عناصر الموضوع
الماء
أولًا: المعنى اللغوي:
قال ابن فارس: «الميم والواو والهاء أصلٌ صحيح واحد، ومنه يتفرع كلمه، وهي الموه أصل بناء الماء، وتصغيره مويه، قالوا: وهذا دليلٌ على أن الهمزة في الماء بدل من هاء. يقال: موهت الشيء، كأنك سقيته الماء، وموهت الشيء: طليته بفضةٍ أو ذهب، كأنهم يجعلون ذلك بمنزلة ما يسقاه. وقالوا: ما أحسن موهة وجهه، أي ترقرق ماء الشباب فيه يقال: ماهت السفينة تموه وتماه. دخل فيها الماء. وأماهت الأرض: ظهر فيها نزٌّ، وأماه الفحل: ألقى ماءه في رحم الأنثى، ورجلٌ ماه القلب، أي: كثير ماء القلب» 1، وأصله موه بالتحريك؛ لأنه يجمع على أمواه في القلة ومياه في الكثرة2.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
الماء-هو «جوهر سيال يضاد النار برطوبته وبرودته، وقيل: الماء جسم لطيف بسيط شفاف يبرد غلة العطش، به حياة كل نامٍ»3.
وعرف الماء أيضًا بأنه: «سائل عليه عماد الحياة، يتركب من اتحاد الهيدروجين والأكسجين بنسبة حجمين من الأول إلى حجم من الثاني، وهو في نقائه شفاف لا لون له، ولا طعم، ولا رائحة، ومنه: العذب، والملح المعدني، والمقطر»4.
العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:
لا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، فالماء هو الماء.
وردت كلمة (ماء) في القرآن الكريم(٦٣) مرة5.
والصيغ التي وردت هي:
الصيغة |
عدد المرات |
المثال |
اسم غير مضافة |
٥٩ |
(ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ) [البقرة:٢٢] |
اسم مضافة |
٤ |
(ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [الملك:٣٠] |
وجاء الماء في الاستعمال القرآني على وجهين6:
الأول: الماء المعروف: ومنه قوله تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الأنفال:١١].
والثاني: النطفة: ومنه قوله تعالى: (ﭐﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [النور: ٤٥]. يعني: من نطفة.
المطر:
المطر لغةً:
الميم والطاء والراء أصلٌ صحيحٌ فيه معنيان: أحدهما -وهو المقصود-: الغيث النازل من السماء، يقال: مطرنا مطرًا7.
المطر اصطلاحًا:
قال الراغب: «المطر: الماء المنسكب»8.
الصلة بين المطر والماء:
هو نوع من أنواع الماء الموجودة على الكرة الأرضية، لكن المطر مختص بالماء النازل من السماء.
النار:
النار لغةً:
هي النار المعروفة، وهي مؤنث، وهي من الواو؛ لأن تصغيرها نويرةٌ9.
النار اصطلاحًا:
قال الراغب: «والنار تقال للهيب الذي يبدو للحاسة»10.
الصلة بين الماء والنار:
الماء تطفئ النار، فهما نقيضان لا يجتمعان.
اليبس:
اليبس لغةً:
يبس ييبس فهو يابسٌ ويبسٌ ويبيسٌ ويبسٌ: إذا كان رطبًا فجف، وأصله: اليبوسة وهو المكان الذي لم يعهد رطبًا، فيبسٌ11.
اليبس اصطلاحًا:
هو «المكان يكون فيه ماء فيذهب»12.
الصلة بين الماء واليبس:
إن وجود الماء في المكان يجعله رطبًا، فإذا فقد أصبح يابسًا، فالعلاقة بينهما عكسية، فوجود أحدهما يعني عدم وجود الآخر.
تحدث القرآن الكريم عن الماء كأصل لخلق الأحياء، وكأساس لاستمرار الحياة نوضح ذلك فيما يأتي:
أولًا: الماء كان قبل الكون:
قال تعالى: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [هود: ٧].
عن سعيد بن جبيرٍ قال: «سئل ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن قول الله: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ)، على أي شيءٍ كان الماء؟ قال: على متن الريح13 وعن مجاهدٍ رحمه الله، في قول الله: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ): قبل أن يخلق شيئًا»14.
وفي هذا المعنى روى البخاري بسنده عن عمران بن حصينٍ، قال: (إني عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قومٌ من بني تميمٍ، فقال: (اقبلوا البشرى يا بني تميمٍ)، قالوا: بشرتنا فأعطنا، فدخل ناسٌ من أهل اليمن، فقال: (اقبلوا البشرى يا أهل اليمن؛ إذ لم يقبلها بنو تميمٍ)، قالوا: قبلنا، جئناك؛ لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان، قال: (كان الله ولم يكن شيءٌ قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيءٍ.)15.
أشار بقوله: (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) إلى أن الماء والعرش كانا مبدأ هذا العالم؛ لكونهما خلقا قبل خلق السماوات والأرض، ولم يكن تحت العرش إذ ذاك إلا الماء16.
وأكد القرآن الكريم على أن الحياة منذ نشأتها الأولى احتاجت إلى الماء كعامل أساسي لظهورها، حيث ذكر أن الطين كان أول مراحل خلق الكائنات الحية والطين هو التراب المعجون بالماء، فقال عز من قائل: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ) [السجدة: ٧].
وقد ثبت علميًا أن الماء خلق قبل خلق الحياة، قال الدكتور زغلول النجار حفظه الله: «كوكب الأرض هو أغنى كواكب مجموعتنا الشمسية في المياه، ولذلك يطلق عليه اسم (الكوكب المائي) أو (الكوكب الأزرق)، وتغطي المياه نحو ٧١٪ من مساحة الأرض، بينما تشغل اليابسة نحو ٢٩٪ فقط من مساحة سطحها، وتقدر كمية المياه علي سطح الأرض بنحو١٣٦٠ مليون كيلومتر مكعب (١. ٣٦*٩١٠)، وقد حار العلماء منذ القدم في تفسير كيفية تجمع هذا الكم الهائل من المياه علي سطح الأرض؟
والشواهد العديدة التي تجمعت لدى العلماء تؤكد أن كل ماء الأرض قد أخرج أصلًا من جوفها، ولايزال خروجه مستمرا من داخل الأرض عبر الثورات البركانية»17.
ثانيًا: الماء والكائنات الحية:
قال تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ) [الأنبياء: ٣٠].
قال بعض العلماء: «الماء الذي خلق منه كل شيءٍ هو النطفة؛ لأن الله خلق جميع الحيوانات التي تولد عن طريق التناسل من النطف، وعلى هذا فهو من العام المخصوص».
وقال بعض العلماء: «هو الماء المعروف؛ لأن الحيوانات إما مخلوقة منه مباشرةً كبعض الحيوانات التي تتخلق من الماء، وإما غير مباشرةٍ؛ لأن النطف من الأغذية، والأغذية كلها ناشئةٌ عن الماء، وذلك في الحبوب والثمار ونحوها ظاهرٌ، وكذلك هو في اللحوم، والألبان، والأسمان ونحوها؛ لأنه كله ناشئٌ بسبب الماء».
وقال بعض أهل العلم: معنى خلقه كل حيوانٍ من ماءٍ أنه كأنما خلقه من الماء؛ لفرط احتياجه إليه، وقلة صبره عنه18.
ثالثًا: الماء أصل خلق البشر:
قال تعالى: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [الفرقان: ٥٤].
أي: خلق الإنسان من نطفةٍ ضعيفةٍ فسواه وعدله وجعله كامل الخلقة ذكرا وأنثى، كما يشاء، فجعله نسبًا وصهرًا، فهو في ابتداء أمره ولدٌ نسيبٌ، ثم يتزوج فيصير صهرًا، ثم يصير له أصهارٌ وأختانٌ وقراباتٌ، وكل ذلك من ماءٍ مهينٍ19.
