عناصر الموضوع
النساء
أولًا: المعنى اللغوي:
الهمزة في (النساء) إما أصلية وإما منقلبة عن أصل، فإن كانت أصلية فهي من النسأ، ومادة النون والسين والهمزة تدور لغة حول معنى التأخير، فيقال: «نسئت المرأة تنسأ نسأً: تأخر حيضها عن وقته وبدأ حملها فهي نسءٌ ونسيءٌ، والجمع أنساءٌ ونسوءٌ... ونسأ الشيء ينسؤه نسأً وأنسأه: أخره، فعل وأفعل بمعنىً، والاسم النسيئة والنسيء، ونسأ الله في أجله وأنسأ أجله: أخره1.
أما إن كانت منقلبة فهي منقلبة عن واو، كما نص العكبري على ذلك، فقال: «الهمزة في نساء مبدلة من واو، لقولك -في معناه-: (نسوة) 2، أو لأنها جمع (نسوة) كما قال ابن سيده: «والنسون والنساء جمع نسوة، ولذلك قال سيبويه في الإضافة إلى النساء نسويٌ ترده إلى واحده»3، و«النِسْوة والنُسْوة والنِسوان جمع المرأة على غير قياس»4.
وهي وإن كانت منقلبة عن واو إلا أنها كما قال السمين الحلبي: «يحتمل أن تكون ياءً اشتقاقًا من النسيان»5. وعلى هذا فتكون مأخوذة من النسيان، و«نسيت» الشيء «أنساه» «نسيانًا» مشترك بين معنيين؛ أحدهما: ترك الشيء على ذهول وغفلة، وذلك خلاف الذكر له، والثاني: الترك على تعمد»6.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
أما المعنى الاصطلاحي لـ(النساء) فهو غير بعيد عن المعنى اللغوي؛ إذ هو إما جمع (امرأة) أو جمع (نسوة) الذي هو جمع (امرأة) فهو جمع الجمع. وهو على أي حال: «اسم لجماعة إناث الأناسي»7.
ورد الجذر (ن س و) في القرآن الكريم (٥٩) مرة8.
والصيغ التي وردت هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
نساء |
٥٧ |
(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [النساء:١١] |
نسوة |
٢ |
(ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [يوسف:٣٠] |
وجاءت النساء والنسوة في القرآن بمعناها في اللغة وهو: جمع المرأة من غير لفظها9.
المرأة:
المرأة لغة:
ويقال: مرة -بلا ألف-: تأنيث المرء10؛ «والمرء: الرجل»11 فقد أنثوا فقالوا: مرأةٌ، وخففوا التخفيف القياسي فقالوا: مرةٌ -بترك الهمز وفتح الراء- وهذا مطرد، وقال سيبويه: وقد قالوا: مراةٌ .وذلك قليل... وللعرب في المرأة ثلاث لغات: يقال: هي امرأته، وهي مرأته، وهي مرته12.
المرأة اصطلاحًا:
«اسم للأنثى البالغة من أولاد آدم»13، ولا يطلق عليها (امرأة) إلا بعد البلوغ، فـ«الصغيرة لا تسمى امرأة في عرف أهل اللسان»14، وفي بعض الآثار في سبب تسميتها امرأة «أنها من المرء أخذت»15.
الصلة بين المرأة والنساء:
يتضح مما سبق إن المرأة مفرد (النساء) من غير لفظه، أو مفرد (نسوة) التي جمعها (نساء).
ويمكن القول: أن المرأة لا تطلق إلا على الأنثى البالغة من بني آدم، أما النساء فيشمل البالغة وغير البالغة، فإن كانت استعملت في مواضع بمعنى المرأة البالغة فقد استعملت في مواضع أخرى بمعنى الأنثى الصغيرة.
الزوجة:
الزوجة لغة:
«الزاء والواو والجيم أصلٌ يدل على مقارنة شيءٍ لشيء، من ذلك الزوج: زوج المرأة. والمرأة زوج بعلها، وهو الفصيح. قال الله جل ثناؤه (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [البقرة ٣٥، الأعراف ١٩]16. فالزوج «يطلق على كل واحدٍ من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة، ويقال لكل قرينين فيها وفي غيرها، كالخف والنعل»17.
الزوجة اصطلاحًا:
هي المرأة التي يقترن بها الرجل بموجب عقدٍ له أركانه وشروطه. وفي التسمية بالزوج -الذي هو بمعنى الاقتران- دلالة على أن الزوجية ينبغي أن تبنى على تواؤم واتفاق تام بين الزوجين، ولا يكون بينهما نفورٌ أو شقاقٌ، لذلك كان غالب التعبير القرآني عن المرأة التي لا يكون بينها وبين زواجها اتفاق تام بالمرأة دون الزوجة (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الأعراف:٨٣].
الصلة بين الزوجة والنساء:
أن النساء يطلق على جماعة إناث الإنسان بصرف النظر عما إذا كن متزوجات أم لا، أما الزوجة فلا تطلق إلا على المرأة المتزوجة.
الأهل:
الأهل لغة:
«الهمزة والهاء واللام أصلان متباعدان: أحدهما الأهل، قال الخليل: أهل الرجل زوجه. والتأهل التزوج، وأهل الرجل أخص الناس به، وأهل البيت: سكانه، وأهل الإسلام: من يدين به. وجميع الأهل أهلون، والأهالي جماعة الجماعة»18.
الأهل اصطلاحًا:
صرح بعضهم بأن أهل البيت عبارة عن النساء، الواحد والجمع فيه سواء، ولكن الضمير الذي يرجع إليه يكون جمعًا ومذكرًا اجتنابًا عن التصريح، لأجل حرمة النساء»19.
وقيل: الأهل: من يجمع الفرد وإياهم نسب أو دين، أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد20.
الصلة بين الأهل والنساء:
أن لفظ (الأهل) في الأصل أعم من النساء، إذ يشمل عشيرة الرجل وأقاربه، رجالًا كانوا أو نساءً، فتكون (الأهل) أعم من (النساء) من هذه الجهة. وأما في العرف فتختص بالزوجة، فتكون أخص منها من هذه الجهة.
الأنثى:
الأنثى لغة:
من أنث، فالألف والنون والثاء ما كان خلاف الذكر، والأنثيان أنثيا الإنسان21.
الأنثى اصطلاحًا:
قال الراغب: «خلاف الذكر من كل شيءٍ»22، ويقالان في الأصل اعتبارًا بالفرجين، قال عز وجل: (ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [النساء:١٢٤].
ولما كان الأنثى في جميع الحيوان تضعف عن الذكر اعتبر فيها الضعف، فقيل لما يضعف عمله: أنثى»23.
الصلة بين الأنثى والنساء:
أن لفظ (الأنثى) أعم من (النساء) إذ إنه يشمل الإناث من جميع المخلوقات، أما (النساء) فيختص بالإناث من بني آدم.
البنت:
البنت لغة:
«الأنثى من الأولاد، الجمع: بنات»24، والبنت ولدٌ، فلفظ الولد «يقع على الذكر والأنثى»25.
البنت اصطلاحًا:
«كل أنثى رجع نسبها إليك بالولادة بدرجةٍ أو درجاتٍ بإناثٍ أو ذكورٍ»26.
الصلة بين البنت والنساء:
أن لفظ (النساء) أعم من (البنت)؛ إذ لفظ (النساء) يشمل كل إناث الإنسان، أما (البنت) فتختص بالنسبة للوالدين أو أحدهما، فتخرج السيدة حواء؛ لأنها ليست بنتًا لأحد.
بالنظر في القرآن الكريم نجد سورتين تسميان (سورة النساء):
إحداهما: السورة المشهورة بهذا الاسم، وتسمى (سورة النساء الكبرى).
والثانية: سورة (الطلاق) تسمى (سورة النساء الصغرى) و(سورة النساء القصرى)27.
وذلك أن السورتين اشتملتا على كثير من الأحكام التي تتعلق بالنساء، فقد بدئت الأولى ببدء خلق النساء (ﭚ ﭛ ﭜ) [النساء:١].
وختمت ببيان أحكام ميراثهن (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [النساء:١٧٦].
وما بين هاتين الآيتين بيان أحكامهن بين النشأة والوفاة.
وأما الثانية فقد ذكرت بعض أحكام الطلاق وما يتعلق به من عدة وسكنى ونفقة.
وسميت الأولى بالكبرى مقارنة بسورة الطلاق.
تعددت نظرات الناس إلى المرأة وتناقضت، والسبب في خلقها، فنجد منهم -وهم كثرٌ في هذه الأيام- من ينظر إليها على أنها أداة للشهوة وإمتاع الرجل، حتى قال قائلهم: المرأة كالزهرة يشمها من يشاء.
وبالتالي فإنهم بعد أن يقضوا حاجتهم منها يرمونها كما يرمون الزهرة بعد ذبولها.
ومنهم من ينظر إليها على أنها مخلوقٌ حقيرٌ لا يستحق الحياة.
ومنهم من ينظر إليها على أنها خادمة للطهي والغسل والتنظيف وغير ذلك.
ومنهم من ينظر إليها على أنها لعوب غاوية في نفسها، لا هم لها إلا الشهوات.
ومنهم من ينظر إليها على أنها حبل الشيطان الذي يغوى به عباد الله، بل منهم من ينظر إليها على أنها هي الشيطان نفسه.
ومنهم من ينظر إليها على أنها السفيهة التي لا تقوم على شيء إلا أفسدته.
ومنهم من ينظر إليها على أنها تلك الكنود التي لا تكافئ المعروف إلا بالنكران والكفران.
ومنهم من ينظر إليها على أنها الخائنة التي تؤوى الخدين في دار السيد والأمير.
ومنهم من ينظر إليها على أنها العورة والفضيحة والبلوة التي يطلب الخلاص منها.
ومنهم من ينظر إليها على أنها إلهٌ يعبد من دون الله.
إلى غير ذلك من نظرات إما جائرةٌ هاضمةٌ حق المرأة وإما مفرطةٌ في تقديسها.
ولكنها في حقيقة الأمر ظلمت من الاتجاهين، اتجاه الإفراط والتفريط، والعدل في أمرها والوسط في شأنها والمكانة الحقيقية التي تستحقها هي المكانة التي جعلها الإسلام فيها، فلا هي ملاكٌ ولا هي شيطانٌ.
بل هي مخلوقٌ من جنس الرجل، ومن نفسه لتكون شريكًا له في حياته، وعونًا له وسندًا لمواجهة أعباء الحياة وثقلها، يأوي إليها إذا عاد كالًّا من تعب الحياة ولأوائها، كما قال سبحانه (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ) [الروم:٢١].
وهي وسيلة لبقاء النوع الإنساني والحفاظ عليه، كما قال سبحانه: (ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [النحل:٧٢].
وهي شريكٌ رئيسٌ في بناء المجتمع الإنساني، فهي شطر المجتمع، وهي شقيقة الرجال، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال)28
وتظهر الحكمة من خلق المرأة في النقاط الآتية:
أولًا: الحفاظ على النوع الإنساني:
بين سبحانه أنه خلقنا من واحد، ثم خلق من الواحد زوجة له، ليتم التناسل والتكاثر. إذ إن استمرار بقائنا خاضعٌ لأمرين:
الأمر الأول: استبقاء الحياة، وقد ضمنه سبحانه بما أنعم به علينا من الأرزاق، فنأكل ونشرب فنستبقي الحياة.
الأمر الثاني: وهو استبقاء الحياة ببقاء النوع، فقال سبحانه (ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [النحل:٧٢].
هذا الزوج اشترك معنا في أشياء واختلف عنا في شيء واحد، اتفقنا في أشياء: فالشكل واحد، والقالب واحد، والعقل واحد، والأجزاء واحدة: عينان وأذنان.. يدان ورجلان.. إلخ، وهذا الاشتراك يعين على الارتقاء والمودة والأنس والألفة.
واختلفا في شيء واحد هو النوع: فهذا ذكر، وهذه أنثى. إذن جمعنا جنس وفرقنا النوع ليتم بذلك التكامل الذي أراده سبحانه لعمارة الأرض29.
فالله تعالى خلقنا جنسين، ذكرًا وأنثى، وخلق في كل جنس ميلًا فطريًا إلى الجنس الآخر، وذلك حتى تتم عملية التزاوج التي تؤدي إلى التناسل والتكاثر، وذلك حتى لا يعزف أحد الجنسين عن الزواج هروبًا من أعبائه وتكاليفه، يخبر تعالى عن ذلك بقوله (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [آل عمران:١٤].
ومعنى (ﮠ) خلق حب هذه الأشياء في الإنسان، «والمزين هو الله تعالى لأنه الخالق للأفعال والدواعي، ولعله زينه ابتلاءً، ولأنه يكون وسيلة إلى السعادة الأخروية إذا كان على وجه يرتضيه الله تعالى، ولأنه من أسباب التعيش وبقاء النوع»30.
هذا الميل الفطري وهذه الشهوة التي خلقت فيهما من أقوى الدوافع، لذلك كان إباحة قضائها بالطرق الشرعية من أعظم النعم، ومما زادها عظمًا أن جعل عملية التزاوج بين نوعين لجنس واحد؛ حتى يحصل المودة والرحمة بينهما.
«فالأزواج من جنسهم وشكلهم، ولو جعل الأزواج من نوعٍ آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورًا وإناثًا، وجعل الإناث أزواجًا للذكور، وهذا من أعظم المنن، كما أنه من أعظم الآيات الدالة على أنه جل وعلا هو المستحق أن يعبد وحده»31.
«وهذه الحالة وإن كانت موجودة في أغلب أنواع الحيوان فهي نعمة يدركها الإنسان ولا يدركها غيره من الأنواع. وليس من قوام ماهية النعمة أن ينفرد بها المنعم عليه»32.
«والحفدة: جمع حافد، والحافد أصله المسرع في الخدمة. وأطلق على ابن الابن لأنه يكثر أن يخدم جده لضعف الجد بسبب الكبر، فأنعم الله على الإنسان بحفظ سلسلة نسبه بسبب ضبط الحلقة الأولى منها، وهي كون أبنائه من زوجه ثم كون أبناء أبنائه من أزواجهم، فانضبطت سلسلة الأنساب بهذا النظام المحكم البديع. وغير الإنسان من الحيوان لا يشعر بحفدته أصلًا ولا يشعر بالبنوة إلا أنثى الحيوان مدة قليلة قريبة من الإرضاع. والحفدة للإنسان زيادة في مسرة العائلة.
قال تعالى: (ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [هود:٧١]»33
وقريب من هذه الآية قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [النساء:١].
هذا، ومما يلفت الأنظار أن خلق المرأة للرجل وعدم استغناء كلٍّ منهما عن الآخر أمر ضروري للتكاثر وبقاء الجنس البشرى، ولكن التناسل البشرى ليس كالتناسل في بقية الأجناس الأخرى، يجتمع فيه الذكر مع الأنثى حيثما اتفق، وينتج عن ذلك نسل ضائع بينهما، بل إن الشرع الحنيف نظم هذا الأمر على أساس الزواج الشرعي الذي تحدد فيه الحقوق والواجبات بالنسبة لكل منهما وللنسل الذي ينتج عنهما.
خلاصة الأمر أن خلق النساء وسيلة لاستبقاء النوع الإنساني على هذه الحياة إلى أن تقوم الساعة.
ثانيًا: سكن للرجل:
لما كان الإنسان يختلف عن غيره من الأجناس فليس الغرض من الزواج عنده مجرد قضاء شهوة، ولا التكاثر فقط، بل هناك أمور أسمى من ذلك، لذا كانت هناك أغراض سامية من وجود زوجٍ للإنسان.
من هذه الأغراض السكن، وقد دل على ذلك قوله تعالى: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الأعراف:١٨٩].
وقوله: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الروم:٢١].
فـ«الزوج: ما لا يكمل المقصود إلا معه على نحو من الاشتراك والتعاون، وكانت المرأة زوج الرجل لما كان لا يستقل أمره في النسل والسكن إلا بها»34.
والسكن: «السين والكاف والنون أصلٌ واحد مطرد، يدل على خلاف الاضطراب والحركة»35.
فالسكن: «ثبوت الشيء بعد تحرك»36.
و«كل ما سكنت إليه»37.
والمعنى هنا «لتألفوها، وتميلوا إليها، وتطمئنوا بها، فإن المجانسة من دواعي التضام والتعارف، كما أن المخالفة من أسباب التفرق والتنافر»38.
والمراد بالسكن السكون القلبي لا الجسماني، فقد حكى الرازي أنه «يقال (سكن إليه) للسكون القلبي، ويقال (سكن عنده) للسكون الجسماني، لأن كلمة (عند) جاءت لظرف المكان، وذلك للأجسام، و(إلى) للغاية، وهي للقلوب»39.
قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الروم:٢١].
«بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة، فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة»40.
قال الألوسي: «المراد بهما ما كان منهما بعصمة الزواج قطعًا، أي: جعل بينكم بالزواج الذي شرعه لكم توادًّا وتراحمًا من غير أن يكون بينكم سابقة معرفة، ولا مرابطة مصححة للتعاطف من قرابة أو رحم»41.
الفرق بينهما: أن المودة: المحبة، والرحمة: الشفقة، أو المودة: حب الرجل امرأته، والرحمة: رحمته إياها أن يصيبها بسوء42، إذ الود: «محبة الشيء وتمني كونه»، والرحمة: «رقة تقتضي الإحسان إلى المرحوم»43.
