عناصر الموضوع

التعريف بمريم عليها السلام

مواضع القصة في القرآن

أم مريم

كفالة زكريا عليه السلام

اصطفاء الله تعالى لمريم

بشارة مريم

حمل مريم بعيسى عليهما السلام

اتهام اليهود لمريم

نبوة مريم عليها السلام

ضلال بعض طوائف النصارى في مريم

الدروس المستفادة من قصة مريم

مريم

التعريف بمريم عليها السلام

هي مريم بن عمران، وهو من نسل داود عليه السلام، ويرجع أصله إلى إبراهيم عليه السلام، وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه1.

وكان رجلًا صالحًا، وكانت له زوجة صالحة طيبة طاهرة خيرة تقية وفية مطيعة لزوجها، ومطيعة لربها، « واختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض » 2.

وذكر ابن كثير نقلًا عن ابن عساكر نسب مريم إلى داود عليه السلام، قال: « ولا خلاف أنها من سلالة داود عليه السلام وكان أبوها عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت أمها وهي حنة بنت فاقوذ بن قبيل من العابدات، وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم أشياع في قول الجمهور، وقيل زوج خالتها أشياع، فالله أعلم»3.

قال تعالى: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [ آل عمران:٣٣-٣٤].

هاتان الآيتان الكريمتان تمهيد للحديث عن مريم رحمها الله، وابنها نبى الله عيسى عليه السلام، وبيان أنه بشر رسول خلقه الله -عز وجل- من أم دون أب كما خلق آدم عليه السلام من غير أب ومن غير أم. وفى ذلك رد على النصارى الذين زعموا كذبا وزورا أن عيسى إله وابن إله، وهاتان الآيتان الكريمتان جزء من الآيات التى نزلت لترد على كثير من مزاعم النصارى، وذلك أن وفدًا من نصارى نجران جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى المدينة فأحسن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استقبالهم وأكرم نزلهم ودار حوار بينه وبينهم أقام فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حججا ظاهرة وأدلة دامغة تدحض مزاعمهم وتدل على فساد معتقداتهم، وأنزل الله تعالى فى هذا الشأن صدر سورة آل عمران4.

وآل عمران من الذين اصطفاهم الله، وهم من آل إبراهيم، وخصوا بالذكر من باب ذكر الخاص بعد العام، تشريفًا وتكريمًا، وتمهيدا للحديث عنهم بشيء من التفصيل.

مواضع القصة في القرآن

وردت قصة مريم الصديقة رضي الله عنها في سور كثيرة ولمناسبات متعددة نذكر منها ما يلي:

في سورة آل عمران: ورد الحديث عنها في سياق الحديث عن عيسى عليه السلام وبيان أنه بَشَرٌ رَسَوُلٌ خلقه الله -عز وجل- من غير أبٍ، كما خلق آدم من غير أب ولا أُمٍّ.

قال تعالى (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [آل عمران: ٥٩].

وعيسى عليه السلام فرعٌ طيب من شجرة طيبة مباركة، فأمه مريم رضي الله عنها خير نساء العالمين، اصطفاها الله تعالى وطهرها وآثرها وأنعم عليها بنعم كثيرة وأكرمها بكرامات ظاهرة، وأمها امرأة صالحة صادقة وفية تقية، نذرت حملها لله تعالى محررا فتقبل الله منها نذرها.

وأبوها عمران -عليه السلام- العابد والحبر الزاهد صاحب المكانة السامية في قلوب العباد المخلصين الذين تسابقوا وتنافسوا على كفالة مريم -رضي الله عنها- تقربا إلى الله تعالى، ووفاء وعرفانا وبرا وإحسانا إلى معلمهم وإمامهم عمران عليه السلام الذي مات دون أن تكتحل عيناه برؤية ابنته مريم رضي الله عنها، التي خلدت ذكره في العالمين، وسميت هذه السورة بهذا الاسم تكريما لعمران عليه السلام ولأصله الطاهر ولذريته الصالحة الطيبة.

ويأتي ذكر جانب آخر من قصة مريم رضي الله عنها في سورة تحمل اسمها تكريما لها وهى سورة مريم التي ورد فيها الحديث عن مجيء جبريل -عليه السلام- لها في صورة بشرية وهى في خلوتها تعبد الله عز وجل، واستعاذتها بالله -تعالى- منه، وإخباره إياها بحقيقته ومهمته التي كلفه الله بها والتي جاء من أجلها، وتعجبها من تلك البشارة العجيبة وجواب جبريل -عليه السلام- على استفهامها التعجبي، ونفخه فيها وحملها بعيسى عليه السلام ومدة الحمل وساعة المخاض، تلك الساعة العصيبة العسيرة التي مرت بمريم النذيرة، والتي تمنت الموت من شدة ما مر بها، ومولد عيسى عليه السلام، وما صحبه من رحمات ونفحات وإرهاصات، وقدوم مريم إلى قومها ومعها وليدها عيسى عليه السلام وموقفهم من ذلك ونطق عيسى عليه السلام وهو في المهد.

وتأتي إشارة لمريم في سورة المائدة فيها منقبة عظيمة لها.

قال تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [المائدة: ٧٥].

فذكر الله تعالى صفة كريمة من صفات مريم وهي الصدق، والصديقية مقام من أسمى المقامات، فالنبوة أعظم درجات الكمال في الرجال، والصديقية تأتي في المرتبة الثانية بعد النبوة كما في قوله تعالى: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [النساء: ٦٩].

وفي سورة الأنبياء يرد ذكرها رضي الله عنها وابنها نبي الله عيسى عليه السلام في سياق الحديث عن نعم الله عز وجل ورحمته بأنبيائه وأصفيائه.

قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [الأنبياء: ٩١].

