عناصر الموضوع

مفهوم المسجد

المسجد في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

حكمة إقامة المساجد

مساجد ذكرت في القرآن

أحكام المساجد

عمارة المساجد وهدمها

المسجد

مفهوم المسجد

أولًا: المعنى اللغوي:

المسجد في اللغة: مأخوذ من الفعل(سجد) على وزن (فعل)، قال سيبويه:«وأما المسجد فإنه اسم للبيت، ولست تريد به موضع السجود وموضع جبهتك، لو أردت ذلك لقلت مسجدٌ »1، وقال ابن الأعرابي:«مسجد»، بفتح الجيم، محراب البيوت،ومصلى الجماعات: مسجد بكسر الجيم، والمساجد: جمعها. والمساجد أيضًا،: الآراب التي يسجد عليها. والآراب السبعة: مساجد»2.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

المسجد جمعه مساجد، وقد عرفت المساجد في الاصطلاح بتعريفات عدة هي:

  1. إقامة المساجد لعبادة الله تعالى وحده وطاعته والتقرب إليه.

    لما كانت المساجد هي بيوت الله تعالى المتخذة للعبادة بمختلف أنواعها من صلاة وذكر وتسبيح وقراءة قرآن وغيرها، فقد بين القرآن الكريم ضرورة مراعاة ذلك، وهي أن يفرد الله تعالى بالعبادة فلا يشرك به أحدٌ.

    قال تعالى: ( ﭽﭾ) [الجن: ١٨].

    والمراد بها إفراد الله تعالى بالعبادة، فلا ينبغي أن يدعى غيره جل وعلا، وليس المقصود عدم الإشراك في المسجد فقط، بل هذا خرج مخرج الغالب، وإلا فإشراك أحد في العبادة لا يجوز في المسجد ولا خارج المسجد.

    وهذه الآية فيها دليل على وجوب مخالفة اليهود والنصارى فيما كانوا يفعلونه في معابدهم من دعوة غير الله تعالى، فقد روي عن قتادة في معنى الآية قوله:«كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله، فأمر الله نبيه أن يخلص له الدعوة إذا دخل المسجد»16.

    وقال الحسن: «ليس من قومٍ غير المسلمين يقومون في مساجدهم إلا وهم يشركون بالله فيها، فأخلصوا لله»17.

    ومن معالم الطاعة والعبادة: تسبيح وتلاوة القرآن.

    قال الله تعالى: ( ) [النور:٣٦].

    فقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى: ( ) قال:«يتلى فيها كتابه»18.

    وروي عنه أيضا أن المراد بها توحيد الله في المساجد19.

    وقال جل شأنه: ( ﭸﭹ) [الحج: ٤٠].

    قال بعض المعاصرين« فالمساجد أحب البقاع إلى الله، وهي قلعة الإيمان ومنطلق إعلان التوحيد لله سبحانه وتعالى، فهي المدرسة التي خرجت الجيل الأول، ولا زالت بحمد الله تخرج الأجيال، وهي ميدان العلم والشورى والتعارف والتآلف، إليها يرجع المسافر أول ما يصل إلى بلده شاكرا الله سلامة العودة مستفتحًا أعماله بعد العودة بالصلاة في المسجد إشعارا بأهميته وتقديمه على المنزل تذكيرا بنعمة الله سبحانه وتوثيقا للرابطة القوية للمسجد»20.

    ومن معالم الطاعة والعبادة إفراد الله تعالى وحده بالعبادة وحسن القصد إليه جل وعلا، إذ هو وحده المتفرد بذلك والمستحق لذلك.

    قال تعالى: ( ﯨﯩ ﯲﯳ ) [الأعراف:٢٩].

    وفي تأويل قوله تعالى: ( ) قولان مشهوران للعلماء:

    أولهما: ما قاله الربيع: أنها في الإخلاص، بمعنى: أن لا تدعوا غير الله تعالى، وأن تخلصوا له الدين 21.

    والثاني: ما قاله مجاهد والسدي وعبد الرحمن بن زيد: أن المراد بها التوجه للكعبة22.

    ومن معالم الطاعة أن المسجد الحرام خاصة يرتبط بعبادة الحج، فقد وضعه الله عز وجل لهذه العبادة التي تجمع بين البدن والمال، فالمسجد الحرام يقصده الناس من كل حدب وصوب.

    قال تعالى:( ) [آل عمران:٩٦].

  2. إقامة المساجد لنشر الترابط الاجتماعي بين المسلمين.

    ولتكون مشعل هداية ومحل اجتماع المسلمين على هدف واحد، وكلمة واحدة، وشعيرة واحدة، فيتعلمون ويتدارسون، وتتربي في المسجد أجيال من المؤمنين أحسن تربية، وتنشأ أفضل نشأة، ولهذا حرص النبي عليه السلام على أن يكون المسجد أول بناء في الدولة الإسلامية.

    مساجد ذكرت في القرآن

    ورد في القرآن الكريم ذكر عدة مساجد على رأسها المسجدين المسجد الحرام والمسجد الأقصى تصريحًا، ثم مساجد المدينة المنورة (مسجد قباء، والمسجد النبوي، ومسجد الضرار) ولكن ليس على سبيل التصريح، وتعلقت بهذه المساجد أحكام شرعية وردت في القرآن الكريم، وبيان ذلك على النحو الآتي:

    أولًا: المسجد الحرام:

    ورد ذكر المسجد الحرام منصوصًا على اسمه في خمسة عشر موضعًا في القرآن الكريم، وورد باسم البيت مفردًا ومضافا في مواضع أخرى، ولكل موضع من هذه المواضع أحكامه على هذا النحو:

  1. أول بيت وضع للناس.

    البيت العتيق هو أول بيت وضع للناس في الأرض كما نصت عليه الآية الكريمة ( ) [آل عمران:٩٦].

    وللمفسرين أقوال في معنى الأولية الواردة في الآية على هذا النحو:

    القول الأول: أنه أول بيت وضع للناس، يعبد الله تعالى فيه، وليس هو أول بيت وضع في الأرض، لأنه قد كانت قبله بيوت كثيرة. وهذا ما روي عن علي والحسن وسعيد بن المسيب وغيرهم23.

    القول الثاني: أنه أول بيت وضع مطلقًا بمعنى أول بناء، وهذا قول ابن عمرو ومجاهد وقتادة والسدي24.

    القول الثالث: أن موضع الكعبة هو موضع أول بيت وضعه الله تعالى في الأرض. وهو قول آخر لقتادة25.

    وفي الصحيحين عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: (قلت: يا رسول الله، أي مسجدٍ وضع في الأرض أول؟ قال: (المسجد الحرام) قال: قلت: ثم أيٌ؟ قال (المسجد الأقصى) قلت: كم كان بينهما؟ قال: (أربعون سنةً، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه)26.

  2. قبلة المسلمين.

    وذلك في ثلاثة مواضع في سورة البقرة في قصة تغيير القبلة.

    قال الله تعالى:( ﮡﮢ ﮥﮦ ﮫﮬ ﯓﯔ ﯝﯞ ) [البقرة: ١٤٤].

