عناصر الموضوع

مفهوم البراء

البراء في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

البراءة في حق الله تعالى

براءة الأنبياء والصالحين من أقوامهم

براءة الشيطان من أتباعه

من صور البراءة يوم القيامة

الأسلوب القرآني في عرض البراء

ما يُتَبَرَأ منه

ثمرات البراءة ونتائجها

البراء

مفهوم البراء

أولًا: المعنى اللغوي:

برأ: الباء، والراء، والهمزة: يدل على أصلين في اللغة إليهما ترجع فروع الباب>

أحدهما: الخلق، يقال: برأ الله الخلق يبرؤهم براءً، والبارئ: الله جل ثناؤه، ومنه قوله تعالى: ( ) [البقرة: ٥٤].

والأصل الآخر: التباعد عن الشيء، يدل على التبرؤ، والتخلص، والتنزه، والتباعد، والتنصل والتزايل، وغير ذلك.

والبراء: مصدر برئت1؛ ولأنه مصدر فلا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث، فتقول: رجلٌ براء، ورجلان براء، ورجالٌ براء، وامرأة براء 2، وقوله تعالى: ( ) [التوبة: ١]. أي: إعذار وإنذار وتنزه3، وليلة البراء: ليلة يتبرأ القمر من الشمس، وهي أول ليلة من الشهر4.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

لقد عرف العلماء البراء اصطلاحًا بتعريفات عديدة منها:

«هو البعد، والخلاص، والعداوة بعد الإعذار والإنذار»5.

«بغض أعداء الله من المنافقين وعموم الكفار، وعداوتهم، والبعد عنهم، وجهاد الحربيين منهم بحسب القدرة»6.

«بغض الطواغيت التي تعبد من دون الله تعالى (من الأصنام المادية والمعنوية: كالأهواء والآراء)، وبغض الكفر (بجميع ملله) وأتباعه الكافرين، ومعاداة ذلك كله»7.

البراء في الاستعمال القرآني

وردت مادة (برأ) في القرآن الكريم (٣١) مرة، وما يخص منها موضوعنا (٢٣) مرة8.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٥

( ) [البقرة:١٦٧]

الفعل المضارع

٢

( ) [يوسف:٥٣]

الاسم

١٢

( ) [الممتحنة:٤]

المصدر

٣

( ) [التوبة:١]

اسم المفعول

١

( ) [النور:٢٦]

وجاء البراء في الاستعمال القرآني بمعناه اللغوي، وهو المفارقة والتباعد من الشيء ومزايلته9.

الألفاظ ذات الصلة

البراءة:

البراءة لغةً:

مصدر (بريء) إذا تنزه وتباعد، وبريء إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: ( ) قال ابن الأعرابي: بريء إذا تخلص من عهدة الرد به10.

البراءة اصطلاحًا:

لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، بل ينحدر منه.

الصلة بين البراء وبراءة:

لا يوجد فرق فهما بنفس المعنى، بل إن لفظة البراءة من اشتقاقات لفظة (برأ)، ويتضح ذلك من خلال تعريف البراء.

الترك:

الترك لغةً:

بمعنى التخلية عن الشيء، أي: البعد عنه، وترك الأمر، أي: طرحه وأهمله11، وهذا المعنى مشابه لمعنى البراء إلى حد كبير.

الترك اصطلاحًا:

لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.

الصلة بين الترك والبراء:

هناك تشابهٌ إلى حد كبير مع مصطلح البراء، فالبراء يشتمل على معنى المفارقة والتجنب والإهلاك والامتحان.

الولاء:

الولاء لغةً:

القرب والدنو والمحبة والنصرة12، قال الراغب الأصفهاني: «ولي: الولاء والتوالي: أن يحصل شيئان فصاعدًا حصولًا ليس بينهما ما ليس منهمـا، ويستعار ذلك للقـرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقـة والنصرة والاعتقاد، والولاية: النصرة»13.

الولاء اصطلاحًا:

التقرب إلى الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالمحبة والنصرة والطاعة، وغير ذلك من مظاهر الولاء14.

الصلة بين الولاء والبراء:

معنى الولاء يأتي على النقيض تمامًا من معنى البراء، فالبراء يعني البعد والطرح والبغض، أما الولاء فيعني القرب والحب والنصرة

البراءة في حق الله تعالى

أولًا: براءة الله عز وجل من المشركين:

قال تعالى: ( ) [التوبة: ١].

والمعنى: إلى الذين عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين؛ لأن العهود بين المسلمين والمشركين عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكن يتولى عقدها إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من يعقدها بأمره، ولكنه خاطب المؤمنين بذلك لعلمهم بمعناه، وأن عقود النبي صلى الله عليه وسلم على أمته كانت عقودهم؛ لأنهم كانوا لكل أفعاله فيهم راضين، ولعقوده عليهم مسلمين، فصار عقده عليهم كعقودهم على أنفسهم، فلذلك قال: ( )، لما كان من عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده15.

وقد جاء قوله تعالى: ( ﭸﭹ ) [التوبة: ٣].

معطوفًا على قوله تعالى: ( )

وموقع لفظ (أذان) كموقع لفظ (براءة) في التقدير، وهذا إعلام المشركين الذين لهم عهد بأن عهدهم انتقض16، وكما أن هذه الآية تقرر حكمًا شرعيًا، والمشرع هو الله أضيف صدور البراءة إليه سبحانه ، وعطف عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المقام؛ لأنه هو المبلغ عنه، والمنفذ لما يبلغه17.

قال الامام الرازي: «لقائل أن يقول: لا فرق بين قوله: ( ) وبين قوله: ( ﭸﭹ ) فما الفائدة في هذا التكرير؟

والجواب عنه من وجوه:

الوجه الأول: أن المقصود من الكلام الأول الإخبار بثبوت البراءة، والمقصود من هذا الكلام إعلام جميع الناس بما حصل وثبت.

والوجه الثاني: أن المراد من الكلام الأول البراءة من العهد، ومن الكلام الثاني البراءة التي هي نقيض الموالاة الجارية مجرى الزجر والوعيد، والذي يدل على حصول هذا الفرق أن في البراءة الأولى بريء إليهم، وفي الثانية: بريء منهم، والمقصود أنه تعالى أمر في آخر سورة الأنفال المسلمين بأن يوالي بعضهم بعضًا، ونبه به على أنه يجب عليهم أن لا يوالوا الكفار وأن يتبرءوا منهم، فههنا بين أنه تعالى كما يتولى المؤمنين فهو يتبرأ عن المشركين ويذمهم ويلعنهم، وكذلك الرسول؛ ولذلك أتبعه بذكر التوبة المزيلة للبراءة.

