

    الاستغفار نوع من أنواع الدعاء؛ إذ هو طلب العبد من ربه غفران ذنوبه؛ وذلك بسترها والتجاوز عنها، والأصل في حكم الاستغفار أنه مطلوب على سبيل الاستحباب في أحوال وأوقات كثيرة، منها: وقت السحر.

    قال القرطبي: «الاستغفار مندوب إليه»40.

    وقال النووي رحمه الله : «واعلم أن المذهب المختار، الذي عليه الفقهاء والمحدثون، وجماهير العلماء من الطوائف كلها من السلف والخلف، أن الدعاء مستحب»41.

    ويمكن أن يقسم الاستغفار إلى:

    ١. استغفار واجب.

    اتفق العلماء على أن الاستغفار واجب بعد الذنب، سواء كان بترك واجب أو فعل محرم.

    قال تعالى: ( ﯜﯝ ) [هود: ٣].

    والأمر هنا للوجوب؛ إذ لا صارف له42.

    وجاء في قصة الإفك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: (وإن كنت ألممت43 بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب تاب الله عليه)44.

    قال ابن القيم: «فإن من الدعاء ما هو واجب؛ وهو الدعاء بالتوبة والاستغفار من الذنوب والهداية والعفو وغيرها»45.

    ٢. استغفار مستحب.

    يشرع ويستحب للمسلم طلب المغفرة من ربه في أوقات وأماكن وأحوال كثيرة حث الله سبحانه رسوله على طلب المغفرة فيها.

    • من الأوقات الفاضلة: وقت السحر، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وفي ليلة القدر، ويوم عرفة.
    • ومن الأماكن: البلد الحرام، والمشاعر المقدسة للحاج بها، والمساجد.
    • ومن الأحوال: الاستغفار في الصلاة، وعند الصباح والمساء، وعند ركوب الدابة، وبعد قضاء الحاجة، وعند النوم، وفي خواتيم الأعمال، وغير ذلك من الأحوال الفاضلة التي يستحب للمسلم اغتنامها، وطلب المغفرة فيها.

      ٣. استغفار محرم.

      ذلك التحريم تارة يتعلق بالاستغفار نفسه، وتارة يتعلق بالمستغفر له:

    • التحريم المتعلق بالاستغفار.

      وذلك بالشرك في الاستغفار؛ كالتوجه بطلب المغفرة من غير الله، من بشر أو حجر أو شجر، أو الابتداع فيه.

    • التحريم المتعلق بالمستغفر له.

      كالاستغفار للكفار بعد موتهم46، وهذا منهي عنه.

      وقد نهى الله سبحانه في كتابه الكريم نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن الاستغفار للمشركين، نهيًا تتجلى فيه صورة البراءة من الشرك والمشركين؛ مهما كانت صلتهم بالمؤمن، وحبهم له، وحرصهم على سلامته، والدفاع عنه.

      قال تعالى: ( ) [التوبة: ١١٣].

      ونهى الله عز وجل عن الاستغفار للمنافقين.

      وقد كان فريقٌ من المنافقين يطمعون في استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم؛ مع علمهم بكفر بواطنهم، ليموهوا على المسلمين أنهم مسلمون مؤمنون، فأعلن الله سبحانه أن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلًا للاستغفار، وأنه صلى الله عليه وسلم لو استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم.

      قال تعالى: ( ﭟﭠ ﭥﭦ ) [التوبة:٨٠].

      ٤. الاستغفار المكروه.

      يكره الاستغفار لأسباب عديدة؛ منها:

    • الأماكن: كالاستغفار في الكنائس، والحمامات، ومواضع النجاسات والقاذورات.
    • الهيئات: كالاستغفار مع النعاس، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة والاستغفار في مثل هذه الحالة، ومن الهيئات التي يكره فيها الاستغفار أيضًا: مدافعة الأخبثين، أو ملامسة النجاسة47.
    • أن تكون صيغته مكروهةً: كأن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت48.
    • أن يشتمل على اعتداء مكروه: كرفع الصوت بالاستغفار، وعدم التضرع فيه، وكذلك من الاعتداء المكروه: أن يشتمل على السجع المتكلف، وغير ذلك من أنواع الاعتداء.

      ثالثًا: صيغ الاستغفار:

      ورد الاستغفار في القرآن الكريم بصيغ عديدة جاءت على ألسنة الملائكة والأنبياء والمؤمنين، وهي تندرج تحت ثلاث صيغ عامة؛ وهي:

      ١. الصيغة الأولى: الطلب الصريح المجرد.

      نحو: ( ) [البقرة: ١٩٩].

      ( ﭿ) [الأعراف: ١٥١].

      وهذه الصيغة أظهر الصيغ من جهة القصد والإرادة49.

      وقد وردت في خمسة مواضع أخرى من القرآن الكريم؛ في آل عمران، وإبراهيم، والشعراء، وص، ونوح.

      ٢. الصيغة الثانية: الخبر المتضمن للطلب.

      نحو قوله تعالى عن آدم وحواء أنهما ( ) [الأعراف: ٢٣].

      ونحو قوله تعالى: ( ) [النمل: ٤٤].

      وقد ورد في تسعة مواضع من القرآن الكريم؛ في: الأعراف في موضعين، وهود، ويوسف، والأنبياء، والشعراء في موضعين، والنمل، والقلم.

      ٣. الصيغة الثالثة: الخبر المقترن بالطلب الصريح.

      ولهذه الصيغة ثلاث صور:

      الصورة الأولى: أن يكون الخبر المقترن بالطلب خبرًا عن السائل.

      نحو قوله تعالى: ( ﮯﮰ ) [البقرة: ٢٨٥].

      وقد ورد في أربعة مواضع من القرآن الكريم؛ في: البقرة، وآل عمران في موضعين، والقصص.

      الصورة الثانية: أن يكون الخبر المقترن بالطلب خبرًا عن المسؤول.

      نحو قوله تعالى: ( ﰆﰇ ) [البقرة: ٢٨٦].

      وهو الله سبحانه وتعالى.

      وقد وردت في ثمانية مواضع من القرآن الكريم؛ في: البقرة، والأعراف في موضعين، والمؤمنون، وغافر، والحشر، والممتحنة، والتحريم.

      الصورة الثالثة: أن يكون الخبر المقترن بالطلب خبرًا عن السائل والمسؤول معًا.

      وورد في القرآن مرة واحدة.

      قال تعالى: ( ) [المؤمنون: ١٠٩].

      فنستخلص مما سبق الآتي:

    1. إن صيغ الاستغفار الواردة في القرآن الكريم من أفضل الصيغ وأكملها وأجمعها للمعاني الموجبة لغفران الذنوب، والبعد كل البعد عن الأدعية والاستغفارات غير الشرعية.
    2. لو تأملنا جميع صيغ الاستغفار فإن أغلبها صدر باسم الرب، أما الاستغفار المتضمن الثناء فإنه صدر باللهم؛ كما في سيد الاستغفار (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت)50 . وسر ذلك أن الله تعالى يسأل بربوبيته المتضمنة قدرته وإحسانه وتربيته عبده وإصلاح أمره، ويثني عليه بألوهيته المتضمنة إثبات ما يجب له من الصفات العلى، والأسماء الحسنى51.

    أوقات الاستغفار وأحواله

    1. بين القرآن الكريم أوقات الاستغفار وأحواله، وسوف نتناولها بالبيان فيما يأتي:

      أولًا: أوقات الاستغفار:

      فضل الله الأوقات بعضها على بعض؛ فجعل بعضها نفحات لرحمته وجوده وكرمه، فينبغي للمسلم أن يترصد تلك الأوقات الفاضلة؛ فيستغفر الله فيها؛ فهي أرجى لحصول المغفرة له من غيرها؛ ومن تلك الأوقات:

      ١. الأسحار.