وقد شملت آية سورة القمر الأطوار المختلفة لخلق الإنسان.
قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [القيامة: ٣٧-٣٩].
وقد وصف الله هذا الماء الذي هو أصل البشر بوصفين:
الأول: الماء المهين: قال تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ)[السجدة: ٨].
والمهين: الشيء الممتهن الذي لا يعبأ به20.
الثاني: الماء الدافق: قال تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [الطارق: ٥-٧].
ماءٌ دافقٌ: أي: مصبوبٌ في الرحم21. يعني: من ماء مدفوق22. خارج بقوة وسرعة23.
والنظرة العلمية تتطابق مع القرآن في تلك التسمية؛ حيث إن سبب تدفقه هو تقلصات جدار الحويصلة المنوية والقناة القاذفة للمني مع تقلصات عضلات العجان24 فتدفع بالسائل المنوي بمحتوياته من ملايين الحيوانات المنوية عبر الإحليل إلى المهبل25.
رابعًا: الماء أصل حياة الكائن الحي:
«يقرر العلماء: أن الماء يدخل في بناء أي جسم حي؛ إذ هو في الحقيقة قوام حياته، فالماء في نظر العلم هو المكون الأصلي في تركيب مادة الخلية الحية. والخلية هي وحدة البناء في كل شيء حي، نباتًا كان أو حيوانًا، كما أن علم الكيمياء في أبحاثه الحديثة، أثبت أن الماء عنصر لازم وفعال في كل ما يحدث من التحولات والتفاعلات التي تتم داخل الأجسام، فهو إما وسط، أو عامل مساعد، أو داخل في هذا التفاعل، أو ناتج عنه، إذن الماء هو السائل الوحيد الذي لا غنى عنه لأي كائن حي، مهما كان شكله، أو حجمه، تضاءل أم تضخم. ابتداء من الميكروبات الدقيقة- التي لا يمكن للعين المجردة أن تراها- وانتهاء بالفيلة والحيتان أضخم الكائنات الحية الموجودة على الأرض وفي البحار26.
ويشكل الماء ٩٠ ٪ من وزن بعض الكائنات الحية، أما في الإنسان فيشكل الماء أكثر من ٦٠ ٪ من وزن جسمه، إن الدماغ البشري يحوي ٧٠ ٪ من وزنه ماءً، الرئتان تحويان نسبة ٩٠ بالمئة ماء، ونسبة الماء في الدم ٨٣ ٪، ولذلك فإن الإنسان لا يستطيع العيش بصحة جيدة من دون ماء أكثر من يوم واحد.
خامسًا: الماء أصل حياة النبات:
أهمية الماء للنباتات لا تقل عن أهميتها للكائنات الحية، فالنباتات تمتص الماء من التربة، وبه الغذاء اللازم لنموه.
قال تعالى: (ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [الحج: ٥].
وقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [فصلت: ٣٩].
أي: فإذا أنزل الله عليها المطر، اهتزت أي: تحركت بالنبات، وحييت بعد موتها، وربت أي: ارتفعت لما سكن فيها الثرى، ثم أنبتت ما فيها من الألوان والفنون من ثمار وزروع وأشتات النبات في اختلاف ألوانها وطعومه وروائحها وأشكالها ومنافعها، ولهذا قال تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) أي: حسن المنظر طيب الريح27.
ومما كشفه العلم أن النباتات والأشجار إذا أحست بالعطش، أو بنقص الماء طلبته وألحت في النداء عليه، كما يصنع الأطفال من بني البشر، فقد قام فريق من العلماء في جامعة إنجليز بولاية ويلز الأسترالية بإجراء تجربة على النباتات التي تعاني من العطش، وسجلوا الذبذبات الصغيرة التي تصدر من أوراقها وسيقانها آنئذ، وقد استخدمت في هذه التجارب أجهزة دقيقة جدًا؛ لتسجيل ذبذبات الصوت، وقارنوها بالذبذبات الناتجة عن النبات في حال توافر الماء، وجدوا أن الذبذبات في الحالة الأولى أشد وأقوى، وكأن النبات يصيح ويصرخ؛ لكي يحصل على احتياجاته من الماء28.
سادسًا: الماء والدواب:
قال تعالى: (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [النور: ٤٥].
يذكر تعالى قدرته التامة وسلطانه العظيم، في خلقه أنواع المخلوقات، على اختلاف أشكالها وألوانها، وحركاتها وسكناتها، من ماءٍ واحدٍ، (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) كالحية وما شاكلها، (ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) كالإنسان والطير، (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ) كالأنعام وسائر الحيوانات29.
وكل ما يدب على الأرض ذات أصل واحد. ثم هي- كما ترى العين- متنوعة الأشكال. منها الزواحف تمشي على بطنها، ومنها الإنسان والطير يمشي على قدمين. ومنها الحيوان يدب على أربع. كل أولئك وفق سنة الله ومشيئته، لا عن فلتة ولا مصادفة، (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ) غير مقيد بشكل ولا هيئة.
فالنواميس والسنن التي تعمل في الكون قد اقتضتها مشيئته الطليقة وارتضتها، (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) وهي بهذا التنوع في الأشكال والأحجام، والأصول والأنواع، والشيات والألوان. وهي خارجة من أصل واحد؛ ليوحي بالتدبير المقصود، والمشيئة العامدة. وينفي فكرة الفلتة والمصادفة.
وإلا فأي فلتة تلك التي تتضمن كل هذا التدبير وأية مصادفة تلك التي تتضمن كل هذا التقدير؟ إنما هو صنع الله العزيز الحكيم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى30.
قال الرازي رحمه الله: «لما كان الغالب جدًا من هذه الحيوانات كونهم مخلوقين من الماء، إما لأنها متولدةٌ من النطفة، وإما لأنها لا تعيش إلا بالماء لا جرم أطلق لفظ الكل تنزيلًا للغالب منزلة الكل»31.
وتنوع المخلوقات مع وحدة المنشأ من دلائل التوحيد وإثبات الذات الإلهية.
يقوم الماء بوظائف عديدة مهمة وحيوية للمحافظة على استمرار الحياة، وتتلخص فيما يلي:
يعتبر الماء هو الوسط الذي يذوب فيه وتنتقل بواسطته جميع عناصر الغذاء من عضو لآخر حيث تؤدي وظائفها.
يسهل عمليات الهضم والامتصاص والإخراج، فوجود الماء داخل القناة الهضمية يسهل عملية الإخراج وتخلص الجسم من الفضلات.
يحافظ على مستوى الضغط الأسموزي بداخل وخارج الخلايا عند الحد الطبيعي، ويقوم بعملية التوازن الإلكتروني داخل الجسم.
يقوم بدور هام في المحافظة على ثبوت درجة حرارة الجسم عند حدها الطبيعي، ففي الأجواء الحارة وعند شعور الشخص بارتفاع درجة الحرارة لإصابته بحمى مثلًا، يحدث عملية التعرق التي ترطب الجلد وتوازن درجة حرارته وتؤدي إلى انخفاضها.
يحمل الماء المواد الضارة أو السامة للجسم والناتجة عن التمثيل الغذائي عن طريق الكليتين؛ ليتخلص منها على هيئة بول مثل البولينا والحامض البولي وغيرها.
يقوم الماء بدور الملين للمواد الغذائية، فيسهل عملية مضغها؛ لوجوده باللعاب وبالتالي بلعها وهضمها.
يعتبر الماء عنصرًا مهما في عملية بناء الخلايا، ويساعد على سرعة التئام الأنسجة عند إصابتها بالجروح أو الأمراض، والماء في الجسم يوجد على شكلين؛ أحدهما خارج الأنسجة ويمثل الجزء الأكبر، والآخر داخل الأنسجة، والماء خارج الأنسجة يمثل السوائل الموجودة بالدم واللمف وسائل النخاع الشوكي والافرازات الأخرى؛ مثل الإفرازات المعدية، والصفراء والبنكرياس وغيرها، أما الماء داخل الأنسجة فيمثل السوائل المحيطة بالخلايا في المساقات البينية والسوائل المكونة للبروتوبلازم داخل الخلايا نفسها32.
