عناصر الموضوع

مفهوم الشك

الشك في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

اقتران الشك بالريب

الإيمان والشك

من صور الشك

أسباب الشك

علاج الشك

عاقبة الشك

الشك

مفهوم الشك

أولًا: المعنى اللغوي:

قال ابن فارس: «الشين والكاف أصل واحد مشتق بعضه من بعض، وهو يدل على التداخل، ومن هذا الباب الشك، الذي هو خلاف اليقين، إنما سمي بذلك لأن الشاك كأنه شك له الأمران في مشك واحد، وهو لا يتيقن واحدًا منهما»1.

وقال ابن منظور: «الشك: نقيض اليقين، وجمعه شكوك، وقد شككت في كذا وتشككت، وشك في الأمر يشك شكًا، وشككه فيه غيره»2.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

لا يختلف المعنى الاصطلاحي للشك عن معناه اللغوي، الذي يدور حول اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما، وذلك قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عند النقيضين، أو لعدم الأمارة فيهما3.

وعرفه الجرجاني بأنه: «التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك»4. وذكر أيضًا في تعريفه: «أنه ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما»5.

وقال المناوي: «الشك: الوقوف بين النقيضين، وقيل: هو الوقوف بين المعنى ونقيضه، وضده: الاعتقاد»6.

الشك في الاستعمال القرآني

وردت مادة (ش ك ك) في القرآن الكريم (١٥) مرة 7.

والصيغ التي وردت، هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

المصدر

١٥

( ﭿ ) [النمل:٦٦]

وجاء الشك في القرآن بمعناه اللغوي، وهو: التردد في أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، أو اعتدال النقيضين في النفس وتساويهما8.

الألفاظ ذات الصلة

الظن:

الظن لغةً:

الظاء والنون أصل صحيح يدل على معنيين مختلفين: يقين وشك، فأما اليقين فقول القائل: ظننت ظنًا، أي: أيقنت، والأصل الآخر: الشك، يقال: ظننت الشيء، إذا لم يتيقنه، ومن ذلك الظنة: التهمة. والجمع: الظنن 9.

الظن اصطلاحًا:

قال الراغب الأصفهاني: «اسم لما يحصل عن أمارة، ومتى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضعفت جدًا لم يتجاوز حد التوهم»10.

وقال الجرجاني: «هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، ويستعمل في اليقين والشك، وقيل: الظن: أحد طرفي الشك بصفة الرجحان»11.

الصلة بين الظن والشك:

أن الشك استواء طرفي التجويز ، والظن رجحان أحد طرفي التجويز، والشاك يجوز كون ما شك فيه على إحدى الصفتين ، لأنه لا دليل هناك ولا أمارة، ولذلك كان الشاك لا يحتاج في طلب الشك إلى الظن والعلم، وغالبًا ما يطلبان بالنظر. ويجوز أن يقال: الظن قوة المعنى في النفس من غير بلوغ حال الثقة الثابتة، والشك ليس كذلك12.

الريب:

الريب لغة:

الريب مأخوذة من مادة (ر ي ب) يدل على شك أو شك وخوف13.

الريب اصطلاحا:

قال ابن الأثير رحمه الله: «الريب هو الشك مع التهمة»14.

الصلة بين الشك والريب:

الريب يكون في علم القلب وفي عمله؛ بخلاف الشك فإنه لا يكون إلا في العلم فقط.

ثم الشك سبب الريب، كأنه شك أولًا ، ثم أوقعه شكه في الريب، فالشك مبدأ الريب، كما أن العلم مبدأ اليقين، فيوصف الشك بالريب، والشك المريب أقوى ما يكون من الشك، وأشده إظلامًا، وإنما وصف الشك بالمريب للمبالغة فيه، ولتقوية معنى الشك15.

الوهم:

الوهم لغة:

وهم إلى الشيء بالفتح يهم وهمًا، إذا ذهب وهمه إليه وهو يريد غيره، ووهم يوهم وهمًا -بالتحريك -إذا غلط 16.

الوهم اصطلاحًا:

هو الطرف المرجوح غير الجازم من المترددين، وهو أضعف من الظن ، وكثيرا ما يستعمل في الظن الفاسد 17.

الصلة بين الوهم والشك:

الشك استواء الطرفين، أما إن كان أحد الطرفين راجحًا، والآخر مرجوحًا، فالمرجوح يسمى وهمًا، والراجح يسمى ظنًا18.

الوسوسة:

الوسوسة لغة:

قال ابن منظور: «الوسوسة والوسواس: الصوت الخفي من ريح، والوسواس: صوت الحلي، والوسواس، بالفتح، الاسم ، مثل الزلزال والزلزال، والوسواس، بالكسر، المصدر. والوسواس، بالفتح: هو الشيطان، وكل ما حدثك ووسوس إليك، فهو اسم»19.

الوسوسة اصطلاحًا:

قال الكفوي: «الوسوسة: القول الخفي لقصد الإضلال من وسوس إليه ووسوس له، أي : فعل الوسوسة لأجله، وهي حديث النفس، والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير»20، وقال الزبيدي: «الوسوسة: الكلام الخفي في اختلاط»21

الصلة بين الشك والوسوسة:

أن الشك ينشأ عن سبب معتبر معتد به، وأصل يبني عليه شكه بخلاف الوسوسة، فإن الموسوس يبني وسوسته من غير وجود أصل معتبر، وإنما تنشأ الوسوسة عن أوهام لا اعتبار لها.

والشك إذا كثر، وتكرر من الإنسان، فإنها تعد وسوسة.

والشك يزول بزوال سببه، وأما الوسوسة، فلا تزول إلا بجهد بالغ، ومشقة متناهية، وعزيمة قوية22.

المرية:

المرية لغة:

المرية: بالكسر والضم، الشك والجدل، والامتراء في الشيء: الشك فيه، وكذلك التماري، والمراء: المماراة والجدل، والمراء أيضًا: من الامتراء والشك23.