      وقت السحر وقت يكون فيه تمام صفاء القلب وإخلاصه وفراغه من المشوشات والملهيات52، ومدح الله المستغفرين له في هذا الوقت، فقال تعالى: ( ) [آل عمران: ١٧].

      وخص وقت السحر بالذكر لأنه وقت الغفلة ولذة النوم؛ ولأنه زمن القبول ووقت إجابة الدعاء53.

      ٢. يوم الجمعة.

      لا شك أن يوم الجمعة خير الأيام على الإطلاق.

      قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها)54.

      وفيه ساعة يستجاب فيها للعبد.

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه -وأشار بيده يقللها-)55.

      ٣. ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان.

      ليلة القدر ليلة مباركة؛ أنزل الله سبحانه فيها كتابه الكريم، وجعلها خيرًا من ألف شهر.

      قال تعالى: ( ) [القدر: ٢-٣].

      وليلة القدر ليست مخصوصة بعينها في كل عام؛ بل إنها تتنقل في العشر الأواخر من رمضان.

      ثانيًا: أماكن الاستغفار الفاضلة:

      لقد اختص الله سبحانه بعض الأماكن بمزيد من الفضل، وجعلها مواطن لنزول الرحمات، واستجابة الدعوات، فمن تلك الأماكن:

      ١. البلد الحرام56.

      فهو مكان فضله الله، وأقسم به في كتابه العزيز، وما ذاك إلا لفضله، فيستحب للمسلم طلب المغفرة فيه؛ لأن من شرفه شرف ما يعمل فيه من الطاعات، ومنه: الدعاء والاستغفار؛ بل هو غاية الطاعة؛ لما فيه من الافتقار والتذلل بين يدي الله سبحانه وتعالى57.

      ومن أعظم الأماكن فيه:

      • المسجد الحرام، بجوار الكعبة المشرفة58.
      • المشاعر المقدسة؛ كعرفة، والمشعر الحرام، ومنى.

        ٢. مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

        قال صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)59.

        فيستحب للمسلم الصلاة فيها، والإكثار من الدعاء والذكر والاستغفار وقراءة القرآن؛ فإن ذلك كله من الأعمال الصالحة.

        ثالثًا: الأحوال التي يستغفر فيها:

        ١. الاستغفار بعد الذنب.

        حث الله سبحانه في كتابه الكريم عباده على المبادرة إلى طلب مغفرته عند الوقوع في الذنوب.

        قال تعالى: ( ) [النساء: ١١٠].

        فالاستغفار من الذنوب ينفع العاصين60؛ فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يذنب ذنبًا فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له)61. ثم قرأ هذه الآية: ( ) [آل عمران:١٣٥].

        ٢. الاستغفار عند الصباح والمساء.

        يستحب للمسلم كلما أصبح أو أمسى أن يتوجه إلى ربه بطلب مغفرته وعفوه، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم أمته في ذلك، وبين لهم جزاء من يحافظ على ذلك؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (سيد الاستغفار أن يقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)62.

      دواعي الاستغفار

      • بين الوحي الإلهي دواعي الاستغفار، وسوف نبينها فيما يأتي:

        أولًا: الاستغفار من أجل الذنوب والمعاصي:

        ١. الاستغفار من فعل يقتضي الذم والعقاب.

        شرع الله سبحانه الاستغفار لعباده رحمة بهم، وجعله سببًا لحصول مغفرته، ودخول جنته.

        وتفصيل ذلك ما يلي:

      • الاستغفار من ترك الواجبات في حال العلم.

        حث الله سبحانه عباده في كثير من آياته على الاستغفار من ظلمهم لأنفسهم، ووعدهم على ذلك بالمغفرة والرحمة.

        قال تعالى: ( ) [النساء: ١١٠].

        وظلم الإنسان لنفسه يكون بترك الواجبات؛ كما يكون بفعل المحرمات، فكلاهما من السيئات والخطايا والذنوب التي يجب على العبد الاستغفار والتوبة إلى الله منها، فهما متلازمان، فكل من أمر بشيء فقد نهى عن فعل ضده63، ومن نهى عن فعل فقد أمر بفعل ضده64.

      • الاستغفار من فعل المحرمات في حال العلم.

        إن الوقوع في المحرمات -سواء كانت من الكبائر أم من الصغائر- مما يوجب على العبد الاستغفار والتوبة إلى الله منها، وعدم الإصرار عليها65، فيجب على المسلم صادق الإيمان أن يجتنب ويبتعد أشد البعد عن الكبائر والموبقات، ويحذر من الصغائر، ومحقرات الذنوب؛ فإنها تهلك صاحبها، فالصغيرة مع الإصرار عليها والاستهانة بها تصبح كبيرة؛ كما قال ابن عباس: «لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار»66.

        وعليه فإن الاستغفار من ترك الواجبات وفعل المحرمات أمر واجب، من اقتصر عليه كان من الأبرار المقتصدين، ومن تركه كان من الظالمين الفاسقين.

        قال تعالى: ( ) [الحجرات: ١١].

      • الاستغفار من فعل ما كان سببًا للذم والعقاب لكن متوقف على الشرط.

        هناك أفعال إذا فعلها المسلم كانت سببًا من الأسباب المفضية إلى ذمه وعقابه من الله - سبحانه؛ ولكن العقوبة عليها متوقفة على قيام الحجة عليه.

        قال تعالى: ( ﯚﯛ ﯠﯡ ﯦﯧ ) [الإسراء: ١٥].

        قال ابن تيمية: «وقيام الحجة إنما تقوم بشيئين:

      • بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله.
      • والقدرة على العمل به.

        فلا يكلف العاجز عن العلم والعمل ما هو عاجز عنه»67.

        ولا شك أن الجاهل والمخطئ والناسي ممن عجزوا عن العلم، والمكره ممن عجز عن العمل، فلا إثم عليهم فيما يتركون من واجب أو يفعلون من محرم، وكذلك فإنهم لا قصد لهم ولا نية، والإثم مرتب على المقاصد والنيات؛ لكن يشرع لهم الاستغفار مما فعلوه في حال الجهل والخطأ والنسيان والإكراه؛ لأنه مما يفضي إلى ذم الله وعقابه.

        ويمكن تقسيم الأفعال التي يستحب أن يستغفر منها لأنها سبب للذم والعقاب إلى ما يلي:

      • الاستغفار من ترك الواجبات وفعل المحرمات في حال الجهل.
      • الاستغفار من الهم والعزم على فعل المحرمات مع عدم التمكن منها.
      • الاستغفار من ترك الواجبات وفعل المحرمات في حال الخطأ والنسيان.
      • الاستغفار من ترك الواجبات وفعل المحرمات في حال الإكراه.
      • الاستغفار مما يدور في النفس من الخواطر والأحاديث التي لو قالها أو فعلها عذب.
      • الاستغفار من فعل ما يخشى أن يكون سببًا للذم والعقاب.

        هناك أفعال إذا فعلها العبد فإنه يخشى أن تكون سببًا لذمه وعقابه؛ وهي الوقوع في المشتبهات مع علمه بأنها مشتبهات، وكونها مشتبهات عنده فهي مما ينبغي للمسلم أن يتجنب الوقوع فيها والابتعاد عنها، وأن يبادر إلى الاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه إذا وقع في شيء منها؛ تحقيقًا لقوله تعالى: ( ) [التغابن: ١٦].

        ويمكن تقسيم المشتبهات التي يستغفر فيها، ويخشى أن تكون سببًا للذم والعقاب إلى قسمين:

      1. الاستغفار من ترك المشتبهات بالواجب.
      2. الاستغفار من فعل المشتبهات بالمحرم.

        وتفصيل ذلك ما يلي:

        ١. الاستغفار من ترك المشتبهات بالواجب.

