عناصر الموضوع

مفهوم الأبوة

الأبوة في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

الأبوة الأولى

أنواع الأبوة في القرآن الكريم

اتباع الآباء

أثار اتباع الأبوة في الدنيا والآخرة

صلاح الآباء وأثره على الأبناء

الأبوة والأحكام الشرعية

عاطفة الأبوة

الأبوة يوم القيامة

الأبوة

مفهوم الأبوة

أولًا: المعنى اللغوي:

أصل الأب في اللغة: التهيؤ والقصد، يقال: أب الرجل، إذا تهيأ للذهاب وقصد، والأب: النزاع إلى الوطن، ويقال: أبوة القوم، أي: كنت لهم أبًا، والأب: الوالد، والأبوان: الأب والأم، أو الأب والجد، أو الأب والعم، أو الأب والمعلم، أو الجد والجدة، ولا يرد الأب بمعنى المربي أو العم إلا بقرينةٍ1.

ويتبين مما سبق أن الأبوة كلمة تحتمل عددًا من معاني التهيؤ والقصد للاحتضان الاجتماعي والتربوي، والتعبدي، وكافة مناحي الاحتضان، وإن كان أخص خصوصيات الأبوة هو أبوة الدم؛ إذ إنها حقيقته.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

ذكر غير واحدٍ تعريفًا اصطلاحيًا للأب، ويتضح أن ثمة فرقًا بين الأب والأبوة، فقد يكون أبًا في الدم، ويتنصل من واجباته تجاه بنيه في الأبوة من تهيؤ كامل بقصد للاحتضان التربوي والاجتماعي والتعبدي بما ينفع عند الله تعالى.

ومن التعريفات الاصطلاحية التي ذكرت الأب، ما يأتي:

تعريف الجرجاني رحمه الله بأنه: «حيوان يتولد من نطفته شخص آخر من نوعه»2.

ولم يختلف تعريف الكفوي عن تعريف الجرجاني، حيث قال: «إنسان تولد من نطفته إنسانٌ آخر»3.

وعرفه المناوي رحمه الله بأنه: «كل من كان سببًا لإيجاد شيء أو إصلاحه أو ظهوره»4.

الأبوة في الاستعمال القرآني

وردت مادة (أبو) في القرآن الكريم (١١٧) مرة5.

والصيغ التي وردت عليها هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

المفرد

٤٦

( ) [الأحزاب:٤٠]

المثنى

٧

( ) [الكهف:٨٠]

الجمع

٦٤

( ) [النور:٣١]

وأطلقت الأبوة في الاستعمال القرآني على ثلاثة أوجه6:

الأول: الوالد بعينه: ومنه قوله تعالى: ( ﯿ ﰀ ) [عبس:٣٤-٣٥].

الثاني: العم: ومنه قوله تعالى: ( ) [البقرة:١٣٣]. وإسماعيل كان عم يعقوب.

الثالث: الجد: ومنه قوله تعالى: ( ) [الحج:٧٨]. أي: جدكم.

الألفاظ ذات الصلة

الوالد:

الوالد لغةً:

الأب، وتوالدوا، أي: كثروا وولد بعضهم بعضًا، ويقال: الوالدان، أي: الأب والأم معًا7.

الوالد اصطلاحًا:

ما تولد واستبقي من نطفته ما يتوقع ذهابه بصورة منه، تخلف صورة عنه8.

الصلة بين الأب والوالد:

الوالد أخص من مصطلح الأبوة؛ إذ إن الأبوة تعني كل معاني التهيؤ والقصد للاحتضان بكافة أنواعه، فتجوز أن تكون في حق الجد والعم والمربي، أما الوالد فهو الأب الأدنى.

الوالدة:

الوالدة لغةً:

الأم، يقال: ولدت المرأة ولادًا وولادةً، وأولدت: حان ولادها9، وولدته أمه ولادة وإلادةً على البدل، فهي والدة على الفعل، ووالدٌ على النسب10.

الوالدة اصطلاحًا:

هي التي تضع ولدها المولود11.

الصلة بين الأب والوالدة:

الأب الأقرب هو زوج الوالدة التي تضع المولود.

الأم:

الأم لغةً:

أم الشيء أصله، والأم: الوالدة12.

الأم اصطلاحًا:

اسم لكل أنثى لها عليك ولادة، فيدخل في ذلك الأم الدنيا ومن فوقها وإن علون13.

الصلة بين الأب والأم:

الأم والأب منهما يتكون الولد، فهما الوالدان اللذان يقومان على رعاية الأبناء.

الجد:

الجد لغةً:

الاجتهاد والعظمة والقطع، كما يقال: جد في سيره، وتطلق غالبًا على أبي الأب وأبي الأم وإن علا14.

الجد اصطلاحًا:

أبو الأب وأبو الأم وإن علا.

الصلة بين الأب والجد:

الجد إذا كان في معنى النسب فإنه والد الأب، أو والد الوالدة، وإن علا، وإذا كان في معنى التقدير فإن الأب والجد كليهما يقدر؛ بل إنه يجوز أن يطلق عليهما (الأبوان).

العم:

العم لغةً:

مأخوذ من الشمول، ويطلق على أخي الأب، ويجمع على أعمام وعمومة، وتطلق العمومة على الجماعة الكثيرة من الناس15.

العم اصطلاحًا:

أخو الأب الذي يشمل صفات الأبوة في التهيؤ والقصد للاحتضان بكافة أنواعه.

الصلة بين الأب والعم:

العم والأب يتفقان في جواز إطلاق الأب على كليهما، وإن كانت حقيقة الأبوة في الأب الأدنى، كما يجوز إطلاق الأبوين عليهما معًا، ويختلفان في النسب بأن كل واحد منهما له أحكام خاصة، من ذلك المصاهرة والمحارم، وغير ذلك.

الأبوة الأولى

تبين من خلال التأمل في الآيات القرآنية أن الأبوة الأولى كانت في حق أبينا آدم صلى الله عليه وسلم، باعتباره أبًا للبشر، وأن أولى أبوات المسلمين الموحدين هي أبوة أبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، باعتباره أبًا للمسلمين.

أولًا: أبوة آدم عليه السلام للبشر:

يظهر ذلك في قوله تعالى: ( ﮘﮙ ) [الأعراف:٢٧].

حيث تحدثت هذه الآية الكريمة عن فتنة أبي البشرية، نبي الله تعالى آدم عليه السلام، التي أغوي بها من قبل الشيطان الرجيم.

فقد بينت الآية السابقة أن الله تعالى أنزل على بني آدم لباسًا يستر العورات، وأن لباس التقوى هو خير من لباس الثياب، وأن ذلك الإنزال للباس إنما هو من آيات الله تعالى، الذي له صفات الكمال الدالة على فضله، ورحمته لعباده، ثم انتقال من الخطاب إلى الغيبة؛ لئلا يقول أحد، إن الحث على التذكر خاص بالمخاطب، ويدعي أنه المسلمون فقط.

ثم تأتي هذه الآية الكريمة؛ لتنادي نداءً آخر لبني آدم، مفاده التحذير من مغبة الوقوع في الفتنة والضلالة، التي يحرص على غرسها ذلك الشيطان، الذي تعهد بإغواء بني آدم، كما أغوى أباهم عليه السلام، وكانت نتيجة تلك الفتنة التي وقع في شركها أبونا آدم صلى الله عليه وسلم أن نزع منه الذي سترهما الله تعالى به، ما داما حافظين لأنفسهما من مواقعة ما نهيا عنه، فإن الشيطان وجنوده يرون البشر، أما البشر فلا يستطيعون رؤية الشياطين بما جعل الله تعالى لهم من خفة الأجساد، أو عدم الألوان.

