عناصر الموضوع

مفهوم النهار

النهار في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

حكمة اقتران النهار بالليل

النهار آية كونية

القسم بالنهار

أجزاء النهار

النهار والعبادة

النهار والعذاب

النهار والسعي للمعاش

النهار والدعوة إلى الله تعالى

لمسات إعجازية في النهار

النهار

مفهوم النهار

أولًا: المعنى اللغوي

النهار مفرد، وجمعها أنهر ونُهْرٌ، ونهر والنهر هو الأخدود الواسع، وما يجري في الأخدود، ونهر أي زجر من الماء، وأنهر الدم: أي جعل الدم يجري جريان الماء في النهر، ومن المعاني أيضًا الضياء، والسعة في الرزق والمقام والمكان، والمقصود بالنهار الضياء الواسع ممتد ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والنهار ضد الليل، يقال: طرفي النهار: أي: أوله وآخره 1.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي

ذكر العلماء عدة تعريفات اصطلاحية لا تخرج في مضامينها عن التعريفات اللغوية لكلمة النهار، ومن هذه التعريفات ما يأتي:

قال الألوسي: النهار هو «ما بين طلوع الفجر الى غروب الشمس» 2.

وقال ابن باديس: النهار «هو الوقت الذي يتجلى على جانب الكرة المقابل للشمس فتضيؤه بنورها»3.

وبعد النظر في التعريفين السابقين، يمكن القول بأن التعريف الأدق للنهار بحسب الأصل هو الفترة الزمنية المبدوءة بطلوع الشمس، والمنتهية بغروبها، أما بحسب الشرع فهو: الفترة الممتدة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس 4.

النهار في الاستعمال القرآني

وردت كلمة (النهار) في القرآن الكريم (٥٧) مرة 5.

والصيغ التي وردت، هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

التعريف

٥٤

( ) [لقمان:٢٩]

التنكير

٣

( ) [نوح:٥]

وجاء (النهار) في القرآن بمعناها اللغوي، وهو: ضد الليل، وهو الوقت ما بين طلوع الفجر -أو الشمس- إلى غروب الشمس 6.

الألفاظ ذات الصلة

اليوم

اليوم لغة

يوم مفرد، جمعها أيام، ويعني المدة من وقت طلوع الفجر إلى غروب الشمس 7.

اليوم اصطلاحًا

هو مدة زمانية يختلف مقدارها بحسب مراد المتكلم 8.

الصلة بين النهار واليوم

أن اليوم يطلق على فترة النهار فقط، ويطلق على مجموع فترتي النهار والليل.

الضياء

الضياء لغة

أصلها ضوء قلبت الواو إلى ياء لمناسبة الكسرة قبلها9، والضوء هو الإنارة الناجمة عن مصدر ذاتي الإشعاع 10.

الضياء اصطلاحًا

هو الإشعاع الشمسي الذي يؤثر في العين فيمكن المبصر من الرؤية 11.

وقال الراغب: «الضوء ما انتشر من الأجسام النيرة»12.

الصلة بين النهار والضياء

أن الضياء يطلق على الأشعة المنبثقة من الشمس، فتسبب الرؤية، أما النهار فهو الفترة الزمنية التي تضيء خلالها أشعة الشمس القِسْمَ الذي يواجهها من الكرة الأرضية.

الصباح

الصباح لغة

هو أول النهار، والصباح مفرد، والجمع أصباحٌ، ويقابل الصباح في الأزمنة المساء13.

الصباح اصطلاحًا

هو أول النهار، ويحدد بالفترة التي تسبق أو تَلِيَ شروق الشمس مباشرة14.

الصلة بين النهار والصباح

أن الصباح جزء من النهار، فهو أول النهار، بينما يمتد النهار لفترة أطول، فهو يبدأ بالصباح، ثم يمر بالظهيرة، ثم العصر، ثم يمتد إلى آخر النهار.

حكمة اقتران النهار بالليل

من حكمة الله تعالى البالغة أن ساق لعباده الآيات الباهرة الدالة دلالة قطعية على وجود الخالق -جل وعلا- وعظمته، ومن هذه الآيات المتعددة والمتنوعة، آيتا الليل والنهار15.

قال تعالى: ( ﮇﮈ ﮗﮘ ) [الإسراء: ١٢].

ومما لا ينكره عاقل ما لليل والنهار من أهمية بالغة في حياة المخلوقات، فبالليل يكون السكون، وبالنهار يكون السعي، وبهما معًا يكون الحساب الدقيق للأوقات، ومعرفة الأيام والأشهر والسنين، ولولاهما لما ضبطت المواعيد، ولعمت الفوضى، ولاضطربت أحوال الخلق.

ونظرًا لما تقدم فقد جاءت العديد من آيات القرآن الكريم مقرنةً بين الليل والنهار، ولعل الحِكَمَ من ذلك ما يأتي:

  1. الاستدلال على ربوبية الله تعالى، واستحقاقه الألوهية.

    قال تعالى: ( ) [البقرة: ١٦٤].

    يذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة جملة من الأدلة المشاهدة المحسوسة، والتي بدورها تبرز وتثبت لكل عاقل يستعمل عقله في التفكر والتدبر والربط والاستنتاج؛ أن الربوبية له تعالى وحده دون سواه 16.

    ومن خلال النظر في الآية السابقة يلاحظ ما يأتي:

    • أن الله تعالى يرشد عباده إلى أحقيته بالألوهية وحده دون سواه، ويظهر ذلك من خلال عرضه جل وعلا لجملة من الآيات الكونية ذات الصلة الوثيقة بمعيشة الخلق، وقضاء حوائجهم، وكأنه سبحانه يقول لعباده إن أعظم ما ينفعكم لهو من صنعي، فلا تُعْرِضوا عن عبادتي، ومن المعلوم أنه لا غنى للعباد عن ليل ينامون فيه، ولا عن نهار يبصرون فيه دروبهم، ولا عن التنقل البحري بواسطة الفلك، ولا عن مياه الغيث الذي يجلب أنواع الرزق، ولا عن الرياح الطيبة النافعة.
    • تأكيد الله تعالى على الأثر النافع لكل صاحب عقل متفكر بآلاء الله تعالى، وتمثل هذا الأثر بالإيمان بالله تعالى، وقد جاء هذا التوكيد من خلال مؤكدين، الأول: حرف التوكيد إن، الثاني: لام التوكيد في ().
    • استخدام الفعل المضارع ()، ومعلوم أن الفعل المضارع يدل على التجدد، فيكون المعنى أنه كلما فكر العقلاء في آيات الله تعالى أكثر، ازدادت قناعاتهم بوجود الله تعالى ووحدانيته وقدرته أكثر.
  2. إظهار فضل الله تعالى على عباده.

    قال تعالى: ( ﯻﯼ ﯿ ﭕﭖ ﭜﭝ ) [إبراهيم: ٣٣ - ٣٤].

    يبين الله تعالى لعباده أنه أنعم عليهم بأن وفر لهم كافة مستلزماتهم، والتي منها الشمس والقمر، والليل والنهار، ثم أكد سبحانه أنه على الرغم من كل ما أنعم به على عباده إلا أنهم يقابلون هذه النعم بالجحود والنكران 17.

  3. الحث على عمل الصالحات.

    قال تعالى: ( ) [الفرقان: ٦٢].

    يبين الله تعالى لعباده أنه سخر لهم نعمتي الليل والنهار، وجعلهما متعاقبين، بغية تيسير أداء العبادات الدورية، كالصلوات الخمس، والأذكار، وغيرها من العبادات المتنوعة ذات الصلة بالليل والنهار18.

    النهار آية كونية

    مما لا شك فيه أن الله تعالى عندما خلق هذا الكون الفسيح أودع فيه من الآيات والأسرار ما يبهر العقول ويقودها إلى معرفة من أوجد تلك الآيات، وأودع تلك الأسرار، ومن هذه الآيات الكونية آية النهار التي قال الله تعالى في شأنها: ( ﮇﮈ ﮗﮘ )[الإسراء: ١٢].

    والآية تدل على أن النهار من أعظم ما أنعم الله تعالى به على عباده، كما تدعو إلى التفكر في هذه النعمة العظيمة، وتفصيل ذلك كما سيتم ذكره في النقاط الآتية:

    أولًا: النهار نعمة إلهية:

    مما لا شك فيه أن الله تعالى قد أغدق على عباده بالنعم الظاهرة والباطنة.

    قال تعالى: ( ﭱﭲ ) [النحل: ١٨].

    ومن المعلوم أن من بين هذه النعم نعمة النهار، وتتجلى هذه النعمة من خلال آثارها الجليلة، والتي منها ما يأتي:

  1. أن النهار آية من آيات الله تعالى التي تهدي إلى الإيمان.

    قال تعالى: ( ﭽﭾ) [الجاثية: ٣ - ٥].

    تشير هذه الآيات الكريمات إلى الدلالات الواضحة التي أودعها الله تعالى في هذا الكون الفسيح، والتي تقود أصحاب العقول النيرة إلى الإيمان بالله تعالى وحده19، ومن ضمن الدلالات الكونية التي ذكرتها الآيات الكريمات آية النهار.

  2. أن النهار يشتمل على مواقيت للعبادة.

    قال تعالى: ( ﭵﭶ ﭺﭻ) [الإسراء:٧٨].

    يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بإقامة الصلوات ويخص بالذكر صلاة الفجر، ثم يعلل ذلك التخصيص بأن صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار20.

    وقال تعالى: ( ) [البقرة:٢٣٨].

    يأمر الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية بالمحافظة على الصلوات عمومًا، والصلاة الوسطى أي صلاة العصر خصوصًا، وذلك لما لها من أهمية بالغة21، وقد علل الحق جل وعلا تشديده على المحافظة على الصلاة بأنها ماحية للذنوب والخطايا.

