عناصر الموضوع

مفهوم الحق

الحق في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

الحق سنة الله تعالى في خلقه وتدبيره

الحق في مجال العقيدة وأصولها

الحق في الإخبار عن قصص السابقين

الحق في المعاملات

الحق في المثل القرآني

موقف الناس من الحق

انتصار الحق وظهوره

الحــق

مفهوم الحق

أولًا: المعنى اللغوي:

قال ابن فارس: «الحاء والقاف، أصل واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحته»1.

وقال علماء اللغة: الحق خلاف الباطل، وجمعه حقوق وحقان، ومعنى: حقّ الأمر، يحقّ حقًّا وحقوقًا، أي: ثبت ووجب، وأحققت الشيء، أي: أوجبته، وتحقق عنده الخبر، أي: صلح، وكلامٌ محقق، أي: رصين2.

والحاقة: القيامة، وسميت بذلك؛ لأن فيها حواق الأمر، وحاقّه، أي: خاصمه، وادعى كل واحد منهما الحق3.

نخلص مما سبق أن الحق في اللغة يطلق على الثابت والواجب من كل الأمور، الذي هو خلاف الباطل، والذي يجب التمسك به وعدم تركه.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

تعددت تعريفات العلماء للمعنى الاصطلاحي للحق؛ نظرًا لتنوع اهتماماتهم، وأقربها لموضوعنا هو أنه: «الحكم المطابق للواقع، ويطلق على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب باعتبار اشتمالها على ذلك»4.

فالحق أمر ثابت، لا جدال فيه، ولا تغيير، ولا ترك له.

الحق في الاستعمال القرآني

ورد الجذر (ح ق ق) في القرآن (٢٧٨) مرة، يخص موضوع البحث منها (٢٤٧) مرة 5.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

المصدر

٢٤٧

( ) [المؤمنون:٧١]

وأطلق الحق في القرآن على سبعة أوجه6:

الأول: الله تعالى: ومنه قوله تعالى: ( ) [المؤمنون: ٧١] يعني: الله تعالى.

الثاني: القرآن: ومنه قوله تعالى: ( ) [الزخرف: ٢٩] يعني: القرآن.

الثالث: الإسلام: ومنه قوله تعالى: ( ) [الإسراء: ٨١] يعني: الإسلام.

الرابع: العدل: ومنه قوله تعالى: ( ) [الأنبياء: ١١٢] يعني: بالعدل.

الخامس: التوحيد: ومنه قوله تعالى: ( ) [الصافات: ٣٧] يعني: بالتوحيد.

السادس: الصدق: ومنه قوله تعالى: ( ) [الأنعام: ٧٣] يعني: الصدق.

السابع: الحق الذي يضاد الباطل: ومنه قوله تعالى: ( ) [الأحقاف: ٣].

الألفاظ ذات الصلة

الصدق:

الصدق لغة:

نقيض الكذب، صدق، يصدق، صدقًا، وصدقًا، وتصادقًا، قيل: صدقه الحديث: أنبأه بالصدق، ويقال: صدقت القوم، أي: قلت لهم صدقًا وتصادقًا في الحديث وفي المودة7.

الصدق اصطلاحًا:

مطابقة الكلام للواقع بحسب اعتقاد المتكلّم8.

وقال الراغب: الصّدق مطابقة القول الضّمير والمخبر عنه معًا، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقًا تامًّا 9.

الصلة بين الحق والصدق:

الحق أعم من الصدق؛ لأنه وقوع الشيء في موقعه الذي هو أولى به، والصدق: الإخبار عن الشيء على ما هو به، والحق يكون إخبارًا وغير إخبار10.

الحقيقة:

الحقيقة لغة:

الثبات، والاستقرار، والقطع، واليقين، ومخالفة المجاز11. وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له من أصل اللغة12.

الحقيقة اصطلاحًا:

هو كل لفظ يبقى على موضوعه، وقيل: ما اصطلح الناس على التخاطب به13.

الصلة بين الحقيقة والحق:

الحقيقة ما وضع من القول موضعه في أصل اللغة، حسنًا كان أو قبيحًا، والحق: ما وضع موضعه من الحكمة، فلا يكون إلا حسنًا، وإنما شملهما اسم التحقيق؛ لاشتراكهما في وضع الشيء منهما موضعه من اللغة والحكمة14، ولم يرد لفظ الحقيقة في القرآن الكريم.

العدل:

العدل لغة:

ضد الجور، وهو ما قام في النفوس أنه مستقيم، من عدل يعدل فهو عادل. يقال: عدل عليه في القضية فهو عادل، وبسط الوالي عدله15.

العدل اصطلاحًا:

هو تحرّي المساواة والمماثلة بين الخصمين بألّا يرجّح أحدهما على الآخر بشيءٍ قطّ، بل يجعلهما سواءً16.

الصلة بين العدل والحق:

العدل: هو العدول بالفعل إلى الحق دون جور أو ظلم، أما الحق فهو النتيجة من العدول بالفعل إلى الحق، وهو ما وجب وتحقق عنده الفعل17.

الباطل:

الباطل لغة:

هو خلاف الحق وضده18.

الباطل اصطلاحًا:

هو: ما لا ثبات له، ولا خير فيه، سواء أكان اعتقادًا أم فعلًا أم كلامًا أم غيره19.

الصلة بين الحق والباطل:

الحق ضد الباطل.

الحق سنة الله تعالى في خلقه وتدبيره

خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون، ووضع له نواميس، وأوجد له سننًا تدل على حكمته وعلمه سبحانه وتعالى.

قال عز وجل: ( ﰅﰆ ) [الأنعام: ١٨].

وقال سبحانه وتعالى: ( ) [يوسف: ٢١].

وهذه السنن الإلهية هي من تقديره سبحانه وتعالى، قال عز وجل: ( ) [القمر: ٤٩].

وعندما نتعرف سنن الله في خلقه وتدبيره تطمئن نفوسنا؛ لأننا نعلم أن لله سبحانه وتعالى سننًا يسيّر الخلق بناءً عليها بلا فوضى ولا اضطراب، وسنن الله سبحانه وتعالى كثيرة، لابد للمسلم أن يتفطن لها، وهذه السنن لا تبدل ولا تغير فيها.

قال سبحانه وتعالى: ( ﯹﯺ ﯿ) [الأحزاب: ٦٢].

أولًا: الحق سنّة الله سبحانه وتعالى في خلقه:

من هذه السنن سنة الحق، وعلى هذا خلق الله سبحانه وتعالى الخلق، وأوجد أهل الحق، الذين يذودون عن حياضه، وهم الرسل وأتباعهم، نموذج الحق والخير على وجه الأرض، الذين يبتغون الإصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، ويدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويخافون ربهم من فوقهم، ويفعلون ما يؤمرون، وبالمقابل فهناك الشيطان وأتباعه، أهل الباطل الذين لا يبغون إلا نشر الفتنة، واغتصاب الحقوق، والتعدي على الآخرين، فهم نموذج الفساد والإفساد على وجه الأرض.

وقد حصل التدافع بين أهل الحق وأهل الباطل منذ بدء الخليقة؛ لأن وجود أحدهما يستلزم مزاحمة الآخر وطرده وإزالته، أو إضعافه، ومنعه من أن يكون له تأثير.

قال عز وجل: ( ) [البقرة: ٢٥١].

قال الطبري في تفسير الآية: «يعني تعالى ذكره بذلك، ولولا أن الله يدفع ببعض الناس -وهم أهل الطاعة له والإيمان به- بعضًا، -وهم أهل المعصية لله والشرك به- كما دفع عن المتخلفين عن طالوت يوم جالوت من أهل الكفر بالله والمعصية له، وقد أعطاهم ما سألوا ربهم ابتداءً: من بعثة ملك عليهم؛ ليجاهدوا معه في سبيله، بمن جاهد معه من أهل الإيمان بالله واليقين والصبر، جالوت وجنوده ( ) يعني: لهلك أهلها بعقوبة الله إياهم»20.

ثانيًا: الحق سنّة الله في تدبيره:

بيّن القرآن الكريم أن الحق غالب، وأن الباطل مهما علا فهو مدحور مهزوم، قال سبحانه وتعالى: ( ) [الشورى: ٢٤].

معنى الآية: أن من شأن الله سبحانه وتعالى أن يزيل الباطل ويفضحه؛ بإيجاد أسباب زواله، وأن يوضح الحق؛ بإيجاد أسباب ظهوره، حتى يكون ظهوره فاضحًا لبطلان الباطل، فلو كان القرآن مفترى على الله لفضح الله بطلانه، وأظهر الحق، فالمراد بالباطل جنس الباطل، وبالحق جنس الحق21.

وقال سبحانه وتعالى: ( ) [الأنبياء: ١٨].

قال القاسمي في معنى الآية: «( )، أي: يمحقه بالكلية، كما فعلنا بأهل القرى المحكية، ( )، أي: هالك بالكلية»22.

وهذه قصة موسى عليه السلام مع فرعون دليل على أن الحق منتصر في النهاية.

قال تعالى: ( ﯰﯱ ) [الأعراف: ١١٧- ١١٨].

والمعنى: أن الحق ثبت، وفسد ما كانوا يعملون من الحيل والتخييل، وذهب تأثيره؛ إذ تبين لمن شهده وحضره أن موسى رسول من عند الله يدعو إلى الحق، وأن ما عملوه ما هو إلا إفك السحر وكذبه ومخايله23.

ومن الأمثلة على نصرة الله سبحانه وتعالى للحق ما أنزل من الملائكة يوم بدر، قال عز وجل: ( ) [الأنفال: ٧- ٨].

