عناصر الموضوع

مفهوم الاختلاف

الاختلاف في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

الاختلاف سنة الله تعالى في الخلق

أنواع الاختلاف

أسباب الاختلاف

آثار الاختلاف

وسائل رفع الاختلاف

الاختلاف

مفهوم الاختلاف

أولًا: المعنى اللغوي:

كلمة (اختلاف) تعد مصدرًا من الفعل (اختلف)، وهذا الفعل من الناحية الصرفية فعل يدل على التفاعل والمشاركة، أي: لا يكون إلا بين اثنين فأكثر.

قال صاحب القاموس: «والخلاف: المخالفة...واختلف: ضد اتفق»1، أي: «لم يتفق في الرأي، يقال: اختلف بين كذا وكذا»2.

وذكر الزبيدي أن «الخلفة، بالكسر: الاسم من الاختلاف، أي: خلاف الاتفاق، أو مصدر الاختلاف، أي: التردد، ومنه قوله تعالى: ( ) [الفرقان:٦٢]»3.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

الاختلاف في الاصطلاح لا يختلف عن المعنى اللغوي، «فالاختلاف والمخالفة -في الاصطلاح-: أن يأخذ كل واحد طريقًا غير طريق الآخر في حاله أو قوله، والخلاف أعم من الضد؛ لأن كل ضدين مختلفان، وليس كل مختلفين ضدين»4.

وقال المناوي: «الاختلاف: افتعال من الخلاف، وهو تقابل بين رأيين فيما ينبغي انفراد الرأي فيه، ذكره الحرالي»5.

الاختلاف في الاستعمال القرآني

ورد (الاختلاف) في القرآن الكريم (٥٢) مرة 6.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

١٩

( ) [البقرة:٢١٣]

الفعل المضارع

١٦

( ) [النحل:٣٩]

المصدر

٧

( ) [المؤمنون:٨٠]

اسم الفاعل

١٠

( ) [النحل:٦٩]

وجاء الاختلاف في القرآن بمعناه في اللغة، وهو: ضد اتفق، وهو أن يأخذ كل واحد طريقًا غير طريق الأول في فعله أو حاله7.

الألفاظ ذات الصلة

التفرق:

التفرق لغةً:

خلاف التجمع، تفرق القوم وتفارقوا، والاسم الفرقة8.

والتفريق: خلاف التجميع، يقال: فرق الشيء تفريقًا وتفرقة: بدده، وهو متعدِ، أما التفرق فلازم. والتفريق أبلغ من الفرق؛ لما فيه من معنى التكثير9.

التفرق اصطلاحًا:

لا يخرج معناه عن المعنى اللغوي.

الصلة بين التفرق والاختلاف:

التفرق هو أشد أنواع الاختلاف، وثمرة من ثماره النكرة؛ لأن من الاختلاف ما لا يصل إلى حد الافتراق، وهو أكثر أنواع الخلاف بين الأمة.

المنازعة:

المنازعة لغةً:

المنازعة في اللغة مشتقة من المادة اللغوية (نزع)، وتأتي بمعنى الجذب؛ يقال: نزع القوس إذا جذبها، ومنه نزع الإنسان إلى أهله، ومنه تنازع القوم اختصموا وبينهم نزاعةٌ أي: خصومةٌ في حق، ومنه قوة العزيمة في الرأي والهمة؛ يقال للرجل الجيد الرأي: إنه لجيد المنزعة، ومنه القلع؛ يقال: نزعت الشيء من مكانه نزعًا إذا اقتلعته10.

المنازعة اصطلاحًا:

المخاصمة والمخالفة القائمة على التنازع والتجاذب لنفي ما عند الآخر ومحوه، سواء أكان حقًا أم باطلًا، والموصلة في الغالب إلى الفشل والانتكاس11.

الصلة بين المنازعة والاختلاف:

الاختلاف لا يحمل معنى المنازعة، فقد يحصل الاختلاف ولا تحصل المنازعة، أما المنازعة فهي اختلاف مع معاداة ومخاصمة.

الاجتماع:

الاجتماع لغة:

التئام الشيء، وضم بعضه إلى بعض، وهو خلاف التفريق12.

الاجتماع اصطلاحًا:

هو اجتماع الناس، وعدم تفرقهم، واجتماع القلوب بائتلافها، وعدم تفرقها.

الصلة بين الاجتماع والاختلاف:

الاختلاف السائغ بين المسلمين يمكن أن يحصل معه الاجتماع، ولا يكون سببًا في تفرقهم، وأما إذا كان ذلك مؤديًا إلى تفرقهم وتمزق وحدتهم وعدم اجتماعهم فإنه بذلك يكون مذمومًا.

الاعتصام:

الاعتصام لغة:

العصم: الإمساك، والاعتصام: الاستمساك.

قال تعالى: ( ) [آل عمران:١٠٣] أي: تمسكوا بعهد الله13. والاعتصام بحبل الله: هو ترك الفرقة، واتباع القرآن14.

الاعتصام اصطلاحًا:

لا يختلف معنى الاعتصام في الاصطلاح عن معناه في اللغة.