قال صاحب الظلال: « ولا يذكر هنا اسم مريم؛ لأن المقصود في سلسلة الأنبياء هو ابنها عيسى عليه السلام، وقد جاءت تبعا له في السياق، وإنما يذكر صفتها المتعلقة بولدها: ( ﭒ ﭓ) أحصنته فصانته من كل مباشرة والإحصان يطلق عادة على الزواج بالتبعية؛ لأن الزواج يُحَصِّنُ من الوقوع في الفاحشة، أما هنا فيذكر في معناه الأصيل وهو الحفظ والصون أصلا من كل مباشرة شرعية أو غير شرعية، وذلك تنزيها لمريم عن كل ما رماها به اليهود » 5.

كما يأتي ذكرها رضي الله عنها في سورة المؤمنون مع ابنها نبي الله عيسى عليه السلام في سياق الحديث عن رحمة الله بأنبيائه وعنايته بهم وحفظه لهم.

قال تعالى: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [المؤمنون: ٥٠].

جعلهما الله آية للناس تدل على قدرته تعالى ورعايته لأنبيائه وأوليائه، وآواهما إلى (): مكان مرتفع من الأرض، (ﮝ ﮞ) أي: مستوية وصالحة للعيش عليها وذات خصبٍ، وماء طيبٍ جارٍ تراه العيون، وهو بيت المقدس 6.

ويتكرر ذكرها أيضا في سورة التحريم مع آسية بنت مزاحم كمثل طيب ونموذج رائع، وصورة مشرقة متألقة للمرأة الصالحة الصادقة المؤمنة المحسنة التقية النقية، بعد أن ضرب الله تعالى مثلا للمرأة الكافرة فيكون ذكرها وقبلها آسية رضي الله عنهما مسك الختام لهذه السورة الكريمة التي استفتحت بالحديث عن أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [التحريم: ١٠ - ١٢].

أم مريم

قال تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ) [آل عمران: ٣٥ - ٣٧].

بدأت قصة مريم رضي الله عنها في بيت صالح هو بيت أبيها عمران ذلك التقى النقي الذي أكرمه الله عز وجل بزوجة طيبة صالحة، وكان من نتاج هذا الزواج المبارك ومن ثمراته الطيبة: مريم رضي الله عنها، ربيبة بيت الطهر والعفاف وسليلة آل العلم والعبادة.

وكانت امرأة عمران رضي الله عنها تدعو المولى عز وجل أن يرزقها ولدا ذكرا تقر به عينها وتبتهج به نفسها وينشرح له صدرها، فلما تحرك الحمل في أحشائها نذرت ما في بطنها محررًا أي خالصا لوجه الله تعالى منقطعا لعبادته وخدمة بيت المقدس، أملا ورجاء أن توهب ذكرا يحمل اسم زوجها عمران ويخلفه في الفضل.

طلبت امرأة عمران أن يتقبل المولى عز وجل نذرها ويقبل نذيرها قبولا حسنا.

أولًا: حملها ونذرها

قال تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [آل عمران: ٣٥].

أجاب الله دعاء امرأة عمران، تلك المرأة الصابرة الصادقة الصالحة التي توجهت إلى المولى عز وجل بالدعاء والرجاء أن يرزقها الولد الصالح، فاستجاب الله لها، وآتاها سؤلها، فشعرت بالجنين يتحرك بين أحشائها، فأشرقت الدنيا في عينها وغمرتها وزوجها نشوة من السرور.

فالبنون قرة العيون، وثمرة الفؤاد، وبهجة النفوس وريحانة القلوب وفلذات الأكباد.

ولكن لم تطل فرحتها ولم تتم بهجتها فلقد مات زوجها عمران عليه السلام، وقد كانت تتمنى بقاء زوجها حتى ينعم برؤية فلذة كبده وتكتحل عيناه برؤية ولده، ويشاركها فرحتها، ولكن قضاء الله حل، ولقد استقبلت هذه الأمور بالصبر الجميل، والإيمان واليقين، فلما تحرك الحمل فى أحشائها نذرت ما فى بطنها محررا أى خالصا لوجه الله تعالى منقطعا لعبادته، والمحرر هو الخالص ومنه: الذهب الحر: أى الخالص من الشوائب، وطلبت امرأة عمران أن يتقبل المولى عز وجل نذرها ويقبل نذيرها قبولا حسنا، فهو تعالى سميع لقولها مجيب لدعائها وتضرعها عالم بحالها ونيتها7.

ثانيًا: وضعها ووفاؤها بنذرها

ومضت الأيام وجاءت ساعة الوضع، ووضعت امرأة عمران وليدها فإذ به أنثى، فتبادر إلى الاعتذار لربها، لأنها كانت ترجو أن يكون المولود ذكرا لتهبه لخدمة بيت المقدس كما نذرت، والأنثى لا تصلح لهذه المهمة، كما جرت العادة بذلك، فتوجهت امرأة عمران إلى ربها قائلة: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ) [آل عمران: ٣٦].

قال ابن كثير: « وكانوا في ذلك الزمان ينذرون لبيت المقدس خداما من أولادهم»8.

أدركت امرأة عمران أن لله في ذلك حكمة يعلمها، فالله -عز وجل- يدبر أحوال الخلق وفق قدرته وإرادته وعلمه وحكمته، ولعل هذه الأنثى عند الله خير من الذكر؛ لأن ما يفعله الرب بالعبد خير مما يريده العبد لنفسه، فهو سبحانه لا يقع في سلطانه إلا ما أراده، لكن المولى جل وعلا يعلم مكانة هذه المولودة وقدرها، فهي سيدة نساء العالمين، اصطفاها الله وطهرها، واجتباها وآثرها، وجعلها وابنها آية للعالمين.

(ﯡ ﯢ ﯣﯤ): قالت امرأة عمران معتذرةً لربها: وليس الذكر الذي طلبته ونذرته كالأنثى التي وضعتها، فالذكر يتمكن من الوفاء بالنذر بخدمته في المسجد، أما الأنثى فإنها لا تقدر على القيام بما يقوم به الذكر، كما أنه يعتريها من الأحوال ما يَحُوْلُ بينها وبين البقاء في المسجد، وذلك حين يأتيها الحيض، أو النفاس عند الولادة، فضلا عن تفاوتهما في القوة والجلد.