قال المراغي: «أي: وعد الله بما وعد، وأراد إحدى الطائفتين ذات الشوكة، ليحق الحق (وهو الإسلام) ويثبته، ويبطل الباطل (وهو الشرك) ويزيله، ( ) أولو الاعتداء والطغيان، ولا يكون ذلك بالاستيلاء على العير، بل بقتل أئمة الكفر من قريش، الذين خرجوا إليكم من مكة ليستأصلوكم»24.

وفي ختام هذا المبحث نقول بأن سنة الله في نصر أهل الحق لا تتحقق إلا إذا هيأ المسلمون في أنفسهم ومجتمعاتهم عوامل النصر، التي أرشد القرآن الكريم إليها، وأمر الله بها، وأبعدوا عن أنفسهم ومجتمعاتهم عوامل الفشل، ومعوقات النصر.

الحق في مجال العقيدة وأصولها

صفة الحق صفة جليلة، وهي صفة كمال وبهاء وعظمة لله عز وجل، صفة ذاتية ثابتة بالكتاب والسنة، وإجماع أهل السنة، ومعنى هذه الصفة أنه هو الحق في وجوده، وفي كونه سبحانه وتعالى، وهو الحق في وعده، وهو الحق في لقائه، وهو الحق في عقابه سبحانه وتعالى. ومن الآيات القرآنية الدالة على ثبات هذه الصفة لله عز وجل، قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الحج: ٦].

نبه سبحانه وتعالى بهذه الآية على أن كل ما سوى الله سبحانه وتعالى -وإن كان موجودًا حقًّا- فإنه لا حقيقة له من نفسه؛ لأنه مسخر مصرف، والحق الحقيقي هو الموجود الثابت الذي لا يتغير ولا يزول هو الله سبحانه وتعالى25.

أولًا: الله سبحانه وتعالى هو الحق:

إن الله سبحانه وتعالى هو الحق، وهذه الصفة ثابتة لله سبحانه وتعالى، ومن الآيات الدالة على ثبوت صفة الحق لله سبحانه وتعالى قوله عز وجل: ( ) [الحج: ٦٢].

قال الرازي في تفسيرها: «ما معنى قوله ذلك بأن الله هو الحق؟ وأي تعلق له بما تقدم؟ الجواب فيه وجهان: أحدهما: المراد أن ذلك الوصف الذي تقدم ذكره من القدرة على هذه الأمور، إنما حصل لأجل أن الله هو الحق، أي: هو الموجود الواجب لذاته، الذي يمتنع عليه التغير والزوال، فلا جرم أتى بالوعد والوعيد. ثانيهما: أن ما يفعل من عبادته هو الحق، وما يفعل من عبادة غيره فهو الباطل»26. وكلا المعنيين تحتمله الآية.

ومن الأدلة على ثبوت صفة الحق لله عز وجل قوله سبحانه وتعالى: (... ) [النور: ٢٥].

قال الشوكاني: «أي: ويعلمون عند معاينتهم لذلك، ووقوعه على ما نطق به الكتاب العزيز، أن الله هو الحق الثابت في ذاته وصفاته وأفعاله، المبين المظهر للأشياء كما هي في نفسها، وإنما سمي سبحانه وتعالى الحق؛ لأن عبادته هي الحق دون عبادة غيره، وقيل: سمي بالحق، أي: الموجود؛ لأن نقيضه الباطل، وهو المعدوم»27.

يتبين مما سبق أن الله سبحانه وتعالى حقٌ ثابت في ذاته وصفاته وأفعاله، لا يزول ولا يتغير.

كما أكدت السنة الشريفة على هذه الصفة وثبوتها لله عز وجل، فقد ورد في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في قيام الليل: (...وأنت الحق، وقولك الحق...)28، ووجه الدلالة في ذلك أن اسم الله سبحانه وتعالى الحق، ويتضمن صفة الحق، والعبد الذي يعتقد بهذه الصفة اعتقادًا جازمًا يصدق بوجود الله سبحانه وتعالى، فهو يتعبد لربه سبحانه وتعالى، ويصدق بوعد الله عز وجل ولقائه، ويحمله ذلك على أن يصدق بأنه سيقف أمام الله عز وجل، ويحاسبه على كل كبيرة وصغيرة. وهذا التصديق بأن الله سبحانه وتعالى حق، يحمله على المسارعة في الخيرات؛ فلا يتكلم إلا بالحق، ولا يفعل إلا الحق، ولا يناصر إلا الحق، ولا يحيد عن الحق، ولا يحمله الغضب أن يحيد عن الحق، ولا يميله الحب أو العاطفة عن الحق29.

ولقد اقترن اسم الله عز وجل (المَلِك) باسمه (الحقّ) في موضعين من القرآن الكريم، وهما قوله عز وجل: ( ) [طه: ١١٤].

وقوله سبحانه وتعالى: ( ﯛﯜ ) [المؤمنون: ١١٦].

قال أبو السعود: «الملك الحق الذي يحقّ له الملك على الإطلاق إيجادًا وإعدامًا، بدءًا وإعادةً، إحياءً وإماتةً، عقابًا وإثابةً، وكلّ ما سواه مملوكٌ له، مقهورٌ تحت ملكوته»30.

وقال ابن عاشور: «تفرع على ما تقدم بيانه من دلائل الوحدانية، والقدرة، والحكمة، ظهور أن الله هو الملك الذي ليس في اتصافه بالـملك شائبة من معنى الـملك، فملكه المـلك الكامل في حقيقته، الشامل في نفاذه، والتعريف في الملك للجنس. والحق: ما قابل الباطل، ومفهوم الصفة يقتضي أن ملك غيره باطل، أي: فيه شائبة الباطل، لا من جهة الجور والظلم؛ لأنه قد يوجد ملك لا جور فيه ولا ظلم، كملك الأنبياء والخلفاء الراشدين، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلفاء والأمراء، بل من جهة أنه ملك غير مستكمل حقيقة المالكية، فإن كل من ينسب إلى الملك عدا الله سبحانه وتعالى، هو مالك من جهة، ومملوك من جهة لما فيه من نقص واحتياج، فهو مملوك لما يتطلبه من تسديد نقصه بقدر الحاجة، ومن استعانة بالغير لجبر احتياجه، فذلك ملك باطل؛ لأنه ادعاء ملك غير تام»31.

يتبيّن مما سبق أن الله سبحانه وتعالى يبيّن في الآيات الكريمة أن ملكه يختلف عن ملك غيره، فملكه سبحانه وتعالى حق ثابت له مستكمل لحقيقة الملك، فهو صاحب الملك؛ لأنه الخالق الذي هو في غنى عن غيره، بخلاف ملك غيره فهو ملكٌ مخلوق ناقص، يحتاج إلى غيره دائمًا ليقوّم له عوجه، فملكه ملكٌ غير تام.

نخلص مما سبق أن الله سبحانه وتعالى هو الحق في ذاته، وصفاته، فهو واجب الوجود، كامل الصفات والنعوت، ووجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به، فهو الذي لم يزل ولا يزال بالجلال والجمال والكمال موصوفًا، ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفًا، فقوله حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسله حق، وكتبه حق، ودينه هو الحق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق، وكل شيء ينسب إليه فهو حق.

قال سبحانه وتعالى: ( ) [الحج: ٦٢]32.

ثانيًا: الملائكة:

إن عالم الملائكة من عوالم الغيب التي يجب الإيمان بها، بصفته ركنًا من أركان الإيمان، والإيمان بهم يتضمن التصديق بوجودهم، وإنزالهم منازلهم، وإثبات أنهم عباد الله وخلقه كالإنس والجن، مأمورون مكلفون، لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه. والأدلة على وجود الملائكة كثيرة جدًّا، ففي القرآن الكريم آيات عديدة تناولت الحديث عنهم، منها قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الحجر: ٨].

أي: تنزيلًا متلبسًا بالحكمة والمصلحة، ولا حكمة في أن نأتيكم بهم عيانًا تشاهدونهم، ويشهدون لكم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنكم حينئذ مصدقون عن اضطرار، ومثله قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الحجر: ٨٥]33.

ومنها قوله سبحانه وتعالى: ( ) [القدر: ٤].

قال ابن عاشور: «تنزل الملائكة يكون للخير، ويكون للشر لعقاب مكذبي الرسل. قال سبحانه وتعالى: ( ) [الحجر:٨].

وقال سبحانه وتعالى: ( ) [الفرقان: ٢٢].

وجمع بين إنزالهم للخير والشر في قوله سبحانه وتعالى: ( ﮒﮓ ) [الأنفال: ١٢] الآية. فأخبر هنا أن تنزل الملائكة ليلة القدر لتنفيذ أمر الخير للمسلمين الذين صاموا وقاموا ليلة القدر فهذه بشارة»34.

ومن الأدلة القرآنية على وجود الملائكة قوله سبحانه وتعالى: ( ﮞﮟ ) [البقرة: ٢٨٥].

يقول الطبري: «وصدّق المؤمنون أيضًا مع نبيهم بالله وملائكته وكتبه ورسله»35.

وفي السنة النبوية أيضًا أحاديث متعددة تثبت وجود هذا العالم الكريم، ومن أشهر الأدلة حديث جبريل عليه السلام الذي فيه: (فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت)36.

فوجود الملائكة عليهم السلام مثلما هو حق ثابت بالكتاب والسنة، فهو ثابت بالإجماع، يقول ابن حزم: «واتفقوا أن الملائكة حق، وأن جبريل وميكائيل ملكان، رسولان لله عز وجل، مقربان عظيمان عند الله سبحانه وتعالى، وأن الملائكة كلهم مؤمنون»37.