    قال تعالى: ( ﮯﮰ ﯕﯖ ) [هود: ١١٤].

  3. أن النهار هام للدعوة إلى الله تعالى.

    قال تعالى: ( ﭸﭹ ) [القصص:٧٢].

    يمن الله تعالى على عباده بأنه لم يجعل النهار أبديًا دائمًا، ولو كان ذلك لحدثت اضطرابات واختلالات في النظام الذي اعتاده البشر، حيث إن النهار الذي ينفعهم للحصول على أرزاقهم لابد وأن يعقبه ليل يسكنون فيه، ويستجمعون فيه طاقاتهم وقواهم22، ومما لاشك فيه أن هذه المنة الإلهية بالطريقة التي عرضها القرآن الكريم تشكل مادة دعوية تخدم الدعاة في دعوتهم إلى الله تعالى.

  4. أن النهار هام لقضيتي طلب الأرزاق، وحساب الأوقات.

    قال تعالى: ( ﮇﮈ ﮗﮘ ) [الإسراء: ١٢].

    يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أهمية الليل والنهار للاستدلال على وجود الله تعالى وعظمته23، وبتحليل الآية الكريمة يظهر أن جملتي ()، () في محل نصب مفعول لأجله، فيكون المعنى: أن الله تعالى قد جعل النهار مضيئًا لسببين، الأول: حتى يتمكن الناس من طلب الأرزاق، الثاني: حتى يعلم الناس الأوقات 24.

    ثانيًا: التفكر في آية النهار:

    حثَّ القرآن الكريم على إعمال العقول في كل أمر يحتاج إلى التفكير والتأمل والتدبر، وذلك يدل على أن القرآن الكريم يتفق مع العلم اتفاقًا كاملًا؛ وذلك لأن الذي نَزَّلَ القرآنَ والذي أَوْدَعَ في الكون أسرار العلوم والمعارف هو اللهُ تعالى، ولا يمكن أن تتعارض أمور مردها إلى الله تعالى.

    ومن الآيات التي دعا القرآن الكريم إلى تدبرها آيات النهار.

    قال تعالى: ( ﮤﮥ ) [يونس:٦٧].

    يبين الله تعالى لعباده أنه هو الذي جعل لهم الليل ليسكنوا فيه مما كانوا فيه في النهار من التعب والمشقة، وهو الذي جعل لهم النهار مبصرًا، ليسعوا إلى طلب أرزاقهم، ثم يدعوهم جل وعلا إلى التفكر في عظمة هاتين الآيتين العظيمتين لعلهم يهتدون إلى وجوب إفراده بكل صور العبادة 25.

    ويلاحظ من الآية السابقة أن التفكر في آيتي الليل والنهار يقود أصحاب العقول السليمة إلى وجوب الاعتراف بوحدانية الله تعالى.

    وقال تعالى: ( ﮉﮊ ﮑﮒ ﮕﮖ ) [الرعد: ٣].

    يبين الله تعالى لعباده أنه أكرمهم بأن جعل لهم الأرض منبسطة ليسيروا فيها، وجعل لهم فيها جبالًا وأنهارًا، كما جعل فيها أصنافًا متعددة من الثمرات الطيبة، وسخر الليل في عقب النهار فتكون الراحة بعد المشقة، ثم يؤكد الله تعالى على أن علة ذلك الإكرام هو حث أصحاب العقول على التفكر في صاحب الجود والكرم الذي أكرمهم بكل ما يتنعمون به26.

    ويتضح من الآية السابقة أن التفكر فيما أنعم به الله تعالى على عباده يقود الإنسان إلى معرفة الله تعالى حق المعرفة، وقد جاء عن أحد رعاة الإبل قوله: «البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير »27.

    ويستفاد من الآيتين السابقتين أنه ينبغي على الدعاة أن يوظفوا آيات الله تعالى الكونية في دعواتهم الناس إلى الهدى.

    ثالثًا: علاقة النهار بالليل:

    قال تعالى: ( ﭽﭾﭿ ﮄﮅ ) [فاطر:١٣].

    يبرهن الله تعالى من خلال هذه الآية الكريمة على أحقيته وحده دون سواه بالعبادة، وذلك من خلال عرضه جل وعلا للآيات الكونية الباهرة المتمثلة في إدخال أجزاء من الليل في أجزاء من النهار والعكس، والمتمثلة كذلك في تسخير الشمس والقمر اللذين يدوران في مدارين محددين لهما 28.

    ويتبين من الآية السابقة أن علاقة الليل بالنهار هي علاقة ولوج حيث تتداخل أجزاء من النهار في أجزاء من الليل فجرًا، وتتداخل أجزاء من الليل في أجزاء من النهار عند أول الليل.

    وقال تعالى: ( ﮉﮊ ﮑﮒ ﮕﮖ ) [الرعد: ٣].

    يبرز الله تعالى لعباده في هذه الآية ما يدعوهم إلى التفكر والتدبر في عظيم الصنعة للاستدلال على عظم الصانع جل وعلا، فالله تعالى هو الذي بسط الأرض، وجعل فيها الجبال الرواسي، وأجرى فيها الأنهار الغنية بالخيرات النافعة للإنسان والحيوان، كما أنعم على عباده بالثمرات المغذية والمطببة، كما ألبس الليل ضوء النهار، وألبس النهار ظلمة الليل 29.

    ويفهم من هذه الآية الكريمة أن علاقة الليل بالنهار هي علاقة استبدال، فضوء الشمس بالنهار يزيل ظلمة الليل، وعتمة الليل تغطي ضوء النهار30.

    وقال تعالى: ( ) [يس: ٣٧].

    يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن من العلامات الدالة على عظمته جل وعلا انسلاخ النهار من الليل حين يحل الظلام31.

    ويظهر من هذه الآية الكريمة أن علاقة الليل بالنهار علاقة انفصال وانتزاع، حيث ينتزع النهار من الليل حين تشرق الشمس32.

    وقال تعالى: ( ﯡﯢ ﯪﯫ ﯮﯯ ﯳﯴ ) [الزمر: ٥].

    يذكر الله تعالى في هذه الاية الكريمة أنه خلق السماوات والأرض، وأنه الذي يلف عتمة الليل بضوء النهار، ويلف ضياء النهار بعتمة الليل، وأنه الذي سخر الشمس والقمر وجعلهما يدوران في مدارين خاصين بهما لا يزيغان عنه حتى يأذن الله تعالى، ثم يقرر سبحانه أنه العزيز القادر على كل شيء، وأنه الغفار الذي لم يعاجل العصاة من عباده بالعقوبة، وبانتزاع ما في بديع صنعه من الخيرات والرحمات 33.

    ويلاحظ من الآية السابقة أن علاقة الليل بالنهار هي علاقة لف وإخفاء، فالليل وإن طالت مدته شتاءًا أو قصرت صيفًا فلا يبدده إلا ضوء النهار، والنهار مهما طال صيفًا، أو قصر شتاءً فلا يغطيه إلا عتمة الليل34.

    وقال تعالى: ( ﮇﮈ ﮗﮘ ) [الإسراء: ١٢].

    يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنه جعل الليل والنهار آيتين دالتين على عظمته وقدرته، ثم حدد الله تعالى أثر النهار على الليل حيث بين أن ضوء النهار يمحو ويبدد عتمة الليل، فيرى الناس دروبهم، ويطلبون أرزاقهم، ويضبطون أوقاتهم، ثم يبين الله تعالى أنه قد وضح للناس كل ما يحتاجون إلى توضيحه 35.

    ويتضح من الآية السابقة أن علاقة الليل بالنهار هي علا قة محو، حيث يمحو ضوء النهار عتمة الليل فيبصر الناس ما حولهم من الأشياء 36.

    رابعًا: اختتام آيات النهار بصفات الله والدعوة للتفكر:

    خلق الله تعالى الجن والإنس ليعبدوه.

    قال تعالى: ( ) [الذاريات:٥٦].

    ولتحقيق هذه الغاية العظيمة، فقد أعان الله تعالى عباده على الوصول إليه بالمعرفة الحقة، وذلك من خلال آثاره التي تركها في كل ما يحيط بهم من الأشياء، ومن هذه الآثار خلق النهار الذي لا يغفل عن أهميته أحد من الخلق، ومع ذلك فإن القرآن الكريم لم يترك مقامًا ينبغي فيه التذكير بهذه النعمة العظيمة إلا ويذكر بها العباد ويرشدهم إلى ضرورة التفكر في هذه النعمة، وفي عظمة خالقها جل وعلا.

    قال تعالى: ( ﮜﮝ ﮡﮢ ) [الأعراف:٥٤].

    يؤكد الله تعالى على ربوبيته، من خلال بيانه أنه الذي خلق السماوات والأرض، وأنه الذي جعل الليل والنهار، وأنه الذي سخر الشمس والقمر والنجوم بأمره جل وعلا، ثم ختم الله تعالى الآية ببيان أنه المتفرد بالخلق، وأنه صاحب الأمر النافذ في جميع خلقه، وأنه رب العالمين جميعًا37.

    ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى قد ختم الآية السابقة بذكر صفة من صفاته، وهي صفة الربوبية؛ وذلك لتقرير أنه سبحانه المتفضل بخلق كل ما ذكر من النعم في هذه الآية الكريمة بواسطة أمره الذي هو جزء من كلامه جل وعلا، وهذا من شأنه أن يقود الناس إلى طريق الهدى والرشاد المتمثل في الإيمان بالله تعالى وحده.

    وقال تعالى: ( ﮉﮊ ﮑﮒ ﮕﮖ ) [الرعد: ٣].