المرية اصطلاحًا:

«الامتراء: طلب التشكك مع ظهور الدليل، أو هو ظهور تكلف المؤنة ، وهي محاولة مستخرج السوء من خبيئة المحاولة من امتراء ما في الضرع ، وهو استئصاله حلبا»24.

الصلة بين الشك والامتراء

«أن الامتراء هو استخراج الشبه المشكلة، ثم كثر حتى سمي الشك مرية وامتراء ، وأصله المري ، وهو استخراج اللبن من الضرع ، مرى الناقة يمريها مريًا، ومنه ماراه مماره ومراء إذا استخرج ما عنده بالمناظرة ، وامترى امتراء إذا استخرج الشبه المشكله من غير حل لها»25.

اقتران الشك بالريب

وردت لفظتا (الشك، والريب) في كتب الترادف ضمن الألفاظ المترادفة المختلفة في اللفظ، المتفقة في المعنى.

وعرفنا أن الشك: تردد الذهن بين أمرين، وأما الريب فهو شك مع تهمة.

فعند اقتران لفظتي الشك مع الريب فإن المعنى بناءً على ما سبق يكون: التردد مع التهمة.

وقد جمعت بعض الآيات بين الشك والريب في سياقٍ واحد.

قال تعالى: (ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ) [هود: ٦٢].

بعد أن دعا صالح عليه السلام قومه لعبادة الله وحده، وذكرهم بقدرة الله عز وجل ونعمه عليهم، فيأتي الرد من قومه بأنه خاب رجاؤنا فيك، وصرت في رأينا رجلًا مختل التفكير، ولن نترك عبادة الأصنام التي كان يعبدها آباؤنا، وقالوا: (ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ) فإننا لفي شك كبير وريب عظيم من صحة ما تدعونا إليه، وهو شك موقع في التهمة وسوء الظن26.

وبنفس هذا المعنى في قوله تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [هود: ١١٠].

فقوم موسى ترددوا وشكوا فيما جاءهم به موسى عليه السلام ، وفي نفس الوقت تبع هذا الشك التهمة لما جاءهم به.

وقال تعالى: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [سبأ: ٥٤].

تتحدث هذه الآية عن مصير المشركين وما يلاقونه يوم القيامة، وذلك لأنهم كانوا يشكون في أمر هذا الدين ، وفي نفس الوقت كانوا يتهمونه بتهم باطلة.

الإيمان والشك

الإيمان والشك خطان متوازيان لا يمكن أن يلتقيان بحال من الأحوال، والمؤمن كلما ارتقى في سلم الإيمان زاد بعدًا عن الشك، فالعلاقة بين الإيمان والشك علاقة طردية، فإذا زاد الإيمان قل الشك ، والعكس صحيح، وكما جاء في تعريف الشك سابقًا بأنه تردد بين شيئين، كالذي لا يجزم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكذبه، ولا يجزم بوقوع البعث ولا عدم وقوعه.

والإيمان لغة: مصدر آمن يؤمن إيمانًا فهو مؤمن27، وأصل آمن أأمن بهمزتين لينت الثانية28، وهو من الأمن ضد الخوف29.

قال الراغب: «أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف»30.

وقال شيخ الإسلام: «فإن اشتقاقه من الأمن الذي هو القرار والطمأنينة، وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق والانقياد»31.

والإيمان اصطلاحًا: «هو التصديق الجازم، والإقرار الكامل، والاعتراف التام؛ بوجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واستحقاقه وحده العبادة، واطمئنان القلب بذلك اطمئنانًا ترى آثاره في سلوك الإنسان، والتزامه بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه»32.

والحديث عن الإيمان والشك يكون في النقاط الآتية:

أولًا: العلاقة بين الإيمان والشك:

من خلال تعريف كل من الإيمان والشك يتضح لنا أن معنى الإيمان على النقيض من معنى الشك، فالشك هو تردد بين نقيضين، أما الإيمان فهو تصديق جازم وإقرار كامل.

وقد ذكر علماء السنة أن من شروط لا إله إلا الله (اليقين المنافي للشك).

قال الشيخ حافظ حكمي: «بأن يكون قائلها مستيقنًا بمدلول هذه الكلمة يقينًا جازمًا، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن، فكيف إذا دخله الشك.

قال تعالى: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [الحجرات: ١٥].

فاشترط في الصدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا، أي: لم يشكوا، فأما المرتاب فهو من المنافقين - والعياذ بالله- الذين قال الله تعالى فيهم: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [التوبة: ٤٥].

فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقنًا بها قلبه غير شاك فيها، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط»33.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله موضحًا منزلة اليقين وأهميتها، ومعارضتها لكل شك وريب: «فاليقين روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال الجوارح، وهو حقيقة الصديقية، وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره، ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نورًا وإشراقًا، وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط ، ثم ذكر من تعريفات اليقين «المكاشفة، وهو على ثلاثة أوجه: مكاشفة في الأخبار، ومكاشفة بإظهار القدرة، ومكاشفة القلوب بحقائق الإيمان، ومراد القوم بالمكاشفة: ظهور الشيء للقلب بحيث يصير نسبته إليه كنسبة المرئي إلى العين، فلا يبقى معه شك ولا ريب أصلًا، وهذا نهاية الإيمان، وهو مقام الإحسان»34.

ثانيًا: كيف تحدث القرآن الكريم عن الإيمان والشك:

المتأمل للقرآن الكريم يلاحظ أن الله سبحانه وتعالى يؤكد على المسائل العقدية الكبرى التي يجب الإيمان واليقين بها بقوله: لا ريب فيه، فحينما حدثنا في بداية سورة البقرة عن القرآن قال: (ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ ﭚ ) [البقرة: ٢].

ويقول تعالى: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [يونس: ٣٧].

وعن قيام الساعة يقول: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ) [آل عمران: ٩].

ويقول أيضًا: ( ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [آل عمران: ٢٥].