    وقال جل شأنه: ( ﮈﮉ ﮍﮎ )[البقرة: ١٤٩].

    وقال تعالى: ( ﮜﮝ ) [البقرة: ١٥٠].

    والآيات الكريمة واردة في قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام في العام الثاني من الهجرة على نحو ما هو مشهور في السنة النبوية والسيرة.

    وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (بينما الناس في صلاة الصبح بقباءٍ، إذ جاءهم آتٍ فقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشأم، فاستداروا إلى القبلة)27.

    ولا خلاف بين فقهاء الأمة سلفًا وخلفًا على أن هذه الآيات دليل على فرضية استقبال القبلة في الصلاة على تفصيل معروف مبسوط في كتب الفروع حول كيفية الاستقبال لمن كان داخل المسجد الحرام أو خارجه، أو كان داخل مكة أو خارجها28.

    قال ابن رشد: «اتفق المسلمون على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط صحة الصلاة لقوله تعالى: ( ﮜﮝ) [البقرة:١٥٠]»29.

    «واختلف المفسرون في المقصود بشطر المسجد الحرام على قولين:

    القول الأول: أن شطر المسجد الحرام أي تلقاءه. قاله مجاهد وقتادة والربيع بن أنس وسعيد بن جبير وعكرمة.

    القول الثاني: أن المراد بالشطر هنا وسط المسجد الحرام. وهو قول البراء30.

  3. تحريم القتال عنده.

    نظرًا لمكانة البيت الحرام ومنزلته، فقد نهى القرآن الكريم عن القتال عنده نهيًا صريحًا في قول الله تعالى: ( ﭗﭘ ﭜﭝ ﭥﭦ ﭩﭪ ) [البقرة:١٥٠].

    وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذه الآية منسوخة بقول الله تعالى ( ﭽﭾ ﭿ ) [البقرة:١٩٣].

    حيث روي هذا عن قتادة والربيع31.

    وروي عن مجاهد وأكثر المفسرين أن الآية محكمة غير منسوخة، وأنه لا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم32.

    وللقراء وجهان في الآية حيث قرأ حمزة والكسائي: (ولا تقتلوهم)، :(حتى يقتلوكم) بغير الألف واللام من القتل، وقرأ الباقون بالألف من القتال، والمشهور الثاني33.

    قال الطبري: «وأولى هاتين القراءتين بالصواب، قراءة من قرأ:«ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم» لأن الله تعالى ذكره لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حالٍ إذا قاتلهم المشركون بالاستسلام لهم حتى يقتلوا منهم قتيلا بعد ما أذن له ولهم بقتالهم، فتكون القراءة بالإذن بقتلهم بعد أن يقتلوا منهم، أولى من القراءة بما اخترنا، وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنه قد كان تعالى ذكره أذن لهم بقتالهم إذا كان ابتداء القتال من المشركين قبل أن يقتلوا منهم قتيلا وبعد أن يقتلوا منهم قتيلا، وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله: ( ) [البقرة:١٥٠]34.

  4. تحريم الصد عنه.

    ذم الله تعالى مشركي قريش بصدهم المسلمين عن المسجد الحرام، في مواضع من كتاب الله عز وجل، « والصد عن المسجد الحرام جريمة عظيمة يستحق فاعلها عذاب الدنيا قبيل عذاب الآخرة، لأنه يؤول إلى الصد عن التوحيد لأن ذلك المسجد بناه مؤسسه ليكون علما على توحيد الله ومأوى للموحدين، فصدهم المسلمين عنه، لأنهم آمنوا بإله واحد، صرف له عن كونه علما على التوحيد، إذ صار الموحدون معدودين غير أهل لزيادته، فقد جعلوا مضادين له، فلزم أن يكون ذلك المسجد مضادًا للتوحيد وأهله» 35.

    وقد ذكرت قضية صد المشركين المسلمين عن المسجد الحرام في مواضع عدة من كتاب الله تعالى.

    قال تعالى: ( ﭝﭞ ) [الأنفال: ٣٤].

    وقال تعالى: ( ﭱﭲ ﭽﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮇﮈ ) [الفتح: ٢٥].

    والمعروف أن صد المشركين المسلمين عن المسجد الحرام كان في عام صلح الحديبية، وقد استوجبوا بذلك عذاب الله تعالى كما في آية الأنفال ( ) [الأنفال:٣٤].

    قال النسفي في معناها:« ( ) وكيف لا يعذبون وحالهم أنهم يصدون عن المسجد الحرام كما صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبة وإخراجهم رسول الله والمؤمنين من الصد وكانوا يقولون نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاء فقيل:( ﭝﭞ) وما استحقوا مع إشراكهم وعداوتهم للدين أن يكونوا ولاة أمر الحرم » 36.

    وفي سورة الحج يقول المولى عز وجل :( ﭪﭫ ) [الحج:٢٥].

    وفسر الصد عن المسجد الحرام هنا بإخافة السبل، وبغصب المال الذي لو بقي فى يد صاحبه لوصل به إلى المسجد الحرام37.

    وعلى الرغم من كون الصد عن المسجد الحرام جريمة كبيرة إلا أن الله تعالى نهى المسلمين عن الاعتداء أو البدء بالاعتداء، فقال جل شأنه:( ﯫﯬ ﯰﯱ ﯶﯷ) [المائدة: ٢].

  5. حرمة دخول المشركين فيه.

    حرم الله تعالى على المشركين دخول المسجد الحرام بمقتضى الآية الكريمة ( ﭫﭬ ﭶﭷ ) [التوبة: ٢٨].

    على خلاف بين العلماء في المقصود بالنجاسة هنا هل هي النجاسة الحسية أو المعنوية، وهي نجاسة الشرك والعياذ بالله38.

    قال القرطبي في قوله تعالى: ( ) «فسماه الله تعالى نجسًا، فلا يخلو أن يكون نجس العين أو مبعدًا من طريق الحكم، وأي ذلك كان فمنعه من المسجد واجب لأن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم، والحرمة موجودة في المسجد» 39.

    وفي الصحيحين عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، أخبره: (أن أبا بكرٍ الصديق رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع يوم النحر في رهطٍ يؤذن في الناس (ألا لا يحج بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ) 40.

    وفي الآية احتمالان ذكرهما بعض العلماء أولهما:أن يكون النهي خاصًا بالمشركين الذين كانوا ممنوعين عن دخول مكة وسائر المساجد، لأنه لم يكن لهم ذمة وكان لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وهم مشركو العرب، والثاني: أن يكون المراد منعهم من دخول مكة للحج 41.

  6. الحج إليه.

    البيت الحرام هو مقصد المسلمين في فريضة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو المنصوص عليه في قول الله تعالى: ( ﮥﮦ ﮪﮫ ﯕﯖ ) [آل عمران: ٩٧].

    والحج عبادة زمانية ومكانية، وأن مكانها البيت الحرام بمكة المكرمة وما حوله من البقاع المقدسة مثل الصفا والمروة وعرفات ومنى ومزدلفة.