والوجه الثالث: في الفرق أنه تعالى في الكلام الأول، أظهر البراءة عن المشركين الذين عاهدوا ونقضوا العهد، وفي هذه الآية أظهر البراءة عن المشركين من غير أن وصفهم بوصف معين؛ تنبيهًا على أن الموجب لهذه البراءة كفرهم وشركهم»18.

ثانيًا: تبرأة الله لموسى عليه السلام:

قال تعالى: ( ﮞﮟ ) [الأحزاب: ٦٩]

لقد حكى القرآن الكريم ألوانًا من إيذاء بني إسرائيل لموسى عليه السلام، ومن ذلك قولهم له: ( ) [البقرة: ٥٥].

وقولهم: ( ) [الأعراف: ١٣٨].

ومن إيذائهم له عليه السلام ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن موسى كان رجلًا حييًا ستيرًا، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر، إلا من عيب بجلده: إما برص وإما أدرة19: وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يومًا وحده، فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عريانًا أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبًا من أثر ضربه، ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا، فذلك قوله: ( ﮞﮟ ) [الأحزاب: ٦٩])20.

قال ابن عاشور: «معنى ( ) أظهر براءته عيانًا؛ لأن موسى كان بريئًا مما قالوه من قبل أن يؤذوه بأقوالهم، فليس وجود البراءة منه متفرعة على أقوالهم، ولكن الله أظهرها عقب أقوالهم، فإن الله أظهر براءته من التغرير بهم إذ أمرهم بدخول أريحا، فثبت قلوبهم وافتتحوها، وأظهر براءته من الاستهزاء بهم إذ أظهر معجزته حين ذبحوا البقرة التي أمرهم بذبحها فتبين من قتل النفس التي ادارأوا فيها، وأظهر سلامته من البرص والأدرة حين بدا لهم عريانًا لما انتقل الحجر الذي عليه ثيابه. ومعنى: ( )برأه من مضمون قولهم لا من نفس قولهم؛ لأن قولهم قد حصل وأوذي به، وهذا كما سموا السبة القالة»21.

واختتام الآية بقوله تعالى: ( ) توضح سبب عناية الله عز وجل بتبرئة نبيه موسى عليه السلام، والوجيه: هو صاحب الجاه والمكانة، فكانت لموسى عليه السلام مكانة عظيمة عند الله تعالى ، وهذا تسفيه للذين آذوه بأنهم آذوه بما هو مبرأ منه، وتنويه وتوجيه لتنزيه الله إياه بأنه مستحق لتلك التبرئة؛ لأنه وجيه عند الله تعالى 22.

وأولى الأقوال وأصوبها في قضية تبرئة موسى عليه السلام ما قاله الإمام الطبري: «أن يقال: إن بني إسرائيل آذوا نبي الله ببعض ما كان يكره أن يؤذى به، فبرأه الله مما آذوه به، وجائز أن يكون ذلك كان قيلهم: إنه أبرص، وجائز أن يكون كان ادعاءهم عليه قتل أخيه هارون، وجائز أن يكون كل ذلك؛ لأنه قد ذكر كل ذلك أنهم قد آذوه به، ولا قول في ذلك أولى بالحق مما قال الله إنهم آذوا موسى، فبرأه الله مما قالوا»23.

براءة الأنبياء والصالحين من أقوامهم

أولًا: براءة إبراهيم عليه السلام والمؤمنين معه:

قال تعالى: ( ) [الممتحنة: ٤].

والمعنى: قد كان لكم- أيها المؤمنون- أسوة حسنة، وخصلة حميدة، ومنقبة كريمة، في قصة أبيكم إبراهيم عليه السلام ، وفي قصة الذين آمنوا معه، وقت أن قالوا لقومهم الكافرين، بشجاعة وقوة: إنا برآء منكم، ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله عز وجل، وإننا قد كفرنا بكم وبمعبوداتكم، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغض على سبيل التأبيد والاستمرار، ولن نتخلى عن ذلك معكم، حتى تؤمنوا بالله - تعالى وحده-، وتتركوا عبادتكم لغيره تعالى 24.

قال صاحب الكشاف: «لقد كان في إبراهيم ومن آمن معه مذهب حسن مرضي، جدير بأن يؤتسى به، ويتبع أثره، وهو قولهم لكفار قومهم ما قالوا، حيث كاشفوهم بالعداوة، وقشروا لهم العصا، وأظهروا لهم البغضاء والمقت، وصرحوا بأن سبب عداوتهم وبغضائهم، ليس إلا كفرهم بالله، وما دام هذا السبب قائمًا، كانت العداوة قائمة، حتى إن أزالوه وآمنوا بالله وحده، انقلبت العداوة موالاة، والبغضاء مودة، والمقت محبة، فأفصحوا عن محض الإخلاص»25.

فيوضح القرآن الكريم كيف أعلن إبراهيم عليه السلام والمؤمنون معه بكل شجاعة وشدة، إيمانهم الكامل بالحق، وبراءتهم وكراهيتهم واحتقارهم، لكل من أشرك مع الله عز وجل في العبادة آلهة أخرى، وأنهم لم يكتفوا بالتغيير القلبي للمنكر، بل جاهروا بعداوتهم له، وبالتنزه عن اقترابهم منه26.

وفي موضع آخر يعلن إبراهيم عليه السلام براءته من شرك قومه صراحة، قال تعالى: ( ﮚﮛ ) [الأنعام: ٧٨].

قال الإمام الطبري: « فلما رأى إبراهيم الشمس طالعةً، قال: هذا الطالع ربي، ( )، يعني: هذا أكبر من الكوكب والقمر ( )، يقول: فلما غابت، قال إبراهيم عليه السلام لقومه: ( ) أي: من عبادة الآلهة والأصنام ودعائه إلهًا مع الله تعالى »27.

ثانيًا: براءة نوح عليه السلام:

قال تعالى: ( u ¡ ﯟﯠ ﯨﯩ Å) [هود: ٣٢-٣٥].

والمعنى: قال قوم نوح له: قد طال منك هذا الجدال، وهو المراجعة في الحجة ومقابلة الأقوال ومناقشتها حتى تقع الغلبة، فأتنا بما تعدنا به من العذاب والهلاك المعجل في الدنيا، إن كنت صادقًا في ادعائك أن الله يعذبنا على عصيانه في الدنيا قبل الآخرة، أجاب نوح قومه عن اتهامه بكثرة الجدال قائلًا: ليس إنزال العذاب أو العقاب بيدي، وليس لي توقيته، وإنما ذلك بيد الله، وهو الآتي به إن شاء وإذا شاء، ولستم من المنعة بحال من يفلت أو يعتصم لتنجوا، وإنما أنتم في قبضة القدرة الإلهية، وتحت سلطان الملك الإلهي، وليس نصحي بنافع، ولا إرادتي الخير لكم مغنية إذا كان الله تعالى قد أراد بكم الإغواء والإضلال والإهلاك، الله ربكم، أي خالقكم والمتصرف في أموركم، وهو الحاكم العادل الذي لا يجور، وإليه ترجعون في الآخرة، فيجازيكم بما كنتم تعملون في هذا العالم من خير أو شر.