فهذه الآيات تؤكد على أهمية اليقين، وذم الشك والريب والتردد في أمور الدين والعقيدة ومسائل الإيمان، وأن نكون فيها جازمين ثابتين غير متزعزعين ولامتشككين.

وفي المقابل يقول الله جل وعلا عن حال أهل الإيمان واليقين: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [الحجرات: ١٥].

من صور الشك

تعددت وتنوعت صور الشك من قبل المشركين، فتارة يشكون في الله عز وجل، وتارة يشكون في الكتب السماوية ، وتارة يشكون في الرسل ورسالتهم ، وتارة أخرى يشكون في اليوم الآخر، هذا ما سنتعرف عليه من خلال النقاط الآتية:

أولًا: الشك في الله جل جلاله:

أن الله تعالى عاب على المشركين شكهم في ربوبيته وألوهيته ، فقال سبحانه: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿP ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ\ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑb) [الدخان: ٧-٩].

في هذه الآيات يخبر الله عز وجل بأنه رب السموات والأرض وما بينهما من سائر المخلوقات، وخالقها ومالكها وما فيها، بعد إثبات الربوبية لله أثبت الوحدانية، فهو الإله الواحد الذي لا إله غيره، وأثبت القدرة فهو المحيي والمميت، يحيي ما يشاء، ويميت ما يشاء، ثم أكد الربوبية على البشر بالذات، فهو ربكم أيها المخاطبون ورب آبائكم وأجدادكم الأولين، ومدبر شئونهم، فهو المستحق للعبادة، دون غيره من الآلهة المزعومة35.

قال الإمام الألوسي رحمه الله: «قوله: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) إضراب إبطالي، أبطل به إيقانهم لعدم جريهم على موجبه، وتنوين () للتعظيم، أي: في شك عظيم. () أي: لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان، بل يقولونه مخلوطًا بهزء ولعب، وهذه الجملة خبر بعد خبر لهم، والالتفات عن خطابهم لفرط عنادهم، وإهمال أمرهم»36.

ففي هذه الآية ينفي الحق سبحانه إيقانهم بأن خالق السموات والأرض هو الله، لعدم جريهم على ما يقتضيه هذا الإيقان، لأنهم لو كانوا موقنين حقا بذلك، لأخلصوا لله تعالى العبادة والطاعة37.

وقد أغلظ ابن حزم رحمه الله تعالى على من انتحلوا مذهب الشك فقال: «والله ما سمع سامع قط بأدخل في الكفر من قول من أوجب الشك في الله تعالى وفي صحة النبوة فرضًا على كل متعلم لا نجاة له إلا به، ولا دين لأحد دونه، وإن اعتقاد صحة التوحيد لله تعالى وصحة النبوة باطل لا يحل، فحصل من كلامهم أن من لم يشك في الله تعالى ولا في صحة النبوة فهو كافر، ومن شك فيهما فهو محسن مؤد ما وجب عليه، وهذه فضيحة وحماقة38.

وبعد أن شك المشركون في الله عز وجل بقولهم: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [إبراهيم: ٩].

جاءهم الجواب على ألسن رسله عليهم السلام بالاستفهام الإنكاري: (ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [إبراهيم: ١٠].

قال البغوي رحمه الله تعالى: «هذا استفهام بمعنى نفي ما اعتقدوه»39، وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: «هذا استفهام إنكار، والمعنى: لا شك في الله، أي: في توحيده»40.

ثانيًا: الشك في الكتب السماوية:

قال تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ)[الشورى: ١٤].

قال الزحيلي: «أي: وإن الجيل المتأخر من أهل الكتاب الذين توارثوا التوراة والإنجيل عمن سبقهم لفي شك من كتابهم ودينهم وإيمانهم، وهو شك مقلق موقع في الريب بشدة، لأنهم لم يتبعوا الحق، وإنما قلدوا رؤساء الدين المتأخرين الذين صوروا لهم الدين بصورة مغايرة لحقيقته الأولى، واتبعوا الآباء والأسلاف بلا دليل ولا برهان، وهم في حيرة من أمرهم، ولذلك لم يؤمنوا برسالة خاتم الأنبياء، وأصبحوا مكذبين القرآن ومحمدا صلى الله عليه وسلم الذي صدق كتابهم في أصله الأول»41.

وعندما شك المشركون في القرآن الكريم جاءهم الرد من الله عز وجل بقوله: (ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ) [البقرة: ٢]يخبر تعالى أن ما أنزله على عبده ورسوله من قرآن يمثل كتابًا عظيمًا لا يحتمل الشك، ولا يتطرق إليه احتمال كونه غير وحي الله وكتابه، وقال تعالى: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [يونس: ٣٧].

قال الإمام ابن كثير: «هذا بيان لإعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله، ولا بعشر سور ولا بسورة من مثله لأنه بفصاحته وبلاغته ووجازته وحلاوته واشتماله على المعاني الغزيرة النافعة في الدنيا والآخرة، لا يكون إلا من عند الله تعالى الذي لا يشبهه شيء في ذاته ، ولا في صفاته، ولا في أفعاله ولا في أقواله، فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين»42.

ثالثًا: الشك في الرسل ورسالاتهم:

قال تعالى: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉÜ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ) [هود: ٦١-٦٢].

بعد أن دعا صالح عليه السلام قومه لعبادة الله وحده، وذكرهم بقدرة الله عز وجل ونعمه عليهم، فيأتي الرد من قومه بقوله تعالى: (ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ) قالوا : يا صالح ، لقد كنت فينا رجلًا فاضلًا نرجوك لمهمات الأمور فينا ، لعلمك وعقلك وصدقك، قبل أن تقول ما قلته، أما الآن وبعد أن جئتنا بهذا الدين الجديد فقد خاب رجاؤنا فيك، وصرت في رأينا رجلا مختل التفكير، ثم ختموا ردهم عليه بقولهم: (ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ) أي: لن نترك عبادة الأصنام التي كان يعبدها آباؤنا، وإننا لفي شك كبير وريب عظيم من صحة ما تدعونا إليه، وهو شك موقع في التهمة وسوء الظن43.

