عناصر الموضوع

مفهوم الإخلاص

الإخلاص في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

منزلة الإخلاص ودرجاته

صور الإخلاص

وسائل تحقيق الإخلاص

ثمرات الإخلاص

الإخلاص

مفهوم الإخلاص

أولًا: المعنى اللغوي:

(خلص) الشيء صار (خالصًا) وبابه دخل، و(خلص) إليه الشيء وصل، و(خلصه) من كذا (تخليصًا) أي: نجاه (فتخلص)، و(خلاصة) السمن بالضم ما خلص منه، وكذا (خلاصته) بالكسر، و(أخلص) السمن طبخه، و(الإخلاص) أيضًا في الطاعة ترك الرياء، وقد (أخلص) لله الدين، و(خالصه) في العشرة صافاه، وهذا الشيء (خالصةٌ) لك أي: خاصةٌ، و(استخلصه) لنفسه استخصه، و(المخلص): الذي أخلصه الله جعله مختارًا خالصًا من الدنس، و(المخلص): الذي وحد الله تعالى خالصًا، و(المخلصون) المختارون، و(المخلصون) الموحدون، وضد الإخلاص الشرك، والرياء، وابتغاء غير وجه الله 1.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

عرف العلماء الإخلاص بتعريفات عدة منها ما يأتي:

قال الجنيد: الإخلاص «ما أريد به الله من أي عمل كان»2.

قال ابن القيم: الإخلاص «تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين»3.

عرفه الشيخ العثيمين بقوله: «الإخلاص هو التنقية، والمراد به أن يقصد المرء بعبادته وجه الله عز وجل، والوصول إلى دار كرامته، بحيث لا يعبد معه غيره لا ملكًا مقربًا، ولا نبيًا مرسلًا»4.

وقال الجرجاني في أحد تعاريفه للإخلاص: «ستر بين العبد وبين الله تعالى، لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوًى فيميله» 5.

فالمعنى الاصطلاحي خص ببعض معانيه اللغوية.

ثالثًا: الفرق بين المُخْلِص والمُخْلَص:

المُخْلِصُون - بكسر اللام - جمع مُخْلِص، وهو الذي أخلص عبادته لله تعالى فلم يشرك به شيئًا، فهو بهذا اسم فاعل.

وأما المُخْلَصُون - بفتح اللام - فهو جمع مُخْلَص، أي: من أخلصه الله تعالى واختاره، فهو اسم مفعول، وقد قرئ قول الله تعالى في سورة يوسف: ( ﭿ ) [يوسف:٢٤] بكسر اللام وبفتحها.

قال ابن جرير الطبري: بفتح اللام من المخلصين بتأويل أن يوسف من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوتنا ورسالتنا، بكسر اللام بمعنى أن يوسف من عبادنا الذين أخلصوا توحيدنا وعبادتنا فلم يشركوا بنا شيئًا غيرنا6.

فالمُخْلِص من كانت أعماله خالصةً لله، أي: يقوم بها لله فقط، ولا يقوم بها لغيره لا بالانفراد، أي: لغير الله فقط، ولا بالشركة، أي: لغير الله ولله معًا، وقد وردت في هذا المعنى آيات عديدة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ( ) [الأعراف:٢٩].

وقوله تعالى: ( ) [غافر:٦٥].

وقوله تعالى: ( ) [العنكبوت:٦٥].

وقوله تعالى: ( ) [غافر:١٤].

وقوله تعالى: ( ) [الزمر:١٤].

أما المُخْلَص -بصيغة المفعول- فهو من طبعه الله بطابع الإخلاص، أي: ختمه ومهره بختم الإخلاص، فاستخلصه وجعله خالصًا وأيد إخلاصه، ووردت في هذا المعنى أيضًا آيات عديدة.

قال تعالى: ( ﰚ ﰛ ) [ص:٨٢-٨٣].

وفي هذه الآية يقسم الشيطان بعزة الله تعالى بعد أن طرده الله من الجنة لما رفض السجود لآدم (عليه السلام) أنه سيقوم بإغواء بني آدم كلهم، ولكنه استثنى منهم عباد الله المخلصين، فإن من استخلصهم الله تعالى ووقع على إخلاصهم، لا يقدر إبليس على إغوائهم، ولما تحدث الله عن أنبيائه وصفهم بالإخلاص، قال الله تعالى عن موسى عليه السلام: ( ) [مريم:٥١].

الإخلاص في الاستعمال القرآني

وردت مادة (خلص) في القرآن (٣٨) مرة7.

والصيغ التي وردت هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٣

( ) [ص:٤٦]

الفعل المضارع

١

( ) [يوسف:٥٤]

اسم الفاعل

١٨

( ﭿ ) [الزمر:٢]

اسم المفعول

٩

( ) [مريم:٥١]

مصدر

٧

( ) [البقرة:٩٤]

وجاء الإخلاص في القرآن بمعناه اللغوي، وهو: تنقية الشيء وتهذيبه، وأخلص الدين: أمحضه، والمخلص الذي اختاره الله8.

الألفاظ ذات الصلة

النية:

النية لغةً:

(نوي): نويته أنويه قصدته والاسم النية، والنية: القصد9، وخصت النية في غالب الاستعمال بعزم القلب على أمرٍ من الأمور10.

النية اصطلاحًا:

مجرد القصد إلى الشيء أو الإرادة له من دون اعتبار أمر آخر11، وهي توجه القلب نحو العمل، وليس من ذلك بشيء12.

الصلة بين الإخلاص والنية:

بينهما علاقة وطيدة حيث إن الإخلاص يعني قصد الله سبحانه وتعالى في العبادة، والنية تعني القصد والعزم على الأمر ، ويلاحظ أن بينهما عمومًا وخصوصًا فالنية أعم، إذ هي تشمل النية الحسنة والسيئة، بخلاف الإخلاص الذي يختص بالنية الصالحة الحسنة فقط.

القصد:

القصد لغةً:

إتيان الشيء تقول: (قصده) وقصد له وقصد إليه كله بمعنًى واحدٍ، و(قصد) قصده أي: نحا نحوه، القصد: استقامة الطريق، قصد يقصد قصدًا، فهو قاصد13.

القصد اصطلاحًا:

استقامة الطريق14، وقيل: المعنى دون اللفظ15، وقيل القصد: إرادة المتكلم مع إدراك معنى الكلام وما يترتب عليه من التزامات؛ لأن الألفاظ تعبر وتدل على ما في النفس، لتترتب الأحكام عليها16.

الصلة بين القصد والإخلاص:

أن القصد بمعنى الإرادة، والإخلاص أيضًا يأتي بمعنى إرادة العبد ربه في عبادته دون غيره، فالإخلاص له صلة وثيقة بالقصد.

الرياء:

الرياء لغةً:

يقال فلانٌ (مراءٍ)، وقومٌ (مراءون)، والاسم (الرياء) يقال: فعل ذلك رياءً وسمعةً، إظهار غير ما في الباطن17.

الرياء اصطلاحًا:

العمل لرؤية الناس والسمعة لأجل سماعهم18 وقيل: الرياء هو أن يعمل المرء العمل ظاهره أنه لله ولكنه في الباطن يريد به مدح الناس له.

الصلة بين الرياء والإخلاص:

أن الرياء من الألفاظ المقابلة للإخلاص، فالرياء يقصد منه إرضاء الناس، أما الإخلاص يقصد منه ابتغاء وجه الله تعالى.

الشرك:

الشرك لغةً:

هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدًا، عينًا كان ذلك الشيء، أو معنى19.

الشرك اصطلاحًا:

عبادة غير الله تعالى20، وقيل: الشرك هو دعاء غير الله في الأشياء التي تختص به أو اعتقاد القدرة لغيره فيما لا يقدر عليه سواه، أو التقرب إلى غيره بشيء مما لا يتقرب به إلا إليه21.

الصلة بين الإخلاص والشرك:

أن الشرك من الألفاظ المقابلة للإخلاص، فالشرك يعني عبادة غير الله تعالى معه، أما الإخلاص فهو توجه العبد إلى ربه دون غيره.

منزلة الإخلاص ودرجاته

حفل القرآن الكريم بالآيات العديدة التي تتحدث عن الإخلاص، وبيان منزلة المخلصين، والأجر الذي أعده لهم، كما تحدث العلماء عن درجات الإخلاص في العبادات ومنهم ابن القيم رحمه الله، وسوف نتعرف في هذا المبحث على منزلة الإخلاص ودرجاته في القرآن الكريم.