        وهي ما تردد الحكم فيها بين الوجوب والاستحباب، فهذا القسم من المشتبهات مما ينبغي للمسلم فعله والمحافظة عليه، ويستحب الاستغفار والتوبة إلى الله عند تركه؛ لأن تركه مما يخشى أن يكون سببًا للذم والعقاب.

        ومثال ذلك: الوتر، فقد ذهب الحنفية68 إلى وجوبه، وذهب الحنابلة إلى أنه سنة مؤكدة، فالورع فعله، ولا ينبغي للمسلم تركه، وإذا تركه فعليه التوبة والاستغفار من ذلك.

        ٢. الاستغفار من فعل المشتبهات بالمحرم.

        وهي ما تردد الحكم فيها بين التحريم والكراهة، فهذا القسم من المشتبهات مما ينبغي للمسلم تركه، واستغفار الله سبحانه عند الوقوع فيه؛ لأنه مما يخشى أن يكون سببًا للذم والعقاب.

        ومثال ذلك: نتف شعر الوجه بالنسبة للمرأة؛ فإن العلماء -رحمهم الله- اختلفوا: هل هو داخل ضمن النمص فيحرم69 أم لا يشمله ذلك70؟ فالورع تركه واستغفار الله عند الوقوع فيه.

        ثانيًا: الاستغفار من فعل ما كان سببًا للنقص في الطاعات:

        يمكن تقسيم الأفعال التي يستغفر منها -لأنها سببٌ للنقص- إلى ما يلي:

      1. الاستغفار من ترك المستحبات المتفق على استحبابها.
      2. الاستغفار من فعل المكروهات المتفق على كراهتها.
      3. الاستغفار من الاشتغال بفضول المباحات.

        ١. الاستغفار من ترك المستحبات المتفق عليها.

        هناك كثير من المستحبات التي ندب الشارع إليها، ورتب على فعلها الأجر العظيم؛ فمن ذلك:

        • السنن الراتبة، فهي مما ينبغي للمسلم المحافظة عليها بعد الفرائض، جبرًا لما يحصل فيها من الخلل والنقص.
        • قيام الليل المشروع، فهو من أفضل الصلوات بعد المكتوبة، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.

          فهذا كله مما يستحب للمسلم فعله، والمواظبة عليه، وإذا ترك شيئًا منه يستحب له الاستغفار إلى الله من تركه؛ لأن تركه سبب لنقص درجته وحرمانه من الخير الذي يحصل لمن حافظ عليه.

          ٢. الاستغفار من فعل المكروهات المتفق عليها.

          المكروهات عقبة بين العبد والحرام، ومن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام؛ ومن ذلك:

        • كراهية الالتفات في الصلاة بغير عذر.
        • كراهية تخصيص يوم الجمعة بصيام.

          فيستحب للمسلم الابتعاد عن هذه المكروهات وغيرها؛ ليحصل له موجبها من الثواب ورفعة الدرجات، وأن يستغفر الله سبحانه إذا وقع في شيء منها.

          ٣. الاستغفار من الاشتغال بفضول المباحات.

          لا شك أن الاشتغال بفضول المباحات كالإكثار من المأكل والمشرب والخلطة وغير ذلك؛ يوجب قسوة القلب، وقلة الفهم، ويضعف صاحبه عن العبادة، فيستحب للمسلم استغفار الله من الانشغال بها، وأن يتقلل منها ويزهد فيها.

          فنستنتج مما سبق أن الاستغفار من ترك المستحبات، وفعل المكروهات، وفضول المباحات، أمر مستحب، فمن اقتصر على الاستغفار الواجب من ترك مأمور أو فعل محظور كان من الأبرار المقتصدين، ومن جمع بين الاستغفار الواجب والمستحب كان من السابقين المقربين.

          ويشرع للمسلم أن يستغفر الله من كل فعل يخشى أن يكون سببًا لنقصان درجته عند الله؛ سواء مما قد يحصل من التقصير في كمال العبادة، أو الخوف من تقصيره فيها وفي شكر الله عليها، فالمسلم الحق هو الذي يعمل بطاعة الله سبحانه مخلصًا لله في عمله، متبعًا لشرعه الذي جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، راجيًا بذلك رحمة ربه، خائفًا من تقصيره في فعله، فمهما بذل المسلم من العبادة والطاعة؛ فلن يوفيها حقها، وما ينبغي من شكر الله تعالى عليها، فكان في الاستغفار مندوحة وفرصة أتيحت له ليجبر به تقصيره فيما لا يمكنه القيام به، من حسن الأداء في الطاعة والتعظيم والشكر لله، وفي الاستغفار أبلغ اعتذار عن التقصير في ذلك؛ لهذا نجد أن الله سبحانه كثيرًا ما يأمر باستغفاره بعد قضاء العبادات.

          قال تعالى ( ﮗﮘ ) [البقرة: ١٩٩].

          ثالثًا: الاستغفار من أجل حصول مرغوب فيه أو دفع مكروه:

          لم يشرع الاستغفار من أجل الذنوب والمعاصي فقط وما يتبعها من الأفعال التي تنقص الأجر والثواب؛ بل شرع الاستغفار أيضًا لاستجلاب كل خيرٍ للعبد، ودفع كل شرٍ عنه، فما استجلب كل مرغوب، وما دفع كل مكروه بمثل التقرب إلى الله بكثرة الاستغفار والتضرع بين يديه طلبًا لمغفرته، وتوسلًا بها لتحقيق ما يرجوه منه جل وعلا.

          فمن أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا.

          قال تعالى: ( ) [الأنبياء: ٨٧].

          والاستغفار يمنع نزول العذاب على الأمة في الدنيا، ويوجب النجاة من العذاب في الآخرة.

          قال تعالى: ( ﯰﯱ ) [الأنفال: ٣٣].

        أصناف المستغفرين

        • عرض القرآن أصناف المستغفرين؛ لنقتدي بهم، وسوف نتناولهم بالبيان فيما يأتي:

          أولًا: استغفار الملائكة والأنبياء:

          ١. استغفار الملائكة:

          أخبر الله سبحانه في موضعين من كتابه الكريم بخبر يتضمن تشريف المؤمنين، ويعظم الرجاء لهم، وهو أنه سبحانه وتعالى سخر ملائكته -وهم أفضل خلقه- للاستغفار للمؤمنين71:

          الموضع الأول: قال تعالى: ( ) [غافر: ٧].

          تضمنت الآية الكريمة السابقة أمرين:

        • الإخبار عن تسبيح وإيمان الملائكة من حملة العرش، ومن حوله، واستغفارهم للمؤمنين.
        • ذكر الصيغة التي توجهوا إلى الله بها في استغفارهم للمؤمنين.

          بعد أن أخبر سبحانه عن استغفار ملائكته للمؤمنين ذكر صيغة استغفارهم: ( ) فابتدؤوا استغفارهم بالنداء: () لأنه أبلغ في التصريح، وأرجى لحصول الإجابة، ثم توسلوا إليه سبحانه بالثناء عليه بسعة الرحمة والعلم لتحقيق مطلبهم72.

          الموضع الثاني: قوله تعالى: ( ﭰﭱ ﭹﭺ ﭿ ) [الشورى: ٥].

          تضمنت هذه الآية الكريمة: إخبار الله عن الملائكة بأنهم يستغفرون لمن في الأرض.

          واختلف في عموم هذه الآية: هل هي باقية على عمومها، أو يخصص هذا العموم بقوله تعالى: ( ) [غافر:٧].

          على قولين:

          القول الأول: أن هذه الآية باقية على عمومها، وعلى هذا يكون المراد بالملائكة عمومهم، وأن استغفارهم يعم المؤمن والكافر، ويكون المراد باستغفارهم للكفار هنا: السعي فيما يستدعي المغفرة لهم، وتأخير عقوبتهم؛ طمعًا في إيمان الكافر وتوبة الفاسق73، وعلى هذا القول يدخل المؤمنون فيه دخولًا أوليًا74.