وقال تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ) [هود: ١١٠].

يخبر الله عز وجل عن اختلاف قوم موسى عليه السلام في شأن التوراة التي أنزلها على نبيهم لهدايتهم، إذ منهم من آمن بها ، ومنهم من كفر بها، ثم يوضح الله عز وجل بقوله: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) أي: وإن هؤلاء المختلفين في شأن الكتاب لفي شك منه، وهذا الشك قد أوقعهم في الريبة والتخبط والاضطراب، وهذا شأن المعرضين عن الحق، لا يجدون مجالا لنقده وإنكاره، فيحملهم عنادهم وجحودهم على التشكيك فيه، وتأويله تأويلا سقيما يدعو إلى الريبة والقلق44.

قال الشيخ محمد الطنطاوي شيخ الأزهر: «وبعض المفسرين يرى عودة الضمير في قوله () إلى قوم موسى، وفي قوله () إلى كتابهم التوراة، وبعضهم يرى عودة الضمير الأول إلى قوم النبي صلى الله عليه وسلم والثاني إلى القرآن الكريم، والذي يبدو لنا أن الرأى الأول أظهر في معنى الآية، لأن الكلام في موسى عليه السلام وقومه الذين اختلفوا في شأن كتابهم التوراة اختلافًا كبيرًا، وعود الضمير إلى المتكلم عنه أولى بالقبول، وهذا لا يمنع أن بعض المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم كانوا في شك من القرآن، أوقعهم هذا الشك في الريبة والحيرة، فتكون الجملة الكريمة من باب التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما قاله بعض المشركين في شأن القرآن الكريم»45.

وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [غافر: ٣٤].

قال ابن كثير: «قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) يعنى: أهل مصر، قد بعث الله فيهم رسولًا من قبل موسى، وهو يوسف عليه السلام كان عزيز أهل مصر، وكان رسولا يدعو إلى الله أمته القسط، فما أطاعوه تلك الساعة إلا لمجرد الوزارة، والجاه الدنيوي، ولهذا قال: (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) أي: يئستم فقلتم طامعين: لن يبعث الله من بعده رسولًا ، وذلك لكفرهم وتكذيبهم»46.

فالكلام في هذه الآية جاء على لسان مؤمن آل فرعون، يحذر قومه من الشك في دعوة موسى عليه السلام ، كما فعل أجدادهم من قبل مع يوسف عليه السلام، (ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) أي: فما زال آباؤكم في شك مما جاءهم به من البينات والهدى، كشأنكم أنتم مع نبيكم موسى عليه السلام47.

رابعًا: الشك في اليوم الآخر:

قال تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [النمل: ٦٦].

قال البغوي رحمه الله تعالى: «يعني : هم اليوم في شك من الساعة»48.

وقال الشنقيطي رحمه الله تعالى: «فهذا الذي كانوا يشكون فيه في دار الدنيا، ويعمون عنه مما جاءتهم به الرسل ، يعلمونه في الآخرة علمًا كاملًا لا يخالجه شك عند معاينتهم لما كانوا ينكرونه من البعث والجزاء»49.

وقال تعالى: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [سبأ: ٥٤].

قال الطبري رحمه الله تعالى: «إنهم كانوا قبل في الدنيا في شك من نزول العذاب الذي نزل بهم وعاينوه»50.

والمعنى: لقد فعلنا بهم كما فعلنا في أمثالهم ونظرائهم من كفار الأمم الماضية، إنهم كانوا جميعا في الدنيا في شك مغرق في الريبة في أمر إثبات البعث والجزاء في الآخرة51.

وقال تعالى: (ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ) [الإسراء: ٤٩].

قال طنطاوي في هذه الآية: «وقال الكافرون المنكرون للبعث والحساب، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الإنكار والاستبعاد : أإذا كنا يا محمد، عظامًا بالية، ورفاتًا يشبه التراب في تفتته ودقته، أإنا لمعادون إلى الحياة مرة أخرى، بحيث تعود إلينا أرواحنا، وتدب الحياة فينا ثانية، ونبعث على هيئة خلق جديد، غير الذي كنا عليه في الدنيا؟»52.

وبنفس هذا المعنى في آيات عديدة منها، قوله تعالى: (ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [المؤمنون: ٨٢].

وقوله تعالى: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [الرعد: ٥].

وقوله تعالى: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [ق: ٣].

وقد أكد الحق سبحانه في غير موضع من القرآن الكريم نفي الشك في وقوع البعث والجزاء:

قال تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ) [آل عمران: ٢٥].

أي: فكيف يكون حالهم إذا جمعناهم لجزاء يوم لا ريب في مجيئه وحصوله53.

وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [النساء: ٨٧] أي: الله الواحد الأحد الفرد الصمد والذي لا معبود بحق سواه، كتب على نفسه أنه ليبعثنكم من قبوركم وليحشرنكم إلى الحساب في يوم القيامة الذي لا شك في حصوله ووقوعه، فقررت الآية أن يوم الحساب آت لا شك فيه مهما أنكره الملحدون54.

وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [الكهف: ٢١].

أي: أن القيامة آتية لا ريب فيها، ولا شك في حصولها55.

وبنفس المعنى في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [غافر: ٥٩].

وقوله تعالى: (ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [الجاثية: ٢٦].

الشك في الوعد والوعيد:

قال تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الأعراف: ٧٠].

في هذه الآية يأتي رد قوم هود على نبيهم عليه السلام بعدما دعاهم لعبادة الله وحده، بالاستهزاء والإنكار: أجئتنا يا هود لأجل أن نعبد الله وحده، ونترك ما كان يعبد آباؤنا من الأوثان والأصنام ؟! إن هذا لن يكون منا أبدًا ، فأتنا بما تعدنا به من العذاب إن كنت من الصادقين فيما تخبر به، فهم استعجلوا العذاب ؛ لأنهم كانوا يشكوا في وقوعه56.