الصلة بين الاعتصام والاختلاف:

الاعتصام: الاستمساك بالشيء، افتعالٌ منه، والمقصود الاستمساك بحبل الله، وهو بهذا الاعتبار وسيلة للاجتماع، وطريق إليه؛ ولهذا يقال: الاستمساك بحبل الله سبب للاجتماع، وعصمة من الخلاف والتفرق.

الاختلاف سنة الله تعالى في الخلق

إن الاختلاف سنةٌ إلهية بين جميع المخلوقات! ليس البشر وحدهم.

قال الله سبحانه وتعالى: ( ﮭﮮ ﯘﯙ ﯛﯜ ) [الأنعام:١٤١].

وقال عز وجل: ( ﭢﭣ ﭲﭳ ﭷﭸ ﭾﭿ) [النور:٤٥].

وقال تعالى: ( ﮦﮧ ﮬﮭ) [الروم:٢٢].

وعن الاختلاف العلمي والفكري يقول رب العزة: ( ﭗﭘ ﭛﭜﭝ ﭠﭡ ﭣﭤ ﭭﭮ) [هود:١١٨-١١٩].

«ولا شك أن اختلاف الألوان والمناظر والمقادير والهيئات وغير ذلك:

فيه الدلالة القاطعة على أن الله -جل وعلا- واحد، لا شبيه له ولا نظير ولا شريك، وأنه المعبود وحده.

وفيه الدلالة القاطعة على أن كل تأثير فهو بقدرة وإرادة الفاعل المختار -سبحانه-، وأن الطبيعة لا تؤثر في شيء إلا بمشيئته -جل وعلا-، كما أوضح ذلك في قوله: ( ﯓﯔ ) [الرعد:٤].

فالأرض التي تنبت فيها الثمار واحدة؛ لأن قطعها متجاورة، والماء الذي تسقى به ماء واحد، والثمار تخرج متفاضلة، مختلفة في الألوان والأشكال والطعوم، والمقادير والمنافع.

فهذا أعظم برهان قاطع على وجود فاعل مختار، يفعل ما يشاء كيف يشاء، سبحانه جل وعلا عن الشركاء والأنداد»15.

وحكمة أخرى لهذا الاختلاف في الخلق؛ أشار لها أثرٌ لأبي بن كعب رضي الله عنه عند قوله تعالى: ( ﭳﭴ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭿ ) [الأعراف:١٧٢] قال: (ورفع عليهم آدم عليه السلام فجعل ينظر إليهم فرأى الغني والفقير، وحسن الصورة ودون؛ ذلك فقال: رب! لولا سويت بين عبادك! قال: إني أحببت أن أشكر)16.

فالغني يرى الفقير ثم يشكر الله الذي أغناه، والصحيح يرى المريض ثم يشكر الله الذي عافاه، والمهتدي يرى الضال ثم يشكر الله الذي هداه.

أنواع الاختلاف

«قضت مشيئة الله تعالى خلق الناس بعقول ومدارك متباينة، إلى جانب اختلاف الألسنة والألوان والتصورات والأفكار، وكل تلك الأمور تفضي إلى تعدد الآراء والأحكام، وتختلف باختلاف قائليها، وإذا كان اختلاف ألسنتنا وألواننا ومظاهر خلقنا آية من آيات الله تعالى؛ فان اختلاف مداركنا وعقولنا وما تثمره تلك المدارك والعقول آية من آيات الله تعالى كذلك، ودليل من أدلة قدرته البالغة»17، لكن هذا الاختلاف ليس على درجة واحدة، بل منه المحمود ومنه المذموم، وهذا ما سنوضحه في هذا المبحث بعون الله تعالى.

أولًا: الاختلاف المحمود:

قال الله تعالى: ( ﭿ ) [البقرة:٢٥٣].

فالاختلاف في هذه الآية لا نستطيع أن نقول: إنه شرٌ كله، أو مذموم بإطلاق!

بل من خالف الكفار في كفرهم وضلالهم؛ فآمن بالله تعالى، وصدق رسله، واستسلم لشريعته؛ فخلافه هذا ممدوح محمود محبوب لله تعالى، ومن خالف المؤمنين في إيمانهم بربهم وتصديقهم برسله واستسلامهم لشريعته؛ فخلافه هذا شر ووبال عليه في الدنيا والآخرة18.

قال الله سبحانه: ( ﭿ ﮐﮑ ﮞﮟ ﮩﮪ ) [البقرة:٢١٣].

ولذا لما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»19.

وفي هذا السياق يقول ابن القيم رحمه الله: «فمن هداه الله سبحانه إلى الأخذ بالحق حيث كان ومع من كان -ولو كان مع من يبغضه ويعاديه- ورد الباطل مع من كان -ولو كان مع من يحبه ويواليه- فهو ممن هدى لما اختلف فيه من الحق؛ فهذا أعلم الناس وأهداهم سبيلًا، وأقومهم قيلًا، وأهل هذا المسلك إذا اختلفوا -أي: فيما بينهم- فاختلافهم اختلاف رحمة وهدى، يقر بعضهم بعضًا عليه ويواليه ويناصره، وهو داخل في باب التعاون والتناظر الذي لا يستغني عنه الناس في أمور دينهم ودنياهم؛ بالتناظر والتشاور، وإعمالهم الرأي وإجالتهم الفكر في الأسباب الموصلة إلى درك الصواب»20.

