عناصر الموضوع
استدلال القرآن بالآيات الكونية
أساليب القرآن في الحث على التفكر
الآيات الكونية في المثل القرآني
الآيات الكونية
أولًا: المعنى اللغوي:
فأما لفظ الآية:
فتطلق في اللغة العربية على إطلاقين:
الأول: إن الآية هي: العلامة، وهذا هو المشهور في كلام العرب 1.
قال الراغب: «الآية هي: العلامة الظاهرة، وحقيقته لكل شيء ظاهر، وهو ملازم لشيء لا يظهر ظهوره، فمتى أدرك مدرك الظاهر منهما علم أنه أدرك الآخر الذي لم يدركه بذاته، إذ كان حكمهما سواء، وذلك ظاهر في المحسوسات والمعقولات، فمن علم ملازمة العلم للطريق المنهج، ثم وجد العلم علم أنه وجد الطريق، وكذا إذا علم شيئًا مصنوعًا علم أنه لا بد له من صانع» 2.
الثاني: إن الآية تأتي بمعنى الجماعة، يقولون: جاء القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم 3.
وأما لفظ الكون:
فالكون لغة: الوجود المطلق العام، واسم لما يحدث دفعة، كحدوث النور عقب الظلام مباشرة، وقيل: الكون حصول الصورة في المادة بعد أن لم تكن حاصلة فيها 4.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
عُرِفت الآية بعدة تعريفات، أهمها:
عرفها ابن عطية بقوله: «الآية: العلامة المنصوبة للنظر والعبرة» 5.
وعرفها البيضاوي بقوله: «الآية في الأصل: العلامة الظاهرة، ويقال للمصنوعات من حيث إنها تدل على وجود الصانع وعلمه وقدرته» 6.
وعرفها ابن عاشور بقوله: «الآية: أصلها العلامة الدالة على شيء، من قول أو فعل، وآيات الله الدلائل التي جعلها دالة على وجوده، أو على صفاته، أو على صدق رسله، ومنه آيات القرآن التي جعلها الله دلالة على مراده للناس» 7.
وقال الشنقيطي: «الآية تطلق في القرآن العظيم على إطلاقين:
الأول منهما: إطلاق الآية على الشرعية الدينية، كآيات هذا القرآن العظيم، ومنه قوله تعالى: (ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [البقرة:٢٥٢].
وأما الثاني: فهو إطلاق الآية على الآية الكونية القدرية، كقوله تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [آل عمران:١٩٠].
أي: علامات كونية قدرية، يعرف بها أصحاب العقول السليمة أن خالقها هو الرب المعبود وحده جل وعلا»8.
وأما الكون اصطلاحًا فهو: مجموع الموجودات الكائنة من مختلف صور المادة والطاقة والزمان والمكان وما تتشكل عليه من كافة الجمادات والأحياء 9.
ثالثًا: معنى الآيات الكونية:
الآيات الكونية هي: الآيات المنسوبة إلى الكون الذي هو الخلق الذي كونه الله تعالى فكان، وذلك: السماوات والأرض والجبال والسهول والأنهار والشمس والقمر والنبات والحيوان والجماد، وخلق الإنسان، وآيات الله عز وجل في الآفاق، وما فيهما وما بينهما من سائر المخلوقات 10.
العلامة:
العلامة لغةً:
العلامة لغةً: بتخفيف اللام المفتوحة الأمارة وعلامة الشيء ما يعرف به 11.
العلامة اصطلاحًا:
ما يستدل به من آثار، سواء كان على طريق، أو أي شيء 12.
الصلة بين الآية والعلامة:
أن الآية هي العلامة الثابتة من قولك: تأييت بالمكان إذا تحبست به وتثبت، والآية تشمل العلامة والدليل القاطع 13.
الأمارة:
الأمارة لغةً:
هي: العلامة 14.
الأمارة اصطلاحًا:
التي يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول، كالغيم بالنسبة إلى المطر، فإنه يلزم من العلم به الظن بوجود المطر 15، وقد يطلق على الدليل القطعي أيضًا 16.
الصلة بين الآية والأمارة:
إن الأمارة هي العلامة الظاهرة، ويدل على ذلك أصل الكلمة، وهو الظهور، ومنه قيل: أمر الشيء إذا كثر ومع الكثرة ظهور الشأن، ومن ثم قيل: الأمارة لظهور الشأن 17.
إن المتأمل في القرآن الكريم يجد أن الله تعالى قد أقسم بكثير من الآيات الكونية في مثل قوله تعالى: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [الواقعة:٧٥- ٧٦].
وقوله تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الذاريات:٢٠-٢٣].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الطارق:١-٦].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [الفجر:١-٥].
وقوله تعالى: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [البلد:١-٥].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [الشمس:١-٩].
وقوله تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [الليل:١-٤].
وقوله تعالى: (ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [الضحى:١-٣].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [التين:١-٤].
وأسلوب القسم في القرآن الكريم طريق من طرق توكيد الكلام وإبراز معانيه ومقاصده على النحو الذي يريده المتكلم، إذ يؤتى به لدفع إنكار المنكرين أو إزالة شك الشاكين 18.
ويمكن بيان الحكمة في القسم بالآيات الكونية فيما يأتي:
١. إن القسم بالآيات الكونية في القرآن الكريم له حكم عظيمة، ومقاصد كثيرة، وفي طياته مواطن للعظة والعبرة، ومجالات رحبة للتأمل والنظر، ولطائف خفية يكتشفها المؤمن بنور بصيرته، فيزداد بها يقينًا يسمو به إلى مراتب العارفين بربهم جل جلاله وعز شأنه.
٢. إن القسم في القرآن الكريم لا يكون إلا باسم معظم في ذاته أو لمنفعة فيه، أو للتنبيه على كوامن العبرة فيه، فقد أقسم الله تعالى بالنجم والشمس والقمر، والليل والنهار، والسماء والأرض، والخيل، والتين والزيتون، وطور سنين، والبلد الأمين، وغير ذلك من مخلوقاته، لكونها إما معظمة عند الله تعالى أو لما فيها من دلائل القدرة، وآيات العظمة، أو مواطن العبرة 19.
٣. إن إقسام الله تعالى بهذه الأمور ينبئ عن شرفها، وأن فيها فوائد دينية ودنيوية، مثل كونها دلائل باهرة على التوحيد، أو توجب الحث على الشكر.
قال القرطبي: قد يقسم الله تعالى بأسمائه وصفاته لعلمه، ويقسم بأفعاله لقدرته، كما قال تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [الليل:٣] ، ويقسم بمفعولاته، لعجائب صنعه، كما قال: (ﭑ ﭒ ﭓ) [الشمس:١]. وقال تعالى: (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [الشمس:٥]. وقال تعالى:(ﭑ ﭒ ﭓ) [الطارق:١] 20.
قال ابن القيم: «وقد تضمن هذا القسم الأقسام بالخالق والمخلوق فأقسم بالسماء وبانيها والأرض وطاحيها والنفس ومسويها، وقد قيل إن مصدرية فيكون الأقسام بنفس فعله تعالى فيكون قد أقسم بالمصنوع الدال عليه وبصنعته الدالة على كمال علمه وقدرته وحكمته وتوحيده، ولما كانت حركة الشمس والقمر والليل والنهار أمرًا يشهد الناس حدوثه شيئًا فشيئًا ويعلمون أن الحادث لا بد له من محدث كان العلم بذلك منزلًا منزلة ذكر المحدث له لفظًا فلم يذكر الفاعل في الأقسام الأربعة»21.
٤. إن القسم بالآيات الكونية في القرآن الكريم توكيد، أو تعظيم، أو تنبيه على ما فيها من عظات وعبر، ونفع وضرر 22.
فمن التوكيد، نحو قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الصافات:١-٦].
ومن التعظيم: قوله تعالى: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [الواقعة:٧٥-٧٦].
ومن التنبيه: قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [النجم:١-٣].
وقوله تعالى: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [الحاقة:٣٨-٤١].
وقوله تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [التكوير:١٥-٢٠] 23.
٥. أقسم الله عز وجل بهذه المخلوقات لما فيها من عجائب الصنعة الدالة عليه، وأراد أن ينبه عباده دائمًا بأن يذكر في القسم أنواع مخلوقاته المتضمنة للمنافع العظيمة، حتى يتأمل المكلف فيها، ويشكر عليها؛ لأن الذي يقسم الله تعالى به يحصل له وقع في القلب، فتكون الدواعي إلى تأمله أقوى 24.
قال الإمام ابن القيم: «ومن ذلك قسمه سبحانه وتعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [الليل:١-٣].
وقد تقدم ذكر القسم عليه وأنه سعي الإنسان في الدنيا وجزاؤه في العقبى، فهو سبحانه يقسم بالليل في جميع أحواله؛ إذ هو من آياته الدالة عليه فأقسم به وقت غشيانه وأتى بصيغة المضارع؛ لأنه يغشى شيئًا بعد شيء، وأما النهار فإنه إذا طلعت الشمس ظهر وتجلى وهلة واحدة، ولهذا قال في سورة الشمس وضحاها (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [الشمس:٣-٤].
وأقسم به وقت سريانه، وأقسم به وقت إدباره وأقسم به إذا عسعس، فقيل: معناه أدبر، فيكون مطابقًا لقوله: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [المدثر:٣٣-٣٤].
وقيل: معناه أقبل، فيكون كقوله: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) فيكون قد أقسم بإقبال الليل والنهار، وعلى الأول يكون القسم واقعًا على انصرام الليل ومجيء النهار عقيبه، وكلاهما من آيات ربوبيته.
ثم أقسم بخلق الذكر والأنثى، وذلك يتضمن الأقسام بالحيوان كله على اختلاف أصنافه ذكره وأنثاه.
وقابل بين الذكر والأنثى كما قابل بين الليل والنهار، وكل ذلك من آيات ربوبيته فإن إخراج الليل والنهار بواسطة الأجرام العلوية؛ كإخراج الذكر والأنثى بواسطة الأجرام السفلية، فأخرج من الأرض ذكور الحيوان وإناثه على اختلاف أنواعها، كما أخرج من السماء الليل والنهار بواسطة الشمس فيها.
وأقسم سبحانه بزمان السعي، وهو الليل والنهار، وبالساعي وهو الذكر والأنثى على اختلاف السعي، كما اختلف الليل والنهار، والذكر والأنثى، وسعيه وزمانه مختلف، وذلك دليلٌ على اختلاف جزائه وثوابه، وأنه سبحانه لا يسوِي بين من اختلف سعيه في الجزاء، كما لم يسوِ بين الليل والنهار، والذكر والأنثى»25.
٦. إن القسم من المؤكدات المشهورة التي تمكن الشيء في النفس وتقويه، وقد نزل القرآن الكريم للناس كافة، ووقف الناس منه مواقف متباينة، فمنهم الشاك، ومنهم المنكر، ومنهم الخصم الألد. فالقسم في كلام الله يزيل الشكوك، ويحبط الشبهات، ويقيم الحجة، ويؤكد الأخبار، ويقرر الحكم في أكمل صورة، وإنما أقسم الله بمخلوقاته؛ لأنها تدل على بارئها، وهو الله تعالى، وللإشارة إلى فضيلتها ومنفعتها؛ ليعتبر الناس بها 26.
٧. إن الله سبحانه أقسم بكثير من مخلوقاته العظيمة، دلالة على عظم مبدعها، لما فيه من الدلالة على عظيم القدرة، وكمال الحكمة، وفرط الرحمة، ومن مقتضيات رحمته، ألا يترك عباده سدى عظات بالغة، وآيات ناطقة بوحدانية الله تعالى وعظيم قدرته على تصريفها، وإرسالها نعمة على قوم، ونقمة على آخرين، وجعل فيها الحياة للإنسان والحيوان والنبات، وصنفها وفق حكمته أصنافًا شتى، وجعل لكل صنف منها وظيفة كونية خاصة، فمنها ما يذرو النبات ويحركه؛ لينمو ويزدهر، ومنها ما يحمل السحب المثقلة بالماء، ومنها ما يجري بهذه السحب في يسر وخفة إلى حيث شاء الله جل جلاله، ومنها ما ينزل المطر من هذه السحب بقدر معلوم إلى أماكن محدودة. ومنها... ومنها 27.
٨. إن هذه الأقسام التي أقسم الله بها ما هي إلا دعوة للتأمل والنظر في كل آية من آيات الكون الدالة على خالقها سبحانه وحكمته وقدرته28، فمن ذلك أن الله تعالى «أقسم بالشمس: إما على التنبيه منها على الاعتبار المؤدي إلى معرفة الله تعالى، وإما على تقدير ورب الشمس، والضحى: ارتفاع ضوء الشمس وإشراقه، قاله مجاهد» 29.
استدلال القرآن بالآيات الكونية
أولًا: الوحدانية:
استدل القرآن الكريم على وحدانية الله تعالى بالآيات الكونية.
قال تعالى: (ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [البقرة:١٦٣-١٦٤].
