عناصر الموضوع

مفهوم الابتلاء

الابتلاء في الاستعمال القرآني

الألفاظ ذات الصلة

الفرق بين الابتلاء والعقوبة

الابتلاء سنة إلهية

أنواع الابتلاء

الابتلاء في الدعوة إلى الله

الحكمة من الابتلاء

المعينات على اجتياز الابتلاء

الابتلاء

مفهوم الابتلاء

أولًا: المعنى اللغوي:

«الباء واللام والواو والياء، أصلان: أحدهما: إخلاق الشيء، والثاني: نوع من الاختبار، ويحمل عليه الإخبار أيضًا، قال ابن الأعرابي: يقال ابتليته فأبلاني، أي: استخبرته فأخبرني»1.

«وأبلى في الحرب بلاء حسنًا إذا أظهر بأسه حتى بلاه الناس وخبروه»2.

قال ابن منظور: «بلوت الرجل بلوًا وبلاءً، وابتليته: اختبرته، وبلاه يبلوه بلوًا، إذا جربه واختبره، وابتلاه الله: امتحنه... وبلي بالشيء بلاءً وابتلي، والبلاء يكون في الخير والشر، يقال: ابتليته بلاءً حسنًا وبلاءً سيئًا»3.

فالبلاء والابتلاء، والفتنة، والامتحان، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار.

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، ولذا قال الشوكاني: الابتلاء: «الامتحان والاختبار، أي: ابتلاه بما أمره به»4.

وقال الزحيلي: «الابتلاء هو الاختبار، أي: معرفة حال المختبر بتكليفه بأمور يشق عليه فعلها أو تركها؛ ليجازيه عليها»5.

وقال الكفوي: «الابتلاء: التكليف في الأمر الشاق، ويكون في الخير والشر معًا، ولكنهم عادة ما يقولون: في الخير أبليته إبلاء وفي الشر: بلوته بلاءً»6.

وقال المناوي: «البلاء كالبلية: الامتحان، وسمي الغم بلاء؛ لأنه يبلي الجسد»7.

الابتلاء في الاستعمال القرآني

وردت مادة (بلو) في القرآن (٣٦) مرة، يخص موضوع البحث منها (٣٤) مرة8.

والصيغ التي وردت عليها هي:

الصيغة

عدد المرات

المثال

الفعل الماضي

٧

( ) [القلم:١٧]

الفعل المضارع

٢٠

( ) [الأنعام:١٦٥]

فعل الأمر

١

( ) [النساء:٦]

اسم

٦

( ) [الصافات:١٠٦]

اسم فاعل

٢

( ) [المؤمنون:٣٠]

ولم يختلف معنى (الابتلاء) في القرآن الكريم عن معناه اللغوي الذي يدور حول الاختبار والامتحان.

الألفاظ ذات الصلة

الفتنة:

الفتنة لغةً:

قال ابن فارس: «الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار. من ذلك الفتنة. يقال: فتنت أفتن فتنا. وفتنت الذهب بالنار، إذا امتحنته»9.

الفتنة اصطلاحًا:

«أصل الفتنة الامتحان والاختبار، واستعملت في الشرع في اختبار كشف ما يكره»10.

الصلة بين الابتلاء والفتنة:

مما سبق يتضح لنا الصلة بين الابتلاء والفتنة؛ فالكلمتان تكادان أن تكونا مترادفتين، فأصلهما اللغوي واحد وهو الامتحان والاختبار، إلا أن الفتنة أعم من الابتلاء.

المصيبة:

المصيبة لغةً:

تعني النائبة وكل أمر مكروه11، وجاء في لسان العرب أنها تعني الشدة12.

المصيبة اصطلاحًا:

هي البلية وكل أمر مكروه ينزل بالإنسان13.

الصلة بين الابتلاء والمصيبة:

المصيبة هي أداة من أدوات الابتلاء.

الاختبار:

الاختبار لغةً:

قال الجوهري: «خبره-بالكسر-: إذا بلوته واختبرته»14، «وقد اختبره وتخبره. يقال: من أين خبرت هذا الأمر؟ أي: من أين علمت»15.

الاختبار اصطلاحًا:

ويمكن تعريف الاختبار بأنه: أي محك أو عملية يمكن استخدامها بهدف تحديد حقائق معينة أو تحديد معايير الصواب أو الدقة أو الصحة سواء في قضية معروضة للدراسة أو المناقشة أو لفرض معلق لم يتم التثبت منه بعد.

الصلة بين الابتلاء والاختبار:

الابتلاء يقتضي استخراج ما عند المبتلى من الطاعة والمعصية والاختبار وقوع الخبر بحاله في ذلك16، والاختبار أصل من أصول الابتلاء ومحك من محكاته، فالابتلاء والاختبار قد يكونان بالخير وقد يكونان في الشر.

التمحيص:

التمحيص لغةً:

الميم والحاء والصاد: أصل واحد صحيح يدل على تخليص شيء وتنقيته. ومحصه تمحيصًا: خلصه من كل عيب، محص الله العبد من الذنب: طهره منه ونقاه، ومحصت الذهب بالنار: خلصته من الشوب17، والتمحيص: الابتلاء والاختبار18.

التمحيص اصطلاحًا:

قال مجاهد: «هو بمعنى: الابتلاء، وحقيقة معنى التمحيص: التطهير من الذنوب، تقول العرب: محص عنا ذنوبنا، أي: طهرنا من الذنوب»19.

التمحيص: التنقية والتخليص من العيوب20.

الصلة بين الابتلاء والتمحيص:

الابتلاء يقتضي امتحان واختبار ينتهي بنتائج سلبية أو إيجابية، والتمحيص تطهيرٌ، أي: إن نتيجته إيجابية دائمًا.

الفرق بين الابتلاء والعقوبة

قد يختلط الأمر في التفريق بين العقوبة والابتلاء؛ والناظر إلى آيات الذكر الحكيم يقف على الفرق بينهما؛ فقد قال تعالى: ( ﭩﭪ ) [البقرة: ١٥٥].

قال الواحدي: «فمن صبر على هذه الأشياء استحق الثواب ومن لم يصبر لم يستحق»21.

فقد جعل للنجاح في الابتلاء علامة، ألا وهي الصبر والإيمان والاستقامة على المنهج السليم، واشتداد البلاء دليل على شدة الإيمان وقوته، لذلك كان الأنبياء أشد الناس بلاءً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: (الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل، فالأمثل من الناس، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة)22.

أما العقوبة فسبب وقوعها الذنوب والمعاصي والانحراف عن المنهج، وكلما زادت الذنوب والمعاصي، وكبر حجم الانحراف، اشتدت العقوبة.