وبنفس المعنى في قوله تعالى: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الأحقاف: ٢٢].

وفي قوله تعالى أيضًا: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [هود: ٣٢].

أي: لقد سئمنا مجادلتك لنا ومللناها، فأتنا بالعذاب الذي تتوعدنا به، إن كنت من الصادقين في دعواك النبوة، وفي وعيدك لنا بعقاب الله، فإننا مصرون على عبادة آلهتنا، وكارهون لما تدعونا إليه57.

أسباب الشك

الأسباب التي توقع الإنسان في الشك كثيرة ومتنوعة، ومن أهمها:

أولًا: الكفر:

الشك في الله عز وجل وفي اليوم الآخر وغيرها من صور الشك من أبرز أسبابها الكفر.

قال تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [إبراهيم: ٩].

في هذه الآية يتضح أن السبب وراء شك أولئك الأقوام بما جاءت به رسلهم هو الكفر، فبعد أن جاء كل رسول إلى قومه بالحجج الواضحات، وبالمعجزات الظاهرات، الدالة على صدقه فيما يبلغه عن ربه، كان الجواب منهم: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ).

قال الجمل: «فإن قيل: إنهم أكدوا كفرهم بما أرسل به الرسل، ثم ذكروا بعد ذلك أنهم شاكون مرتابون في صحة قولهم فكيف ذلك؟ فالجواب: كأنهم قالوا : إنا كفرنا بما أرسلتم به أيها الرسل ، فإن لم نكن كذلك، فلا أقل من أن نكون شاكين مرتابين في صحة نبوتكم، أو يقال: المراد بقولهم (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ)أي: بالمعجزات والبينات، وبقولهم: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) وهو الإيمان والتوحيد، أو يقال: إنهم كانوا فرقتين : إحداهما جزمت بالكفر، والأخرى شكت »58.

والشك الذي وقع من قوم صالح عليه السلام إنما كان سببه الكفر، قال تعالى: (ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ) [هود: ٦٢].

بعد أن دعا صالح عليه السلام قومه لعبادة الله وحده، وذكرهم بقدرة الله عز وجل ونعمه عليهم، فيأتي الرد منهم بالعناد والكفر، فقالوا : يا صالح لقد كنت فينا رجلًا فاضلًا نرجوك لمهمات الأمور فينا لعلمك وعقلك وصدقك، قبل أن تقول ما قلته، أما الآن وبعد أن جئتنا بهذا الدين الجديد فقد خاب رجاؤنا فيك، وصرت في رأينا رجلا مختل التفكير، ثم ختموا ردهم عليه بقولهم: (ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ) أي: لن نترك عبادة الأصنام التي كان يعبدها آباؤنا، وإننا لفي شك كبير وريب عظيم من صحة ما تدعونا إليه59.

ثانيًا: النفاق:

النفاق من أبرز الأسباب المؤدية للشك.

قال تعالى: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [التوبة: ٤٥].

أي: إنما يستأذنك- يا محمد- في القعود عن الجهاد أولئك الذين من صفاتهم أنهم لا يؤمنون بالله إيمانا ًكاملًا، ولا يؤمنون باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب إيمانا يقينيا، وبجانب عدم إيمانهم بالله واليوم الآخر، رسخ الريب في قلوبهم فصاروا يشكون في صحة ما جئت به - أيها الرسول الكريم-، ويقفون من تعاليمك وتوجيهاتك، موقف المكذب المرتاب لا موقف المصدق المذعن، وأضاف الشك والارتياب إلى القلوب، لأنها محل المعرفة والإيمان60.

قال طنطاوي: «وأوثرت صيغة الماضي (ارتابت) للدلالة على تحقق الريب وتوبيخهم، وأصل معنى التردد: الذهاب والمجيء. والمراد به هنا التحير على سبيل المجاز ؛ لأن المتحير لا يستقر في مكان، ولا يثبت على حال، فهم في شكهم الذي حل بهم يتحيرون»61.

وقال تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [التوبة: ١١٠].

تكشف هذه الآية عن حال المنافقين بعد أن فضح الله نواياهم بما أرادوه من بناء المسجد الذي سماه الله عز وجل بمسجد الضرار، والمعنى: لا يزال ما بناه هؤلاء المنافقون موضع ريبة وقلق في نفوسهم في كل وقت وحال إلا في وقت واحد، وهو وقت أن تتمزق قلوبهم بالموت ، فهم لا يزالون في قلق وحيرة، والسبب في أن هذا البناء كان مثار ريبتهم وقلقهم حتى بعد هدمه، أنهم بنوه بنية سيئة، ولتلك المقاصد الأربعة الخبيثة التي بينتها الآية الأولى، فكانوا يخشون أن يطلع الله نبيهم على مقاصدهم الذميمة، فهذه الخشية أورثتهم القلق والريبة، فلما أطلع الله تعالى نبيه على أغراضهم، وتم هدم مسجد الضرار، وانهار الجرف المتداعي المتساقط، استمر قلقهم وريبهم ؛ لأنهم لا يدرون بعد ذلك ماذا سيفعل المؤمنون بهم62.

ثالثًا: الجهل:

قال تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النساء: ١٥٧].

الجهل هو أحد أسباب الوقوع في الشك، وهذا ما حدث لبني إسرائيل بعدما وقعت حادثة رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، فالذين اختلفوا في شأن عيسى من أهل الكتاب لفي شك دائم من حقيقة أمره، فهم في حيرة وتردد، ليس عندهم علم ثابت قطعي في شأنه، أو في شأن قتله، ولكنهم لا يتبعون فيما يقولونه عنه إلا الظن الذي لا تثبت به حجة. ولا يقوم عليه برهان، وهذا الشك أساسه الجهل الذي وقع منهم، حين قالوا : إنه ابن الله، وادعوا أن في عيسى عنصرًا إلهيا مع العنصر الإنساني، وأن الذي ولدته مريم هو العنصر الإنساني، ثم أفاض عليه بعد ذلك العنصر الإلهي، فالشك هنا أساسه وسببه جهل بني إسرائيل بما حدث لعيسى عليه السلام63.