          وقد رجح هذا القول: ابن عطية والقرطبي والألوسي.

          القول الثاني: أن هذا العموم مخصص بقوله تعالى في سورة غافر: ( ) وعلى هذا القول يكون المراد بالملائكة: حملة العرش، وأن استغفارهم يخص المؤمنين فقط؛ فيكون الاستغفار حينئذٍ بمعنى طلب المغفرة لخطايا المؤمنين وذنوبهم75؛ وذلك مصداقًا لقوله تعالى: ( ﰏﰐ ) [الأحزاب: ٤٣].

          وقد رجح هذا القول: ابن جرير والبغوي وأبو حيان وابن كثير والشنقيطي.

          والذي يظهر رجحان القول الثاني؛ وذلك لأن الاستغفار للكفار أمر محرم.

          ٢. استغفار الأنبياء عليهم السلام.

          كثر ذكر استغفار الأنبياء والرسل عليهم السلام في القرآن الكريم، ومسارعتهم إلى طلب مغفرة الله، واستجابة الله لهم، وعدد الذين ورد استغفارهم في القرآن وصل إلى عشرة أنبياء؛ وهم:

        1. آدم عليه السلام .
        2. نوح عليه السلام .
        3. إبراهيم عليه السلام .
        4. يعقوب عليه السلام .
        5. يوسف عليه السلام .
        6. موسى عليه السلام .
        7. داود عليه السلام .
        8. سليمان عليه السلام .
        9. يونس عليه السلام .
        10. محمد-عليه الصلاة والسلام-.

          وسأتطرق إلى ذكر بعض استغفارات هؤلاء الأنبياء:

        1. استغفار آدم عليه السلام.

          إن آدم وزوجه حواء عليهما السلام طلبا المغفرة والرحمة منه -جلا وعلا-.

          قال تعالى: ( ) [الأعراف: ٢٣].

          ففي هذه الآية أمران:

          • الاعتراف بالذنب.

            سارع آدم عليه السلام وزوجه بعد وقوعهما في معصية الله إلى طلب مغفرة الله ورحمته؛ متوسلين إليه سبحانه بربوبيته، ثم بالاعتراف بذنبهما76، والإقرار بظلمهما لأنفسهما.

          • سؤال المغفرة والرحمة.

            وبعد الاعتراف بظلمهما لأنفسهما طلبا المغفرة والرحمة من الله سبحانه بقولهما: ( ) [لأعراف: ٢٣].

            وهذا خبر يتضمن طلب المغفرة والرحمة، فهما لم يسألا الله المغفرة والرحمة مباشرة؛ وإنما أخبرا أنه إن لم يغفر لهما ذنبهما ويرحمهما خسرا وهلكا، وهذا أبلغ من جهة العلم والبيان.

        2. استغفار نوح عليه السلام.

          جاء الاستغفار الصادر من نوح عليه السلام في موضعين من القرآن الكريم، وبمناسبتين مختلفتين؛ وهما ما يلي:

          الموضع الأول: استغفاره بمناسبة سؤال الله ما ليس له به علم واتعاظه بوعظ الله:

          قال تعالى: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [هود: ٤٧].

          سارع نوح عليه السلام في هذه الآية بإجابة كلام ربه بما يدل على التنصل مما سأل، فاستعاذ بما لقنه به ربه مبالغة في التوبة، وإظهارًا للرغبة والنشاط فيها77.

          قال تعالى: ( ) [هود: ٤٧].

          وهذا اعتراف منه عليه السلام بذنبه، ثم اشتغل بالاعتذار عما مضى، فقال: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ) وهذا خبر منه عليه السلام بأن الله إن لم يغفر له ويرحمه خسر، وهو يتضمن سؤال المغفرة والرحمة، وهو أبلغ من جهة العلم والبيان.

          الموضع الثاني: استغفاره بمناسبة وحي الله تعالى إليه أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن:

          قال تعالى: ( ) [نوح: ٢٨].

          بعدما دعا نوح عليه السلام على الكفار بالهلاك توجه إلى الله سبحانه بطلب المغفرة لنفسه.

          قال تعالى: ( ) أي: استر على ذنوبي، وتجاوز عني، ولا تؤاخذني بها، ثم ثنى بالدعاء بطلب المغفرة لأقرب الناس إليه وأحقهم بدعائه، وهما والداه وكانا مؤمنين78، ثم دعا بالمغفرة لكل من دخل منزله وهو مؤمن، ثم عمم الدعوة لكل متصف بالإيمان من الذكور والإناث؛ وذلك يعم الأحياء منهم والأموات، وقد شمل دعاؤه هذا كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، ثم عاد إلى الدعاء على الكافرين بالهلاك والخسران في الدنيا والآخرة، واستجاب الله دعاءه فأهلكهم بالكلية79.

        3. استغفار إبراهيم عليه السلام.

          ورد استغفار إبراهيم عليه السلام في ثلاثة مواضع من القرآن؛ وذلك في مناسبتين مختلفتين.

          أولًا: استغفاره بمناسبة قدومه إلى مكة وإسكان ذريته فيها:

          قال تعالى: ( ) [إبراهيم: ٤١].

          ابتدأ إبراهيم عليه السلام استغفاره بالتوسل إلى الله سبحانه بربوبيته سبحانه وتعالى قائلًا: () ثم طلب المغفرة لنفسه، ثم أشرك معه أقرب الناس إليه وأحقهم بشكره، وهما والداه، وطلبه الغفران لأبيه هنا كان قبل أن يتبرأ منه لما تبين له عدوانه لله، ثم أتبعه بطلب المغفرة للمؤمنين بالله ممن اتبعه على الدين الذي هو عليه؛ فأطاع الله في أمره ونهيه؛ وذلك يوم يحاسب الله عباده؛ فيجازيهم على أعمالهم80، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.

          ثانيًا: استغفاره بمناسبة رفض أبيه وقومه لدعوة التوحيد التي دعاهم إليها:

          ورد استغفار إبراهيم عليه السلام بهذه المناسبة في موضعين من القرآن الكريم؛ وهما ما يلي:

          أولًا: قوله تعالى: ( ﯿ ) [الشعراء: ٨٢].

          ثانيًا: قوله سبحانه : ( ﯿ ﰂﰃ ) [الممتحنة: ٥].

          صيغة الاستغفار الأول عبارة عن إخباره عليه السلام بالطمع والرجاء في مغفرة الله، وكان جازمًا في ذلك عليه السلام 81.

          وهذا الخبر يتضمن طلب المغفرة من الله سبحانه.

          وكذلك دعا بطلب المغفرة، هو ومن آمن معه بقولهم: ( ﯿ ﰂﰃ ) [الممتحنة: ٥].

          فابتدأ إبراهيم عليه السلام ومن آمن معه دعاءهم بالتوسل إلى الله بربوبيته، ثم طلبوا ألا يجعلهم الله فتنة للذين كفروا، أي: ألا يسلط الكفار عليهم بذنوبهم؛ فيفتنوهم ويمنعوهم مما يقدرون عليه من أمور الإيمان82.

          ولما كان رأس مال المسلم الاعتراف بالتقصير -وإن بلغ النهاية في المجاهدة- ختموا دعاءهم بطلب المغفرة من الله سبحانه : ( ) [الممتحنة: ٥].

        4. استغفار يونس عليه السلام.

          ورد استغفار يونس عليه السلام في القرآن مرة واحدة: ( ﮪﮫ ) [الأنبياء: ٨٧-٨٨].