    يبين الله تعالى في هذه الآية أنه الذي بسط الأرض طولًا وعرضًا، وجعل فيها الجبال الرواسي للأرض، والأنهار الجارية، وأنه الذي جعل في الأرض من جميع صنوف الثمار الطيبة، وجعل فيها الأزواج المختلفة من المخلوقات، وجعل فيها كذلك الليل والنهار، ثم ختم الله تعالى هذه الآية بالتأكيد على فاعلية تلك الآلاء عند أصحاب الفكر السليم في التعريف بخالقها جل وعلا 38.

    ويلاحظ من الآية السابقة أن دعوة الله تعالى عباده إلى التفكر في ما أنعم به عليهم، إنما يأتي في سياق هداية الله تعالى عباده إلى طريق الحق والإيمان.

    وقال تعالى: ( ) [الحج:٦١].

    يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنه يدخل الليل في النهار حتى تقل فترة النهار شتاءً، ويدخل النهار في الليل حتى تقل فترة الليل صيفًا، ثم يختم سبحانه الآية ببيان أنه متصف بكمال السمع والبصر، وبالتالي فهو سميع لكل ما يصدر عن عباده، وبصير بكافة أحوالهم 39.

    ويلاحظ أن الله تعالى قد ختم الآية السابقة بإثبات صفتي السمع والبصر لنفسه جل وعلا، ولعل المناسبة في ذلك أنه تعالى لما ذكر وبين في الآية ما يوجب الإيمان به وحده دون سواه، ناسب أن يختم الآية بالتنبيه على أنه جل وعلا بعد ذلك البيان سميع لما يصدر عن عباده من إيمان أو كفر، بصير بأحوال المؤمنين والمكذبين منهم، وفي ذلك بشرى لمن آمن، ووعيد لمن كفر.

    وقال تعالى: ( ﭸﭹ ) [القصص: ٧٢].

    ينبه الله تعالى عباده في هذه الآية الكريمة إلى واحدة من أعظم نعمه وهي نعمة تعاقب الليل والنهار التي توفر للناس الراحة بعد التعب والمشقة، ويأتي التنبيه من خلال توجيه السؤال للعباد عن حالهم، فيما لو أن الله تعالى قد جعل النهار أبديًّا لهم دون أن يكون هنالك ليل يسكنون فيه، فهل هنالك حينها من سيأتيهم بليل يرتاحون فيه سوى الله تعالى؟، ثم يختم الله تعالى الآية بالسؤال الإنكاري عن عدم إبصار الكافرين المنكرين لهذه الآية الكونية العظيمة التي جعلها الله تعالى هداية وإرشادًا لكل مبصرٍ محقٍّ يوظف بصره لخدمة ذاته، وإرشاد نفسه إلى طريق الحق الذي لا مرية فيه40.

    ويلاحظ أن الآية السابقة قد ختمت بالتنبيه على ضرورة توظيف العقل نعمة الإبصار للنظر الدقيق في عظيم صنع الله تعالى في الكون، وتكمن ضرورة ذلك التوظيف في أنه الطريق إلى الهدى والرشاد، وقد ذم الله تعالى أولئك الذين منحهم أعينًا، ومع ذلك لا يستخدمونها في النظر إلى ما في الكون الذي يعيشون فيه من بديع صنع الله تعالى؛ للاستدلال على وجود خالقهم وعظمته.

    وقال تعالى: ( ﭗﭘ ﭧﭨ ﭭﭮ ) [الأعراف: ١٧٩].

    وقال تعالى: ( ﯡﯢ ﯪﯫ ﯮﯯ ﯳﯴ ) [الزمر: ٥].

    يخبر الله تعالى عباده في هذه الآية أنه الذي أوجد السماوات والأرض، وجعل كلًّا من الليل والنهار يلف الآخر، فالليل يلف النهار بعتمته، والنهار يلف الليل بضوئه، وأنه سبحانه الذي سخر الشمس والقمر، وجعل كل واحدٍ منهما يسير في مدارٍ خاصٍّ به بلا توقفٍ حتى يأذن جل وعلا، ثم يختم الآية ببيان أنه العزيز القادر على الانتقام ممن عاين تلك الآلاء فلم يؤمن بها، الغفار لمن نظر في بديع وعظمة صنعه فآمن بعد ضلال وتيه 41.

    والملاحظ في هذا المطلب أن الله تعالى قد ختم آيات النهار تارة بالدعوة إلى التفكر؛ لإظهار حرص الخالق جل وعلا على هداية عباده من خلال العقل الذي منحهم إياه، وتارة ً أخرى بذكر صفات الله تعالى؛ وذلك لتعريف العباد بخالقهم جل وعلا، وحثهم على الإيمان به، وتخويفهم من إنكاره.

    القسم بالنهار

    لم يدع القرآن الكريم أسلوبًا من أساليب التوكيد إلا واستخدمها لإثبات الحقائق ودحض الأباطيل، ومن هذه الأساليب أسلوب القسم، والذي يعرف بأنه: الحلف، أو اليمين42.

    وهو من أقوى أساليب توكيد الخبر، ويكون استخدامه في الحالات التي يكون المخاطب منكرًا للخبر الذي أخبر به.

    وجاء القسم في القرآن الكريم طمأنةً لأصحاب الأنفس السوية، وإقناعًا لأصحاب النفوس التي شابتها شوائب الباطل بحقائق هذا الدين الحنيف، وقد جاء المقسم به في القرآن على ضربين، الأول: القسم بذات الله وبصفاته، الثاني: القسم بالمخلوقات، وقد جاء النوع الثاني في القرآن الكريم لأغراض منها:

  1. إثباتًا لحقيقة وجود المقسم به، إذا كان مما ينكره بعض الناس، مثل القسم بالملائكة.

    قال تعالى: ( t w z { ) [النازعات: ١-٥].

    وقد أقسم الله تعالى في هذه الآيات الكريمات بخمسة أصناف من الملائكة.

  2. بيانًا لعظمة المقسم به.

    وذلك كقوله تعالى: ( ) [القيامة: ١].

  3. لفت الأنظار إلى الكون وما فيه من عجائب.

    قال تعالى: ( i m ) [الليل: ١-٣].

  4. تأكيد الخبر وتقريره.

    قال تعالى: (C G ) [الضحى:١-٣].

  5. إبراز المعقول في صورة المحسوس.

    قال تعالى: ( d ) [التكوير: ١٧-١٨].

    فالقسم في هاتين الآيتين يعطي كلًّا من الليل والنهار صفةً حسية، فأعطى الليل صفة العسعسة والتي تعني الإقبال والإدبار43، وأعطى النهار صفة التنفس.

  6. الإشارة إلى أحداث تاريخية هامة.

    قال تعالى: ( # & ) [التين: ١ - ٣].

    فالقسم بالتين والزيتون فيه إشارة إلى الحدث الهام الذي شهدته المنطقة المشهورة بزراعته وهو بعثة سيدنا عيسى عليه السلام في فلسطين، والقسم بطور سينين فيه إشارة إلى الحدث الهام الذي وقع على جبل الطور وهو بعثة سيدنا موسى عليه السلام، والقسم بالبلد الأمين مكة إشارة إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم44.

    وقد جاء القسم بالنهار في القرآن الكريم على ضربين، هما:

    • القسم بالنهار كله، وقد تكرر القسم به في القرآن الكريم مرتين؛ في قوله تعالى: ( ) [الشمس: ٣]. وقوله تعالى: ( ) [الليل: ٢].
    • القسم بجزء من النهار، وقد تكرر القسم بجزء من النهار خمس مرات، في قوله تعالى: () [الفجر:١]. وفي قوله تعالى: ( ) [المدثر: ٣٤]. وقوله تعالى: ( ) [التكوير: ١٨]. وقوله تعالى: () [الضحى: ١]. وقوله تعالى: () [العصر: ١].

      مما سبق يمكن القول: إن القسم بالنهار كله أو جزء منه قد تكرر في القرآن الكريم سبع مرات، وهذا إن دل فإنما يدل على أهمية النهار عند الخالق والمخلوق، فهو من أعظم الموجودات عند الخلق؛ لدوره في هدايتهم المتمثلة في تمكينهم من إبصار ما حولهم من خلال ضوء النهار، وهو كذلك من أعظم المخلوقات عند الخالق جل وعلا؛ لدوره في هداية الخلق المتمثل في إيصالهم إلى الحق من خلال تفكرهم فيمن خلق النهار.

      وقد جاء القسم بالنهار وأجزائه لعدة أغراض هي:

    1. الحث على تزكية النفس، والتحذير من الفجور.

      يتضح ذلك من خلال قسمه جل وعلا في سورة الشمس بعدة أمور من ضمنها النهار الواضح المضيء على ضرورة تعويد النفس على فعل الخيرات واجتناب المنكرات45، قال تعالى في بيان جواب القسم: ( D ) [الشمس:٩ -١٠].

    2. التاكيد على تباين أعمال العباد.

      يظهر ذلك من خلال قسمه جل وعلا في سورة الليل بعدة أمور منها النهار المضيء على اختلاف أعمال العباد، فمن أعمالهم ما هو صالح، ومنها ما هو طالح، قال تعالى في جملة جواب القسم: ( ) [الليل:٤].

    3. وعد المؤمنين بالتمكين في الأرض، والغلبة على عدوهم الكافر.

      يفهم ذلك من قسمه جل وعلا في سورة الفجر بالفجر الذي يرمز إلى زوال ظلمة البغي، وسطوع نور الحق، كما يجلي ضوء النهار ظلمة الليل، دل على ذلك جواب القسم وهو قوله تعالى: ( ) [الفجر: ١٤].

      وإن قيل بأن جواب القسم مضمر فتقديره: لينصرن الله المؤمنين، وليقهرن الكافرين، دل على ذلك قوله تعالى: ( E K ﭽﭾ O T X ) [الفجر: ٨ - ١٣].

      وقد نزلت سورة الفجر إبان احتدام المعركة بين الحق المتمثل في الإيمان، والباطل المتمثل بالكفر 46.