والسؤال الذي يطرح، لماذا سلط علينا هؤلاء الشياطين، هذا التسليط العظيم، الذي لا يكاد يسلم معه أحد؟، والجواب أن الله تعالى سلط هؤلاء الشياطين، وجعلهم أولياء للذين لا يجددون الإيمان؛ لأن بين أولئك الذين لا يتفقدون إيمانهم وبين الشياطين تناسبًا في الطباع، من الشهوة والأهواء، وغريزة السيطرة والحسد والحرص، فتوجب هذه الطباع اتباعًا منهم لمصائد ومكائد الشياطين16.

ويلاحظ في هذه الآية الكريمة ذكر الأبوين في حق آدم صلى الله عليه وسلم، وزوجه رحمها الله؛ لبيان أن الجد والجدة يجوز أن يطلق عليهما مصطلح الأبوين.

ثانيًا: أبوة إبراهيم عليه السلام للمسلمين:

يظهر ذلك في قوله تعالى: ( ) [الحج:٧٨].

فقد ذكرت الآية السابقة المؤمنين في نداء خاص لهم أن يتذللوا لله تعالى، وينكسروا له بالركوع والسجود، وأن يعبدوه عبادةً تمتلئ ذلًا وحبًا لله تعالى، وأن يجتهدوا في فعل الخيرات؛ حتى يتحصلوا على النجاح في الدنيا والآخرة، ويستمر الأمر للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة؛ لأن يجاهدوا حق الجهاد أنفسهم، ومن ثم الكفار والظلمة، على كافة أشكالهم وأنواعهم17.

وحق الجهاد هو ما كان في سبيل الله تعالى، وليس في سبيل أحد من المخلوقات، فالله تعالى اختار المسلمين من أتباع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم؛ لحمل دينه، وما جعل الله تعالى على المسلمين في جميع أمور الدين من ضيق بتكليف ما يشق القيام به، كما كان على من قبلنا، فالله تعالى وسع دينكم أيها المسلمون توسيع ملة أبيكم إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

ويجوز أن يكون المعنى: فاتبعوا ملة أبيكم إبراهيم عليه السلام.

ويجوز أن يكون المعنى: وما جعل عليكم في الدين من حرج، أعني: ملة أبيكم إبراهيم عليه السلام.

وتستأنف الآية الكريمة ببيان عظمة مكانة المسلمين عند الله تعالى، بأن الله تعالى وحده هو الذي سماهم المسلمين من قبل نزول القرآن في الكتب المتقدمة18؛ ليكون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم شهيدًا على المسلمين يوم القيامة؛ لتبليغ هذا الدين.

وتكونوا أنتم أيها المسلمون شهداء على الناس بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغهم به؛ فالمطلوب منكم هو أن تلتزموا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن تسألوا ربكم أن يعصمكم من كل ما يسخط منه الله تعالى ويكره، فالله تعالى حتمًا هو الناصر ولا ناصر غيره، فهو نعم المولى ونعم النصير للمسلمين الصادقين19.

وفي الآية بيان أن نبي الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم هو أبو المسلمين؛ لأن حرمته على المسلمين مثل حرمة الوالد20، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا لكم مثل الوالد)21، وبذلك يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أبًا لأمته.

أنواع الأبوة في القرآن الكريم

يتناول هذا المبحث أنواع الأبوة في القرآن من حيث الصلاح والضلال، فمن الآباء من يتصف بالصلاح، ويكونون عونًا لأبنائهم في طاعة الله تعالى، ويجعلهم الله سببًا في نجاتهم من غضب الله تعالى، ومن عقابه، ويوجد آباء ضالون يكونون سببًا في وقوع الأبناء في غضب الله تعالى وفي عقابه.

أولًا: الأبوة الصالحة:

ذكر القرآن الكريم نماذج متعددة من الأبوة الصالحة، ويمكن الوقوف على نموذجين، أحدهما لنبي الله تعالى يعقوب صلى الله عليه وسلم مع ابنه النبي يوسف صلى الله عليه وسلم وإخوته، والآخر للقمان الحكيم رحمه الله.

أما النموذج الأول، فقد ورد ذلك في قوله تعالى: ( ) [يوسف:٤].

حيث بين الله تعالى في الآية السابقة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه جل جلاله أعلمه عن نبأ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، إذ إنه قال لأبيه يعقوب عليه السلام: يا أبت إني رأيت في منامي أحد عشر كوكبًا -ورؤيا الأنبياء وحي-22، رأيتهم لي ساجدين، وتأتي الآية التالية؛ لتبين أن نبي الله يعقوب صلى الله عليه وسلم كان يشعر من بنيه حسد نبي الله يوسف صلى الله عليه وسلم، وبغضهم له، فنهاه عن قصص الرؤيا عليهم؛ حتى لا يشعل بذلك غل صدورهم23.

وإن تفضيل نبي الله يعقوب عليه السلام لابنه النبي يوسف عليه السلام كان تفضيلًا شرعيًا، وليس لأجل دنيا، وهذا توجيهٌ للآباء عمومًا، بأن تكون المفاضلة بين الأبناء على أساس الدين، ومقدار التمسك به.

كما أنه يلاحظ تحسس الأب لنوايا أبنائه، ومراقبة العلاقة بين الأبناء، كما بينت الآية ذلك، من خلال بيان تصرف يعقوب عليه السلام مع الرؤيا التي قصها عليه ابنه النبي يوسف عليه السلام.

وإن أبناء نبي الله يعقوب عليه السلام يظهر أنهم لم يكونوا أنبياء؛ إذ إن الحسد الدنيوي وعقوق الآباء وتعريض مؤمن للهلاك والتوافر على قتله ليس من صفات الأنبياء24، بل إن فعل كل ما سبق معصوم منه النبيون والمرسلون.

وإن عداوة الشيطان للإنسان عمومًا بينة واضحة، لا تخفى على أحد من البشر، فهو يدخل الناس في عداوة مطلقة مع الحق، ويحرف العلاقة الحميمة المفترضة بين الوالد وولده؛ لتصبح علاقة سيئة يشوبها الخلاف والشقاق، كما أظهرت الآيات كيد أبناء نبي الله يعقوب عليه السلام لأخيهم نبي الله يوسف عليه السلام.

وأما النموذج الثاني، فقد ورد ذلك في قوله تعالى: ( ﭥ ﭦ ﭴ ﭵﭶ ﭿ ﮇ ﮈ ﮨ ﮩ ﯢ ﯣﯤ ﯵ ﯶ ﯿ ﰇ ﰈﰉ ﰔ ﰕ) [لقمان:١٢-١٩].

حيث تبين هذه الآيات الكريمة أن الله تعالى قد أعطى لقمان الحكيم رحمه الله نعمة الفقه والعقل والإصابة في القول في غير نبوة؛ حتى يشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، فأما المؤمن مثل لقمان رحمه الله فيشكر؛ إذ إن نتيجتها راجعة إليه25.

فـ «من جعل كفر النعم مكان شكرها، فإن الله غني عن شكره، غير محتاج إليه، حميد مستحق للحمد من خلقه؛ لإنعامه عليهم بنعمه التي لا يحاط بقدرها، ولا يحصر عددها، وإن لم يحمده أحد من خلقه، فإن كل موجود ناطق بحمده بلسان الحال»26.