فهذه الآيات تدل على أنه واحد عز وجل، فأما آية السماء فمن أعظم الآيات؛ لأنها سقف بغير عمد، والآية في الأرض عظيمة فيما يرى من سهلها وجبلها وبحارها، وما فيها من معادن الذهب والفضة والرصاص والحديد اللاتي لا يمكن أحد أن ينشئ مثلها، وكذلك في تصريف الرياح، وتصريفها أنها تأتي من كل أفق فتكون شمالًا مرة وجنوبًا مرة، ودبورًا مرة وصبًا مرة، وتأتي لواقح للسحاب.
فهذه الأشياء وجميع ما بث الله في الأرض دالة على أنه واحد، كما قال عز وجل: (ﯽ ﯾ ﯿ) لا إله غيره؛ لأنه لا يأتي بمثل هذه الآيات إلا واحد 30.
قال ابن كثير: «(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) تلك في ارتفاعها ولطافتها واتساعها وكواكبها السيارة والثوابت ودوران فلكها، وهذه الأرض في كثافتها وانخفاضها وجبالها وبحارها وقفارها ووهادها وعمرانها وما فيها من المنافع، واختلاف الليل والنهار، هذا يجيء ثم يذهب ويخلفه الآخر ويعقبه، لا يتأخر عنه لحظة، كما قال تعالى: (ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [يس:٤٠].
وقوله تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [الأنبياء:٣٣].
وتارة يطول هذا ويقصر هذا، وتارة يأخذ هذا من هذا ثم يتعاوضان، كما قال تعالى: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [الحديد:٦] أي: يزيد من هذا في هذا ومن هذا في هذا» 31.
وكذلك قوله جل شأنه: (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [الجاثية:٣-٦].
والمعنى: وفي خلق الله إياكم أيها الناس، وخلقه ما تفرق في الأرض من دابة تدب عليها من غير جنسكم (ﭧ ﭨ ﭩ) يعني: حُجَجًا وأدلةً لقوم يوقنون بحقائق الأشياء، فيقرون بها، ويعلمون صحتها 32.
وفي السماوات والأرض آيات ودلائل كثيرة، منها:
والآيات والبراهين في خلق الإنسان كثيرة، منها:
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [النور:٤٤-٤٦].
قال الرازي: «اعلم أن هذا هو النوع الثالث من الدلائل على الوحدانية، وذلك؛ لأنه لما استدل أولًا بأحوال السماء والأرض، وثانيًا بالآثار العلوية، استدل ثالثًا بأحوال الحيوانات» 34.
وقوله سبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [الروم:٢٥-٢٧].
فجملة: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ) [الروم:٢٥]، من أفانين الاستدلال على الوحدانية والبعث، ومن طرائق الموعظة لتطرية نشاط السامعين لهذه الدلائل الموضحة المبينة 35.
وقوله تعالى: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ) [لقمان:٢٥].
ففي الآية إلزام للكافرين على إقرارهم بأن الذي خلق السماوات والأرض هو الله وحده، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر، وأن لا يعبد معه غيره.
ثم قال: (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) أن ذلك يلزمهم، وإذا نُبِهُوا عليه لم ينتبهوا أن الله هو الغني عن حمد الحامدين، المستحق للحمد، وإن لم يحمدوه 36.
قال الإمام الرازي: «الآية متعلقة بما قبلها من وجهين أحدهما: أنه تعالى لما استدل بخلق السماوات بغير عمد وبنعمه الظاهرة والباطنة بين أنهم معترفون بذلك غير منكرين له، وهذا يقتضي أن يكون الحمد كله لله؛ لأن خالق السماوات والأرض يحتاج إليه كل ما في السماوات والأرض، وكون الحمد كله لله يقتضي أن لا يعبد غيره، لكنهم لا يعلمون هذا» 37.
وقوله عز وجل: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [يس:٣٧-٤٠].
قال الإمام الرازي: «لما استدل الله بأحوال الأرض وهي المكان الكلي استدل بالليل والنهار وهو الزمان الكلي، فإن دلالة المكان والزمان مناسبة؛ لأن المكان لا تستغني عنه الجواهر والزمان لا تستغني عنه الأعراض؛ لأن كل عرض فهو في زمان، ومثله مذكور في قوله تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [فصلت:٣٧].
ثم قال بعده: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [فصلت:٣٩]- حيث استدل بالزمان والمكان هناك أيضًا، لكن المقصود أولًا هناك إثبات الوحدانية، بدليل قوله تعالى: ( ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [فصلت:٣٧]» 38.
والآيات الكونية التي استدل بها القرآن على وحدانية الله تعالى كثيرة، وإنما يكفي من ذلك التمثيل.
ثانيًا: أحقية الله للعبادة:
استدل القرآن الكريم على أحقية الله تعالى للعبادة بالآيات الكونية.
قال تعالى: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [البقرة:٢١-٢٢].
فقد استدل القرآن الكريم على أحقية الله تعالى بالعبادة بآيات كونية، وهي أنه: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ).
والمعنى: أن الذي خلقكم وخلق آباءكم وأجدادكم وسائر الخلق غيركم، وهو يقدر على ضركم ونفعكم أولى بالطاعة ممن لا يقدر لكم على نفع ولا ضر 39.
وقوله تعالى: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الذاريات:٥٦-٥٨].
استدل القرآن بالآيات الكونية وهي خلق الجن والأنس على أحقية الله تعالى للعبادة، والمعنى: وما خلقت السعداء من الجن والإنس إلا لعبادتي، والأشقياء منهم لمعصيتي 40، «أي: لينقادوا ويخضعوا لي، وانقيادهم وخضوعهم هو استمرارهم على مشيئته وحكمه، وهو معنى خضوع السماوات والأرضين وطواعيتها وانقيادها»41.
وفي الآية بين تعالى أنه ما خلق الخلق إلا ليشتغلوا بعبادته، كما قال تعالى: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الذاريات:٥٦].
فلما شرح أحوال الشمس والقمر والنهار والليل، كان المعنى: إنما خلقت هذه الأشياء لتنتفعوا بها، فتصيروا متمكنين من الاشتغال بطاعتي وخدمتي، وإذا كان كذلك، فكل من ورد عرصة القيامة، سألته، هل أتى بتلك الخدمة والطاعة، أو تمرد وعصى42.
وقوله تعالى: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [الزمر:٦٢-٦٧].
«يقول تعالى ذكره: الله الذي له الألوهة من كل خلقه الذي لا تصلح العبادة إلا له، خالق كل شيء، لا ما لا يقدر على خلق شيء، وهو على كل شيء وكيل، يقول: وهو على كل شيء قيم بالحفظ والكلاءة» 43.
ويخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها وربها ومليكها والمتصرف فيها، وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته، وقوله عز وجل: له مقاليد السماوات والأرض، قال مجاهد: المقاليد هي المفاتيح بالفارسية، وكذا قال قتادة وابن زيد وسفيان بن عيينة، وقال السدي: له مقاليد السماوات والأرض أي خزائن السماوات والأرض، والمعنى على كلا القولين: أن أَزِمَة الأمور بيده تبارك وتعالى، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير44.
ثالثًا: قدرة الله:
ذكر الله تعالى بعض الآيات الكونية؛ كالمطر والسحاب والظلمات والبرق والرعد.
قال تعالى: (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [البقرة:١٩-٢٠].
ثم ختم الآية بقوله: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ)، مما يدل على أن هذه الآيات دليل على قدرة الله تعالى.
كما استدل القرآن الكريم بآية تقليب الليل والنهار، وآية كل دآبة على كمال قدرته.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [النور:٤٤-٤٥].
وقد أمر الله تعالى بالنظر إلى آية كونية، وهي آية المطر للاستدلال على قدرته سبحانه.
قال تعالى: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [الروم:٥٠].
والمعنى: أي: انظروا نظر استبصار واستدلال، واستدلوا بذلك على أن من قدر على ذلك قادرٌ على إحياء الموتى 45.
وقوله عز وجل: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الإسراء:٩٩].
«يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أولم ينظر هؤلاء القائلون من المشركين: ( ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الإسراء:٩٨] بعيون قلوبهم، فيعلمون أن الله الذي خلق السماوات والأرض، فابتدعها من غير شيء، وأقامها بقدرته، قادر بتلك القدرة على أن يخلق مثلهم أشكالهم، وأمثالهم من الخلق بعد فنائهم، وقبل ذلك، وأن من قدر على ذلك فلا يمتنع عليه إعادتهم خَلْقًا جديدًا، بعد أن يصيروا عظامًا ورفاتًا» 46.
رابعًا: البعث:
ذكر القرآن الكريم الآيات الكونية في معرض الاستدلال على البعث والحشر إلى الله تعالى يوم القيامة.
قال تعالى: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ) [لقمان:٢٥-٢٨].
فقد ذكر القرآن من الآيات الكونية السماوات والأرض والشجر والأقلام وجعلها دليلًا على أن الخلق والبعث ما هو إلا كنفس واحدة.
وذكر الإمام الرازي: «من الدلائل الدالة على إمكان الحشر: الاستدلال باقتداره على السماوات على اقتداره على الحشر، وذلك في آيات، منها في سورة سبحان: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الإسراء:٩٩].
وقال في يس: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [يس:٨١].
وقال في الأحقاف: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [الأحقاف:٣٣].
ومنها في سورة ق: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [ق:٣-١٥].
فهذه الآيات الكونية المذكورة في هذه الآيات أقامها القرآن الكريم دليلًا على البعث والحشر، وعرض هذه الآيات الكونية العظيمة في أسلوب الاستفهام التقريري، الذي يقرر حقيقة البعث والنشور، وفيها إشارة إلى أن الذي خلق هذه الآيات الكونية العظيمة هو الذي يبعث الخلق ويحشرهم إليه.
خامسًا: صدق القرآن:
استدل القرآن الكريم على صدق القرآن الكريم بالآيات الكونية.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [السجدة:١-٩].
فقد ذكر الله تعالى الآيات الكونية في خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وآية خلق الإنسان من طين، وغيرها من الآيات الكونية في معرض الاستدلال على صدق القرآن الكريم، ووجه الاستدلال بهذه الآيات الكونية: أنها سيقت في معرض الإثبات لصدق القرآن وأنه (ﭕ ﭖ ﭗ)، أي: لا شك فيه ولا مرية، وأنه منزل من رب العالمين.
ثم قال تعالى مخبرًا عن المشركين (ﭜ ﭝ ﭞ) أي: اختلقه من تلقاء نفسه، (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) أي: يتبعون الحق47.
والمعنى: بل هو الحق والصدق من عند ربك أنزله إليك، لتنذر قومك بأس الله وسطوته أن تحل بهم على كفرهم به، وإنه لم يأتهم نذير من قبلك، ليبين لهم سبيل الرشاد، وأن محمدًا لم يختلقه كما يزعمون48.
وقد ذكر الله تعالى الآيات الكونية دليلًا على صدق القرآن.
قال سبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [التكوير:١-١١].
فقد أخبر الله تعالى عن مصير الآيات الكونية في الآخرة، فقال: (ﭑ ﭒ ﭓ) أي: إذا كورت الشمس، وأمحي ضوؤها، وسقطت حين خراب العالم الذي يعيش فيه الحي في حياته الدنيا، ولا يبقى في عالمه الآخر الذي ينقلب إليه شيءٌ من هذه الأجرام.
( ﭕ ﭖ ﭗ) أي: وإذا النجوم تناثرت وذهب لألاؤها.
(ﭙ ﭚ ﭛ) أي: وإذا الجبال قلعت عن الأرض، وسيرت في الهواء حين زلزلة الأرض، فتقطع أوصالها وتقذف في الفضاء، وتمر على الرؤوس مر السحاب.
(ﭝ ﭞ ﭟ) أي: وإذا النوق العشار -وهي أكرم الأموال لديهم، وأعزها عندهم- أُهْمِلَت، ولم يعن بشأنها؛ لاشتداد الخطب، وفداحة الهول.
(ﭡ ﭢ ﭣ) أي: ماتت وهلكت، تقول العرب إذا أضرت السنة بالناس وأصابتهم بالقحط والجدب: حشرتهم السنة. أي: أهلكتهم، وهلاكها يكون من هول ذلك الحادث العظيم.
(ﭥ ﭦ ﭧ) أي: فجر الزلزال ما بينها حتى اختلطت وعادت بحرًا واحدًا، وقد يكون المراد من تسجيرها إضرامها نارًا. فإن ما في باطن الأرض من النار يظهر بتشققها وتمزق طبقاتها العليا، وحينئذ يصير الماء بخارًا، ولا يبقى إلا النار49.
(ﭩ ﭪ ﭫ) أي: وإذا زوجت الأرواح بأبدانها حين النشأة الآخرة50.
وهذا الإخبار عن مصير الآيات الكونية في يوم القيامة كتوطئة للقسم بالآيات الكونية في الحياة الدنيا على صدق القرآن.
قال سبحانه: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [التكوير: ١٥-١٩].
ومعنى: الخنس والكنس في النجوم أنها تطلع جارية، وكذلك تخنس، أي: تغيب، وكذلك تكنس تدخل في كناسها، أي: تغيب في المواضع التي تغيب فيها، فهما بمعنى واحد.