للماء مصادر تحدث عنها القرآن الكريم نبينها فيما يأتي:
أولًا: السماء:
إنزال الماء من السماء يتردد في مواضع شتى من القرآن في معرض التذكير بقدرة الله، والتذكير بنعمته كذلك، فهو مادة الحياة الرئيسية للأحياء في الأرض جميعًا:
قال تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [البقرة: ٢٢].
وقال تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [إبراهيم: ٣٢].
قال ابن عاشور رحمه الله: «واعلم أن كون الماء نازلًا من السماء هو أن تكونه يكون في طبقات الجو من آثار البخار الذي في الجو، فإن الجو ممتلئ دائمًا بالأبخرة الصاعدة إليه بواسطة حرارة الشمس من مياه البحار والأنهار ومن نداوة الأرض ومن النبات»33.
وقال تعالى: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [البقرة: ١٦٤].
أي: فأظهرت من أنواع الأقوات، وأصناف النبات، ما هو من ضرورات الخلائق، التي لا يعيشون بدونها34.
وقال تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ) [الأنعام: ٩٩ ].
أي: فأخرجنا بالماء الذي أنزلناه من السماء من غذاء الأنعام والبهائم والطير والوحش، وأرزاق بني آدم وأقواتهم ما يتغذون به ويأكلونه فينبتون عليه وينمون35.
وقال تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الحجر: ٢٢ ].
أي: جعلنا ذلك المطر لسقياكم ولشرب مواشيكم وأرضكم، ونحن الخازنون لهذا الماء، ننزله إذا شئنا ونمسكه إذا شئنا36.
وقال تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [النحل: ١٠].
أي: لكم منه شرابٌ أي: جعله عذبًا زلالًا يسوغ لكم شرابه، ولم يجعله ملحًا أجاجًا، وأخرج لكم منه شجرًا ترعون فيه أنعامكم37.
وقال تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الحج: ٦٣ ].
أي: خضراء بعد يباسها ومحولها.
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [المؤمنون: ١٨ ].
أي: جعلنا الماء إذا نزل من السحاب يخلد في الأرض، وجعلنا في الأرض قابليةً له تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى38.
ثانيًا: الأرض:
قال تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [النازعات: ٣١ ].
عن الضحاك رحمه الله: «ماءها: ما فجر فيها من الأنهار»39. ونسب الماء والمرعى إلى الأرض؛ حيث هما يظهران فيها40، «وقدم الماء على المرعى؛ لأنه سبب في وجود المرعى»41.
وقال الرازي رحمه الله: «قوله تعالى: (ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) فيه مسألتان:
المسألة الأولى: ماؤها: عيونها المتفجرة بالماء ومرعاها: رعيها، وهو في الأصل موضع الرعي.
فإن قيل: هلا أدخل حرف العطف على أخرج؟ قلنا: لوجهين:
الأول: أن يكون معنى دحاها بسطها ومهدها؛ للسكنى، ثم فسر التمهيد بما لا بد منه في تأتي سكناها من تسوية أمر المشارب والمآكل، وإمكان القرار عليها بإخراج الماء والمرعى وإرساء الجبال وإثباتها أوتادا لها حتى تستقر ويستقر عليها.
والثاني: أن يكون أخرج حالا، والتقدير: والأرض بعد ذلك دحاها حال ما أخرج منها ماءها ومرعاها.
المسألة الثانية: أراد بمرعاها ما يأكل الناس والأنعام، ونظيره قوله في النحل: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [النحل: ١٠].
وقال في سورة أخرى: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [عبس: ٢٥- ٣٢].
فكذا في هذه الآية واستعير الرعي للإنسان كما استعير الرتع في قوله: (ﯦ ﯧ) [يوسف: ١٢].
وقرئ: (نرتع) من الرعي، ثم قال ابن قتيبة قال تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ) [الأنبياء: ٣٠].
فانظر كيف دل بقوله: ماءها ومرعاها على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام من العشب والشجر، والحب والثمر والعصف والحطب، واللباس والدواء حتى النار والملح، أما النار فلا شك أنها من العيدان قال تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [الواقعة: ٧١، ٧٢].
وأما الملح فلا شك أنه متولد من الماء، وأنت إذا تأملت علمت أن جميع ما يتنزه به الناس في الدنيا ويتلذذون به، فأصله الماء والنبات»42.والماء الذي يخرج من الأرض، هو من هذا الماء الملح، الذي سخرته القدرة الإلهية؛ ليكون بخارا، فسحابا، فمطرا، فماء عذبا تفيض به الأنهار، وتتفجر منه العيون43.
وقد دل بذكر الماء والمرعى على جميع ما تخرجه الأرض قوتا للناس وللحيوان حتى ما تعالج به الأطعمة من حطب للطبخ فإنه مما تنبت الأرض، وحتى الملح فإنه من الماء الذي على الأرض44.
فالقدرة الإلهية تتصرف بحكمة عالية؛ لتحقيق مصالح ومنافع المخلوقات، والتي منها تيسير الحصول على الماء.
لقد وصف القرآن الكريم الماء بعدة أوصاف، منها:
أولًا: الطهارة:
قال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الفرقان: ٤٨].
وقال تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [الأنفال: ١١ ].
أي: يطهر من الحدث والخبث ويطهر من الغش والأدناس45.
يقول ابن عاشور رحمه الله: «وماء المطر بالغٌ منتهى الطهارة؛ إذ لم يختلط به شيءٌ يكدره أو يقذره وهو في علم الكيمياء أنقى المياه؛ لخلوه عن جميع الجراثيم، فهو الصافي حقًا. والمعنى: أن الماء النازل من السماء هو بالغ نهاية الطهارة في جنسه من المياه، ووصف الماء بالطهور يقتضي أنه مطهرٌ لغيره؛ إذ العدول عن صيغة فاعلٍ إلى صيغة فعولٍ لزيادة معنًى في الوصف، فاقتضاؤه في هذه الآية أنه مطهرٌ لغيره اقتضاءٌ التزاميٌ؛ ليكون مستكملًا وصف الطهارة القاصرة والمتعدية»46.
يقول عبد الدائم الكحيل: «الماء النازل من السماء هو ماء مقطر يمتلك خصائص التعقيم والتطهير وليس له طعم! لذلك وصفه البيان الإلهي بكلمة(طهورًا)»47.
ثانيًا: الغدق:
قال تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ) [الجن: ١٦ ].
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: «الغدق: الماء الطاهر الكثير»48، و عن مجاهدٍ رحمه الله: «قال: لأعطيناهم مالًا كثيرًا»49.
والآية كناية عن التوسعة في الرزق؛ لأنه أصل المعاش.
ومن الحقائق التي تبرزها الآية: «الارتباط بين استقامة الأمم والجماعات على الطريقة الواحدة الواصلة إلى الله، وبين إغداق الرخاء وأسبابه، وأول أسبابه توافر الماء واغدوداقه، وما تزال الحياة تجري على خطوات الماء في كل بقعة، وما يزال الرخاء يتبع هذه الخطوات المباركة حتى هذا العصر الذي انتشرت فيه الصناعة، ولم تعد الزراعة هي المصدر الوحيد للرزق والرخاء، ولكن الماء هو الماء في أهميته العمرانية.
وهذا الارتباط بين الاستقامة على الطريقة وبين الرخاء والتمكين في الأرض حقيقة قائمة، وقد كان العرب في جوف الصحراء يعيشون في شظف، حتى استقاموا على الطريقة، ففتحت لهم الأرض التي يغدودق فيها الماء، وتتدفق فيها الأرزاق. ثم حادوا عن الطريقة فاستلبت منهم خيراتهم استلابا، وما يزالون في نكد وشظف، حتى يفيئوا إلى الطريقة، فيتحقق فيهم وعد الله»50.