    4. التخويف من عذاب الله تعالى.

      يتضح ذلك من قسمه جل وعلا في سورة المدثر بعدة أمور من ضمنها الصبح إذا أضاء على أن سقر أي: جهنم، هي إحدى الكبر أي: الأمور العظيمة47.

      قال تعالى: ( ) [المدثر: ٣٥-٣٦].

      وجاءت () منصوبة على أنها حال متعلق بفاعل قم المضمر في أول السورة48 في قوله تعالى: ( ) [المدثر: ٢].

      فيكون المعنى: قم يا محمد نذيرًا للناس من عذاب الله تعالى.

    5. إثبات أن القرآن حق من عند الله تعالى.

      ويتجلى ذلك من خلال قسمه جل وعلا في سورة التكوير بعدة أمور منها الصبح إذا أشرق على أن القرآن منزلٌ بواسطة الوحي جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم.

      قال تعالى: ( ) [التكوير: ١٩-٢١].

    6. التأكيد على عدم انقطاع الوحي عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

      يظهر ذلك من خلال قسم الله تعالى في سورة الضحى بالضحى، وبالليل إذا سكن49، على أن الله تعالى لم يترك محمدًا صلى الله عليه وسلم، ولم يبغضه، ولم يقله من المهمة التي أسندها إليه، قال تعالى في ذكر جواب القسم: ( ) [الضحى:٣].

    7. حث الناس على المسارعة إلى عمل الصالحات.

      يتضح ذلك من القسم بالعصر في سورة العصر على أن الإنسان لفي خسارة، باستثناء المؤمنين المداومين على عمل الصالحات، ومن الملاحظ أن السورة الكريمة قد وظفت أساليب التوكيد الثلاثة القسم في ()، وحرف التوكيد إن في ( )، ولام التوكيد في () للتشديد على أهمية المسارعة إلى عمل الصالحات.

      قال تعالى: (" ) [العصر: ١ - ٢].

      كما جاء القسم بالعصر للحث على المسارعة إلى فعل الخيرات، فلا متسع في الوقت أمام الإنسان؛ فالزمن في آخره، كما أن العصر في آخر النهار.

      أجزاء النهار

      اقتضت حكمة الله تعالى أن يقسم الليل والنهار إلى أجزاء؛ وذلك حتى يعين عباده على ذكره وحسن العبادة له، فمع كل جزء هنالك ذكر أو عبادة ينبغي على المؤمن ألا يفوتها حتى ينال أجرها من الله تعالى، وبما أن هذا البحث خاص بالنهار فسيكون الحديث عن أجزاء النهار فقط وهي كما يأتي:

      أولًا: أول النهار:

    1. الفلق وهو مبدأ ظهور النور صباحًا50.

      وهو مفرد جمعه أفلاق وفُلْقان51، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [الفلق: ١].

    2. الصبح وهو أول النهار52.

      وصبح مفرد جمعها أصباح53، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم في عدة مواضع منها قوله تعالى: ( ) [التكوير: ١٨].

      وقوله تعالى: ( ) [الأنعام: ٩٦].

      وقوله تعالى: ( ) [العاديات: ٣].

    3. الفجر وهو ضياء الصباح54.

      وهو وقت انكشاف ضياء الصباح قبيل الشروق55، والفجر فجران، الأول: المستطيل ويطلق عليه ذنب السرحان، والثاني: المستطير وهو الذي ينشر ضياؤه في الأفق56، وهو المقصود بقوله تعالى: ( ﭽﭾ) [البقرة: ١٨٧].

    4. الغدوة وهي الفترة المحصورة ما بين أول النهار إلى الزوال.

      أو ما بين أول النهار إلى طلوع الشمس57، وهي مفرد جمعها غدوات58، وقد جاء ذكر الغدوة في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [النور: ٣٦].

    5. البكرة وهي بمعنى الغدوة 59.

      وقيل: هي بمعنى التقدم في أي وقت60، وهي مفرد جمعها البكر61، وقد ورد ذكر هذا التوقيت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ﯿ ) [الأحزاب: ٤١-٤٢].

    6. الضحى وهو «وقت ارتفاع النهار وامتداده، وهو قرب منتصف النهار»62.

      وهي جمع مفردها ضحوة63، وقد ورد ذكر الضحى في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [طه:٥٩].

      وفي سورة الضحى.

      قال تعالى: () [الضحى: ١].

    7. الشروق وهو طلوع الشمس، واسم الموضع منها مشرق، والجمع مشارق64.

      وقد جاء ذكر هذا التوقيت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [ص: ١٨].

      ثانيًا: وسط النهار:

    1. الظهيرة وهي حد انتصاف النهار، والظهر ساعة الزوال65.

      وقد ورد ذكر هذا التوقيت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [الروم: ١٨].

      يقول الخازن في تفسير قوله تعالى: ( ): « أي: تدخلون في الظهيرة وهي صلاة الظهر» 66.

    2. القيلولة وهي النوم في منتصف النهار67.

      وهو التوقيت الذي يرتاح فيه الناس خلال فترة النهار، وقد ورد ذكر هذا التوقيت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [الأعراف: ٤].

      توجه هذه الآية الكريمة التهديد للكفار المجرمين، وذلك من خلال إخبارها بأن عذاب الله تعالى قد حل بأقوام خلال استمتاعهم بأوقات الراحة حيث كانوا يشعرون بالسكون والراحة والأمن68.

      ثالثًا: آخر النهار:

    1. الرواح وهو الوقت الممتد من الزوال إلى الليل69.

      وقد ورد في السنة المطهرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لغدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ، خيرٌ من الدنيا وما فيها) 70.

    2. العصر وهو وقت آخر النهار ينتهي قبيل الغروب71.

      وقد ورد ذكر هذا التوقيت في القرآن الكريم في قوله تعالى: () [العصر: ١].

      وقد أقسم الله تعالى بالعصر في هذه السورة؛ لأنه يشمل آخر النهار وأول الليل72.

    3. الأصيل وهو الوقت المحصور بين ما بعد العصر إلى الليل73.

      وأصيل مفرد جمعها آصال74، وقد ورد ذكر هذا التوقيت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [الأعراف: ٢٠٥].

      يوجه الله تعالى عباده في هذه الآية الكريمة إلى ضروة المداومة على ذكره طمعًا في رحمته، وخوفًا من عقابه 75، كما أثنى الله تعالى على أصحاب الهمم العالية من الذين يداومون على ذكره وشكره في المساجد في أوقات الغدو والآصال.

      قال تعالى: ( ﭝﭞ ) [النور: ٣٦ - ٣٧].

    4. العشي وهو آخر النهار، وعشية مفرد، جمعها عشايا وعشيات76.

      وقد ورد ذكر هذا التوقيت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ) [النازعات: ٤٦].

      ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة وقتي العشية والضحى؛ لبيان أن الفاجر عندما يبعث يوم القيامة لن يشعر أنه قضى في الدنيا والقبر إلا فترة قصيرة من الزمن كفترة العشي أو الضحى 77.

      النهار والعبادة

      ما خلق الله تعالى الجن والإنس إلا ليعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا.

      قال تعالى: ( ) [الذاريات:٥٦].

      وليتمكن العباد من تحقيق هذه الغاية، والمداومة على أدائها، فقد جعل الله تعالى الليل والنهار، فيكون في النهار السعي والجد في الطاعة والعبادة، وفي الليل تكون الراحة والسكينة والتزود بالطاقة للعودة للطاعة في اليوم التالي من جديد، وبهذا تستمر عبادة العبد بلا انقطاع حتى يلقى ربه جل وعلا، وهو راضٍ عنه، والنظر في كتاب الله تعالى يجد العديد من الآيات التي دعت إلى استثمار أوقات النهار في الطاعة والعبادة.

      قال تعالى: ( ﮯﮰ ﯕﯖ ) [هود: ١١٤].

      يحثُّ الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية الكريمة على إقام الصلوات المكتوبة النهارية منها والليلية؛ فإن أجور الطاعات عمومًا، والصلوات خصوصًا، يذهبن بأوزار السيئات، ثم يبين الله تعالى في ختام الآية أن ذلك الحث منه جل وعلا، إنما يأتي في إطار الوعظ للعباد 78.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى أشد حرصًا على العباد من أنفسهم، فقد أمر الله تعالى عباده بأعظم العبادات أجرًا ضمانًا لمحو جميع أو أغلب الأوزار التي تسببت بها الذنوب، يفهم ذلك من ورود الجملة التعليلية ( )، عقب الأمر بإقام الصلاة.

      وقال تعالى: ( ) [البقرة: ٢٧٤].

      يحثُّ الله تعالى عباده المؤمنين على الإنفاق على ذوي الحاجات، في كل الأوقات وجميع الحالات 79.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى وعد المتصدقين بالأجر والمثوبة؛ وذلك لأنهم يسارعون في الخيرات، فهم لايتقيدون بوقت محدد، ولا يشترطون حالة بعينها كي يقدموا الصدقة لمستحقيها، وإنما يبادرون إلى تقديم العون للمحتاجين متى عاينوا حاجتهم.

      وقال تعالى: ( ﮑﮒ ) [طه: ١٣٠].

      يرشد الله تعالى عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة لزوم الصبر على أذى المشركين، والمداومة على الطاعة والعبادة 80.

      ويلاحظ في الآية السابقة أن الله تعالى قد قرن بين عبادتي الصبر والشكر معًا، ثم وعد بإرضاء الصابرين الشاكرين بالأجر والثواب العظيمين، كما يلاحظ حثُّ الآية الكريمة على استثمار أوقات الليل والنهار في الذكر والتسبيح، وخصوصًا أوقات اليقظة.

      وقال تعالى: ( ) [الفرقان: ٦٢].