واذكر يا أيها النبي حين قال لقمان الحكيم لابنه، مرغبًا له في التوحيد، وصاده عن الشرك: يا بني لا تشرك بالله.

وأما قوله: ( ) ، فيجوز () تعليلية، وتكون الجملة من قول لقمان الحكيم رحمه الله ، ويجوز أن تكون تقريرية، وتكون من قول الله تعالى؛ لتقرير هذه الحقيقة27.

وأثناء ذكر القرآن الكريم لوصية لقمان الحكيم رحمه الله يأتي كلام مستأنف في آيتين؛ لبيان توصية الله تعالى وأمره للإنسان بوالديه اللذين هما الأب والأم، حملته أمه ضعفًا على ضعف، وإرضاعه في عامين، أن اشكر لي يا أيها الإنسان باتباعك لديني التوحيدي، وأن اشكر لوالديك اللذين هما سبب وجودك بعد قدري، وإلي المرجع والمآل، فإن التزمت الشكر لي ولوالديك، فأجزيك الخير كله، وإلا فإن عذابي شديد.

وإن جاهداك على أن تشرك بالله تعالى، وأن تجعل مع الله ندًا في استحقاق العبادة فيما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما في ذلك، ولكن لا يمنعك عدم طاعتهم في الشرك من مصاحبتهما في الأمور الدنيوية، من البر بهما، والحرص على تهنئتهما في الحياة المعيشية، ودعوتهم المتكررة إلى النجاة من غضب الله تعالى، أما الاتباع في الدين فهو اتباع طريق من أناب إلى الله تعالى بالتوحيد، ثم إلى الله تعالى مرجعك أيها الابن، ومرجع أبويك، ومرجع من أناب إلى الله تعالى بالتوحيد، فينبئ الجميع عند رجوعهم بما كانوا يعملون من خير أو شر28.

ثم تأتي الآية السادس عشرة من السورة؛ لبيان تكملة الخطاب الموجه من لقمان الحكيم رحمه الله إلى ابنه، بقوله: «يا بني: إن الحسنة أو السيئة للإنسان إن تكن مثلًا في الصغر كحبة الخردل، فتكن في أخفى مكان كقلب صخرة أو في السماوات أو في الأرض يظهرها الله ويحاسب عليها، إن الله لطيف لا تخفى عليه دقائق الأشياء، خبير يعلم حقائق الأشياء كلها»29.

ثم تأتي الآية السابع عشرة من السورة؛ لبيان استمرار دعوة لقمان الحكيم رحمه الله لابنه، بضرورة الصبر على ما يصيب الداعية من الأذى في سبيل الله تعالى، إذا هو أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فإن الصبر على المحن يورث المنح، ووجه تخصيص هذه الطاعات أنها أمهات العبادات، وعماد الخير كله، فإن فعل ذلك مما جعله الله تعالى عزيمة، وأوجبه على عباده، وحتمه على المكلفين، ولم يرخص في تركه30.

ثم يستمر الوعظ من لقمان الحكيم رحمه الله لابنه كما وضحته الآية الثامن عشرة، فيقول الله تعالى عن لقمان الحكيم رحمه الله: ولا تمل وجهك يا بني عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك؛ احتقارًا منك لهم، واستكبارًا عليهم، ولا يكن مشيك في الأرض بين الناس في حال المختال المتبختر، فإن الله تعالى لا يحب كل متكبر متباهٍ في نفسه، وهيئته وقوله31.

ثم يستمر لقمان في النصح لابنه كما وضحته الآية التاسع عشرة، بقوله: يا بني ليكن مشيك ذا قصدٍ في النية والعمل؛ ففي النية لا تسع إلا في الخير، وفي العمل ليكن المشي باعتدال وتوسط، فإذا التزمت بالوقار في المشي فأتم ذلك بغض الصوت، وإنقاصه، وعدم ارتفاعه، وإن كان في حسن يستحسنه السامعون؛ فإن أنكر الأصوات هو صوت الحمير عمومًا32.

وإن لقمان الحكيم رحمه الله كان شديد الغيرة على أولى الناس به، وهم الأبناء؛ حيث إنه رحمه الله برهن على شكره لله تعالى، وعدم كفره بنعمة الحكمة التي أعطيها من الله تعالى، من خلال الانطلاق للدعوة إلى الله تعالى، وأول ما بدأ بابنه، فدعاه إلى الله تعالى، وصدق الله تعالى إذ يقول: (ﭿ ) [الشعراء:٢١٤].

ويظهر من قوله: ()، حيث كررها لقمان رحمه الله ثلاث مرات، اللين في العبارات كلها.

وتفيد هذه الآيات ضرورة ترتيب الداعية أبًا كان أو غير أب للأولويات في دعوته؛ حيث إن لقمان الحكيم رحمه الله بدأ بوعظ ابنه بترك الشرك، والتحلي بالتوحيد، ثم التعرف إلى قدرة الله تعالى، ثم الأمر بإقامة الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه، ثم الأمر بالمعروف الذي هو تعاون على الخير، ثم النهي عن المنكر، الذي هو تعاون على اجتناب المنكرات والشرور، ثم الصبر في ذلك للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ لأجل الله تعالى، والتزامًا بالواجب، ثم التأدب مع الناس، فهو قدوة لهم، فإذا تكلم أو كلمه أحد لا يميل وجهه عنهم، ولا يتبختر، بل يتوسط في مشيته، ويخفض صوته، حتى لو كان يتكلم في حسن.

ويلاحظ أن ذكر الوصية بالوالدين في ثنايا قصة لقمان مع ابنه، بما يبين واجب الآباء على الأبناء.

ثانيًا: الأبوة الضالة:

ذكر القرآن الكريم في أكثر من موضع قصة نبي الله تعالى إبراهيم صلى الله عليه وسلم مع أبيه آزر، حيث إن الأب كان كافرًا، هو وقومه يعبدون من دون الله تعالى، فأشفق إبراهيم عليه السلام على أبيه من أن يقع في غضب الله تعالى، سيما في أخص خصوصيات العبادة، وهي توحيد الله تعالى.

فقال الله تعالى عنه: ( v £ © ³ ¼ Ê ﯿÒ) [الأنبياء:٥١-٥٧].

حيث تبين هذه الآيات الكريمة أن نبي الله تعالى أوتي الرشد والعلم والعناية والحفظ والرعاية من الله تعالى، ومن علامات ذلك أنه أشفق على أبيه وقومه، وقال: ما هذه الأشياء المصورة المصنوعة المشبهة بخلق من خلائق الله تعالى، التي أنتم لها مقبلون، وملازمون لها ومعظمونها33.

فأجابه أبوه وقومه: إننا وجدنا آباءنا لها عابدين، فبقينا على ذلك الأمر، فأجابهم إجابة الراشد المعلم من الله تعالى: لقد كنتم في عبادتكم هذه أنتم وآباؤكم الذين ابتدعوا والتزموا تلك العبادة في خطأ بين؛ حيث تعبدون حجارة لا تضر ولا تنفع، وتقليد من هو في خطأ بين يعتبر خطأً بينًا.

فظن أبوه وقومه في بداية الأمر أن نبي الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم يلاعبهم، وأرادوا أن يتأكدوا فقالوا: أجئتنا بعلم مستند على دليل قطعي أم أنت في هذا القول من اللاعبين؟

فأجابهم: إن ربكم الذي هو رب السماوات والأرض الذي خلقهن على غير مثالٍ سبق، وأنا على تلكم الحقائق من الشاهدين، بما آتاني الله تعالى من وحيٍ ورشدٍ وعلم، وأقسم بالله تعالى أن يفعل بالأصنام التي يعبدونها سوءًا، أو يجتهد في كسرها بنوعٍ من الاحتيال34.