قال تعالى: ( ﯟﯠ ﯢﯣ ) [الأعراف: ١٦٣].

وقد يظن العبد أن ابتلاء الله له بالإنعام والإكرام علامةٌ على حب الله له ورضاه عنه، بينما يظن التضييق في الرزق إشارة إلى غضب الله وعدم رضاه عنه.

قال تعالى: ( ) [الفجر: ١٥-١٦].

قال السمعاني: «أي: أنا كريم عليه حيث أعطاني هذه النعم»23.

وهذا مفهوم خاطئ؛ فالرضا والغضب منوطان بتصرف الإنسان حال الابتلاء.

قال تعالى: ( ) [الأعراف: ١٢٩].

واجتياز الابتلاء بنجاح هو طريق للإمامة والتمكين، بينما الفشل فيه فعقوبته الحرمان من ذلك.

قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: ( ﮪﮫ ﮰﮱ ﯕﯖ ) [البقرة: ١٢٤].

فإبراهيم عليه السلام جعل للناس إمامًا؛ لأنه نجح في كل ما ابتلي به وامتحن، بينما الذين يفشلون في ذلك يحرمون هذه الإمامة، ولا ينالون ذلك العهد.

قال الزحيلي: «فجازاه الله تعالى أحسن الجزاء، وقال له: إني جاعلك للناس رسولًا وإمامًا تؤمهم في دينهم، ويأتمون بك في هذه الخصال»24.

والبلاء والابتلاء كلاهما امتحان واختبار، ويكونان بالسراء والضراء، ويقعان شرعًا وقدرًا، فالتكاليف الشرعية فعلًا كانت أو تركًا، وكذلك مقادير الخير والشر، كل ذلك مما يمتحن به العبد، وإن كان استعمال الابتلاء في الشر والضر والأمور الشاقة أغلب.

قال الخازن: «الابتلاء يكون في الخير وفي الشر، وإذا أطلق كان في الشر غالبًا، فإذا أريد به الخير قيد به»25.

وقال ابن عاشور: «لما كان الاختبار يوجب الضجر والتعب سمي بلاء، كأنه يخلق النفس، ثم شاع في اختبار الشر؛ لأنه أكثر إعناتًا للنفس»26.

معالم العقوبة:

المعلم الأول: لا عقوبة من الله عز وجل إلا بذنب.

والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر.

المعلم الثاني: العقوبة تنقسم إلى قسمين من حيث الصورة:

القسم الأول: عقوبة ظاهرة حسية، وهي ما كانت في قالب ضراء.

القسم الثاني: عقوبة خفية معنوية، وهي ما كانت في قالب سراء في الحال، وإن كان مآلها الضراء لا محالة باعتبار العاقبة، فكما أن العقوبة الظاهرة تكون بالضراء، فقد تكون بقالب سراء، ومن ذلك عقوبة المعرض عن ربه بإقبال الدنيا عليه؛ استدراجًا له وعقوبته بوحشة في قلبه حين يذنب، وعقوبته بإتباع السيئة بسيئة أخرى.

المعلم الثالث: العقوبة تنقسم إلى قسمين من حيث المقاصد:

القسم الأول: عقوبة مخففة، وتسمى الكفارة، وهي العقوبة الناتجة عن محبة الله للعبد وإحسانه إليه من حيث العاقبة، وذلك كالعقوبات التي تكون كفارة للمؤمن كقوله تعالى: ( ) [النساء: ١٢٣].

وقوله: ( ﯿ ) [الشورى: ٣٠].

والمقصود بالمصيبة هنا هي المصائب الجارية مجرى العقوبة والجزاء على الذنب لا مطلق المصيبة، ومن العقوبة المخففة: العقوبة التي يراد منها التنبيه والتذكير لعل المسيء يتوب، وهذه عامة للمسلم بإطلاق ولغير المسلم في الحياة الدنيا.

ومنها قوله تعالى: ( ﯿ ) [الروم: ٤١].

القسم الثاني: العقوبة المغلظة، وهذه تكون ناتجة عن غضب الله تعالى على عبده ومقته وبغضه له، وهذه تكون لإتلاف العبد ومحقه وقطع دابره وهذه للكفار والمنافقين والمشركين27.

وخلاصة الفرق بين الابتلاء والعقوبة كما جاء في فقه الابتلاء:

  1. من حيث زمن الوقوع، فإن الابتلاء يكون في الدنيا، وأما العقاب فإنه يكون في الدنيا والبرزخ والآخرة.
  2. من حيث السبب والباعث، فإن الابتلاء يكون لاختبار حال الإنسان، كما في قوله سبحانه: ( ) [الملك: ٢].
  3. أو يكون تكفير السيئات، أما العقاب فلا يكون إلا جزاء على الذنب.
  4. الابتلاء عام للمكلفين من الجن والإنس، فهو يقع على الأنبياء والصالحين، كما في الحديث: (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل). أما العقاب فإنه خاص؛ إذ يقع على أهل الذنوب والمعاصي فقط28. وقد يقع العقاب على الإنس والجن، والصالحين والعصاة، كما حصل في غزة أحد، وغزوة حنين.

الابتلاء سنة إلهية

  1. الابتلاء سنة إلهية لا بد منها، والله عز وجل يكشف الحقائق عبر هذه الابتلاءات.

    فالابتلاء يكون من الله وحده لعباده المؤمنين، تمحيصًا لإيمانهم، واختبارًا لقدرتهم على الثبات على هذا الدين الحنيف.

    قال تعالى: ( ﮭ ﮮ ) [العنكبوت:٢-٣].

    قال المراغي: «ولقد اختبرنا أتباع الأنبياء من الأمم السالفة وأصبناهم بضروب من البأساء والضراء فصبروا وعضوا على دينهم بالنواجذ»29.

    وهذه السنة الإلهية لا ينجو منها أحد، بل ربما زاد بعض البشر على بعض في البلاء، إذ يرتبط الابتلاء بقيم متعددة؛ كالصبر واليقين والثبات والتفاؤل والتوكل والثقة بالله، لذلك يلحق الإنسان من البلاء بقدر تحمله وتغلل تلك القيم في قلبه.

    وهو ما يوحي به قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة )30.

    والابتلاء يكون لاختبار صدق الإيمان، أو للتمييز بين من يثبت، ومن لا يثبت على إيمانه، وقد يكون لزيادة الإيمان.

    أولًا: اختبار صدق الإيمان:

    قال تعالى: ( ) [العنكبوت: ٢].

    فلابد من اختبار صدق الإيمان، فليس كل من ادعى الإيمان بلسان، آمن قلبه، فهناك المنافقون الذين يبطنون الكفر، ويظهرون الإسلام.