وقوله سبحانه: ( ﯨﯩ) اختلف المفسرون في هذه الآية.

فقال الطبري: «أن هذه الآية معترضة في قصة نوح، وهي في شأن محمد صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش، ويحتمل كون الكلام في شأن نوح عليه السلام، فإن قومه زعموا أن العذاب الذي توعدهم به أمر مفترى بقصد إرهابهم.

والراجح أن هذه الآية من محاورة نوح لقومه، كما قال ابن عباس؛ لأنه ليس قبل هذا الكلام ولا بعده إلا ذكر نوح وقومه، والخطاب منهم ولهم، وهم يقولون: افترى ما أخبركم به من دين الله، وعقاب من أعرض عنه، ففي هذه الآية إعلان صريح من نوح أنه بريء من أعمال قومه وشركهم»28.

وفي موضع آخر يتحدى نوح قومه بأنه لا يكترث بتهديد ووعيد قومه له.

قال تعالى: ( C ﭹﭺ ﭿﮀ V ) [يونس: ٧١ - ٧٢].

يقول نوح عليه السلام لقومه: إن كان قد شق عليكم وعظم قيامي معكم للدعوة إلى عبادة ربكم، وتذكيري ووعظي إياكم بآيات الله أي بحججه وبراهينه الدالة على وحدانيته وعبادته، فإني توكلت على الله وحده ووثقت به، فلا أبالي ولا أكف عن دعوتي ورسالتي، سواء عظم عليكم أو لا، فأجمعوا أمركم، أي اعزموا على ما تريدون من أمر تفعلونه بي، أنتم وشركاؤكم الذين تعبدونهم من دون الله من صنم ووثن، ولا تجعلوا أمركم الذي تعتزمونه خفيًا ملتبسًا عليكم، بل أظهروه لي، وتبصروا فيه، وافصلوا حالكم معي، فإن كنتم تزعمون أنكم محقون فاقضوا إلى ذلك الأمر ونفذوه بالفعل، ولا تؤخروني ساعة واحدة عن تنفيذ هذا القضاء، فمهما قدرتم فافعلوا، فإني لا أبالي بكم ولا أخاف منكم لأنكم لستم على شيء29.

ثالثًا: براءة هود عليه السلام:

قال تعالى: ( ä ﭗﭘ ﭡﭢ ﭤﭥ ) [هود: ٥٣-٥٥].

بعد أن دعا نبي الله هود عليه السلام قومه لعبادة الله وحده، وحذرهم من الإعراض عنه سبحانه ، وناداهم بلفظ: -يا قوم- ثلاث مرات، توددًا إليهم، وتذكيرًا لهم بآصرة القرابة التي تجمعهم وإياه؛ لعل ذلك يستثير مشاعرهم، ويحقق اطمئنانهم إليه، كان جوابهم: ما جئتنا بحجة وبرهان على ما تدعيه أنك رسول من عند الله، ولن نترك عبادة آلهتنا بمجرد قولك: اتركوهم، وما نحن لك بمصدقين، فكان جوابهم متضمنًا أربعة أشياء كلها عناد وحماقة واستكبار، وهي المطالبة بالبينة والإصرار على عبادة الآلهة.

قوله تعالى:( )قال الامام الزمخشري فيها ما ملخصه «أي: مسك بجنون لسبك إياها، وصدك عنها، وعداوتك لها، مكافأة لك منها على سوء فعلك بسوء الجزاء، فمن ثم صرت تتكلم بكلام المجانين وتهذي بهذيان المبرسمين»30.

ثم قال: «وقد دلت ردودهم المتقدمة على أن القوم كانوا جفاة غلاظ الأكباد، لا يبالون بالبهت، ولا يلتفتون إلى النصح، ولا تلين شكيمتهم للرشد، وهذا الأخير دال على جهل مفرط، وبلهٍ متناه، حيث اعتقدوا في حجارة أنها تنتصر وتنتقم...»31.

وبعد أن استمع هود عليه السلام إلى ردودهم القبيحة، فما كان منه إلا أن يقف منهم موقف المتبريء من شركهم، والمتحدي لطغيانهم، والمعتمد على الله- تعالى وحده- في الانتصار عليهم، ولقد حكى القرآن رده عليهم فقال: ( ) أي: أشهد الله على نفسي واشهدوا علي أني بريء من شرككم ومن عبادة الأصنام، ولا يعني هذا أنهم كانوا أهلًا للشهادة، ولكنه نهاية للتقرير، أي لتعرفوا، ولم يقل: (إني أشهد الله وأشهدكم) لئلا يفيد التشريك بين الشهادتين والتسوية بينهما؛ فإن إشهاد الله على البراءة من الشرك إشهاد صحيح ثابت في معنى تثبيت التوحيد، وأما إشهادهم فما هو إلا تهاون بدينهم، ودلالة على قلة المبالاة بهم، وإذا كنت بريئًا من جميع الأنداد والأصنام، أي مما تشركون من دون الله، فإني أعلن ذلك صراحة، فاجمعوا كل ما تستطيعون من أنواع الكيد لي، جميعًا أي أنتم وآلهتكم، ولا تمهلوني طرفة عين، إني فوضت أمري كله لله ربي وربكم، ووكلته في حفظي، فهو على كل شيء قدير32.

ويمكننا أن نخلص إلى أن رد هود عليه السلام على قومه تضمن عدة أمور وهي: التحدي والمعجزة الباهرة، وقلة المبالاة بهم وبتهديدهم، والبراءة من شركهم، وإشهاد الله على ذلك، وإشهادهم على براءته من شركهم، وطلبه المكايدة له، وإظهار قلة المبالاة بهم، وعدم خوفه منهم ومن آلهتهم.

رابعًا: براءة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: ( ﭕﭖ ﭘﭙ ﭜﭝ ﭥﭦ ﭭﭮ ﭱﭲ )[الأنعام: ١٩].

قال الإمام الطبري: «يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء المشركين، الجاحدين نبوتك، العادلين بالله، ربًا غيره: ( )، أيها المشركون ( )، يقول: تشهدون أن معه معبودات غيره من الأوثان والأصنام»33.

قال الإمام الرازي: «واعلم أن هذا الكلام دال على إيجاب التوحيد والبراءة عن الشرك من ثلاثة أوجه:

أولها: قوله: ( ﭱﭲ) أي: لا أشهد بما تذكرونه من إثبات الشركاء.

وثانيها: قوله: ( ) وكلمة إنما تفيد الحصر، ولفظ الواحد صريح في التوحيد ونفي الشركاء.