(ﮑ ﮒ ﮓ) يقال: عسعس الليل، إذا أقبل، وعسعس، إذا أدبر، والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد، وهو ابتداء الظلام في أوله، وإدباره في آخره.
(ﮕ ﮖ ﮗ) إذا امتد حتى يصير نهارًا بينًا.
وجواب القسم بالآيات الكونية المذكورة في الآيات هو قوله تعالى: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) يعني: أن القرآن نزل به جبريل عليه السلام 51.
قال الإمام القرطبي:«(ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) هي الكواكب الخمسة الدراري: زحل والمشتري وعطارد والمريخ والزهرة، فيما ذكر أهل التفسير، والله أعلم، وهو مروي عن علي رضي الله عنه، وفي تخصيصها بالذكر من بين سائر النجوم وجهان: أحدهما: لأنها تستقبل الشمس، قاله بكر بن عبد الله المزني، الثاني: لأنها تقطع المجرة، قاله ابن عباس»52.
ومنها قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [الواقعة:٧٧-٨٠].
ومواقع النجوم فيها أقوال:
الأول: المشارق والمغارب أو المغارب وحدها، فإن عندها سقوط النجوم.
الثاني: هي مواضعها في السماء في بروجها ومنازلها.
الثالث: مواقعها في اتباع الشياطين عند المزاحمة.
الرابع: مواقعها يوم القيامة حين تنتثر النجوم.
وأما مواقع نجوم القرآن، فهي قلوب عباده وملائكته ورسله وصالحي المؤمنين، أو معانيها وأحكامها التي وردت فيها 53.
ومواقع النجوم آية كونية علمية تؤكد صدق القرآن، وقد ذكر الله تعالى أن هذا القسم الذي أقسم به قسم عظيم لو تفكرون في مدلوله فإنه عظيم الخطر بعيد الأثر.
وهذا القسم للإشادة بشأن القرآن، وأنه كثير المنافع وأنه محفوظ في لوح مصون لا يطلع عليه غير المقربين من الملائكة 54.
ومن الآيات الكونية التي يستدل بها على صدق القرآن، قوله تعالى: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [فصلت:٥٣].
اختلف المفسرون في بيان معنى هذه الآية على أقوال كثيرة، وحاول كل مفسر أن يفسر الآية بما يتفق مع فهمه والواقع الذي يمكن أن تنزل عليه الآية55، وأحسن مَنْ بَيَنَ معنى الآية بحيث تكون شاملة وعامة، وتتناول المعنى الذي يعتبر راجحًا هو الإمام الرازي حيث قال: «وفي تفسير قوله: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [فصلت:٥٣] قولان:
الأول: أن المراد بآيات الآفاق: الآيات الفلكية والكوكبية، وآيات الليل والنهار، وآيات الأضواء والإضلال والظلمات... وقد أكثر الله منها في القرآن.
وقوله: (ﯲ ﯳ) المراد منها الدلائل المأخوذة من كيفية تكون الأجنة في ظلمات الأرحام، وحدوث الأعضاء العجيبة، والتركيبات الغريبة، كما قال تعالى: (ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [الذاريات:٢١].
يعني: نريهم من هذه الدلائل مرة بعد أخرى إلى أن تزول الشبهات عن قلوبهم، ويحصل فيها الجزم والقطع بوجود الإله القادر الحكيم العليم المنزه عن المثل والضد.
فإن قيل: هذا الوجه ضعيف؛ لأن قوله تعالى: (ﯮ) يقتضي أنه تعالى ما أطلعهم على تلك الآيات إلى الآن، وسيطلعهم عليها بعد ذلك، والآيات الموجودة في العالم الأعلى والأسفل قد كان الله أطلعهم عليها قبل ذلك. فثبت أنه تعذر حمل هذا اللفظ على هذا الوجه.
قلنا: إن القوم وإن كانوا قد رأوا هذه الأشياء، إلا أن العجائب التي أودعها الله تعالى في هذه الأشياء مما لا نهاية لها، فهو تعالى يطلعهم على تلك العجائب زمانًا فزمانًا، ومثاله: كل أحد رأى بعينه بنية الإنسان وشاهدها، إلا أن العجائب التي أبدعها الله في تركيب هذا البدن كثيرة، وأكثر الناس لا يعرفونها، والذي وقف على شيء منها، فكلما ازداد وقوفًا على تلك العجائب والغرائب، فصح بهذا الطريق قوله: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ).
والقول الثاني: أن المراد بآيات الآفاق فتح البلاد المحيطة بمكة، وبآيات أنفسهم فتح مكة.
والقائلون بهذا القول رجحوه على القول الأول؛ لأجل أن قوله: (ﯮ) يليق بهذا الوجه، ولا يليق بالأول، إلا أنا أجبنا عنه بأن قوله: (ﯮ) لائقٌ بالوجه الأول، كما قررناه.
فإن قيل: حمل الآية على هذا الوجه بعيد؛ لأن أقصى ما في الباب أن محمدًا صلى الله عليه وسلم استولى على بعض البلاد المحيطة بمكة، ثم استولى على مكة، إلا أن الاستيلاء على بعض البلاد لا يدل على كون المستولي محقًا، فإنا نرى أن الكفار قد يحصل لهم استيلاء على بلاد الإسلام وعلى ملوكهم، وذلك لا يدل على كونهم محقين.
ولهذا السبب قلنا: إن حمل الآية على الوجه الأول أولى، ثم نقول: إن أردنا تصحيح هذا الوجه، قلنا: إنا لا نستدل بمجرد استيلاء محمد صلى الله عليه وسلم على تلك البلاد على كونه محقًا في ادعاء النبوة، بل نستدل به من حيث إنه صلى الله عليه وسلم أخبر عن مكة أنه يستولي عليها، ويقهر أهلها، ويصير أصحابه قاهرين للأعداء، فهذا إخبارٌ عن الغيب، وقد وقع مُخْبَرُه مطابقًا لخبره، فيكون هذا إخبارًا صدقًا عن الغيب، والإخبار عن الغيب معجزة، فبهذا الطريق يستدل بحصول هذا الاستيلاء على كون هذا الدين حقًا»56.
أي: أن الله سبحانه وتعالى سيكشف لعباده بعضًا من آياته؛ ليتبين لهم أن هذا القرآن هو الحق،.وكيف يتبين لهم أنه الحق؟ ذلك أن حقائق الكون التي سيصلون إليها بعد مئات السنين، أو آلاف السنين بنشاطات الذهن، سيجدون القرآن قد أشار إليها، وحينئذ يتبين لهم أن هذا القرآن هو الحق؛ لأن الذي قال هو الله، والذي خلق هو الله57.
وتدل الدلائل على أن العلماء الذين درسوا الآيات الكونية في القرآن فيما بعد، وطبقوها على ما وصل إليه العلم في زمانهم؛ في الفلك، أو الطب، أو الطبيعة، أو الكيمياء، أو الأحياء، وغيرها من العلوم، وجدوا تطابقًا وتوافقًا علميًا رائعًا، أكد لهم أن القرآن كتاب الله الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
لذلك كان علماء الفلك وعلماء الطب أكثر الناس إيمانًا بعظمة الخالق المبدع، وأسبقهم إقرارًا بألوهيته؛ لما رأوه رأى العين من أن القرآن الكريم الذي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، كان هو نهاية العلم الذي يصلون إليه، كلما جَدَ جديدٌ في بحثهم، وهذا هو العلم الذي جاء به النبي الأمي محمد، الذي لم يكن هو ولا قومه ولا عصره يعرف شيئًا من فلك، أو جيولوجيا، أو كيمياء، أو طب، أو غير ذلك 58.
أساليب القرآن في الحث على التفكر
أولًا: الأمر الصريح:
من أساليب القرآن في الحث على التفكر في الكون الأمر الصريح، ومن ذلك قوله تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [يونس:١٠١].
قال الإمام أبو جعفر الطبري: «يقول تعالى ذكره: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من قومك، السائليك الآيات على صحة ما تدعوهم إليه من توحيد الله وخلع الأنداد والأوثان: انظروا، أيها القوم، ماذا في السماوات من الآيات الدالة على حقيقة ما أدعوكم إليه من توحيد الله، من شمسها وقمرها، واختلاف ليلها ونهارها، ونزول الغيث بأرزاق العباد من سحابها وفي الأرض من جبالها، وتصدعها بنباتها، وأقوات أهلها، وسائر صنوف عجائبها، فإن في ذلك لكم إن عقلتم وتدبرتم موعظة ومعتبرًا، ودلالة على أن ذلك من فعل من لا يجوز أن يكون له في ملكه شريك، ولا له على تدبيره وحفظه ظهير يغنيكم عما سواه من الآيات» 59.
وهذه الآية أمر للكفار بالاعتبار والنظر في المصنوعات الدالة على الصانع وغير ذلك من آيات السماوات وأفلاكها وكواكبها وسحابها ونحو ذلك، والأرض ونباتها ومعادنها وغير ذلك 60.
أي: انظروا بالتفكر والاعتبار ماذا في السماوات والأرض من الآيات والعبر التي تدل على وحدانيته ونفاذ قدرته كالشمس، والقمر، والنجوم، والجبال، والشجر، وكل هذا يقتضي خالقًا مدبرًا سبحانه 61.
قال الإمام الرازي: «والدلائل إما أن تكون من عالم السماوات أو من عالم الأرض، فالدلائل السماوية هي حركات الأفلاك ومقاديرها وأوضاعها وما فيها من الشمس والقمر والكواكب، وما يختص به كل واحد منها من المنافع والفوائد، والدلائل الأرضية هي: النظر في أحوال العناصر العلوية، وفي أحوال المعادن وأحوال النبات وأحوال الإنسان خاصة، ثم ينقسم كل واحد من هذه الأجناس إلى أنواع لا نهاية لها. ولو أن الإنسان أخذ يتفكر في كيفية حكمة الله سبحانه في تخليق جناح بعوضة، لانقطع عقله قبل أن يصل إلى أقل مرتبة من مراتب تلك الحكم والفوائد، ولا شك أن الله سبحانه أكثر من ذكر هذه الدلائل في القرآن المجيد، فلهذا السبب ذكر قوله: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) ولم يذكر التفصيل، فكأنه تعالى نبه على القاعدة الكلية، حتى إن العاقل يتنبه لأقسامها، وحينئذ يشرع في تفصيل حكمة كل واحد منها بقدر القوة العقلية والبشرية، ثم إنه تعالى لما أمر بهذا التفكر والتأمل بَيَنَ بعد ذلك أن هذا التفكر والتدبر في هذه الآيات لا ينفع في حق من حكم الله تعالى عليه في الأزل بالشقاء والضلال» 62.
وقوله تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [العنكبوت:٢٠].
«يقول تعالى مخبرًا عن الخليل عليه السلام أنه أرشدهم إلى إثبات المعاد الذي ينكرونه بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق الله إياهم بعد أن لم يكونوا شيئًا مذكورًا، ثم وجدوا وصاروا أناسًا سامعين مبصرين، فالذي بدأ هذا قادر على إعادته، فإنه سهلٌ عليه، يسيرٌ لديه.
ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الآفاق من الآيات المشاهدة من خلق الله الأشياء: السماوات وما فيها من الكواكب النيرة الثوابت والسيَارات، والأرضين وما فيها من مهاد وجبال، وأودية وبراري وقفار، وأشجار وأنهار، وثمار وبحار، كل ذلك دال على حدوثها في أنفسها، وعلى وجود صانعها الفاعل المختار، الذي يقول للشيء: (كن) فيكون» 63.
وإنما أمر بالسير في الأرض؛ لأن السير يدني إلى الرائي مشاهدات جمة من مختلف الأرضين بجبالها وأنهارها ومحوياتها، ويمر به على منازل الأمم حاضرها وبائدها، فيرى كثيرًا من أشياء وأحوال لم يعتد رؤية أمثالها، فإذا شاهد ذلك جَالَ نظر فكره في تكوينها بعد العدم، جولانًا لم يكن يخطر له ببال حينما كان يشاهد أمثال تلك المخلوقات في ديار قومه؛ لأنه لما نشأ فيها من زمن الطفولة فما بعده قبل حدوث التفكير في عقله، اعتاد أن يمر ببصره عليها دون استنتاج من دلائلها، حتى إذا شاهد أمثالها مما كان غائبًا عن بصره، جالت في نفسه فكرة الاستدلال، فالسير في الأرض وسيلة جامعة لمختلف الدلائل، فلذلك كان الأمر به لهذا الغرض من جوامع الحكمة.
وجيء في جانب بدء الخلق بالفعل الماضي؛ لأن السائر ليس له من قرار في طريقه، فندر أن يشهد حدوث بدء مخلوقات، ولكنه يشهد مخلوقات مبدوءة من قبل، فيفطن إلى أن الذي أوجدها إنما أوجدها بعد أن لم تكن، وأنه قادرٌ على إيجاد أمثالها، فهو بالأحرى قادرٌ على إعادتها بعد عدمها64.