    قال الله تعالى: ( ﮊﮋ ﮖﮗ ) [البقرة: ١٥٨].

    أي: من معالم الله التي جعلها تعالى ذكره لعباده معلمًا ومشعرًا يعبدونه عندها، إما بالدعاء، وإما بالذكر، وإما بأداء ما فرض عليهم من العمل عندها42.

    وقال جل شأنه في شأن المشعر الحرام وعرفات كبقعتين مقدستين من بقاع الحج يتعلق بهما بعض المناسك: ( ﭺﭻ ﭽﭾ ﭿ ﮄﮅ ) [البقرة:١٩٨].

  7. بداية الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وذلك في قوله تعالى: ( ﭡﭢ ) [الإسراء: ١].

    وقد اختلف المفسرون في مبتدأ الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم بناء على هذه الآية على قولين:

    القول الأول: أن المقصود الإسراء من الحرم بناء على أن الحرم كله مسجد، وكان صلى الله عليه وسلم حين أسري به نائمًا في بيت أم هانىء بنت أبي طالب، روى ذلك أبو صالح عن أم هانىء.

    القول الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد، وفيه كان حين أسري به، روى ذلك أنس بن مالك وقاله الحسن، وقتادة43.

    ثانيًا: المسجد الأقصى:

    المسجد الأقصى هو ثان مسجد بني على ظهر الأرض كما هو منصوص عليه في الصحيحين من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: (قلت يا رسول الله، أي مسجدٍ وضع في الأرض أول؟ قال: (المسجد الحرام) قال: قلت: ثم أيٌ؟ قال (المسجد الأقصى) قلت: كم كان بينهما؟ قال: (أربعون سنةً، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه)44.

    وهو بيت المقدس، وسمي الأقصى، لبعد المسافة بين المسجدين، والمقصود بالبركة حوله أن الله أجرى حوله الأنهار، وأنبت الثمار، أو لأنه مقر الأنبياء، ومهبط الملائكة45.

    وقصة نشأة بيت المقدس وعمارته وفضائله كثيرة تواترت ببعضها نصوص السنة النبوية، وأفردها علماء كثيرون بالتأليف والتصنيف.

    وقد ورد التصريح باسم المسجد الأقصى في آية واحدة من كتاب الله تعالى في مطلع سورة الإسراء وهي قوله جل شأنه ( ﭡﭢ ) [الإسراء: ١].

    وجمهور المفسرين على أن الآية دليل صريح على أنه منتهى الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام دخله بجسده الشريف وصلى فيه بالأنبياء إماما، ومنه كانت رحلة المعراج46.

    وروي عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل عن البراق ولم يدخل المسجد الأقصى ولم يصل فيه، وما ذهب إليه الجمهور هو الأقوى والأثبت47.

    أما عن وروده بغير التصريح ففي مواضع عدة استنبطها المفسرون من قصة السيدة مريم عليها السلام حيث ذكر غير واحد من المفسرين أن نذر امرأة عمران الوارد في قوله تعالى: ( ﮮﮯ ) [آل عمران: ٣٥].

    كان خدمة مريم عليها السلام لبيت المقدس، حيث روي هذا عن عكرمة48، وكذا من قصة نبي الله داود وسليمان عليهما السلام، مما لا مجال لذكره هنا.

    ثالثًا: مسجد قباء:

    مسجد قباء من أشهر مساجد المدينة المنورة بعد المسجد النبوي، وقد ذهب كثير من المفسرين وعلماء السيرة إلى أن مسجد قباء هو المقصود في قول الله تعالى: ( ﭻﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ ﮜﮝ ) [التوبة:١٠٩].

    حيث ذهب إلى ذلك مقاتل، والسدي، وزيد بن أسلم، وغيرهم من مفسري السلف49.

    ولكن روي عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري أن المقصود به مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس مسجد قباء50.

    فقد أخرج مسلم في صحيحه عن حميدٍ الخراط، قال: (سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن، قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفًا من حصباء، فضرب به الأرض، ثم قال: (هو مسجدكم هذا) لمسجد المدينة، قال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره)51.

    وأخرج ابن أبي شيبة بسنده عن ابن عمر، قال: «المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم» 52.

    ويمكن القول بأن ما تؤيده رواية مسلم هو الأولى بالقبول، وهو أن المسجد الذي أسس على التقوى هو المسجد النبوي على ساكنه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

    وأيا كان القول فإن مسجد قباء قد أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول قدومه المدينة، حيث كانت وفادته صلى الله عليه وسلم على بني عمرو بن عوف بقباء، وأقام فيهم عدة ليال بنى خلالها مسجد قباء، ثم ارتحل عنهم إلى الموضع الذي بنى فيه مسجده الشريف وبيوت أزواجه الطاهرات، وقد أسس كلا المسجدين على التقوى أي: على توحيد الله تعالى، ورضوانٍ من الله53.

    رابعًا: مسجد الضرار:

    مسجد اتخذه بعض المغرضين في المدينة للتفريق بين المسلمين فجاء القرآن الكريم مبينًا زيف صنيعهم وخبث نيتهم وسوء طويتهم، ناهيًا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين عن الصلاة فيه.

    قال الله تعالى: ( ﭟﭠ ﭥﭦ ﭯﭰ ﭻﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ ﮜﮝ ) [التوبة: ١٠٧ - ١٠٩].

    وسبب نزولها أن اثنا عشر رجلا من المنافقين وكلهم من الأنصار، قالوا: نبني مسجدًا نتحدث فيه ونخلو فيه، فإذا رجع ابو عامر الراهب من الشام قلنا: بنيناه لتكون إمامنا فيه؛ فلما فرغوا من بنائه، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا قد بنينا مسجدًا وما أردنا إلا الحسنى، ونحب أن تصلي فيه، وكان بناؤهم للمسجد قبل سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، فلم يسعفهم بالذهاب إليه، فأنزل الله هذه الآيات، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام أناسًا وأمرهم بالتوجه إلى المسجد لتحريقه وهدمه54.

    وقد نهى القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مسجد الضرار وحثه على الصلاة في مسجد قباء مبينًا المقارنة بين المسجدين التي تتمثل في أمرين:

    الأول: أن مسجد قباء بني على التقوى وهي طاعة الله ورسوله، وقصد به إرضاء الله تعالى، وإخلاص العبادة فيه، وجمع المؤمنين، والعمل على وحدة الإسلام، وظلت هذه المزية له، وأصبح من السنة صلاة ركعتين فيه على الدوام، ثم وضع القرآن قاعدة عامة للمقارنة بين المسجدين وأي بناءين، وتلك القاعدة:

    الثاني: أنه لا يستوي من أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان، ومن بنى مسجدا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين، وهذا مصيره الانهيار والسقوط في قعر جهنم، والله لا يوفق الظالمين، ولا يهديهم للحق والصواب والصلاح، ما داموا قد قصدوا المعصية والكفر، وقد صار هذا مثلا للأجيال55.