يقول الشيخ الشعراوي: «ولو تأملنا هذه المراحل الثلاثة لوجدنا السكن بين الزوجين، حيث يرتاح كلٌّ منهما إلى الآخر، ويطمئن له ويسعد به، ويجد لديه حاجته.فإذا ما اهتزت هذه الدرجة ونفر أحدهما من الآخر جاء دور المودة والمحبة التي تمسك بزمام الحياة الزوجية وتوفر لكليهما قدرًا كافيًا من القبول. فإذا ما ضعف أحدهما عن القيام بواجبه نحو الآخر جاء دور الرحمة، فيرحم كل منهما صاحبه، يرحم ضعفه، يرحم مرضه.. وبذلك تستمر الحياة الزوجية، ولا تكون عرضة للعواصف في رحلة الحياة. فإذا ما استنفدنا هذه المراحل، فلم يعد بينهما سكن ولا مودة ولا حتى يرحم أحدهما صاحبه فقد استحالت بينهما العشرة، وأصبح من الحكمة مفارقة أحدهما للآخر»44.
وإذا نظرنا في حياة نبينا صلى الله عليه وسلم مع أزواجه نجدها حياة مملوءة بالسكن والمودة والرحمة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في)45.
وعن عائشة رضى الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ قالت: فسابقته، فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: (هذه بتلك السبقة)46.
فالغرض من خلق المرأة أن تكون شريكًا للرجل في إعمار هذه الأرض، ولتكون مع الرجل وسيلة للحفاظ على النوع الإنساني، ولتكون عونًا له في هذه الحياة، فيسكن إليها ويطمئن إليها من تعب الحياة وعنائها، وليحصل بينها وبين الرجل ألفة ومودة ومحبة، ويحصل بينهما تراحم.
كان العرب في الجاهلية يمتهنون المرأة ويحتقرونها، ولا يجعلون لها أي حقوق، بل كانوا يقتلونها، فجاء الإسلام الحنيف فأكرمها أيما تكريمٍ، فساوى بينها وبين الرجل، وجعل لها حقوقًا، وأمر بالإحسان إليها، وسوف نوجز الحديث عن هذه النقاط فيما يأتي:
أولًا: المساواة بينها وبين الرجل في الأعمال وثوابها:
ربنا سبحانه خلق نوعي الإنسان الذكر والأنثى، كما قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [النجم:٤٥].
وهيأ كل واحدٍ منهما للقيام بدوره ومهامه في هذه الحياة (ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ) [طه:٥٠].
وجعل لكل واحدٍ منهما مهمة يقوم بها في هذه الحياة، وشرع لكل واحد منهما من التكاليف ما يتناسب مع ما خلق له، ولم يفرق بينهما في الثواب على الأعمال، فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قلت: يا رسول الله، يذكر الرجال ولا يذكر النساء. فأنزل الله عز وجل (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [الأحزاب:٣٥] الآية، وأنزل (ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [آل عمران:١٩٥]47.
«فكلا الصنفين في الثواب على الطاعة سواء، لا فرق بينهم فيه إلا بقدر العمل وكيفيته، دون أن يكون للذكورة أو الأنوثة دخل فيه. وعلل هذه المساواة بقوله جل وعلا: (ﭟ ﭠ ﭡ) فالذكر مفتقر في وجوده إلى الأنثى، والأنثى مفتقرة في وجودها إلى الرجل، فالأصل واحد»48.
وأيضًا ساوى بينهما في الحقوق والواجبات، كما قال سبحانه (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [البقرة:٢٢٨].
«وقوله: (ﮞ ﮟ ﮠ) إثبات لتفضيل الأزواج في حقوق كثيرة على نسائهم لكيلا يظن أن المساواة المشروعة بقوله: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) مطردة، ولزيادة بيان المراد من قوله: (ﮜ)، وهذا التفضيل ثابت على الإجمال لكل رجلٍ، ويظهر أثر هذا التفضيل عند نزول المقتضيات الشرعية والعادية»49.
«وليس معنى أن الواجبات على المرأة مساوية للحقوق التي لها على الرجل أن المرأة مساوية للرجل من كل الوجوه، فإن الإسلام قرر فقط تساوى الحقوق والواجبات بالنسبة لها، وليس لذلك علاقة بشأن المساواة بينها وبين الرجل في نوع الحقوق والواجبات.
ولكي لا يفهم أحد هذا المعنى قال الله سبحانه وتعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ) فالرجل ليس مساويًا للمرأة، وليست المرأة مساوية الرجل؟
لأن قانون المساواة يوجب أولًا تحقق المماثلة، ومن البداهة أنه لا مماثلة بينهما، فهما وإن كانا من جنس واحد إلا أنهما نوعان متقابلان غير متماثلين، وإن كان كلاهما متممًا للآخر، ومن ازدواجهما يتكامل النوع الإنساني ويسير في مدارج الكمال. وإذا كانت الأسرة لا تتكون إلا من ازدواج هذين العنصرين فلابد أن يشرف على تهذيب الأسرة ويقوم على تربية ناشئتها وتوزيع الحقوق والواجبات فيها أحد العنصرين، وقد نظر الإسلام إلى هذا الأمر نظرة عادلة، فوجد الرجل أملك لزمام نفسه، وأقدر على ضبط حسه، ووجده الذي أقام البيت بماله وأن انهياره خراب عليه، فجعل له الرياسة»50.
أما المساواة المزعومة التي ينادي بها أعداء الإسلام فليست مساواة، بل هي الظلم كل الظلم للمرأة.
يقول الشيخ الشعراوي: «وعجيب أن يرى البعض أن الذكورة نقيض الأنوثة، ويثيرون بينهما الخلاف المفتعل الذي لا معنى له، فالذكورة والأنوثة ضرورتان متكاملتان كتكامل الليل والنهار، وهما آيتان يستقبلهما الناس جميعًا، هل نجري مقارنة بين الليل والنهار، وهما آيتان يستقبلهما الناس جميعًا؟ هل نجري مقارنة بين الليل والنهار أيهما أفضل؟ لذلك تأمل دقة الأداء القرآني حينما جمع بين الليل والنهار، وبين الذكر والأنثى، وتدبر هذا المعنى الدقيق: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [الليل:١-٤].
أي: مختلف، فلكلٍّ منكما مهمته، كما أن الليل للراحة والسكون والنهار للسعي والعمل، وبتكامل سعيكما ينشأ التكامل الأعلى.
فلا داعي إذن لأن أطلب المساواة بالمرأة، ولا أن تطلب المرأة المساواة بالرجل، لقد صدعت رؤوسنا من هؤلاء المنادين بهذه المساواة المزعومة، والتي لا معنى لها بعد قوله تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [الليل:٤]، أي: مختلف، فلكلٍّ منكما مهمته، كما أن الليل للراحة والسكون والنهار للسعي والعمل، وبتكامل سعيكما ينشأ التكامل الأعلى»51.
خلاصة الأمر أن الإسلام الحنيف ساوى بين الرجل والمرأة مساواة حقيقة لا جور فيه لأحدهما على الآخر، هذه المساواة لها مظاهر متعددة، منها:
ثانيًا: حقوق المرأة:
ومن مظاهر تكريم الله تعالى للمرأة أن أوجب لها حقوقًا كثيرة لم يقررها لها أي تشريعٍ آخر، هذه الحقوق منها حقوق مادية ومنها حقوق معنوية، نذكر بعضها:
الحقوق المادية:
وهذا المهر واجب، «وليس ينبغي لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبًا بغير حق. ومضمون كلامهم: أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتمًا، وأن يكون طيب النفس بذلك، كما يمنح المنيحة ويعطي النحلة طيبًا بها، كذلك يجب أن يعطي المرأة صداقها طيبًا بذلك، فإن طابت هي له به بعد تسميته أو عن شيء منه فليأكله حلالًا طيبًا»54.
يقول تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [النساء:٤].
هذا الصداق إنما هو ملك خالص لها لا يحل لأحد أن يأخذ منه شيئًا إلا بطيب نفسٍ منها.
قال تعالى: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [النساء:٤].
أو يكون عن طريق الخلع (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [البقرة:٢٢٩].
أما لو أراد الزوج من تلقاء نفسه أن يطلقها ليتزوج بغيرها فهذا لا يحل له أن يأخذ منها شيئًا (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [النساء:٢٠-٢١].
هذا الصداق واجب حتى ولو كانت الزوجة كتابية (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [المائدة:٥].
بل «قال المالكية: شروط صحة النكاح أن يكون بصداقٍ، ولو لم يذكر حال العقد فلا بد من ذكره عند الدخول، أو تقرر صداق المثل»55.
ومن حقوقها أيضًا النفقة عليها، يقول تعالى: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [الطلاق:٦].
نفقة المرأة على زوجها واجبة، ولا تسقط لشيء غير النشوز56، بل إنه إذا لم يعطها ما يكفيها وولدها فلها أن تأخذ من ماله بدون علمه بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجلٌ شحيحٌ لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) 57.
والنفقة لا تقتصر على الزوجة، بل يلزم الرجل أن ينفق على أمه وأخته وبنته، فـ«نفقة الأم تجب على ولدها في حالتين: الحالة الأولى: أن يكون والده عاجزًا عن الإنفاق عليها. الحالة الثانية: أن يكون والده متوفى، وهي خلية من الزوج58.
يقول تعالى: (ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ) [البقرة:٢١٥].
«استدل بهذه الآية على وجوب نفقة الوالدين والأقربين على الواجد، وحمل بعضهم الآية على أنها في الوالدين إذا كانا فقيرين وهو غني»59.
أما نفقة البنت فهي واجبة مثلها مثل الابن في ذلك، ولا خلاف في ذلك.
سكنى الزوجة واجبة على زوجها اتفاقًا؛ لأن الله تعالى جعل للمطلقة الرجعية السكنى على زوجها (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [الطلاق:٦]؛ فوجوب السكنى لغير المطلقة أولى. ولأن الله تعالى أوجب المعاشرة بين الأزواج بالمعروف (ﯢ ﯣ) [النساء:١٩]، ومن المعروف المأمور به أن يسكنها في مسكنٍ تأمن فيه على نفسها ومالها، كما أن الزوجة لا تستغني عن المسكن؛ للاستتار عن العيون والاستمتاع وحفظ المتاع. فلذلك كانت السكنى حقًا لها على زوجها، وهو حقٌ ثابتٌ بإجماع أهل العلم60.
والكسوة واجبة أيضًا، قال الماوردي« أما كسوة الزوجة فمستحقةٌ على الزوج؛ لقول الله تعالى: (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) [البقرة:٢٣٣].
ولأن اللباس مما لا تقوم الأبدان في دفع الحر والبرد إلا به، فجرى في استحقاقه على الزوج مجرى القوت»61.
عن معاوية القشيرى قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت -أو اكتسبت- ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت) 62.
وهناك اختلافات بين الفقهاء في بعض تفاصيل تطلب من مظانها في كتب الفروع.
الحقوق المعنوية:
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [النساء:٣٤].
قد يلفت الانتباه جعل القوامة حقًّا من حقوق المرأة مع أن المتبادر إلى أذهان كثير من الناس أن القوامة حق للرجل، ولكن يمكن القول: إن القوامة حق للمرأة، وذلك أن «القوام: المبالغ في القيام»63.
فكأنه مأمور بالمبالغة في القيام على شؤون المرأة، لذلك كانت الآية الكريمة (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [النساء:٣٤].
فالقوام: «الذي يقوم على شأن شيءٍ ويليه ويصلحه، لأن شأن الذي يهتم بالأمر ويعتني به أن يقف ليدير أمره، فأطلق على الاهتمام القيام بعلاقة اللزوم، أو شبه المهتم بالقائم للأمر على طريقة التمثيل... وقيام الرجال على النساء هو قيام الحفظ والدفاع، وقيام الاكتساب والإنتاج المالي»64.
فـ«ليست القوامة مطلق الرياسة، بل إن الرياسة تسمى قوامة إذا كان الرئيس يقوم على رعاية المرؤوس والمحافظة على حقوقه وواجباته.
ومن هذا المعنى قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) فإن المعنى: أن الرجال يقومون على شؤون النساء بالحفظ والرعاية والكلاءة والحماية، فيقوم الآباء على رعاية بناتهم والمحافظة على أنفسهن وأخلاقهن ودينهن، والأزواج يقومون على شؤون زوجاتهم بالحفظ والرعاية والحماية والصيانة، ومن هنا تجيء الرياسة، بل إن قيام الرجل على شؤون الزوجة ليس فيه رياسة، إنما فيه حماية ورعاية وهو من قبيل توزيع التكليفات، فإذا كان للرجل رياسة عامة فللمرأة أيضا رياسة نوعية، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)»65.
وهذا المعنى هو الذي يفهم من السياق، وذلك أن الآية قبلها تتحدث عن الميراث (ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [النساء:٣٣].
فلما تكلم النساء «في تفضيل الله الرجال عليهن في الميراث بين في هذه الآية أنه إنما فضل الرجال على النساء في الميراث؛ لأن الرجال قوامون على النساء، فهم وإن اشتركوا في استمتاع كل واحدٍ منهم بالآخر فالله أمر الرجال بالقيام عليهن والنفقة ودفع المهر إليهن»66.
فكأنها مسوقة لبيان السبب في استحقاق الرجال أكثر من النساء من الميراث.
التعامل بالمعروف مأمور به في حياة المسلم كلها وفي تعامله مع كل الناس، وأولى الناس بهذا المعروف أقرباؤه، وأولى الأقرباء النساء عامة، لضعفهن، والزوجات خاصة.
يقول تعالى: (ﯢ ﯣ) [النساء:١٩].
«فأمر الله سبحانه الأزواج إذا عقدوا على النساء أن يكون أدمة ما بينهم وصحبتهم على التمام والكمال، فإنه أهدأ للنفس، وأقر للعين، وأهنأ للعيش، وهذا واجبٌ على الزوج»67.
والمراد بالمعروف: «ما تألفه الطباع السليمة ولا يستنكره الشرع ولا العرف ولا المروءة»68.
بل حتى في حالة حدوث طلاق بين الزوجين يأمر الله تعالى الرجل أن يتعامل معها بالمعروف، سواء أراد أن يردها إلى عصمته أو أراد أن يفارقها، فقال: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [البقرة:٢٣١].
وقال: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [الطلاق:٢].
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمعاشرتهن بالمعروف، ففي حجة الوداع قال: (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) 69.
وهناك أمور تتنافى مع المعاشرة بالمعروف، «فالتضييق في النفقة، والإيذاء بالقول، أو الفعل، وكثرة عبوس الوجه، وتقطيبه عند اللقاء، كل ذلك ينافي العشرة بالمعروف»70.
من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة أنه أمر بالرفق بها والإحسان إليها أمًّا وأختًا وبنتًا وزوجة، على ما يأتي بيانه.
أمر بالإحسان إلى الأم ضمن الأمر بالإحسان إلى الوالدين، بل جعل الإحسان إليهما حقًّا تاليًا لعبادة الله تعالى في قوله سبحانه:( ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [النساء:٣٦].
وقوله:( ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ) [الأنعام:١٥١].
وخصها النبي صلى الله عليه وسلم بمزيد فضل عندما سأله رجل قائلًا: (يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)71.
وأمر في الإعطاء أن يبدأ بها، فقال صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على المنبر: (يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك وأدناك)72.
وصلتها حتى ولو كانت غير مسلمة، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: (نعم صلي أمك)73.
ولكن لا يجوز طاعتهما في معصية الله تعالى لقوله سبحانه (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [العنكبوت:٨].
أمر بالإحسان إلى البنات، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم وكان العرب يقتلون البنات خشية العار وخشية الفقر، فنهى الله تعالى عن ذلك ( ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الأنعام:١٥١].
(ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الإسراء:٣١].
والولد يشمل الذكر والأنثى، بدليل قوله تعالى: (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [النساء:١١].
وذم من قتلها أشد الذم، فقال تعالى: (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [التكوير:٨-٩].
وقد بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم أن الإحسان إلى البنات من أسباب النجاة من النار، فعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني، فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها، فقسمتها بين ابنتيها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فقال: (من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترًا من النار)74.
وأمر بالإحسان إلى الأخوات، فإنهن داخلات ضمن القرابة المأمور بالإحسان إليهم في قوله تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [النساء:٣٦].
والإحسان إليهن يكون بصلتهن، ورعايتهن، والنفقة عليهن إن لم يكن متزوجات أو كان بهن فاقة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة)75.
وقد «كان طاووس يرى السعي على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله»76.
وأمر بالإحسان إلى الزوجات: وقد تقدم طرف من الحديث في هذا الأمر عند بيان حقوق النساء، وقد أوصى صلى الله عليه وسلم بالزوجات خيرًا، فقال: (ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرحٍ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، ألا إن لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) 77.
ومن مظاهر إكرامهن والإحسان إليهن أنه جعل المهر حقًّا للمرأة على زوجها، ونهاه أن يأخذ منه شيئًا إلا بإذنها، فقال سبحانه: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [النساء:٤].
والنحلة: العطية بلا قصد عوض، وسمي المهر نحلة إبعادًا له عن أنواع الأعواض، وتقريبًا به إلى الهدية، إذ ليس الصداق عوضًا عن منافع المرأة عند التحقيق، فإن النكاح عقد بين الرجل والمرأة قصد منه المعاشرة، وإيجاد آصرة عظيمة، وتبادل حقوق بين الزوجين، وتلك أغلى من أن يكون لها عوض مالي، ولو جعل لكان عوضها جزيلًا ومتجددًا بتجدد المنافع وامتداد أزمانها، شأن الأعواض كلها، ولكن الله جعله هدية واجبة على الأزواج إكرامًا لزوجاتهم78.