قال محمد إسماعيل إبراهيم: «وها هو القرآن يدعونا إلى التفكر في بدء الخلق منذ أن تصلبت قشرة الأرض الخارجية وتكونت عليها القارات والمحيطات، لذلك اجتهد علماء الجيولوجيا أن يقرأوا تاريخ الأرض من طبقات الصخور الرسوبية التي تراكمت عليها، وفي طياتها الكثير من بقايا الكائنات الحية التي عاشت عليها، سواء كانت لحيوان أو نبات، وهذه البقايا المتحجرة هي ما نسميه اليوم بالحفريات، وهي في واقعها سجل حافل بتاريخ الخليقة منذ بدايتها، وقد استطاع العلم بوسائله المتقدمة أن يقرأ كثيرًا من صفحات هذا السجل، ويعرف حقائق كثيرة عن نشأة الأرض وتطوراتها خلال الأزمنة الجيولوجية» 65.
كما أمر الله تعالى بالسير في الأرض لمعرفة الآيات الكونية التي حلت بالأمم السابقة.
قال تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [الأنعام:١١-١٣].
والمعنى: سيروا في الأرض لتعرفوا أحوال أولئك الأمم، وتفكروا في أنهم كيف أهلكوا لما كذبوا الرسل وعاندوا، فتعرفوا صحة ما توعظون به، وفي السير في الأرض، والسفر في البلاد، ومشاهدة تلك الآثار الخاوية على عروشها تكملة للاعتبار، وتقوية للاستبصار 66.
ثانيًا: التعقيب على الآيات الكونية بما يقتضي استنهاض العقول وتوجيه الأفهام:
عقب القرآن الكريم على الآيات الكونية بما يقتضي استنهاض العقول وتوجيه الأفهام نحو النظر والبحث في الآيات الكونية التي ذكرها.
قال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [يونس:٥-٦].
ويلاحظ أن الله ختم هذه الآيات الكونية بقوله: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) أي: ما يبين لهم، ويفقهون ما يميز لهم 67.
وختم الآيات الكونية الثانية بقوله: (ﯼ ﯽ ﯾ) أي: لأدلة وحججًا وأعلامًا واضحة لقوم يتقون الله، فيخافون وعيده ويخشون عقابه على إخلاص العبادة لربهم 68.
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [البقرة:١٦٤].
وكذلك قوله تعالى: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [آل عمران:١٨٩-١٩٠].
وختم هذه الآيات المذكورة بما يستنهض العقول للتفكير فيها بقوله: (ﭹ ﭺ ﭻ) وقوله تعالى: (ﮑ ﮒ ﮓ) وهي العقول، أي: لمن عقل مواضع الحجج، وفهم عن الله أدلته على وحدانيته.
فأعلم تعالى ذكره عباده، بأن الأدلة والحجج إنما وضعت معتبرًا لذوي العقول والتمييز، دون غيرهم من الخلق، إذ كانوا هم المخصوصين بالأمر والنهي، والمكلفين بالطاعة والعبادة، ولهم الثواب، وعليهم العقاب 69.
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [الأنعام:٩٥-٩٩].
وزاد سبحانه في ختم هذه الآيات على ما ختم به الآيات السابقات بقوله: ( ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ).
يقول تعالى: قد بينا الحجج، وميزنا الأدلة والأعلام وأحكمناها (ﮓ ﮔ)، مواقع الحجج ومواضع العبر، ويفهمون الآيات والذكر، فإنهم إذا اعتبروا بما نبهتهم عليه من إنشائي من نفس واحدة ما عاينوا من البشر، وخلقي ما خلقت منها من عجائب الألوان والصور، علموا أن ذلك من فعل من ليس له مثل ولا شريك فيشركوه في عبادتهم إياه70.
(ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) والمعنى: «إن في إنزال الله من السماء الماء الذي أخرج به نبات كل شيء، والخضر الذي أخرج منه الحب المتراكب، وسائر ما عدد في هذه الآية من صنوف خلقه لآيات، يقول: في ذلكم، أيها الناس، إذا أنتم نظرتم إلى ثمره عند عقد ثمره، وعند ينعه وانتهائه، فرأيتم اختلاف أحواله وتصرفه في زيادته ونموه، علمتم أن له مدبرًا ليس كمثله شيء، ولا تصلح العبادة إلا له دون الآلهة والأنداد، وكان فيه حجج وبرهان وبيان لقوم يؤمنون»71.
وقوله تعالى: (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [النحل:١١-١٣].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [النحل:٦٥-٦٩].
وقوله تعالى: (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الروم:١٩-٢٤].
وفي ختم هذه الآيات الكونية دعوة للتفكير فيها.
قال الإمام ابن جرير في تفسير الآية:«إن فيما وصفت وذكرت من عجائب خلق الله وعظيم قدرته التي خلق بها هذه الأشياء، لدلالات وحججًا وعظات، لقوم يتفكرون فيها، فيستدلون ويعتبرون بها، فيعلمون أن العبادة لا تصلح ولا تجوز إلا لمن خلقها ودبرها دون غيره من الآلهة والأصنام التي لا تقدر على ضر ولا نفع ولا لشيء غيرها، إلا لمن أنشأ ذلك فأحدثه من غير شيء تبارك وتعالى وأن القدرة التي أبدع بها ذلك، هي القدرة التي لا يتعذر عليه إحياء من هلك من خلقه، وإعادة ما فني منه وابتداع ما شاء ابتداعه بها» 72.
وقال الإمام ابن جرير في قوله تعالى: «(ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)؛ لأن المراد منه: الذين يسمعون هذه الحجج ويتفكرون فيها، فيعتبرون بها ويتعظون. ولم يرد به: الذين يسمعون بآذانهم، ثم يعرضون عن عبره وعظاته» 73.
وقوله تعالى: (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [الجاثية:٣-٦].
وختم الله تعالى هذه الآيات بما يستنهض العقول نحو اليقين، والمعنى: إن فى خلق الله إياكم أيها الناس، وخلقه ما تفرق في الأرض من دابة تدب عليها من غير جنسكم (ﭧ ﭨ ﭩ) يعني: حججًا وأدلة لقوم يوقنون بحقائق الأشياء، فيقرون بها، ويعلمون صحتها 74.
قال الإمام الرازي: «إنه تعالى ذكر في هذا الموضع ثلاثة مقاطع أولها: يؤمنون، وثانيها: يوقنون، وثالثها: يعقلون، وأظن أن سبب هذا الترتيب أنه قيل: إن كنتم من المؤمنين فافهموا هذه الدلائل، وإن كنتم لستم من المؤمنين، بل أنتم من طلاب الحق واليقين، فافهموا هذه الدلائل، وإن كنتم لستم من المؤمنين ولا من الموقنين، فلا أقل من أن تكونوا من زمرة العاقلين، فاجتهدوا في معرفة هذه الدلائل» 75.
وفي الجملة إن الله تعالى ختم هذه الآيات الكونية بما يدعو إلى العلم واليقين، واستخدام العقول والتفكر في هذه الآيات الكونية بما يؤدي إلى الإيمان بالله وتوحيده، وإخلاص العبادة له سبحانه.
ثالثًا: النعي على تاركي التفكر في الآيات الكونية:
نعى القرآن الكريم على تاركي التفكر في الآيات الكونية ووصفهم بأنهم فارغو العقول لا يفكرون في ما حولهم، وشنع عليهم تركهم التفكر.
قال تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [الروم:٨-١١].
وأمر بالنظر في ملكوت السماء والأرض وبالتفكر فيهما قائلًا: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [الأعراف:١٨٥].
وقوله تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [ق:٦].
وقوله تعالى: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [الروم:٨]76.
يقول الحق جل جلاله: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) أي: «أولم يثبتوا التفكر في أنفسهم، أي: في قلوبهم الفارغة، فيتفكروا بها في مصنوعات الله، حتى يعلموا أنها ما خلقت عبثًا، والتفكر لا يكون إلا في القلوب، ولكن زيادة تصوير لحال المتفكرين، كقوله: اعتقده في قلبك، أو: أو لم يتفكروا في أنفسهم، التي هي أقرب إليهم من غيرها، وهم أعلم بأحوالها، فيتدبروا ما أودعها الله تعالى، ظاهرًا وباطنًا، من غرائب الحكمة الدالة على التدبير من الحكيم القديم، وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى وقت تجازي فيه، على الإحسان إحسانًا، وعلى الإساءة مثلها، حتى يعلموا عند ذلك أن سائر الخلائق مثلها، وأنه لا بد لهم من الانتهاء إلى ذلك الوقت، فيعلموا أن ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى، أي: ما خلقها باطلًا وعبثًا من غير حكمة ولا لتبقى خالدة، وإنما خلقها مقرونة بالحق، مصحوبة بالحكمة البالغة، وتنتهي إلى أجل مسمى وهو قيام الساعة، ووقت الحساب، بالثواب والعقاب، فيخرب هذا العالم، ويقوم عالم آخر، لا انتهاء لوجوده»77.
فقد نعاهم وشنع بذكر ووصفهم بأنهم مكذبون وكافرون بهذه الآيات ووبخهم وتهكم عليهم.
فقال سبحانه: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [الأنبياء:٣٠-٣٢] 78.
وهذه الآية كقوله تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [يوسف:١٠٥].
وفي الآية نعي لمن لا يتفكر في الآيات الكونية.
قال أبو جعفر الطبري: «يقول جل وعز: وكم من آية في السماوات والأرض لله، وعبرة وحجة، وذلك كالشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك من آيات السماوات، وكالجبال والبحار والنبات والأشجار وغير ذلك من آيات الأرض (ﭣ ﭤ)، يقول: يعاينونها فيمرون بها معرضين عنها، لا يعتبرون بها، ولا يفكرون فيها وفيما دلت عليه من توحيد ربها، وأن الألوهة لا تنبغي إلا للواحد القهار الذي خلقها وخلق كل شيء، فدبرها» 79.
كما نعى الله من لم ينظر في الآيات الكونية بقوله تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [ق:٦-٨].
والمعنى في قوله تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتنا على إحيائهم بعد بلائهم: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)، فسويناها سقفًا محفوظًا، وزيناها بالنجوم، (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) يعني: وما لها من صدوع وفتوق، قوله: (ﮏ ﮐ ﮑ) والرواسي الجبال (ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ): أي من كل زوج حسن المنظر وقوله:( ﮙ) يقول: فعلنا ذلك تبصرة لكم أيها الناس نبصركم بها قدرة ربكم على ما يشاء، (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) يقول: وتذكيرًا من الله عظمته وسلطانه، وتنبيهًا على وحدانيته (ﮛ ﮜ ﮝ) يقول: لكل عبد رجع إلى الإيمان بالله، والعمل بطاعته 80.
الآيات الكونية في المثل القرآني
ضرب الله تعالى بالآيات الكونية مثلًا للعبرة والعظة، ومن ذلك قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [البقرة:١٧-٢٠].
فالآيات الكونية في الآية هي: النار والظلمات والصيب الذي هو المطر والرعد والبرق والصواعق، وهذا المثل ضربه الله تعالى للمنافقين في تجملهم بظاهر الإسلام وحقنهم دماءهم بما أظهروا، فمثل ما تجملوا به من الإسلام كمثل النار التي يستضيء بها المستوقد، وقوله: (ﭚ ﭛ ﭜ) معناه، إطلاع الله المؤمنين على كفرهم، فقد ذهب منهم نور الإسلام بما أظهر الله عز وجل من كفرهم، ويجوز أن يكون ذهب الله بنورهم في الآخرة، أي: عذبهم، فلانور لهم؛ لأن الله جل وعز قد جعل للمؤمنين نورًا في الآخرة، وسلب الكافرين ذلك النور، والدليل على ذلك قوله: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الحديد:١٣]81.
وقوله تعالى: ( ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) ثنى الله سبحانه وتعالى في شأنهم بتمثيل آخر لزيادة الكشف والإيضاح، شبه المنافق في التمثيل الأول بالمستوقد نارًا، وإظهار الإيمان بالإضاءة، وانقطاع انتفاعه بانطفاء النار، وهنا شبه دين الإسلام بالصيب؛ لأن القلوب تحيا به حياة الأرض بالمطر، وما يتعلق به من شبه الكفار بالظلمات، وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق، وما يصيبهم من الأفزاع والبلايا من جهة أهل الإسلام بالصواعق82.
وفي هذا المثل شبه سبحانه وتعالى حالهم بأمرين: كل واحد منهما تشبيهٌ قائمٌ بذاته.
أولهما: إنه سبحانه وتعالى شبه حالهم بحال قوم أصابهم مطر شديد ينصب عليهم انصبابًا، صحبه غمام بعد غمام، فيه ظلمة بعد ظلمة، وفيه رعد وبرق، وفيه الإنذار بالعذاب الشديد، فهم في خوف ووجل يحسبون كل صيحة فيها الموت، ويجعلون أصابعهم في آذانهم حذر الموت.
وفي هذا تصوير لنفس منافقة، فهي نفس تائهة فارغة، دائمًا لا تستقر على أمر، ولا تطمئن على قرار، فهم في اضطراب؛ لأنهم لا يؤمنون بشيء، والإيمان هو المطمئن دائمًا، ألا بذكر الله تطمئن القلوب.