      يبين الله تعالى لعباده أنه جعل تعاقب الليل والنهار حتى يتمكنوا من مواصلة الذكر والشكر له سبحانه على الوجه الذي يلقيق بجلال وجهه وعظيم سلطانه 81.

      وتظهر الآية السابقة مدى رحمة الله تعالى بعباده، فقد جعل الليل ليعوض العبد ما فاته في النهار، وجعل النهار ليعوض ما فاته في الليل من العبادة والطاعة.

      وقال تعالى: ( ) [غافر: ٥٥].

      يأمر الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة بالصبر على أذى المشركين واستهزائهم؛ فإن الوعد بالتمكين للمؤمنين، ونصرهم على عدوهم حقٌّ لا مرية فيه ولا ريب، ثم يعقب الله تعالى بعد هذه البشرى بتوجيه الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بلزوم الاستغفار والتسبيح، وخصوصًا في آخر النهار وأوله 82.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى قد خص وقتي أول النهار وآخره بالذكر خلال حثه عباده على الذكر، وفي ذلك بيان لأهمية النهار بالنسبة للذاكرين.

      وقال تعالى: ( ) [الأعراف: ٢٠٥].

      يحث الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية الكريمة على الذكر والخشوع، ويحذرهم من الغفلة عن الذكر والطاعة 83.

      ومن الملاحظ في الآية السابقة تخصيص أجزاء من النهار بالذكر، وتتمثل هذه الأجزاء ببداية النهار ونهايته، ولعل ذلك راجع إلى إبراز النهار لآيات الله تعالى الباهرة في هذا الكون، فأثناء سعي العباد في الأرض نهارًا يمرون على العديد من الآيات الكونية التي تستدعي منهم الذكر والتسبيح.

      وقال تعالى: ( ﭵﭶ ) [الإسراء: ٧٨].

      يأمر الله تعالى عباده في هذه الآية الكريمة بالمحافظة على الصلوات المفروضة عمومًا، وصلاة الفجر خصوصًا، وذلك لأن لصلاة الفجر ميزة خاصة؛ فإن ملائكة الليل والنهار يشهدون تلك الصلاة 84.

      ويلاحظ في الآية السابقة التركيز في الأمر بالمحافظة على الصلوات وعلى صلاة الفجر التي تكون في أول النهار، يظهر هذا التركيز من خلال تخصيص صلاة الفجر بالذكر فقال تعالى: ( )، ومن خلال إعادة ذكر هذه الصلاة في الجملة التعليلية في فاصلة الآية الكريمة، وفي ذلك دلالة على أهمية وقت الفجر وعظم ثواب العمل الصالح فيه.

      وقال تعالى: ( ) [البقرة: ٢٣٨].

      يأمر الله تعالى عباده في هذه الآية الكريمة بالمحافظة على جميع الصلوات المفروضة خصوصًا صلاة العصر85.

      وقد خص الله تعالى في الآية السابقة صلاة العصر بالذكر؛ لمزيد فضلها وفضل الوقت الذي تؤدى فيه هذه الصلاة، يؤيد ذلك قوله تعالى: ( ) أي: طائعين 86.

      وقال تعالى: ( m q ) [العاديات: ٣-٥].

      أقسم الله تعالى بخيل المجاهدين في سبيله التي تغير على أعداء الإسلام، فيثرن الغبار الكثيف أثناء العَدْوِ، ثم يتوسطن جمع الفجرة حين يكون الالتحام 87.

      وقد خَصَّ الله تعالى وقت الصبح بالذكر لما في هذا الوقت من البركة والخير، يؤيد ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(اللهم بارك لأمتي في بكورها)، وكان إذا بعث سريةً، أو جيشًا بعثهم من أول النهار 88.

      وقال تعالى: ( ﭽﭾﭿ ) [البقرة: ١٨٧].

      يبيح الله تعالى لعباده في هذه الآية الكريمة أن يأكلوا ويشربوا خلال فترة الليل في شهر الصيام، ثم يأمرهم بصيام نهار رمضان كاملًا بدءًا من أذان الفجر وحتى أذان المغرب 89.

      وتشريع عبادة الصيام التي تنقي العباد من ذنوبهم، وتزيل خطاياهم في فترة النهار دليل على مدى قدسية هذه الفترة عند الله تبارك وتعالى، وعلى أهميتها البالغة في تعويد الناس على مكارم الأخلاق.

      النهار والعذاب

      اقتضت سنة الله تعالى ألا يعذب أحدًا بذنوبه حتى يعرفه بسوء عاقبة الذنوب التي يرتكبها؛ لذلك أرسل الله تعالى الرسل مبشرين ومنذرين.

      قال تعالى: ( ) [الإسراء:١٥].

      فإن بقي مُصِرًّا على التمادي في الظلم والطغيان، فسيأخذه الله تعالى حينها أخذ عزيز مقتدر.

      وقال تعالى: ( ) [الإسراء: ١٦].

      ومع أن الله تعالى قد بين لعباده هذه السنة إلا أن من الناس من لا ينتفع بالمواعظ والهدى؛ فما كان من الله تعالى إلا أن عذبهم بذنوبهم وفسادهم، وقد حدثنا الله تعالى في القرآن الكريم في غير موضع عن هذه الشريحة المعاندة، وعن المواعظ التي وجهت لهم قبل نزول العذاب بهم.

      قال تعالى: ( ﯹﯺ ﯿ) [يونس:٢٤].

      يضرب الله تعالى في هذه الآية الكريمة مثلًا للحياة الدنيا من خلال تشبيهها بالماء النازل من السماء على الأرض، فيختلط ببذور الأرض، فينبت النبات، فتتزين الأرض وتتجمل بصنوف النباتات والزروع، حتى يظنَّ الناس بأنهم قادرون على قطف ثمارها، فيأتيها أمر الله تعالى بالتدمير والقطع، فتصبح وقد تغير شكلها، واختلف حالها، وخاب ظنُّ الناس فيها 90.

      ويلاحظ في الآية السابقة أن الله تعالى عندما تحدث عن العذاب لم يحدد في أيِّ وقت بالضبط سيكون أفي الليل أم في النهار، وفي ذلك إشعار بانعدام الأمن في أي وقت من الأوقات، وبالتالي فإنه من الواجب على العباد كافة أن يبادروا إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى، وأن يحسنوا الإعداد ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وألا يغتروا بما في هذه الحياة الدنيا من الملذات والمتع.

      وقال تعالى: ( ﭸﭹ ) [القصص: ٧٢].

      يَمُنُّ الله تعالى على عباده بأحد أعظم نعمه التي أكرمهم بها، ألا وهي نعمة ليل السكون بعد نهار السعي، ويأتي هذا المنُّ الإلهيُّ من خلال تحريك العقول وتنشيطها بالتفكر في الحال التي سيكون عليها الناس، لو أن الله تعالى قد جعل النهار طالعًا عليهم بشكل مستمر دون أن يعقبه ليل يستريحون فيه يا ترى كيف سيكون حالهم، وبعد توجيه هذا السؤال للناس يُعَقِّبُ الله تعالى بقوله ( ) أي: أفلا ترون كم أن الله تعالى رحيم بكم؟!91.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى ينبه عباده إلى قدرته على أن يحوِّلَ النعمة إلى نقمة، فمن الحق أنَّ النهار نعمة، ولكن بقاء النهار طالعًا دون أن يعقبه ليل يخلد فيه الناس إلى النوم والراحة بعد المشقة والتعب أثناء النهار أمرٌ يحوِّلُ النعمة إلى نقمة، ويمثل هذا التنبيه الإلهي دعوة للناس إلى الهدى والرشاد من خلال التفكر في نعمة تعاقب الليل والنهار.

      وقال تعالى: ( ) [الأعراف: ٤].

      يبين الله تعالى لعباده في هذه الآية الكريمة كثرة من أهلك من القرى الظالمة، حيث أتاهم العذاب في أوقات الراحة والسكون من ليلٍ أو نهار 92.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تبارك وتعالى يحذر الناس من سخطه وانتقامه، فإنهم إن عتو عن أمر ربهم فسيأتيهم العذاب من حيث لا يحتسبون، وفي الوقت الذي لا يتوقعون، فربما يأتيهم العذاب في وقت نومهم وراحتهم أثناء فترة الليل حيث ينام الناس، أو في فترة القيلولة التي تعد من أهم أوقات الراحة والاسترخاء أثناء النهار.

      وقال تعالى: ( ) [يونس:٥٠].

      يظهر الله تعالى في هذه الآية الكريمة مدى سفاهة وجهالة المجرمين الذين يستعجلون عذاب الله تعالى أملًا منهم في إمكانية وجود فرصة للإيمان والتوبة حين تحل بهم العقوبة الربانية، وظنًّا منهم ببساطة تلك العقوبة، وقدرتهم على تحملها 93.

      ويلاحظ أن في الآية السابقة تحذيرًا وتخويفًا من عذاب الله تعالى، الذي من الممكن أن يأتي في أي وقتٍ وحين، ليلًا أو نهارًا، وعلى نحوٍ لا يملك أحدٌ من الخلق تحمله من شدة هوله، ولا يكون حين نزوله أيُّ مجال للتوبة والندم.

      وقال تعالى: ( ) [القمر: ٣٨].

      تتحدث هذه الآية الكريمة عن العقاب الإلهي النازل في قوم لوط عليه السلام الذين أفسدوا في الأرض فسادًا عظيمًا، فأنزل الله تعالى عليهم العذاب فأهلكهم 94.