    مسجد الضرار واقعة سوء تركت آثارًا سيئة استوجبت إزالته:

    «أبان القرآن أربعة أسباب لهدم مسجد المنافقين: مسجد الضرار، وهي:

    • إنهم اتخذوا بقصد مضارة المؤمنين الذين بنوا مسجد قباء.
    • أقاموه ليكون معقلا للكفر والنفاق، والتآمر على المسلمين، فصار مركز الفتنة وبيت النفاق ومأوى المنافقين.
    • قصدوا ببنائه أيضا تفريق كلمة المؤمنين، وتوهين المودة والألفة بينهم.
    • جعلوه مرصدا ومقرا لمحاربة الله ورسوله، بقيادة أبي عامر الراهب من الخزرج الذي ذهب إلى هرقل ليأتي بجنود يحارب بهم النبي وصحبه.

      وصار المنافقون يحلفون: ما أردنا ببناء هذا المسجد إلا الفعلة الحسنى والتوسعة علينا وعلى من عجز أو ضعف عن المسير إلى مسجد المدينة، والله يعلم خبث ضمائرهم ويشهد على أنهم كاذبون فيما حلفوا عليه.

      لكل هذه الأسباب القائمة على الضرر والإساءة، نهى الله تعالى نبيه عن الصلاة في هذا المسجد: مسجد الضرار: لا تقم فيه أبدًا.

      ولهذا كان لمسجد الضرار آثار ومعان سيئة على مر التاريخ، فهو لا يزال سبب حزازة وأثر سوء، وشك من المنافقين في الدين، وزيادة نفاقهم إلى أن يفارقوا حياتهم بالموت والله عليم بأعمال خلقه، حكيم في إيقاع الجزاء العادل بهم من خير أو شر، ومن حكمته تعالى إظهار حال المنافقين لمعرفة الحقائق وإنصاف التاريخ»56.

      أحكام المساجد

      تتعلق بالمساجد طائفة من الأحكام، وقد بسط فيها العلماء الكلام في مصنفات خاصة بذلك، ولكن الذي يعنينا هو ما ورد في القرآن الكريم من هذه الأحكام على هذا النحو:

    1. النهي عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد.

      نهى الإسلام عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، نظرًا لما يجلبه ذلك من مفاسد شرعية، ولم يرد النهي عن ذلك صريحًا في القرآن وإنما ورد النهي والتحذير في السنة النبوية.

      كما في الصحيحين عن عائشة، وعبد الله بن عباسٍ، قالا: (لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصةً له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: (لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما صنعوا) 57.

      وجاء في قصة أهل الكهف في القرآن الكريم ذكر النزاع بين القوم الذين كشف في عصرهم قصة الكهف حول ماذا يفعلون بهم، حيث خلص الرأي في النهاية للأغلبية ببناء مسجد عليهم.

      قال تعالى: ( ﭡﭢ ﭦﭧ ﭪﭫ ) [الكهف: ٢١ ].

      حيث ذكر بعض المفسرين أن النزاع جرى بين المشركين والمسلمين، فرأى المشركون أنهم أبناء آبائهم وأنهم سيبنون عليهم بنيانًا يتعبدون فيه، ورأى المسلمون أنهم أحق بهم فيبنوا عليهم مسجدًا يتعبدون فيه، روي هذا عن عبد الله بن عبيد بن عمير58. وفسرت الغلبة هنا بأنها غلبة الأمراء، وقيل: غلبة الأعداء59.

    2. الاعتكاف وآدابه.

      الاعتكاف عبادة مشروعة، وهي الإقامة في المسجد بنية العبادة والتقرب إلى الله تعالى زمنًا معينًا وفق شروط معينة، وقد ورد ذكر الاعتكاف في القرآن مرتين، إحداهما هي المرتبطة بالمسجد، وهي قوله تعالى: ( ﮋﮌ) [البقرة: ١٨٧].

      ويرى المفسرون وغيرهم من أهل اللغة أن معنى: (عاكفون): أي مقيمون في المساجد لا يخرجون منها إلا لحاجة الإنسان يصلي فيه ويقرأ القرآن، ويقال لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه: عاكف ومعتكفٌ والاعتكاف والعكوف الإقامة على الشيء وبالمكان ولزومهما60.

      وقد ذهب جمهور فقهاء المذاهب في تعريفهم للاعتكاف إلى أن الاعتكاف المشروع هو المكوث في مسجد من المساجد61.

      ولهذا فإن المسجد شرط للاعتكاف عند جمهور الفقهاء، بل حكاه بعضهم إجماعا62.

      قال القرطبي: «أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد63.

      وقال ابن قدامة: « لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا» 64.

      وقال ابن رشد: «وقد اتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف، إلا محمد بن عمر بن لبابة فأجازه في كل مكان»65.

      وقد دل على ذلك الكتاب والسنة، فمن الكتاب قول الله تعالى: ( ﮋﮌ) [البقرة: ١٨٧].

      فإضافة الاعتكاف إلى المساجد دليل على اشتراطها أي المساجد له.

      قال ابن قدامة: «والأصل في ذلك قول الله تعالى: ( ﮋﮌ) [البقرة: ١٨٧]؛ فخصها بذلك، ولو صح الاعتكاف في غيرها، لم يختص تحريم المباشرة فيها؛ فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقًا» 66.

      ومن السنة ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: (إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا) 67.

      هذا وقد ذكر ابن رشد سبب الخلاف في اشتراط المسجد فقال: «وسبب اختلافهم في اشتراط المسجد أو ترك اشتراطه هو الاحتمال الذي في قوله تعالى: ( ﮋﮌ) [البقرة: ١٨٧].

      بين أن يكون له دليل خطاب أو لا يكون له ؟ فمن قال له دليل خطاب قال: لا اعتكاف إلا في مسجد وإن من شرط الاعتكاف ترك المباشرة، ومن قال ليس له دليل خطاب قال: المفهوم منه أن الاعتكاف جائز في غير المسجد وأنه لا يمنع المباشرة لأن قائلا لو قال: لا تعط فلانا شيئا إذا كان داخلا في الدار لكان مفهوم دليل الخطاب يوجب أن تعطيه إذا كان خارج الدار ولكن هو قول شاذ، والجمهور على أن العكوف إنما أضيف إلى المساجد لأنها من شرطه»68.

      والناظر إلى لفظة:(المسجد) الواردة في آية الاعتكاف يرى أن الفقهاء قد استنبطوا منها بيان المواضع التي تلحق بالمسجد، ويجوز فيها الاعتكاف مثل سطح المسجد، ورحبته، ومنارته، والمواضع التي لا يجوز فيها الاعتكاف، وللفقهاء تفصيل في ذلك مبسوط في مواضعه من باب الاعتكاف.