وقال تعالى: (ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الدخان: ٩].

صدر هذا الكلام من الكافرين نتيجة جهلهم بقدرة الله عز وجل وعظمته، فهؤلاء الكفار لم يكونوا موقنين بأن رب السموات والأرض وما بينهما هو الله، بل قالوا ما قالوا في ذلك على سبيل الشك واللعب64.

رابعًا: الكبر:

يصرح المشركون أن السبب الحقيقي الذي حال بينهم وبين الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو الحقد والحسد والكبر، وإنكار أن يختص الله تعالى رسوله من بينهم بالرسالة، فقالوا كما حكى القرآن عنهم: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ) [ص: ٨].

والاستفهام للإنكار والنفي، أي: كيف يدعي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قد أنزل عليه القرآن من بيننا، ونحن السادة الأغنياء العظماء، وهو دوننا في ذلك؟ إننا ننكر وننفي دعواه النبوة من بيننا65.

قال الزمخشري: «أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم ورؤسائهم وينزل عليه الكتاب من بينهم، كما قالوا: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ)وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدورهم من الحسد على ما أوتي من شرف النبوة من بينهم»66.

وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الكهف: ٣٥ -٣٧].

انتقل صاحب الجنتين من غرور إلى غرور أشد، فهذا الكافر لم يكتف بتطاوله على صاحبه المؤمن، بل سار به نحو جنته حتى دخلها ، وهو ظالم لنفسه بسبب كفره وجحوده وكبره، ثم ختم هذا الكافر محاورته لصاحبه بقوله: (ﭟ ﭠ ﭡ) أي: كائنة ومتحققة، فهو قد أنكر البعث وما يترتب عليه من حساب بعد إنكاره لفناء جنته، ثم أكد كلامه بجملة قسمية، فقال: (ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) أي: والله لئن رددت إلى ربي على سبيل الفرض والتقدير ، كما أخبرتنى يا صاحبي بأن هناك بعثا وحسابا (ﭧ ﭨ ﭩ) أي: من هذه الجنة منقلبًا أي: مرجعا وعاقبة، وكل هذا الكلام الذي صدر من صاحب الجنة الكافر ما صدر إلا نتيجة الكبر والغرور67.

خامسًا: وسوسة الشيطان:

يبين الحق عز وجل أن إغواء الشيطان ووسوسته من الأسباب التي أدت الشك.

قال تعالى : (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)[سبأ:٢٠-٢١].

قال طنطاوي: «لفظ()قرأه بعض القراء السبعة بتشديد الدال المفتوحة، وقرأه البعض الآخر بفتح الدال بدون تشديد، والمعنى على القراءة بالتشديد: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه في قدرته على إغوائهم، وحقق ما كان يريده منهم من الانصراف عن طاعة الله تعالى وشكره، فاتبعوا خطوات الشيطان، بسبب انغماسهم في الفسوق والعصيان، إلا فريقًا من المؤمنين، لم يستطع إبليس إغواءهم ، لأنهم أخلصوا عبادتهم لخالقهم عز وجل، واستمسكوا بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، والمعنى على القراءة بالتخفيف: ولقد صدق إبليس في ظنه أنه إذا أغواهم اتبعوه، لأنه بمجرد أن زين لهم المعاصي أطاعوه، إلا فريقا من المؤمنين لم يطيعوه»68.

ثم بين سبحانه أن إغواء الشيطان لأهل سبأ ولأشباههم من بنى آدم، لم يكن عن قسر وإكراه، وإنما كان عن اختيار منهم ليتميز الخبيث من الطيب ، فقال تعالى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ) أي: وما كان لإبليس عليهم من سلطان قاهر يجعلهم لا يملكون دفعه، وإنما كان له عليهم الوسوسة التي يملكون صرفها ودفعها متى حسنت صلتهم بنا، ونحن ما أبحنا لإبليس الوسوسة لبنى آدم، إلا لنظهر في عالم الواقع حال من يؤمن بالآخرة وما فيها من ثواب وعقاب وحساب، ولنميزه عمن هو منها في شك وريب وإنكار69.

قال الشوكانى رحمه الله: «والاستثناء في قوله (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) منقطع أي: لا سلطان له عليهم، ولكن ابتليناهم بوسوسته لنعلم، وقيل: هو متصل مفرغ من أعم العلل، أي: ما كان له عليهم من تسلط بحال من الأحوال، ولا لعلة من العلل، إلا ليتميز من يؤمن ومن لا يؤمن، لأنه سبحانه قد علم ذلك علما أزليًا، وقال الفراء: إلا لنعلم ذلك عندكم. والأولى حمل العلم هنا على التمييز والإظهار»70.

علاج الشك

الشك هو داء خطير خصوصًا إذا ما أصاب المسلم، ولكن لكل داء دواء، وفيما يأتي أهم أدوية الشك:

أولًا: الثبات على الإيمان.

وسنتعرف على أهم الوسائل التي تعين المسلم على الثبات على الإيمان، وبالتالي تبعده عن الشك، وفيما يلي بعض هذه الوسائل:

١. الإقبال على القرآن الكريم.

قال تعالى: ( ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿÒ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الفرقان: ٣٢ -٣٣].

أي: أنزلناه كذلك منجمًا ومفرقًا لحكمة عالية وهي تقوية قلبك وتثبيته؛ لأنه كالغيث كلما أنزل أحيا موات الأرض وازدهرت به ونزوله مرة بعد مرة أنفع من نزول الغيث دفعة واحدة71.

فإذا كان القرآن الكريم مثبتًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بنا نحن الضعاف ؟ كيف بنا نحن المقصرين ؟ إذًا القرآن الكريم، الإقبال عليه؛ تلاوةً، وحفظًا، وفهمًا، وتدبرًا، وتطبيقًا، هو أحد الوسائل الفعالة لثباتك على الإيمان وبالتالي البعد كل البعد عن الشك.