ولا يجوز إنكار وجودهم، ومن أنكر وجودهم فهو كافر بنص القرآن الكريم، قال سبحانه وتعالى: ( ) [النساء: ١٣٦].

وقد أجمع المسلمون على كفر من أنكر وجود الملائكة؛ لأن إنكار وجودهم فيه إنكار للرسالة والقرآن38.

يتبيّن مما سبق أن الملائكة حق؛ لأنهم الوسائط بين الله سبحانه وتعالى وأنبيائه، والمبلغون لكتبه، فالإيمان بهم يوجب إجلالهم وإكرامهم فهم عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

ثالثًا: الكتب المنزلة:

إن الله سبحانه وتعالى أنزل على رسله عليهم السلام كتبًا، لهداية الناس إلى طريق العبادة التي ارتضاها لهم، فمنها ما سماها لنا في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية الشريفة، ومنها ما لم يسمه لنا، بل ذكرت مجملة، قال سبحانه وتعالى: ( ) [الحديد: ٢٥].

ومن هذه الكتب السماوية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، والتوراة والإنجيل، والصحف، والزبور، وهي حق من عند الله سبحانه وتعالى.

قال عز وجل: ( ) [آل عمران: ٣- ٤].

قال الماوردي: «( ) فيه وجهان: أحدهما: بالعدل مما استحقه عليك من أثقال النبوة. والثاني: بالعدل فيما اختصك به من شرف الرسالة، وإن قيل: بأنه الصدق، ففيه وجهان: أحدهما: بالصدق فيما تضمنه من أخبار القرون الخالية والأمم السالفة، والثاني: بالصدق فيما تضمنه من الوعد بالثواب على طاعته، والوعيد بالعقاب على معصيته»39.

ومن الآيات الدالة على أن القرآن الكريم حق، قوله سبحانه وتعالى: ( ﭿ ) [الزمر: ٢].

قال الرازي في تفسير الآية: «الجواب فيه وجهان:

الأول: المراد: أنزلنا الكتاب إليك ملتبسًا بالحق والصدق والصواب، على معنى: كل ما أودعناه فيه من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد، وأنواع التكاليف، فهو حق وصدق يجب العمل به، والمصير إليه.

الثاني: أن يكون المراد: إنا أنزلنا إليك الكتاب بناءً على دليل حق دل على أن الكتاب نازلٌ من عند الله، وذلك الدليل هو أن الفصحاء عجزوا عن معارضته، ولو لم يكن معجزًا لما عجزوا عن معارضته»40.

ورغم أن الله سبحانه وتعالى أنزل الكتب السماوية، وبيَّن أن دين الأنبياء والمرسلين واحد، وأن لكل منهم شرعة ومنهاجًا.

قال سبحانه وتعالى: ( ﮘﮙ ) [المائدة: ٤٨].

لكن اليهود والنصارى كفروا بتبديلهم ما في كتبهم السماوية، فشرعوا لأنفسهم شرائع ابتدعوها من عند أنفسهم، بغير إذن من الله سبحانه وتعالى، وخالفوا بهذا الشرع الذي بعث الله به أنبياءه ورسله، فأحلوا ما حرم الله، وحرموا ما أحل الله، وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو موجود عندهم في التوراة والإنجيل، وقالوا: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، وقالوا: يد الله مغلولة، فبأفعالهم هذه وغيرها الكثير قد كفروا، وانتسبوا إلى موسى وعيسى عليهما السلام زورًا وبهتانًا.

قال سبحانه وتعالى: ( ) [المائدة: ٦٨].

إذًا فالكتاب الحق الذي يجب اتباعه هو القرآن الكريم الذي لم ينله التحريف والتبديل، تكفل الله بحفظه، قال سبحانه وتعالى: ( ) [الحجر: ٩].

فهو حق من كل الوجوه، مشتمل على دلائل التوحيد، وصفات الله عز وجل، وعلى تعظيم الملائكة، وتقرير نبوة الأنبياء، وإثبات الحشر والنشر والقيامة، وكل ذلك مما لا يقبل الزوال، ومشتمل على شريعة باقية لا يتطرق إليها النسخ والنقض والتحريف.

قال سبحانه وتعالى: ( ﮛﮜ ) [فصلت: ٤٢]41.

رابعًا: الرسل والرسالة:

إن الله سبحانه وتعالى شاء أن يكون خليفة الله في أرضه من البشر، واقتضت حكمته أن يكون رسوله إليهم من جنسهم، وكتب على نفسه أن يرسل كل رسول بلسان قومه.

قال سبحانه وتعالى: ( ﮞﮟ ﮦﮧ ) [إبراهيم: ٤].

ولقد أظهر القرآن الكريم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، ورسالته خاتم الرسالات.

قال سبحانه وتعالى: ( ) [الأعراف: ١٥٨].

وقال سبحانه وتعالى: ( ) [سبأ: ٢٨].

ولقد نسخ الله سبحانه وتعالى برسالة محمد صلى الله عليه وسلم جميع الشرائع التي كانت قبل الإسلام، وارتضى للناس دينه الخاتم شريعة وعقيدة، فقال عز وجل: ( ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [المائدة: ٣].

فكانت رسالته حق، مصدقة للرسالات السابقة، قال سبحانه وتعالى: ( ) [الصافات: ٣٧].

وهذه الآية الكريمة ردت على اتهام المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر ومجنون، بأنه ليس بشاعر ولا مجنون، بل جاءهم بالحق من ربهم، وصدّق المرسلين الذين أُرسلوا من قبله، إذ دعا إلى توحيد الله، كما كان ذلك دعوة كل رسول من رسل الله. وفي وصف الرسول الكريم بأنه مصدق للمرسلين، إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم الشاهد الأمين الذي يشهد لهم على الزمن بصدق ما جاءوا به، فهو المجدد لدعوتهم، المصحح لما دخل عليها من شبهات وضلالات من أهلها، وهذا ما يشير إليه قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الأحزاب: ٤٥-٤٦].

وكذلك فإن القرآن الذي تلقاه وحيًا من ربه مصدقٌ للتوراة والإنجيل، قال سبحانه وتعالى: (ﭿ ) [المائدة: ٤٨].

وهكذا كل رسول مصدق للرسل الذين سبقوه، وما معه من كتاب مصدق لما نزل عليهم من كتب، وهذا ما يشير إليه قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الصف: ٦].

وإذا كان الرسول الكريم هو خاتم الرسل، وكتابه جامعة الكتب، فهو بهذا مصدق لإخوانه الرسل من قبله، وكتابه مصدق لما نزل عليهم من كتب42.

وقد أكد القرآن أيضًا على أن الله سبحانه وتعالى لن يهدي قومًا من أصحاب الكتب السابقة جحدوا نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أقروا أنها حق من عند الله سبحانه وتعالى.

قال عز وجل: ( ﭿ ) [آل عمران: ٨٦].

ومعنى ذلك أن الله يستبعد أن يرشد للصواب ويوفق للإيمان قومًا جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم وتصديقهم إياه، وإقرارهم بما جاء به من عند ربه، وأقروا أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خلقه حقًّا43.

ولا بد من التنويه هنا إلى أن كلمة الرسول مثلما تطلق على من اصطفاه الله سبحانه وتعالى من الناس لتبليغ رسالته، فكذلك أطلقها القرآن الكريم على ملائكته، فقال سبحانه وتعالى: ( ) [فاطر: ١].

يقول السمرقندي: «يعني مرسل الملائكة بالرسالة، جبريل وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، والكرام الكاتبين عليهم السلام»44.

يتضح مما سبق أن الرسل حق والرسالة حق من عند الله سبحانه وتعالى، وكل رسالة لاحقة مكملة للرسالة السابقة، وكانت رسالته صلى الله عليه وسلم خاتم الرسالات، فقد أرسله الله سبحانه وتعالى للناس كافة، وأخذ الله سبحانه وتعالى العهد على جميع أنبيائه ورسله أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وينصروه إذا بعث فيهم وهم أحياء.

قال عز وجل: ( ﮭﮮ ﯕﯖ ﯘﯙ ) [آل عمران: ٨١].

خامسًا: اليوم الآخر وما فيه:

اليوم الآخر هو يوم القيامة، الذي يبعث الناس فيه للجزاء والحساب؛ وسمي بذلك لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم، ويتضمن الإيمان باليوم الآخر ثلاثة أمور، وهي:

الإيمان بالبعث، وهو إحياء الموتى، حيث ينفخ في الصور، فيقوم الناس من قبورهم أحياء؛ ليحاسبهم الله على أعمالهم.

الإيمان بالجزاء والحساب، فيحاسب الله العبد على عمله حينما ينصب الله الميزان.

الإيمان بالجنة والنار، وأنهما المآل الأبدي للخلق.

ويلحق بالإيمان باليوم الآخر الإيمان بأشراط الساعة، وما في القيامة من أهوال، والإيمان بما يكون بعد الموت من فتنة القبر، وعذاب القبر ونعيمه45.

وقد أثبت القرآن الكريم أن كل هذه الأمور حق، فأثبت أن الموت حق، قال عز وجل: ( ) [ق: ١٩].

قال البغوي: «( ): غمرته وشدته التي تغشى الإنسان، وتغلب على عقله، ()، أي: بحقيقة الموت، وقيل: بالحق من أمر الآخرة؛ حتى يتبينه الإنسان ويراه بالعيان، وقيل: بما يؤول إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاوة»46.