          إن يونس عليه السلام لما فعل ما يلام عليه من ربه كان من المناسب لحاله أن يبتدئ استغفاره بالثناء على الله بكمال الألوهية، فقال: ( ) فهو الذي يستحق العبادة دون سواه، ثم نزهه عن كل نقص وعيب وآفة بقوله: () وختم دعاءه بالاعتراف بذنبه وجنايته، والاستغفار والتوبة من خطيئته على ألطف وجه وأحسنه83 فقال: ( ) وهذا الاعتراف بالذنب يتضمن طلب المغفرة من الله سبحانه84 وتفريج الكربة، فاستجاب الله له وفرج عنه، وأخرجه من بطن الحوت.

        5. استغفار محمد عليه الصلاة والسلام.

          عند التأمل في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في القرآن الكريم فإننا لا نجد استغفارًا مباشرًا صدر عنه صلى الله عليه وسلم ؛ ولكن ورد الأمر له بالاستغفار في تسعة مواضع من القرآن الكريم:

          ورد الأمر له صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لنفسه في خمسة مواضع من القرآن الكريم، ومنها:

          قال تعالى: ( ﯰﯱ ﭒﭓ ) [النساء: ١٠٥-١٠٦].

          وبالنظر في هاتين الآيتين الكريمتين نجد أن الله أمر نبيه بأمرين:

          أحدهما: أمره صلى الله عليه وسلم بالحكم بين الناس بالعدل، واجتناب الظلم والجور.

          ثانيها: أمره بطلب المغفرة من الله عند الحكم بين المتخاصمين.

          وقال تعالى آمرًا نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب المغفرة والرحمة: ( ﯿ) [المؤمنون: ١١٨].

          ففي هذه الآية الكريمة:

          أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب المغفرة والرحمة، ورغبه في ذلك، وأرشده إلى دعائه وحده مخلصًا له الدين، وطلب المغفرة والرحمة منه -جل وعلا-85؛ فإنهما العاصمان من كل الآفات والمخالفات86. والمعنى: استر علي ذنوبي بعفوك عنها، وارحمني بقبول التوبة، وتركك عقابي على ما اقترفت.

          وفي تخصيص هذا الدعاء بالذكر دلالة على أهمية طلب المغفرة والرحمة في حياة المسلم.

          وقال تعالى: ( ) [غافر: ٥٥].

          وبالنظر في الآية الكريمة السابقة نجد أن الله-عز وجل- أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأمور تعينه على تبليغ دعوته للناس، وهي ما يلي:

          • الأمر بالصبر على تبليغ الدعوة.
          • الأمر بالاستغفار من ذنبه.
          • الأمر بالتسبيح بالعشي والإبكار.

            وأمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لأصحابه في موضعين من كتابه:

            قال تعالى: ( ﭞﭟ ) [آل عمران:١٥٩].

            أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة بثلاثة أمور:

          • أمره صلى الله عليه وسلم بالعفو عن أصحابه.
          • أمره صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لأصحابه.
          • أمره صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه في الأمور تطييبًا لقلوبهم.

            وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لمن بايعنه من المؤمنات.

            قال تعالى: ( ﭮﭯ ﭳﭴ ) [الممتحنة: ١٢].

            ففي هذه الآية الكريمة: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعد مبايعته للمؤمنات بالاستغفار لهن في قوله: ( ) أي: سل لهن الله أن يصفح عن ذنوبهن، ويسترها عليهن بعفوه لهن عنها87.

            وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمين بالاستغفار.

            وذلك في قوله تعالى: ( ﭠﭡ ﭥﭦ ﭬﭭ ﭲﭳ ﭸﭹ ﭿ ﮁﮂ ﮇﮈ ﮌﮍ ﮕﮖ ﮢﮣ ﮥﮦ ) [المزمل: ٢٠].

            ولما كان الإنسان محل تقصير فيما أمر بفعله حث الله سبحانه نبيه وأصحابه والمؤمنين من بعدهم على أن يختموا أعمالهم الصالحة -ومن ضمنها قيام الليل- بالاستغفار88.

            قال تعالى: ( ﮥﮦ ) [المزمل: ٢٠]

            ثانيًا: استغفار المؤمنين:

            ويتضمن ما يلي:

          1. استغفار المؤمنين من الأمم السابقة.
          2. استغفار المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

            ١. استغفار المؤمنين من الأمم السابقة.

            ومن أمثلته في القرآن:

            • استغفار الربانيين من الأمم الماضية بمناسبة مواجهة أعداء الله في أرض المعركة.

              قال تعالى: ( ) [آل عمران: ١٤٧].

              دعا أتباع الأنبياء في أرض المعركة بمطالب؛ هي:

            1. الدعاء بأن يغفر الله لهم ذنوبهم وإسرافهم في أمرهم.
            2. الدعاء بأن يثبت الله أقدامهم، وينصرهم على أعدائهم.
              • استغفار السحرة الذين آمنوا بموسى عليه السلام.

                ورد استغفار السحرة الذين آمنوا بموسى عليه السلام في موضعين من القرآن:

                الأول: قال تعالى: ( ﮯﮰ ) [الشعراء: ٥٠-٥١].

                الثاني: قال سبحانه: ( ﯲﯳ ) [طه: ٧٣].

                وهذا خبر يتضمن طلب المغفرة من الله سبحانه .

                ١. استغفار المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

                ومن أمثلته في القرآن ما يلي:

              • استغفار المؤمنين خوفًا من محاسبة الله تبارك وتعالى.

                قال تعالى: ( ﮞﮟ ﮫﮬ ﮯﮰ ) [البقرة: ٢٨٥].

                توسل المؤمنون إلى الله سبحانه بأعمالهم الصالحة لإجابة دعائهم؛ وهي سماع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة سماع قبول وإذعان، والعمل بما جاء فيهما89.

                قال تعالى: ( ) ثم سألوه المغفرة لذنوبهم بقولهم: () [البقرة: ٢٨٥].

              • استغفار المؤمنين من أجل تخفيف الأحكام.

                قال تعالى: ( ﯜﯝ ﯣﯤ ﯫﯬ ﯷﯸ ﯿ ﰀﰁ ﰆﰇ ) [البقرة: ٢٨٦].

                بمناسبة تخفيف الله على الصحابة علم سبحانه وتعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم هذه الدعوات المباركات، وهي وإن لم يأت فيها التعليم صريحًا، بلفظ (قل) ونحوه؛ إلا أن معظم المفسرين قدروا هذه اللفظة90؛ وهي ما يلي:

              1. الدعاء بألا يؤاخذهم بما نسوا أو أخطأوا، ولا يحملهم التكاليف الشاقة.
              2. الدعاء بألا يحملهم مالا طاقة لهم به، وأن يعفو عنهم ويغفر لهم، وينصرهم على أعدائهم.

                فلما انقادت قلوبهم، وذلت لعزة ربها، أعطوا كل ما سألوه، فلم يسألوا شيئًا فيه إلا قال الله تعالى: (قد فعلت) كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم91.

                • استغفار المؤمنين المتقين.

                  ورد استغفار المؤمنين في عدة مواضع من القرآن الكريم؛ منها:

                  قوله تعالى: ( ) [آل عمران: ١٦].

                  توجه عباد الله المتقون إلى الله متوسلين إليه بربوبيته وبأعظم أعمالهم الصالحة -وهي إيمانهم به وبما شرعه لهم- لتحقيق مطلوبهم.

                  قال تعالى: ( ) بالستر عليها، وعدم المؤاخذة بها92. ولما كان طلب الغفران يتضمن إسقاط العذاب أردفوه بالتصريح بوقايتهم من عذاب النار93 على سبيل التأكيد والمبالغة؛ وذلك في قولهم: ( ) ومن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وحسن مآبه94.

                  وورد أيضًا مدحهم بطلب المغفرة في معرض تذكير الكفار بذنوبهم حين يدخلون النار، ويسألون الله الخروج منها95.

                  قال تعالى: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [المؤمنون: ١٠٩].

                  فامتدح الله سبحانه في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين بطلبهم مغفرته ورحمته.