      ويلاحظ في الآية السابقة أن الله تعالى قد أنزل العذاب بقوم لوط في الصباح الباكر، وهذا مما يزيد العذاب قسوة وضراوة، فالصباح هو الوقت الذي يبث في نفوس الناس التفاؤل، ويرفع معنوياتهم، ويحفز طاقاتهم للعمل والجد والاجتهاد، ونزول العذاب في هذا الوقت يشكل صدمة كبيرة في النفوس، وبالتالي فإن ما حدث مع قوم لوط عليه السلام يعد من أهم الدوافع التي تدفع العبد إلى ضرورة المصالحة مع الله تعالى قبل الخلود إلى النوم، ومن أهم الدوافع أيضًا إلى ضرورة أن يبدأ المؤمن يومه بما يرضي الله تبارك وتعالى.

      وقد كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إذا أتى قومًا بليل لم يغر عليهم حتى يطلع الصباح95، وذلك لما في الصباح من البركة التي لا يجنيها إلا المؤمن الصادق، وأما الكافر الفاجر فالصباح عليه وبالٌ وغمٌّ، خاصة إذا بلغ المبلغ الذي يستحق معه العقوبة.

      قال تعالى: ( ¤ ¨ ® ³ ¸ « ) [الصافات: ١٧١ - ١٧٧].

      النهار والسعي للمعاش

      أنعم الله تعالى عباده بنعم لا تعد ولا تحصى.

      قال تعالى: ( ﭱﭲ ) [النحل: ١٨].

      والذي يتأمل فاصلة هذه الآية يستشعر مدى عظمة المنعم جل وعلا، فهو مع كل ما يقدمه لعباده من النعم يتبع ذلك بالمغفرة والرحمة، على الرغم من تنكر كثير من العباد لما أنعم به الله تعالى عليهم.

      قال تعالى: ( ﭕﭖ ﭜﭝ ) [إبراهيم: ٣٤].

      وظلم الإنسان وكفره لا ينبعان من مجرد إعراضه عن شكر النعمة التي يدرك عظمتها فحسب، بل ينبع أيضًا من كونه يعلم علمًا يقينًا أنه لو فقد إحدى هذه النعم فلن يستطيع إيجاد بديل مكافىء عنها، ولو حك بيافوخه السماء ومع ذلك يبقى مصرًّا على جحوده ونكرانه، ومن بين هذه النعم الجليلة نعمة النهار.

      قال تعالى: ( ) [النبأ: ١١].

      يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة بأنه قد جعل النهار؛ لينطلق الناس إلى شؤون معيشتهم، كالسعي على الأرزاق، وطلب العلم النافع، وصلة الأرحام، وغير ذلك من الشؤون المعيشية المختلفة، وهذا من عظيم ما أكرم الله تعالى به عباده 96.

      والمتأمل في نعمة النهار يجد أن منافعه المعيشية كثيرة وجليلة، وهي تتجاوز مجرد الإنارة للخلق ليبصروا طرقهم، وينطلقوا إلى شؤونهم، فنعمة النهار سبب في توافر الأكسجين في الهواء من خلال عملية البناء الضوئي التي تحدثها أوراق النباتات الخضراء نهارًا، كما أنها سبب في توفير الدفء والطاقة للأرض، كما أنها سبب في نعم أخرى كثيرة جدًّا.

      وقال تعالى: ( ﭠﭡ ﭥﭦ ﭬﭭ ﭲﭳ ﭸﭹ ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ ) [المزمل: ٢٠].

      يأمر الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية الكريمة بالقيام بعبادة قيام الليل العظيمة في أجرها وأثرها، كما يدعوهم إلى قراءة ما تيسر لهم من القرآن العظيم، وقد راعى ربنا جل وعلا في هذه الآية الكريمة ظروف المرضى، والمسافرين للتجارة، والمجاهدين في سبيل الله تعالى، فرخص الله تعالى لهؤلاء الأصناف ترك صلاة القيام لما تسببه لهم من مزيد المشقة والإرهاق97.

      ومن الملاحظ أن هذه الآية الكريمة راعت أصنافًا من الذين يكدون ويتعبون، والذين من ضمنهم الذين يضربون في الأرض من وجوب قيام الليل، وذلك قبل أن ينسخ هذا الحكم بتشريع الصلوات المفروضة، وبما أن السعي على الرزق بالضرب في الأرض يكون في النهار، فهذا يعني أن العاملين نهارًا بكدٍّ ومشقة طلبًا للرزق الحلال الطيب قد حازوا من الله تعالى على شرفٍ عظيمٍ يكافئ الشرف الذي حازه قائمو الليل.

      وقال تعالى: ( ﯻﯼ ﯿ ) [إبراهيم: ٣٣].

      يسوق الله تعالى في هذه الآية الكريمة لعباده جملة من العلامات الدالة على ربوبيته سبحانه، فذكر الشمس والقمر المستمرين في الحركة والظهور، ثم ذكر الليل والنهار المتعاقبين 98.

      ويلاحظ في الآية الكريمة وجود كلمة سخر التي تدل على التذليل، وكأن الله تعالى جعل الشمس التي تشرق في النهار، والقمر الذي يطلع في الليل لخدمة العباد، وقضاء مصالحهم، ولا يخفى على أحد دور الشمس التي تزود الأرض بأشعتها المضيئة في خدمة البشرية في كافة المجالات الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية، وغير ذلك من المجالات، كما لا يخفى على أحد أيضًا أهمية القمر، فهو يؤمن للناس العديد من لوازمهم في المجالات المختلفة.

      وقال تعالى: ( ﭽﭾ ﭿ ) [الفرقان:٤٧].

      يَمُنُّ الله تعالى في هذه الآية الكريمة بأن جعل لعباده نعمتي الليل والنهار، فجعل الأولى للراحة والنوم، وجعل الثانية للانتشار في الأرض طلبًا للأرزاق وقضاءً للمصالح المختلفة 99.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى قد ذكر نعمتين، وذكر مع كل نعمة من النعمتين نعمة مصاحبة لها، فذكر نعمة السبات مع نعمة الليل، وذكر نعمة النشور مع نعمة النهار، وفي ذلك إظهار لفضل الله تعالى على العباد، ولإرادته الخير لهم، وبتأمل نعمة السبات يمكن القول بأن الله تعالى كان قادرًا على أن يدب النشاط في أجساد العباد ليلًا، ويجعل عندهم الدافعية للعمل والكسب في ذلك التوقيت الذي تتضاءل فيه القدرة على الرؤية عند الناس، ولكن الله تعالى بفضله قَلَّصَ دافعية الناس للعمل في الليل، وعزز رغبتهم في الراحة والسكون، وهذا ما ينسجم مع الليل المعتم، وبتأمل نعمة النشور يمكن القول بأن الله تعالى كان قادرًا على أن يجعل رغبة الناس في السكون والنوم نهارًا حيث تكون الرؤية واضحة، ولكنَّ الله تعالى جعل الرغبة في الجدِّ والإجتهاد والعمل في هذا التوقيت الذي ينسجم معه السعي والنشاط.

      وقال تعالى: ( ) [المزمل: ٧].

      يؤكد الله تعالى في هذه الآية أن النهار للسعي والجد والاجتهاد في طلب الأرزاق الطيبة، والعلوم النافعة، والعلاقات الجيدة وغير ذلك من المنافع المتعددة 100.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى يحثُّ عباده على العمل بجد وإتقان، يفهم ذلك من لفظة ()، فكما أن جسد السابح ينغمر في الماء أثناء السباحة، فلا بد للعامل أن ينغمس في العمل نهارًا، يؤيد ذلك وجود قراءة تفسيرية جاءت فيها لفظة () بالخاء بدلًا عن الحاء أي: «سبخًا» والتسبيخ هو النفش والتوسيع101، ومن قال بأن التسبيخ هو التخفيف، فإنما قصد بذلك التخفيف في التكاليف102؛ وذلك لإتاحة الفرصة أمام الناس للعمل والكسب، ولكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال ترك العبادات للانشغال بالأعمال، فهذا أمر مذموم كما هو معلوم، وإنما المقصود هو التركيز على الأعمال مع مراعاة العبادات.

      قال تعالى: ( G ﭽﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮊﮋ ) [الجمعة: ١٠-١١].

      فهاتان الآيتان تتحدثان عن صلاة الجمعة التي ربما ينشغل عن أدائها البعض بحجة الانشغال بالعمل، وهذا ليس بالأمر المحمود؛ فكما هو معلوم أن ترك الصلاة لغير ضرورة شرعية أمر مرفوض.

      النهار والدعوة إلى الله تعالى

      الدعوة إلى الله تعالى هي أهم وأحب الأعمال إلى الله تعالى.

      قال تعالى: ( ﭽﭾ ﭿ ) [فصلت: ٣٣].

      وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه يوم خيبر:(فوالله لأن يهدي بك رجلٌ واحدٌ خيرٌ لك من حمر النعم)103.

      وقد بعث الله تعالى رسله لدعوة الناس إلى دين الله تعالى، فقاموا بدورهم في الدعوة إلى الحق المبين، وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، فهذا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يقول:(لقد أخفت في الله وما يخاف أحدٌ، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحدٌ، ولقد أتت علي ثلاثون من بين يومٍ وليلةٍ وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأكله ذو كبدٍ إلا شيءٌ يواريه إبط بلالٍ)104.

      ومع ذلك لم يتقاعس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تبليغ ما أمره الله تعالى بتبليغه للناس ليلًا أو نهارًا، سرًّا أو علانيةً، متبعًا بذلك هدي من سبقه من الأنبياء عليهم وعليه أفضل الصلاة والتسليم.

      قال تعالى: ( ﮚﮛ ) [الأنعام: ٧٨].

      وقد ذكر القرآن الكريم ذلك الكلام حكاية عن نبيِّ الله تعالى إبراهيم عليه السلام الذي سلك مع قومه مسلك التدرج في الدعوة إلى الله تعالى، فبدأ حديثه عن الكوكب الذي رآه ليلًا، فلما غاب عن الأنظار لجأ للحديث عن القمر المنير ليلًا، فلما غاب لجأ للحديث عما هو أكبر وأعظم منهما، وهو الشمس التي تبزغ نهارًا، فلما غابت لم يبق أمامه سوى إعلان براءته من كل سوى الله جل وعلا105.