ويتبين لنا أن المعاني الثلاثة تحتملها الآية الكريمة.

كما أثبت القرآن الكريم أن البعث حق، فقال سبحانه وتعالى: ( ) [ق: ٤٢].

قال الماوردي: «فيه وجهان: أحدهما: يعني: بقول الحق. الثاني: بالبعث الذي هو حق»47.

وواضح أن كلا المعنيين يتناسب مع سياق الآية الكريمة.

وأكد القرآن الكريم -كذلك- على أن الجزاء والحساب والميزان حق، فقال سبحانه وتعالى: ( ) [الأعراف: ٨].

قال الثعالبي: «والوزن الحق ثابت وظاهر () أي: يوم القيامة، قال جمهور الأمة: إن الله عز وجل أراد أن يبين لعباده أن الحساب والنظر يوم القيامة هو في غاية التحرير ونهاية العدل، بأمر قد عرفوه في الدنيا، وعهدته أفهامهم»48.

كما أكد القرآن على أن الله سبحانه وتعالى يقضي بين الخلائق بالحق الذي هو العدل، ويدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قال سبحانه وتعالى: ( ) [الزمر: ٧٥].

ومعنى الآية: أن الله قضى بين النبيين الذين جيء بهم، والشهداء، وأممها بالعدل، فأسكن أهل الإيمان بالله وبما جاءت به رسله الجنة، وأهل الكفر به وبما جاءت به رسله النار49.

وفي نهاية الأمر نؤكد على أن الأحداث التي تجري يوم القيامة تؤكد على أن المالك الحقيقي لهذا الكون هو الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: ( ) [الفرقان: ٢٦].

والمراد من الآية أن يوم القيامة إذا بدت أهوالها، وظهرت للمبعوثين أحوالها، علموا وتحققوا ذلك اليوم أن الملك للرحمن، ولم يتخصص ملكه بذلك اليوم، وإنما علمهم ويقينهم حصل لهم ذلك اليوم50.

ويتضح من خلال ما سبق أن أركان الإيمان بدءًا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر كلها حق اليقين، وهذا ما أكده القرآن الكريم، ولا جدال ولا ريب في ذلك.

الحق في الإخبار عن قصص السابقين

القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي لم ينله التحريف ولا التبديل كغيره من الكتب السماوية، فقد ذكر أنباء من سبق من الأمم والجماعات والأنبياء والأحداث التاريخية بوقائعها الصحيحة الدقيقة، كما يذكر شاهد العيان مع طول الزمن الذي يضرب في أغوار التاريخ إلى نشأة الكون الأولى، بما لا يدع مجالًا لإعمال الفكر، ودقة الفراسة.

ولم يعاصر محمد صلى الله عليه وسلم ذلك النبي الأمي تلك الأمم، وهذه الأحداث في قرونها المختلفة، حتى يشهد وقائعها، وينقل أنباءها، كما لم يتوارث كتبها ليدرس دقائقها، ويروي أخبارها.

قال سبحانه وتعالى: ( ﭤﭥ ) [القصص: ٤٤- ٤٥].

بل هي أخبار الغيب جاءت لتثبت صدق الوحي وصدق النبوة.

قال سبحانه وتعالى: ( ﮚﮛ ) [هود: ٤٩].

وقال سبحانه وتعالى: ( ) [يوسف: ٣].

وقال سبحانه وتعالى: ( ) [آل عمران: ٤٤].

فهذه الآيات وغيرها وردت في كتاب الله سبحانه وتعالى لتثبت أن ما ذكره القرآن الكريم من أخبار الأمم السابقة حق لا خيال فيه51، وبالتالي فإن القرآن حق، وأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق لا شك في ذلك ولا ريب.

أولًا: الحق في الإخبار عن الأمم السابقة:

ومن الأمثلة التي تؤكد ذلك قوله عز وجل: ( ﯖﯗ ) [الكهف: ١٣].

يقول الطبري: «نحن يا محمد نقص عليك خبر هؤلاء الفتية الذين آووا إلى الكهف بالحق، يعني: بالصدق واليقين الذي لا شك فيه ( ) يقول: إن الفتية الذين آووا إلى الكهف الذين سألك عن نبئهم الملأ من مشركي قومك، فتية آمنوا بربهم، ( ) يقول: وزدناهم إلى إيمانهم بربهم إيمانًا وبصيرة بدينهم، حتى صبروا على هجران دار قومهم، والهرب من بين أظهرهم بدينهم إلى الله، وفراق ما كانوا فيه من رغد العيش ولينه، إلى خشونة المكث في كهف الجبل»52.

ومن الأمثلة أيضًا: ما ورد في شأن ابني آدم عليه السلام، قال سبحانه وتعالى: ( ﮖﮗ ) [المائدة: ٧].

يقول ابن كثير: «يقول الله سبحانه وتعالى مبينًا وخيم عاقبة البغي والحسد والظلم في خبر ابني آدم لصلبه -في قول الجمهور- وهما: هابيل وقابيل، كيف عدا أحدهما على الآخر فقتله، بغيًا عليه وحسدًا له فيما وهبه الله من النعمة، وتقبل القربان الذي أخلص فيه لله عز وجل، ففاز المقتول بوضع الآثام والدخول إلى الجنة، وخاب القاتل ورجع بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه وتعالى: ( ) أي: واقصص على هؤلاء البغاة الحسدة، إخوان الخنازير والقردة من اليهود وأمثالهم وأشباههم خبر ابني آدم، وهما: هابيل وقابيل، فيما ذكره غير واحد من السلف والخلف، وقوله: () أي: على الجلية والأمر الذي لا لبس فيه، ولا كذب، ولا وهم ولا تبديل، ولا زيادة ولا نقصان، كما قال سبحانه وتعالى: ( ) [آل عمران: ٦٢].

وقال سبحانه وتعالى: ( ) [الكهف: ١٣].

وكان من خبرهما، فيما ذكره غير واحد من السلف والخلف، أن الله سبحانه وتعالى قد شرع لآدم عليه السلام أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال، ولكن قالوا: كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى، فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر، وكانت أخت هابيل ذميمة، وأخت قابيل مضيئة، فأراد أن يستأثر بها على أخيه، فأبى آدم ذلك إلا أن يقربا قربانًا، فمن يتقبل منه فهي له، فقربا فتقبل من هابيل، ولم يتقبل من قابيل، فكان من أمرهما ما قضى الله في كتابه»53.

ثانيًا: الحق في الإخبار عن الأنبياء السابقين:

أكد القرآن الكريم أن الأنبياء السابقين حق من عند الله سبحانه وتعالى، ومن الأمثلة التي تؤكد أن القصص القرآني حق لا جدال فيه، حديثه عن عيسى عليه السلام، قال سبحانه وتعالى: ( ﯓﯔ ) [مريم: ٣٤].

قال الطبري: «يقول تعالى ذكره هذا الذي بينت لكم صفته، وأخبرتكم خبره من أمر الغلام الذي حملته مريم هو عيسى بن مريم، وهذه الصفة صفته، وهذا الخبر خبره، وهو ( ) يعني: أن هذا الخبر الذي قصصته عليكم قول الحق، والكلام الذي تلوته عليكم قول الله وخبره، لا خبر غيره الذي يقع فيه الوهم والشك، والزيادة والنقصان، على ما كان يقول الله تعالى ذكره فقولوا في عيسى أيها الناس: هذا القول الذي أخبركم الله به عنه، لا ما قالته اليهود الذين زعموا أنه لغير رشدةٍ، وأنه كان ساحرًا كذابًا، ولا ما قالته النصارى: من أنه كان لله ولدًا، وإن الله لم يتخذ ولدًا، ولا ينبغي ذلك له»54.

يتضح مما سبق أن الأخبار التي نقلها القرآن الكريم عن الأمم السابقة ليس فيها مجال للتحريف أو التبديل والتغيير، بل هي أخبار صادقة حقة؛ لأنها من عند الله سبحانه وتعالى.

الحق في المعاملات

اقترن لفظ الحق بالآيات التي تتناول الحديث عن المعاملات الإسلامية، التي أكدت على وجوب إخراج هذا الحق، سواء كان هذا الحق في المال أو في الحكم والقضاء بين الناس، فلا يكون إلا من منطلق كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

أولًا: الحق في الأحكام الشرعية:

يرى العلماء أن الحكم الشرعي هو: «خطاب الله سبحانه وتعالى المتعلق بأفعال المكلفين طلبًا، أو تخييرًا، أو وضعًا»55.

وتنقسم الأحكام الشرعية إلى قسمين: تكليفية، ووضعية. فالتكليفية خمسة: الإيجاب، والتحريم، والندب، والكراهة، والإباحة. أما الوضعية فهي: السبب، والشرط، والمانع، والصحيح، والفاسد56.

وقد اقترن لفظ الحق في القرآن الكريم بالعديد من الأحكام الشرعية، ومن هذه الأحكام ما يأتي:

الواجب: هو ما طلب الشارع فعله من المكلف طلبًا حتمًا، بأن اقترن طلبه بما يدل على تحتيم فعله، كما إذا كانت صيغة الطلب نفسها تدل على التحتيم، أو دل على تحتيم فعله ترتيب العقوبة على تركه، أو أية قرينة شرعية أخرى57.

ومن الأمثلة التي تؤكد اقتران الحق بالواجب، قوله سبحانه وتعالى: ( ) [ص: ٢٢].

وقوله سبحانه وتعالى: ( ) [الأنعام: ١٤١].

وقوله سبحانه وتعالى: ( ) [الروم: ٣٨].