وإن التقليد الأعمى للآباء قد يورث نار جهنم؛ لذلك فإن الأبوة عند المسلمين يجب أن ترتكز على حسن الصحبة في شئون الدنيا لآباء الدم، ومن ثم حسن الصحبة في شئون الآخرة لآباء العلم والدعوة سواء أكانوا آباء دم أو غيرهم.

وأهل الباطل آباء كانوا أو غير ذلك، لا يمتلكون حجة، بقدر ما يسيطر عليهم الجهل المركب، حيث إن الآيات تبين أنهم سألوه: هل تقول حقًا أم أنت من اللاعبين؟

ويؤكد هذا ما ورد في قوله تعالى: ( ) [مريم:٤٦].

اتباع الآباء

يركز هذا المبحث على بيان معالجة القرآن الكريم لظاهرة اتباع الأبوة، سواء أكانت الأبوة صالحة أم ضالة؛ إذ قد يتولد على اتباع الأبوة الصالحة أبناء خيرين محبين للدين، وقد يتولد أبناء سوء، وهذا على التغليب، وليس الحصر.

أولًا: اتباع الأبوة الصالحة:

ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( ) [البقرة:١٣٣].

حيث تأتي هذه الآية الكريمة في سياق الحديث عن إبراهيم عليه السلام، وابنه إسماعيل عليه السلام حين دعوا أن يتقبل الله تعالى منهما رفع القواعد من البيت الحرام، وأن يجعلهما الله تعالى مسلمين له، ومن ذريتهما أمةً مسلمة لله تعالى، وأن يريهما مناسكهما، وأن يتوب عليهما إنه هو التواب الرحيم، وأن يبعث في هذه الأمة رسولًا منهم، يتلو عليهم آيات الله تعالى ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، فإن الله تعالى هو العزيز الحكيم.

ثم ذكر الله تعالى بعض مناقب إبراهيم عليه السلام، بأن الله تعالى اصطفاه في الدنيا، وأنه في الآخرة لمن الصالحين، حيث قال له ربه: أسلم، فأسرع إلى الإجابة بدون تردد: أسلمت لله تعالى، الذي هو رب العالمين، ولم يكتف أبونا إبراهيم عليه السلام بقوله هذا، بل وصى بها بنيه، وقد وصى بذلك أيضًا حفيده يعقوب عليه السلام، حينما قال: إن الله تعالى اختار لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

ثم تأتي هذه الآية الكريمة؛ لتبين بأسلوب استفهام أنكم تدعون الشرك في حق يعقوب عليه السلام وبنيه، وكأنكم كنتم حضورًا في ذلك الوقت، بمعنى أنكم تقولون ما لا علم لكم بذلك، بل إن الله تعالى يخبر أن وصيته عليه السلام كانت بخلاف ما قالت اليهود، حيث قال: ما تعبدون بعد موتي؟ قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، فنحن نعبد إلهًا واحدًا هو إلهكم جميعًا، ونحن له مخلصون في التوحيد35.

ويلاحظ من خلال هذه الآية شدة الحرص من نبي الله تعالى يعقوب عليه السلام على أولاده، حيث كان يحتضر، وكانت وصيته الاطمئنان على حال التوحيد لله تعالى عند أبنائه، فسألهم وأجابوه أنهم يعبدون إلهه وإله آبائه (الأب الأدنى، والعم، والجد)، فهم على ذات الطريق.

ثانيًا: اتباع الأبوة الضالة:

ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( ﯿ × ﭥﭦ ﭨ G) [الزخرف:٢٢-٢٤].

إن الآيات السابقة تعلم المسلمين كيفية المحاورة والمجادلة لهؤلاء المعاندين من المشركين، ثم تأتي هذه الآية الكريمة؛ لتبين أن الله تعالى آتاهم كتابًا، وليس لهم حجة إلا تقليد آبائهم، فقالوا: إنا وجدنا آباءنا على دين، فنحن نتبعه، حتى جعلوا أنفسهم باتباع آبائهم مهتدين.

ثم أخبر الله تعالى أن أمثالهم من السابقين كانوا إذا أرسل فيهم رسول يقولون -سيما الملوك والأشراف والجبابرة-: إنا وجدنا آباءنا على دين، وإنا مقتدون بهم، مهتدون على هديهم36.

وتأتي الآية التالية؛ لتبين رد الله تعالى على هؤلاء المعاندين بقوله: قل يا محمد أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم، وإن جئتكم بأهدى منه؟ فأبوا أن يقبلوا ذلك، و( ) 37.

ويلاحظ في هذه الآيات أن اتباع الآباء يجب أن يكون ضمن ضوابط الشرع الحنيف، فإذا كان الأبوان أهل ضلالة، يجب أن يسرع الابن الصالح إلى دعوتهما إلى الله تعالى، لا أن يلحق بهما، وبمعتقدهما، سيما إذا وجد أهدى مما وجد عليه أبويه، وفي هذا دعوة إلى تقديم تحكيم النقل من القرآن والسنة على أي أمرٍ دونه.

وإن الآيات تبين أن عقلية الكفار واحدة، في كل زمان ومكان؛ إذ إن مسوغ كفرهم، هو اتباعٌ لهدي آبائهم، دون إعطاء العقل والروح مساحة الاستماع والإصغاء إلى دين الله تعالى.

أثار اتباع الأبوة في الدنيا والآخرة

أولًا: آثار اتباع الأبوة الصالحة في الدنيا والآخرة:

١. الآثار في الدنيا:

  1. السعادة الزوجية.

    قال الله تعالى: ( ¥ ﯮﯯ È ﯿ Ú) [القصص:٢٦-٢٨].

    فإن اتباع المرأة الصالحة لأوامر أبيها، وتربيتها الناصحة التي لاحظت من خلال القوة والأمانة في نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم، وحفاظها على عفتها وطهارتها، وعدم مزاحمة الرجال، فهي تمشي على استحياء، وتتعلم من أبيها كيف ترد المعروف بما هو أفضل، حينما قالت له: إن أبي يدعوك لزيارته؛ ليثيبك على ما قدمت من خير، كما أنه يلاحظ على المرأة المسلمة أنها ما خافت على من تتزوج، إذا كان يحفظ لها دينها وعرضها، بل يزيدها إيمانًا وشرفًا في الدنيا والآخرة.

    وهو ما بينته الآيات السابقة، حينما قدم موسى صلى الله عليه وسلم على أبيهما، وقص عليه قصته، فهدأ أبوهما من روع موسى عليه السلام، وبشره، بأنه نجا من القوم الظالمين، عندها تجرأت تلك المرأة المسلمة العفيفة، وطلبت من أبيها أن يجزيه، فلبى أبوها طلبها، ولا غرو؛ إذ إن هذا الطلب يقرب إلى الله تعالى، ويجعل البشر يسيرون في المسار الصحيح، الذي ينفعهم عند الله تعالى، وقال له: أريد أن أزوجك إحدى ابنتي هاتين، ويستفاد من ذلك، جواز جلوس المرأة ساعة رغبة الأهل نكاحها من رجل عفيف صالح؛ إذ إن الأب ما طلب النكاح إلا بعد أن علم كل قصته، واستبشر بنبوته.