      وللاعتكاف في المسجد آدابه وأحكامه التي ينبغي على المعتكف أن يتحلى بها أذكرها بإيجاز على سبيل السرد من المذاهب المختلفة بغض النظر عن تفاصيل الخلاف في بعضها:

      • استتار المعتكف بخباء أو حجرة.
      • أن لا ينقص اعتكافه عن عشرة أيام.
      • أن يستصحب ثوبًا غير الذي عليه، لأنه ربما احتاج.
      • أن يمكث بمؤخر المسجد ليبعد عمن يشغله بالكلام معه.
      • أن يمكث في مسجد اعتكافه ليلة العيد إذا اتصل انتهاء اعتكافه بها ليخرج من المسجد إلى مصلى العيد، فتتصل عبادة بعبادة.
      • أن يكون اعتكافه في المسجد الجامع.
      • أن يشتغل بطاعة الله تعالى كتلاوة القرآن والحديث والذكر والعلم، لأن ذلك طاعة.
      • أن يوقع الاعتكاف في شهر رمضان.
      • أن يكون في العشر الأواخر من رمضان لالتماس ليلة القدر؛ فإنها تغلب فيها.
      • ترك المعتكف فضول الكلام وما لا يعنيه.
      • التزين والتطيب ولبس الثياب الحسنة.
      • قيام المعتكف بأداء العبادات (المحضة والمتعدية) 69.
    3. التزين.

      أمر الله تعالى بني آدم على جهة العموم بالتزين واللباس فقال جل شأنه ( ﭜﭝ ) [الأعراف: ٣١].

      وجاء في سبب نزول الآية الكريمة أن بعضا من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة رجالا ونساء، لا يسترون عوراتهم، ولا يقيمون للبيت حرمة، فنزلت هذه الآية70.

      قال ابن عباس رضي الله عنهما في الآية:«كان رجال يطوفون بالبيت عراة، فأمرهم الله بالزينة و«الزينة»: اللباس، وهو ما يواري السوأة، وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع فأمروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد» 71.

      وروي نحو هذا القول عن عطاء والنخعي وسعيد بن جبير، والحسن وقتادة72.

      أما من حملوا الآية على غير الطواف، فلهم أقوال أخرى في المقصود بالزينة فيها موضعًا وصفة على أقوال هي:

      القول الأول: أن المراد بها ستر العورة في الصلاة. وهذ مروي عن مجاهد والزجاج73.

      القول الثاني: أن المراد بها مطلق التزين في الجمع والأعياد74.

      القول الثالث: أن الزينة المقصودة هنا هي رفع الأيدي في مواقيت الصلاة، وهو قول التنوخي القاضي75.

      القول الرابع: أن الزينة هي الصلاة في النعال، حيث يروي قتادة في هذا حديثا مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم 76.

      القول الخامس: أن المراد بها المشط لتسريح اللحية77.

      قلت: وهذه الآية أبرز دليل على فرضية ستر العورة في الصلاة.

      قال القرطبي: « دلت الآية على وجوب ستر العورة كما تقدم، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنها فرض من فروض الصلاة، ونقل عن الأبهري المالكي أنها فرض في الجملة، وعلى الإنسان أن يسترها عن أعين الناس في الصلاة وغيرها»78.

      وقد اتفق العلماء على أن ستر العورة فرض بإطلاق، واختلفوا هل هي شرط من شروط صحة الصلاة أم لا؟

      وسبب الخلاف في ذلك تعارض الآثار واختلافهم في مفهوم قوله تعالى: ( ) [الأعراف: ٣١].

      هل الأمر بذلك على الوجوب أو على الندب؟ فمن حمله على الوجوب قال: المراد به ستر العورة وله أدلته على ذلك.

      ومن حمله على الندب قال: المراد بذلك الزينة الظاهرة من الرداء وغير ذلك من الملابس التي هي زينة وله أدلته على ذلك، ولذلك فمن لم يجد ما به يستر عورته لم يختلف في أنه يصلي، واختلف فيمن عدم الطهارة هل يصلي أم لا يصلي؟79.

      وستر العورة واجب للصلاة وغيرها، فلا يختص بالصلاة، وإذا كان الستر في الصلاة فرضًا للابتداء والاستمرار، فهو مقارن للصلاة من أولها إلى آخرها80.

      وللعلماء أحكام تفصيلية في حد العورة للرجال والنساء في الصلاة وخارج الصلاة، وفي أحكام الزينة وضوابطها، وما يجوز منها وما لا يجوز، وهذا مبسوط في مواضعه من كتب الفقه في أبواب الصلاة والألبسة، وفي كتب السنة وشروحها، ما لا يتسع المجال لذكره هنا.

      عمارة المساجد وهدمها

      حث القرآن الكريم على عمارة المساجد حسيًا ومعنويًا، وحذر من تخريبها وهدمها حسيًا ومعنويًا، وهو ما أتناوله على النحو الآتي:

      أولًا: عمارة المساجد:

      نص القرآن الكريم على عمارة المساجد، وبين صفة عمارها بأنهم أهل الإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال جل شأنه: ( ﮩﮪ ) [التوبة: ١٨].

      وفي هذه المساجد الواردة في الآية قولان:

      أحدهما: أنها مواضع السجود من المصلى.

      والثاني: أنها بيوت الله تعالى المتخذة للعبادة، وفي كل احتمالات ووجوه.

      فعلى القول بأن المقصود بها مواضع السجود من المصلي تكون عمارتها إما بالمحافظة على إقامة الصلاة، أو بترك الرياء، أو بالخشوع والإعراض عما ينهى.

      وعلى القول بأنها بيوت الله تعالى فتكون عمارتها محتملة لثلاثة أوجه:

      أحدها: إنما يعمرها بالإيمان من آمن بالله تعالى.

      والثاني: إنما يعمرها بالزيارة لها والصلاة فيها من آمن بالله تعالى.

      والثالث: إنما يرغب في عمارة بنائها من آمن بالله تعالى81.

      وبعمارة المسجد الحرام احتج بعض مشركي قريش يوم بدر حين وقعوا أسارى، فقد روي أن العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر، أقبل عليه نفر من المهاجرين وعيروه بقتال النبي صلى الله عليه وسلم وبقطيعة الرحم، فقال العباس: «ما لكم تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا؟» فقال له علي رضي الله عنه: «فهل لكم من المحاسن شيء؟» فقال: «نعم، إنا نعمر المسجد الحرام، ونحج الكعبة، ونسقي الحاج، ونفك العاني، ونفادي الأسير، ونؤمن الخائف، ونقري الضيف» فنزلت الآية 82.

      ويقول الإمام الرازي في الآية الكريمة: «عمارة المساجد قسمان:

      إما بلزومها وكثرة إتيانها يقال: فلان يعمر مجلس فلان إذا كثر غشيانه إياه.

      وإما بالعمارة المعروفة في البناء.

      فإن كان المراد هو الثاني، كان المعنى أنه ليس للكافر أن يقدم على مرمة المساجد»83.

      و«الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة؛ لأن الله سبحانه ربطه بها وأخبر عنه بملازمتها وقد أثبت الإيمان في الآية لمن عمر المساجد بالصلاة فيها، وتنظيفها وإصلاح ما وهى منها84.