ومثل ذلك من الآيات قوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [الأعراف: ٩٦ ].
وقوله: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [نوح: ١٠-١٢ ].
ثالثًا: العذب الفرات:
قال تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [المرسلات: ٢٧ ].
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: (ﭴ ﭵ ﭶ): عذبًا51.
تساهم الجبال العالية في تشكل البحيرات العذبة، فإن مياه الأمطار التي تسيل من الجبال تتجمع في الوديان، لتشكل أنهارًا وبحيرات، وتساعد الجبال أيضًا على تشكل الغيوم وهطول الأمطار، وتمر المياه النازلة من الجبال على العديد من الطبقات التي تساعد في تنقية المياه وتنظيفها.
رابعًا: الملح الأجاج:
قال تعالى: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الفرقان: ٥٣ ].
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [فاطر: ١٢ ].
عن قتادة رحمه الله: الأجاج: المر 52.
قال ابن كثير رحمه الله: «أي: مالحٌ مرٌ زعاقٌ لا يستساغ، وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب: البحر المحيط وما يتصل به من الزقاق، وبحر القلزم، وبحر اليمن، وبحر البصرة، وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر، وما شاكلها وما شابهها من البحار الساكنة التي لا تجري، ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح، ومنها ما فيه مدٌ وجزرٌ، ففي أول كل شهرٍ يحصل منها مدٌ وفيضٌ، فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى، فإذا استهل الهلال من الشهر الآخر شرعت في المد إلى الليلة الرابعة عشرة، ثم تشرع في النقص، فأجرى الله -سبحانه وتعالى، وهو ذو القدرة التامة- العادة بذلك، فكل هذه البحار الساكنة، خلقها الله سبحانه وتعالى مالحة؛ لئلا يحصل بسببها نتن الهواء، فيفسد الوجود بذلك، ولئلا تجوى الأرض بما يموت فيها من الحيوان، ولما كان ماؤها مالحا، كان هواؤها صحيحًا وميتتها طيبةً»53.
والبرزخ: الحائل بين شيئين. والمراد بالبرزخ تشبيه ما في تركيب الماء الملح مما يدفع تخلل الماء العذب فيه بحيث لا يختلط أحدهما بالآخر ويبقى كلاهما حافظًا لطعمه عند المصب54.
يقول العلماء: ما عرف الإنسان أن البحار المالحة بحار مختلفة إلا في الثلاثينات من هذا القرن، بعد أن أقام الدارسون آلاف المحطات البحرية؛ لتحليل عينات من مياه البحار، وقاسوا في كل منها الفروق في درجات الحرارة، ونسبة الملوحة، ومقدار الكثافة، ومقدار ذوبان الأوكسجين في مياه البحار في كل المحطات فأدركوا بعدئذٍ أن البحار المالحة متنوعة.
وما عرف الإنسان البرزخ الذي يفصل بين البحار المالحة، إلا بعد أن أقام محطات الدراسة البحرية المشار إليها، وبعد أن قضى وقتًا طويلًا في تتبع وجود هذه البرازخ المتعرجة المتحركة، والتي تتغير في موقعها الجغرافي بتغير فصول العام.
وما عرف الإنسان أن مائي البحرين منفصلان عن بعضهما بالحاجز المائي، ومختلطان في نفس الوقت إلا بعد أن عكف يدرس بأجهزته وسفنه حركة المياه في مناطق الالتقاء بين البحار، وقام بتحليل تلك الكتل المائية في تلك المناطق.
وما قرر الإنسان هذه القاعدة على كل البحار التي تلتقي إلا بعد استقصاء ومسح علمي واسع لهذه الظاهرة التي تحدث بين كل بحرين في كل بحار الأرض.
تلك المحطات البحرية، وأجهزة تحليل كتل المياه، والقدرة على تتبع حركة الكتل المائية المتنوعة 55.
خامسًا: الثجاج:
قال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [النبأ: ١٤ ].
والثجاج: المنصب بقوة. ووصف الماء هنا بالثجاج؛ للامتنان56.
سادسًا: المعين:
قال تعالى: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [الملك: ٣٠ ].
ومعنى معين: جارٍ من العيون 57.
والاستفهام في قوله: (ﮄ ﮅ ﮆ): استفهام إنكاري، أي: لا يأتيكم أحد بماء معين، أي: غير الله وأكتفي عن ذكره؛ لظهوره من سياق الكلام ومن قوله قبله: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ) [الملك: ٢٠ ]58.
سابعًا: المبارك:
قال تعالى: (ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [ق: ٩ ].
أي: كثير البركة59.
والبركة: الخير النافع لما يتسبب عليه من إنبات الحبوب والأعناب والنخيل60.
وهذه الصفات من باب امتنان الله على عباده؛ ليعظموه، ويشكروه.
للماء فوائد كثيرة منها:
أولًا: الإرواء:
يمتن سبحانه وتعالى على عباده بأن جعل لهم الماء صالحًا يفي بحاجتهم، فقال تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [النحل: ١٠ ].
أي: أنزل مطرًا لكم من ذلك الماء شرابٌ تشربونه، ومنه شراب أشجاركم وحياة غروسكم ونباتها61.
وقال تعالى: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الحجر:٢٢ ].
أي: جعلنا ذلك المطر لسقياكم ولشرب مواشيكم وأرضكم. ومن البلاغة: قيل: إن أسقيناكموه أبلغ من سقيناكموه؛ لأن سقيته الماء إذا أعطيته قدر ما يروي، وأسقيته نهرًا، أي: جعلته شربًا له، وقيل: سقى وأسقى بمعنًى واحدٍ 62.
وقال تعالى: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [المرسلات:٢٧ ].
ثانيًا: إنبات الزرع:
أخبر تعالى أن من نعمه على خلقه، إنزال المطر؛ لإخراج النبات المتعدد الأشكال والألوان والطعوم والروائح والمنافع الصالحة للإنسان وللحيوان، فقال تعالى: (ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [طه: ٥٣ ]. أي: أصنافًا من النبات المختلفة الأزواج والألوان63، والأشكال والطعوم والروائح والمنافع64.
وقال تعالى: (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ) [الأنعام: ٩٩ ].
وقال تعالى: (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ) [النبأ: ١٤-١٥ ].
ثالثًا: التطهر للعبادات:
من العبادات التي يستخدم فيها المسلم الماء:
أولًا: الوضوء:
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [ المائدة: ٦ ].
وجه المناسبة بين آية الوضوء و ما قبلها:
يرى صاحب المنار رحمه الله: «أن وجه المناسبة بين آية الوضوء وما قبلها هو أن الحدثيين اللذين هما سبب الطهارتين هما أثر الطعام والنكاح، ولولا الطعام لما كان الغائط الموجب للوضوء، ولولا النكاح لما كانت ملامسة النساء الموجبة للغسل»65.
قال أبو حيان رحمه الله: «وظاهر الآية يدل على أن الوضوء واجب على كل من قام إلى الصلاة، متطهرًا كان أو محدثًا، وكأنه قيل: إن كنتم محدثين الحدث الأصغر فاغسلوا هذه الأعضاء وامسحوا هذين العضوين، وإن كنتم محدثين الحدث الأكبر فاغسلوا جميع الجسم»66.
قال الشيخ السعدي رحمه الله: «هذه آية عظيمة قد اشتملت على أحكام كثيرة، نذكر منها ما يسره الله وسهله:
ثانيًا: الغسل:
قال تعالى: (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [النساء: ٤٣ ].
وقال تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) [المائدة: ٦ ].
من منطوق هاتين الآيتين الكريمتين أخذ الفقهاء مشروعية وجوب الغسل للجنب.
رابعًا: النظافة:
قال تعالى: (ﯖ ﯗ) [المدثر: ٤ ].