    وكان المهر أن يرعى غنمه ثماني سنوات، فإن أتم عشر سنوات، فباختياره، وليست السنتان بعد الثمانية داخلتين في المهر38، فكان الصدق في الحال، من قبل نبي الله موسى عليه السلام، بأنه لا يريد أن يسرع في القبول بالعشر السنوات، ثم لا يستطيع، فيكون من الكاذبين في الوعود، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون كذلك، فهو النبي المعصوم.

  2. تعجيل الفرج.

    قال تعالى: ( ﯿ ç ﭕﭖ ﭙﭚ ﭢﭣ ﭨﭩ ﭫ ﭬ) [الصافات:١٠٢- ١٠٧].

    فإن أدب نبي الله إسماعيل صلى الله عليه وسلم مع ربه بالتزامه طاعة والده النبي إبراهيم صلى الله عليه وسلم، بعد أن أخبره بالرؤيا، واستشاره؛ ليرى أيجزع أم يصبر، فكانت الإجابة هي استسلامه هو ووالده لأمر ربهما، ولا شك أنه امتحان صعب، كما بينته هذه الآيات، وعندها نزل الفرج دونما نزول قطرة دم من إسماعيل، وفدى الله تعالى إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم39.

  3. جمع شمل الأسرة.

    قال تعالى: ( ﭿ Y ®) [يوسف:٩٩- ١٠٠].

    حيث تبين هاتان الآيتان أنه حينما رحل يعقوب عليه السلام إلى مصر، وسار بأهله حتى وصل إليها، ففي لحظة دخوله عليه السلام مع أهله استقبله يوسف عليه السلام في مدخل مصر، وعجل به الحنان والشوق إلى أبيه وأمه التي هي زوج أبيه، فقربهما إليه، وطلب منهما ومن أهله أن يقيموا في مصر آمنين سالمين بإذن الله، وسار الركب داخل مصر حتى بلغ دار يوسف عليه السلام، فدخلوها وصدر يوسف أبويه، فأجلسهما على سرير، وغمر يعقوب وأهله شعور بجليل ما هيأ الله لهم على يدي يوسف؛ إذ جمع به شمل الأسرة بعد الشتات ونقلها إلى مكان عظيم من العزة والتكريم.

    فحيوه تحية مألوفة تعارف الناس عليها في القديم للرؤساء والحاكمين، وأظهروا الخضوع لحكمه، فأثار ذلك في نفس يوسف ذكرى حلمه وهو صغير، فقال لأبيه: هذا تفسير ما قصصت عليك من قبل من رؤيا، حين رأيت في المنام أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر ساجدين لي، قد حققه ربي، وقد أكرمني وأحسن إلي، فأظهر براءتي، وخلصني من السجن، وأتى بكم من البادية؛ لنلتقي من بعد أن أفسد الشيطان بيني وبين إخوتي، وأغراهم بي.

    وما كان لهذا كله أن يتم لولا تقدير الله، فهو المدبر والمسخر لكل أمر، نافذ الإرادة، وهو المحيط علمًا بكل شيء، البالغ حكمه في كل تصرف وقضاء40.

  4. العفو عن سيئات الأبناء مهما عظمت.

    قال تعالى: ( ) [يوسف:٩٧].

    حيث طلب بنو يعقوب صلى الله عليه وسلم من أبيهم أن يسأل الله تعالى لهم أن يعفو عنهم، ويستر ذنوبهم، فهم المقرون بأنهم كانوا خاطئين فيما فعلوا بيوسف عليه السلام وشقيقه، فوعدهم أنه سوف يستغفر لهم الله تعالى رب يعقوب عليه السلام وكل الخلق41.

  5. القدوة الصالحة للتعلم من الأخطاء وعواقبها.

    قال تعالى: ( ) [الأعراف:٢٧].

    فإن التحذير من فتنة الشيطان قرن بشاهد عملي يكشف عن فتنه لأبينا آدم صلى الله عليه وسلم، وقد سبقت الإشارة إليه.

    ٢. الآثار في الآخرة:

  1. النجاة من غضب الله تعالى، ومن عذابه.

    قال تعالى: ( ) [التحريم:٦].

    ووقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يسلم العبد إلا إذا أقام أوامر الله في نفسه، وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد، وغيرهم42.

  2. إلحاق الذرية بالآباء في الجنة.

    قال الله تعالى: ( ) [الطور:٢١].

    وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في المبحث التاسع.

    ثانيًا: آثار اتباع الأبوة الضالة في الدنيا والآخرة

    ١. الآثار في الدنيا:

  1. التكذيب بالحق وعدم الاستجابة له.

    قال تعالى: ( ﮭﮮ ) [المؤمنون:٦٨- ٦٩].

    أي: أفلم يتدبروا القرآن43، ويتفكروا بما فيه، أم جاءهم ما لم يأت لآبائهم الأولين، أم أنهم لم يعرفوا نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم له جاحدون حاسدون؛ بل يقولون به جنون، بل جاءهم بالحق الذي لا ينكرونه، ولكن أكثرهم يتعامل مع الحق بجحود44، ولا شك أن اتباع هدي الآباء هو الذي أورثهم إلى هذه المعاندة، وهذا التكذيب، بما يستحقون بعده غضب الله تعالى.

  2. قلب الحقائق والتدليس فيها.

    قال تعالى: ( ﯿ ) [يونس:٧٨].

    حيث تبين هذه الآية الكريمة أن الكفار قالوا لموسى صلى الله عليه وسلم: هل جئتنا لتصرفنا وتحولنا عما وجدنا عليه آباءنا، فقد وجدناهم عبدة أوثان، ونحن على دينهم، وتريد أن يكون لك ولهارون الملك والسلطان في الأرض، وما نحن لكما بمصدقين، وإنما سمي الملك كبرياء؛ لأنه أعظم ما يطلب من أمر الدنيا45.

  3. اتباع الأبناء لعاطفة الدم، لا لتحكيم العقل، المؤيد بالدليل الشرعي.

    قال تعالى: ( ) [البقرة:١٧٠].

    فإن العاطفة التي سيطرت على عقول وقلوب الأبناء، دونما هداية تذكر، فعميت قلوبهم وعقولهم، واتبعوا ما وجدوا عليهم آباءهم من عبادة غير الله تعالى.

  4. افتراء الكذب على الله تعالى.

    قال تعالى: ( ) [الأعراف:٢٨].

    فقد احتج هؤلاء المشركون بأمرين: أولهما تقليد الآباء، والآخر الافتراء على الله تعالى، فكانت إجابة القرآن الكريم على الأمر الثاني لفعل الفاحشة، بأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء46، وإن تقليدهم الأعمى لآبائهم جعلهم يؤمنون بعد حقبة من الزمن من هذا التقليد الأعمى بأن التزامهم بالفحشاء أصبح أمرًا يبنى على دليل وإقرار من الله تعالى.

  5. التقليد الأعمى للشرك بالله.

    قال تعالى: ( ) [الشعراء:٧٤].

    يقول القرطبي رحمه الله: «فنزعوا إلى التقليد من غير حجة ولا دليل»47.

    ٢. الآثار في الآخرة:

    ولعل أوضح هذه الآثار هو الاستجابة لدعوة الشيطان إلى دخول جهنم، كما ورد في قوله تعالى: ( ﭿ ) [لقمان:٢١].

    أي: وإذا قيل لهؤلاء الكفار من قبل الأنبياء أو الدعاة عمومًا: اتبعوا ما أنزل الله تعالى من القرآن الذي ملئ هدىً وموعظة، وشفاء لما في الصدور، عندها يكون رد هؤلاء الكفار: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من عبادة غير الله تعالى.