أولًا: منزلة الإخلاص

يعد الإخلاص من أهم أعمال القلوب المندرجة في تعريف الإيمان، وأعظمها قدرًا ومنزلة، بل إن أعمال القلوب عمومًا أهم من أعمال الجوارح، ويكفي أن العمل القلبي هو الفرق بين الإيمان والكفر، فالساجد لله والساجد للصنم كلاهما قام بالعمل نفسه، لكن القصد يختلف، وبناء عليه آمن هذا وكفر هذا.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله في بيان أهمية أعمال القلوب:«وهي من أصول الإيمان وقواعد الدين، مثل محبته لله ورسوله، والتوكل على الله، وإخلاص الدين لله، والشكر له والصبر على حكمه، والخوف منه، والرجاء له، وما يتبع ذلك»22.

فالإخلاص له منزلة عظيمة في كتاب الله سبحانه وتعالى، فهو مضمون دعوة الرسل وحقيقة الدين.

قال تعالى: ( ) [البينة:٥].

يقول الإمام السعدي في تفسيره لهذه الآية: «قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله»23.

وقال تعالى: ( ﭢﭣ ) [الملك:٢].

قال الفضيل بن عياض في هذه الآية:«أخلصه وأصوبه»، قلت: ما أخلصه وأصوبه؟ قال:إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص: إذا كان لله، والصواب: إذا كان على السنة24.

وقال سبحانه وتعالى مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: ( ﭿ ) [الزمر:٢].

أي: فاعبد الله وحده لا شريك له، وادع الخلق إلى عبادته، وأعلمهم أنه لا تصلح العبادة إلا له وحده، وأنه ليس له شريكٌ ولا عديلٌ ولا نديدٌ؛ ولهذا قال: ( ) [الزمر:٣].

أي:لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله، وحده لا شريك له25.

وقال تعالى: ( ) [الزمر:١٤].

قل إني أمرت بإخلاص الدين وأمرت بذلك لأن أكون أول المسلمين، أي: مقدمهم وسابقهم في الدنيا والآخرة، ولمعنى: أن الإخلاص له السبقة في الدين، فمن أخلص كان سابقًا26.

ثانيًا: درجات الإخلاص:

ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين درجات الإخلاص27:

الدرجة الأولى: إخراج رؤية العمل عن العمل والخلاص من طلب العوض على العمل، ويقصد بهذه الدرجة تصفية العمل من كل شوبٍ بحيث لا يخالط عمله أي عرض من أعراض الدنيا الزائلة، أي: لا يمازج عمله ما يشوبه من شوائب النفس إما طلب التزين في قلوب الخلق، وإما طلب مدحهم، والهرب من ذمهم، أو طلب تعظيمهم، أو غير ذلك.

ويعرض للعامل في عمله ثلاث آفاتٍ: رؤيته وملاحظته، وطلب العوض عليه، ورضاه به وسكونه إليه.

ففي هذه الدرجة يتخلص من هذه الآفات، فالذي يخلصه من رؤية عمله مشاهدته لمنة الله عليه وفضله، وأنه بالله لا بنفسه، وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو، كما قال تعالى: ( ) [التكوير:٢٩].

فالخير الذي يصدر منها إنما هو من الله وبه، لا من العبد، ولا به، كما قال تعالى: ( ) [النور:٢١].

فكل خيرٍ في العبد فإنما هو فضل الله ومنته، فالذي يخلص العبد من هذه الآفة: معرفة ربه، ومعرفة نفسه، والذي يخلصه من طلب العوض على العمل: علمه بأنه عبدٌ محضٌ، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضًا ولا أجرةً؛ إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته، فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضلٌ منه وإنعام.

والذي يخلصه من رضاه بعمله وسكونه إليه أمران:

الأول: مطالعة عيوبه وآفاته، وتقصيره فيها.

الثاني: علمه بما يستحقه الرب جل جلاله من حقوق العبودية.

الدرجة الثانية: الخجل من العمل مع بذل المجهود، وتوفير الجهد بالاحتماء من الشهود، ورؤية العمل في نور التوفيق من عين الجود.

قال تعالى: ( ) [المؤمنون:٦٠].

أي: خائفة من أنهم إلى ربهم راجعون، فلا ينجيهم ما فعلوا من ذلك من عذاب الله، فهم خائفون من المرجع إلى الله28.

واشتملت هذه الدرجة على خمسة أشياء: عملٌ، واجتهادٌ فيه، وخجلٌ، وحياءٌ من الله عز وجل، وصيانةٌ عن شهوده منك، ورؤيته من عين جود الله سبحانه ومنه.

الدرجة الثالثة: إخلاص العمل بالخلاص من العمل، تدعه يسير سير العلم، الكلام: أنك تجعل عملك تابعًا لعلمٍ، موافقًا له، ناظرًا إلى الحكم الديني الأمري، متقيدًا به ناظرًا إلى ترتب الثواب والعقاب عليه سببًا وكسبًا. ومع ذلك فتسير أنت بقلبك، مشاهدًا للحكم الشرعي، فيكون قائمًا بالأمر والنهي فعلًا وتركًا، سائرًا بسيره، وبالقضاء والقدر، إيمانًا وشهودًا وحقيقةً، فهو ناظرٌ إلى الحقيقة، قائمٌ بالشريعة.

قال تعالى: ( ﯭ ﯮ ) [التكوير:٢٨-٢٩].

أي: وما تشاءون الاستقامة أو غيرها، إلا إذا شاءها وأرادها الله تعالى رب العالمين؛ إذ مشيئة الله تعالى هي النافذة، أما مشيئتكم فلا وزن لها إلا إذا أذنت بها مشيئته تعالى29.

فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن كل مشيئة لا قيمة لها ولا وزن، إلا إذا أيدتها مشيئة الله عز وجل .

وقال تعالى: ( ﭷ ﭸ ﭿ ) [الإنسان:٢٩-٣٠].

صور الإخلاص

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه صورًا متعددة للإخلاص؛ كإخلاص الدين لله تعالى، والإخلاص في العقيدة، والعبادة، والشعائر، والدعاء، والعلم والدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المبحث.

  1. إخلاص الدين لله.

    قال تعالى: ( ) [النساء:١٢٥].

    لما كان المراد الإخلاص الذي هو أشرف الأشياء، عبر عنه بالوجه الذي هو أشرف الأعضاء فقال: ( )، أي: الجهة التي يتوجه إليها بوجهه، أي: قصده كله ( ) فلا حركة له وسكنة ولا عمل ولا عبادة إلا فيما يرضاه، لكونه الواحد الذي لا مثل له30.

    و قال تعالى: ( ﭿ ) [الزمر:٢].

    يقول الطبري في تفسيره: « يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إنا أنزلنا إليك يا محمد الكتاب، يعني بالكتاب: القرآن (بالحق) يعني بالعدل، يقول: أنزلنا إليك هذا القرآن يأمر بالحق والعدل، ومن ذلك الحق والعدل أن تعبد الله مخلصًا له الدين، لأن الدين له لا للأوثان التي لا تملك ضرًا ولا نفعًا»31.

    قال تعالى: ( ) [البينة:٥].

    ( ): إخلاص الدين له يخرج على وجهين:

    الأول: أن يخلص له الدين، ويصفى، لا يشرك فيه غيره، ويكون من خلوصه وصفائه.

    والثاني: الدين الخالص هو الدائم32.

    وقال تعالى: ( ) [فصلت:٣٠-٣١].

    ( ) وحدوا الله و() على التوحيد أو على لزوم الطاعة وأداء الفرائض، أو على إخلاص الدين والعمل إلى الموت، أو استقاموا في أفعالهم كما استقاموا في أقوالهم، أو استقاموا سرًا كما استقاموا جهرًا ( ) عند الموت، أو عند الخروج من قبورهم ( ) أمامكم ( ).

    ثم بشرهم بالجنة؛ لأن الاستقامة على منهاج الحق والخير وطاعة الله تعالى، دليل على الإخلاص في الدين، والانحراف عن ذلك المنهاج أمارة واضحة على الجهالة وقلة الوعي وضعف الإدراك، والجبن والمهانة، والانصياع للذات والأهواء والشهوات، فما استقام أحد إلا نجا وأفلح، وكان متماسك الشخصية، قوي العزيمة والإرادة، وما ضل أحد إلا هلك ودمر نفسه، وكان خائر العزيمة، ضعيف الإرادة، لذا كان الدين سبيلًا لخير الإنسان، وإبعاده عن الشرور والآثام، فجاء القرآن الكريم يحض على الاستقامة33.

