عناصر الموضوع
الأسرة
أولًا: المعنى اللغوي:
قال ابن فارس: «الهمزة والسين والراء أصل واحد، وقياسٌ مطرد، وهو الحبس، وهو الإمساك»1، والأسرة: الدرع الحصينة، وأهل الرجل وعشيرته والجماعة يربطها أمر مشترك، والأسرة من الرجل: الرهط الأدنون وعشيرته؛ لأنه يتقوى بهم، وقيل: أقارب الرجل من قبل أبيه2.
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
عرف د. محمد عقلة الأسرة بأنها «رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والحفدة، وبعض الأقارب على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة»3.
يتبين مما سبق أن كل التعريفات السابقة تؤكد على أن الأسرة هي اللبنة والوحدة الاجتماعية الأولى للمجتمع، وأن هناك علاقة وطيدة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي حيث إن من معاني كلمة الأسرة في اللغة الحبس، وهو الإمساك فكأنه لوحظ معنى الشد والربط والوثاق، حيث إن الأسرة ترابط اجتماعي وتماسك إنساني لدرجة الثبات والقرار، ومن المعاني -أيضًا-: الدرع الحصينة، وكأن الأسرة يتحقق بها حماية الإنسان مما يهدد كيانه، فبالأسرة يتقوى الفرد ويشتد عوده، كل هذه المعاني العظيمة قصدها الإسلام من تشريع الزواج وتكوين الأسرة، وذلك لحماية الأفراد والمجتمعات.
ولم يرد لفظ الأسرة في الاستعمال القرآني، ولكن جذر الكلمة مادة (أ س ر) موجودة في القرآن، والتي تعني: الشد بالقيد4.
الأهل:
الأهل لغة:
«الهمزة والهاء واللام أصلان متباعدان، أحدهما الأهل. قال الخليل: أهل الرجل زوجه. والتأهل التزوج. وأهل الرجل: أخص الناس به. وأهل البيت: سكانه. وأهل الإسلام: من يدين به. وجميع الأهل أهلون. والأهالي جماعة الجماعة»5.
الأهل اصطلاحًا:
من يجمع الفرد وإياهم نسب أو دين، أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد6.
الصلة بين الأسرة والأهل:
أن الأهل أعم من الأسرة؛ حيث يكون من جهة النسب والاختصاص، فمن جهة النسب قولك: أهل الرجل لقرابته الأدنين، ومن جهة الاختصاص قولك: أهل البصيرة وأهل العلم، أما الأسرة فهي رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والحفدة، وبعض الأقارب على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة7.
العشيرة:
العشيرة لغة:
«العين والشين والراء أصلان صحيحان: أحدهما في عددٍ معلوم ثم يحمل عليه غيره، والآخر يدل على مداخلةٍ ومخالطة»8.
العشيرة اصطلاحًا:
اسم لكل جماعة من أقارب الرجل الذين يتكثر بهم9.
الصلة بين العشيرة والأسرة:
ذكرنا أن عشيرة الرجل هم من يتكثر بهم من أقاربه، أما الأسرة فهي أخص، حيث تشمل من يشترك معهم الرجل في معيشة واحدة من الزوجة والأبناء والأقارب.
الرهط:
الرهط لغة:
«الراء والهاء والطاء أصلٌ يدل على تجمعٍ في الناس وغيرهم. فالرهط: العصابة من ثلاثةٍ إلى عشرة. وقيل: ما دون السبعة إلى الثلاثة نفرٌ»10.
الرهط اصطلاحًا:
«الجماعة نحو العشرة، ورهط الرجل: قومه وقبيلته»11.
الصلة بين الرهط والأسرة:
الرهط أعم من الأسرة، فهم قوم الرجل وقبيلته الأقربون، أما الأسرة: فهم من يشترك الرجل معهم في معيشة واحدة من الزوجة والأبناء والأقارب12.
تبرز مكانة الأسرة من خلال وظائفها والدور الذي تؤديه للأفراد والمجتمعات على حد سواء، فيجد فيها الفرد سكنه وحمايته، وأمنه، وهي تلبي الحاجات الغريزية للزوجين، والحاجات الفطرية للآباء والأمهات والأبناء، فالإنسان يتطلع بفطرته لأن يكون له نسل، والابن يسعى بفطرته إلى أحضان والديه، والأسرة تحافظ على الأنساب، وتساهم بشكل فاعل في تقوية الأواصر بين الناس، وهي منبت للفضائل ومصدر للتربية، وهي في المحصلة اللبنة الأساسية والأولى للمجتمع.
أولًا: مكانة الأسرة:
الفكرة الأساسية التي قامت عليها الأسرة، وهي تلبية نداء فطري غريزي في الإنسان لعبادة الله سبحانه، وأي أسرة كيفما كان شكلها ونوعها إن لم تقم على هذا الأساس فهي أسرة جاهلية، فالأسرة تقوم للمحافظة على الجنس البشري وبقائه، وبناء الأسرة في الإسلام لا يكون من أجل إشباع الغرائز فقط، ولا لأي مطلب من مطالب الدنيا الزائلة، بل يكون من أجل تطبيق الناموس الإلهي في الكون.
قال تعالى: (ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [النحل: ٧٢].
والمعنى: أي جعل لكم من أزواجكم بنين وبنات، تزوجونهم فيحصل بسببهم الأختان والأصهار13.
يقول سيد قطب عند تفسيره لقوله تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة: ٢٢٣]: «وينبثق نظام الأسرة في الإسلام من معين الفطرة وأصل الخلقة، وقاعدة التكوين الأولى للأحياء جميعًا وللمخلوقات كافة.. تبدو هذه النظرة واضحة في قوله تعالى: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [الذاريات: ٤٩].
وقوله سبحانه: (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [يس: ٣٦].
ثم تتدرج النظرة الإسلامية للإنسان فتذكر النفس الأولى التي كان منها الزوجان، ثم الذرية، ثم البشرية جميعًا.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [النساء: ١].
وقال تعالى: (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) [الحجرات: ١٣].
ثم تكشف عن جاذبية الفطرة بين الجنسين، لا لتجمع بين مطلق الذكران ومطلق الإناث، ولكن لتتجه إلى إقامة الأسر والبيوت.
قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الروم: ٢١].
وقال تعالى: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [البقرة: ١٨٧].
وقال تعالى: (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة: ٢٢٣].
وقال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [النحل: ٨٠].
فهي الفطرة تعمل، وهي الأسرة تلبي هذه الفطرة العميقة في أصل الكون وفي بنية الإنسان، ومن ثم كان نظام الأسرة في الإسلام هو النظام الطبيعي الفطري المنبثق من أصل التكوين الإنساني، بل من أصل تكوين الأشياء كلها في الكون على طريقة الإسلام في ربط النظام الذي يقيمه للإنسان بالنظام الذي أقامه الله للكون كله، ومن بينه هذا الإنسان، والأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الفراخ الناشئة ورعايتها، وتنمية أجسادها وعقولها وأرواحها، وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكافل، وتنطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة وعلى هدية ونوره تتفتح للحياة، وتفسر الحياة، وتتعامل مع الحياة»14.
نخلص مما سبق إلى أن بناء الأسرة في الإسلام لا يكون من أجل إشباع الغرائز فقط، ولا لأي مطلب من مطالب الدنيا الزائلة، بل يكون من أجل تطبيق الناموس الإلهي في هذا الكون، وقد رفض الإسلام أن يمتنع المسلم عن ممارسة ما تقتضيه الفطرة بهدف التعبد.
ويدل على ذلك ما ورد عن أنس بن مالكٍ، رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها!! فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟! قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا! وقال آخر: أنا أصوم الدهر، ولا أفطر! وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا!! فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له! لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد. وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)15.