      وسبب عدم عمارة المشركين للمسجد مستفاد من عدة أمور أشار إليها الرازي بقوله: «والكافر إنما لم يجز له ذلك- أي عمارة المسجد- لأن المسجد موضع العبادة فيجب أن يكون معظمًا والكافر يهينه ولا يعظمه، وأيضًا الكافر نجس في الحكم، لقوله تعالى: ( ) [التوبة: ٢٨].

      وتطهير المساجد واجب لقوله تعالى: ( ) [البقرة: ١٢٥].

      وأيضًا الكافر لا يحترز من النجاسات، فدخوله في المسجد تلويث للمسجد، وذلك قد يؤدي إلى فساد عبادة المسلمين وأيضا إقدامه على مرمة إصلاح المسجد يجري مجرى الإنعام على المسلمين، ولا يجوز أن يصير الكافر صاحب المنة على المسلمين»85.

      وفضل تطهير المساجد وتنظيفها كبير وثوابه عظيم عند الله تعالى، ويستحق صاحبه التكريم، كما في الصحيحين عن أبي رافعٍ، عن أبي هريرة: (أن امرأةً سوداء كانت تقم المسجد - أو شابًا - ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها - أو عنه - فقالوا: مات، قال: (أفلا كنتم آذنتموني) قال: فكأنهم صغروا أمرها - أو أمره - فقال: (دلوني على قبره) فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: (إن هذه القبور مملوءةٌ ظلمةً على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم)86.

      فضل بناء المساجد:

      السعي في بناء المساجد وتشييدها في البقاع المختلفة هو نوع من عمارة المساجد، وذلك نشرًا لمواضع العبادة وتيسيرًا لأمرها على المسلمين، وقد تسابق المسلمون الأوائل في بناء المساجد، فكان مسجد قباء أول مسجد أسس في الإسلام، ثم تبعه المسجد النبوي، والذي تسابق الصحابة الأجلاء في بنائه، والنبي صلى الله عليه وسلم يعمل معهم بيديه الشريفتين، ويحمل الأحجار على كتفه الشريف.

      ولما فتحت الأمصار كمصر والشام والعراق وغيرها تسابق الصحابة رضوان الله عليهم في بناء المساجد في كل مصر فتحوه، ليكون مشعل هداية ونور للمسلمين في تلك الأمصار، كما حدث في مصر حيث اشترك في بناء مسجد عمرو بن العاص عشرات الصحابة الكرام، حتى ورد أنه وقف على تحديد قبلته ثمانون صحابيًا87.

      وقد حثت السنة النبوية على ذلك وبينت فضل بناء المساجد، فقد أخرج البخاري عن عبيد الله الخولاني، أنه سمع عثمان بن عفان، يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم: إنكم أكثرتم، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من بنى مسجدًا) - قال بكيرٌ: حسبت أنه قال:(يبتغي به وجه الله - بنى الله له مثله في الجنة)88.

      ثانيًا: تخريب المساجد:

      نهى القرآن الكريم عن تخريب المساجد والسعي في هدمها سواء كان التخريب أو الهدم معنويًا أو ماديًا، وبيان ذلك على النحو الآتي:

      ونص القرآن الكريم في معرض الذم على حرمة وقبح التعرض لبيوت الله تعالى بمنع العبادة فيها أو السعي في تخريبها، وقد جاء هذا الذم في آية ضمن آيات تتناول اليهود والنصارى وهي قوله تعالى( ﭽﭾ ﭿﮀ ﮈﮉ ) [البقرة: ١١٤].

      وفي المقصودين بهذه الآية ثلاثة أقوال مشهورة للمفسرين:

      القول الأول: أنها واردة في شأن النصارى الذين منعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وأنهم كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى، ويمنعون الناس أن يصلوا فيه وأن المسجد هو بيت المقدس. حيث روي هذا عن ابن عباس ومجاهد ومقاتل89.

      القول الثاني: أن المقصود بها بختنصر وجنده ومن أعانهم من النصارى، والمسجد هو بيت المقدس. ويروى هذا عن قتادة والسدي90.

      القول الثالث: أن المقصود بها مشركي قريش، إذ منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام. ويروى هذا عن عبد الرحمن بن زيد91.

      وقد رجح شيخ المفسرين الطبري القول بأن المقصود بها النصارى، واستدل على صحة ذلك بوجهين:

      الوجه الأول: أن المسجد المعني في الآية إما مسجد بيت المقدس وإما المسجد الحرام. ومشركو قريش لم يسعوا قط في تخريب المسجد الحرام، وإن كانوا قد منعوا في بعض الأوقات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الصلاة فيه، فقد صح وثبت إذن أن الموصوفين بالسعي في خراب مساجده، غير الموصفوفين بعمارتها، إذ كان مشركو قريش بنوا المسجد الحرام في الجاهلية، وبعمارته كان افتخارهم، وإن كان بعض أفعالهم فيه، كان منهم على غير الوجه الذي يرضاه الله منهم.

      الوجه الثاني: أن الآية التي قبل قوله: ( )، مضت بالخبر عن اليهود والنصارى وذم أفعالهم، والتي بعدها نبهت بذم النصارى والخبر عن افترائهم على ربهم، ولم يجر لقريش ولا لمشركي العرب ذكر، ولا للمسجد الحرام قبلها، فيوجه الخبر - بقول الله عز وجل: ( ) - إليهم وإلى المسجد الحرام92.

      أما التخريب المقصود في الآية، فحمله بعض المفسرين على التخريب المعنوي بالمنع من إقامة الشعائر في المساجد، وحمله آخرون على التخريب المادي بالهدم ونحوه من وجوه التعدي93.

      ولا مانع من حمل الآية على كلا المعنيين لما فيهما من الإضرار بالمساجد التي هي بيوت الذكر والعبادة، وهذا ما يفيده كلام القرطبي حيث قال:« خراب المساجد قد يكون حقيقيا كتخريب بختنصر والنصارى بيت المقدس على ما ذكر أنهم غزوا بني إسرائيل مع بعض ملوكهم فقتلوا وسبوا، وحرقوا التوراة، وقذفوا في بيت المقدس العذرة وخربوه، ويكون مجازا كمنع المشركين المسلمين حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام، وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وإظهار شعائر الإسلام فيها خراب لها»94.

      وما أجمل ما ذكره أحد العلماء المعاصرين من أن نشر البدع والخرافات في بيوت الله تعالى هو أيضًا نوع من التخريب المعنوي، لأن المساجد ينبغي أن تصان عن نشر مثل هذه الأمور التي تخالف شرع الله تعالى.

      قال الشيخ ابن العثيمين: «ومن فوائد الآية: تحريم تخريب المساجد؛ لقوله تعالى: (ﭽﭾ ﭿ)؛ ويشمل الخراب الحسي، والمعنوي؛ لأنه قد يتسلط بعض الناس - والعياذ بالله - على هدم المساجد حسًا بالمعاول، والقنابل؛ وقد يخربها معنًى، بحيث ينشر فيها البدع والخرافات المنافية لوظيفة المساجد» 95.