وإذا كان التشبيه السابق يصور حالهم في طلب الدليل وعدم الأخذ به؛ لغلبة الهوى، وسيطرة الشهوة، والجحود الموروث، فهذا التشبيه يصور حالهم من هلع مستمر، وخوف من غير مخوف، ولذلك يقول بعض علماء النفس: إن النفاق منشؤه ضعف في النفوس 83.
(ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [البقرة:٢٦].
قال الإمام الرازي: «ولما كان كل بق وبعوضة داعيًا إلى معرفة الذات والصفات قال: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [البقرة:٢٦].
ذلك؛ لأن هذه البعوضة بحسب حدوث ذاتها وصفاتها تدعو إلى قدرة الله، وبحسب تركيبها العجيب تدعو إلى علم الله، وبحسب تخصيص ذاتها وصفاتها بقدر معين تدعو إلى إرادة الله، فكأنه تعالى يقول: مثل هذا الشيء كيف يستحيا منه» 84.
ومعنى الآية: إنه تعالى لا يترك ضرب المثل بالبعوضة، ترك من يستحيي أن يتمثل بها لحقارتها، فهو لا يستصغر شيئًا يضرب به مثلًا، ولو كان في الحقارة والصغر كالبعوضة، كما لا يستنكف عن خلقها، كذلك لا يستنكف عن ضرب المثل بها.
كما ضرب المثل بالذباب في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [الحج:٧٣].
وغير ذلك من أمثال الكتاب العزيز 85.
كما ضرب الله تعالى مثلًا بالكلب لمن ترك العمل بكتاب الله وآياته، قال تعالى: (ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الأعراف:١٧٥-١٧٧]86.
يقال: لهث الكلب يلهث لهثًا ولهاثًا إذا دلع لسانه، قال مجاهد: هذا مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به، والمعنى: أن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر، وإن تركته لم يهتد، فالحالتان عنده سواء، كحالتي الكلب، فإنه إن طرد وحمل عليه بالطرد كان لاهثًا، وإن ترك وربض كان لاهثًا، وهذا التمثيل لم يقع لكل كلب وإنما وقع بالكلب اللاهث، وذلك أحسن ما يكون وأبشعه 87.
قال الإمام الرازي: «واعلم أن هذا التمثيل ما وقع بجميع الكلاب، وإنما وقع بالكلب اللاهث، وأخس الحيوانات هو الكلب، وأخس الكلاب هو الكلب اللاهث، فمن آتاه الله العلم والدين فمال إلى الدنيا، وأخلد إلى الأرض، كان مشبهًا بأخس الحيوانات، وهو الكلب اللاهث، وفي تقرير هذا التمثيل أن كل شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب اللاهث فإنه يلهث في حال الإعياء، وفي حال الراحة، وفي حال العطش، وفي حال الري، فكان ذلك عادة منه وطبيعة، وهو مواظب عليه كعادته الأصلية، وطبيعته الخسيسة، لا لأجل حاجة وضرورة، فكذلك من آتاه الله العلم والدين وأغناه عن التعرض لأوساخ أموال الناس، ثم إنه يميل إلى طلب الدنيا، ويلقي نفسه فيها، كانت حاله كحال ذلك اللاهث، حيث واظب على العمل الخسيس، والفعل القبيح، لمجرد نفسه الخبيثة، وطبيعته الخسيسة، لا لأجل الحاجة والضرورة» 88.
وضرب الله مثلًا للحق وأهله والباطل وحزبه بقوله تعالى: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [الرعد:١٧].
قوله: (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) يعني: الماء والذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر والنحاس، قوله: (ﯶ ﯷ ﯸ)أي: يبقى ولا يذهب، جعل هذا مثلًا للحق والباطل في القلوب، يعني: أن الباطل كالزبد يذهب ويضيع ويهلك، والحق كالماء وكهذه الأشياء يمكث ويبقى في القلوب 89.
هذا مَثَلٌ ضربه الله للحق وأهله والباطل وحزبه، كما ضرب الأعمى والبصير والظلمات والنور مثلًا لهما، فمثل الحق وأهله بالماء الذي ينزله من السماء، فتسيل به أودية الناس، فيحيون به، وينفعهم أنواع المنافع، وبالفلز الذي ينتفعون به في صوغ الحلى منه، واتخاذ الأواني والآلات المختلفة، ولو لم يكن إلا الحديد الذي فيه البأس الشديد لكفى به، وأن ذلك ماكث في الأرض باقٍ بقاءً ظاهرًا، يثبت الماء في منافعه، وتبقى آثاره في العيون والبئار والجبوب، والثمار التي تنبت به مما يدخر ويكنز، وكذلك الجواهر تبقى أزمنة متطاولة، وشبه الباطل في سرعة اضمحلاله ووشك زواله وانسلاخه عن المنفعة، بزبد السيل الذي يُرمى به، وبزبد الفلز الذي يطفو فوقه إذا أذيب90.
وقد اشتملت هذه الآية الكريمة على مثلين مضروبين للحق في ثباته وبقائه، والباطل في اضمحلاله وفنائه، فقال تعالى: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) أي: مطرًا (ﯓ ﯔ ﯕ) أي: أخذ كل واد بحسبه، فهذا كبير وسع كثيرًا من الماء، وهذا صغير وسع بقدره، وهو إشارة إلى القلوب وتفاوتها، فمنها ما يسع علمًا كثيرًا، ومنها من لا يتسع لكثير من العلوم بل يضيق عنها، (ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) أي: فجاء على وجه الماء الذي سال في هذه الأودية زبدٌ عالٍ عليه، هذا مثل.
وقوله: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ)، هذا هو المثل الثاني، وهو ما يسبك في النار من ذهب أو فضة ابتغاء حلية، أي: ليجعل حلية نحاس أو حديد، فيجعل متاعًا، فإنه يعلوه زبد منه كما يعلو ذلك زبد منه، كذلك يضرب الله الحق والباطل، أي: إذا اجتمعا، لا ثبات للباطل ولا دوام له، كما أن الزبد لا يثبت مع الماء، ولا مع الذهب والفضة، ونحوهما مما يسبك في النار، بل يذهب ويضمحل، ولهذا قال: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) أي: لا ينتفع به، بل يتفرق ويتمزق، ويذهب في جانبي الوادي، ويعلق بالشجر، وتنسفه الرياح، وكذلك خبث الذهب والفضة والحديد والنحاس، يذهب ولا يرجع منه شيء ولا يبقى إلا الماء، وذلك الذهب ونحوه ينتفع به، ولهذا قال: (ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) كقوله تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [العنكبوت:٤٣].
وقال بعض السلف: كنت إذا قرأت مثلًا من القرآن فلم أفهمه، بكيت على نفسي، لأن الله تعالى يقول: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) 91.
وضرب الله عز وجل مثلًا للإيمان به بالشجرة الطيبة، وضرب مثلًا للكفر به بالشجرة الخبيثة، والشجرة من الآيات الكونية.
قال تعالى: (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [إبراهيم:٢٤-٢٦].
فجعل مثل المؤمن في نطقه بتوحيده والإيمان بنبيه واتباع شريعته، كالشجرة الطيبة، فجعل نفع الإقامة على توحيده كنفع الشجرة الطيبة التي لا ينقطع نفعها وثمرها، وجاء في التفسير أن الشجرة الطيبة النخلة، والدليل على أن هذا المثل يراد به توحيد الله، والإيمان بنبيه وشريعته قوله عز وجل: (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [إبراهيم:٢٧]92.
قال الإمام ابن كثير: «قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: (ﯷ ﯸ ﯹ) شهادة أن لا إله إلا الله، كشجرة طيبة وهو المؤمن، (ﯼ ﯽ) يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن، (ﯾ ﯿ ﰀ) يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء، وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد: إن ذلك عبارة عن عمل المؤمن، وقوله الطيب، وعمله الصالح، وإن المؤمن كشجرة من النخل لا يزال يرفع له عمل صالح في كل حين ووقت وصباح ومساء»93.
وضرب الله مثلًا لحالة المؤمن، ونور الله في قلبه، أن فطرته التي فطر عليها، بمنزلة الزيت الصافي، ففطرته صافية بقوله تعالى: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [النور:٣٥].
قال الإمام الماوردي: «قوله تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) فيه أربعة أقاويل:
أحدها: معناه الله هادي السماوات والأرض، قاله ابن عباس وأنس.
الثاني: الله مدبر السماوات والأرض، قاله مجاهد.
الثالث: الله ضياء السماوات والأرض، قاله أٌبيٌ.
الرابع: منور السماوات والأرض، فعلى هذا فبما نورهما به ثلاثة أقاويل:
أحدها: الله نور السماوات بالملائكة ونور الأرض بالأنبياء.
الثاني: أنه نور السماوات بالهيبة ونور الأرض بالقدرة.
الثالث: نورهما بشمسها وقمرها ونجومها، قاله الحسن، وأبو العالية.
(ﮮ ﮯ) فيه أربعة أقاويل:
أحدها: مثل نور الله، قاله ابن عباس.
الثاني: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن شجرة.
الثالث: مثل نور المؤمن، قاله أٌبيٌ.
الرابع: مثل نور القرآن، قاله سفيان.
فمن قال: مثل نور المؤمن، يعني في قلب نفسه، ومن قال: مثل نور محمد، يعني في قلب المؤمن، ومن قال: نور القرآن، يعني في قلب محمد، ومن قال: نور الله، فيه قولان:
أحدهما: في قلب محمد.
الثاني: في قلب المؤمن.
(ﮰ ﮱ ﯓ) فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أن المشكاة كُوَة لا منفذ لها والمصباح السراج، قاله كعب الأحبار.
الثاني: المشكاة القنديل والمصباح الفتيلة، قاله مجاهد.
الثالث: المشكاة موضع الفتيلة من القنديل الذي هو كالأنبوب، والمصباح الضوء قاله ابن عباس.
الرابع: المشكاة الحديد الذي به القنديل وهي التي تسمى السلسلة والمصباح هو القنديل، وهذا مروي عن مجاهد أيضًا.
الخامس: أن المشكاة صدر المؤمن والمصباح القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه، قاله أُبيٌ.
والمشكاة لفظ حبشي معرب.
(ﯕ ﯖ ﯗ)فيه قولان:
أحدهما: يعني أن نار المصباح في زجاجة القنديل؛ لأنه فيها أضوأ، وهو قول الأكثرين.
الثاني: أن المصباح القرآن والإيمان، والزجاجة قلب المؤمن، قاله أُبَيٌ.
(ﯛ ﯜ) أما الكوكب ففيه قولان:
أحدهما: أنه الزهرة خاصة، قاله الضحاك.
الثاني: أنه أحد الكواكب المضيئة من غير تعيين، وهو قول الأكثرين.
وأما (ﯜ) فتأويلها أنه مضيء يشبه الدر لضيائه ونقائه»94.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: «لا خلاف بين المحققين الذين ينزلون التفسير منازله، ويضعون التأويل مواضعه من غير إفراط ولا تفريط، أن هذا مثل ضربه الله لنوره، ولا يمكن أن يضرب لنوره المعظم مثلًا تنبيهًا لخلقه إلا ببعض خلقه؛ لأن الخلق بقصورهم لا يفهمون إلا بأنفسهم ومن أنفسهم، ولولا ذلك ما عرف الله إلا الله وحده، وأنور المصابيح في الدنيا مصباح يوقد من دهن الزيتون، ولا سيما إذا كانت مفردة قد تباعد عنها الشجر فخلصت من الكل، وأخذتها الشمس من كل جانب، فذلك أصفى لنورها، وأطيب لزيتها، وأنضر لأغصانها، وذلك معنى بركة هذه الشجرة التي فهمها الناس» 95.
وضرب الله مثلًا للذين اتخذوا الآلهة والأوثان من دون الله أولياء يرجون نصرها ونفعها عند حاجتهم إليها في ضعف احتيالهم، وقبح رواياتهم، وسوء اختيارهم لأنفسهم، بآية كونية هي العنكبوت في ضعفها، وقلة احتيالها لنفسها، اتخذت بيتًا لنفسها، كيما يكنها، فلم يغن عنها شيئا عند حاجتها إليه بقوله تعالى: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [العنكبوت:٤١-٤٣].
فكذلك هؤلاء المشركون لم يغن عنهم حين نزل بهم أمر الله، وحل بهم سخطه أولياؤهم الذين اتخذوهم من دون الله شيئًا، ولم يدفعوا عنهم ما أحل الله بهم من سخطه بعبادتهم إياهم 96.
وذلك أن بيت العنكبوت لا بيت أضعف منه، فيما يتخذه الهوام في البيوت، ولا أقل وقاية منه من حر أو برد، والمعنى: أن أولياءهم لا ينقصونهم، ولا يرزقونهم ولا يدفعون عنهم ضررًا، كما أن بيت العنكبوت غير موق للعنكبوت 97.
كما ضرب الله تعالى مثلًا كونيًا بالجبل في خشوعه لو أنزل عليه القرآن الكريم.
قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [الحشر:٢١].
قال الإمام ابن جرير: «يقول تعالى: لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدع وخشع من ثقله، ومن خشية الله، فأمر الله عز وجل الناس إذا أنزل عليهم القرآن، أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع، قال: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ)» 98.
أي: أنه لو جعل في الجبل تمييز، وأنزل عليه القرآن لخشع وتشقق وتصدع من خشية الله مع صلابته ورزانته، حذرًا من أن لا يؤدي حق الله عز وجل في تعظيم القرآن، والكافر يعرض عما فيه من العبر كأن لم يسمعها، يصفه بقساوة القلب، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون 99.
والآيات الكونية التي ضرب الله تعالى بها المثل كثيرة، وفيما سبق كفاية وغنية.
الإشارات الإعجازية لعلوم الكون في القرآن
تضمن القرآن الكريم إشارات إعجازية لعلوم الكون في علم الفيزياء وعلم الجيولوجيا، وفي علم الكيمياء، وفي علم الأحياء، ويمكن بيان ذلك في المطالب الآتية:
أولًا: الإشارات الإعجازية في الفيزياء:
إن مصطلح الفيزياء مشتق من كلمة إغريقية معناها الأشياء الطبيعية، وعلم الفيزياء أو علم الطبيعة هو: العلم المختص بدراسة المادة والطاقة، وأسباب سلوكها المشاهد وكيفية إنتاج الطاقة، وكيفية التحكم فيها، وكيف يؤثر بعضهما في الآخر على مدى الزمان والمكان 100.
والآيات التي تضمنت إشارات لعلم الفيزياء كثيرة منها:
١. قوله تعالى: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [السجدة:٥] تشير الآية إلى سرعة الضوء.
ففي سنة ١٦٧٦م قدم الفلكي «أولاس رومر» الدليل على أن سرعة الضوء غير لحظية كما ذكرت ذلك الموسوعة البريطانية، واستمرت بعده القياسات ثلاثة قرون إلى أن اعتمدت في باريس سنة ١٩٨٣ أثناء انعقاد المؤتمر الدولي للمعايير حيث قدرت سرعة الضوء في الفراغ بـ: ٢٩٩٧٩٢.٤٥٨ كم/ثانية، هذا ما توصل إليه العلماء في أواخر القرن العشرين، كما ذكرت أيضًا الموسوعة البريطانية.
والقرآن الكريم قد أعطى معادلة دقيقة تؤكد صحة ما وصل إليه المؤتمر الدولي للمعايير في باريس عام ١٩٨٣م.
وصاحب هذا الاكتشاف هو أحد العلماء المسلمين المتخصصين في الفيزياء وهو الدكتور محمد دودح مستشار لدى هيئة الإعجاز العلمي، حيث استنبط من قوله تعالى: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [السجدة:٥] أن الأمر المقصود به في الآية هو الأمر الكوني الفيزيائي في حياتنا الدنيا، وقد قال بهذا أيضًا من قبله بعض المفسرين: فعن قتادة (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) من أيامكم ( ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ)يقول: مقدار مسيره في ذلك اليوم ألف سنة مما تعدون من أيامكم من أيام الدنيا خمسمائة سنة نزوله، وخمسمائة صعوده فذلك ألف سنة، وعن الضحاك: (ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) قال: تعرج الملائكة إلى السماء، ثم تنزل في يوم من أيامكم هذه، وهو مسيرة ألف سنة، وعن عكرمة (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) قال: من أيام الدنيا، وعن ابن عباس في قوله: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) من أيامكم هذه، مسيرة ما بين السماء إلى الأرض خمسمائة عام 101.
وأما قوله تعالى: (ﮚ ﮛ) فقد ذكر البغوي والخازن وغيرهم أن: السنة مبنية على سير القمر ومعنى ذلك أن العرب كانت تعتمد في حساب الزمن على الحساب القمري، كما كانوا يعبرون عن المسافة بالزمن؛ كأن يقولوا: مسافة ثلاثة أيام، والقرآن نزل بلغة العرب فقال: (ﮚ ﮛ) 102.
والمعادلة القرآنية = المعادلة العلمية
في يوم كان مقداره (زمن يوم أرضي) الزمن ألف سنة مما تعدون (بالحساب القمري) = ١٢٠٠٠ دورة قمرية المسافة.
الأمر الكوني = ألف سنة مما تعدون ١٢٠٠٠ دورة قمرية / زمن يوم أرضي السرعة = المسافة / الزمن.
وجه الإعجاز في الآية القرآنية:
هو أنها اعتبرت الحد الأقصى للسرعة الكونية في الفراغ تعادل دوران القمر حول مداره اثنتي عشرة ألف دورة، ومن ثم استنبط الدكتور محمد دودح المعادلة التي تعطي الرقم الصحيح لحساب سرعة الأمر الإلهي، وقد توصل الدكتور محمد دودح إلى أن الرقم القرآني ينطبق تمامًا مع الرقم الذي أعلنه المؤتمر الدولي للمعايير في باريس سنة ١٩٨٣م وهو ٢٩٩٧٩٢.٤٥٨ كم/ثانية103.
٢. قوله تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [الأنبياء:٣٠].
تشير الآية إلى أصل تكوين السماء والأرض، وهي من موضوعات علم الفيزياء.
فقد بين القرآن أن السماوات والأرض كانتا شيئًا واحدًا، وأن الأرض انفصلت عن السماء وتكونت فيها القشرة الأرضية، وكان عليها الماء، ومنه كانت الأحياء التي خلقها الله تعالى.
قال تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [الأنبياء:٣٠-٣٢].
والنص الكريم صريح في أن السماوات والأرض كانت كونًا واحدًا، وفصل الله تعالى جزءًا منه وهو الأرض، وكانت فيها هذه الحياة التي يحياها الحيوان والطير في السماء، والسمك في الماء، والزرع في الفيحاء.
وإذا كان العلماء اليوم يقررون أن الكون ابتدأ خلقه بالسديم، وهو يشبه الدخان، فقد صرح القرآن الكريم قبل ذلك، وقبل أن يعلموا.
فقال الله تعالى في خلق السماوات والأرض: (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [فصلت:٩-١٢]104.
ويبين سبحانه أن السماء والأرض كانت دخانًا، وهو السديم الذي يقوله العلماء وقد اجتهد علماء الفلك والطبيعة في وضع نظريات متعددة لكيفية حدوث هذا الانفصال، ومنها نظرية الانفجار العظيم، ولا داعي للخوض في تلك النظريات.
واستطاع علماء الجيولوجيا بوسائلهم المتخصصة أن يعطوا تاريخًا مطلقًا لبدء وجود الأرض بكيانها المستقل عن بقية الأجرام السماوية، وقدروا أنه كان منذ حوالي أربعة آلاف وخمسمائة مليون عام من أعوامنا المعروفة 105.
٣. قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [الأنعام:١٢٥].
يشير إلى أن الضغط الجوي يقل بالارتفاع عن سطح الأرض.
فقد عكف العلماء على دراسة الهواء وغازاته، ثم حاولوا قياس ارتفاعه ومعرفة مقدار تخلخله واستعانوا أخيرًا بأحدث وسائلهم -الصواريخ- لمعرفة الحقيقة كاملة، ولكن الحقيقة لم تتكشف بكامل صورتها حتى الآن أمام أعينهم، حتى بعد هذه الجهود المتتالية إنهم حاولوا تذليل الجو وتعبيد مسالكه، فوقفت دونهم صعاب تغلبوا عليها بالعلم، ومن بين الصعاب مسألتان أشار إليهما كتاب الله الأعظم 106:
الأولى: صعود الإنسان في السماء.
الثانية: ما يحدث للإنسان في أثناء هذا الصعود.
ويَصْحَب الصعود في الجو أربع ظواهر:
فكلما ارتفع الإنسان قل الضغط فتخلخل الهواء وهذا يسبب للإنسان ضيقًا في التنفس يمتد كلما زاد الارتفاع، وقد يؤدي نقص الضغط إلى تمدد الغازات في معدة الطيار وأمعائه فيسبب له تقلصات عنيفة.
وهناك أيضًا حدوث انتفاخ يدفع الحجاب الحاجز إلى أعلى فيضغط على القلب والرئتين مما يسبب الإغماء للطيار أحيانًا، وكذلك يكون الطيار معرضًا لنوبات حادة من السعال؛ لأن الهواء في الارتفاع الشاهق تنقصه الكثافة الكافية لتنظيف قناة التنفس من المواد المهيجة لها، وينتج عن قلة الضغط ظاهرة أخرى، فكلما ارتفع الإنسان إلى أعلى نقص الضغط الجوي، على حين يظل الضغط الداخل للجسم كما هو، فيختل التوازن بين الضغطين:
فإذا وصل الإنسان إلى ارتفاع عظيم لم يصبح في الإمكان حفظ التوازن بين هذين الضغطين، فينبثق الدم من فتحات الأنف والفم وتنفجر طبلة الأذن إلى الخارج، ويصحب ذلك اختناق ثم وفاة أكيدة 107.
٤. قال تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [الأنبياء:٣٢].
تقرر هذه الآية الكريمة أن السماوات وما فيها من أجرام حافظة لكيانها ومتماسكة فيما بينها ولا خلل يعتورها ومحفوظة من أن تقع على الأرض، هي كل ما علانا، وهي تبدأ بالغلاف الهوائي الذي يحمى أهل الأرض من كثير من أهوال الفضاء التي لا تستقيم معها الحياة بأي حال، مثل: الشهب، والنيازك، والأشعة الكونية، وفوق الأرض الغلاف الهوائي الذي تحتفظ به الأرض بقوة الجاذبية، ولا سبيل إلى فقده في خضم الفضاء المتناهي، وفوق الغلاف الهوائي أجرام السماء على أبعاد مختلفة وتدور دوراتها المنتظمة في أفلاكها منذ أن خلقها الله تعالى.
وقانون الجاذبية توجد في الكون نظم لها قوانين لا تتبدل ولا تتغير منذ الأزل، ومن أول هذه القوانين قانون الجاذبية الذي يعمل على تجميع شتات الأجزاء المادية المتقاربة في أبعاد دقيقه محددة، ولولا قوة هذا القانون لسقطت الكائنات في هاوية الفضاء، ويتركز ثقل الأرض في مركز تكورها، أي: أن الأرض تجذب الأجسام التي عليها نحوه، وقد اكتشف هذا القانون نيوتن العالم الإنجليزي الذي لاحظ يومًا أن تفاحة سقطت من شجرتها على الأرض، فأخذ يفكر في سبب سقوطها إلى أن وصل إلى قانون الجاذبية الذي يثبت أن كل جسم مادي يجذب غيره من الأجسام المادية بقوة تزيد أو تنقص حسب الكتلة والمسافة بينهما، وهذا هو القانون الذي يربط الأجرام السماوية ويحفظ تماسكها وانتظامها في مداراتها 108.
٥. قوله تعالى: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [الواقعة:٧٥-٧٦] .
وتشير الآية إلى أن المسافات بين النجوم عظيمة، وهي مما يدرسه علم الفيزياء.
يقسم المولى تبارك وتعالى بمواقع النجوم؛ لأن القسم بمواقعها يوجه الانتباه إلى أن المسافات بين النجوم تبلغ حدودًا لا يتصورها الخيال، فمثلًا: نجد أن أقرب نجم إلينا في مجرتنا وهي: الشمس تبعد عنا بمقدار (٥٠٠) ثانية ضوئية، بينما النجم الذي يليها في القرب يبعد عنا بمقدار أربع سنوات ضوئية تقريبًا، والسنة الضوئية تدل على مدى المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة، علمًا بأن سرعة الضوء تساوى(٣٠٠) ألف كيلومتر في الثانية، ثم إن هناك مدلولًا علميًا آخر عن مواقع النجوم، وهي أن موقع الشمس موقع بالغ الدقة في وضعه لكي تستقيم معه الحياة على كوكبنا الأرضى؛ لأنها لو تقدمت عن موضعها الحالى لاحترقت الأرض من شدة حرارتها، ولو تأخرت عن موضعها لبردت الأرض وتجمدت فيها البحار والمحيطات وتصير غير صالحة لحياة البشر عليها 109.
والآيات التي تشير إلى علم الفيزياء كثيرة، وإنما يكفي في ذلك ما يؤدي الغرض.
ثانيًا: الإشارات الإعجازية في الجيولوجيا:
الجيولوجيا هو: علم طبقات الأرض، وتكوينها والقوى التي تغيرها، وتحاول الجيولوجيا أن توضح كيف تشكلت الأرض وكيف تتغير، ويقوم العلماء الذين يسمون (الجيولوجيون)، بدراسة الصخور والترب والجبال والأنهار والمحيطات والكهوف، بالإضافة إلى الأجزاء الأخرى من الأرض110.
وهناك آيات في كتاب الله تعالى تشير إلى علم الجيولوجيا منها ما يأتي:
١. قوله تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [الرعد:٤].