ثانيًا: الاختلاف المذموم:

النوع الثاني من الاختلاف هو الذي «يكون المختلفون كلهم مذمومين، وهم الذين اختلفوا بالتأويل، وهم الذين نهانا الله سبحانه عن التشبه بهم في قوله: ( ) [آل عمران:١٠٥].

وهم الذين تسود وجوههم يوم القيامة وهم الذين قال الله تعالى فيهم: ( ﯿ ﰃﰄ) [البقرة:١٧٦].

فجعل المختلفين كلهم في شقاق بعيد، وهذا النوع هو الذي وصف الله أهله بالبغي، وهو الذي يوجب الفرقة والاختلاف، وفساد ذات البين، ويوقع التحزب والتباين»21.

وفي هذا المعنى يقول تعالى ذكره: ( ﯷﯸ ﯾﯿ ﰄﰅ) [الروم:٣١-٣٢].

ويقول سبحانه: ( ﭿ ) [آل عمران:١٩].

ويقول سبحانه: ( ) [البينة:٤].

قال الشافعي: «فإنما رأيت الله ذم الاختلاف في الموضع الذي أقام عليهم الحجة ولم يأذن لهم فيه»22.

ومن صور الخلاف المذموم في القرآن الكريم: مخالفة المسلمين في أصل إيمانهم وعقيدتهم في الله تعالى وأنبيائه ورسله وشرائعه ونحو ذلك؛ فمن فعل ذلك فهو داخل في هذا الاختلاف المذموم، قال الله تعالى: ( ) [الشورى:١٣].

أي: لا تختلفوا في التوحيد والإيمان بالله، وطاعة رسله وقبول شرائعه؛ فإن هذه الأمور قد تطابقت عليها الشرائع، وتوافقت فيها الأديان؛ فلا ينبغي الخلاف في مثلها23.

وقال الآمدي رحمه الله: «فيجب حمل ما ورد من ذم الاختلاف والنهي عنه: على الاختلاف في التوحيد والإيمان بالله ورسوله، والقيام بنصرته، وفيما المطلوب فيه القطع دون الظن...»24.

وفي قوله تعالى: ( ﭶﭷ ﭿ ) [آل عمران:١٠٣]ما يشير لذلك.

قال الإمام الجصاص: «(ﭿ ) يعني بالإسلام، وفي ذلك دليل على أن التفرق المذموم المنهي عنه في الآية هو في أصول الدين والإسلام لا في فروعه، والله أعلم»25.

ومما يلتحق بالصورة السابقة للخلاف المذموم: خلاف الخوارج والرافضة والمعتزلة والقرآنيين وغيرهم من أهل البدع لأهل السنة والحق؛ مما قد يصل في بعض صوره إلى الكفر والعياذ بالله.

والمخالفون فيه خالفوا جمهور المسلمين في أصول المسائل التي يقوم عليها المعتقد والأحكام، فأصولهم فاسدة، ومن ذلك: تقديم العقل على النقل، أو القول بعصمة الأولياء أو أئمة أهل البيت، أو ترك الاحتجاج بالسنة.

وهذا النوع هو الذي يؤدي إلى فرقة الأمة وتشرذمها، وجاءت النصوص القرآنية والنبوية في التحذير منه، ومن ذلك: ( ﭛﭜﭝ ) [هود:١١٨-١١٩] .

قال ابن عاشور: «إلا من رحم ربك: أي: فعصمهم من الاختلاف، وفهم من هذا: أن الاختلاف المذموم المحذر منه هو الاختلاف في أصول الدين الذي يترتب عليه اعتبار المخالف خارجًا عن الدين وإن كان يزعم أنه من متبعيه.

فإذا طرأ هذا الاختلاف وجب على الأمة قصمه، وبذل الوسع في إزالته من بينهم بكل وسيلة من وسائل الحق والعدل؛ بالإرشاد والمجادلة الحسنة والمناظرة.

فإن لم ينجع ذلك فبالقتال كما فعل أبو بكر في قتال العرب الذين جحدوا وجوب الزكاة، وكما فعل عليٌ في قتال الحرورية الذين كفروا المسلمين، وهذه الآية تحذير شديد من ذلك الاختلاف»26.

أسباب الاختلاف

والمقصود بالاختلاف هنا، والذي سنبحث عن أسبابه في القرآن: هو اختلاف الأفكار والعقائد ونحوها -لا اختلاف الألسن والألوان ونحوها- ومن أعظم أسباب هذا الاختلاف هو:

أولًا: فساد النية:

وينطوي تحتها أمور، منها:

١. البغي.

قال الله سبحانه: ( ﭺﭻﭼ ﭿﮀ ) [الجاثية:١٦-١٧].

قال الزجاج: «أي للبغي، لم يختلفوا؛ لأنهم رأوا البصيرة والبرهان»27.