                  قال السعدي: «وفي ضمن هذا الاستغفار ما يدل على خضوعهم وخشوعهم، وانكسارهم لربهم، وخوفهم ورجائهم»96.

                  ثالثًا: استغفار الكفار:

                  ويتضمن:

                  ١. استغفار الكفار في الدنيا.

                  ورد استغفار الكفار في الدنيا في موضعين من القرآن الكريم؛ وذلك في المناسبة الآتية:

                • استغفار الكفار عند نزول عذاب الله عليهم في الدنيا.

                  قال تعالى: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الأعراف: ٤-٥].

                  وقال سبحانه : ( ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [الأنبياء: ١٤-١٥].

                  أخبر الله سبحانه في هذه الآية الكريمة عن موقف الكفار عند نزول العذاب عليهم في الدنيا؛ حيث إنهم لجأوا إليه سبحانه وتعالى بالتضرع والدعاء بأن يغفر لهم ما سلف من كفرهم وتكذيبهم لأنبيائهم.

                  قال تعالى: (ﭼ ﭽ ﭾ) أي: دعاؤهم: (ﭿ ) أي: عذابنا: ( ) وهذا اعتراف منهم بالذنب97.

                  يتضمن طلب المغفرة والعفو والصفح من الله سبحانه ؛ إلا أن هذا الاعتراف والندم لم ينفعهم؛ وذلك بسبب كفرهم؛ حيث أنزل الله عليهم عذابه فهلكوا.

                  وهذا إنذار للمشركين بالهلاك إن هم استمروا في تكذيب أنبيائهم والكفر بهم98.

                  ٢. استغفار الكفار في الآخرة.

                  أدعية الكفار عمومًا في الآخرة أكثر من أدعيتهم في الدنيا؛ وذلك لأنهم يفاجؤون بما لم يستعدوا له، فيسلكون جميع الطرق التي يحسبون أنها ستنقذهم مما هم مقدمون عليه من عذاب النار؛ ومن تلك السبل: طلبهم للمغفرة من الله سبحانه رجاء أن يخرجهم من النار.

                • استغفار الكفار عند دخول النار واصطلائهم بحرها وعذابها.

                  قال تعالى: ( ) [المؤمنون:١٠٤-١٠٦].

                  وقال تعالى: ( ) [غافر: ١١].

                  يتوسل الكفار عند دخولهم النار إلى الله سبحانه بالاعتراف والإقرار بظلمهم لأنفسهم وضلالهم؛ طمعًا في خروجهم من النار، قائلين: ( ) أي: غلب علينا الشقاء الناشئ عن الظلم والإعراض عن الحق، ثم يعترفون بذنبهم، بقولهم: ( ) وقولهم في الموضع الآخر: ( ) وهذا الاعتراف بالذنب99 يتضمن طلب المغفرة والعفو والصفح من الله؛ ولكن لا ينفعهم حينئذٍ الاعتراف، ولا يقبل منهم استغفارهم وتوبتهم100.

                آثار الاستغفار

                • للاستغفار آثار في الدنيا والآخرة نبينها فيما يأتي:

                  أولًا: آثار الاستغفار في الدنيا:

                  للاستغفار آثار في الدنيا، ومنها:

                  ١. آثار الاستغفار في حياة الفرد.

                  ورد في القرآن الكريم بيان الآثار والثمار الحاصلة بملازمة المسلم للاستغفار والإكثار منه؛ فمن تلك الآثار والثمار ما يلي:

                • أنه سبب لحصول الحياة الطيبة.

                  إن ملازمة العبد للاستغفار الذي يتواطأ فيه القلب واللسان، وتظهر آثاره على الجوارح من المسارعة إلى كل فضيلة؛ لهي من أقوى الأسباب المؤدية إلى حصول الحياة الطيبة للعبد، وقد وعد بها الكريم الرحمن كل من عمل صالحًا في هذه الحياة الدنيا.

                  قال تعالى: ( ﮔﮕ ) [النحل: ٩٧].

                  قال ابن كثير: «والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت101 في الدنيا والآخرة» ومن أعظمها: ما يحصل للمؤمن من سرور القلب، وراحته وطمأنينته، وعدم قلقه واضطرابه في جميع مقامات الحياة.

                  وورد في كتاب الله ما يدل على أن الحياة الطيبة التي تحصل لعباده المستغفرين تشمل ذلك كله؛ فمن ذلك: سعة الرزق، ورغد العيش، وحصول القوة الروحية والجسمية.

                  قال تعالى: ( ﯜﯝ ) [هود: ٣].

                  ففي هذه الآية الكريمة رغب صلى الله عليه وسلم المشركين في المسارعة إلى الاستغفار مما هم عليه من الكفر والشرك، والتوبة مما سلف من الذنوب والآثام، ثم بين ما يترتب على امتثال ذلك من الآثار الحميدة؛ وهي ما يلي:

                  الأثر الأول: حصول المتاع الحسن.

                  الأثر الثاني: إيتاء كل ذي فضل فضله.

                  وقال سبحانه عن هود عليه السلام: ( ﯿ ) [هود: ٥٢].

                  ففي هذه الآية الكريمة رغب هود عليه السلام قومه إلى الاستغفار والتوبة بأمرين:

                  ١. ترغيبهم بكثرة الأمطار المتتابعة.

                  لما أرشد هود عليه السلام قومه إلى التوحيد، ونبذ عبادة الأوثان؛ أمرهم بالاستغفار والتوبة، وحثهم عليه.

                  ٢ - ترغيبهم بزيادة القوة الروحية والجسمية.

                • أنه سبب للقرب من الله تعالى وإجابة الدعاء.

                  ويدل على ذلك قوله تعالى عن صالح عليه السلام : ( ﰄﰅ ) [هود: ٦١].

                  ففي هذه الآية الكريمة رغب صالح عليه السلام قومه في الاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه بأمرين؛ هما:

                  ١ - حصول القرب من الله -جل وعلا.

                  ٢ - إجابته لدعاء من دعاه.

                • أنه سبب لحصول الرحمة والمحبة من الله سبحانه للمستغفرين.

                  إن الاستغفار من أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله سبحانه ومحبته لعباده المستغفرين، وقد بين الله سبحانه ذلك في كتابه الكريم.

                  قال تعالى عن شعيب عليه السلام : ( ﭭﭮ ) [هود: ٩٠].

                  ففي هذه الآية الكريمة رغب شعيب عليه السلام قومه في الاستغفار والتوبة بحصول أمرين:

                1. حصول الرحمة من الله تعالى للمستغفرين.
                2. حصول المحبة من الله سبحانه للمستغفرين ورضاه عنهم.
                  • حصول النصر والظفر والنجاة من المكروه.

                    فبملازمة الاستغفار والإكثار منه يستنزل النصر على الأعداء، ويظفر المسلم بكل محبوب، وينجو من كل مكروه، وقد دل على ذلك قوله تعالى: ( ﯟﯠ ﯿﰀ ) [آل عمران: ١٤٦-١٤٨].

                    فبين الله سبحانه في هذه الآيات الكريمة ثمرة استغفار هؤلاء الربانيين؛ وهي ما يلي:

                    إيتاؤهم ثواب الدنيا، وحسن ثواب الآخرة.

                    ومعنى ثواب الدنيا أي: جزاؤها، وهو النصر على الأعداء، والظفر عليهم، والتمكين لهم في البلاد.

                    أما ثواب الآخرة: فهو حصول المغفرة لهم، ودخول الجنة.

                    وتخصيص الحسن بهذا الثواب للإيذان بفضله ومزيته، وأنه هو المعتد به عنده تعالى، وترغيبًا في طلب ما يحصله من العمل الصالح102.

                  • أنه سبيل لتفريج الكربات، والنجاة من الغموم والهموم، وتيسير الأمور.