التحريم: المحرم هو ما طلب الشارع الكفّ عنه طلبًا حتمًا، بأن تكون صيغة طلب الكف نفسها دالة على أنه حتم58.

ومن الأمثلة التي تؤكد اقتران الحق بالمحرم ما ورد عند قوله سبحانه وتعالى: ( ﯼﯽ ﯿ ) [الأنعام: ١٥١].

وقوله سبحانه وتعالى: ( ﮛﮜ ﮧﮨ ) [الإسراء: ٣٣].

يتبيّن مما سبق أن لفظ الحق اقترن ببعض الأحكام الشرعية كالإيجاب والتحريم، وهذا يؤكد على مدى ثبات الأحكام الشرعية، وأنها حق من عند الله سبحانه وتعالى.

ثانيًا: الحق في الأموال:

اقترن لفظ الحق بالآيات التي تتناول الحديث عن مصارف المال من زكاة وصدقات، وأكدت الآيات على وجوب إخراج هذا الحق، وتوزيعه على مستحقيه، ومن الآيات التي تحدثت عن ذلك قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الذاريات: ١٩].

يقول أبو الطيب القنوجي: «أي: يجعلون في أموالهم، ويوجبون على أنفسهم حقًّا للسائل والمحروم؛ تقرّبًا إلى الله عز وجل بمقتضى الكرم، يصلون بها الأرحام والفقراء والمساكين، وقال محمد بن سيرين وقتادة: الحق هنا الزكاة المفروضة، والأول أولى، فتحمل على صدقة النفل، وصلة الرحم، وقري الضيف؛ لأن السورة مكية، والزكاة لم تفرض إلا بالمدينة»59.

ومن أمثلة ذلك قوله عز وجل: ( ) [المعارج: ٢٤، ٢٥].

قال ابن كثير: «أي في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات»60.

وقد حث القرآن الكريم على وجوب إعطاء أصحاب الحقوق من الصدقات حقوقهم، فقال سبحانه وتعالى: ( ) [الإسراء: ٢٦].

توصي الآية بغير الوالدين من الأقارب بعد التوصية بهما، وأن يؤتوا حقهم، وحقهم إذا كانوا محارم كالأبوين والولد، وفقراء عاجزين عن الكسب، وكان الرجل موسرًا أن ينفق عليهم عند أبي حنيفة، والشافعي لا يرى النفقة إلا على الولد والوالدين فحسب، وإن كانوا مياسير، أو لم يكونوا محارم، كأبناء العم، فحقهم صلتهم بالمودة والزيارة، وحسن المعاشرة والمؤالفة على السراء والضراء، والمعاضدة ونحو ذلك، ( ) يعني: وآت هؤلاء حقهم من الزكاة، وهذا دليل على أن المراد بما يؤتي ذوي القرابة من الحق، هو تعهدهم بالمال61.

كما قرن القرآن الكريم لفظ الحق بالوصية لمن لا يرث، وذلك عند قوله سبحانه وتعالى: ( ﯩﯪ ) [البقرة: ١٨٠].

قال الطبري: «( ) فرض عليكم أيها المؤمنون () إذا حضر أحدكم الموت ( ) والخير: المال، ( ) الذين لا يرثونه () وهو ما أذن الله فيه، وأجازه في الوصية مما لم يجاوز الثلث، ولم يتعمد الموصي ظلم ورثته ( ) يعني بذلك: فرض عليكم هذا وأوجبه، وجعله حقًّا واجبًا على من اتقى الله فأطاعه أن يعمل به»62.

كما بينت الآيات القرآنية أن زكاة الزروع حق يجب إخراجه، قال سبحانه وتعالى: ( ) [الأنعام: ١٤١].

أي: وآتوا الحق المعلوم فيما ذكر من الزرع وغيره، لمستحقيه من ذوي القربى واليتامى والمساكين، زمن حصاده جملة، ويدخل في الحصاد جني العنب، وصرم النخل63.

يتضح مما سبق أن القرآن الكريم اهتم بوجوب إخراج الزكاة بكافة أنواعها للمستحقين لها واعتبرها حقًّا يجب إيفاؤه.

ثالثًا: الحق في الحكم والقضاء بين الناس:

لا بد وأن يكون الحكم والقضاء بين الناس مقرونًا بالحق، الذي يتمثل بتنفيذ حكم الله سبحانه وتعالى، ولا يكون القضاء بالحق إلا من منطلق كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل: ( ) [غافر: ٢٠].

يقول الزمخشري: «يعني: والذي هذه صفاته وأحواله لا يقضي إلا بالحق والعدل؛ لاستغنائه عن الظلم»64.

وقد حث القرآن الكريم على وجوب أن يكون القضاء والحكم بين الناس بالحق، ومن الأمثلة على ذلك قوله عز وجل: ( ﯰﯱ ) [النساء: ١٠٥].

جاء هذا القول من رب العالمين لرسوله الكريم، دستورًا في القضاء بين الناس، والفصل في المنازعات التي تحدث بينهم، وهذا أمر يلتزم به ولي الأمر، القائم على القضاء بين المتخاصمين، فعليه أن يخلي نفسه من كل ما يندس إليها من مشاعر البغضة والعداوة للمذنب، الذي ينتظر جزاء ذنبه، وأنه إذا كان لولي الأمر أن ينكر المنكر، وأن يأخذ أهله بالقصاص، فإنه ليس له أن يكون خصمًا للمجرم المذنب وهو قاضيه والحاكم عليه؛ إذ لا يتفق أن يكون الإنسان خصمًا وحكمًا في وقت معًا65.

ومن الآيات التي أكدت على وجوب اقتران الحكم بين الناس بالحق قوله عز وجل: ( ﯿ ) [ص: ٢٦].

يعني: بالعدل والإنصاف66. ومن الأدلة أيضًا قوله عز وجل: ( ) [ص: ٢٢].

أي احكم بما يطابق أمر الله، ولا تبعد عن الحق أو تجاوزه، ( )، أي: بحيث لا تميل عن الحق أصلًا67.

ونخلص مما سبق إلى وجوب الحكم والقضاء بما شرع الله سبحانه وتعالى، وعدم الميل عن الحق والصواب لأي سبب من الأسباب؛ لأن في ذلك وقوعًا في الخطأ الذي يؤدي إلى عدم إعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم.

رابعًا: ما أوجبه الله للناس من حق:

حافظ القرآن الكريم على حقوق العباد، فأوجب الله سبحانه وتعالى لهم حقوقًا كثيرة، أهمها حق الحياة، فالحياة منحة ربانية للإنسان وهي الحق الأول له، وبه تبدأ سائر الحقوق، وعند انتهائه تنعدم الحقوق، ويعتبر حق الحياة مكفولًا في الشريعة الإسلامية لكل إنسان، ويجب على سائر الأفراد أولًا، والمجتمع ثانيًا، حماية هذا الحق من كل اعتداء، قال سبحانه وتعالى: ( ) [المائدة: ٣٢].

فالاعتداء على حياة فرد من أفراد الأمة الإسلامية اعتداء على الأمة كلها؛ لذا وجب القصاص على الجاني ليكون عبرة للآخرين، ولحماية المجتمع المسلم من العدوان والطغيان بغير حق.

وقد اقترن لفظ الحق في وجوب عدم الاعتداء على الآخرين بالقتل ظلمًا وعدوانًا، قال سبحانه وتعالى: ( ﯼﯽ ﯿ ) [الأنعام: ١٥١].

قال الطبري: «يعني بالنفس التي حرم الله قتلها، نفس مؤمن أو معاهد، وقوله: ( )، يعني بما أباح قتلها به: من أن تقتل نفسًا فتُقتَل قَودًا بها، أو تزني وهي محصنة فتُرجم، أو ترتدُّ عن دينها الحق فتُقتَل، فذلك الحق الذي أباح الله جل ثناؤه قتل النفس التي حرم على المؤمنين قتلها به»68.

ومن الآيات الدالة على اقتران لفظ الحق بوجوب عدم الاعتداء على النفس بغير حق قوله عز وجل: ( ﮛﮜ ) [الإسراء: ٣٣].

والمعنى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها، وهي نفس الإنسان إلا بسبب الحق، فحرم قتلها إلا بالحق، وحقها ألا تقتل إلا بكفر بعد إسلام، أو زنى بعد إحصان، أو قودًا بنفس69.

ومن الآيات الدالة على اقتران لفظ الحق بعدم الاعتداء على النفس المؤمنة، قوله عز وجل: ( ) [الفرقان: ٦٨].

يقول سيد قطب: «والتحرج من قتل النفس إلا بالحق، مفترق الطريق بين الحياة الاجتماعية الآمنة المطمئنة، التي تحترم فيها الحياة الإنسانية، ويقام لها وزن، وحياة الغابات والكهوف التي لا يأمن فيها على نفسه أحد، ولا يطمئن إلى عمل أو بناء»70.

يتبين لنا أن لفظ الحق اقترن بالآيات الدالة على وجوب الحفاظ على حياة المسلمين وعدم الاعتداء عليها بغير وجه حق، وهذا يدلل على مدى اهتمام القرآن الكريم بحياة هذا الإنسان؛ ليحيا سعيدًا في ظل ما كفل له الله سبحانه وتعالى من حقوق.

الحق في المثل القرآني

أثبت القرآن الكريم أن الأمثال القرآنية حق من عند الله سبحانه وتعالى، فقال عز وجل: ( ) [الفرقان: ٣٣].

بيَّن سبحانه وتعالى أن الأمثال من حجته البالغة على عباده، وأنه لم يعذب أمة بتكذيبها إلا بعد أن بيَّن لها الأمثال.