ثانيًا: مقاصد الأسرة:
إن ما يدل على عناية الإسلام بتكوين الأسرة وإحكام بنائها، ورعايتها لتحصيل مقصودها ما يلي:
١. حصول العفة للزوجين وإشباع الغريزة في الحلال.
قال تعالى: (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [البقرة: ١٨٧].
«جعل اللباس كناية عن الزوج؛ لكونه سترًا لنفسه ولزوجه أن يظهر منهما سوء، كما أن اللباس ستر يمنع أن يبدو منه السوأة. وعلى ذلك كنى عن المرأة بالإزار، وسمي النكاح حصنًا؛ لكونه حصنًا لذويه عن تعاطي القبيح»16.
يتبين مما سبق أنه بحصول الزواج وتكون الأسرة يحمي كل من الزوجين صاحبه من الوقوع في الفاحشة، فهو إعفاف للنفس عن الحرام وكبح جماحها حتى لا تورد صاحبها مواد الهلكة.
٢. السكن الفطري للزوجين المبني على المودة والرحمة.
قال تعالى: (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [الروم:٢١].
قال ابن عاشور: «وهي آية تنطوي على عدة آيات منها: أن جعل للإنسان ناموس التناسل، وأن جعل تناسله بالتزاوج ولم يجعله كتناسل النبات من نفسه، وأن جعل أزواج الإنسان من صنفه ولم يجعلها من صنف آخر؛ لأن التأنس لا يحصل بصنف مخالف، وأن جعل في ذلك التزاوج أنسًا بين الزوجين، ولم يجعله تزاوجًا عنيفًا، أو مهلكًا كتزاوج الضفادع، وأن جعل بين كل زوجين مودة ومحبة، فالزوجان يكونان من قبل التزاوج متجاهلين فيصبحان بعد التزاوج متحابين، وأن جعل بينهما رحمة، فهما قبل التزاوج لا عاطفة بينهما فيصبحان بعده متراحمين كرحمة الأبوة والأمومة»17.
نفهم مما سبق أن الله سبحانه جعل للرجل والمرأة دورين متكاملين يتمم أحدهما الآخر، ولا يتحقق هذا إلا بالتزام كل من الزوجين بشرع الله تعالى، وهدي نبيه، وذلك بالقيام بواجباتهما.
٣. إقامة البيت المسلم.
قال تعالى: (ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ) [النحل:٧٢].
يخبر تعالى عن منته العظيمة على عباده، حيث جعل لهم أزواجا؛ ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم أولادًا تقر بهم أعينهم ويخدمونهم، ويقضون حوائجهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة18.
٤. التعارف والتعاون بين الناس على البر والتقوى.
شاء الله تعالى أن يخلق الإنسان مدني الطبع، يميل إلى الجماعة ويكره العزلة، وخلق الناس ذكرانًا وإناثًا وجعلهم شعوبًا وقبائل؛ ليتعارفوا، كما ورد في قوله تعالى: (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ) [الحجرات: ١٣].
يخبر تعالى أنه خلق بني آدم من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء، ولكن الله تعالى بث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً، وفرقهم، وجعلهم شعوبًا وقبائل، وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب، ولكن الله جعلهم شعوبًا وقبائل؛ لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها مما يتوقف على التعارف، ولحوق الأنساب، هذا عن التعارف، أما التعاون فهو واضح؛ إذ تقوم الزوجة ببعض أعباء الحياة ويقوم الرجل بالبعض الآخر، فالزوجة تهيئ للزوج ما يحتاج إليه ويسعده بالإضافة إلى تربية الذرية، والزوج يسعى ويكدح لطلب الرزق الحلال لنفسه ولأهل بيته19.
٥. ابتغاء النسل الصالح والولد الصالح.
والتناسل هو النتيجة الطبيعية لالتقاء الزوجين الذكر والأنثى، وهو حتمي لاستمرار حياة الكائنات، ويعتبر التناسل أهم ثمرات الزواج، ولقد أشار القرآن إلى هذا المعنى فقال تعالى: (ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [البقرة: ١٨٧].
يقول سيد قطب عند تفسير الآية: «ابتغوا هذا الذي كتبه الله لكم من المتعة بالنساء، ومن المتعة بالذرية، ثمرة المباشرة، فكلتاهما من أمر الله، ومن المتاع الذي أعطاكم إياه، ومن إباحتها لكم طلبها وابتغاؤها، وهي موصولة بالله فهي من عطاياه، ومن ورائها حكمة، ولها في حسابه غاية، فليست إذن مجرد اندفاع حيواني موصول بالجسد، منفصل عن ذلك الأفق الأعلى الذي يتجه إليه كل نشاط، بهذا ترتبط المباشرة بين الزوجين بغاية أكبر منهما، وأفق أرفع من الأرض ومن لحظة اللذة بينهما، وبهذا تنظف هذه العلاقة وترق وترقى.. ومن مراجعة مثل هذه الإيحاءات في التوجيه القرآني وفي التصور الإسلامي ندرك قيمة الجهد المثمر الحكيم الذي يبذل لترقية هذه البشرية وتطويرها، في حدود فطرتها وطاقتها وطبيعة تكوينها»20.
يتضح مما سبق أن الغاية من بناء الأسرة إنجاب النسل الصالح، وحصول السكن النفسي بين الزوجين، وانسجام أفراد الأسرة في ظلال شرع الله الخالد، وبقدر ترابط الأسر يقوى تماسك المجتمع ويشتد.
إن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست علاقة غريزية فحسب، بل هي علاقة شراكة بالروح والجسد، ومثل هذه العلاقة المقدسة تظهر ثمرتها على الأولاد، فما أجمل أن تسود علاقتهما المحبة والاحترام والتفاهم، المنبثقة من شرع الله سبحانه .
أولًا: حقوق الوالدين وواجباتهم:
إن أقوى رباط في الأسرة هو رباط الولد بأبويه، المتمثل بالإحسان إليهما، لذلك قرن الله سبحانه الإحسان إليهما بعبادته سبحانه، وعدم الشرك به في أكثر من موضع في القرآن الكريم.
قال تعالى: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [البقرة: ٨٢].
وقال تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ) [النساء: ٣٦].
وقال تعالى: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ) [الأنعام: ١٥١].
يقول سيد قطب: «بهذه العبارات الندية، والصور الموحية، يستجيش القرآن الكريم وجدان البر والرحمة في قلوب الأبناء، ذلك أن الحياة وهي مندفعة في طريقها بالأحياء، توجه اهتمامهم القوي إلى الأمام، إلى الذرية. إلى الناشئة الجديدة، إلى الجيل المقبل. وقلما توجه اهتمامهم إلى الوراء، إلى الأبوة، إلى الحياة المولية، إلى الجيل الذاهب! ومن ثم تحتاج البنوة إلى استجاشة وجدانها بقوة؛ لتنعطف إلى الخلف، وتتلفت إلى الآباء والأمهات، إن الوالدين يندفعان بالفطرة إلى رعاية الأولاد، إلى التضحية بكل شيء حتى بالذات، وكما تمتص النابتة الخضراء كل غذاء في الحبة فإذا هي فتات، ويمتص الفرخ كل غذاء في البيضة فإذا هي قشر، كذلك يمتص الأولاد كل رحيق وكل عافية وكل جهد وكل اهتمام من الوالدين، فإذا هما شيخوخة فانية -إن أمهلهما الأجل-، وهما مع ذلك سعيدان! فأما الأولاد فسرعان ما ينسون هذا كله، ويندفعون بدورهم إلى الأمام، إلى الزوجات والذرية.. وهكذا تندفع الحياة، ومن ثم لا يحتاج الآباء إلى توصية بالأبناء، إنما يحتاج هؤلاء إلى استجاشة وجدانهم بقوة؛ ليذكروا واجب الجيل الذي أنفق رحيقه كله حتى أدركه الجفاف! وهنا يجيء الأمر بالإحسان إلى الوالدين في صورة قضاء من الله يحمل معنى الأمر المؤكد، بعد الأمر المؤكد بعبادة الله»21.