                    إن الإكثار من الاستغفار الحق الذي يتواطأ فيه القلب واللسان لجدير بأن يفرج الله عن صاحبه الكربات التي تضيق بها نفسه، وينجيه من الغم والهم الذي يعتريه، وقد دل على ذلك عدة نصوص من الكتاب والسنة:

                    منها: قوله تعالى: ( ) [الأنبياء: ٨٧].

                    فاستغفار يونس عليه السلام في تلك الظلمات واعترافه بذنبه كان سببًا لنجاته من الغم الذي كان فيه.

                    قال تعالى: ( ﮪﮫ ) [الأنبياء:٨٨].

                    ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب)103.

                    ٢. أثر الاستغفار في حياة المجتمع.

                    إذا كان للاستغفار آثار ظاهرة في حياة الفرد فإن له -بلا شك- آثارًا ظاهرة أيضًا في حياة المجتمع، فأساس الصلاح يبدأ من الأفراد، وينعكس أثره على المجتمع بأسره؛ لأن الفرد هو الخلية الأولى في بناء المجتمع.

                    ويتجلى أثر الاستغفار في حياة المجتمع في أمور كثيرة؛ من أبرزها:

                  • الأمن من عذاب الله.

                    إن الاستغفار سياج واقٍ وأمان من عذاب الله -وأصل الأمن: طمأنينة النفس، وزوال الخوف104فإذا كثر الاستغفار في الأمة، وصدر عن قلوب بربها مطمئنة؛ دفع الله عنها ضروبًا من النقم، وصرف عنها صنوفًا من البلايا والمحن.

                    قال تعالى: ( ﯰﯱ ) [الأنفال: ٣٣].

                    ففي هذه الآية الكريمة بين الله سبحانه أن مانع إنزال العذاب أمران:

                    أحدهما: وجود النبي صلى الله عليه وسلم .

                    قال تعالى: ( ) وهذا إعلام بكرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله؛ حيث جعل وجوده في مكان مانعًا من إنزال العذاب105.

                    ثانيهما: وقوع الاستغفار.

                    وهذا هو المانع الثاني من إنزال العذاب عليهم.

                    قال تعالى: ( ) والكلام على هذا المانع من وجهين:

                    أحدهما: في الاستغفار الدافع للعذاب.

                    الثاني: في العذاب المدفوع بالاستغفار.

                    أما الأول: فإن العذاب إنما يكون على الذنوب، والاستغفار مع التوبة النصوح يوجب مغفرة الذنوب التي هي سبب العذاب؛ فيندفع حينئذٍ العذاب106 كما قال تعالى في هذه الآية: ( ).

                    وأما الثاني: فإن العذاب المدفوع يعم العذاب السماوي، ويعم ما يكون من العباد.

                  • حلول البركات والخيرات والعز والتمكين.

                    فبالاستغفار يجلب الخصب والبركة، ويكثر النسل والنماء والخير في كل مكان، وهو مصدر للعزة والمنعة والتمكين، والبركة: كثرة الخير ونماؤه واستمراره107.

                    وقد وعد الله بها كل من آمن به واتقاه؛ بفعل الطاعات، وترك المحرمات، ومن أجل الطاعات وأعظم القربات: كثرة الاستغفار؛ مع صدق العزم على ترك الذنب.

                    وقد بين الله سبحانه في كتابه الكريم صور هذه البركة وشمولها لجميع ميادين الحياة.

                    قال تعالى: ( ﯿ ) [نوح: ١٠-١٢].

                    فالمجتمع الذي يلازم أفراده الاستغفار قولًا وفعلًا مجتمع مبارك، يفيض الله سبحانه عليه من بركاته ورحمته؛ ما يجعله مجتمعًا قويًا يسوده الإخاء والأمن والاستقرار.

                    ثانيًا: آثار الاستغفار في الآخرة:

                    ١. المغفرة والأجر العظيم.

                    إن عدم المؤاخذة بما فرط من الذنوب، والتجاوز عن الإساءة، وستر العيوب أمر مطلوب، وأمل مرغوب، حث الله تعالى على المسارعة إليه.

                    قال سبحانه وتعالى: ( ) [آل عمران: ١٣٣].

                    وقد حفلت الآيات القرآنية ببيان هذا الوعد الكريم؛ منها:

                    قوله تعالى: (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮐﮑ ) [آل عمران: ١٣٥-١٣٦].

                    فالاستغفار الذي يتواطأ فيه اللسان مع القلب، وتظهر آثاره على الجوارح؛ من ترك الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات، لا شك أنه موجبٌ لحصول المغفرة من الله العزيز الغفار، فمن أعطي الاستغفار فقمن به أن يعطى المغفرة، فما ألهم الله عبدًا الاستغفار وهو يريد أن يعذبه.

                    ٢. الجنة والفوز العظيم.

                    إن أعلى وأفضل ثمار الاستغفار على الإطلاق هو دخول الجنة، دار النعيم المقيم، ودار الرضوان، ودار الجزاء الأوفى، وهو من لوازم المغفرة.

                    وحفلت الآيات القرآنية ببيان هذا الجزاء العظيم لعباد الله المستغفرين.

                    فمن الآيات: ما وعد الله به عباده المتقين الذين من أجل صفاتهم: طلب مغفرة الله.

                    قال تعالى: ( ﯡﯢ ﯲﯳ ﯶﯷ ) [آل عمران: ١٥-١٦].

                    وهذا وعد كريم من الرحمن لعباده المتقين الأبرار، الذين خافوه في الدنيا فأطاعوه؛ بأداء فرائضه، واجتناب نواهيه، بأن جزاءهم عند ربهم يوم يلقونه هو دخول جناته خالدين فيها، ولهم فيها -زيادة في النعيم- زوجات مطهرات من كل آفة ونقص، جميلات الأخلاق، كاملات الخلائق، ولهم رضوان الله الذي هو أكبر من كل شيء108.

                    ومن أجل صفات من ينال هذا النعيم المقيم هم عباد الله المستغفرون؛ فالاستغفار هو أقرب الوسائل إلى مرضاة الله، وأعظم أسباب عز الدنيا وسعادة الآخرة109.

                    موضوعات ذات صلة:

                    الدعاء، الاستعاذة، الذكر، التسبيح، التوبة، الذنب


1 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس، ٤/٣٨٥.

2 انظر: المحكم، ابن سيده، ٥/٤٩٩.

3 انظر: عمدة الحفاظ، السمين الحلبي ٣/١٦٦.

4 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٥/٣٢٧٤.

5 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/١٨٥، روح المعاني، الألوسي ١١/٢٠٧.

6 مجموع فتاوى ابن تيمية ١٠/١٨٥.

7 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٤٩٩-٥٠٣.

8 انظر: لسان العرب، ابن منظور، ٥/٢٥-٢٦.

9 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ١/٣٥٧، لسان العرب، ابن منظور، ٢/٦١.

10 المفردات، الراغب الأصفهاني ص١٦٩.

11 مدارج السالكين ١/٣٠٨.

12 انظر: جمهرة اللغة، ابن دريد، ٢/٩٣٨، مقاييس اللغة، ابن فارس، ٤/٥٦.

13 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٣٩.

14 انظر: الكليات، الكفوي، ص ٥٣، ٥٩٨.

15 مفاتيح الغيب، الرازي ٧/١١٦.

16 مقاييس اللغة ٢/٤٩٨.

17 لسان العرب، ابن منظور ٣/١٦١٢.

18 إغاثة اللهفان، ابن القيم ٢/١٧٤.

19 انظر: مدارج السالكين، ابن القيم ١/٣٥.

20 تفسير القرآن العظيم ٦/٤٠٢.

21 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٥/٣٨٩٧-٣٩٠٠.

22 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٥٥٦، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٨/٢٧٧.

23 الجامع لأحكام القرآن ٤/٣١٧.