فالآية تشير إلى طبقات القشرة الأرضية، فمن عجائب قدرة الله أن في الأرض قِطَعٌ يجاور بعضها بعضًا، وهي مختلفة التربة؛ بعضها قاحل، وبعضها خصب، وإن اتحدت التربة ففيها حدائق مملوءة بكروم العنب، وفيها زرع يحصد، ونخيل مثمر، وهي مجتمعة ومتفرقة، ومع أنها تسقى بماء واحد يختلف طعمها، وإن في ذلك دلائل واضحة على قدرة الله تعالى لمن له عقل يفكر به 111.
٢. وقوله تعالى: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [النبأ:٦-٧] .
وقوله تعالى: ( ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [لقمان:١٠].
وقوله تعالى: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الحجر:١٩].
فالآية تشير إلى دراسة الجبال وهي من صميم علم الجيولوجيا، فالجبال أوتاد، وهي رواسي، وهي ضمان لثبات القشرة الأرضية ومنعها من أن تضطرب ويختل توازنها 112.
٣. وقوله تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [ق:٦].
والآية تشير إلى كيفية البناء لهذه المجرات، وكيف تتشكل وكيف تزين السماء كما تزين اللآلئ العقد، وتأمل أيضًا ماذا يقول البيان الإلهي مخاطبًا هؤلاء العلماء وغيرهم من غير المؤمنين: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [ق:٦] حتى الفراغ بين المجرات والذي ظنه العلماء أنه خالٍ تمامًا، اتضح حديثًا أنه ممتلئ تمامًا بالمادة المظلمة، وهذا يثبت أن السماء خالية من أية فروج أو شقوق أو فراغ 113.
ثالثًا: الإشارات الإعجازية في الكيمياء:
الكيمياء هي: علم يدرس المواد الطبيعية والاصطناعية لتحديد تراكيبها ومكوناتها والتغيرات التي تحدث عندما تتحد مع بعضها لتشكل مواد أخرى 114.
وهناك آيات تشير إلى علم الكيمياء منها:
١. قوله تعالى: ( ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [الأنبياء:٣٠]فالآية من أبلغ ما جاء في القرآن في تقرير حقيقة علمية أدرك العلماء سرها فمعظم العمليات الكيماوية اللازمة للحياة والنمو تحتاج إلى الماء، وهو العنصر الأساسي لاستمرار الحياة لجميع الكائنات والنباتات115.
ويقرر العلم الحديث في تفسير هذه الآية الكريمة أن الماء يدخل في بناء أي جسم حي إذ هو في الحقيقة قوام حياته، فالماء في نظر العلم هو المكون الأصلي في تركيب مادة الخلية، والخلية هي وحدة البناء في كل شيء حي نباتًا كان أو حيوانًا، كما أن علم الكيمياء في أبحاثه الحديثة قد أثبت أن الماء عنصر لازم وفعال في كل ما يحدث من التحولات والتفاعلات التي تتم داخل الأجسام، فهو إما وسط، أو عامل مساعد، أو داخل في هذا التفاعل أو ناتج عنه، وتقول الآيات الكريمة في قصة خلق آدم أبي البشر عليه السلام أنه خلق من طين، والطين هو خليط من الماء والتراب، أي: أن الماء عنصر أساسي في تكوين أي شيء حي 116.
٢. وقوله تعالى: (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [النحل:٦٨-٦٩].
اشتملت الآية الكريمة على إشارات إلى علم الكيمياء وكثير من النواحي الطبية التي اكتشفها الطب الحديث والتي تعتبر من معجزات القرآن العلمية، لقد أثبتت جميع المعامل الطبي العالمية أن عسل النحل يشتمل على مواد تعالج الكثير من الأمراض، كما أن له مفعولًا كبيرًا في شفاء الكثير من الأمراض؛ لأنه يقتل الكثير من الميكروبات، ثم هو يحتوي على نسبة عظيمة من الفيتامينات والجلوكوز على أنه ضد التسمم الناشئ من أمراض التسمم البولي، والاضطرابات المعدية، والمعوية، وأكبر منشط للكبد، وأن التحليل العلمي للآية الكريمة يقتضي منا أن نتحدث عن مشتملات العسل على الترتيب الآتي:
أولًا: الخمائر.
ثانيًا: الأملاح المعدنية الموجودة في العسل.
ثالثًا: العسل قلوي.
رابعًا: الفيتامينات الموجودة في العسل.
وبتقدم علم الكيمياء أمكن تحليل العسل ومعرفة تركيبه الكيماوي بدقة كبيرة، فالعسل يتكون أساسًا من سكري العنب والفواكه، وعدد كبير من الأملاح المعدنية، والخمائر والفيتامينات، والمركبات النباتية الفعالة ونسبة من الماء.
وجميع السكريات التي تدخل الجسم معقدة التركيب ولا يمكن للجسم أن يستفيد منها إلا بعد تحليلها.. أما عسل النحل فإن الجسم سيفيد منه سريعًا 117.
٣. وقوله تعالى: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [مريم:٢٥].
أثبت التحليل العلمي للرطب أنه يحتوي على مادة تخفف ضغط الدم عند السيدات الحوامل، وتؤثر تأثير كبيرًا في مساعدة السيدات الحوامل على سهولة الولادة، وقد قدم الدكتور عبد العزيز شرف بحثًا علميًا عن الرطب وتأثيره على الحامل أثبت فيه أن التمر يقوي انقباضات عضلات الرحم وخصوصًا في الشهور الأخيرة من الحمل، ويقول الدكتور شرف أنه استرشد في بحثه هذا بالآية القرآنية الكريمة من سورة مريم (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ).
ويقول أيضًا: إن الرطب له تأثيره الخاص على حركة الأمعاء، على أن الرطب يعادل اللحم في قيمته الغذائية ويتفوق عليه بما يعطيه من سعرات حرارية ومواد معدنية وسكرية، بالإضافة إلى أنه غني بالكلسيوم والفسفور والحديد ويحتوي على غالبية الفيتامينات الهامة، كما أنه يفيد في وقاية الجسم، وعلاجه من أمراض العيون وضعف البصر والأمراض الجلدية والأنيميا ولين العظام 118.
رابعًا: الإشارات الإعجازية في الأحياء:
علم الأحياء هو: علم طبيعي يعنى بدراسة الحياة والكائنات الحية والنباتات، بما في ذلك هياكلها ووظائفها ونموها وتطورها وتوزيعها وتصنيفها، والأحياء الحديثة هي ميدانٌ واسعٌ يتألف من العديد من الفروع والتخصصات الفرعية، لكنها تتضمن بعض المفاهيم العامة الموحدة التي تربط بين فروعها المختلفة وتسير عليها جميع الدراسات والبحوث، ينظر إلى الخلية في علم الأحياء عمومًا باعتبارها وحدة الحياة الأساسية، والجين باعتباره وحدة التوريث الأساسية، والتطور باعتباره المحرك الذي يوجد الأنواع الجديدة 119.
١. من الآيات التي تشير إلى هذا العلم قوله تعالى: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الحج:٥].
وفي هذه الآيات الكريمات بين سبحانه وتعالى كيف ابتدأ خلق الإنسان من طين، ثم جاءته الأطوار المختلفة حتى آل إلى القبر، ثم كيف خلق الأحياء في الأرض من نبات وحيوان، واهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، وأن كل ذلك دليل على قدرة المنشئ علام الغيوب، بديع السماوات والأرض، وأنه على ما يشاء قدير.
٢. وقوله تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الطارق:٥-٨].
ظهر من الدراسات الطبية الحديثة أن الصلب هو منطقة العمود الفقري للرجل وأن الترائب هي عظام الصدر للمرأة، كما أظهرت للتحاليل الكيمائية أن الماء الدافق هو سائل الرجل المنوي الذي يحتوي على الحيوانات الحية في النطفة، وقد سمي دافقًا؛ لأنه يندفع وقت الملامسة الجنسية من ذكر الرجل وحده دون الأنثى التي لا يتدفق منها سوى إفرازات تسيل لمجرد تليين الجهاز التناسلي وترطيبه 120.
٣. وقوله تعالى: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الذاريات:٤٩].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [النجم:٤٥].
وقوله تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ) [الشعراء:٧-٨].
وقوله تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [لقمان:١٠].
وقد دل علم الأحياء على أن الكائنات الحية تنقسم إلى ذكر وأنثى، سواء في الحيوان والنبات، وقد يكون الذكر والأنثى في الزهرة الواحدة أو الشجرة الواحدة أو في شجيرات، ويتم التلقيح إما بالريح أو الطير، وسبحان الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
وخلق الأزواج ظاهرة مطردة في الأحياء كلها، النبات فيها كالإنسان، ومثل ذلك غيرهما.. قال تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [يس:٣٦].
فنعم الخالق العظيم الذي خلق الأزواج من كل شيء.. من أنفسنا كبشر، ومن الحيوان والطير والنبات.. ومن الأشياء التي تحيط بنا من ماء وهواء وسحاب ومن الذرات التي لا نراها بالعين المجردة.. وإنها لوحدة تشي بوحدة اليد المبدعة، التي توجد قاعدة التكوين مع اختلاف الأشكال والأحجام والأنواع والأجناس والخصائص والسمات، في هذه الأحياء التي لا يعلم علمها إلا الله، وقد أصبح معلومًا أن الهواء مكون من التزاوج بين الأكسجين وأكسيد الكربون، وأن الماء مكون من التزاوج من الهيدروجين والأكسجين.. وأن دم الإنسان يكون من التزاوج بين الكريات الحمر والكريات البيض.. وأن الذرة أصغر ما عرف من أجزاء المادة مؤلفة من زوجين مختلفين من الإشعاع الكهربي: سالب وموجب، يتزاوجان ويتحدان.. كذلك شوهدت ألوف من الثنائيات النجمية، تتألف من نجمين مرتبطين يشد كلاهما الآخر، ويدوران في مدار واحد كأنما يوقعان على نغمة رتيبة 121.
٤. وقوله تعالى: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [عبس:٢٤-٣٢].
النبات طعام البشر وطعام الأنعام، فالنبات طعام للبشر بصورة مباشرة، وبصورة غير مباشرة حينما يأكل ما أحل الله له من حيوان البر وحيوان البحر.
جعل الله في النبات جمالًا وبهجة يشعر بها البشر، وجعلها الله زخرفًا وزينة، قال سبحانه: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [ق:٧].
وقال جل وعلا: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [يونس:٢٤]122.
فالآيات السابقة بيان لقدرة الله وعظمته في الإبانة عن منشأ النبات وتعدده، والارتباط الوثيق بين الحيوان والنبات؛ فالكائن الحي لا يتغذى إلا من أصله الذي تكون منه؛ ولذا أمر الإنسان أن يتدبر قصة طعامه، الذي هو ألصق شيء به، وسيجد أنه من الطين والماء.
إن الله صب الماء من السماء صبًا، ثم شق الأرض بجذر النبات، شقه شقًا فأنبت فيها حبًا وعنبًا وقضبًا.
وصب الماء في صورة المطر حقيقة يعرفها كل إنسان في كل بيئة، وفي أي درجة كان من درجات المعرفة والتجربة، والله الذي لا شريك له هو الذي صب الماء، وهو الذي قدر أن يكون الماء العامل الأول في خلق كل نبات، ولنا عود لهذا الموضوع بعد قليل.
ثم تأتي المرحلة التالية لصب الماء، وهي شق الأرض شقًا بجذر النبات؛ لتتكون الجذور الممتدة خلال التربة، أو أن يشق النبت تربة الأرض شقًا بقدرة الله الخالق، وينمو على وجهها، ويمتد في الهواء فوقها، وربما شقت النبتة الصفراء الملتوية الهشة الأرض الصلبة الجافة، أو الصخرة العاتية نافذة إلى أعلى مكونة الساق والأوراق.
إذن على الإنسان أن ينظر إلى طعامه الذي به قوامه، كيف تفضل الله به عليه؛ فصار في أشد الحاجة إليه، وكيف حول الله له بعض عناصر الأرض طعامًا هنيئًا في شكل جميل ولون جذاب، وطعم مستساغ حلو المذاق.
وجعل الله هذا الأصل الواحد أزواجًا وأشكالًا، من حيث هو مأكول كالقمح والذرة والفول وغيرها من البقول، أو هو فاكهة لذيذة كالعنب والنخيل، وغير هذا كثير مما يؤكل قضبًا؛ كالقثاء والتفاح، وهذه الحدائق الفيح الملتفة الأغصان، وهذه السهول الخضر.. كلها متاع للإنسان والأنعام123.
ضوابط التفسير العلمي للآيات المتعلقة بالكون
قبل بيان ضوابط التفسير العلمي للآيات الكونية يستحسن بيان معنى التفسير العلمي، فهو كما عرفه الدكتور فهد الرومي بأنه: «اجتهاد المفسر في كشف الصلة بين آيات القرآن الكريم الكونية ومكتشفات العلم التجريبي، على وجه يظهر به إعجاز للقرآن»124.
وعرفه الشيخ عبد المجيد الزنداني بأنه: «الكشف عن معاني الآية أو الحديث، في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية» 125.