وثالثها: قوله: ( ) وفيه تصريح بالبراءة عن إثبات الشركاء، فثبت دلالة هذه الآية على إيجاب التوحيد بأعظم طرق البيان وأبلغ وجوه التأكيد.

قال العلماء: المستحب لمن أسلم ابتداء أن يأتي بالشهادتين، ويتبرأ من كل دين سوى دين الإسلام.

ونص الشافعي رحمه الله على استحباب ضم التبري إلى الشهادة؛ لقوله: وإنني بريء مما تشركون عقيب التصريح بالتوحيد»34.

ومما يتصل بسياق الآية قوله تعالى: ( ﰎﰏ )[يونس: ٤١].

قال الإمام الطبري: «وإن كذبك يا محمد، هؤلاء المشركون، وردوا عليك ما جئتهم به من عند ربك، فقل لهم: أيها القوم، لي ديني وعملي، ولكم دينكم وعملكم، لا يضرني عملكم، ولا يضركم عملي، وإنما يجازى كل عامل بعمله (ﰎﰏ )، لا تؤاخذون بجريرته ( ) لا أوخذ بجريرة عملكم»35.

قال ابن تيمية: «فقد أمره الله أن يتبرأ من عمل كل من كذبه وتبريه هذا يتناول المشركين وأهل الكتاب»36.

فقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة، أن يظهر البراءة من أعمال الكفار القبيحة إنكارًا لها، وإظهارًا لوجوب التباعد عنها، وبين هذا المعنى في سورة الكافرون37.

ومن الآيات التي تحدثت عن تهديد النبي صلى الله عليه وسلم لعشيرته بالبراءة، قوله تعالى: (ﭿ R Y a) [الشعراء: ٢١٤-٢١٦].

ومعنى هذه الآيات: فإن عصتك يا محمد صلى الله عليه وسلم عشيرتك الأقربون الذين أمرتك بإنذارهم، وأبوا إلا الإقامة على عبادة الأوثان، والإشراك بالرحمن، فقل لهم: (إني بريءٌ مما تعملون) من عبادة الأصنام ومعصية باريء الأنام38.

وهذه الآية تفريع على قوله تعالى: (ﭿ ) أي: فإن عَصَوْا أمرك المستفاد من الأمر بالإنذار، أي: فإن عصاك عشيرتك فما عليك إلا أن تتبرأ من عملهم، فالتبرؤ إنما هو من كفرهم، وإنما أُمِرَ أن يقول لهم ذلك؛ لإظهار أنهم أهلٌ للتبرؤ من أعمالهم، فلا يقتصر على إضمار ذلك في نفسه39.

براءة الشيطان من أتباعه

يعتبر الشيطان من ألد الأعداء للإنسان منذ بداية الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولقد أخذ الشيطان العهد على نفسه أمام الله عز وجل على إغواء بني آدم وإضلالهم، ولكن يأتي يوم على الشيطان يعلن براءته من الإنسان، وسوف نتعرف على بعض المواقف التي يتبرأ فيها الشيطان من أتباعه:

أولًا: براءة الشيطان من المشركين في بدر:

قال تعالى: ( ﭿ ﮂﮃ ﮕﮖ ) [الأنفال: ٤٨].

ألقى الشيطان في روع المشركين أنهم لا يغلبون لكثرة عددهم، وعددهم، وأوهمهم أن اتباعهم إياه فيما يظنون أنها قربات تجعله مجيرًا لهم، وحافظًا إياهم عن السوء حتى قالوا: اللهم انصر أهدى الفئتين، وأفضل الدينين، ولكن حينما التقت الفئتان، فئة المؤمنين وفئة المشركين ولى الشيطان مدبرًا وقال للكافرين: ( ) أي: من عهدكم وجواركم ونصرتكم، إني أرى من الملائكة النازلة لتأييد المؤمنين مالا ترونه أنتم، إني أخاف الله أن يعذبني قبل يوم القيامة، أو إني أخاف الله أن يصيبني بمكروه من قبل ملائكته40.

ثانيًا: براءة الشيطان ممن دعاهم للكفر يوم القيامة:

قال تعالى: ( ﮗﮘ ﮣﮤ ﮨﮩ ﮯﮰ ﯗﯘ ) [إبراهيم: ٢٢].

لقد قام الشيطان للكافرين في هذا اليوم مقامًا يقصم ظهورهم، ويقطع قلوبهم، فأوضح لهم أن مواعيده التي كان يعدهم بها في الدنيا باطلة معارضة لوعد الحق من الله تعالى وأنه أخلفهم ما وعدهم به، ثم أوضح لهم بأنهم قبلوا قوله بما لا يتفق مع العقل؛ لعدم الحجة التي لابد للعاقل منها في قبول قول غيره، ثم أوضح لهم بأنه لم يكن منه إلا مجرد الدعوة العاطلة عن البرهان، الخالية عن أيسر شيء مما يتمسك به العقلاء، ثم نعى عليهم ما وقعوا فيه، ودفع لومهم له، وأمرهم بأن يلوموا أنفسهم؛ لأنهم هم الذين قبلوا الباطل البحت الذي لا يلتبس بطلانه على من له أدنى عقل، ثم أوضح لهم بأنه لا نصر عنده ولا إغاثة، بل هو مثلهم في الوقوع في البلية، ثم صرح لهم بأنه قد تبرأ مما اعتقدوه فيه وأثبتوه له، وهو إشراكه مع الله تعالى فتضاعفت عليهم الحسرات، وتوالت عليهم المصائب41.

من صور البراءة يوم القيامة

أولًا: براءة الرؤساء والكبراء من أتباعهم:

قال تعالى: ( ﮟﮠ ) [البقرة: ١٦٦].

يوم القيامة يتبرأ الرؤساء والكبراء من مرءوسيهم، حين يجمع القادة والأتباع، فيتبرأ بعضهم من بعض حال رؤيتهم جميعًا للعذاب وأسبابه ومقدماته، وما أعد لهم من شقاء وآلام، وقد ترتب على كل ذلك أن تقطع ما بين الرؤساء والأذناب من روابط كانوا يتواصلون بها في الدنيا، وصار كل فريق منهم يلعن الآخر ويتبرأ منه42.

قال الطبري: «أخبر تعالى أن المتبعين على الشرك بالله يتبرءون من أتباعهم حين يعاينون عذاب الله. ولم يخصص بذلك منهم بعضًا دون بعض، بل عم جميعهم. فداخلٌ في ذلك كل متبوع على الكفر بالله والضلال أنه يتبرأ من أتباعه الذين كانوا يتبعونه على الضلال في الدنيا، إذا عاينوا عذاب الله في الآخرة»43.

قوله تعالى: ( ) يشمل الكل، ( ) أي: عنهم، مثل قوله: ( ) [الفرقان: ٥٩].