كما بين القرآن حقوق الآباء على الأبناء، وقد تمثل ذلك جليًا في قوله تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [الإسراء: ٢٣ - ٢٤].
ومعنى الإحسان إلى الأبوين أن تبلغ أقصى درجات الوفاء لهما في البر والمكافأة، وأن تزيد في المعاملة الحسنة، عما كان يكون منهما؛ احتياطًا للرعاية والشفقة فإذا بلغ الوالدان أو أحدهما سن الكبر، وصارا عندك في آخر العمر بحال من الضعف والعجز، كما كنت عندهما في بدء حياتك، فعليك اتباع الواجبات الخمسة التالية:
ثانيًا: حقوق الزوج وواجباته:
نظم الإسلام الحنيف العلاقة بين الزوجين بما يكفل دوام العشرة الزوجية، ويحقق سعادة الطرفين، ويرعى الأسرة في بدايتها، وأثناء وجودها، وبعد انتهاء الرابطة الزوجية:
أولًا: حقوق الزوج:
قال تعالى: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [البقرة: ٢٢٨].
لا يحل للمرأة أن تكتم شيئًا مما في رحمها من حمل أو حيض إن كانت مؤمنةً بالله واليوم الآخر إيمانًا صادقًا، فإذا انتهت الزوجية وجب على المرأة شرعًا ما يسمى بالعدة، وعدة الطلاق ثلاث حيضات، وعدة الحامل بوضع الحمل، وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام، وذلك تقديرًا لنعمة الزواج، وإظهارًا للأسى والحزن على الفراق، وللتعرف على براءة الرحم من الولد، حتى لا تختلط الأنساب24.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [النساء: ٣٤].
فالزوج هو المسئول في نظام الإسلام عن النفقة عليها، ومسئوليته عن النفقة على أسرته تجعله أكثر تحفظًا واحترازًا من الاستجابة السريعة للشهوات العابرة، والانفعالات الحادة المصحوبة بالرعونة والطيش، وليس في هذا إهمال للمرأة، أو إنقاص من أهليتها، أو الطعن في كفايتها وعقلها وعلمها، بل إن الإسلام في هذا أراد صون المرأة، والحفاظ على كرامتها، وعدم تعريضها للأذى والسوء، والقوامة ليست استبدادًا أو تعسفًا أو تسلطًا وترفعًا، وإنما هي تكليف بالإدارة والرعاية والولاية والنفقة، وهذا التكليف عبء على الرجال أكثر من النساء 25.
ما لم يأمرها الزوج بما فيه معصية لله، أو هضم لحقوقها التي شرفها الله بها، وقد أرشد الإسلام إلى استخدام وسائل التربية والتأديب الحكيمة.
قال تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [النساء: ٣٤].
كما بين النبي صلى الله عليه وسلم حقوق الرجل على زوجته في العديد من الأحاديث، منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير النساء: التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإن غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها)26.
وهؤلاء ليس لكم عليهن إلا المعاشرة بالمعروف، والمخالطة بالحسنى والآداب الإسلامية27.
ثانيًا: واجبات الزوج:
دفع المهر وتوفير الكفاية لها من مسكن وملبس ومطعم ومشرب ومداواة ونحو ذلك.
قال تعالى: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [النساء: ٣٤].
أي: فضلوا على النساء بما أنفقوا من أموالهم عليهن من المهر والنفقة28.
قال تعالى (ﯢ ﯣ) [النساء: ١٩].
أي: خالقوا أيها الرجال نساءكم، وصاحبوهن بما أمرتكم به من المصاحبة، وذلك: إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله -جل ثناؤه- لهن عليكم إليهن29، وتتضمن هذه الحقوق أن يتزين لزوجته مثلما تتزين له، وأن يداعبها ويمازحها، وأن لا يزهد فيها بهجر مضجعها تبتلًا أو بدون سبب شرعي، وأن يحافظ على دينها بتوجيهها إلى السلوك السليم.
من حق الزوجة العدل بينها وبين غيرها من زوجاته.
قال تعالى: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [النساء: ١٢٩].
فقد أخبر الله تعالى: أن الأزواج لا يستطيعون، وليس في قدرتهم العدل التام بين النساء؛ وذلك لأن العدل يستلزم وجود المحبة على السواء، والداعي على السواء، والميل في القلب إليهن على السواء، ثم العمل بمقتضى ذلك. وهذا متعذر غير ممكن، فلذلك عفا الله عما لا يستطاع، ونهى عما هو ممكن بقوله: (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ).
أي: لا تميلوا ميلًا كثيرًا بحيث لا تؤدون حقوقهن الواجبة، بل افعلوا ما هو باستطاعتكم من العدل. فالنفقة والكسوة والقسم ونحوها عليكم أن تعدلوا بينهن فيها، بخلاف الحب والوطء ونحو ذلك، فإن الزوجة إذا ترك زوجها ما يجب لها، صارت كالمعلقة التي لا زوج لها فتستريح وتستعد للتزوج، ولا ذات زوج يقوم بحقوقها30.
ثالثًا: حقوق الزوجة وواجباتها:
كانت المرأة قبل الإسلام مهضومة الحق، فقرر لها الله تعالى حقوقًا في شئون الزواج، ونهى عن الاعتداء عليها، وأوجب عليها العديد من الواجبات:
أولًا: حقوق الزوجة:
ليست المرأة متاعًا يورث، فلا تورث زوجة المتوفى، ولا يحل لكم أيها المؤمنون تقليد أهل الجاهلية، فترثون المرأة كما ترثون الأموال والأمتعة، وتتصرفون فيها كما تشاءون، وهن كارهات لذلك.
قال تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [النساء: ١٩].
أي: لا يحل لكم أيها الذين آمنوا بالله ورسوله أن تسيروا على سنة الجاهلية في هضم حقوق النساء فتجعلوهن ميراثًا لكم كالأموال والعبيد، وتتصرفوا فيهن كما تشاءون، وهن كارهات لذلك، فإن شاء أحدكم تزوج امرأة من يموت من أقاربه، وإن شاء زوجها غيره، وإن شاء أمسكها ومنعها الزواج 31.
قال تعالى: (ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [النساء: ١٩].
أي: منعها من الزواج والتضييق عليها حتى تفتدي نفسها منكم بالمال من ميراث أو صداق ونحو ذلك، ثم استثنى الله تعالى حالة واحدة يجوز فيها العضل -أي: الحبس والتضييق-، وهي حالة إتيان الفاحشة المبينة كالزنى والسرقة والنشوز عن الطاعة، ونحو ذلك من الأمور الممقوتة شرعًا وعرفًا32.
قال تعالى: (ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ) [النساء: ١٩].
قال السعدي: «وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال»33.
قال تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [النساء: ٢٠].
أي: إذا أراد أحدكم أن يفارق امرأته ويستبدل مكانها غيرها، فلا يأخذن من الصداق الذي أعطاها إياه شيئًا، ولو كان قنطارًا من مال34.
ثانيًا: واجبات الزوجة:
قال تعالى: (ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [البقرة: ٢٢٨].
قال ابن كثير: «أي: في الفضيلة في الخلق، والمنزلة، وطاعة الأمر، والإنفاق، والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة»35.
قال تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [البقرة: ٢٢٨].
أي: لهن من حقوق الزوجية على الرجال بمثل ما للرجال عليهن، فيحسن عشرتها بما هو معروف من عادة الناس أنهم يفعلونه لنسائهم، وهي: كذلك تحسن عشرة زوجها بما هو معروف من عادة النساء أنهن يفعلنه؛ لأزواجهن من طاعة، وتزين، وتحبب، ونحو ذلك36.