    قال الشنقيطي: «إن الناس لا يتركون دون فتنة، أي: ابتلاء واختبار، لأجل قولهم: آمنا، بل إذا قالوا: آمنا فتنوا، أي: امتحنوا واختبروا بأنواع الابتلاء»31.

    ثانيًا: ابتلاء الثبات على الإيمان:

    قال تعالى: ( ) [الأحزاب: ١١].

    زلزالٌ لبيان الثبات، أو عدمه.

    قال الرازي: «() أي: أزعجوا وحركوا، فمن ثبت منهم كان من الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وبذكر الله تطمئن مرة أخرى، وهم المؤمنون حقًا»32.

    قال تعالى: ( ﯟﯠ ﯭﯮ ) [البقرة: ٢١٤].

    زلزلوا ليظهر من يثبت، ومن ينقلب على عقبيه.

    قال تعالى: ( ) [محمد: ٣١].

    وقال أيضًا: ( ﯪﯫ ) [آل عمران: ١٨٦].

    قال ابن عاشور: «استئناف لإيقاظ المؤمنين إلى ما يعترض أهل الحق وأنصار الرسل من البلوى، وتنبيه لهم على أنهم إن كانوا ممن توهنهم الهزيمة فليسوا أحرياء بنصر الحق»33.

    وهذا كله ابتلاءٌ لاختبار الثبات على الإيمان.

    ثالثًا: ابتلاء زيادة الإيمان:

    قال تعالى: ( ) [الصافات: ١٠٦].

    وهو بلاء ليس لأي أحد، ومثاله: ابتلاء إبراهيم لمنصب الخلة بذبح ولده.

    قال تعالى: ( ﯿ ﭕ ﭖ ﭙ ﭚ ) [الصافات:١٠٢-١٠٦].

    قال القاسمي: «إن هذا لهو البلاء المبين، أي: الاختيار البين الذي يتميز ويتفاضل فيه المخلص من غيره. إشارة إلى أن هذا الأمر كان ابتلاء وامتحانًا لإبراهيم في صدق الخلة لله، وتضحية أعز عزيز لديه، وأحب محبوب عنده، لأمر ربه تعالى»34.

أنواع الابتلاء

  1. يبتلي الله العبد بنوعين من الابتلاء: أولاهما: الابتلاء بالخير والشر، وثانيهما: الابتلاء بالأمر والنهي؛ وفيما يلي تفصيل ذلك.

    أولًا: الابتلاء بالخير والشر:

    الابتلاء يكون بالخير والشر، بالسراء والضراء، بالسعادة والشقاء، بالراحة والرفاهية والكد والتعب، فيبتلى الإنسان بما يسره وبما يسوؤه، ولا يكون بالضراء فقط، فلابد أن يكون صابرًا على الضراء، شاكرًا على السراء.

    قال تعالى: ( ﯽﯾ ﯿ ﰂﰃ ) [الأنبياء: ٣٥].

    وقال أيضًا: ( ) [الأنعام: ٤٢].

    وقال أيضًا: ( ﮟﮠ ﮥﮦ ) [الأعراف: ١٦٨].

    الابتلاء بالخير أشد وأثقل من الابتلاء بالشر؛ فالابتلاء بالشر معلوم ومشهور، أما الآخر فلا يظنه كثير من الناس ابتلاء، فهم لا يعلمون أن ما أنعم الله به عليهم من بركة في المال أو الأولاد أو الصحة، وما إلى ذلك من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، إنما هو اختبار وامتحان من الله، فالمنعم جل وعلا يستودع هذه النعم عند أصحابها ليرى كيف يتصرفون فيها، أيتكبرون ويفسدون في الأرض، مثل ما فعل فرعون، أم يبخلون ويمنعون ما أمر الله به، مثل ما فعل قارون، أم يسخرون علمهم الذي أنعم الله به عليهم في الرياء والاستعلاء على الخلق، ولا يتقون الله فيه، مثل ما فعل بلعام بن باعوراء.

    يمتحن الله عبده بالمصائب، أو بالخيرات من مال وجمال وقوة وسلطان؛ فإن كان امتحانه بالشر فعليه أن يقابل ذلك بالصبر، وإذا كان ابتلاؤه بالخير فعليه أن يقابل هذا بالشكر. فلقد أقسم سبحانه أنه سيبلو عباده بالمكاره والمصائب؛ ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدره عليهم.

    فقال تعالى: ( ﭭ ﭮ ﭸ ﭹ ﭿ ) [البقرة:١٥٥-١٥٧].

    وهناك نماذج قرآنية لذلك الابتلاء، منها:

    ١. إبراهيم عليه السلام:

    لقد ابتلي إبراهيم عليه السلام في أبيه الذي كان يصنع أصنامًا تعبد من دون الله، وابتلي في جسمه فقذف في النار.

    قال تعالى: ( ﯖ ﯗ ) [الأنبياء:٦٨-٦٩].

    وابتلي إلى ذلك بابتلاء من نوع خاص، وهو تحميله أمانة الإمامة.

    قال تعالى: ( ﮪﮫ ﮰﮱ ﯕﯖ ) [البقرة: ١٢٤].

    وابتلي في ولده و فلذة كبده فأمر بذبحه.

    قال تعالى: ( ﯿ ﭕ ﭖ ﭙ ﭚ ) [الصافات:١٠٢-١٠٦].

    فلقد ابتلى الله إبراهيم ابتلاءً شديدًا، أمره بأن يذبح ولده الحبيب، «وكان ذلك الولد عزيزًا على أبيه؛ لأنه فلذة كبده وإنسان عينه، وقد جاء من الله بعد الدعاء وبشارة الملائكة به فكان له مزيد فضل، وعلو كعب، ومع ذلك فقد صدع إبراهيم لأمر ربه»35.

    وقد كان هذا الابتلاء ابتلاءً بالشر والمكروه.

    قال القرطبي: «قال أبو زيد: هذا من البلاء الذي نزل به في أن يذبح ابنه، قال: وهذا من البلاء المكروه»36.

    ٢. قارون:

    وفي هذا النموذج كان الابتلاء بالخير؛ فقد آتى الله قارون المال الكثير امتحانًا وابتلاءً، ولكنه فشل في ذلك الاختبار، فكان من الخاسرين.

    قال تعالى: ( ﮮﮯ ﯠﯡ ﯭﯮ ﯳﯴ ﯹﯺ ﯿﰀ ﭖﭗ ﭨﭩ ) [القصص: ٧٦-٧٨].

    لقد نصحه قومه بأن يستعمل المال - الذي ابتلاه الله به - في ما يرضي الله.

    قال الزحيلي: «استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل، والنعمة الطائلة، في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة، فإن الدنيا مزرعة الآخرة»37.