  2. إخلاص العقيدة.

    إذا تأملنا القرآن الكريم، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة، نصل إلى حقيقة واضحة كل الوضوح، أن غالب آيات القرآن الكريم جاءت في تقرير عقيدة التوحيد، توحيد الإلوهية، والربوبية، والأسماء والصفات، والدعوة إلى إخلاص العبادة والدين لله وحده لا شريك له، وتثبيت أصول الاعتقاد.

    ولقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب وقته في تقرير الاعتقاد والدعوة إلى توحيد الله تعالى بالعبادة والطاعة.

    قال تعالى: ( ) [البقرة:١٣٩].

    يقول ابن كثير: « يقول الله تعالى مرشدًا نبيه صلوات الله وسلامه عليه إلى درء مجادلة المشركين: ( ) أي: أتناظروننا في توحيد الله والإخلاص له والانقياد، واتباع أوامره وترك زواجره ( ) المتصرف فينا وفيكم، المستحق لإخلاص الإلهية له وحده لا شريك له! ( ) أي: نحن برآء منكم، وأنتم برآء منا»34.

    قال تعالى: ( ) [الكهف:١١٠].

    ( ) يقول: فمن يخاف ربه يوم يلقاه، ويراقبه على معاصيه، ويرجو ثوابه على طاعته ( ) يقول: فليخلص له العبادة، وليفرد له الربوبية، ولا يجعل له شريكًا في عبادته35.

  3. إخلاص العبادة.

    من صور الإخلاص التي لابد للمسلم أن يحرص على تحقيقها الإخلاص في العبادة، فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يخلص في عبادته لربه.

    قال تعالى: ( ) [الزمر:٢] أي: فاعبد الله وحده مخلصًا له في عبادتك، ولا تقصد بعملك إلا الله ( ) [الزمر:٣].

    أي: ألا فانتبهوا أيها الناس: إن الله تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم؛ لأنه المتفرد بصفات الألوهية، المطلع على السرائر الضمائر36، وقال تعالى: ( ) [الزمر:١١].

    أي: «إنما أمرت بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له»37، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بإخلاص العبادة له، فقال سبحانه: ( ) [الزمر:١٤].

    أمرٌ بأن يعيد التصريح بأنه يعبد الله وحده تأكيدًا لقوله: ( ) [الزمر:١١].

    لأهميته، وإن كان مفاد الجملتين واحدًا؛ لأنهما معًا تفيدان أنه لا يعبد إلا الله تعالى باعتبار تقييد أعبد الله الأول بقيد مخلصًا له الدين، وباعتبار تقديم المفعول على أعبد الثاني فتأكد معنى التوحيد مرتين ليتقرر ثلاث مراتٍ، وتمهيدًا لقوله: فاعبدوا ما شئتم من دونه38.

  4. إخلاص الشعائر.

    يعتبر الإخلاص في الشعائر التعبدية التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده من صور الإخلاص، فالمسلم إن أخلص في صلاته وصيامه وحجه وزكاته، فإنه يبتعد عن الرياء الذي يفسد العبادة، ويبقى في معية ربه وحفظه وتوفيقه، فلا بد أن تكون حياة المسلم كلها ابتغاء وجه الله.

    قال تعالى: ( ) [الأنعام:١٦٢-١٦٣].

    يقول ابن عاشور: «جعل صلاته لله دون غيره تعريضًا بالمشركين؛ إذ كانوا يسجدون للأصنام، ولذلك أردف بجملة لا شريك له، والنسك حقيقته العبادة ومنه يسمى العابد الناسك»39.

    قال بعض العلماء: المراد بالنسك هنا النحر؛ لأن الكفار كانوا يتقربون لأصنامهم بعبادةٍ من أعظم العبادات: هي النحر، فأمر الله تعالى نبيه أن يقول إن صلاته ونحره كلاهما خالصٌ لله تعالى، ويدل لهذا قوله تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ)، وقال بعض العلماء: النسك جميع العبادات، ويدخل فيه النحر، وقال بعضهم: المراد بقوله: وانحر وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت النحر في الصلاة40.

    ومن أخلص في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله.

    وقوله: ( ) أي: ما يفعل الإنسان في حياته، وما يجريه الله علي، وما يقدر علي في مماتي، الجميع ( ﯜ ﯝ ) في العبادة، كما أنه ليس له شريك في الملك والتدبير، وليس هذا الإخلاص لله ابتداعًا مني، وبدعًا أتيته من تلقاء نفسي، بل ( ) أمرًا حتمًا، لا أخرج من التبعة إلا بامتثاله ( ) من هذه الأمة41.

  5. إخلاص الدعاء.

    الدعاء صورة من صور الإخلاص لله تعالى، ومن أسباب استجابة الدعاء الإخلاص.

    قال تعالى: ( ﯨﯩ ﯲﯳ ) [الأعراف:٢٩].

    يقول السعدي في تفسيره: «( ) أي: بالعدل في العبادات والمعاملات، لا بالظلم والجور، ( ) أي: توجهوا لله، واجتهدوا في تكميل العبادات، خصوصًا «الصلاة» أقيموها، ظاهرًا وباطنًا، ونقوها من كل نقص ومفسد، ( ) أي: قاصدين بذلك وجهه وحده لا شريك له. والدعاء يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة، أي: لا تراءوا ولا تقصدوا من الأغراض في دعائكم سوى عبودية الله ورضاه»42.

    و قال تعالى: ( ) [غافر:١٤].

    هذا خطاب للموحدين يأمرهم تعالى بالاستمرار على توحيد الله في عباداته والإخلاص لله تعالى في كل أعمالهم، ولو كره الكافرون ذلك منهم فإنه غير ضائرهم43.

  6. إخلاص العلم والدعوة.

    قال تعالى: ( ﰏﰐ ) [مريم:٥١].

    هذا أمر من الله عز وجل بذكر موسى بن عمران عليه السلام على جهة التشريف له، وأعلمه بأنه كان مخلصًا في دعوته وعبادته، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر «مخلصًا» بكسر اللام وهي قراءة الجمهور أي: أخلص نفسه لله، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم «مخلصًا» بفتح اللام وهي قراءة أبي رزين ويحيى وقتادة، أي: أخلصه الله للنبوءة والعبادة44.

    قال تعالى: ( ﭢﭣ ) [النمل:١٥].

    ولقد آتينا داود وسليمان علمًا أي: أعطينا كل واحد منهما طائفة خاصة به من علم الشرائع والأحكام، وغير ذلك مما يختص به كل واحد منهما، كصنعة الدروع، ومنطق الطير. أو: علمًا لدنيا، وقالا أي: كل واحد منهما، شكرًا لما أوتيه من العلم: الحمد لله الذي فضلنا بما آتانا من العلم على كثيرٍ من عباده المؤمنين. قال النسفي: وهنا محذوف، ليصلح عطف الواو عليه، ولولا تقدير المحذوف لكان الوجه: الفاء، كقولك: أعطيته فشكر، وتقديره: آتيناهما علمًا، فعملا به، وعرفنا حق النعمة فيه، وقالا: الحمد لله الذي فضلنا على كثيرٍ، والكثير المفضل عليه: من لم يؤت علمًا، أو: من لم يؤت مثل علمهما، وفيه: أنهما فضلا على كثير، وفضل عليهما كثير، وفي الآية دليلٌ على شرف العلم، وتقدم حملته وأهله، وأن نعمة العلم من أجل النعم، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلًا على كثير من عباده، وما سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوامون بما بعثوا من أجله، وفيها: أنه يلزمهم لهذه النعمة الفاضلة أن يحمدوا الله تعالى على ما أوتوه45.

    والإخلاص في الدعوة إلى الله هو تجريد القصد لله تعالى، وطلب مرضاته دون سواه، وهو روح الأعمال وأساس قبولها عند الله، ولا يتحقق الإخلاص في الدعوة إلا عندما يتأكد الداعية أن قصده رضا الله تعالى، ويتجرد من الانقياد وراء حظوظ النفس ونوازع الهوى ومطالب الذات، ويحرر نفسه من قيود الرياء، وطلب الشهرة أو المدح أو الظهور أو السمعة، أو حب التصدر والرئاسة والجاه، ويتخلص من السعي خلف شهوة المال والجاه، وطلب المنزلة في قلوب الناس واستقطابهم، أو السعي وراء أي متاع من متع الدنيا وجعل الدعوة وسيلة له.