(ﯥ ﯦ ﯧ) انفردت امرأة عمران بتسمية مريم وما ذلك إلا لوفاة زوجها عمران عليه السلام أثناء حملها، وسمتها مريم تقربا إلى المولى عز وجل بهذه التسمية الحسنة، فمريم -رضي الله عنها- تعنى في لغتهم: العابدة والخادمة، وللاسم علاقته بالمسمى، فهي ترجو أن يكون لها حظ وافر من اسمها9.

وفى هذه التسمية إشارة إلى عزمها على إمضاء نذرها، ورجائها أن يكون عند الله مقبولا.

(ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ): تضرعت امرأة عمران لربها أن يقبل وليدتها ويجعلها مباركة، ويحفظها من الشيطان الرجيم، فالمولى عز وجل خير حافظ، وهو سبحانه أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين.

وسر تكرار () هنا للتأكيد، ولتغير المخبر به، ولأنه قد يشعر كلامها السابق أنها كارهة لما جاءها، فأكدت في كلامها هذا؛ إظهارا لرضاها بما قدر الله تعالى، ولذلك انتقلت للدعاء لها الدال على الرضا والمحبة 10 ولقد جاءت أفعال ثلاثة بصيغة الماضى () ()، ()للدلالة على التحقق والثبوت وفى التعبير بـ () و () ما يفيد عزمها ومضيها على الوفاء بما نذرت به بلا تردد ولا تراجع، وفى التعبير بـ (ﯨ ﯩ) ما يدل على التجدد والاستمرار المستفاد من التعبير بالفعل المضارع، لأن الاستعاذة مطلوبة فى كل وقت وحين11.

ثالثًا: تقبل الله تعالى نذرها

بعد هذه المناجاة الصادقة، والدعوات الخالصة من امرأة عمران رضي الله عنها والتي طلبت من ربها أن يتقبل منها نذيرها، وأن يبارك لها في وليدتها ويعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم، أجاب الله لها الدعاء وحقق لها الرجاء، وكانت الإجابات الإلهية والنفحات الربانية والمواهب اللدنية التي تنتظر هذه الوليدة السعيدة، حيث تقبلها ربها قبولا حسنا، وأنبتها نباتا حسنا حتى نمت وترعرعت وأزهرت وأينعت، وأثمرت كلمة من الله وروحا منه هو عبد الله ونبيه عيسى عليه السلام، الذي جعله الله وأمه آية للعالمين.

قال عز وجل: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) والفاء هنا للتعقيب، لبيان سرعة استجابة المولى عز وجل لدعائها وسرعة تحقيقه لرجائها، فهو عز وجل من المؤمن قريب ولدعائه مجيب.

وقال () ولم يقل (بتقبل)؛ «للجمع بين الأمرين: التقبل الذى هو الترقى فى القبول، والقبول الذى يقتضي الرضا والإثابة » 12، هذا مع معهود القرآن الكريم في عذوبة الألفاظ وسلاستها.

(ﯴ ﯵ): مع قبولها عند الله قبولا حسنا، فقد أكرمها الله وأنعم عليها بأن أنبتها نباتا حسنا، فجمعت بين كمال الخلقة وجمال الخلق، وحسن التربية.

كفالة زكريا عليه السلام

قال تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [آل عمران: ٣٧-٤١].

قيض الله تعالى لمريم نبيه زكريا عليه السلام ليتعهدها ويرعاها، ويعنى بأمرها ويهتم بإصلاحها، فكان كفالته لها نعمة من الله ورحمة، وقد تمت تلك الكفالة بتوفيق من الله عز وجل بعد أن تنافس الأحبار والرهبان وتنازعوا على كفالة مريم، كلٌ يرجو ويطلب لنفسه أن ينال هذا الشرف وأن يحظى بذاك المقام، فمريم -رضي الله عنها- بنت إمامهم ومعلمهم عمران عليه السلام الرجل الصالح الذي مات دون أن تكتحل عيناه برؤية ابنته، وحرصًا على هذا الشرف، ووفاء للمعلم والمربي والمصلح، وكان تنافسهم وتسابقهم الذي وصل إلى حد النزاع والاختصام على كفالة مريم رضي الله عنها.

قال تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) فلقد كان كل واحد منهم شديد الحرص على كفالة تلك اليتيمة، ولما لم تجتمع لهم كلمة، ولم يتفق لهم رأي، فكل واحد يريد أن يستأثر بهذه المكرمة، وكان أولى بهم أن يتركوا كفالتها لنبي الله زكريا عليه السلام، ولما طال جدالهم حول من يكفلها اتفقوا على أن يقترعوا فيما بينهم، فمن فاز في القرعة فقد فاز بكفالة مريم.

قال تعالى: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)، قال ابن عباسٍ اقترعوا فجرت الأقلام مع الجرية وعال قلم زكريا الجرية فكفلها زكريا 13.

(ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ) لم يحمله إليها، ولا هو مما يعهد في هذا الوقت من الزمن، وهو يعلم أنه لا يدخل عليها غيره؛ فهو القائم على كفالتها، حتى أثار ذلك الأمر دهشته وعجبه، وهذا الرزق الرباني يشمل غذاء الأجساد وغذاء الأرواح، فهو يشمل الطعام والشراب، وغير ذلك من ضرورات الحياة، من كل ما ينتفع به الإنسان وما يحصله، كما أنه يشمل: غذاء الأرواح من علم وغيره، فهو أعم من الفاكهة في غير حينها المعهود؛ ولذلك جاء بصيغة التنكير التي تفيد التعظيم والتعميم والتكثير، فهو رزق حسي ورزق معنوي، وهذا الرزق كرامة من سلسلة الكرامات التي أظهرها الله لمريم، وتمهيدًا للآية العجيبة التي تنتظرها، وهى خلق عيسى عليه السلام من غير أب، فالكرامة تكريم لها وتشريف وتمهيد وإعداد لها، حتى تكون مهيأة لما ينتظرها من كرامةٍ.

(ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ).

سأل زكريا مريم متعجبًا ومنبهرًا بما يقع لها، سألها وقال لها من أين لك هذا؟ وكيف وصل إليك ولا يدخل عليك غيري؟

(ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ) فعطاء الله ممدود، لا تحده حدود، ولا تقيده قيود، وفضل الله عظيم وخزائنه ملأى، فالله سبحانه يعطى العبد من حيث لا يحتسب العبد.

(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ): نبي الله زكريا عليه السلام بلغ من الكبر عتيًّا، وزوجه كانت لا تلد، فأسلمت أمرها لله ورضيت بقضاء الله، وعاشت مع زوجها حياة هادئة هانئة، ولقد أكرم المولى عز وجل زكريا عليه السلام بإكرامه لمريم تلك اليتيمة صاحبة المنزلة العظيمة، وكانت تلك الكرامة التي حدثت لمريم سببًا مباشرًا في توجه زكريا عليه السلام إلى الله ودعائه بأن يرزقه ذرية طيبة.

() أي: في ذلك الوقت الذي رأى فيه الفاكهة في غير حينها، تعلق رجاؤه بقدرة الله ورحمته ولطفه أن يرزقه الولد في غير حينه، تقر به عينه، وينشرح به صدره (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [آل عمران: ٣٩].

اصطفاء الله تعالى لمريم

قال تعالى: (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [آل عمران: ٤٢ - ٤٤].

عودٌ إلى مريم رحمها الله وإلى اصطفاء الله، عز وجل لها، (وإذ) معطوف على (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) والمعنى: اذكر يا محمد إذ قالت امرأة عمران رحمها الله واذكر أيضا ما قالته الملائكة لمريم رحمها الله من بشارات، ففي هذه القصة عبر وعظات ينبغي أن يتذكرها المؤمن، ويستفيد منها، ويذكر الناس بها.

والاصطفاء: الاختيار والانتقاء والتصفية.

ومعنى اصطفاء الله تعالى مريم رضي الله عنها: جعلها من بيت صالح، وقبلها قبولا حسنًا، وأنبتها نباتًا حسنًا، وجعل زكريا عليه السلام لها كافلًا، وأجرى الكرامة على يديها إكرامًا لها وإحسانًا إليها، وطهرها من كل سوءٍ، طهرها بالإيمان والطاعة والتقى والصلاح، والحياء والعفاف، فهي رضي الله عنها العفيفة الشريفة الحيية النقية الراضية المرضية، واصطفاها تعالى اصطفاًء خاصًّا بأن أكرمها بهذه المعجزة العظيمة والآية العجيبة، حيث وهبها عيسى عليه السلام المخلوق بقدرة الله عز وجل من غير أبٍ ليكون آيةً للعالمين14.

وطهرك: من الأدناس والأقذار، ونزهك عن الأخلاق الذميمة والطباع الرديئة بالأخلاق الحميدة والصفات الحسنة، (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ): اصطفاء بعد اصطفاء، والاصطفاء الثاني هو أنه عز وجل أكرمها بهذه المعجزة العظيمة والآية العجيبة، حيث وهبها عيسى عليه السلام المخلوق بقدرة الله عز وجل من غير أبٍ ليكون آية للعالمين15.

قال تعالى: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [المؤمنون: ٥٠].

وقيل: إن الاصطفاء الثاني هو عين الأول، وكرر للتأكيد وبيان من اصطفاها عليهن، ذكر ذلك الألوسي، وقال: ولعل الأول أولى؛ لما أنَّ التأسيس خير من التأكيد.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (حسبك من نساء العالمين بأربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد)16.

مقتضيات الاصطفاء: قال تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ).

بعد هذه المنزلة الرفيعة والمكانة العالية التي أكرم المولى عز وجل بها مريم: يأمرها سبحانه - عن طريق خطاب الملائكة الكرام لها - بأن تجتهد في العبادة شكرًا لله عز وجل على هذه النعم والمواهب؛ ومواصلةً للسير في طريق الهدى والصلاح.

قال الرازى: «لما بين تعالى أنها مخصوصة بمزيد المواهب والعطايا من الله تعالى، أوجب عليها مزيدًا من الطاعات شكرًا لتلك النعم السنية»17.

والقنوت لزوم الطاعة والعبادة والاجتهاد فيها مع الإخلاص والخشوع والخضوع لله رب العالمين18.

وقال الألوسى: «والتعرض لعنوان الربوبية؛ للإشعار بعلة وجوب الامتثال لأوامره سبحانه»19.

وتكرير النداء () للتنبيه، والإشارة إلى أهمية ما يرد فى ثناياه وفيه تكريم لها.

وقوله تعالى: (ﯓ ﯔ ﯕ): إن حملنا القنوت على مطلق الطاعة والعبادة، فالسجود والركوع من ذكر الخاص بعد العام لمزيد العناية والاهتمام، وإن حملنا القنوت على القيام، فالركوع والسجود من تتمة الأركان؛ لأن الصلاة قيام وقعود وركوع وسجود، وإن حملنا القنوت على الإخلاص وعلى الخشوع والخضوع، فالركوع والسجود من الأفعال الظاهرة، والإخلاص والخشوع والخضوع من الأفعال الباطنة، ولا تستقيم العبادة إلا بصحة الظاهر وصلاح الباطن.

وفي هذا توجيه لمريم رضي الله عنها أن تجمع بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح، حتى يستوي الظاهر بالباطن، ويستقيم الاعتقاد مع القول والعمل.

والآية الكريمة أمر من المولى عز وجل لمريم رضي الله عنها أن تجتهد في العبادة وأن تداوم على الطاعة وتطيل في القنوت، وتكثر السجود وتركع مع الراكعين؛ حتى تزداد قربًا من رب العالمين.

وجاء التعبيربـ (ﯔ ﯕ ﯖ)ولم يقل مع الراكعات « لأن هذا الجمع أعم، إذ يشمل الرجال والنساء على سبيل التغليب، ولمناسبة رؤوس الآي»20.