وقريب من هذه الآية قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [النساء:٢٠-٢١]
القرآن الكريم ذكر كثيرًا من القصص للعظة والعبرة، وعندما ذكر هذه القصص لم يتخير قصة لسبب أن أصحابها ذكور أو إناث، بل يذكر من القصص ما يؤدي الغرض منها، وبالتالي فإن من هذه القصص ما هو لرجال، ومنها ما هو لنساء، ومنها ما هو لمؤمن، ومنها ما هو لكافر، فلنذكر هنا بعض قصص ذكرت في القرآن الكريم لنساء مؤمنات، وأخرى لنساءٍ كوافر، ولم يصرح في القرآن الكريم باسم امرأة إلا السيدة مريم رضي الله عنها لقصد الستر على النساء، ولأن ذكر الاسم لا يتعلق به كبير فائدة. أما التصريح باسم السيدة مريم رضي الله عنها فلما سيأتي بعد.
أولًا: نساء آدم وإبراهيم عليهما السلام:
الأم الأولى للبشرية، فهي المقدمة وجودًا على كل نساء العالمين، وسميت بهذا الاسم «لأنها خلقت من حي»79 ولم تفرد لها قصة مستقلة، بل ذكرت تبعًا في قصة آدم عليه السلام، فبعد أن خلقه الله تعالى خلقها منه لتكون زوجًا له، كما قال سبحانه (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الزمر:٦].
وقد خلقها الله تعالى من ضلع آدم عليه السلام اليسرى، ففي الصحيح: (إن المرأة خلقت من ضلعٍ لن تستقيم لك على طريقةٍ، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوجٌ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها)80.
فلما خلقها وأصبحت زوجًا له جامعها فحملت، كما قال: ( ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [الأعراف:١٨٩].
ثم إن الله تعالى رزقهما ذرية ذكورًا وإناثًا (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [النساء:١].
ثم إنه سبحانه أمرهما بسكنى الجنة (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [البقرة:٣٥].
(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [الأعراف:١٩].
ثم حذرهما من اللعين إبليس (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [طه:١١٧].
فأمرهما الله أن يسكنا الجنة ويأكلا من جميع ثمارها إلا شجرة واحدة نهاهما عنها (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة:٣٥].
(ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [الأعراف:١٩].
وضمن لهما المولى عز وجل في هذه الجنة الشبع والري والكساء والظل، فقال سبحانه: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [طه:١١٨-١١٩].
ولكن اللعين ظل يوسوس لهما مستخدمًا حيله الخبيثة لإقناعهما، (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [طه:١٢٠].
وحلف لهما كذبًا وفجورًا (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الأعراف:٢١].
فانطلت عليهما حيلته وانخدعا به (ﯨ ﯩ ﯪ) [البقرة:٣٦].
لأنهما لم يخطر ببالهما أن أحدًا يمكن أن يحلف بالله كاذبًا، فأكلا من الشجرة وأخرجا من الجنة إلى الأرض ليعمراها، ثم إنه تعالى ذكر توبتهما بقوله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [الأعراف:٢٣].
ثم إن الله تعالى حذر أولادهما من هذا العدو اللدود الذي يتربص بهم (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [الأعراف:٢٧].
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نشير إلى أن السيدة حواء ظلمت عندما نسب إليها بعض الناس أنها كانت السبب في إغواء آدم عليه السلام وإخراجه من الجنة، وهذا فيه تجنٍّ عليها، فالقرآن الكريم نسب الأكل من الشجرة إليهما (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ)[طه:١٢١].
ونسب العصيان لآدم عليه السلام (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [طه:١٢١].
وإننا إذا نظرنا إلى قصة حواء رضي الله عنها ينبغي التأمل في طلاقة القدرة الإلهية في خلق السيدة حواء -رضي الله عنها -حيث خلقها الله من ذكر بلا أنثى، ويجب أن ندرك أن المرأة شريكة للرجل في هذه الحياة، وأنه لن يستطيع العيش وحده في هذه الحياة، فهي عون له على متاعبها.
وقد ذكرت منسوبة له عليه السلام (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [هود:٧١-٧٣].
(ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ) [الذاريات:٢٨-٣٠].
والقصة من مجموع الآيات: أن الملائكة أتوا إبراهيم عليه السلام وبشروه بأنه سيولد له غلام ذو علمٍ، «والظاهر أن زوجه كانت تقف قريبًا من إبراهيم وضيفه بحيث تسمعهم ولا يرونها، فلما سمعت البشارة دهشت ونسيت ما ينبغي منها، فأقبلت عليهم في صيحة وضجة، وضربت جبهتها بأصابعها على عادة النساء إذا سمعن أمرا عجيبًا، وقالت: أنا عجوز عاقر، فكيف تتأتى هذه البشارة؟! وكيف ألد؟!»81.
فبشروها بأنها ستلد إسحاق عليه السلام، وسوف ينجب يعقوب عليه السلام، فزاد تعجبها، إذ إنها عجوزٌ وصلت سن اليأس، وهي مع ذلك عقيمٌ لا تلد، وزوجها كبير في السن، فقالوا لها: إن هذا أمر الله وقضاؤه، فلا تتعجبي من ذلك، فهو الحكيم في أفعاله الواسع العلم.
ويستفاد من القصة: طلاقة القدرة الإلهية، فهو سبحانه يعطي من يشاء بغير حساب، ويهب الذرية لمن يشاء حسب ما يقتضيه علمه تعالى وقدرته.
ثانيًا: نساء النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والحديث عنهن يطول، وقد أفردن في موضوع بيت النبوة، وسأكتفي بذكر الآيات التي ذكرتهن بلفظ الزوج أو الأزواج، فقوله: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ) [الأحزاب:٦].
وقوله: (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [الأحزاب:٢٨].
وقوله: (ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [الأحزاب:٣٧].
والمقصود السيدة زينب بنت جحش، وكانت وقتها زوجًا لزيد بن حارثة رضي الله عنه.
وقوله: (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [الأحزاب:٥٠].
وقوله: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [الأحزاب:٥٣].
وقوله: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [الأحزاب:٥٩].
وقوله: (ﭚ ﭛ ﭜ) [التحريم:١].
(ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [التحريم:٣].
وفي قصص بيت النبوة عبر كثيرة وعظات وفيرة، أبرزها: مكانة أمهات المؤمنين، فإنه لا يجوز لأي إنسان أن ينتقص من قدرهن، فهن الطاهرات المطهرات، فلا يلتفت إلى كلام الروافض -قبحهم الله- في شأن أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها
والتي ذكرها المولى عز وجل في قوله (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [الأحزاب:٥٠].
وهي لا يقصد بها امرأة واحدة، وإنما تصدق على كل امرأة وهبت نفسها للنبي، يدل على ذلك قول عائشة رضي الله عنها: (كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب المرأة نفسها؟!)82.
ومن هؤلاء أم شريك غزيلة بنت جابر ابن حكيمٍ الدوسية83، وخولة بنت حكيم ابن أمية84، وليلى بنت حكيم الأنصارية الأوسية85، ومنهن ميمونة بنت الحارث86.
وينبغي التنبه إلى أن زواج الهبة من خصوصيات نبينا صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه: (ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [الأحزاب:٥٠].
ثالثًا: نساء بقية الأنبياء عليهم السلام:
وقد ذكرت قصتها مرة واحدة في القرآن الكريم، وهو في سورة عرفت باسم هذا البيت الطاهر (آل عمران) في قوله تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [آل عمران ٣٥-٣٦].
ثم تخلص من ذكر قصتها إلى الحديث عن قصة ابنتها البتول السيدة مريم رضي الله عنها تخلصًا غاية في الحسن87.
فها هي هذه المرأة الحامل تنذر حملها لعبادة الله تعالى ولكن المفاجأة أنها عندما وضعتها اتضح أنها أنثى، وهي لا تصلح لما يصلح له الذكر، وسمتها مريم، وأعاذتها وذريتها بالله من الشيطان الرجيم، ثم يستمر الحديث عن هذه المولودة، فكأن الحديث عن الأم بمثابة التمهيد للحديث عن البنت.
ويستفاد من القصة أنه ينبغي أن يتسابق الناس إلى الطاعات، وأن يربوا أبناءهم على طاعة الله تعالى، ويجب على كل إنسان أن يرضى بما أعطاه الله سبحانه سواء وافق رغبته أم خالفها.
وهي أخت السيدة مريم، كما رواه الحاكم88 عن ابن عباس وابن مسعود في حديث طويل وفيه (فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة تزورها).
وقيل: أخت حنة امرأة عمران أم مريم89. أي: أنها خالة السيدة مريم.
وكانت عاقرًا، وعندما رأى زوجها زكريا عليه السلام بركة السيدة مريم رجا الولد، فدعا ربه (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الأنبياء:٨٩-٩٠].
وفي سورة مريم في قوله تعالى: (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [مريم:٥].
وعندما أخبره الله تعالى أنه سيرزقه الولد سأل ربه (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ)[مريم:٨].
أي: كيف يرزق الولد، أمن زوجه، أم سيتزوج بامرأة أخرى غير عقيم؟
إنها القدرة الإلهية التي رزقت إبراهيم عليه السلام الشيخ الكبير من زوجه العقيم الولد، هي القدرة التي وهبت زكريا عليه السلام ابنه يحيى بعدما تقدمت به العمر، وبلغت امرأته سن اليأس.
رابعًا: أمهات الأنبياء:
ذكرت مضافة لابنها مرتين في سورة القصص.
قال تعالى: (ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [القصص:٧].
وقال تعالى: (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [القصص:١٠].
وإلى ضميره في قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ) [طه:٣٨].
وقوله: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [طه:٤٠].
فذكرها بمثابة التمهيد لقصة موسى عليه السلام وبيان أن الله تعالى رعاه وتولى أمره منذ طفولته كما قال له: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [طه:٣٩].
فها هي أمه تلده في العام الذي يقتل فيه فرعون الأطفال، فألقي الله في نفسها أن ترمي به في اليم، وتأمر أخته بأن تتبعه لترى ماذا فعل، فيشاء الله أن يقع في يد عدوه فرعون، ويتربى في بيته، فقد منعه الله أن يلتقم ثدي المراضع، فتدلهم أخته على أمه، فتقر به عينًا وتطمئن قلبًا.
ويستفاد من القصة أن الله سبحانه إذا أراد أمرًا هيأ له أسبابه ووفر له وسائله، وإن كانت أسبابًا منافية لما يعرفه البشر، فقد جعل الإلقاء في اليم سببًا لنجاة موسى عليه السلام. ويجب أن نثق في وعد الله تعالى وإن كان ظاهر الأمور لا يؤدي النتائج المرجوة، فها هو فرعون يظفر بموسى عليه السلام ويربيه ليكون سببًا في هلاكه، ويتحقق وعد الله لأمه بأنه سيرده إليها وأنه سيكون أحد رسله سبحانه.
وهي المرأة الوحيدة التي صرح القرآن الكريم باسمها في أكثر من موطن، وهي أم سيدنا عيسى عليه السلام، وقد ذكر اسمها في القرآن الكريم أربعًا وثلاثين مرة، منها ثلاث وعشرون مرة ذكر الاسم لينسب المسيح عليه السلام إليها، منها: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [البقرة:٨٧].
(ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [النساء:١٥٧].
وبقية المواطن للحديث عن السيدة مريم البتول رضي الله عنها، وبالنظر في القرآن الكريم نجد أنه ذكر مشاهد من حياتها رضي الله عنها، وهي كما يلي:
وبالنظر في وصف القرآن الكريم لهذه المشاهد مع ذكر عيسى عليه السلام منسوبًا إليها (عيسى بن مريم) ندرك لأول وهلة أن الله سبحانه يرد على تهمتين شنيعتين اتهمت بهما السيدة العذراء رضي الله عنها: التهمة الأولى زمانًا تهمة الزنا التي رماها بها بعض اليهود قبحهم الله التهمة الثانية زمانًا الأولى -شناعة- تهمة ادعاء أن عيسى عليه السلام إلهٌ أو ابن للإله، التي رماهما بها غلاة النصارى، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.
ولنعد إلى الحديث عن هذه المشاهد، فالمشهد الأول والمشهد الثاني مشهد الحمل بها وولادتها، ومشهد كفالة زكريا عليه السلام لها قد ذكرا في سورة آل عمران، في ثنايا الحديث عن هذا البيت الطاهر (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ) [آل عمران:٣٥-٣٧].
فعندما حملت امرأة عمران نذرت ما في بطنها محررًا من كل القيود إلا قيد العبادة لله تعالى وابتغاء مرضاته، ولكنها عندما وضعت ما في بطنها فإذا هي أنثى، ولا تستوي هي والذكر، فقد كان النذر للمعابد خاصًّا بالذكور، وبناءً عليه فإن هذه المولودة لا تصلح للنذر، فتوجهت لربها قائلة: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ) «أي أنها قدرت الحمل ذكرًا، وقدرت لذلك أن يكون في خدمة البيت، وأنها لذلك تتحسر، لأنه لا يستطيع المولود -بعد أن تبين أنه أنثى- الخدمة، فليس في هذه الخدمة المقدسة الذكر كالأنثى، فإن الأنثى لا تستطيع ذلك»90.
«(ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) تعظيمًا لموضوعها، وتجهيلًا لها بقدر ما وهب لها منه، ومعناه: والله أعلم بالشيء الذي وضعت وما علق به من عظائم الأمور، وأن يجعله وولده آية للعالمين، وهي جاهلة بذلك لا تعلم منه شيئًا»91.
«ولكنها هي تتجه إلى ربها بما وجدت، وكأنها تعتذر أن لم يكن لها ولد ذكر ينهض بالمهمة (ﯡ ﯢ ﯣ) ولا تنهض الأنثى بما ينهض به الذكر في هذا المجال
(ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ).
وهي الكلمة الأخيرة حيث تودع الأم هديتها بين يدي ربها، وتدعها لحمايته ورعايته، وتعيذها به هي وذريتها من الشيطان الرجيم. وهذه كذلك كلمة القلب الخالص، ورغبة القلب الخالص. فما تود لوليدتها أمرًا خيرًا من أن تكون في حياطة الله من الشيطان الرجيم!
(ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) جزاء هذا الإخلاص الذي يعمر قلب الأم وهذا التجرد الكامل في النذر، وإعدادًا لها أن تستقبل نفخة الروح وكلمة الله، وأن تلد عيسى عليه السلام على غير مثال من ولادة البشر»92.
ثم يخبر تعالى عن أنه لم يترك هذه الوليدة تنشأ كما نشأ غيرها من الأطفال، ولكنه: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ).
فجعلها شكلًا مليحًا ومنظرًا بهيجًا، ويسر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده تتعلم منهم الخير والعلم والدين. فجعل زكريا عليه السلام -وهو نبيهم في ذلك الوقت-كافلًا لها93.
وكان زكريا عليه السلام كلما دخل عليها مكان عبادتها وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، وكلمة (ﯺ) تقتضي التكرار، فيدل على كثرة تعهده وتفقده لأحوالها ودلت الآية على وجود الرزق عندها كل وقت يدخل عليها، فاستغرب زكريا وجود الرزق عندها وهو لم يكن أتى به، فسأل على سبيل التعجب من وصول الرزق إليها، كيف أتى هذا الرزق؟!
فأخبرته أنه من عند الله تعالى بدون سبب معهود، فالله تعالى يرزق من يشاء مع الأسباب وبدون أسباب94.
فلما رأى زكريا عليه السلام هذه الكرامة توجه إلى ربه سائلًا إياه أن يهبه ذرية طيبة، ولم يكن رزق بالولد بعد، فاستجاب الله دعاءه.
ثم إن جبريل عليه السلام نزل إلى السيدة البتول رضي الله عنها يذكرها ببعض نعم الله تعالى عليها:
(ﮦ ﮧ ﮨ) بما لطف لك حتى انقطعت إلى طاعته وصرت متوفرة على اتباع مرضاته (ﮩ) قال ابن عباس: أي: من ملامسة الرجال. وقيل: من الحيض والنفاس، كانت مريم لا تحيض.
(ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) على عالمي زمانها؛ بأن فضلت عليهن. وجائز أن يكون على نساء العالمين كلهم؛ لأنه ليس في النساء امرأة ولدت من غير أبٍ غير مريم؛ ولأنها قبلت في التحرير للمسجد ولم يكن التحرير في الإناث، فهي مختارة على النسوان كلهن بما لها من الخصائص.
وكرر الاصطفاء لأن كلا الاصطفائين مختلفٌ معناهما: فالاصطفاء الأول: عمومٌ يدخل فيه صوالح النساء، والثاني: اصطفاء بما اختصت به من خصائصها95.
ثم أمروها أن تديم العبادة لله تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ)[آل عمران:٤٣].
و«القنوت: لزوم الطاعة والاستمرار عليها مع استشعار الخضوع التام المطلق والاستسلام لله وإسلام الوجه لله الكريم، فمعنى نداء الملائكة دعوتها إلى أن تستمر على ما هي عليه من خضوع لله وإسلام وجهها له سبحانه وتفويض أمورها له. وتكرار النداء لإشعارها بقربهم منها وهم رسل ربهم إليها، وفي ذلك بيان قربها منه سبحانه وتعالى وفي تكرار النداء إشعار بأن طلبهم الاستمرار على القنوت هو من قبيل شكر الله على هذه النعمة؛ فهذا الاصطفاء يوجب الشكر بالاستمرار على القنوت.
وقوله تعالى: (ﯓ) هذا الأمر هنا يفسر بملازمة الطاعة والعبادة؛ فالسجود الخضوع المطلق لله تعالى؛ لأن أظهر مظاهر الخضوع أن يتطامن الشخص فيضع جبهته على الأرض خضوعًا لله تعالى، وشعورًا بعظمته وجلالته وعلوه سبحانه وانخفاض العبد أمامه.
وقوله تعالى: (ﯔ ﯕ ﯖ) بمعنى: لتكن صلاتك مع المصلين، أي: في الجماعة، أو انظمي نفسك في جملة المصلين، وكوني معهم في عدادهم، ولا تكوني في عداد غيرهم96.