    فيأتي الرد القرآني: أفيتبعونهم، وإن الشيطان يدعوهم إلى العذاب الأبدي في السعير يوم القيامة؟48، ولا شك أن تقليد آبائهم كان مدخلًا عظيمًا لفتنة الشيطان التي تسوق أتباعه إلى جهنم.

صلاح الآباء وأثره على الأبناء

  1. إن مكانة الأبوة الصالحة بلغت ذروتها في ديننا الحنيف، فقد سجل القرآن الكريم هذه المكانة؛ لتبلغ بركتها حفظ الأبناء غالبًا، بحسب درجة الإيمان التي يلتزمها الأب من جهة، وبحسب التقدير الإلهي الذي لا يعلم حكمته إلا الله تعالى من جهة أخرى.

    أولًا: حفظ الأبناء بصلاح الآباء:

    ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( ﯿ) [الكهف:٨٢].

    وتأتي هذه الآية الكريمة في سياق الحديث عن رحلة العلم، التي قضاها نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم مع الخضر عليه السلام، وتجيب هذه الآية عن المرحلة الثالثة من مراحل التعلم، حينما مرا على قرية، فأبى أهلها أن يضيفوهما، فوجدا جدارًا شارف على الانقضاض، فأقامه الخضر عليه السلام، فقال نبي الله موسى عليه السلام مستغربًا: إن كنت قائمًا هذا الجدار فخذ أجرتك، ففارقه الخضر عليه السلام؛ لأنهما اتفقا على ألا يسأله عن شيء حتى يخبره الخضر عليه السلام ابتداءً، حيث تذكر هذه الآية إخبار الخضر عليه السلام لنبي الله موسى عليه السلام عن قصة الجدار بأنه كان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحت هذا الجدار كنزٌ لهما، وكان أبوهما من أهل الصلاح، حيث ذكر أنهما حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر منهما صلاح، فقدر الله تعالى أن يبقى هذا الجدار حتى يبلغا أشدهما ورشدهما، وهيأ لذلك الأسباب، فأعلم الخضر عليه السلام بعلمه وتقديره، وكل هذا رحمة من الله تعالى، رب كل شيء.

    ثم يبين الخضر عليه السلام درسًا في التأدب مع الله تعالى، فيقول: وما فعلت ذلك الأمر عن رغبةٍ عشوائية مني، بل إن ذلك بتقدير الله تعالى، ويختم الآية بقوله: ذلك الأمر والأمران السابقان اللذان سألتني عنهما، هم جميعًا تأويل الذي لم تستطع أن تصبر على الوصول إلى معرفته في الوقت المناسب49.

    ويستفاد من هذه الآية أمور أن الله تعالى يحفظ للرجل الصالح ولده، وولد ولده، بل وعشيرته التي هو فيها50.

    ثانيًا: لا يلزم من صلاح الآباء صلاح الأبناء:

    ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( ~ ) [هود:٤٢- ٤٣].

    وردت الآيتان الكريمتان في سياق الحديث عن عقاب قوم نبي الله نوح صلى الله عليه وسلم.

    فيقول الله تعالى: إن السفينة التي صنعها نوح صلى الله عليه وسلم كانت تجري بالمؤمنين، وأهله، إلا امرأته، ومن كلٍ زوجين، وكانت الأمواج كالجبال الشاهقة، فنادى نوح صلى الله عليه وسلم ابنه الذي كان كافرًا، وكان هذا الابن في معزل عن دين أبيه، ولم يركب السفينة، فقال له أبوه عليه السلام: ( )، فتهلك، فرد عليه ابنه، والعجب والغرور يملآن فؤاده: سأصير وألتجئ إلى جبل يمنعني من الغرق، فقال له أبوه صلى الله عليه وسلم: لا عاصم اليوم إلا من رحمه الله تعالى51، وحال بين نبي الله نوح عليه السلام وابنه فكان هذا الابن الكافر من المغرقين52.

    ويستفاد من هذه الآية شفقة الأب الصالح -سيما إذا كان نبيًا من أولي العزم، مثل نوح عليه السلام -، إلا أن الشفقة تكون في حدود الالتزام بالولاء الشرعي، وعدم الانحراف عنه؛ فالحرص على دعوة الأبناء، والوصول بهم إلى السلامة من غضب الله تعالى، ومن ثم عقابه مطلبٌ إلهي، أمر به القرآن الكريم في أكثر من آية، لعل أوضحها هو قوله تعالى: ( ) [التحريم:٦].

الأبوة والأحكام الشرعية

  1. تعلق بموضوع الأبوة كثير من الأحكام الشرعية، ومنها: الميراث، والنسب والمصاهرة، والأكل في بيوت الآباء، وإبداء النساء لزينتهن، ونفي أبوة التبني.

    أولًا: الميراث:

    ورد في القرآن الكريم ما يبين نصيب ميراث الأب، وذلك في قوله تعالى: ( ﯿ ) [النساء:١١].

    فقد بينت الآيات السابقة فرضية الميراث، وذكر الله تعالى في رأس هذه الآية بعضًا من أحكامها، ويستمر بيان حكم الميراث المفصل، فيذكر حكم ميراث الأب والأم، فإن كل واحدٍ منهما يأخذ السدس، إن كان للولد الميت ولدٌ، فإن لم يكن للولد الميت أولاد، وورثه أبواه فإن الأم لها الثلث، وللأب الباقي، وإن كان للولد الميت بنت أو أكثر، وزاد بعد الفرض نصيب، فإنه يكون للأب، إضافة إلى السدس الذي كان له، ويبقى للأم حينها السدس فقط.

    ثم يبين الله تعالى أن هذه القسمة تكون بعد تنفيذ الوصية الشرعية إن وجدت، والله تعالى يبين أنه لو رد تقدير الإرث إلى عقول البشر، واختيارهم لحصل من الضرر ما لا يعلمه إلا الله تعالى؛ لنقص العقول، وعدم معرفتها بما هو اللائق الأحسن، في كل زمان ومكان، فلا يدرون أي الأولاد أو الوالدين أنفع لهم، وأقرب لحصول مقاصدهم الدينية والدنيوية، فهذه فريضة فرضها الله تعالى على الناس، وقد أحاط بكل شيء، وأحكم ما شرعه وقدره53.

    وقد ورد في القرآن الكريم ما يدلل على الوصية للأبوين والأقربين، وذلك في قوله تعالى: ( ) [البقرة:١٨٠].

    فبعد أن بينت الآية التي سبقتها الحكمة من القصاص، وهي الحياة لأبناء المجتمع، وغرس الطمأنينة بعد بيان الرادع للقتل، تبين هذه الآية الكريمة فرضية الوصية حين الاحتضار بشيء من المال المتروك للورثة، لصالح الوالدين والأقربين.

    وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذه الآية نسخت بقوله تعالى: ( ) [النساء:١١]54.

    ثانيًا: النسب والمصاهرة:

    ورد في القرآن الكريم ما يبين حكم النسب في حق الأب، من خلال بيان الحرمة المترتبة على النسب، وذلك في قوله تعالى: ( ﭿ ) [النساء:٢٢].

    حيث إن هذه الآية الكريمة تبين إبطال عادةٍ عند العرب، حيث كان الرجل منهم يتزوج امرأة أبيه من بعده، وكان ذلك نكاحًا جائزًا عند العرب، فحرمه الله تعالى، ونهى عنه، وتجاوز عما سلف، وبين تعالى أنه من يفعل بعد ذلك سيكون قد فعل محرمًا، وحلت عليه البغضاء الشديدة، وقبح ذلك الفعل طريقًا55.