قال تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ): ذلك: إشارة إلى ما سبق ذكره من أخبار عن اصطفاء الله للأنبياء وخبر امرأة عمران وابنتها، وخبر زكريا ويحيى عليهما السلام، وغير ذلك من الأخبار التي جاءت بها السورة الكريمة.

إن كثيرًا من الأحداث الهامة في حياة مريم رضي الله عنها لم نعرفها إلا عن طريق القرآن الكريم، من ذلك حديث القرآن عن حمل أمها بها ونذرها للعبادة، و تنافس الأحبار على كفالتها، وكفالة زكريا لها، واصطفاء الله تعالى لها، وغير ذلك من مآثرها التي لم نعرفها إلا عن طريق القرآن، إذ لم يرد لهذه الأحداث ذكر في العهد الجديد.

ولم يرد في « العهد الجديد » أيضًا كلام عيسى عليه السلام وهو في المهد، مع كونه آية عظيمة وحجة ساطعة على براءة مريم رضي الله عنها مما ادعاه اليهود.

بل إن أغلب الذي في العهد الجديد عن مريم فيه تقليل من شأنها وتجاهل لكراماتها، من ذلك على سبيل المثال:

  1. قوله تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)، فهذا دليلٌ صريحٌ على أن النبوة في الرجال دون النساء.
  2. أن مريم وأم إسحاق وأم موسى لم يأت في القرآن تصريح بنبوتهن ضمن من صرح الله بنبوتهم.
  3. أن كلام الملائكة لمريم عليها السلام لا يعد دليلا على ثبوت نبوتها، إذ النبوة هي وحى من الله تعالى لنبي من الأنبياء بكيفية مخصوصة، وبواسطة الملك، كما أن كلام جبريل لها لم يكن برسالة أو نبوة بمفهومها الشرعي وإنما كان بأمر من الله تعالى وبشارة منه سبحانه وكلام الملائكة لأم إسحاق لم يكن إلا بشارة لها، والحكمة في الكلام المباشر أن البشارة تعظم في النفس بعظم المبشر بها.
  4. أن الإلهام كما يقع للأنبياء فقد يقع للأولياء، ويكون في حقهم كرامة وليس بمعجزة، والرؤيا الصالحة نوع من أنواع الوحي (الإلهامي) ولم يقل أحد أن كل من رأى رؤيا صالحة فهو نبي.
  5. أن الوحي بمعناه الأعم: إعلام الله تعالى، جاء في القرآن الكريم في مواضع كثيرة ولم يقل أحد أنه نبوة. قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ) [فصلت: ١٢]. وقال تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النحل: ٦٨]. ولم يقل أحد من العقلاء بنبوة الأرض والسماء ولا بنبوة النحل، إذ أن الوحي بمفهومه اللغوي العام أوسع من معناه الشرعي المخصوص: إعلام الله تعالى لنبي من أنبيائه بواسطة أو بغير واسطة.
  6. هذا ولم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة وصفها بالنبوة، وإنما جاء وصفها بأوصاف أخرى تدل على صلاحها وطهرها وصديقيتها. قال تعالى: (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [المائدة: ٧٥].

    ضلال بعض طوائف النصارى في مريم

    بلغ غلو بعض طوائف النصارى في مريم إلى عبادتها والاستغاثة بها والتوسل بها والصلاة لها.

    يقول ول ديورانت: « كانت تشير عبادة مريم العذراء في العصور الوسطى إلى ما كان لها من التبجيل وقتذاك » 51.

    وفي موضع آخر يقول: بل إن العابد التقي في بلاد البحر الأبيض المتوسط في هذه الأيام يلجأ إلى مريم أكثر مما يلجأ إلى الأب أو الإبن 52.

    وفي موضع آخر يذكر « ذلك أن سيريل كبير أساقفة الإسكندرية وصف في موعظة له شهيرة ألقاها في إفسس عام ٤٣١، مريم بكثير من العبارات التي كان الوثنيون من أهل تلك المدينة يصفون بها «إلهتهم الكبرى» أرتميس - ديانا دلالة على حبهم إياها »53.

    وقد بين القرآن الكريم أنها عابدةٌ قانتةٌ لله تعالى، مستسلمةٌ لقضائه راضيةٌ بحكمه، وأنها بلغت منازل الصديقين، بصدقها واجتهادها في العبادة.

    قال تعالى في سورة المائدة: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ).

    فالمسيح عليه السلام بشرٌ رسولٌ، لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولو أراد الله أن يهلكه وأمه ومن في الأرض جميعا فلا يملك أحدٌ من الخلق أمرًا، وكل ما في السموات والأرض ملكٌ لله تعالى وتحت قدرته تعالى، لا يقدر أحدٌ من المخلوقين أن يدفع عن نفسه ضرًا أراده الله، فضلا عن أن يدفع عن غيره ما حل به، وفي هذا ردٌ لمن زعم ألوهية مريم أو أضفى عليها شيئا من الخصائص أو الصفات الإلهية.

    (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [المائدة: ٧٥].

    فبين الله تعالى القول الحق في المسيح عليه السلام وهو أنه بشرٌ رسول، ونسبته لمريم، لأنه لا أب له، ولو كان له أبٌ لنسب إليه، وإنما خلقه الله بلا أبٍ لحكمةٍ بالغةٍ، تدل على كمال قدرته تعالى، وبديع صنعه، وعيسى عليه السلام بشرٌ رسولٌ، شأنه شأن من سبقه من الرسل، أرسله الله على نهجهم وأقامه على سننهم، وأمه صديقةٌ عابدةٌ، كانا يأكلان الطعام، والحاجة للطعام والشراب غريزةٌ إنسانيةٌ، أما الإله فهو غنيٌ قويٌ، ليس كمثله شيء، فكيف يدعون أنه إله أو ابن إله ! فتأمل كيف يقيم الله الحجة عليهم من وجوهٍ عديدةٍ ثم هم يصرفون عن الحق، ويقلبون الحقائق ويقرون الأباطيل ! مع جلاء الآيات وتصريفها !