    ولكنه فشل في الاختبار، فكانت النتيجة قول الله تعالى: ( ) [القصص: ٨١].

    ٣. بنو إسرائيل:

    جاء الاختبار الأكبر لبني إسرائيل، وذلك عندما قال لهم موسى: يا قوم، ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم، ولا تتراجعوا ولا ترتدوا على أعقابكم فتصبحوا من الخاسرين.

    قال تعالى: ( ) [المائدة: ٢١].

    فأرسلوا أناسًا منهم ليستطلعوا الأمر، فوجدوا فيها قومًا أقوياء جبارين، فخافوا أن يدخلوا الأرض المقدسة، وقالوا لموسى: لن ندخل يا موسى حتى يخرجوا منها، فلتذهب أنت مع ربك فقاتلا إننا هنا قاعدون.

    قال تعالى: ( ﭙﭚ ) [المائدة: ٢٤].

    فكان عقابهم أنهم يتيهون في الأرض أربعين سنةً؛ جزاءً وفاقًا38؛ فلقد كان ابتلاء بني إسرائيل واختبارهم بأن أمرهم موسى بدخول الأرض المقدسة، ولكنهم فشلوا في ذلك الابتلاء والاختبار فكانت العقوبة أن تاهوا أربعين سنة.

    ٤. أيوب عليه السلام:

    لقد ابتلي أيوب عليه السلام بالمكروه ابتلاءً عظيمًا بماله، وأولاده، وجسده، وقد صبر وحمد الله ونجح في الابتلاء، وقد كان ابتلاؤه لرفع درجته عند الله.

    قال تعالى: ( ﭪ ﭫ ) [الأنبياء:٨٣-٨٤].

    إن قصة ابتلاء أيوب من أروع قصص الابتلاء. والنصوص القرآنية تشير إلى مجملها دون تفصيل، وهي في هذا الموضع تعرض دعاء أيوب واستجابة الله للدعاء؛ لأن السياق سياق رحمة الله بأنبيائه، ورعايته لهم في الابتلاء. سواء كان الابتلاء بتكذيب قومهم لهم وإيذائهم، كما في قصص إبراهيم ولوط ونوح، أو بالنعمة في قصة داود وسليمان، أو بالضر كما في حال أيوب.

    وأيوب هنا في دعائه لا يزيد على وصف حاله: ( ) ووصف ربه بصفته: ( ).

    ثم لا يدعو بتغيير حاله، صبرًا على بلائه، ولا يقترح شيئًا على ربه، تأدُبًا معه وتوقيرًا؛ فهو نموذج للعبد الصابر لا يضيق صدره بالبلاء، ولا يتململ من الضر الذي تضرب به الأمثال في جميع العصور،. بل إنه ليتحرج أن يطلب إلى ربه رفع البلاء عنه، فيدع الأمر كله إليه، اطمئنانًا إلى علمه بالحال وغناه عن السؤال. وفي اللحظة التي توجه فيها أيوب إلى ربه بهذه الثقة وبذلك الأدب كانت الاستجابة، وكانت الرحمة، وكانت نهاية الابتلاء. ( ).

    رفع عنه الضر في بدنه فإذا هو معافى صحيح، ورفع عنه الضر في أهله فعوضه عمن فقد منهم، ورزقه مثلهم، وقيل هم أبناؤه فوهب الله له مثليهم، أو أنه وهب له أبناءً وأحفادًا.

    ( )؛ فكل نعمة فهي رحمة من عند الله ومنة، ( ) تذكرهم بالله وبلائه، ورحمته في البلاء وبعد البلاء، وإن في بلاء أيوب لمثلًا للبشرية كلها وإن في صبر أيوب لعبرة للبشرية كلها. وإنه لأفق للصبر والأدب وحسن العاقبة تتطلع إليه الأبصار، والإشارة () بمناسبة البلاء إشارة لها مغزاها؛ فالعابدون معرضون للابتلاء والبلاء، وتلك تكاليف العبادة وتكاليف العقيدة وتكاليف الإيمان39.

    [انظر: الفتنة: الفتن والمحن بالشر والخير]

    ثانيًا: الابتلاء بالأمر والنهي:

    الابتلاء بالأمر والنهي أمر عظيم؛ إذ به تعرف الأحكام حلالها وحرامها، وقد بدأت كتب الفقه بها.

    يقول السرخسي: «فأحق ما يبدأ به في البيان الأمر والنهى؛ لأن معظم الابتلاء بهما وبمعرفتهما تتم معرفة الأحكام، ويتميز الحلال من الحرام»40.

    لقد بين الله للناس أن خلقهم وخلق السماوات والارض وخلق الموت والحياة وكل الأمور التي قدرها لهم لابتلائهم أيهم أحسن عملًا.

    قال تعالى: ( ﭢﭣ ) [الملك: ٢].

    يقول الطبري: «ليختبركم فينظر أيكم له أيها الناس أطوع، وإلى طلب رضاه أسرع»41.

    والابتلاء بالأمر والنهي يسمى الابتلاء التشريعي، حيث يتعلق بأفعال المكلفين من حيث الحلال والحرام، والالتزام بما أمر الله من عدمه؛ وذلك مثل ابتلاء الله لإبراهيم عليه السلام بالإمامة.

    قال تعالى: ( ﮪﮫ ﮰﮱ ﯕﯖ ) [البقرة: ١٢٤].

    وابتلائه بذبح ابنه، ولما استجاب لأمر ربه، وتهيأ لتنفيذ الذبح، سمى الله ذلك التكليف البلاء المبين.

    قال تعالى: ( ﯿ ﭕ ﭖ ﭙ ﭚ ) [الصافات:١٠٢-١٠٦].

    ومن الابتلاء بالتكليف ما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل.

    قال تعالى: ( ﯟﯠ ﯢﯣ ) [الأعراف: ١٦٣].

    قال الطبري: «كان اعتداؤهم في السبت: أن الله كان حرم عليهم السبت، فكانوا يصطادون فيه السمك»42.

    قال ابن كثير: «واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله، ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة»43.

    وقال أيضًا: ( ) [محمد: ٣١].

    قال القشيري: «يخبر عما ألزمهم من مراعاة الحدود، وما حصل منهم من نقض العهود، وعما ألزمهم من التكليف، ولقاهم به من صنوف التعريف»44.

    ومنه ما يكون ابتلاءات ابتلى المؤمنون بها أو الرسل لا عقوبة لهم، ولكن ليتم التشريع بها، مثل: ابتلاء عائشة رضي الله عنها بحادثة الإفك، وابتلاء النبي صلى الله عليه وسلم في زوجته وانقطاع الوحي عنه، فجاء لنا من رحم هذا الابتلاء آيات وتشريعات وأحكام وعبر، ما لا يأتي إلا من مثل هذا الابتلاء.