24 انظر: مدارج السالكين، ابن القيم ١/٣١٢.

25 انظر: مدارج السالكين، ابن القيم ٢/١٢٠.

26 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار، ١٢/٣٧٥، رقم ٦٣٠٦.

27 انظر: مجموع الفتاوي، ابن تيمية ١١/٦٩٧.

28 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٢٤٧.

29 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، ١/٤١٤، رقم ٥٩١.

30 انظر: معالم التنزيل، البغوي ١/٢٨٥، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٤١١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٣٧٩.

31 انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية ١١/١٤١.

32 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، ٢/٥٣٧، رقم ٧٩٤، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، ٤/٤٢٤، رقم ١٠٨٥.

33 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٥٦٤، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٨٩.

34 انظر: الموافقات، الشاطبي ٣/١٤٢، تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٨.

35 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله)، ٩/١٤٣، رقم ٧٤٩٤، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، ٦/٢٧٩، رقم ١٧٦٩.

36 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٠/٥٦.

37 انظر: إحياء علوم الدين، الغزالي ١/١١٣.

38 مجموع فتاوى ابن تيمية ١١/٦٩٦.

39 المصدر السابق ١١/١٤٢.

40 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٤/٣٩.

41 الأذكار، النووي ص٣٥٣.

42 إرشاد الفحول، الشوكاني ص١٤٣، مذكرة في أصول الفقه، الشنقيطي ص٢٢٩.

43 ألممت: أصل اللمم: الاقتراب من الشيء، وحقيقته: وقوع الفعل من الشخص على خلاف العادة.

انظر: النهاية، ابن الأثير ٤/٢٣٤.

44 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب قال تعالى: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا)، ٩/٣٨٥، رقم ٤٧٥٠.

45 جلاء الأفهام، ابن القيم ص٢٧٣.

46 انظر: الفروق، القرافي ٤/٢٦٠.

47 انظر: الأزهية في أحكام الأدعية، الزركشي ص ١٦٣.

48 انظر: زاد المعاد، ابن القيم ٢/٤٧٢.

49 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٠/٢٤٢.

50 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار، ٨/٦٧، رقم ٦٣٠٦.

51 انظر: بدائع الفوائد، ابن القيم ٢/١٦٦.

52 انظر: إحياء علوم الدين، الغزالي ١/٣٠٤.

53 انظر: الفتوحات الربانية، ابن علان ٧/٢٧٢.

54 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجمعة، باب فضل يوم الجمعة، ٦/٣٨٠، رقم ١٩٧٣.

55 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، ٣/٨١، رقم ٩٣٥، ومسلم في كتاب الجمعة، باب في الساعة التي في يوم الجمعة، ٦/٣٧٨، رقم ١٩٦٦.

56 انظر: الأزهية في أحكام الأدعية، الزركشي ص١١٠، تحفة الذاكرين، الشوكاني ص٦٠.

57 انظر: الفتوحات الربانية، ابن علان ٤/٢٦٣.

58 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٤٨٤، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٥٥٩.

59 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل ما بين القبر والمنبر، ٣/٣٩٢، رقم ١١٩٦، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة ٩/١٦٣، رقم ٣٣٥٥.

60 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٤٣٨.

61 أخرجه أبو داود في سننه، أبواب الوتر، باب في الاستغفار ٢/٨٦، رقم ١٥٢١.

وصححه الألباني في صحيح أبي داود ٥/٢٥٢، رقم ١٣٦١.

62 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار، ٨/٦٧، رقم ٦٣٠٦.

63 انظر: روضة الناظر، ابن قدامة ١/١٣٣، الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي ١/٣٩٣.

64 انظر: البحر المحيط، الزركشي ٢/٤٣٥.

65 انظر: دليل الفالحين، ابن علان ١/٨٨.

66 أخرجه الطبري في تفسيره ٥/٤١، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/٩٣٤.

67 مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٠/٣٦، والتوبة له أيضًا ص٢٩.

68 انظر: شرح فتح القدير، ابن الهمام الحنفي ١/٣٠٠.

69 انظر: حاشية الجمل على شرح المنهج ١/٤١٨، الملخص الفقهي، صالح الفوزان ١/١١٥.

70 لطائف المعارف، ابن رجب ص٨.

71 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/٥٤٧.

72 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٩/٢٣٧، الجواب الكافي، ابن القيم ص١٣٥.

73 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٢٦، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٦/٥، روح المعاني، الألوسي ٢٥/١٢.

74 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٤/٥٢٦.

75 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٥/٧، معالم التنزيل، البغوي ٤/١٢٠، البحر المحيط، أبو حيان ٩/٣٢٣، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/١١٢، أضواء البيان، الشنقيطي ٧/١٥٣.

76 تفسير سورة البقرة، ابن عثيمين ١/١٣٥.

77 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٤/٢١٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ١١/٢٧٢.

78 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٨/٣١٣، فتح القدير، الشوكاني ٥ /٣٠٢.

79 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٦/١٠٦، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٨/٤١٣، البحر المحيط، أبو حيان ١٠/٢٨٨، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٤٥١، فتح القدير، الشوكاني ٥/٣٠٢.

80 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٢٣٦، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٣٤٣.

81 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٨٥، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٣/١١١.

82 رجح هذا المعنى ابن عطية في المحرر الوجيز ٥/٢٥٦، وأبو حيان في البحر المحيط ١/١٥٦، والألوسي في روح المعاني ٢٨/٧٣، لأنهم إنما دعوا لأنفسهم، وعلى منحى القول الثاني إنما دعوا للكفار.

83 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٨٠.

84 انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية ١٠/١٦٨.

85 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٢٨٧.

86 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٣ / ١٤٨، فتح القدير، الشوكاني ٣/٥٠١.

87 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٨/٨١.

88 انظر: نظم الدرر، البقاعي ٨/٢١٩، أضواء البيان، الشنقيطي ٨/٦١٤.

89 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٢ / ٧٠٩، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٣٦٧.

90 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/١٥٥، النكت والعيون، الماوردي ١/٣٦٤.

91 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان أنه،سبحانه وتعالى، لم يكلف إلا ما يطاق ١/١١٦، رقم ١٢٦.

92 انظر: جامع البيان، الطبري ٣ /٢٠٧، معالم التنزيل، البغوي ١/٢٨٥.

93 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٣/٥٦٠.

94 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/٢٠٧.

95 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٢٨٥.

96 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ٥/٣٨٣.

97 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١١٩، زاد المسير، ابن الجوزي ٣/١٦٨.

98 انظر: جامع البيان، الطبري ٨/١٢٠.

99 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/١٥٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٢٨٤.

100 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٤/٤٨، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٥/٢٩٨، أضواء البيان، الشنقيطي ٧/٧٣، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٤/١١٠.

101 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٦٤٥.

102 انظر: جامع البيان، الطبري ٤/١٢٢، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٥٢٢.

103 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب في الاستغفار ٢/٨٥، رقم ١٥١٨، وابن ماجه في سننه، كتاب الأدب، باب الاستغفار ٢/١٢٥٤،رقم ٣٨١٩، والنسائي في عمل اليوم والليلة، باب ثواب الإكثار من الاستغفار ص١٤٧، ٤٦٠.

وصححه المناوي في فيض القدير ٦/٨٢، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب ١/٤٩٩.

104 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس، ٣/١٣٣، المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٥، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي ١/١٢٣.

105 انظر: جامع البيان، الطبري ٩/٢٣٨، المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٥٢١.

106 انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية ١٥/٢٧، ٢٨.

107 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ١/٢٢٧، لسان العرب، ابن منظور ١/٣٨٦، المفردات، الراغب الأصفهاني ص٥٤.

108 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/٢٠٦، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٤١٠.

109 انظر: تهذيب التفسير، عبد القادر شيبة الحمد ٢/٣١٦.