  7. الإخلاص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    قال تعالى: ( ﮠﮡ ) [آل عمران:١٠٤].

    والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من الأمة متصديةٌ لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبًا على كل فردٍ من الأمة بحسبه46.

    كما ثبت في صحيح مسلمٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)47.

    ولابد للمسلم أن يحرص على أن يبتغي من عمله هذا وجه الله، وأن يكون مخلصًا لربه حتى يكون من الفائزين عند رب العاملين.

    قال تعالى: ( ﭡﭢ ) [النساء:١١٤].

    لا خير في كثير من نجوى الناس جميعًا إلا من أمر بصدقة أو معروف، والمعروف: هو كل ما أمر الله به أو ندب إليه من أعمال البر والخير، أو إصلاح بين الناس، وهو الإصلاح بين المختصمين، بما أباح الله الإصلاح بينهما، ليتراجعا إلى ما فيه الألفة واجتماع الكلمة، على ما أذن الله وأمر به، ثم أخبر جل ثناؤه بما وعد من فعل ذلك فقال: «ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا»، يقول: ومن يأمر بصدقة أو معروف من الأمر، أو يصلح بين الناس «ابتغاء مرضاة الله»، يعني: طلب رضى الله بفعله ذلك «فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا» 48، أي: في الدنيا والآخرة.

    وسائل تحقيق الإخلاص

    المؤمن بحاجة ماسة لوسائل عديدة لتحقيق الإخلاص، فقد ذكر الله في كتابه وسائل من خلالها يتحقق الإخلاص عند المؤمن في عبادته وطاعته، ومنها تعظيم الله سبحانه وتعالى، والدعاء في السر والعلن، ومحاربة الهوى، والعبادات السرية، ومخالفة الشيطان.

  1. تعظيم الله عز وجل.

    إن تعظيم الله سبحانه أساس الفلاح، وكيف يفلح ويسعد قلب لا يعظم ربه وخالقه وسيده ومولاه، ومن عظم الله عرف أحقية الله عز وجل بالذل والخضوع والخشوع والانكسار، وعظم شرعه، وعظم دينه، وعرف مكانة رسله، ومن عظم الله سبحانه وقدره حق قدره تحقق فلاحه ونجاحه وسعادته في دنياه وأخراه، وهذا التعظيم لله سبحانه يعد أساسا متينا يقوم عليه دين الإسلام، بل إن أصل العبادة في الإسلام هو التعظيم.

    قال تعالى: ( ) [الحج:٣٢].

    بعد أمر الله تعالى إبراهيم الخليل بالنداء للحج، أوضح الله ثواب تعظيم أحكام الله ومناسك الحج، وذلك هو المأمور به من الطاعات في أداء مناسك الحج، وتعظيم حرمات الله: وهي كل ما لا يحل هتكه، ومن يعظم أحكام الله بتعلمها واجتناب المعاصي والمحرمات، والتزام المأمورات فله الثواب الجزيل، الشامل أمرين: فعل الطاعة في حد ذاتها، واجتناب المحظور الحرام. وتعظيم شرائع الله خير محض للإنسان 49.

    ومن أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى « العظيم «، وهو جل وعلا عظيم في أسمائه، وعظيم في صفاته، وعظيم في أفعاله، وعظيم في كلامه، وعظيم في وحيه وشرعه وتنزيله، بل لا يستحق أحدٌ التعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيستحق على العباد أن يعظموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبته والذل له والخوف منه، ومن تعظيمه سبحانه أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يعترض على شيء من شرعه.

    وهو جل وعلا عظيم مستحق من عباده أن يعظموه جل وعلا حق تعظيمه، وأن يقدروه جل وعلا حق قدره، قال الله تعالى: ( ﯲﯳ ) [الزمر:٦٧].

    يقول ابن كثير في تفسيره: وما قدر المشركون الله حق قدره، حين عبدوا معه غيره، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، القادر على كل شيءٍ، المالك لكل شيءٍ، وكل شيءٍ تحت قهره وقدرته50.

    وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعودٍ، قال: «جاء حبرٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أو يا أبا القاسم إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبعٍ، والأرضين على إصبعٍ، والجبال والشجر على إصبعٍ، والماء والثرى على إصبعٍ، وسائر الخلق على إصبعٍ، ثم يهزهن، فيقول: أنا الملك، أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبًا مما قال الحبر، تصديقًا له، ثم قرأ: ( ﯲﯳ )»51.

    فقد ذهبت عقول هؤلاء المشركين حين صرفوا ذلهم وخضوعهم وانكسارهم ورجاءهم وخوفهم ورغبهم ورهبهم وحبهم وطمعهم إلى مخلوقات ضئيلة، وكائنات ذليلة، لا تملك لنفسها شيئًا من النفع والضر، فضلًا عن أن تملكه لغيرها، وتركوا الخضوع والذل للرب العظيم والكبير المتعال، والخالق الجليل تعالى الله عما يصفون، وسبحان الله عما يشركون، وهو وحده المستحق للتعظيم والإجلال والتأله والخضوع والذل، وهذا خالص حقه.

    فمن أقبح الظلم أن يعطى حقه لغيره، أو يشرك بينه وبين غيره فيه، ومن اتخذ الشركاء والأنداد له ما قدر الله حق قدره، ولا عظمه حق تعظيمه، سبحانه وتعالى الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات، ووجلت القلوب من خشيته، وذلت له الرقاب، تبارك الله رب العالمين، وإن من أعظم ما يعين العبد على تحقيق عبودية التعظيم للرب: أن يتفكر في مخلوقات الله العظيمة وآياته - جل شأنه - الجسيمة الدالة على عظمة مبدعها وكمال خالقها وموجدها.

    يقول جل شأنه: ( ﭥﭦ ﭩﭪﭫ ﭲﭳﭴ ﭻﭼ ﭿ ﮀﮁﮂ ﮆﮇﮈ ﮌﮍﮎ ﮑﮒﮓ ﮟﮠ) [نوح:١٣-٢١].

    يقول النسفي في تفسيره: ما لكم لا ترجون لله وقارًا، أي: لا تخافون لله عظمة52.

    وإن تفكر المؤمن وتأمله في آيات الله العظيمة ومخلوقاته الباهرة تهدي قلبه وتسوقه إلى تعظيم خالقه، تفكر في هذه الأرض التي تمشي عليها والجبال المحيطة بك، إن نظرة منك متجردة إلى هذه الأرض متفكرًا فيها تجد أنها مخلوقات عظيمة؛ عظمة تبهر القلوب، فإذا ما وسعت النظر ونظرت فيما هو أعظم من ذلك.

    وتأملت في السماء المحيطة بالأرض تتضاءل عندك هذه العظمة؛ عظمة الأرض بالنسبة إلى عظمة السماء، ثم إذا تأملت فيما هو أعظم وهو السماوات السبع المحيطة بهذه الأرض يزداد الأمر عظمة.

    ثم إذا تأملت في ذلكم المخلوق العظيم الذي قال الله عنه في أعظم آية في كتاب الله.

    قال جل شأنه: ( ﯵﯶ ﯹﯺ ) [البقرة:٢٥٥].

    يقول السعدي: وهذا يدل على كمال عظمته وسعة سلطانه، إذا كان هذه حالة الكرسي أنه يسع السماوات والأرض على عظمتهما وعظمة من فيهما، والكرسي ليس أكبر مخلوقات الله تعالى، بل هنا ما هو أعظم منه وهو العرش، وما لا يعلمه إلا هو، وفي عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار، وتقلقل الجبال وتكع عنها فحول الرجال، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها، والذي أودع فيها من الحكم والأسرار ما أودع، والذي قد أمسك السماوات والأرض أن تزولا من غير تعب ولا نصب، فلهذا قال: ( ) أي: يثقله ( ﯹﯺ ) بذاته فوق عرشه، العلي بقهره لجميع المخلوقات، العلي بقدره لكمال صفاته ( ) الذي يتضاءل عند عظمته جبروت الجبابرة، وتصغر في جانب جلاله أنوف الملوك القاهرة، فسبحان من له العظمة العظيمة والكبرياء الجسيمة والقهر والغلبة لكل شيء53.