الابتلاء في الدعوة إلى الله

  1. لابد للناس عامة وللمؤمنين خاصة، ولحملة الدعوة على وجه أخص، إذا أرادوا أن ينجحوا في دعوتهم من الصبر على الابتلاءات والمتاعب، والتي تتمثل في أذى الناس بالقول والفعل، فليس هناك شيء أشد على نفس الرجل المخلص في دعوته، البريء من الهوى، المحب الخير للناس من أن يمحض لهم النصح فيتهموه بما ليس فيه، وأن يدعوهم إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة فيردوه بالقوة، ويعظهم بالحسنى، فيستقبلوه بالسوء، ويجادلهم بالتي هي أحسن، فيقاوموه بالتي هي أخشن، ويدلهم على الخير فيقذفوه بالشر.

    ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فكثيرًا ما يمتد الطغيان إلى الأموال فينهبها، وإلى الأبدان فيعذبها، وإلى الحريات فيسلبها، بل يتعدى الأمر إلى الأنفس فيقتلها، وقد أقسم الله تعالى في القرآن على وقوعه على الداعين إلى الله حيث خاطبهم بذلك ليوطنوا أنفسهم على الصبر الجميل.

    قال تعالى: ( ﯪﯫ ) [آل عمران: ١٨٦].

    ويكون ابتلاء الدعاة إلى الله بصورٍ عدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

    أولًا: الاستهزاء والسخرية:

    إن أسلوب الاستهزاء والسخرية بالدعاة والنيل منهم، وتحطيمهم أسلوب قديم، سلكه جميع الطواغيت مع الرسل وأتباعهم، قال تعالى: ( ) [الحجر: ١١].

    وأسلوب السخرية والاستهزاء بالدعاة إلى الله، لم يتوقف لحظة من اللحظات في الصراع القائم بين أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان عبر التاريخ.

    قال تعالى: ( ) [الأنبياء: ٣٦].

    وقال أيضًا: (ﮮ ﮯ¡ ) [الفرقان: ٤١].

    قال الرازي: «اعلم أنه سبحانه لما بين مبالغة المشركين في إنكار نبوته، وإيراد الشبهات في ذلك، بين بعد ذلك أنهم إذا رأوا الرسول اتخذوه هزوًا، فلم يقتصروا على ترك الإيمان به، بل زادوا عليه بالاستهزاء والاستحقار»45.

    وقال أيضًا: ( ) [الأنعام: ١٠].

    قال الجزائري: «وتفيد الآية أن الاستهزاء والسخرية بالرسل والدعاة سنة بشرية لا تكاد تتخلف؛ ولذا وجب على الرسل والدعاة الصبر على ذلك، وفي الآية بيان عاقبة التكذيب والاستهزاء، وهو هلاك المكذبين المستهزئين»46.

    ثانيًا: الاتهام بالكذب:

    من صور الحملات الإعلامية المسعورة التي يشنها الأعداء ضد الرسل والدعاة، اتهامهم بالكذب والافتراء والاختلاق، والتشنيع عليهم؛ لتشويه صورتهم، وإثارة الشكوك حولهم، حتى يفقد الناس ثقتهم بهم، بعدم الإيمان بهم أو اتباعهم، أو الدعوة إلى ما جاءوا به.

    قال تعالى: ( ) [ص:٤].

    فقد كذبوه ورموه بالسحر؛ وقالوا: إن محمدًا يفرق بين الوالد وولده فوق تفريقه لقومه وعشيرته47.

    وقال تعالى: ( ) [الأنبياء: ٥].

    قال الألوسي: «لم يقتصر قولهم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم: هل هذا بشر مثلكم، وفي حق ما ظهر على يده من القرآن الكريم إنه سحر، بل قالوا عن القرآن: إنه تخاليط أحلام»48.

    ثالثًا: التعذيب بالضرب والجلد:

    حتى يرهب أعداء الله وأولياء الشيطان أولياء الرحمن -كما يتوهمون وتسول لهم أنفسهم - يزمجرون ويزبدون، ويهددون بالويل والثبور، وعظائم الأمور لكل من تسول له نفسه مخالفتهم، والسير على طريق غير طريقهم، قال تعالى: ( ) [الشعراء: ١١٦].

    «أي: المرجومين بالحجارة، وهو توعد بالقتل»49.

    وقال أيضًا: ( ﭾﭿ ﮂﮃ ) [هود: ٩١].

    ولقد ناقش إبراهيم عليه السلام أباه آزر نقاشًا موضوعيًا علميًا يدعوه فيه إلى عبادة الله وتوحيده، ويقدم له الحجة تلو الحجة، والدليل مع الدليل بأسلوب رفيق مع الأدب الجم والاحترام للأبوة، فيرد عليه الأب: ( ﮫﮬ ﮰﮱ ) [مريم: ٤٦].

    رابعًا: التهديد بالقتل والتنكيل:

    حين يعجز الطواغيت عن منع الدعاة من الاستمرار في دعوتهم للناس، وعن صدهم عن دينهم وعن دعوتهم، بالرغم من كل الإغراءات التي يقدمونها لهم ولأتباعهم، لا يبقى أمامهم سوى التصفية الجسدية، والتنكيل بالمخلصين المؤمنين.

    قال تعالى: ( ﭗﭘ ) [غافر: ٢٦].

    وهكذا عندما يعجز الطواغيت عن المعارضة بالحجة يلجؤون إلى قتل خصمهم، ولكنه كان يخاف إن هم بقتله أن يعاجل بالعقوبة50، وفي سورة طه يقف الطاغية فرعون يهدد السحرة الذين آمنوا برب موسى وهارون.

    قال تعالى: ( ﮚﮛ ﮠﮡ ) [طه: ٧١].

    قال الرازي: «فيه اعتدادٌ باقتداره وقهره وما ألفه من تعذيب الناس بأنواع العذاب واستضعاف موسى عليه السلام مع الهزء به» 51.

الحكمة من الابتلاء

  1. للابتلاء فوائد عظيمة وحكم جليلة، يمن بها الله على من أحب من عباده، ومن هذه الحكم: تكفير السيئات ورفع الدرجات، والتمحيص والتنقية والتهيؤ لحمل أعباء الدعوة.

    أولًا: تكفير السيئات ورفع الدرجات:

    قد ينزل البلاء على العباد رفعًا للدرجات، أو وضعًا للآصار و تكفيرًا للخطايا والسيئات؛ فمن ما يكون لرفع درجات العباد، و يراد لهم الخير به ما رواه البخاري في صحيحه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (من يرد الله به خيرًا يصب منه)52.

    أي: يبتليه بالمصائب والمحن ليرفع درجاته و يزيد في حسناته على ما يكون من صبره و احتسابه.