ومما يؤكد ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)37.
رابعًا: حقوق الأبناء وواجباتهم:
اهتم الإسلام بتربية الأبناء اهتمامًا كبيرًا، وجعل على الآباء لأبنائهم حقوقًا، كما جعل للآباء على أبنائهم حقوقًا، وهذه الحقوق هي:
أولًا: حقوق الأبناء:
ينبغي أن يختار الأب لأبنائه أمًا صالحة تقوم على تربية أبنائه تربية صحيحة، بحيث يكون هؤلاء الأبناء قادرين عل حمل أمانة الإسلام، والوصول بها إلى غايتها، والدفاع عنها. قال تعالى: (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [البقرة: ٢٢١].
قال الطبري: «يعني -تعالى ذكره- بقوله: (ﭸ ﭹ) بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، خيرٌ عند الله وأفضل من حرة مشركة كافرة، وإن شرف نسبها وكرم أصلها. يقول: ولا تبتغوا المناكح في ذوات الشرف من أهل الشرك بالله، فإن الإماء المسلمات عند الله خير منكحًا منهن»38.
فهي أمر له شأن عظيم، وأثر كبير في حياة الطفل، ولذا جعله الله عز وجل من أعظم حقوق الأبناء على الآباء، وهو حق واجب في ذمة الأبوين معًا، وتقوم به الأم بالدرجة الأولى.
قال تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البقرة: ٢٣٣].
قال الزحيلي: «على جميع الوالدات مطلقات أو غير مطلقات أن يرضعن أولادهن مدة سنتين كاملتين دون زيادة عليهما، إذا أريد إتمام المدة، ولا مانع من نقص ذلك إذا رئيت المصلحة فيه، والأمر متروك للاجتهاد والتقدير»39.
ومما يؤكد على وجوب تربية الأبناء قوله تعالى: (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [التحريم: ٦].
والمعنى: «احفظوا أهليكم منها بأن تأمروهن بالمعروف وتنهوهن عن المنكر، وتعلموهن الخير وأوامر الشرع وتؤدبوهن بأدب القرآن، والأهل: هم الزوجة والأولاد والخدم ومن هم في حوزتك ومعيشتك»40.
وقال تعالى: (ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [طه: ١٣٢].
قال القرطبي: «أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم، ويصطبر عليها ويلازمها: وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويدخل في عمومه جميع أمته، وأهل بيته على التخصيص»41.
النفقة واجبة على الأب لأبنائه ذكورًا كانوا أو إناثًا ما داموا في كفالته، وذلك حتى لا يتركهم يتعرضون للضياع والانحراف، وذلك بتوفير كل ما يحتاجون إليه عادةً من غذاء وكساء ودواء ومأوى.
قال تعالى: (ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [النساء: ٧].
قال القرطبي: «أي: لينفق الزوج على زوجته وعلى ولده الصغير على قدر وسعه حتى يوسع عليهما إذا كان موسعا عليه. ومن كان فقيرًا فعلى قدر ذلك، فتقدر النفقة بحسب الحالة من المنفق والحاجة من المنفق عليه بالاجتهاد على مجرى حياة العادة»42.
كما أكد ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول)43.
يجب على الوالدين اختيار الاسم الحسن لمولودهما.
قال تعالى: (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [مريم: ٧].
وفي هذه الآية دليل وشاهد على أن الأسماء الجميلة جديرة بالأثرة، وإياها كانت العرب تنتحي في التسمية؛ لكونها أنبه وأنزه عن النبز 44.
تفضيل بعض الأبناء على بعض يؤدي إلى إثارة الحقد والحسد والبغض؛ مما يضر بالترابط الأسري، الذي صانه الإسلام، وحافظ عليه بكل السبل. وقد أمر الله سبحانه بالعدل في كل الأمور ومن باب أولى العدل بين الأبناء.
قال تعالى: (ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [المائدة: ٨].
أي: كلما حرصتم على العدل واجتهدتم في العمل به، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم، فإن تم العدل كملت التقوى45.
ثانيًا: واجبات الأبناء:
سبق وأن ذكرنا حقوق الآباء على الأبناء عند الحديث عن حقوق الوالدين، من حيث طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما، وتجنب عقوقهما، وغير ذلك من الواجبات.
إن الأسرة التي تسير في حياتها وسلوكها وفق منهج الله سبحانه هي أسرة سعيدة مهما قلت ذات يدها، وهي أبعد ما تكون عن الخلاف بين الزوجين، ولكن الالتزام المطلق بكل هذا المنهج، ربما لا يتيسر في بعض الأسر أو لدى بعض الأشخاص في بعض الظروف والأحوال، فإذا نشأ الخلاف بينهما فإن الإسلام وضع منهجًا محددًا واضحًا، إذا ما طبقه الزوجان على هذا الخلاف تلاشى-بإذن الله- وزال أثره، وعادت الحياة الزوجية بينهما إلى سابق عهدها من الوفاق والألفة:
أولًا: مشكلات الوالدين:
من أهم المشكلات التي تقع بين الزوجين، أن يختار الزوج المسلم شريكة حياته من ليس على دينه وملته، فيكون ذلك وبالًا على الأولاد الذين يتربون في أحضان أمٍ لا تعرف شرع الله سبحانه، فيقع الأب في مشكلات قد تودي بالأسرة إلى الدمار والهلاك، لذلك رغب الإسلام في نكاح المؤمنة التي تحفظ على زوجها دينه وأبناءه.
قال تعالى: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) [المائدة: ٥].
أجاز الشرع زواج المسلم بالكتابية، ولم يجز زواج المسلمة بالكتابي؛ لأمر واضح وهو أن الكتابية لها أن تبقى على دينها بزواجها بمسلم ولا تتضرر فيما تدين به، ولأن المسلم يؤمن بدينه المتضمن الإقرار بأصول الأديان الأخرى، ومنها الدين اليهودي والدين النصراني في أصوله الأولى التي تتفق مع الإسلام في الدعوة إلى التوحيد والفضائل الإنسانية، فهي مع المسلم في دائرة متسعة تسع دينها وغيره، وربما إذا لمست روح التسامح وحسن المعاملة من زوجها عاشت سعيدة هانئة معه دون تضرر، وبما أن للرجل عادة سلطة القوامة على المرأة، وهي أقوى من سلطة المرأة، فلو تزوج الكتابي المسلمة أمكن التأثير عليها، فربما تركت دينها، وتضررت غالبًا بمعاشرة زوجها؛ لعدم توافر الانسجام والوئام الروحي والحسي، والكتابي لا يؤمن بالإسلام، فتكون معه في دائرة ضيقة الأفق، وهي متسعة الاعتقاد، والإسلام يعلو ولا يعلى عليه، فعزة المسلمة تأبى عليها أن تكون زوجة لكتابي، هذا ما عليه جمهور العلماء، مع القول بأن زواج المسلم بالكتابية مكروه46.
وذكر الزحيلي في ختام حديثه عن نكاح الكتابيات كلامًا جميلًا، يؤكد الواقع الذي نعيش فيه ويعمل على معالجة ما يقبل الشباب المسلم على الافتتان به، وأخيرًا يمكن القول: إن إباحة زواج المسلم بالكتابية هو في الواقع حالة استثنائية، وليست أصلًا، ولذا فإنا نشجب إقبال الشبان على الزواج بالأجنبيات؛ افتتانًا بالجمال الأشقر، واستسهالًا للزواج، لكونه بغير مهر يذكر؛ لأن تلك الزوجات تفسد على الرجل غالبًا دينه ووطنيته، وتعزله عن انتمائه لبلاده وقومه، وتربي الأولاد على هواها ودينها، فضلًا عن نظرة الاستعلاء والفوقية عندها، واحتقار العرب والمسلمين، وقد تقتل الزوج، وقد تأخذ الأولاد إلى بلادها وتترك الزوج، وقليل جدا منهن من أسلم، فلا مطمع فيهن.