      ويلاحظ من الآية السابقة أن ابراهيم عليه السلام قد استثمر جميع الأوقات الليلية والنهارية لدعوة قومه إلى الله تعالى.

      وقال تعالى: ( ) [نوح: ٥].

      وقد ذكر القرآن الكريم ذلك الكلام في مقام الحديث عن دعوة سيدنا نوح عليه السلام على قومه؛ لأنهم لم يستجيبوا لدعوته على الرغم من استخدامه معهم كافة وسائل الدعوة التي من شأنها أن تقنع كلَّ ذي لبٍّ بالحقِّ الذي يدعو إليه، فقال: يا ربُّ إني لم أترك أيَّ وقت إلا ودعوت قومي فيه إلى الحقِّ، ومع ذلك لم يؤمنوا 106.

      ويلاحظ من دعوة نوح عليه السلام أنه أقام الحجة على قومه بأنه دعاهم إلى الهدى ليلًا ونهارًا فلم يهتدوا، ومن المعلوم أنَّ الدعوة النهارية هي أهمُّ الدعوات، ففي النهار يتجمع الناس، وتتناقل الأخبار، وتناقش القضايا المختلفة، وبالتالي فإنَّ نطاق انتشار الدعوة النهارية أوسع من نطاق انتشار الدعوة الليلية، مع عدم إغفال الدور الهامَّ للدعوة الليلية، والذي يمثل أساسًا ومنطلقًا للدعوة النهارية، أما السبب الذي من أجله قدمت الدعوة الليلية على النهارية في الآية الكريمة، فهو أنه لنجاح الدعوة إلى الله تعالى لا بدَّ من البدء سرًّا، ثم تتدرج حتى تصبح جهرية، يؤيد ذلك ما جاء في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث بدأ دعوته سرًّا، ثم انتقل للدعوة الجهرية عندما أصبحت الظروف ملائمة لذلك 107.

      وقال تعالى: ( w © « Á ) [يس: ٢٠ - ٢٥].

      تتحدث الآيات الكريمات عن رجل مؤمن كان معتزلًا للكفر والفجور، ولما سمع بخبر الرسل جاء إلى قومه مسرعًا، وأعلن إيمانه، ودعا قومه إلى اتباع هؤلاء الرسل والإيمان بهم 108.

      ويلاحظ من الآيات السابقات أن الرجل المؤمن قد جاء يدعو قومه نهارًا، ومما يؤيد ذلك أمران هما:

      الأول: أنه جاء من أقصى المدينة يسعى، والسعي هو الجري من غير شدة109، وهذا يحتاج كما هو معلوم إلى رؤية واضحة، والرؤية الواضحة لا تكون إلا في النهار.

      الثاني: أنه لما أعلن إيمانه قال: إني آمنت بربكم فاسمعون، وبما أن الإعلانات لا تكون في الليل عادة، حيث يخلد الناس إلى النوم، وكما هو معلوم فإن النائم لا يخاطب، كما أن سمعه يهدأ كثيرًا، فيكون الحق والعلم عند الله تعالى أن الرجل المؤمن اختار لدعوته وقت النهار.

      وقال تعالى: (ﭿ ) [الشعراء: ٢١٤].

      يأمر الله تعالى عبده ونبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن ينذر أقاربه من العذاب الأليم إن لم يؤمنوا، ويتبعوا ما جاء به من الهدى 110.

      ويلاحظ من خلال النظر في تفسير هذه الآية الكريمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد باشر تنفيذ ما أمره الله تعالى به في أول النهار، وبالتحديد في الصباح.

      يدل على ذلك ما جاء في سبب نزول سورة المسد، وذلك أنه لما أنزل الله تعالى: (ﭿ ) (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا، فصعد عليه، ثم نادى: يا صباحاه! فاجتمع إليه الناس: من بين رجلٍ يجيء، ورجلٍ يبعث رسوله. فقال: يا بني عبد المطلب! يا بني فهرٍ! يا بني لؤيٍ! لو أخبرتكم: أن خيلًا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني؟! قالوا: نعم. قال: فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ. فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائر اليوم! ما دعوتنا إلا لهذا؟! فأنزل الله تعالى: ( ) 111.

      ويستنبط من سبب النزول مما يدلل على على أن الدعوة كانت نهارية أمران، الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استدعى عشيرته نادى قائلًا:« يا صباحاه»، وهذا يعني أن وقت الدعوة كان صباحًا، الثاني: أن أبا لهب لما شتم النبي صلى الله عليه وسلم قال له:« تبا لك سائر اليوم»، والعرب تطلق لفظة اليوم على النهار كما هو معلوم.

      لمسات إعجازية في النهار

      ميز الله تعالى القرآن الكريم بعدة ميزات من ضمنها أنه الكتاب السماوي الخالد، وما كان لهذه الميزة أن تكون لولا أن الله تبارك وتعالى تعهد بحفظه.

      قال تعالى: ( ) [الحجر: ٩].

      وتعتبر هذه الميزة للقرآن الكريم من أجل ما أكرم الله تعالى به أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهي السلاح الذي يدافعون به عن دينهم ضد كل من تسول له نفسه أن ينتقص من شأن هذا الدين العظيم، ومما يزيد هذا السلاح فعالية كون القرآن الكريم معجزًا، وبهذا يكون القرآن الكريم كتابًا سماويًا خالدًا معجزًا، ويتمثل إعجاز القرآن في أنه لم يتمكن أحد من الخلق على أن يأتي بمثله، ولا حتى بواحدة من أقصر سوره، ومن المعلوم أنه قد جرت سنة الله تعالى في المعجزات أن يتحدى كل قوم بأمر يكون من جنس ما برعوا به، فقوم موسى عليه السلام برعوا في السحر، فأيده الله تعالى بالعصا التي دحضت سحر قومه، وقوم عيسى عليه السلام برعوا في الطب، فأيده الله تعالى بإعطائه القدرة على إبراء الأكمه والأبرص، وقد برع قوم محمد صلى الله عليه وسلم بالفصاحة والبلاغة، فأيده الله تعالى بالقرآن العظيم الذي أبهر بفصاحته وبلاغته جموع من شهدت لهم الدنيا بالفصاحة والبلاغة.

      وقال تعالى: ( ) [الفرقان: ٦١].

      عَبَّرَ الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن الشمس بالسراج، وهذا يدلل على أن الشمس عبارة عن نجم، والنجم كما هو معلوم عبارة عن جرم سماوي ملتهب، وبالتالي فهو يشكل مصدرًا للضوء، بينما لم يعبر ربنا جل وعلا عن القمر بالسراج؛ لأن القمر عبارة عن جرم سماوي معتم، وبالتالي فلا يشكل مصدرًا للضوء، وإنما يشكل مجرد عاكس للضوء الذي يأتيه من الشمس، وهذا هو السر الكامن وراء وصف القمر بأنه منير 112.

      وتعد هذه الآية من أقوى الأدلة العلمية على صدق الوحي والنبوة، إذ كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي كان أميًّا لا يعرف القراءة ولا الكتابة، والذي لم يثبت عنه أنه درس علوم الفلك أن يعرف بأن الشمس عبارة عن نجم ذاتي الإضاءة، وأن القمر عبارة عن جرم سماوي يعمل على عكس أشعة الشمس إلى الأرض ليلًا، لولا أن الله تعالى أوحى له بذلك؟

      وقال تعالى: (" ﭔﭕ ) ) [الفجر: ١-٤].

      أقسم الله تبارك وتعالى في سورة الفجر بعدة أمور من ضمنها الفجر الذي هو جزء من النهار، على أنه سينصر أهل الإيمان على أهل الكفر، وقد أضمر جواب القسم113 لدلالة السياق، وجَوِّ النزول عليه، أما السياق فالحديث كان فيه عن إهلاك الأقوام الفاجرة كعاد، وثمود، وفرعون، وبالتالي فهو يتضمن التهديد والوعيد لكفار مكة، أما الجو الذي نزلت فيه سورة الفجر فقد كان عنوانه الاضطهاد والقهر للمؤمنين من قبل أعداء الله الكافرين114.

      ومن المعلوم أن الحذف من الإيجاز، والإيجاز من البلاغة.

      وقال تعالى: (C G ) [الضحى: ١ - ٣].

      أقسم الله تعالى في سورة الضحى بفترتين محددتين من الزمن، الأولى هي فترة الضحى، والثانية هي فترة الليل، على أنه لم يترك نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كما روج المشركون، وأن فترة انقطاع الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم هي فترة زمنية محدودة كفترتي الضحى والليل 115.

      ومن المعلوم أن من بلاغة القسم تناسبه مع جوابه.

      وقال تعالى: ( ) [التكوير: ١٨].

      أعطى الله تعالى الصبح صفة من صفات الأحياء وهي صفة التنفس، وهذا يعد من قبيل إضفاء الحياة للجمادات، ولعل السبب الكامن وراء تشبيه طلوع الصباح بعملية التنفس هو القواسم المشتركة بينهما وهي الحياة والحركة والتدرج 116.

      وقال تعالى: ( ) [يس: ٣٧].

      يبين الله تعالى لعباده في هذه الآية الكريمة أن السبب في ظلمة الليل هو عملية سلخ النهار عن وجه الأرض، وبمجرد أن تتم عملية السلخ يكون الظلام قد عم وساد117.