وقال الله تعالى: ( ﭿ ﮊﮋ ﮑﮒ ﮘﮙ ﮢﮣﮤ ) [الشورى:١٣-١٤].

فالله تعالى «لما بين أنه أمر كل الأنبياء والأمم بالأخذ بالدين المتفق عليه؛ كان لقائل أن يقول: فلماذا نجدهم -أي الأمم- متفرقين؟ فأجاب الله تعالى عنهم بقوله: ( ) يعني أنهم ما تفرقوا إلا من بعد أن علموا أن الفرقة ضلالة، ولكنهم فعلوا ذلك للبغي وطلب الرياسة! فحملتهم الحمية النفسانية، والأنفة الطبعية على أن ذهب كل طائفة إلى مذهب، ودعا الناس إليه، وقبح ما سواه طلبًا للذكر والرياسة، فصار ذلك سببًا لوقوع الاختلاف»28.

٢. الحسد.

الحسد نوعان: محمود ومذموم، «المحمود تمنى مثل ما تراه لغيرك وهذا يسمى الغبطة، والمذموم: أن تتمنى زواله عنه وانتقاله إليك وهو الحسد بالحقيقة»29.

لهذا جاء في حديث ابن مسعود في الصحيح: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)30.

قال الله تعالى: ( ﮢﮣ ﮩﮪ ) [البقرة:١٠٩].

أي: حسدوا رسول الله تعالى أن كرمه الله تعالى بالرسالة دونهم! ثم حسدوا العرب الذين أن آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم دونهم! فتأمل كيف استولى عليهم الحسد حتى دعاهم إلى مخالفة رسول الله تعالى في ما يدعو إليه، ومخالفة سبيل المؤمنين الذين آمنوا بنبوته عليه الصلاة والسلام! حتى قال تعالى لهؤلاء المكذبين من أهل الكتاب: ( ﮊﮋ ) [البقرة:١٣٧].

وقوله تعالى في هذه الآية: ( ) «إعلام منه لهم بأنهم لم يؤمروا بذلك في كتابهم، وأنهم يأتون ما يأتون من ذلك على علم منهم بنهي الله إياهم عنه»31.

«( ) وكان هذا قبل آية القتال، ( ) بعذابه؛ القتل والسبي لبني قريظة، والجلاء والنفي لبني النضير»32.

وكما حمل الحسد هؤلاء المكذبين من أهل الكتاب حتى خالفوا رسول الله والمؤمنين؛ فقد حمل الحسد كذلك مشركي العرب؛ حتى قالوا عن من آمن برسول الله من فقراء المسلمين: ( ) [الأنعام:٥٣]!

«والحسد يكون أعظم ما يكون: إذا كان الحاسد يرى نفسه أولى بالنعمة المحسود عليها، فكان ذلك الداعي فتنة عظيمة في نفوس المشركين؛ إذ جمعت كبرًا وعجبًا وغرورًا بما ليس فيهم، إلى احتقارٍ للأفاضل وحسدٍ لهم، وظلم لأصحاب الحق، وإذ حالت بينهم وبين الإيمان والانتفاع بالقرب من مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم»33.

«واعلم أن الحسد ربما أفضى إلى التنازع والتقاتل»34؛ كما يظهر ذلك جليًا في قصة ابني آدم ( ﮖﮗ ﮝﮞﮟ ﮩﮪ ﮯﮰﮱ ﯛﯜ ﯟﯠ ﯩﯪ) [المائدة:٢٧-٣٠].

وفي قصة يوسف عليه السلام مع إخوته؛ حين قالوا بعدما حسدوه: ( ) [يوسف:٩].

٣. اتباع الهوى.

قال سبحانه عن بني إسرائيل: ( ) [البقرة:٨٧].

فانظر كيف جعلوا أهواءهم هي الفيصل والحكم، وخالفوا بها أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام «وإنما كانوا كذلك؛ لإرادتهم الرفعة في الدنيا، وطلبهم لذاتها، والترؤس على عامتهم، وأخذ أموالهم بغير حق، وكانت الرسل تبطل عليهم ذلك؛ فيكذبونهم لأجل ذلك، ويوهمون عوامهم كونهم كاذبين! ويحتجون في ذلك بالتحريف وسوء التأويل، ومنهم من كان يستكبر على الأنبياء استكبار إبليس على آدم»35.

وقال سبحانه لرسوله الكريم: ( ﯮﯯ ﯸﯹ ﯿ ) [القصص:٥٠].

ثانيًا: ترك الوحي:

قال الله تعالى: ( ﭣﭤ ) [المائدة:١٤].

«قال الحسن: فيه دليل على أنهم نصارى بتسميتهم لا بتسمية الله تعالى، ( ) في التوحيد والنبوة، ( ) بالأهواء المختلفة، والجدال في الدين، قال مجاهد وقتادة: يعني بين اليهود والنصارى، وقال قوم: هم النصارى وحدهم صاروا فرقًا! منهم اليعقوبية والنسطورية والملكانية، وكل فرقة تكفر الأخرى»36.