    وإن تعظيم الله جل شأنه فرع عن المعرفة بالله جل وعلا؛ فكلما كان العبد أعظم معرفة بالله كان أشد لله تعظيمًا وأشد له إجلالًا وأعظم له مخافة وتحقيقًا لتقواه جل شأنه، وإذا عظم القلب ربه خضع له سبحانه وانقاد لحكمه وامتثل أمره وخضع له جل شأنه، وجميع صنوف الانحرافات وأنواع الأباطيل والضلالات في جميع الناس منشؤها من ضعف التعظيم لله أو انعدامه في القلوب، وسيندم جميع هؤلاء يوم لقاء الله، فهو يوم عصيب لمن كان لا يؤمن بالله العظيم.

    قال تعالى: ( ﯨ ﯩ ﯭ ﯮ ﯱ ﯲ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯻ ﯼ ﯿ ﰂ ﰃ ) [الحاقة:٢٥-٣٢].

    وسبب سوء العاقبة والهلاك والعذاب عدم إيمانه بعظمة الله.

    قال تعالى: ( ) [الحاقة:٣٣].

  2. الدعاء.

    الدعاء أحد الوسائل المعينة على تحقيق الإخلاص، حيث يتوجه العبد إلى ربه طلبًا للعون والمساعدة والنصرة، وقد جاء الدعاء على لسان كثير من الأنبياء والرسل عليهم السلام، فهذا نبي الله زكريا توجه لربه وأخلص في دعائه فسرعان ما ا الاستجابة.

    قال الله تعالى حكاية عنه: ( ﯤﯥ ﯭﯮ ) [الأنبياء:٩٠].

    فاستجبنا له، أي: دعاء زكريا عليه السلام، ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه، أي: أصلحناها للولادة بعد عقرها، معجزة وكرامة له، وقوله تعالى: ( ) تعليل لما فصل من فنون إحسانه تعالى، المتعلقة بالأنبياء المذكورين، أي: كانوا يبادرون في كل باب من الخير. وإيثار (في) على (إلى) للإشارة إلى ثباتهم واستقرارهم في أصل الخير. لأن (إلى) تدل على الخروج عن الشيء والتوجه إليه ويدعوننا رغبًا ورهبًا، أي: ذوي رغب ورهب، أو راغبين في الثواب راجين للإجابة. وكانوا لنا خاشعين، أي: مخبتين متضرعين54.

    يقول تعالى:  ( ﮟﮠ ) [لقمان:٣٢].

    وذكر تعالى حال الناس، عند ركوبهم البحر، وغشيان الأمواج كالظل فوقهم، أنهم يخلصون الدعاء لله والعبادة: ( ) انقسموا فريقين:

    فرقة مقتصدة، أي: لم تقم بشكر الله على وجه الكمال، بل هم مذنبون ظالمون لأنفسهم.

    وفرقة كافرة بنعمة الله، جاحدة لها، ولهذا قال: ( ) أي: غدار، ومن غدره، أنه عاهد ربه، لئن أنجيتنا من البحر وشدته، لنكونن من الشاكرين، فغدر ولم يف بذلك، () بنعم الله، فهل يليق بمن نجاهم الله من هذه الشدة، إلا القيام التام بشكر نعم الله55.

    في هذا الموقف والسفينة تشرف على الغرق يكون الإنسان في حالة من الإخلاص التام لله عز وجل، وتأمل معنى هذه الآية التي تلخص لنا الأحاسيس التي يمر بها من يركب السفينة منذ أول لحظة وحتى اللحظة التي تسبق الغرق: ( ﭯﭰ ﭿ ﮇﮈ ) [يونس:٢٢].

    ( ) يجريكم ويحملكم، وقرأ أبو جعفرٍ وابن عامرٍ: «ينشركم» بالنون والشين من النشر وهو البسط والبث، ( )، على ظهور الدواب، () على الفلك، ( ) أي: في السفن، تكون واحدًا وجمعًا ( ) يعني: جرت السفن بالناس، رجع من الخطاب إلى الخبر، ( ) لينةٍ، ( ) أي: بالريح، ( ) أي: جاءت الفلك ريحٌ، () شديدة الهبوب، ولم يقل ريحٌ عاصفةٌ، لاختصاص الريح بالعصوف. وقيل: الريح تذكر وتؤنث. ( ﭿ) يعني: ركبان السفينة، () وهو حركة الماء واختلاطه، ( ) أيقنوا ( ) دنوا من الهلكة، أي: أحاط بهم الهلاك، ( ) أي: أخلصوا في الدعاء لله ولم يدعوا أحدًا سوى الله. وقالوا: ( ) يا ربنا، ( ) الريح العاصف، ( ) لك بالإيمان56.

    وإذا أراد المؤمن أن يستجيب الله دعاءه فلا بد أن يخلص في الدعاء، وإذا أراد أن يتقبل عبادته فليخلص هذه العبادة لله، هكذا أمر الله نبيه بقوله: ( ﭿ ) [الزمر:٢].

  3. مخالفة الهوى.

    تعتبر مخالفة الهوى وسيلة من وسائل تحقيق الإخلاص، والمتأمل في كتاب ربنا يجد أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر الهوى إلا مذمومًا، فاتباع الهوى سبيل المضلين، ومخالفة الهوى درب المخلصين.

    قال تعالى: ( ) [ص:٢٦].

    فأخبر أن من اتبع هواه أضله ذلك عن سبيل الله، وهو هداه الذي بعث به رسوله، وهو السبيل إليه.

    وقد حذر الله سبحانه وتعالى أنبياءه من اتباع الهوى.

    قال تعالى: ( ﯿ ) [ص:٢٦].

    وقال تعالى: ( ) [القصص:٥٠].

    فإن أصل الهوى محبة النفس، ويتبع ذلك بغضها، ونفس الهوى وهو الحب والبغض الذي في النفس لا يلام عليه؛ فإن ذلك قد لا يملك، وإنما يلام على اتباعه.

    وقال تعالى: ( ﭦﭧ ) [الجاثية:٢٣].

    يقول السعدي: « يقول تعالى: ( ) الرجل الضال الذي ( ) فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه. ( ) من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها. ( ) فلا يسمع ما ينفعه، ( ) فلا يعي الخير ( ) تمنعه من نظر الحق، ( ) أي: لا أحد يهديه وقد سد الله عليه أبواب الهداية وفتح له أبواب الغواية، وما ظلمه الله ولكن هو الذي ظلم نفسه وتسبب لمنع رحمة الله عليه ( ) ما ينفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه»57.

    والحب والبغض يتبعه ذوق عند وجود المحبوب والمبغض، ووجد وإرادة، وغير ذلك، فمن اتبع ذلك بغير أمر الله ورسوله فهو ممن اتبع هواه58، فلهذا يجب على المؤمن أن يستعين بالله، ويتوكل عليه في أن يقيم قلبه ولا يزيغه، ويثبته على الهدى والتقوى، ولا يتبع الهوى، كما قال تعالى: ( ﯧﯨ ﯫﯬ ﯯﯰ ﯷﯸ ﯻﯼ ﯿ) [الشورى:١٥].

    وقد بين سبحانه وتعالى أن مخالفة الهوى سبب من أسباب الفوز والفلاح.

    قال تعالى: ( ﯲﯳﯴ ) [النازعات:٤٠-٤١].

    فالغفلة والشهوة أصل الشر.

    قال تعالى: ( ) [الكهف:٢٨].

    والهوى وحده لا يستقل بفعل السيئات إلا مع الجهل، وإلا فصاحب الهوى إذا علم قطعًا أن ذلك يضره ضررًا راجحًا، انصرفت نفسه عنه بالطبع؛ فإن الله تعالى جعل في النفس حبًا لما ينفعها، وبغضًا لما يضرها، فلا تفعل ما تجزم بأنه يضرها ضررًا راجحًا، بل متى فعلته كان لضعف العقل59.

    يقول ابن القيم: «من سار مع العقل، وخالف طريق الهوى، ونظر إلى العواقب، أمكنه أن يتمتع من الدنيا أضعاف ما تمتع من استعمل الشهوات؛ فأما المستعجل فيفوت على نفسه حظ الدنيا والذكر الجميل، ويكون ذلك سببًا لفوات مراده من اللذات»60.