ثم يأتي مشهد حملها وولادتها للسيد المسيح عليه السلام ومشهد اتهام اليهود لها وتبرئة الله تعالى لها.
وقد ذكر مشهد الحمل والولادة في سورة آل عمران: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [آل عمران:٤٥-٤٧].
وفي سورة مريم: (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [مريم:١٦-٢٦].
وفي سورة المؤمنون: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [المؤمنون:٥٠].
وفي سورة التحريم: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [التحريم:١٢].
فها هي تبتعد عن قومها لتخلو لعبادة ربها، فاستترت عن الأعين، فيأتيها الملك جبريل عليه السلام في صورة بشر، فخافت منه، واستعاذت منه، وطلبت منه أن يبتعد عنها ولا يؤذيها إن كان عنده تقوى الله تعالى، فأخبرها بأنه مرسل من الله تعالى ليخبرها بأنها ستحمل بولد طاهر؛ فاستغربت وسألت عن طريق حملها بهذا الغلام، خصوصًا وأنها لم تتزوج، ولم تكن زانية، أهو عن طريق زواج أم أنها ستحمل به بقدرة الله تعالى بدون أن يقربها رجل؟
فأخبرها الملك أنها ستحمل به بكلمة الله تعالى، وهذا أمر يسير عليه سبحانه، ثم إن هذا الغلام سيكون آية للناس كلهم على قدرة الله التامة، حيث إنه تم الحمل به بدون ذكرٍ، فمثله كمثل آدم عليه السلام، «فخلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق بقية الذرية من ذكر وأنثى، إلا عيسى فإنه أوجده من أنثى بلا ذكر، فتمت القسمة الرباعية الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه، فلا إله غيره ولا رب سواه»97.
وقد تم حملها به، حيث نفخ جبريل عليه السلام في جيبها أو في فرجها، كما يفهم من آية التحريم، فأخذت مكانًا بعيدًا عن قومها، إلى أن ألجأها وجع الولادة إلى جذع نخلة، فتمنت الموت وقتها (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ).
وهذا ليس من المنهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيًا للموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي) 98.
لأنها تمنت الموت لضرٍّ ديني لا لضر دنيوي، إذ إنها «خافت أن يظن بها الشر في دينها وتعير فيفتنها ذلك، وهذا مباح»99.
عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما قالا: «خرجت مريم إلى جانب المحراب بحيض أصابها، فلما طهرت إذ هي برجل معها، وهو قوله: (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) وهو جبريل عليه السلام، ففزعت منه، فقالت: (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) قال: (ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) الآية.
فخرجت وعليها جلبابها، فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها، وكان مشقوقًا من قدامها، فدخلت النفخة صدرها، فحملت.
فأتتها أختها امرأة زكريا ليلةً تزورها، فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريا: يا مريم أشعرت أني حبلى؟ فقالت مريم، أيضًا: أشعرت أني حبلى؟ فقالت امرأة زكريا: فإني وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك. فذلك قوله عز وجل: (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [آل عمران:٣٩].
فولدت امرأة زكريا يحيى، ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب، فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة، قالت استحياء من الناس: (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) جبريل (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ).
فهزته، فأجرى لها في المحراب نهرًا، والسرى: النهر، فتساقطت النخلة رطبًا جنيًّا، فلما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل أن مريم ولدت، فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى، فتكلم عيسى فقال: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ)[مريم:٣٠-٣١].
فلما ولد عيسى لم يبق في الأرض صنم يعبد من دون الله إلا وقع ساجدًا لوجهه»100.
ولم تلبث مريم بعد ولادتها طويلًا إلا وجاءت قومها معها وليدها، فاتهمها اليهود على عادتهم وحماقتهم، وقد حكى الله تعالى ذلك عنهم، فقال: (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [النساء:١٥٦].
وقوله: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [مريم:٢٧-٣٠].
فما أن رأوها حتى انهالوا عليها بالاتهامات الباطلة والإفك الصريح والكلام اللاذع، لقد فعلت أمرًا عظيمًا وجرمًا جسيمًا، يا شبيهة هارون عليه السلام في العبادة، كان الأولى بك أن تتشبهي به في الابتعاد عن الزنا، ثم إنك من أسرة طاهرة معروفة بالطهر والعفاف، فلم يعرف عن أبيك السوء، ولم تزن أمك.
فالتزمت العفيفة الحصان الصمت بإذن ربها، وأشارت إلى وليدها لتؤذنه بالكلام، فاستغربوا من فعلها واستهزؤوا منها، كيف نتحدث إلى صبيٍّ في مهده؟! ولكن الله أنطقه، فكان أحد الثلاثة الذين تكلموا في المهد، فبرأها الله من إفكهم.
خلاصة الأمر أن ذكر اسمها الصريح لتبرئتها مما نسبه إليها اليهود، ولتبرئة ابنها مما نسبه إليه النصارى، لذلك كان التعقيب الإلهي (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ) [مريم:٣٤-٣٦].
خامسًا: نساء صالحات:
وهي السيدة آسية بنت مزاحم101.
وقد ظهرت شخصيتها في موطنين من القرآن الكريم، الأول: عندما كان موسى عليه السلام طفلًا رضيعًا، وألقته أمه في اليم بوحي من الله تعالى فالتقطه آل فرعون، وأرادوا قتله، ولكن هذه المرأة تقف متوسلة لهم (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [القصص:٩].
والموطن الثاني: حينما ضربها الله مثلًا للمؤمنين (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [التحريم:١١].
ولم يصرح باسمها وإنما ذكرت منسوبة لزوجه لما تقدم، ولما في نسبتها لزوجها من الفوائد التي لا تتحقق لو ذكر اسمها، فهي زوجة طاغية من الطغاة، ومع ذلك يجعلها الله تعالى وسيلة لنجاة نبي من الأنبياء، ثم إن زواجها بهذا الطاغية لم يمنعها من الإيمان بالله تعالى حتى صارت مثلًا يضرب في التقوى والثبات على الحق وعدم الخوف من مخلوق مهما عظم؛ لذلك كانت من أكمل النساء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) 102.
وقال: (حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون) 103.
فينبغي التأسي بهذه السيدة الفاضلة في الإيمان والصبر، ولا نلتفت إلى تعنت المتعنتين، ولا تجبر المتجبرين، فإن هذه الحياة رخيصة بجانب ما أعده الله للمؤمنين يوم القيامة، فلكي نظفر بالثواب الجزيل يجب علينا أن نتمسك بديننا، وخصوصًا في هذا العصر الذي زادت فيه الفتن، ويحارب الإسلام بشتى السبل من أعدائه.
وهي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة104 (ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [القصص:١١].
(ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [طه:٤٠].
وبالنظر فيما فعلته أخت موسى عليه السلام قد يتخيل الإنسان أنه عمل صغير لا قيمة له، ولكنه كان سببًا لرد موسى عليه السلام لأمه، وهذا يجعل الإنسان لا يستصغر أي عملٍ من أعمال الخير، فإنه لا يدري ماذا يترتب على هذا العمل، فقد يترتب عليه نجاة إنسان أو نجاة أمة بأكملها. ونلحظ ذكاء هذه الفتاة في حيلتها التي احتالت بها لإرجاع موسى لأمه.
قال تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [القصص:٢٣].
عن عمر بن الخطاب أن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون، فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان، قال: ما خطبكما؟
فأخبرتاه، فأتى الحجر فرفعه، ثم لم يستق إلا ذنوبًا واحدًا حتى رويت الغنم، ورجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه، وتولى موسى عليه السلام إلى الظل فقال: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)[القصص:٢٤].
قال تعالى: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [القصص:٢٥] واضعة ثوبها على وجهها105.
وقيل: «واضعة يدها على وجهها، فقام معها موسى وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، وأنا أمشي أمامك، فإنا لا ننظر في أدبار النساء. ثم قالت: (ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [القصص:٢٦]، لما رأته من قوته، ولقوله لها ما قال، فزادها ذلك فيه رغبة، فقال: ( ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ) [القصص:٢٧]، أي: في حسن الصحبة والوفاء بما قلت.
قال موسى: (ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [القصص:٢٨].
قال: نعم. قال: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ )فزوجه، وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه منه، وزوجه صفورة، أو أختها شرقاء، وهما اللتان كانتا تذودان106.
ما أروع هذا الحياء الذي تحلت به هاتان المرأتان! إنه الحياء الذي ينبغي أن تتزين به المرأة في كل زمان ومكان، الحياء الذي فقد في هذا العصر، هذا الحياء لا ينافي أبدًا الإعجاب بفضائل الأعمال وجميل الخصال (ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [القصص:٢٦].
وردت قصتها في القرآن، ولم يذكر اسمها، ولا حتى مضافة لهذا المكان، بل وردة الحديث عنها مبهمةً (امرأة) في قول الهدهد: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [النمل:٢٣].
وذكر أنها وقومها كانوا يعبدون الشمس، وواضح من خلال القصة أنها كانت تتمتع بذكاء وقوة شخصية ودهاء سياسي منقطع النظير، وذلك أن سليمان عليه السلام عندما أرسل إليها كتابه لم تتخذ موقفًا سريعًا قد يؤدي لتفتيت مملكتها، وذلك كما فعل كسرى مع كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمزق الله ملكه، فلم يبق للأكاسرة ملك، فهي أمينة على هذا الملك، ويتضح ذكاؤها وقوة شخصيتها عندما استشارات رجالات دولتها في شأن الكتاب، أجابوها بقولهم: (ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [النمل:٣٣].
فهي العقل المدبر لهم، فهم يثقون في تدبيرها وعقلها، فكان رأيها صائبًا، وعقلها راجحًا، فقد أرادت قبل أن تفعل أي شيء أن تختبر سليمان عليه السلام لتتأكد من شأنه وتعلم حقيقة أمره، هل هو ملك من ملوك الدنيا تغريه الأموال، أم أن أمره أعظم من ذلك؟
(ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ) [النمل:٣٤-٣٥].
فلما كان من سليمان ما كان من رفض الهدية والإخبار بأنه بإمكانه أن يرسل إليهم من الجنود ما لا يقدرون على مقابلته بحال، ثم طلبه من بعض رعيته أن يحضر إليه عرشها، فأحضره الذي عنده علم من الكتاب في أقل من طرفة عين، وطلب تنكير عرشها ليختبر ذكاءها، هل ستعرفه أم ماذا تفعل؟
فلما رأته وسألوها: (ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ) [النمل:٤٢].
إلا أن ترك العقيدة ليس بالأمر الهين، حتى ولو كانت عقيدة خاطئة، فأراد أن يريها بعض آثار الصناعة العجيبة حتى لا تغتر بملكها، فطلب منها أن تدخل القصر العالي المزخرف، فدخلت صحنه، وهو مملس ملمسه ناعم وله بريق بسبب تمريده وإزالة كل خشونة فيه حتى يحسبه الرائي لتنسيقه وكأنه لجة من الماء، فحسبته ماء في صحن الصرح وخشيت على ثيابها المزخرفة فرفعتها، وكشفت عن ساقيها، فنبهها سليمان إلى أنه ليس بماء وإنما هو صرح ممرد من زجاج يبدو بادي الرأي كأنه لجة ماء وما هو بماء، فأدركت وهي تروعها الزخارف كما تروع كل النساء، فكرت في ماضيها إذ كانت تعبد الشمس وسليمان يعبد الله تعالى وقد آتاه الله من النعم ما لا يمكن أن يكون لأحد غيره، فاهتزت وعلمت أنها كانت على باطل، وأنها ظلمت نفسها بما كانت عليه108.
وهي خولة بنت ثعلبة، جاءت تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطع له ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك. قالت عائشة رضي الله عنها: (فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [المجادلة:١]109.
إن المتأمل في العبارة القرآنية وذكر القصة يدرك أن هناك أمرًا مهمًّا يريد المولى عز وجل أن يسوقه إلينا غير الحكم الشرعي، إذ كان من الممكن سوق الحكم الشرعي دون ذكر القصة، هذا الأمر هو أنه لا يجوز أن يكون الحياء عند الإنسان عامة وعند المرأة خاصة حائلًا دون التفقه في أمور الدين، إذ إنه لو أصبح حائلًا فإنه يكون مذمومًا، والعجب من نساء عصرنا يستحيين أن يسألن عما يجهلنه من أمور الدين، مما أدى بهن إلى أمية دينية كبيرة، فأصبحت المرأة تجهل أبجديات هذا الدين.
سادسًا: المرأة الكافرة:
وهناك من النساء الكوافر ما في قصصهن عظة وعبرة، وقد ذكر في القرآن الكريم منهن امرأة نوح وامرأة لوط وامرأة أبي لهب.
وقد ذكرتا مقرونتين في قوله تعالى: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [التحريم:١٠].
والخيانة هنا ليست خيانة زوجية باتفاق، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما زنتا، أما امرأة نوح فكانت تقول للناس: إنه مجنون. وأما امرأة لوط فكانت تدل على الضيف، فذلك خيانتهما110.
وقد ضربهما الله مثلًا للكافرين تنبيهًا على أنه لا يغني أحدٌ في الآخرة عن قريبٍ ولا نسيبٍ إذا فرق بينهما الدين، فهاتان المرأتان مع أنهما كانتا زوجتين لنبيين من الأنبياء لكن لن يستطيعا أن يدفعا عنهما من عذاب الله شيئًا.
وأما امرأة لوط عليه السلام فقد ذكرت في مواطن كثيرة، وهي قوله تعالى: (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [الأعراف:٨٣].
(ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ) [هود:٨١].
(ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [الحجر:٦٠].
(ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [النمل:٥٧].
(ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ) [العنكبوت:٣٢].
وكلها تتحدث عن نجاة نبي الله لوط عليه السلام وجميع أهله باستثناء امرأته، فقد كانت ممن سبق عليه الكتاب، ولم تكن في عداد الناجين.
فلا ينبغي للإنسان أن يغتر بنسبه وقرابته لأحد الصالحين، فإن ذلك لن يغني عنه من الله شيئًا.
امرأة أبي لهب، وهي أخت أبي سفيان (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [المسد:٤- ٥].
ولما نزلت هذه السورة أقبلت ولها ولولة وفي يدها فهر، وهي تقول111:
مذممًا أبينا
ودينه قلينا
وأمره عصينا
والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها لن تراني) وقرأ قرآنًا فاعتصم به، وقرأ (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ) [الإسراء:٤٥].
فوقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا أبا بكر، إني أخبرت أن صاحبك هجاني. فقال: لا ورب هذا البيت، ما هجاك. فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني بنت سيدها112.
ووصفت بـ (حمالة الحطب) قيل: لأنها كانت تحمل حزمة من الشوك فتنثرها بالليل في طريق النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: كانت تمشي بالنميمة، ويقال لمن يمشي بالنمائم ويفسد بين الناس: يحمل الحطب بينهم، أي: يوقد بينهم النار. أو المراد أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب جهنم كالزقوم والضريع. وقيل: إنها مع كثرة مالها كانت تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل. ومعنى(ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) في عنقها حبل مما مسد -فتل- من الحبل، وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون، تخسيسًا بحالها وتصويرًا لها بصورة بعض الحطابات113.
سابعًا: نساء أخريات:
وقصتها مع يوسف مشهورة مذكورة بالتفصيل في سورة يوسف عليه السلام، ولم أقف على ما يؤكد إسلامها من عدمه، إلا أنه حكي أن يوسف عليه السلام تزوجها لما مات زوجها فوجدها عذراء114. فالله أعلم بحقيقة الأمر.
وفي قصتها عبر كثيرة، منها: أن فتنة النساء بالرجال والرجال بالنساء من أخطر الأمور كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الرجوع إلى الحق أفضل من التمادي في الباطل (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ) [يوسف:٥١-٥٢].
وقصتهن مقترنة بقصة امرأة العزيز.
قال تعالى: ( ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ) [يوسف:٣٠].
فقد علمن بما فعلته امرأة العزيز، وخضن في حديثها، فلما علمت بأقوالهن دعتهن لبيتها، وجهزت لهن مكانًا للجلوس، وقدمت لهن ما يقدم للضيفان، وأعطت كل واحدة منهن سكينًا حادًَا، وأمرت يوسف عليه السلام بالخروج عليهن، فلما رأينه عظم عندهن وفتن به، وقطعن أيديهن، فانتهزت الفرصة، أبدت عذرها فيما فعلت، إذ إن جماله -من وجهة نظرهن- لا يقاوم.
فينبغي الحذر من مكر النساء وكيدهن، فكيدهن عظيم.
ثامنًا: العبر المستفادة من ذكر المرأة في القصص القرآني:
إذا نظرنا فيما ذكر من قصص للنساء في القرآن الكريم نرى أن هناك دروسًا وعبرًا كثيرة يمكن أن تؤخذ منها:
إذا كانت المرأة لها طبيعتها الخاصة التي تختلف عن طبيعة الرجل فمن البدهي أن يكون هناك أحكام عامة تشترك فيها هي والرجل، وأن يكون لها أحكام خاصة بها تتناسب مع طبيعتها، وهذا ما سنحاول إبرازه في النقاط الآتية:
أولًا: الأحكام المتعلقة بالحياة الأسرية:
وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي بأحكام الزواج والطلاق، ويسمى في عصرنا بالأحوال الشخصية، ونتناول بعض هذه الأحكام:
فالله تعالى خلق الإنسان، وخلق فيه مقومات بقاء نفسه ومقومات بقاء النوع الإنساني كله، ومن مقومات بقاء النوع الإنساني أنه خلقه ذكرًا وأنثى، وخلق في كل واحد منهما ميلًا فطريًّا للآخر، كما أخبر سبحانه بقوله: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [آل عمران:١٤].
والتزيين «تصيير الشيء زينًا، أي: حسنًا، فهو تحسين الشيء المحتاج إلى التحسين وإزالة ما يعتريه من القبح أو التشويه»116.