«فإن قيل: كيف أغريت بينهم العداوة وهم لم يزالوا إلبًا على المسلمين؟

فجوابه: أن العداوة ثابتة بينهم في الدين بانقسامهم فرقًا، وذلك الانقسام يجر إليهم العداوة وخذل بعضهم بعضًا، ثم إن دولهم كانت منقسمة ومتحاربة، ولم تزل كذلك، وإنما تألبوا في الحروب الصليبية على المسلمين، ثم لم يلبثوا أن تخاذلوا وتحاربوا، ولا يزال الأمر بينهم كذلك إلى الآن، وكم ضاعت مساعي الساعين في جمعهم على كلمة واحدة، وتأليف اتحادٍ بينهم، وكان اختلافهم لطفًا بالمسلمين في مختلف عصور التاريخ الإسلامي، على أن اتفاقهم على أمة أخرى لا ينافي تمكن العداوة فيما بينهم، وكفى بذلك عقابًا لهم على نسيانهم ما ذكروا به»37، وقد قال سبحانه وتعالى: ( ﯚﯛ ) [الحشر:١٤].

ولا شك أن في آية ( ) تحذيرًا لهذه الأمة من سلوك مسلك أهل الكتاب في نسيان دين الله تعالى.

ثالثًا: اختلاف الأفهام:

ومن أسباب الاختلاف أيضًا: اختلاف أفهام الناس ومداركهم، ومما يشير لذلك قوله تعالى: ( ﮤﮥﮦ ﮧﮨ ) [الأنبياء:٧٨-٧٩].

«فمعنى قوله تعالى: ( ) أنه ألهمه وجهًا آخر في القضاء هو أرجح؛ لما تقتضيه صيغة التفهيم من شدة حصول الفعل أكثر من صيغة الإفهام، فدل على أن فهم سليمان في القضية كان أعمق، وذلك أنه أرفق بهما، فكانت المسألة مما يتجاذبه دليلان فيصار إلى الترجيح، والمرجحات لا تنحصر، وقد لا تبدو للمجتهد، والله تعالى أراد أن يظهر علم سليمان عند أبيه ليزداد سروره به، وليتعزى على من فقده من أبنائه قبل ميلاد سليمان»38.

وممكن أن يضرب هذا النموذج في قصة داود وابنه سليمان عليهما السلام مثالًا على اختلاف الأفهام المحمودة؛ حيث إنه لم يحصل جراء اختلاف فهمهما شر بينهما أو نزاع.

قال ابن القيم رحمه الله: «ووقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه؛ لتفاوت إرادتهم وأفهامهم وقوى إدراكهم، ولكن المذموم: بغي بعضهم على بعض وعدوانه، وإلا فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباين والتحزب، وكلٌ من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله؛ لم يضر ذلك الاختلاف، فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية، ولكن إذا كان الأصل واحدًا، والغاية المطلوبة واحدة، والطريق المسلوكة واحدة؛ لم يكد يقع اختلاف، وإن وقع كان اختلافًا لا يضر»39.

آثار الاختلاف

لاشك أن للاختلاف آثارًا تنجم عنه، لكن وصف تلك الآثار يرجع إلى وصف ذلك الاختلاف؛ فإن اختلافًا محمودًا كانت آثاره كذلك، وإن كان اختلافًا مذمومًا كانت آثاره كذلك.

والذي يهمنا هنا: هو تسليط الضوء على آثار الاختلاف التي ذكرها القرآن الكريم، فنقول:

من الآثار التي ذكرها القرآن الكريم للاختلاف ما يلي:

أولًا: الفشل وذهاب الريح.

قال الله تعالى: ( ﭘﭙ ﭚﭛ ) [الأنفال:٤٦].

وماذا بعد الفشل وذهاب الريح، إلا تسلط الأعداء على المسلمين وسومهم سوء العذاب! قال قتادة: «لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم»40.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وبلاد الشرق من أسباب تسليط الله التتر عليها: كثرة التفرق والفتن بينهم في المذاهب وغيرها»41.

وقال ابن تيمية في موضع آخر: «وهذا التفريق الذي حصل من الأمة علمائها ومشايخها؛ وأمرائها وكبرائها؛ هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها، وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله كما قال تعالى: ( ) [المائدة:١٤].

فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به؛ وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا؛ فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب»42.

ثانيًا: الشقاق.

قال سبحانه: ( ﯺﯻ ﯿ ) [البقرة:١٧٦].

ثالثًا: إلغاء كل ما لدى الخصم من حق.

قال عز وجل: ( ﭱﭲ) [البقرة:١١٣].

قال ابن عطية: «وفي هذا من فعلهم كفر كل طائفة بكتابها؛ لأن الإنجيل يتضمن صدق موسى وتقرير التوراة، والتوراة تتضمن التبشير بعيسى وصحة نبوته، وكلاهما تضمن صدق محمد صلى الله عليه وسلم، فعنفهم الله تعالى على كذبهم، وفي كتبهم خلاف ما قالوا.

وفي قوله تعالى: ( ) تنبيه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم على ملازمة القرآن والوقوف عند حدوده»43.