وقد انقسم المفسرون في حكم التفسير العلمي للآيات الكونية إلى ثلاثة أقوال:
وهذا الرأي الثالث هو الرأي المختار.
فلا رفض مطلق ولا قبول مطلق بل وسط بين طرفين وجمع بين حقيقتين حقيقة قرآنية ثابتة بالنص الذي لا يقبل الشك، وحقيقة علمية ثابتة بالتجربة والمشاهدة القطعيين.
وقد وضع العلماء القائلون بالتفسير العلمي ضوابطًا للتفسير العلمي وهي:
الطريق الأول: المتخصصون في الدراسات الطبيعية (الكونية).
الطريق الثاني: المتخصصون في الدراسات التفسيرية.
وذلك من خلال هيئة علمية يجتمع فيها الفريقان بحيث يضع الطبيعيون الحقائق العلمية التي توصل إليها العلم الحديث، ومن ثم يضع المفسرون التفسير الذي يتوافق مع القرآن الكريم، مع اعتبار الضوابط الأخرى المذكورة سابقًا، إلا إذا كان العالم بالعلوم الكونية ممن يجمع بين علوم القرآن وعلوم الكون فيمكنه تفسير الآيات إذا كان أهلًا لذلك.
وقد اهتم علماء المسلمين بهذا الجانب من جوانب الإعجاز في القرآن الكريم، وأن جهودًا كبيرة قد بذلت في هذا المجال، ولعل من أبرز ما تمخضت عنه هذه الجهود: إنشاء هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في إطار رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، تلك الهيئة التي حددت أهداف نشاطها فيما يلي:
أولًا: وضع القواعد والمناهج، وطرق البحث العلمي التي تضبط الاجتهادات في بيان الإعجاز العلمي للقرآن والسنة.
ثانيًا: إعداد جيل من العلماء والباحثين لدراسة المسائل العلمية والحقائق الكونية في ضوء ما جاء في القرآن والسنة.
ثالثًا: صبغ العلوم الكونية بالصبغة الإيمانية، وإدخال مضامين الأبحاث المعتمدة في مناهج التعليم في شتى مؤسساته ومراحله.
رابعًا: الكشف عن دقائق معاني الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث الشريفة المتعلقة بالعلوم الكونية في ضوء الكشوف العلمية الحديثة، ووجوه الدلالة اللغوية، ومقاصد الشريعة الإسلامية دون تكاليف.
خامسًا: إمداد الدعاة والإعلاميين في العالم: أفرادًا ومؤسسات بالأبحاث المعتمدة للانتفاع بها، كلٌ في مجاله.
سادسًا: نشر هذه الأبحاث بين الناس بصورة متناسبة مع مستوياتهم العلمية والثقافية، وترجمة ذلك إلى لغات المسلمين المشهورة، واللغات الحية في العالم، وكان من إصدارتها من الكتب في هذا المجال ما يأتي:
موضوعات ذات صلة: |
الأرض، الرياح، السحاب، السماء، الشمس، الظل، القمر، الليل، النهار |
1 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس١/١٦٨، لسان العرب، ابن منظور١٤/٦١، تاج العروس، الزبيدي٣٧/ ١٢٢.
2 المفردات ص١٠١.
3 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس١/ ١٦٨، لسان العرب، ابن منظور١٤/ ٦٢.
4 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ١٨٨، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية٢/ ٨٠٦.
5 المحرر الوجيز ٣/٤٤٢، وانظر: الجواهر الحسان، الثعالبي٣/ ٤٥٦.
6 أنوار التنزيل١ / ٧٤.
7 التحرير والتنوير٦/ ٢٨٧.
8 أضواء البيان٣ / ٢٢٣.
9 ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تعريف الكون، استحضر في ٠٦/٠/٢٠١٥م.
10 انظر: أيسر التفاسير، الجزائري ١/ ١٤١.
11 انظر: دستور العلماء، القاضي نكري٢ / ٢٦٨.
12 انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية٢/ ٦٢٤.
13 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص ٧١.
14 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس١/ ١٣٩، لسان العرب، ابن منظور ٤ / ٣٣.
15 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ٣٦.
16 انظر: معجم مقاليد العلوم، السيوطي، ص ٧٧، دستور العلماء، القاضي نكري ١/١٢١.
17 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص ٧٢.
18 انظر: دراسات في علوم القرآن، محمد بكر إسماعيل، ص ٣١٨.
19 انظر: دراسات في علوم القرآن، محمد بكر إسماعيل، ص ٣١٨.
20 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي٢٠/ ٤١، التفسير المنير، الزحيلي ٢٧ / ٩٨.
21 التبيان في أقسام القرآن ص ١٨.
22 انظر: دراسات في علوم القرآن، محمد بكر إسماعيل، ص ٣٢٠.
23 المصدر السابق ص ٣٢١.
24 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٣٠ / ٢٦١.
25 انظر: التبيان في أقسام القرآن، ص ٥٥.
26 انظر: مباحث في علوم القرآن، مناع القطان، ص ٣٠٣.
27 تفسير المراغي٢٧/١٥٠.
28 دراسات في علوم القرآن، محمد بكر إسماعيل، ص ٣٢٥.
29 انظر: الجواهر الحسان، الثعالبي٥/ ٥٩٤.
30 معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ١/٢٣٧، وانظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢/١٩٢.
31 تفسير القرآن العظيم ١/ ٣٤٤.
32 انظر: جامع البيان، الطبري٢٢/ ٥٩.
33 انظر: النكت في القرآن الكريم، القيرواني ص ٤٤٥.
34 مفاتيح الغيب٢٤ / ٤٠٦.
35 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور٢١ / ١١٨.
36 انظر: الكشاف، الزمخشري٣ / ٥٠٠.
37 مفاتيح الغيب٢٥ / ١٢٦.
38 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي٢٦ / ٢٧٥.
39 انظر: جامع البيان، الطبري١/ ٣٦٢.
40 انظر: المصدر السابق٢٢/ ٤٤٤.
41 تفسير القرآن، السمعاني٥/ ٢٦٤.
42 انظر: اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل١٢/ ٢٢٥.
43 جامع البيان، الطبري٢١/٣٢٠.
44 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير٧ / ١٠٠.
45 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي١٤/ ٤٥.
46 جامع البيان، الطبري١٧/ ٥٦٢.
47 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير٦/٣٢٠.
48 تفسير المراغي ٢١/ ١٠٣.
49 المصدر السابق ٣٠/ ٥٤.
50 المصدر السابق ٣٠/ ٥٥.
51 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/٢٩١.
52 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي١٩/ ٢٣٦.
53 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي٢٩/ ٤٢٦.
54 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إبراهيم إسماعيل ص ٦٢.
55 انظر: تفسير القرآن، السمعاني٥/ ٦١.
56 مفاتيح الغيب، الرازي٢٧/ ٥٧٣
57 انظر: معجزة القرآن، الشعراوي ص ٤٢.
58 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إبراهيم إسماعيل ص ٥٤.
59 جامع البيان١٥/ ٢١٤.
60 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية٣/ ١٤٥.
61 انظر: زاد المسير، ابن الجوزي٢/ ٣٥٣.
62 مفاتيح الغيب، الرازي، مفاتيح الغيب١٧/ ٣٠٦.
63 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير٦/ ٢٤٤.
64 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور٢٠/٢٣٠.
65 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إبراهيم إسماعيل ص ٦٨.
66 انظر: محاسن التأويل، القاسمي٤/٣٢١.
67 انظر: جامع البيان، الطبري١٢/ ٤٠٢.
68 انظر: المصدر السابق١٥/ ٢٤.
69 انظر: المصدر السابق ٣/ ٢٧٧، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/ ٢١٨.
70 انظر: جامع البيان، الطبري١١/ ٥٧٢.
71 انظر: المصدر السابق١١/ ٥٨٢.
72 جامع البيان، الطبري١٦/٣٣٠، وانظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج٣/١٣٧، التفسير الوسيط، الواحدي ٣/٤.
73 جامع البيان١٥/ ١٤٥.
74 انظر: المصدر السابق ٢٢/ ٥٩.
75 مفاتيح الغيب٢٧/٦٧١.
76 انظر: غرائب القرآن، النيسابوري٣/ ٢٥٣.
77 البحر المديد، ابن عجيبة٤/ ٣٢٦.
78 انظر: تفسير المراغي٢١ / ٣١.
79 جامع البيان ١٦ / ٢٨٥.
وانظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج٣/ ١٣١.
80 انظر: جامع البيان، الطبري٢٢ / ٣٣٢.
81 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج١/ ٩٣، التفسير الوسيط، الواحدي١/ ٩٣.
82 انظر: مدارك التنزيل، النسفي١/ ٥٧.
83 انظر: المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص ١٨٦.
84 مفاتيح الغيب٣٢/ ٣٢٨.
85 انظر: محاسن التأويل، القاسمي١/ ٢٧٨.
86 انظر: جامع البيان، الطبري١٣/٢٧١، معاني القرآن وإعرابه، الزجاج٢/٣٩١.
87 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي٢/ ٤٢٨.
88 مفاتيح الغيب١٥/ ٤٠٥.
89 انظر: تفسير القرآن، السمعاني٣/ ٨٨.
90 انظر: الكشاف، الزمخشري٢/ ٥٢٣.
91 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/ ٣٨٤.
92 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج٣ / ١٦٠.
93 تفسير القرآن العظيم٤/٤٢٢.
والآثار أخرجها الطبري في تفسيره ١٦/ ٥٦٨، وابن أبي حاتم في تفسيره ٧ / ٢٢٤١.
94 النكت والعيون ٤/ ١٠١.
95 أحكام القرآن ٣/ ٤٠٤.
96 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠ / ٣٨.
97 انظر: معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٤/١٦٩، التفسير الوسيط، الواحدي٣/٤٢٠.
98 انظر: جامع البيان، الطبري٢٣/ ٣٠١.
99 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٥/ ٦٦.
100 انظر: الموسوعة العربية العالمية، ١٧/٦٧٣.
101 جامع البيان، الطبري٢٠/ ١٦٧.
وانظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/ ٣٦٥، البحر المحيط، أبو حيان٨/٤٣١.
102 معالم التنزيل، البغوي١/١١٦، لباب التأويل، الخازن١/٤٥.
وانظر: أحكام القرآن، الكيا الهراسي ٤/٢٠١.
103 انظر: بحث الإعجاز الفيزيائي في القرآن الكريم، د. محمد دودح.
104 انظر: المعجزة الكبرى القرآن، أبو زهرة ص٣٧١.
105 انظر: القرآن وعلوم الأرض، محمد سميح عافية ص٣٠.
106 انظر: معجزات القرآن العلمية، حامد حسين قدير ص١٨٠.
107 انظر: معجزات القرآن العلمية، حامد حسين قدير ص ١٨.
108 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إبراهيم إسماعيل ص ٧٠.
109 انظر: المصدر السابق ص ٦٢.
110 انظر: الموسوعة العربية العالمية ٨/٦٨٨.
111 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إبراهيم إسماعيل ص ١٤٤، القرآن وعلوم الأرض، محمد سميح عافية ص ١٤.
112 انظر: القرآن وعلوم الأرض، محمد سميح عافية ص ٧٢.
113 انظر بحث: البناء الكوني عبارة قرآنية يرددها علماء الغرب، بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة منشور على الموقع، استحضر في: ٢١/٠١/٢٠١٥م.
114 انظر: الموسوعة العربية العالمية ٢٠/٣٧٨.
115 انظر: معجزات القرآن العلمية، حامد حسين قدير ص ١٧٧.
116 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إبراهيم إسماعيل ص ٨٥.
117 انظر: حول الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، محمد المهدي محمود ص٢٩.
118 انظر: حول الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، محمد المهدي محمود ص ٣٥.
119 انظر: علم الأحياء من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، استحضر في: ٢١/٠١/٢٠١٥م.
120 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إبراهيم إسماعيل ص ٩٤.
121 انظر: مملكة النبات، حامد قنيبي ص ١١٦.
122 انظر: القرآن وعلوم الأرض، محمد سميح عافية ص ١٥٦.
123 انظر: مملكة النبات، حامد قنيبي ص ١٠٩.
124 انظر: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، فهد الرومي٢/٥٤٩.
125 انظر: تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، عبد المجيد الزنداني وآخرون ص٣٣.
126 انظر: دراسات في علوم القرآن، فهد الرومي ص ٢٩٧.
127 انظر: مناهل العرفان، الزرقاني٢/ ٣٥٧.
128 انظر: التفسير العلمي للآيات الكونية، بكر زكي عوض ص ٣٦.
129 انظر: خلاصة بحث التفسير العلمي للقرآن بين المجيزين والمانعين، محمـد الأمين ولـد الشيخ، موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
130 انظر: من أوجه الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في عالم النبات، قطب فرغلي والسيد زيدان ص ٤٦-٤٧، عناية المسلمين بإبراز وجوه الإعجاز في القرآن الكريم/ محمد السيد جبريل ص ٦٤.