وفي الأسباب أربعة أقوال:

أحدها: أنها المودات، وإلى نحوه يذهب ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.

والثاني: أنها الأعمال، رواه السدي عن ابن مسعود، وابن عباس، وهو قول أبي صالح وابن زيد.

والثالث: أنها الأرحام، رواه ابن جريج عن ابن عباس.

والرابع: أنها تشمل جميع ذلك 44.

ثانيًا: تمني التابعين للرؤساء العودة للدنيا للتبرؤ منهم:

قال تعالى: ( ﯘﯙ ﯟﯠ ) [البقرة: ١٦٧].

يقول الذين كانوا تابعين لغيرهم في الباطل: ليت لنا رجعة إلى الحياة الدنيا، فنتبرأ من هؤلاء الذين اتبعناهم وأضلونا السبيل، كما تبرءوا منا في هذا اليوم العصيب، ولنشفي غيظنا منهم؛ لأنهم خذلونا وأوردونا موارد التهلكة والعذاب الأليم، مثل ذلك الذي رأوه من العذاب، يريهم الله جزاء أعمالهم حسرات عليهم، أي أن الله يظهر لهم أن أعمالهم كان لها أسوأ الأثر في نفوسهم؛ لما ورثته فيها من حسرة وشقاء وخسران، فهي تذهب وتضمحل، ولن يخرجوا من النار إلى الدنيا لشفاء كيدهم وغيظهم من رؤسائهم، وهذا ما يؤكده قوله تعالى: ( ) أي: أنهم خالدون في النار ولن يخرجوا منها أبدًا 45.

الأسلوب القرآني في عرض البراء

نـزل القرآن بلسان عربي مبين، على أفصح العرب وأقومهم لسانًا، وكان القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى للرسول صلى الله عليه وسلم حيث تحداهم الله أن يأتوا بمثله، بل أن يأتوا بسورة منه، فهذا القرآن المعجزة يقف المسلم أمامه منبهرًا، بين الإعجاز وبين سلاسة الأسلوب وسهولة العبارة، وسنتعرف على أسلوب القرآن الكريم في عرض موضوع البراء.

أولًا: أسلوب الطلب:

أساليب الطلب في اللغة تأتي على عدة صور، منها:

١. صيغة الأمر.

قال تعالى: ( ) [الشعراء: ٢١٦].

أي: إن أبوا قبول دعوتك إلى التوحيد، ورفضوا ما تدعوهم إليه، فأخبرهم يا محمد صلى الله عليه وسلم بأنك بريء مما يعملون46.

قال تعالى: ( ) [الكافرون ١-٦].

والمعنى: قل يا محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها الكافرون، لا أعبد على الإطلاق ما تعبدون من الأصنام والأوثان، فلست أعبد آلهتكم بأية حال، والآية تشمل كل كافر على وجه الأرض، ( ) أي: ولستم أنتم ما دمتم على شرككم وكفركم عابدين الله الذي أعبد، فهو الله وحده لا شريك له، فهذه الآيات تنفي الاتحاد في العبادة، والمقصود من ذلك المبالغة التامة في البراءة من معبوداتهم الباطلة، ومن عبادتهم الفاسدة.

فنرى السورة الكريمة، قد قطعت كل أمل توهم الكافرون عن طريقه الوصول إلى مهادنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلى الاستجابة لشيء من مطالبهم الفاسدة، وإنما هو صلى الله عليه وسلم بريء براءة تامة منهم ومن معبوداتهم وعباداتهم47.

قال تعالى: ( ﰎﰏ ) [يونس: ٤١].

أي: أخبرهم بأنهم لا يؤاخذون بعملك ولا تؤاخذ أنت بعملهم، فهم بريئون منك وأنت بريء منهم48.

٢. صيغة النهي.

قال تعالى: ( ) [الممتحنة: ١].

أي: يا أيها المصدقون بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا عدوي وعدوكم أنصارًا وأصدقاءً وأعوانًا لكم، بل لابد أن تتبرؤوا منهم ومن أعمالهم49.

وبنفس المعنى في قوله تعالى: ( ) [التوبة: ٢٣].

ثانيًا: أسلوب الخبر:

قال تعالى: ( ) [الأنعام: ٧٨].

بعدما تعرف إبراهيم عليه السلام على الإله الحق، أخبر قومه بأنه بريء من كل الآلهة التي يعبدونها من دون الله تعالى 50.

قال تعالى: ( ) [الأنفال: ٤٨].

أي: فلما رأى إبليس الملائكة ( ) 51.

ومن الأساليب الخبرية ما يكون مؤكدًا بإن، كقوله تعالى: ( ) [الزخرف: ٢٦].

أي: بريء مما تعبدون من أصنام لا أعبدها 52.

وبنفس المعنى في قوله تعالى: ( ) [الأنعام: ١٩].

وقوله تعالى: ( ﭸﭹ ).

ثالثًا: أسلوب الحوار:

١. حوار نوح عليه السلام مع قومه.

قال تعالى: ( u ¡ ﯟﯠ ﯨﯩ Å) [هود: ٣٢-٣٥].

والمعنى: قال قوم نوح له: قد طال منك هذا الجدال، وهو المراجعة في الحجة ومقابلة الأقوال ومناقشتها حتى تقع الغلبة، فأتنا بما تعدنا به من العذاب والهلاك المعجل في الدنيا، إن كنت صادقًا في ادعائك أن الله يعذبنا على عصيانه في الدنيا قبل الآخرة، أجاب نوح قومه عن اتهامه بكثرة الجدال قائلًا: ليس إنزال العذاب أو العقاب بيدي، وليس لي توقيته، وإنما ذلك بيد الله، وهو الآتي به إن شاء وإذا شاء، ولستم من المنعة بحال من يفلت أو يعتصم لتنجوا، وإنما أنتم في قبضة القدرة الإلهية، وتحت سلطان الملك الإلهي، وليس نصحي بنافع، ولا إرادتي الخير لكم مغنية إذا كان الله تعالى قد أراد بكم الإغواء والإضلال والإهلاك، الله ربكم، أي خالقكم والمتصرف في أموركم، وهو الحاكم العادل الذي لا يجور، وإليه ترجعون في الآخرة، فيجازيكم بما كنتم تعملون في هذا العالم من خير أو شر 53.

٢. حوار إبراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه.

قال تعالى: ( ﭙﭚ ﭱﭲ ﭵﭶ ﭿ ﮄﮅ ﮚﮛ ) [الأنعام: ٧٤ - ٧٨].