    وورد في القرآن الكريم ما يبين حكم النسب في حق الأم، وذلك في قوله تعالى: ( ) [النساء:٢٣].

    فحرمت الأم كزوجة، وورد في هذه الآية ما يدلل على حرمة أمهات الرضاعة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في ابنة عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنها وعن أبيها: (لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، هي بنت أخي من الرضاعة)56.

    ثالثًا: الأكل في بيوت الآباء:

    ورد ذلك واضحًا في قوله تعالى: ( ) [النور:٦١].

    ففي هذه الآية الكريمة بيان رخصة أكل المسلم في بيته، وبيت أبيه، وبيت أمه، وبيت إخوانه، وبيت أخواته، وبيت العم، وبيت العمة، وبيت الخال، وبيت الخالة، وهذا الترتيب دليل على أن جواز الأكل يكون حسب الأقرب فالأقرب، أما الآخذ من المال الذي يباح للعاجز، فهو من يمتلك المفاتيح بتمكين من المالك، كالخادم، أو النائب عن المالك في المال، ومن هو صديق، فهو يأخذ نفقته من مال صديقه، وإن الأخذ في هاتين الحالتين لا يكون كالذي سبق، إنما يكون بتبرع شخصي؛ للصلة الوثيقة57.

    ويلاحظ في هذه الآية الكريمة أن بيت الأب قدم في النفقة وفي الطعام، وفي السلام، فهو مباحٌ بعد بيت الإنسان نفسه، ثم يليه بيت الأم، وهكذا الأقرب فالأقرب.

    رابعًا: إبداء النساء لزينتهن:

    وقد ورد ذلك واضحًا في قوله تعالى: ( ﯿ ) [النور:٣١].

    حيث تذر هذه الآية الكريمة المؤمنات من إظهار محاسنهن إلا لأزواجهن والأقارب، الذين يحرم عليهم التزوج منهن، وفي مقدمتهم الآباء، وآباء الأزواج58.

    وفي ذلك إشارة إلى تقديم الأب وأب الزوج في الحفاظ على الشرف، وأنهما الأكثر عفةً سيما في حق البنت أو زوجة الابن.

    خامسًا: نفي أبوة التبني:

    وقد ورد ذلك في قوله تعالى: ( ) [الأحزاب:٥].

    حيث بينت الآية السابقة أن الله تعالى ما جعل أهل التبني أبناء للذين تبنوهم، وأن هذا التبني هو قول من تبنى، وأن الله تعالى يقول الحق الذي لا يجيز لكم التبني، وأن الله تعالى هو الذي يهدي إلى طريق ذلك الحق، ثم تأتي هذه الآية الكريمة؛ لتأمر الذين تبنوا أن يدعوا هؤلاء الأولاد بأسماء آبائهم في الدم، فإن ذلك أعدل عند الله تعالى، فإن لم يعلم آباؤهم، فقولوا: أخونا فلان، أو ولينا فلان، وليس عليكم إثمٌ، إن أخطأ الرجل بعد النهي، فنسبه إلى الذي تبناه ناسيًا، فليس عليه في ذلك إثم، ولكن الأمر الذي يحاسب عليه الإنسان هو أن يدعوهم إلى غير آبائهم، قاصدًا ذلك من قلبه59.

عاطفة الأبوة

  1. إن العاطفة القلبية صفة لازمة ثابتة للأبوين؛ إذ إن الله تعالى جعلها مسوغًا لصبر الوالدين على أولادهما، في الرعاية والتربية والحب والحنان، فهي عاطفة فطرية، فطر الله تعالى الوالدين، وجعل الإسلام لها ضوابط ومحاذير.

    وفي هذا المبحث توضيح لذلك من خلال مسألتين:

    أولًا: عاطفة الأبوة فطرة:

    ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( ) [يوسف:١٣].

    أي: إن مجرد ذهابكم به يؤلمني، من شدة مفارقته علي، وقلة صبري عن رؤيته، فيريبني أن تتركوه بإهمالكم به، وانشغالكم عنه بالرعي والصيد، فأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه لاهون، بصيدكم ولعبكم ورميكم60، ولا شك أن نبي الله يعقوب عليه السلام قد أظهر بلسانه ما يجول بعاطفته القلبية، التي فطرها الله تعالى عليه، فهو بشر في هذه الصفة الأبوية.

    وقد وردت آية كريمة، تبين عاطفة الأم الفطرية، وذلك في قوله تعالى: ( ) [القصص:١٠].

    أي: وصار قلب أم موسى صلى الله عليه وسلم فارغًا من كل شيء إلا من أمر موسى صلى الله عليه وسلم، كأنها لم تهتم بشيء سواه، فإن كادت لتصيح شفقة عليه من الغرق، أو الهلاك، لما سمعت بوقوعه في يد فرعون، فطار عقلها من فرط الجزع والدهش، ولولا عناية الله تعالى، وتثبيته لها لاعترفت بأنه ابنها، من شدة عاطفتها الفطرية، بل إن تثبيتها كان بالربط على القلب؛ لتنال صفة الإيمان بالله تعالى61.

    ثانيًا: الموازنة بين عاطفة الأبوة، وعقيدة الولاء:

    ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( J ﭿ m) [التوبة:٢٣-٢٤].

    أي: «يا أيها المؤمنون، لا تتخذوا من آبائكم وأبنائكم وإخوانكم وعشيرتكم وأزوجكم نصراء لكم، ما داموا يحبون الكفر، ويفضلونه على الإيمان، ومن يستنصر بالكافرين فأولئك هم الذين تجاوزوا الطريق المستقيم»62.

    وقل: يا محمد صلى الله عليه وسلم إن كان تفضيلكم للآباء والأبناء والإخوة والزوجات والأقرباء والأموال التي جمعتموها، والتجارة التي تخافون عدم رواجها، والبيوت الجميلة التي أقمتم فيها، كل هذا مقدمًا في التفضيل على حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والجهاد في سبيله، فانتظروا غضب الله تعالى، ومن عقابه ونكاله بكم، والله لا يوفق الخارجين عن طاعته63.

الأبوة يوم القيامة

  1. يؤكد هذا المبحث على بيان حال الأبوين يوم القيامة، بين فرار من التزامه تجاه ابنه، أو فرار من التزام الابن تجاه أبيه، فلا فداء يذكر؛ إذ إن الناس بين جنة ونار، ولا يبقى هناك إلا الملك الجبار، الذي يحاسب ويفتش، ويغفر ويرحم، فإذا كان الآباء صالحين، واجتهدوا في صلاح الأبناء، فإن الله تعالى من رحمته يلحق الذرية بآبائهم في الجنة.

    وفي هذا المبحث توضيح لذلك، من خلال المسائل الآتية:

    أولًا: الفرار:

    يظهر ذلك في قوله تعالى: ( Ñ Ô) [عبس:٣٤- ٣٥].

    فقد بينت الآية السابقة أنه إذا جاء يوم القيامة، ويرى المرء أعز أقاربه، وأخصهم لديه، وأولاهم بالحنو والرأفة والعطف، من: أخ، وأم، وأب، وزوجة، وولد، عندها يفر منهم ويبتعد عنهم؛ لأن الهول عظيم، والخطب جليل64.