وأما زواج المسلمة بغير المسلم فهو أشد وأنكى؛ إذ الزواج باطل حرام بإجماع المسلمين، والأولاد أولاد زنا، والعلاقة القائمة بينها وبين الرجل لا تجيز الاستمتاع وإن طال الأمد؛ لبطلانها أصلا، فإن استحلت المرأة ذلك فهي مرتدة كافرة47.
ثانيًا: مشكلات الزوجين:
أولًا: الظهار:
الظهار: قول الرجل لامرأته: أنتِ علي كظهر أمي48.
والظهار من المشكلات التي قد تقع بين الزوجين، وقد أوجد القرآن الكريم الحلول لهذه المشكلة.
قال تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [المجادلة: ٣-٤].
وهذا هو المجمع عليه عند العلماء في الظهار قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فإذا قال لها ذلك فليست تحل له حتى يكفر كفارة الظهار التي أوجبها الله على المظاهر بعتق رقبة، فإذا لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، يعطي كل مسكين مدًا من غالب قوت أهل البلد، وهذه الكفارة لها وقعها في نفوس المحتاجين 49.
وبهذا يعالج القرآن مشكلة اجتماعية طالما أفسدت على الأسر حياتهم.
ثانيًا: الإيلاء:
الإيلاء: حلف على ترك قربان المرأة مدته50.
وقد تحدث القرآن عن الإيلاء، فقال تعالى: (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧].
يقول سيد قطب في سياق تفسير الآية: «إن هناك حالات نفسية واقعة، تلم بنفوس بعض الأزواج، بسبب من الأسباب في أثناء الحياة الزوجية وملابساتها الواقعية الكثيرة، تدفعهم إلى الإيلاء بعدم المباشرة، وفي هذا الهجران ما فيه من إيذاء لنفس الزوجة ومن إضرار بها نفسيًا وعصبيًا ومن إهدار لكرامتها كأنثى، ومن تعطيل للحياة الزوجية ومن جفوة تمزق أوصال العشرة، وتحطم بنيان الأسرة حين تطول عن أمد معقول.
ولم يعمد الإسلام إلى تحريم هذا الإيلاء منذ البداية؛ لأنه قد يكون علاجًا نافعًا في بعض الحالات للزوجة الشامسة المستكبرة المختالة بفتنتها وقدرتها على إغراء الرجل وإذلاله أو إعناته، كما قد يكون فرصة للتنفيس عن عارض سأم، أو ثورة غضب، تعود بعده الحياة أنشط وأقوى.. ولكنه لم يترك الرجل مطلق الإرادة كذلك؛ لأنه قد يكون باغيًا في بعض الحالات يريد إعنات المرأة وإذلالها أو يريد إيذاءها لتبقى معلقة، لا تستمتع بحياة زوجية معه، ولا تنطلق من عقالها هذا لتجد حياة زوجية أخرى.
فتوفيقًا بين الاحتمالات المتعددة، ومواجهة للملابسات الواقعية في الحياة، جعل هنالك حدًا أقصى للإيلاء لا يتجاوز أربعة أشهر، وهذا التحديد قد يكون منظورًا فيه إلى أقصى مدى الاحتمال؛ كي لا تفسد نفس المرأة، فتتطلع تحت ضغط حاجتها الفطرية إلى غير رجلها الهاجر، وعلى أية حال فإن الطبائع تختلف في مثل هذه الأمور، ولكن أربعة أشهر مدة كافية ليختبر الرجل نفسه ومشاعره. فإما أن يفيء ويعود إلى استئناف حياة زوجية صحيحة، ويرجع إلى زوجه وعشه، وإما أن يظل في نفرته وعدم قابليته، وفي هذه الحالة ينبغي أن تفك هذه العقدة، وأن ترد إلى الزوجة حريتها بالطلاق» 51.
يتبين مما سبق أن الله سبحانه رحيم بأمته، حيث أوجد الحلول لكل مشكلة تحاول أن تعصف بالأسرة، ومشكلة الإيلاء من المشكلات التي عالجها القرآن الكريم، وأوجد الحلول لها حتى يعيش المجتمع في استقرار وأمان.
ثالثًا: الطلاق:
الطلاق: إزالة عقد النكاح 52.
وقد عرض القرآن الكريم في بعض سوره للحديث عن هذه المشكلة التي قد تواجه كثيرًا من الأسر، بل سمى سورة من سور القرآن باسم سورة الطلاق، وحذر منه، وأوجد العلاج الناجع للتعامل مع كل حالة من حالاته، حتى تبقى الأسرة المسلمة في أمن وأمان، ويأخذ كل صاحب حق حقه، وبالتالي يعيش المجتمع المسلم سليمًا بعيدًا عن الفوضى والاضطراب، وقد بين المفسرون أحكام الطلاق عند حديثهم عن الآيات التي تتناول ذلك، ومن هؤلاء الشوكاني الذي يقول عند تفسيره لقوله تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ)[البقرة: ٢٣٦-٢٣٧].
«واعلم أن المطلقات أربع: مطلقة مدخول بها مفروض لها، وهي التي تقدم ذكرها قبل هذه الآية: (ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [البقرة: ٢٢٩].
وفيها نهى الأزواج عن أن يأخذوا مما آتوهن شيئًا، وأن عدتهن ثلاثة قروء، ومطلقة غير مفروض لها، ولا مدخول بها، وهي المذكورة هنا، فلا مهر لها، بل المتعة، وبين في سورة الأحزاب أن غير المدخول بها إذا طلقت فلا عدة عليها، (ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) [الأحزاب: ٤٩].
ومطلقة مفروض لها غير مدخول بها وهي المذكورة بقوله سبحانه هنا: (ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة: ٢٣٧].
ومطلقة مدخول بها غير مفروض لها، وهي المذكورة في قوله تعالى: (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [النساء: ٢٤]» 53.
رابعًا: النشوز:
النشوز: ترك المرأة بيت الزوجية من غير مبرر مشروع 54.
سبق وأن تم الحديث عن نشوز المرأة، وعلاج هذا النشوز، كما بينه قوله تعالى: (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ) [النساء: ٣٤].
أما من ناحية نشوز الرجل فقد عالج القرآن ذلك بقوله تعالى: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ) [النساء: ١٢٨].
يقول سيد قطب: «فإذا خشيت المرأة أن تصبح مجفوة وأن تؤدي هذه الجفوة إلى الطلاق - وهو أبغض الحلال إلى الله - أو إلى الإعراض، الذي يتركها كالمعلقة، لا هي زوجة ولا هي مطلقة، فليس هنالك حرج عليها ولا على زوجها، أن تتنازل له عن شيء من فرائضها المالية أو فرائضها الحيوية، كأن تترك له جزءًا أو كلًا من نفقتها الواجبة عليه، أو أن تترك له قسمتها وليلتها، إن كانت له زوجة أخرى يؤثرها، وكانت هي قد فقدت حيويتها للعشرة الزوجية أو جاذبيتها هذا كله إذا رأت هي-بكامل اختيارها وتقديرها لجميع ظروفها- أن ذلك خير لها وأكرم من طلاقها... ثم يعقب على الحكم بأن الصلح إطلاقًا خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق: (ﭡ ﭢ) فينسم على القلوب التي دبت فيها الجفوة والجفاف، نسمة من الندي والإيناس، والرغبة في إبقاء الصلة الزوجية والرابطة العائلية»55.