والمعنى: اذكر أيها النبي حين قال إبراهيم عليه السلام لأبيه آزر: أتتخذ هذه الأصنام والأوثان الجمادات آلهة، تعبدها من دون الله، مع أن الله هو الذي خلقها وخلقك، فهو المستحق للعبادة دونها، إني أراك وقومك الذين يعبدون هذه الأصنام في ضلال واضح، أي تائهين حيارى جهلاء، وأي ضلال أوضح من عبادتكم صنما من حجر أو شجر أو معدن، تنحتونه بأيديكم، ثم تعبدونه وتقدسونه، ثم أوضح الله تعالى ما رآه إبراهيم من ملكوت السماوات والأرض، أي تبيان وجه الدلالة في خلقهما على وحدانية الله في ملكه وخلقه، فلما أظلم عليه الليل، رأى كوكبًا عظيمًا متميزًا عن سائر الكواكب بإشراقه ولمعانه، وهو كوكب المشتري أو الزهرة، فقال موهمًا قومه في مقام المناظرة والحجاج: هذا ربي، على سبيل الفرض.

فلما غرب هذا الكوكب، قال إبراهيم: ما هذا بإله، ولا أحب ما يغيب ويختفي؛ لأن للإله السيطرة على الكون، فكيف يغيب الإله ويستتر، ثم انتقل إبراهيم من إبطال ألوهية الكوكب إلى إبطال ألوهية القمر الأكثر إضاءة، فلما رأى القمر بازغًا طالعًا عم ضوءه الأرض، قال: هذا ربي، فلما غاب كما غاب الكوكب في الليلة الماضية، قال إبراهيم مسمعًا قومه: ما هذا أيضًا بإله، ولئن لم يهدني ربي ويوفقني لإصابة الحق في توحيده، لأكونن من القوم الضالين المخطئين الطريق، فلم يصيبوا الهدى، وعبدوا غير الله.

ولما رأى إبراهيم الشمس بازغة طالعة، وهي أعظم الكواكب المرئية لنا، قال إبراهيم: هذا هو الآن ربي، هذا أكبر من الكواكب والقمر قدرًا، وأعظم ضوءًا ونورًا، فلما غابت الشمس كما غاب غيرها، صرح إبراهيم بعقيدته، وتبرأ من شرك قومه، قائلًا: إني توجهت في عبادتي لخالق الأرض والسماء، وخالق هذه الكواكب، إني بريء مما تشركون، باتخاذ إله آخر مع الله، وإنما أعبد خالق هذه الأشياء ومدبرها الذي بيده ملكوت كل شيء، وخالق كل شيء. ومثل إبراهيم لقومه بهذه الأمور؛ لأنهم كانوا أصحاب علم نجوم ونظر في الأفلاك، قال إبراهيم: إني أقبلت بقصدي وعبادتي وتوحيدي وإيماني للذي أبدع السماوات54.

ما يُتَبَرَأ منه

أولًا: الأوثان والمعبودون من دون الله:

قال تعالى: ( ﰕﰖ ) [البقرة: ٢٥٦].

الطاغوت: كل ما صرف عن عبادة الله تعالى من إنسان أو شيطان أو غيرهما55، والمعنى: فمن تبرأ وخلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة غير الله، وآمن بالله تعالى إيمانًا خالصًا صادقًا فقد ثبت أمره واستقام على الطريقة المثلى التي لا انقطاع لها، وأمسك من الدين بأقوى سبب وأحكم رباط56.

وفي الموضع التالي يبين الله تعالى سبب براءة إبراهيم عليه السلام والمؤمنين معه من القوم في ذلك الزمان، قال تعالى: ( ) [الممتحنة: ٤].

والمعنى: قد كانت لكم قدوة طيبة حميدة تقتدون بها في إبراهيم خليل الرحمن أبي الأنبياء والذين آمنوا معه من أتباعه حين قالوا لقومهم: إنا بريئون منكم؛ لكفركم بالله، وبريئون من كل ما تعبدون من غير الله من الأصنام والأنداد، فقد جحدنا بما آمنتم به من الأوثان، أو بدينكم، أو بأفعالكم، فإن تلك الأوثان لا تنفع شيئا، فهي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر57.

ثانيًا: المشركون عامة وذوو الأرحام منهم خاصة:

قال تعالى: ( ﭿ ﮉﮊ ) [التوبة: ١١٤].

لما وعد إبراهيم من أبيه أنه سيؤمن، كان بمنزلة المؤلفة قلوبهم بالاستغفار له؛ لأنه ظنه مترددًا في عبادة الأصنام لما قال له: ( ) [مريم: ٤٦].

فسأل الله له المغفرة لعله يرفض عبادة الأصنام، ولكن لما علم يقينًا أنه مصرٌ على الكفر أعلن براءته منه علانية وبشكل صريح في قوله تعالى -كما يدل عليه قوله-: ( ) 58.

وفي موضع آخر يعلن إبراهيم براءته من قومه عامة ومن أبيه خاصة، قال تعالى: ( ) [الزخرف: ٢٦].

أي: واذكر أيها الرسول لقومك قريش المعتمدين على تقليد الآباء والأجداد في عبادة الأصنام، حين تبرأ إبراهيم عليه السلام مما يعبد أبوه آزر، وقومه من الأصنام، إلا من عبادة خالقه وخالق الناس جميعًا، والذي قال بأنه سيرشدني لدينه، كما أرشدني في الماضي، ويثبتني على الحق59.

وقال تعالى: ( ﭥﭦ ﭮﭯ ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ ) [المجادلة: ٢٢].

أي: من شأن المؤمنين الصادقين أن يبتعدوا عن موالاة أعداء الله ورسوله، ولو كان هؤلاء الأعداء، آباءهم الذين أتوا إلى الحياة عن طريقهم أو أبناءهم الذين هم قطعة منهم، أو إخوانهم الذين تربطهم بهم رابطة الدم أو عشيرتهم التي ينتسبون إليها، بل يجب إعلان البراءة منهم؛ وذلك لأن قضية الإيمان يجب أن تقدم على كل شيء، ثم أثنى سبحانه على هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين لم يوالوا أعداء الله مهما بلغت درجة قرابتهم فقال: ( ) أي: أولئك الذين لا يوادون أعداء الله، مهما كانوا، هم الذين كتب الله تعالى الإيمان في قلوبهم، فاختلط بها واختلطت به، فصارت قلوبهم لا تحب إلا من أحب دين الله، ولا تبغض إلا من أبغضه60.

وقال تعالى: ( ﭲﭳ * ﭿ ﮇﮈ ﮖﮗ ) [التوبة: ٢٣ - ٢٤].

والمعنى: يا أيها المصدقون بالله ورسوله، لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء تنصرونهم في القتال، وتؤيدون الكفار لأجلهم، أو تطلعونهم على أسرار المسلمين العامة أو الحربية، إن اختاروا الكفر على الإيمان، وآثروا الشرك على الإسلام، ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون لأنفسهم وأمتهم لأنه خالفوا الله ورسوله، بموالاة الكافرين بدلًا من التبرؤ منهم، فبعد أن نهى عن مخالطتهم، أوضح أن هذا النهي للتحريم لا للتنزيه، بقوله: ( ) .