قال الواحدي: « يقال: من الذي زين للناس ذلك؟ فيقال: الله تعالى زين للناس، بما جعل في الطباع من المنازعة إلى هذه الأشياء محنةً»117.
فمعنى التزيين: «خلقها وإنشاء الجبلة على الميل إليه»118.
وذلك حتى يبحث كل واحدٍ منهما عن الآخر، فلولا هذه الشهوة لعزف الناس كلهم رجالًا ونساءً عن الزواج، إذ ما الذي يجبر الرجل على أن يرتبط بعلاقة تجعله يتكلف بنفقةٍ وغير ذلك؟! وما الذي يدفع المرأة لارتباط يلزمها بأشياء قد تشق عليها، ويترتب عليها حمل وآلامه، ووضع ومتاعبه، وتربية أبناء تسهر عليهم الليالي؟! فخلق الله هذه الشهوة فيهما لتدفعهما دفعًا لهذا الارتباط.
ولكنه في الوقت ذاته لم يبح لهما قضاء هذه الشهوة حسبما اتفق كالبهائم، بل وضع التشريعات التي تضمن لهما ولأبنائهما حياة نظيفة، تليق بهذا الإنسان المكرم، وتضمن عيشة طيبة لكل أفراد الأسرة، فشرع الزواج، بل وحث عليه، حيث حث الإسلام الحنيف على تزويج الأيامى، وهو «جمع أيم، وهو من لا زوج له من الرجال والنساء»119.
وعندما حث على الزواج لم يجعل الهدف منه مجرد قضاء الشهوة، بل جعله سكنًا ومودة، فقال سبحانه: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الروم:٢١].
ولن يتحقق السكن والمودة والرحمة إلا إذا كان هناك قواعد لاختيار الزوجين، بحيث يبنى البيت على قواعد متينة لا تزلزلها الرياح، وليس هناك أفضل من الدين ليكون أساسًا لهذا الاختيار، لذلك يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد. قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه. ثلاث مرات)120.
فالدين أساس في اختيار كلٍّ من الزوجين للآخر، بل تحريه في الزوج أولى، وقد قال رجل للحسن: «إن لي بنتًا أحبها، وقد خطبها غير واحد فمن ترى أن أزوجها؟ قال: زوجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها»121.
أما غير التقي فإن أبغضها أهانها وظلمها؛ إذ لا رادع عنده، ثم إن الضرر الواقع عليها إذا كان على درجة غير كافية من الدين يكون أكثر من الضرر الواقع عليه لو كانت هي كذلك، لذلك فإن الإسلام الحنيف لم يبح للمرأة أن تتزوج بغير المسلم، أيًّا كانت ديانته، فقال سبحانه: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [البقرة:٢٢١].
وأباح للرجل أن يتزوج الكتابية، فقال سبحانه: (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [المائدة:٥].
وذلك أن تأثير الرجل على المرأة أشد من تأثيرها عليه.
ثم إن الإسلام راعى أمرًا آخر غاية في الأهمية، وذلك أن المرأة تتعامل بالعاطفة أكثر من الرجل، لذا فإنه قد تخدع برجل معينٍ، نظرًا لعدم درايتها بحقائق الأمور، لذا فقد جعل الإسلام عقد الزواج بيد وليها، وهو ركن عند جمهور العلماء، واستدلوا بالآية، حيث عبر في جانب الرجل بقوله: (ﭲ ﭳ) بفعل متعدٍّ لمفعول واحد، وفي جانب المرأة بقوله: (ﮀ ﮁ) بفعل متعدٍّ لمفعولين، فدل على أن غيرها يزوجها ولا تزوج نفسها.
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) 122.
كل هذا زيادة حرص وحفاظ على المرأة، لأن الضرر الواقع عليها في حال تزوجها بغير كفءٍ أو بغير تقيٍّ يكون شديدًا.
وهو مرتبط بالنكاح، حيث شرعه الدين الحنيف وجعله ملكًا خالصًا للمرأة، كما قال تعالى: (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [النساء:٤].
وقد اختلفت مذاهب الفقهاء في هذا الصداق، ما بين قائل: إنه شرط من شروط صحة النكاح. وقائل: إنه ركن من أركانه. وقائلٍ إنه واجب للمرأة فقط. وعلى أية حال فهو من لوازم النكاح، وهو ملك للمرأة لا يجوز لوليها ولا لزوجها أخذ شيء منه، كما قال سبحانه: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [النساء:٢٠].
ثم إن هناك خلافًا بين العلماء في المهر: هل هو عوض عن منفعة البضع، أو إنه مجرد عطية تكرمة للمرأة؟
قال الطاهر ابن عاشور: «وسميت الصدقات نحلة إبعادًا للصدقات عن أنواع الأعواض، وتقريبًا بها إلى الهدية، إذ ليس الصداق عوضًا عن منافع المرأة عند التحقيق، فإن النكاح عقد بين الرجل والمرأة قصد منه المعاشرة، وإيجاد آصرة عظيمة، وتبادل حقوق بين الزوجين، وتلك أغلى من أن يكون لها عوض مالي، ولو جعل لكان عوضها جزيلًا ومتجددًا بتجدد المنافع، وامتداد أزمانها، شأن الأعواض كلها، ولكن الله جعله هدية واجبة على الأزواج إكرامًا لزوجاتهم، وإنما أوجبه الله لأنه تقرر أنه الفارق بين النكاح وبين المخادنة والسفاح، إذ كان أصل النكاح في البشر اختصاص الرجل بامرأة تكون له دون غيره، فكان هذا الاختصاص ينال بالقوة، ثم اعتاض الناس عن القوة بذل الأثمان لأولياء النساء لبيع بناتهم، ثم ارتقى التشريع وكمل عقد النكاح وصارت المرأة حليلة الرجل شريكته في شؤونه، وبقيت الصدقات أمارات على ذلك الاختصاص القديم تميز عقد النكاح عن بقية أنواع المعاشرة المذمومة شرعًا وعادة»123.
مما يقترن بقضية النكاح إباحة التعدد للرجل، فيباح له أن يجمع بين أربع نسوة في وقت واحد (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [النساء:٣].
فأباح التعدد بشرط العدل حسب قدرة الرجل، أما العدل التام فهو خارج عن مقدور الإنسان، كما قال تعالى: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [النساء:١٢٩].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل فيقول: (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك و لا أملك) 124.
«يريد ميل النفس وزيادة المحبة لواحدة منهن، فإنه بحكم الطبع ومقتضى الشهوة لا باختياره وقصده»125.
فالتعدد جائز بشرط أن لا يزيد عن أربع، وبشرط أن يعدل بينهن العدل المادي، وبشرط أن ينفق عليهن، فإذا توافرت الشروط فلا ضير إذن من التعدد، وذلك التعدد لحكم يعلمها الله تعالى، منها أن عدد النساء غالبًا يكون أكثر من عدد الرجال، بل قد يصل إلى أضعاف عدد الرجال، هذه المرأة التي تدخل ضمن العدد الزائد لها رغبات فطرية، في الشهوة والسكن والاطمئنان، فإذا لم يجز للرجل أن يزوج بغير واحدة ماذا تفعل هذا المرأة؟ هل تكبت رغباتها، أم تقضيها في الظلام؟ أم تتزوج برجل متزوج بغيرها زواجًا نظيفًا أمام أعين الناس في وضح النهار، تعيش عيشة نظيفة.
وهذه الزوجة التي تمنع زوجها من التعدد ألا تضع نفسها موضع هذه التي لا تجد زوجًا، ومن العجب أن كثيرًا من النساء قد يفضلن أن يخادن أزواجهن على أن يتزوج بغيرهن، وهذا ضد مبادئ الدين الحنيف، وضد ما تنادي به العقول السليمة والفطر المستقيمة. ومن العجيب أن هؤلاء الذين ينادون بمنع تعدد الزوجات ينادون في الوقت ذاته بإباحة الزنا والعهر، ألا ساء ما يصنعون!
هؤلاء اليتامى اجتمع فيهن ضعفان، ضعف الأنوثة وضعف اليتم، فلذلك احتاج الأمر إلى زيادة تأكيد بالنسبة لهن، فاليتيم بوجه عام أمر الشرع الحنيف بالإحسان إليه، وإعطائه حقوقه أولا، بل وجعل له نصيبًا من الغنائم ( ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [الأنفال:٤١].
ومن الفيء (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [الحشر:٧].
وأمر بالإحسان إليهم وإعطائهم من أموالنا جبرًا لخاطرهم (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [البقرة:١٧٧].
وأمر بأن نعمل في أموالهم بإصلاحها ( ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [البقرة:٢٢٠].
وخص يتامى النساء زيادة على ما تقدم بالإقساط إليهن (ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [النساء:١٢٧] لأنها لضعفها قد يطمع وليها في مالها وجمالها، قد يطمع فيها وليها فيتزوجها ولا يدفع إليها مهرها أو يستولى على أموالها، فأكد الله على حقوقها تأكيدًا شديدًا. و «لم يبين هنا هذا الذي يتلى عليهم في الكتاب ما هو، ولكنه بينه في أول السورة وهو قوله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [النساء:٣]126.
فالمراد بالآية «النهي عما كانت العرب تفعله من ضم اليتيمة الجميلة الغنية بدون ما تستحقه من المهر، ومن عضل الدميمة الفقيرة أبدًا، والدميمة الغنية حتى تموت فيرثها العاضل، ونحو هذا مما يقصد به الولي منفعة نفسه لا نفع اليتيمة»127.
عن عروة بن الزبير (أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) فقالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. قال عروة: قالت عائشة: وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فأنزل الله (ﮱ ﯓ ﯔ)128.
لما كانت الأسرة مكونةً من عدد من الأفراد، وهي كما يقول الشيخ الغزالي: «مملكة ذات حدود قائمة تشبه حدود الدول في عصرنا»129 فلا بد إذن أن تنضبط أمور البيت بحيث يعرف كل فردٍ من أفرادها ما له وما عليه، ولا بد أن يكون هناك قائد لهذا البيت، فمن الذي يقوده، أهي المرأة التي تتحكم فيها عاطفتها في الأعم الأغلب؟ مما قد يؤدي إلى القضاء على هذا البيت لأقل الأسباب، ثم إنها لم تتكلف شيئًا في بناء هذا البيت، مما يجعلها غير مدركة لمدى التعب والمشقة التي تكلفها الزوج لبناء هذا البيت، فهي إذن لا تصلح لقيادة هذا البيت، لا يصلح له إلا هذا الرجل الذي تعب في تأسيسه، ويتصرف بناءً على تفكيرٍ عقلاني، فلا يتجه لهدم هذا البيت إلا بعد أن يفكر ألف مرة ومرة، فإذا اتخذ قرارًا ما فإنه في الأعم الأغلب يكون قرارًا مدروس العواقب.
لذا أسندت إليه مهمة قيادة هذا البيت والقيام بشؤونه ورعايته، وهو ما يسمى بالقوامة، وهو ما ذكره تعالى في قوله (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [النساء:٣٤].
فالقوامة ليست تشريفًا للرجل، ولا تسلطًا منه على المرأة، وإنما هي تكليف له بالقيام على شؤونها ورعايتها. وقد تقدم الحديث عن القوامة في أثناء الحديث عن حقوق المرأة بما أغنى عن إعادته.
وقد عالج القرآن الكريم نشوز كل واحدٍ من الزوجين، ففي نشوز المرأة يقول تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [النساء:٣٤].
قال جمهور الفقهاء: «النشوز عصيان المرأة زوجها والترفع عليه وإظهار كراهيته، أي: إظهار كراهية لم تكن معتادة منها، أي: بعد أن عاشرته، وجعلوا الإذن بالموعظة والهجر والضرب مرتبًا على هذا العصيان، واحتجوا بما ورد في بعض الآثار من الإذن للزوج في ضرب زوجته الناشز، وما ورد من الأخبار عن بعض الصحابة أنهم فعلوا ذلك في غير ظهور الفاحشة»130.
والمراد بقوله: (ﭫ) «ذكروهن أمر الله واستدعوهن إلى ما يجب عليهن بكتاب الله وسنة نبيه. وقوله (ﭬ ﭭ ﭮ) تجنبوا جماعهن، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يضاجعها ويوليها ظهره لا يجامعها. وقال سعيد بن جبير: هي هجرة الكلام، أي: لا تكلموهن وأعرضوا عنهن. وقوله (ﭯ) الضرب هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظمًا ولا يشين جارحة131.
فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريد منها مما أباحه الله له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها.
وقوله: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) «تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن»132.
ثم إن الأهل إذا خافوا أن تتفاقم الأمور بين الزوجين، فليبعثوا حكمين، واحدًا من جهة الزوج وآخر من جهة الزوجة؛ للإصلاح بينهما.
وكما عالج نشوز المرأة عالج أيضًا نشوز الرجل وإعراضه عن زوجته بقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ) [النساء:١٢٨].
قال المفسرون: «هذا الصلح في القسمة والنفقة، وهو أن يقول الرجل لامرأته: إنك دميمة، أو قد دخلت في السن وأريد أن أتزوج عليك شابة جميلة، وأوثرها عليك في القسمة بالليل والنهار، فإن رضيت بهذا فأقيمي، وإن كرهت خليت سبيلك. فإن رضيت بذلك كان الواجب على الزوج أن يوفيها حقها من المقام عندها والنفقة، أو يسرحها بإحسان ولا يحبسها على الحيف، وليس يجبر الزوج على الوطء إذا عدل في المقام والنفقة، وكل ما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز، وهو أن تترك له من مهرها، أو بعض أيامها»133.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها، فتقول: أجعلك من شأني في حلٍّ، فنزلت هذه الآية في ذلك) 134.
فعند خوفها من نفرة زوجها فلها أن تسقط بعض حقوقها، وأن يتصالحا، فالصلح أفضل من الفراق، «وقد لوحظ في التعبير أمور ثلاثة:
أولها: أنه عبر عن طلب الصلح بقوله تعالى: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) وذلك ترفق في الإيجاب، فعبر عنه بنفي الإثم لكيلا يتوهم أحدهما أن في التساهل عن بعض حقه إثمًا. والصلح يقتضى أن يتسامح أحد الفريقين في جزء من حقه لينال خيرًا أكثر مما تسامح فيه، فإذا تركت المرأة بعض حقها لتدوم العشرة بالمعروف فذلك لا إثم فيه، بل فيه الخير.
ثانيها: أنه أكد الصلح بقوله (ﭟ) للإشارة إلى أن الصلح في هذا المقام لا يكون صلحًا ظاهرًا، بل يكون نفسيًا، بحيث تتلاقى القلوب وتصفو النفوس، ويحل الوئام محل الخصام، فليس الصلح في هذه الحال إنهاء لمشكلة فقط، بل هو تلاقى القلوب على المودة والرحمة.
ثالثها: أن الله تعالى أكد الصلح بقوله تعالى أولا (ﭡ ﭢ) أي أنه في ذاته خير يعم الطرفين، من تسامح يناله من الخير بمقدار ما تسامح أو بأضعاف ما تسامح، فهو قد أعطى ليأخذ وتساهل لتلزم ولتدوم نعمة الزوجية.
وأكد سبحانه الصلح بدعوة الزوجين ألا يشح أحدهما بالعطاء لرفيقه، ولذا قال تعالى: (ﭤ ﭥ ﭦ) والشح هو البخل، وهو هنا التشاح النفسي بأن يلتزم كل واحد من الزوجين موقفه متمسكًا بحقوقه الشكلية»135.
وهو من المشاكل التي تقابل المرأة في الحياة الزوجية، و«أصل الظهار مشتق من الظهر، وذلك أن الجاهلية كانوا إذا تظاهر أحد من امرأته قال لها: أنت علي كظهر أمي. ثم في الشرع كان الظهار في سائر الأعضاء قياسًا على الظهر، وكان الظهار عند الجاهلية طلاقًا، فأرخص الله لهذه الأمة وجعل فيه كفارة ولم يجعله طلاقًا كما كانوا يعتمدونه في جاهليتهم»136.
فهذه مشكلة قائمة، فلما جاء حرمه ابتداءً، وعالجه لو حدث، فقال سبحانه: (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [المجادلة:٢-٤].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي و نثرت له بطني حتى إذا كبرت سني و انقطع له ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك. قالت عائشة: فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [المجادلة:١]137.
فعالج الإسلام هذه المشكلة علاجًا حكيمًا، وأدب من يقع في هذا الأمر أدبًا بالغًا.
وهو أمر تتضرر به المرأة، وهو أن يحلف الرجل أن لا يجامع زوجته مدة أربعة أشهر أو أكثر، ولرفع الضرر عن المرأة شرع الله تعالى هذا الحكم (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [البقرة:٢٢٦-٢٢٧].
على الناس وجه التأجيل بأربعة أشهر، وهو أجل حدده الله تعالى، وتلك المدة ثلث العام، فلعلها ترجع إلى أن مثلها يعتبر زمنًا طويلًا، فإن الثلث اعتبر معظم الشيء المقسوم، مثل ثلث المال في الوصية، وحاول بعض العلماء توجيهه بما وقع في قصة مأثورة عن عمر بن الخطاب، أنه خرج ليلة يطوف بالمدينة يتعرف أحوال الناس فمر بدار سمع امرأة بها تنشد138:
تطاول هذا الليل تسري كواكبه
وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه
ألاعبه طورًا، وطورًا كأنما
بدا قمرًا في ظلمة الليل حاجبه
يسر به من كان يلهو بقربه
لطيف الحشا لا تحتويه أقاربه
فوالله، لولا الله لا شيء غيره
لنقض من هذا السرير جوانبه
ولكنني أخشى رقيبًا موكلًا
بأنفسنا لا يفتر الدهر كاتبه
فاستدعاها، من الغد، فأخبرته أن زوجها أرسل في بعث العراق، فاستدعي عمر نساءً فسألهن عن المدة التي تستطيع المرأة فيها الصبر على زوجها، قلن: شهران، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر، وينفد في أربعة أشهر. وقيل: إنه سأل ابنته حفصة.