٢. التزام شرع الله عز وجل والعمل الصالح.

قال تعالى: ( ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [النساء: ٦٦].

في هذه الآية بيان للنتائج الطيبة التي تترتب على امتثال شرع الله عز وجل، أي: ولو ثبت أن هؤلاء الذين أمرناهم بطاعتنا (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) أي: ما أمرناهم به من اتباع لرسولنا صلى الله عليه وسلم وانقياد لحكمه؛ لأنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، فلو ثبت أنهم فعلوا ذلك لكان ما فعلوه خيرًا لهم في دنياهم وآخرتهم. ولكان أشد تثبيتًا لهم على الحق والصواب، وأمنع لهم من الشك والضلال72.

وقال تعالى: (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [إبراهيم: ٢٧].

والمعنى: يثبت الله تعالى الذين آمنوا بالقول الثابت، أي: الصادق الذي لا شك فيه، في الحياة الدنيا، بأن يجعلهم متمسكين بالحق، ثابتين عليه دون أن يصرفهم عن ذلك ترغيب أو ترهيب، ويثبتهم أيضا بعد مماتهم، بأن يوفقهم إلى الجواب السديد عند سؤالهم في القبر وعند سؤالهم في مواقف يوم القيامة73

٣. تدبر قصص الأنبياء.

ذكرنا سابقًا كيف قابلت الأقوام أنبياءهم بالكفر والجحود والشك فيهم وفي رسالتهم، فتدبر هذه القصص من الوسائل الفعالة على الثبات على الإيمان، فيبين سبحانه أهم الفوائد التي تعود على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلينا من وراء إخباره بأحوال الأنبياء السابقين مع أقوامهم.

قال تعالى: (ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [هود: ١٢٠]

أي: وكل نبأ من أنباء الرسل الكرام السابقين نقصه عليك -أيها الرسول الكريم- وعلى أمتك، فالمقصود به تثبيت قلبك، وتقوية يقينك، وتسلية نفسك ونفوس أصحابك عما لحقكم من أذى في سبيل تبليغ دعوة الحق إلى الناس74.

ثانيًا: سؤال أهل العلم:

قال تعالى: (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [النحل: ٤٣].

المراد بأهل الذكر في هذه الآية، علماء أهل الكتاب أى: لقد اقتضت حكمتنا أن يكون الرسول من البشر في كل زمان ومكان، فإن كنتم في شك من ذلك-أيها المكذبون- فاسألوا علماء أهل الكتب السابقة من اليهود والنصارى، فسيبينون لكم أن الرسل جميعا كانوا من البشر ولم يكونوا من الملائكة، فمادامت قد بلغت بكم الجهالة أن تشكوا أن يكون الرسول بشرا فاسألوا أهل العلم في ذلك، فسيبينون لكم أن الرسل السابقين لم يكونوا إلا رجالًا75.

وفي قوله تعالى: (ﭞ ﭟ ﭠ) إشارة إلى أنهم كانوا يعلمون أن الرسل لا يكونون إلا من البشر، ولكنهم قصدوا بإنكار ذلك الجحود والمكابرة، والتمويه لتضليل الجهلاء، ولذا جيء في الشرط بحرف (إن) المفيد للشك، وجواب الشرط لهذه الجملة محذوف، دل عليه ما قبله. أى: إن كنتم لا تعلمون، فاسألوا أهل الذكر76.

فيفهم من الآيات السابقة أن الرجوع إلى أهل العلم وسؤالهم عن الأمور التي ربما يعتريها الشك، هو السبيل الوحيد للابتعاد عن الشك وما يترتب عليه من عواقب وخيمة.

عاقبة الشك

الشك له عواقب وخيمة تعود على صاحبة في الدنيا والآخرة، في هذا المبحث سنتعرف على أهم العواقب التي تنتج عن الشك.

١. الانغماس في الضلالة.

قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [غافر: ٣٤].

الكلام في هذه الآية جاء على لسان مؤمن آل فرعون، يحذر قومه من الشك في دعوة موسى عليه السلام كما فعل أجدادهم من قبل مع يوسف عليه السلام، ( ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) أى: فما زال آباؤكم في شك مما جاءهم به من البينات والهدى، كشأنكم أنتم مع نبيكم موسى عليه السلام77.

ثم بين لهم عاقبة ومصير الذي يستمر في الشك في الأنبياء، الانغماس في الضلالة بقوله: (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) أي: مثل ذلك الإضلال الفظيع، يضل الله تعالى من هو مسرف في ارتكاب الفسوق والعصيان، ومن هو مرتاب في دينه، شاك في صدق رسوله، لاستيلاء الشيطان والهوى على قلبه78.

٢. الوقوع في الاختلاف.

من عواقب الشك، الوقوع في الاختلاف لا سيما حول ما أنزل الله عز وجل، كما حدث الاختلاف حول التوراة التي أنزلها الله عز وجل على موسى عليه السلام.

قال تعالى: (ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [فصلت: ٤٥]

أي: ولقد آتينا نبينا موسى عليه السلام كتابه التوراة ليكون هداية ونورًا لقومه، فاختلفوا في شأن هذا الكتاب، فمنهم من آمن به، ومنهم من صد عنه79.

٣. العذاب في الآخرة.

عواقب الشك لا تقتصر على الدنيا فقط بل إنها تمتد للآخرة، فمن عواقب الشك في الآخرة العذاب والفناء والهلاك، كما في قوله تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [النمل: ٦٦].