    إن انقياد الإنسان واتباعه للشهوة يجعله في مصاف الحيوانات، ويجلب له الخزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة، إذا تمكنت الشهوة من الإنسان وملكته وانقاد لها كان بالبهائم أشبه منه بالناس؛ لأن أغراضه ومطلوباته وهمته تصير أبدًا مصروفة إلى الشهوات واللذات فقط، وهذه هي عادة البهائم، ومن يكون بهذه الصفة يقل حياؤه، ويكثر خرقه، ويستوحش من أهل الفضل، ويبغض أهل العلم، ويود أصحاب الفجور، ويستحب الفواحش، ويسر بمعاشرة السخفاء، ويغلب عليه الهزل وكثرة اللهو، وقد يصير من هذه الحالة إلى الفجور، وارتكاب الفواحش، والتعرض للمحظورات، وربما دعته محبة اللذات إلى اكتساب الأموال من أقبح وجوهها، وربما حملته على الغضب والتلصص والخيانة وأخذ ما ليس له بحق؛ فإن اللذات لا تتم إلا بالأموال والأعراض، فمحب اللذة إذا تعذرت عليه الأموال من وجوهها، جسرته شهوته إلى اكتسابها من غير وجوهها، ومن تنتهي به شهواته إلى هذا الحد، فهو أسوأ الناس حالًا، ويصبح من الأشرار الذين يخاف خبثهم، ويصير واجبًا على متولي السياسات تقويمهم وتأديبهم، وإبعادهم ونفيهم61.

    قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: صاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في الأمر ولا يطلبه أصلًا، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه، فليس قصده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العلياء، بل قصده الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء، ليعظم هو ويثنى عليه، أو لغرض من الدنيا، فلم يكن لله غضبه، ولم يكن مجاهدًا في سبيل الله، بل إن أصحاب الهوى يغضبون على من خالفهم وإن كان مجتهدًا معذورًا لا يغضب الله عليه، ويرضون عمن يوافقهم، وإن كان جاهلًا سيء القصد، ليس له علم ولا حسن قصد، فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله، ويذموا من لم يذمه الله ورسوله، وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم لا على دين الله ورسوله62.

  4. العبادات السرية.

    تعتبر العبادات السرية أحد الوسائل لتحقيق الإخلاص، فالله سبحانه وتعالى فرض علينا العبادات من صلاة وزكاة وصيام وقيام وصدقة إلى غير ذلك من العبادات، ورتب سبحانه وتعالى الأجر والثواب على من أخلص في عبادته لربه.

    قال تعالى: ( ﮤﮥ ) [البينة:٥].

    «فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا ( ) أي: قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، () أي: معرضين مائلين عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد، وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله ( ) لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين، () أي: التوحيد والإخلاص في الدين، هو ( ) أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم»63.

    الواجب على الإنسان أن يكون عبدًا لله، وأن يخلص العبادة لله جل وعلا، وخاصة في العبادات السرية، وألا يكون قلبه وعمله مفرقًا بين معبودات شتى، والله لا يقبل من العباد إلا أن يعبدوه وحده، وكل القرآن في هذا المعنى؛ لأن القرآن لا يخلو إما أن يكون في أوصاف الله حتى يدعو ذلك إلى تعظيمه وتوقيره، ويدخل في أوصافه أفعاله تعالى وتقدس، أو يكون الأمر صراحة أن نخلص له العبادة، كقوله: ( ) [الزمر:٢].

    وقال تعالى: ( ) [التوبة:٣١].

    فهذا واضح جدًا، أو يكون في الأوامر والنواهي التي هي من حقوق هذا التوحيد، مثل: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم وفعل الخيرات كلها.

  5. مخالفة الشيطان.

    قد بين الله تعالى في كتـابه الكريم مكايد الشيطان وطرق إغوائه للإنسان، فقال في محكم التنزيل حكاية عن إبليس: ( ﭷ ﭸ ﭿ ﮄ ﮅ ) [الأعراف:١٤-١٧].

    يقول ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس ( ) واستوثق إبليس بذلك، أخذ في المعاندة والتمرد، فقال: ( ﭿ ) أي: كما أغويتني، قال ابن عباسٍ: كما أضللتني، وقال غيره: كما أهلكتني لأقعدن لعبادك الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه على ( ) أي: طريق الحق وسبيل النجاة، ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي64..

    إن هذه الآيات الجليلة تبين لنا معالم حربٍ مشتدةٍ بين الشيطان وجنده من جهة، وبين أولياء الله وعباده من جهة أخرى، وهذه الحرب الشعواء لا عاصم للمؤمن منها، إلا استعانته بربه عز وجل، وبدأ الشيطان بغواية حينما أخرجه الله من الجنة، منذ أن خلق الله سبحانه نبيه آدم - عليه السلام -  ( ) [طه:١٢٠].

    ومن يومها والحرب سجالٌ بين الشيطان وبين أولياء الله تعالى.

    ومن مكايد الشيطان:

  1. الوسوسة.

    وهي حديث النفس، والصوت الخفي، والوسوسة من أعظم مكائد الشيطان؛ إذ لا يزال بالإنسان يوسوس له ويشككه حتى يخرجه من عقيدة الإسلام، كما جاء في (الصحيحين) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا وجد أحدكم ذلك، فليقل: آمنت بالله ورسله، فإن ذلك يذهب عنه)65.

  2. النسيان.

    فينسي الإنسان ذكر ربه، ومجالسة الصالحين، والذب عن هذا الدين، والرد على المخالفين والمستهزئين.

    قال تعالى: ( )[الأنعام:٦٨].

  3. التحريش وإيقاع العداوة بين المسلمين.

    قال تعالى:  ( ) [المائدة:٩١].

    فتقع الشحناء بين المسلمين، وبين الإخوة والأصدقاء فيتفرقوا أحزابًا شيعًا؛ وكل ذلك من الشيطان.

  4. التخويف.

    فيخوف الإنسان من طاعة ربه؛ فإذا أراد بذل مالٍ في سبيل الله خوفه بالفقر ووعده به.

    قال تعالى: ( ) [البقرة:٢٦٨].

    وإذا أراد أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر خوفه الشيطان من سوء العاقبة.

    قال سبحانه وتعالى:  ( ) [آل عمران:١٧٥].

  5. القول على الله بغير علمٍ.

    قال عز وجل: ( ﯲﯳ ﯸ ﯹ ﯿ ) [البقرة:١٦٨-١٦٩].

  6. التزيين لفعل المعصية.

    بالنظر لما حرم الله؛ كالنظر مثلًا للمرأة الأجنبية، وهو بريد الزنا، ولأن النساء حبائل الشيطان؛ فيجب على الإنسان دحر كيده، بما ثبت من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه)66.

    ومما سبق تبيَن أن للشيطان مكائد متعددة، ولكن الإسلام أرشدنا إلى مخالفة الشيطان وطرق الوقاية من الوقوع في غوايته ووساوسه ومن هذه الأمور ما يأتي:

  1. الاستعاذة بالله سبحانه.

    قال تعالى: ( ) [النحل:٩٨].

  2. البسملة.

    فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أما إن أحدكم إذا أتى أهله وقال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فرزقا ولدًا لم يضره الشيطان)67.

  3. سجود التلاوة.

    فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله - وفي رواية أبي كريبٍ يا ويلي - أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار)68.

  4. عدم اتباع خطوات الشيطان.

    قال تعالى: ( ﯲﯳ ) [البقرة:١٦٨].

    يقول السعدي: «نهاهم عن اتباع ( ) أي: طرقه التي يأمر بها، وهي جميع المعاصي من كفر، وفسوق، وظلم، ويدخل في ذلك تحريم السوائب، والحام، ونحو ذلك، ويدخل فيه أيضًا تناول المأكولات المحرمة، ( ) أي: ظاهر العداوة، فلا يريد بأمركم إلا غشكم، وأن تكونوا من أصحاب السعير، فلم يكتف ربنا بنهينا عن اتباع خطواته، حتى أخبرنا - وهو أصدق القائلين - بعداوته الداعية للحذر منه، ثم لم يكتف بذلك، حتى أخبرنا بتفصيل ما يأمر به، وأنه أقبح الأشياء، وأعظمها مفسدة فقال: ( )»69.