يتبين مما سبق أن القرآن الكريم ذكر علاجًا ناجعًا في حال أحد الزوجين، وهذا العلاج الناجع الذي ذكره القرآن الكريم؛ ليزيد الأسرة قوةً وارتباطًا، ويهيئ الحياة الكريمة السعيدة داخل الأسرة بعيدًا عن المشاحنات.
خامسًا: قذف الزوجة:
القذف: الرمي بالزنا خاصة، صراحةً أو ضمنًا56.
إن قذف الزوجة يختلف عن قذف الأجنبية، حيث إن ضرر القذف لا ينحصر في المقذوفة فقط بل يقع على القاذف، وهو الزوج من حيث الفضيحة التي تطاله، وصحة نسبة أبنائه إليه؛ لذا فإن الزوج غالبًا لا يقذف زوجته إلا صادقًا، ولهذا وضع القرآن الكريم الحلول لمثل هذه المشكلة.
فقال تعالى: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ) [النور: ٦-١٠].
فهذه الآية الكريمة فيها الفرج والمخرج للأزواج، إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة؛ أن يلاعنها، كما أمر الله عز وجل، وهو أن يحضرها إلى الإمام فيدعي عليها بما رماها به، فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء، (ﯝ ﯞ ﯟ) أي: فيما رماها به من الزنى (ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)، فإذا قال ذلك بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وحرمت عليه أبدًا، ويعطيها مهرها، ويتوجه عليها حد الزنى، ولا يدرأ عنها العذاب إلا إن تلاعن، فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، أي: فيما رماها به، (ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) ولهذا قال: (ﯫ ﯬ ﯭ) يعني: الحد، (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنى إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رماها به. ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها. والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه.
ثم ذكر تعالى لطفه بخلقه، ورأفته بهم، وشرعه لهم الفرج والمخرج من شدة ما يكون فيه من الضيق 57.
سادسًا: الشقاق:
الشقاق: أن ينال الفرد من صاحبه ما كربه وآذاه وأثقلته مساءته58.
قال تعالى: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) [النساء: ٣٥].
والمعنى: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) أي: رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق.
فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه.
فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح؛ فرقا بينهما59.
يتبين مما سبق رأفة الله سبحانه بعباده، ولطفه بهم فيما شرع لهم من الفرج والمخرج، ومن شدة ما يكون بهم من الضيق، ومن وقوع هذه المشكلة التي لا علاج لها سوى ما ذكره الله تعالى من الأحكام التي سبق ذكرها.
ثانيًا: مشكلات الأبناء:
يعتبر استقرار الأسرة من أقوى دعائم تربية الأولاد تربية صالحة، والعمود الفقري في ذلك قوة العلاقة بين الزوجين والاحترام المتبادل بينهما حقيقةً لا تكلفًا، وما قد يحدث بينهما من مشكلات أو اختلاف يجب ألا يكون أمام الأبناء بل في معزل عنهم، ويجب على كل واحد منهم أن يعظم قدر الآخر في نظر الأولاد ويحافظ على هيبته ومكانته، ومن هذه المشكلات ما يلي:
١. عقوق الوالدين.
تمثل ذلك في قصة الابن العاق الذي ورد في القرآن متمردًا ورافضًا ما يدعوه إليه والداه من الخير والإيمان، مصرًا على الكفر والانحراف.
قال تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ)[الأحقاف: ١٧].
يقول سيد قطب: «فالوالدان مؤمنان، والولد العاق يجحد برهما أول ما يجحد فيخاطبهما بالتأفف الجارح الخشن الوقح: (ﮚ ﮛ)... ثم يجحد الآخرة بالحجة الواهية: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ).. أي: ذهبوا ولم يعد منهم أحد.. والساعة مقدرة إلى أجلها، والبعث جملة بعد انتهاء أجل الحياة الدنيا، ولم يقل أحد إنه تجزئة، يبعث جيل مضى في عهد جيل يأتي، فليست لعبةً وليست عبثًا، إنما هو الحساب الختامي للرحلة كلها بعد انتهائها! والوالدان يريان الجحود ويسمعان الكفر، ويفزعان مما يقوله الولد العاق لربه ولهما، ويرتعش حسهما لهذا التهجم والتطاول ويهتفان به: (ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ).. ويبدو في حكاية قولهما الفزع من هول ما يسمعان، بينما هو يصر على كفره، ويلج في جحوده: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ).. هنا يعاجله الله بمصيره المحتوم»60.
وقد ظهر ذلك أيضًا من موقف ابن سيدنا نوح عليه السلام مع أبيه حيث رفض الاستجابة له، والالتحاق بهم في السفينة، والانصياع لدين الله سبحانه فكان عاقبته الموت غرقًا.
قال تعالى: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [هود: ٤٢-٤٣].
وهكذا يفرق الضلال بين الابن وأبيه، حتى ليأبى الولد وهو بين يدي هذا البلاء المحيط به أن يستجيب لأبيه، وأن يستمع له، فيخرج عن أمره، وهو يدعوه إلى ما فيه سلامته ونجاته، وهكذا يوفى كل من الأب والابن جزاء ما كسب، فينجو الأب بإيمانه، ويهلك الابن الكافر بكفره61.
٢. الغيرة والحسد بين الأبناء.
العدل بين الأبناء مهم جدًا لاستقرار الحياة داخل الأسرة، وقد أظهر القرآن الكريم أن الغيرة بين الأبناء قد تؤدي إلى أن يفكر بعض الأبناء في إيذاء أو قتل بعضهم البعض بسبب ذلك، ونفهم ذلك من القصص الواردة في القرآن، التي تعرض لمثل هذه الحوادث، ومن ذلك ما حصل بين قابيل وهابيل.
قال تعالى: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [المائدة: ٢٧].
قال الزحيلي: «أورد الله تعالى هذه القصة لبيان تأثير الحسد والحقد وحب الذات، وأن ذلك يؤدي إلى المخاطر والمهالك والقبائح، فقضى على رابطة الأخوة التي تجمع بين الأخوين، وأدى إلى سفك الدماء»62.
ومن الأمثلة التي تؤكد ذلك قوله تعالى: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [يوسف: ٧-٩].
والمعنى: أن هذا الذي يزاحمكم في محبة أبيكم لكم، أعدموه من وجه أبيكم؛ ليخلو لكم وحدكم، إما بأن تقتلوه، أو تلقوه في أرض من الأراضي تستريحوا منه، وتختلوا أنتم بأبيكم، وتكونوا من بعد إعدامه قومًا صالحين63.
٣. سرعة الغضب وعدم التحكم في الأقوال والأفعال.
من المشكلات التي يقع فيها الأبناء، هي سرعة الغضب وعدم التحكم في الاقوال والأفعال، وقد حذر القرآن الكريم الأبناء من الوقوع في هذه المشكلة؛ لأنها تؤدي إلى إيذاء الآخرين وتوقعهم فيما لا تحمد عقباه، وخصوصًا سخط الله سبحانه وكذلك سخط الآباء.
قال تعالى: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الإسراء: ٢٣].
والمعنى: لا تؤفف من شيء تراه من أحدهما أو منهما مما يتأذى به الناس، ولكن اصبر على ذلك منهما، واحتسب في الأجر صبرك عليه منهما، كما صبرا عليك في صغرك64.
قال تعالى: (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [الأحقاف: ١٧].
أي: قال لأبويه حينما دعواه إلى الإيمان بالله واليوم الآخر: أف لكما، أي: أتضجر وأتبرم مما تقولانه، أأنتما تخبرانني أنني سأبعث من قبري بعد الموت لموعد الله؟ إن هذا البعث بعد الموت المستبعد مستنكر، فقد مضت الأمم السابقة الكثيرة من قبلي، كعاد وثمود، ماتوا ولم يبعث منهم أحد، وذهبوا ولم يرجع منهم مخبر65.