قال عز وجل: ( ﭬﭭ ﭿ ) [إبراهيم: ٤٤-٤٥].

وبيَّن سبحانه وتعالى أن الأمثال المضروبة في القرآن من أسباب الهداية، وأنه سبحانه وتعالى يهدي بها كثيرًا ممن تدبرها وانتفع بها، ويضل كثيرًا ممن أعرض عنها، فهي حق من عند الله سبحانه وتعالى.

وقد أثبت القرآن الكريم أن الأمثال القرآنية تتسم بأنها حق من عند الله سبحانه وتعالى، فقال عز وجل: ( ) [الفرقان: ٣٣].

وفي تفسير الآية قال الزمخشري: «إلا أتيناك بالجواب الحق الذي لا محيد عنه، وبما هو أحسن معنى ومؤدى من سؤالهم، ولما كان التفسير هو التكشيف عما يدل عليه الكلام، وضع موضع معناه، فقالوا: تفسير هذا الكلام: كيت وكيت، كما قيل: معناه كذا وكذا، أو لا يأتونك بحال وصفة عجيبة، يقولون: هلا كانت هذه صفتك وحالك، نحو: أن يقرن بك ملكٌ ينذر معك، أو يلقى إليك كنز، أو تكون لك جنة، أو ينزل عليك القرآن جملة، إلا أعطيناك نحن من الأحوال ما يحق لك في حكمتنا ومشيئتنا أن يعطاه، وما هو أحسن تكشيفًا لما بعثت عليه ودلالة على صحته.

يعني: أن تنزيله مفرقًا، وتحديهم بأن يأتوا ببعض تلك التفاريق، كلما نزل شيء منها أدخل في الإعجاز، وأنور للحجة من أن ينزل كله جملة، ويقال لهم: جيئوا بمثل هذا الكتاب في فصاحة مع بعد ما بين طرفيه، قيل لهم: إن حاملكم على هذه التساؤلات، أنكم تضلون سبيله، وتحتقرون مكانه، ومنزلته، ولو نظرتم بعين الإنصاف، وأنتم من المسحوبين على وجوههم إلى جهنم، لعلمتم أن مكانكم شر من مكانه، وسبيلكم أضل من سبيله»71.

وورد في التفسير الوسيط عند تفسير الآية: «المراد بالمثل: أقوالهم التي يلتمسون بها معارضة القرآن، والقدح في نبوته صلى الله عليه وسلم، ومن جملة هذه الأقوال ما حكى عنهم من اقتراحات خارجة عن حد المعقول، جارية لغرابتها مجرى الأمثال كقولهم: (ﭿ ﯕﯖ ) [الإسراء: ٩٠-٩٣].

والمعنى: لا يأتونك بكلام عجيب هو مثل هذا البطلان ( )، أي: بالجواب الثابت الذي لا محيد عنه، في مقابلة ما يصدر عنهم؛ محوًا لأباطيلهم، وقضاءً على أكاذيبهم التي أرادوا بها الطعن في رسالتك، وحسمًا لمادة القيل والقال التي دارت على ألسنتهم»72.

واقترن لفظ الحق بالأمثال القرآنية مصرحة كانت أو كامنة؛ ومن الأمثال المصرحة التي اقترن بها لفظ الحق قوله سبحانه وتعالى: ( ﯙﯚ ﯥﯦ ﯫﯬ ﯰﯱ ﯸﯹ ) [الرعد: ١٧].

قال القرطبي: «ضرب مثلًا للحق والباطل، فشبه الكفر بالزبد الذي يعلو الماء فإنه يضمحل، ويعلق بجنبات الأودية، وتدفعه الرياح، فكذلك يذهب الكفر ويضمحل»73.

ومن الأمثال القرآنية التي اقترنت بلفظ الحق مَثَل لم يشتمل على تشبيه ولا استعارة، وهو قوله سبحانه وتعالى: ( ﭖﭗ ﭣﭤ ﭫﭬ ﭵﭶ ) [الحج: ٧٣، ٧٤].

قال الشوكاني: «يعني أن الكفار جعلوا لله مثلًا بعبادتهم غيره، فكأنه قال: جعلوا لي شبهًا في عبادتي فاستمعوا خبر هذا الشبه، وقال القتبي: إن المعنى: يا أيها الناس مثل من عبد آلهة لم تستطع أن تخلق ذبابًا، وإن سلبها شيئًا لم تستطع أن تستنقذه منه. قال النحاس: المعنى: ضرب الله عز وجل لما يعبدونه من دونه مثلًا، قال: وهذا من أحسن ما قيل فيه، أي: بيّن الله لكم شبهًا ولمعبودكم، وأصل المثل جملة من الكلام متلقاة بالرضا والقبول، مسيرة في الناس، مستغربة عندهم، وجعلوا مضربها مثلًا لموردها، ثم قد يستعيرونها للقصة، أو الحالة أو الصفة المستغربة؛ لكونها مماثلة لها في الغرابة، كهذه القصة المذكورة في هذه الآية، والمراد بما يدعونه من دون الله: الأصنام التي كانت حول الكعبة وغيرها، وقيل: المراد بهم: السادة الذين صرفوهم عن طاعة الله؛ لكونهم أهل الحل والعقد فيهم، وقيل: الشياطين الذين حملوهم على معصية الله، والأول أوفق بالمقام، وأظهر في التمثيل، ثم بيَّن سبحانه وتعالى كمال عجزهم، وضعف قدرتهم فقال: ( )، أي: إذا أخذ منهم الذباب شيئًا من الأشياء لا يقدرون على تخليصه منه؛ لكمال عجزهم وفرط ضعفهم. والاستنقاذ والإنقاذ: التخليص، وإذا عجزوا عن خلق هذا الحيوان الضعيف، وعن استنقاذ ما أخذه عليهم، فهم عن غيره مما هو أكبر منه جرمًا، وأشد منه قوة، أعجز وأضعف، ثم عجب سبحانه وتعالى من ضعف الأصنام والذباب، فقال: ( )، فالصنم كالطالب، من حيث أنه يطلب خلق الذباب، أو يطلب استنقاذ ما سلبه منه، والمطلوب: الذباب، وقيل: الطالب: عابد الصنم، والمطلوب: الصنم، وقيل: الطالب: الذباب، والمطلوب: الآلهة، ثم بيَّن سبحانه وتعالى أن المشركين الذين عبدوا من دون الله آلهة عاجزة إلى هذه الغاية في العجز، ما عرفوا الله حق قدره، فقال: ( )، أي: ما عظموه حق تعظيمه، ولا عرفوه حق معرفته، حيث جعلوا هذه الأصنام شركاء له، مع كون حالها هذه الحال»74.

أما الأمثال الكامنة التي اقترن لفظ الحق بها، قوله سبحانه وتعالى: ( ) [يوسف: ٥١].

ومعناه: الآن تبيّن الحق ووضح، أي: انقطع عن الباطل بظهوره وبيانه75.

يتبين مما سبق أن القرآن الكريم أورد العديد من الأمثال القرآنية التي اقترنت بلفظ الحق، وفي ذلك دلالة واضحة على أن الأمثال القرآنية أدت الغرض الذي جاءت من أجله، بصورة رائعة موجزة، لها وقعها في النفس الإنسانية، بطريقة تؤكد على أن هذا القرآن العظيم هو كلام الله سبحانه وتعالى المعجز بآياته، الذي لا يستطيعه بشر.

موقف الناس من الحق

انقسم الناس منذ بدء الخليقة إلى قسمين:

قسم اتبع الحق الذي أراده الله سبحانه وتعالى، وتمسك به، وجاهد في سبيله، وابتلي لأجل ذلك في ماله وبدنه وأهله، وما حاد عن هذا الطريق، وهؤلاء هم الأنبياء والرسل عليهم السلام ومن تبعهم ورضي بالمنهج الذي جاءوا به من عند الله سبحانه وتعالى.

وقسم آخر أبى إلا أن يكون مع الساقطين المتخاذلين المعادين لله ولرسله ولدينه وللمؤمنين، وهؤلاء هم أتباع الشيطان من الكفرة والمنافقين، وغيرهم، الذين يقفون في طريق الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، فيحاربونهم بشتى السبل والوسائل التي يستطيعونها؛ لأنهم يعلمون أن في ارتقاء دعوة الحق هلاكًا وخذلانًا لهم.

ولنا في سيرة الأنبياء والمرسلين وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أكبر دليل على ذلك، وكذلك ما يكيده أتباع الشيطان من المشركين واليهود والنصارى ومن والاهم من المنافقين لأصحاب الحق في هذا الزمان في شتى بقاع الأرض، دون رادع يردعهم؛ وما كان ذلك إلا لأن هذه الطائفة المؤمنة تمسكت بدعوة الحق ورفضت الخنوع والاستسلام للشر وأهله، وقد أثبت القرآن الكريم في ست آيات من ست سور مكية ومدنية أن الحق هو المنهج الذي يرتضيه الله سبحانه وتعالى لعباده، وفي ذلك دلالة على أن الحق واحد لا يتعدد ولا يتبدل، قال عز وجل: ( ﭣﭤ ) [البقرة: ١٤٧].

قال الطبري: «يقول تعالى ذكره: اعلم يا محمد أن الحق ما أعلمك ربك وأتاك من عنده، لا ما تقول لك اليهود والنصارى، وهذا خبر من الله تعالى ذكره خبر لنبيه عليه السلام عن أن القبلة التي وجهه نحوها هي القبلة الحق التي كان عليها إبراهيم خليل الرحمن، ومن بعده من أنبياء الله عز وجل، يقول تعالى ذكره له: فاعمل بالحق الذي أتاك من ربك يا محمد، ولا تكونن من الممترين»76.