فأمر عمر قواد الأجناد ألا يمسكوا الرجل في الغزو أكثر من أربعة أشهر، فإذا مضت استرد الغازين ووجه قوما آخرين139.
إذا وقعت مشكلة بين الزوجين فإن القرآن الكريم عالجها حتى لا يتشتت البيت، وحتى لا تضار المرأة، كما رأينا في مشكلة النشوز ومشكلة الظهار، ولكن الأمر قد يتفاقم وتصبح الحياة مستحيلة بينها وبين زوجها، فهنا أباح الطلاق، وجعله أبغض الحلال، ولكنه عندما أباحه وضع له ضوابط، فلا بد أن يكون في طهر لم يجامعها فيه، وهو ما يعرف بالطلاق السني، وبعد الطلاق شرع العدة، وتمكث المرأة في بيت الزوجية مدة العدة، كما قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [الطلاق:١].
وذلك حتى يراجع كل واحد من الزوجين نفسه بعدما ذاقا من آلام الفراق، فقد يعودا لبعضهما، وقد تغلبهما الشهوة فيكون هذا الأمر دافعًا لعودتهما لبعضهما مرة أخرى، فتعود المياه إلى مجاريها.
ثم إنها لو غادرت بيت الزوجية فإن شياطين الإنس لن يتركوهما في حالهما، وسوف نجد من يشعل النار بينهما، أو من ينفخ في هذه النار، ثم إن انقضت العدة فلا بد وأن تغادر بيت الزوجية، وهنا ما زالت الفرصة أمامهما للعودة إذا كانت الطلقة الأولى أو الثانية، (ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [البقرة:٢٢٩].
فإن طلق الثالثة فهذا يدل على واحد من أمرين: إما أنه متلاعب بأحكام الله، وإما أنه استحالت العشرة بينهما، فلا بد من تشريع آخر، وهو أنه لا تعود إليه إلا بعد أن تتزوج بزوجٍ غيره زواجًا شرعيًّا صحيحًا يجامعها فيه، فإن طلقها الزوج الثاني رغبة عنها أو مات عنها جاز أن تعود للزوج الأول بعقد ومهر جديدين.
قد تتضرر المرأة من العيش مع زوجها، وهو لا يريد طلاقها نظرًا لما تكلفه من أموال، وهي تريد أن تفتدي نفسها منه، فهنا أباح الإسلام الحنيف لهما أن تعطيه ما يتفقان عليه من أموال على أن يطلقها فتبين منه بينونة صغرى.
يقول تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة:٢٢٩].
لذا أجمع العلماء علي مشروعية الخلع وأنه جائز بالكتاب والسنة وواقع140.
وإن اختلفوا في المقدار الذي يجوز للرجل أن يأخذه، فذهب الجمهور إلى أنه يجوز أن تختلع المرأة بأكثر مما أعطاها الزوج من صداق،141 وذهب أحمد إلى أنه لا يجوز له أن يأخذ أكثر مما أعطاها من صداق142.
وإذا تأملنا في هذا الحكم ندرك حكمة التشريع، فالمرأة في قلبها بغض لهذا الزوج، أتعيش معه مبغضة له أم تتطلع لغيره، فتتعدى حدود الله؟
والرجل إذا طلقها بغير سبب منه يكون قد تكلف أعباء كثيرة لغير سبب منه، وهنا يأتي هذا الحل الإلهي بإباحة أخذ هذه الفدية لتريح الجانبين وترفع الضرر عن المتضرر، فها هي امرأة ثابت بن قيس تأتي النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: (يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتردين عليه حديقته؟) قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) 143.
المرأة قد تنتهي حياتها الزوجية بطلاق أو موت الزوج، ولكن بعد انتهاء الحياة الزوجة قد يكون هناك حملٌ نتيجة هذا النكاح، ثم إن كان انتهاء العلاقة بالطلاق فإنه قد يراودا أنفسهما بالرجوع لبعضهما، لذا شرعت العدة، وهي مدة تتربصها المرأة بنفسها لمعرفة براءة الرحم أو للتعبد أو لتفجعها على زوجها، وهذه المدة تختلف باختلاف حال المرأة:
فالمعتدة من وفاة عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ) [البقرة:٢٣٤].
والحامل عدتها بوضع الحمل، سواء أكانت معتدة من وفاة أو من طلاق، كما قال سبحانه (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [الطلاق:٤].
والمعتدة من طلاق ممن يحضن عدتها ثلاثة قروء (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [البقرة:٢٢٨].
أما إن كانت صغيرة أو آيسة فعدتها ثلاثة أشهر (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [الطلاق:٤].
أما إن طلقت قبل الدخول بها فلا عدة عليها (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الأحزاب:٤٩].
والمطلقة البائنة بينونة كبرى لا تحل لزوجها إلا بعد أن تتزوج بزوج آخر ويدخل بها، كما قال تعالى: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ) [البقرة:٢٣٠].
ولها أحكام كثيرة مفصلة في كتب الفقه.
خلق الله تعالى المرأة وجعل المهمة الأولى لها رعاية البيت، فقد خاطب الله نساء النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [الأحزاب:٣٣].
فالمرأة مهمتها الأولى رعاية البيت والأولاد، وهي مهمة شاقة لا يستطيعها الرجل، وأمرها أن ترضع وليدها (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) [البقرة:٢٣٣].
وهو دم يعتري المرأة مرة في الشهر، تختلف مدة نزوله من امرأة لأخرى، (ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [البقرة:٢٢٢].
والمرأة أثناء نزوله يعتريها الضعف، ويتغير مزاجها، لذا فإن الشرع الحنيف راعى ذلك وخفف عنها من العبادات، فمنعها من الصلاة، ولم يلزمها قضاءها، ومنعها من الصوم، ولكنه لما كان لا يتكرر إلا مرة واحدة في العام ألزمها قضاءه، ولما كان هذا الدم مصدر أذى منع الزوج من جماعها أثناء نزوله، حتى لا تتأذى من ذلك، وحتى لا يتأذى زوجها. ثم إنه سبحانه ربط بهذا الدم أحكام الطلاق والعدة والرجعة، فمنع الزوج من أن يطلقها في أثناء حيضها لأنها يتغير مزاجها بسبب نزول هذا الدم، فربما يكون عدم ملاطفتها لزوجها ناتجًا عن هذا التغير الطارئ، ويعتدل مزاجها بانقطاع الدم، ومن جهة أخرى قد تكون نفرة الزوج عنها بسبب هذا الدم فيعزف عنها، وعندما ينقطع الدم يرغب فيها، فاستغل الإسلام هذا الأمر للحفاظ على الأسرة من التفكك.
ثانيًا: الأحكام المتعلقة بالحدود:
أحكام الحدود المتعلقة بالنساء كثيرة، وسوف أذكر أهم هذه الحدود، وهي:
الإسلام الحنيف ساوى بين الرجل والمرأة في هذا الحد، ولم يفرق بينهما لذكورة أو أنوثة، فحرم القتل ابتداءً، فدم الذكر ودم الأنثى سواء (ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [الإسراء:٣٣].
وأوجب القصاص بينهما (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [البقرة:١٧٨].
فإن قتل رجل امرأة فإنه يقتل بها ولا يأخذ أهل الرجل شيئًا من أهل المرأة، وهذا قول جمهور العلماء144.
وكما ساوى بين الرجل والمرأة في القصاص ساوى بينهما أيضًا في حد السرقة، فأوجب قطع اليد على من سرق، بغض النظر عن كونه ذكرًا أو أنثى، (ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [المائدة:٣٨].
لأن السارق هنا خائن يستحق أن تقطع يده.
وإذا زنت المرأة فإنه يلحقها العقوبة المقررة، فإن كانت بكرًا تجلد مائة جلدة، ويجب حضور جماعة من صلحاء المؤمنين إقامة هذا الحد (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [النور:٢].
وإن كانت ثيبًا فترجم حتى الموت، كما قال صلى الله عليه وسلم (والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) 145.
وقوله: (وأما أنت يا أنيس -لرجل- فاغد على امرأة هذا فارجمها) فغدا عليها أنيس فرجمها 146.
وكان الحكم في بداية الأمر ما ذكره تعالى بقوله: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [النساء:١٥].
وهو حكمٌ مغيًّا بغاية، وقد جعل الله لهن السبيل المذكور، وهو الجلد لغير المحصن والرجم للمحصن.
ثالثًا: أحكام اجتماعية:
جعل الله تعالى الشهادة لتوثيق الحقوق حتى لا تضيع مع فساد الذمم، ولذلك فإنه شرط شروطًا لضمان وصول الحقوق أصحابها، ولما كانت المرأة معرضة للنسيان نتيجة لما يعتريها من نزول دم يؤدي إلى إضعافها، ونظرًا لأنها تزاول مهام البيت مما يجعل خبراتها في أمور الحياة ضعيفة، لذلك لا بد وأن تعاضد شهادتها شهادةٌ أخرى مثلها حتى تتقوى بها، لذلك جعل الله تعالى شهادتها على النصف من شهادة الرجل، فقال عز من قائل: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [البقرة:٢٨٢].
فجعل شهادة المرأتين تعدلان شهادة الرجل الواحد، وعلل ذلك باحتمال نسيان واحدة منهما فتذكرها الأخرى، وهذا الأمر في المعاملات المالية نظرًا لأنهن لا يزاولنها كثيرًا، فاحتمال تعرضهن للنسيان أكثر، أما في الأمور التي يباشرنهن كثيرًا ولا يطلع عليها الرجال فتقبل شهادتهن، و«كان شريح يجيز شهادة النسوة على الاستهلال وما لا ينظر إليه الرجال»147 فالمرأة تتذكر هذه الأمور لأنها تزاولها.
يبين المولى عز وجل أن البيت هو المقر الرئيسي للمرأة، وذلك عندما خاطب سبحانه نساء النبي بقوله (ﭶ ﭷ ﭸ) [الأحزاب:٣٣].
قيل: هو أمر وجوب لهن «أمر خصصن به وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيرًا لهن، وتقوية في حرمتهن، فقرارهن في بيوتهن عبادة، وأن نزول الوحي فيها وتردد النبي صلى الله عليه وسلم في خلالها يكسبها حرمة... وهذا الحكم وجوب على أمهات المؤمنين وهو كمال لسائر النساء»148.
وكأني بالآية تشير إلى أمرين اثنين يجب أن تتحلى بهما المرأة المسلمة:
الأول: الوقار والاحترام، فلا تتميع ولا تتسكع كما تفعل المستهترة.
الثاني: أن المهمة الأساسية للمرأة المسلمة هي بيتها، فيلزمها الاعتناء به أولًا، وهي مهمة شاقة ليست بالهينة، فهو مصنع الرجال.
يقول صاحب الظلال: «وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقًا، إنما هي إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن، وهو المقر، وما عداه استثناء طارئًا لا يثقلن فيه ولا يستقررن، إنما هي الحاجة تقضى، وبقدرها. والبيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله تعالى غير مشوهة ولا منحرفة ولا ملوثة، ولا مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة» 149.
وإذا خرجت المرأة من بيتها لحاجة من حوائجها فيجب عليها أن لا تتلبس بما يدعو للفتنة، ولا تزاحم الرجال، كما فعلت ابنتا شعيب عليه السلام، وهذا يدفعنا إلى مسألة:
فإنه لما كان للمرأة أن تخرج بشرط أن تتلبس بما لا يدعو للفتنة، وكان من أعظم دواعي الفتنة إبداء المرأة لزينتها، لذا جاء الأمر الإلهي للمرأة المسلمة بالحجاب في قوله تعالى: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [النور:٣١].
ويأتي هذا التوجيه الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته وجميع المؤمنات بستر العورة (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [الأحزاب:٥٩].
ومن المعلوم أن ارتداء المرأة المسلمة للحجاب فريضة عليها لا تقل في وجوبها عن الصلاة والصيام، وإن كان هناك خلاف بين العلماء في القدر الواجب ستره من بدنها، والخلاف مشهور في عورة المرأة، ولسنا بصدد الحديث عنه، وإنما يعنينا القول بوجوب ستر العورة، وتحريم إبداء الزينة إلا لمن أباح الله تعالى إبداءها له، وهم المذكورون في آية سورة النور، على تفصيل عند العلماء في القدر الذي يجوز إظهاره أمام كل واحد منهم.
رابعًا: أحكام متعلقة بالجهاد:
الجهاد من أفضل الأعمال، وهو من الأعمال الشاقة، وقد طلب الصحابيات من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهن في الجهاد، وذلك حتى يحصلن على الثواب الجزيل الذي أعده الله تعالى للمجاهدين في سبيله.
فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل؛ أفلا نجاهد؟ قال: (لا، لكن أفضل الجهاد حجٌ مبرورٌ) 150.
وقد ضبطت في بعض النسخ (لكن) وهو أظهر في المقصود.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله، هل على النساء جهادٌ؟ قال: (نعم، جهادٌ لا قتال فيه، الحج والعمرة جهادهن) 151.
وعن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: (بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء، أما إنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا و هي على مثل رأيي، أن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابًا، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: (هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه)؟! فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن المرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها، ثم قال لها: (انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته تعدل ذلك كله). فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارًا152.
خلاصة الأمر أن المرأة لا يجب عليها الجهاد، وإنما تحصل على ثواب الجهاد بحسن القيام على بيتها ورعايتها له، فهذه مهمتها الأولى، وأما الجهاد فطبيعته تنافي طبيعة المرأة، وهي لا تستطيعه.
تقدم القول بأن الله تعالى خلق في كل واحدٍ من الجنسين ميلًا فطريًّا للآخر لقصد الإبقاء على النوع الإنساني، وهذا الميل من أقوى شهوات الإنسان، مما قد يدفع البعض إلى قضاء هذه الشهوة دون نظرٍ لحل أو حرمة، لذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) 153.
وهن لسن فتنة بذاتهن، ولكن باعتبار ما قد يحدث بسببهن، لذا فإن الشرع الحنيف لكي يسد باب الفتنة بهن ويقصر قضاء الشهوة على الغرض المقصود شرعًا شرع أمورًا تمنع هذه الفتنة، ومن هذه الأمور ما يأتي:
أولًا: الزواج:
شرع الزواج، فحث عليه بقوله سبحانه (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ) [النور:٣٢].
(ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [النساء:٣].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)154.
وقال (تزوجوا النساء فإنهن يأتينكم بالمال) 155.
فحب النساء والميل إليهن «ليس شرًا؛ لأن الله جعل المرأة رحمة للرجل، إنما يكون الشر في الإسراف في الطلب حتى يكون النساء خلب كبده156، وفي طلب الحرام، وفي طلب الجمال من غير ملاحظة الدين»157.
ونهى عن منع المرأة من الزواج، فقال سبحانه: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [البقرة:٢٣٢].
ونهى الرجل عن التبتل، فقد أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم 158.
ويسر في أمر الزواج، فلم يضع قيودًا وعراقيل أمامه، فيكفي أن يكون الرجل قادرًا على الإنفاق على البيت، وجعل الشرط الوحيد هو الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض) 159.
ثانيًا: الحجاب:
أمر الله تعالى النساء بالحجاب بقوله سبحانه: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [الأحزاب:٥٩].
وبقوله: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [النور:٣١].
ومن المعلوم أن ارتداء المرأة المسلمة للحجاب فريضة عليها، لا تقل في وجوبها عن الصلاة والصيام.
وفي آية سورة الأحزاب ينادي المولى عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم آمرًا إياه أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن «يرخين على وجوههن من جلابيبهن فيغطين بها وجوههن. والجلباب: كل ما يستر الكل، مثل الملحفة.
والمعنى: قل للحرائر يرخين أرديتهن وملاحفهن ويغطين بها وجوههن ورؤوسهن، ليعلم أنهن حرائر فلا يؤذين. (ﮩ ﮪ) أي: أقرب وأجدر (ﮫ ﮬ) من الإماء (ﮭ ﮮ).
قال ابن عباس رضي الله عنه: أمر الله تعالى نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة»160.
«وابتدئ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته لأنهن أكمل النساء»161.
وعندما نزلت الآية سارع النساء وقت نزولها إلى الامتثال، فعن أم سلمة قالت: لما نزلت (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية162.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) شققن مروطهن فاختمرن بها163.
وفي آية سورة النور يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يأمر المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج، وأن يرخين خمرهن على الفتحة التي في أعلى الثوب عند الرقبة، وذلك لستر العورة.
ثالثًا: النهي عن التبرج:
نهاهن عن التبرج وعن كل ما يثير غرائز الرجال، والتبرج أصله التباعد والظهور، فـ«البرج: تباعد ما بين الحاجبين، وكل ظاهر مرتفع فقد برج... والتبرج: إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال. وتبرجت المرأة: أظهرت وجهها. وإذا أبدت المرأة محاسن جيدها ووجهها قيل: تبرجت، وترى مع ذلك في عينيها حسن نظرٍ»164.
وقد نهى الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهن القدوة عن التبرج فقال: (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ)[الأحزاب:٣٣]، أي: لا تظهرن زينتكن. والجاهلية وصف لحالة معينة، وليست فترة زمنية بعينها، وإن كان الميل إلى أن هذا الوصف متحقق في الفترة التي سبقت الإسلام مباشرة.
ثم نهى المؤمنين عامة فقال: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [النور:٣١].