    الدروس المستفادة من قصة مريم

    • في تخصيص آل عمران بالذكر وعطف على آل إبراهيم وهم منهم اعتناء بهم وزيادة تشريف لهم وتوطئة للحديث عن أم مريم ومريم وعيسى عليه السلام.
    • ضرب القرآن الكريم أمثلةً رائعة للمرأة الصالحة، وصور بأبلغ بيان مشاهد وصورا في حياة المرأة وهي في حملها وعند مخاضها وعند رعايتها لصغيرها، وهذا يدل على احتفاء القرآن بالأم ورعاية الإسلام للأمومة.
    • قال الشيخ السعدي: « ومن الفائدة والحكمة في قصه علينا أخبار هؤلاء الأصفياء أن نحبهم ونقتدي بهم، ونسأل الله أن يوفقنا لما وفقهم، وأن لا نزال نزري أنفسنا بتأخرنا عنهم وعدم اتصافنا بأوصافهم ومزاياهم الجميلة، وهذا أيضا من لطفه بهم، وإظهاره الثناء عليهم في الأولين والآخرين، والتنويه بشرفهم، فلله ما أعظم جوده وكرمه وأكثر فوائد معاملته، لو لم يكن لهم من الشرف إلا أن أذكارهم مخلدة ومناقبهم مؤبدة لكفى بذلك فضلا. 54
    • دور الأم في تربية الأبناء وبركة الدعاة للأبناء بالصلاح.
    • رعاية الولد تبدأ مبكرة منذ أن يتحرك في أحشاء أمه بل تبدأ باختيار الأم الصالحة، قال أبو الأسود الدؤلى لبنيه: لقد أحسنت إليكم صغارا، وأحسنت إليكم كبارا، وقبل أن تولدوا، قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد ؟ فقال: اخترت لكم أما صالحة55.
    • استحباب النذر ووجوب الوفاء به وبركته.
    • حرص المؤمن على تقبل عمله، بتحري أسباب القبول.
    • قول أم مريم: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) أي: خالصا لوجهك، مخلصا لطاعتك وعبادتك، عن مجاهد قال: « إن المحرر هو الخالص لله عز وجل لا يشوبه شيء من أمر الدنيا ولا يشغله شاغل عن عبادة الله تعالى » 56، وفي هذا منقبةٌ لمريم حيث نذرتها أمها خالصة للعبادة، فكأنما حررت من أسر الدنيا وقيودها 57. وفي هذا بيان للمفهوم الصحيح للتحرر أنه التجرد لله تعالى من كل الأهواء، والتحرر من كل قيدٍ يحول بين العبد وبين ربه، أما التحرر الذي يدعو إليه أعداء الإنسانية فهو دعوة مشبوهة ودعوى زائفة وشعارات براقة خداعة، تعنى التحرر من كل فضيلة، والتمرغ في أوحال الرذيلة، وتحطيم القيم والأخلاق الكريمة والهجوم الشرس على دين الإسلام وتعاليمه القويمة.
    • حسن التأدب مع الله تعالى في الدعاء والتوسل بالعمل الصالح وبأسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
    • الصدق مع الله تعالى وإمضاء العزم وعلو الهمة.
    • الحرص على صلاح الأولاد ونفعهم لدينهم وقومهم.
    • بيان أهمية العامل الوراثي وأثره الفعال في تكوين الشخصية والطباع.
    • قوله تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ)إشارةٌ لكون « الأنثى ليست كالذكر في تركيبها الجسمي، ولا في تركيبها النفسي، ومن ثم فلابد أن تكون وظيفتها تختلف عن وظيفة الذكر، ولا بد أن يترتب على ذلك اختلاف في المسئوليات واختلاف في الحقوق والواجبات، ومن أراد المساواة المطلقة بين الرجال والنساء: فليسو بينهما في التركيب الجسمي والنفسي أولًا ! » 58. وقد أثبت العلم أن هناك فروقا كثيرة عضوية ونفسية بين الرجل والمرأة، وهى فروق كثيرة ومتعددة.
    • تحري الأسماء الحسنة العذبة من حق الولد على أبيه، ومن أسباب البركة والصلاح.
    • في هذه الدعوة التي توجهت بها امرأة عمران لـربها إشارة إلى حرصها ورجائها في أن يحفظ الله لها بنتها ويرعاها حتى تشب وتكبر وتكون لها ذرية ولقد استجاب الله تعالى لها. عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال: ما من بني آدم مولودٌ إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخًا من مس الشيطان غير مريم وابنها) ثم قال أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) » 59.
    • حرص الأبوين على تجنيب الذرية كل وساوس الشيطان ونزغاته.
    • الغراس الطيب في التربة الطيبة مع تعهده بالرعاية يثمر نبتًا طيبًا مباركًا نافعًا.
    • رعاية الله تعالى لأنبيائه وأوليائه وذرياتهم.
    • قال البقاعي: « () جاء بصيغة التفعل مطابقة لقولها: (فتقبل)، وفيه إشعار بتدريج وتطور وتكثر، كأنه يشعر بأنها مزيد لها في كل طور تتطور إليه، من حيث لم يكن فاقبل مني فلم تكن إجابته: فقبلها، فيكون إعطاء واحدًا منقطعًا عن التواصل والتتابع، فلا تزال بركة تحريرها متجددًا لها في نفسها وعائدًا بركته على أمها حتى تترقى»60.
    • وفي ذكر الفعل من (أفعل) في قوله: () والاسم من (فعل) في قوله: (ﯵ ﯶ) إعلام بكمال الأمرين من إمدادها في النمو الذي هو غيب عن العيون وكمالها في ذاتية النبات الذي هو ظاهر للعين، فكمل في الإنباء والوقوع حسن التأثير وحسن الأثر، فأعرب عن إنباتها ونباتها معنى حسنًا. انتهى61.
    • لزوم مريم الصديقة للمحراب دليل كمالها وعلو همتها وصدقها مع الله تعالى.
    • رد على اليهود والنصارى الذين يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه وصفوة خلقه مع فساد اعتقادهم وسوء أخلاقهم وعدائهم للحق ومخالفتهم لما جاء به الأنبياء عليه السلام.
    • توجيه وإرشاد إلى وجوب اتباع الأنبياء والاقتداء بهم والسير على طريقهم ففيه الصلاح والفلاح.
    • حرص الأحبار من بني إسرائيل على كفالة مريم وتنافسهم على ذلك دليل حرصهم على نيل الأجر والثواب، فمريم بنت إمامهم ومعلمهم، وهى طفلة يتيمة تحتاج إلى يد كريمة وإلى قلب عطوف، يقودها إلى بر الأمان، ولقد حثنا الإسلام على كفالة اليتيم، وأمر بإصلاح شأنه والمحافظة على ماله، وتنميته، حتى يبلغ سن الرشد.