وأكد القرآن الكريم في سورة العصر أن كل إنسان صرف نفسه في أعمال الدنيا دون الآخرة لفي نقص وضلال عن الحق حتى يموت، أما الذين جمعوا بين الإيمان بالله والعمل الصالح فإنهم في ربح وفوز؛ لأنهم عملوا للآخرة، ولم تشغلهم أعمال الدنيا عنها، ووصى بعضهم بعضًا بالحق الذي يحق القيام به، وهو الإيمان بالله، والتوحيد والقيام بما شرعه الله، واجتناب ما نهى عنه77.

كما أكد القرآن الكريم أن الكفار لا يستجيبون للحق، بل يحاربونه بكل ما أوتوا من قوة، وهذا ما بينه القرآن في حق فرعون وقومه، الذين اعتبروا دعوة موسى عليه السلام سحرًا.

قال سبحانه وتعالى: ( ﯲﯳ ) [يونس: ٧٦- ٧٧].

والمعنى: لما جاءهم موسى بالحجج والبينات الدالة على الربوبية والألوهية، قالوا من فرط عتوهم وعنادهم: إنّ هذا لسحر واضح لمن رآه وعاينه، فقال لهم موسى عليه السلام على وجه الإنكار والتوبيخ: أتقولون للحق الواضح الظاهر -وهو أبعد الأشياء عن السحر الذي هو باطل- حين جاءكم دون أن تتروّوا وتتدبروا فيه: إنه سحر، وما ترونه بأعينكم من آيات الله، وترجف له قلوبكم من عظمته، لا يمكن أن يكون سحرًا من جنس ما تعرفونه وتصنعونه بأيديكم78.

وأكد القرآن أيضًا أن كفار قريش هم كمن سبقهم من الكفار، مكذبون بالحق، قال سبحانه وتعالى: ( ﯩﯪ ) [الأنعام: ٦٦].

قال النسفي: «( ): بالقرآن، أو بالعذاب، (): قريش، ( ) أي: بالصدق»79.

وبيَّن سبحانه وتعالى أن المنافقين يحاربون الله ورسوله في آيات كثيرة، منها قوله سبحانه وتعالى: ( ﮨﮩ ) [التوبة: ٦٧].

قال سيد قطب رحمه الله: «المنافقون والمنافقات من طينة واحدة وطبيعة واحدة، فالمنافقون في كل زمان وفي كل مكان تختلف أفعالهم وأقوالهم، ولكنها ترجع إلى طبع واحد، وتنبع من معين واحد، سوء الطوية ولؤم السريرة، والغمز والدس والضعف عن المواجهة، والجبن عن المصارحة، تلك سماتهم الأصيلة، أما سلوكهم فهو الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، والبخل بالمال إلا أن يبذلوه رئاء الناس، وهم حين يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف يستخفون بهما، ويفعلون ذلك دسًّا وهمسًا، وغمزًا ولمزًا؛ لأنهم لا يجرؤون على الجهر إلا حين يأمنون. إنهم ( ) فلا يحسبون إلا حساب الناس، وحساب المصلحة، ولا يخشون إلا الأقوياء من الناس، ويذلون لهم، ويدارونهم، () الله، فلا وزن لهم ولا اعتبار، وإنهم لكذلك في الدنيا بين الناس، وإنهم لكذلك في الآخرة عند الله»80.

وقد أمر سبحانه وتعالى بقتال كل من يقف في وجه الحق وأهله، إذا تحققت شروط القتال، قال سبحانه وتعالى: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [التوبة: ٢٩].

قال الطبري: «يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم: () أيها المؤمنون، القوم ( ﭿ )، يقول: ولا يصدقون بجنة ولا نار، ( )، يقول: ولا يطيعون الله طاعة الحق، يعني: أنهم لا يطيعون طاعة أهل الإسلام، ( )، وهم اليهود والنصارى»81.

يتبين مما سبق أن أهل الحق هم أتباع الأنبياء والرسل الذين يجب عليهم أن يقوموا بواجبهم، فيجاهدوا أهل الكفر والنفاق والصد عن دين الله سبحانه وتعالى، وهذا ما أمر الله سبحانه وتعالى به، وبدون ذلك يتفشى الكفر وينتشر، ويضيق على الحق وأهله. قال عز وجل: ( ﭕﭖ ﭧﭨ ﭸﭹ ﭽﭾ ﭿ ) [الحج: ٣٩-٤٠].

انتصار الحق وظهوره

إن الحق لا بد وأن يكون ظاهرًا؛ لأنه الأقوى دائمًا، كيف لا وأصحابه مؤيدون من الخالق جل جلاله! ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين هاجر من مكة إلى المدينة، ولحقه المشركون حتى وصلوا إلى باب الغار الذي يختبئ به هو وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه، فقال له أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما)82.

ومما يؤكد انتصار الحق ما ذكره القرآن عن موسى عليه السلام حين لحقه فرعون وجنوده، قال عز وجل: ( ﭛﭜ ) [الشعراء: ٦١- ٦٢].

وجاءه النصر من عند الله سبحانه وتعالى، فشق له البحر، وأنقذه من فرعون وجنوده.

أولًا: سنة الله قيام أمة من الناس بالحق:

أكدت الآيات القرآنية على أن وظيفة الرسل وأتباعهم هي الدعوة إلى الحق والقيام به على مر الزمان إلى قيام الساعة، ومن الآيات التي أكدت ذلك، قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الأعراف: ١٥٩].

قال الطبري: «يقول تعالى ذكره: ( ) يعني: من بني إسرائيل، ()، يقول: جماعة، ( )، أي: يستقيمون عليه ويعملون، ( )، أي: وبالحق يعطون ويأخذون، وينصفون من أنفسهم فلا يجورون»83.

ومن الآيات الدالة أيضًا على قيام أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بالحق، قوله سبحانه وتعالى: ( ) [الأعراف: ١٨١].

قال المراغي: «أي: وبعض ممن خلقنا جماعة كبيرة مؤلفة من شعوب وقبائل كثيرة، يهدون بالحق، ويدلون الناس على الاستقامة، وبالحق يحكمون في الحكومات التي تجري بينهم، ولا يجورون، فسبيلهم واحدة؛ لأن الحق واحد لا يتعدد، وهؤلاء هم أمة محمد عليه الصلاة والسلام، أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله سبحانه وتعالى: ( ) قال: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذه أمتي، بالحق يحكمون ويقضون، ويأخذون ويعطون»، وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة فيها قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأها: «وهذه لكم، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها، ( )»84. وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب، قال: «لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، يقول الله: ( ) فهذه هي التي تنجو من هذه الأمة»85.

يتبين مما سبق أن الله سبحانه وتعالى أوجد أمة من الناس على مر الزمان مهمتها القيام بالحق، والدفاع عنه، وهذه الفئة هي الأنبياء والرسل وأتباعهم.

الأسباب التي تعين على القيام بالحق:

إن القيام بالحق مكرمة من الله سبحانه وتعالى، يكرم بها الذين ارتضى لخدمة دينه، فهيأ جوارحهم للطاعة، ومنعهم من المعصية، وهيأهم لأن يكونوا عباده القادرين على القيام بالحق الذي ارتضاه.

ومن الأسباب التي تعين على القيام بالحق ما يأتي:

  1. الاستقامة على الدين القويم والصراط المستقيم، فالمؤمن لا بد وأن يستقيم على دين الله سبحانه وتعالى، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال عز وجل: ( ) [هود: ١١٢].
  2. اللجوء إلى الباري عز وجل، والافتقار إليه، فهو سبحانه وتعالى العاصم من كل الفتن، والعبد ليس له غنى عن ربه عز وجل مهما بلغت مكانته وعلت منزلته، قال جل جلاله: ( ) [الإسراء: ٧٤].
  3. بعد الإنسان عن محارم الله سبحانه وتعالى، وخوفه وخشيته من الله عز وجل، وعدم الانجرار وراء شهواته وأهوائه؛ حتى يستطيع القيام بالحق المكلف به.
  4. ملازمة أهل الحق؛ لأنهم يأمرونه بالمعروف، وينهونه عن المنكر، قال سبحانه وتعالى: ( ﭚﭛ ﭣﭤ ) [الكهف: ٢٨].
  5. أن يعلم أن الموت حق، فلا يجبن ولا يخاف، ويكون ذلك دافعًا له على القيام بالحق، قال سبحانه وتعالى: ( ﮧﮨ ) [الأعراف: ٣٤].
  6. الثبات وعدم التراجع عن الحق، وهذا ما حصل مع سحرة فرعون عندما عرفوا الحق ورأوا نوره الساطع، لم يهتموا بوعيد فرعون، ولم يلقوا لتهديده بالًا لما قال لهم: ( ) [طه: ٧١فكان ردهم عليه منبعث من قوة يقينهم وصلابة إيمانهم، قال تعالى: ( ﯛﯜ ﯠﯡ ) [طه: ٧٢].
  7. أن يكون على معرفة بسيرة الأنبياء والصالحين من عباد الله، الذين بذلوا الغالي والرخيص في سبيل نصرة الحق والقيام به، وأخذ العبرة والعظة منها، قال سبحانه وتعالى: ( ﭸﭹ ﭿ ) [هود: ١٢٠].