قال ابن عباس: هو مشرك مثلهم؛ لأنه رضي بشركهم، والرضا بالكفر كفر، كما أن الرضا بالفسق فسق.

ثم أمر تعالى رسوله أن يتوعد من آثر أهله وقرابته وعشيرته على الله ورسوله وجهاد في سبيله، مصدرًا ذلك بكلمة (إن) المفيدة للشك؛ لأن حب الكافرين مشكوك فيه من المؤمنين، والمقصود هو تفضيل حبهم على حب الله، أما أصل الحب فهو أمر فطري طبعي لا لوم عليه، ولا مؤاخذة فيه؛ لأن التكليف يتوجه على الأمور المقدورة للإنسان، لا على الأمور الجبلية الفطرية كالحب والبغض.

فقال له: قل: إن كنتم تؤثرون هذه الأشياء الثمانية، وتفضلون الآباء، والأبناء، والإخوان، والأزواج، والعشيرة (القرابة القريبة) والأموال، والتجارة، والمساكن، على حب الله ورسوله، أي طاعتهما، والجهاد في سبيله الذي يحقق السعادة الأبدية في الآخرة، فانتظروا حتى يأتي الله بعقابه العاجل أو الآجل61.

ثمرات البراءة ونتائجها

البراءة هي جزء أساس من عقيدة المسلم، وإذا التزم المسلم بهذه العقيدة فسيكون لها ثمرات ونتائج كثيرة في الدنيا والآخرة، وسنتعرف على أهم هذه الثمرات:

أولًا: الفوز بمرضاة الله، والنجاة من سخط الجبار جل جلاله:

ما قال سبحانه: ( ﯣﯤ ﯱﯲ ﯵﯶ ) [آل عمران: ٢٨].

وقال تعالى: ( ﯜﯝ ) [النساء: ١٣٩].

وبعقيدة البراء تتحقق أوثق عرى الإيمان: جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: (أي عرى الإيمان أوثق) ؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: (الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله) 62.

وجاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان) 63.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا لله، ولا يوالي إلا لله، ولا يعادي إلا لله، وأن يحب ما أحبه الله، ويبغض ما أبغضه الله»64.

ثانيًا: السلامة من الفتن والفساد في الأرض:

قال سبحانه: ( ﮯﮰ ) [الأنفال: ٧٣].

يقول ابن كثير: «أي إن تجانبوا المشركين، وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعت فتنة في الناس، وهو التباس واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل» 65.

ثالثًا: حصول النعم والخيرات في الدنيا، والثناء الحسن في الدارين:

ولنتأمل قول الله عز وجل - في حق إبراهيم عليه السلام-: ( ﯼﯽ ﯿ Ó ) [مريم: ٤٩ -٥٠].

يبين سبحانه ما ترتب على اعتزال إبراهيم عليه السلام للشرك والمشركين، والمعنى: حين اعتزل إبراهيم عليه السلام أباه وقومه وآلهتهم الباطلة لم نضيعه، وإنما أكرمناه وتفضلنا عليه بأن وهبنا له إسحاق ويعقوب ليأنس بهما بعد أن فارق أباه وقومه من أجل إعلاء كلمتنا وكلًا جعلنا نبيًا أي: وكل واحد منهما جعلناه نبيًا ووهبنا لهم أي: لإبراهيم وإسحاق ويعقوب من رحمتنا بأن جعلناهم أنبياء ومنحناهم الكثير من فضلنا وإحساننا ورزقنا66، فاعتزال الشرك والمشركين، والفسق والفاسقين، يؤدي إلى السعادة الدينية والدنيوية.

رابعًا: يكون من حزب الله تعالى، ويحقق الغلبة والنصر على الكافرين:

قال تعالى: ( ﭥﭦ ﭮﭯ ﭷﭸ ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ ) [المجادلة: ٢٢].

أي: من شأن المؤمنين الصادقين أن يبتعدوا عن موالاة أعداء الله ورسوله، ولو كان هؤلاء الأعداء، آباءهم الذين أتوا إلى الحياة عن طريقهم أو أبناءهم الذين هم قطعة منهم، أو إخوانهم الذين تربطهم بهم رابطة الدم أو عشيرتهم التي ينتسبون إليها، بل يجب إعلان البراءة منهم؛ وذلك لأن قضية الإيمان يجب أن تقدم على كل شيء.

ثم أثنى سبحانه على هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين لم يوالوا أعداء الله مهما بلغت درجة قرابتهم فقال: ( ) أي: أولئك الذين لا يوادون أعداء الله مهما كانوا، هم الذين كتب الله تعالى الإيمان في قلوبهم، فاختلط بها واختلطت به، فصارت قلوبهم لا تحب إلا من أحب دين الله، ولا تبغض إلا من أبغضه67.

خامسًا: تحفظ المسلم من الانقياد للكافرين:

قال جل شأنه: ( )[آل عمران: ١٠٠].

يحذر الحق تعالى المؤمنين من إطاعة أهل الكتاب والافتتان بفتنتهم إثر توبيخهم بالإغواء والإضلال ردعًا لهم عن ذلك، وتعليق الرد بطاعة فريق منهم؛ للمبالغة في التحذير عن طاعتهم، وإيجاب الاجتناب عن مصاحبتهم بالكلية، فإنه في قوة أن يقال (لا تطيعوا فريقًا).. الخ كما أن تعميم التوبيخ فيما قبله للمبالغة في الزجر68.

وقال تعالى: ( ) [هود: ١١٣].

الركون إلى الشيء: الميل إليه. يقال: ركن فلان إلى فلان، إذا مال إليه بقلبه، واعتمد عليه في قضاء مصالحه69.

والمراد بالذين ظلموا هنا: ما يتناول المشركين وغيرهم من الظالمين.

والمعنى: واحذروا -أيها المؤمنون- أن تميلوا إلى الظالمين، أو تسكنوا إليهم؛ لأن ذلك يؤدى إلى تقوية جانبهم، وإضعاف جانب الحق والعدل70.

سادسًا: نيل ولاية الله:

قال تعالى: ( ﭙﭚ ﭠﭡ ﭩﭪ ) [البقرة: ١٢٠].