    وفي تقديم الأخ على الأم والأب والزوجة والولد؛ أسباب، منها أن الله تعالى بدأ بالأقل، وختم بالأكثر؛ لأن الإنسان أشد شفقة على بنيه من كل من تقدم ذكره، وإنما يفر منهم؛ لاشتغاله بنفسه65.

    ثانيًا: الفداء:

    يظهر ذلك في قوله تعالى: ( ) [المعارج:١١].

    فقد بينت الآية السابقة أن يوم القيامة لا يسأل صديقٌ صديقه الحميم، وتأتي هذه الآية الكريمة؛ لتبين أنه «يبصر بعضهم بعضًا، فيتعارفون، أو يبصر المؤمنون الكافرين، أو يبصر الكافرون الذين أضلوهم في النار، أو يبصر المظلوم ظالمه، والمقتول قاتله»66، فيحب أو يتمنى الكافر المشرك لو يفتدي بأعز أقاربه في الدنيا، من بنيه أولًا، ثم زوجه وأخيه، وعشيرته أو أمه التي تربيه67.

    ثالثًا: إلحاق الذرية بالآباء في الجنة:

    يظهر ذلك في قوله تعالى: ( ) [الطور:٢١].

    أي: «والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم في منزلتهم في الجنة، وإن لم يبلغوا عمل آبائهم؛ لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الأحوال، وما نقصناهم شيئًا من ثواب أعمالهم، كل إنسان مرهون بعمله، لا يحمل ذنب غيره من الناس»68.

    ويستفاد من هذه الآية عظيم بركة الآباء الصالحين؛ إذ إن صلاحهم واجتهادهم في إصلاح أبنائهم جعلهم جميعًا في منزلة واحدة في الجنة، فالآية هنا تبين أن الآباء هم بوابة الأمان للأبناء، إن اتبعوا آباءهم بالإيمان بالله تعالى.

    موضوعات ذات صلة:

    آدم، إبراهيم، الاتباع، الأمومة


1 انظر: المفردات، الأصفهاني، ص٥٧-٥٨، التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي، ص٣٥، الكليات، الكفوي، ص٢٥.

2 التعريفات، ص٧.

3 الكليات، ص٢٥.

4 التوقيف على مهمات التعاريف، ص٣٥.

5 انظر: المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، باب الهمزة، ص٨-١٠.

6 انظر: بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢/١١٤، الوجوه والنظائر، الدامغاني ص٥٩-٦٠.

7 انظر: لسان العرب، ابن منظور، ٣/٤٦٧، مختار الصحاح، الرازي، ص٣٤٥.

8 انظر: التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي، ص٣٣٣.

9 انظر: مختار الصحاح، الرازي، ص٣٤٥.

10 انظر: لسان العرب، ابن منظور، ٣/٤٦٧.

11 انظر: التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي، ص٣٤٠.

12 انظر: الصحاح، الجوهري، ٥/١٨٦٣.

13 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ٥/١٠٨.

14 انظر: المصباح المنير، الفيومي، ١/٩٢.

15 انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ٣/٦٢٩.

16 انظر: نظم الدرر، البقاعي، ٧/٣٨١، ٣٨٢، تفسير الجلالين، المحلي والسيوطي، ص١٩٦.

17 انظر: الجواهر الحسان، الثعالبي، ٤/١٣٩.

18 انظر: محاسن التأويل، القاسمي، ٧/٢٧٩.

19 انظر: التفسير البسيط، الواحدي، ١٥/٥١٢- ٥١٣.

20 انظر: المصدر السابق ١٥/٥١٠.

21 أخرجه أحمد في مسنده، بداية مسند أبي هريرة، ٧/١٨٣، رقم ٧٣٦٢، وابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة، ١/٢٠٨، رقم ٣١٣.

قال أحمد شاكر: إسناده صحيح.

22 انظر: جامع البيان، الطبري، ١٥/٥٥٤.

23 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٣/٢٢٠.

24 انظر: المصدر السابق.

25 انظر: تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين، ٣/٣٧٤.

26 فتح القدير، الشوكاني، ٤/٢٧٣.

27 انظر: المصدر السابق.

28 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود، ٧/٧١، ٧٢.

29 المنتخب في تفسير القرآن الكريم، لجنة من علماء الأزهر، ص٦١٤.

30 انظر: فتح البيان، القنوجي، ١٠/٢٨٧.

31 انظر: التفسير الميسر، نخبة من أساتذة التفسير، ص٤١٢.

32 انظر: الفواتح الإلهية، الشيخ علوان، ٢/١٣٣.

33 انظر: روح البيان، إسماعيل حقي، ٥/٤٩٠.

34 انظر: التفسير المظهري، ٦/٢٠٢- ٢٠٣.

35 انظر: تفسير السمرقندي، ١/١٩٦.

36 انظر: التفسير البسيط، الواحدي، ٢٠/٢٨-٣٠.

37 انظر: تفسير السمرقندي، ٣/٢٥٥.

38 انظر: تفسير السمرقندي، ٢/٦٠٥.

39 انظر: زاد المسير، ابن الجوزي، ٣/٥٤٩.

40 انظر: المنتخب في تفسير القرآن الكريم، لجنة من علماء الأزهر، ص٣٤٩.

41 انظر: التفسير الميسر، نخبة من أساتذة التفسير، ص٢٤٧.

42 تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٨٧٤.

43 انظر: غريب القرآن، ابن قتيبة، ص٢٥٦.

44 انظر: تفسير السمرقندي، ٢/٤٨٦.

45 انظر: تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين، ٢/٢٦٩.

46 انظر: أنوار التنزيل، البيضاوي، ٣/١٠.

47 الجامع لأحكام القرآن، ١٣/١٠٩- ١١٠.

48 انظر: لباب التأويل، الخازن، ٣/٤٠٠.

49 انظر: الكشف والبيان، الثعلبي، ٦/١٨٨.

50 انظر: المصدر السابق.

51 انظر: معالم التنزيل، البغوي، ٢/٤٥٠.

52 انظر: الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب، ٥/٣٤٠١.

53 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص١٩٦، التفسير المنير، الزحيلي، ٤/٢٧٥.

54 انظر: تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين، ١/١٩٩.

55 انظر: الوجيز، الواحدي، ص٢٥٨.

56 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب، والرضاع المستفيض، والموت القديم، ٣/١٧٠، رقم ٢٦٤٥، ومسلم في صحيحه، كتاب الرضاع، باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، ٢/١٠٧١، رقم ١٤٤٧.

57 انظر: زهرة التفاسير، أبو زهرة، ١٠/٥٢٣٢.

58 انظر: المنتخب في تفسير القرآن الكريم، لجنة من علماء الأزهر، ص٥٢٢.

59 انظر: تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين، ٣/٣٨٧.

60 انظر: بيان المعاني، عبد القادر العاني، ٣/١٨٢.

61 انظر: فتح البيان، القنوجي، ١٠/٩٣.

62 المنتخب في تفسير القرآن الكريم، لجنة من علماء الأزهر، ص٢٦١.

63 انظر: التفسير الميسر، نخبة من أساتذة التفسير، ص١٩٠.

64 انظر: التفسير المنير، الزحيلي، ٣٠/٧٥.

65 انظر: التسهيل، ابن جزي، ٢/٤٥٤.

66 تفسير القرآن، العز بن عبد السلام، ٣/٣٦٢.

67 انظر: المصدر السابق.

68 التفسير الميسر، مجمع الملك فهد، ص٥٢٤.