    ومن ذلك أيضًا قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه)53.

    ومما يكون لتكفير السيئات ما جاء في الحديث المتفق على صحته عند الشيخين أن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله: (ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها)54.

    قال الإمام المناوي رحمه الله شارحًا هذا الحديث في فيض القدير: (ما من مصيبة) أي: نازلة، وأصلها الرمي بالسهم ثم استعيرت لما ذكر (إلا كفر الله بها عنه) ذنوبه أي: محي خطيئاته بمقابلتها55.

    قال الإمام الغزالي رحمه الله: قال عيسى عليه السلام: لا يكون عالمًا من لم يفرح بدخول المصائب والأمراض عليه لما يرجوه من ذلك من كفارة خطاياه56.

    ويعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب فتكون في حقه كفارة وعقوبة مخففة ظاهرها القسوة وباطنها الرحمة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)57.

    وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده أو في ماله أو في ولده حتى يلقى الله سبحانه وما عليه خطيئة)58.

    قال تعالى: ( ﯿ ) [الشورى:٣٠].

    قال الزحيلي: «والقصد من الابتلاء رفع الدرجات؛ لأن الأنبياء معصومون عن الذنوب والآثام، ويكون حصول المصيبة من باب الامتحان في التكليف، لا من باب العقوبة»59.

    والمؤمن ينظر إلى الابتلاء أنه نعمة ورحمة من الله على عباده، يتعهدهم بالابتلاء المرة بعد المرة؛ لينقيهم، ويطهرهم، ويذهب عنهم رجز الشيطان، ويربط على قلوبهم، ويثبت به الأقدام، وكذلك ينظر إليه أنه دليل رضى ومحبة من الله لعباده؛ فإن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه، لا لحبه لابتلاء عبده بل لما في هذا الابتلاء من عواقب حميدة قد يجهلها العبد نفسه، فدخول الجنة في الغالب يسبقه الابتلاء.

    قال تعالى: ( ) [آل عمران: ١٤٢].

    قال الرازي: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة بمجرد تصديقكم الرسول قبل أن يبتليكم الله بالجهاد وتشديد المحنة والله أعلم 60. فكلما صلب إيمان المرء وقوي يقينه؛ اشتد بلاؤه، فمن رضي؛ فله الرضى من الله عز وجل.

    ثانيًا: التمحيص:

    المحص: التخليص والتنقية والاختبار والابتلاء، ومنه محص الشيء، يمحصه محصًا، أي: يخلصه مما يشوبه61؛ «فالتمحيص ههنا كالتزكية والتطهير»62.

    سنة التمحيص نتيجة طبيعية لسنة الابتلاء؛ فالمؤمن من جهة يتعرض للمحنة، فيصقل معدنه من أثرها، وينضج بها كما ينضج الطعام بالنار، والمنافق من جهة ثانية لا يستطيع الصمود أمام الفتنة، فتخور قواه، وتنحل عراه، وينكص على عقبيه، ولهذا جعل الله تعالى التمحيص معبرًا لتنقية الصف المؤمن من أدعياء الإيمان، فيقع به التمييز بين الدر الثمين والخرز الخسيس.

    كما في قوله تعالى: ( ) [آل عمران: ١٧٩].

    «أي: يختبركم بما جرى عليكم، وليميز الخبيث من الطيب، ويظهر أمر المؤمن والمنافق للناس في الأقوال والأفعال»63.

    وقوله تعالى: ( ﮞﮟ ) [آل عمران: ١٥٤].

    وعلى ضوء سنة التمحيص تتحقق سنة أخرى، وهي سنة التمكين، إذ يمكن الله عز وجل للمؤمنين في الأرض بعد أن يثبتوا جدارتهم واستحقاقهم للنصر بلجوئهم إليه وحده في وقت المحنة، وتجردهم له وتطلعهم إليه في زمن الشدة، مستيقنين من نزول النصر بعد الأخذ بكافة الأسباب المأمور بها شرعًا من صبر وتقوى وإعداد64.

    وهناك الكثير من الآيات الدالة على الاختبار والتمحيص، قال تعالى: ( ﭩﭪ ) [البقرة: ١٥٥].

    وقال أيضًا: ( ﮚﮛ ﮨﮩ ﮮﮯ ) [النمل: ٤٠].

    وقال أيضًا: ( ﮯﮰ ) [المائدة: ٩٤].

    فالمؤمن يبتلى في هذا الباب بأن يكون الحرام بين يديه سهل ميسور تناله يده ليعلم الله هل يخافه أم لا؟

    [انظر: الفتنة: الحكمة من الفتنة وسبل النجاة منها]

المعينات على اجتياز الابتلاء

  1. لا بد للعبد أن يكون له زادٌ عظيمٌ يستعين به في مواجهة الابتلاءات والمحن؛ حتى يتمكن من النجاح، والاستفادة من ذلك الابتلاء، ومن أهم المعينات على ذلك:

    أولًا: الاستعانة بالله:

    إن الاستعانة بالله تعالى من أجل العبادات وأفضلها، والتي أمر الله بها عباده للحصول على عطائه وكرمه، قال الله تعالى ذاكرًا عبده موسى عندما نصح قومه بالاستعانة بالله تعالى: ( ) [الأعراف: ١٢٨].

    فأمرهم بالاستعانة بالله عندما ابتلاهم بعدوان فرعون وملئه تسلية لهم وتسكينًا.

    قال الزمخشري: «قال موسى لقومه استعينوا بالله قال لهم ذلك- حين قال فرعون: سنقتل أبناءهم فجزعوا منه وتضجروا- يسكنهم ويسلبهم، ويعدهم النصرة عليهم، ويذكر لهم ما وعد الله بني إسرائيل من إهلاك القبط وتوريثهم أرضهم وديارهم» 65.

    وقال الماتريدي: «استعينوا بالله بالنصر لكم والظفر، واصبروا على أذاهم والبلاء»66.

    ولقد قرأ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عند خروجه من بيته مهاجرًا قوله تعالى: ( ) [يس: ٩].

    مستعينًا به على ابتلائه بكيد المشركين؛ فأخرجه الله من بين أيديهم سالمًا محفوظًا.

    ولقد نجح يعقوب في ابتلائه بفقده فلذة كبده وقرة عينه يوسف عليه السلام، حيث استعان بالله على ذلك، وتجلى ذلك في قوله: ( ﭿ ﮁﮂ ﮈﮉ ﮋﮌ ) [يوسف: ١٨].

    قال الزمخشري: «( ) أي: أستعينه على احتمال ما تصفون من هلاك يوسف، والصبر على الرزء فيه»67.