فزاد في هذه الآية النهي عن إظهار زينتهن إلا لطائفة محدودة من الرجال، وهم المذكورون في الآية الكريمة، والنهي عن أن تضرب المرأة برجلها لتحدث صوتًا يسمعه الرجال فيعلموا زينتها الخفية.
يقول الشيخ الغزالي عند حديثه عن هذه الآية: «والواقع أن هذا تشريع تقرر في الأديان السابقة ولكن الإسلام فصله، وتحدث عن الزينات الظاهرة المعفو عنها كالكحل في العين والحمرة في الخد والخاتم في اليد، وعن الزينات الباطنة التي لابد من إخفائها.. والغرب الذي يدعي المسيحية يصدر للعالمين تقاليد العري والتبرج وانتهاك الحرمات، وما أظن تاريخ الدنيا شهد مثل هذا الدنس الذي ينشره هؤلاء الناس، لقد سميتها في بعض كتبي حضارة البغي والبغاء!!. ووسائل الإعلام المختلفة تتسابق إلى بث الفتنة داخل البيوت، وتعرض صورًا للرقص الغربي المزدوج والرقص الشرقي المفرد، يفرح بها الشيطان، وتزلزل الطهر المنشود. إن الإسلام اعتبر الزواج عبادة، وألزم الطبيعة البشرية أن تكتفي بالحلال، وأن تبتعد عن الحرام»165.
رحم الله شيخنا الغزالي، لم ير مما فعلته وسائل الإعلام غير ما ذكره، ولا أدري ما كان قوله لو رأى ما أحدثه شياطين الإنس في عصرنا، مما تعجز عن وصفه الكلمات، نسأل الله السلامة والحفظ لنا ولسائر المسلمين.
رابعًا: ملازمة المرأة لبيتها:
أمرهن بملازمة البيوت وعدم الخروج منها إلا لحاجة، ثم يأتي هذا الأمر الإلهي لهن بالقرار في البيوت (ﭶ ﭷ ﭸ)[الأحزاب:٣٣].
وقد قرئت بفتح القاف وكسرها «فمن كسر جعله من الوقار، ومن فتح جعله من الاستقرار»166.
فهو «من وقر يقر وقارًا في المكان: إذا ثبت فيه، وقيل: هو من قررت في المكان أقر، والأصل واقررن، حذفت الراء الأولى وألقيت حركتها على القاف فصار وقرن. قال النحاس: يجوز أن يكون (ﭶ) من قررت به عينًا أقر، فيكون المعنى: واقررن به عينًا في بيوتكن»167.
قال ابن فارس: «الواو والقاف والراء: أصلٌ يدل على ثقل في الشيء، منه الوقر: الثقل في الأذن، يقال منه: وقرت أذنه توقر وقرًا. والوقر: الحمل، ويقال: نخلةٌ موقرةٌ وموقرٌ، أي: ذات حملٍ كثير»168.
وأيًّا كان أصله فإن المقصود الأمر لهن بملازمة البيت إشارة إلى أن البيت هو المهمة الأولى للمرأة، وليس المراد نهيهن عن الخروج من البيوت على الإطلاق. فـ«البيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله تعالى غير مشوهة ولا منحرفة ولا ملوثة، ولا مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة» 169.
خامسًا: الأمر بغض الأبصار:
أمر الله تعالى كل واحد من الجنسين بغض البصر، فقال للرجال: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [النور:٣٠].
وقال للنساء: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ)[النور:٣١].
الغض: «النقصان من الطرف والصوت»170.
والمراد: «ينقصوا أبصارهم عما حرم عليهم، فقد أطلق لهم سوى ذلك»171.
ودخلت (من) التبعيضية على غض البصر دون حفظ الفرج «لأن حكم النظر أخف من حكم الفرج، إذ يحل النظر إلى بعض أعضاء المحارم، ولا يحل شيء من فروجهن»172.
ثم إن الأصل في حكم النظر الإباحة إلا ما حرم، بخلاف الفروج فإن الأصل فيها الحظر إلا ما استثني، «وقدم غض البصر على حفظ الفرج لأن النظر بريد الزنا ورائد الفجور، والبلوى فيه أشد وأكثر، لا يكاد يقدر على الاحتراز منه، وهو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، ويكثر السقوط من جهته. وقال بعض الأدباء: وما الحب إلا نظرة إثر نظرة، تزيد نموًا إن تزده لجاجًا.. ثم ذكر تعالى حكم المؤمنات في تساويهن مع الرجال في الغض من الأبصار وفي الحفظ للفروج»173.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على غض البصر، فجعله من حقوق الطريق، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والجلوس في الطرقات) فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: (فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها). قالوا: وما حق الطريق؟ قال: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر) 174.
وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: (فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه -وذلك بعدما أمرنا بالحجاب- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتجبا منه). فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه؟!)175
أعداء الإسلام لا يألون جهدًا للطعن في هذا الدين، وفي منهجه وتشريعاته، في كافة المجالات، ومن ذلك ما يصدعون به رؤوسنا ليلًا ونهارًا من حديث عن المرأة، وكيف أن الإسلام -من وجهة نظرهم- أضاع حقوقها، وحبسها،... وقد تقدم ذكر بعض هذه الشبهات بما أغنى عن إعادته هنا، فتقدم الحديث عن القوامة، وأنها حق للمرأة، وهي تكليف للرجل، وليست تسلطًا وتشريفًا، وتقدم الحديث عن المساواة، وبيان أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة، مساواة حقيقية، وليست مساواة مزعومة، فساوى بينهما في الثواب والعقاب، وساوى بينهما في الحقوق والواجبات، وساوى بينهما بأن شرع لكل واحد منهما ما يناسب طبيعته التي خلقه الله تعالى عليها. وتقدم القول بأن تعدد الزوجات إنما هو من باب تكريم المرأة، وذكرنا حكمة الشرع فيه، وهناك شبهات أخرى يبثونها حول المرأة نعرض منها:
أولًا: حرية المرأة:
فهم يدعون أن الإسلام سلب من المرأة حريتها، فأي حرية يريدون؟! إنها مسرحية هزلية مفادها خلع المرأة لحجابها، فهم يعنون بالحرية أن تنطلق المرأة تفعل ما تشاء دون رقيب عليها، فتصاحب من تشاء وتخادن من تشاء، وتعرض جسدها كيف تشاء.
إنهم بذلك لا يحررونها، بل يصيرونها أمة لشهواتها، ويجعلونها أداة لمتعة الرجل. يقول الشيخ الغزالي: «إن تعرية المرأة حينًا وحشرها في ملابس ضيقة حينًا آخر عمل لم يشرف عليه علماء الأخلاق، وإنما قام به تجار الرقيق، ولكي نوفر تربية شريفة للجنسين يجب أن نعترض هذا الموكب الساخر من الكاسيات العاريات، وقد قلنا: إن من حق المرأة أن تتجمل ولكن ليس من حقها أن تتبرج، ولا أن ترتدي ثوب سهرة، تختال فيه وتستلفت الأنظار، بل إن الإسلام رفض ذلك من الرجال والنساء جميعًا... وإنها لطفولة عقلية سخيفة أن يرى امرؤ مكانته في حذاء لامع أو رداء مطرز بالحرير أو الذهب إذا لم يتحصن المرء في نصاب كبير من العلم أو الخلق»176.
إن التحرير الحقيقي للمرأة جاء به الإسلام الحنيف، فقد حررها من شهواتها، وحررها من بطش الباطشين وعبث العابثين ولهو اللاهين، جاء الإسلام والمرأة لا مكان لها ولا قول يطاع، فأعطاها مكانة لم ولن تجدها في غيره، فإذ بهذه المرأة تراجع نبي الإسلام وتشير عليه في الأمور العظام، كما فعلت السيدة أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا فانحروا ثم احلقوا) فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيلحقك. فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل غمًّا177.
بل كان نساؤه صلى الله عليه وسلم يراجعنه ويهجرنه الليالي، وذكر الله تعالى في القرآن الكريم قصة المرأة التي كانت تجادل النبي صلى الله عليه وسلم في زوجها.
إن العرب قبل الإسلام فهموا الحرية حق الفهم، وأدركوا أن العري والزنا والفجور يتناقض مع الحرية، لذلك فإن هند زوج أبي سفيان لما أتت لتبايع النبي صلى الله عليه وسلم فبايعها على ما ذكره الله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ) [الممتحنة:١٢].
فعندما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تزنين). قالت: وهل تزني الحرة؟!178.
إن المرأة المؤمنة ملكة في بيتها، متربعة على عرش هذا البيت، تنأى بنفسها عن الأدناس، وتربأ أن تتلطخ بالأرجاس، ممتثلة أمر ربها (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الأحزاب:٣٣].
وهذا تشريع عام لكل المؤمنات، ولكن الخطاب وجه لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن قدوة لغيرهن من النساء، عندما ننظر إلى اللفظ القرآني (ﭶ ﭷ ﭸ) نستشعر ما تحمله الكلمة من معان الوقار والحشمة والاحترام، وعندما نقرأ التعليل القرآني لهذا الأمر (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) إنها أرجاس يريد المولى عز وجل أن يطهر المرأة المسلمة منها. الإسلام يريد لها الطهارة والحرية والعفاف، وهم يريدون لها الرجس والأقذار، ويريدون أن ينزلوها عن عرش مملكتها لتهبط إلى مدارك الشهوات وأوحال القاذورات من المخادنة والعهر والعري والفجور. نسأل الله السلامة والعفة لنساء المؤمنين كلهن.
ثانيًا: دعوى أن الحجاب تشدد:
يدعي بعض دعاة التبرج والسفور بأن الحجاب تزمت في الدين، والدين يسر لا تزمت فيه ولا تشدد، وإباحة السفور مصلحةٌ تقتضيها مشقة التزام الحجاب في عصرنا.
ويرد عليهم بأن الدين الإسلامي دين يسر وسهولة، ولم يكلف المكلفين عنتًا، ولم يطلب منهم ما يشق عليهم، ونصوص الكتاب الكريم والسنة النبوية متوافرة في الدلالة على هذا الأمر، ولكن ينبغي التنبه إلى أن يسر الدين لا يعني أبدًا التساهل في الالتزام بأوامره، أو التهاون في تطبيق شرائعه، وإنما يسر الدين يعني أنه بإمكان جميع الناس الالتزام بتعاليمه، فلا يدعي إنسان في أي زمان أو أي مكان وعلى أية حال أنه أراد أن يمتثل منهج الإسلام ولكنه شق عليه وعجز عنه، فدعوى أن الحجاب الشرعي يتنافى مع مقتضيات العصر دعوى باطلة لا تصدر من ذي عقل سليم أو فكر مستقيم، وأي عنتٍ وأي مشقة في أن تستر المرأة جسدها وتحافظ على نفسها؟! بل العنت الحقيقي والمشقة التامة في ترك الحجاب، فما آذى المرأة شيء في عصرنا هذا أكثر من إبدائها لعورتها وإظهارها لزينتها، فما أكثر حالات الاغتصاب والتحرش والزنا! ثم هم يصرخون، وبأعلى أصواتهم ينادون ويستغيثون، ولكن لا مغيث.
ولذلك عندما ذكر المولى عز وجل الحكمة من الحجاب قال (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [الأحزاب:٥٩].
فلم يقع إيذاء على المرأة إلا بعد أن تخلت عن حجابها وأظهرت مفاتنها، فحركت مشاعر الشباب، فحاولوا الوصول إليها بكل الطرق، فظهرت حالات الاغتصاب، ثم ما ترتب عليه من قتل وغير ذلك.
ثم إنهم لم يكتفوا بذلك، ولكنهم في كل وادٍ يهيمون، فادعوا أن الحجاب عادة جاهلية وتخلف ورجعية، وكأنهم بذلك على الإسلام حريصون، وبتعاليمه مستمسكون، ولا أدري إن كانوا مقتنعين بهذا الكلام، فهم في جهل مركب، لأنهم بهذا القول يفصحون عن جهالتهم بتعاليم الدين، بل أبجدياته التي لا يجهلها أبو جهل، ألم يقرؤوا قول الله تعالى: (ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [الأحزاب:٥٩].
ولن نطيل في ذكر الأدلة على فرض الحجاب هنا، فقد تقدم الحديث عنه في المبحث السابق بما يغني عن إعادته هنا.
ثم هم يستمرون في ضلالهم وفي طغيانهم فيقولون: عفة المرأة في ذاتها لا في حجابها الذي يخفي شخصيتها، وهم بذلك بعيدون عن العقل بعيدون عن المنطق، فأي شخصية يخفيها الحجاب؟! وهل شخصيتها هي مفاتنها؟ بل على النقيض من قولهم، فالحجاب يبرز شخصيتها أي إبراز، فهي امرأة مسلمة، ملتزمة بكتاب ربها وسنة نبيها، أما المرأة الأخرى التي تظهر مفاتنها فهي امرأة مجهولة الهوية، لا يدرى لها انتماء، ولا يعرف لها اتجاه، فهي تسير خلف كل ناعق، وتمشي وراء كل سائر، فأضاعت دنياها وما ربحت أخراها.
وأما قولهم: عفة المرأة في ذاتها لا في حجابها فهذا صحيح، فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفة مفقودة، ولا أن تمنحه استقامة معدومة، ورب فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها، ولكنها كلمة حقٍّ أريد بها باطل، وروضة صدق ليس لهم منها أدنى حاصل، فهل هم يجهلون طبيعة النفس الإنسانية أم أنهم يعاندون؟ أم أنهم انتكست فطرهم وارتكست نفوسهم، فهم في أوحالهم ينعمون، وفي أرجاسهم ينغمسون؟ أم أن عداءهم للإسلام أعماهم عن رؤية الحق، فهم في غيهم يعمهون، فلا هدى يريدون، ولا استقامة يبغون؟ ألا ليت شعري، ليتهم يعودون لرشدهم، ويحكمون عقولهم، حتى لا يكونوا كالأنعام، بل هم أضل، فإن الأنعام قامت بالمهمة التي نيطت بها خير قيام، أما هم فميزهم الله بالعقل وحباهم بالفكر ولكنهم أبوا إلا الكفر والعناد والاستكبار.
ثالثًا: المساواة في الميراث:
فمما يثيرونه بين الحين والآخر أن الإسلام ظلم المرأة عندما جعل لها نصف نصيب الرجل من الميراث، ويطالبون بالمساواة بينهما في الميراث.
ويرد عليهم من جهات:
الأول: أن المرأة قبل الإسلام لم تكن ترث أصلًا، بل كانت تورث كالمتاع، فهي جزء من تركة الرجل، فجاء الإسلام الحنيف وحرم ما كانوا يفعلونه، نقرأ قوله تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [النساء:١٩].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك179 بل وجعل لها نصيبًا من الميراث.
الثاني: أن المرأة لا تأخذ نصف نصيب الذكر في جميع الأحوال، بل في حالات معينة، وهناك حالات تتساوى فيها المرأة مع الرجل، وذلك كالأبوين مع الولد (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [النساء:١١].
وكالإخوة لأم، (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [النساء:١٢].
وهناك حالات كثيرة تأخذ فيها المرأة أكثر مما لو كان مكانها رجل، وذلك أن غالب حالات المرأة تكون صاحبة فرض، وصاحب الفرض لا ينقص نصيبه بحال أما الرجل ففي معظم الحالات يكون عصبة، والعصبة يأخذ ما تبقى بعد أصحاب الفروض أيًّا كان، وإذا لم يتبق شيء فلا يأخذ شيئًا.
ومثال ذلك ما لو ماتت امرأة وتركت زوجًا وأبًا وأمًّا وبنتين، فإن الزوج يأخذ الربع، والأم تأخذ السدس، والأب يأخذ السدس، والبنتين تأخذان الثلثين فرضًا، وتعول المسألة، لزيادة الأنصباء عن واحد صحيح.
أما لو كان مكان البنتين ابنان فيكونان عصبة، ويأخذان الباقي بعد إخراج نصيب الزوج والأم والأب، وهو أقل من نصف التركة.
إن النصف ليس ظلمًا للمرأة، بل زيادة تكرمة لها، «والذين يقولون: هذا أول ظلم يصيب المرأة، نريد المساواة. نقول لهم: انظروا إلى العدالة هنا، فالذكر مطلوب له زوجة ينفق عليها، والأنثى مطلوب لها ذكر ينفق عليها، إذن فنصف حظ الذكر يكفيها إن عاشت دون زواج، وإن تزوجت فإن النصف الذي يخصها سيبقى لها، وسيكون لها زوج يعولها، إذن فأيهما أكثر حظا في القسمة؟ إنها الأنثى. ولذلك جعلها الله الأصل والمقياس حينما قال: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ)[النساء:١١].
فهل في هذا القول جور أو فيه محاباة للمرأة؟ إن في هذا القول محاباة للمرأة؛ لأنه أولًا جعل نصيبها المكيال الذي يرد إليه الأمر؛ لأن الرجل المطلوب منه أن ينفق على الأنثى، وهي مطلوب لها زوج ينفق عليها؛ إذن فما تأخذه من نصف الذكر يكون خالصا لها، وكان يجب أن تقولوا: لماذا حابى الله المرأة؟ لقد حابى الله المرأة لأنها عرضٌ، فصانها، فإن لم تتزوج تجد ما تنفقه، وإن تزوجت فهذا فضل من الله»180.
فليس في الميراث «أي محاباة لأحد الجنسين على الآخر، وما هي إلا ملاحظة الحاجة، لا إقلالًا من قيمة المرأة، فالرجل هو المكلف بالإنفاق في الأسرة، مهما كانت المرأة غنية فعلى العائل الإنفاق عليها. فمراعاة التوازن بين أعباء الذكر والأنثى هي التي جعلت الذكر يأخذ ضعف نصيب الأنثى، فالمساواة العادلة يكون التوريث حسب مقدار الحاجة»181.