      ومن الملاحظ أن كلمة نسلخ جاءت مناسبة للعملية التي تحدث أثناء حلول الظلام بشكل تام، بحيث أنه لو استبدلت هذه الكلمة بغيرها من الكلمات المرادفة لها لما سدت الكلمة البديلة مسد كلمة نسلخ؛ فعملية السلخ في الأصل تعني كشط الجلد عن الدابة بعد تذكيتها، وأثناء عملية السلخ يظهر لحم الدابة رويدًا رويدًا حتى ينفصل الجلد عن اللحم بصورة تامة عندما ينتهي الجزار من عملية السلخ، وهذا ما يحصل مع الليل والنهار، فسطح الأرض معتم بالأساس، وعندما تطلع الشمس فإن أشعتها تضيء ذلك السطح المعتم، فإذا جاء الليل تبدأ أشعة الشمس بالتلاشي شيئًا فشيئًا حتى يتم انفصال النهار بشكل تام عن الليل فيحل الظلام الدامس 118.

      وقال تعالى: ( ) [البقرة: ١٧٧].

      وقال تعالى: ( ) [الرحمن: ١٧].

      وقال تعالى: ( ) [المعارج: ٤٠].

      والملاحظ أن الله تعالى ذكر المشرق والمغرب بالإفراد في سورة البقرة، وذكر المشرقين والمغربين بالتثنية في سورة الرحمن، وذكر المشارق والمغارب بالجمع في سورة المعارج، والسبب في ذلك هو أن الله تعالى لما أراد الحديث عن جهتي الشرق والغرب ذكر المشرق والمغرب بالإفراد كما في سورة البقرة، ولما أراد بيان اختلاف مشرق الشمس صيفًا عن مشرقها شتاءً، وكذلك اختلاف مغرب الشمس صيفًا عن مغربها شتاءً ذكر المشرقين والمغربين بالتثنية، ولما أراد بيان اختلاف مشرق الشمس في كل يوم عن باقي الأيام بسبب اختلاف موقع الشمس الناجم عن دورانها في الفلك الخاص بها، وكذا الأمر بالنسبة لمغربها ذكر المشارق والمغارب بالجمع119.


1 انظر: تاج العروس، الزبيدي ١٤/٣١٨، معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٣/٢٢٩٢، معجم وتفسير لغوي لألفاظ القرآن، حسن الجمل ٥/١٢٢.

2 روح البيان، ٦/٢٢٢.

3 انظر: تفسير ابن باديس ص٤٥.

4 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٨٢٦، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٥/١٢٨، روح المعاني، الألوسي ٨/٥٨٩، الموسوعة القرآنية، الأبياري ٨/٥٧٤.

5 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي ص٧٢٠-٧٢١، المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، باب النون ص١٣٤٨-١٣٤٩.

6 انظر: بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، ٥/١٢٨، عمدة الحفاظ، السمين الحلبي، ٤/٢٢٥.

7 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٣/٢٥٢٢.

8 انظر: المصدر السابق.

9 انظر: جمهرة اللغة، ابن دريد ٢/١٠٧٨.

10 انظر: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، التهانوي ٢/١١٠٩.

11 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٢/١٣٧٣، الأمثال القرآنية القياسية المضروبة للإيمان بالله، عبد الله الجربوع ٢/٧٤٧.

12 المفردات ص٥١٤.

13 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٣/١٦٨.

14 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٢/١٢٦٢.

15 انظر: لباب التاويل، الخازن ٣/١٢٤.

16 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ١/١٨٤.

17 انظر: أيسر التفاسير، أبو بكر الجزائري ٣/٥٨-٦٠.

18 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٦/٢٢٨.

19 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٢/٥٩.

20 انظر: تأويلات أهل السنة، الماتريدي ٧/٩٧.

21 انظر: معجم وتفسير لغوي لكلمات القرآن الكريم، حسن الجمل ٥/٢٢٤.

22 انظر: العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير ٣/٣٨٢.

23 انظر: التفسير الوجيز، الواحدي ص٦٢٩.

24 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٥/٤٤-٤٥.

25 انظر: جامع البيان، الطبري ١٥/١٤٤.

26 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/٥.

27 العقيدة في الله، عمر الأشقر ص٧٣.

28 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٣٤٧، كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين، عبد الرحمن التميمي ص٨٨.

29 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/٥.

30 انظر: تأويلات أهل السنة، الماتريدي ٣/٣٠٦.

31 انظر: تفسير السمرقندي ٣/١٢٣.

32 انظر: معجم وتفسير لغوي لألفاظ القرآن الكريم، حسن الجمل ٢/٣٢٨.

33 انظر: أنوار التنزيل، البيضاوي ٥/٣٧.

34 انظر: معجم وتفسير لغوي لألفاظ القرىن الكريم، حسن الجمل ٤/١٠٥.

35 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/١٢٤.

36 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٣/٢٣٢.

37 انظر: البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي ٥/٦٤-٦٨.

38 انظر: جامع البيان، الطبري ١٦/٣٢٨-٣٣٠.

39 انظر: تفسير مقاتل بن سليمان ٣/١٣٥.

40 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/٣٧٠.

41 انظر: تفسير السمرقندي ٣/١٧٧.

42 انظر: العين، الفراهيدي ٥/٨٦.

43 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٦/١٣٩.

44 انظر: لطائف الإشارات، القشيري ٣/٧٤٥.

45 انظر: تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٧١١.

46 انظر: لباب التأويل، الخازن ٤/٤٢٤.

47 انظر: تفسير السمرقندي ٣/٥١٨.

48 انظر: مشكل إعراب القرآن، مكي بن أبي طالب ٢/٧٧٤.

49 انظر: معجم وتفسير لغوي لكلمات القرآن الكريم، حسن الجمل ٢/٢٩١.

50 انظر: التفسير القيم، ابن القيم ص٦٢٥.

51 انظر: تاج العروس، الزبيدي ٢٦/٣١١.

52 انظر: التفسير القيم، ابن القيم ص٦٢٥.

53 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٢/٥٠٢.

54 انظر: العين، الفراهيدي ٦/١١١.

55 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٣/١٦٧٤.

56 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٧/٣٩٤.

57 انظر: مشارق الأنوار، القاضي عياض ٢/١٢٩.

58 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ١٤/٢٢٨.

59 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٧/١٧.

60 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٤/٧٧.

61 انظر: العين، الفراهيدي ٥/٣٦٥.

62 معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٢/١٣٥٠.

63انظر: مختار الصحاح، الرازي ص١٨٣.

64انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٦/١٦٢.

65انظر: العين، الفراهيدي ٤/٣٧.

66 لباب التأويل، الخازن ٦/١٩٢.

67 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ٩/٢٣٢.

68 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/١٨١.

69 انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، محمد بن فتوح الأزدي ص٥٥١.

70 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم من الجنة، ٤/١٦، رقم ٢٧٩٢.

71 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد عمر ٢/١٥٠٧.

72 انظر: تأويلات أهل السنة، الماتريدي ١٠/٦١١.

73 انظر: تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، أبو حيان الأندلسي ص٤٧.

74 انظر: تهذيب اللغة، الأزهري ١٢/١٦٩.

75 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٣١٤.

76 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، د أحمد عمر ومعه فريق عمل ٢/١٥٠٤.

77 انظر: أنوار التنزيل، البيضاوي ٥/٢٨٥.

78 انظر: اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ١٠/٥٩٢-٥٩٥.

79 انظر: تفسير السمرقندي ١/١٨٢.

80 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٥/٣٠٢.

81 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/٣١٨.

82 انظر: تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٧١٧.

83 انظر: جامع البيان، الطبري ١٣/٣٥٣.

84 انظر: مدارك التنزيل، النسفي ٢/٢٧٢.

85 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ١/٢٣٥.

86 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/٣١٠.

87 انظر: تفسير عبد الرزاق الصنعاني ٣/٤٥١.

88 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في الابتكار في السفر، ٤/٢٤٧، رقم ٢٦٠٦.

وصححه الألباني.

89 انظر: تفسير السمرقندي ١/١٢٥.

90 انظر: التفسير الوسيط، الواحدي ٢/٥٤٣.

91 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/٣١٦.

92 انظر: لباب التأويل، الخازن ٢/١٨١.

93 انظر: أنوار التنزيل، البيضاوي ٣/١١٥.

94 انظر: لباب التأويل، الخازن ٤/٢٢١.

95 انظر: دلائل النبوة، البيهقي ٤/٢٠٣.

96 انظر: لباب التأويل، الخازن ٤/٣٨٧.

97 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/٦٩٩.

98 انظر: تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٠٧.

99 انظر: لباب التأويل، الخازن ٣/٣١٥.

100 انظر: إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٩/٥١.

101 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/٦٨٧.

102 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية الأندلسي ٥/٣٨٨.

103 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة، وألا يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، ٤/٤٧، رقم ٢٩٤٢.

104 أخرجه الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، ٤/٢٢٦، رقم ٢٤٧٢.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

105 انظر: تفسير السمرقندي ١/٤٦٢.

106 انظر: الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ١٢/٧٧٣١.

107 انظر: الرحيق المختوم، المباركفوري ص٣٣.

108 انظر: لباب التأويل، الخازن ٤/٦.

109 انظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده ٢/٢٢١.

110 انظر: العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير ١/٥٠٨.

111 أسباب النزول، الواحدي ص٤٩٩.

112 انظر: مباحث في إعجاز القرآن، مصطفى مسلم ص١٨١.

113 هذا الكلام على مذهب من قال بإضمار جواب القسم في سورة الفجر.

114 انظر: الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، يحيى بن حمزة الطالبي ٢/٦٢.

115 انظر: معترك الأقران في إعجاز القرآن، السيوطي ص٣٤٦.

116 انظر: القرآن وإعجازه العلمي، محمد إسماعيل إبراهيم ص٢٥.

117 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٥١٦.

118 انظر: العين، الفراهيدي ٤/١٩٨.

119 انظر: لباب التأويل، الخازن ٤/١٥.