٤. التلفظ بالألفاظ النابية مع الآخرين.
حذر القرآن الكريم المسلمين من استخدام الألفاظ النابية، التي تثير الحقد وتدفع إلى الكراهية، وبالتالي لابد للمسلم أن يربي أبناءه على اجتناب مثل هذه الألفاظ، حتى يكون أبناؤه مثالًا يقتدى في الأخلاق الحميدة.
قال تعالى: (ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [الحجرات: ١١].
بين القرآن ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن مع المؤمن، فذكر أنه لا ينبغي أن يسخر منه ولا أن يعيبه بالهمز واللمز، ولا أن يلقبه باللقب الذي يتأذى منه؛ لأن ذلك من الأمور التي تؤدي إلى ضياع الأمة وتفشي الظلم والكراهية فيها66.
هذا وقد بين القرآن الكريم أهمية خفض الصوت أثناء الحديث مع الآخرين في الحديث عن وصايا لقمان لابنه قال تعالى: (ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ) [لقمان: ١٩].
قال سيد قطب: «والغض من الصوت فيه أدب وثقة بالنفس واطمئنان إلى صدق الحديث وقوته، وما يزعق أو يغلظ في الخطاب إلا سيء الأدب، أو شاك في قيمة قوله، أو قيمة شخصه يحاول إخفاء هذا الشك بالحدة والغلظة والزعاق! والأسلوب القرآني يرذل هذا الفعل ويقبحه في صورة منفرة محتقرة بشعة حين يعقب عليه بقوله: (ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ).. فيرتسم مشهد مضحك يدعو إلى الهزء والسخرية، مع النفور والبشاعة»67.
٥. الصحبة السيئة.
قد يقع بعض الأبناء في سوء اختيار الصديق، مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على هذا الابن وعلى أسرته من حوله، حيث إنه يتعلم من هذه الصحبة السيئة أمورًا تؤدي إلى انحراف سلوكه في المجتمع وداخل الأسرة انحرافًا كبيرًا، فيتفشى لديه الكذب، وقد يتعاطى المخدرات، وبالتالي يهمل في دروسه، الأمر الذي يؤدي به إلى السرقة، أو القتل، فتكون نهايته وخيمة في الدنيا والآخرة، لذا يجب على الوالدين متابعة أبنائهم في ذهابهم وإيابهم، ومعرفة من يتقرب إليهم ويحيط بهم، ومساءلتهم عند التقصير، وقد حذرنا القرآن الكريم من رفقاء السوء، فقال تعالى: (ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ) [الزخرف: ٦٧].
يقول سيد قطب: «وإن عداء الأخلاء لينبع من معين ودادهم.. لقد كانوا في الحياة الدنيا يجتمعون على الشر، ويملي بعضهم لبعض في الضلال، فاليوم يتلاومون، واليوم يلقي بعضهم على بعض تبعة الضلال وعاقبة الشر. واليوم ينقلبون إلى خصوم يتلاحون، من حيث كانوا أخلاء يتناجون! (ﮡ ﮢ).. فهؤلاء مودتهم باقية فقد كان اجتماعهم على الهدى، وتناصحهم على الخير، وعاقبتهم إلى النجاة»68.
٦. الطمع في ملذات الحياة الدنيا.
قد يتربى الأبناء على الاهتمام بتحصيل ما يستطيعون من ملذات الحياة والانشغال عن حقوق الله سبحانه ، وقد تناول القرآن بيان ذلك عند حديثه عن أصحاب الجنة، التي طمع أصحابها في ثمر جنتهم، واتفقوا على عدم إعطاء الفقراء منه، كما كان يفعل والدهم فأحرق الله لهم جنتهم عقابًا لهم على ما فعلوه، فتابوا إلى الله سبحانه، ورجعوا نادمين على فعلتهم69.
قال تعالى: (ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [القلم: ١٧-٢٠].
يتبين مما سبق أن الأبناء قد يقعون في مثل هذه المشكلات، بل أكثر من ذلك إذا وجدت الأرض الخصبة لذلك، لذا لابد من الوالدين القيام بواجباتهم تجاه أبنائهم على أكمل وجه، حتى يكونوا صالحين نافعين لهم ولوطنهم، وقد ذكر القرآن في موضعين أن الأولاد كالأموال فتنة يجب الحذر منها وإعدادها إعدادًا سليمًا لتكون عنصر بناءٍ لا عنصر هدم في مجتمعها، وحتى لا تكون وبالًا وخسارًا على نفسها ومن حولها.
قال تعالى: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [الأنفال: ٢٨].
يقول أبو حيان عند تفسيره للآية: «أي: سبب الوقوع في الفتنة وهي الإثم أو العذاب أو محنة واختبار لكم، وكيف تحافظون على حدوده فيها، ففي كون الأجر العظيم عنده إشارة إلى أن لا يفتن المرء بماله وولده، فيؤثر محبته لهما على ما عند الله، فيجمع المال ويحب الولد حتى يؤثر ذلك»70.
الأسرة في القرآن والمواثيق الدولية
إن مما لاشك فيه أن الوضع الفطري الطبيعي بالنسبة للرجل أن تكون له زوجة يرتبط بها برباط وثيق يجمعهما، ويتعاونان من خلاله على إنشاء أسرة متماسكة قوية البنيان؛ لإنجاب النسل الصالح الذي يرفد المجتمع بأفراد صالحين، يرثون عن سلفهم مسئوليات المجتمع، لكن هناك من انحرف عن جادة الصواب وخالف الفطرة الإنسانية، وشذ عن الطبيعة التي فطر الله سبحانه الناس عليها، فابتلاهم الله سبحانه بالأمراض والأوبئة التي لم تكن في أسلافهم.
أولًا: الأسرة في القرآن:
الأسرة في نظر القرآن كيان مقدس، وهي اللبنة الصالحة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم، ولهذا أولى القرآن بناءها عناية خاصة، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكًا قويًا، يحقق الغاية الكبرى من وجوده، وجعل الزواج ميثاقًا محكمًا تأخذه المرأة على زوجها.
قال تعالى: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [النساء: ٢١].
قال الطبري: «وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك، قول من قال: الميثاق الذي عني به في هذه الآية: هو ما أخذ للمرأة على زوجها عند عقدة النكاح من عهدٍ على إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان، فأقر به الرجل؛ لأن الله -جل ثناؤه- بذلك أوصى الرجال في نسائهم» 71.
وقال الشعراوي عند تفسيره للآية: «والميثاق هو: العهد يؤخذ بين اثنين، ساعة سألت وليها: زوجني، فقال لك: زوجتك، ومفهوم أن كلمة الزواج هذه ستعطي أسرة جديدة، وكل ميثاق بين خلق وخلق في غير العرض هو ميثاق عادي، إلا الميثاق بين الرجل والمرأة التي يتزوجها؛ فهذا هو الميثاق الغليظ، أي: غير اللين، والله لم يصف به إلا ميثاق النبيين فوصفه بأنه غليظ، ووصف هذا الميثاق بأنه غليظ، ففي هذه الآية (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) فهنا إفضاء، وفي آية أخرى يكون كل من الزوجين لباسًا وسترًا للآخر (ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) لهذا كان الميثاق غليظًا.
وهذا الميثاق الغليظ يحتم عليك إن تعثرت العشرة أن تتحملها وتعاملها بالمعروف، وإن تعذرت وليس هناك فائدة من استدامتها فيصح أن تستبدلها، فإن كنت قد أعطيتها قنطارًا إياك أن تأخذ منه شيئًا، لماذا؟ لأن ذلك هو ثمن الإفضاء، وما دام هذا القنطار هو ثمن الإفضاء وقد تم، فلا تأخذ منه شيئًا، فالإفضاء ليس شائعًا في الزمن كي توزعه، لا والحق يقول: (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) هنا يجب أن نفهم أن الحق حين يشرع فهو يشرع الحقوق، ولكنه لا يمنع الفضل، بدليل أنه قال: (ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [النساء: ٤]»72.