ثمرات الإخلاص

  1. إن الله سبحانه وتعالى بين في كتابه، أن من يحقق الإخلاص في دينه يجد ثمرات في الدنيا والآخرة لهذا الإخلاص؛ كقبول العمل، والتأييد الإلهي، والنجاة من الهلاك، والتمكين في الأرض، والنجاة من إضلال الشيطان وغوايته، وصرف السوء والفحشاء، والنجاة من النار، والفوز بالدرجات العلا في الجنة.

    أولًا: الثمرات الدنيوية:

    ١. قبول العمل.

    من ثمرات الإخلاص قبول العمل، فحينما يتقرب المسلم إلى ربه بالعبادات والأعمال الصالحة ويكون بذلك مخلصًا فيها لله تعالى فإن الله سبحانه وتعالى يقبل عمله، ويثني عليه ويمدحه.

    قال تعالى: ( ) [النساء:١٢٥].

    وقد يتقرب المخلص إلى ربه بعمل فيخطئ في تأديته، ويضعه في غير موضعه، فتأتي نيته الصالحة شفيعًا، فتصحح له خطأه، وتكمل له نقصه، وفي هذا جاء حديث الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال رجلٌ: لأتصدقن بصدقةٍ، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارقٍ، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارقٍ، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانيةٍ، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانيةٍ، فقال: اللهم لك الحمد، على زانيةٍ؟ لأتصدقن بصدقةٍ، فخرج بصدقته، فوضعها في يدي غنيٍ، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غنيٍ، فقال: اللهم لك الحمد، على سارقٍ وعلى زانيةٍ وعلى غنيٍ، فأتي به فقيل له: أما صدقتك على سارقٍ فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله)70.

    ٢. التأييد الإلهي.

    يعتبر التأييد الإلهي ثمرة من ثمرات الإخلاص، وإن المخلص مؤيد من الله، منتصر به سبحانه، كما قال تعالى: ( ) [الزمر:٣٦].

    وعلى قدر إخلاص المرء لربه، وتجرده له، يكون مدد الله تعالى وعونه وكفايته وولايته، وإن الإمداد على قدر الاستعداد، إمداد الله بالنصر والتأييد، أو بالتوفيق والتسديد، على حسب ما في القلوب من تجريد النية.

    قال تعالى: ( ﭥﭦ ) [الأنفال:٧٠].

    يقول السيوطي: «( ) إيمانًا وإخلاصًا ( ) من الفداء بأن يضعفه لكم في الدنيا ويثيبكم في الآخرة ( ) ذنوبكم ( )»71.

    وقال تعالى: ( ) [الفتح:١٨].

    يقول الواحدي في تفسيره: «( ) وكانوا ألفًا وأربعمائة، ( ) بالحديبية على أن يناجزوا قريشًا ولا يفروا، ( ) يعني: سمرة كانت هنالك، وهذه البيعة تسمى بيعة الرضوان، ( ) من الإخلاص والوفاء ( ) الله ( ) وهي الطمأنينة وثلج الصدر بالنصرة من الله تعالى لرسوله ( ) أي: فتح خيبر»72.

    وقد وعد الله سبحانه المؤمنين الذين أخلصوا بالأجر العظيم.

    قال تعالى: ( ﯩﯪ ) [النساء:١٤٦].

    يقول ابن كثير: ( ) أي: بدلوا الرياء بالإخلاص، فينفعهم العمل الصالح وإن قل73.

    ٣. النجاة من الهلاك.

    ومن ثمرات الإخلاص في الدنيا نزول الفرج والنجاة من الهلاك والكرب والشدة، بحسب مشيئة الله تعالى وقدره، وقد تعجب لو قلت لك: إن الله تعالى يفرج بالإخلاص عن المشرك لو أخلص لله قليلًا، مع أنه مشرك، فما ظنك بالمؤمن الذي ينبغي أن تكون حياته كلها مبنية على الإخلاص، وأن يجتهد في تحقيق الإخلاص في كل عمل، إذا كان الله تعالى يفرج عن المشرك لو أخلص قليلًا، فإنه سبحانه لا شك يفرج عن المؤمن الذي يتحرى الإخلاص في عمله، وينجيه مما ينزل به من شدائد، وكل بحسب قدر إخلاصه وتوكله.

    قال تعالى: ( ﮟﮠ ) [لقمان:٣٢].

    يقول الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا غشي هؤلاء الذين يدعون من دون الله الآلهة والأوثان في البحر -إذا ركبوا في الفلك- موج كالظلل، وهي جمع ظلة، شبه بها الموج في شدة سواد كثرة الماء، وشبه الموج وهو واحد بالظلل، وهي جماع؛ لأن الموج يأتي شيء منه بعد شيء، ويركب بعضه بعضًا كهيئة الظلل.

    وقوله: ( ) يقول تعالى ذكره: وإذا غشي هؤلاء موج كالظلل، فخافوا الغرق، فزعوا إلى الله بالدعاء مخلصين له الطاعة، لا يشركون به هنالك شيئًا، ولا يدعون معه أحدًا سواه، ولا يستغيثون بغيره، قوله: ( ) مما كانوا يخافونه في البحر من الغرق والهلاك إلى البر، وقوله: ( ) يقول: فمنهم مقتصد في قوله وإقراره بربه، وهو مع ذلك مضمر الكفر به74.

    وقال تعالى: ( ﮜﮝ ) [التوبة:١٠٩].

    يقول السعدي: ( ) أي: على نية صالحة وإخلاص ( ) بأن كان موافقًا لأمره، فجمع في عمله بين الإخلاص والمتابعة، ( ) أي: على طرف، ( ) أي: بال، قد تداعى للانهدام، ( ﮜﮝ ) لما فيه مصالح دينهم ودنياهم75.

    ٤. التمكين في الأرض.

    إن الله سبحانه وتعالى وعد عباده المؤمنين المخلصين بالنصر والتمكين.

    قال تعالى: ( ﭿ ﮅﮆ ﮋﮌ ) [النور:٥٥].

    فإن الله سبحانه وعد من أقام الإيمان وحرص على العمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدًا بالنسبة إلى غيرهم، فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي، والأمن التام، بحيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئًا، مخلصين له في العبادة، ولا يخافون أحدًا إلا الله، فقام صدر هذه الأمة، من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكنهم من البلاد والعباد، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح76.

    لذلك جعل الله سبحانه وتعالى من ثمرات الإخلاص تحقيق النصر والتمكين في الأرض، وإلا فسيكون مصيرنا في معاركنا مع أعدائنا مرهونًا بمعايير القوة الطبيعية وحدها، ونحرم أنفسنا من الفوز بمعونة الله تعالى ومعـيته، انظر إلى الصحابة رضي الله عنهم، كيف فتح الله تعالى لهم البلاد، حتى بلغوا في سنوات قليلة حدود الصين شرقًا والأندلس غربًا، والقسطنطينية شمالًا، مع أنهم لم يكن لهم من عدة الحروب وعتادها ما كان للفرس والروم، ولم تكن القوة بينهم وبين عدوهم متكافئة، فعدوهم كان يملك أضعاف ما يملكون من قوة بشرية وحربية، ولكن لأنهم أسسوا حركتهم في نشر الإسلام على الإخلاص، وأقاموها على فقه في الإعداد والتوكل، تحقق على أيديهم النصر المنشود.

    بالإخلاص يفتح الله لك أبواب الهداية في كل شيء.

    قال تعالى: ( ﮤﮥ ) [العنكبوت:٦٩].

    فحددت الآية أولًا طريق الجهاد والمجاهدة، فقال تعالى: «جاهدوا فينا»، ثم بينت الآية نتيجة هذا الطريق المبني على الإخلاص: «لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين»، والمخلص موعود بالنجاحين، النجاح في الدنيا والنجاح في الآخرة، وليس هناك من طريق يجمع النجاح في الدنيا والآخرة غير طريق الإخلاص، فقد ينال غير المخلص مراده وينجح في تحقيق هدفه الدنيوي، لكنه لن يحصل على نجاح الآخرة وثوابها.

    قال تعالى: ( ﯿ ﰀﰁ ) [النساء:١٣٤] «من كان يريد» بعمله «ثواب الدنيا»؛ «فعند الله ثواب الدنيا والآخرة» لمن أراده لا عند غيره.

    ثانيًا: الثمرات الأخروية:

    ١. النجاة من العذاب.