      وسبق القول بأن تخريب المساجد منهي عنه سواء كان معنويًا أو حسيًا، وأن بعض العلماء قد فسر التخريب الوارد في آية البقرة على التخريب الحسي بالهدم ونحوه مثل إلقاء القاذورات، ولكن جاءت آية أخرى من كتاب الله تعالى صريحة في بيان هدم بيوت العبادة في الملل الثلاثة اليهودية والنصراينة والإسلام، وذلك قول الله تعالى: ( ﭧﭨ ﭸﭹ ﭽﭾ ﭿ ) [الحج: ٤٠].

      وقد فسرت الصوامع في اللغة بأنها متعبد الناسك ومنار الراهب، أو معبد الرهبان في الأماكن النائية، وهذا ما ذهب إليه رفيع ومجاهد وعبد الرحمن بن زيد96، وفسرت كذلك بأنها متعبد الصابئة، وهو مروي عن الضحاك وقتادة97.

      وفسرت البيع بأنها معابد النصارى أو كنائسهم، وهو مروي عن رفيع وقتادة والضحاك98.

      والصلوات اختلف في نسبتها فنسبها بعضهم لليهود99، وأما المساجد فهي معروفة أنها بيوت العبادة للمسلمين على نحو ما تقدم ذكره في التعريف.

      وهذه الآية الكريمة تفيد معان سامية وحكم عالية من أبرزها:

      • أن الله تعالى يدفع الشر بما هو أقوى منه مما شرعه الله تعالى من أحكام، كدفع شر الكفر والطغيان بالجهاد، ويؤيد هذا ما ذهب إليه بعض المفسرين من تأويل قوله: ( ) بأنه الدفع بالقتال والجهاد، أو دفع الله تعالى الناس بعضهم ببعض في الشهادة في الحق 100.
      • أن الدفع لنصرة الدين وحماية المقدسات قد يكون بالأشخاص، ويؤيد هذا ما ذهب إليه بعض المفسرين بأن المقصود هو دفع الله بالأنبياء عن المؤمنين وبالمؤمنين من غيرهم، والدفع بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن بعدهم من التابعين، ودفع الله المشركين بالمسلمين 101.
      • أنه لولا فضل الله تعالى ورحمته بأهل الملل الثلاث، ووجود من يذود عن الحرمات والمقدسات لهدمت أماكن العبادة في كل ملة.

        ويشير إليه قول الزجاج: «وتأويل هذا: لولا أن الله عز وجل دفع بعض الناس ببعض لهدم في شريعة كل نبيٍ المكان الذي كان يصلي فيه، فكان لولا الدفع لهدم في زمن موسى عليه السلام الكنائس التي كان يصلي فيها في شريعته، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع، وفي زمن محمد صلى الله عليه وسلم المساجد»102.

        وإذا تساءلنا ما الحكمة من الحفاظ على بقاع العبادة لاسيما عبادة أهل الإيمان المسجد؟ لأمكن استخلاص الإجابة من قول بعض المفسرين المعاصرين حيث قال:« هذه الأماكن هي التي تبقى أصول القيم في التدين، «وأصول القيم في التدين» غير «كل القيم في التدين»، ولذلك نحن قلنا: إن الحق سبحانه وتعالى جعل للإسلام خمسة أركان، وهي التي بني عليها الإسلام، ولابد أن نقيم بنيان الإسلام على هذه الأركان الخمسة، فلا تقل: إن الإسلام هو هذه الأركان الخمسة، لا؛ لأن الإسلام مبني عليها فقط فهي الأعمدة أو الأسس التي بني عليها الإسلام. فأنت حين تضع أساسا لمنزل وتقيم الأعمدة فهذا المنزل لا يصلح بذلك للسكن، بل لابد أن تقيم بقية البنيان، إذن فالإسلام مبني على هذه الأسس.

        والحق سبحانه وتعالى يوضح ذلك فيأمر بالمحافظة على أماكن هذه القيم؛ لأن المساجد ونحن نتكلم بالعرف الإسلامي هي ملتقى فيوضات الحق النورانية على خلقه، فالذي يريد فيض الحق بنوره يذهب إلى المسجد، إذن لكيلا تفسد الأرض لابد أن توجد أماكن العبادة هذه، فمرة جاء الحق بالنتيجة ومرة جاء بالسبب»103.

        موضوعات ذات صلة:

        البيوت، السعي، مكة


1 الكتاب، سيبويه ٤/٩٠.

2 تهذيب اللغة، الأزهري ١٠/٣٠١.

3 نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي ص٥٦٨.

4 مدارك التنزيل، النسفي ٣/٥٥٢.

5 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢/٧٨.

6 المصدر السابق ٢/٧٨.

7 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي ص٣٤٥.

8 انظر: نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي ص٥٦٧-٥٦٩.

9 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٧١.

10 انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ٢/١٣٣٨.

11 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٤٣٢.

12 معاني القرآن، الزجاج ٣/٤٣٠، لسان العرب، ابن منظور ٨/٢٠٨، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٧١.

13 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥/٤٣٢.

14 إصلاح المساجد من البدع والعوائد، القاسمي ص٢٦٣.

15 تفسير مجاهد ١/٤٩٣، تفسير مقاتل ٣/٢٠١، جامع البيان، الطبري ١٩/١٩٠.

16 جامع البيان، الطبري ٢٣/٦٦٥.

17 تفسير القرآن العزيز، ابن أبي زمنين ٥/٤٦.

18 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/١٩١، تفسير ابن أبي حاتم، ٨/٢٦٠٦.

19 انظر: النكت والعيون،للماوردي ٤/١٠٧، زاد المسير، ابن الجوزي ٣/٢٩٨.

20 المشروع والممنوع في المسجد، فالح الصغير ص٨.

21 جامع البيان، الطبري ١٢/٣٨١.

22 انظر: تفسير مجاهد ١/٣٣٥، جامع البيان، الطبري ١٢/٣٨٠-٣٨١.

23 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/١٩-٢٠، النكت والعيون، الماوردي ١/٤١٠، زاد المسير، ابن الجوزي ١/٣٠٦.

24 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٢٠-٢١، تفسير عبد الرزاق ١/٤٠٣، زاد المسير، ابن الجوزي ١/٣٠٦.

25 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٢١.

26 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، رقم ٣٣٦٦، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم ٥٢٠.

27 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام)، رقم ٤٤٩٤.

28 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٢٢٥، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢/١٥٩.

29 بداية المجتهد، ابن رشد ١/١١٨.

30 انظر: تفسير ابن أبي حاتم ١/٢٥٤.

31 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/٥٦٧، الكشف والبيان، الثعلبي ٢/٨٨.

32 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/٥٦٧، الكشف والبيان، الثعلبي ٢/٨٨.

33 انظر: التيسير في القراءات السبع، الداني ص٨٠، مفاتيح الغيب، الرازي ٥/٢٩٠.

34 جامع البيان، الطبري ٣/٥٦٨.

35 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٩/٣٣٦.

36 مدارك التنزيل، النسفي ١/٦٤٣.

37 لطائف الإشارات، القشيري ٢/٥٣٧.