قال السعدي رحمه الله: «يحتمل أن المراد بثيابه، أعماله كلها، وبتطهيرها تخليصها والنصح بها، وإيقاعها على أكمل الوجوه، وتنقيتها عن المبطلات والمفسدات، والمنقصات من شر ورياء، ونفاق، وعجب، وتكبر، وغفلة، وغير ذلك، مما يؤمر العبد باجتنابه في عباداته. ويدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة، فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة، قال كثير من العلماء: إن إزالة النجاسة عنها شرط من شروط الصلاة.
ويحتمل أن المراد بثيابه، الثياب المعروفة، وأنه مأمور بتطهيرها عن جميع النجاسات، في جميع الأوقات، خصوصا في الدخول في الصلوات، وإذا كان مأمورا بتطهير الظاهر، فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن»68.
خلق سبحانه وتعالى الماء نعمة لحياة الكائنات الحية، فكان شرابًا لهم وكان سببًا في إنبات الزرع، وجعله سبحانه في الدنيا إنعامًا على أقوام، وإهلاكًا لآخرين، وجعله في الآخرة عذابًا لأهل النار، ونعيمًا لأهل الجنة.
أولًا: الماء نعيم في الدنيا:
الماء عصب الحياة ونعيمها، فبدونه لا حياة على كوكب الأرض، فهو وسيلة لطهارة المسلم، وجعل الله كل الكائنات محتاجةً إليه؛ لشربها وسقيها، فأنبت الله بها الجنات، والحب والنوى.
قال تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ) [الأنعام: ١٤١ ].
والماء علاج لكثير من الأمراض، الجلدية والمسالك البولية والمعدة والأمعاء والقولون والعضلات من خلال الشرب والاغتسال بالساخن منه أو البارد.
قال تعالى: (ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ) [ص: ٤١-٤٢ ].
أي: اضرب الأرض بها؛ لينبع لك منها عين تغتسل منها وتشرب، فيذهب عنك الضر والأذى، ففعل ذلك، فذهب عنه الضر، وشفاه الله تعالى 69.
وسخر الله ماء البحر؛ لنأكل مما نصطاد من سمكه لحمًا طريًا، ونستخرج منه زينة نلبسها كاللؤلؤ والمرجان، وتتحرك فيه السفن العظيمة تشق وجه الماء تذهب وتجيء، وتركب؛ لطلب رزق الله بالتجارة والربح فيها.
قال تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [النحل: ١٤ ].
وقد تجمعت حضارات البشرية جميعها حول الماء.
ثانيًا: الماء جزاء وعقاب في الدنيا:
عاقب الله بالماء أقوامًا لم يؤمنوا به، ولم يخضعوا رقابهم لجلاله، منهم:
دعا نوح قومه لعبادة الله، قال تعالى على لسان نبيه: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [نوح:٢- ٣].
فأعرضوا عن دعوته، وآذوه ومن معه من المؤمنين.
قال تعالى:(ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [نوح: ٥-١٣].
ولما أعرضوا عن دعوته دعا عليهم بعد إعلام الله له أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن، فقال تعالى: (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [نوح: ٢٦-٢٧].
فاستجاب له ربه فأخذهم الطوفان.
قال تعالى: (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [القمر: ١١-١٢].
أي: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمرٍ قد قدره الله وقضاه70. عقوبة لهؤلاء الظالمين الطاغين.
أرسل الله سبحانه وتعالى موسى وهارون إلى دعوة فرعون وقومه فأعرضوا، وادعى فرعون الألوهية.
قال تعالى: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [القصص: ٣٨].
وادعى الربوبية فقال: (ﭹ ﭺ ﭻ) [النازعات: ٢٤].
فكان هو وقومه من المغرقين.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [الشعراء: ٦١-٦٦].
فانتقم الله منهم بعاجل العذاب، «وأغرق فرعون وجنوده فلم يبق منهم رجل إلا هلك»71.
أنعم الله على سبأ بنعم كثيرة، وحثهم على شكره عليها، لكنهم أعرضوا، فأرسل الله عليهم سيل العرم.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [سبأ: ١٥-١٧].
قال السعدي رحمه الله: «كان لهم واد عظيم، تأتيه سيول كثيرة، وكانوا بنوا سدا محكما، يكون مجمعا للماء، فكانت السيول تأتيه، فيجتمع هناك ماء عظيم، فيفرقونه على بساتينهم، التي عن يمين ذلك الوادي وشماله. وتغل لهم تلك الجنتان العظيمتان، من الثمار ما يكفيهم، ويحصل لهم به الغبطة والسرور، فأمرهم الله بشكر نعمه التي أدرها عليهم من وجوه كثيرة، منها:
هاتان الجنتان اللتان غالب أقواتهم منهما.
فأعرضوا عن المنعم، وعن عبادته، وبطروا النعمة، وملوها، حتى إنهم طلبوا وتمنوا، أن تتباعد أسفارهم بين تلك القرى، التي كان السير فيها متيسرا. فأرسل عليها السيل المتوعر، الذي خرب سدهم، وأتلف جناتهم، وخرب بساتينهم، فتبدلت تلك الجنات ذات الحدائق المعجبة، والأشجار المثمرة، وصار بدلها أشجار لا نفع فيها، ولهذا قال: (ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) أي: شيء قليل من الأكل الذي لا يقع منهم موقعا (ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) وهذا كله شجر معروف، وهذا من جنس عملهم»72.
ثالثًا: الماء نعيم في الآخرة:
قرن سبحانه وتعالى بين الجنات والعيون والأنهار في مواضع من كتابه:
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ)[الإنسان: ٦].
أي: عين يشرب منها عباد الله، يتصرفون فيها، ويجرونها حيث شاءوا.
وقال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [محمد: ١٥].
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: «آسنٍ: غير متغيرٍ»، وعن قتادة رحمه الله: من ماءٍ غير منتنٍ73.
وقال تعالى: (ﮂ ﮃ ﮄ) [الرحمن: ٥٠].
وقال تعالى: (ﯺ ﯻ ﯼ) [الرحمن: ٦٦].
أي: فوارتان بالماء74، لا تنقطعان.
وقال تعالى في وصف الماء في الجنة: (ﮓ ﮔ) [الواقعة: ٣١].
قال الثوري رحمه الله: يجري في غير أخدودٍ75.
وقال تعالى: (ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [الإنسان: ٢١].
ومن طهره أنه لا يصير بولًا نجسًا، ولكنه يصير رشحًا من أبدانهم كرشح المسك76، وأسند سقيه إلى ربهم؛ إظهارًا لكرامتهم77.
ومن عيون الماء في الجنة: سلسبيل.
قال تعالى: (ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ) [الإنسان: ١٨].
قال قتادة رحمه الله: هي عينٌ تنبع من تحت العرش من جنة عدنٍ إلى الجنان، وقال عكرمة رحمه الله: عينٌ سلسٌ ماؤها. وقال مجاهد رحمه الله: عين جديرة الجرية سلسلةٌ سهلة المساغ، وقال مقاتلٌ: عينٌ يتسلسل عليهم ماؤها في مجالسهم كيف شاءوا78.
رابعًا: الماء عقاب في الآخرة:
لعقاب أهل النار ماء وصفه الله سبحانه وتعالى بعدة صفات منها:
قال تعالى: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [الأنعام: ٧٠].
وقال تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [محمد: ١٥].
أي: حارا شديد الغليان، إذا دنا منهم شوى وجوههم، ووقعت فروة رءوسهم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم وأخرجها من دبورهم79.
قال تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [ص: ٥٧].
وقال تعالى: (ﯝ ﯞ ﯟ) [النبأ: ٢٥].
الغساق: سائلٌ يسيل في جهنم80.
قال تعالى: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [إبراهيم: ١٦].
عن مجاهدٍ رحمه الله قال: «قيحٌ ودمٌ» 81، واشتقاقه من الصد؛ لأنه يصد الناظرين عن رؤيته82.