قال الإمام الطبري في هذه الآية ما ملخصه: «وليست اليهود، يا محمد، ولا النصارى براضية عنك أبدًا، فدع طلب ما يرضيهم و يوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق، فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم. ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم؛ لأن اليهودية ضد النصرانية، والنصرانية ضد اليهودية، ولا تجتمع النصرانية واليهودية في شخص واحد في حال واحدة، واليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك، إلا أن تكون يهوديًا نصرانيًا، وذلك مما لا يكون منك أبدًا؛ لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة، وإذا لم يكن إلى اجتماعهما فيك في وقت واحد سبيل، لم يكن لك إلى إرضاء الفريقين سبيل. وإذا لم يكن لك إلى ذلك سبيل، فالزم هدى الله الذي لجمع الخلق إلى الألفة عليه سبيل»71.

موضوعات ذات صلة:

الإيمان، التوحيد، الشرك، الولاء


1 انظر: المقصور والممدود، الفراء ص ٢٦، المقصور والممدود، أبو علي القالي ص٣٥٩.

2 انظر: المصدرين السابقين، تهذيب اللغة، الأزهري ١٥/٢٦٩.

3 انظر: أيسر التفاسير، الجزائري ٢/ ٣٣٦.

4 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٣٢، مقاييس اللغة، ابن فارس ١/ ٢٣٦، مختار الصحاح، الرازي، ص ٤٥، القاموس المحيط ١/٨.

5 الولاء والبراء في الاسلام، القحطاني ص ٩٠.

6 تسهيل العقيدة الإسلامية، الجبرين ص ٥٥٢.

7 الولاء والبراء بين الغلو والجفاء، حاتم الشريف ص ١٣.

8 انظر: المعجم الشامل لألفاظ القرآن الكريم، عبدالله جلغوم، ص٣١٤.

9 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ١/٢٣٦، مختار الصحاح، الرازي ص٣١.

10 انظر: لسان العرب، ١/٣٣، وذكر ذلك أيضًا الأزهري في تهذيب اللغة ١٥/٢٦٩.

11 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ١/٣٤٥.

12 انظر: لسان العرب، ابن منظور ٩/٤٠٥، مقاييس اللغة، ابن فارس، ص ١١٠٣، مختار الصحاح، الرازي، ص ٣٧٦، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ٤/٤٠١.

13 المفردات، الراغب الأصفهاني، ص ٥٣٤.

14 انظر: الولاء والبراء في الإسلام، القحطاني ص ٨٧.

15 جامع البيان، الطبري ١٤/ ٩٦.

16 التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/ ١٠٧.

17 انظر: التفسير الوسيط، طنطاوي ٦/ ١٩٦.

18 مفاتيح الغيب، الرازي ١٥/ ٥٢٦.

19 الأدرة: بالضم: نفخةٌ في الخصية؛ يقال: رجلٌ آدر بين الأدر.

انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٣٤٢، لسان العرب، ابن منظور ٤/١٥، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/١٠.

20 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الخضرمع موسى عليهما السلام، رقم ٣٤٠٤، ٤/١٥٦.

21 التحرير والتنوير ٢٢/ ١٢١.

22 انظر: تفسير السمرقندي ٣/ ٧٦.

23 جامع البيان ٢٠/ ٣٣٥.

24 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢٨/١٢٨.

25 الكشاف، الزمخشري ٤/٥١٤.

26 انظر: مختصر تفسير ابن كثير ٢/ ٤٨٢.

27 جامع البيان، الطبري ١١/ ٤٨٧.

28 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي ٢/ ١٠٤٠، تفسير الشعراوي ١١/٦٤٤٨.

29 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٢/٥٢٤.

30 البرسام: أي بكسر الموحدة سريانيٌ معربٌ أطلق على اختلال العقل وعلى ورم الرأس وعلى ورم الصدر.

انظر: فتح الباري، ابن حجر ١/٣٣٨.

31 الكشاف ٢/ ٤٠٣.

32 انظر: جامع البيان، الطبري ١٥/٣٦٠، إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٤/٢١٨، لباب التأويل، الخازن ٢/٤٨٩.

33 جامع البيان ١١/ ٢٩٢.

34 مفاتيح الغيب ١٢/ ٥٠٠.

35 جامع البيان ١٥/ ٩٤.

36 مجموع الفتاوى ١٦/ ٥٤٦.

37 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي ٢/ ١٥٧.

38 انظر: جامع البيان، الطبري ١٩/ ٤١١.

39 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٩/ ٢٠٣.

40 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور ١٠/ ٣٤.

41 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٤/ ٣٤٥.

42 انظر: الدر المنثور، السيوطي ١/ ٤٠٢.

43 جامع البيان، الطبري ٣/ ٢٨٨.

44 انظر: زاد المسير، ابن الجوزي ١/ ١٣١.

45 انظر: تفسير الشعراوي، ٢/٦٩٦.

46 انظر: أيسر التفاسير، الجزائري ٣/٦٨٧.

47 انظر: التفسير الوسيط، محمد طنطاوي ١٥/٥٢٦.

48 انظر: تفسير المراغي ١١/ ١١٠.

49 انظر: أوضح التفاسير، الخطيب ١/٦٨٠.

50 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٢٦٢.

51 انظر: التفسير الوسيط، محمد طنطاوي ٦/١١٩.

52 انظر: أيسر التفاسير، الجزائري ٤/ ٦٣٥

53 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي ٢/ ١٠٤٠، تفسير الشعراوي ١١/٦٤٤٨.

54 انظر: التفسير المنير، الزحيلي، ٧/٢٥٩.

55 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١٥/٩، تاج العروس، الزبيدي ٣٨/٤٩٥.

56 انظر: الجواهر الحسان، الثعالبي ١/ ٥٠٤.

57 انظر: مدارك التنزيل، النسفي ٣/ ٤٦٨.

58 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ٨/٢٧٤.

59 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص ٧٦٥.

60 انظر: زاد المسير، ابن الجوزي ٤/ ٢٥١.

61 انظر: جامع البيان، الطبري ١٤/١٧٧، تفسير النكت والعيون، الماوردي ٢/٣٤٩.

62 أخرجه أحمد في مسنده ٤/٢٨٦، والحاكم في المستدرك ٢/٤٨٠، والطبراني في المعجم الكبير ١١/٢١٥.

قال الألباني في السلسلة الصحيحة ٩٩٨، ١٧٢٨: «فالحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن على الأقل».

63 أخرجه أبو داود رقم ٤٠٦١، والترمذي رقم ٢٤٤٠.

وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم ٣٠٢٩.

64 الاحتجاج بالقدر ص ٦٢.

65 تفسير ابن كثير، ٤/٩٨.

66 انظر: التفسير الوسيط، محمد طنطاوي ٩/ ٤٤.

67 انظر: زاد المسير، ابن الجوزي ٤/ ٢٥١.

68 إرشاد العقل السليم، أبو السعود ٢/ ٦٤.

69 انظر: تاج العروس ٣٥/ ١٠٩.

70 انظر: جامع البيان، الطبري ١٥/ ٥٢٦.

71 جامع البيان، الطبري، ٢/٥٦٣.