    قال تعالى: ( ﭜﭝ ﭠﭡﭢ ﭧﭨﭩ ﭭﭮﭯ ﭰﭱ) [الليل:١٧-٢١].

    ( ) يبعد عن عذابها () بمعنى التقي77، فالمؤمن الذي يقوم بالأعمال الصالحات ستكون له النجاة من العذاب الدنيوي والأخروي، وحينما يحل العذاب بقوم ظالمين، فإن الله ينجي الذين ينهون عن السوء، كما قال تعالى: ( ) [الأعراف:١٦٥].

    ومن ثمار الإخلاص النجاة من العذاب، قال الله تعالى: ( ) [الزمر:٦١].

    ومنها أن الله عز وجل ضمن لمن اتقاه أن لا يخاف مما يستقبل، ولا يحزن على ما مضى، فقال تعالى: ( ) [الأعراف:٣٥].

    وإن مما يدلل على أهمية هذا الأمر أن دعاة الحق والإيمان والسنة، حينما يدعون الناس وأنفسهم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى الاقتداء بمنهج السلف الصالح في كل أمورهم العلمية والعملية، فإنهم إنما يدعون الأمة إلى الدواء الذي يشفي بإذن الله تبارك وتعالى من كل داء، ويكفي عن كل علاج؛ إنه الدواء الذي يستأصل جميع الأمراض من قلوب العباد وأمراض الأمم عامة، ويمنع أسباب الانهيار التي يتعرض لها الفرد أو تتعرض لها الأمة، مما يحقق لها النجاة من العذاب في الآخرة.

    ٢. الدرجات العليا في الجنة.

    قال تعالى: ( ﰐ ﰑ ) [طه:٧٥-٧٦].

    يقول الطبري في تفسيره: ( ) موحدًا لا يشرك به، ( ) يقول: قد عمل ما أمره به ربه، وانتهى عما نهاه عنه، ( ) يقول: فأولئك الذين لهم درجات الجنة العلى.

    القول في تأويل قوله تعالى: ( ).

    يقول تعالى ذكره: ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصالحات، فأولئك لهم الدرجات العلى، ثم بين تلك الدرجات العلى ما هي، فقال: هن ( ) يعني: جنات إقامة لا ظعن عنها ولا نفاد لها ولا فناء، ( ) يقول: تجري من تحت أشجارها الأنهار، ( ) يقول: ماكثين فيها إلى غير غاية محدودة؛ فالجنات من قوله: ( ) مرفوعة بالرد على الدرجات78.

    فلا بد للمؤمن أن يتطلع دائمًا إلى الدرجات العلا، وأن يجعل هدفه في الحياة هو رضى الله عز وجل، والعمل من أجل الفوز بالجنة، أو بالأحرى الفوز بالفردوس الأعلى، وأن يعمل ما استطاع جاهدًا على تحقيق هذه الأهداف السامية.

    موضوعات ذات صلة:

    التوحيد، الرياء، الشرك، الصدق


1 انظر: مختار الصحاح، الرازي، ص٩٤، لسان العرب، ابن منظور، ٧/ ٢٦.

2 التعرف لمذهب أهل التصوف، الكلاباذي، ص ٩٩.

3 مدارج السالكين، ٢/٩١.

4 شرح ثلاثة الأصول، ص ٣٧.

5 التعريفات، ص ١٤.

6 انظر: جامع البيان، ١٦/ ٥٠.

7 انظر: المعجم المفهرس الشامل، عبدالله جلغوم ص٤٧٩.

8 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/٢٠٨، لسان العرب، ابن منظور٧/٣٦.

9 انظر: القاموس الفقهي، سعدي أبو حبيب، ص ٣٦٣.

10 انظر: المصباح المنير، الفيومي، ٢/ ٦٣٢.

11 انظر: الروضة الندية ، القنوجي، ١/ ٢٢٦.

12 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني، ص ٨٣١.

13 انظر: لسان العرب، ابن منظور، ٣/ ٣٥٣.

14 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني، ص ٦٧٢.

15 انظر: التبصرة في أصول الفقه، الشيرازي، ص ٣٤٦.

16 انظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة، الزحيلي، ٢/ ٧٩٦.

17 انظر: مختار الصحاح، الرازي، ص ١١٥، لسان العرب، ابن منظور، ١٠/ ٣٥٩.

18 انظر: تيسير العزيز الحميد، سليمان عبد الوهاب، ص ٤٥٢.

19 انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني، ص ٤٥١.

20 انظر: دحض شبهات على التوحيد، عبد الله بن خميس، ص ٣٣.

21 انظر: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، محمد السهسواني، ص١٦٠.

22 أمراض القلوب وشفاؤها، ابن تيمية، ص ٣٦.

23 تيسير الكريم الرحمن، ص ٩٣٢.

24 انظر: الكشف والبيان، الثعالبي، ٩/ ٣٥٦.

25 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/ ٨٤.

26 انظر: الكشاف، الزمخشري، ٤/ ١١٨.

27 انظر: مدارج السالكين، ٢/٩٣.

28 انظر: جامع البيان، الطبري، ١٩/ ٤٤.

29 انظر: التفسير الوسيط، سيد طنطاوي، ١٥/ ٣٠٦.

30 انظر: نظم الدرر، البقاعي، ٥/ ٤١٢.

31 جامع البيان، ٢١/ ٢٤٨.

32 انظر: تأويلات أهل السنة، الماتريدي، ١٠/ ٥٩١.

33 انظر: التفسير الوسيط، الزحيلي، ٣/ ٢٣٠٤، تفسير العز بن عبد السلام ، ٣/ ١٣٠.

34 تفسير القرآن العظيم ، ١/ ٤٥١.

35 انظر: جامع البيان، الطبري، ١٨/ ١٣٥.

36 انظر: صفوة التفاسير، الصابوني، ٣/ ٦٤.

37 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/ ٨٩.

38 انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور، ٢٣/ ٣٥٩.

39 التحرير والتنوير، ٨/ ٢٠١.

40 انظر: أضواء البيان، الشنقيطي، ١/ ٥٤٩.

41 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٢٨٢.

42 تيسير الكريم الرحمن، ص ٢٨٦.

43 أيسر التفاسير، الجزائري، ٤/ ٥٢١.

44 انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية، ٤/ ٢٠.

45 البحر المديد، ابن عجيبة، ٤/ ١٨٠.

46 انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٢/ ٩١.

47 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب النهي عن المنكر، ١/٥٠.

48 جامع البيان، الطبري، ٩/ ٢٠١.

49 انظر: التفسير الوسيط ، الزحيلي، ٢/ ١٦٤٣.

50 تفسير القرآن العظيم، ٧/ ١١٣.

51 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب الفتنة، ٤/ ٢١٤٧.

52 مدارك التنزيل، ٣/ ٥٤٤.

53 تيسير الكريم الرحمن، ص ١١٠.

54 انظر: محاسن التأويل، القاسمي، ٧/ ٢٢٠.

55 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٦٥٢.

56 انظر: معالم التنزيل، البغوي، ٤/ ١٢٨.

57 تيسير الكريم الرحمن، ص٧٧٧.

58 انظر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ابن تيمية ص ١٥.

59 انظر: الحسنة والسيئة، ص ٦١.

60 صيد الخاطر، ص ٤٦٣.

61 انظر: نضرة النعيم، مجموعة باحثين، ٩/ ٣٧٥٢.

62 انظر: نضرة النعيم، ٩/ ٣٧٥٣.

63 تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٩٣١.

64 تفسير القرآن العظيم ، ٣/ ٣٩٣.

65 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، ٤ /١٢٣.

66 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب من أبصر امرأة فوقعت في قلبه، ٤/١٢٩.

67 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس، ٤/١٢٢.

68 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب إذا قرأ ابن آدم السجدة، ١/ ٦١.

69 تيسير الكريم الرحمن، ص ٨٠.

70 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إذا تصدق على غنيٍ وهو لا يعلم، ٢/١١٠.

71 تفسير الجلالين، ص ٢٣٨.

72 الوجيز، ص ١٠١٠.

73 تفسير القرآن العظيم، ٢/ ٤٤٢.

74 جامع البيان ٢٠/ ١٥٦.

75 تيسير الكريم الرحمن، ص ٣٥٢.

76 انظر: تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٥٧٣.

77 انظر: تفسير الجلالين، المحلي والسيوطي، ص ٨١١

78 جامع البيان، ١٨/ ٣٤٢.