قال تعالى: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الكهف: ٢٩].
أي: كالرصاص المذاب، أو كعكر الزيت، من شدة حرارته83.
ولما شرب أهل النار الماء بصفاته السابقة طلبوا من أهل الجنة أن يفيضوا عليهم من الماء الذي أنعم الله به عليهم.
قال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) [الأعراف: ٥٠].
يخبر تعالى عن ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم وأنهم لا يجابون إلى ذلك84.
تحدث القرآن الكريم عن الماء كمثل يقرب به المعاني لعباده، وسوف نتناول ذلك بالبيان فيما يأتي:
أولًا: الدنيا ونضارتها:
قال تعالى: (ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) [يونس: ٢٤].
لما كان سبب ما ذكر من البغي في الأرض وإفساد العمران، هو الإفراط في حب التمتع بما في الدنيا من الزينة واللذات، ضرب لها مثلًا بليغًا يصرف العاقل عن الغرور بها، ويهديه إلى القصد والاعتدال فيها، واجتناب التوسل إليها بالبغي والظلم، وحب العلو والفساد في الأرض، وهو عبارةٌ عن تشبيه زينتها ونعيمها في افتتان الناس بهما وسرعة زوالهما بعد تمكنهم من الاستمتاع بها، بحال الأرض يسوق الله إليها المطر فتنبت أنواع النبات الذي يسر الناظرين ببهجته، فلا يلبث أن تنزل به جائحةٌ تحسه وتستأصله قبيل بدو صلاحه والانتفاع به85.
قال ابن القيم رحمه الله: «شبه سبحانه الحياة الدنيا في أنها تتزين في عين الناظر فتروقه بزينتها وتعجبه فيميل إليها ويهواها اغترارًا منه بها، حتى إذا ظن أنه مالكٌ لها قادرٌ عليها سلبها بغتةً أحوج ما كان إليها، وحيل بينه وبينها، فشبهها بالأرض التي ينزل الغيث عليها فتعشب ويحسن نباتها ويروق منظرها للناظر، فيغتر به، ويظن أنه قادرٌ عليها، مالكٌ لها، فيأتيها أمر الله فتدرك نباتها الآفة بغتةً، فتصبح كأن لم تكن قبل، فيخيب ظنه، وتصبح يداه صفرًا منها، فكذا حال الدنيا والواثق بها سواءٌ؛ وهذا من أبلغ التشبيه والقياس» 86.
وقال سيد قطب رحمه الله: «ذلك مثل الحياة الدنيا التي لا يملك الناس إلا متاعها، حين يرضون بها، ويقفون عندها، ولا يتطلعون منها إلى ما هو أكرم وأبقى. هذا هو الماء ينزل من السماء، وهذا هو النبات يمتصه ويختلط به فيمرع ويزدهر، وها هي ذي الأرض كأنها عروس مجلوة تتزين لعرس وتتبرج، وأهلها مزهوون بها، يظنون أنها بجهدهم ازدهرت، وبإرادتهم تزينت، وأنهم أصحاب الأمر فيها، لا يغيرها عليهم مغير، ولا ينازعهم فيها منازع، وفي وسط هذا الخصب الممرع، وفي نشوة هذا الفرح الملعلع، وفي غمرة هذا الاطمئنان الواثق، (ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) في ومضة، وفي جملة، وفي خطفة. . وذلك مقصود في التعبير بعد الإطالة في عرض مشهد الخصب والزينة والاطمئنان، وهذه هي الدنيا التي يستغرق فيها بعض الناس، ويضيعون الآخرة كلها؛ لينالوا منها بعض المتاع، هذه هي، لا أمن فيها ولا اطمئنان، ولا ثبات فيها ولا استقرار، ولا يملك الناس من أمرها شيئًا إلا بمقدار»87.
ثانيًا: الوحي:
قال تعالى: (ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [الرعد: ١٧].
قال ابن القيم رحمه الله: «شبه الوحي الذي أنزله لحياة القلوب والأسماع والأبصار بالماء الذي أنزله لحياة الأرض بالنبات وشبه القلوب بالأودية، فقلب كبير يسع علمًا عظيمًا كوادٍ كبير يسع ماء كثيرًا، وقلب صغير إنما يسع بحسبه كالوادي الصغير فسالت أودية بقدرها واحتملت قلوب من الهدى والعلم بقدرها، كما أن السيل إذا خالط الأرض ومر عليها احتملت غثاء وزبدا فكذلك الهدى والعلم إذا خالط القلوب أثار ما فيها من الشهوات والشبهات؛ ليقلعها ويذهبها كما يثير الدواء وقت شربه من البدن أخلاطه فتكرب عنه بها شاربه وهي من تمام نفع الدواء، فإنه أثارها؛ ليذهب بها فإنه لا يجامعها ولا يساكنها وهكذا (ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ) »88.
وقال سيد قطب رحمه الله: «إن الماء لينزل من السماء فتسيل به الأودية، وهو يلم في طريقه غثاء، فيطفو على وجهه في صورة الزبد حتى ليحجب الزبد الماء في بعض الأحيان، هذا الزبد نافش رابٍ منتفخ. ولكنه بعد غثاء، والماء من تحته سارب ساكن هادئ ولكنه هو الماء الذي يحمل الخير والحياة. . كذلك يقع في المعادن التي تذاب؛ لتصاغ منها حلية كالذهب والفضة، أو آنية أو آلة نافعة للحياة كالحديد والرصاص، فإن الخبث يطفو وقد يحجب المعدن الأصيل، ولكنه بعد خبثٌ يذهب ويبقى المعدن في نقاء. ذلك مثل الحق والباطل في هذا الحياة؛ فالباطل يطفو ويعلو وينتفخ ويبدو رابيًا طافيًا ولكنه بعد زبد أو خبث، ما يلبث أن يذهب جفاء مطروحًا لا حقيقة له ولا تماسك فيه، والحق يظل هادئًا ساكنًا، وربما يحسبه بعضهم قد انزوى أو غار أو ضاع أو مات، ولكنه هو الباقي في الأرض كالماء المحيي والمعدن الصريح، ينفع الناس»89.
وفي هذا المعنى روى البخاري بسنده عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيثٍ أصاب أرضًا، فكان منها طائفةٌ قبلت الماء فأنبتت الكلأ90 والعشب الكثير، وكانت منها أجادب91 أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا، ورعوا، وسقوا، وزرعوا، وأصابت طائفةً منها أخرى، إنما هي قيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعثني ونفع به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به) 92.
ثالثًا: حال المنافقين:
قال تعالى: (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [البقرة: ١٩].
قال ابن القيم عن حال المنافقين: «ثم ذكر حالهم بالنسبة إلى المثل المائي، فشبههم بأصحاب صيب -وهو المطر الذي يصوب أي: ينزل من السماء- فيه ظلمات ورعد وبرق، فلضعف بصائرهم وعقولهم اشتدت عليهم زواجر القرآن ووعيده وتهديده وأوامره ونواهيه وخطابه الذي يشبه الصواعق، فحالهم كحال من أصابه مطر فيه ظلمة ورعد وبرق فلضعفه وخوفه جعل أصبعيه في أذنيه خشية من صاعقة تصيبه، وقد شاهدنا نحن وغيرنا كثيرا من مخانيث تلاميذ الجهمية والمبتدعة إذا سمعوا شيئا من آيات الصفات وأحاديث الصفات المنافية لبدعتهم رأيتهم عنها معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة، ويقول مخنثهم: سدوا عنا هذا الباب، واقرءوا شيئا غير هذا، وترى قلوبهم مولية وهم يجمحون لثقل معرفة الرب -سبحانه تعالى- وأسمائه وصفاته على عقولهم وقلوبهم، وكذلك المشركون على اختلاف شركهم إذا جرد لهم التوحيد وتليت عليهم نصوصه المبطلة الماء الذي به الحياة لشركهم اشمأزت قلوبهم وثقل عليهم، لو وجدوا السبيل إلى سد آذانهم لفعلوا، وكذلك نجد أعداء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقل ذلك عليهم جدا فأنكرته قلوبهم، وهذا كله شبه ظاهر ومثل محقق من إخوانهم من المنافقين في المثل الذي ضربه الله لهم بالماء، فإنهم لما تشابهت قلوبهم تشابهت أعمالهم»93.