قال طنطاوي: «التدارك بمعنى الاضمحلال والفناء، وأصله التتابع والتلاحق، أى: بل تتابع علم هؤلاء المشركين بشئون البعث حتى اضمحل وفنى، ولم يبق لهم علم بشيء مما سيكون فيها قطعا مع توافر أسبابه ومباديه من الدلائل، ومنهم من يرى أن التدارك هنا التكامل، فيكون المعنى: بل تكامل علمهم بشئون الآخرة، حين يعاينون ما أعد لهم فيها من عذاب، بعد أن كانوا ينكرون البعث والحساب في الدنيا، ويبدو لنا أن الآية الكريمة تتسع للقولين، على معنى أن المشركين اضمحل علمهم بالآخرة لكفرهم بها في الدنيا، فإذا ما بعثوا يوم القيامة وشاهدوا العذاب، أيقنوا بحقيقتها، وتكامل علمهم واستحكم بأن ما كانوا ينكرونه في الدنيا. قد صار حقيقة لا شك فيها، ولا مفر لهم من عذابها»80.

قال الألوسى: « قوله: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) والمعنى: بل تتابع علمهم في شأن الآخرة، التي ما ذكر من البعث حال من أحوالها، حتى انقطع وفنى، ولم يبق لهم علم بشيء مما سيكون فيها قطعا، مع توفر أسبابه »81.


1 مقاييس اللغة ٣/١٧٣.

2 لسان العرب ١٠/٤٥١.

3 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٢٦٥.

4 التعريفات، ص١٢٨.

5 المصدر السابق.

6 التوقيف على مهمات التعاريف، ص٢٠٧.

7 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٣٨٦-٣٨٧، المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، باب الشين ص٦٧١.

8 انظر: بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٣/٣٣٢-٣٣٣، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي، ٢/٢٨٥-٢٨٦، نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي، ص٤٢٤.

9 مقاييس اللغة، ابن فارس، ٣/٤٦٢، الصحاح، الجوهري ٦/٢١٦٠.

10 المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٥٣٩.

11 التعريفات، الجرجاني ص١٤٤.

12 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص٩٩.

13 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس، ٢/٤٦٣، لسان العرب، ابن منظور، ١/٤٤١.

14 النهاية في غريب الأثر ٢/٢٨٦.

15 انظر: الكليات، الكفوي ص٥٢٨.

16 الصحاح، الجوهري ٥/٢٠٤٥، النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير ٥/٢٣٤، لسان العرب، ابن منظور ١٢/٦٤٣.

17 انظر: الكليات، الكفوي ص٩٤٣.

18 المصدر السابق ص٥٢٨.

19 لسان العرب، ٦/٢٥٤.

20 الكليات ص٩٤١.

21 تاج العروس، ١٧/١٢.

22 انظر: الوسوسة وأحكامها في الفقه الإسلامي، الجدعاني ص ٨١- ٨٥.

23 لسان العرب ١٥/٢٧٨.

24 التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص ٦١.

25 الفروق اللغوية، العسكري ص٩٩.

26 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٣/١٨٣.

27 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ١٥/٥١٣.

28 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٣/١٨٣.

29 انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص ١٥١٨.

وانظر: الصحاح، الجوهري ٥/٢٠٧١.

30 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٥.

31 انظر: الصارم المسلول، ابن تيمية ص٥١٩.

32 الإيمان حقيقته وخوارمه، الأثري، ص ١٣.

33 معارج القبول، ١/٣٧٨، ٣٧٩.

34 مدراج السالكين، ٢/٤١٣-٤١٥.

35 انظر: تفسير السمرقندي، ٣/٢٦٧.

36 روح المعاني، ١٣/١١٥.

37 انظر: المصدر السابق.

38 الفصل في الملل والأهواء والنحل ٤/١٦٣.

39 معالم التنزيل ٣/٣٢.

40 زاد المسير، ٢/٥٠٦.

41 التفسير المنير، ٢٥/٤١.

42 تفسير القرآن العظيم، ٤/٢٦٨.

43 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٣/١٨٣.

44 انظر: التفسير المنير، الزحيلي، ١٢/١٦٠.

45 التفسير الوسيط، ٧/٢٨١.

46 تفسير القرآن العظيم، ٧/١٤٣.

47 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٧٣٦.

48 معالم التنزيل ٣/٥١١.

49 أضواء البيان، ٦/١٢٢.

50 جامع البيان، ٢٠/٤٣٢.

51 انظر: التفسير المنير، الزحيلي، ٢٢/٢١٦.

52 التفسير الوسيط، ٨/٣٦٩.

53 انظر: أيسر التفاسير، الجزائري، ١/٣٠١.

54 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص١٩١.

55 انظر: المصدر السابق ص٤٧٣.

56 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٨/٢٦.

57 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود، ٤/٢٠٤.

58 حاشية الجمل على الجلالين، ٢/٥١٦.

59 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٣/١٨٣.

60 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٤/١٥٨.

61 التفسير الوسيط ٦/٣٠٦.

62 انظر: الكشاف، الزمخشري، ٢/٣١٣.

63 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٦/١٨.

64 انظر: تفسير الوسيط، الزحيلي ٣/٢٣٧٩.

65 انظر: أيسر التفاسير، الجزائري، ٤/٤٣٥.

66 الكشاف، ٤/٧٤.

67 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٥/١٥٧، الدر المصون، الحلبي، ٧/٤٨٨.

68 التفسير الوسيط، ١١/٢٧٨.

69 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود، ٧/١٣٠.

70 فتح القدير، الشوكاني ٤/٣٧١.

71 انظر: أيسر التفاسير، الجزائري، ٤/٤٣٥.

72 الكشاف، ٤/٧٤.

73 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٥/١٥٧، الدر المصون، الحلبي، ٧/٤٨٨.

74 التفسير الوسيط، ١١/٢٧٨.

75 انظر: تفسير الشعراوي، ١٥/٩٤٨٦.

76 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود، ٥/١١٦.

77 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٧٣٦.

78 انظر: الوجيز، الواحدي ص٩٤٥.

79 انظر: مفاتيح الغيب، الرازي ٢٧/٥٦٨.

80 التفسيير الوسيط، ١٠/٣٤٩.

81 روح المعاني، ١٠/٢٢٤.