«أما قوله تعالى: ( ) فإنه يقتضي أن من تقدم ذكره يجب أن يكون عالمًا لكي يصح هذا الفرق، فبين تعالى أنهم مع المعرفة والتلاوة إذا كانوا يختلفون هذا الاختلاف؛ فكيف حال من لا يعلم!»44.

رابعًا: التفرق والتحزب.

قال تعالى: ( ﯷﯸﯹ ﯾﯿ ) [الروم:٣١-٣٢].

«( ) جعلوه أديانًا مختلفة لاختلاف أهوائهم، ( ) فرقًا كل واحدة تشايع إمامها الذي أضلها، ( ) منهم ( ) فرح بمذهبه مسرور يحسب باطله حقًا»45.

خامسًا: العذاب العظيم في الآخرة.

وسواد الوجه كذلك -والعياذ بالله-، قال سبحانه وتعالى: ( ﮯﮰ ﯕﯖﯗ ) [آل عمران:١٠٥-١٠٦].

«يعني بذلك جل ثناؤه: ( ) يا معشر الذين آمنوا ( ) من أهل الكتاب، ( ) في دين الله وأمره ونهيه، ( ) من حجج الله فيما اختلفوا فيه، وعلموا الحق فيه؛ فتعمدوا خلافه! وخالفوا أمر الله، ونقضوا عهده وميثاقه جراءة على الله! ( ) يعني: ولهؤلاء الذين تفرقوا واختلفوا من أهل الكتاب من بعد ما جاءهم ( ) من عند الله ( )، يقول جل ثناؤه: فلا تتفرقوا يا معشر المؤمنين في دينكم تفرق هؤلاء في دينهم، ولا تفعلوا فعلهم، وتستنوا في دينكم بسنتهم؛ فيكون لكم من عذاب الله العظيم مثل الذي لهم»46.

وسائل رفع الاختلاف

الاختلاف الذي حذرنا الله تعالى منه في كتابه الكريم هو شرٌ كله، وكما أنه سبحانه قد نهانا عنه وحذرنا منه؛ فقد أرشدنا وهدانا إلى سبل اجتنابه والوقاية منه، و«من القواعد العظيمة التي هي من جماع الدين: تأليف القلوب، واجتماع الكلمة وصلاح ذات البين، فإن الله تعالى يقول: ( ) [الأنفال:١].

ويقول: ( ) [آل عمران:١٠٣].

ويقول: ( ﮯﮰ ) [آل عمران:١٠٥].

وأمثال ذلك من النصوص التي تأمر بالجماعة والائتلاف، وتنهى عن الفرقة والاختلاف»47، فإذا وقع الاختلاف فقد هدانا الله تعالى في كتابه الكريم إلى أمور نرفع به عنا الاختلاف والنزاع، منها:

أولًا: الاعتصام بحبل الله تعالى.

قال سبحانه: ( ) [آل عمران:١٠٣].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهذا الأصل العظيم -وهو الاعتصام بحبل الله جميعًا وأن لا يتفرق- هو من أعظم أصول الإسلام، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه، ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم، ومما عظمت به وصية النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن عامة وخاصة»48.

وعندما يتأمل المسلم هذه الآية العظيمة يجد فيها مؤكدات كثيرة لوجوب الاعتصام بحبل الله تعالى، فتأمل معنا:

() واو الجماعة هنا يعم كل المؤمنين الذين ناداهم الله في الآية السابقة لهذه الآية، ( ) لا بشيء سواه، وسواء كان حبل الله هو القرآن أو الرسول أو الدين؛ فيبقى مفهومه: أن نترك أهواءنا وأطماعنا ومصالحنا الشخصية التي هي غير معصومة للشيء المعصوم، الذي هو القرآن أو الرسول أو الدين أو كل هذه الأمور، قال «عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الصراط محتضر؛ تحضره الشياطين، ينادون: يا عبد الله! هلم هذا الطريق! ليصدوا عن سبيل الله؛ فاعتصموا بحبل الله، فإن حبل الله هو كتاب الله»49.

ثم قال سبحانه: ( )! مع أنه قد فهم معنى العموم من ضمير الجماعة في قوله: ()! لكنه التوكيد والتأكيد على هذا الأمر العظيم.

( ) أيضًا قد فهم هذا المعنى من قوله تعالى: ( )! لكنه كذلك مزيدٌ من التوكيد والتأكيد والاهتمام بهذا الأمر الجليل.

ومن الآيات ذات الصلة بهذا الأمر: قوله تعالى: ( ﰉﰊ ) [النحل:٦٤].

وقوله سبحانه: ( ﯶﯷ ﯿ) [الشورى:١٠].

وقوله عز وجل: ( ) [النساء:٥٩].

ونحوها من الآيات التي تبين أن الله تعالى أنزل كتابه وأرسل رسوله ليرجع الناس إليهما ويعتصموا بهما من الفرقة والاختلاف والتنازع.

ثانيًا: الإصلاح.

قال الله تعالى: ( ﭡﭢ ) [النساء:١١٤].