والعلاقة بين الماء وبين المنافقين واضحة جلية تتمثل فيما يلي:
أولها: أن الماء لا يستقر على حالٍ، فهو يتشكل بأشكالٍ مختلفة حسب الوعاء الذي يوضع فيه، وكذلك المنافق يتلون ويتقلب حسب المصلحة التي يريدها بعيدًا عن الثبات والمبدأ والقيم.
ثانيها: أن الماء ينحدر ويميل دائمًا في مجراه وحركته إلى السفل، وكذلك المنافق لا يتورع عن الانحطاط والسير إلى الحضيض.
ثالثها: أن الماء إذا قبضت عليه لم تجد منه شيئا، وكذلك المنافق إذا تمسكت به وتشبثت به ينفلت منك ولا تستطيع الاعتماد عليه.
رابعها: أن الماء إذا سرت معه أو فيه إما أن تبتل أو تغرق، وكذلك المنافق السير معه لا يأتي بخير فإنه إما أن يغدر بك أو تصيبك من رفقته الشبهة94.
رابعًا: أعمال الكفار:
قال تعالى: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [النور: ٤٠].
عن أبي بن كعبٍ قال: ضرب مثلًا آخر للكافر، قال: فهو يتقلب في خمسٍ من الظلم: فكلامه ظلمةٌ، وعمله ظلمةٌ، ومدخله ظلمةٌ، ومخرجه ظلمةٌ، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة إلى النار95.
وقال ابن القيم رحمه الله هذا المثل ضرب: «للذين عرفوا الحق والهدى وآثروا عليه ظلمات الباطل والضلال فتراكمت عليه ظلمة الطبع وظلمة النفوس وظلمة الجهل حيث لم يعملوا بعلمهم، فصاروا جاهلين، وظلمة اتباع الغي والهوى، فحالهم كحال من كان في بحر لجي لا ساحل له، وقد غشيه موج ومن فوق ذلك الموج موج ومن فوقه سحاب مظلم، فهو في ظلمة البحر وظلمة الموج وظلمة السحاب، وهذا نظير ما هو فيه من الظلمات التي لم يخرجه الله منها إلى نور الإيمان»96.
أولًا: دورة الماء في الطبيعة والبيئة:
ذكر الله في القرآن جميع الحقائق المتعلقة بدورة الماء ونزول المطر بشكل يتفق مع أحدث المعطيات العلمية؛ لنتأمل كل جزء من أجزاء الدورة المائية:
الشمس هي محرك الدورة المائية، ولذلك قال تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ)[النبأ: ١٣].
فالشمس هي التي تبث الحرارة والضوء اللازمان؛ لتبخير الماء وتشكيل الرياح.
بعد تبخر الماء يتكثف في السماء على شكل غيوم، والرياح هي المحرك الثاني لدورة الماء، كما أنها تقوم بمهمة التلقيح، يقول -الحق تعالى-: (ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ)[الحجر: ٢٢].
الماء النازل من الغيوم يختزن في الأرض لمئات السنين دون أن يفسد، مع العلم أن أحدنا لو اختزن الماء لأيام قليلة فإنه سيفسد!!
ولذلك قال تعالى: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الحجر: ٢٢].
ذكر القرآن الغيوم العالية الركامية والتي هي مسئولة عن المطر الغزير وعن الثلج والبرد، يقول تعالى: (ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ)[ النور: ٤٣].
(ﯸ) أي: يحرك ويسوق، (ﯿ) أي: عاليًا بعضه فوق بعض، و(ﰁ): هو المطر الغزير. وهذه الآية من آيات الإعجاز العلمي التي تحتوي على معلومات دقيقة عن هندسة تشكل الغيوم وحدوث البرد.
الماء لا يذهب عبثًا بل يتم تخزينه في الأرض؛ لينطلق على شكل ينابيع عذبة نشربها، وبالتالي تستمر الحياة، ولذلك قال تعالى: (ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ) [الزمر: ٢١].
ثانيًا: وجود قوانين دقيقة:
إن جميع العمليات تتم بشكل منتظم وفق قوانين فيزيائية ثابتة؛ ولذلك فإن العملية بأكملها مقدرة ومحكمة ومنظمة، ولذلك يقول تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [المؤمنون: ١٨].
وكلمة (ﭕ) التي تشير إلى التقدير والنظام.
من أهم أجزاء الدورة ما يحدث في منطقة المصب حيث تصب الأنهار في البحار، وهذه ذكرها القرآن عنها ولم يغفلها، يقول تعالى: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الفرقان: ٥٣].
ولولا أن الأنهار تصب في البحار لجفت هذه البحار، وقد حدث ذلك مع بحر «الآرال» الذي كان يتغذى من نهرين، وعندما قام البشر بتحويل مجرى النهرين، جف هذا البحر! !
إن الجبال لها دور مهم في نزول المطر وتشكل الغيوم وفي تنقية الماء، يقول عز وجل: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [المرسلات: ٢٧].
ففي هذه الآية ربط المولى عز وجل بين الجبال الشامخة وبين الماء الفرات، وهذا ما يؤكده العلماء اليوم.
ثالثًا: الماء والأرصاد الجوية:
ذكر الله في القرآن الكريم في كثير من آياته بعض الظواهر الطبيعية كالرعد والبرق والمطر.
قال تعالى: (ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ) [النور: ٤٣].
تشير الآية إلى جملة من الحقائق الباهرة التي لم تكتشف إلا بعد تقدم علوم الأرصاد الجوية في العصر الحديث، من ذلك:
يقول علماء الأرصاد الجوية: «إن المطر يتوقف على تكوين السحب الماطرة (المزن)، ومن هذه المزن ما يسمى (المزن الركامي)، وهي سحب تنمو في الاتجاه الرأسي، وقد تمتد إلى علو عشرين كيلومترًا، وداخل السحب الركامية ثلاث طبقات:
وهي الطبقة السفلى وقوامها نقط نامية من الماء.
ثم الطبقة الوسطى وتكون درجة حرارة نقط الماء فيها تحت الصفر المئوي، ومع ذلك فهي باقية في حالة السيولة 98.
أما الطبقة العليا فتتكون من بلورات الثلج ذات اللون الأبيض الناصع، وجعل الله سبحانه وتعالى نقط الماء فوق المبردة غير مستقرة قابلة للتجمد بمجرد ارتطامها بجسم صلب».
لذا فبمجرد أن تتساقط بلورات الثلج من الطبقة العليا إلى الطبقة الوسطى وتلتقي بنقط الماء فوق المبردة تلتصق البلورات بنقط الماء وتتجمد فينمو حجمها سريعا، وينشط عليها التكاثف فتتساقط على هيئة برد: (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) وأثناء سقوط هذا البرد يلتقي بنقط الماء النامية فيتجمع معها، ويزداد حجم النقط كثيرا ولا يقوى الهواء على حملها فتتساقط على هيئة مطر، ويذوب أغلب البرد قبل وصوله إلى سطح الأرض.
ولنمو البرد وذوبانه أهمية عظيمة في عمليات شحن السحابة بالكهربائية التي تسبب البرق والرعد، فالبرد عندما ينمو فوق ملمتر يشحن بالكهربائية، وعندما يذوب يشحن أيضًا بشحنة مضادة، وفي كلتا الحالتين يحمل الهواء الصاعد شحنة كهربائية مضادة عظمى.
والآية الكريمة ذكرت كلمة (ﯿ) وأعقبتها بالـ (ﰌ) وقد أثبت العلم أن هذا النوع -السحب الركامية- هي الوحيدة التي تعطي البرد.