38 انظر: حاشية ابن عابدين ١/٢٢٢، الذخيرة، القرافي ١/١٦٣، نهاية المحتاج، الرملي ١/٢٨٩، حاشية الروض المربع، ابن قاسم النجدي ٢/٩٦.

39 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٨/١٠٥.

40 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك، رقم ١٦٢٢، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج باب لا يحج بالبيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، رقم ١٣٤٧.

41 اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، المنبجي ٢/٥٧٠.

42 جامع البيان، الطبري ٣/٢٢٦.

43 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٣٣٠، النكت والعيون، الماوردي ٣/٢٢٥، زاد المسير، ابن الجوزي ٣/٨.

44 سبق تخريجه.

45 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٣/٢٢٦، زاد المسير، ابن الجوزي ٣/٨.

46 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٤٣٤، زاد المسير، ابن الجوزي ٣/٨، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٠/٢٠٨.

47 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٣٤٩، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٤٣٤، زاد المسير، ابن الجوزي ٣/٨.

48 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٣٣٢، تفسير السمرقندي ٣/٥٤، النكت والعيون، الماوردي ١/٣٨٧، الهداية لبلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٢/٩٩٤، المحرر الوجيز، ابن عطية ١/٤٢٤.

49 انظر: تفسير مقاتل ٢/١٩٧، معاني القرآن، الزجاج ٢/٤٦٩، تفسير ابن أبي حاتم ٦/١٨/٨٣، تفسير السمرقندي ٢/٨٩.

50 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٨٤، تفسير السمرقندي ٢/٨٩.

51 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، رقم ٥١٤.

52 مصنف ابن أبي شيبة، رقم ٧٥٢٣، ٢/٨٤.

53 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/٣١١، المحرر الوجيز، ابن عطية ٣/٨٤.

54 انظر: تفسير مقاتل ٥/١٣٧، جامع البيان، الطبري ١٤/٢٦٨، أسباب النزول، الواحدي ص٢٦٤.

55 التفسير الوسيط، الزحيلي ١/٩٢٠.

56 المصدر السابق.

57 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، رقم ٤٣٥، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور، رقم ٥٣١.

58 انظر: تفسير مقاتل ٢/٥٨٠، جامع البيان، الطبري ١٧/٦٤٠، الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٦/ ٤٣٥٣.

59 انظر: تفسير ابن أبي حاتم ٧/٢٣٥٤، الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٦/٤٣٥٣، مفاتيح الغيب، الرازي ١/٤٤٧..

60 لسان العرب، ابن منظور ٩/٢٥٥.

61 انظر: تبيين الحقائق، الزيلعي ١/٣٤٧، مواهب الجليل، الحطاب ٢٤٥٤، المجموع، النووي ٦/٥٠٠، كشاف القناع، البهوتي ٢/٣٤٧، المحلى، ابن حزم ٣/٤١١.

62 العناية شرح الهداية، للباربرتي ٢/٣٩٣، المدونة الكبرى، للإمام مالك ١/٢٩٨، حاشية العدوي على كفاية الطالب، للعدوي ١/٤٦٥، المجموع، للنووي ٦/٥٠٥، كشاف القناع، للبهوتي ٢/٣٥٠.

63 الجامع لأحكام القرآن ٢/٣٢٤.

64 المغني، ابن قدامة ٣/٦٥.

65 بداية المجتهد، ابن رشد ١/٣١٣.

66 المغني، ابن قدامة ٣/٦٥.

67 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتكاف، باب لا يدخل البيت إلا لحاجة، رقم ٢٠٢٩، ومسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، رقم ٢٩٧.

68 بداية المجتهد، ابن رشد ١/٣١٣ بتصرف.

69 انظر: المبسوط، السرخسي ٣/١٢٦، حاشية الدسوقي ١/٥٥٠، المجموع، النووي ٥/٥٥٩، الفقه على المذاهب الأربعة، الجزيري ١/٤٣٥-٤٣٦.

70 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٣٩١، معالم التنزيل، البغوي ٢/١٨٨، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٧/١٩٠.

71 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٣٩١.

72 انظر: جامع البيان، الطبري ١٢/٣٩١-٢٩٢، النكت والعيون، الماوردي ٢/٢١٨.

73 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٢١٨.

74 المصدر السابق.

75 الكشف والبيان، الثعلبي ٤/٢٢٩.

76 الهداية إلى بلوغ النهاية، مكي بن أبي طالب ٤/٢٣٤٢، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٧/١٩٠.

77 النكت والعيون، الماوردي ٢/٢١٨.

78 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٧/١٩٠ بتصرف يسير.

79 بداية المجتهد، ابن رشد ١/١١٤. بتصرف.

80 الحاوي الكبير، الماوردي ١/٩٠ بتصرف.

81 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٢/٣٤٧.

82 انظر: جامع البيان، الطبري ١٤/١٧٠، تفسير ابن أبي حاتم ٦/١٧٦٨.

83 مفاتيح الغيب، الرازي ١٦/٩.

84 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٨/٩٠.

85 مفاتيح الغيب، الرازي ١٦/٩ بتصرف.

86 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الخدم للمسجد، رقم ٤٦٠، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الصلاة على القبر، رقم ٩٥٦.

87 آثار البلاد وأخبار العباد، القزويني ص٢٣٦.

88 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة باب من بنى مسجدًا، رقم ٤٥٠.

89 انظر: تفسير مجاهد ١/٢١٢، تفسير مقاتل ١/١٣٢، جامع البيان، الطبري ٣/٥٢٠.

90 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/٥٢٠، تفسير ابن أبي حاتم ١/٢١٠، النكت والعيون، الماوردي ١/١٧٤.

91 انظر: جامع البيان، الطبري ٣/٥٢٠-٥٢١، النكت والعيون، الماوردي ١/١٧٤.

92 انظر: جامع البيان، الطبري ٢/٥٢١-٥٢٢.

93 انظر: النكت والعيون، الماوردي ١/١٧٤، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٢/٧٧.

94 الجامع لأحكام القرآن ٢/٧٧ بتصرف.

95 تفسير القرآن الكريم، سورتي الفاتحة والبقرة ٢/١١.

96 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/٦٤٧، النكت والعيون، الماوردي ٤/٢٩.

97 انظر: تفسير عبد الرزاق ٢/٤٠٨، جامع البيان، الطبري ١٨/٦٤٨، النكت والعيون، الماوردي ٤/٢٩.

98 انظر: تفسير يحيى بن سلام ١/٣٨١، جامع البيان، الطبري ١٨/٦٤٨..

99 انظر: معاني القرآن، الزجاج ٣/٤٣٠، الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/٧١.

100 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/٦٤٦، تفسير ابن أبي حاتم ٨/٢٤٩٧، تفسير السمرقندي ٢/٤٦٢.

101 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/٦٤٦، تفسير ابن أبي حاتم ٨/٢٤٩٧، تفسير السمرقندي ٢/٤٦٢.

102 انظر: معاني القرآن، الزجاج ٣/٤٣١.

103 تفسير الشعراوي ٢/١٠٦٢.