    • قال أبو حيان: « و(كلما): تقتضي التكرار، فيدل على كثرة تعهده وتفقده لأحوالها62.
    • اليتيم ليس في حاجة للطعام والشرب والملبس والمأوى فحسب بل في حاجة إلى رعاية نفسية وإلى رعاية تربوية وعلمية وقد ظهر ذلك في كفالة زكريا عليه السلام لمريم.
    • قال الإمام القرطبي رحمه الله: استدل بعض علمائنا بهذه الآية على إثبات القرعة وهي أصل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة، وهى سنة عند جمهور الفقهاء في المستويين في الحجة ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم وترتفع الظنة عمن يتولى قسمتهم ولا يفضل أحد منهم على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد؛ إتباعا للكتاب والسنة » 63.
    • وقوع الكرامات للأولياء؛ فهذا الرزق الذي ساقه المولى عز وجل لمريم بغير حساب وبهذا الأمر العجاب كرامة لها، والكرامة هي أمر خارق للعادة يظهره الله على يد عبد صالح غير مدع للرسالة، وهى مأخوذة من الكرم والإكرام؛ لأنها كرم وجود من المولى عز وجل، وإكرام لصاحبها وتكريم له، قال الإمام الطحاوى رحمه الله: « ونؤمن بما جاء من كراماتهم، وصح عن الثقات فى رواياتهم. » 64.
    • إعداد الله تعالى لأنبيائه وأوليائه لما يهيئهم له من جلائل الأمور.
    • يجوز تمني الموت عند وقوع الفتن واشتداد المحن، وخوف المؤمن على نفسه من الافتتان.
    • بركة رعاية الصالحين وتفقد أحوالهم.
    • اصطفاء مريم على سائر نساء العالمين منقبة لها لم ترد في الأناجيل المحرفة، حيث تفرد القرآن بذكر أمور كثيرة ومناقب عديدة للصديقة مريم لم ترد في كتب النصارى.
    • أمر القرآن بذكر مريم الصديقة ومدارسة قصتها العجيبة ومآثرها الماجدة، فلقد ضربت أروع الأمثلة في الطهر والعفاف والعبادة والصبر والثبات والفصاحة والحصافة والحياء والحشمة واليقين والمعرفة قال السعدي رحمه الله: « وهذا من أعظم فضائلها، أن تذكر في الكتاب العظيم، الذي يتلوه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، تذكر فيه بأحسن الذكر، وأفضل الثناء، جزاء لعملها الفاضل، وسعيها الكامل» 65.
    • حسن بديهة مريم وحسن تصرفها وحكمتها ورزانتها وحصانتها وثباتها وأدبها وحسن ظنها وثقتها بربها، تجلى ذلك حينما دخل عليها جبريل عليه السلام خلوتها فقالت كلماتها القيمة.
    • قوله تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) تدل على كمال قدرة الله تعالى وعلى أن الأسباب جميعها لا تستقل بالتأثير وإنما تأثيرها بتقدير الله فيري عباده خرق العوائد في بعض الأسباب العادية لئلا يقفوا مع الأسباب ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها 66.
    • قال أبو حيان: « ودل على عفافها وورعها أنها تعوذت به من تلك الصورة الجميلة الفائقة الحسن وكان تمثيله على تلك الصفة ابتلاءً لها وسبر لعفتها67.
    • آلام المخاض وأثره البدني والنفسي على المرأة، وحاجتها إلى لطف وأنسٍ وهي في أصعب الأوقات.
    • يأتي الفرج بعد اشتداد الكرب ويأتي اللطف وتهب نسائم الرحمات عند الابتلاءات.
    • الإعراض عن السفهاء ومجانبتهم، وكراهة مجاراتهم.
    • الابتلاء سنة الله تعالى في الأنبياء والأصفياء.
    • الله تعالى يتولى الدفاع عن أنبيائه وأوليائه.
    • الافتراء وسوء الظن بالأنبياء والصالحين من طباع اليهود والمنافقين.
    • بلغ قوم مريم من السفاهة مبلغا عظيما حتى رموها وهى الطاهرة العفيفة بما هي بريئة منه، ومع ذلك فإنها امتنعت عن الكلام، وفى ذلك إشارة إلى الإعراض عن السفهاء وعدم مجاراتهم في سفههم.
    • بر عيسى عليه السلام بأمه دليل طهرها وصدقها، وردٌ على ما ورد في الأناجيل مما يدل على جفائه.
    • التوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب، ومريم رضي الله عنها كان رزقها يأتيها من عند الله، ولما جاءت ساعة المخاض أمرها الله عز وجل أن تهز النخلة أخذا بالأسباب.
    • قال ابن عطية: «وقد استدل بعض الناس من هذه الآية على أن الرزق وإن كان محتوما فإن الله تعالى قد وكل ابن آدم إلى سعي ما فيه لأنه أمرت مريم بهز الجذع لترى آية وكانت الآية تكون بأن لا تهز هي» 68.
    • أكل مريم رحمها الله من الرطب إشارة إلى ما أثبته الطب من أهمية الرطب للمرأة النفساء.
    • وردت قصة مريم في سورة تحمل اسمها وأخرى تحمل اسم أبيها عمران، وسورة الأنبياء، وسورة التحريم التي استفتحت بذكر أمهات المؤمنين، وختمت بذكر سيدة نساء العالمين آسية ومريم، وذكرها في سورة الأنبياء في سياق رعاية الله تعالى لأنبيائه عطفا على ولدها المسيح عليه السلام بيان لمكانة مريم في القرآن، وعظمة القرآن ورفعته وتسامح الإسلام وشموله وعالميته، وأن القرآن امتداد للكتب السابقة المنزلة، ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم حلقة أخيرة في سلسلة الأنبياء عليهم السلام وامتداد لهم.
    • التكاليف الشرعية لا تسقط عن العبد ما دام حيا عاقلا، ومهما بلغ مقامه عند الله، وفى ذلك رد على بعض المتصوفة، الذين قالوا بسقوط التكليف عن العبد عند بلوغه درجة معينة.
    • عن كلام المسيح في المهد قال الألوسي: « وذكر عبوديته لله تعالى أولًا: لأن الاعتراف بذلك على ما قيل هو أول مقامات السالكين، وفيه رد على من يزعم ربوبيته وفى جميع ما قال تنبيه على براءة أمه لدلالته على الاصطفاء والله سبحانه أجل من أن يصطفي ولد الزنا، وذلك من المسلمات عندهم، وفيه من إجلال أمه عليهما السلام ما ليس في التصريح، وقيل: لأنه تعالى لا يخص بولد موصوف بما ذكر إلا مبرأة مصطفاة » 69.