والمعروف: هو كل ما أمر الله به أو ندب إليه من أعمال البر والخير، ( ) وهو: الإصلاح بين المتباينين أو المختصمين بما أباح الله الإصلاح بينهما؛ ليتراجعا إلى ما فيه الألفة واجتماع الكلمة على ما أذن الله وأمر به، ثم أخبر جل ثناؤه بما وعد من فعل ذلك فقال: ( )...ولا حد لمبلغ ما سمى الله () يعلمه سواه!»50.

ولعظيم أمر الإصلاح بين الناس أحل الشارع الحكيم الكذب من أجل ذلك؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرًا، أو يقول خيرًا»51.

ثالثًا: الجدال بالتي هي أحسن.

وهو «دفع المرء خصمه عن إفساد قوله؛ بحجة، أو شبهة، أو يقصد به تصحيح كلامه، وهو الخصومة في الحقيقة»52.

قال الله تعالى: ( ﭝﭞ ) [العنكبوت:٤٦].

وليس الجدال خاص بأهل الكتاب! بل هو عام للكفار والمؤمنين؛ بهدف إحقاق الحق وإبطال الباطل.

وعن جدال المؤمنين يقول تعالى: ( ) [المجادلة:١].

بل ذكر الله تعالى عن قوم نوح عليه السلام أنهم: ( ) [هود:٣٢]!

لذا قال الشوكاني رحمه الله: «فأما الجدال لاستيضاح الحق، ورفع اللبس، والبحث عن الراجح والمرجوح، وعن المحكم والمتشابه، ودفع ما يتعلق به المبطلون من متشابهات القرآن، وردهم بالجدال إلى المحكم؛ فهو من أعظم ما يتقرب المتقربون، وبذلك أخذ الله الميثاق على الذين أوتوا الكتاب فقال: ( ) [آل عمران:١٨٧]»53.

أما الجدال المنهي عنه فهو «الجدال بالباطل، والقصد إلى دحض الحق كما في قوله: ( ) [غافر:٥]»54.

رابعًا: المباهلة.

وهي: «الملاعنة55، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا: لعنة الله على الظالم منا»56.

قال سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: ( ) [آل عمران:٦١].

والمباهلة وسيلة من وسائل رفع الاختلاف بين المختلفين التي ذكرها القرآن الكريم؛ ليتضح للناس المحق من المبطل.

قال ابن كثير -مرجحًا لمعنى المباهلة-: «وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة، ونقله ابن جرير عن قتادة، وأبي العالية، والربيع بن أنس، رحمهم الله.

ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة الجمعة: ( ﯕﯖﯗ ﯜﯝ ﯠﯡﯢ ﯩﯪ ﯴﯵ) [الجمعة:٦-٨].

فهم -عليهم لعائن الله- لما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى! دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفتين منهم، أو من المسلمين، فلما نكلوا عن ذلك علم كل أحد أنهم ظالمون؛ لأنهم لو كانوا جازمين بما هم فيه لكانوا أقدموا على ذلك، فلما تأخروا علم كذبهم.

وهذا كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران من النصارى -بعد قيام الحجة عليهم في المناظرة، وعتوهم وعنادهم- إلى المباهلة.

فقال تعالى: ( ) فلما رأوا ذلك قال بعض القوم لبعض: والله لئن باهلتم هذا النبي لا يبقى منكم عينٌ تطرف! فعند ذلك جنحوا للسلم، وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون؛ فضربها عليهم»57.

وهذه المباهلة ليست خاصة مع الكفار والمشركين؛ بل قد يتباهل المسلمون في بعض المسائل، كما دعى ابن عباس رضي الله عنه إلى مباهلته في بعض مسائل الفرائض58.

خامسًا: مقاتلة البغاة:

نعم! فمن وسائل رفع النزاع والاختلاف التي ذكرها القرآن الكريم: مقاتلة الطائفة الباغية التي تخالف المسلمين فتبغي عليهم بالقتال، قال الله سبحانه: ( ﮟﮠ ﮭﮮ ﯕﯖ ﯚﯛﯜ ﯡﯢ ) [الحجرات:٩-١٠].

وقد ذكرت هذه الآية وسلتين من وسائل رفع الخلاف: الإصلاح ( )، ثم المقاتلة ( ) فهو قتال له سببه، وله غايته المحددة المعروفة.

قال الرازي: «قوله تعالى: () إشارة إلى ندرة وقوع القتال بين طوائف المسلمين، فإن قيل: فنحن نرى أكثر الاقتتال بين طوائفهم؟! نقول قوله تعالى: ( ) إشارة إلى أنه ينبغي أن لا يقع إلا نادرًا، غاية ما في الباب أن الأمر على خلاف ما ينبغي!»59.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «قوله ( ) فإن الله سبحانه أمر النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين: أن يدعوهم إلى حكم الله، وينصف بعضهم من بعض، فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب الله، حتى ينصف المظلوم من الظالم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ، فحق على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويقروا بحكم الله»60.

قال الرازي: «فالواجب على الأمير دفعهم، وإن كان هو الأمير؛ فالواجب على المسلمين منعه بالنصيحة فما فوقها، وشرطه: أن لا يثير فتنة مثل التي في اقتتال الطائفتين أو أشد منهما»61.