    وقال ابن عاشور: «وقوله: ( ) عطف على جملة ( ) فتكون محتملة للمعنيين المذكورين من إنشاء الاستعانة، أو الإخبار بحصول استعانته بالله على تحمل الصبر على ذلك»68.

    ثانيًا: التقوى:

    إن من أكثر المعينات على الابتلاء، أن يتحلى المبتلى بالتقوى.

    قال تعالى: ( ) [الطلاق:٢].

    وقال أيضًا: ( ) [الطلاق:٤].

    وقال تعالى: ( ) [الطلاق:٥].

    قال القرطبي: «قال الكلبي: ومن يتق الله بالصبر عند المصيبة. يجعل له مخرجًا من النار إلى الجنة. وقال الحسن: مخرجًا مما نهى الله عنه. وقال أبو العالية: مخرجًا من كل شدة»69.

    وقال سيد قطب: «مخرجًا من الضيق في الدنيا والآخرة، ورزقًا من حيث لا يقدر ولا ينتظر. وهو تقرير عام، وحقيقة دائمة»70.

    لقد أكد الله هذه الحقيقة في ثلاث آيات متتالية لترسخ في النفوس.

    وقال تعالى: ( ) [يوسف: ٩٠].

    قال السعدي: «أي: يتقي فعل ما حرم الله، ويصبر على الآلام والمصائب، وعلى الأوامر بامتثالها»71.

    قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه صهيب: (عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له)72.

    عندما ابتلى الله المؤمنين بقتال المشركين كافة أمرهم بملازمة التقوى التي تعينهم على اجتياز ذلك الابتلاء، ووعدهم جراء ذلك بأن يضمن لهم النجاح في الابتلاء والنصر في المعركة، قال تعالى: ( ﯦﯧ ) [التوبة: ٣٦].

    قال الرازي: «تأويله أنه ضامن لهم النصر»73.

    وقال السعدي: «بعونه ونصره وتأييده، فلتحرصوا على استعمال تقوى الله في سركم وعلنكم والقيام بطاعته، خصوصًا عند قتال الكفار، فإنه في هذه الحال، ربما ترك المؤمن العمل بالتقوى في معاملة الكفار الأعداء المحاربين»74.

    ثالثًا: الصبر:

    الصبر خلق عظيم يعين على دفع البلاء واجتياز الابتلاء بإذن الله تعالى، «فما على العبد إلا أن يستعين بربه أن يعينه، ويجبر مصيبته.

    قال تعالى: ( ﮭﮮ ﯗﯘ ) [الأعراف: ١٢٨].

    ومن كانت معية الله معه فهو حقيق أن يتحمل ويصبر على الأذى»75، ومن كانت معية الله معه يعينه على اجتياز الابتلاء؛ بل وينصره ولا يخذله.

    قال تعالى: ( ﯵﯶ ) [البقرة: ١٥٣].

    قال الواحدي: «أي: إني معكم أنصركم ولا أخذلكم»76.

    وروى مسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يصيب المؤمن من مصيبة، حتى الشوكة، إلا قص بها من خطاياه، أو كفر بها من خطاياه)77.

    يجتمع للمؤمن عند الضراء، ثلاث نعم: نعمة تكفير السيئات، ونعمة حصول مرتبة الصبر التي هي أعلى من ذلك، ونعمة سهولة الضراء عليه، لأنه متى عرف حصول الأجر والثواب، والتمرن على الصبر، هانت عليه وطأة المصيبة، وخف عليه حملها 78.

    رابعًا: الاحتساب:

    الاحتساب هو طلب الأجر من الله تعالى بالصبر على البلاء مطمئنة نفس المحتسب غير كارهة لما نزل بها من البلاء 79، وهو من المعينات للعبد على تحمل الابتلاء، ويكون على ثلاثة أنواع:

    ١. احتساب الأجر من الله تعالى عند الصبر على المكاره.

    وخاصة فقد الأبناء إذا كانوا كبارًا، ومثاله: قول الله تعالى: ( ﭾﭿ ) [البقرة: ١٥٦-١٥٧].

    ٢. احتساب الأجر من الله تعالى عند عمل الطاعات.

    كما في صوم رمضان إيمانًا واحتسابًا، وكذا في سائر الطاعات، وقد وردت آيات كثيرة بهذا المعنى منها قوله تعالى: ( ﯜﯝ ) [البقرة: ٢١٨].

    وقوله تعالى: ( ﮧﮨ ) [البقرة: ٢٠٧].

    وقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: ( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)80.

    ٣. احتساب الله ناصرًا ومعينًا للعبد عند تعرضه لأنواع الابتلاء من منع عطاء أو خوف وقوع ضرر.

    ومعنى الاحتساب في هذا النوع الاكتفاء بالمولى عز وجل ناصرًا ومعينًا، والرضا بما قسمه للعبد إن قليلًا أو كثيرًا81.

    ومثاله: قول الله تعالى: ( ﯿ ) [آل عمران: ١٧٣].

    يتعرض الإنسان لأنواع من الابتلاءات والأمور التي تكرهها نفوسهم، ولا فرق في ذلك بين مؤمن وكافر، إلا من جهة احتساب الأجر بالنسبة للمؤمنين.

    فالمسلم يمرض وكذا الكافر، ويموت أحباؤه وأقرباؤه، وكذا الكافر؛ لكن ثمة فرقًا مهمًا بينهما؛ ألا وهو ما يرجوه المؤمن من الأجر إن هو صبر واحتسب ورضي.

    قال الله تعالى: ( ﮯﮰ ﯘﯙ ﯟﯠ ) [النساء: ١٠٤].

    قال الزمخشري: «فما لكم لا تصبرون مثل صبرهم، مع أنكم أولى منهم بالصبر؛ لأنكم ترجون من الله ما لا يرجون من إظهار دينكم على سائر الأديان، ومن الثواب العظيم في الآخرة»82.

    خامسًا: الإيمان بالقدر:

    ذكر العلماء منافع كثيرة للإيمان بالقدر، وعلى رأسها: الصبر على أقدار الله تعالى وابتلائه، «فالإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب، وهو أيضًا دائم الافتقار إلى ربه، يستمد منه العون على الثبات، ويطلب منه المزيد»83.

    والمؤمن يعلم علم اليقين أن الله تعالى لا يفعل إلا الذي يصلح عباده ولو جهل الإنسان مورده ومصدره؛ فإنه في الإصلاح قطعًا وأنه خير له.

    قال تعالى: ( ﭖﭗ ﭞﭟ ﭦﭧ ) [البقرة: ٢١٦].

    وقال أيضًا: ( ) [النساء:١٩].

    فالمؤمن يؤمن بذلك كله ويسلم الأمر إلى الله.