وفي التعبير بقوله: (ﯺ ﯻ ﯼ) سر من الأسرار الدقيقة الرائعة التي تعتبر الآن من أمهات الحقائق الجوية؛ إذ فيها الدلالة على الحقيقة الكهربائية التي تقوم عليها تلك الظواهر الجوية كلها، فإن التأليف بين السحاب وصف دقيق للتقريب بين السحاب المختلف الكهربائية حتى يتجاذب ويتعبأ في الجو تعبئة الجيوش، وهو يتفق مع ما يريد الله أن يخلقه من بين السحاب من برق وصواعق، ومطر أو برد.
وتشبيه الآية الكريمة هذه السحب بالجبال لا يدركه إلا من ركب الطائرة وعلت به فوق السحب أو بينها، فإنه سيدهش لدقة الوصف؛ إذ يجد مشهد الجبال حقا بضخامتها ومساقطها وارتفاعاتها وانخفاضاتها.
وأشارت الآية الكريمة إلى عظم القوى الكهربائية المشتركة في تكوين البرد بالنص على عظم برقه وشدته وبلوغه من الحرارة درجة الابيضاض، الذي يخطف بالأبصار ويصيبها بالعمى المؤقت، وأكثر من يعاني من هذه الظاهرة هم الطيارون: (ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ) 99.
موضوعات ذات صلة: |
الآيات الكونية، الأرض، الأنهار، البحر، الجبال |
1 مقاييس اللغة ٥/٢٨٦.
2 انظر: الصحاح ٦/٢٢٥٠.
3 التوقيف على مهمات التعريف، المناوي ص٢٩٤.
4 المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية القاهرة ص٥٩٥.
5 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن، محمد فؤاد عبد الباقي، ص٦٨٤، المعجم المفهرس الشامل، عبد الله جلغوم، ص ١٣٠١-١٣٠٢.
6 انظر: الوجوه والنظائر، الدامغاني ص ٤١٨، الوجوه والنظائر، مقاتل بن سليمان، ص١٨٩-١٩٠، نزهة الأعين النواظر، ابن الجوزي، ص٥٥٠-٥٥١.
7 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/٢٢٦.
8 المفردات ص٧٧٠.
9 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٥/٢٤٢.
10 المفردات ص٨٢٨.
11 انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٥٨٢.
12 المفردات، الراغب الأصفهاني ص٨٨٩.
13 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٢٦٦.
14 جامع البيان، الطبري ١٢/٣٣٠.
15 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء، رقم ٧٤١٨.
16 انظر: فتح الباري، ابن حجر ٦/٢٨٩.
17 موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة باختصار.
18 أضواء البيان، الشنقيطي ٥/١٤٣.
19 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/١٠٧.
20 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢١/٢١٦.
21 فتح القدير، الشوكاني ٥/٥٠٨.
22 جامع البيان، الطبري ٢٤/٣٥٤.
23 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣٠/٢٦٢.
24 العجان: الدبر، وقيل: هو ما بين القبل والدبر.
انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٣/٢٧٨.
25 خلق الإنسان بين الطب والقرآن، محمد على البار ص ٥١.
26 خواطر علمية بين الدين والعلم، محمد عبد القادر الفقي، من مقال منشور بمجلة منار الإسلام عدد فبراير سنة ١٩٨٥م.
27 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٥٠/٣٥٠.
28 الإعجاز العلمي في الإسلام، محمد عبدالصمد ص ١٨٤.
29 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/٧٣.
30 في ظلال القرآن، سيد قطب ٤/٢٥٢٤.
31 مفاتيح الغيب، الرازي ٢٤/٤٠٦.
32 موسوعة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة.
33 التحرير والتنوير ١/٣٣٣.
34 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٧٨.
35 جامع البيان، الطبري ٩/٤٤٥.
36 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٠/١٨.
37 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٤٨١.
38 المصدر السابق ٥/٤١٠.
39 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٤/٩٦.
40 المحرر الوجيز، ابن عطية ٥/٤٣٤.
41 البحر المحيط، أبو حيان ١٠/٤٠٠.
42 مفاتيح الغيب، الرازي ٣١/٤٧.
43 التفسير القرآني للقرآن، الخطيب ١٦/١٤٤٢.
44 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣٠/٨٧.
45 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٥٨٤.
46 التحرير والتنوير ١٩/٤٨.
47 موقع الدكتور عبدالدايم الكحيل.
48 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٣/٣٣٥.
49 المصدر السابق ٢٣/٣٣٦.
50 في ظلال القرآن ٦/٣٧٣٤.
51 جامع البيان، الطبري ٢٣/٥٩٩.
52 المصدر السابق ١٩/٣٤٥.
53 تفسير القرآن العظيم ٦/١٠٦.
54 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٩/٥٤.
55 الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، عبد الله المصلح، ص ٢٤٤- ٢٤٥.
56 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٣٠/٢٦.
57 معاني القرآن وإعرابه، الزجاج ٥/٢٠١.
58 التحرير والتنوير ٢٩/٥٦.
59 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٧/٦.
60 التحرير والتنوير ٢٦/٢٩٢.
61 جامع البيان، الطبري ١٤/١٨١.
62 فتح القدير ٣/١٥٣.
63 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١١/٢٠٩.
64 تفسير القرآن العظيم ٤/٤٣٩.
65 تفسير المنار، محمد رشيد رضا ٦/٢٢٠.
66 البحر المحيط ٣/٤٤٩.
67 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٢٢٢.
68 المصدر السابق ص ٨٩٥.
69 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٧١٤.
70 جامع البيان، الطبري ٢٢/١٢٢.
71 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/١٣١.
72 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٦٧٧.
73 جامع البيان، الطبري ٢١/٢٠٠.
74 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٧/١٨٥.
75 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/١٨.
76 جامع البيان، الطبري ٢٣/٥٦٩.
77 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٩/٤٠٠.
78 انظر: البحر المحيط، أبو حيان ١٠/٣٦٥ .
79 الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٦/٢٣٧.
80 التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٣/٢٨٦.
81 جامع البيان، الطبري ١٣/٦١٩.
82 تفسير فتح القدير، الشوكاني ٣/١٢٠.
83 تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٧٥.
84 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٣/٣٨٠.
85 تفسير المنار، محمد رشيد رضا ١١/٢٨٤.
86 إعلام الموقعين ١/١١٨.
87 في ظلال القرآن ٣/١٧٧٥.
88 الأمثال في القرآن ص١٢.
89 في ظلال القرآن ٤/٢٠٥٤.
90 الكلأ: النبات والعشب، وسواءٌ رطبه ويابسه.
انظر: النهاية في غريب الأثر، ابن الأثير ٤/١٩٤.
91 الأجادب: صلاب الأرض التي تمسك الماء فلا تشربه سريعًا.وقيل: هي الأرض التي لا نبات بها .
انظر: النهاية في غريب الأثر ١/٢٤٣.
92 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب فضل من علم وعلم، ص ٧٩.
93 الأمثال في القرآن ص١١.
94 الماء في القرآن دراسة موضوعية، فتحي العبادسة، ص ٢٧٤.
95 جامع البيان، الطبري ١٧/٣٣٢.
96 الأمثال في القرآن ص١٨.
97 دورة الماء بين العلم والإيمان، عبد الدائم الكحيل، ص٦٢-٦٣.
98 يجمد الماء تحت الضغط العادي في درجة الصفر المئوي، أما إذا اختل الضغط الجوي الذي يقدر بـ ٧٦ سنتمتر زئبق، فإن تجمد الماء وكذلك غليانه يختلفان، لذا تكون درجة الحرارة أقل من الصفر ولا يجمد الماء، لضعف الضغط الجوي.
99 سنن الله الكونية، محمد الغمراوي، نقلًا عن لفتات علمية في القرآن، ص ٥٣.