هذه هي الوسائل التي هدانا إليها القرآن الكريم -أو غالبها- لرفع الخلاف والنزاع الذي يقع بيننا -نحن المسلمين- وبين الكفار، أو بين المسلمين بعضهم البعض، فطوبى لمن جعل هذا الكتاب العظيم نبراسه وهاديه في السلم والحرب، والصلح والخلاف، والرضا والغضب...الخ، إذن لقد أفلح في الدنيا والآخرة وأنجح.

موضوعات ذات صلة:

الاجتماع، الأخوة، الأمة، العلاقات الاجتماعية، الوحدة


1 القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص ٨٠٨.

2 تكملة المعاجم العربية، رينهارت بيتر آن دوزي ٤/ ١٧٨.

3 تاج العروس، الزبيدي ٢٣/ ٢٥١.

4 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٢٩٤.

5 التوقيف، المناوي ص ٤١.

6 انظر: المعجم المفهرس، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٢٣٩، ٢٤١.

7 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني، ص٢٩٤.

8 المخصص، ابن سيده ٣/ ٣٦٠.

9 انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص ٩١٨.

10 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/٣٣٢، لسان العرب، ابن منظور ٨/ ٣٤٩- ٣٥١.

11 انظر: الوسيط، سيد طنطاوي ٦/ ١١٣.

12 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ١/٤٧٩ ، لسان العرب، ابن منظور ٨/٥٣.

13 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٣/٤١٨، تاج العروس، الزبيدي ٩/٢٠٥.

14 المفردات، الراغب ص ٥٦٩، لسان العرب، ابن منظور ١١/١٣٥.

15 أضواء البيان، الشنقيطي ٢/ ٣٤٢.

16 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ٢١٢٣٢.

وحسنه الألباني في تعليقه على مشكاة المصابيح ١/ ٤٤.

17 أدب الاختلاف في الإسلام، طه العلواني ص ٢٤.

18 انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية ١/ ١٥٥، الصواعق المرسلة، ابن القيم ٢/ ٥١٥.

19 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم ٧٧٠.

20 الصواعق المرسلة ٢/ ٥١٦- ٥١٧.

21 المصدر السابق ٢/ ٥١٤.

22 جماع العلم، ص ٤٤.

23 فتح القدير، الشوكاني ٤/ ٦٠٧.

24 الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي ٤/ ١٥.

25 أحكام القرآن، الجصاص ٢/ ٣١٥.

26 التحرير والتنوير ١٢/١٨٩.

27 معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/ ٣٨٧.

28 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٧/ ٥٨٨.

29 مشارق الأنوار، القاضي عياض ١/ ٢١١.

30 أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، رقم ٧٣، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل من يقوم بالقرآن، ويعلمه، وفضل من تعلم حكمة من فقه، أو غيره فعمل بها وعلمها، رقم ٨١٦.

31 جامع البيان، الطبري ٢/ ٥٠١.

32 معالم التنزيل، البغوي ١/ ١٥٥.

33 التحرير والتنوير ٧/ ٢٥٣.

34 مفاتيح الغيب، الرازي ٣/ ٦٤٨.

35 المصدر السابق ٣/ ٥٩٦.

36 معالم التنزيل، البغوي ٣/ ٣٢.

37 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٦/ ١٤٩.

38 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٧/ ١١٨.

39 الصواعق المرسلة، ابن القيم ٢/ ٥١٩.

40 الدر المنثور، السيوطي ٤/ ٧٦.

41 الفتاوى الكبرى، ٢/ ١٠٩.

42 مجموع الفتاوى، ٣/ ٤٢١.

43 المحرر الوجيز، ابن عطية ١/ ١٩٨.

44 مفاتيح الغيب، الرازي ٤/ ١٠.

45 مدارك التنزيل، النسفي ٢/ ٧٠٠.

46 جامع البيان، الطبري٧/ ٩٢.

47 مجموع الفتاوى، ابن تيمية ٢٨/ ٥١.

48 المصدر السابق ٢٢/ ٣٥٩.

49 جامع البيان، الطبري ٧/ ٧٢.

50 جامع البيان، الطبري ٩/ ٢٠١، ٢٠٢.

51 أخرجه البخاري في صحيحه، رقم ٢٦٩٢، ومسلم في صحيحه، رقم ٢٦٠٥.

52 التعريفات، الجرجاني ص ٧٤.

53 فتح القدير، الشوكاني ٤/ ٥٥٢.

54 المصدر السابق.

55 قال الزمخشري: «ومأخذها من الإبهال وهو الإهمال والتخلية لأن اللعن والطرد والإهمال من وادٍ واحد» الفائق في غريب الحديث ١/ ١٤٠.

56 النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ١/ ١٦٧.

57 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/ ٣٣٢.

58 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، ١٠ / ٢٥٥، رقم١٩٠٢٤، والبيهقي في السنن الكبرى، ٧/ ٦٣٠، رقم١٥٢٥٠.

59 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٨/ ١٠٤.

60 جامع البيان، الطبري ٢٢/ ٢٩٢، ٢٩٣.

61 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٨/ ١٠٤.