    قال تعالى: ( ﭤﭥ ﭪﭫ ) [التغابن: ١١].

    قال الواحدي: «قال علقمة: ومن يؤمن بالله في المصيبة، أي: يعلم أنها من الله يهد قلبه للاسترجاع والتسليم لأمر الله»84.

    الإيمان بالقضاء السابق والتقدير الماضي يعين العبد على أن ترضى نفسه بما يصيبه فيصبر على المصائب، ففي المصائب الشرعية يجب الاستغفار، وفي المصائب الكونية يجب الصبر85.

    موضوعات ذات صلة:

    الأذى، الاستهزاء، الثبات، الضر، الفتنة، المرض، النعم

    ا


1 مقاييس اللغة، ابن فارس ١/ ٢٩٢.

2 أساس البلاغة، الزمخشري ١/ ٧٧.

3 لسان العرب ١٤/ ٨٣.

4 فتح القدير ١/١٥٠.

5 التفسير المنير ١/٣٠٢.

6 الكليات ١/ ٢٩.

7 التوقيف على مهمات التعاريف ص ٨٢.

8 انظر: المعجم المفهرس، محمد فؤاد عبد الباقي ص١٣٥-١٣٦.

9 مقاييس اللغة ٤/ ٤٧٢.

10 فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ١١/١٧٦.

11 انظر: المفردات، الأصفهاني ص٣٧٧.

12 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٥٣٤.

13 انظر: لسان العرب، ابن منظور ١/٥٣٤، تاج العروس، الزبيدي ٣/ ٢١٥.

14 الصحاح ٢/ ٦٤٢.

15 تاج العروس، الزبيدي ١١/ ١٢٥.

16 انظر: الفروق اللغوية، العسكري ٢١٦.

17 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/ ٣٠٠.

18 انظر: الصحاح، الجوهري ٣/ ١٠٥٦.

19 انظر: تفسير القرآن، السمعاني ١/ ٣٦٢.

20 التحرير والتنوير ٤/ ١٠٤.

21 الوجيز، ص ١٤٠.

22 أخرجه أحمد في مسنده، ٣/ ٧٨.

قال محقق المسند: «إسناده حسن».

23 تفسير القرآن ٦/ ٢٢١.

24 التفسير المنير ١/ ٣٠٣.

25 لباب التأويل ٢/ ٤١٨.

26 التحرير والتنوير ١/ ٤٩٣.

27 انظر: فقه الابتلاء وأقدار الله المؤلمة، البدراني ص ١٨.

28 انظر: المصدر السابق ص ٢٠.

29 تفسير المراغي ٢٠/ ١١٢.

30 أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٧٨.

قال محقق المسند: اسناده حسن.

31 أضواء البيان ٦/ ١٥٥.

32 مفاتيح الغيب ٢٥/ ١٦١.

33 التحرير والتنوير ٤/ ١٨٩.

34 انظر: محاسن التأويل ٨/ ٢١٩.

35 التفسير الواضح، محمد حجازي ٣/ ٢١٥.

36 الجامع لأحكام القرآن ١٥/ ١٠٦.

37 التفسير المنير٢٠/ ١٦٠.

38 انظر: تفسير المراغي ٦/ ٨٨.

39 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٤/٢٣٩٢.

40 أصول السرخسي ١/ ١١.

41 جامع البيان ٢٣/ ٥٠٥.

42 جامع البيان ١٣/ ١٨٣.

43 تفسير القرآن العظيم ٣/ ٤٩٣.

44 لطائف الإشارات ١/ ٥٨٠.

45 مفاتيح الغيب ١٢/٧٤.

46 أيسر التفاسير ٢/٤٠.

47 انظر: في ظلال القرآن، سيد قطب ٢/ ٧١٤.

48 روح المعاني، ٩/١٠.

49 المصدر السابق ٣/٤١٣.

50 انظر: مدارك التنزيل ٣/٢٠٧.

51 مفاتيح الغيب ٢٢/ ٧٧.

52 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرضى، باب ما جاء في المرض رقم ٥٦٤٥، ٧/ ١١٥.

53 أخرجه أحمد في مسنده، رقم ٢٢٣٣٨، ٣٧/ ٢٩.

قال الألباني: صحيح.

54 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرض، باب كفارة المرض، رقم ٥٦٤٠، ٧/ ١١٤، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، رقم ٢٥٧٢، ٤/ ١٩٩٢.

55 انظر: فيض القدير ٥/ ٥٠١.

56 فيض القدير ٤/ ٤٦٨.

57 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرض، باب كفارة المرض، رقم ٥٦٤٠ ٧/ ١١٤، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، رقم ٢٥٧٢، ٤/ ١٩٩٢.

58 أخرجه البخاري في الأدب المفرد، باب كفارة المريض، رقم ٤٩٤، ص ١٧٤.

59 التفسير المنير ٢٥/ ٧٦.

60 مفاتيح الغيب ٩/ ٣٧٦.

61 انظر: لسان العرب، ابن منظور٤/٩٠.

62 المفردات، الراغب ص ٦٧١.

63 تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٢/ ١٤٦.

64 انظر: منهج النبي صلى الله عليه وسلم في السيرة الصحيحة، محمد محزون ص ٣٩.

65 الكشاف ٢/ ١٤٣.

66 تأويلات أهل السنة ٤/ ٥٤١.

67 الكشاف ٢/ ٤٥٢.

68 التحرير والتنوير ١٢/ ٢٤٠

69 الجامع لأحكام القرآن ١٨/ ١٥٩.

70 في ظلال القرآن ٦/ ٣٦٠١.

71 تيسير الكريم الرحمن، ص ٤٠٤.

72 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الرقاق، باب أمر المؤمن كله خير، رقم ٧٦١٠، ٨/ ٢٢٧.

73 مفاتيح الغيب ١٦/ ٤٤.

74 تيسير الكريم الرحمن، ص ٣٣٦.

75 عقيدة المسلم، سعيد القحطاني، ٢/ ٩٢٠.

76 الوجيز ص ١٣٩.

77 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، رقم ٦٦٥٨، ٨/ ١٥.

78 انظر: التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، عبد الرحمن آل سعدي، ص٩٧.

79 انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٢/ ٦٠، تاج العروس، الزبيدي ٢/ ٢٦٧.

80 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، باب صام رمضان إيمانا واحتسابًا، رقم ١٩٠١، ٣/ ٢٦.

81 انظر: نضرة النعيم ٢/ ٥٦.

82 الكشاف ١/٥٦١.

83 أركان الإيمان، علي بن نايف الشحود، ص١٤٧.

84 تفسير القرآن ٥/ ٤٥٢.

85 شرح الرسالة التدمرية، محمد بن عبد الرحمن الخميس، ص٤٥٢.