ولم يقتصر القرآن الكريم على اعتبار الميثاق في الأسرة ما يكون بين المرء وزوجه، بل اعتبر أن طلب الميثاق يكون من الأب لأبنائه، وهذا ما ذكره القرآن الكريم عند حديثه عما جرى في قصة يوسف عليه السلام، عندما طلب يعقوب من أبنائه الميثاق حتى يوافق على اصطحاب أخيهم بنيامين لهم في رحلتهم لجلب المؤنة من مصر.
قال تعالى: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [يوسف: ٦٦].
قال الشوكاني: «(ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) حتى تحلفوا بالله لتأتنني به، أي: لتردن بنيامين إلي، والاستثناء بقوله: (ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) هو من أعم العام؛ لأن (ﮌ ﮍ) وإن كان كلامًا مثبتًا فهو في معنى النفي، فكأنه قال: لا تمنعون من إتياني به في حال من الأحوال لعلة من العلل إلا لعلة الإحاطة بكم، والإحاطة مأخوذة من إحاطة العدو، ومن أحاط به العدو فقد غلب أو هلك، فأخذ يعقوب عليهم العهد بأن يأتوه ببنيامين إلا أن تغلبوا عليه أو تهلكوا دونه، فيكون ذلك عذرًا لكم عندي (ﮓ ﮔ ﮕ) أي: أعطوه ما طلبه منهم من اليمين (ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) أي: قال يعقوب: الله على ما قلناه من طلبي الموثق منكم وإعطائكم لي ما طلبته منكم مطلع رقيب، لا يخفى عليه منه خافية، فهو المعاقب لمن خاس في عهده، وفجر في الحلف به، أو موكول إليه القيام بما شهد عليه منا»73.
ثانيًا: الأسرة في المواثيق الدولية:
هناك عدد من القضايا المهمة تتمحور حولها اتفاقيات الأمم المتحدة التي تمس الأسرة بشكل مباشر، وتؤثر عليها تأثيرًا خطيرًا، من حيث التركيب، والقيم، والهوية، والتماسك، من أهم تلك القضايا:
يتضح مما سبق أن هناك فارقًا كبيرًا بين مكانة الأسرة في قرآننا العظيم وبين مكانة الأسرة في المواثيق الدولية، حيث إن القرآن العظيم حفظ الأسرة ورعاها وحماها زوجًا وزوجةً وأبناءً وآباءً، وعرف كل واحد من أفراد الأسرة ما له وما عليه، فإن التزم كل واحد منهم بذلك سعدوا جميعًا، بخلاف ما أعطته المواثيق الدولية المنبثقة من القوانين الوضعية لكل فرد من أفراد الأسرة من تحلل وانحراف وإباحة لكل ما حرم الله سبحانه، حتى اختلطت الأنساب، وانتشرت بينهم الأمراض التي لم تكن في أسلافهم، وترجلت المرأة وتخنث الرجل، وأصبح المجتمع فوضى لا مجال للأخلاقيات فيه.
والله المستعان..
موضوعات ذات صلة: |
الأبوة، الأخوة، الطلاق، النكاح، اليتيم، |
1 مقاييس اللغة ١/١١٦.
2 انظر: تاج العروس، الزبيدي ١٠/٥١، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية ١/١٧.
3 نظام الأسرة في الإسلام ١/١٨.
4 انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، ص٣٣.
5 مقاييس اللغة، ابن فارس١/١٥٢.
6 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٩٦.
7 انظر: الفروق الغوية، العسكري١/٨٤.
8 مقاييس اللغة، ابن فارس٤/٣٢٤.
9 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٥٦٧.
10 مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٤٥٠.
11 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص٣٦٧، الكشاف، الزمخشري ٣/٣٧٢.
12 انظر: الفروق اللغوية، العسكري١/٥٤٨.
13 انظر: معالم التنزيل، البغوي ٥/٣١.
14 في ظلال القرآن ١/٢٣٤.
15 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، رقم ٥٠٦٣، ٧/٢.
16 محاسن التأويل، القاسمي ٢/٧٨.
17 التحرير والتنوير ٢١/٣٢.
18 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٤٤٤.
19 انظر: المصدر السابق ص٨٠٢.
20 في ظلال القرآن ١/١٧٤.
21 المصدر السابق ٤/٢٢٢١.
22 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب رغم أنفه من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر، رقم ٢٥٥١، ٤/١٩٧٨.
23 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ١٥/٥٦.
24 انظر: التفسير الواضح، محمد حجازي ١/١٤٣.
25 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ١/١٢٢.
26 أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، ٤/٨٦، رقم ٢٤٤٤.
27 انظر: التفسير الواضح، محمد حجازي ١/٣٧٠.
28 انظر: تفسير السمرقندي ١/٣٨١.
29 انظر: جامع البيان، الطبري ١٨/١٢١.
30 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٢٠٧.
31 انظر: تفسير المراغي ٤/٢١٢.
32 انظر: فتح القدير، الشوكاني ٢/١٠٦.
33 تيسير الكريم الرحمن ص١٧٢.
34 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/٢٤٣.
35 المصدر السابق ١/٦١٠.
36 انظر: فتح القدير، الشوكاني ١/٣١٦.
37 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، رقم ٤٨٩٧، ٥/١٨٩٣.
38 جامع البيان ٤/٣٦٨.
39 التفسير المنير ٢/٣٥٩.
40 التفسير الواضح، محمد حجازي ٣/٧٠٥.
41 الجامع لأحكام القرآن ١١/٢٦٣.
42 المصدر السابق ١٨/١٧١.
43 أخرجه النسائي في الكبرى، كتاب عشرة النساء، باب إثم من ضيع عياله، ٨/٢٦٨، رقم ٩١٣١، والحاكم في المستدرك، كتاب الفتن والملاحم، رقم ٨٥٢٦ ، ٤/٥٤٥.
44 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١١/٨٣.
45 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٢٢٤.
46 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢/٢٩٣.
47 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢/٢٩٦.
48 انظر: أنيس الفقهاء، قاسم القونوي ١/٥٧.
49 انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ١٧/٢٨٠.
50 انظر: أنيس الفقهاء، قاسم القونوي ١/٥٦.
51 في ظلال القرآن ١/٢٤٥.
52 انظر: معجم لغة الفقهاء، موقع بعسوب ١/٢٩١.
53 فتح القدير ١/٣٣٩.
54 انظر: أنيس الفقهاء، قاسم القونوي ١/٤٨٠.
55 في ظلال القرآن ٢/٧٦٨.
56 انظر: معجم لغة الفقهاء، محمد رواس حامد قنيبي ١/٣٥٩.
57 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٦/١٤.
58 انظر: جامع البيان، الطبري٢/٦٠٢.
59 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص١٧٧.
60 في ظلال القرآن ٦/٣٢٦٣.
61 انظر: التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب٦/١١٤١.
62 التفسير المنير ٦/١٥٢.
63 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/٣٧٢.
64 انظر: جامع البيان، الطبري ١٧/٤١٥.
65 انظر: التفسير المنير، الزحيلي ٢٦/٤٣.
66 انظر: تفسير المراغي ٢٦/١٣٣.
67 في ظلال القرآن ٥/٢٧٩٠.
68 المصدر السابق٥/٣٢٠١.
69 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٨/١٩٦.
70 البحر المحيط ٥/٣٠٨.
71 جامع البيان ٨/١٣٠.
72 تفسير الشعراوي ١/١٤٢٤.
73 فتح القدير ٤/٥٠.
74 انظر: مصطلح الأسرة في المواثيق الدولية، كاميليا حلمي ٤/٥٠.