موضوعات ذات صلة: |
الأمومة، البنوة، بيت النبوة، حجاب المرأة، الرجولة |
1 لسان العرب، ١/١٦٦.
2 التبيان في إعراب القرآن ١/١٥٤.
3 المخصص ١/٣٣٥.
4 المصدر السابق.
5 الدر المصون ١/٢٢٠.
6 المصباح المنير، الفيومي ص٣١١.
7 المصدر السابق.
8 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٦٦٩.
9 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني، ص ٨٠٤.
10 انظر: العين، الفراهيدي ٨/٢٩٩.
11 بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٤/٤٩٦.
12 لسان العرب، ابن منظور ١/١٥٤.
13 نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي ص٥٧١.
14 تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة، البيضاوي ٢/٣٤٤، الكاشف عن حقائق السنن، الطيبي ٧/٢٢٨١.
15 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١/٣٠١، إرشاد العقل السليم، أبو السعود ١/٩٠، اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل ١/٥٤٩.
16 مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/٣٥.
17 بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٣/١٤٢.
18 مقاييس اللغة، ابن فارس ١/١٥٢.
19 مفردات القرآن، الفراهي ص٢٥٩.
20 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٩٦.
21 انظر: مجمل اللغة، ابن فارس ١/١٠٤.
22 العين، الفراهيدي ٨/٢٤٤.
23 المفردات ص٥١.
24 المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/٧٢.
25 الفروق اللغوية ص١٣.
26 الكليات ص٣٧٦.
27 انظر: بصائر ذوي التمييز ١/١٦٩. رويت هذه التسمية عن ابن مسعود، فقد روي عن مالك بن عامر قال: كنا عند عبد الله، فقال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة؟! لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى: (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [الطلاق:٤]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب سورة الطلاق، ٤/١٨٦٤، رقم ٤٦٢٦.
28 أخرجه أحمد في مسنده، ٦/٢٥٦، رقم ٢٦٢٣٨، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في الرجل يجد البلل في منامه، ١/٩٥، رقم ٢٣٦.
وصححه الألباني في صحيح الجامع، ١/٤٦١، رقم ٢٣٣٣.
29 انظر: تفسير الشعراوي ١٣/٨٠٧٦.
30 انظر: أنوار التنزيل ٢/١٤.
31 أضواء البيان ٢/٤١٢.
32 التحرير والتنوير ١٣/١٧٥.
33 المصدر السابق.
34 التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص٣٩٠.
35 مقاييس اللغة، ابن فارس ٣/٨٨.
36 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٤٨٦.
37 انظر: الصحاح، الجوهري ٦/٤١٥، المخصص، ابن سيده ٣/٣١٩.
38 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٧/٥٦.
وانظر: أنوار التنزيل، البيضاوي ٤/٣٣١.
39 مفاتيح الغيب ٢٥/٩٧.
40 تيسير الكريم الرحمن ص٦٣٩.
41 روح المعاني، الألوسي ٢١/٣١.
42 انظر: الجامع لأحكام القرآن ١٤/١٧.
43انظر: المفردات ص ٣٩١، ٤٩٩.
44 تفسير الشعراوي ١٣/٨٠٧٧.
45 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب جواز غسل رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء في حجرها وقراءة القرآن فيه، ١/٢٤٥، رقم ٣٠٠.
46 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في السبق على الرجل، ٢/٣٣٤، رقم ٢٥٨٠.
وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/١١٧٥، رقم ٧٠٠٧.
47 أخرجه الحاكم في المستدرك، ٢/٤٥١، رقم ٣٥٦٠.
وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
48 التفسير الوسيط ٢/٧٣٣.
49 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٣٨١.
50 زهرة التفاسير، أبو زهرة ٢/٧٦٨.
51 تفسير الشعراوي ١٨/١١٣٥٦.
52 تفسير المنار ٤/٢٥٠.
53 المصدر السابق ٥/٥٦.
54 تفسير القرآن العظيم ٢/٢١٣.
55 الموسوعة الفقهية الكويتية ٤١/٣٠٤.
56 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٥/١٧٤.
57 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن وسنتهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة، ٢/٧٦٩، رقم ٢٠٩٧، ومسلم في صحيحه، واللفظ له، كتاب الأقضية، باب قضية هند، ٣/١٣٣٨، رقم ١٧١٤.
58 الفقه المنهجي، مجموعة مؤلفين ٤/١٧٦.
59 البحر المحيط، أبو حيان ٢/١٥١.
60 انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية ٢٥/١٠٨.
61 الحاوى الكبير، الماوردي ١١/٩٧١.
62 أخرجه أحمد في مسنده، ٤/٤٤٦، رقم ٢٠٠٢٥، وأبو داود في سننه، واللفظ له، كتاب النكاح، باب في حق المرأة على زوجها، ٢/٢١٠، رقم ٢١٤٤.
وصححه الألباني في صحيح أبي داود الأم، ٦/٣٥٩، رقم ١٨٥٩.
63 التفسير البسيط، الواحدي ٦/٤٨٥.
64 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٤/١١٣.
65 زهرة التفاسير، أبو زهرة ٣/١٦٦٧.
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه، واللفظ له، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، ١/٣٠٤، رقم ٨٥٣، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، ٣/١٤٥٩، رقم ١٨٢٩.
66 اللباب في علوم الكتاب ٦/٣٥٩.
67 أحكام القرآن، ابن العربي ٢/١٩٦.
68 التفسير المنير، الزحيلي٤/٢٩٩.
69 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ٢/٨٨٦، رقم ١٢١٨.
70 تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٤/٣٧٤.
71 أخرجه البخاري، واللفظ له، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، ٥/٢٢٢٧، رقم ٥٦٢٦، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب بر الوالدين، ٤/١٩٧٤، رقم ٢٥٤٨.
72 أخرجه الحاكم في المستدرك، ٢/٦٦٨، رقم ٤٢١٩.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
73 أخرجه البخاري، واللفظ له، كتاب الهبة وفضلها، باب الهدية للمشركين، ٢/٩٢٤، رقم ٢٤٧٧، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين، ٢/٦٩٦، رقم ١٠٠٣.
74 أخرجه البخاري في صحيحه، واللفظ له، كتاب البر والصلة، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، ٥/٢٢٣٤، رقم ٥٦٤٩، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب فضل الإحسان إلى البنات، ٤/٢٠٢٧، رقم ٢٦٢٩.
75 أخرجه أحمد في مسنده، ٣/٤٢، رقم ١١٤٠٢، والبخاري واللفظ له في الأدب المفرد ص٤٢، والترمذي في سننه، أبواب البر والصلة، باب النفقة على البنات والأخوات، ٤/٣١٨، رقم ١٩١٢.
وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد ص٥٨.
76 انظر: الجامع لأحكام القرآن، ٢/١٦، التفسير المنير، الزحيلي١/٢١٢.
77 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الرضاع، باب حق المرأة على زوجها، ٣/٤٦٧، رقم ١١٦٣.
قال الترمذي: حسن صحيح.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ٢/١٣٠٤، رقم ٧٨٨٠.
78 انظر: التحرير والتنوير٤/٢٢.
79 لباب التأويل، الخازن١/٣٨.
80 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، ٢/١٠٩٠، رقم ١٤٦٨.
81 التفسير الوسيط ٩/١٠٩٨.
82 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب سورة الأحزاب، ٤/١٧٩٧، رقم ٤٥١٠، ومسلم في صحيحه، كتاب الرضاع، باب جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها، ٢/١٠٨٥، رقم ١٤٦٤.
83 أخرجه أحمد في مسنده، ٦/٤٦٢، رقم ٢٧٦٦٢، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب عشرة النساء، باب تأويل قول الله جل ثناؤه: (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء)، ٥/٢٩٤، رقم ٨٩٢٨.
84 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد، ٥/١٩٦٦، رقم ٤٨٢٣.
85 سبل الهدى والرشاد ١١/٢٠٧.
86 الخصائص الكبرى ٢/٣٦٩.
87 وهو ما يسمى حسن التخلص: وهو أن ينتقل الشاعر أو الناثر من فن من فنون الكلام إلى فنٍّ آخر، أو من موضوع إلى موضوع آخر بأسلوبٍ حسنٍ مستطاب غير مستنكر في النفوس ولا في الألباب، وأحسنه ما لا يشعر المتلقي معه بالانتقال، لما أحدثه التمهيد المتدرج من تلاؤم، أو لحسن اختيار المفصل الذي حصل عنده الانتقال، أو لغير ذلك.
انظر: البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها ص٨٨٠.
88 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، باب ذكر نبي الله وروحه عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليهما، ٢/٦٤٨، رقم ٤١٥٦.
وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
89 انظر: البداية والنهاية، ابن كثير ٢/٥٤.
90 زهرة التفاسير، أبو زهرة ٣/١١٩٧.
91 الكشاف، الزمخشري ١/٣٨٤.
92 في ظلال القرآن ١/٣٩٣.
93 انظر: تفسير القرآن العظيم ٢/٣٥.
94 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ٢/٤٦١.
95 انظر: التفسير البسيط، الواحدي ٥/٢٤٥.
96 زهرة التفاسير ٣/١٢١٤ بتصرف يسير.
97 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٢٢٠.
98 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة، ٥/٢٣٣٧، رقم ٥٩٩٠، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب كراهة تمني الموت لضر نزل به، ٤/٢٠٦٤، رقم ٢٦٨٠.
99 المحرر الوجيز، ابن عطية ٤/١٢.
100 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، باب ذكر نبي الله و روحه عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليهما، ٢/٦٤٨، رقم ٤١٥٦.
وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
101 ورد تسميتها بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون).
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون)، ٣/١٢٥٢، رقم ٣٢٣٠، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، ٤/١٨٨٦، رقم ٢٤٣١.
102 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضي الله عنها، ٣/١٣٧٤، رقم ٣٥٥٨، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل خديجة رضي الله عنها، ٤/١٨٨٦، رقم ٢٤٣١.
103 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب المناقب، باب فضل خديجة رضي الله عنها، ٥/٧٠٣، رقم ٣٨٧٨.
قال الترمذي: حسن صحيح.
104 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ٨/٢٥٨، رقم ٨٠٠٦.
وفي سنده خالد بن يوسف السمتى، وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوائد ٩/١٥٧.
105 أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده، ٧/٤٥٤.
106 أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده، ٧/٤٥٤.
107 سبأ: بفتح أوله وثانيه وهمز آخره وقصره أرض باليمن، سميت بهذا الاسم لأنها كانت منازل ولد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
انظر: معجم البلدان ٣/١٨١.
108 انظر: زهرة التفاسير ١٠/٥٤٥٨.
109 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطلاق، باب في الظهار، ٢/٢٣٤، رقم ٢٢١٦، وابن ماجه في سننه، كتاب الطلاق، باب في الظهار، ١/٦٦٦، رقم ٢٠٦٣.
وصححه الألباني في الإرواء، ٧/١٧٣، رقم ٢٠٨٧.
110 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التفسير، باب تفسير سورة التحريم، ٢/٥٣٨، رقم ٣٨٣٣.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
111 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٥١٦.
112 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، ٢/٣٩٣، رقم ٣٣٧٦.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
113 انظر: إرشاد العقل السليم ٩/٢١١.
114 انظر: تاريخ الأمم والملوك، الطبري ١/٢٠٩، البداية والنهاية، ابن كثير ١/٢١٠.
115 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٥١٧.
116 التحرير والتنوير ٣/٣٧.
117 التفسير البسيط، الواحدي ٥/٩٠.
118 البحر المحيط، أبو حيان ٢/٤١٣.
119 بهجة الأريب ص٣٥٤.
120 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب النكاح، باب إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، ٣/٣٩٥، رقم ١٠٨٥.
قال الترمذي: حسن غريب.
وحسنه الألباني في الإرواء، ٦/٢٦٦، رقم ١٨٦٨.
121 انظر: إرشاد الساري شرح صحيح البخاري، القسطلاني ٨/٢٢.
122 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، ٣/٤٠٧، رقم ١١٠٢، والحاكم في المستدرك، كتاب النكاح، ٢/١٨٢، رقم ٢٧٠٦.
قال الترمذي: حسن.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
123 التحرير والتنوير ٤/٢٢.
124 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب النكاح، ٢/٢٠٤، رقم ٢٧٦١.
وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
125 التنوير شرح الجامع الصغير ٨/٦٠٩.
126 أضواء البيان، الشنقيطي ١/٣١٣.
127 المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/١٣٨.
128 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب سورة النساء، ٤/١٦٦٨، رقم ٤٢٩٨.
129 قضايا المرأة ص١٥٦.
130 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٤/١١٦.
131 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٢/٥٩.
132 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٢٩٦.
133 التفسير البسيط، الواحدي ٧/١٢٨.
134 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المظالم، باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه، ٢/٨٦٥، رقم ٢٣١٨، ومسلم في صحيحه، كتاب التفسير، ٤/٢٣١٦، رقم ٣٠٢١.
135 زهرة التفاسير، أبو زهرة ٤/١٨٨٢.
136 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/٣٧.
137 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التفسير، باب تفسير سورة المجادلة، ٢/٥٢٣، رقم ٣٧٩١.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
138 انظر: مصارع العشاق ٢/١٦٠، المحاسن والأضداد ص ١٨٩، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ١٢/٦٤.
139 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ١/٦٠٥، التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢/٣٦٨.
140 انظر: بداية المجتهد، ابن رشد ٢/١٢٨، فتح الباري، ابن حجر ٩/٣٠٧، المغني، ابن قدامة ٨/٢٢٧.
141 انظر: الموطأ، الإمام مالك، ٢/٤٨٧، الأم، الشافعي ٥/١٨٣.
142 انظر: بداية المجتهد، ابن رشد ٢/١٢٩، فتح الباري، ابن حجر ٩/٣١٣.
143 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق، باب الخلع وكيفية الطلاق، ٥/٢٠٢١، رقم ٤٩٧١.
144 انظر: الأم، الشافعي ٦/١٨، أحكام القرآن، الجصاص ١/١٧٣، أحكام القرآن، ابن العربي ١/١١٨، المغني، ابن قدامة ٩/٣٣٧.
145 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب حد الزنى، ٣/١٣١٦، رقم ١٦٩٠.
146 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، ٢/٩٥٩، رقم ٢٥٤٩.
147 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الشهادات، باب شهادة النساء لا رجل معهن في الولادة وعيوب النساء، ١٠/١٥٠، رقم ٢٠٣٢٦.
148 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢١/٢٤٢.
149 في ظلال القرآن، سيد قطب ٥/٢٨٥٩.
150 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، ٢/٥٥٣، رقم ١٤٤٨.
151 أخرجه أحمد في مسنده، ٦/٧٥، رقم ٢٤٥٠٧، وابن ماجه في سننه، كتاب المناسك، باب الحج جهاد النساء، ٢/٩٦٨، رقم ٢٩٠١.
وصححه الألباني الإرواء، ٤/١٥١، رقم ٩٨١.
152 أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب في حقوق الأولاد والأهلين، ٦/٤٢٠، رقم ٨٧٤٣.
153 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة، ٥/١٩٥٩، رقم ٤٨٠٨، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء، ٤/٢٠٩٧، رقم ٢٧٤٠.
154 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة، ٢/١٠١٨، رقم ١٤٠٠.
155 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب النكاح، ٢/١٧٤، رقم ٢٦٧٩.
وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.
156 يقال: قد وصل حبه إلى خلب كبده، والخلب: لحمة لاصقة بالكبد.
انظر: المستقصى في أمثال العرب ٢/١٧.
157 زهرة التفاسير، أبو زهرة ٣/١١٣٥.
158 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة، ٢/١٠١٨، رقم ١٤٠٢.
159 أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب النكاح، ٢/١٧٤، رقم ٢٦٧٩.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
160 انظر: البحر المديد، ابن عجيبة ٦/٥٣.
161 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢١/٣٢٨.
162 أخرجه أبو داود في سننه، كتاب اللباس، باب في قوله تعالى: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ)، ٤/١٠٥، رقم ٤١٠٣.
163 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب سورة النور، ٤/١٧٨٢، رقم ٤٤٨٠.
164 التفسير البسيط، الواحدي ١٨/٢٣٦.
165 نحو تفسير موضوعي، الغزالي ١/٢٦٥.
166 الحجة في القراءات السبع، ابن خالويه ص ٢٩٠.
167 معاني القرآن، النحاس ٥/٣٤٦.
168 مقاييس اللغة ٦/١٣٢.
169 في ظلال القرآن ٥/٢٨٥٩.
170 المفردات ص١٥٣.
171 بهجة الأريب ص٢٥٣.
172 فتح الرحمن ص٣٥٣.
173 البحر المحيط ٦/٤١٢.
174 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المظالم، باب أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات، ٢/٨٧٠، رقم ٢٣٣٣، ومسلم في صحيحه، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن الجلوس في الطرقات وإعطاء الطريق حقه، ٣/١٦٧٥، رقم ٢١٢١.
175 أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الأدب، باب احتجاب النساء من الرجال، ٥/١٠٢، رقم ٢٧٧٨، وقال: حسن صحيح.
176 قضايا المرأة، ص١٩٣.
177 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد، باب الشروط في الجهاد، ٢/٩٧٤، رقم ٢٥٨١.
178 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى، ٨/٩. وهو مرسل.
179 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب سورة النساء، ٤/١٦٧٠، رقم ٤٣٠٣.
180 تفسير الشعراوي ٤/٢٠٢٥.
181 بحث الجندر ص٣٣.