1 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٣٥٨.

2 المصدر السابق ١/٣٥٨.

3 البداية والنهاية ٢/٥٦.

4 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٣٦٨، السيرة النبوية، ابن هشام ٢/١٥٨.

5 في ظلال القرآن ٤/٢٣٩٥.

6 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٣٦٨.

7 مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٢٦.

8 قصص الأنبياء، ابن كثير ص ٥٤٩.

9 قال القاسمي في محاسن التأويل ٤/٩١: قال المفسرون هي في لغتهم بمعنى العابدة، سمتها بذلك رجاء وتفاؤلا أن يكون فعلها مطابقا لاسمها.

وقال ابن حجر في فتح الباري ٦/٥٤١: (مريم) بالسريانية تعني: الخادم.

10 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣/٢٣٤.

11 انظر: روح المعاني، الألوسي ٣/١٣٦.

12 محاسن التأويل، القاسمي ٤/٩٢.

13 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب القرعة في المشكلات ٢/٩٥٣.

14 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٤٣، روح البيان، إسماعيل حقي ١/٣٢، روح المعاني، الألوسي ٣/١٥٥، محاسن التأويل، القاسمي ٤/٩٦.

15 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٤٣ روح المعاني، الألوسي ٣/١٥٥، محاسن التأويل، القاسمي ٤/٩٦.

16 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب المناقب، باب فضل خديجة، ٥/٦٦٠، رقم ٣٨٧٨. قال الترمذي: حديث صحيح.

17 مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٤٤.

18 انظر: المفردات، الراغب ص ٤١٣.

19 روح المعاني، الألوسي ٣/١٥٨.

20 روح المعاني، الألوسي ٣/١٥٨.

21 روح البيان، إسماعيل حقي ٢/٣٤.

22 انظر: روح المعاني، الألوسي ٣/١٦٠.

23 الكشاف، الزمخشري ١/٣٦٣.

24 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٤/٨٨.

25 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٣٦٣.

26 روح المعاني، الألوسي ٣/١٦٢.

27 مفاتيح الغيب، الرازي ٨/٥١.

28 انظر: روح المعاني، الألوسي ٣/١٦٣.

29 في ظلال القرآن ١/٣٩٨.

30 أي: ذو عقل وانتهاء عن فعل القبيح. انظر: قصص الأنبياء، ابن كثير ص ٥٦٢.

31 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١١٥.

32 نظم الدرر، البقاعي ٤/٥٢٧.

33 أخرجه النسائي في سننه، كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة، رقم ٤٤٦.

34 ذكره الزمخشري في الكشاف ٣/١١.

35 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١١٦.

36 حاشية الجمل على الجلالين ٣/٥٧.

37 مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٢٠٤.

38 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/٥٤، زاد المسير، ابن الجوزي ٥/٢٢١، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/١٧، ومفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٢٠٥.

39 أخرجه البخاري في صحيحه معلقًا، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: (واذكر في الكتاب مريم)، ٤/١٦٥.

40 انظر: قصص الأنبياء، ابن كثير ص ٥٦٥.

41 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١١/٩٩.

42 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم، وبيان ما يستحب من الأسماء، رقم ٢١٣٥.

43 مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٢٠٩.

44 انظر: غرائب القرآن، النيسابوري ١٦/٥٣، مفاتيح الغيب، الرازي ٢١/٢١٤.

45 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٣/٣٢١.

46 انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم ٥/١٧.

47 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٤/٨٣.

48 المصدر السابق.

49 المصدر السابق٤/٨٤.

50 المصدر السابق.

51 قصة الحضارة ١/٤٨٢.

52 المصدر السابق ١١/٤٥٣.

53 المصدر السابق ١٦/٤٤١.

54 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٢٨.

55 أدب الدنيا والدين، الماوردي ص ١٩٥.

56 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٤/٦٦.

57 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣/٢٣٢.

58 الأساس في التفسير، سعيد حوى ٢/٧٦٢.

59 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم)،٤/١٦٥.

60 نظم الدرر ٢/٧٢.

61 المصدر السابق.

62 البحر المحيط ٢/٣٣٦.

63 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٤/٨٦.

64 شرح العقيدة الطحاوية، شرح ابن أبي العز ص٤٩٥.

65 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٩١.

66 المصدر السابق.

67 البحر المحيط ٦/١٣٢.

68 المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/١٤.

69 روح المعاني، الألوسي ١٦/٨٩.