    ثانيًا: سنة الله نصر الحق وأهله:

    إن سنة الله سبحانه وتعالى في هذا الكون أن يكون النصر لأهل الحق في نهاية الصراع، فبعد أن يتراوح المؤمنون في هذا الصراع بين النصر والهزيمة، ويطول البلاء على المؤمنين، ويشتد الكرب، يتمخّض عن هذا كله انتصار واضح وساحق للحق وأهله على الباطل بكل أشكاله وألوانه، فينصر الله سبحانه وتعالى الضعفاء من المؤمنين، ويمكن لهم في الأرض، ويعلي كلمته، ويرفع رايته، ويهزم أعداءه، ويجعل الدائرة عليهم.

    وقد بينت كثير من الآيات القرآنية هذه الحقيقة، قال عز وجل: ( ﮝﮞ ) [الإسراء: ٨١].

    قال المراغي: «أي: وقل للمشركين مهددًا لهم: إنه قد جاءكم الحق الذي لا مرية فيه، ولا قبل لهم به، وهو ما بعثه الله به من القرآن والإيمان، والعلم النافع، واضمحل باطلهم وهلك؛ إذ لا ثبات له مع الحق، كما قال: ( ) [الأنبياء: ١٨]»86.

    ومن الأدلة التي ذكرها القرآن والتي تبين أن الحق منتصر في النهاية، قوله سبحانه وتعالى: ( ) [سبأ: ٤٨- ٤٩].

    قال سيد قطب رحمه الله: «وهذا الذي جئتكم به هو الحق، الحق القوي الذي يقذف به الله، فمن ذا يقف للحق الذي يقذف به الله؟! إنه تعبير مصور مجسم متحرك، وكأنما الحق قذيفة تصدع، وتخرق، وتنفذ، ولا يقف لها أحد في طريق، يقذف بها الله ( )، فهو يقذف بها عن علم، ويوجهها على علم، ولا يخفى عليه هدف، ولا تغيب عنه غاية، ولا يقف للحق الذي يقذف به معترض، ولا سدّ يعوق، فالطريق أمامه مكشوف ليس فيه مستور، ويتلوه الإيقاع الرابع في مثل عنفه: ( )، جاء هذا الحق في صورة من صوره، في الرسالة، وفي قرآنها، وفي منهجها المستقيم. قل: جاء الحق، أعلن هذا الإعلان، وقرر هذا الحدث، واصدع بهذا النبأ: جاء الحق، جاء بقوته، جاء بدفعته، جاء باستعلائه وسيطرته، ( )؛ فقد انتهى أمره وما عادت له حياة، وما عاد له مجال، وقد تقرر مصيره وعرف أنه إلى زوال. إنه الإيقاع المزلزل الذي يشعر من يسمعه أن القضاء المبرم قد مضى، وأنه لم يعد هناك مجال لشيء آخر يقال، وإنه لكذلك، فمنذ جاء القرآن استقر منهج الحق واتضح، ولم يعد الباطل إلا مماحكة ومماحلة أمام الحق الواضح الحاسم الجازم، ومهما يقع من غلبة مادية للباطل في بعض الأحوال والظروف، إلا أنها ليست غلبة على الحق، إنما هي غلبة على المنتمين إلى الحق، غلبة الناس لا المبادئ، وهذه موقوتة ثم تزول، أما الحق فواضح بيّن صريح»87.

    وقد جعل الله سبحانه وتعالى انتصار الحق على الباطل من محض إرادته سبحانه وتعالى، ولا راد لحكمه وقضائه، كما في قوله عز وجل: ( ) [الأنفال: ٧- ٨].

    وقوله سبحانه وتعالى: ( ) [يونس: ٨٢].

    وقوله أيضًا: ( ﮅﮆ ) [الشورى: ٢٤].

    وهذا كله موقوت بأمر الله سبحانه وتعالى: ( ) [غافر: ٧٨].

    جميع الآيات السابقة تقرر بوضوح إرادة الله سبحانه وتعالى في انتصار الحق على الباطل، وأن الحق أصيل وغالب، وأن الباطل ضعيف طارئ لا أصل له ولا أساس، وأن الله سبحانه وتعالى مع أهل الحق ينصرهم، ويؤيدهم، ويعينهم، ولا ينسى عباده ولا يتخلى عنهم، بل يقف إلى جانبهم، فيحق الحق ويبطل الباطل ويمحوه حتى لا يعود له أثر ولا وجود.

    قال سبحانه وتعالى: ( ) [الصف: ٨- ٩].

    موضوعات ذات صلة:

    الباطل، الجهاد، الحقوق، الدعوة


1 مقاييس اللغة ٢/١٥.

2 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٠/٤٩.

3 انظر: الصحاح، الجوهري ٤/١٤٦٠.

4 التعريفات، الجرجاني ص٣٩.

5 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص ٢٠٨-٢١٢.

6 انظر: الوجوه والنظائر، الدامغاني، ص١٨٨-١٩٠.

7 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٥/١٩٣.

8 انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/٥١١.

9 المفردات، الراغب الأصفهاني، ص ٢٧٧.

10 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص١٩٣.

11 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٠/٤٩.

12 المفردات، الراغب الأصفهاني ص١٢٥.

13 انظر: التعريفات، الجرجاني ص٩٥.

14 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ص٣٣.

15 انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص١٠٣٠.

16 انظر: المنار، محمد رشيد رضا ٥/١٤٢.

17 الفروق اللغوية، العسكري ص٢٣١.

18 انظر: الصحاح، الجوهري ٤/ ١٦٣٥، مختار الصحاح، الرازي ص ٣٦.

19 انظر: التعريفات، الجرجاني ص ٤٢.

20 جامع البيان ٥/٣٧٢.

21 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢٥/٨٧.

22 محاسن التأويل ٧/١٨١.

23 انظر: تفسير المراغي ٩/٣٢.

24 انظر: المصدر السابق ٩/١٧١.

25 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٢/١٤.

26 مفاتيح الغيب ٢٣/٢٤٦.

27 فتح القدير ٤/٢١.

28 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قوله سبحانه وتعالى: وجوه يومئذ ناضرة، رقم ٧٤٤٢، ٩/١٣٢.

29 انظر: صفات الله وآثارها في إيمان العبد، محمد حسن عبد الغفار ٩/٢.

30 إرشاد العقل السليم ٦/ ١٥٣.

31 التحرير والتنوير ١٨/١٣٥.

32 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص٩٤٩.

33 انظر: السراج المنير، الخطيب الشربيني ٢/١٩٤.

34 التحرير والتنوير ٣٠/٤٦٥.

35 جامع البيان ٦/١٢٥.

36 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الإيمان والإسلام والإحسان ١/٢٩، رقم ٨.

37 مراتب الإجماع ص١٧٤.

38 انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم ٣/٢٩٩.

39 النكت والعيون ١/٣٦٧.

40 مفاتيح الغيب ٢٦/٤١٩.

41 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٦/٥٢٠.

42 انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ١٢/٩٧٧.

43 انظر: جامع البيان، الطبري ٦/٥٧٦.

44 تفسير السمرقندي ٣/٩٨.

45 انظر: الطريق إلى الإسلام، محمد الحمد ص٦٨.

46 معالم التنزيل ٤/٢٧٣.

47 النكت والعيون ٥/٣٥٨.

48 الجواهر الحسان ٣/٩.

49 انظر: جامع البيان، الطبري ٢١/٣٤٤.

50 انظر: لطائف الإشارات، القشيري ٢/٦٣٣.

51 انظر: مباحث في علوم القرآن، مناع القطان ص٤٣.

52 جامع البيان ١٧/٦١٥.

53 تفسير القرآن العظيم ٣/٨٢.

54 جامع البيان ١٥/٥٣٤.

55 علم أصول الفقه، عبد الوهاب خلاف ص١٠١.

56 انظر: المعتصر من شرح مختصر الأصول، محمود المنياوي ص١٥.

57 علم أصول الفقه، عبدالوهاب خلاف ١٠٥.

58 المصدر السابق ص١١٣.

59 فتح البيان ١٣/١٩٥.

60 تفسير القرآن العظيم ٨/٢٤١.

61 انظر: الكشاف، الزمخشري ٢/٦٦١.

62 جامع البيان ٣/٣٨٤.

63 انظر: تفسير المراغي ٨/٥٢.

64 الكشاف ٤/١٥٩.

65 انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب ٣/٨٨٩.

66 انظر: جامع البيان، الطبري ٢٠/٧٧.

67 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٨/٢٤٧.

68 جامع البيان ١٢/ ٢٢١.

69 انظر: محاسن التأويل، القاسمي ٦/٤٥٩.

70 في ظلال القرآن ٥/٢٥٧٩.

71 الكشاف ٣/٢٧٩.

72 التفسير الوسيط، مجمع البحوث ٧/١٥١٢.

73 الجامع لأحكام القرآن ٩/٣١٣.

74 فتح القدير ٣/٤٦٩.

75 انظر: النكت والعيون، الماوردي ٣/٤٧.

76 جامع البيان ٣/١٩٠.

77 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٥/٦٠١.

78 انظر: تفسير المراغي ١١/١٤١.

79 مدارك التنزيل ١/٥١٢.

80 في ظلال القرآن ٣/١٦٧٣.

81 جامع البيان ١٤/١٩٨.

82 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر، رقم ٢٣٨١، ٤/١٨٥٤.

83 جامع البيان ١٣/١٧٢.

84 جامع البيان، الطبري ١٣/٢٨٦.

85 تفسير المراغي ٩/١٢٢.

86 تفسير المراغي ١٥/٨٥.

87 في ظلال القرآن ٥/٢٩١٦.